هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
6534 حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ : - زَعَمَ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ - سَهْلُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ أَخْبَرَهُ : أَنَّ نَفَرًا مِنْ قَوْمِهِ انْطَلَقُوا إِلَى خَيْبَرَ ، فَتَفَرَّقُوا فِيهَا ، وَوَجَدُوا أَحَدَهُمْ قَتِيلًا ، وَقَالُوا لِلَّذِي وُجِدَ فِيهِمْ : قَدْ قَتَلْتُمْ صَاحِبَنَا ، قَالُوا : مَا قَتَلْنَا وَلاَ عَلِمْنَا قَاتِلًا ، فَانْطَلَقُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، انْطَلَقْنَا إِلَى خَيْبَرَ ، فَوَجَدْنَا أَحَدَنَا قَتِيلًا ، فَقَالَ : الكُبْرَ الكُبْرَ فَقَالَ لَهُمْ : تَأْتُونَ بِالْ بَيِّنَةِ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ قَالُوا : مَا لَنَا بَيِّنَةٌ ، قَالَ : فَيَحْلِفُونَ قَالُوا : لاَ نَرْضَى بِأَيْمَانِ اليَهُودِ ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُبْطِلَ دَمَهُ ، فَوَدَاهُ مِائَةً مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  زعم أن رجلا من الأنصار يقال له سهل بن أبي حثمة أخبره : أن نفرا من قومه انطلقوا إلى خيبر ، فتفرقوا فيها ، ووجدوا أحدهم قتيلا ، وقالوا للذي وجد فيهم : قد قتلتم صاحبنا ، قالوا : ما قتلنا ولا علمنا قاتلا ، فانطلقوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : يا رسول الله ، انطلقنا إلى خيبر ، فوجدنا أحدنا قتيلا ، فقال : الكبر الكبر فقال لهم : تأتون بال بينة على من قتله قالوا : ما لنا بينة ، قال : فيحلفون قالوا : لا نرضى بأيمان اليهود ، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبطل دمه ، فوداه مائة من إبل الصدقة
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Sahl bin Abi Hathma:

(a man from the Ansar) that a number of people from his tribe went to Khaibar and dispersed, and then they found one of them murdered. They said to the people with whom the corpse had been found, You have killed our companion! Those people said, Neither have we killed him, nor do we know his killer. The bereaved group went to the Prophet (ﷺ) and said, O Allah's Messenger (ﷺ)! We went to Khaibar and found one of us murdered. The Prophet (ﷺ) said, Let the older among you come forward and speak. Then the Prophet (ﷺ) said, to them, Bring your proof against the killer. They said We have no proof. The Prophet (ﷺ) said, Then they (the defendants) will take an oath. They said, We do not accept the oaths of the Jews. Allah's Messenger (ﷺ) did not like that the Blood-money of the killed one be lost without compensation, so he paid one-hundred camels out of the camels of Zakat (to the relatives of the deceased) as Diya (Blood-money).

":"اور مجھ سے ابن بشار نے بیان کیا ، ان سے یحییٰ نے ، ان سے عبیداللہ نے ، ان سے نافع نے اور ان سے ابن عمر رضی اللہ عنہما نے کہایک لڑکے اصیل نامی کو دھوکے سے قتل کر دیا گیا تھا ۔ عمر رضی اللہ عنہ نے کہا کہ سارے اہل صنعاء ( یمن کے لوگ ) اس کے قتل میں شریک ہوتے تو میں سب کو قتل کرا دیتا ۔ اور مغیرہ بن حکیم نے اپنے والد سے بیان کیا کہ چار آدمیوں نے ایک بچے کو قتل کر دیا تھا تو عمر رضی اللہ عنہ نے یہ بات فرمائی تھی ۔ ابوبکر ، ابن زبیر ، علی اور سوید بن مقرن رضی اللہ عنہما نے چانٹے کا بدلہ دلوایا تھا اور عمر رضی اللہ عنہ نے درے کی جو مار ایک شخص کو ہوئی تھی اس کا بدلہ لینے کے لیے فرمایا اور علی رضی اللہ عنہ نے تین کوڑوں کا قصاص لینے کا حکم دیا اور شریح نے کوڑے اور خراش لگانے کی سزا دی تھی ۔

شرح الحديث من فتح الباري لابن حجر

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    ( قَولُهُ بَابُ الْقَسَامَةِ)
بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَخْفِيفِ الْمُهْمَلَةِ هِيَ مَصْدَرُ أَقْسَمَ قَسَمًا وَقَسَامَةً وَهِيَ الْأَيْمَانُ تُقْسَمُ عَلَى أَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ إِذَا ادَّعَوُا الدَّمَ أَوْ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمُ الدَّمُ وَخُصَّ الْقَسَمُ عَلَى الدَّمِ بِلَفْظِ الْقَسَامَةِ.

     وَقَالَ  إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْقَسَامَةُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ اسْمٌ لِلْقَوْمِ الَّذِينَ يُقْسِمُونَ وَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ اسْمٌ لِلْأَيْمَانِ.

     وَقَالَ  فِي الْمُحْكَمِ الْقَسَامَةُ الْجَمَاعَةُ يُقْسِمُونَ عَلَى الشَّيْءِ أَوْ يَشْهَدُونَ بِهِ وَيَمِينُ الْقَسَامَةِ مَنْسُوبٌ إِلَيْهِمْ ثُمَّ أُطْلِقَتْ عَلَى الْأَيْمَانِ نَفْسِهَا .

     قَوْلُهُ  وقَال الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ هُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ تَقَدَّمَ مَوْصُولًا تَامًّا فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ ثُمَّ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ مَعَ شَرْحِهِ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِذِكْرِهِ هُنَا إِلَى تَرْجِيحِ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ فِي حَدِيثِ الْبَابِ أَنَّ الَّذِي يَبْدَأُ فِي يَمِينِ الْقَسَامَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ كَمَا سَيَأْتِي الْبَحْث فِيهِ قَوْله.

     وَقَالَ  بن أَبِي مُلَيْكَةَ لَمْ يُقَدْ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَالْقَافُ من أَفَادَ إِذَا اقْتَصَّ وَقَدْ وَصَلَهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ فِي مُصَنفه وَمن طَرِيقه بن الْمُنْذر قَالَ حَمَّاد عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ سَأَلَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنِ الْقَسَامَةِ فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزبير أقاد بهَا وَأَن مُعَاوِيَة يعْنى بن أَبِي سُفْيَانَ لَمْ يُقِدْ بِهَا وَهَذَا سَنَدٌ صَحِيح وَقد توقف بن بَطَّالٍ فِي ثُبُوتِهِ فَقَالَ قَدْ صَحَّ عَنْ مُعَاوِيَةَ أَنَّهُ أَقَادَ بِهَا ذَكَرَ ذَلِكَ عَنْهُ أَبُو الزِّنَادِ فِي احْتِجَاجِهِ عَلَى أَهْلِ الْعِرَاقِ.

قُلْتُ هُوَ فِي صَحِيفَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ وَمِنْ طَرِيقِهِ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ قَتَلَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ رَجُلًا مِنْ بَنِي الْعَجْلَانِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةٌ وَلَا لَطْخٌ فَأَجْمَعَ رَأْيُ النَّاسِ عَلَى أَنْ يَحْلِفَ وُلَاةَ الْمَقْتُولِ ثُمَّ يُسَلَّمُ إِلَيْهِمْ فَيَقْتُلُوهُ فَرَكِبْتُ إِلَى مُعَاوِيَةَ فِي ذَلِكَ فَكَتَبَ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ إِنْ كَانَ مَا ذَكَرَهُ حَقًّا فَافْعَلْ مَا ذَكَرُوهُ فَدَفَعْتُ الْكِتَابَ إِلَى سَعِيدٍ فَأَحْلَفَنَا خَمْسِينَ يَمِينًا ثُمَّ أَسْلَمَهُ إِلَيْنَا.

قُلْتُ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ مُعَاوِيَةَ لَمْ يُقِدْ بِهَا لَمَّا وَقَعَتْ لَهُ وَكَانَ الْحَكَمَ فِي ذَلِكَ وَلَمَّا وَقَعَتْ لِغَيْرِهِ وَكَّلَ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ إِلَيْهِ وَنُسِبَ إِلَيْهِ أَنَّهُ أَقَادَ بِهَا لِكَوْنِهِ أَذِنَ فِي ذَلِكَ وَقَدْ تَمَسَّكَ مَالِكٌ بِقَوْلِ خَارِجَةَ الْمَذْكُورِ فَأَطْلَقَ أَنَّ الْقَوَدَ بِهَا إِجْمَاعٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُعَاوِيَةُ كَانَ يَرَى الْقَوَدَ بِهَا ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ أَو بِالْعَكْسِ وَقَدْ أَخْرَجَ الْكَرَابِيسِيُّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قِصَّةً أُخْرَى قَضَى فِيهَا مُعَاوِيَةُ بِالْقَسَامَةِ لَكِنْ لَمْ يُصَرِّحْ فِيهَا بِالْقَتْلِ وَقِصَّةً أُخْرَى لِمَرْوَانَ قَضَى فِيهَا بِالْقَتْلِ وَقَضَى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ بِمِثْلِ قَضَاءِ أَبِيهِ .

     قَوْلُهُ  وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَخْ وَصَلَهُ سَعِيدُ بن مَنْصُور حَدثنَا هِشَام حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ قَالَ كَتَبَ عَدِيُّ بْنُ أَرْطَاةَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي قَتِيلٍ وُجِدَ فِي سُوقِ الْبَصْرَةِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ مِنَ الْقَضَايَا مَا لَا يُقْضَى فِيهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَأَنَّ هَذِه الْقَضِيَّة لمنهن وَأخرج بن الْمُنْذِرِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ وُجِدَ قَتِيلٌ بَيْنَ قُشَيْرٍ وَعَائِشٍ فَكَتَبَ فِيهِ عَدِيُّ بْنُ أَرْطَاةَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَهَذَا أَثَرٌ صَحِيحٌ وَعَدِيُّ بْنُ أَرْطَاةَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدهَا مُهْمَلَةٌ وَهُوَ فَزَارِيٌّ مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ .

     قَوْلُهُ  فِي الْأَثَرِ الْمُعَلَّقِ وَكَانَ أَمَّرَهُ بِالتَّشْدِيدِ عَلَى الْبَصْرَةِ.

قُلْتُ كَانَتْ وِلَايَةُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ لِعَدِيٍّ عَلَى إِمْرَةِ الْبَصْرَةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ وَذَكَرَ خَلِيفَةُ أَنَّهُ قُتِلَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَمِائَةٍ وَقَولُهُ مِنْ بُيُوتِ السَّمَّانِينَ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ أَيِ الَّذِينَ يَبِيعُونَ السَّمْنَ وَقَدِ اخْتُلِفَ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي الْقَوَدِ بِالْقَسَامَةِ كَمَا اخْتلف على مُعَاوِيَة فَذكر بن بَطَّالٍ أَنَّ فِي مُصَنَّفِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَن بن أبي مليكَة أَن عمربن عَبْدِ الْعَزِيزِ أَقَادَ بِالْقَسَامَةِ فِي إِمْرَتِهِ عَلَى الْمَدِينَةِ.

قُلْتُ وَيُجْمَعُ بِأَنَّهُ كَانَ يَرَى بِذَلِكَ لَمَّا كَانَ أَمِيرًا عَلَى الْمَدِينَةِ ثُمَّ رَجَعَ لَمَّا وَلِيَ الْخِلَافَةَ وَلَعَلَّ سَبَبَ ذَلِكَ مَا سَيَأْتِي فِي آخِرِ الْبَابِ مِنْ قِصَّةِ أَبِي قِلَابَةَ حَيْثُ احْتَجَّ عَلَى عَدَمِ الْقَوَدِ بِهَا فَكَأَنَّهُ وَافقه على ذَلِك وَأخرج بن الْمُنْذِرِ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ قَالَ قَالَ لِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِنِّي أُرِيدَ أَنْ أَدَعَ الْقَسَامَةَ يَأْتِي رَجُلٌ مِنْ أَرْضِ كَذَا وَآخَرُ مِنْ أَرْضِ كَذَا فَيَحْلِفُونَ عَلَى مَا لَا يَرَوْنَ فَقُلْتُ إِنَّكَ إِنْ تَتْرُكْهَا يُوشِكْ أَنَّ الرَّجُلَ يُقْتَلُ عِنْدَ بَابِكَ فَيَبْطُلُ دَمُهُ وَإِنَّ لِلنَّاسِ فِي الْقَسَامَةِ لَحَيَاةً وَسَبَقَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى إِنْكَارِ الْقَسَامَةِ سَالِمُ بن عبد الله بن عمر فَاخْرُج بن الْمُنْذر عَنهُ أَنه كَانَ يَقُول يَا لقوم يَحْلِفُونَ عَلَى أَمْرٍ لَمْ يَرَوْهُ وَلَمْ يَحْضُرُوهُ وَلَوْ كَانَ لِي أَمْرٌ لَعَاقَبْتُهُمْ وَلَجَعَلْتُهُمْ نَكَالًا وَلَمْ أَقْبَلْ لَهُمْ شَهَادَةً وَهَذَا يَقْدَحُ فِي نَقْلِ إِجْمَاعِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى الْقَوَدِ بِالْقَسَامَةِ فَإِنَّ سَالِمًا مِنْ أَجَلِّ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ وَأَخْرَجَ بن الْمُنْذر أَيْضا عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّ الْقَسَامَةَ لَا يُقَادُ بِهَا وَأَخْرَجَ بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ الْقَوَدُ بِالْقَسَامَةِ جَوْرٌ وَمِنْ طَرِيقِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى الْقَسَامَةَ شَيْئًا وَمُحَصَّلُ الِاخْتِلَافِ فِي الْقَسَامَةِ هَلْ يُعْمَلُ بِهَا أَو لَا وعَلى الأول فَهَل توجب للقود أَوِ الدِّيَةَ وَهَلْ يُبْدَأُ بِالْمُدَّعِينَ أَوِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي شَرْطِهَا

[ قــ :6534 ... غــ :6898] .

     قَوْلُهُ  سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ هُوَ الطَّائِيُّ الْكُوفِيُّ يُكْنَى أَبَا هُذَيْلٍ رَوَى عَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَكَابِرِ وَأَبُو نُعَيْمٍ الرَّاوِي عَنْهُ هُنَا هُوَ آخِرُ من روى عَنهُ وثقة أَحْمد وبن مَعِينٍ وَآخَرُونَ.

     وَقَالَ  الْآجُرِّيُّ عَنْ أَبِي دَاوُدَ كَانَ شُعْبَةُ يَتَمَنَّى لِقَاءَهُ وَفِي طَبَقَتِهِ سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْهُنَائِيُّ بِضَمِّ الْهَاءِ وَتَخْفِيفِ النُّونِ وَهَمْزٍ وَمَدٍّ بَصْرِيٌّ صَدُوقٌ أَخْرَجَ لَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ .

     قَوْلُهُ  عَنْ بُشَيْرٍ بِالْمُوَحَّدَةِ وَالْمُعْجَمَةِ مُصَغَّرٌ بن يَسَارٍ بِتَحْتَانِيَّةٍ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ خَفِيفَةٍ لَا أَعْرِفُ اسْمَ جَدِّهِ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ بن نُمَيْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا بُشَيْرُ بْنُ يَسَارٍ الْأَنْصَارِيُّ.

قُلْتُ وَهُوَ مِنْ مَوَالِي بني حَارِثَة من الْأَنْصَار قَالَ بن إِسْحَاقَ كَانَ شَيْخًا كَبِيرًا فَقِيهًا أَدْرَكَ عَامَّةَ الصَّحَابَةِ وَوَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَالنَّسَائِيُّ وَكَنَّاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي رِوَايَتِهِ أَبَا كَيْسَانَ .

     قَوْلُهُ  زَعَمَ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ سَهْلُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُون الْمُثَلَّثَة وَلم يَقع فِي رِوَايَة بن نُمَيْرٍ زَعَمَ بَلْ عِنْدَهُ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ وَكَذَا لِأَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ وَاسْمُ أَبِي حَثْمَةَ عَامِرُ بْنُ سَاعِدَةَ بْنِ عَامِرٍ وَيُقَالُ اسْمُ أَبِيهِ عَبْدُ اللَّهِ فَاشْتَهَرَ هُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى جَدِّهِ وَهُوَ مِنْ بَنِي حَارِثَةَ بَطْنٍ مِنَ الْأَوْسِ .

     قَوْلُهُ  أَنَّ نَفَرًا مِنْ قَوْمِهِ سَمَّى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ مِنْهُمُ اثْنَيْنِ فَتَقَدَّمَ فِي الْجِزْيَةِ مِنْ طَرِيقِ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ عَنْ يَحْيَى بِهَذَا السَّنَدِ انْطَلَقَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ زَيْدٍ وَفِي الْأَدَبِ مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى عَنْ بُشَيْرٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَّهُمَا حَدَّثَا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةَ بْنَ مَسْعُودٍ انْطَلَقَا وَعِنْدَ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ اللَّيْثِ عَنْ يَحْيَى عَنْ بُشَيْرٍ عَنْ سَهْلٍ قَالَ يَحْيَى وَحَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ وَرَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ أَنَّهُمَا قَالَا خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلِ بْنِ زَيْدٍ وَمُحَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ زَيْدٍ وَنَحْوُهُ عِنْدَهُ مِنْ رِوَايَةِ هُشَيْمٍ عَنْ يَحْيَى لَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ رَافِعًا وَلَفْظُهُ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ بَنِي حَارِثَةَ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سهل بن زيد انْطلق هُوَ وبن عَمٍّ لَهُ يُقَالُ لَهُ مُحَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ زَيْدٍ وَأَسْنَدَهُ فِي آخِرِهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ بِهِ وَثَبَتَ ذِكْرُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرَ مُسَمًّى عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي لَيْلَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ هُوَ وَرَجُلٌ مِنْ كُبَرَاءِ قَوْمِهِ وَعِنْدَ بن أَبِي عَاصِمٍ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ يَحْيَى عَنْ بُشَيْرٍ عَنْ سَهْلٍ وَرَافِعٍ وَسُوَيْدِ بْنِ النُّعْمَانِ أَنَّ الْقَسَامَةَ كَانَتْ فِيهِمْ فِي بَنِي حَارِثَةَ فَذَكَرَ بُشَيْرٌ عَنْهُمْ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ خَرَجَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَمُحَيِّصَةُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ مَكْسُورَةٌ بَعْدَهَا صَادٌ مُهْمَلَةٌ وَكَذَا ضَبْطُ أَخِيهِ حُوَيِّصَةَ وَحُكِيَ التَّخْفِيفُ فِي الِاسْمَيْنِ مَعًا وَرَجَّحَهُ طَائِفَةٌ .

     قَوْلُهُ  انْطَلَقُوا إِلَى خَيْبَرَ فَتَفَرَّقُوا فِيهَا فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ انْطَلَقَا إِلَى خَيْبَرَ فَتَفَرَّقَا وَتُحْمَلُ رِوَايَةُ الْبَابِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مَعَهُمَا تَابِعٌ لَهُمَا وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَة مُحَمَّد بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ عَنِ بن أَبِي عَاصِمٍ خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ فِي أَصْحَابٍ لَهُ يَمْتَارُونَ تَمْرًا زَادَ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ يَوْمئِذٍ صُلْحٌ وَأَهْلُهَا يَهُودُ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي الْمَغَازِي وَالْمُرَادُ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ بَعْدَ فَتْحِهَا فَإِنَّهَا لَمَّا فُتِحَتْ أَقَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَهَا فِيهَا عَلَى أَنْ يَعْمَلُوا فِي الْمَزَارِعِ بِالشَّطْرِ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي لَيْلَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ خَرَجَ إِلَى خَيْبَرَ .

     قَوْلُهُ  فَوَجَدُوا أَحَدَهُمْ قَتِيلًا فِي رِوَايَةِ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ فَأَتَى مُحَيِّصَةُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ وَهُوَ يَتَشَحَّطُ فِي دَمِهِ قَتِيلًا أَيْ يَضْطَرِبُ فَيَتَمَرَّغُ فِي دَمِهِ فَدَفَنَهُ وَفِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ فَإِذَا مُحَيِّصَةُ يَجِدُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ قَتِيلًا فَدَفَنَهُ وَفِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ فَوَجَدَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ مَقْتُولًا فِي سِرْبِهِ فَدَفَنَهُ صَاحِبُهُ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي لَيْلَى فَأَخْبَرَ مُحَيِّصَةُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ قُتِلَ وَطُرِحَ فِي فَقِيرٍ بِفَاءٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ قَافٍ مَكْسُورَةٍ أَيْ حَفِيرَةٍ .

     قَوْلُهُ  فَقَالُوا لِلَّذِينَ وُجِدَ فِيهِمْ قَدْ قَتَلْتُمْ صَاحِبَنَا قَالُوا مَا قَتَلْنَا وَلَا عَلِمْنَا قَاتِلًا فِي رِوَايَةِ أَبِي لَيْلَى فَأَتَى مُحَيِّصَةُ يَهُودَ فَقَالَ أَنْتُمْ وَاللَّهِ قَتَلْتُمُوهُ قَالُوا وَاللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ .

     قَوْلُهُ  فَانْطَلَقُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ وَحُوَيِّصَةُ وَمُحَيِّصَةُ ابْنَا مَسْعُودٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَكَلَّمُوا فِي أَمْرِ صَاحِبِهِمْ وَفِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ فَأَتَى أَخُو الْمَقْتُولِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَمُحَيِّصَةُ وَحُوَيِّصَةُ فَذَكَرُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَأْنَ عَبْدِ اللَّهِ حَيْثُ قُتِلَ وَفِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ ثُمَّ أَقْبَلَ مُحَيِّصَةُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ وَحُوَيِّصَةُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ زَادَ أَبُو لَيْلَى فِي رِوَايَتِهِ وَهُوَ أَيْ حُوَيِّصَةُ أَكْبَرُ مِنْهُ أَيْ مِنْ مُحَيِّصَةَ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ الْكُبْرَ الْكُبْرَ بِضَمِّ الْكَافِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَبِالنَّصْبِ فِيهِمَا عَلَى الْإِغْرَاءِ زَادَ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فَبَدَأَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَتَكَلَّمُ وَكَانَ أَصْغَرَ الْقَوْمِ زَادَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي أَمْرِ أَخِيه وَفِي رِوَايَة بشير وَهُوَ أَحْدَثُ الْقَوْمِ وَفِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ فَذَهَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَتَكَلَّمُ فَقَالَ كَبِّرِ الْكُبْرَ الْأُولَى أَمر وَالْأُخْرَى كَالْأَوَّلِ وَمِثْلُهُ فِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ وَزَادَ أَوْ قَالَ يَبْدَأُ الْأَكْبَرُ وَفِي رِوَايَةِ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ كَبِّرْ كَبِّرْ بِتَكْرَارِ الْأَمْرِ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ أَبِي لَيْلَى وَزَادَ يُرِيدُ السِّنَّ وَفِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ فَسَكَتَ وَتَكَلَّمَ صَاحِبَاهُ وَفِي رِوَايَةِ بِشْرٍ وَتَكَلَّمَا .

     قَوْلُهُ  تَأْتُونَ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ قَالُوا مَا لَنَا بَيِّنَةٌ كَذَا فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ وَلَمْ يَقَعْ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ وَلَا فِي رِوَايَةِ أَبِي قِلَابَةَ الْآتِيَةِ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَهُ لِلْبَيِّنَةِ ذِكْرٌ وَإِنَّمَا قَالَ يَحْيَى فِي رِوَايَةِ أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ قَاتِلَكُمْ أَوْ صَاحِبَكُمْ هَذِهِ رِوَايَةُ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ عَنْهُ وَفِي رِوَايَةِ حَمَّادٍ عَنْهُ أَتَسْتَحِقُّونَ قَاتِلَكُمْ أَوْ صَاحِبَكُمْ بِأَيْمَانِ خَمْسِينَ مِنْكُمْ وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ يُقْسِمُ خَمْسُونَ مِنْكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَيُدْفَعُ بِرُمَّتِهِ وَفِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ تحلفون خمسين يَمِينا وتستحقون وَفِي رِوَايَة بن عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ تُبَرِّئُكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِينَ يَمِينًا تَحْلِفُونَ فَبَدَأَ بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ لَكِنْ قَالَ أَبُو دَاوُدَ إِنَّهُ وَهْمٌ كَذَا جزم بذلك وَقد قَالَ الشَّافِعِي كَانَ بن عُيَيْنَةَ لَا يُثْبِتُ أَقَدَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَنْصَارَ فِي الْأَيْمَانِ أَوِ الْيَهُودَ فَيُقَال لَهُ ان فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَدَّمَ الْأَنْصَارَ فَيَقُولُ هُوَ ذَاكَ وَرُبَّمَا حَدَّثَ بِهِ كَذَلِكَ وَلَمْ يَشُكَّ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي لَيْلَى فَقَالَ لِحُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ فَقَالُوا لَا وَفِي رِوَايَةِ أَبِي قِلَابَةَ فَأَرْسَلَ إِلَى الْيَهُودِ فَدَعَاهُمْ فَقَالَ أَنْتُمْ قَتَلْتُمْ هَذَا فَقَالُوا لَا فَقَالَ أَتَرْضَوْنَ نَفْلَ خَمْسِينَ مِنَ الْيَهُودِ مَا قَتَلُوهُ وَنَفْلٌ بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْفَاءِ يَأْتِي شَرْحُهُ وَزَادَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ كَيْفَ نَحْلِفُ وَلَمْ نَشْهَدْ وَلَمْ نَرَ وَفِي رِوَايَةِ حَمَّادٍ عَنْهُ أَمْرٌ لَمْ نَرَهُ وَفِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ مَا شَهِدْنَا وَلَا حَضَرْنَا .

     قَوْلُهُ  قَالَ فَيَحْلِفُونَ قَالُوا لَا نَرْضَى بِأَيْمَانِ الْيَهُودِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي لَيْلَى فَقَالُوا لَيْسُوا بِمُسْلِمِينَ وَفِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فَتُبَرِّئُكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِينَ يَمِينًا أَيْ يُخَلِّصُونَكُمْ مِنَ الْأَيْمَانِ بِأَنْ يَحْلِفُوهُمْ فَإِذَا حَلَفُوا انْتَهَتِ الْخُصُومَةُ فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ وَخُلِّصْتُمْ أَنْتُمْ مِنَ الْأَيْمَانِ قَالُوا كَيْفَ نَأْخُذُ بِأَيْمَانِ قَوْمٍ كُفَّارٍ وَفِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ نَقْبَلُ بَدَلَ نَأْخُذُ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي قِلَابَةَ مَا يُبَالُونَ أَنْ يَقْتُلُونَا أَجْمَعِينَ ثُمَّ يَحْلِفُونَ كَذَا فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ لَمْ يَذْكُرْ عَرْضَ الْأَيْمَانِ عَلَى الْمُدَّعِينَ كَمَا لَمْ يَقَعْ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ طَلَبُ الْبَيِّنَةِ أَوَّلًا وَطَرِيقُ الْجَمْعِ أَنْ يُقَالَ حَفِظَ أَحَدُهُمْ مَا لَمْ يَحْفَظِ الْآخَرُ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ طَلَبَ الْبَيِّنَةَ أَوَّلًا فَلَمْ تَكُنْ لَهُمْ بَيِّنَةٌ فَعَرَضَ عَلَيْهِمُ الْأَيْمَانَ فَامْتَنَعُوا فَعَرَضَ عَلَيْهِمْ تَحْلِيفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ فَأَبَوْا.
وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِهِمْ إِنَّ ذِكْرَ الْبَيِّنَةِ وَهْمٌ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ عَلِمَ أَنَّ خَيْبَرَ حِينَئِذٍ لَمْ يَكُنْ بِهَا أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَدَعْوَى نَفْيِ الْعِلْمِ مَرْدُودَةٌ فَإِنَّهُ وَإِنْ سُلِّمَ أَنَّهُ لَمْ يَسْكُنْ مَعَ الْيَهُودِ فِيهَا أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَكِنْ فِي نَفْسِ الْقِصَّةِ أَنَّ جَمَاعَةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَرَجُوا يَمْتَارُونَ تَمْرًا فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ طَائِفَةٌ أُخْرَى خَرَجُوا لِمِثْلِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَذَلِكَ وَقَدْ وَجَدْنَا لِطَلَبِ الْبَيِّنَةِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ شَاهِدًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَخْنَسِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ ان بن مُحَيِّصَةَ الْأَصْغَرَ أَصْبَحَ قَتِيلًا عَلَى أَبْوَابِ خَيْبَرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقِمْ شَاهِدَيْنِ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ أَدْفَعْهُ إِلَيْكَ بِرُمَّتِهِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَّى أُصِيبُ شَاهِدَيْنِ وَإِنَّمَا أَصْبَحَ قَتِيلًا عَلَى أَبْوَابِهِمْ قَالَ فَتَحْلِفُ خَمْسِينَ قَسَامَةً قَالَ فَكَيْفَ أَحْلِفُ عَلَى مَا لَا أَعْلَمُ قَالَ تَسْتَحْلِفُ خَمْسِينَ مِنْهُمْ قَالَ كَيْفَ وَهُمْ يَهُودُ وَهَذَا السَّنَدُ صَحِيحٌ حَسَنٌ وَهُوَ نَصٌّ فِي الْحَمْلِ الَّذِي ذَكَرْتُهُ فَتَعَيَّنَ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ جَدِّهِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ أَصْبَحَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ بِخَيْبَرَ مَقْتُولًا فَانْطَلَقَ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ شَاهِدَانِ يَشْهَدَانِ عَلَى قَتْلِ صَاحِبِكُمْ قَالَ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَإِنَّمَا هُمُ الْيَهُودُ وَقَدْ يَجْتَرِئُونَ عَلَى أَعْظَمَ مِنْ هَذَا .

     قَوْلُهُ  فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُطَلَّ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الطَّاءِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ أَيْ يُهْدَرُ .

     قَوْلُهُ  فَوَدَاهُ مِائَةً فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِمِائَةٍ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي لَيْلَى فَوَدَاهُ مِنْ عِنْدِهِ وَفِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فَعَقَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنْدِهِ أَيْ أَعْطَى دِيَتَهُ وَفِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ مِنْ قِبَلِهِ بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ مِنْ جِهَتِهِ وَفِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ عَنْهُ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى عَقْلَهُ .

     قَوْلُهُ  مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ غَلَطٌ مِنْ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ لِتَصْرِيحِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ بِقَوْلِهِ مِنْ عِنْدِهِ وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ اشْتَرَاهَا مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ بِمَالٍ دَفَعَهُ مِنْ عِنْدِهِ أَوِ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ مِنْ عِنْدِهِ أَيْ بَيْتِ الْمَالِ الْمُرْصَدِ لِلْمَصَالِحِ وَأُطْلِقَ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ بِاعْتِبَارِ الِانْتِفَاعِ بِهِ مَجَّانًا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ قَطْعِ الْمُنَازَعَةِ وَإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ وَقَدْ حَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى ظَاهِرِهِ فَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ جَوَازَ صَرْفِ الزَّكَاةِ فِي الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ وَاسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ.

قُلْتُ وَتَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ أَبِي لَاسٍ قَالَ حَمَلَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِبِلٍ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ فِي الْحَجِّ وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ بِالْعِنْدِيَّةِ كَوْنُهَا تَحْتَ أَمْرِهِ وَحُكْمِهِ وَلِلِاحْتِرَازِ مِنْ جَعْلِ دِيَتِهِ عَلَى الْيَهُودِ أَوْ غَيْرِهِمْ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ فَعَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ عَلَى مُقْتَضَى كَرَمِهِ وَحُسْنِ سِيَاسَتِهِ وَجَلْبًا لِلْمَصْلَحَةِ وَدَرْءًا لِلْمَفْسَدَةِ عَلَى سَبِيلِ التَّأْلِيفِ وَلَا سِيَّمَا عِنْدَ تَعَذُّرِ الْوُصُولِ إِلَى اسْتِيفَاءِ الْحَقِّ وَرِوَايَةُ مَنْ قَالَ مِنْ عِنْدِهِ أَصَحُّ مِنْ رِوَايَةِ مَنْ قَالَ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ وَقَدْ قِيلَ إِنَّهَا غَلَطٌ وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَغْلَطَ الرَّاوِي مَا أَمْكَنَ فَيَحْتَمِلُ أَوْجُهًا مِنْهَا فَذَكَرَ مَا تَقَدَّمَ وَزَادَ أَنْ يَكُونَ تَسَلَّفَ ذَلِكَ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ لِيَدْفَعَهُ مِنْ مَالِ الْفَيْءِ أَوْ أَنَّ أَوْلِيَاءَ الْقَتِيلِ كَانُوا مُسْتَحِقِّينَ لِلصَّدَقَةِ فَأَعْطَاهُمْ أَوْ أَعْطَاهُمْ ذَلِكَ مِنْ سَهْمِ الْمُؤَلَّفَةِ اسْتِئْلَافًا لَهُمْ وَاسْتِجْلَابًا لِلْيَهُودِ انْتَهَى وَزَادَ أَبُو لَيْلَى فِي رِوَايَتِهِ قَالَ سَهْلٌ فَرَكَضَتْنِي نَاقَةٌ وَفِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى أَدْرَكَتْهُ نَاقَةٌ مِنْ تِلْكَ الْإِبِلِ فَدَخَلَتْ مِرْبَدًا لَهُمْ فَرَكَضَتْنِي بِرِجْلِهَا وَفِي رِوَايَةِ شَيْبَانَ بْنِ بِلَالٍ لَقَدْ رَكَضَتْنِي نَاقَةٌ مِنْ تِلْكَ الْفَرَائِضِ بِالْمِرْبَدِ وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ فَوَاللَّهِ مَا أَنْسَى نَاقَةَ بَكْرَةَ مِنْهَا حَمْرَاءُ ضَرَبَتْنِي وَأَنَا أَحُوزُهَا وَفِي حَدِيثِ الْبَابِ مِنَ الْفَوَائِدِ مَشْرُوعِيَّةُ الْقَسَامَةِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الشَّرْعِ وَقَاعِدَةٌ مِنْ قَوَاعِدِ الْأَحْكَامِ وَرُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ مَصَالِحِ الْعِبَادِ وَبِهِ أَخَذَ كَافَّةُ الْأَئِمَّةِ وَالسَّلَفِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وعلماء الْأمة وفقهاء الْأَمْصَار مِنَ الْحِجَازِيِّينَ وَالشَّامِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي صُورَةِ الْأَخْذِ بِهِ وَرُوِيَ التَّوَقُّفُ عَنِ الْأَخْذِ بِهِ عَنْ طَائِفَةٍ فَلَمْ يَرَوُا الْقَسَامَةَ وَلَا أَثْبَتُوا بِهَا فِي الشَّرْعِ حُكْمًا وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَأَبِي قِلَابَةَ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَقَتَادَةَ وَمُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ عُلَيَّةَ وَإِلَيْهِ يَنْحُو الْبُخَارِيُّ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِاخْتِلَافٍ عَنْهُ.

قُلْتُ وَهَذَا يُنَافِي مَا صَدَرَ بِهِ كَلَامُهُ أَنَّ كَافَّةَ الْأَئِمَّةِ أَخَذُوا بِهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ النَّقْلُ عَمَّنْ لَمْ يَقُلْ بِمَشْرُوعِيَّتِهَا فِي أَوَّلِ الْبَابِ وَفِيهِمْ مَنْ لَمْ يَذْكُرْهُ الْقَاضِي قَالَ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي مَشْرُوعِيَّةِ الْقَسَامَةِ فِي قَتْلِ الْخَطَإِ وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِهَا فِي الْعَمْدِ هَلْ يَجِبُ بِهَا الْقَوَدُ أَوِ الدِّيَةُ فَمَذْهَبُ مُعْظَمِ الْحِجَازِيِّينَ إِيجَابُ الْقَوَدِ إِذَا كَمَلَتْ شُرُوطُهَا وَهُوَ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ وَرَبِيعَةَ وَأَبِي الزِّنَادِ وَمَالِكٍ وَاللَّيْثِ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالشَّافِعِيِّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَدَاوُدَ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ كَابْنِ الزُّبَيْرِ وَاخْتُلِفَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ.

     وَقَالَ  أَبُو الزِّنَادِ قَتَلْنَا بِالْقَسَامَةِ وَالصَّحَابَةِ مُتَوَافِرُونَ إِنِّي لَأَرَى أَنَّهُمْ أَلْفُ رَجُلٍ فَمَا اخْتَلَفَ مِنْهُمُ اثْنَانِ.

قُلْتُ إِنَّمَا نَقَلَ ذَلِكَ أَبُو الزِّنَادِ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ كَمَا أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ وَإِلَّا فَأَبُو الزِّنَادِ لَا يَثْبُتُ أَنَّهُ رَأَى عِشْرِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ فَضْلًا عَنْ أَلْفٍ ثُمَّ قَالَ الْقَاضِي وَحُجَّتُهُمْ حَدِيثُ الْبَابِ يَعْنِي مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الَّتِي أَشَرْتُ إِلَيْهَا قَالَ فَإِنَّ مَجِيئَهُ مِنْ طُرُقٍ صِحَاحٍ لَا يُدْفَعُ وَفِيهِ تَبْرِئَةُ الْمُدَّعِينَ ثُمَّ رَدُّهَا حِينَ أَبَوْا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِلَّا الْقَسَامَةَ وَيَقُولُ مَالِكٌ أَجْمَعَتِ الْأَئِمَّةُ فِي الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْمُدَّعِينَ يَبْدَءُونَ فِي الْقَسَامَةِ وَلِأَنَّ جَنَبَةَ الْمُدَّعِي إِذَا قَوِيَتْ بِشَهَادَةٍ أَو شُبْهَة صَارَت الْيَمين لَهُ وَهَهُنَا الشُّبْهَةُ قَوِيَّةٌ وَقَالُوا هَذِهِ سُنَّةٌ بِحِيَالِهَا وَأَصْلٌ قَائِمٌ بِرَأْسِهِ لِحَيَاةِ النَّاسِ وَرَدْعِ الْمُعْتَدِينَ وَخَالَفَتِ الدَّعَاوَى فِي الْأَمْوَالِ فَهِيَ عَلَى مَا وَرَدَ فِيهَا وَكُلُّ أَصْلٍ يُتَّبَعُ وَيُسْتَعْمَلُ وَلَا تُطْرَحُ سُنَّةٌ لِسُنَّةٍ وَأَجَابُوا عَنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ يَعْنِي الْمَذْكُورَةَ فِي حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ بِقَوْلِ أَهْلِ الْحَدِيثِ إِنَّهُ وَهْمٌ مِنْ رِوَايَةٍ أَسْقَطَ مِنَ السِّيَاقِ تَبْرِئَةَ الْمُدَّعِينَ بِالْيَمِينِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ رَدَّ الْيَمِينِ وَاشْتَمَلَتْ رِوَايَةُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَلَى زِيَادَةٍ مِنْ ثِقَةٍ حَافِظٍ فَوَجَبَ قَبُولُهَا وَهِيَ تَقْضِي عَلَى مَنْ لَمْ يَعْرِفْهَا.

قُلْتُ وَسَيَأْتِي مَزِيدُ بَيَانٍ لِذَلِكَ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ الْأَصْلُ فِي الدَّعَاوَى أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَحُكْمَ الْقَسَامَةِ أَصْلٌ بِنَفْسِهِ لِتَعَذُّرِ إِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْقَتْلِ فِيهَا غَالِبًا فَإِنَّ الْقَاصِدَ لِلْقَتْلِ يَقْصِدُ الْخَلْوَةَ وَيَتَرَصَّدُ الْغَفْلَةَ وَتَأَيَّدَتْ بِذَلِكَ الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا وَبَقِيَ مَا عَدَا الْقَسَامَةَ عَلَى الْأَصْلِ ثُمَّ لَيْسَ ذَلِكَ خُرُوجًا عَنِ الْأَصْلِ بِالْكُلِّيَّةِ بَلْ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِنَّمَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ لِقُوَّةِ جَانِبِهِ بِشَهَادَةِ الْأَصْلِ لَهُ بِالْبَرَاءَةِ مِمَّا ادُّعِيَ عَلَيْهِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْقَسَامَةِ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي لِقُوَّةِ جَانِبِهِ بِاللَّوْثِ الَّذِي يُقَوِّي دَعْوَاهُ قَالَ عِيَاضٌ وَذَهَبَ مَنْ قَالَ بِالدِّيَةِ إِلَى تَقْدِيمِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ فِي الْيَمِينِ إِلَّا الشَّافِعِيَّ وَأَحْمَدَ فَقَالَا بِقَوْلِ الْجُمْهُورِ يُبْدَأُ بِأَيْمَانِ الْمُدَّعِينَ وَرَدِّهَا إِنْ أَبَوْا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ.

     وَقَالَ  بِعَكْسِهِ أَهْلُ الْكُوفَةِ وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَبَعْضُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْأَوْزَاعِيُّ فَقَالَ يَسْتَحْلِفُ مِنْ أهل الْقرْيَة خَمْسُونَ رَجُلًا خَمْسِينَ يَمِينًا مَا قَتَلْنَاهُ وَلَا عَلِمْنَا من قَتله فان حلفوا برءوا وَإِنْ نَقَصَتْ قَسَامَتُهُمْ عَنْ عَدَدٍ أَوْ نَكَلُوا حَلَفَ الْمُدَّعُونَ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ وَاسْتَحَقُّوا فَإِنْ نَقَصَتْ قَسَامَتُهُمْ قَادَهُ دِيَةً.

     وَقَالَ  عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ مِنْ فُقَهَاءِ الْبَصْرَةِ ثُمَّ يُبْدَأُ بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ بِالْأَيْمَانِ فَإِنْ حَلَفُوا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ.

     وَقَالَ  الْكُوفِيُّونَ إِذَا حَلَفُوا وَجَبَتْ عَلَيْهِمُ الدِّيَةُ وَجَاءَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ قَالَ وَاتَّفَقُوا كُلُّهُمْ عَلَى أَنَّهَا لَا تَجِبُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَى الْأَوْلِيَاءِ حَتَّى يَقْتَرِنَ بِهَا شُبْهَةٌ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ الْحُكْمُ بِهَا وَاخْتَلَفُوا فِي تَصْوِيرِ الشُّبْهَةِ عَلَى سَبْعَةِ أَوْجُهٍ فَذَكَرَهَا وَمُلَخَّصُهَا الْأَوَّلُ أَنْ يَقُولَ الْمَرِيضُ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِهِ أَثَرٌ أَوْ جُرْحٌ فَإِنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ الْقَسَامَةَ عِنْدَ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ لَمْ يَقُلْ بِهِ غَيْرُهُمَا وَاشْتَرَطَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ الْأَثَرَ أَوِ الْجُرْحَ وَاحْتُجَّ لِمَالِكٍ بِقِصَّةِ بَقَرَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالَ وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهَا أَنَّ الرَّجُلَ حَيٌّ فَأَخْبَرَ بِقَاتِلِهِ وَتُعُقِّبَ بِخَفَاءِ الدَّلَالَةِ مِنْهَا وَقد بَالغ بن حَزْمٍ فِي رَدِّ ذَلِكَ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ الْقَاتِلَ يتطلب حَالَة غَفلَة النَّاس فتنعذر الْبَيِّنَةُ فَلَوْ لَمْ يُعْمَلْ بِقَوْلِ الْمَضْرُوبِ لَأَدَّى ذَلِكَ إِلَى إِهْدَارِ دَمِهِ لِأَنَّهَا حَالَةٌ يَتَحَرَّى فِيهَا اجْتِنَابَ الْكَذِبِ وَيَتَزَوَّدُ فِيهَا مِنَ الْبِرِّ وَالتَّقوى وَهَذَا إِنَّمَا يَأْتِي فِي حَال الْمُحْتَضَرِ الثَّانِيَةُ أَنْ يَشْهَدَ مَنْ لَا يَكْمُلُ النِّصَابُ بِشَهَادَتِهِ كَالْوَاحِدِ أَوْ جَمَاعَةٍ غَيْرِ عُدُولٍ قَالَ بِهَا الْمَذْكُورَانِ وَوَافَقَهُمَا الشَّافِعِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ الثَّالِثَةُ أَنْ يَشْهَدَ عَدْلَانِ بِالضَّرْبِ ثُمَّ يَعِيشُ بَعْدَهُ أَيَّامًا ثُمَّ يَمُوتُ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ تَخَلُّلِ إِفَاقَةٍ فَقَالَ الْمَذْكُورَانِ تَجِبُ فِيهِ الْقَسَامَةُ.

     وَقَالَ  الشَّافِعِيُّ بَلْ يَجِبُ الْقِصَاصُ بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ الرَّابِعَةُ أَنْ يُوجَدَ مَقْتُولٌ وَعِنْدَهُ أَوْ بِالْقُرْبِ مِنْهُ مَنْ بِيَدِهِ آلَةُ الْقَتْلِ وَعَلَيْهِ أَثَرُ الدَّمِ مَثَلًا وَلَا يُوجَدُ غَيْرُهُ فَتُشْرَعُ فِيهِ الْقَسَامَةُ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَيَلْتَحِقُ بِهِ أَنْ تَفْتَرِقَ جَمَاعَةٌ عَنْ قَتِيلٍ الْخَامِسَةُ أَنْ يَقْتَتِلَ طَائِفَتَانِ فَيُوجَدَ بَيْنَهُمَا قَتِيلٌ فَفِيهِ الْقَسَامَةُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ مَالِكٍ تَخْتَصُّ الْقَسَامَةُ بِالطَّائِفَةِ الَّتِي لَيْسَ هُوَ مِنْهَا إِلَّا إِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِمَا فَعَلَى الطَّائِفَتَيْنِ السَّادِسَةُ الْمَقْتُولُ فِي الزَّحْمَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ الِاخْتِلَافِ فِيهِ فِي بَابٍ مُفْرَدٍ السَّابِعَةُ أَنْ يُوجَدَ قَتِيلٌ فِي مَحَلَّةٍ أَوْ قَبِيلَةٍ فَهَذَا يُوجِبُ الْقَسَامَةَ عِنْدَ الثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَتْبَاعِهِمْ وَلَا يُوجِبُ الْقَسَامَةَ عِنْدَهُمْ سِوَى هَذِهِ الصُّورَةِ وَشَرْطُهَا عِنْدَهُمْ إِلَّا الْحَنَفِيَّةُ أَنْ يُوجَدَ بِالْقَتِيلِ أَثَرٌ.

     وَقَالَ  دَاوُدُ لَا تُجْرَى الْقَسَامَةُ إِلَّا فِي الْعَمْدِ عَلَى أَهْلِ مَدِينَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ كَبِيرَةٍ وَهُمْ أَعْدَاءٌ لِلْمَقْتُولِ وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ لَا قَسَامَةَ فِيهِ بَلْ هُوَ هَدَرٌ لِأَنَّهُ قَدْ يُقْتَلُ وَيُلْقَى فِي الْمَحَلَّةِ لِيُتَّهَمُوا وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مِثْلِ الْقِصَّةِ الَّتِي فِي حَدِيثِ الْبَابِ فَيُتَّجَهُ فِيهَا الْقَسَامَةُ لِوُجُودِ الْعَدَاوَةِ وَلَمْ تَرَ الْحَنَفِيَّةُ وَمَنْ وَافَقَهُمْ لَوْثًا يُوجِبُ الْقَسَامَةَ إِلَّا هَذِهِ الصُّورَةَ وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ الْقِيَاسُ عَلَى هَذِهِ الْوَاقِعَةِ وَالْجَامِعُ أَنْ يَقْتَرِنَ بِالدَّعْوَى شَيْءٌ يَدُلُّ عَلَى صِدْقِ الْمُدَّعَى فَيُقْسِمُ مَعَهُ وَيَسْتَحِقُّ.

     وَقَالَ  بن قُدَامَةَ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْقَتِيلَ إِذَا وُجِدَ فِي مَحَلٍّ فَادَّعَى وَلِيُّهُ عَلَى خَمْسِينَ نَفْسًا مِنْ مَوْضِعِ قَتْلِهِ فَحَلَفُوا خَمْسِينَ يَمِينًا مَا قَتَلْنَاهُ وَلَا عَلِمْنَا لَهُ قَاتِلًا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ خَمْسِينَ كَرَّرَ الْأَيْمَانَ عَلَى مَنْ وَجَدَ وَتَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى بَقِيَّةِ أَهْلِ الْخُطَّةِ وَمَنْ لَمْ يَحْلِفْ مِنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ حُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ أَوْ يُقِرَّ وَاسْتَدَلُّوا بِأَثَرِ عُمَرَ أَنَّهُ أَحْلَفَ خَمْسِينَ نَفْسًا خَمْسِينَ يَمِينًا وَقَضَى بِالدِّيَةِ عَلَيْهِمْ وَتُعُقِّبَ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونُوا أَقَرُّوا بِالْخَطَإِ وَأَنْكَرُوا الْعَمْدَ وَبِأَنَّ الْحَنَفِيَّةَ لَا يَعْمَلُونَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ إِذَا خَالَفَ الْأُصُولَ وَلَوْ كَانَ مَرْفُوعًا فَكَيْفَ احْتَجُّوا بِمَا خَالَفَ الْأُصُولَ بِخَبَرِ وَاحِدٍ مَوْقُوفٍ وَأَوْجَبُوا الْيَمِينَ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى الْقَوَدِ فِي الْقَسَامَةِ لِقَوْلِهِ فَتَسْتَحِقُّونَ قَاتِلَكُمْ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى دَمَ صَاحبكُم قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ الِاسْتِدْلَالُ بِالرِّوَايَةِ الَّتِي فِيهَا فَيُدْفَعُ بِرُمَّتِهِ أَقْوَى مِنَ الِاسْتِدْلَالِ بِقَوْلِهِ دَمَ صَاحِبِكُمْ لِأَنَّ قَوْلَهُ يُدْفَعُ بِرُمَّتِهِ لَفْظٌ مُسْتَعْمَلٌ فِي دَفْعِ الْقَاتِلِ لِلْأَوْلِيَاءِ لِلْقَتْلِ وَلَوْ أَنَّ الْوَاجِبَ الدِّيَةُ لَبَعُدَ اسْتِعْمَالُ هَذَا اللَّفْظِ وَهُوَ فِي اسْتِعْمَالِهِ فِي تَسْلِيمِ الْقَاتِلِ أَظْهَرُ وَالِاسْتِدْلَالُ بِقَوْلِهِ دَمَ صَاحِبِكُمْ أَظْهَرُ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ بِقَوْلِهِ قَاتِلِكُمْ أَوْ صَاحِبِكُمْ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ إِضْمَارٍ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُضْمَرَ دِيَةُ صَاحِبِكُمْ احْتِمَالًا ظَاهِرًا.
وَأَمَّا بَعْدَ التَّصْرِيحِ بِالدِّيَةِ فَيَحْتَاجُ إِلَى تَأْوِيلِ اللَّفْظِ بِإِضْمَارٍ بَدَلَ دَمِ صَاحِبِكُمْ وَالْإِضْمَارُ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ وَلَوِ احْتِيجَ إِلَى إِضْمَارٍ لَكَانَ حَمْلُهُ عَلَى مَا يَقْتَضِي إِرَاقَةَ الدَّمِ أَقْرَبَ.
وَأَمَّا مَنْ قَالَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ .

     قَوْلُهُ  دَمَ صَاحِبِكُمْ هُوَ الْقَتِيلَ لَا الْقَاتِلَ فَيَرُدُّهُ .

     قَوْلُهُ  دَمَ صَاحِبِكُمْ أَوْ قَاتِلِكُمْ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْقِصَّةَ وَاحِدَةٌ اخْتَلَفَتْ أَلْفَاظُ الرُّوَاةِ فِيهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فَلَا يَسْتَقِيمُ الِاسْتِدْلَالُ بِلَفْظٍ مِنْهَا لِعَدَمِ تَحَقُّقِ أَنَّهُ اللَّفْظُ الصَّادِرُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ بِالْقَوَدِ أَيْضًا بِمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْقَسَامَةَ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَأَقَرَّهَا النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْجَاهِلِيَّةِ وَقَضَى بِهَا بَيْنَ نَاسٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فِي قَتِيلٍ ادَّعَوْهُ عَلَى يَهُودِ خَيْبَرَ وَهَذَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ثُبُوتِ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَقْتُلُونَ فِي الْقَسَامَةِ وَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بُجَيْدٍ بِمُوَحَّدَةٍ وَجِيمٍ مُصَغَّرٌ قَالَ ان سهلا يَعْنِي بن أَبِي حَثْمَةَ وَهِمَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَى يَهُودَ إِنَّهُ قَدْ وُجِدَ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ قَتِيلٌ فَدُوهُ فَكَتَبُوا يَحْلِفُونَ مَا قَتَلْنَاهُ وَلَا عَلِمْنَا قَاتِلًا قَالَ فَوَدَاهُ مِنْ عِنْدِهِ وَهَذَا رَدَّهُ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّهُ مُرْسَلٌ وَيُعَارِضُ ذَلِكَ مَا أخرجه بن مَنْدَهْ فِي الصَّحَابَةِ مِنْ طَرِيقِ مَكْحُولٍ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي خُزَاعَةَ أَنَّهُ قُتِلَ فِيهِمْ قَتِيلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ الْقَسَامَةَ عَلَى خُزَاعَةَ بِاللَّهِ مَا قَتَلْنَا وَلَا عَلِمْنَا قَاتِلًا فَحَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمْ عَنْ نَفْسِهِ وَغَرِمَ الدِّيَةَ وَعَمْرٌو مُخْتَلَفٌ فِي صحبته وَأخرج بن أَبِي شَيْبَةَ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ إِلَى إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ كَانَتِ الْقَسَامَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا وُجِدَ الْقَتِيل بَين ظَهْري قوم أقسم مِنْهُم خَمْسُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا مَا قَتَلْنَا وَلَا عَلِمْنَا فَإِنْ عَجَزَتِ الْأَيْمَانُ رُدَّتْ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَقَلُوا وَتَمَسَّكَ مَنْ قَالَ لَا يَجِبُ فِيهَا إِلَّا الدِّيَةُ بِمَا أخرجه الثَّوْريّ فِي جَامعه وبن أَبِي شَيْبَةَ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ إِلَى الشَّعْبِيِّ قَالَ وُجِدَ قَتِيلٌ بَيْنَ حَيَّيْنِ مِنَ الْعَرَبِ فَقَالَ عُمَرُ قِيسُوا مَا بَيْنَهُمَا فَأَيُّهُمَا وَجَدْتُمُوهُ إِلَيْهِ أَقْرَبَ فَأَحْلِفُوهُمْ خَمْسِينَ يَمِينًا وَأَغْرِمُوهُمُ الدِّيَةَ وَأَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ فِي قَتِيلٍ وُجِدَ بَيْنَ خَيْرَانَ وَوَادِعَةَ أَنْ يُقَاسَ مَا بَيْنَ الْقَرْيَتَيْنِ فَإِلَى أَيِّهِمَا كَانَ أَقْرَبَ أُخْرِجَ إِلَيْهِ مِنْهُمْ خَمْسُونَ رَجُلًا حَتَّى يُوَافُوهُ مَكَّةَ فَأَدْخَلَهُمُ الْحِجْرَ فَأَحْلَفَهُمْ ثُمَّ قَضَى عَلَيْهِمُ الدِّيَةَ فَقَالَ حَقَنَتْ أَيْمَانُكُمْ دِمَاءَكُمْ وَلَا يُطَلُّ دَمُ رَجُلٍ مُسْلِمٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ إِنَّمَا أَخَذَهُ الشَّعْبِيُّ عَنِ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ وَالْحَارِثُ غَيْرُ مَقْبُولٍ انْتَهَى وَلَهُ شَاهِدٌ مَرْفُوعٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ أَحْمَدَ أَنَّ قَتِيلًا وُجِدَ بَيْنَ حَيَّيْنِ فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقَاسَ إِلَى أَيِّهِمَا أَقْرَبُ فَأَلْقَى دِيَتَهُ عَلَى الْأَقْرَبِ وَلَكِنَّ سَنَدَهُ ضَعِيفٌ.

     وَقَالَ  عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ.

قُلْتُ لِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ أَعَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَادَ بِالْقَسَامَةِ قَالَ لَا قلت فَأَبُو بكر قَالَ لاقلت فَعُمَرُ قَالَ لَا.

قُلْتُ فَلِمَ تَجْتَرِئُونَ عَلَيْهَا فَسَكَتَ وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عُمَرَ قَالَ الْقَسَامَةُ تُوجِبُ الْعَقْلَ وَلَا تُسْقِطُ الدَّمَ وَاسْتَدَلَّ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى جَوَازِ سَمَاعِ الدَّعْوَى فِي الْقَتْلِ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ لِأَنَّ الْأَنْصَارَ ادَّعَوْا عَلَى الْيَهُودِ أَنَّهُمْ قَتَلُوا صَاحِبَهُمْ وَسَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْوَاهُمْ وَرُدَّ بِأَنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ الْأَنْصَارُ أَوَّلًا لَيْسَ عَلَى صُورَةِ الدَّعْوَى بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِهَا إِذَا لَمْ يَحْضُرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَتَعَذَّرَ حُضُورُهُ سَلَّمْنَا وَلَكِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ بَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ الدَّعْوَى إِنَّمَا تَكُونُ عَلَى وَاحِدٍ لِقَوْلِهِ تُقْسِمُونَ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَيُدْفَعُ إِلَيْكُمْ بِرُمَّتِهِ وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ عَلَى أَنَّ الْقَسَامَةَ إِنَّمَا تَكُونُ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَمَشْهُورٌ قَوْلُ مَالِكٍ.

     وَقَالَ  الْجُمْهُورُ يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ عَلَى مُعَيَّنٍ سَوَاءٌ كَانَ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ وَاخْتَلَفُوا هَلْ يَخْتَصُّ الْقَتْلُ بِوَاحِدٍ أَوْ يُقْتَلُ الْكُلُّ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِيهِ.

     وَقَالَ  أَشْهَبُ لَهُمْ أَنْ يَحْلِفُوا عَلَى جَمَاعَةٍ وَيَخْتَارُوا وَاحِدًا لِلْقَتْلِ وَيُسْجَنُ الْبَاقُونَ عَامًا وَيُضْرَبُونَ مِائَةً مِائَةً وَهُوَ قَوْلٌ لَمْ يُسْبَقْ إِلَيْهِ وَفِيهِ أَنَّ الْحَلِفَ فِي الْقَسَامَةِ لَا يَكُونُ إِلَّا مَعَ الْجَزْمِ بِالْقَاتِلِ وَالطَّرِيقُ إِلَى ذَلِكَ الْمُشَاهَدَةُ وَإِخْبَارُ مَنْ يُوثَقُ بِهِ مَعَ الْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فَنَكَلَ عَنْهَا لَا يُقْضَى عَلَيْهِ حَتَّى يُرَدَّ الْيَمِينُ عَلَى الْآخَرِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَعِنْدَ أَحْمَدَ وَالْحَنَفِيَّةِ يُقْضَى عَلَيْهِ دُونَ رَدِّ الْيَمِينِ وَفِيهِ أَنَّ أَيْمَانَ الْقَسَامَةِ خَمْسُونَ يَمِينًا وَاخْتُلِفَ فِي عَدَدِ الْحَالِفِينَ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجِبُ الْحَقُّ حَتَّى يَحْلِفَ الْوَرَثَةُ خَمْسِينَ يَمِينًا سَوَاءٌ قَلُّوا أَمْ كَثُرُوا فَلَوْ كَانَ بِعَدَدِ الْأَيْمَانِ حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَمِينًا وَإِنْ كَانُوا أَقَلَّ أَوْ نَكَلَ بَعْضُهُمْ رُدَّتِ الْأَيْمَانُ عَلَى الْبَاقِينَ فَإِنْ لم يكن إِلَّا وَاحِدٌ حَلَفَ خَمْسِينَ يَمِينًا وَاسْتَحَقَّ حَتَّى لَوْ كَانَ مَنْ يَرِثُ بِالْفَرْضِ وَالتَّعْصِيبِ أَوْ بِالنَّسَبِ وَالْوَلَاءِ حَلَفَ وَاسْتَحَقَّ.

     وَقَالَ  مَالِكٌ إِنْ كَانَ وَلِيُّ الدَّمِ وَاحِدًا ضُمَّ إِلَيْهِ آخَرُ مِنَ الْعَصَبَةِ وَلَا يُسْتَعَانُ بِغَيْرِهِمْ وَإِنْ كَانَ الْأَوْلِيَاءُ أَكْثَرَ حَلَفَ مِنْهُمْ خَمْسُونَ.

     وَقَالَ  اللَّيْثُ لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا يَقُولُ إِنَّهَا تَنْزِلُ عَنْ ثَلَاثَةِ أَنْفُسٍ.

     وَقَالَ  الزُّهْرِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَوَّلُ مَنْ نَقَصَ الْقَسَامَةَ عَنْ خَمْسِينَ مُعَاوِيَةُ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَقَضَى بِهِ عَبْدُ الْمَلِكِ ثُمَّ رَدَّهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى الْأَمْرِ الْأَوَّلِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى تَقْدِيمِ الْأَسَنِّ فِي الْأَمْرِ الْمُهِمِّ إِذَا كَانَتْ فِيهِ أَهْلِيَّةُ ذَلِكَ لَا مَا إِذَا كَانَ عَرِيًّا عَنْ ذَلِكَ وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ الْأَمْرُ بِتَقْدِيمِ الْأَكْبَرِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ إِمَّا لِأَنَّ وَلِيَّ الدَّمِ لَمْ يَكُنْ مُتَأَهِّلًا فَأَقَامَ الْحَاكِمُ قَرِيبَهُ مَقَامَهُ فِي الدَّعْوَى وَإِمَّا لِغَيْرِ ذَلِكَ وَفِيهِ التَّأْنِيسُ وَالتَّسْلِيَةُ لِأَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ لَا أَنَّهُ حَكَمَ عَلَى الْغَائِبِينَ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ صُورَةُ دَعْوَى عَلَى غَائِبٍ وَإِنَّمَا وَقَعَ الْإِخْبَارُ بِمَا وَقَعَ فَذَكَرَ لَهُمْ قِصَّةَ الْحُكْمِ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ وَمِنْ ثَمَّ كَتَبَ إِلَى الْيَهُودِ بَعْدَ أَنْ دَارَ بَيْنَهُمُ الْكَلَامُ الْمَذْكُورُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مُجَرَّدَ الدَّعْوَى لَا تُوجِبُ إِحْضَارَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَنَّ فِي إِحْضَارِهِ مَشْغَلَةً عَنْ أَشْغَالِهِ وَتَضْيِيعًا لِمَالِهِ مِنْ غَيْرِ مُوجِبٍ ثَابِتٍ لِذَلِكَ أَمَّا لَوْ ظَهَرَ مَا يُقَوِّي الدَّعْوَى مِنْ شُبْهَةٍ ظَاهِرَة فَهَل يسوغ استحضار الْخصم أَولا مَحَلُّ نَظَرٍ وَالرَّاجِحُ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِالْقُرْبِ وَالْبُعْدِ وَشِدَّةِ الضَّرَرِ وَخِفَّتِهِ وَفِيهِ الِاكْتِفَاءُ بِالْمُكَاتَبَةِ وَبِخَبَرِ الْوَاحِدِ مَعَ إِمْكَانِ الْمُشَافَهَةِ وَفِيهِ أَنَّ الْيَمِينَ قَبْلَ تَوْجِيهِهَا مِنَ الْحَاكِمِ لَا أَثَرَ لَهَا لِقَوْلِ الْيَهُودِ فِي جَوَابِهِمْ وَاللَّهِ مَا قَتَلْنَا وَفِي قَوْلِهِمْ لَا نَرْضَى بِأَيْمَانِ الْيَهُودِ استبعاد لِصِدْقِهِمْ لِمَا عَرَفُوهُ مِنْ إِقْدَامِهِمْ عَلَى الْكَذِبِ وَجَرَاءَتِهِمْ عَلَى الْأَيْمَانِ الْفَاجِرَةِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الدَّعْوَىَ فِي الْقَسَامَةِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ عَدَاوَةٍ أَوْ لَوْثٍ وَاخْتُلِفَ فِي سَمَاعِ هَذِهِ الدَّعْوَى وَلَوْ لَمْ تُوجِبِ الْقَسَامَةَ فَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَانِ وَبِسَمَاعِهَا قَالَ الشَّافِعِيُّ لِعُمُومِ حَدِيثِ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ قَوْلِهِ لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى قَوْمٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ وَلِأَنَّهَا دَعْوَى فِي حَقِّ آدَمِيٍّ فَتُسْمَعُ وَيُسْتَحْلَفُ وَقَدْ يُقِرُّ فَيَثْبُتُ الْحَقُّ فِي قَتْلِهِ وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ عَنْهُ فَلَوْ نَكَلَ رُدَّتْ عَلَى الْمُدَّعِي وَاسْتَحَقَّ الْقَوَدَ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةَ فِي الْخَطَإِ وَعَنِ الْحَنَفِيَّةِ لَا تُرَدُّ الْيَمِينُ وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْمُدَّعِينَ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ إِذَا نَكَلُوا عَنِ الْيَمِينِ وَجَبَتِ الدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ قَرِيبًا وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ يَحْلِفُ فِي الْقَسَامَةِ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ رَجُلًا وَلَا بَالِغًا لِإِطْلَاقِ قَوْلِهِ خَمْسِينَ مِنْكُمْ وَبِهِ قَالَ رَبِيعَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَاللَّيْثُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ.

     وَقَالَ  مَالِكٌ لَا مَدْخَلَ لِلنِّسَاءِ فِي الْقَسَامَةِ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ فِي الْقَسَامَةِ الْقَتْلُ وَلَا يُسْمَعُ مِنَ النِّسَاءِ.

     وَقَالَ  الشَّافِعِيُّ لَا يَحْلِفُ فِي الْقَسَامَةِ إِلَّا الْوَارِثُ الْبَالِغُ لِأَنَّهَا يَمِينٌ فِي دَعْوَى حُكْمِيَّةٍ فَكَانَتْ كَسَائِرِ الْأَيْمَانِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَاخْتُلِفَ فِي الْقَسَامَةِ هَلْ هِيَ مَعْقُولَةُ الْمَعْنَى فَيُقَاسَ عَلَيْهَا أَوْ لَا وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهَا مَعْقُولَةُ الْمَعْنَى لَكِنَّهُ خَفِيٌّ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا لَا نَظِيرَ لَهَا فِي الْأَحْكَامِ وَإِذَا قُلْنَا إِنَّ الْمَبْدَأَ فِيهَا يَمِينُ الْمُدَّعِي فَقَدْ خَرَجَتْ عَنْ سُنَنِ الْقِيَاسِ وَشَرْطُ الْقِيَاسِ أَنْ لَا يَكُونَ مَعْدُولًا بِهِ عَنْ سُنَنِ الْقيَاس كَشَهَادَة خُزَيْمَة تَنْبِيه نبه بن الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ عَلَى النُّكْتَةِ فِي كَوْنِ الْبُخَارِيِّ لَمْ يُورِدْ فِي هَذَا الْبَابِ الطَّرِيقَ الدَّالَّةَ عَلَى تَحْلِيفِ الْمُدَّعِي وَهِيَ مِمَّا خَالَفَتْ فِيهِ الْقَسَامَةُ بَقِيَّةَ الْحُقُوقِ فَقَالَ مَذْهَبُ الْبُخَارِيِّ تَضْعِيفُ الْقَسَامَةِ فَلِهَذَا صَدَّرَ الْبَابَ بِالْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ فِي جَانِبِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَوْرَدَ طَرِيقَ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ وَهُوَ جَارٍ عَلَى الْقَوَاعِدِ وَإِلْزَامُ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ لَيْسَ مِنْ خُصُوصِيَّةِ الْقَسَامَةِ فِي شَيْءٍ ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ الْقَسَامَةِ الدَّالَّ عَلَى خُرُوجِهَا عَنِ الْقَوَاعِدِ بِطَرِيقِ الْعَرْضِ فِي كِتَابِ الْمُوَادَعَةِ وَالْجِزْيَةِ فِرَارًا مِنْ أَنْ يَذْكُرَهَا هُنَا فَيَغْلَطُ الْمُسْتَدِلُّ بِهَا عَلَى اعْتِقَادِ الْبُخَارِيِّ قَالَ وَهَذَا الْإِخْفَاءُ مَعَ صِحَّةِ الْقَصْدِ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ كِتْمَانِ الْعِلْمِ.

قُلْتُ الَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْبُخَارِيَّ لَا يُضَعِّفُ الْقَسَامَةَ مِنْ حَيْثُ هِيَ بَلْ يُوَافِقُ الشَّافِعِيَّ فِي أَنَّهُ لَا قَوَدَ فِيهَا وَيُخَالِفُهُ فِي أَنَّ الَّذِي يَحْلِفُ فِيهَا هُوَ الْمُدَّعِي بَلْ يَرَى أَنَّ الرِّوَايَاتِ اخْتَلَفَتْ فِي ذَلِكَ فِي قِصَّةِ الْأَنْصَارِ وَيَهُودِ خَيْبَرَ فَيُرَدُّ الْمُخْتَلَفُ إِلَى الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَمِنْ ثَمَّ أَوْرَدَ رِوَايَةَ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ فِي بَابِ الْقَسَامَةِ وَطَرِيقَ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فِي بَابٍ آخَرَ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ تَضْعِيفُ أَصْلِ الْقَسَامَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّ قَوْلَهُ تَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ وَاسْتِعْظَامٌ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَبْدَءُوا بِطَلَبِ الْيَمِينِ حَتَّى يَصِحَّ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِمْ وَإِنَّمَا هُوَ اسْتِفْهَامُ تَقْرِيرٍ وَتَشْرِيعٍ