هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
6305 حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ مِلَّةِ الإِسْلاَمِ فَهُوَ كَمَا قَالَ ، قَالَ : وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عُذِّبَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ، وَلَعْنُ المُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ ، وَمَنْ رَمَى مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ فَهُوَ كَقَتْلِهِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
6305 حدثنا معلى بن أسد ، حدثنا وهيب ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن ثابت بن الضحاك ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : من حلف بغير ملة الإسلام فهو كما قال ، قال : ومن قتل نفسه بشيء عذب به في نار جهنم ، ولعن المؤمن كقتله ، ومن رمى مؤمنا بكفر فهو كقتله
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Thabit bin Ad-Dahhak:

The Prophet (ﷺ) said, Whoever swears by a religion other than Islam, is, as he says; and whoever commits suicide with something, will be punished with the same thing in the (Hell) Fire; and cursing a believer is like murdering him; and whoever accuses a believer of disbelief, then it is as if he had killed him.

":"ہم سے معلی بن اسعد نے بیان کیا ، کہا ہم سے وہیب نے بیان کیا ، انہوں نے ایوب سے روایت کیا ، انہوں نے ابوقلابہ سے ، انہوں نے ثابت بن ضحاک سے ، انہوں نے کہا کہرسول کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا جو اسلام کے سوا کسی اور مذہب پر قسم کھائے پس وہ ایسا ہی ہے جیسی کہ اس نے قسم کھائی ہے اور جو شخص اپنے نفس کو کسی چیز سے ہلاک کرے وہ دوزخ میں اسی چیز سے عذاب دیا جاتا رہے گا اور مومن پر لعنت بھیجنا اس کو قتل کرنے کے برابر ہے اور جس نے کسی مومن پر کفر کا الزام لگایا پس وہ بھی اس کے قتل کرنے کے برابر ہے ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [6652] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ تَقَدَّمَ فِي بَابُ مَنْ أَكْفَرَ أَخَاهُ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ وُهَيْبٍ كَالَّذِي هُنَا وَقِيلَ ذَلِكَ فِي بَابُ مَا يُنْهَى مِنَ السِّبَابِ وَاللَّعْنِ مِنْ كِتَابِ الْأَدَبِ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ بِسَنَدِهِ بِزِيَادَةٍ وَلَيْسَ على بن آدَمَ نَذْرٌ فِيمَا لَا يَمْلِكُ وَسِيَاقُهُ أَتَمُّ مِنْ سِيَاقِ غَيْرِهِ فَإِنَّ مَدَارَهُ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ وَغَيْرِهَا عَلَى أَبِي قِلَابَةَ عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ وَرَوَاهُ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ وَأَيُّوبُ فَأَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْجَنَائِزِ مِنْ رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ فَاقْتَصَرَ عَلَى خَصْلَتَيْنِ الْأُولَى مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ عَنْ خَالِدٍ وَمِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ أَيُّوبَ كَذَلِكَ وَأَشَرْتُ إِلَى رِوَايَةِ عَلَيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى وَأَنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ خَمْسَ خِصَالٍ الْأَرْبَعُ الْمَذْكُورَاتُ فِي الْبَابِ وَالْخَامِسَةُ الَّتِي أَشَرْتُ إِلَيْهَا وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ عَنْ يَحْيَى فَذَكَرَ خَصْلَةَ النَّذْرِ وَلَعْنِ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَمْ يَذْكُرِ الْخَصْلَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ وَزَادَ بَدَلَهُمَا وَمَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ فَاجِرَةٍ وَمَنِ ادَّعَى دَعْوَى كَاذِبَةً لِيَتَكَثَّرَ بِهَا لَمْ يَزِدْهُ اللَّهُ إِلَّا قِلَّةً فَإِذَا ضُمَّ بَعْضُ هَذِهِ الْخِصَالِ إِلَى بَعْضٍ اجْتَمَعَ مِنْهَا تِسْعَةٌ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى قَوْلِهِ وَلَعْنُ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ هُنَاكَ وَالْكَلَامُ عَلَى قَوْلِهِ وَمَنْ رَمَى مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ فَهُوَ كَقَتْلِهِ فِي بَابُ مَنْ أَكْفَرَ أَخَاهُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ وَمَنْ قَذَفَ بَدَلَ رَمَى وَهُوَ بِمَعْنَاهُ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  وَمَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ فَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ مَنْ حَلَفَ عَلَى مِلَّةٍ غَيْرَ الْإِسْلَامِ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الْإِسْلَامِ كَاذِبًا مُتَعَمِّدًا فَهُوَ كَمَا قَالَ قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ الْحَلِفُ بِالشَّيْءِ حَقِيقَةً هُوَ الْقَسَمُ بِهِ وَإِدْخَالُ بَعْضِ حُرُوفِ الْقَسَمِ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ وَاللَّهِ وَالرَّحْمَنِ وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى التَّعْلِيقِ بِالشَّيْءِ يَمِينٌ كَقَوْلِهِمْ مَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ فَالْمُرَادُ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ وَأُطْلِقَ عَلَيْهِ الْحَلِفُ لِمُشَابَهَتِهِ بِالْيَمِينِ فِي اقْتِضَاء الْحَث وَالْمَنْعِ وَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْمَعْنَى الثَّانِي لِقَوْلِهِ كَاذِبًا مُتَعَمِّدًا وَالْكَذِبُ يَدْخُلُ الْقَضِيَّةَ الْإِخْبَارِيَّةَ الَّتِي يَقَعُ مُقْتَضَاهَا تَارَةً وَلَا يَقَعُ أُخْرَى وَهَذَا بِخِلَافِ قَوْلِنَا وَاللَّهِ وَمَا اشبهه فَلَيْسَ الْإِخْبَارُ بِهَا عَنْ أَمْرٍخَارِجِيٍّ بَلْ هِيَ لِإِنْشَاءِ الْقَسَمِ فَتَكُونُ صُورَةَ الْحَلِفِ هُنَا عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالْمُسْتَقْبَلِ كَقَوْلِهِ إِنْ فَعَلَ كَذَا فَهُوَ يَهُودِيٌّ وَالثَّانِي يَتَعَلَّقُ بِالْمَاضِي كَقَوْلِهِ إِنْ كَانَ فَعَلَ كَذَا فَهُوَ يَهُودِيٌّ وَقَدْ يَتَعَلَّقُ بِهَذَا مَنْ لَمْ يَرَ فِيهِ الْكَفَّارَةَ لِكَوْنِهِ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ كَفَّارَةً بَلْ جَعَلَ الْمُرَتَّبَ عَلَى كَذِبِهِ قَوْله فَهُوَ كَمَا قَالَ قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَلَا يَكْفُرُ فِي صُورَةِ الْمَاضِي إِلَّا إِنْ قَصَدَ التَّعْظِيمَ وَفِيهِ خِلَافٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لِكَوْنِهِ يَتَخَيَّرُ مَعْنًى فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ هُوَ يَهُودِيٌّ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يَمِينٌ لَمْ يَكْفُرْ وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَكْفُرُ بِالْحِنْثِ بِهِ كَفَرَ لِكَوْنِهِ رَضِيَ بِالْكُفْرِ حِينَ أَقْدَمَ عَلَى الْفِعْلِ.

     وَقَالَ  بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْكُفْرِ إِذَا كَانَ كَاذِبًا وَالتَّحْقِيقُ التَّفْصِيلُ فَإِنِ اعْتَقَدَ تَعْظِيمَ مَا ذَكَرَ كَفَرَ وَإِنْ قَصَدَ حَقِيقَةَ التَّعْلِيقِ فَيُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِفًا بِذَلِكَ كَفَرَ لِأَنَّ إِرَادَةَ الْكُفْرِ كُفْرٌ وَإِنْ أَرَادَ الْبُعْدَ عَنْ ذَلِكَ لَمْ يَكْفُرْ لَكِنْ هَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَوْ يُكْرَهُ تَنْزِيهًا الثَّانِي هُوَ الْمَشْهُورُ وَقَولُهُ كَاذِبًا مُتَعَمِّدًا قَالَ عِيَاضٌ تَفَرَّدَ بِزِيَادَتِهَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَهِيَ زِيَادَةٌ حَسَنَةٌ يُسْتَفَادُ مِنْهَا أَنَّ الْحَالِفَ الْمُتَعَمِّدَ إِنْ كَانَ مُطْمَئِنَّ الْقَلْبِ بِالْإِيمَانِ وَهُوَ كَاذِبٌ فِي تَعْظِيمِ مَا لَا يَعْتَقِدُ تَعْظِيمَهُ لَمْ يَكْفُرْ وَإِنْ قَالَهُ مُعْتَقِدًا لِلْيَمِينِ بِتِلْكَ الْمِلَّةِ لِكَوْنِهَا حَقًّا كَفَرَ وَإِنْ قَالَهَا لِمُجَرَّدِ التَّعْظِيمِ لَهَا احْتَمَلَ.

.

قُلْتُ وَيَنْقَدِحُ بِأَنْ يُقَالَ إِنْ أَرَادَ تَعْظِيمَهَا بِاعْتِبَارِ مَا كَانَتْ قَبْلَ النَّسْخِ لَمْ يَكْفُرْ أَيْضًا وَدَعْوَاهُ أَنَّ سُفْيَانَ تَفَرَّدَ بِهَا إِنْ أَرَادَ بِالنِّسْبَةِ لِرِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَعَسَى فَإِنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ أَيُّوبَ وَسُفْيَانَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ جَمِيعًا عَنْ أَبِي قِلَابَةَ وَبَيَّنَ أَنَّ لَفْظَ مُتَعَمِّدًا لِسُفْيَانَ وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهَا سُفْيَانُ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بن زُرَيْع عَنْ خَالِدٍ وَكَذَا أَخْرَجَهَا النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ خَالِدٍ وَلِهَذِهِ الْخَصْلَةُ فِي حَدِيثِ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ مِنْ طَرِيق الْحُسَيْن بْنِ وَاقِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ رَفَعَهُ مَنْ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنَ الْإِسْلَامِ فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَهُوَ كَمَا قَالَ وَإِنْ كَانَ صَادِقًا لَمْ يَعُدْ إِلَى الْإِسْلَامِ سَالِمًا يَعْنِي إِذَا حَلَفَ بِذَلِكَ وَهُوَ يُؤَيِّدُ التَّفْصِيلَ الْمَاضِيَ وَيُخَصَّصُ بِهَذَا عُمُومُ الْحَدِيثِ الْمَاضِي وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَذَا الْكَلَامِ التَّهْدِيدُ وَالْمُبَالَغَةُ فِي الْوَعِيدِ لَا الْحُكْمُ وَكَأَنَّهُ قَالَ فَهُوَ مُسْتَحِقٌّ مِثْلَ عَذَابِ مَنِ اعْتَقَدَ مَا قَالَ وَنَظِيرُهُ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ فَقَدْ كَفَرَ أَيِ اسْتوْجبَ عُقُوبَة من كفر.

     وَقَالَ  بن الْمُنْذِرِ .

     قَوْلُهُ  فَهُوَ كَمَا قَالَ لَيْسَ عَلَى إِطْلَاقِهِ فِي نِسْبَتِهِ إِلَى الْكُفْرِ بَلِ الْمُرَادُ أَنَّهُ كَاذِبٌ كَكَذِبِ الْمُعَظِّمِ لِتِلْكَ الْجِهَةِ .

     قَوْلُهُ  وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عُذِّبَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ فِي الدُّنْيَا عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقَولُهُ بِشَيْءٍ أَعَمُّ مِمَّا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ بِحَدِيدَةٍ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمَنْ تَحَسَّى سُمًّا قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ هَذَا مِنْ بَابِ مُجَانَسَةِ الْعُقُوبَاتِ الْأُخْرَوِيَّةِ لِلْجِنَايَاتِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ جِنَايَةَ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ كَجِنَايَتِهِ عَلَى غَيْرِهِ فِي الْإِثْمِ لِأَنَّ نَفْسَهُ لَيْسَتْ مِلْكًا لَهُ مُطْلَقًا بَلْ هِيَ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهَا إِلَّا بِمَا أُذِنَ لَهُ فِيهِ قِيلَ وَفِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ أَوْجَبَ الْمُمَاثَلَةَ فِي الْقِصَاصِ خِلَافًا لمن خصصه بالمحدد ورده بن دَقِيقِ الْعِيدِ بِأَنَّ أَحْكَامَ اللَّهِ لَا تُقَاسُ بِأَفْعَالِهِ فَلَيْسَ كُلُّ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ يَفْعَلُهُ فِي الْآخِرَةِ يُشْرَعُ لِعِبَادِهِ فِي الدُّنْيَا كَالتَّحْرِيقِ بِالنَّارِ مَثَلًا وَسَقْيِ الْحَمِيمِ الَّذِي يُقَطَّعُ بِهِ الْأَمْعَاءُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يُسْتَدَلُّ لِلْمُمَاثِلَةِ فِي الْقِصَاصِ بِغَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَدِ اسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَجَزَاء سَيِّئَة سَيِّئَة مثلهَا وَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْقِصَاصِ وَالدِّيَاتِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى( قَولُهُ بَابُ لَا يَقُولُ مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ وَهَلْ يَقُولُ أَنَا بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ) هَكَذَا بَتَّ الْحُكْمَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَتَوَقَّفَ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَسَبَبُهُ أَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ وَقَعَتْ فِي حَدِيثِ الْبَابِ الَّذِي أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا وَسَاقَهُ مُطَوَّلًا فِيمَا مَضَى لَكِنْ إِنَّمَا وَقَعَ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الْمَلَكِ عَلَى سَبِيلِ الِامْتِحَانِ لِلْمَقُولِ لَهُ فَتَطَرَّقَ إِلَيْهِ الِاحْتِمَالُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ مَنْ حَلَفَ عَلَى الشَّيْءِ)
وَإِنْ لَمْ يُحَلَّفْ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ تَقَدَّمَ قَرِيبًا فِي بَابُ كَيْفَ كَانَتْ يَمِينُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْثِلَةٌ كَثِيرَةٌ لِذَلِكَ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ فِي ذَلِكَ وَأَوْرَدَ هُنَا حَدِيثَ بن عُمَرَ فِي لُبْسِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمَ الذَّهَبِ وَفِيهِ فَرَمَى بِهِ ثُمَّ قَالَ وَاللَّهِ لَا أَلْبَسُهُ أَبَدًا وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ اللِّبَاسِ وَقَدْ أَطْلَقَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الْيَمِينَ بِغَيْرِ اسْتِحْلَافٍ تُكْرَهُ فِيمَا لَمْ يَكُنْ طَاعَةً وَالْأَوْلَى أَنْ يعبر بِمَا فِيهِ مصلحَة قَالَ بن الْمُنِيرِ مَقْصُودُ التَّرْجَمَةِ أَنْ يُخْرِجَ مِثْلُ هَذَا مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لايمانكم يَعْنِي عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَاتِ فِيهَا لِئَلَّا يُتَخَيَّلَ أَنَّ الْحَالِفَ قَبْلَ أَنْ يُسْتَحْلَفَ يَرْتَكِبُ النَّهْيَ فَأَشَارَ إِلَى أَنَّ النَّهْيَ يَخْتَصُّ بِمَا لَيْسَ فِيهِ قَصْدٌ صَحِيحٌ كَتَأْكِيدِ الْحُكْمِ كَالَّذِي وَرَدَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ مِنْ مَنْعِ لُبْسِ خَاتَمِ الذَّهَب قَولُهُ بَابُ مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ سِوَى الْإِسْلَامِ الْمِلَّةُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ الدِّينُ وَالشَّرِيعَةُ وَهِيَ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ فَتَعُمُّ جَمِيعَ الْمِلَلِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ كَالْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ وَمَنْ لَحِقَ بِهِمْ مِنَ الْمَجُوسِيَّةِ وَالصَّابِئَةِ وَأَهْلِ الْأَوْثَانِ وَالدَّهْرِيَّةِ وَالْمُعَطِّلَةِ وَعَبَدَةِ الشَّيَاطِينِ وَالْمَلَائِكَةِ وَغَيْرِهِمْ وَلَمْ يَجْزِمِ الْمُصَنِّفُ بِالْحُكْمِ هَلْ يَكْفُرُ الْحَالِفُ بِذَلِكَ أَوْ لَا لَكِنَّ تَصَرُّفَهُ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَكْفُرَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ عَلَّقَ حَدِيثَ مَنْ حَلَفَ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى فَلْيَقُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يَنْسُبْهُ إِلَى الْكُفْرِ وَتَمَامِ الِاحْتِجَاجِ أَنْ يَقُولَ لِكَوْنِهِ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَمْرِ بِقَوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ يَقْتَضِي الْكُفْرَ لَأَمَرَهُ بِتَمَامِ الشَّهَادَتَيْنِ وَالتَّحْقِيقُ فِي الْمَسْأَلَةِ التَّفْصِيلُ الْآتِي وَقَدْ وَصَلَ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ وَأَوْرَدَهُ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ فِي بَابُ مَنْ لَمْ يَرَ إِكْفَارَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ مُتَأَوِّلًا أَوْ جَاهِلًا وَقَدَّمْتُ الْكَلَامَ عَلَيْهِ هُنَاكَ قَالَ بن الْمُنْذِرِ اخْتُلِفَ فِيمَنْ قَالَ أَكْفُرُ بِاللَّهِ وَنَحْوَ ذَلِك ان فعلت ثمَّ فعل فَقَالَ بن عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَعَطَاءٌ وَقَتَادَةُ وَجُمْهُورُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَلَا يَكُونُ كَافِرًا إِلَّا إِنْ أَضْمَرَ ذَلِكَ بِقَلْبِهِ.

     وَقَالَ  الْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَنَفِيَّةُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ هُوَ يَمِينٌ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَة قَالَ بن الْمُنْذِرِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِقَوْلِهِ مَنْ حَلَفَ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى فَلْيَقُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يَذْكُرْ كَفَّارَةً زَادَ غَيْرُهُ وَلِذَا قَالَ مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ كَمَا قَالَ فَأَرَادَ التَّغْلِيظَ فِي ذَلِكَ حَتَّى لَا يَجْتَرِئَ أَحَدٌ عَلَيْهِ وَنَقَلَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْقَصَّارِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ عَنِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُمُ احْتَجُّوا لِإِيجَابِ الْكَفَّارَةِ بِأَنَّ فِي الْيَمِينِ الِامْتِنَاعَ مِنَ الْفِعْلِ وَتَضَمَّنَ كَلَامُهُ بِمَا ذُكِرَ تَعْظِيمًا لِلْإِسْلَامِ وَتُعُقِّبَ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا فِيمَنْ قَالَ وَحَقِّ الْإِسْلَامِ إِذَا حَنِثَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ كَفَّارَةً فَأَسْقَطُوا الْكَفَّارَةَ إِذَا صَرَّحَ بِتَعْظِيمِ الْإِسْلَامِ وَأَثْبَتُوهَا إِذَا لَمْ يُصَرِّحْ

[ قــ :6305 ... غــ :6652] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ تَقَدَّمَ فِي بَابُ مَنْ أَكْفَرَ أَخَاهُ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ وُهَيْبٍ كَالَّذِي هُنَا وَقِيلَ ذَلِكَ فِي بَابُ مَا يُنْهَى مِنَ السِّبَابِ وَاللَّعْنِ مِنْ كِتَابِ الْأَدَبِ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ بِسَنَدِهِ بِزِيَادَةٍ وَلَيْسَ على بن آدَمَ نَذْرٌ فِيمَا لَا يَمْلِكُ وَسِيَاقُهُ أَتَمُّ مِنْ سِيَاقِ غَيْرِهِ فَإِنَّ مَدَارَهُ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ وَغَيْرِهَا عَلَى أَبِي قِلَابَةَ عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ وَرَوَاهُ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ وَأَيُّوبُ فَأَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْجَنَائِزِ مِنْ رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ فَاقْتَصَرَ عَلَى خَصْلَتَيْنِ الْأُولَى مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ عَنْ خَالِدٍ وَمِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ أَيُّوبَ كَذَلِكَ وَأَشَرْتُ إِلَى رِوَايَةِ عَلَيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى وَأَنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ خَمْسَ خِصَالٍ الْأَرْبَعُ الْمَذْكُورَاتُ فِي الْبَابِ وَالْخَامِسَةُ الَّتِي أَشَرْتُ إِلَيْهَا وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ عَنْ يَحْيَى فَذَكَرَ خَصْلَةَ النَّذْرِ وَلَعْنِ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَمْ يَذْكُرِ الْخَصْلَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ وَزَادَ بَدَلَهُمَا وَمَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ فَاجِرَةٍ وَمَنِ ادَّعَى دَعْوَى كَاذِبَةً لِيَتَكَثَّرَ بِهَا لَمْ يَزِدْهُ اللَّهُ إِلَّا قِلَّةً فَإِذَا ضُمَّ بَعْضُ هَذِهِ الْخِصَالِ إِلَى بَعْضٍ اجْتَمَعَ مِنْهَا تِسْعَةٌ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى قَوْلِهِ وَلَعْنُ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ هُنَاكَ وَالْكَلَامُ عَلَى قَوْلِهِ وَمَنْ رَمَى مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ فَهُوَ كَقَتْلِهِ فِي بَابُ مَنْ أَكْفَرَ أَخَاهُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ وَمَنْ قَذَفَ بَدَلَ رَمَى وَهُوَ بِمَعْنَاهُ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  وَمَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ فَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ مَنْ حَلَفَ عَلَى مِلَّةٍ غَيْرَ الْإِسْلَامِ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الْإِسْلَامِ كَاذِبًا مُتَعَمِّدًا فَهُوَ كَمَا قَالَ قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ الْحَلِفُ بِالشَّيْءِ حَقِيقَةً هُوَ الْقَسَمُ بِهِ وَإِدْخَالُ بَعْضِ حُرُوفِ الْقَسَمِ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ وَاللَّهِ وَالرَّحْمَنِ وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى التَّعْلِيقِ بِالشَّيْءِ يَمِينٌ كَقَوْلِهِمْ مَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ فَالْمُرَادُ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ وَأُطْلِقَ عَلَيْهِ الْحَلِفُ لِمُشَابَهَتِهِ بِالْيَمِينِ فِي اقْتِضَاء الْحَث وَالْمَنْعِ وَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْمَعْنَى الثَّانِي لِقَوْلِهِ كَاذِبًا مُتَعَمِّدًا وَالْكَذِبُ يَدْخُلُ الْقَضِيَّةَ الْإِخْبَارِيَّةَ الَّتِي يَقَعُ مُقْتَضَاهَا تَارَةً وَلَا يَقَعُ أُخْرَى وَهَذَا بِخِلَافِ قَوْلِنَا وَاللَّهِ وَمَا اشبهه فَلَيْسَ الْإِخْبَارُ بِهَا عَنْ أَمْرٍ خَارِجِيٍّ بَلْ هِيَ لِإِنْشَاءِ الْقَسَمِ فَتَكُونُ صُورَةَ الْحَلِفِ هُنَا عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالْمُسْتَقْبَلِ كَقَوْلِهِ إِنْ فَعَلَ كَذَا فَهُوَ يَهُودِيٌّ وَالثَّانِي يَتَعَلَّقُ بِالْمَاضِي كَقَوْلِهِ إِنْ كَانَ فَعَلَ كَذَا فَهُوَ يَهُودِيٌّ وَقَدْ يَتَعَلَّقُ بِهَذَا مَنْ لَمْ يَرَ فِيهِ الْكَفَّارَةَ لِكَوْنِهِ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ كَفَّارَةً بَلْ جَعَلَ الْمُرَتَّبَ عَلَى كَذِبِهِ قَوْله فَهُوَ كَمَا قَالَ قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَلَا يَكْفُرُ فِي صُورَةِ الْمَاضِي إِلَّا إِنْ قَصَدَ التَّعْظِيمَ وَفِيهِ خِلَافٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لِكَوْنِهِ يَتَخَيَّرُ مَعْنًى فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ هُوَ يَهُودِيٌّ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يَمِينٌ لَمْ يَكْفُرْ وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَكْفُرُ بِالْحِنْثِ بِهِ كَفَرَ لِكَوْنِهِ رَضِيَ بِالْكُفْرِ حِينَ أَقْدَمَ عَلَى الْفِعْلِ.

     وَقَالَ  بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْكُفْرِ إِذَا كَانَ كَاذِبًا وَالتَّحْقِيقُ التَّفْصِيلُ فَإِنِ اعْتَقَدَ تَعْظِيمَ مَا ذَكَرَ كَفَرَ وَإِنْ قَصَدَ حَقِيقَةَ التَّعْلِيقِ فَيُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِفًا بِذَلِكَ كَفَرَ لِأَنَّ إِرَادَةَ الْكُفْرِ كُفْرٌ وَإِنْ أَرَادَ الْبُعْدَ عَنْ ذَلِكَ لَمْ يَكْفُرْ لَكِنْ هَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَوْ يُكْرَهُ تَنْزِيهًا الثَّانِي هُوَ الْمَشْهُورُ وَقَولُهُ كَاذِبًا مُتَعَمِّدًا قَالَ عِيَاضٌ تَفَرَّدَ بِزِيَادَتِهَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَهِيَ زِيَادَةٌ حَسَنَةٌ يُسْتَفَادُ مِنْهَا أَنَّ الْحَالِفَ الْمُتَعَمِّدَ إِنْ كَانَ مُطْمَئِنَّ الْقَلْبِ بِالْإِيمَانِ وَهُوَ كَاذِبٌ فِي تَعْظِيمِ مَا لَا يَعْتَقِدُ تَعْظِيمَهُ لَمْ يَكْفُرْ وَإِنْ قَالَهُ مُعْتَقِدًا لِلْيَمِينِ بِتِلْكَ الْمِلَّةِ لِكَوْنِهَا حَقًّا كَفَرَ وَإِنْ قَالَهَا لِمُجَرَّدِ التَّعْظِيمِ لَهَا احْتَمَلَ.

.

قُلْتُ وَيَنْقَدِحُ بِأَنْ يُقَالَ إِنْ أَرَادَ تَعْظِيمَهَا بِاعْتِبَارِ مَا كَانَتْ قَبْلَ النَّسْخِ لَمْ يَكْفُرْ أَيْضًا وَدَعْوَاهُ أَنَّ سُفْيَانَ تَفَرَّدَ بِهَا إِنْ أَرَادَ بِالنِّسْبَةِ لِرِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَعَسَى فَإِنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ أَيُّوبَ وَسُفْيَانَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ جَمِيعًا عَنْ أَبِي قِلَابَةَ وَبَيَّنَ أَنَّ لَفْظَ مُتَعَمِّدًا لِسُفْيَانَ وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهَا سُفْيَانُ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بن زُرَيْع عَنْ خَالِدٍ وَكَذَا أَخْرَجَهَا النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ خَالِدٍ وَلِهَذِهِ الْخَصْلَةُ فِي حَدِيثِ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ مِنْ طَرِيق الْحُسَيْن بْنِ وَاقِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ رَفَعَهُ مَنْ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنَ الْإِسْلَامِ فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَهُوَ كَمَا قَالَ وَإِنْ كَانَ صَادِقًا لَمْ يَعُدْ إِلَى الْإِسْلَامِ سَالِمًا يَعْنِي إِذَا حَلَفَ بِذَلِكَ وَهُوَ يُؤَيِّدُ التَّفْصِيلَ الْمَاضِيَ وَيُخَصَّصُ بِهَذَا عُمُومُ الْحَدِيثِ الْمَاضِي وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَذَا الْكَلَامِ التَّهْدِيدُ وَالْمُبَالَغَةُ فِي الْوَعِيدِ لَا الْحُكْمُ وَكَأَنَّهُ قَالَ فَهُوَ مُسْتَحِقٌّ مِثْلَ عَذَابِ مَنِ اعْتَقَدَ مَا قَالَ وَنَظِيرُهُ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ فَقَدْ كَفَرَ أَيِ اسْتوْجبَ عُقُوبَة من كفر.

     وَقَالَ  بن الْمُنْذِرِ .

     قَوْلُهُ  فَهُوَ كَمَا قَالَ لَيْسَ عَلَى إِطْلَاقِهِ فِي نِسْبَتِهِ إِلَى الْكُفْرِ بَلِ الْمُرَادُ أَنَّهُ كَاذِبٌ كَكَذِبِ الْمُعَظِّمِ لِتِلْكَ الْجِهَةِ .

     قَوْلُهُ  وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عُذِّبَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ فِي الدُّنْيَا عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقَولُهُ بِشَيْءٍ أَعَمُّ مِمَّا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ بِحَدِيدَةٍ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمَنْ تَحَسَّى سُمًّا قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ هَذَا مِنْ بَابِ مُجَانَسَةِ الْعُقُوبَاتِ الْأُخْرَوِيَّةِ لِلْجِنَايَاتِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ جِنَايَةَ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ كَجِنَايَتِهِ عَلَى غَيْرِهِ فِي الْإِثْمِ لِأَنَّ نَفْسَهُ لَيْسَتْ مِلْكًا لَهُ مُطْلَقًا بَلْ هِيَ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهَا إِلَّا بِمَا أُذِنَ لَهُ فِيهِ قِيلَ وَفِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ أَوْجَبَ الْمُمَاثَلَةَ فِي الْقِصَاصِ خِلَافًا لمن خصصه بالمحدد ورده بن دَقِيقِ الْعِيدِ بِأَنَّ أَحْكَامَ اللَّهِ لَا تُقَاسُ بِأَفْعَالِهِ فَلَيْسَ كُلُّ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ يَفْعَلُهُ فِي الْآخِرَةِ يُشْرَعُ لِعِبَادِهِ فِي الدُّنْيَا كَالتَّحْرِيقِ بِالنَّارِ مَثَلًا وَسَقْيِ الْحَمِيمِ الَّذِي يُقَطَّعُ بِهِ الْأَمْعَاءُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يُسْتَدَلُّ لِلْمُمَاثِلَةِ فِي الْقِصَاصِ بِغَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَدِ اسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَجَزَاء سَيِّئَة سَيِّئَة مثلهَا وَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْقِصَاصِ وَالدِّيَاتِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ لَا يَقُولُ مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ وَهَلْ يَقُولُ أَنَا بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ)
هَكَذَا بَتَّ الْحُكْمَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَتَوَقَّفَ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَسَبَبُهُ أَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ وَقَعَتْ فِي حَدِيثِ الْبَابِ الَّذِي أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا وَسَاقَهُ مُطَوَّلًا فِيمَا مَضَى لَكِنْ إِنَّمَا وَقَعَ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الْمَلَكِ عَلَى سَبِيلِ الِامْتِحَانِ لِلْمَقُولِ لَهُ فَتَطَرَّقَ إِلَيْهِ الِاحْتِمَالُ

[ قــ :6305 ... غــ :6653] .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ إِلَخْ وَصَلَهُ فِي ذِكْرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ وَسَاقَهُ بِطُولِهِ وَقَدْ يَتَمَسَّكُ بِهِ مَنْ يَقُولُ إِنَّهُ قَدْ يُطْلِقُ قَالَ لِبَعْضِ شُيُوخِهِ فِيمَا لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ وَيكون بَينهمَا وَاسِطَة وَكَأَنَّهُ أَشَارَ بِالصُّورَةِ الْأُولَى إِلَى مَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ وَصَحَّحَهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَارٍ بِتَحْتَانِيَّةٍ وَمُهْمَلَةٍ عَنْ قُتَيْلَةَ بِقَافٍ وَمُثَنَّاةٍ فَوْقَانِيَّةٍ وَالتَّصْغِيرِ امْرَأَةٌ مِنْ جُهَيْنَةَ أَنَّ يَهُودِيًّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّكُمْ تُشْرِكُونَ تَقُولُونَ مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ وَتَقُولُونَ وَالْكَعْبَةِ فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادُوا أَنْ يَحْلِفُوا أَنْ يَقُولُوا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ وَأَنْ يَقُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شِئْتَ وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ أَيْضًا وَأَحَمَدُ مِنْ رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَم عَن بن عَبَّاسٍ رَفَعَهُ إِذَا حَلَفَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَقُلْ مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ وَلَكِنْ لِيَقُلْ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شِئْتَ وَفِي أَوَّلِ حَدِيثِ النَّسَائِيِّ قِصَّةٌ وَهِيَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَلَفْظُهُ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ فَقَالَ لَهُ أَجَعَلْتَنِي وَاللَّهَ عَدْلًا لَا بَلْ مَا شَاءَ اللَّهُ وَحده واخرج احْمَد وَالنَّسَائِيّ وبن مَاجَهْ أَيْضًا عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ رَأَى رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي الْمَنَامِ فَقَالَ نِعْمَ الْقَوْمُ أَنْتُمْ لَوْلَا أَنَّكُمْ تُشْرِكُونَ تَقُولُونَ مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ مُحَمَّدٌ فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ قُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شَاءَ مُحَمَّدٌ وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ أَنَّ الرَّاوِيَ لِذَلِكَ هُوَ حُذَيْفَة الرَّاوِي هَذِه رِوَايَة بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْ حُذَيْفَةَ.

     وَقَالَ  أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ رِبْعِيٍّ عَنِ الطُّفَيْلِ بْنِ سخيرة أخي عَائِشَة بِنَحْوِهِ أخرجه بن مَاجَهْ أَيْضًا وَهَكَذَا قَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَشُعْبَةُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ وَهُوَ الَّذِي رَجَّحَهُ الْحُفَّاظُ وَقَالُوا ان بن عُيَيْنَةَ وَهِمَ فِي قَوْلِهِ عَنْ حُذَيْفَةَ وَاللَّهُ اعْلَم وَحكى بن التِّينِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الدَّاوُدِيِّ قَالَ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرَهُ نَهْيٌ عَنِ الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ فِي التَّرْجَمَةِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ من فَضله.

     وَقَالَ  تَعَالَى وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وانعمت عَلَيْهِ وَغَيْرُ ذَلِكَ.

.
وَتَعَقَّبَهُ بِأَنَّ الَّذِي قَالَهُ أَبُو جَعْفَرٍ لَيْسَ بِظَاهِرٍ لِأَنَّ قَوْلَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ تَشْرِيكٌ فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى.

.
وَأَمَّا الْآيَةُ فَإِنَّمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ أَغْنَاهُمْ وَأَنَّ رَسُولَهُ أَغْنَاهُمْ وَهُوَ مِنَ اللَّهِ حَقِيقَةً لِأَنَّهُ الَّذِي قَدَّرَ ذَلِكَ وَمِنَ الرَّسُولِ حَقِيقَةً بِاعْتِبَارِ تَعَاطِي الْفِعْلِ وَكَذَا الْإِنْعَامُ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى زَيْدٍ بِالْإِسْلَامِ وَأَنْعَمَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعِتْقِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْمُشَارَكَةِ فِي الْمَشِيئَةِ فَإِنَّهَا مُنْصَرِفَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى فِي الْحَقِيقَةِ وَإِذَا نُسِبَتْ لِغَيْرِهِ فَبِطَرِيقِ الْمَجَازِ.

     وَقَالَ  الْمُهَلَّبُ إِنَّمَا أَرَادَ الْبُخَارِيُّ أَنَّ قَوْلَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شِئْتَ جَائِزٌ مُسْتَدِلًّا بِقَوْلِهِ أَنَا بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ وَقَدْ جَاءَ هَذَا الْمَعْنَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا جَازَ بِدُخُولِ ثُمَّ لِأَنَّ مَشِيئَةَ اللَّهِ سَابِقَةٌ عَلَى مَشِيئَةِ خَلْقِهِ وَلَمَّا لَمْ يَكُنِ الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ عَلَى شَرْطِهِ اسْتَنْبَطَ مِنَ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الَّذِي عَلَى شَرْطِهِ مَا يُوَافِقُهُ وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَقُولَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شِئْتَ وَكَانَ يَكْرَهُ أَعُوذُ بِاللَّهِ وَبِكَ وَيُجِيزُ أَعُوذُ بِاللَّهِ ثمَّ بك وَهُوَ مُطَابق لحَدِيث بن عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ مِمَّا أَشَرْتُ إِلَيْهِ تَنْبِيهٌ مُنَاسَبَةُ إِدْخَالِ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ مِنْ جِهَةِ ذِكْرِ الْحَلِفِ فِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ بن عَبَّاسٍ كَمَا ذَكَرْتُ وَمِنْ جِهَةِ أَنَّهُ قَدْ يُتَخَيَّلُ جَوَازُ الْيَمِينِ بِاللَّهِ ثُمَّ بِغَيْرِهِ عَلَى وِزَانِ مَا وَقَعَ فِي قَوْلِهِ أَنَا بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ فَأَشَارَ إِلَى أَنَّ النَّهْيَ ثَبَتَ عَنِ التَّشْرِيكِ وَوَرَدَ بِصُورَةِ التَّرْتِيبِ عَلَى لِسَانِ الْمَلَكِ وَذَلِكَ فِيمَا عَدَا الْأَيْمَانَ أَمَّا الْيَمِينُ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَثَبَتَ النَّهْيُ عَنْهَا صَرِيحًا فَلَا يُلْحَقُ بِهَا مَا وَرَدَ فِي غَيْرِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ سِوَى مِلَّةِ الإِسْلاَمِ
وَقَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ حَلَفَ بِاللاَّتِ وَالْعُزَّى فَلْيَقُلْ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ» وَلَمْ يَنْسُبْهُ إِلَى الْكُفْرِ.

( باب من حلف بملة) بكسر الميم وتشديد اللام دين وشريعة ( سوى الإسلام) ولغير أبي ذر سوى ملة الإسلام كاليهودية والنصرانية والمجوسية والصابئة وأهل الأديان والدهرية والمعطلة وعبدة الشياطين والملائكة هل يكفر الحالف بذلك أم لا؟
( وقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) في الحديث السابق قبل: ( من حلف باللات والعزى فليقل لا إله إلا الله ولم ينسبه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( إلى الكفر) لأنه اقتصر على الأمر بقوله: لا إله إلا الله ولو كان ذلك يقتضي الكفر لأمره بتمام الشهادتين.


[ قــ :6305 ... غــ : 6652 ]
- حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: قَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ مِلَّةِ الإِسْلاَمِ فَهْوَ كَمَا قَالَ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَىْءٍ عُذِّبَ بِهِ فِى نَارِ جَهَنَّمَ، وَلَعْنُ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ وَمَنْ رَمَى مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ، فَهْوَ كَقَتْلِهِ».

وبه قال: ( حدّثنا معلى بن أسد) بضم الميم وفتح العين المهملة واللام المشددة العمي أبو الهيثم الحافظ أخو بهز قال: ( حدّثنا وهيب) بضم الواو مصغرًا ابن خالد البصري ( عن أيوب) السختياني ( عن أبي قلابة) بكسر القاف وتخفيف اللام وبالموحدة عبد الله بن زيد الجرمي ( عن ثابت بن الضحاك) الأنصاري وهو ممن بايع تحت الشجرة -رضي الله عنه- أنه ( قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( من حلف بغير ملة الإسلام) كان يقول إن فعلت كذا فأنا يهودي أو نصراني أو بريء من الإسلام أو من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ولمسلم: من حلف على يمين بملة غير الإسلام وعلى بمعنى الباء أو التقدير من حلف على شيء بيمين فحذف المجرور وعدى الفعل بعلى بعد حذف الباء وفي كتاب الجنائز من البخاري من طريق خالد الحذاء عن أبي قلابة: من حلف بملة غير الإسلام كاذبًا متعمدًا وجواب الشرط قوله ( فهو كما قال) وهو مبتدأ، وكما قال في موضع الخبر أي فهو كائن كما قال وظاهره أنه يكفر بذلك، ويحتمل أن يكون المراد التهديد والمبالغة في الوعيد لا الحكم كأنه قال: فهو مستحق مثل عذاب من اعتقد ما قال والتحقيق أنه لا تنعقد يمينه ولا يكفر إن قصد تبعيد نفسه عن الفعل أو أطلق كما اقتضاه كلام النووي في الأذكار وليقل لا إله إلا الله ويستغفر ولا كفارة عليه، وهل يحرم ذلك عليه أو يكره تنزيهًا؟ المشهور الثاني وإن قصد الرضا
بذلك إذا فعله فهو كافر في الحال، وقوله: كاذبًا متعمدًا يستفاد منه أن الحالف المتعمد إن كان مطمئن القلب بالإِيمان وهو كاذب في تعظيم ما لا يعتقد تعظيمه لم يكفر وإن قاله معتقدًا لليمين بتلك الملة لكونها حقًّا كفر، وإن قاله لمجرد التعظيم لها باعتبار ما كان قبل النسخ فلا يكفر.

( ومن قتل نفسه بشيء) ولمسلم بحديدة ( عذب به) بذلك الذي قتل نفسه به ( في نار جهنم) قال الشيخ تقي الدين: وهو من باب مجانسة العقوبات الأخروية للجنايات الدنيوية وفيه أن جناية الإنسان على نفسه كجنايته على غيره في الإثم لأن نفسه ليست له ملكًا مطلقًا بل هي لله فلا يتصرف فيها إلا فيما أذن فيه ( ولعن المؤمن) بأن يدعو عليه باللعن ( كقتله) في التحريم أو العقاب، وأبدى الشيخ تقي الدين في ذلك سؤالاً وهو أن يقال إما أن يكون كقتله في أحكام الدنيا أو في أحكام الآخرة لا سبيل إلى الأول لأن قتله يوجب القصاص ولعنه لا يوجب ذلك، وأما أحكام الآخرة فإما أن يراد التساوي في الإثم أو في العقاب وكلاهما مشكل لأن الإثم يتفاوت بتفاوت مفسدة الفعل وليس إذهاب الروح في المفسدة كمفسدة الأذى باللعن وكذلك العقاب يتفاوت بحسب تفاوت الجرائم.
وقال المازري فيما نقله عنه القاضي عياض: الظاهر من الحديث تشبيهه في الإثم وهو تشبيه واقع لأن اللعنة قطع عن الرحمة والموت قطع عن التصرف.
قال القاضي عياض: وقيل لعنه يقتضي قصد إخراجه من المسلمين ومنعهم منافعه وتكثير عددهم به كما لو قتله وقيل لعنه يقتضي قطع منافعه الأخروية عنه وبعده بإجابة لعنه وهو كمن قتل في الدنيا وقطعت منافعه فيها وقيل معناه استواؤهما في التحريم.

قال في المصابيح: هذا يحتاج إلى تخليص ونظر فأما ما حكاه عن المازري من أن الظاهر من الحديث تشبيهه في الإِثم وكذلك ما حكاه من أن معناه استواؤهما في التحريم، فهذا يحتمل أمرين.
أحدهما: أن يقع التشبيه والاستواء في أصل التحريم والإثم، والثاني: أن يقع في مقدار الإثم، فأما الأول فلا ينبغي أن يحمل عليه لأن كل معصية قلت أو عظمت فهي مشابهة ومساوية للقتل في أصل التحريم ولا يبقى في الحديث كبير فائدة مع أن المفهوم منه تعظيم أمر اللعنة بتشبيهها بالقتل، وأما الثاني فقد بيّنا ما فيه من الإِشكال وهو التفاوت في المفسدة بين إزهاق الروح وبين الأذى باللعنة.

وأما ما حكاه المازري من أن اللعنة قطع الرحمة والموت قطع التصرف فالكلام عليه من وجهين.
أحدهما: بأن نقول اللعنة قد تطلق على نفس الإبعاد الذي هو فعل الله وعلى هذا يقع في التشبيه، والثاني أن تطلق اللعنة على فعل اللاعن وهو طلبه لذلك الإبعاد فقوله لعنه الله مثلاً ليس بقطع عن الرحمة بنفسه ما لم تتصل به إجابة، فيكون حينئذٍ سببًا إلى قطع التصرف ويكون نظيره التسبب إلى القتل غير أنهما يفترقان في أن التسبب إلى القتل بمباشرة مقدمات تفضي إلى الموت بمطرد العادة فلو كانت مباشرة اللعنة مفضية إلى الإبعاد الذي هو اللعن دائمًا لاستوى اللعن مع مباشرة مقدمات القتل أو زاد عليها، وبهذا يتبين لك الإيراد على ما حكاه القاضي من أن لعنه له
يقتضي قصد إخراجه عن جماعة المسلمين كما لو قتله فإن قصد إخراجه لا يستلزم إخراجه كما تستلزم مقدمات القتل، وكذلك أيضًا ما حكاه من أن لعنه يقتضي قطع منافعه الأخروية عنه إنما يحصل ذلك بإجابة الدعوة، وقد لا يجاب في كثير من الأوقات فلا يحصل انقطاعه عن منافعه كما يحصل بقتله ولا استواء القصد إلى القطع بطلب الإجابة مع مباشرة مقدمات القتل المفضية إليه في مطرد العادة، والذي يمكن أن يقرر به ظاهر الحديث في استوائهما في الإِثم أنا نقول لا نسلم أن مفسدة اللعنة مجرد أذاه بل فيها مع ذلك تعريضه لإجابة الدعوة فيه بموافقة ساعة لا يسأل الله فيها شيئًا إلا أعطاه كما دل عليه الحديث من قوله عليه الصلاة والسلام "لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أموالكم ولا تدعوا على أولادكم لا توافقون ساعة" الحديث: وإذا كان عرّضه باللعنة لذلك ووقعت الإجابة وإبعاده من رحمة الله كان ذلك أعظم من قتله لأن القتل تفويت الحياة الفانية قطعًا والإبعاد من رحمة الله أعظم ضررًا بما لا يحصى، وقد يكون أعظم الضررين على سبيل الاحتمال مساويًا أو مقاربًا لأخفهما على سبيل التحقيق ومقادير المصالح والمفاسد وأعدادهما أمر لا سبيل للبشر إلى الاطّلاع على حقائقه اهـ.

وزاد في الأدب من البخاري من طريق علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة وليس على ابن آدم نذر فيما لا يملك، ولمسلم ومن حلف على يمين صبر وهو فيها فاجر يقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله يوم القيامة وهو عليه غضبان ومن ادعى دعوى كاذبة ليتكثر بها لم يزده الله إلا قلة ( ومن رمى مؤمنًا بكفر فهو كقتله) .

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب لاَ يَقُولُ: مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ، وَهَلْ يَقُولُ أَنَا بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ؟
هذا ( باب) بالتنوين يذكر فيه ( لا يقول) الشخص في كلامه ( ما شاء الله وشئت) بفتح التاء في الفرع كأصله وفي غيرهما بضمها على صيغة المتكلم من الماضي وإنما منع من ذلك لأن فيه تشريكًا في مشيئة الله تعالى وهي منفردة بالله سبحانه وتعالى بالحقيقة وإذا نسبت لغيره فبطريق المجاز، وفي حديث النسائي وابن ماجة من رواية يزيد بن الأصم عن ابن عباس رفعه: "إذا حلف أحدكم فلا يقل ما شاء الله وشئت ولكن يقول: ما شاء الله ثم شئت" قال الخطابي: أرشدهم -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى الأدب في تقديم مشيئة الله على مشيئة من سواه واختارها بثم التي هي للنسق والتراخي بخلاف الواو التي هي للاشتراك ( وهل يقول) الشخص ( أنا بالله ثم بك) نعم يجوز لأن ثم اقتضت سبقية مشيئة الله على مشيئة غيره.


[ قــ :6305 ... غــ : 6653 ]
- وَقَالَ عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى عَمْرَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «إِنَّ ثَلاَثَةً فِى بَنِى إِسْرَائِيلَ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ، فَبَعَثَ مَلَكًا فَأَتَى الأَبْرَصَ فَقَالَ: تَقَطَّعَتْ بِى الْحِبَالُ فَلاَ بَلاَغَ لِى إِلاَّ بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ» فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

( وقال عمرو بن عاصم) : بفتح العين وسكون الميم مما وصله في ذكر بني إسرائيل فقال: حدّثنا أحمد بن إسحاق حدّثنا عمرو بن عاصم قال: ( حدّثنا همام) هو ابن يحيى العوذي قال: ( حدّثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة) اسمه زيد الأنصاري وثبت ابن أبي طلحة لغير أبي ذر قال: ( حدّثنا عبد الرَّحمن بن أبي عمرة) بفتح العين المهملة وسكون الميم واسمه عمرو الأنصاري قاضي أهل المدينة ( أن أبا هريرة) -رضي الله عنه- ( حدثه أنه سمع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول) :
( إن ثلاثة في بني إسرائيل) أبرص وأقرع وأعمى لم يسموا ( أراد الله) عز وجل ( أن يبتليهم) أي يختبرهم ( فبعث إليهم ملكًا فأتى الأبرص) الذي ابيض جسده بعد مسح الملك فذهب عنه البرص وأعطي لونًا حسنًا وجلدًا حسنًا وإبلاً أو بقرًا ( فقال) له: إني رجل مسكين ( تقطعت بي الحبال) بحاء مهملة مكسورة ثم موحدة مخففة جمع حبل أي الأسباب التي يقطعها في طلب الرزق ولأبي ذر عن الكشميهني الجبال بالجيم وهو تصحيف ( فلا بلاغ) فلا كفاية ( لي إلا بالله) الذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال ( ثم بك فذكر الحديث) السابق بتمامه.
وقال المهلب: إنما أراد البخاري أن قوله ما شاء الله ثم شئت جائزًا استدلالاً بقوله أنا بالله ثم بك، وأخرج عبد الرزاق عن إبراهيم النخعي أنه كان لا يرى بأسًا أن يقول: ما شاء الله ثم شئت، وكان يقول أعوذ بالله وبك ويجيز أعوذ بالله ثم بك.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ سِوَى مِلَّةٍ الإسْلاَم)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان من حلف بِملَّة سوى مِلَّة الْإِسْلَام، وَلم يذكر مَا يَتَرَتَّب على الْحَالِف اكْتِفَاء بِمَا ذكره فِي الْبابُُ، وَفِي بعض النّسخ: بابُُ من حلف بِملَّة غير الْإِسْلَام، وَالْملَّة بِكَسْر الْمِيم وَتَشْديد اللَّام،.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير: الْملَّة الدّين كملة الْإِسْلَام واليهودية والنصرانية، وَقيل: هِيَ مُعظم الدّين وَجُمْلَة مَا يَجِيء بِهِ الرُّسُل.

وَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( مَنْ حَلَفَ بالّلاتِ والعُزَّي فَلْيَقلْ: لَا إلاهَ إلاّ الله) ولَمْ يَنْسُبْه إِلَى الكفُفرِ

هَذَا تَعْلِيق ذكره مَوْصُولا عَن قريب فِي: بابُُ لَا يحلف بِاللات والعزى عَن أبي هُرَيْرَة، وَأَرَادَ بِهِ أَن الْحَالِف بِاللات والعزى يَقُول: لَا إِلَه إِلَّا الله وَيكفر لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمره أَن يَقُول: لَا إِلَه إِلَّا الله، لم ينْسبهُ إِلَى الْكفْر، وروى ابْن أبي شيبَة فِي ( مُصَنفه) : حَدثنَا عبيد الله حَدثنَا إِسْرَائِيل عَن أبي معصب عَن مُصعب بن سعد عَن أَبِيه قَالَ: حَلَفت بِاللات والعزى فَأتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: إِنِّي حَلَفت بِاللات والعزى، فَقَالَ: قل: لَا إِلَه إِلَّا الله، ثَلَاثًا، وأنفث عَن شمالك ثَلَاثًا، وتعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم وَلَا تعد.



[ قــ :6305 ... غــ :6652 ]
- حدّثنا مُعَلّى بنُ أسَدٍ حدّثنا وُهَيْبٌ عنْ أيُّوبَ عَن أبي ثِلاَبَةَ عنْ ثابِتِ بنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ مِلَّةِ الإسْلاَم فَهْوَ كَمَا قَالَ، ومَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عُذِّبَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ، ولعْنُ المُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ، ومَنْ رَمَى مُؤْمِناً بِكُفْرِ فَهْوَ كَقَتْلِهِ) .

طابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
ووهيب مصغر وهب ابْن خَالِد الْبَصْرِيّ، وَأَيوب السّخْتِيَانِيّ، وَأَبُو قلَابَة بِكَسْر الْقَاف وَتَخْفِيف اللَّام عبد الله بن زيد، ثَابت بالثاء الْمُثَلَّثَة ابْن الضَّحَّاك الْأنْصَارِيّ كَانَ من أَصْحَاب الشَّجَرَة.

والْحَدِيث مضى فِي الْجَنَائِز عَن مُسَدّد فِي: بابُُ مَا جَاءَ فِي قَاتل النَّفس، وَمضى الْكَلَام فِيهِ، وَمضى فِي الْأَدَب أَيْضا.

قَوْله: ( فَهُوَ كَمَا قَالَ) ، قَالَ الْمُهلب: يَعْنِي هُوَ كَاذِب فِي يَمِينه لَا كَافِر لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو أَن يعْتَقد الْملَّة الَّتِي حلف بهَا فَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ بِالرُّجُوعِ إِلَى الْإِسْلَام، أَو يكون مُعْتَقدًا الْإِسْلَام بعدالحنث فَهُوَ كَاذِب فِيمَا قَالَه.
لِأَن فِي الحَدِيث الْمَاضِي لم ينْسبهُ إِلَى الْكفْر، وَقيل: يُرَاد بِهِ التهديد والوعيد..
     وَقَالَ  ابْن الْقصار: مَعْنَاهُ النَّهْي عَن مُوَافقَة ذَلِك اللَّفْظ والتحذير مِنْهُ لَا أَنه يكون كَافِرًا بِاللَّه.
قَوْله: ( عذب بِهِ) أَي: بالشَّيْء الَّذِي قتل نَفسه بِهِ، لِأَن جزاءه من جنس عمله.
قَوْله: ( وَلعن الْمُؤمن كقتله) يَعْنِي: فِي التَّحْرِيم أَو فِي الإبعاد فَإِن اللَّعْن تبعيد من رَحْمَة الله، وَقيل: المُرَاد الْمُبَالغَة فِي الْإِثْم.
قَوْله: ( وَمن رمى مُؤمنا بِكفْر فَهُوَ كقتله) يَعْنِي: فِي الْحُرْمَة، وَقيل: لِأَن نسبته إِلَى الْكفْر الْمُوجب لقَتله كالتقل لِأَن المتسبب للشَّيْء كفاعله.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابٌُ لَا يَقُولُ: مَا شاءَ الله وشِئْتَ، وهَلْ يَقُولُ: أَنا بِاللَّه ثُمَّ بِكَ؟)

أَي: هَذَا بابُُ مترجم بِلَفْظ: لَا يَقُول الشَّخْص فِي كَلَامه: مَا شَاءَ الله وشئت، على صِيغَة الْمُتَكَلّم من الْمَاضِي، قَالَ الْكرْمَانِي: يَعْنِي لَا يجمع بَينهمَا، يَعْنِي بَين قَوْله: مَا شَاءَ الله، وَقَوله: وشئت لجَوَاز كل وَاحِد مِنْهُمَا مُفردا..
     وَقَالَ  غَيره: لِأَن الْوَاو يُشْرك بَين الْمَعْنيين وَلَيْسَ هَذَا من الْأَدَب، وَقد روى فِي ذَلِك عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: لَا يَقُولَن أحدكُم: مَا شَاءَ الله وَشاء فلَان، وَلَكِن ليل: مَا شَاءَ الله، ثمَّ مَا شَاءَ فلَان.
وَإِنَّمَا جَازَ دُخُول: ثمَّ، مَكَان: الْوَاو، لِأَن مَشِيئَة الله مُقَدّمَة على مَشِيئَة خلقه، قَالَ عز وَجل: { ( 76) وَمَا تشاؤن إِلَّا أَن يَشَاء الله} ( الْإِنْسَان: 04 والتكوير: 92) فَهَذَا من الْأَدَب، وَذكر عبد الرَّزَّاق عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ أَنه كَانَ لَا يرى بَأْسا أَن يَقُول: مَا شَاءَ الله ثمَّ شِئْت.
قَوْله: وَهل يَقُول: أَنا بِاللَّه رَبك؟ ذكره بالاستفهام لعدم ثُبُوت أحد الْأَمريْنِ عِنْده، وهما جَوَاز القَوْل بذلك وَعَدَمه، وَلَكِن روى عبد الرَّزَّاق عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ أَنه كَانَ يكره أَن يَقُول: أعوذ بِاللَّه وَبِك، حَتَّى يَقُول: ثمَّ بك، وَالْعلَّة فِي ذَلِك مَا ذَكرْنَاهُ وَهُوَ أَن بِالْوَاو يلْزم الِاشْتِرَاك، وبكلمة: ثمَّ، لَا يلْزم لِأَن مَشِيئَة الله مُتَقَدّمَة.



[ قــ :6305 ... غــ :6653 ]
- وَقَالَ عَمْرُو بنُ عاصِمٍ: حدّثنا هَمَّامٌ حدّثنا إسْحقاُ بنُ عَبْدِ الله حَدثنَا عَبْدُ الرَّحْمانِ بنُ أبي عَمْرَةَ أنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حدَّثَهُ أنّهُ سَمِعَ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ: ( إِن ثَلاَثَةً فِي بَنِي إسْرَائِيلَ أرَادَ الله أنْ يَبْتَلِيَهُمْ فَبَعَثَ مَلَكاً فأتَى الأبْرَصَ، فَقَالَ: تَقَطَّعَتْ بِيَ الحِبالُ فَلاَ بَلاَغَ لي إلاّ بِاللَّه ثُمَّ بِكَ.
.
)
فَذَكَرَ الحَدِيثَ.

( انْظُر الحَدِيث 4643) .

قَالَ الْكرْمَانِي: لَيْسَ فِي الْبابُُ مَا يدل عَلَيْهِ.
يَعْنِي: لَيْسَ فِي الْبابُُ حَدِيث يدل على مَا ترْجم، ثمَّ تكلّف بِالْجَوَابِ بِمَا لَيْسَ تَحْتَهُ طائل، فَقَالَ: يرْوى عَن أبي إِسْحَاق الْمُسْتَمْلِي أَنه قَالَ: انتسخت كتاب البُخَارِيّ من أَصله الَّذِي كَانَ عِنْد الْفربرِي فرأيته لم يتم بعد، وَقد بقيت عَلَيْهِ مَوَاضِع مبيضة كَثِيرَة فِيهَا تراجم لم يثبت بعْدهَا شَيْئا، وَمِنْهَا أَحَادِيث لم يترجم عَلَيْهَا، فاضفنا بعض ذَلِك إِلَى بعض.
قَالُوا: وَقد وَقع فِي النّسخ كثير من التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير وَالزِّيَادَة وَالنُّقْصَان لِأَن أَبَا الْهَيْثَم والحموي نسخا مِنْهُ أَيْضا، فبحسب مَا قدر كل وحد مِنْهُم مَا كَانَ فِي رقْعَة أَو فِي حَاشِيَة أَو مُضَافَة أَنه من الْموضع الْفُلَانِيّ أَضَافَهُ إِلَيْهِ.
انْتهى..
     وَقَالَ  صَاحب ( التَّوْضِيح) : والْحَدِيث فِي ذَلِك أَي فِي عدم جوازان يُقَال مَا شَاءَ الله وشئت، مَا رَوَاهُ مُحَمَّد بن بشار حَدثنَا أَبُو أَحْمد الزبيرِي حَدثنَا مسعر عَن معبد بن خَالِد عَن عبد الله بن بشار عَن قتيلة، امْرَأَة من جُهَيْنَة، قَالَت: جَاءَ يَهُودِيّ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِنَّكُم تشركون وَإِنَّكُمْ تَقولُونَ: والكعبة، وتقولون: مَا شَاءَ الله وشئت.
فَأَمرهمْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِذا أَرَادوا أَن يحلفوا أَن يَقُولُوا: وَرب الْكَعْبَة، وَأمرهمْ أَن يَقُولُوا: مَا شء الله ثمَّ شِئْت.

وَهَذَا الحَدِيث رَوَاهُ البُخَارِيّ وَلم يكن من شَرطه فترجم بِهِ واستنبط مَعْنَاهُ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة.
انْتهى.

قلت: هَذَا لَا بَأْس بِهِ للقرب من التَّرْجَمَة مَا شَاءَ الله وشئت، لِأَن فِيهِ هَذَا، وَقَوله: مَا شَاءَ الله ثمَّ شِئْت.

قَوْله: ( مُحَمَّد بن بشار) بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَشْديد الشين الْمُعْجَمَة الَّذِي يُقَال لَهُ بنْدَار، أَي: الْحَافِظ، روى عَن الْجَمَاعَة، وَأَبُو أَحْمد الزبيرِي اسْمه مُحَمَّد بن عبد الله بن الزبير الْكُوفِي روى لَهُ الْجَمَاعَة، ومسعر بِكَسْر الْمِيم ابْن كدام روى لَهُ الْجَمَاعَة، ومعبد بن خَالِد الجدلي التَّابِعِيّ روى لَهُ الْأَرْبَعَة، وَعبد الله بن يسَار الْجُهَنِيّ روى لَهُ أَبُو دَاوُد، وَقتيلَة بِضَم الْقَاف وَفتح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح اللَّام،.

     وَقَالَ  أَبُو عمر: قتيلة بنت صَيْفِي الجهنية، وَيُقَال: الْأَنْصَارِيَّة، كَانَت من الْمُهَاجِرَات الأول روى عَنْهَا عبد الله بن يسَار.

قَوْله: (.

     وَقَالَ  عمر بن عَاصِم)
هُوَ من شُيُوخ البُخَارِيّ روى عَنهُ فِي الصَّلَاة وَغير مَوضِع وَهن علق عَنهُ، وَهَمَّام بتَشْديد الْمِيم ابْن يحيى العوذي الْبَصْرِيّ يروي عَن إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة واسْمه زيد الْأنْصَارِيّ ابْن أخي أنس بن مَالك، وَعبد الرَّحْمَن بن أبي عمْرَة واسْمه عَمْرو الْأنْصَارِيّ قَاضِي أهل الْمَدِينَة، وَوصل البُخَارِيّ هَذَا الْمُعَلق فِي بَدْء الدُّنْيَا فِي: بابُُ مَا ذكر عَن بني إِسْرَائِيل،.

     وَقَالَ : حَدثنِي أَحْمد بن إِسْحَاق حَدثنَا عَمْرو بن عَاصِم حَدثنَا همام حَدثنَا إِسْحَاق بن عبد الله حَدثنِي عبد الرَّحْمَن بن أبي عمْرَة: أَن أَبَا هُرَيْرَة سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَقُول: إِن ثَلَاثَة من بني إِسْرَائِيل ... الحَدِيث بِطُولِهِ، وَالثَّلَاثَة هم: أبرص وأقرع وأعمى.

قَوْله: ( الحبال) بِالْحَاء الْمُهْملَة جمع حَبل، ويروى بِالْجِيم.
قَوْله: ( فَلَا بَلَاغ لي) قَالَ الْكرْمَانِي: الْبَلَاغ الْكِفَايَة،.

     وَقَالَ  الْمُهلب: إِنَّمَا أَرَادَ البُخَارِيّ أَن يحيز مَا شَاءَ الله ثمَّ شِئْت اسْتِدْلَالا من قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة: وَلَا بَلَاغ لي إلاَّ بِاللَّه ثمَّ بك، وَلم يجز أَن يَقُول: مَا شَاءَ الله وشئت، وَقد ذكرنَا وَجهه عَن قريب.