6574 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلاَلٍ ، عَنْ هِلاَلِ بْنِ أُسَامَةَ ، أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَخْبَرَهُ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلاَةِ : اللَّهُمَّ أَنْجِ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ ، وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ ، وَالوَلِيدَ بْنَ الوَلِيدِ ، اللَّهُمَّ أَنْجِ المُسْتَضْعَفِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ ، وَابْعَثْ عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ |
6574 حدثنا يحيى بن بكير ، حدثنا الليث ، عن خالد بن يزيد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن هلال بن أسامة ، أن أبا سلمة بن عبد الرحمن ، أخبره ، عن أبي هريرة : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة : اللهم أنج عياش بن أبي ربيعة ، وسلمة بن هشام ، والوليد بن الوليد ، اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين ، اللهم اشدد وطأتك على مضر ، وابعث عليهم سنين كسني يوسف |
Narrated Abi Huraira:
The Prophet (ﷺ) used to invoke Allah in his prayer, O Allah! Save `Aiyash bin Abi Rabi`a and Salama bin Hisham and Al-Walid bin Al-Walid; O Allah! Save the weak among the believers; O Allah! Be hard upon the tribe of Mudar and inflict years (of famine) upon them like the (famine) years of Joseph.
":"ہم سے یحییٰ بن بکیر نے بیان کیا ، انہوں نے کہا ہم سے لیث بن سعد نے بیان کیا ، ان سے خالف بن یزید نے بیان کیا ، ان سے سعید بن ابی ہلال بن اسامہ نے ، انہیں ابوسلمہ بن عبدالرحمٰن نے خبر دی اور انہیں حضرت ابوہریرہ رضی اللہ عنہ نے کہنبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نماز میں دعا کرتے تھے کہ اے اللہ عیاش بن ابی ربیعہ ، سلمہ بن ہشام اور ولید بن الولید ( رضی اللہ عنہم ) کو نجات دے ۔ اے اللہ بے بس مسلمانوں کو نجات دے ۔ اے اللہ قبیلہ مضر کے لوگوں کو سختی کے ساتھ پیس ڈال اور ان پر ایسی قحط سالی بھیج جیسی حضرت یوسف علیہ السلام کے زمانہ میں آئی تھی ۔
شرح الحديث من فتح الباري لابن حجر
( كِتَابُ الْإِكْرَاهِ)
هُوَ إِلْزَامُ الْغَيْرِ بِمَا لَا يُرِيدُهُ وَشُرُوطُ الْإِكْرَاهِ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ فَاعِلُهُ قَادِرًا عَلَى إِيقَاعِ مَا يُهَدِّدُ بِهِ وَالْمَأْمُورُ عَاجِزًا عَنِ الدَّفْعِ وَلَوْ بِالْفِرَارِ الثَّانِي أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ إِذَا امْتَنَعَ أَوْقَعَ بِهِ ذَلِك الثَّالِث أَن يكون ماهدده بِهِ فَوْرِيًّا فَلَوْ قَالَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ كَذَا ضَرَبْتُكَ غَدًا لَا يُعَدُّ مُكْرَهًا وَيُسْتَثْنَى مَا إِذَا ذَكَرَ زَمَنًا قَرِيبًا جِدًّا أَوْ جرت الْعَادة بِأَنَّهُ لايخلف الرَّابِعُ أَنْ لَا يَظْهَرَ مِنَ الْمَأْمُورِ مَا يَدُلُّ عَلَى اخْتِيَارِهِ كَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى الزِّنَا فَأَوْلَجَ وَأَمْكَنَهُ أَنْ يَنْزِعَ وَيَقُولُ أَنْزَلْتُ فَيَتَمَادَى حَتَّى يُنْزِلَ وَكَمَنْ قِيلَ لَهُ طَلِّقْ ثَلَاثًا فَطلق وَاحِدَةً وَكَذَا عَكْسُهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِكْرَاهِ عَلَى الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَيُسْتَثْنَى مِنَ الْفِعْلِ مَا هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَى التَّأْبِيدِ كَقَتْلِ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَاخْتُلِفَ فِي الْمُكْرَهِ هَلْ يُكَلَّفُ بِتَرْكِ فِعْلِ مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ أَوْ لَا فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الْمُكْرَهَ عَلَى الْقَتْلِ مَأْمُورٌ بِاجْتِنَابِ الْقَتْلِ وَالدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ وَأَنَّهُ يَأْثَمُ إِنْ قَتَلَ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى قَتْلِهِ وَذَلِكَ يَدُلُّ أَنَّهُ مُكَلَّفٌ حَالَةَ الْإِكْرَاهِ وَكَذَا وَقَعَ فِي كَلَامِ الْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ تَخْصِيصُ الْخِلَافِ بِمَا إِذَا وَافَقَ دَاعِيَةُ الْإِكْرَاهِ دَاعِيَةَ الشَّرْعِ كَالْإِكْرَاهِ عَلَى قَتْلِ الْكَافِرِ وَإِكْرَاهِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ أَمَّا مَا خَالَفَ فِيهِ دَاعِيَةُ الْإِكْرَاهِ دَاعِيَةَ الشَّرْعِ كَالْإِكْرَاهِ عَلَى الْقَتْلِ فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ التَّكْلِيفِ بِهِ وَإِنَّمَا جَرَى الْخِلَافُ فِي تَكْلِيفِ الْمُلْجَإِ وَهُوَ مَنْ لَا يَجِدُ مَنْدُوحَةَ عَنِ الْفِعْلِ كَمَنْ أُلْقِيَ مِنْ شَاهِقٍ وعقله ثَابت فَسقط على شخص فَقتله فَإِنَّهُ لَا مَنْدُوحَةَ لَهُ عَنِ السُّقُوطِ وَلَا اخْتِيَارَ لَهُ فِي عَدَمِهِ وَإِنَّمَا هُوَ آلَةٌ مَحْضَةٌ وَلَا نِزَاعَ فِي أَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ إِلَّا مَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْآمِدِيُّ مِنَ التَّفْرِيعِ عَلَى تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ وَقَدْ جَرَى الْخِلَافُ فِي تَكْلِيفِ الْغَافِلِ كَالنَّائِمِ وَالنَّاسِي وَهُوَ أَبْعَدُ مِنَ الْمُلْجَإِ لِأَنَّهُ لَا شُعُورَ لَهُ أَصْلًا وَإِنَّمَا قَالَ الْفُقَهَاءُ بِتَكْلِيفِهِ عَلَى مَعْنَى ثُبُوتِ الْفِعْلِ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ مِنْ جِهَةِ رَبْطِ الْأَحْكَامِ بِالْأَسْبَابِ.
وَقَالَ الْقَفَّالُ إِنَّمَا شُرِعَ سُجُودُ السَّهْوِ وَوَجَبَتِ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْمُخْطِئِ لِكَوْنِ الْفِعْل فِي نَفسه مَنْهِيّا مِنْ حَيْثُ هُوَ لَا أَنَّ الْغَافِلَ نُهِيَ عَنْهُ حَالَةَ الْغَفْلَةِ إِذْ لَا يُمْكِنُهُ التَّحَفُّظُ عَنْهُ وَاخْتُلِفَ فِيمَا يُهَدَّدُ بِهِ فَاتَّفَقُوا عَلَى الْقَتْلِ وَإِتْلَافِ الْعُضْوِ وَالضَّرْبِ الشَّدِيدِ وَالْحَبْسِ الطَّوِيلِ وَاخْتَلَفُوا فِي يَسِيرِ الضَّرْبِ وَالْحَبْسِ كَيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ .
قَوْلُهُ وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى إِلَّا مَنْ أكره وَقَلبه مطمئن بِالْإِيمَان وَسَاقَ إِلَى عَظِيمٌ وَهُوَ وَعِيدٌ شَدِيدٌ لِمَنِ ارْتَدَّ مُخْتَارًا.
وَأَمَّا مَنْ أُكْرِهَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ مَعْذُورٌ بِالْآيَةِ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنَ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ فَيَقْتَضِي أَنْ لَا يَدْخُلَ الَّذِي أُكْرِهَ عَلَى الْكُفْرِ تَحْتَ الْوَعِيدِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْآيَةَ الْمَذْكُورَةَ نَزَلَتْ فِي عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ كَمَا جَاءَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ أَخَذَ الْمُشْرِكُونَ عَمَّارًا فَعَذَّبُوهُ حَتَّى قَارَبَهُمْ فِي بَعْضِ مَا أَرَادُوا فَشَكَى ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ كَيْفَ تَجِدُ قَلْبَكَ قَالَ مُطْمَئِنًّا بِالْإِيمَانِ قَالَ فَإِنْ عَادُوا فَعُدْ وَهُوَ مُرْسَلٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ وَقَبِلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَعَنْهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَزَادَ فِي السَّنَدِ فَقَالَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِيهِ وَهُوَ مُرْسَلٌ أَيْضًا وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيّ من طَرِيق عَطِيَّة الْعَوْفِيّ عَن بن عَبَّاسٍ نَحْوَهُ مُطَوَّلًا وَفِي سَنَدِهِ ضَعْفٌ وَفِيهِ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ عَذَّبُوا عَمَّارًا وَأَبَاهُ وَأُمَّهُ وَصُهَيْبًا وَبِلَالًا وَخَبَّابًا وَسَالِمًا مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ فَمَاتَ يَاسِرٌ وَامْرَأَتُهُ فِي الْعَذَابِ وَصَبَرَ الْآخَرُونَ وَفِي رِوَايَة مُجَاهِد عَن بن عَبَّاس عِنْد بن الْمُنْذِرِ أَنَّ الصَّحَابَةَ لَمَّا هَاجَرُوا إِلَى الْمَدِينَةِ أَخَذَ الْمُشْرِكُونَ خَبَّابًا وَبِلَالًا وَعَمَّارًا فَأَطَاعَهُمْ عَمَّارٌ وَأَبَى الْآخَرَانِ فَعَذَّبُوهُمَا وَأَخْرَجَهُ الْفَاكِهِيُّ مِنْ مُرْسَلِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَأَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ مِنْ عَمَّارٍ عِنْدَ بَيْعَةِ الْأَنْصَارِ فِي الْعَقَبَةِ وَأَنَّ الْكُفَّارَ أَخَذُوا عَمَّارًا فَسَأَلُوهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَحَدَهُمْ خَبَرَهُ فَأَرَادُوا أَنْ يُعَذِّبُوهُ فَقَالَ هُوَ يَكْفُرُ بِمُحَمَّدٍ وَبِمَا جَاءَ بِهِ فَأَعْجَبَهُمْ وَأَطْلَقُوهُ فَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَفِي سَنَدِهِ ضَعْفٌ أَيْضًا وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيق بن سِيرِينَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِيَ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ وَهُوَ يَبْكِي فَجَعَلَ يَمْسَحُ الدُّمُوعَ عَنْهُ وَيَقُولُ أَخَذَكَ الْمُشْرِكُونَ فَغَطَّوْكَ فِي الْمَاءِ حَتَّى قُلْتَ لَهُمْ كَذَا إِنْ عَادُوا فَعُدْ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ مَعَ إِرْسَالِهِ أَيْضًا وَهَذِهِ الْمَرَاسِيلُ تَقَوَّى بَعْضُهَا بِبَعْضٍ وَقَدْ أخرج بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ الْأَعْوَرِ وَهُوَ ضَعِيف عَن مُجَاهِد عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ عَذَّبَ الْمُشْرِكُونَ عَمَّارًا حَتَّى قَالَ لَهُمْ كَلَامًا تَقِيَّةً فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثَ وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلبه مطمئن بِالْإِيمَان قَالَ أَخْبَرَ اللَّهُ أَنَّ مَنْ كَفَرَ بَعْدَ إِيمَانِهِ فَعَلَيْهِ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ.
وَأَمَّا مَنْ أُكْرِهَ بِلِسَانِهِ وَخَالَفَهُ قَلْبُهُ بِالْإِيمَانِ لِيَنْجُوَ بِذَلِكَ من عدوه فَلَا حرج عَلَيْهِ أَن اللَّهُ إِنَّمَا يَأْخُذُ الْعِبَادَ بِمَا عُقِدَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُهُمْ.
قُلْتُ وَعَلَى هَذَا فَالِاسْتِثْنَاءُ مُقَدَّمٌ مِنْ قَوْلِهِ فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ كَأَنَّهُ قِيلَ فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ لِأَنَّ الْكُفْرَ يَكُونُ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ مِنْ غَيْرِ اعْتِقَادٍ وَقَدْ يَكُونُ بِاعْتِقَادٍ فَاسْتَثْنَى الْأَوَّلَ وَهُوَ الْمُكْرَهُ .
قَوْلُهُ وقَال إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَهِيَ تَقِيَّةٌ أَخَذَهُ مِنْ كَلَامِ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ تُقَاةً وَتَقِيَّةً وَاحِدٌ.
قُلْتُ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي تَفْسِيرِ آلِ عِمْرَانَ وَمَعْنَى الْآيَةِ لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُ الْكَافِرَ وَلِيًّا فِي الْبَاطِنِ وَلَا فِي الظَّاهِرِ إِلَّا لِلتَّقِيَّةِ فِي الظَّاهِرِ فَيَجُوزُ أَنْ يُوَالِيَهُ إِذَا خَافَهُ وَيُعَادِيَهُ بَاطِنًا قِيلَ الْحِكْمَةُ فِي الْعُدُولِ عَنِ الْخِطَابِ أَنَّ مُوَالَاةَ الْكُفَّارِ لَمَّا كَانَتْ مُسْتَقْبَحَةً لَمْ يُوَاجِهِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ بِالْخِطَابِ.
قُلْتُ وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ الْحِكْمَةَ فِيهِ أَنَّهُ لَمَّا تَقَدَّمَ الْخِطَابُ فِي قَوْلِهِ لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بعض وَمن يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُم فَإِنَّهُ مِنْهُم كَأَنَّهُمْ أَخَذُوا بِعُمُومِهِ حَتَّى أَنْكَرُوا عَلَى مَنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ فِي ذَلِكَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ رُخْصَةً فِي ذَلِكَ وَهُوَ كَالْآيَاتِ الصَّرِيحَةِ فِي الزَّجْرِ عَنِ الْكُفْرِ بَعْدَ الْإِيمَانِ ثُمَّ رَخَّصَ فِيهِ لِمَنْ أُكْرِهَ عَلَى ذَلِكَ .
قَوْلُهُ وقَال إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ إِلَى قَوْلِهِ عَفُوًّا غَفُورًا.
وَقَالَ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا هَكَذَا فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَهُوَ صَوَابٌ وَإِنَّمَا أَوْرَدْتُهُ بِلَفْظِهِ لِلْتَنْبِيهِ عَلَى مَا وَقَعَ مِنَ الِاخْتِلَافِ عِنْدَ الشُّرَّاحِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَة والأصيلي والقابسي أَن الَّذين تَوَفَّاهُم فَسَاقَ إِلَى قَوْلِهِ فِي الْأَرْضِ.
وَقَالَ بَعْدَهَا إِلَى قَوْلِهِ وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا وَفِيهِ تَغْيِيرٌ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُم الْآيَات قَالَ ومالكم لَا تقاتلون فِي سَبِيل الله إِلَى قَوْلِهِ نَصِيرًا وَهُوَ صَوَابٌ وَإِنْ كَانَتِ الْآيَاتُ الْأُولَى مُتَرَاخِيَةً فِي السُّورَةِ عَنِ الْآيَةِ الْأَخِيرَةِ فَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ التَّغْيِيرِ وَإِنَّمَا صَدَّرَ بِالْآيَاتِ الْمُتَرَاخِيَةِ لِلْإِشَارَةِ إِلَى مَا رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي نَاسٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ آمَنُوا فَكَتَبَ إِلَيْهِمْ مِنَ الْمَدِينَةِ فَإِنَّا لَا نَرَاكُمْ مِنَّا إِلَّا أَنْ هَاجَرْتُمْ فَخَرَجُوا فَأَدْرَكَهُمْ أَهْلُهُمْ بِالطَّرِيقِ فَفَتَنُوهُمْ حَتَّى كَفَرُوا مكرهين وأقتصر بن بَطَّالٍ عَلَى هَذَا الْأَخِيرِ وَعَزَاهُ لِلْمُفَسِّرِينَ.
وَقَالَ بن بَطَّالٍ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ إِلَى أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ.
وَقَالَ إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ إِلَى الظَّالِمِ أَهْلُهَا.
قُلْتُ وَلَيْسَ فِيهِ تَغْيِيرٌ مِنَ التِّلَاوَةِ إِلَّا أَنَّ فِيهِ تَصَرُّفًا فِيمَا سَاقه المُصَنّف.
وَقَالَ بن التِّينِ بَعْدَ أَنْ تَكَلَّمَ عَلَى قِصَّةِ عَمَّارٍ إِلَى أَنْ قَالَ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدرا أَيْ مَنْ فَتَحَ صَدْرَهُ لِقَبُولِهِ وَقَولُهُ الَّذِينَ تَوَفَّاهُم الْمَلَائِكَة إِلَى قَوْلِهِ وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا لَيْسَ التِّلَاوَة كَذَلِك لِأَن قَوْله اجْعَل لنا من لَدُنْك نَصِيرًا قَبْلَ هَذَا قَالَ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ إِلَى قَوْله غَفُورًا رحِيما وَفِي بَعْضِهَا فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُم.
وَقَالَ إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ من الرِّجَال إِلَى قَوْله من لَدُنْك نَصِيرًا وَهَذَا عَلَى نَسَقِ التَّنْزِيلِ كَذَا قَالَ فَأَخْطَأَ فَالْآيَةُ الَّتِي آخِرُهَا نَصِيرًا فِي أَوَّلِهَا وَالْمُسْتَضْعَفِينَ بِالْوَاوِ لَا بِلَفْظِ إِلَّا وَمَا نَقَلَهُ عَنْ بعض النّسخ إِلَى قَوْله غَفُورًا رحِيما مُحْتَمَلٌ لِأَنَّ آخِرَ الْآيَةِ الَّتِي أَوَّلُهَا إِنَّ الَّذين تَوَفَّاهُم الْمَلَائِكَة قَوْله وَسَاءَتْ مصيرا وَآخِرُ الَّتِي بَعْدَهَا سَبِيلًا وَآخِرُ الَّتِي بَعْدَهَا عفوا غَفُورًا وَآخِرُ الَّتِي بَعْدَهَا غَفُورًا رَحِيمًا فَكَأَنَّهُ أَرَادَ سِيَاقَ أَرْبَعِ آيَاتٍ .
قَوْلُهُ فَعَذَرَ اللَّهُ الْمُسْتَضْعَفِينَ الَّذِينَ لَا يَمْتَنِعُونَ مِنْ تَرْكِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ يَعْنِي إِلَّا إِذَا غُلِبُوا قَالَ وَالْمُكْرَهُ لَا يَكُونُ إِلَّا مُسْتَضْعَفًا غَيْرَ مُمْتَنِعٍ مِنْ فِعْلِ مَا أَمَرَهُ بِهِ أَيْ مَا يَأْمُرُهُ بِهِ مَنْ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى إِيقَاعِ الشَّرِّ بِهِ أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنَ التَّرْكِ كَمَا لَا يَقْدِرُ الْمُكْرَهُ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنَ الْفِعْلِ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْمُكْرَهِ .
قَوْلُهُ وقَال الْحَسَنُ أَيِ الْبَصْرِيُّ التَّقِيَّةُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَصله عبد بن حميد وبن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ رِوَايَةِ عَوْفٍ الْأَعْرَابِيِّ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ التَّقِيَّةُ جَائِزَةٌ لِلْمُؤْمِنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ لَا يَجْعَلُ فِي الْقَتْلِ تَقِيَّةً وَلَفْظُ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ إِلَّا فِي قَتْلِ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ يَعْنِي لَا يُعْذَرُ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى قَتْلِ غَيْرِهِ لِكَوْنِهِ يُؤْثِرُ نَفْسَهُ عَلَى نَفْسِ غَيْرِهِ.
قُلْتُ وَمَعْنَى التَّقِيَّةِ الْحَذَرُ مِنْ إِظْهَارِ مَا فِي النَّفْسِ مِنْ مُعْتَقَدٍ وَغَيْرِهِ لِلْغَيْرِ وَأَصْلُهُ وَقْيَةٌ بِوَزْنِ حَمْزَةَ فَعْلَةٌ مِنَ الْوِقَايَةِ وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق بن جريج عَن عَطاء عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ التَّقِيَّةُ بِاللِّسَانِ وَالْقَلْبُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَا يبسط يَده للْقَتْل قَوْله.
وَقَالَ بن عَبَّاسٍ فِيمَنْ يُكْرِهُهُ اللُّصُوصُ فَيُطَلِّقُ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَبِه قَالَ بن عمر وبن الزبير وَالشعْبِيّ وَالْحسن أما قَول بن عَبَّاس فوصله بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ أَكْرَهَهُ اللُّصُوصُ حَتَّى طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَقَالَ قَالَ بن عَبَّاسٍ لَيْسَ بِشَيْءٍ أَيْ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى طَلَاقَ الْمُكْرَهِ شَيْئا وَأما قَول بن عمر وبن الزُّبَيْرِ فَأَخْرَجَهُمَا الْحُمَيْدِيُّ فِي جَامِعِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ سَمِعْتُ عَمْرًا يَعْنِي بن دِينَارٍ حَدَّثَنِي ثَابِتٌ الْأَعْرَجُ قَالَ تَزَوَّجْتُ أُمَّ وَلَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ فَدَعَانِي ابْنُهُ وَدَعَا غُلَامَيْنِ لَهُ فَرَبَطُونِي وَضَرَبُونِي بِالسِّيَاطِ.
وَقَالَ لِتُطَلِّقْهَا أَوْ لَأَفْعَلَنَّ وَأَفْعَلَنَّ فَطَلَّقْتُهَا ثمَّ سَأَلت بن عمر وبن الزُّبَيْرِ فَلَمْ يَرَيَاهُ شَيْئًا وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ ثَابِتٍ الْأَعْرَجِ نَحْوَهُ.
وَأَمَّا قَوْلُ الشَّعْبِيِّ فَوَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْهُ قَالَ إِنْ أَكْرَهَهُ اللُّصُوصُ فَلَيْسَ بِطَلَاقٍ وَإِنْ أَكْرَهَهُ السُّلْطَانُ وَقَعَ وَنُقِلَ عَنِ بن عُيَيْنَةَ تَوْجِيهُهُ وَهُوَ أَنَّ اللِّصَّ يُقْدِمُ عَلَى قَتْلِهِ وَالسُّلْطَانُ لَا يَقْتُلُهُ.
وَأَمَّا قَوْلُ الْحَسَنِ فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى طَلَاقَ الْمُكْرَهِ شَيْئًا وَهَذَا سَنَدٌ صَحِيحٌ إِلَى الْحسن قَالَ بن بَطَّالٍ تَبَعًا لِابْنِ الْمُنْذِرِ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى الْكُفْرِ حَتَّى خَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ الْقَتْلَ فَكَفَرَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْكُفْرِ وَلَا تَبِينُ مِنْهُ زَوْجَتُهُ إِلَّا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فَقَالَ إِذَا أَظْهَرَ الْكُفْرَ صَارَ مُرْتَدًّا وَبَانَتْ مِنْهُ امْرَأَتُهُ وَلَوْ كَانَ فِي الْبَاطِنِ مُسْلِمًا قَالَ وَهَذَا قَوْلٌ تُغْنِي حِكَايَتُهُ عَنِ الرَّدِّ عَلَيْهِ لِمُخَالَفَتِهِ النُّصُوصَ.
وَقَالَ قَوْمٌ مَحَلُّ الرُّخْصَةِ فِي الْقَوْلِ دُونَ الْفِعْلِ كَأَنْ يَسْجُدَ لِلصَّنَمِ أَوْ يَقْتُلَ مُسْلِمًا أَوْ يَأْكُلَ الْخِنْزِيرَ أَوْ يَزْنِيَ وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَسَحْنُونٍ وَأَخْرَجَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ لَا يَجْعَلُ التَّقِيَّةَ فِي قَتْلِ النَّفْسِ الْمُحَرَّمَةِ .
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ الْإِكْرَاهُ فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ سَوَاءٌ وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّ الْإِكْرَاهِ فَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ عُمَرَ قَالَ لَيْسَ الرَّجُلُ بِأَمِينٍ عَلَى نَفْسِهِ إِذَا سُجِنَ أَوْ أُوثِقَ أَوْ عُذِّبَ وَمِنْ طَرِيقِ شُرَيْحٍ نَحْوُهُ وَزِيَادَةٌ وَلَفْظُهُ أَرْبَعٌ كُلُّهُنَّ كُرْهٌ السِّجْنُ وَالضَّرْبُ وَالْوَعِيدُ وَالْقَيْدُ وَعَنِ بن مَسْعُودٍ قَالَ مَا كَلَامٌ يَدْرَأُ عَنِّي سَوْطَيْنِ إِلَّا كُنْتُ مُتَكَلِّمًا بِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَعِنْدَ الْكُوفِيِّينَ فِيهِ تَفْصِيلٌ وَاخْتَلَفُوا فِي طَلَاقِ الْمُكْرَهِ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَقَعُ وَنقل فِيهِ بن بَطَّالٍ إِجْمَاعَ الصَّحَابَةِ وَعَنِ الْكُوفِيِّينَ يَقَعُ وَنُقِلَ مِثْلُهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَقَتَادَةَ وَأَبِي قِلَابَةَ وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ تَقَدَّمَ عَنِ الشَّعْبِيِّ .
قَوْلُهُ وقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ هَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ وَصَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَلَفْظُهُ الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ هَكَذَا وَقَعَ فِيهِ بِدُونِ إِنَّمَا فِي أَوَّلِهِ وَإِفْرَادِ النِّيَّةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي أَوَّلِ حَدِيثٍ فِي الصَّحِيحِ وَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِالْإِكْرَاهِ فِي أَوَّلِ تَرْكِ الْحِيَلِ قَرِيبًا وَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ أَشَارَ بِإِيرَادِهِ هُنَا إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ فَرَّقَ فِي الْإِكْرَاهِ بَيْنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ لِأَنَّ الْعَمَلَ فِعْلٌ وَإِذَا كَانَ لَا يُعْتَبَرُ إِلَّا بِالنِّيَّةِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ فَالْمُكْرَهُ لَا نِيَّةَ لَهُ بَلْ نِيَّتُهُ عَدَمُ الْفِعْلِ الَّذِي أُكْرِهَ عَلَيْهِ وَاحْتَجَّ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ بِأَنَّ التَّفْصِيلَ يُشْبِهُ مَا نَزَلَ فِي الْقُرْآنِ لِأَنَّ الَّذِينَ أُكْرِهُوا إِنَّمَا هُوَ عَلَى الْكَلَامِ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَبِّهِمْ فَلَمَّا لَمْ يَكُونُوا مُعْتَقِدِينَ لَهُ جُعِلَ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَلَمْ يُؤثر فِي بَدَنٍ وَلَا مَالٍ بِخِلَافِ الْفِعْلِ فَإِنَّهُ يُؤَثِّرُ فِي الْبَدَنِ وَالْمَالِ هَذَا مَعْنَى مَا حَكَاهُ بن بطال عَن إِسْمَاعِيل القَاضِي وَتعقبه بن الْمُنِيرِ بِأَنَّهُمْ أُكْرِهُوا عَلَى النُّطْقِ بِالْكُفْرِ وَعَلَى مُخَالَطَةِ الْمُشْرِكِينَ وَمُعَاوَنَتِهِمْ وَتَرْكِ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ وَالتُّرُوكُ أَفْعَالٌ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَمْ يُؤَاخَذُوا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَاسْتَثْنَى الْمُعْظَمُ قَتْلَ النَّفْسِ فَلَا يَسْقُطُ الْقِصَاصُ عَنِ الْقَاتِلِ وَلَوْ أُكْرِهَ لِأَنَّهُ آثَرَ نَفْسَهُ عَلَى نَفْسِ الْمَقْتُولِ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُنَجِّيَ نَفْسَهُ مِنَ الْقَتْلِ بِأَنْ يَقْتُلَ غَيْرَهُ ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ
[ قــ :6574 ... غــ :6940] أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ النِّسَاءِ مِنْ وَجْهٍ آخَرُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بِمِثْلِ هَذَا الْحَدِيثِ وَزَادَ أَنَّهَا صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَفِي كِتَابِ الصَّلَاةِ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبِي سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يُكَبِّرُ فِي كُلِّ صَلَاةٍ الْحَدِيثَ وَفِيهِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ يَدْعُو لِرِجَالٍ فَيُسَمِّيهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ الْبَابِ وَزَادَ وَأَهْلُ الْمَشْرِقِ يَوْمَئِذٍ مِنْ مُضَرَ مُخَالِفُونَ لَهُ وَفِي الْأَدَبِ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لَمَّا رَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَالَ فَذَكَرَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ الْمُسْتَضْعَفِينَ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ وَالتَّعْرِيفُ بِالثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورِينَ هُنَا فِي تَفْسِيرِ آلِ عِمْرَانَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِمَشْرُوعِيَّةِ الْقُنُوتِ فِي النَّازِلَةِ وَمَحَلُّهُ فِي كِتَابِ الْوِتْرِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَقَولُهُ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ هُوَ مِنْ ذِكْرِ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ وَتَعَلَّقَ الْحَدِيثُ بِالْإِكْرَاهِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُكْرَهِينَ عَلَى الْإِقَامَةِ مَعَ الْمُشْرِكِينَ لِأَنَّ الْمُسْتَضْعَفَ لَا يَكُونُ إِلَّا مُكْرَهًا كَمَا تَقَدَّمَ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ الْإِكْرَاهَ عَلَى الْكُفْرِ لَوْ كَانَ كفرا لما دَعَا لَهُم وَسَمَّاهُمْ مُؤمنين