هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
6427 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ ، قَالَ : حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلاَلٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ ، أَنَّ رَجُلًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ ، وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا ، وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ ، فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ : اللَّهُمَّ العَنْهُ ، مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لاَ تَلْعَنُوهُ ، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
6427 حدثنا يحيى بن بكير ، حدثني الليث ، قال : حدثني خالد بن يزيد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن عمر بن الخطاب ، أن رجلا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان اسمه عبد الله ، وكان يلقب حمارا ، وكان يضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد جلده في الشراب ، فأتي به يوما فأمر به فجلد ، فقال رجل من القوم : اللهم العنه ، ما أكثر ما يؤتى به ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تلعنوه ، فوالله ما علمت إنه يحب الله ورسوله
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated `Umar bin Al-Khattab:

During the lifetime of the Prophet (ﷺ) there was a man called `Abdullah whose nickname was Donkey, and he used to make Allah's Messenger (ﷺ) laugh. The Prophet (ﷺ) lashed him because of drinking (alcohol). And one-day he was brought to the Prophet (ﷺ) on the same charge and was lashed. On that, a man among the people said, O Allah, curse him ! How frequently he has been brought (to the Prophet (ﷺ) on such a charge)! The Prophet (ﷺ) said, Do not curse him, for by Allah, I know for he loves Allah and His Apostle.

":"ہم سے یحییٰ بن بکیر نے بیان کیا ، کہا کہ مجھ سے لیث نے بیان کیا ، کہا کہ مجھ سے خالد بن یزید نے بیان کیا ، ان سے سعید بن ابی ہلال نے ، ان سے زید بن اسلم نے ، ان سے ان کے والد نے اور ان سے عمر بن خطاب رضی اللہ عنہ نے کہنبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم کے زمانہ میں ایک شخص ، جس کا نام عبداللہ تھا اور ” حمار “ ( گدھا ) کے لقب سے پکارے جاتے تھے ، وہ آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم کو ہنساتے تھے اور آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم نے انہیں شراب پینے پر مارا تھا تو انہیں ایک دن لایا گیا اور آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم نے ان کے لیے حکم دیا اور انہیں ماراگیا ۔ حاضرین میں ایک صاحب نے کہا اللہ اس پر لعنت کرے ! کتنی مرتبہ کہا جا چکا ہے ۔ آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ اس پر لعنت نہ کرو واللہ میں نے اس کے متعلق یہی جانا ہے کہ یہ اللہ اور اس کے رسول سے محبت کرتا ہے ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [6780] .

     قَوْلُهُ  إِنَّ رَجُلًا كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ مِنْ مَغَازِيهِ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ وَوُجِدَ فِي حِصْنِ الصَّعْبِ بْنِ مَعَاذٍ فَذَكَرَ مَا وُجِدَ مِنَ الثِّيَابِ وَغَيْرِهَا إِلَى أَنْ قَالَ وَزِقَاقُ خَمْرٍ فَأُرِيقَتْ وَشَرِبَ يَوْمئِذٍ مِنْ تِلْكَ الْخَمْرِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ الْحِمَارُ وَهُوَ بِاسْمِ الْحَيَوَانِ الْمَشْهُورِ وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ أَنَّ الْأَوَّلَ اسْمه وَالثَّانِي لقبه وَجوز بن عبد الْبر أَنه بن النُّعَيْمَانِ الْمُبْهَمُ فِي حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ فَقَالَ فِي تَرْجَمَةِ النُّعَيْمَانِ كَانَ رَجُلًا صَالِحًا وَكَانَ لَهُ بن انْهَمَكَ فِي الشَّرَابِفَجَلَدَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ كُلٌّ مِنَ النُّعَيْمَانِ وَوَلَدِهِ عَبْدِ اللَّهِ جُلِدَ فِي الشُّرْبِ وَقَوِيَ هَذَا عِنْدَهُ بِمَا أَخْرَجَهُ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ فِي الْفَاكِهَةِ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَالَ كَانَ بِالْمَدِينَةِ رَجُلٌ يُصِيبُ الشَّرَابَ فَكَانَ يُؤْتَى بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَضْرِبُهُ بِنَعْلِهِ وَيَأْمُرُ أَصْحَابَهُ فَيَضْرِبُونَهُ بِنِعَالِهِمْ وَيَحْثُونَ عَلَيْهِ التُّرَابَ فَلَمَّا كَثُرَ ذَلِكَ مِنْهُ قَالَ لَهُ رَجُلٌ لَعَنَكَ اللَّهُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَفْعَلْ فَإِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَحَدِيثُ عُقْبَةَ اخْتَلَفَ أَلْفَاظ ناقليه هَل الشَّارِب النعيمان أَو بن النُّعَيْمَانِ وَالرَّاجِحُ النُّعَيْمَانُ فَهُوَ غَيْرُ الْمَذْكُورِ هُنَا لِأَنَّ قِصَّةَ عَبْدِ اللَّهِ كَانَتْ فِي خَيْبَرَ فَهِيَ سَابِقَةٌ عَلَى قِصَّةِ النُّعَيْمَانِ فَإِنَّ عُقْبَةَ بْنَ الْحَارِثِ مِنْ مُسْلِمَةِ الْفَتْحِ وَالْفَتْحُ كَانَ بَعْدَ خَيْبَرَ بِنَحْوٍ مِنْ عِشْرِينَ شَهْرًا وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ الْمَذْكُورُ فِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ لِأَنَّ عُقْبَةَ بْنَ الْحَارِثِ مِمَّنْ شَهِدَهَا مِنْ مُسْلِمَةِ الْفَتْحِ لَكِنْ فِي حَدِيثِهِ أَنَّ النُّعَيْمَانَ ضُرِبَ فِي الْبَيْتِ وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ أَنَّهُ أُتِيَ بِهِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ رَحْلِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّهُ أَطْلَقَ عَلَى رَحْلِ خَالِدٍ بَيْتًا فَكَأَنَّهُ كَانَ بَيْتًا مِنْ شَعْرٍ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ الَّذِي فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ لِأَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ بَكِّتُوهُ كَمَا تَقَدَّمَ .

     قَوْلُهُ  وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ يَقُولُ بِحَضْرَتِهِ أَوْ يَفْعَلُ مَا يَضْحَكُ مِنْهُ وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو يَعْلَى مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ بِسَنَدِ الْبَابِ أَنَّ رَجُلًا كَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا وَكَانَ يُهْدِي لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعُكَّةَ مِنَ السَّمْنِ وَالْعَسَلِ فَإِذَا جَاءَ صَاحِبُهُ يَتَقَاضَاهُ جَاءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَعْطِ هَذَا مَتَاعَهُ فَمَا يَزِيدُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يتبسم وَيَأْمُرَ بِهِ فَيُعْطَى وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ بَعْدَ قَوْلِهِ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قَالَ وَكَانَ لَا يَدْخُلُ إِلَى الْمَدِينَةِ طَرْفَةً إِلَّا اشْتَرَى مِنْهَا ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ يَا رَسُول الله هَذَا أهديته لَك فَإِذا جَاءَ صَاحبه يطْلب ثَمَنَهُ جَاءَ بِهِ فَقَالَ أَعْطِ هَذَا الثَّمَنَ فَيَقُولُ أَلَمْ تُهْدِهِ إِلَيَّ فَيَقُول لَيْسَ عِنْدِي فَيَضْحَكُ وَيَأْمُرُ لِصَاحِبِهِ بِثَمَنِهِ وَهَذَا مِمَّا يُقَوِّي أَنَّ صَاحِبَ التَّرْجَمَةِ وَالنُّعَيْمَانَ وَاحِدٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  قَدْ جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ أَيْ بِسَبَبِ شربه الشَّرَاب الْمُسكر وَكَانَ فِيهِ مُضْمَرَةٌ أَيْ كَانَ قَدْ جَلَدَهُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ بِسَنَدِهِ هَذَا عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَحُدَّ ثُمَّ أُتِيَ بِهِ فَحُدَّ ثُمَّ أُتِيَ بِهِ فَحُدَّ ثُمَّ أُتِيَ بِهِ فَحُدَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ .

     قَوْلُهُ  فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا فَذَكَرَ سُفْيَانُ الْيَوْمَ الَّذِي أُتِيَ بِهِ فِيهِ وَالشَّرَابَ الَّذِي شَرِبَهُ مِنْ عِنْد الْوَاقِدِيِّ وَوَقَعَ فِي رِوَايَتِهِ وَكَانَ قَدْ أُتِيَ بِهِ فِي الْخَمْرِ مِرَارًا .

     قَوْلُهُ  فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ فِي رِوَايَةِ الْوَاقِدِيِّ فَأَمَرَ بِهِ فَخُفِقَ بِالنِّعَالِ وَعَلَى هَذَا فَ.

     قَوْلُهُ  فَجُلِدَ أَيْ ضُرِبَ ضَرْبًا أَصَابَ جِلْدَهُ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ الْمَذْكُورُ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ لَمْ أَرَ هَذَا الرَّجُلَ مُسَمًّى وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ الْمَذْكُورَةِ فَقَالَ رَجُلٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ رَأَيْتُهُ مُسَمًّى فِي رِوَايَةِ الْوَاقِدِيِّ فَعِنْدَهُ فَقَالَ عُمَرُ .

     قَوْلُهُ  مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ فِي رِوَايَةِ الْوَاقِدِيِّ مَا يُضْرَبُ وَفِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ مَا أَكْثَرَ مَا يَشْرَبُ وَمَا أَكْثَرَ مَا يُجْلَدُ .

     قَوْلُهُ  لَا تَلْعَنُوهُ فِي رِوَايَةِ الْوَاقِدِيِّ لَا تَفْعَلْ يَا عُمَرُ وَهَذَا قَدْ يَتَمَسَّكُ بِهِ مَنْ يَدَّعِي اتِّحَادَ الْقِصَّتَيْنِ وَهُوَ بَعِيدٌ لِمَا بَيَّنْتُهُ مِنِ اخْتِلَافِ الْوَقْتَيْنِ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ للنعيمان وَلابْن النعيمان وَأَن اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَلَقَبُهُ حِمَارٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ أَنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَيَجُوزُ عَلَى رِوَايَة بن السَّكَنِ الْفَتْحُ وَالْكَسْرُ.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمُ الرِّوَايَةُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ عَلَى أَنَّ مَا نَافِيَةٌ يُحِيلُ الْمَعْنَى إِلَى ضِدِّهِ وَأَغْرَبَ بَعْضُ شُرَّاحِ الْمَصَابِيحِ فَقَالَ مَا مَوْصُولَةٌ وَإِنَّ مَعَ اسْمِهَا وَخَبَرِهَا سَدَّتْ مَسَدَّ مَفْعُولَيْ عَلِمْتُ لِكَوْنِهِ مُشْتَمِلًا عَلَى الْمَنْسُوبِ وَالْمَنْسُوبِ إِلَيْهِ وَالضَّمِيرُ فِي أَنَّهُ يَعُودُ إِلَى الْمَوْصُولِ وَالْمَوْصُولُ مَعَ صِلَتِهِ خَبَرُ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ هُوَ الَّذِي عَلِمْتُ وَالْجُمْلَةُ فِيجَوَابِ الْقَسَمِ قَالَ الطِّيبِيُّ وَفِيهِ تَعَسُّفٌ.

     وَقَالَ  صَاحِبُ الْمَطَالِعِ مَا مَوْصُولَةٌ وَإِنَّهُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ مُبْتَدَأٌ وَقِيلَ بِفَتْحِهَا وَهُوَ مَفْعُولُ عَلِمْتُ قَالَ الطِّيبِيُّ فَعَلَى هَذَا عَلِمْتُ بِمَعْنَى عَرَفْتُ وَإِنَّهُ خَبَرُ الْمَوْصُولِ.

     وَقَالَ  أَبُو الْبَقَاءِ فِي إِعْرَابِ الْجمع مَا زَائِدَة أَي فو الله عَلِمْتُ أَنَّهُ وَالْهَمْزَةُ عَلَى هَذَا مَفْتُوحَةٌ قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَفْعُولُ مَحْذُوفًا أَيْ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ أَوْ فِيهِ سُوءًا ثُمَّ اسْتَأْنَفَ فَقَالَ إِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَنُقِلَ عَنْ رِوَايَة بن السَّكَنِ أَنَّ التَّاءَ بِالْفَتْحِ لِلْخِطَابِ تَقْرِيرًا وَيَصِحُّ عَلَى هَذَا كَسْرُ الْهَمْزَةِ وَفَتْحُهَا وَالْكَسْرُ عَلَى جَوَابِ الْقَسَمِ وَالْفَتْحُ مَعْمُولُ عَلِمْتُ وَقِيلَ مَا زَائِدَةٌ لِلتَّأْكِيدِ وَالتَّقْدِيرُ لَقَدْ عَلِمْتُ.

.

قُلْتُ وَقَدْ حَكَى فِي الْمَطَالِع أَنَّ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ فَوَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ وَعَلَى هَذَا فَالْهَمْزَةُ مَفْتُوحَةٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مَا مَصْدَرِيَّةً وَكُسِرَتْ إِنَّ لِأَنَّهَا جَوَابُ الْقَسَمِ قَالَ الطِّيبِيُّ وَجَعْلُ مَا نَافِيَةً أَظْهَرُ لِاقْتِضَاءِ الْقَسَمِ أَنْ يَلْتَقِيَ بِحَرْفِ النَّفْي وَبَان وباللام بِخِلَاف الْمَوْصُولَةِ وَلِأَنَّ الْجُمْلَةَ الْقَسَمِيَّةَ جِيءَ بِهَا مُؤَكِّدَةً لِمَعْنَى النَّفْيِ مُقَرِّرَةً لِلْإِنْكَارِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ وَقَعَ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فَمَعْنَى الْحَصْرِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِمَنْزِلَةِ تَاءِ الْخِطَابِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى لِإِرَادَةِ مَزِيدِ الْإِنْكَارِ عَلَى الْمُخَاطَبِ.

.

قُلْتُ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ عَنِ الْكُشْمِيهَنِيٍّ مِثْلَ مَا عَزَاهُ لِشَرْحِ السُّنَّةِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ أَنَّهُ لَيُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَصِحُّ مَعَهُ أَنْ تَكُونَ مَا زَائِدَةً وَأَنْ تَكُونَ ظرفية أَي مُدَّة على وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ وَالْوَاقِدِيِّ فَإِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَلَا إِشْكَالَ فِيهَا لِأَنَّهَا جَاءَتْ تَعْلِيلًا لِقَوْلِهِ لَا تَفْعَلْ يَا عُمَرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ جَوَازُ التَّلْقِيبِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهِ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ وَهُوَ مَحْمُولٌ هُنَا عَلَى أَنَّهُ كَانَ لَا يَكْرَهُهُ أَوْ أَنَّهُ ذُكِرَ بِهِ عَلَى سَبِيلِ التَّعْرِيفِ لِكَثْرَةِ مَنْ كَانَ يُسَمَّى بِعَبْدِ اللَّهِ أَوْ أَنَّهُ لَمَّا تَكَرَّرَ مِنْهُ الْإِقْدَامُ عَلَى الْفِعْلِ الْمَذْكُورِ نُسِبَ إِلَى الْبَلَادَةِ فَأُطْلِقَ عَلَيْهِ اسْمُ مَنْ يَتَّصِفُ بِهَا لِيَرْتَدِعَ بِذَلِكَ وَفِيهِ الرَّدُّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُرْتَكِبَ الْكَبِيرَةِ كَافِرٌ لِثُبُوتِ النَّهْيِ عَنْ لَعْنِهِ وَالْأَمْرِ بِالدُّعَاءِ لَهُ وَفِيهِ أَنْ لَا تَنَافِيَ بَيْنَ ارْتِكَابِ النَّهْيِ وَثُبُوتِ مَحَبَّةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فِي قَلْبِ الْمُرْتَكِبِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ بِأَنَّ الْمَذْكُورَ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مَعَ وُجُودِ مَا صَدَرَ مِنْهُ وَأَنَّ مَنْ تَكَرَّرَتْ مِنْهُ الْمَعْصِيَةُ لَا تُنْزَعُ مِنْهُ مَحَبَّةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ تَأْكِيدُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ نَفْيَ الْإِيمَانِ عَنْ شَارِبِ الْخَمْرِ لَا يُرَادُ بِهِ زَوَالُهُ بِالْكُلِّيَّةِ بَلْ نَفْيُ كَمَالِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ اسْتِمْرَارُ ثُبُوتِ مَحَبَّةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فِي قَلْبِ الْعَاصِي مُقَيَّدًا بِمَا إِذَا نَدِمَ عَلَى وُقُوعِ الْمَعْصِيَةِ وَأُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ فَكَفَّرَ عَنْهُ الذَّنْبَ الْمَذْكُورَ بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُخْشَى عَلَيْهِ بِتَكْرَارِ الذَّنْبِ أَنْ يُطْبَعَ عَلَى قَلْبِهِ شَيْءٌ حَتَّى يُسْلَبَ مِنْهُ ذَلِكَ نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ وَفِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى نَسْخِ الْأَمْرِ الْوَارِدِ بِقَتْلِ شَارِبِ الْخَمْرِ إِذَا تَكَرَّرَ مِنْهُ إِلَى الرَّابِعَةِ أَوِ الْخَامِسَةِ فَقَدْ ذَكَرَ بن عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّهُ أُتِيَ بِهِ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ مَرَّةً وَالْأَمْرُ الْمَنْسُوخُ أَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ حَرْمَلَةَ عَنْهُ وَأَبُو دَاوُدَ وَأَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ والدارمي وبن الْمُنْذر وَصَححهُ بن حبَان كُلُّهُمْ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ إِذَا سَكِرَ فَاجْلِدُوهُ ثُمَّ إِذَا سَكِرَ فَاجْلِدُوهُ ثُمَّ إِذَا سَكِرَ فَاجْلِدُوهُ ثُمَّ إِذَا سَكِرَ فَاقْتُلُوهُ وَلِبَعْضِهِمْ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ وَلَهُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْرَجَهَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ تَعْلِيقًا وَالنَّسَائِيُّ كُلُّهُمْ مِنْ رِوَايَةِ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْهُ بِلَفْظِ إِذَا شَرِبُوا فَاجْلِدُوهُمْ ثَلَاثًا فَإِذَا شَرِبُوا الرَّابِعَةَ فَاقْتُلُوهُمْ وَرُوِيَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ فَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْهُ عَنْ أَبِي صَالِحٍعَن أبي سعيد كَذَا أخرجه بن حِبَّانَ مِنْ رِوَايَةِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنِ أَبِي بَكْرِ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ عَنْهُ فَقَالَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بَدَلَ أَبِي سَعِيدٍ وَهُوَ الْمَحْفُوظُ وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ رِوَايَةِ أَبَانَ الْعَطَّارِ عَنْهُ وَتَابَعَهُ الثَّوْرِيُّ وَشَيْبَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَغَيْرُهُمَا عَنْ عَاصِمٍ وَلَفْظُ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَاصِمٍ ثُمَّ إِنْ شَرِبَ الرَّابِعَةَ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبَانَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ ثُمَّ إِنْ شَرِبُوا فَاجْلِدُوهُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بَعْدَ الْأُولَى ثُمَّ قَالَ إِنْ شَرِبُوا فَاقْتُلُوهُمْ ثُمَّ سَاقَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ حُمَيْدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ بن عُمَرَ قَالَ وَأَحْسَبُهُ قَالَ فِي الْخَامِسَةِ ثُمَّ إِنْ شَرِبَهَا فَاقْتُلُوهُ قَالَ وَكَذَا فِي حَدِيثِ عطيف فِي الْخَامِسَةِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَفِي رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ وَسُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الرَّابِعَةِ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ بن أبي نعيم عَن بن عُمَرَ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَالشَّرِيدِ وَفِي رِوَايَةِ مُعَاوِيَةَ فَإِنْ عَادَ فِي الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ فَاقْتُلُوهُ.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيُّ بَعْدَ تَخْرِيجِهِ وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالشَّرِيدِ وَشُرَحْبِيلَ بْنِ أَوْسٍ وَأَبِي الرَّمْدَاءِ وَجَرِيرٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو.

.

قُلْتُ وَقَدْ ذَكَرْتُ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ.

.
وَأَمَّا حَدِيثُ الشريد وَهُوَ بن أَوْسٍ الثَّقَفِيُّ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالدَّارِمِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ بِلَفْظِ إِذَا شَرِبَ فَاضْرِبُوهُ.

     وَقَالَ  فِي آخِرِهِ ثُمَّ إِنْ عَادَ الرَّابِعَةَ فَاقْتُلُوهُ.

.
وَأَمَّا حَدِيثُ شُرَحْبِيلَ وَهُوَ الْكِنْدِيُّ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ وَالطَّبَرَانِيّ وبن مَنْدَهْ فِي الْمَعْرِفَةِ وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ نَحْوَ رِوَايَةِ الَّذِي قَبْلَهُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ.

.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي الرَّمْدَاءِ وَهُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْمِيمِ بَعْدَهَا دَالٌ مُهْمَلَةٌ وَبِالْمَدِّ وَقِيلَ بموحدة ثمَّ ذال مُعْجمَة وَهُوَ يدْرِي نزل مصر فَأخْرجهُ الطَّبَرَانِيّ وبن مندة وَفِي سَنَده بن لَهِيعَةَ وَفِي سِيَاقِ حَدِيثِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِالَّذِي شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الرَّابِعَةِ أَنْ تُضْرَبَ عُنُقُهُ فَضُرِبَتْ فَأَفَادَ أَنَّ ذَلِكَ عُمِلَ بِهِ قَبْلَ النَّسْخِ فَإِنْ ثَبَتَ كَانَ فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يُعْمَلْ بِهِ.

.
وَأَمَّا حَدِيثُ جَرِيرٍ فَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْحَاكِمُ وَلَفْظُهُ مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ.

     وَقَالَ  فِيهِ فَإِنْ عَادَ فِي الرَّابِعَةِ فَاقْتُلُوهُ.

.
وَأَمَّا حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ مِنْ وَجْهَيْنِ عَنْهُ وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا مَقَالٌ فَفِي رِوَايَةِ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْهُ فَإِنْ شَرِبَهَا الرَّابِعَةَ فَاقْتُلُوهُ قُلْت وَرُوِّينَاهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَيْضًا كَمَا تقدم وَعَن بن عُمَرَ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَن بن أبي نعيم عَن بن عُمَرَ وَنَفَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ بِنَحْوِهِ وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مَوْصُولا من طَرِيق عِيَاض بن عطيف عَنْ أَبِيهِ وَفِيهِ فِي الْخَامِسَةِ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ أَبُو دَاوُدَ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ تَعْلِيقًا وَالْبَزَّارُ وَالشَّافِعِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ مَوْصُولًا مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالْخَطِيبُ فِي المبهمات من وَجْهَيْن أخرين عَن بن الْمُنْكَدِرِ وَفِي رِوَايَةِ الْخَطِيبِ جَلَدَ وَلِلْحَاكِمِ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي كَبْشَةَ سَمِعْتُ رَجُلًا مِنَ الصَّحَابَةِ يُحَدِّثُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ رَفَعَهُ بِنَحْوِهِ ثُمَّ إِنْ عَادَ فِي الرَّابِعَةِ فَاقْتُلُوهُ وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ بن الْمُنْكَدِرِ مُرْسَلًا وَفِيهِ أُتِيَ بِابْنِ النُّعَيْمَانِ بَعْدَ الرَّابِعَةِ فَجَلَدَهُ وَأَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عَمْرِو بن الْحَارِث عَن بن الْمُنْكَدِرِ أَنَّهُ بَلَغَهُ وَأَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ إِلَى أَنْ قَالَ ثُمَّ إِذَا شَرِبَ فِي الرَّابِعَةِ فَاقْتُلُوهُ قَالَ فَأُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ فَجَلَدَهُ ثُمَّ أُتِيَ بِهِ قَدْ شَرِبَ فَجَلَدَهُ ثُمَّ أُتِيَ بِهِ وَقَدْ شَرِبَ فَجَلَدَهُ ثُمَّ أُتِيَ بِهِ فِي الرَّابِعَةِ قَدْ شَرِبَ فَجَلَدَهُ فَرَفَعَ الْقَتْلَ عَنِ النَّاسِ وَكَانَتْ رُخْصَةً وَعَلَّقَهُ التِّرْمِذِيُّ فَقَالَ رَوَى الزُّهْرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْخَطِيبُ فِي الْمُبْهَمَاتِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ.

     وَقَالَ  فِيهِ فَأُتِيَ بِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ نُعَيْمَانُ فَضَرَبَهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍفَرَأَى الْمُسْلِمُونَ أَنَّ الْقَتْلَ قَدْ أُخِّرَ وَأَنَّ الضَّرْبَ قَدْ وَجَبَ وَقَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ مِنْ أَوْلَادِ الصَّحَابَةِ وَوُلِدَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ وَرِجَالُ هَذَا الْحَدِيثِ ثِقَاتٌ مَعَ إِرْسَالِهِ لَكِنَّهُ أُعِلَّ بِمَا أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ بَلَغَنِي عَنْ قَبِيصَةَ وَيُعَارِضُ ذَلِكَ رِوَايَة بن وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ قَبِيصَةَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا أَصَحُّ لِأَنَّ يُونُسَ أَحْفَظُ لِرِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ مِنَ الْأَوْزَاعِيِّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الَّذِي بَلَّغَ قَبِيصَةَ ذَلِكَ صَحَابِيٌّ فَيَكُونُ الْحَدِيثُ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ لِأَنَّ إِبْهَامَ الصَّحَابِيِّ لَا يَضُرُّ وَلَهُ شَاهِدٌ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ حدثت بِهِ بن الْمُنْكَدِرِ فَقَالَ تُرِكَ ذَلِكَ قَدْ أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِابْنِ نُعَيْمَانَ فَجَلَدَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ أُتِيَ بِهِ فِي الرَّابِعَةِ فجلده وَلم يزدْ وَوَقَعَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاق عَن بن الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ مِنَّا قَدْ شَرِبَ فِي الرَّابِعَةِ فَلَمْ يَقْتُلْهُ وَأَخْرَجَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بِلَفْظِ فَإِنْ عَادَ الرَّابِعَةَ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ فَضَرَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَرَأَى الْمُسْلِمُونَ أَنَّ الْحَدَّ قَدْ وَقَعَ وَأَنَّ الْقَتْلَ قَدْ رُفِعَ قَالَ الشَّافِعِيُّ بَعْدَ تَخْرِيجِهِ هَذَا مَا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلِمْتُهُ وَذَكَرَهُ أَيْضًا عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ مُرْسَلًا.

     وَقَالَ  أَحَادِيثُ الْقَتْلِ مَنْسُوخَةٌ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ رِوَايَة بن أبي ذِئْب حَدثنِي بن شِهَابٍ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَارِبٍ فَجَلَدَهُ وَلَمْ يَضْرِبْ عُنُقَهُ.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيُّ لَا نَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي هَذَا اخْتِلَافًا فِي الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ قَالَ وَسَمِعْتُ مُحَمَّدًا يَقُولُ حَدِيثُ مُعَاوِيَةَ فِي هَذَا أَصَحُّ وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ ثُمَّ نُسِخَ بَعْدُ.

     وَقَالَ  فِي الْعِلَلِ آخِرَ الْكِتَابِ جَمِيعُ مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ قَدْ عَمِلَ بِهِ أَهْلُ الْعِلْمِ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثَ وَحَدِيثَ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي الْحَضَرِ.

.
وَتَعَقَّبَهُ النَّوَوِيُّ فَسَلَّمَ قَوْلَهُ فِي حَدِيثِ الْبَابِ دُونَ الْآخَرِ وَمَالَ الْخَطَّابِيُّ إِلَى تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ فِي الْأَمْرِ بِالْقَتْلِ فَقَالَ قَدْ يَرِدُ الْأَمْرُ بِالْوَعِيدِ وَلَا يُرَادُ بِهِ وُقُوعُ الْفِعْلِ وَإِنَّمَا قُصِدَ بِهِ الرَّدْعُ وَالتَّحْذِيرُ ثُمَّ قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْقَتْلُ فِي الْخَامِسَةِ كَانَ وَاجِبًا ثُمَّ نُسِخَ بِحُصُولِ الْإِجْمَاعِ مِنَ الْأُمَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ وَأما بن الْمُنْذِرِ فَقَالَ كَانَ الْعَمَلُ فِيمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ أَنْ يُضْرَبَ وَيُنَكَّلَ بِهِ ثُمَّ نُسِخَ بِالْأَمْرِ بِجَلْدِهِ فَإِنْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ أَرْبَعًا قُتِلَ ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِالْأَخْبَارِ الثَّابِتَةِ وَبِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَّا مَنْ شَذَّ مِمَّنْ لَا يُعَدُّ خِلَافُهُ خِلَافًا.

.

قُلْتُ وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى بَعْضِ أَهْلِ الظَّاهِرِ فَقَدْ نُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ وَاسْتَمَرَّ عَلَيْهِ بن حَزْمٍ مِنْهُمْ وَاحْتَجَّ لَهُ وَادَّعَى أَنْ لَا إِجْمَاعَ وَأَوْرَدَ مِنْ مُسْنَدِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ مَا أَخْرَجَهُ هُوَ وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ قَالَ ائْتُونِي بِرَجُلٍ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ يَعْنِي ثَلَاثًا ثُمَّ سَكِرَ فَإِنْ لَمْ أَقْتُلْهُ فَأَنَا كَذَّابٌ وَهَذَا مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ الْحَسَنَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو كَمَا جزم بِهِ بن الْمَدِينِيِّ وَغَيْرُهُ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ وَإِذَا لَمْ يَصح هَذَا عَن عبد الله بن عَمْرٍو لَمْ يَبْقَ لِمَنْ رَدَّ الْإِجْمَاعَ عَلَى تَرْكِ الْقَتْلِ مُتَمَسَّكٌ حَتَّى وَلَوْ ثَبَتَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو لَكَانَ عُذْرُهُ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّسْخُ وَعُدَّ ذَلِكَ مِنْ نُزْرَةِ الْمُخَالِفِ وَقَدْ جَاءَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَشَدُّ مِنَ الْأَوَّلِ فَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْهُ بِسَنَدٍ لَيِّنٍ قَالَ لَوْ رَأَيْتُ أَحَدًا يَشْرَبُ الْخَمْرَ وَاسْتَطَعْتُ أَنْ أَقْتُلَهُ لَقَتَلْتُهُ.

.
وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِ مَنِ انْتَصَرَ لِابْنِ حَزْمٍ فَطَعَنَ فِي النَّسْخِ بِأَنَّ مُعَاوِيَةَ إِنَّمَا أَسْلَمَ بَعْدَ الْفَتْحُ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَحَادِيثِ غَيْرِهِ الدَّالَّةِ عَلَى نَسْخِهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ ذَلِكَ مُتَأَخِّرٌ عَنْهُ وَجَوَابُهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ أَسْلَمَ قَبْلَ الْفَتْح وَقيل فِي الْفَتْح وقصة بن النُّعَيْمَانِ كَانَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ عُقْبَةَ بْنَ الْحَارِثِ حَضَرَهَا إِمَّا بِحُنَيْنٍ وَإِمَّا بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ إِنَّمَا أَسْلَمَ فِي الْفَتْحِ وَحُنَيْنٍ وَحُضُورُ عُقْبَةَ إِلَى الْمَدِينَةِ كَانَ بَعْدَ الْفَتْحِ جَزْمًا فَثَبَتَ مَا نَفَاهُ هَذَا الْقَائِلُ وَقَدْ عَمِلَ بِالنَّاسِخِ بَعْضُ الصَّحَابَةِ فَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ بِسَنَدٍ لَيِّنٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ جلد أَبَا محجن الثَّقَفِيّ فِي الْخمر ثَمَان مِرَارٍ وَأَوْرَدَ نَحْوَ ذَلِكَ عَنْسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاٍص وَأَخْرَجَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ فِي مُصَنَّفِهِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى رِجَالُهَا ثِقَاتٌ أَنَّ عُمَرَ جَلَدَ أَبَا مِحْجَنٍ فِي الْخَمْرِ أَرْبَعَ مِرَارٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَنْتَ خَلِيعٌ فَقَالَ أَمَّا إِذْ خَلَّعْتَنِي فَلَا أَشْرَبُهَا أَبَدًا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( .

     قَوْلُهُ  بَابٌ مَا يُكْرَهُ مِنْ لَعْنِ شَارِبِ الْخَمْرِ)

وَأَنَّهُ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنَ الْمِلَّةِ يُشِيرُ إِلَى طَرِيقِ الْجَمْعِ بَيْنَ مَا تَضَمَّنَهُ حَدِيثُ الْبَابِ مِنَ النَّهْيِ عَنْ لَعْنِهِ وَمَا تَضَمَّنَهُ حَدِيثُ الْبَابِ الْأَوَّلِ لَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ نَفْيُ كَمَالِ الْإِيمَانِ لَا أَنَّهُ يَخْرُجُ عَنِ الْإِيمَانِ جُمْلَةً وَعَبَّرَ بِالْكَرَاهَةِ هُنَا إِشَارَةً إِلَى أَنَّ النَّهْيَ لِلتَّنْزِيهِ فِي حَقِّ مَنْ يَسْتَحِقُّ اللَّعْنَ إِذَا قَصَدَ بِهِ اللَّاعِنُ مَحْضَ السَّبِّ لَا إِذَا قَصَدَ مَعْنَاهُ الْأَصْلِيَّ وَهُوَ الْإِبْعَادُ عَنْ رَحْمَةِ اللَّهِ فَأَمَّا إِذَا قَصَدَهُ فَيَحْرُمُ وَلَا سِيَّمَا فِي حَقِّ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ اللَّعْنَ كَهَذَا الَّذِي يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا سِيَّمَا مَعَ إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ بَلْ يُنْدَبُ الدُّعَاءُ لَهُ بِالتَّوْبَةِ وَالْمَغْفِرَةِ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ثَانِي حَدِيثَيِ الْبَابِ وَبِسَبَبِ هَذَا التَّفْصِيلِ عَدَلَ عَنْ قَوْلِهِ فِي التَّرْجَمَةِ كَرَاهِيَةَ لَعْنِ شَارِبِ الْخَمْرِ إِلَى قَوْلِهِ مَا يُكْرَهُ مِنْ فَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى التَّفْصِيلِ وَعَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِمَنْعِ لَعْنِ الْفَاسِقِ الْمُعَيَّنِ مُطْلَقًا وَقِيلَ إِنَّ الْمَنْعَ خَاصٌّ بِمَا يَقَعُ فِي حَضْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ الشَّارِبُ عِنْدَ عَدَمِ الْإِنْكَارِ أَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِذَلِكَ فَرُبَّمَا أَوْقَعَ الشَّيْطَانُ فِي قَلْبِهِ مَا يَتَمَكَّنُ بِهِ مِنْ فَتْنِهِ وَإِلَى ذَلِكَ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا تَكُونُوا عَوْنَ الشَّيْطَانِ عَلَى أَخِيكُمْ وَقِيلَ الْمَنْعُ مُطْلَقًا فِي حَقِّ مَنْ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ لِأَنَّ الْحَدَّ قَدْ كَفَّرَ عَنْهُ الذَّنْبَ الْمَذْكُورَ وَقِيلَ الْمَنْعُ مُطْلَقًا فِي حَقِّ ذِي الزَّلَّةِ وَالْجَوَازُ مُطْلَقًا فِي حَقِّ الْمُجَاهِرِينَ وَصَوَّبَ بن الْمُنِيرِ أَنَّ الْمَنْعَ مُطْلَقًا فِي حَقِّ الْمُعَيَّنِ وَالْجَوَازَ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ لِأَنَّهُ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ زَجْرٌ عَنْ تَعَاطِي ذَلِكَ الْفِعْلِ وَفِي حَقِّ الْمُعَيَّنِ أَذًى لَهُ وَسَبٌّ وَقَدْ ثَبَتَ النَّهْيُ عَنْ أَذَى الْمُسْلِمِ وَاحْتَجَّ مَنْ أَجَازَ لَعْنَ الْمُعَيَّنِ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا لَعَنَ مَنْ يَسْتَحِقُّ اللَّعْنَ فَيَسْتَوِي الْمُعَيَّنُ وَغَيْرُهُ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ إِنَّمَا يَسْتَحِقُّ اللَّعْنَ بِوَصْفِ الْإِبْهَامِ وَلَوْ كَانَ لَعْنُهُ قَبْلَ الْحَدِّ جَائِزًا لَاسْتَمَرَّ بَعْدَ الْحَدِّ كَمَا لَا يَسْقُطُ التَّغْرِيبُ بِالْجَلْدِ وَأَيْضًا فَنَصِيبُ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ مِنْ ذَلِكَ يَسِيرٌ جِدًّا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ.

.
وَأَمَّا الدُّعَاءُ عَلَى إِنْسَانٍ بِعَيْنِهِ مِمَّنِ اتَّصَفَ بِشَيْءٍ مِنَ الْمَعَاصِي فَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ وَأَشَارَ الْغَزَالِيُّ إِلَى تَحْرِيمِهِ.

     وَقَالَ  فِي بَابِ الدُّعَاءِ عَلَى الظَّلَمَةِ بَعْدَ أَنْ أَوْرَدَ أَحَادِيثَ صَحِيحَةً فِي الْجَوَازِ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَفِي مَعْنَى اللَّعْنِ الدُّعَاءُ عَلَى الْإِنْسَانِ بِالسُّوءِ حَتَّى عَلَى الظَّالِمِ مِثْلَ لَا أَصَحَّ اللَّهُ جِسْمَهُ وَكُلُّ ذَلِكَ مَذْمُومٌ انْتَهَى وَالْأَوْلَى حَمْلُ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ عَلَى الْأَوَّلِ.

.
وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ فَتَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ كَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلَّذِي قَالَ كُلْ بِيَمِينِكَ فَقَالَ لَا أَسْتَطِيعُ فَقَالَ لَا اسْتَطَعْتَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازُ الدُّعَاءِ عَلَى مَنْ خَالَفَ الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ وَمَالَ هُنَا إِلَى الْجَوَازِ قَبْلَ إِقَامَةِ الْحَدِّ وَالْمَنْعِ بَعْدَ إِقَامَتِهِ وَصَنِيعُ الْبُخَارِيِّ يَقْتَضِي لَعْنَ الْمُتَّصِفِ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعَيَّنَ بِاسْمِهِ فَيُجْمَعُ بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ لِأَنَّ لَعْنَ الْمُعَيَّنِ وَالدُّعَاءَ عَلَيْهِ قَدْ يَحْمِلُهُ عَلَى التَّمَادِي أَوْ يُقَنِّطُهُ مِنْ قَبُولِ التَّوْبَةِ بِخِلَافِ مَا إِذَا صَرَفَ ذَلِكَ إِلَى الْمُتَّصِفِ فَإِنَّ فِيهِ زَجْرًا وَرَدْعًا عَنِ ارْتِكَابِ ذَلِكَ وَبَاعِثًا لِفَاعِلِهِ عَلَى الْإِقْلَاعِ عَنْهُ ويقويه النَّهْي عَن التئزيب عَلَى الْأَمَةِ إِذَا جُلِدَتْ عَلَى الزِّنَا كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا وَاحْتَجَّ شَيْخُنَا الْإِمَامُ الْبُلْقِينِيُّ عَلَى جَوَازِ لَعْنِ الْمُعَيَّنِ بِالْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِي الْمَرْأَةِ إِذَا دَعَاهَا زَوْجُهَا إِلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ وَهُوَ فِي الصَّحِيحِ وَقَدْ تَوَقَّفَ فِيهِ بَعْضُ مَنْ لَقِينَاهُ بِأَنَّ اللَّاعِنَ لَهَا الْمَلَائِكَةُ فَيَتَوَقَّفُ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ عَلَى جَوَازِ التَّأَسِّي بِهِمْ وَعَلَى التَّسْلِيمِ فَلَيْسَ فِي الْخَبَرِ تَسْمِيَتُهَا وَالَّذِي قَالَهُ شَيْخُنَا أَقْوَى فَإِنَّ الْمَلَكَ مَعْصُومٌ وَالتَّأَسِّي بِالْمَعْصُومِ مَشْرُوعٌ وَالْبَحْثُ فِي جَوَازِ لَعْنِ الْمُعَيَّنِ وَهُوَ الْمَوْجُودُ

[ قــ :6427 ... غــ :6780] .

     قَوْلُهُ  إِنَّ رَجُلًا كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ مِنْ مَغَازِيهِ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ وَوُجِدَ فِي حِصْنِ الصَّعْبِ بْنِ مَعَاذٍ فَذَكَرَ مَا وُجِدَ مِنَ الثِّيَابِ وَغَيْرِهَا إِلَى أَنْ قَالَ وَزِقَاقُ خَمْرٍ فَأُرِيقَتْ وَشَرِبَ يَوْمئِذٍ مِنْ تِلْكَ الْخَمْرِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ الْحِمَارُ وَهُوَ بِاسْمِ الْحَيَوَانِ الْمَشْهُورِ وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ أَنَّ الْأَوَّلَ اسْمه وَالثَّانِي لقبه وَجوز بن عبد الْبر أَنه بن النُّعَيْمَانِ الْمُبْهَمُ فِي حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ فَقَالَ فِي تَرْجَمَةِ النُّعَيْمَانِ كَانَ رَجُلًا صَالِحًا وَكَانَ لَهُ بن انْهَمَكَ فِي الشَّرَابِ فَجَلَدَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ كُلٌّ مِنَ النُّعَيْمَانِ وَوَلَدِهِ عَبْدِ اللَّهِ جُلِدَ فِي الشُّرْبِ وَقَوِيَ هَذَا عِنْدَهُ بِمَا أَخْرَجَهُ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ فِي الْفَاكِهَةِ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَالَ كَانَ بِالْمَدِينَةِ رَجُلٌ يُصِيبُ الشَّرَابَ فَكَانَ يُؤْتَى بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَضْرِبُهُ بِنَعْلِهِ وَيَأْمُرُ أَصْحَابَهُ فَيَضْرِبُونَهُ بِنِعَالِهِمْ وَيَحْثُونَ عَلَيْهِ التُّرَابَ فَلَمَّا كَثُرَ ذَلِكَ مِنْهُ قَالَ لَهُ رَجُلٌ لَعَنَكَ اللَّهُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَفْعَلْ فَإِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَحَدِيثُ عُقْبَةَ اخْتَلَفَ أَلْفَاظ ناقليه هَل الشَّارِب النعيمان أَو بن النُّعَيْمَانِ وَالرَّاجِحُ النُّعَيْمَانُ فَهُوَ غَيْرُ الْمَذْكُورِ هُنَا لِأَنَّ قِصَّةَ عَبْدِ اللَّهِ كَانَتْ فِي خَيْبَرَ فَهِيَ سَابِقَةٌ عَلَى قِصَّةِ النُّعَيْمَانِ فَإِنَّ عُقْبَةَ بْنَ الْحَارِثِ مِنْ مُسْلِمَةِ الْفَتْحِ وَالْفَتْحُ كَانَ بَعْدَ خَيْبَرَ بِنَحْوٍ مِنْ عِشْرِينَ شَهْرًا وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ الْمَذْكُورُ فِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ لِأَنَّ عُقْبَةَ بْنَ الْحَارِثِ مِمَّنْ شَهِدَهَا مِنْ مُسْلِمَةِ الْفَتْحِ لَكِنْ فِي حَدِيثِهِ أَنَّ النُّعَيْمَانَ ضُرِبَ فِي الْبَيْتِ وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ أَنَّهُ أُتِيَ بِهِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ رَحْلِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّهُ أَطْلَقَ عَلَى رَحْلِ خَالِدٍ بَيْتًا فَكَأَنَّهُ كَانَ بَيْتًا مِنْ شَعْرٍ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ الَّذِي فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ لِأَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ بَكِّتُوهُ كَمَا تَقَدَّمَ .

     قَوْلُهُ  وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ يَقُولُ بِحَضْرَتِهِ أَوْ يَفْعَلُ مَا يَضْحَكُ مِنْهُ وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو يَعْلَى مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ بِسَنَدِ الْبَابِ أَنَّ رَجُلًا كَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا وَكَانَ يُهْدِي لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعُكَّةَ مِنَ السَّمْنِ وَالْعَسَلِ فَإِذَا جَاءَ صَاحِبُهُ يَتَقَاضَاهُ جَاءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَعْطِ هَذَا مَتَاعَهُ فَمَا يَزِيدُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يتبسم وَيَأْمُرَ بِهِ فَيُعْطَى وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ بَعْدَ قَوْلِهِ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قَالَ وَكَانَ لَا يَدْخُلُ إِلَى الْمَدِينَةِ طَرْفَةً إِلَّا اشْتَرَى مِنْهَا ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ يَا رَسُول الله هَذَا أهديته لَك فَإِذا جَاءَ صَاحبه يطْلب ثَمَنَهُ جَاءَ بِهِ فَقَالَ أَعْطِ هَذَا الثَّمَنَ فَيَقُولُ أَلَمْ تُهْدِهِ إِلَيَّ فَيَقُول لَيْسَ عِنْدِي فَيَضْحَكُ وَيَأْمُرُ لِصَاحِبِهِ بِثَمَنِهِ وَهَذَا مِمَّا يُقَوِّي أَنَّ صَاحِبَ التَّرْجَمَةِ وَالنُّعَيْمَانَ وَاحِدٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  قَدْ جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ أَيْ بِسَبَبِ شربه الشَّرَاب الْمُسكر وَكَانَ فِيهِ مُضْمَرَةٌ أَيْ كَانَ قَدْ جَلَدَهُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ بِسَنَدِهِ هَذَا عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَحُدَّ ثُمَّ أُتِيَ بِهِ فَحُدَّ ثُمَّ أُتِيَ بِهِ فَحُدَّ ثُمَّ أُتِيَ بِهِ فَحُدَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ .

     قَوْلُهُ  فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا فَذَكَرَ سُفْيَانُ الْيَوْمَ الَّذِي أُتِيَ بِهِ فِيهِ وَالشَّرَابَ الَّذِي شَرِبَهُ مِنْ عِنْد الْوَاقِدِيِّ وَوَقَعَ فِي رِوَايَتِهِ وَكَانَ قَدْ أُتِيَ بِهِ فِي الْخَمْرِ مِرَارًا .

     قَوْلُهُ  فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ فِي رِوَايَةِ الْوَاقِدِيِّ فَأَمَرَ بِهِ فَخُفِقَ بِالنِّعَالِ وَعَلَى هَذَا فَ.

     قَوْلُهُ  فَجُلِدَ أَيْ ضُرِبَ ضَرْبًا أَصَابَ جِلْدَهُ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ الْمَذْكُورُ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ لَمْ أَرَ هَذَا الرَّجُلَ مُسَمًّى وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ الْمَذْكُورَةِ فَقَالَ رَجُلٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ رَأَيْتُهُ مُسَمًّى فِي رِوَايَةِ الْوَاقِدِيِّ فَعِنْدَهُ فَقَالَ عُمَرُ .

     قَوْلُهُ  مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ فِي رِوَايَةِ الْوَاقِدِيِّ مَا يُضْرَبُ وَفِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ مَا أَكْثَرَ مَا يَشْرَبُ وَمَا أَكْثَرَ مَا يُجْلَدُ .

     قَوْلُهُ  لَا تَلْعَنُوهُ فِي رِوَايَةِ الْوَاقِدِيِّ لَا تَفْعَلْ يَا عُمَرُ وَهَذَا قَدْ يَتَمَسَّكُ بِهِ مَنْ يَدَّعِي اتِّحَادَ الْقِصَّتَيْنِ وَهُوَ بَعِيدٌ لِمَا بَيَّنْتُهُ مِنِ اخْتِلَافِ الْوَقْتَيْنِ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ للنعيمان وَلابْن النعيمان وَأَن اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَلَقَبُهُ حِمَارٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ أَنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَيَجُوزُ عَلَى رِوَايَة بن السَّكَنِ الْفَتْحُ وَالْكَسْرُ.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمُ الرِّوَايَةُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ عَلَى أَنَّ مَا نَافِيَةٌ يُحِيلُ الْمَعْنَى إِلَى ضِدِّهِ وَأَغْرَبَ بَعْضُ شُرَّاحِ الْمَصَابِيحِ فَقَالَ مَا مَوْصُولَةٌ وَإِنَّ مَعَ اسْمِهَا وَخَبَرِهَا سَدَّتْ مَسَدَّ مَفْعُولَيْ عَلِمْتُ لِكَوْنِهِ مُشْتَمِلًا عَلَى الْمَنْسُوبِ وَالْمَنْسُوبِ إِلَيْهِ وَالضَّمِيرُ فِي أَنَّهُ يَعُودُ إِلَى الْمَوْصُولِ وَالْمَوْصُولُ مَعَ صِلَتِهِ خَبَرُ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ هُوَ الَّذِي عَلِمْتُ وَالْجُمْلَةُ فِي جَوَابِ الْقَسَمِ قَالَ الطِّيبِيُّ وَفِيهِ تَعَسُّفٌ.

     وَقَالَ  صَاحِبُ الْمَطَالِعِ مَا مَوْصُولَةٌ وَإِنَّهُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ مُبْتَدَأٌ وَقِيلَ بِفَتْحِهَا وَهُوَ مَفْعُولُ عَلِمْتُ قَالَ الطِّيبِيُّ فَعَلَى هَذَا عَلِمْتُ بِمَعْنَى عَرَفْتُ وَإِنَّهُ خَبَرُ الْمَوْصُولِ.

     وَقَالَ  أَبُو الْبَقَاءِ فِي إِعْرَابِ الْجمع مَا زَائِدَة أَي فو الله عَلِمْتُ أَنَّهُ وَالْهَمْزَةُ عَلَى هَذَا مَفْتُوحَةٌ قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَفْعُولُ مَحْذُوفًا أَيْ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ أَوْ فِيهِ سُوءًا ثُمَّ اسْتَأْنَفَ فَقَالَ إِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَنُقِلَ عَنْ رِوَايَة بن السَّكَنِ أَنَّ التَّاءَ بِالْفَتْحِ لِلْخِطَابِ تَقْرِيرًا وَيَصِحُّ عَلَى هَذَا كَسْرُ الْهَمْزَةِ وَفَتْحُهَا وَالْكَسْرُ عَلَى جَوَابِ الْقَسَمِ وَالْفَتْحُ مَعْمُولُ عَلِمْتُ وَقِيلَ مَا زَائِدَةٌ لِلتَّأْكِيدِ وَالتَّقْدِيرُ لَقَدْ عَلِمْتُ.

.

قُلْتُ وَقَدْ حَكَى فِي الْمَطَالِع أَنَّ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ فَوَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ وَعَلَى هَذَا فَالْهَمْزَةُ مَفْتُوحَةٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مَا مَصْدَرِيَّةً وَكُسِرَتْ إِنَّ لِأَنَّهَا جَوَابُ الْقَسَمِ قَالَ الطِّيبِيُّ وَجَعْلُ مَا نَافِيَةً أَظْهَرُ لِاقْتِضَاءِ الْقَسَمِ أَنْ يَلْتَقِيَ بِحَرْفِ النَّفْي وَبَان وباللام بِخِلَاف الْمَوْصُولَةِ وَلِأَنَّ الْجُمْلَةَ الْقَسَمِيَّةَ جِيءَ بِهَا مُؤَكِّدَةً لِمَعْنَى النَّفْيِ مُقَرِّرَةً لِلْإِنْكَارِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ وَقَعَ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فَمَعْنَى الْحَصْرِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِمَنْزِلَةِ تَاءِ الْخِطَابِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى لِإِرَادَةِ مَزِيدِ الْإِنْكَارِ عَلَى الْمُخَاطَبِ.

.

قُلْتُ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ عَنِ الْكُشْمِيهَنِيٍّ مِثْلَ مَا عَزَاهُ لِشَرْحِ السُّنَّةِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ أَنَّهُ لَيُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَصِحُّ مَعَهُ أَنْ تَكُونَ مَا زَائِدَةً وَأَنْ تَكُونَ ظرفية أَي مُدَّة على وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ وَالْوَاقِدِيِّ فَإِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَلَا إِشْكَالَ فِيهَا لِأَنَّهَا جَاءَتْ تَعْلِيلًا لِقَوْلِهِ لَا تَفْعَلْ يَا عُمَرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ جَوَازُ التَّلْقِيبِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهِ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ وَهُوَ مَحْمُولٌ هُنَا عَلَى أَنَّهُ كَانَ لَا يَكْرَهُهُ أَوْ أَنَّهُ ذُكِرَ بِهِ عَلَى سَبِيلِ التَّعْرِيفِ لِكَثْرَةِ مَنْ كَانَ يُسَمَّى بِعَبْدِ اللَّهِ أَوْ أَنَّهُ لَمَّا تَكَرَّرَ مِنْهُ الْإِقْدَامُ عَلَى الْفِعْلِ الْمَذْكُورِ نُسِبَ إِلَى الْبَلَادَةِ فَأُطْلِقَ عَلَيْهِ اسْمُ مَنْ يَتَّصِفُ بِهَا لِيَرْتَدِعَ بِذَلِكَ وَفِيهِ الرَّدُّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُرْتَكِبَ الْكَبِيرَةِ كَافِرٌ لِثُبُوتِ النَّهْيِ عَنْ لَعْنِهِ وَالْأَمْرِ بِالدُّعَاءِ لَهُ وَفِيهِ أَنْ لَا تَنَافِيَ بَيْنَ ارْتِكَابِ النَّهْيِ وَثُبُوتِ مَحَبَّةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فِي قَلْبِ الْمُرْتَكِبِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ بِأَنَّ الْمَذْكُورَ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مَعَ وُجُودِ مَا صَدَرَ مِنْهُ وَأَنَّ مَنْ تَكَرَّرَتْ مِنْهُ الْمَعْصِيَةُ لَا تُنْزَعُ مِنْهُ مَحَبَّةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ تَأْكِيدُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ نَفْيَ الْإِيمَانِ عَنْ شَارِبِ الْخَمْرِ لَا يُرَادُ بِهِ زَوَالُهُ بِالْكُلِّيَّةِ بَلْ نَفْيُ كَمَالِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ اسْتِمْرَارُ ثُبُوتِ مَحَبَّةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فِي قَلْبِ الْعَاصِي مُقَيَّدًا بِمَا إِذَا نَدِمَ عَلَى وُقُوعِ الْمَعْصِيَةِ وَأُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ فَكَفَّرَ عَنْهُ الذَّنْبَ الْمَذْكُورَ بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُخْشَى عَلَيْهِ بِتَكْرَارِ الذَّنْبِ أَنْ يُطْبَعَ عَلَى قَلْبِهِ شَيْءٌ حَتَّى يُسْلَبَ مِنْهُ ذَلِكَ نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ وَفِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى نَسْخِ الْأَمْرِ الْوَارِدِ بِقَتْلِ شَارِبِ الْخَمْرِ إِذَا تَكَرَّرَ مِنْهُ إِلَى الرَّابِعَةِ أَوِ الْخَامِسَةِ فَقَدْ ذَكَرَ بن عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّهُ أُتِيَ بِهِ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ مَرَّةً وَالْأَمْرُ الْمَنْسُوخُ أَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ حَرْمَلَةَ عَنْهُ وَأَبُو دَاوُدَ وَأَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ والدارمي وبن الْمُنْذر وَصَححهُ بن حبَان كُلُّهُمْ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ إِذَا سَكِرَ فَاجْلِدُوهُ ثُمَّ إِذَا سَكِرَ فَاجْلِدُوهُ ثُمَّ إِذَا سَكِرَ فَاجْلِدُوهُ ثُمَّ إِذَا سَكِرَ فَاقْتُلُوهُ وَلِبَعْضِهِمْ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ وَلَهُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْرَجَهَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ تَعْلِيقًا وَالنَّسَائِيُّ كُلُّهُمْ مِنْ رِوَايَةِ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْهُ بِلَفْظِ إِذَا شَرِبُوا فَاجْلِدُوهُمْ ثَلَاثًا فَإِذَا شَرِبُوا الرَّابِعَةَ فَاقْتُلُوهُمْ وَرُوِيَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ فَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْهُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَن أبي سعيد كَذَا أخرجه بن حِبَّانَ مِنْ رِوَايَةِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنِ أَبِي بَكْرِ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ عَنْهُ فَقَالَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بَدَلَ أَبِي سَعِيدٍ وَهُوَ الْمَحْفُوظُ وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ رِوَايَةِ أَبَانَ الْعَطَّارِ عَنْهُ وَتَابَعَهُ الثَّوْرِيُّ وَشَيْبَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَغَيْرُهُمَا عَنْ عَاصِمٍ وَلَفْظُ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَاصِمٍ ثُمَّ إِنْ شَرِبَ الرَّابِعَةَ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبَانَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ ثُمَّ إِنْ شَرِبُوا فَاجْلِدُوهُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بَعْدَ الْأُولَى ثُمَّ قَالَ إِنْ شَرِبُوا فَاقْتُلُوهُمْ ثُمَّ سَاقَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ حُمَيْدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ بن عُمَرَ قَالَ وَأَحْسَبُهُ قَالَ فِي الْخَامِسَةِ ثُمَّ إِنْ شَرِبَهَا فَاقْتُلُوهُ قَالَ وَكَذَا فِي حَدِيثِ عطيف فِي الْخَامِسَةِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَفِي رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ وَسُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الرَّابِعَةِ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ بن أبي نعيم عَن بن عُمَرَ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَالشَّرِيدِ وَفِي رِوَايَةِ مُعَاوِيَةَ فَإِنْ عَادَ فِي الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ فَاقْتُلُوهُ.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيُّ بَعْدَ تَخْرِيجِهِ وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالشَّرِيدِ وَشُرَحْبِيلَ بْنِ أَوْسٍ وَأَبِي الرَّمْدَاءِ وَجَرِيرٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو.

.

قُلْتُ وَقَدْ ذَكَرْتُ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ.

.
وَأَمَّا حَدِيثُ الشريد وَهُوَ بن أَوْسٍ الثَّقَفِيُّ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالدَّارِمِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ بِلَفْظِ إِذَا شَرِبَ فَاضْرِبُوهُ.

     وَقَالَ  فِي آخِرِهِ ثُمَّ إِنْ عَادَ الرَّابِعَةَ فَاقْتُلُوهُ.

.
وَأَمَّا حَدِيثُ شُرَحْبِيلَ وَهُوَ الْكِنْدِيُّ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ وَالطَّبَرَانِيّ وبن مَنْدَهْ فِي الْمَعْرِفَةِ وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ نَحْوَ رِوَايَةِ الَّذِي قَبْلَهُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ.

.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي الرَّمْدَاءِ وَهُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْمِيمِ بَعْدَهَا دَالٌ مُهْمَلَةٌ وَبِالْمَدِّ وَقِيلَ بموحدة ثمَّ ذال مُعْجمَة وَهُوَ يدْرِي نزل مصر فَأخْرجهُ الطَّبَرَانِيّ وبن مندة وَفِي سَنَده بن لَهِيعَةَ وَفِي سِيَاقِ حَدِيثِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِالَّذِي شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الرَّابِعَةِ أَنْ تُضْرَبَ عُنُقُهُ فَضُرِبَتْ فَأَفَادَ أَنَّ ذَلِكَ عُمِلَ بِهِ قَبْلَ النَّسْخِ فَإِنْ ثَبَتَ كَانَ فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يُعْمَلْ بِهِ.

.
وَأَمَّا حَدِيثُ جَرِيرٍ فَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْحَاكِمُ وَلَفْظُهُ مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ.

     وَقَالَ  فِيهِ فَإِنْ عَادَ فِي الرَّابِعَةِ فَاقْتُلُوهُ.

.
وَأَمَّا حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ مِنْ وَجْهَيْنِ عَنْهُ وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا مَقَالٌ فَفِي رِوَايَةِ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْهُ فَإِنْ شَرِبَهَا الرَّابِعَةَ فَاقْتُلُوهُ قُلْت وَرُوِّينَاهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَيْضًا كَمَا تقدم وَعَن بن عُمَرَ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَن بن أبي نعيم عَن بن عُمَرَ وَنَفَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ بِنَحْوِهِ وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مَوْصُولا من طَرِيق عِيَاض بن عطيف عَنْ أَبِيهِ وَفِيهِ فِي الْخَامِسَةِ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ أَبُو دَاوُدَ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ تَعْلِيقًا وَالْبَزَّارُ وَالشَّافِعِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ مَوْصُولًا مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالْخَطِيبُ فِي المبهمات من وَجْهَيْن أخرين عَن بن الْمُنْكَدِرِ وَفِي رِوَايَةِ الْخَطِيبِ جَلَدَ وَلِلْحَاكِمِ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي كَبْشَةَ سَمِعْتُ رَجُلًا مِنَ الصَّحَابَةِ يُحَدِّثُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ رَفَعَهُ بِنَحْوِهِ ثُمَّ إِنْ عَادَ فِي الرَّابِعَةِ فَاقْتُلُوهُ وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ بن الْمُنْكَدِرِ مُرْسَلًا وَفِيهِ أُتِيَ بِابْنِ النُّعَيْمَانِ بَعْدَ الرَّابِعَةِ فَجَلَدَهُ وَأَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عَمْرِو بن الْحَارِث عَن بن الْمُنْكَدِرِ أَنَّهُ بَلَغَهُ وَأَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ إِلَى أَنْ قَالَ ثُمَّ إِذَا شَرِبَ فِي الرَّابِعَةِ فَاقْتُلُوهُ قَالَ فَأُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ فَجَلَدَهُ ثُمَّ أُتِيَ بِهِ قَدْ شَرِبَ فَجَلَدَهُ ثُمَّ أُتِيَ بِهِ وَقَدْ شَرِبَ فَجَلَدَهُ ثُمَّ أُتِيَ بِهِ فِي الرَّابِعَةِ قَدْ شَرِبَ فَجَلَدَهُ فَرَفَعَ الْقَتْلَ عَنِ النَّاسِ وَكَانَتْ رُخْصَةً وَعَلَّقَهُ التِّرْمِذِيُّ فَقَالَ رَوَى الزُّهْرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْخَطِيبُ فِي الْمُبْهَمَاتِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ.

     وَقَالَ  فِيهِ فَأُتِيَ بِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ نُعَيْمَانُ فَضَرَبَهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَرَأَى الْمُسْلِمُونَ أَنَّ الْقَتْلَ قَدْ أُخِّرَ وَأَنَّ الضَّرْبَ قَدْ وَجَبَ وَقَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ مِنْ أَوْلَادِ الصَّحَابَةِ وَوُلِدَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ وَرِجَالُ هَذَا الْحَدِيثِ ثِقَاتٌ مَعَ إِرْسَالِهِ لَكِنَّهُ أُعِلَّ بِمَا أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ بَلَغَنِي عَنْ قَبِيصَةَ وَيُعَارِضُ ذَلِكَ رِوَايَة بن وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ قَبِيصَةَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا أَصَحُّ لِأَنَّ يُونُسَ أَحْفَظُ لِرِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ مِنَ الْأَوْزَاعِيِّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الَّذِي بَلَّغَ قَبِيصَةَ ذَلِكَ صَحَابِيٌّ فَيَكُونُ الْحَدِيثُ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ لِأَنَّ إِبْهَامَ الصَّحَابِيِّ لَا يَضُرُّ وَلَهُ شَاهِدٌ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ حدثت بِهِ بن الْمُنْكَدِرِ فَقَالَ تُرِكَ ذَلِكَ قَدْ أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِابْنِ نُعَيْمَانَ فَجَلَدَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ أُتِيَ بِهِ فِي الرَّابِعَةِ فجلده وَلم يزدْ وَوَقَعَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاق عَن بن الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ مِنَّا قَدْ شَرِبَ فِي الرَّابِعَةِ فَلَمْ يَقْتُلْهُ وَأَخْرَجَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بِلَفْظِ فَإِنْ عَادَ الرَّابِعَةَ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ فَضَرَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَرَأَى الْمُسْلِمُونَ أَنَّ الْحَدَّ قَدْ وَقَعَ وَأَنَّ الْقَتْلَ قَدْ رُفِعَ قَالَ الشَّافِعِيُّ بَعْدَ تَخْرِيجِهِ هَذَا مَا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلِمْتُهُ وَذَكَرَهُ أَيْضًا عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ مُرْسَلًا.

     وَقَالَ  أَحَادِيثُ الْقَتْلِ مَنْسُوخَةٌ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ رِوَايَة بن أبي ذِئْب حَدثنِي بن شِهَابٍ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَارِبٍ فَجَلَدَهُ وَلَمْ يَضْرِبْ عُنُقَهُ.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيُّ لَا نَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي هَذَا اخْتِلَافًا فِي الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ قَالَ وَسَمِعْتُ مُحَمَّدًا يَقُولُ حَدِيثُ مُعَاوِيَةَ فِي هَذَا أَصَحُّ وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ ثُمَّ نُسِخَ بَعْدُ.

     وَقَالَ  فِي الْعِلَلِ آخِرَ الْكِتَابِ جَمِيعُ مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ قَدْ عَمِلَ بِهِ أَهْلُ الْعِلْمِ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثَ وَحَدِيثَ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي الْحَضَرِ.

.
وَتَعَقَّبَهُ النَّوَوِيُّ فَسَلَّمَ قَوْلَهُ فِي حَدِيثِ الْبَابِ دُونَ الْآخَرِ وَمَالَ الْخَطَّابِيُّ إِلَى تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ فِي الْأَمْرِ بِالْقَتْلِ فَقَالَ قَدْ يَرِدُ الْأَمْرُ بِالْوَعِيدِ وَلَا يُرَادُ بِهِ وُقُوعُ الْفِعْلِ وَإِنَّمَا قُصِدَ بِهِ الرَّدْعُ وَالتَّحْذِيرُ ثُمَّ قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْقَتْلُ فِي الْخَامِسَةِ كَانَ وَاجِبًا ثُمَّ نُسِخَ بِحُصُولِ الْإِجْمَاعِ مِنَ الْأُمَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ وَأما بن الْمُنْذِرِ فَقَالَ كَانَ الْعَمَلُ فِيمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ أَنْ يُضْرَبَ وَيُنَكَّلَ بِهِ ثُمَّ نُسِخَ بِالْأَمْرِ بِجَلْدِهِ فَإِنْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ أَرْبَعًا قُتِلَ ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِالْأَخْبَارِ الثَّابِتَةِ وَبِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَّا مَنْ شَذَّ مِمَّنْ لَا يُعَدُّ خِلَافُهُ خِلَافًا.

.

قُلْتُ وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى بَعْضِ أَهْلِ الظَّاهِرِ فَقَدْ نُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ وَاسْتَمَرَّ عَلَيْهِ بن حَزْمٍ مِنْهُمْ وَاحْتَجَّ لَهُ وَادَّعَى أَنْ لَا إِجْمَاعَ وَأَوْرَدَ مِنْ مُسْنَدِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ مَا أَخْرَجَهُ هُوَ وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ قَالَ ائْتُونِي بِرَجُلٍ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ يَعْنِي ثَلَاثًا ثُمَّ سَكِرَ فَإِنْ لَمْ أَقْتُلْهُ فَأَنَا كَذَّابٌ وَهَذَا مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ الْحَسَنَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو كَمَا جزم بِهِ بن الْمَدِينِيِّ وَغَيْرُهُ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ وَإِذَا لَمْ يَصح هَذَا عَن عبد الله بن عَمْرٍو لَمْ يَبْقَ لِمَنْ رَدَّ الْإِجْمَاعَ عَلَى تَرْكِ الْقَتْلِ مُتَمَسَّكٌ حَتَّى وَلَوْ ثَبَتَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو لَكَانَ عُذْرُهُ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّسْخُ وَعُدَّ ذَلِكَ مِنْ نُزْرَةِ الْمُخَالِفِ وَقَدْ جَاءَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَشَدُّ مِنَ الْأَوَّلِ فَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْهُ بِسَنَدٍ لَيِّنٍ قَالَ لَوْ رَأَيْتُ أَحَدًا يَشْرَبُ الْخَمْرَ وَاسْتَطَعْتُ أَنْ أَقْتُلَهُ لَقَتَلْتُهُ.

.
وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِ مَنِ انْتَصَرَ لِابْنِ حَزْمٍ فَطَعَنَ فِي النَّسْخِ بِأَنَّ مُعَاوِيَةَ إِنَّمَا أَسْلَمَ بَعْدَ الْفَتْحُ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَحَادِيثِ غَيْرِهِ الدَّالَّةِ عَلَى نَسْخِهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ ذَلِكَ مُتَأَخِّرٌ عَنْهُ وَجَوَابُهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ أَسْلَمَ قَبْلَ الْفَتْح وَقيل فِي الْفَتْح وقصة بن النُّعَيْمَانِ كَانَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ عُقْبَةَ بْنَ الْحَارِثِ حَضَرَهَا إِمَّا بِحُنَيْنٍ وَإِمَّا بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ إِنَّمَا أَسْلَمَ فِي الْفَتْحِ وَحُنَيْنٍ وَحُضُورُ عُقْبَةَ إِلَى الْمَدِينَةِ كَانَ بَعْدَ الْفَتْحِ جَزْمًا فَثَبَتَ مَا نَفَاهُ هَذَا الْقَائِلُ وَقَدْ عَمِلَ بِالنَّاسِخِ بَعْضُ الصَّحَابَةِ فَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ بِسَنَدٍ لَيِّنٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ جلد أَبَا محجن الثَّقَفِيّ فِي الْخمر ثَمَان مِرَارٍ وَأَوْرَدَ نَحْوَ ذَلِكَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاٍص وَأَخْرَجَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ فِي مُصَنَّفِهِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى رِجَالُهَا ثِقَاتٌ أَنَّ عُمَرَ جَلَدَ أَبَا مِحْجَنٍ فِي الْخَمْرِ أَرْبَعَ مِرَارٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَنْتَ خَلِيعٌ فَقَالَ أَمَّا إِذْ خَلَّعْتَنِي فَلَا أَشْرَبُهَا أَبَدًا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب مَا يُكْرَهُ مِنْ لَعْنِ شَارِبِ الْخَمْرِ وَإِنَّهُ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنَ الْمِلَّةِ
( باب ما يكره من لعن شارب الخمر) بسكون العين والكراهة للتنزيه عند قصد محض السب وللتحريم عند قصد معناه الأصلي وهو الإِبعاد من رحمة الله ( وأنه) أي الشارب ( ليس بخارج) بمعصيته بشربه ( من الملة) الإسلامية فالنفي في حديث لا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن السابق نفي للكمال.


[ قــ :6427 ... غــ : 6780 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنِى اللَّيْثُ، حَدَّثَنِى خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى هِلاَلٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ رَجُلاً عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ، وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَكَانَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ جَلَدَهُ فِى الشَّرَابِ فَأُتِىَ بِهِ يَوْمًا فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: اللَّهُمَّ الْعَنْهُ مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ فَقَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لاَ تَلْعَنُوهُ فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ أَنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ».

وبه قال: ( حدّثنا يحيى بن بكير) بضم الموحدة ويحيى هو ابن عبد الله بن بكير المصري المخزومي قال: ( حدثني) بالإفراد ( الليث) بن سعد الإمام قال: ( حدثني) بالإفراد أيضًا ( خالد بن يزيد) البجلي ( عن سعيد بن أبي هلال) بكسر العين الليثي المدني ( عن زيد بن أسلم عن أبيه) أسلم الحبشي مولى عمر بن الخطاب ( عن عمر بن الخطاب) -رضي الله عنه- ( أن رجلاً كان على عهد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي زمنه ( كان اسمه عبد الله وكان يلقب حمارًا) باسم الحيوان المعروف ( وكان يضحك رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بضم التحتية وسكون الضاد المعجمة وكسر المهملة بأن يفعل أو يقول: في حضرته
المقدسة ما يضحك منه، وعند أبي يعلى من طريق هشام بن سعد عن زيد بن أسلم بسند الباب أن رجلاً كان يلقب حمارًا وكان يهدي لرسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- العكة من السمن والعسل، فإذا جاء صاحبه يتقاضاه جاء به إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: أعط هذا متاعه فما يزيد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على أن يتبسم ويأمر به فيعطى وفي حديث عبد الله بن عمرو بن حزم وكان لا يدخل المدينة طرفة إلا اشترى منها ثم جاء فقال: يا رسول الله هذا أهديته لك فإذا جاء صاحبه يطلب ثمنه.
فقال: اعط هذا الثمن فيقول ألم تهده لي فيقول ليس عندي فيضحك ويأمر لصاحبه بثمنه قال: وقد وقع نحو هذا لنعيمان فيما ذكره الزبير بن بكار في كتاب الفكاهة والمزاح.

( وكان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد جلده في الشراب) أي بسبب شربه الشراب المسكر ( فأتي) بضم الهمزة ( به يومًا) وقد شرب المسكر وكان في غزوة خيبر كما قاله الواقدي ( فأمر) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( به فجلد) وللواقدي فأمر به فخفق بالنعال وحينئذٍ فيكون معنى فجلد أي ضرب ضربًا أصاب جلده ( فقال) ولأبي ذر قال: ( رجل من القوم) وعند الواقدي فقال عمر -رضي الله عنه-: ( اللهم العنه ما أكثر ما يؤتى به) بضم التحتية وفتح الفوقية وما مصدرية أي ما أكثر إتيانه وللواقدي ما أكثر ما يضرب وفي رواية معمر ما أكثر ما يشرب وما أكثر ما يجلد ( فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( لا تلعنوه فوالله ما علمت) أي الذي علمت ( أنه) بفتح همزة أن واسمها الضمير وخبرها ( يحب الله ورسوله) وأن مع اسمها وخبرها سد مسد مفعولي علمت لكونه مشتملاً على المنسوب والمنسوب إليه، والضمير في أنه يعود إلى الموصول والموصول مع صلته خبر مبتدأ محذوف تقديره هو الذي علمت والجملة جواب القسم، قاله المظهري.
قال الطيبي: وفيه تعسف، وقال صاحب المطالع: ما موصولة وأنه بكسر الهمزة مبتدأ وقيل بفتحها وهو مفعول علمت.
قال الطيبي: فعلى هذا علمت بمعنى عرفت وأنه خبر الموصول قال: وجعل ما نافية أظهر لاقتضاء القسم أن يتلقى بحرف النفي وبأن وباللام بخلاف الموصول ولأن الجملة القسمية جيء بها مؤكدة لمعنى النهي مقررة للإنكار، ولأبي ذر عن الكشميهني إلا أنه بزيادة إلا وفتح همزة أنه ولأبي ذر إنه بكسر الهمزة ورواية الكشميهني مؤيدة لقول الطيبي إن جعلت ما نافية الخ كما قال بعد ذلك، ويؤيده أنه وقع في شرح السنة فوالله ما علمت إلا أنه في رواية الواقدي فإنه يحب الله ورسوله ولا إشكال فيها لأنها جاءت تعليلاً لقوله لا تفعل.

وفي الحديث الرد على من زعم أن مرتكب الكبيرة كافر لثبوت النهي عن لعنه وأنه لا تنافي بين ارتكاب النهي وثبوت محبة الله ورسوله في قلب المرتكب لأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أخبر أن المذكور يحب الله ورسوله مع ما صدر منه وكراهة لعن شارب الخمر، وقيل المنع في حق من أقيم عليه الحد لأن الحد كفر عنه الذنب، وقيل المنع مطلقًا في حق ذي الزلة والجواز مطلقًا في حق المهاجرين، وصوّب ابن المنير أن المنع مطلقًا في حق المعين والجواز في حق غير المعين لأنه في حق غير المعين زجر عن تعاطي ذلك الفعل، واحتج الإمام البلقيني على جواز لعن المعين بالحديث الوارد في المرأة
إذا دعاها زوجها إلى فراشه فأبت لعنتها الملائكة حتى تصبح وتعقبه بعضهم بأن اللاعن لها الملائكة فيتوقف الاستدلال به على جواز التأسي بهم، ولئن سلمنا فليس في الحديث تسميتها.
وأجيب: بأن الملك معصوم والتأسي بالمعصوم مشروع.

والحديث من إفراده.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ مَا يُكْرَهُ مِنْ لَعْنِ شارِبِ الخَمْرِ وإنَّهُ لَيْسَ بِخارجٍ مِنَ المِلَّةِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان مَا يكره من لعن شَارِب الْخمر، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَة وَجه التَّوْفِيق بَين حَدِيث الْبابُُ الَّذِي فِيهِ النَّهْي عَن لعن الشَّارِب وَبَين قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يشرب الْخمر وَهُوَ مُؤمن، وَقد مر عَن قريب، وَهُوَ أَن المُرَاد بِحَدِيث: لَا يشرب الْخمر وَهُوَ مُؤمن نفي كَمَال الْإِيمَان لَا أَنه يخرج عَن الْإِيمَان، وَهُوَ معنى قَوْله: ( وَإنَّهُ) أَي: إِن شَارِب الْخمر لَيْسَ بِخَارِج عَن الْملَّة، فَإِذا لم يكن خَارِجا عَن الْملَّة لَا يسْتَحق اللَّعْن.
فَإِن قلت: قد لعن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَارِب الْخمر وَكَثِيرًا من أهل الْمعاصِي مِنْهُم: المصورون وَمن ادّعى إِلَى غير أَبِيه وَغير ذَلِك.

قلت: أَرَادَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، باللعنة الملازمين لَهَا غير التائبين مِنْهَا ليرتدع بذلك من فعلهَا، وَالَّذِي نهى عَن لَعنه هَهُنَا قد كَانَ أَخذ مِنْهُ حد الله تَعَالَى الَّذِي جعله مطهراً لَهُ من الذُّنُوب فَنهى عَن ذَلِك خشيَة أَن يُوقع الشَّيْطَان فِي قلبه أَن من لعن بِحَضْرَتِهِ وَلم يُغير ذَلِك وَلَا نهى عَنهُ أَنه مُسْتَحقّ الْعقُوبَة فِي الْآخِرَة، وَأَنه يقره على ذَلِك ويقويه، وَقيل: الَّذِي لعن الشَّارِع إِنَّمَا لعن الْجِنْس على معنى الإرداع وَلم يعين أحدا، وَمِنْهُم من منع مُطلقًا فِي الْمعِين وَجوز فِي حق غير الْمعِين لِأَن فِيهِ زجرا عَن تعَاطِي ذَلِك الْفِعْل وَفِي حق الْمعِين أَذَى وَسَب وَقد ثَبت النَّهْي عَن أَذَى الْمُسلم.



[ قــ :6427 ... غــ :6780 ]
- حدّثنا يَحْيَاى بنُ بُكَيْرٍ حدّثنا اللَّيْثُ قَالَ: حدّثني خالِدُ بنُ يَزِيدَ عنْ سَعِيدِ بنِ أبي هِلالٍ عنْ زَيْدِ بنِ أسْلَمَ عنْ أبِيهِ عنْ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ: أنَّ رَجُلاً كانَ عَلَى عَهْدِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كانَ اسْمُهُ عَبْدَ الله وَكَانَ يُلَقَّبُ حِماراً.
وَكَانَ يُضْحِكُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَانَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَدْ جَلَدَهُ فِي الشَّرابِ، فأُتِيَ بِهِ يَوْماً فأمَرَ بِهِ فَجُلِدَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: اللَّهُمَّ الْعَنْهُ مَا أكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ، فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( لَا تَلْعَنُوهُ فَوَالله مَا عَلِمْتُ إلاّ أنَّهُ يُحِبُّ الله ورسُولَهُ) .


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَيحيى بن بكر مصغر بكير هُوَ يحيى بن عبد الله بن بكير أَبُو زَكَرِيَّا المَخْزُومِي الْمصْرِيّ، وخَالِد بن يزِيد من الزِّيَادَة البَجلِيّ الْفَقِيه، وَسَعِيد بن أبي هِلَال اللَّيْثِيّ الْمدنِي، وَزيد بن أسلم مولى عمر بن الْخطاب يروي عَن أَبِيه أسلم مولى عمر الحبشي البُخَارِيّ كَانَ من سبي عين التَّمْر ابتاعه عمر بن الْخطاب بِمَكَّة سنة إِحْدَى عشر لما بَعثه أَبُو بكر الصّديق ليقيم للنَّاس الْحَج والْحَدِيث من أَفْرَاده.

قَوْله: ( وَكَانَ يلقب حمارا) لَعَلَّه كَانَ لَا يكره ذَلِك اللقب وَكَانَ قد اشْتهر بِهِ، وَجوز ابْن عبد الْبر أَنه ابْن النُّعْمَان الْمُبْهم فِي حَدِيث عقبَة بن الْحَارِث،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: وَكَانَ يهدي إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، العكة من السّمن والعكة من الْعَسَل، فَإِذا جَاءَ صَاحبهَا يتقاضاه جَاءَ بِهِ،.

     وَقَالَ : يَا رَسُول الله! أعْط هَذَا ثمن مَتَاعه، فَمَا يزِيد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، على أَن يتبسم وَيَأْمُر بِهِ فَيعْطى ثمنه.

قلت: هَذَا رَوَاهُ أَبُو يعلى الْموصِلِي من طَرِيق هِشَام بن سعد عَن زيد بن أسلم.
قَوْله: ( وَكَانَ يضْحك) بِضَم الْيَاء من الإضحاك.
وَفِيه: جَوَاز إضحاك الإِمَام والعالم بنادرة من الْحق لَا من الْبَاطِل.
قَوْله: ( فَقَالَ رجل) قيل: هُوَ عمر بن الْخطاب.
لِأَنَّهُ جَاءَ فِي رِوَايَة الْوَاقِدِيّ: فَقَالَ عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَكَذَا فِي رِوَايَة الْوَاقِدِيّ أَيْضا: لَا تفعل يَا عمر فَإِنَّهُ يحب الله وَرَسُوله، وَذَلِكَ عِنْد قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( لَا تلعنوه) .
قَوْله: ( ماأكثر مَا يُؤْتى بِهِ) فِيهِ دلَالَة على تكرره مِنْهُ.
قَوْله: ( فوَاللَّه مَا علمت إلاَّ أَنه) أَي: الملقب بِحِمَار ( يحب الله وَرَسُوله) ويروى: فوَاللَّه مَا علمت أَنه يحب الله وَرَسُوله.
قَالَ الْكرْمَانِي: مَا، مَوْصُولَة لَا نَافِيَة فَكيف وَقع جَوَابا بالقسم.
ثمَّ أجَاب بقوله: ( أَنه يحب الله وَرَسُوله) وَهُوَ خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي: هُوَ مَا علمت مِنْهُ، وَالْجُمْلَة مُعْتَرضَة بَين الْقسم وَجَوَابه، أَو: مَا، نَافِيَة ومفعول: علمت، مَحْذُوف.

قلت: إِذا كَانَ: مَا، نَافِيَة يكون همزَة أَنه مَفْتُوحَة مَعَ أَن رِوَايَة الْأَكْثَرين أَن الْهمزَة مَكْسُورَة إلاَّ على رِوَايَة ابْن السكن فَإِنَّهُ جوز الْفَتْح وَالْكَسْر..
     وَقَالَ  صَاحب ( الْمطَالع) : مَا مَوْصُولَة وَإنَّهُ بِكَسْر الْهمزَة مُبْتَدأ، وَقيل: بِفَتْحِهَا وَهُوَ مفعول: علمت،.

     وَقَالَ  الطَّيِّبِيّ شيخ شَيْخي: فعلى هَذَا علمت بِمَعْنى عرفت، وَأَنه خبر الْمَوْصُول، وَقيل: مَا، زَائِدَة أَي: فوَاللَّه علمت والهمزة على هَذَا مَفْتُوحَة وَقيل يحْتَمل أَن يكون الْمَفْعُول محذوفاً أَي مَا علمت عَلَيْهِ أَو فِيهِ سوءا ثمَّ اسْتَأْنف فَقَالَ إِنَّه يجب الله وَرَسُوله، وَقيل: مَا زَائِدَة للتَّأْكِيد وَالتَّقْدِير: علمت، وَقد جَاءَ هَكَذَا فِي بعض الرِّوَايَات وعَلى هَذَا فالهمزة مَفْتُوحَة..
     وَقَالَ  الطَّيِّبِيّ: جعل: مَا، نَافِيَة أظهر لاقْتِضَاء الْقسم أَن يتقى بِحرف النَّفْي وَبِأَن وباللام بِخِلَاف الموصولة، وَيُؤَيِّدهُ أَنه وَقع فِي ( شرح السّنة) : فوَاللَّه مَا علمت إلاَّ أَنه.
قَالَ: فَمَعْنَى الْحصْر فِي هَذِه الرِّوَايَة بِمَنْزِلَة تَاء الْخطاب فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى لإِفَادَة مزِيد الْإِنْكَار على الْمُخَاطب، وَقيل: قد وَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر عَن الْكشميهني مثل مَا وَقع فِي ( شرح السّنة) .