هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
675 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي ذَرٍّ : اسْمَعْ وَأَطِعْ وَلَوْ لِحَبَشِيٍّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
675 حدثنا محمد بن أبان ، حدثنا غندر ، عن شعبة ، عن أبي التياح ، أنه سمع أنس بن مالك ، قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر : اسمع وأطع ولو لحبشي كأن رأسه زبيبة
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي ذَرٍّ : اسْمَعْ وَأَطِعْ وَلَوْ لِحَبَشِيٍّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ .

Narrated Anas bin Malik:

The Prophet (ﷺ) said to Abu-Dhar, Listen and obey (your chief) even if he is an Ethiopian with a head like a raisin.

":"ہم سے محمد بن ابان نے بیان کیا ، کہا کہ ہم سے غندر محمد بن جعفر نے بیان کیا شعبہ سے ، انہوں نے ابوالتیاح سے ، انہوں نے انس بن مالک سے سنا کہنبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے ابوذر سے فرمایا ( حاکم کی ) سن اور اطاعت کر ۔ خواہ وہ ایک ایسا حبشی غلام ہی کیوں نہ ہو جس کا سر منقے کے برابر ہو ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [696] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ هُوَ الْبَلْخِيُّ مُسْتَمْلِي وَكِيعٍ وَقِيلَ الْوَاسِطِيُّ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ لَكِنْ لَمْ نَجِدْ لِلْوَاسِطِيِّ رِوَايَةً عَنْ غُنْدَرٍ بِخِلَافِ الْبَلْخِيِّ وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْهُ بِمَوْضِعٍ آخَرَ فِي الْمَوَاقِيتِ وَهَذَا جَمِيعُ مَا أَخْرَجَ عَنْهُ الْبُخَارِيُّ .

     قَوْلُهُ  اسْمَعْ وَأَطِعْ تقدم الْكَلَام عَلَيْهِ قبل بِبَاب قَالَ بن الْمُنِيرِ وَجْهُ دُخُولِهِ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ الصِّفَةَ الْمَذْكُورَةَ إِنَّمَا تُوجَدُ غَالِبًا فِي عَجَمِيٍّ حَدِيثِ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ لَا يَخْلُو مِنْ جَهْلٍ بِدِينِهِ وَمَا يَخْلُو من هَذِه صفته عَن ارْتِكَابِ الْبِدْعَةِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا افْتِتَانُهُ بِنَفْسِهِ حَتَّى تَقَدَّمَ لِلْإِمَامَةِ وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا ( قَولُهُ بَابُ يَقُومُ أَيِ الْمَأْمُومُ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ بِحِذَائِهِ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَذَالٍ مُعْجَمَةٍ بَعْدَهَا مَدَّةٌ أَيْ بِجَنْبِهِ فَأَخْرَجَ بِذَلِكَ مَنْ كَانَ خَلْفَهُ أَوْ مَائِلًا عَنْهُ وَقَولُهُ سَوَاءً أَخْرَجَ بِهِ مَنْ كَانَ إِلَى جَنْبِهِ لَكِنْ عَلَى بُعْدٍ عَنْهُ كَذَا قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ بِحِذَائِهِ يُخْرِجُ هَذَا أَيْضًا وَقَولُهُ سَوَاءً أَيْ لَا يَتَقَدَّمُ وَلَا يَتَأَخَّرُ وَفِي انْتِزَاعِ هَذَا مِنَ الْحَدِيثِ الَّذِي أَوْرَدَهُ بُعْدٌ وَقَدْ قَالَ أَصْحَابُنَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقِفَ الْمَأْمُومُ دُونَهُ قَلِيلًا وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الطَّهَارَةِ مِنْ رِوَايَةِ مَخْرَمَةَ عَن كريب عَن بن عَبَّاسٍ بِلَفْظِ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ وَظَاهِرُهُ الْمُسَاوَاةُ وروى عبد الرَّزَّاق عَن بن جريج عَن عَطاء عَن بن عَبَّاس نَحوا من هَذِه الْقِصَّة وَعَن

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [696] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأَبِي ذَرٍّ: «اسْمَعْ وَأَطِعْ وَلَوْ لِحَبَشِيٍّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ».
وبه قال ( حدّثنا) بالجمع، ولأبي ذر: حدّثني ( محمد بن أبان) البلخي، مستملي وكيع ( قال: حدّثنا غندر) محمد بن جعفر، ابن امرأة شعبة ( عن شعبة) بن الحجاج ( عن أبي التياح) يزيد بن حميد ( أنه سمع أنس بن مالك) يقول: ( قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأبي ذر) : رضي الله عنه: ( اسمع وأطع ولو) كانت الطاعة أو الأمر ( لحبشي كأن رأسه زبيبة) وسواء كان ذلك الحبشي مبتدعًا أو مفتونًا.
فإن قلت ما وجه المطابقة بين الحديث والترجمة؟ أجيب بأن هذه الصفة لا تكون غالبًا إلاّ لمن هو في غاية في الجهل، كالأعجمي، الحديث العهد بالإسلام، ولا يخلو من هذه صفته من ارتكاب البدعة واقتحام الفتنة، ولو لم يكن إلاّ افتتانه بنفسه حين تقدم لمامة، وليس من أهلها، لأن لها أهلاً من الحسب والنسب والعلم.
57 - باب يَقُومُ عَنْ يَمِينِ الإِمَامِ بِحِذَائِهِ سَوَاءً إِذَا كَانَا اثْنَيْنِ هذا ( باب) بالتنوين ( يقوم) المأموم ( عن يمين الإمام بحذائه) بكسر المهملة وذال معجمة ممدودة، أي بجنبه حال كونه ( سواء) مسويًّا، بحيث لا يتقدم ولا يتأخر، وللأصيلي: يقوم بحذاء الإمام على يمينه، ( إذا كانا اثنين) إمام ومأموم، لكن يندب تخلف المأموم عن الإمام قليلاً، وتكره المساواة كما قاله في المجموع.
697 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: "بِتُّ فِي بَيْتِ خَالَتِي مَيْمُونَةَ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْعِشَاءَ، ثُمَّ جَاءَ فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ نَامَ، ثُمَّ قَامَ، فَجِئْتُ فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ، فَصَلَّى خَمْسَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ نَامَ حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ -أَوْ قَالَ خَطِيطَهُ- ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ".
[انظر الحديث 117 وأطرافه] .
وبالسند قال: ( حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي، بمعجمة ثم مهملة، قاضي مكة، ( قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن الحكم) بن عتيبة، بضم العين مصغرًا ( قال: سمعت سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: بت في بيت خالتي) أم المؤمنين ( ميمونة) رضي الله عنها، ( فصلّى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- العشاء) في المسجد ( ثم جاء) إلى بيت ميمونة ( فصلّى أربع ركعات) عقب دخوله، ( ثم نام، ثم قام) من نومه فتوضأ.
فأحرم بالصلاة ( فجئت فقمت عن يساره، فجعلني عن يمينه، فصلّى خمس ركعات، ثم صلّى ركعتين، ثم نام حتى سمعت غطيطه) بالغين المعجمة ( أو قال) الراوي: ( خطيطه) بالخاء المعجمة، وهو بمعنى السابق، ثم استيقظ عليه الصلاة والسلام ( ثم خرج إلى الصلاة) أي الصبح ولم يتوضأ، لأن عينيه تنامان ولا ينام قلبه، فهو من خصائصه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وفي الحديث أن الذكر يقف عن يمين الإمام بالغًا كان المأموم أو صبيًّا، فإن حضر آخر في القيام أحرم عن يساره، ثم يتقدم الإمام أو يتأخران، حيث أمكن التقدم والتأخر لسعة المكان من الجانبين، وتأخرهما أفضل.
روى مسلم عن جابر، قال: قام رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصلّي، فقمت عن يساره، فأخذ بيدي حتى أدارني عن يمينه، ثم جاء جبار بن صخر فقام عن يساره، فأخذ بأيدينا جميعًا حتى أقامنا خلفه.
58 - باب إِذَا قَامَ الرَّجُلُ عَنْ يَسَارِ الإِمَامِ فَحَوَّلَهُ الإِمَامُ إِلَى يَمِينِهِ لَمْ تَفْسُدْ صَلاَتُهُمَا هذا ( باب) بالتنوين ( إذا قام الرجل) المأموم، ولابن عساكر: رجل ( عن يسار الإمام) وثبت لفظه: عن، للأصيلي ( فحوله الإمام إلى يمينه) وفي نسخة: على يمينه، وفي أخرى: عن يمينه ( لم تفسد صلاتهما) أي المأموم والإمام، والجملة جواب إذا، وللأصيلي: لم تفسد صلاته، أي صلاة الرجل.
وهذا مذهب الجمهور، وقال أحمد: من وقف عن يسار الإمام بطلت صلاته، لأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يقر ابن عباس على ذلك.
698 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: "نِمْتُ عِنْدَ مَيْمُونَةَ وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَهَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَتَوَضَّأَ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، فَقُمْتُ عَلَى يَسَارِهِ، فَأَخَذَنِي فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ، فَصَلَّى ثَلاَثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ نَامَ حَتَّى نَفَخَ، وَكَانَ إِذَا نَامَ نَفَخَ، ثُمَّ أَتَاهُ الْمُؤَذِّنُ فَخَرَجَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ".
قَالَ عَمْرٌو فَحَدَّثْتُ بِهِ بُكَيْرًا فَقَالَ: حَدَّثَنِي كُرَيْبٌ بِذَلِكَ.
وبالسند قال ( حدّثنا أحمد) أي ابن صالح، كما جزم به أبو نعيم في المستخرج ( قال: حدّثنا ابن وهب) عبد الله ( قال: حدّثنا عمرو) بفتح العين، ابن الحرث المصري ( عن عبد ربه بن سعيد) بكسر العين، أخي يحيى بن سعيد الأنصاري ( عن مخرمة بن سليمان، عن كريب) بضم الكاف ( مولى ابن عباس عن ابن عباسرضي الله عنهما قال: نمت) من النوم، وللكشميهني والأصيلي: قال بت، من البيتوتة ( عند) خالتي ( ميمونة) رضي الله عنها ( والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عندها تلك الليلة) بالنصب أي في ليلتها ( فتوضأ) الفاء فصيحة، أي نام عليه الصلاة والسلام ( ثم قام) من نومه فتوضأ، ثم قام ( يصلّي، فقمت عن يساره، فأخذني فجعلني عن يمينه) ، هذا وجه المطابقة بين الحديث والترجمة، ( فصلّى ثلاث عشرة ركعة، ثم نام حتى نفخ، وكان) عليه الصلاة والسلام ( إذا نام نفخ، ثم أتاه المؤذن فخرج) من بيته إلى المسجد ( فصلّى) بالناس ( ولم يتوضأ) لأنه كان لا ينتقض وضوءه بالنوم مضطجعًا لاستيقاظ قلبه.
ولا يعارض هذا حديث نومه في الوادي حتى طلعت الشمس، لأن رؤية الشمس والفجر بالعين لا بالقلب، كما مرّ في باب السمر في العلم.
ويأتي تمامه في التهجد.
( قال عمرو) بفتح العين، ابن الحرث بالإسناد المذكور إليه ( فحدثت به) أي بهذا الحديث ( بكيرًا) هو ابن عبد الله الأشج ( فقال: حدّثني كريب) مولى ابن عباس، رضي الله عنهما ( بذلك) .
وهذا الحديث من السباعيات، واستفاد عمرو بن الحرث برواية بكير العلوّ برجل، وفيه ثلاثة من التابعين مدنيون على نسق واحد، والتحديث، والعنعنة، وتقدم التنبيه على من أخرجه في باب القراءة بعد الحدث من كتاب الطهارة.
59 - باب إِذَا لَمْ يَنْوِ الإِمَامُ أَنْ يَؤُمَّ ثُمَّ جَاءَ قَوْمٌ فَأَمَّهُمْ هذا ( باب) بالتنوين ( إذا لم ينو الإمام أن يؤم) أي الإمامة، وسقط لابن عساكر: أن يؤم ( ثم جاء) وللأصيلي: فجاء ( قوم فأمّهم) صحت، لأنه لا يشترط للإمام نيّة الإمامة في صحة الاقتداء به، نعم، تستحب له لينال فضيلة الجماعة.
وقال القاضي حسين، فيمن صلّى منفردًا فاقتدى به جمع ولم يعلم بهم: ينال فضيلة الجماعة، لأنهم نالوها بسببه.
وفرق أحمد بين النافلة والفريضة، فشرط النية في الفريضة دون النافلة.
وقال الإمام أبو حنيفة: إذا نوى الإمامة جاز أن يصلّي خلفه الرجال، وإن لم ينو بهم، ولا يجوز للنساء أن يصلّين خلفه إلا أن ينوي بهنّ، لاحتمال فساد صلاته بمحاذاتهنّ إياه.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [696] حَدَّثَنِي مُحَمَّد بن أبان: ثنا غندر، قَالَ: ثنا شعبة، عَن أَبِي التياح، سَمِعَ أَنَس بن مَالِك يَقُول: قَالَ النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأبي ذر: ( ( اسمع وأطع، ولو لحبشي، كأن رأسه زبيبة) ) .
مَا ذكره عَن الْحَسَن: رواه سَعِيد بن منصور، ثنا ابن المبارك، عَنهِشَام ابن حسان، عَن الْحَسَن، أَنَّهُ سئل عَن صاحب البدعة: الصلاة خلفه؟ قَالَ: صل خلفه، وعليه بدعته.
وخرجه حرب، عَن سَعِيد بن منصور، بِهِ.
وخرج - أَيْضاً - بإسناده، عَن جَعْفَر بن برقان ن قَالَ: سألت ميمون بن مهران عَن الصلاة خلف من يذكر أَنَّهُ من الخوارج؟ فَقَالَ: إنك لا تصلي لَهُ، إنما تصلي لله، قَدْ كنا نصلي خلف الحجاج وَهُوَ حروري أزرقي.
فنظرت إليه، فَقَالَ: أتدري مَا الحروري الأزرقي، هُوَ الَّذِي إذا خالفت آيةً سماك كافراً، واستحل دمك، وكان الحجاج كذلك.
وروى أبو نعيم فِي ( ( كِتَاب الصلاة) ) : ثنا سُفْيَان، عَن هِشَام، عَن ابن سيرين، قَالَ: كَانَ يكون أمراء عَلَى المدينة، فسئل ابن عُمَر عَن الصلاة معهم، فَقَالَ: الصلاة لا أبالي من شاركني فيها.
وروى أبو شِهَاب: ثنا يونس بن عُبَيْدِ، عَن نَافِع، قَالَ: كَانَ ابن عُمَر يسلم عَلَى الخشبية والخوارج وهم يقتتلون.
فَقَالَ: من قَالَ: ( ( حي عَلَى الصلاة) ) أجبته، من قَالَ: ( ( حي عَلَى الفلاح) ) أجبته، ومن قَالَ: ( ( حي عَلَى قتل أخيك الْمُسْلِم وأخذ ماله) ) ، قُلتُ: لا.
خرجه البيهقي.
وروى عَن ابن عُمَر من وجوه، أَنَّهُ كَانَ يصلي خلف الحجاج.
وذكر البخاري فِي ( ( تاريخه) ) : قَالَ لنا عَبْد الله، عَن معاوية بن صالح، عَن عَبْد الكريم البكاء، قَالَ: أدركت عشرة من أصْحَاب النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[كلهم] يصلي خلف أئمة الجور.
وخرج أبو داود من حَدِيْث مكحول، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: ( ( الجهاد واجب عليكم مَعَ كل أمير، براً كَانَ أو فاجراً.
والصلاة واجبة عليكم خلف كل مُسْلِم، براً كَانَ أو فاجراً)
)
.
وهذا منقطع؛ مكحول لَمْ يسمع من أَبِي هُرَيْرَةَ.
وقد أنكر أحمد هَذَا، ولم يره صحيحاً.
قَالَ مهِنأ: سألت أحمد عَن الصلاة خلف كل بر وفاجر؟ قَالَ: مَا أدري مَا هَذَا، ولا أعرف هَذَا، مَا ينبغي لنا أن نصلي خلف فاجر، وأنكر هَذَا الكلام.
وَقَالَ يعقوب بن بختان: سئل أحمد عَن الصلاة خلف كل بر وفاجر؟ قَالَ: مَا سمعنا بهذا.
وأما الأثر الَّذِي ذكره البخاري عَن عُثْمَان: فرواه عَبْد الرزاق، عَن معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عروة، عَن عُبَيْدِ الله بن عدي بن الخيار، عَن عُثْمَان، فخالف معمر الأوزاعي فِي إسناده.
وذكر الدارقطني أن الزبيدي والنعمان بن راشد وأبا أيوب الإفريقي،رووه، عن الزهري كما رواه عنه الأوزاعي.
وخالفهم شعيب بن أَبِي حَمْزَة وأسحاق بن راشد وعبيد الله بن أَبِي زياد، فرووه عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَةَ، عَن عُبَيْدِ الله بن عدي.
وكذلك عبد الو احد بن زياد وغندر، عَن معمر.
وَقَالَ مُحَمَّد بن ثور: عَن معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُبَيْدِ الله بن عدي، لَمْ يذكر بَيْنَهُمَا أحداً.
وأرسله حماد بن زيد عَن معمر، عَن الزُّهْرِيّ.
وتابعه جَعْفَر بن برقان، عَن الزُّهْرِيّ.
قَالَ: وحديث حميد بن عَبْد الرحمن هُوَ المحفوظ.
قَالَ: ولا يدفع حَدِيْث عُرْوَةَ، أن يكون الزُّهْرِيّ حفظ عنهما جميعاً.
ورواه سعد بن إِبْرَاهِيْم بن عَبْد الرحمن بن عوف، عَن أَبِيه، عَن عُبَيْدِ الله ابن عدي، حدث بِهِ مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَنْهُ.
انتهى.
وأما مَا ذكره عَن الزبيدي، عَن الزُّهْرِيّ، أَنَّهُ لا يصلى خلف المخنث إلا أن لا يجد مِنْهُ بداً.
فالمخنث: هُوَ الَّذِي يتشبه بالنساء فِي هيئته وكلامه.
وكلام الزُّهْرِيّ هَذَا يدل عَلَى أَنَّهُ إذا اضطر إلى الصلاة خلف من يكره صلى وراءه.
وَقَالَ مسرور بن مُحَمَّد: قَالَ الأوزاعي: لا تصل خلف قدري؛ إلاأن تضطر.
وَقَالَ بقية بن الوليد: سألت الزبيدي: هَلْ يصلى خلف صاحب بدعة أو مكذب بالقدر؟ فَقَالَ: إن كَانَ والياً فليس من الأمر فِي شيء، وأنت فِي عذر، وإن لَمْ يكن والياً فلا تصل خلفه.
وكره آخرون الصلاة خلف أهل الأهواء والفجور: رَوَى بقية بن الوليد: ثنا حبيب بن عُمَر الأنصاري، عَن أَبِيه، قَالَ: سَمِعْت واثلة بن الأسقع يَقُول: لَوْ صليت خلف قدري لأعدت صلاتي.
خرجه حرب الكرماني.
وخرج - أَيْضاً - من طريق نوح بن جعونة: ثنا عَبْد الكريم، قَالَ: قَالَ ابن عَبَّاس: لأن أصلي خلف جيفة حمار أحب إلي من أن أصلي خلف قدري.
وفي كلا الإسنادين ضعف.
وروى عَن أَبِي جَعْفَر مُحَمَّد بن عَلِيّ، أَنَّهُ أمر بإعادة الصلاة خلف القدري.
وكذلك سُفْيَان.
وفرقت طائفة بَيْن البدع المغلظة وغيرها: فَقَالَ أبو عُبَيْدِ فيمن صلى خلف الجهمي أو الرافضي: يعيد.
ومن صلى خلف قدري أو مرجىء أو خارجي: لا آمره بالإعادة.
وكذلك الإمام أحمد، قَالَ فِي الصلاة خلف الجهمية: إنها تعاد.
والجهمي عنده من يَقُول: القرآن مخلوق؛ فإنه كافر.
أو يقف ولا يَقُول مخلوق ولا غير مخلوق، ونص أَنَّهُ تعاد الصلاة خلفه - أَيْضاً -، وقال: لا يصلي خلف من قَالَ: لفظي بالقرآن مخلوق، وَهُوَ جهمي.
وقال: لا يصلي خلف القدري إذا قَالَ: لا يعلم الشيء حَتَّى يكون، فهذا كافر، فإن صلى يعيد.
وَقَالَ - أَيْضاً - فِي القدري: إذا كَانَ داعياً مخاصماً تعاد الصلاة خلفه.
وهذا محمول عَلَى من لا ينكر منهم العلم القديم.
وَقَالَ فِي الخوارج: إذا تغلبوا عَلَى بلد: صلي خلفهم.
وَقَالَ - مرة -: يصلى خلفهم الجمعة؛ صلى ابن عُمَر خلف نجدة الحروري.
وَقَالَ فِي الرافضي الَّذِي يتناول الصَّحَابَة: لا يصلى خلفه.
وَقَالَ فيمن يقدم علياً عَلَى أَبِي بَكْر وعمر: إن كَانَ جاهلاً لا علم لَهُ فصلى خلفه فأرجو أن لا يكون بِهِ بأس، وإن كَانَ يتخذه ديناً فلا تصل خلفه.
وَقَالَ فِي المرجىء - وَهُوَ: من لا يدخل الأعمال فِي الإيمان -: إن كَانَ داعياً فلا يصلى خلفه..
     وَقَالَ  فِي الصلاة خلف أهل الأهواء: إذا كَانَ داعيةً ويخاصم فِي بدعته فلا يصلى خلفه، وإلا فلا بأس.
وهذا محمول عَلَى البدع الَّتِيْ لا يكفر صاحبها، فأما مَا يكفر صاحبه فتعاد الصلاة خلفه، كما تقدم عَنْهُ.
قَالَ حرب: قُلتُ لأحمد: فتكره الصلاة خلف أهل البدع كلهم؟ فَقَالَ: إنهم لا يستوون.
وأما الصلاة خلف الفساق، فَقَالَ أحمد - فيمن يسكر -: لا يصلى خلفه، وفيمن ترك شيئاً من فرائض الإسلام أو تعامل بالربا: لا يصلي خلفه، ولا خلف من كل بيعه عينة - يعني: نسأة، ولا خلف من يكثر كذبه.
وسئل عَن الصلاة خلف من يغتاب النَّاس؟ فَقَالَ: لَوْ كَانَ كل من عصى الله لا يصلى خلفه، متى كَانَ يقوم النَّاس عَلَى هَذَا؟ وفرق - مرة - بَيْن المستتر والمعلن.
قَالَ أحمد بن الْقَاسِم: سئل أحمد عَن الصلاة خلف من لا يرضى؟ قَالَ: قَدْ اختلف فِيهِ؛ فإن كَانَ لا يظهر أمره فِي منكر أو فاحشة بينة أو مَا أشبه ذَلِكَ فليصل.
وفرق - مرة - بَيْن الصلاة خلف الأمراء وغيرهم.
قَالَ الميموني: سَمِعْت أحمد قَالَ: إذا كَانَ الإمام من أئمة الأحياء يسكر فلا أحب أن أصلي خلفه البتة؛ لأن لِي اختيار الأئمة، وليس هُوَ والي المُسْلِمِين؛ لأن ابن عُمَر سئل عَن الصلاة خلف الأمراء؟ فَقَالَ: إنما هِيَ حسنة، لا أبالي من شركني فيها.
ولهذا المعنى لَمْ يختلف فِي حضور الجمعة والعيدين خلف كل بر وفاجر.
والمشهور عَنْهُ: إعادتها خلف الفاجر، فإن كَانَ يكفر ببدعته ففي حضورها مَعَهُ روايتان، ومع حضورها يعيدها ظهراً.
وحكي عَنْهُ: لا يعيد.
واختلف أصحابنا فِي حكاية المذهب فِي الإعادة خلف الفاسق:فمنهم من قَالَ: فِي الإعادة روايتان مطلقاً.
ومنهم من قالَ: إن لم يعلم فسقه فلا إعادة، وإن علم ففي الإعادة روايتان.
ومنهم من قَالَ: إن كَانَ مستتراً لَمْ يعد، وإن كَانَ متظاهراً ففي الإعادة روايتان.
فأما من يكفر ببدعته فحكمه حكم الكفار.
ولذلك فرق إِسْحَاق بن راهوية بَيْن القدري والمرجىء، فَقَالَ فِي القدري: لا يصلى خلفه..
     وَقَالَ  فِي المرجىء: إن كَانَ داعية لَمْ يصل خلفه.
وَقَالَ حرب: ثنا ابن أَبِي حزم القطعي: ثنا معاذ بن معاذ: ثنا أشعث، عَن الْحَسَن، فِي السكران يؤم القوم؟ قَالَ: إذا أتم الركوع والسجود فَقَدْ أجزأ عنهم.
وَقَالَ مُحَمَّد بن سيرين: يعيدون جميعاً، والإمام.
وحكى ابن المنذر، عَن مَالِك، أَنَّهُ قَالَ: لا يصلى خلف أهل البدع من القدرية وغيرهم، ويصلى خلف أئمة الجور.
وعن الشَّافِعِيّ: أَنَّهُ يجيز الصلاة خلف من أقام الصلاة، وإن كَانَ غير محمود فِي دينه.
اختار ابن المنذر هَذَا القول، مَا لَمْ تخرجه بدعته إلى الكفر.
وفي ( ( تهذيب المدونة) ) : تجزىء الجمعة وغيرها خلف من ليس بمبتدع من الولاة، وإذا كَانَ الإمام من أهل الأهواء فلا يصلى خلفه ولا الجمعة، إلا أن يتقيه، فليصلها مَعَهُ، وليعد ظهراً.
ووقف مَالِك فِي إعادة من صلىخلف مبتدع..
     وَقَالَ  ابن الْقَاسِم: يعيد فِي الوقت.
انتهى.
وفي مصنف عَلَى مذهب سُفْيَان الثوري: تكره إمامة أهل البدع والأهواء الداعية إلى ذَلِكَ؛ سئل سُفْيَان عَن الصلاة خلف الأمراء الذين يقولون: طاعتنا لله طاعة، ومعصيتنا لله معصية؟ قَالَ: كَانَ الحجاج يَقُول ذَلِكَ، وهم يصلون خلف رافضي أو قدري فليعد الصلاة، ولا يصلى خلف من يَقُول: الإيمان قَوْلِ بلا عمل.
وحديث أَنَس الَّذِي خرجه البخاري فِي هَذَا الباب يستدل بِهِ عَلَى الصلاة خلف أئمة الجور وأعوانهم؛ وقد جعله البخاري دليلاً عَلَى إمامة المبتدع - أَيْضاً - كما يطاع فِي غير معصية، إذا كَانَ لَهُ ولاية عَلَى النَّاس، فإنه أمر بطاعتهم مطلقاً، مَعَ أَنَّهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أخبر بأنه يكون من بعده ولاة يغيرون ويبدلون، ونهى عَن قتالهم مَا أقاموا الصلاة، ولم ينه عَن الصلاة وراءهم، وإنما أمر بالصلاة فِي الوقت إذا أخر الأمراء الصلاة عَن الوقت، وأمر بالصلاة معهم نافلة، وقد سبق هَذَا الحَدِيْث فِي ( ( المواقيت) ) .
ويستدل بِهِ عَلَى صحة الصلاة النافلة خلف الفاجر.
ومن أصحابنا من قَالَ: تصح النافلة خلفهم بغير خلاف فِي المذهب.
وقد روي عَن أحمد رِوَايَة أخرى أَنَّهُ لا يصلى التروايح خلف من يسكر.
وقد روي حَدِيْث مرفوع فِي كراهة الصلاة خلف الفاجر فِي غير الجمعة.
خرجه ابن ماجه من رِوَايَة عَبْد الله بن مُحَمَّد العدوي، عَن عَلِيّبن زيد، عَن سَعِيد بن المُسَيِّب، عَن جابر، قَالَ: خطبنا رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: ( ( إن الله قَدْ افترض عليكم الجمعة فِي مقامي هَذَا إلى يوم القيامة، فمن تركها فِي حياتي أو بعدي وله إمام عادل أو جائر استخفافاً بِهَا، وجحوداً لها؛ فلا جمع الله لَهُ شمله، ولا بارك لَهُ فِي أمره، ألا ولا صلاة لَهُ، ولا زكاة لَهُ، ولا حج لَهُ، ولا بركة حَتَّى يتوب، ألا لا تؤمن امرأة رجلاً، ولا يؤم أعرابي مهاجراً، ألا ولا يؤم فاجر مؤمناً إلا أن يقهره بسلطان يخاف سيفه وشرطه) ) .
والعدوي هَذَا، قَالَ البخاري وأبو حاتم: منكر الحَدِيْث..
     وَقَالَ  أبو حاتم: مجهول..
     وَقَالَ  الدارقطني: متروك.
قَالَ العقيلي: وقد روي هَذَا من وجه آخر يشبه هَذَا فِي الضعف.
وذكر الدارقطني فِي ( ( العلل) ) أَنَّهُ رواه أبو فَاطِمَة مسكين بن عَبْد الله الطفاوي وحمزة بن حسان، عَن عَلِيّ بن زيد - أَيْضاً -، ورواه الثوري عَن عَلِيّ بن زيد أَيْضاً.
ثُمَّ خرجه من طريق مهنأ بن يَحْيَى الشامي - صاحب الإمام أحمد -: حَدَّثَنَا زيد بن أَبِي الزرقاء، عَن سُفْيَان، عَن عَلِيّ بن زيد - فذكره مختصراً.
وهذا إسناد قوي؛ إلا أن الحَدِيْث منكر -: قاله أبو حاتم الرَّازِي.
وَقَالَ الدارقطني: هُوَ غير ثابت.
وَقَالَ ابن عَبْد البر: أسانيده واهية.
قُلتُ: وقد روي أوله من طرق متعددة، كلها واهية.
57 - بَاب يَقُومُ عَنْ يَمِينِ الإمَامِ بحذائهِ سواءً إذا كَاناَ اثْنَيْنِ مراده بهذا التبويب: أَنَّهُ إذا اجتمع فِي الصلاة إمام ومأموم فإن المأموم يقوم عَن يمين الإمام بحذائه سواء - أي: مساوياً لَهُ فِي الموقف، من غير تقدم ولا تأخر.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [ قــ :675 ... غــ :696] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ هُوَ الْبَلْخِيُّ مُسْتَمْلِي وَكِيعٍ وَقِيلَ الْوَاسِطِيُّ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ لَكِنْ لَمْ نَجِدْ لِلْوَاسِطِيِّ رِوَايَةً عَنْ غُنْدَرٍ بِخِلَافِ الْبَلْخِيِّ وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْهُ بِمَوْضِعٍ آخَرَ فِي الْمَوَاقِيتِ وَهَذَا جَمِيعُ مَا أَخْرَجَ عَنْهُ الْبُخَارِيُّ .

     قَوْلُهُ  اسْمَعْ وَأَطِعْ تقدم الْكَلَام عَلَيْهِ قبل بِبَاب قَالَ بن الْمُنِيرِ وَجْهُ دُخُولِهِ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ الصِّفَةَ الْمَذْكُورَةَ إِنَّمَا تُوجَدُ غَالِبًا فِي عَجَمِيٍّ حَدِيثِ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ لَا يَخْلُو مِنْ جَهْلٍ بِدِينِهِ وَمَا يَخْلُو من هَذِه صفته عَن ارْتِكَابِ الْبِدْعَةِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا افْتِتَانُهُ بِنَفْسِهِ حَتَّى تَقَدَّمَ لِلْإِمَامَةِ وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :675 ... غــ :696 ]
- حَدَّثَنِي مُحَمَّد بن أبان: ثنا غندر، قَالَ: ثنا شعبة، عَن أَبِي التياح، سَمِعَ أَنَس بن مَالِك يَقُول: قَالَ النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأبي ذر: ( ( اسمع وأطع، ولو لحبشي، كأن رأسه زبيبة) ) .

مَا ذكره عَن الْحَسَن: رواه سَعِيد بن منصور، ثنا ابن المبارك، عَن هِشَام ابن حسان، عَن الْحَسَن، أَنَّهُ سئل عَن صاحب البدعة: الصلاة خلفه؟ قَالَ: صل خلفه، وعليه بدعته.

وخرجه حرب، عَن سَعِيد بن منصور، بِهِ.

وخرج - أَيْضاً - بإسناده، عَن جَعْفَر بن برقان ن قَالَ: سألت ميمون بن مهران عَن الصلاة خلف من يذكر أَنَّهُ من الخوارج؟ فَقَالَ: إنك لا تصلي لَهُ، إنما تصلي لله، قَدْ كنا نصلي خلف الحجاج وَهُوَ حروري أزرقي.
فنظرت إليه، فَقَالَ: أتدري مَا الحروري الأزرقي، هُوَ الَّذِي إذا خالفت آيةً سماك كافراً، واستحل دمك، وكان الحجاج كذلك.

وروى أبو نعيم فِي ( ( كِتَاب الصلاة) ) : ثنا سُفْيَان، عَن هِشَام، عَن ابن سيرين، قَالَ: كَانَ يكون أمراء عَلَى المدينة، فسئل ابن عُمَر عَن الصلاة معهم، فَقَالَ: الصلاة لا أبالي من شاركني فيها.

وروى أبو شِهَاب: ثنا يونس بن عُبَيْدِ، عَن نَافِع، قَالَ: كَانَ ابن عُمَر يسلم عَلَى الخشبية والخوارج وهم يقتتلون.
فَقَالَ: من قَالَ: ( ( حي عَلَى الصلاة) ) أجبته، من قَالَ: ( ( حي عَلَى الفلاح) ) أجبته، ومن قَالَ: ( ( حي عَلَى قتل أخيك الْمُسْلِم وأخذ ماله) ) ، قُلتُ: لا.

خرجه البيهقي.

وروى عَن ابن عُمَر من وجوه، أَنَّهُ كَانَ يصلي خلف الحجاج.
وذكر البخاري فِي ( ( تاريخه) ) : قَالَ لنا عَبْد الله، عَن معاوية بن صالح، عَن عَبْد الكريم البكاء، قَالَ: أدركت عشرة من أصْحَاب النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[كلهم] يصلي خلف أئمة الجور.

وخرج أبو داود من حَدِيْث مكحول، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: ( ( الجهاد واجب عليكم مَعَ كل أمير، براً كَانَ أو فاجراً.
والصلاة واجبة عليكم خلف كل مُسْلِم، براً كَانَ أو فاجراً)
)
.

وهذا منقطع؛ مكحول لَمْ يسمع من أَبِي هُرَيْرَةَ.

وقد أنكر أحمد هَذَا، ولم يره صحيحاً.

قَالَ مهِنأ: سألت أحمد عَن الصلاة خلف كل بر وفاجر؟ قَالَ: مَا أدري مَا هَذَا، ولا أعرف هَذَا، مَا ينبغي لنا أن نصلي خلف فاجر، وأنكر هَذَا الكلام.

وَقَالَ يعقوب بن بختان: سئل أحمد عَن الصلاة خلف كل بر وفاجر؟ قَالَ: مَا سمعنا بهذا.

وأما الأثر الَّذِي ذكره البخاري عَن عُثْمَان: فرواه عَبْد الرزاق، عَن معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عروة، عَن عُبَيْدِ الله بن عدي بن الخيار، عَن عُثْمَان، فخالف معمر الأوزاعي فِي إسناده.

وذكر الدارقطني أن الزبيدي والنعمان بن راشد وأبا أيوب الإفريقي، رووه، عن الزهري كما رواه عنه الأوزاعي.

وخالفهم شعيب بن أَبِي حَمْزَة وأسحاق بن راشد وعبيد الله بن أَبِي زياد، فرووه عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَةَ، عَن عُبَيْدِ الله بن عدي.

وكذلك عبد الو احد بن زياد وغندر، عَن معمر.

وَقَالَ مُحَمَّد بن ثور: عَن معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُبَيْدِ الله بن عدي، لَمْ يذكر بَيْنَهُمَا أحداً.

وأرسله حماد بن زيد عَن معمر، عَن الزُّهْرِيّ.
وتابعه جَعْفَر بن برقان، عَن الزُّهْرِيّ.

قَالَ: وحديث حميد بن عَبْد الرحمن هُوَ المحفوظ.
قَالَ: ولا يدفع حَدِيْث عُرْوَةَ، أن يكون الزُّهْرِيّ حفظ عنهما جميعاً.

ورواه سعد بن إِبْرَاهِيْم بن عَبْد الرحمن بن عوف، عَن أَبِيه، عَن عُبَيْدِ الله ابن عدي، حدث بِهِ مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَنْهُ.
انتهى.

وأما مَا ذكره عَن الزبيدي، عَن الزُّهْرِيّ، أَنَّهُ لا يصلى خلف المخنث إلا أن لا يجد مِنْهُ بداً.

فالمخنث: هُوَ الَّذِي يتشبه بالنساء فِي هيئته وكلامه.

وكلام الزُّهْرِيّ هَذَا يدل عَلَى أَنَّهُ إذا اضطر إلى الصلاة خلف من يكره صلى وراءه.

وَقَالَ مسرور بن مُحَمَّد: قَالَ الأوزاعي: لا تصل خلف قدري؛ إلا أن تضطر.

وَقَالَ بقية بن الوليد: سألت الزبيدي: هَلْ يصلى خلف صاحب بدعة أو مكذب بالقدر؟ فَقَالَ: إن كَانَ والياً فليس من الأمر فِي شيء، وأنت فِي عذر، وإن لَمْ يكن والياً فلا تصل خلفه.

وكره آخرون الصلاة خلف أهل الأهواء والفجور:
رَوَى بقية بن الوليد: ثنا حبيب بن عُمَر الأنصاري، عَن أَبِيه، قَالَ: سَمِعْت واثلة بن الأسقع يَقُول: لَوْ صليت خلف قدري لأعدت صلاتي.

خرجه حرب الكرماني.

وخرج - أَيْضاً - من طريق نوح بن جعونة: ثنا عَبْد الكريم، قَالَ: قَالَ ابن عَبَّاس: لأن أصلي خلف جيفة حمار أحب إلي من أن أصلي خلف قدري.

وفي كلا الإسنادين ضعف.

وروى عَن أَبِي جَعْفَر مُحَمَّد بن عَلِيّ، أَنَّهُ أمر بإعادة الصلاة خلف القدري.

وكذلك سُفْيَان.

وفرقت طائفة بَيْن البدع المغلظة وغيرها:
فَقَالَ أبو عُبَيْدِ فيمن صلى خلف الجهمي أو الرافضي: يعيد.
ومن صلى خلف قدري أو مرجىء أو خارجي: لا آمره بالإعادة.
وكذلك الإمام أحمد، قَالَ فِي الصلاة خلف الجهمية: إنها تعاد.

والجهمي عنده من يَقُول: القرآن مخلوق؛ فإنه كافر.
أو يقف ولا يَقُول مخلوق ولا غير مخلوق، ونص أَنَّهُ تعاد الصلاة خلفه - أَيْضاً -، وقال: لا يصلي خلف من قَالَ: لفظي بالقرآن مخلوق، وَهُوَ جهمي.

وقال: لا يصلي خلف القدري إذا قَالَ: لا يعلم الشيء حَتَّى يكون، فهذا كافر، فإن صلى يعيد.

وَقَالَ - أَيْضاً - فِي القدري: إذا كَانَ داعياً مخاصماً تعاد الصلاة خلفه.

وهذا محمول عَلَى من لا ينكر منهم العلم القديم.

وَقَالَ فِي الخوارج: إذا تغلبوا عَلَى بلد: صلي خلفهم.

وَقَالَ - مرة -: يصلى خلفهم الجمعة؛ صلى ابن عُمَر خلف نجدة الحروري.

وَقَالَ فِي الرافضي الَّذِي يتناول الصَّحَابَة: لا يصلى خلفه.

وَقَالَ فيمن يقدم علياً عَلَى أَبِي بَكْر وعمر: إن كَانَ جاهلاً لا علم لَهُ فصلى خلفه فأرجو أن لا يكون بِهِ بأس، وإن كَانَ يتخذه ديناً فلا تصل خلفه.

وَقَالَ فِي المرجىء - وَهُوَ: من لا يدخل الأعمال فِي الإيمان -: إن كَانَ داعياً فلا يصلى خلفه..
     وَقَالَ  فِي الصلاة خلف أهل الأهواء: إذا كَانَ داعيةً ويخاصم فِي بدعته فلا يصلى خلفه، وإلا فلا بأس.

وهذا محمول عَلَى البدع الَّتِيْ لا يكفر صاحبها، فأما مَا يكفر صاحبه فتعاد الصلاة خلفه، كما تقدم عَنْهُ.
قَالَ حرب: قُلتُ لأحمد: فتكره الصلاة خلف أهل البدع كلهم؟ فَقَالَ: إنهم لا يستوون.

وأما الصلاة خلف الفساق، فَقَالَ أحمد - فيمن يسكر -: لا يصلى خلفه، وفيمن ترك شيئاً من فرائض الإسلام أو تعامل بالربا: لا يصلي خلفه، ولا خلف من كل بيعه عينة - يعني: نسأة، ولا خلف من يكثر كذبه.

وسئل عَن الصلاة خلف من يغتاب النَّاس؟ فَقَالَ: لَوْ كَانَ كل من عصى الله لا يصلى خلفه، متى كَانَ يقوم النَّاس عَلَى هَذَا؟
وفرق - مرة - بَيْن المستتر والمعلن.

قَالَ أحمد بن الْقَاسِم: سئل أحمد عَن الصلاة خلف من لا يرضى؟ قَالَ: قَدْ اختلف فِيهِ؛ فإن كَانَ لا يظهر أمره فِي منكر أو فاحشة بينة أو مَا أشبه ذَلِكَ فليصل.

وفرق - مرة - بَيْن الصلاة خلف الأمراء وغيرهم.

قَالَ الميموني: سَمِعْت أحمد قَالَ: إذا كَانَ الإمام من أئمة الأحياء يسكر فلا أحب أن أصلي خلفه البتة؛ لأن لِي اختيار الأئمة، وليس هُوَ والي المُسْلِمِين؛ لأن ابن عُمَر سئل عَن الصلاة خلف الأمراء؟ فَقَالَ: إنما هِيَ حسنة، لا أبالي من شركني فيها.

ولهذا المعنى لَمْ يختلف فِي حضور الجمعة والعيدين خلف كل بر وفاجر.

والمشهور عَنْهُ: إعادتها خلف الفاجر، فإن كَانَ يكفر ببدعته ففي حضورها مَعَهُ روايتان، ومع حضورها يعيدها ظهراً.

وحكي عَنْهُ: لا يعيد.

واختلف أصحابنا فِي حكاية المذهب فِي الإعادة خلف الفاسق: فمنهم من قَالَ: فِي الإعادة روايتان مطلقاً.

ومنهم من قالَ: إن لم يعلم فسقه فلا إعادة، وإن علم ففي الإعادة روايتان.

ومنهم من قَالَ: إن كَانَ مستتراً لَمْ يعد، وإن كَانَ متظاهراً ففي الإعادة روايتان.

فأما من يكفر ببدعته فحكمه حكم الكفار.

ولذلك فرق إِسْحَاق بن راهوية بَيْن القدري والمرجىء، فَقَالَ فِي القدري: لا يصلى خلفه..
     وَقَالَ  فِي المرجىء: إن كَانَ داعية لَمْ يصل خلفه.

وَقَالَ حرب: ثنا ابن أَبِي حزم القطعي: ثنا معاذ بن معاذ: ثنا أشعث، عَن الْحَسَن، فِي السكران يؤم القوم؟ قَالَ: إذا أتم الركوع والسجود فَقَدْ أجزأ عنهم.

وَقَالَ مُحَمَّد بن سيرين: يعيدون جميعاً، والإمام.

وحكى ابن المنذر، عَن مَالِك، أَنَّهُ قَالَ: لا يصلى خلف أهل البدع من القدرية وغيرهم، ويصلى خلف أئمة الجور.

وعن الشَّافِعِيّ: أَنَّهُ يجيز الصلاة خلف من أقام الصلاة، وإن كَانَ غير محمود فِي دينه.

اختار ابن المنذر هَذَا القول، مَا لَمْ تخرجه بدعته إلى الكفر.

وفي ( ( تهذيب المدونة) ) : تجزىء الجمعة وغيرها خلف من ليس بمبتدع من الولاة، وإذا كَانَ الإمام من أهل الأهواء فلا يصلى خلفه ولا الجمعة، إلا أن يتقيه، فليصلها مَعَهُ، وليعد ظهراً.
ووقف مَالِك فِي إعادة من صلى خلف مبتدع..
     وَقَالَ  ابن الْقَاسِم: يعيد فِي الوقت.
انتهى.

وفي مصنف عَلَى مذهب سُفْيَان الثوري: تكره إمامة أهل البدع والأهواء الداعية إلى ذَلِكَ؛ سئل سُفْيَان عَن الصلاة خلف الأمراء الذين يقولون: طاعتنا لله طاعة، ومعصيتنا لله معصية؟ قَالَ: كَانَ الحجاج يَقُول ذَلِكَ، وهم يصلون خلف رافضي أو قدري فليعد الصلاة، ولا يصلى خلف من يَقُول: الإيمان قَوْلِ بلا عمل.

وحديث أَنَس الَّذِي خرجه البخاري فِي هَذَا الباب يستدل بِهِ عَلَى الصلاة خلف أئمة الجور وأعوانهم؛ وقد جعله البخاري دليلاً عَلَى إمامة المبتدع - أَيْضاً - كما يطاع فِي غير معصية، إذا كَانَ لَهُ ولاية عَلَى النَّاس، فإنه أمر بطاعتهم مطلقاً، مَعَ أَنَّهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أخبر بأنه يكون من بعده ولاة يغيرون ويبدلون، ونهى عَن قتالهم مَا أقاموا الصلاة، ولم ينه عَن الصلاة وراءهم، وإنما أمر بالصلاة فِي الوقت إذا أخر الأمراء الصلاة عَن الوقت، وأمر بالصلاة معهم نافلة، وقد سبق هَذَا الحَدِيْث فِي ( ( المواقيت) ) .

ويستدل بِهِ عَلَى صحة الصلاة النافلة خلف الفاجر.

ومن أصحابنا من قَالَ: تصح النافلة خلفهم بغير خلاف فِي المذهب.

وقد روي عَن أحمد رِوَايَة أخرى أَنَّهُ لا يصلى التروايح خلف من يسكر.

وقد روي حَدِيْث مرفوع فِي كراهة الصلاة خلف الفاجر فِي غير الجمعة.

خرجه ابن ماجه من رِوَايَة عَبْد الله بن مُحَمَّد العدوي، عَن عَلِيّ بن زيد، عَن سَعِيد بن المُسَيِّب، عَن جابر، قَالَ: خطبنا رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: ( ( إن الله قَدْ افترض عليكم الجمعة فِي مقامي هَذَا إلى يوم القيامة، فمن تركها فِي حياتي أو بعدي وله إمام عادل أو جائر استخفافاً بِهَا، وجحوداً لها؛ فلا جمع الله لَهُ شمله، ولا بارك لَهُ فِي أمره، ألا ولا صلاة لَهُ، ولا زكاة لَهُ، ولا حج لَهُ، ولا بركة حَتَّى يتوب، ألا لا تؤمن امرأة رجلاً، ولا يؤم أعرابي مهاجراً، ألا ولا يؤم فاجر مؤمناً إلا أن يقهره بسلطان يخاف سيفه وشرطه) ) .

والعدوي هَذَا، قَالَ البخاري وأبو حاتم: منكر الحَدِيْث..
     وَقَالَ  أبو حاتم: مجهول..
     وَقَالَ  الدارقطني: متروك.

قَالَ العقيلي: وقد روي هَذَا من وجه آخر يشبه هَذَا فِي الضعف.

وذكر الدارقطني فِي ( ( العلل) ) أَنَّهُ رواه أبو فَاطِمَة مسكين بن عَبْد الله الطفاوي وحمزة بن حسان، عَن عَلِيّ بن زيد - أَيْضاً -، ورواه الثوري عَن عَلِيّ بن زيد أَيْضاً.

ثُمَّ خرجه من طريق مهنأ بن يَحْيَى الشامي - صاحب الإمام أحمد -: حَدَّثَنَا زيد بن أَبِي الزرقاء، عَن سُفْيَان، عَن عَلِيّ بن زيد - فذكره مختصراً.

وهذا إسناد قوي؛ إلا أن الحَدِيْث منكر -: قاله أبو حاتم الرَّازِي.
وَقَالَ الدارقطني: هُوَ غير ثابت.

وَقَالَ ابن عَبْد البر: أسانيده واهية.

قُلتُ: وقد روي أوله من طرق متعددة، كلها واهية.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :675 ... غــ : 696 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأَبِي ذَرٍّ: «اسْمَعْ وَأَطِعْ وَلَوْ لِحَبَشِيٍّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ».

وبه قال ( حدّثنا) بالجمع، ولأبي ذر: حدّثني ( محمد بن أبان) البلخي، مستملي وكيع ( قال: حدّثنا غندر) محمد بن جعفر، ابن امرأة شعبة ( عن شعبة) بن الحجاج ( عن أبي التياح) يزيد بن حميد ( أنه سمع أنس بن مالك) يقول: ( قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأبي ذر) : رضي الله عنه:
( اسمع وأطع ولو) كانت الطاعة أو الأمر ( لحبشي كأن رأسه زبيبة) وسواء كان ذلك الحبشي مبتدعًا أو مفتونًا.

فإن قلت ما وجه المطابقة بين الحديث والترجمة؟ أجيب بأن هذه الصفة لا تكون غالبًا إلاّ لمن هو في غاية في الجهل، كالأعجمي، الحديث العهد بالإسلام، ولا يخلو من هذه صفته من ارتكاب البدعة واقتحام الفتنة، ولو لم يكن إلاّ افتتانه بنفسه حين تقدم لمامة، وليس من أهلها، لأن لها أهلاً من الحسب والنسب والعلم.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ إمَامَةِ المَفْتُونِ والمُبْتَدِعِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم إِمَامَة الْمفْتُون، وَهُوَ من فتن الرجل فَهُوَ مفتون إِذا ذهب مَاله وعقله، والفاتن: المضل عَن الْحق، والمفتون المضل، بِفَتْح الضَّاد، هَكَذَا فسره الْكرْمَانِي..
     وَقَالَ  بَعضهم: أَي الَّذِي دخل فِي الْفِتْنَة فَخرج على الإِمَام.
قلت: هَذَا التَّفْسِير لَا ينطبق إلاّ على الفاتن، لِأَن الَّذِي يدْخل فِي الْفِتْنَة وَيخرج على الإِمَام هُوَ الْفَاعِل، وَكَانَ يَنْبَغِي للْبُخَارِيّ أَيْضا أَن يَقُول: بابُُ إِمَامَة الفاتن.
قَوْله: ( والمبتدع) وَهُوَ الَّذِي يرتكب الْبِدْعَة، والبدعة لُغَة: كل شَيْء عمل عَليّ غير مِثَال سَابق، وَشرعا إِحْدَاث مَا لم يكن لَهُ أصل فِي عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهِي عل قسمَيْنِ: بِدعَة ضَلَالَة، وَهِي الَّتِي ذكرنَا، وبدعة حَسَنَة: وَهِي مَا رَآهُ الْمُؤْمِنُونَ حسنا وَلَا يكون مُخَالفا للْكتاب أَو السّنة أَو الْأَثر أَو الْإِجْمَاع، وَالْمرَاد هُنَا الْبِدْعَة: الضَّلَالَة.

وَقَالَ الحسَنُ صَلِّ وعَلَيْهِ بِدْعَتُهُ
كَانَ الْحسن الْبَصْرِيّ سُئِلَ عَن الصَّلَاة خلف المبتدع، فَقَالَ: صل وَعَلِيهِ إِثْم بدعته، وَوصل هَذَا التَّعْلِيق سعيد بن مَنْصُور عَن ابْن الْمُبَارك عَن هِشَام بن حسان: أَن الْحسن سُئِلَ عَن الصَّلَاة خلف صَاحب بِدعَة فَقَالَ: صل خَلفه وَعَلِيهِ بدعته.

( قَالَ أَبُو عبد الله.

     وَقَالَ  لنا مُحَمَّد بن يُوسُف قَالَ حَدثنَا الْأَوْزَاعِيّ قَالَ حَدثنَا الزُّهْرِيّ عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن عَن عبيد الله بن عدي بن خِيَار أَنه دخل على عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ مَحْصُور فَقَالَ إِنَّك إِمَام عَامَّة وَنزل بك مَا ترى وَيُصلي لنا إِمَام فتْنَة ونتحرج فَقَالَ الصَّلَاة أحسن مَا يعْمل النَّاس فَإِذا أحسن النَّاس فَأحْسن مَعَهم وَإِذا أساؤا فاجتنب إساءتهم)

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله " وَيُصلي لنا إِمَام فتْنَة " إِلَى آخِره.
( ذكر رِجَاله) وهم خَمْسَة.
الأول مُحَمَّد بن يُوسُف الْفرْيَابِيّ.
الثَّانِي عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو الْأَوْزَاعِيّ.
الثَّالِث مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ.
الرَّابِع حميد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف مر فِي أَوَائِل كتاب الْإِيمَان.
الْخَامِس عبيد الله بتصغير العَبْد ابْن عدي بِفَتْح الْعين وَكسر الدَّال الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف ابْن خِيَار بِكَسْر الْخَاء الْمُعْجَمَة وخفة الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالراء النَّوْفَلِي الْمدنِي التَّابِعِيّ أدْرك زمن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلم تثبت رُؤْيَته وَكَانَ من فُقَهَاء قُرَيْش وثقاتهم مَاتَ زمن الْوَلِيد بن عبد الْملك ( ذكر لطائف إِسْنَاده) فِيهِ أَولا قَالَ البُخَارِيّ قَالَ لنا مُحَمَّد بن يُوسُف قَالَ صَاحب التَّلْوِيح كَأَنَّهُ أَخذ هَذَا الحَدِيث مذاكرة فَلهَذَا لم يقل فِيهِ حَدثنَا وَقيل أَنه مِمَّا تحمله بِالْإِجَازَةِ أَو المناولة أَو الْعرض وَقيل أَنه مُتَّصِل من حَيْثُ اللَّفْظ مُنْقَطع من حَيْثُ الْمَعْنى.

     وَقَالَ  بَعضهم هُوَ مُتَّصِل لَكِن لَا يعبر بِهَذِهِ الصِّيغَة إِلَّا إِذا كَانَ الْمَتْن مَوْقُوفا أَو كَانَ فِيهِ راو لَيْسَ على شَرطه وَالَّذِي هُنَا من قبيل الأول ( قلت) إِذا كَانَ الرَّاوِي على غير شَرطه كَيفَ يذكرهُ فِي كِتَابه.
وَفِيه التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين وَفِيه العنعنة فِي موضِعين وَفِيه القَوْل فِي موضِعين وَفِيه رِوَايَة ثَلَاثَة من التَّابِعين بَعضهم عَن بعض وهم الزُّهْرِيّ عَن حميد عَن عبيد الله وَفِيه الزُّهْرِيّ عَن حميد وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ أَخْبرنِي حميد وَفِيه حَدثنَا الْأَوْزَاعِيّ وَفِي رِوَايَة ابْن الْمُبَارك عَن الْأَوْزَاعِيّ وَفِيه عَن حميد عَن عبيد الله وَفِي رِوَايَة أبي نعيم والإسماعيلي حَدثنِي عبيد الله بن عدي.
( ذكر من وَصله) وَصله الْإِسْمَاعِيلِيّ قَالَ حَدثنَا عبد الله بن يحيى السَّرخسِيّ حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى حَدثنَا أَحْمد بن يُوسُف حَدثنَا الْأَوْزَاعِيّ حَدثنَا الزُّهْرِيّ فَذكره.

     وَقَالَ  أَيْضا حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن هَانِيء حَدثنَا الزيَادي حَدثنَا أَحْمد بن صَالح حَدثنَا عَنْبَسَة حَدثنَا يُونُس عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عبيد الله بن عدي بِهِ وَمن طَرِيق هِقْل بن زِيَاد سَمِعت الْأَوْزَاعِيّ عَن الزُّهْرِيّ حَدثنِي حميد وَمن طَرِيق عِيسَى عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن الزُّهْرِيّ عَن حميد حَدثنِي عبيد الله بن عدي وَرَوَاهُ أَبُو نعيم الْأَصْبَهَانِيّ من طَرِيق الْحسن بن سُفْيَان عَن حبَان عَن عبد الله بن الْمُبَارك أخبرنَا الْأَوْزَاعِيّ فَذكره ( ذكر مَعْنَاهُ) قَوْله " وَهُوَ مَحْصُور " جملَة اسمية وَقعت حَالا على الأَصْل بِالْوَاو أَي مَحْبُوس فِي الدَّار مَمْنُوع عَن الْأُمُور قَوْله " إِمَام عَامَّة " بِالْإِضَافَة أَي إِمَام جمَاعَة وَفِي رِوَايَة يُونُس " وَأَنت الإِمَام " أَي الإِمَام الْأَعْظَم قَوْله " مَا نرى " بنُون الْمُتَكَلّم ويروى " مَا ترى " بتاء الْمُخَاطب أَي مَا ترى من الْحصار وَخُرُوج الْخَوَارِج عَلَيْهِ قَوْله " وَيُصلي لنا إِمَام فتْنَة " أَي رَئِيس فتْنَة.

     وَقَالَ  الدَّاودِيّ أَي فِي وَقت فتْنَة.

     وَقَالَ  ابْن وضاح إِمَام الْفِتْنَة هُوَ عبد الرَّحْمَن بن عديس البلوي وَهُوَ الَّذِي جلب على عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أهل مصر.

     وَقَالَ  ابْن الْجَوْزِيّ وَقد صلى كنَانَة بن بشر أحد رُؤْس الْخَوَارِج بِالنَّاسِ أَيْضا وَكَانَ هَؤُلَاءِ لما هجموا على الْمَدِينَة كَانَ عُثْمَان يخرج فَيصَلي بِالنَّاسِ شهرا ثمَّ خرج يَوْمًا فحصبوه حَتَّى وَقع على الْمِنْبَر وَلم يسْتَطع الصَّلَاة يَوْمئِذٍ فصلى بهم أَبُو أُمَامَة بن سهل بن حنيف فمنعوه فصلى بهم عبد الرَّحْمَن بن عديس تَارَة وكنانة بن بشر تَارَة فبقيا على ذَلِك عشرَة أَيَّام ( فَإِن قلت) صلى بهم أَبُو أُمَامَة بن سهل بن حنيف وَعلي بن أبي طَالب وَسَهل بن حنيف وَأَبُو أَيُّوب الْأنْصَارِيّ وَطَلْحَة بن عبيد الله فَكيف يُقَال فِي حَقهم إِمَام فتْنَة ( قلت) وَلَيْسَ وَاحِد من هَؤُلَاءِ مُرَاد بقوله " إِمَام فتْنَة " دلّ على ذَلِك تَفْسِير الدَّاودِيّ بقوله أَي فِي وَقت فتْنَة أَو يَقُول أَنهم استأذنوه فِي الصَّلَاة فَأذن لَهُم لعلمه أَن المصريين لَا يصلونَ إِلَيْهِم بشر ( فَإِن قلت) هَل ثَبت صَلَاة هَؤُلَاءِ ( قلت) أما صَلَاة أبي أُمَامَة فقد رَوَاهُ عمر بن شيبَة بِإِسْنَاد صَحِيح وَرَوَاهُ المدايني من طَرِيق أبي هُرَيْرَة وَأما صَلَاة عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فَرَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ فِي تَارِيخ بَغْدَاد من رِوَايَة ثَعْلَبَة بن يزِيد الجماني قَالَ فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْعِيد عيد الْأَضْحَى جَاءَ عَليّ فصلى بِالنَّاسِ.

     وَقَالَ  عبد الله بن الْمُبَارك فِيمَا رَوَاهُ الْحسن الْحلْوانِي لم يصل بهم غير صَلَاة الْعِيد وَفعل ذَلِك عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لِئَلَّا تضاع السّنة.

     وَقَالَ  غَيره صلى بهم عدَّة صلوَات وَأما صَلَاة سهل بن حنيف فَرَوَاهُ عمر بن شيبَة أَيْضا بِإِسْنَاد قوي قَوْله " ونتحرج " بِالْحَاء الْمُهْملَة وبالجيم من التحرج أَي نَخَاف الْوُقُوع فِي الاثم وأصل الْحَرج الضّيق ثمَّ اسْتعْمل للاثم لِأَنَّهُ يضيق على صَاحبه وَفِي رِوَايَة ابْن الْمُبَارك " وَإِنَّا لنتحرج من الصَّلَاة مَعَهم " وَهَذَا القَوْل ينْصَرف إِلَى صَلَاة من صلى من رُؤَسَاء الْخَوَارِج فِي وَقت الْفِتْنَة وَلَا يدْخل فِيهِ من ذَكَرْنَاهُمْ من الصَّحَابَة قَوْله " فَقَالَ الصَّلَاة أحسن " أَي قَالَ عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ الصَّلَاة أحسن فَقَوله الصَّلَاة مُبْتَدأ وَقَوله أحسن مُضَاف إِلَى مَا بعده خَبره وَفِي رِوَايَة ابْن الْمُبَارك " أَن الصَّلَاة أحسن " وَفِي رِوَايَة هِقْل بن زِيَاد عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن الْإِسْمَاعِيلِيّ " الصَّلَاة أحسن مَا يعْمل النَّاس " ( فَإِن قلت) هَذَا يدل على أَن عُثْمَان لم يذكر الَّذِي أمّهم من رُؤَسَاء الْخَوَارِج بمكروه وَتَفْسِير الدَّاودِيّ على هَذَا لَا اخْتِصَاص لَهُ بالخارجي ( قلت) لَا يلْزم من كَون الصَّلَاة أحسن مَا يعْمل النَّاس أَو من أحسن مَا عمل النَّاس أَن لَا يسْتَحق فاعلها ذما عِنْد وجود مَا يَقْتَضِيهِ قَوْله " فَإِذا أحسن النَّاس فَأحْسن مَعَهم " ظَاهره أَن عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ رخص لَهُ فِي الصَّلَاة مَعَهم كَأَنَّهُ يَقُول لَا يَضرك كَونه مفتونا إِذا أحسن فوافقه على إحسانه وأترك مَا افْتتن بِهِ وَبِهَذَا تُوجد الْمُطَابقَة بَينه وَبَين التَّرْجَمَة.

     وَقَالَ  ابْن الْمُنِير يحْتَمل أَن يكون رأى أَن الصَّلَاة خَلفه لَا تصح فحاد عَن الْجَواب بقوله " الصَّلَاة أحسن مَا يعْمل النَّاس " لِأَن الصَّلَاة الَّتِي هِيَ أحسن هِيَ الصَّلَاة الصَّحِيحَة وَصَلَاة الْخَارِجِي غير صَحِيحَة لِأَنَّهُ إِمَّا كَافِر أَو فَاسق انْتهى ( وَأجِيب) بِأَن هَذَا الَّذِي قَالَه إِنَّمَا هُوَ نصْرَة لمذهبه فِي عدم صِحَة الصَّلَاة خلف الْفَاسِق وَهَذَا مَرْدُود لما روى سيف بن عمر فِي الْفتُوح عَن سهل بن يُوسُف الْأنْصَارِيّ عَن أَبِيه قَالَ كره النَّاس الصَّلَاة خلف الَّذين حصروا عُثْمَان إِلَّا عُثْمَان فَإِنَّهُ قَالَ من دَعَا إِلَى الصَّلَاة فأجيبوه ( ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ) فِيهِ تحذير من الْفِتْنَة وَالدُّخُول فِيهَا وَمن جَمِيع مَا يُنكر من قَول أَو فعل أَو اعْتِقَاد يدل عَلَيْهِ قَوْله " وَإِذا أساؤا فاجتنب " وَفِيه أَن الصَّلَاة خلف من تكره الصَّلَاة خَلفه أولى من تَعْطِيل الْجَمَاعَة.

     وَقَالَ  بَعضهم وَفِيه رد على من زعم أَن الْجُمُعَة لَا تجزيء أَن تُقَام بِغَيْر إِذن الإِمَام ( قلت) لَيْسَ فِيهِ رد بل دَعْوَى الرَّد على ذَلِك مَرْدُودَة لِأَن عليا صلى يَوْم عيد الْأَضْحَى الَّذِي شَرطهَا أَن يُصَلِّي من يُصَلِّي الْجُمُعَة فَمن أَيْن ثَبت أَنه صلى بِغَيْر إِذن عُثْمَان وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنهُ أَنه صلى عدَّة صلوَات وفيهَا الْجُمُعَة فَمن ادّعى أَنه صلى بِغَيْر اسْتِئْذَان فَعَلَيهِ الْبَيَان وَلَئِن سلمنَا أَنه صلى بِغَيْر اسْتِئْذَان وَلَكِن كَانَ ذَلِك بسب تخلف الإِمَام عَن الْحُضُور وَإِذا تعذر حُضُور الإِمَام فعلى الْمُسلمين إِقَامَة رجل مِنْهُم يقوم بِهِ وَهَذَا كَمَا فعل الْمُسلمُونَ بِمَوْتِهِ لما قتل الْأُمَرَاء اجْتَمعُوا على خَالِد بن الْوَلِيد رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَو نقُول أَن عليا لم يتَوَصَّل إِلَيْهِ فَعَن هَذَا قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن لَو غلب على مصر متغلب وَصلى بهم الْجُمُعَة جَازَ وَنقل ذَلِك عَن الْحسن الْبَصْرِيّ وَكَانَ عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أولى بذلك لِأَن الصَّحَابَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم رَضوا بِهِ وصلوا وَرَاءه وَسَوَاء كَانَ بِإِذن أَو لَا بِإِذن فَلَا نرى جَوَازهَا بِغَيْر إِذن الإِمَام وَكَيف وَقد روى ابْن ماجة عَن جَابر بن عبد الله قَالَ " خَطَبنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " الحَدِيث وَفِيه " فَمن تَركهَا " أَي الْجُمُعَة " فِي حَياتِي أَو بعدِي وَله إِمَام عَادل أَو جَائِر اسْتِخْفَافًا بهَا وجحودا لَهَا فَلَا جمع الله شَمله وَلَا بَارك لَهُ فِي أمره أَلا وَلَا صَلَاة لَهُ وَلَا زَكَاة لَهُ وَلَا حج لَهُ وَلَا صَوْم لَهُ وَلَا بر لَهُ حَتَّى يَتُوب " الحَدِيث وَمن هَذَا أَخذ أَصْحَابنَا وَقَالُوا لَا تجوز إِقَامَتهَا إِلَّا للسُّلْطَان وَهُوَ الإِمَام الْأَعْظَم أَو لمن أمره كالنائب وَالْقَاضِي والخطيب ( فَإِن قلت) هَذَا الحَدِيث ضَعِيف وَفِي سَنَده عبد الله بن مُحَمَّد وَهُوَ تكلم فِيهِ ( قلت) هَذَا رُوِيَ من طرق كَثِيرَة ووجوه مُخْتَلفَة فَحصل لَهُ بذلك قُوَّة فَلَا يمْنَع من الِاحْتِجَاج بِهِ وَأما الصَّلَاة خلف الْخَوَارِج وَأهل الْبدع فَاخْتلف الْعلمَاء فِيهِ فأجازت طَائِفَة مِنْهُم ابْن عمر إِذا صلى خلف الْحجَّاج وَكَذَلِكَ ابْن أبي ليلى وَسَعِيد بن جُبَير ثمَّ خرجا عَلَيْهِ.

     وَقَالَ  النَّخعِيّ كَانُوا يصلونَ وَرَاء الْأُمَرَاء مَا كَانُوا وَكَانَ أَبُو وَائِل يجمع مَعَ المختارين عبيد وَسُئِلَ مَيْمُون بن مهْرَان عَن الصَّلَاة خلف رجل يذكر أَنه من الْخَوَارِج فَقَالَ أَنْت لَا تصلي لَهُ إِنَّمَا تصلي لله عز وَجل وَقد كُنَّا نصلي خلف الْحجَّاج وَكَانَ حروريا أزرقيا وروى أَشهب عَن مَالك لَا أحب الصَّلَاة خلف الأباضية والواصلية وَلَا السُّكْنَى مَعَهم فِي بلد.

     وَقَالَ  ابْن الْقَاسِم أرى الْإِعَادَة فِي الْوَقْت على من صلى خلف أهل الْبدع.

     وَقَالَ  أصبغ يُعِيد أبدا.

     وَقَالَ  الثَّوْريّ فِي القدري لَا تقدموه.

     وَقَالَ  أَحْمد بن حَنْبَل لَا يصلى خلف أحد من أهل الْأَهْوَاء إِذا كَانَ دَاعيا إِلَى هَوَاهُ وَمن صلى خلف الْجَهْمِية والرافضية والقدرية يُعِيد.

     وَقَالَ  أَصْحَابنَا تكره الصَّلَاة خلف صَاحب هوى وبدعة وَلَا تجوز خلف الرافضي والجهمي والقدري لأَنهم يَعْتَقِدُونَ أَن الله لَا يعلم الشَّيْء قبل حُدُوثه وَهُوَ كفر والمشبهة وَمن يَقُول بِخلق الْقُرْآن وَكَانَ أَبُو حنيفَة لَا يرى الصَّلَاة خلف المبتدع وَمثله عَن أبي يُوسُف وَأما الْفَاسِق بجوارحه كالزاني وشارب الْخمر فَزعم ابْن حبيب أَن من صلى خلف من شرب الْخمر يُعِيد أبدا إِلَّا أَن يكون واليا وَقيل فِي رِوَايَة يَصح وَفِي الْمُحِيط لَو صلى خلف فَاسق أَو مُبْتَدع يكون مُحرز لثواب الْجَمَاعَة وَلَا ينَال ثَوَاب من صلى خلف المتقي وَفِي الْمَبْسُوط يكره الِاقْتِدَاء بِصَاحِب الْبِدْعَة
(.

     وَقَالَ  الزبيدِيّ قَالَ لزهري لَا نرى أَن يُصَلِّي خلف المخنث إِلَّا من ضَرُورَة لَا بُد مِنْهَا)
الزبيدِيّ بِضَم الزَّاي وَفتح الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالدال الْمَكْسُورَة وَهِي نِسْبَة إِلَى زبيدى وَهُوَ بطن فِي مذْحج وَفِي الأزد وَفِي خولان القضاعية وَهُوَ صَاحب الزُّهْرِيّ واسْمه مُحَمَّد بن الْوَلِيد أَبُو الْهُذيْل الشَّامي الْحِمصِي قَالَ ابْن سعد مَاتَ سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَمِائَة وَهُوَ ابْن سبعين سنة وَالزهْرِيّ هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب قَوْله " أَن يُصَلِّي " على صِيغَة الْمَجْهُول قَوْله " المخنث " بِكَسْر النُّون وَفتحهَا وَالْكَسْر أفْصح وَالْفَتْح أشهر وَهُوَ الَّذِي خلقه خلق النِّسَاء وَهُوَ نَوْعَانِ من يكون ذَلِك خلقَة لَهُ لَا صنع لَهُ فِيهِ وَهَذَا لَا إِثْم عَلَيْهِ وَلَا ذمّ وَمن تكلّف ذَلِك وَلَيْسَ لَهُ خلقيا وَهَذَا هُوَ المذموم وَقيل بِكَسْر النُّون من فِيهِ تكسر وتثن وتشبه بِالنسَاء وبالفتح من يُؤْتى فِي دبره.

     وَقَالَ  أَبُو عبد الْملك أَرَادَ الزُّهْرِيّ الَّذِي يُؤْتى فِي دبره وَأما من يتكسر فِي كَلَامه ومشيه فَلَا بَأْس بِالصَّلَاةِ خَلفه.

     وَقَالَ  الدَّاودِيّ أرادهما لِأَنَّهُمَا بِدعَة وجرحة وَذَلِكَ لِأَن الْإِمَامَة مَوضِع كَمَال وَاخْتِيَار أهل الْفضل وكما أَن إِمَام الْفِتْنَة والمبتدع كل مِنْهُمَا مفتون فِي طَرِيقَته فَلَمَّا شملهم معنى الْفِتْنَة ذهبت إمامتهم إِلَّا من ضَرُورَة وَلِهَذَا أَدخل البُخَارِيّ هَذِه الْمَسْأَلَة هُنَا.

     وَقَالَ  ابْن بطال ذكر هَذِه الْمَسْأَلَة هُنَا لِأَن المخنث مفتتن فِي طَرِيقَته قَوْله " إِلَّا من ضَرُورَة " أَي إِلَّا أَن يكون ذَا شَوْكَة فَلَا تعطل الْجَمَاعَة بِسَبَبِهِ وَقد رَوَاهُ معمر عَن الزُّهْرِيّ بِغَيْر قيد أخرجه عبد الرَّزَّاق عَنهُ وَلَفظه " قلت فالمخنث قَالَا وَلَا كَرَامَة لَا تأتم بِهِ " وَهُوَ مَحْمُول على حَالَة الِاخْتِيَار -

[ قــ :675 ... غــ :696 ]
- مُ حَمَّدُ بنُ أبانَ قَالَ حدَّثنا غُنَّدَرٌ عنْ شُعْبَةَ عنْ أبي التَّيَّاحِ أنَّهُ سَمِعَ أنَسَ بنَ مالِكٍ قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لاِبِي ذَرٍّ اسْمَعْ وَأَطِعْ ولَوْ لِحَبَشِيٍّ كأنَّ رَأسَهُ زَبِيبَةٌ.


مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن هَذِه الصِّفَات لَا تُوجد غَالِبا إلاّ فِيمَن هُوَ غَايَة الْجَهْل، ومفتون بِنَفسِهِ.
وَقد مر هَذَا الحَدِيث فِي: بابُُ إِمَامَة العَبْد، غير أَن هُنَاكَ: مُحَمَّد بن بشار عَن يحيى عَن شُعْبَة، وَهَهُنَا: مُحَمَّد بن أبان الْبَلْخِي مستملي وَكِيع، وَقيل: هُوَ واسطي، وَهُوَ يحْتَمل، وَلَكِن لَيْسَ للواسطي رِوَايَة عَن غنْدر، والبلخي يروي عَنهُ، وغندر، بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون النُّون وَفتح الدَّال: وَهُوَ لقب مُحَمَّد بن جَعْفَر ابْن امْرَأَة شُعْبَة عَن أبي التياح يزِيد بن حميد، وَهُنَاكَ الْخطاب للْجَمَاعَة وَهنا الْخطاب لأبي ذَر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
قَوْله: ( وَلَو لحبشي) أَي: وَلَو كَانَ الطَّاعَة أَو الْأَمر لحبشي، سَوَاء كَانَ ذَلِك الحبشي مفتونا أَو مبتدعا.