هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
657 حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ ، عَنْ زَائِدَةَ ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو بُرْدَةَ ، عَنْ أَبِي مُوسَى ، قَالَ : مَرِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَاشْتَدَّ مَرَضُهُ ، فَقَالَ : مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ قَالَتْ عَائِشَةُ : إِنَّهُ رَجُلٌ رَقِيقٌ ، إِذَا قَامَ مَقَامَكَ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ ، قَالَ : مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ فَعَادَتْ ، فَقَالَ : مُرِي أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ ، فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ فَأَتَاهُ الرَّسُولُ ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
657 حدثنا إسحاق بن نصر ، قال : حدثنا حسين ، عن زائدة ، عن عبد الملك بن عمير ، قال : حدثني أبو بردة ، عن أبي موسى ، قال : مرض النبي صلى الله عليه وسلم ، فاشتد مرضه ، فقال : مروا أبا بكر فليصل بالناس قالت عائشة : إنه رجل رقيق ، إذا قام مقامك لم يستطع أن يصلي بالناس ، قال : مروا أبا بكر فليصل بالناس فعادت ، فقال : مري أبا بكر فليصل بالناس ، فإنكن صواحب يوسف فأتاه الرسول ، فصلى بالناس في حياة النبي صلى الله عليه وسلم
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن أَبِي مُوسَى ، قَالَ : مَرِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَاشْتَدَّ مَرَضُهُ ، فَقَالَ : مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ قَالَتْ عَائِشَةُ : إِنَّهُ رَجُلٌ رَقِيقٌ ، إِذَا قَامَ مَقَامَكَ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ ، قَالَ : مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ فَعَادَتْ ، فَقَالَ : مُرِي أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ ، فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ فَأَتَاهُ الرَّسُولُ ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

Narrated Abu Musa:

The Prophet (ﷺ) became sick and when his disease became aggravated, he said, Tell Abu Bakr to lead the prayer. `Aisha said, He is a softhearted man and would not be able to lead the prayer in your place. The Prophet (ﷺ) said again, Tell Abu Bakr to lead the people in prayer. She repeated the same reply but he said, Tell Abu Bakr to lead the people in prayer. You are the companions of Joseph. So the messenger went to Abu Bakr (with that order) and he led the people in prayer in the lifetime of the Prophet.

":"ہم سے اسحاق بن نصر نے بیان کیا ، کہا کہ ہم سے حسین بن علی بن ولید نے زائدہ بن قدامہ سے بیان کیا ، انہوں نے عبدالملک بن عمیر سے ، کہا کہ مجھ سے ابوبردہ عامر نے بیان کیا ، انہوں نے ابوموسیٰ اشعری رضی اللہ عنہ سے ، آپ نے فرمایا کہآپ نے فرمایا کہ نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم بیمار ہوئے اور جب بیماری شدت اختیار کر گئی تو آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ ابوبکر ( رضی اللہ عنہ ) سے کہو کہ وہ لوگوں کو نماز پڑھائیں ۔ اس پر حضرت عائشہ رضی اللہ عنہا بولیں کہ وہ نرم دل ہیں جب آپ کی جگہ کھڑے ہوں گے تو ان کے لئے نماز پڑھانا مشکل ہو گا ۔ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے پھر فرمایا کہ ابوبکر سے کہو کہ وہ نماز پڑھائیں ۔ حضرت عائشہ رضی اللہ عنہا نے پھر وہی بات کہی ۔ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے پھر فرمایا کہ ابوبکر سے کہو کہ نماز پڑھائیں ، تم لوگ صواحب یوسف ( زلیخا ) کی طرح ( باتیں بناتی ) ہو ۔ آخر ابوبکر صدیق رضی اللہ عنہ کے پاس آدمی بلانے آیا اور آپ نے لوگوں کو نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم کی زندگی میں ہی نماز پڑھائی ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [678] .

     قَوْلُهُ  حَدثنَا حُسَيْن هُوَ بن عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ وَالْإِسْنَادُ سِوَى الرَّاوِي عَنْهُ كُلُّهُمْ كوفيون وَأَبُو بردة هُوَ بن أَبِي مُوسَى وَوَهِمَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ هُنَا أَخُوهُ .

     قَوْلُهُ  رَقِيقٌ أَيْ رَقِيقُ الْقَلْبِ .

     قَوْلُهُ  لَمْ يَسْتَطِعْ أَيْ مِنَ الْبُكَاءِ .

     قَوْلُهُ  فَأَتَاهُ الرَّسُولُ هُوَ بِلَالٌ .

     قَوْلُهُ  فَصَلَّى بِالنَّاسِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ إِلَى أَنْ مَاتَ وَكَذَا صَرَّحَ بِهِ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فِي الْمَغَازِي

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [678] حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: "مَرِضَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاشْتَدَّ مَرَضُهُ، فَقَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ.
قَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّهُ رَجُلٌ رَقِيقٌ، إِذَا قَامَ مَقَامَكَ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ.
قَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ.
فَعَادَتْ.
فَقَالَ: مُرِي أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ، فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، فَأَتَاهُ الرَّسُولُ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".
[الحديث طرفه في: 3385] .
وبالسند قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني ( إسحاق بن نصر) بالصاد المهملة الساكنة، نسبة إلى جده لشهرته به، واسم أبيه إبراهيم ( قال: حدّثنا حسين) هو ابن علي بن الوليد الجعفي الكوفي ( عن زائدة) بن قدامة ( عن عبد الملك بن عمير) بضم العين وفتح الميم، ابن سويد الكوفي، ( قال: حدّثني) بالإفراد ( أبو بردة) عامر بن أبي موسى ( عن أبي موسى) عبد الله الأشعري ( قال: مرض النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) مرضه الذي مات فيه ( فاشتد مرضه) وحضرت الصلاة ( فقال) لمن حضره: ( مروا أبا بكر) رضي الله عنه ( فليصل بالناس) بسكون اللام، ولابن عساكر: فليصلّي بكسرها، وإثبات ياء مفتوحة بعد الثانية، أي: فقولوا له قولي: فليصل بالناس.
( قالت عائشة) ابنته رضي الله عنها: ( إنه رجل رقيق) قلبه ( إذا قام مقامك لم يستطع) من البكاء لكثرة حزنه ورقة قلبه ( أن يصلّي بالناس) ( قال) عليه الصلاة والسلام للحاضرين ( مروا) وللأربعة: مري ( أبا بكر) أمرًا لعائشة ( فليصل بالناس) بسكون اللام مع الجزم بحذف حرف العلة، ولابن عساكر والأصيلي: فليصلّي بالناس، بكسرها وإثبات الياء المفتوحة، كقراءة: يتقي ويصبر، برفع يتقي، وجزم يصبر.
( فعادت) عائشة إلى قوله: إنه رجل رقيق إلخ.
( فقال) عليه الصلاة والسلام لها ( مري أبا بكر فليصلِّ بالناس) بسكون اللام، ولابن عساكر: فليصلّي بكسر اللام مع زيادة الياء المفتوحة آخره، ( فإنكن) بلفظ الجمع على إرادة الجنس، وإلا فالقياس أن يقول: فإنك، بلفظ المفردة ( صواحب يوسف) الصديق عليه الصلاة والسلام، تظهرن خلاف ما تبطن كهنّ.
وكان مقصود عائشة أن لا يتطيّر الناس بوقوف أبيها مكان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كإظهار زليخا إكرام النسوة بالضيافة، ومقصودها أن ينظرن إلى حُسْن يوسف ليعذرنها في محبته ( فأتاه الرسول) بلال بتبليغ الأمر، والضمير المنصوب لأبي بكر فحضر ( فصلّى بالناس في حياة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) إلى أن توفاه الله تعالى.
والإمامة الصغرى تدل على الكبرى، ومطابقة الحديث للترجمة ظاهرة، فإن أبا بكر أفضل الصحابة، وأعلمهم وأفقههم، كما يدل عليه مراجعة الشارع بأنه هو الذي يصلّي، والأصح أن الأفقه أولى بالإمامة من الإقرار الأورع، وقيل: الأقرأ أولى من الآخرين، حكاه في شرح المهذّب.
ويدل له فيما قيل حديث مسلم: إذا كانوا ثلاثة فليؤمّهم أحدهم، وأحقهم بالإمامة أقرؤهم.
وأجيب بأنه في المستوين في غير القراءة كالفقه، لأن أهل العصر الأول كانوا يتفقهون مع القراءة فلا يوجد قارئ إلاّ وهو فقيه، فالحديث في تقديم الأقرأ من الفقهاء المستوين على غيره.
ورواة حديث الباب الستة كوفيون غير شيخ المؤلّف، وفيه رواية تابعى عن تابعي عن صحابي، والتحديث بالإفراد والجمع، والعنعنة والقول، وأخرجه أيضًا في أحاديث الأنبياء، ومسلم في الصلاة.
679 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ -رضي الله عنها- أَنَّهَا قَالَتْ: "إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ فِي مَرَضِهِ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ.
قَالَتْ عَائِشَةُ: قُلْتُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ الْبُكَاءِ، فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ.
فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ لِحَفْصَةَ قُولِي لَهُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ الْبُكَاءِ فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ.
فَفَعَلَتْ حَفْصَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَهْ، إِنَّكُنَّ لأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ.
فَقَالَتْ حَفْصَةُ لِعَائِشَةَ: مَا كُنْتُ لأُصِيبَ مِنْكِ خَيْرًا".
وبه قال ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي ( قال: أخبرنا مالك) إمام دار الهجرة ( عن هشام بن عروة عن أبيه) عروة ( عن عائشة أم المؤمنين) رضي الله عنها، كذا رواه حماد عن مالك موصولاً، وهو في أكثر نسخ الموطأ مرسلاً لم يذكر عائشة، وسقط أم المؤمنين لأبي ذر ( أنها قالت: إن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال في مرضه:) الذي توفي فيه: ( مروا أبا بكر يصلّي بالناس) ( قالت عائشة) رضي الله عنها: ( قلت: إن أبا بكر إذا قام في مقامك لم يسمع الناس من البكاء) لرقة قلبه، ( فمر عمر) بن الخطاب ( فليصل بالناس) بالموحدة، وللكشميهني.
للناس باللام بدلها، ولابن عساكر: فليصلّي بكسر اللام وإثبات ياء مفتوحة بعد الثانية ( فقالت) ولأبوي ذر والوقت: قالت ( عائشة) رضي الله عنها: ( فقلت) بالفاء، ولأبي ذر: قلت ( لحفصة) بنت عمر: ( قولي له) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( إن أبا بكر إذا قام في مقامك لم يسمع الناسمن البكاء، فمر عمر فليصل) بالجزم، ولابن عساكر: فليصلّي ( للناس) ولأبوي ذر والوقت وابن عساكر: بالناس، بالموحدة بدل اللام، ولأبي ذر: يصلّي بالناس بإسقاط الفاء واللام ( ففعلت حفصة) ذلك ( فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ( مه) اسم فعل مبني على السكون، زجر بمعنى: اكففي ( إنكن) ولأبي ذر في نسخة: فإنكن ( لأنتنّ صواحب يوسف) عليه الصلاة والسلام، أي مثلهن.
قال الشيخ عز الدّين ابن عبد السلام: وجه التشبيه بهنّ وجود مكر في القصتين، وهو مخالفة الظاهر لما في الباطن، فصواحب يوسف أتين زليخا ليعتبنها، ومقصودهنّ أن يدعون يوسف لأنفسهن، وعائشة رضي الله عنها، كان مرادها أن لا يطير الناس بأبيها لوقوفه مكان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، لكن تعقبه الحافظ ابن حجر بأن سياق الآية ليس فيه ما يساعده على ما قاله: ( مروا أبا بكر فليصل بالناس) وللكشميهني: للناس باللام، ولابن عساكر: فليصلّي بالناس.
( فقالت حفصة لعائشة) رضي الله عنها ( ما كنت لأصيب منك خيرًا) .

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [678] وهذا مِمَّا يستدل بِهِ من قَالَ: إن الأفقه والأعلم مقدم عَلَى مقدم عَلَى الأقرإ؛ فإن أَبِي بْن كعب كَانَ أقرأ الصَّحَابَة، كما قَالَ عُمَر: ( ( أَبِي أقرؤنا) ) .
وروي عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من وجوه، أَنَّهُ قَالَ: ( ( أقرأ أمتي لكتاب الله أَبِي بْن كعب) ) .
خرجه الإمام أحمد والنسائي والترمذي وابن ماجه – وصححه الترمذي – من حَدِيْث أَبِي قلابة، عَن أنس.
وقد روي عَن أَبِي قلابة مرسلاً من غير ذكر ( ( أَنَس) ) ، وَهُوَ أصح عِنْدَ كثير من الحفاظ.
فلما قدم النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا بَكْر عَلَى أَبِي بْن كعب فِي الصلاة بالناس دل عَلَى أن الأعلم والأفقه والأفضل مقدم عَلَى الأقرإ.
وقد اختلف العلماء: هَلْ يقدم الأقرأ عَلَى الأفقه، أم الأفقه عَلَى الأقرإ؟ فَقَالَتْ طائفة: يقدم الأفقه، وَهُوَ قَوْلِ عَطَاء والثوري ومالك والأوزاعي والشافعي وأبي ثور.
وَقَالَ الليث: يؤمهم أفضلهم وخيرهم، ثُمَّ أقرؤهم، ثُمَّ أسنهم.
وقالت طائفة: يقدم الأقرأ عَلَى الأفقه، وحكي عَن الأشعث بْن قيس وابن سيرين والثوري وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي، حكاه عنهم ابن المنذر واختاره.
وما حكيناه عَن الثوري، حكاه أصحابهعَنْهُ فِي كتبهم المصنفة عَلَى مذهبه.
ونص أحمد عَلَى أَنَّهُ يقدم الأقرأ إذا كَانَ يعرف مَا يحتاج إليه الصلاة من الفقه، وكذلك قَالَ كثير من المحققين من أصحابه، وحكموا مذهبه عَلَى هَذَا الوجه.
واستدل من قدم الأقرأ بما خرجه مُسْلِم فِي ( ( صحيحه) ) من حَدِيْث أوس بْن ضمعج، عَن أَبِي مَسْعُود الأنصاري، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ( ( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا فِي القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا فِي السنة سواء فأقدمهم هجرة) ) .
وفي رِوَايَة لمسلم: ( ( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله وأقدمهم قراءة) ) .
وخرجه الحَاكِم، وعنده ( ( يؤم القوم أكثرهم قرآناً) ) – وذكر الحَدِيْث.
وخرج مُسْلِم – أَيْضاً – من حَدِيْث أَبِي نضرة، عَن أَبِي سَعِيد الْخُدرِيَّ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( إذا كانوا ثَلاَثَة فليؤمهم أحدهم، وأحقهم بالإمامة أقرؤهم) ) .
وخرج البخاري فِي ( ( كتابه) ) هَذَا من حَدِيْث عَمْرِو بْن سَلَمَة الجرمي، عَن أَبِيه، أن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ( ( إذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم، وليؤمكم أكثركم قرآناً) ) .
وخرج – أَيْضاً – فِيهِ من حَدِيْث ابن عُمَر، قَالَ: لما قدم المهاجرون الأولون قَبْلَ مقدم النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يؤمهم سَالِم مَوْلَى أَبِي حذيفة، وكان أكثرهم قرآناً.
وخرج الإمام أحمد من حَدِيْث أَبِي موسى الأشعري، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ( ( يؤمكم أقرؤكم) ) .
وخرجه أبو داود وابن ماجه من حَدِيْث ابن عَبَّاس، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: ( ( ليؤمكم قراؤكم) ) .
وفي الباب أحاديث أخر.
وقد تأول الشَّافِعِيّ وغيره هذه الأحاديث عَلَى أن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما خاطب أصحابه، وكان أكثرهم قرآناً أكثرهم فقهاً؛ فإن قراءتهم كَانَتْ علماً وعملاً بخلاف من بعدهم.
وأجيب عَن هَذَا بوجهين: أحدهما: أن هَذَا خطاب عام للأمة كلهم، فلا يختص بالصحابة.
والثاني: أَنَّهُ فرق بَيْن الأقرإ والأعلم بالسنة، وقدم الأقرإ عَلِيهِ.
وأجاب الإمام أحمد عَن تقديم النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا بَكْر عَلَى أَبِي بْن كعب وغيره، بأنه أراد بذلك التنبيه عَلَى خلافته، فلهذا المعنى قدمه فِي الصلاة عَلَى النَّاس كلهم.
وقد منع بعضهم أن يكون أَبِي بْن كعب أقرأ من أَبِي بَكْر، لأن المراد بالأقرإ فِي الإمامة الأكثر قرآناً..
     وَقَالَ : كَانَ أبو بَكْر يقرأ القران كله، فلا مزية لأبي بْن كعب عَلِيهِ فِي ذَلِكَ، وامتاز أبو بَكْر بالعلم والفضل.
وهذه المسألة لأصحابنا فيها وجهان: إذا اجتمع قارئان، أحدهما أكثرقرآناً، والآخر أجود قراءةً، فهل يقدم الأكثر قرآناً عَلَى الأجود قراءة، أم بالعكس؟ وأكثر الأحاديث تدل ى اعتبار كثرة القرآن.
وإن اجتمع فقيهان قارئان، أحدهما أفقه، والآخر أجود قراءة، ففي أيهما يقدم وجهان – أَيْضاً.
وقيل: إن المنصوص عَن أحمد، أَنَّهُ يقدم الأقرأ.
الحَدِيْث الثاني:

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ أَهْلُ الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ)
أَيْ مِمَّنْ لَيْسَ كَذَلِكَ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْأَعْلَمَ وَالْأَفْضَلَ أَحَقُّ مِنَ الْعَالِمِ وَالْفَاضِلِ وَذِكْرُ الْفَضْلِ بَعْدَ الْعِلْمِ مِنَ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى تَرْتِيبِ الْأَئِمَّةِ بَعْدَ بَابَيْنِ

[ قــ :657 ... غــ :678] .

     قَوْلُهُ  حَدثنَا حُسَيْن هُوَ بن عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ وَالْإِسْنَادُ سِوَى الرَّاوِي عَنْهُ كُلُّهُمْ كوفيون وَأَبُو بردة هُوَ بن أَبِي مُوسَى وَوَهِمَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ هُنَا أَخُوهُ .

     قَوْلُهُ  رَقِيقٌ أَيْ رَقِيقُ الْقَلْبِ .

     قَوْلُهُ  لَمْ يَسْتَطِعْ أَيْ مِنَ الْبُكَاءِ .

     قَوْلُهُ  فَأَتَاهُ الرَّسُولُ هُوَ بِلَالٌ .

     قَوْلُهُ  فَصَلَّى بِالنَّاسِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ إِلَى أَنْ مَاتَ وَكَذَا صَرَّحَ بِهِ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فِي الْمَغَازِي

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  بَاب
أَهْلِ العِلْمِ والفَضْلِ أَحَقُّ بِالإِمَامَةِ
فِيهِ خمسة أحاديث:
الحَدِيْث الأول:
[ قــ :657 ... غــ :678 ]
- حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن نصر: حَدَّثَنَا حسين، عَن زائدة، عَن عَبْد الملك ابن عمير، قَالَ: حَدَّثَنِي أبو بردة، عَن أَبِي موسى، قَالَ: مرض النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فاشتد مرضه، فَقَالَ: ( ( مروا أَبَا بَكْر فليصل بالناس) ) .
قَالَتْ عَائِشَة: إنه رَجُل رقيق، إذا قام مقامك لَمْ يستطع أن يصلي بالناس.
قَالَ: ( ( مري أَبَا بَكْر فليصل بالناس) ) ، فعادت، فَقَالَ: ( ( مري أَبَا بَكْر فليصل بالناس؛ فإنكن صواحب يوسف) ) ، فأتاه الرسول، فصلى بالناس فِي حَيَاة النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

استدل البخاري بهذا الحَدِيْث عَلَى أن أهل الفضل والعلم أحق بالإمامة من غيرهم؛ فإن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر أَبَا بَكْر من بين الصَّحَابَة كلهم بالصلاة بالناس، وروجع فِي ذَلِكَ مراراً وَهُوَ يأبى إلا تقديمه فِي الصلاة عَلَى غيره من الصَّحَابَة، وإنما قدمه لعلمه وفضله؛ فأما فضله عَلَى سائر الصَّحَابَة فهو مِمَّا اجتمع عَلِيهِ أهل السنة والجماعة، وأما علمه فكذلك.

وقد حكى أبو بَكْر ابن السمعاني وغيره إجماع أهل السنة عَلِيهِ – أَيْضاً.
وهذا مِمَّا يستدل بِهِ من قَالَ: إن الأفقه والأعلم مقدم عَلَى مقدم عَلَى الأقرإ؛ فإن أَبِي بْن كعب كَانَ أقرأ الصَّحَابَة، كما قَالَ عُمَر: ( ( أَبِي أقرؤنا) ) .

وروي عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من وجوه، أَنَّهُ قَالَ: ( ( أقرأ أمتي لكتاب الله أَبِي بْن كعب) ) .

خرجه الإمام أحمد والنسائي والترمذي وابن ماجه – وصححه الترمذي – من حَدِيْث أَبِي قلابة، عَن أنس.

وقد روي عَن أَبِي قلابة مرسلاً من غير ذكر ( ( أَنَس) ) ، وَهُوَ أصح عِنْدَ كثير من الحفاظ.

فلما قدم النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا بَكْر عَلَى أَبِي بْن كعب فِي الصلاة بالناس دل عَلَى أن الأعلم والأفقه والأفضل مقدم عَلَى الأقرإ.

وقد اختلف العلماء: هَلْ يقدم الأقرأ عَلَى الأفقه، أم الأفقه عَلَى الأقرإ؟
فَقَالَتْ طائفة: يقدم الأفقه، وَهُوَ قَوْلِ عَطَاء والثوري ومالك والأوزاعي والشافعي وأبي ثور.

وَقَالَ الليث: يؤمهم أفضلهم وخيرهم، ثُمَّ أقرؤهم، ثُمَّ أسنهم.

وقالت طائفة: يقدم الأقرأ عَلَى الأفقه، وحكي عَن الأشعث بْن قيس وابن سيرين والثوري وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي، حكاه عنهم ابن المنذر واختاره.

وما حكيناه عَن الثوري، حكاه أصحابه عَنْهُ فِي كتبهم المصنفة عَلَى مذهبه.

ونص أحمد عَلَى أَنَّهُ يقدم الأقرأ إذا كَانَ يعرف مَا يحتاج إليه الصلاة من الفقه، وكذلك قَالَ كثير من المحققين من أصحابه، وحكموا مذهبه عَلَى هَذَا الوجه.

واستدل من قدم الأقرأ بما خرجه مُسْلِم فِي ( ( صحيحه) ) من حَدِيْث أوس بْن ضمعج، عَن أَبِي مَسْعُود الأنصاري، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ( ( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا فِي القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا فِي السنة سواء فأقدمهم هجرة) ) .

وفي رِوَايَة لمسلم: ( ( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله وأقدمهم قراءة) ) .

وخرجه الحَاكِم، وعنده ( ( يؤم القوم أكثرهم قرآناً) ) – وذكر الحَدِيْث.

وخرج مُسْلِم – أَيْضاً – من حَدِيْث أَبِي نضرة، عَن أَبِي سَعِيد الْخُدرِيَّ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( إذا كانوا ثَلاَثَة فليؤمهم أحدهم، وأحقهم بالإمامة أقرؤهم) ) .

وخرج البخاري فِي ( ( كتابه) ) هَذَا من حَدِيْث عَمْرِو بْن سَلَمَة الجرمي، عَن أَبِيه، أن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ( ( إذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم، وليؤمكم أكثركم قرآناً) ) .

وخرج – أَيْضاً – فِيهِ من حَدِيْث ابن عُمَر، قَالَ: لما قدم المهاجرون الأولون قَبْلَ مقدم النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يؤمهم سَالِم مَوْلَى أَبِي حذيفة، وكان أكثرهم قرآناً.
وخرج الإمام أحمد من حَدِيْث أَبِي موسى الأشعري، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ( ( يؤمكم أقرؤكم) ) .

وخرجه أبو داود وابن ماجه من حَدِيْث ابن عَبَّاس، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: ( ( ليؤمكم قراؤكم) ) .

وفي الباب أحاديث أخر.

وقد تأول الشَّافِعِيّ وغيره هذه الأحاديث عَلَى أن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما خاطب أصحابه، وكان أكثرهم قرآناً أكثرهم فقهاً؛ فإن قراءتهم كَانَتْ علماً وعملاً بخلاف من بعدهم.

وأجيب عَن هَذَا بوجهين:
أحدهما: أن هَذَا خطاب عام للأمة كلهم، فلا يختص بالصحابة.
أَنَّهُ فرق بَيْن الأقرإ والأعلم بالسنة، وقدم الأقرإ عَلِيهِ.

وأجاب الإمام أحمد عَن تقديم النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا بَكْر عَلَى أَبِي بْن كعب وغيره، بأنه أراد بذلك التنبيه عَلَى خلافته، فلهذا المعنى قدمه فِي الصلاة عَلَى النَّاس كلهم.

وقد منع بعضهم أن يكون أَبِي بْن كعب أقرأ من أَبِي بَكْر، لأن المراد بالأقرإ فِي الإمامة الأكثر قرآناً..
     وَقَالَ : كَانَ أبو بَكْر يقرأ القران كله، فلا مزية لأبي بْن كعب عَلِيهِ فِي ذَلِكَ، وامتاز أبو بَكْر بالعلم والفضل.

وهذه المسألة لأصحابنا فيها وجهان: إذا اجتمع قارئان، أحدهما أكثر قرآناً، والآخر أجود قراءةً، فهل يقدم الأكثر قرآناً عَلَى الأجود قراءة، أم بالعكس؟
وأكثر الأحاديث تدل ى اعتبار كثرة القرآن.

وإن اجتمع فقيهان قارئان، أحدهما أفقه، والآخر أجود قراءة، ففي أيهما يقدم وجهان – أَيْضاً.

وقيل: إن المنصوص عَن أحمد، أَنَّهُ يقدم الأقرأ.

الحَدِيْث الثاني:

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب أَهْلُ الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ أَحَقُّ بِالإِمَامَةِ
هذا ( باب) بالتنوين ( أهل العلم والفضل أحق بالإمامة) من غيرهم ممن ليس عنده علم.


[ قــ :657 ... غــ : 678 ]
- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: "مَرِضَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاشْتَدَّ مَرَضُهُ، فَقَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ.
قَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّهُ رَجُلٌ رَقِيقٌ، إِذَا قَامَ مَقَامَكَ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ.
قَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ.
فَعَادَتْ.
فَقَالَ: مُرِي أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ، فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، فَأَتَاهُ الرَّسُولُ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".
[الحديث 678 - طرفه في: 3385] .

وبالسند قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني ( إسحاق بن نصر) بالصاد المهملة الساكنة، نسبة إلى جده لشهرته به، واسم أبيه إبراهيم ( قال: حدّثنا حسين) هو ابن علي بن الوليد الجعفي الكوفي ( عن زائدة) بن قدامة ( عن عبد الملك بن عمير) بضم العين وفتح الميم، ابن سويد الكوفي، ( قال:

حدّثني)
بالإفراد ( أبو بردة) عامر بن أبي موسى ( عن أبي موسى) عبد الله الأشعري ( قال: مرض النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) مرضه الذي مات فيه ( فاشتد مرضه) وحضرت الصلاة ( فقال) لمن حضره:
( مروا أبا بكر) رضي الله عنه ( فليصل بالناس) بسكون اللام، ولابن عساكر: فليصلّي بكسرها، وإثبات ياء مفتوحة بعد الثانية، أي: فقولوا له قولي: فليصل بالناس.

( قالت عائشة) ابنته رضي الله عنها: ( إنه رجل رقيق) قلبه ( إذا قام مقامك لم يستطع) من البكاء لكثرة حزنه ورقة قلبه ( أن يصلّي بالناس) ( قال) عليه الصلاة والسلام للحاضرين ( مروا) وللأربعة: مري ( أبا بكر) أمرًا لعائشة ( فليصل بالناس) بسكون اللام مع الجزم بحذف حرف العلة، ولابن عساكر والأصيلي: فليصلّي بالناس، بكسرها وإثبات الياء المفتوحة، كقراءة: يتقي ويصبر، برفع يتقي، وجزم يصبر.
( فعادت) عائشة إلى قوله: إنه رجل رقيق إلخ.

( فقال) عليه الصلاة والسلام لها ( مري أبا بكر فليصلِّ بالناس) بسكون اللام، ولابن عساكر: فليصلّي بكسر اللام مع زيادة الياء المفتوحة آخره، ( فإنكن) بلفظ الجمع على إرادة الجنس، وإلا فالقياس أن يقول: فإنك، بلفظ المفردة ( صواحب يوسف) الصديق عليه الصلاة والسلام، تظهرن خلاف ما تبطن كهنّ.
وكان مقصود عائشة أن لا يتطيّر الناس بوقوف أبيها مكان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كإظهار زليخا إكرام النسوة بالضيافة، ومقصودها أن ينظرن إلى حُسْن يوسف ليعذرنها في محبته ( فأتاه الرسول) بلال بتبليغ الأمر، والضمير المنصوب لأبي بكر فحضر ( فصلّى بالناس في حياة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) إلى أن توفاه الله تعالى.

والإمامة الصغرى تدل على الكبرى، ومطابقة الحديث للترجمة ظاهرة، فإن أبا بكر أفضل الصحابة، وأعلمهم وأفقههم، كما يدل عليه مراجعة الشارع بأنه هو الذي يصلّي، والأصح أن الأفقه أولى بالإمامة من الإقرار الأورع، وقيل: الأقرأ أولى من الآخرين، حكاه في شرح المهذّب.

ويدل له فيما قيل حديث مسلم: إذا كانوا ثلاثة فليؤمّهم أحدهم، وأحقهم بالإمامة أقرؤهم.
وأجيب بأنه في المستوين في غير القراءة كالفقه، لأن أهل العصر الأول كانوا يتفقهون مع القراءة فلا يوجد قارئ إلاّ وهو فقيه، فالحديث في تقديم الأقرأ من الفقهاء المستوين على غيره.

ورواة حديث الباب الستة كوفيون غير شيخ المؤلّف، وفيه رواية تابعى عن تابعي عن صحابي، والتحديث بالإفراد والجمع، والعنعنة والقول، وأخرجه أيضًا في أحاديث الأنبياء، ومسلم في الصلاة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  (بابٌُ أهْلُ العِلْمِ والفَضْلِ أحَقُّ بِالإمَامةِ)

أَي: هَذَا بابُُ تَرْجَمته أهل الْعلم وَالْفضل أَحَق بِالْإِمَامَةِ من غَيرهم مِمَّن لَيْسَ من أهل الْعلم،.

     وَقَالَ  بَعضهم: وَمُقْتَضَاهُ أَن الأعلم وَالْأَفْضَل أَحَق من الْعَالم والفاضل.
قلت: هَذَا التَّرْكِيب لَا يَقْتَضِي أصلا هَذَا الْمَعْنى، بل مُقْتَضَاهُ أَن الْعَالم أَحَق من الْجَاهِل، والفاضل أَحَق من غَيره الْفَاضِل.
ثمَّ قَالَ: وَذكر الْفضل بعد الْعلم من ذكر الْعَام بعد الْخَاص.
قلت: هَذَا إِنَّمَا يتمشى إِذا أُرِيد من لفظ الْفضل معنى الْعُمُوم، وَأما إِذا أُرِيد مِنْهُ معنى خَاص لَا يتمشى هَذَا على مَا لَا يخفى.



[ قــ :657 ... غــ :678 ]
- حدَّثنا إسْحَاقُ بنُ نَصْرٍ قَالَ حدَّثنا حُسَيْنٌ عَن زَائِدَةَ عنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ قَالَ حدَّثني أبُو بُرْدَةَ عَن أبي مُوسَى قَالَ مَرِضَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاشْتَدَّ مَرَضُهُ فَقَالَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ قالِتْ عَائِشَةُ إنَّهُ رجُلٌ رَقِيقٌ إذَا قَامَ مَقَامَكَ لَمْ يَسْتَطِعْ أنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ قالَ مُرُوا أبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ فأَتَاهُ الرَّسُولُ فَصَلَّى بِالنَّاسِ فِي حَياةِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الحَدِيث 678 طرفه فِي: 3385) .


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، فَإِن أَبَا بكر أفضل الصَّحَابَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.

ذكر رِجَاله: وهم سِتَّة: الأول: إِسْحَاق ابْن نصر، بِفَتْح النُّون وَسُكُون الصَّاد الْمُهْملَة: وَهُوَ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، وروى عَنهُ البُخَارِيّ فِي غير مَوضِع من كِتَابه، مرّة يَقُول: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن نصر، وَمرَّة يَقُول: حَدثنَا إِسْحَاق بن نصر، فينسبه إِلَى جده.
الثَّانِي: حُسَيْن ابْن عَليّ بن الْوَلِيد الْجعْفِيّ الكُوفي.
الثَّالِث: زَائِدَة بن قدامَة.
الرَّابِع: عبد الْملك بن عُمَيْر بتصغير عمر وبن سُوَيْد الْكُوفِي كَانَ مَعْرُوفا: بِعَبْد الْملك القبطي، لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ فرس سَابق يعرف بالقبطي، فنسب إِلَيْهِ.
وَكَانَ على قَضَاء الْكُوفَة بعد الشّعبِيّ وَهُوَ أول من عبر نهر جيحون نهر بَلخ من طَرِيق سَمَرْقَنْد، مَاتَ سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَمِائَة وعمره مائَة سنة وَثَلَاث سِنِين.
الْخَامِس: أَبُو بردة بن أبي مُوسَى واسْمه: عَامر.
السَّادِس: أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، واسْمه: عبد الله بن قيس.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْإِفْرَاد فِي موضِعين، وبصيغة الْجمع فِي مَوضِع، وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه: نِسْبَة الرَّاوِي إِلَى جده وَهُوَ شيخ البُخَارِيّ.
وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ عَن الصَّحَابِيّ.
وَفِيه: أَن رُوَاته كلهم كوفيون سوى شيخ البُخَارِيّ.
وَفِيه: أَن شَيْخه من أَفْرَاده.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم السَّلَام، عَن الرّبيع عَن يحيى.
وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن أبي بكر بن أبي شيبَة.
ذكر مَعْنَاهُ: وَقد ذكرنَا أَكثر مَعَانِيه وَمَا يتَعَلَّق بِهِ فِي: بابُُ حد الْمَرِيض أَن يشْهد الْجَمَاعَة، فَإِنَّهُ روى هَذَا الحَدِيث هُنَاكَ من حَدِيث الْأسود عَن عَائِشَة، وبيَّنا هُنَاكَ مَا ذكر فِيهِ من اخْتِلَاف الرِّوَايَات.
قَوْله: (رَقِيق) أَي: رَقِيق الْقلب.
قَوْله: (لم يسْتَطع) أَي: من الْبكاء لِكَثْرَة الْحزن ورقة الْقلب.
قَوْله: (فَعَادَت) أَي: عَائِشَة إِلَى مقالتها الأولى.
قَوْله: (فَإِنَّكُنَّ) ، الْخطاب لجنس عَائِشَة، وإلاَّ فَالْقِيَاس أَن يُقَال: فَإنَّك، بِلَفْظ الْمُفْرد.
قَوْله: (فَأَتَاهُ الرَّسُول) ، أَي: فَأتى أَبَا بكر رَسُول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بتبليغ الْأَمر بِصَلَاتِهِ بِالنَّاسِ، وَكَانَ الرَّسُول هُوَ بِلَال، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
قَوْله: (فصلى بِالنَّاسِ فِي حَيَاة النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وسلمفإن قلت: أَي: إِلَى أَن مَاتَ، وَكَذَا صرح بِهِ مُوسَى بن عقبَة فِي (الْمَغَازِي) [/ ح.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: وَهُوَ على وُجُوه: الأول: فِيهِ دلَالَة على فضل أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
الثَّانِي: فِيهِ أَن أَبَا بكر صلى بِالنَّاسِ فِي حَيَاة النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَانَت فِي هَذِه الْإِمَامَة الَّتِي هِيَ الصُّغْرَى دلَالَة على الْإِمَامَة الْكُبْرَى.
الثَّالِث: فِيهِ أَن الأحق بِالْإِمَامَةِ هُوَ الأعلم، وَاخْتلف الْعلمَاء فِيمَن هُوَ أولى بِالْإِمَامَةِ.
فَقَالَت طَائِفَة: الأفقه، وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالْجُمْهُور..
     وَقَالَ  أَبُو يُوسُف وَأحمد وَإِسْحَاق: الأقرأ، وَهُوَ قَول ابْن سِيرِين وَبَعض الشَّافِعِيَّة، وَلَا شكّ فِي اجْتِمَاع هذَيْن الوصفين فِي حق الصّديق، أَلا ترى إِلَى قَول أبي سعيد: وَكَانَ أَبُو بكر أعلمنَا، ومراجعة الشَّارِع بِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُصَلِّي تدل على تَرْجِيحه على جَمِيع الصَّحَابَة وتفضيله.
فَإِن قلت: فِي حَدِيث أبي مَسْعُود البدري الثَّابِت فِي مُسلم: (ليؤم الْقَوْم أقرؤهم لكتاب الله تَعَالَى) ، يُعَارض هَذَا؟ قلت: لَا، لِأَنَّهُ لَا يكَاد يُوجد إِذْ ذَاك قارىء إلاّ وَهُوَ فَقِيه، وَأجَاب بَعضهم: بِأَن تَقْدِيم الأقرأ كَانَ فِي أول الْإِسْلَام حِين كَانَ حفاظ الْإِسْلَام قَلِيلا، وَقد قدم عَمْرو بن سَلمَة وَهُوَ صَغِير على الشُّيُوخ لذَلِك، وَكَانَ سَالم يؤم الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار فِي مَسْجِد قبَاء حِين أَقبلُوا من مَكَّة لعدم الْحفاظ حِينَئِذٍ،.

     وَقَالَ  أَصْحَابنَا: أولى النَّاس بِالْإِمَامَةِ أعلمهم بِالسنةِ، أَي: بالفقه وَالْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة إِذا كَانَ يحسن من الْقِرَاءَة مَا تجوز بِهِ الصَّلَاة، وَهُوَ قَول الْجُمْهُور، وَإِلَيْهِ ذهب عَطاء وَالْأَوْزَاعِيّ وَمَالك وَالشَّافِعِيّ.
وَعَن أبي يُوسُف: أَقرَأ النَّاس أولى بِالْإِمَامَةِ، يَعْنِي: أعلمهم بِالْقِرَاءَةِ وَكَيْفِيَّة أَدَاء حروفها ووقوفها وَمَا يتَعَلَّق بِالْقِرَاءَةِ، وَهُوَ أحد الْوُجُود عِنْد الشَّافِعِيَّة.
وَفِي (الْمَبْسُوط) وَغَيره: أَنما قدم الأقرأ فِي الحَدِيث لأَنهم كَانُوا فِي ذَلِك الْوَقْت يتلقونه بأحكامه، حَتَّى رُوِيَ أَن ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، حفظ سُورَة الْبَقَرَة فِي اثْنَتَيْ عشرَة سنة، فَكَانَ الأقرأ فيهم هُوَ الأعلم بِالسنةِ وَالْأَحْكَام، وَعَن ابْن عمر أَنه قَالَ: مَا كَانَت تنزل السُّورَة على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إلاّ ونعلم أمرهَا ونهيها وزجرها وحلالها وحرامها، وَالرجل الْيَوْم يقْرَأ السُّورَة وَلَا يعرف من أَحْكَامهَا شَيْئا.
فَإِن قلت: لما كَانَ أقرؤهم أعلمهم فَمَا معنى قَوْله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (فَإِن كَانُوا فِي الْقِرَاءَة سَوَاء فأعلمهم بِالسنةِ؟) وأقرؤهم هُوَ: أعلمهم بِالسنةِ فِي ذَلِك الْوَقْت لَا محَالة على مَا قَالُوا؟ قلت: الْمُسَاوَاة فِي الْقِرَاءَة توجيهها فِي الْعلم فِي ذَلِك الزَّمَان ظَاهرا لَا قطعا، فَجَاز تصور مُسَاوَاة الْإِثْنَيْنِ فِي الْقِرَاءَة مَعَ التَّفَاوُت فِي الْأَحْكَام، ألاَ ترى أَن أبي بن كَعْب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، كَانَ أَقرَأ وَابْن مَسْعُود كَانَ أعلم وأفقه.
وَفِي (النِّهَايَة) : اسْتَقل بِحِفْظ الْقُرْآن سِتَّة: أَبُو بكر وَعُثْمَان وَعلي وَزيد وَأبي وَابْن مَسْعُود.
رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَعمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، كَانَ أعلم وأفقه من عُثْمَان، وَلَكِن كَانَ يعسر عَلَيْهِ حفظ الْقُرْآن، فَجرى كَلَامه، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، على الْأَعَمّ الْأَغْلَب.
فَإِن قلت: الْكَلَام فِي الْأَفْضَلِيَّة مَعَ الِاتِّفَاق على الْجَوَاز على أَي وَجه كَانَ، وَقَوله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (فَإِن كَانُوا فِي الْقِرَاءَة سَوَاء فأعلمهم بِالسنةِ) ، بِصِيغَة تدل على عدم جَوَاز إِمَامَة الثَّانِي عِنْد وجود الأول، لِأَن صيغته صِيغَة إِخْبَار، وَهُوَ فِي اقْتِضَاء الْوُجُوب آكِد من الْأَمر، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ ذكره بِالشّرطِ وَالْجَزَاء فَكَانَ اعْتِبَار الثَّانِي إِنَّمَا كَانَ بعد وجود الأول لَا قبله قلت: صِيغَة الْإِخْبَار لبَيَان الشَّرْعِيَّة لَا أَنه لَا يجوز غَيره، كَقَوْلِه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (يمسح الْمُقِيم يَوْمًا وَلَيْلَة) .
وَلَئِن سلمنَا أَن صِيغَة الْإِخْبَار مَحْمُولَة على معنى الْأَمر، وَلَكِن الْأَمر يحمل على الِاسْتِحْبابُُ لوُجُود الْجَوَاز بِدُونِ الِاقْتِدَاء بِالْإِجْمَاع.
فَإِن قلت: لَو كَانَ المُرَاد فِي الحَدِيث من قَوْله: (يؤم الْقَوْم أقرؤهم) هُوَ الأعلم لَكَانَ يلْزم تكْرَار الأعلم فِي الحَدِيث، وَيكون التَّقْدِير: يؤم الْقَوْم أعلمهم، فَإِن تساووا فأعلمهم؟ قلت: المُرَاد من قَوْله: كَانَ أقرؤهم أعلمهم، يَعْنِي: أعلمهم بِكِتَاب الله دون السّنة.
وَمن قَوْله: أعلمهم بِالسنةِ أعلمهم بِأَحْكَام الْكتاب وَالسّنة جَمِيعًا.
فَكَانَ الأعلم الثَّانِي غير الأعلم الأول.
فَإِن قلت: حَدِيث أبي مَسْعُود الَّذِي أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم: (يؤم الْقَوْم أقرؤهم) ، الحَدِيث يُعَارضهُ قَوْله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (مروا أَبَا بكر يُصَلِّي بِالنَّاسِ) ، إِذْ كَانَ فيهم من هُوَ أَقرَأ مِنْهُ لِلْقُرْآنِ مثل: أبي، وَغَيره وَهُوَ أولى قلت: حَدِيث أبي مَسْعُود كَانَ فِي أول الْهِجْرَة وَحَدِيث أبي بكر فِي آخر الْأَمر، وَقد تفقهوا فِي الْقُرْآن، وَكَانَ أَبُو بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أعلمهم وأفقههم فِي كل أمره،.

     وَقَالَ  أَصْحَابنَا: فَإِن تساووا فِي الْعلم وَالْقِرَاءَة فأولاهم أورعهم.
وَفِي (البدرية) : الْوَرع الاجتناب عَن الشُّبُهَات، وَالتَّقوى الاجتناب عَن الْمُحرمَات، فَإِن تساووا فِي الْقِرَاءَة وَالْعلم والورع فأسنهم أولى بِالْإِمَامَةِ لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (وليؤمكما أكبركما) ، وَفِي (الْمُحِيط) : الأسن أولى من الأورع إِذا لم يكن فِيهِ فسق ظَاهر..
     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: المُرَاد بِالسِّنِّ سنّ مضى فِي الْإِسْلَام، فَلَا يقدم شيخ أسلم قَرِيبا على شَاب نَشأ فِي الْإِسْلَام، أَو أسلم قبله.
قَالَ أَصْحَابنَا: فَإِن تساووا فِي السن فأحسنهم خلقا، وَزَاد بَعضهم: فَإِن تساووا فأحسنهم وَجها.
وَفِي (مُخْتَصر الْجَوَاهِر) : يرجح بالفضائل الشَّرْعِيَّة والخلقية والمكانية وَكَمَال الصُّورَة، كالشرف فِي النّسَب وَالسّن، ويلتحق بذلك حسن اللبَاس.
وَقيل: وبصباحة الْوَجْه وَحسن الْخلق وبملك رَقَبَة الْمَكَان أَو منفعَته.
قَالَ المرغيناني: الْمُسْتَأْجر أولى من الْمَالِك، وَفِي (الْخُلَاصَة) : فَإِن تساووا فِي هَذِه الْخِصَال يقرع، أَو الْخِيَار إِلَى الْقَوْم.
وَقيل: إِمَامَة الْمُقِيم أولى من الْعَكْس،.

     وَقَالَ  أَبُو الْفضل الْكرْمَانِي: هما سَوَاء، وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ فِي الْقَدِيم: تَقْدِيم الْأَشْرَف ثمَّ الأقدم هِجْرَة ثمَّ الأسن، وَهُوَ الْأَصَح.
وَالْقَوْل الثَّانِي: يقدم الأسن ثمَّ الْأَشْرَف ثمَّ الأقدم هِجْرَة، وَفِي تتمتهم: ثمَّ بعد الْكبر والشرف تقدم نظافة الثَّوْب، وَالْمرَاد بِهِ النَّظَافَة عَن الْوَسخ لَا عَن النَّجَاسَات، لِأَن الصَّلَاة مَعَ النَّجَاسَات لَا تصح، ثمَّ بعد ذَلِك حسن الصَّوْت، لِأَنَّهُ بِهِ تميل النَّاس إِلَى الصَّلَاة خَلفه فتكثر الْجَمَاعَة، ثمَّ حسن الصُّورَة.