هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
6750 حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ ، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا حَدِيثًا طَوِيلًا عَنِْ الدَّجَّالِ ، فَكَانَ فِيمَا يُحَدِّثُنَا بِهِ أَنَّهُ قَالَ : يَأْتِي الدَّجَّالُ ، وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ نِقَابَ المَدِينَةِ ، فَيَنْزِلُ بَعْضَ السِّبَاخِ الَّتِي تَلِي المَدِينَةَ ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ ، وَهُوَ خَيْرُ النَّاسِ - أَوْ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ - فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّكَ الدَّجَّالُ الَّذِي حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَهُ ، فَيَقُولُ الدَّجَّالُ : أَرَأَيْتُمْ إِنْ قَتَلْتُ هَذَا ، ثُمَّ أَحْيَيْتُهُ ، هَلْ تَشُكُّونَ فِي الأَمْرِ ؟ فَيَقُولُونَ : لاَ ، فَيَقْتُلُهُ ثُمَّ يُحْيِيهِ ، فَيَقُولُ : وَاللَّهِ مَا كُنْتُ فِيكَ أَشَدَّ بَصِيرَةً مِنِّي اليَوْمَ ، فَيُرِيدُ الدَّجَّالُ أَنْ يَقْتُلَهُ فَلاَ يُسَلَّطُ عَلَيْهِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  أو من خيار الناس فيقول أشهد أنك الدجال الذي حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه ، فيقول الدجال : أرأيتم إن قتلت هذا ، ثم أحييته ، هل تشكون في الأمر ؟ فيقولون : لا ، فيقتله ثم يحييه ، فيقول : والله ما كنت فيك أشد بصيرة مني اليوم ، فيريد الدجال أن يقتله فلا يسلط عليه
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Abu Sa`id:

One day Allah's Messenger (ﷺ) narrated to us a long narration about Ad-Dajjal and among the things he narrated to us, was: Ad-Dajjal will come, and he will be forbidden to enter the mountain passes of Medina. He will encamp in one of the salt areas neighboring Medina and there will appear to him a man who will be the best or one of the best of the people. He will say 'I testify that you are Ad-Dajjal whose story Allah's Messenger (ﷺ) has told us.' Ad-Dajjal will say (to his audience), 'Look, if I kill this man and then give him life, will you have any doubt about my claim?' They will reply, 'No,' Then Ad- Dajjal will kill that man and then will make him alive. The man will say, 'By Allah, now I recognize you more than ever!' Ad-Dajjal will then try to kill him (again) but he will not be given the power to do so.

":"ہم سے ابوالیمان نے بیان کیا ، کہا ہم کو شعیب نے خبر دی ، انہیں زہری نے ، انہیں عبیداللہ بن عبداللہ بن عتبہ بن مسعود نے خبر دی ، ان سے ابوسعید رضی اللہ عنہ نے بیان کیا کہایک دن رسول کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے ہم سے دجال کے متعلق ایک طویل حدیث بیان کی ۔ آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم کے ارشادات میں یہ بھی تھا کہ آپ نے فرمایا دجال آئے گا اور اس کے لیے ناممکن ہو گا کہ مدینہ کی گھاٹیوں میں داخل ہو ۔ چنانچہ وہ مدینہ منورہ کے قریب کسی شور والی زمین پر قیام کرے گا ۔ پھر اس دن اس کے پاس ایک مرد مومن جائے گا اور وہ افضل ترین لوگوں میں سے ہو گا ۔ اور اس سے کہے گا کہ میں گواہی دیتا ہوں اس بات کی جو رسول کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے ہم سے بیان فرمایا تھا ۔ اس پر دجال کہے گا کیا تم دیکھتے ہو اگر میں اسے قتل کر دوں اور پھر زندہ کروں تو کیا تمہیں میرے معاملہ میں شک و شبہ باقی رہےگا ؟ اس کے پاس والے لوگ کہیں گے کہ نہیں چنانچہ وہ اس صاحب کو قتل کر دے گا اور پھر اسے زندہ کر دے گا ۔ اب وہ صاحب کہیں گے کہ واللہ ! آج سے زیادہ مجھے تیرے معاملے میں پہلے اتنی بصیرت حاصل نہ تھی ۔ اس پر دجال پھر انہیں قتل کرنا چاہے گا لیکن اس مرتبہ اسے مار نہ سکے گا ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [7132] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَيَوْمًا حَدِيثًا طَوِيلًا عَنِ الدَّجَّالِ كَذَا وَرَدَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مُبْهَمًا وَقَدْ وَرَدَ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَا لَعَلَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا لَمْ يُذْكَرْ كَمَا فِي رِوَايَةِ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّهُ يَهُودِيٌّ وَأَنَّهُ لَا يُولَدُ لَهُ وَأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ وَلَا مَكَّةَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَفِي رِوَايَة عَطِيَّة عَن بن أَبِي سَعِيدٍ رَفَعَهُ فِي صِفَةِ عَيْنِ الدَّجَّالِ كَمَا تَقَدَّمَ وَفِيهِ وَمَعَهُ مِثْلُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ رَجُلَانِ يُنْذِرَانِ أَهْلَ الْقُرَى كُلَّمَا خَرَجَا مِنْ قَرْيَةٍ دَخَلَ أَوَائِلُهُ أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى وَالْبَزَّارُ وَهُوَ عِنْدَ أَحْمَدَ بْنِ مَنِيعٍ مُطَوَّلٌ وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الْوَدَّاكِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَفَعَهُ فِي صِفَةِ عَيْنِ الدَّجَّالِ أَيْضًا وَفِيهِ مَعَهُ مِنْ كُلِّ لِسَانٍ وَمَعَهُ صُورَة الْجنَّة خضراء يَجْرِي فِيهَا الْمَاءُ وَصُورَةُ النَّارِ سَوْدَاءُ تُدَخِّنُ .

     قَوْلُهُ  يَأْتِي الدَّجَّالُ أَيْ إِلَى ظَاهِرِ الْمَدِينَةِ .

     قَوْلُهُ  فَيَنْزِلُ بَعْضَ السِّبَاخِ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ جَمْعُ سَبَخَةٍ بِفَتْحَتَيْنِ وَهِيَ الْأَرْضُ الرَّمِلَةُ الَّتِي لَا تُنْبِتُ لِمُلُوحَتِهَا وَهَذِهِ الصِّفَةُ خَارِجُ الْمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الْحِرَّةِ .

     قَوْلُهُ  الَّتِي تَلِي الْمَدِينَةَ أَيْ مِنْ قِبَلِ الشَّامِ .

     قَوْلُهُ  فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ هُوَ خَيْرُ النَّاسِ أَوْ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ عَن بن شِهَابٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَوْ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الْوَدَّاكِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَيَتَوَجَّهُ قِبَلَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فيلقاه مسالح الدَّجَّال فَيَقُولُونَ أَو مَا تُؤْمِنُ بِرَبِّنَا فَيَقُولُ مَا بِرَبِّنَا خَفَاءٌ فَيَنْطَلِقُونَ بِهِ إِلَى الدَّجَّالِ بَعْدَ أَنْ يُرِيدُوا قَتْلَهُ فَإِذَا رَآهُ قَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ هَذَا الدَّجَّالُ الَّذِي ذَكَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي رِوَايَةِ عَطِيَّةَ فَيَدْخُلُ الْقُرَى كُلَّهَا غَيْرَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ حُرِّمَتَا عَلَيْهِ وَالْمُؤْمِنُونَ مُتَفَرِّقُونَ فِي الْأَرْضِ فَيَجْمَعُهُمُ اللَّهُ فَيَقُولُ رَجُلٌ مِنْهُمْ وَاللَّهِ لَأَنْطَلِقَنَّ فَلَأَنْظُرَنَّ هَذَا الَّذِي أَنْذَرَنَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَمْنَعُهُ أَصْحَابُهُ خَشْيَةَ أَنْ يُفْتَتَنَ بِهِ فَيَأْتِي حَتَّى إِذَا أَتَى أَدْنَى مَسْلَحَةً مِنْ مَسَالِحِهِ أَخَذُوهُ فَسَأَلُوهُ مَا شَأْنُهُ فَيَقُولُ أُرِيدُ الدَّجَّالَ الْكَذَّابَ فَيَكْتُبُونَ إِلَيْهِ بِذَلِكَ فَيَقُولُ أَرْسِلُوا بِهِ إِلَيَّ فَلَمَّا رَآهُ عَرَفَهُ .

     قَوْلُهُ  فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّكَ الدَّجَّالُ الَّذِي حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَهُ فِي رِوَايَةِ عَطِيَّةَ أَنْتَ الدَّجَّالُ الْكَذَّابُ الَّذِي أَنْذَرَنَاهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَزَادَ فَيَقُولُ لَهُ الدَّجَّالُ لَتُطِيعُنِي فِيمَا آمُرُكَ بِهِ أَوْ لَأَشُقَّنَّكَ شِقَّتَيْنِ فَيُنَادِي يَا أَيُّهَا النَّاسُ هَذَا الْمَسِيحُ الْكَذَّابُ .

     قَوْلُهُ  فَيَقُولُ الدَّجَّالُ أَرَأَيْتُمْ إِنْ قَتَلْتُ هَذَا ثُمَّ أَحْيَيْتُهُ هَلْ تَشُكُّونَ فِي الْأَمْرِ فَيَقُولُونَ لَا فِي رِوَايَةِ عَطِيَّةَ ثُمَّ يَقُولُ الدَّجَّالُ لِأَوْلِيَائِهِ وَهَذَا يُوَضِّحُ أَنَّ الَّذِي يُجِيبُهُ بِذَلِكَ أَتْبَاعُهُ وَيَرُدُّ قَوْلَ مَنْ قَالَ إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَقُولُونَ لَهُ ذَلِكَ تَقِيَّةً أَوْ مُرَادُهُمْ لَا نَشُكُّ أَيْ فِي كُفْرِكِ وَبُطْلَانِ قَوْلِكِ .

     قَوْلُهُ  فَيَقْتُلُهُ ثُمَّ يُحْيِيهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْوَدَّاكِ فَيَأْمُرُ بِهِ الدَّجَّالُ فَيُشْبَحُ فَيُشْبَعُ ظَهْرُهُ وَبَطْنُهُ ضَرْبًا فَيَقُولُ أَمَا تُؤْمِنُ بِي فَيَقُولُ أَنْتَ الْمَسِيحُ الْكَذَّابُ فَيُؤْمَرُ بِهِ فَيُوشَرُ بِالْمِيشَارِ مِنْ مَفْرِقِهِ حَتَّى يُفَرِّقَ بَيْنَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ يَمْشِي الدَّجَّالُ بَيْنَ الْقِطْعَتَيْنِ ثُمَّ يَقُولُ قُمْ فَيَسْتَوِي قَائِمًا وَفِي حَدِيثِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَيَدْعُو رَجُلًا مُمْتَلِئًا شَبَابًا فَيَضْرِبُهُ بِالسَّيْفِ فَيَقْطَعُهُ جَزْلَتَيْنِ ثُمَّ يَدْعُوهُ فَيُقْبِلُ وَيَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ يَضْحَكُ وَفِي رِوَايَةِ عَطِيَّةَ فَيَأْمُرُ بِهِ فَيُمَدُّ بِرِجْلَيْهِ ثُمَّ يَأْمُرُ بِحَدِيدَةٍ فَتُوضَعُ عَلَى عَجَبِ ذَنَبِهِ ثُمَّ يَشُقُّهُ شِقَّتَيْنِ ثُمَّ قَالَ الدَّجَّالُ لِأَوْلِيَائِهِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَحْيَيْتُ لَكُمْ هَذَا أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ نَعَمْ فَيَأْخُذُ عَصًا فَضَرَبَ أَحَدَ شِقَّيْهِ فَاسْتَوَى قَائِمًا فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ أَوْلِيَاؤُهُ صَدَّقُوهُ وَأَحَبُّوهُ وَأَيْقَنُوا بِذَلِكَ أَنَّهُ رَبهم وعطية ضَعِيف قَالَ بن الْعَرَبِيِّ هَذَا اخْتِلَافٌ عَظِيمٌ يَعْنِي فِي قَتْلِهِ بِالسَّيْفِ وَبِالْمِيشَارِ قَالَ فَيُجْمَعُ بِأَنَّهُمَا رَجُلَانِ يَقْتُلُ كُلًّا مِنْهُمَا قِتْلَةً غَيْرَ قِتْلَةِ الْآخَرِ كَذَا قَالَ وَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّعَدُّدِ وَرِوَايَةُ الْمِيشَارِ تُفَسِّرُ رِوَايَةَ الضَّرْبِ بِالسَّيْفِ فَلَعَلَّ السَّيْفَ كَانَ فِيهِ فُلُولٌ فَصَارَ كَالْمِيشَارِ وَأَرَادَ الْمُبَالَغَةَ فِي تَعْذِيبِهِ بِالْقِتْلَةِ الْمَذْكُورَةِ وَيَكُونُ .

     قَوْلُهُ  فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ مُفَسِّرًا لِقَوْلِهِ إِنَّهُ نَشَرَهُ وَقَولُهُفَيَقْطَعُهُ جَزْلَتَيْنِ إِشَارَةً إِلَى آخِرِ أَمْرِهِ لِمَا يَنْتَهِي نشره قَالَ بن الْعَرَبِيِّ وَقَدْ وَقَعَ فِي قِصَّةِ الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ أَنَّهُ وَضَعَ يَدَهُ فِي رَأْسِهِ فَاقْتَلَعَهُ وَفِي أُخْرَى فَأَضْجَعَهُ بِالسِّكِّينِ فَذَبَحَهُ فَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ تَرْجِيحِ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى لِكَوْنِ الْقِصَّةِ وَاحِدَةً.

.

قُلْتُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ الْكَهْفِ بَيَانُ التَّوْفِيقِ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ أَيْضًا بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ الْخَطَّابِيُّ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُجْرِيَ اللَّهُ الْآيَةَ عَلَى يَدِ الْكَافِرِ فَإِنَّ إِحْيَاءَ الْمَوْتَى آيَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ آيَاتِ الْأَنْبِيَاءِ فَكَيْفَ يَنَالُهَا الدَّجَّالُ وَهُوَ كَذَّابٌ مُفْتَرٍ يَدَّعِي الرُّبُوبِيَّةَ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ عَلَى سَبِيلِ الْفِتْنَةِ لِلْعِبَادِ إِذْ كَانَ عِنْدَهُمْ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُبْطِلٌ غَيْرُ مُحِقٍّ فِي دَعْوَاهُ وَهُوَ أَنَّهُ أَعْوَرُ مَكْتُوبٌ عَلَى جَبْهَتِهِ كَافِرٌ يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُسْلِمٍ فَدَعْوَاهُ دَاحِضَةٌ مَعَ وَسْمِ الْكُفْرِ وَنَقْصِ الذَّاتِ وَالْقَدْرِ إِذْ لَوْ كَانَ إِلَهًا لَأَزَالَ ذَلِكَ عَنْ وَجْهِهِ وَآيَاتُ الْأَنْبِيَاءِ سَالِمَةٌ مِنَ الْمُعَارَضَةِ فَلَا يَشْتَبِهَانِ.

     وَقَالَ  الطَّبَرِيُّ لَا يَجُوزُ أَنْ تُعْطَى أَعْلَامُ الرُّسُلِ لِأَهْلِ الْكَذِبِ وَالْإِفْكِ فِي الْحَالَةِ الَّتِي لَا سَبِيلَ لِمَنْ عَايَنَ مَا أَتَى بِهِ فِيهَا إِلَّا الْفَصْلَ بَيْنَ الْمُحِقِّ مِنْهُمْ وَالْمُبْطِلِ فَأَمَّا إِذَا كَانَ لِمَنْ عَايَنَ ذَلِكَ السَّبِيلُ إِلَى عِلْمِ الصَّادِقِ مِنَ الْكَاذِبِ فَمَنْ ظَهَرَ ذَلِكَ عَلَى يَدِهِ فَلَا يُنْكِرُ إِعْطَاءَ اللَّهِ ذَلِكَ لِلْكَذَّابِينَ فَهَذَا بَيَانُ الَّذِي أُعْطِيَهُ الدَّجَّالُ مِنْ ذَلِكَ فِتْنَةً لِمَنْ شَاهَدَهُ وَمِحْنَةً لِمَنْ عَايَنَهُ انْتَهَى وَفِي الدَّجَّالِ مَعَ ذَلِكَ دَلَالَةٌ بَيِّنَةٌ لِمَنْ عَقَلَ عَلَى كَذِبِهِ لِأَنَّهُ ذُو أَجْزَاءٍ مُؤَلَّفَةٍ وَتَأْثِيرُ الصَّنْعَةِ فِيهِ ظَاهِرٌ مَعَ ظُهُورِ الْآفَةِ بِهِ مِنْ عَوَرِ عَيْنَيْهِ فَإِذَا دَعَا النَّاسَ إِلَى أَنَّهُ رَبُّهُمْ فَأَسْوَأُ حَالَ مَنْ يَرَاهُ مِنْ ذَوِي الْعُقُولِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيُسَوِّيَ خَلْقَ غَيْرِهِ وَيَعْدِلُهُ وَيُحَسِّنُهُ وَلَا يَدْفَعُ النَّقْصَ عَنْ نَفْسِهِ فَأَقَلُّ مَا يَجِبُ أَنْ يَقُولَ يَا مَنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ خَالِقُ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ صَوِّرْ نَفْسَكَ وَعَدِّلْهَا وَأَزِلْ عَنْهَا الْعَاهَةَ فَإِنْ زَعَمَتْ أَنَّ الرَّبَّ لَا يُحْدِثُ فِي نَفْسِهِ شَيْئًا فَأَزِلْ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْكَ.

     وَقَالَ  الْمُهَلَّبُ لَيْسَ فِي اقْتِدَارِ الدَّجَّالِ عَلَى إِحْيَاءِ الْمَقْتُولِ الْمَذْكُورِ مَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ أَيْ مِنْ أَنْ يُمَكَّنَ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ تَمْكِينًا صَحِيحًا فَإِنَّ اقْتِدَارَهُ عَلَى قَتْلِ الرَّجُلِ ثُمَّ إِحْيَائِهِ لَمْ يَسْتَمِرَّ لَهُ فِيهِ وَلَا فِي غَيْرِهِ وَلَا اسْتَضَرَّ بِهِ الْمَقْتُولُ إِلَّا سَاعَةَ تَأَلُّمِهِ بِالْقَتْلِ مَعَ حُصُولِ ثَوَابِ ذَلِكَ لَهُ وَقَدْ لَا يَكُونُ وَجَدَ لِلْقَتْلِ أَلَمًا لِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى دَفْعِ ذَلِكَ عَنْهُ.

     وَقَالَ  بن الْعَرَبِيّ الَّذِي يظْهر على يَد الدَّجَّالِ مِنَ الْآيَاتِ مِنْ إِنْزَالِ الْمَطَرِ وَالْخِصْبِ عَلَى مَنْ يُصَدِّقُهُ وَالْجَدْبِ عَلَى مَنْ يُكَذِّبُهُ وَاتِّبَاعِ كُنُوزِ الْأَرْضِ لَهُ وَمَا مَعَهُ مِنْ جَنَّةٍ وَنَارٍ وَمِيَاهٍ تَجْرِي كُلُّ ذَلِكَ مِحْنَةٌ مِنَ اللَّهِ وَاخْتِبَارٌ لِيَهْلِكَ الْمُرْتَابُ وَيَنْجُوَ الْمُتَيَقِّنُ وَذَلِكَ كُلُّهُ أَمْرٌ مُخَوِّفٌ وَلِهَذَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا فِتْنَةَ أَعْظَمُ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ وَكَانَ يَسْتَعِيذُ مِنْهَا فِي صَلَاتِهِ تَشْرِيعًا لِأُمَّتِهِ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ عِنْدَ مُسْلِمٍ غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُ لِي عَلَيْكُمْ فَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِلصَّحَابَةِ لِأَنَّ الَّذِي خَافَهُ عَلَيْهِمْ أَقْرَبُ إِلَيْهِمْ مِنَ الدَّجَّالِ فَالْقَرِيبُ الْمُتَيَقَّنُ وُقُوعُهُ لِمَنْ يَخَافُ عَلَيْهِ يَشْتَدُ الْخَوْفُ مِنْهُ عَلَى الْبَعِيدِ الْمَظْنُونِ وُقُوعُهُ بِهِ وَلَوْ كَانَ أَشَدَّ .

     قَوْلُهُ  فَيَقُولُ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ فِيكَ أَشَدَّ بَصِيرَةً مِنِّي الْيَوْمَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْوَدَّاكِ مَا ازْدَدْتُ فِيكَ إِلَّا بَصِيرَةً ثُمَّ يَقُولُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَا يَفْعَلُ بَعْدِي بِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ وَفِي رِوَايَةِ عَطِيَّةَ فَيَقُولُ لَهُ الدَّجَّالُ أَمَا تُؤْمِنُ بِي فَيَقُولُ أَنَا الْآنَ أَشَدُّ بَصِيرَةً فِيكَ مِنِّي ثُمَّ نَادَى فِي النَّاسِ يَا أَيُّهَا النَّاسُ هَذَا الْمَسِيحُ الْكَذَّابُ مَنْ أَطَاعَهُ فَهُوَ فِي النَّارِ وَمن عَصَاهُ فَهُوَ فِي الْجنَّة وَنقل بن التِّينِ عَنِ الدَّاوُدِيِّ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَالَ ذَلِكَ لِلدَّجَّالِ ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ كَذَا قَالَ وَالْمَعْرُوفُ أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يحصل للدجال إِذا رأى عِيسَى بن مَرْيَمَ .

     قَوْلُهُ  فَيُرِيدُ الدَّجَّالُ أَنْ يَقْتُلَهُ فَلَا يُسَلَّطُ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْوَدَّاكِ فَيَأْخُذُهُ الدَّجَّالُ لِيَذْبَحَهُ فَيُجْعَلُ مَا بَيْنَ رَقَبَتِهِ إِلَى ترقوته نُحَاس فَلَا يَسْتَطِيعُ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَفِي رِوَايَةِ عَطِيَّةَ فَقَالَ لَهُ الدَّجَّالُ لَتُطِيعُنِي أَوْ لَأَذْبَحَنَّكَ فَقَالَ وَاللَّهِ لَا أُطِيعُكَ أَبَدًا فَأَمَرَ بِهِ فَأُضْجِعَ فَلَا يقدرعَلَيْهِ وَلَا يَتَسَلَّطُ عَلَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً زَادَ فِي رِوَايَةِ عَطِيَّةَ فَأَخَذَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَأُلْقِيَ فِي النَّارِ وَهِيَ غَبْرَاءُ ذَاتُ دُخَانٍ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الْوَدَّاكِ فَيَأْخُذُ بِيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَيَقْذِفُ بِهِ فَيَحْسَبُ النَّاسُ أَنَّهُ قَذَفَهُ إِلَى النَّارِ وَإِنَّمَا أُلْقِيَ فِي الْجَنَّةِ زَادَ فِي رِوَايَةِ عَطِيَّةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَقْرَبُ أُمَّتِي مِنِّي وَأَرْفَعُهُمْ دَرَجَةً وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الْوَدَّاكِ هَذَا أَعْظَمُ شَهَادَةً عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَوَقَعَ عِنْدَ أَبِي يَعْلَى وَعَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ مِنْ رِوَايَةِ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ عَطِيَّةَ أَنَّهُ يُذْبَحُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ يَعُودُ لِيَذْبَحَهُ الرَّابِعَةَ فَيَضْرِبُ اللَّهُ عَلَى حَلْقِهِ بِصَفِيحَةِ نُحَاسٍ فَلَا يَسْتَطِيعُ ذَبْحَهُ وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَفَعَهُ فِي ذِكْرِ الدَّجَّالِ يَدْعُو بِرَجُلٍ لَا يُسَلِّطُهُ اللَّهُ إِلَّا عَلَيْهِ فَذَكَرَ نَحْوَ رِوَايَةِ أَبِي الْوَدَّاكِ وَفِي آخِرِهِ فَيَهْوِي إِلَيْهِ بِسَيْفِهِ فَلَا يَسْتَطِيعُهُ فَيَقُولُ أَخِّرُوهُ عَنِّي وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُعْتَمِرٍ ثُمَّ يَدْعُو بِرَجُلٍ فِيمَا يَرَوْنَ فَيُؤْمَرُ بِهِ فَيُقْتَلُ ثُمَّ يَقْطَعُ أَعْضَاءَهُ كُلَّ عُضْوٍ عَلَى حِدَةٍ فَيُفَرِّقُ بَيْنَهَا حَتَّى يَرَاهُ النَّاسُ ثُمَّ يَجْمَعُهَا ثُمَّ يَضْرِبُ بِعَصَاهُ فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ فَيَقُولُ أَنَا اللَّهُ الَّذِي أُمِيتُ وأحي قَالَ وَذَلِكَ كُلُّهُ سِحْرٌ سَحَرَ أَعْيُنَ النَّاسِ لَيْسَ يَعْمَلُ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا وَهُوَ سَنَدٌ ضَعِيفٌ جِدًّا وَفِي رِوَايَةِ أَبِي يَعْلَى مِنَ الزِّيَادَةِ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ كُنَّا نَرَى ذَلِكَ الرَّجُلَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لِمَا نَعْلَمُ مِنْ قُوَّتِهِ وَجَلَدِهِ وَوَقَعَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَقِبَ رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ يُقَالُ إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ هُوَ الْخَضِرُ كَذَا أَطْلَقَ فَظَنَّ الْقُرْطُبِيُّ أَنَّ أَبَا إِسْحَاقَ الْمَذْكُورَ هُوَ السَّبِيعِيُّ أَحَدَ الثِّقَاتِ مِنَ التَّابِعِينَ وَلَمْ يُصِبْ فِي ظَنِّهِ فَإِنَّ السَّنَدَ الْمَذْكُورَ لَمْ يَجْرِ لِأَبِي إِسْحَاقَ فِيهِ ذِكْرٌ وَإِنَّمَا أَبُو إِسْحَاقَ الَّذِي قَالَ ذَلِكَ هُوَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ الزَّاهِد رَاوِي صَحِيح مُسلم عَنهُ كَمَا جرم بِهِ عِيَاضٌ وَالنَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَذْكِرَتِهِ أَيْضًا قَبْلُ فَكَأَنَّ قَوْلَهُ فِي الْمَوْضِعِ الثَّانِي السَّبِيعِيُّ سَبْقُ قَلَمٍ وَلَعَلَّ مُسْتَنَدَهُ فِي ذَلِكَ مَا قَالَهُ مَعْمَرٌ فِي جَامِعِهِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ مَعْمَرٌ بَلَغَنِي أَنَّ الَّذِي يَقْتُلُ الدَّجَّالَ الْخَضِرُ وَكَذَا أخرجه بن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ كَانُوا يرَوْنَ انه الْخضر.

     وَقَالَ  بن الْعَرَبِيِّ سَمِعْتُ مَنْ يَقُولُ إِنَّ الَّذِي يَقْتُلُهُ الدَّجَّالُ هُوَ الْخَضِرُ وَهَذِهِ دَعْوَى لَا بُرْهَانَ لَهَا.

.

قُلْتُ وَقَدْ تَمَسَّكَ مَنْ قَالَهُ بِمَا أخرجه بن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ رَفَعَهُ فِي ذِكْرِ الدَّجَّالِ لَعَلَّهُ أَنْ يُدْرِكَهُ بَعْضُ مَنْ رَآنِي أَوْ سَمِعَ كَلَامِي الْحَدِيثَ وَيُعَكِّرُ عَلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهَا شَابٌّ مُمْتَلِئٌ شَبَابًا وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مِنْ جُمْلَةِ خَصَائِصِ الْخَضِرِ أَنْ لَا يَزَالَ شَابًّا وَيَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ الْحَدِيثُ الثَّانِي حَدِيثُ نُعَيْمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ لَا يَدْخُلُ الدَّجَّالُ الْمَدِينَةَ)
أَيِ الْمَدِينَةَ النَّبَوِيَّةَ ذَكَرَ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ الْأَوَّلُ

[ قــ :6750 ... غــ :7132] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا حَدِيثًا طَوِيلًا عَنِ الدَّجَّالِ كَذَا وَرَدَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مُبْهَمًا وَقَدْ وَرَدَ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَا لَعَلَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا لَمْ يُذْكَرْ كَمَا فِي رِوَايَةِ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّهُ يَهُودِيٌّ وَأَنَّهُ لَا يُولَدُ لَهُ وَأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ وَلَا مَكَّةَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَفِي رِوَايَة عَطِيَّة عَن بن أَبِي سَعِيدٍ رَفَعَهُ فِي صِفَةِ عَيْنِ الدَّجَّالِ كَمَا تَقَدَّمَ وَفِيهِ وَمَعَهُ مِثْلُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ رَجُلَانِ يُنْذِرَانِ أَهْلَ الْقُرَى كُلَّمَا خَرَجَا مِنْ قَرْيَةٍ دَخَلَ أَوَائِلُهُ أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى وَالْبَزَّارُ وَهُوَ عِنْدَ أَحْمَدَ بْنِ مَنِيعٍ مُطَوَّلٌ وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الْوَدَّاكِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَفَعَهُ فِي صِفَةِ عَيْنِ الدَّجَّالِ أَيْضًا وَفِيهِ مَعَهُ مِنْ كُلِّ لِسَانٍ وَمَعَهُ صُورَة الْجنَّة خضراء يَجْرِي فِيهَا الْمَاءُ وَصُورَةُ النَّارِ سَوْدَاءُ تُدَخِّنُ .

     قَوْلُهُ  يَأْتِي الدَّجَّالُ أَيْ إِلَى ظَاهِرِ الْمَدِينَةِ .

     قَوْلُهُ  فَيَنْزِلُ بَعْضَ السِّبَاخِ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ جَمْعُ سَبَخَةٍ بِفَتْحَتَيْنِ وَهِيَ الْأَرْضُ الرَّمِلَةُ الَّتِي لَا تُنْبِتُ لِمُلُوحَتِهَا وَهَذِهِ الصِّفَةُ خَارِجُ الْمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الْحِرَّةِ .

     قَوْلُهُ  الَّتِي تَلِي الْمَدِينَةَ أَيْ مِنْ قِبَلِ الشَّامِ .

     قَوْلُهُ  فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ هُوَ خَيْرُ النَّاسِ أَوْ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ عَن بن شِهَابٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَوْ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الْوَدَّاكِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَيَتَوَجَّهُ قِبَلَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فيلقاه مسالح الدَّجَّال فَيَقُولُونَ أَو مَا تُؤْمِنُ بِرَبِّنَا فَيَقُولُ مَا بِرَبِّنَا خَفَاءٌ فَيَنْطَلِقُونَ بِهِ إِلَى الدَّجَّالِ بَعْدَ أَنْ يُرِيدُوا قَتْلَهُ فَإِذَا رَآهُ قَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ هَذَا الدَّجَّالُ الَّذِي ذَكَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي رِوَايَةِ عَطِيَّةَ فَيَدْخُلُ الْقُرَى كُلَّهَا غَيْرَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ حُرِّمَتَا عَلَيْهِ وَالْمُؤْمِنُونَ مُتَفَرِّقُونَ فِي الْأَرْضِ فَيَجْمَعُهُمُ اللَّهُ فَيَقُولُ رَجُلٌ مِنْهُمْ وَاللَّهِ لَأَنْطَلِقَنَّ فَلَأَنْظُرَنَّ هَذَا الَّذِي أَنْذَرَنَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَمْنَعُهُ أَصْحَابُهُ خَشْيَةَ أَنْ يُفْتَتَنَ بِهِ فَيَأْتِي حَتَّى إِذَا أَتَى أَدْنَى مَسْلَحَةً مِنْ مَسَالِحِهِ أَخَذُوهُ فَسَأَلُوهُ مَا شَأْنُهُ فَيَقُولُ أُرِيدُ الدَّجَّالَ الْكَذَّابَ فَيَكْتُبُونَ إِلَيْهِ بِذَلِكَ فَيَقُولُ أَرْسِلُوا بِهِ إِلَيَّ فَلَمَّا رَآهُ عَرَفَهُ .

     قَوْلُهُ  فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّكَ الدَّجَّالُ الَّذِي حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَهُ فِي رِوَايَةِ عَطِيَّةَ أَنْتَ الدَّجَّالُ الْكَذَّابُ الَّذِي أَنْذَرَنَاهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَزَادَ فَيَقُولُ لَهُ الدَّجَّالُ لَتُطِيعُنِي فِيمَا آمُرُكَ بِهِ أَوْ لَأَشُقَّنَّكَ شِقَّتَيْنِ فَيُنَادِي يَا أَيُّهَا النَّاسُ هَذَا الْمَسِيحُ الْكَذَّابُ .

     قَوْلُهُ  فَيَقُولُ الدَّجَّالُ أَرَأَيْتُمْ إِنْ قَتَلْتُ هَذَا ثُمَّ أَحْيَيْتُهُ هَلْ تَشُكُّونَ فِي الْأَمْرِ فَيَقُولُونَ لَا فِي رِوَايَةِ عَطِيَّةَ ثُمَّ يَقُولُ الدَّجَّالُ لِأَوْلِيَائِهِ وَهَذَا يُوَضِّحُ أَنَّ الَّذِي يُجِيبُهُ بِذَلِكَ أَتْبَاعُهُ وَيَرُدُّ قَوْلَ مَنْ قَالَ إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَقُولُونَ لَهُ ذَلِكَ تَقِيَّةً أَوْ مُرَادُهُمْ لَا نَشُكُّ أَيْ فِي كُفْرِكِ وَبُطْلَانِ قَوْلِكِ .

     قَوْلُهُ  فَيَقْتُلُهُ ثُمَّ يُحْيِيهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْوَدَّاكِ فَيَأْمُرُ بِهِ الدَّجَّالُ فَيُشْبَحُ فَيُشْبَعُ ظَهْرُهُ وَبَطْنُهُ ضَرْبًا فَيَقُولُ أَمَا تُؤْمِنُ بِي فَيَقُولُ أَنْتَ الْمَسِيحُ الْكَذَّابُ فَيُؤْمَرُ بِهِ فَيُوشَرُ بِالْمِيشَارِ مِنْ مَفْرِقِهِ حَتَّى يُفَرِّقَ بَيْنَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ يَمْشِي الدَّجَّالُ بَيْنَ الْقِطْعَتَيْنِ ثُمَّ يَقُولُ قُمْ فَيَسْتَوِي قَائِمًا وَفِي حَدِيثِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَيَدْعُو رَجُلًا مُمْتَلِئًا شَبَابًا فَيَضْرِبُهُ بِالسَّيْفِ فَيَقْطَعُهُ جَزْلَتَيْنِ ثُمَّ يَدْعُوهُ فَيُقْبِلُ وَيَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ يَضْحَكُ وَفِي رِوَايَةِ عَطِيَّةَ فَيَأْمُرُ بِهِ فَيُمَدُّ بِرِجْلَيْهِ ثُمَّ يَأْمُرُ بِحَدِيدَةٍ فَتُوضَعُ عَلَى عَجَبِ ذَنَبِهِ ثُمَّ يَشُقُّهُ شِقَّتَيْنِ ثُمَّ قَالَ الدَّجَّالُ لِأَوْلِيَائِهِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَحْيَيْتُ لَكُمْ هَذَا أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ نَعَمْ فَيَأْخُذُ عَصًا فَضَرَبَ أَحَدَ شِقَّيْهِ فَاسْتَوَى قَائِمًا فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ أَوْلِيَاؤُهُ صَدَّقُوهُ وَأَحَبُّوهُ وَأَيْقَنُوا بِذَلِكَ أَنَّهُ رَبهم وعطية ضَعِيف قَالَ بن الْعَرَبِيِّ هَذَا اخْتِلَافٌ عَظِيمٌ يَعْنِي فِي قَتْلِهِ بِالسَّيْفِ وَبِالْمِيشَارِ قَالَ فَيُجْمَعُ بِأَنَّهُمَا رَجُلَانِ يَقْتُلُ كُلًّا مِنْهُمَا قِتْلَةً غَيْرَ قِتْلَةِ الْآخَرِ كَذَا قَالَ وَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّعَدُّدِ وَرِوَايَةُ الْمِيشَارِ تُفَسِّرُ رِوَايَةَ الضَّرْبِ بِالسَّيْفِ فَلَعَلَّ السَّيْفَ كَانَ فِيهِ فُلُولٌ فَصَارَ كَالْمِيشَارِ وَأَرَادَ الْمُبَالَغَةَ فِي تَعْذِيبِهِ بِالْقِتْلَةِ الْمَذْكُورَةِ وَيَكُونُ .

     قَوْلُهُ  فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ مُفَسِّرًا لِقَوْلِهِ إِنَّهُ نَشَرَهُ وَقَولُهُ فَيَقْطَعُهُ جَزْلَتَيْنِ إِشَارَةً إِلَى آخِرِ أَمْرِهِ لِمَا يَنْتَهِي نشره قَالَ بن الْعَرَبِيِّ وَقَدْ وَقَعَ فِي قِصَّةِ الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ أَنَّهُ وَضَعَ يَدَهُ فِي رَأْسِهِ فَاقْتَلَعَهُ وَفِي أُخْرَى فَأَضْجَعَهُ بِالسِّكِّينِ فَذَبَحَهُ فَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ تَرْجِيحِ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى لِكَوْنِ الْقِصَّةِ وَاحِدَةً.

.

قُلْتُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ الْكَهْفِ بَيَانُ التَّوْفِيقِ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ أَيْضًا بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ الْخَطَّابِيُّ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُجْرِيَ اللَّهُ الْآيَةَ عَلَى يَدِ الْكَافِرِ فَإِنَّ إِحْيَاءَ الْمَوْتَى آيَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ آيَاتِ الْأَنْبِيَاءِ فَكَيْفَ يَنَالُهَا الدَّجَّالُ وَهُوَ كَذَّابٌ مُفْتَرٍ يَدَّعِي الرُّبُوبِيَّةَ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ عَلَى سَبِيلِ الْفِتْنَةِ لِلْعِبَادِ إِذْ كَانَ عِنْدَهُمْ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُبْطِلٌ غَيْرُ مُحِقٍّ فِي دَعْوَاهُ وَهُوَ أَنَّهُ أَعْوَرُ مَكْتُوبٌ عَلَى جَبْهَتِهِ كَافِرٌ يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُسْلِمٍ فَدَعْوَاهُ دَاحِضَةٌ مَعَ وَسْمِ الْكُفْرِ وَنَقْصِ الذَّاتِ وَالْقَدْرِ إِذْ لَوْ كَانَ إِلَهًا لَأَزَالَ ذَلِكَ عَنْ وَجْهِهِ وَآيَاتُ الْأَنْبِيَاءِ سَالِمَةٌ مِنَ الْمُعَارَضَةِ فَلَا يَشْتَبِهَانِ.

     وَقَالَ  الطَّبَرِيُّ لَا يَجُوزُ أَنْ تُعْطَى أَعْلَامُ الرُّسُلِ لِأَهْلِ الْكَذِبِ وَالْإِفْكِ فِي الْحَالَةِ الَّتِي لَا سَبِيلَ لِمَنْ عَايَنَ مَا أَتَى بِهِ فِيهَا إِلَّا الْفَصْلَ بَيْنَ الْمُحِقِّ مِنْهُمْ وَالْمُبْطِلِ فَأَمَّا إِذَا كَانَ لِمَنْ عَايَنَ ذَلِكَ السَّبِيلُ إِلَى عِلْمِ الصَّادِقِ مِنَ الْكَاذِبِ فَمَنْ ظَهَرَ ذَلِكَ عَلَى يَدِهِ فَلَا يُنْكِرُ إِعْطَاءَ اللَّهِ ذَلِكَ لِلْكَذَّابِينَ فَهَذَا بَيَانُ الَّذِي أُعْطِيَهُ الدَّجَّالُ مِنْ ذَلِكَ فِتْنَةً لِمَنْ شَاهَدَهُ وَمِحْنَةً لِمَنْ عَايَنَهُ انْتَهَى وَفِي الدَّجَّالِ مَعَ ذَلِكَ دَلَالَةٌ بَيِّنَةٌ لِمَنْ عَقَلَ عَلَى كَذِبِهِ لِأَنَّهُ ذُو أَجْزَاءٍ مُؤَلَّفَةٍ وَتَأْثِيرُ الصَّنْعَةِ فِيهِ ظَاهِرٌ مَعَ ظُهُورِ الْآفَةِ بِهِ مِنْ عَوَرِ عَيْنَيْهِ فَإِذَا دَعَا النَّاسَ إِلَى أَنَّهُ رَبُّهُمْ فَأَسْوَأُ حَالَ مَنْ يَرَاهُ مِنْ ذَوِي الْعُقُولِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيُسَوِّيَ خَلْقَ غَيْرِهِ وَيَعْدِلُهُ وَيُحَسِّنُهُ وَلَا يَدْفَعُ النَّقْصَ عَنْ نَفْسِهِ فَأَقَلُّ مَا يَجِبُ أَنْ يَقُولَ يَا مَنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ خَالِقُ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ صَوِّرْ نَفْسَكَ وَعَدِّلْهَا وَأَزِلْ عَنْهَا الْعَاهَةَ فَإِنْ زَعَمَتْ أَنَّ الرَّبَّ لَا يُحْدِثُ فِي نَفْسِهِ شَيْئًا فَأَزِلْ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْكَ.

     وَقَالَ  الْمُهَلَّبُ لَيْسَ فِي اقْتِدَارِ الدَّجَّالِ عَلَى إِحْيَاءِ الْمَقْتُولِ الْمَذْكُورِ مَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ أَيْ مِنْ أَنْ يُمَكَّنَ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ تَمْكِينًا صَحِيحًا فَإِنَّ اقْتِدَارَهُ عَلَى قَتْلِ الرَّجُلِ ثُمَّ إِحْيَائِهِ لَمْ يَسْتَمِرَّ لَهُ فِيهِ وَلَا فِي غَيْرِهِ وَلَا اسْتَضَرَّ بِهِ الْمَقْتُولُ إِلَّا سَاعَةَ تَأَلُّمِهِ بِالْقَتْلِ مَعَ حُصُولِ ثَوَابِ ذَلِكَ لَهُ وَقَدْ لَا يَكُونُ وَجَدَ لِلْقَتْلِ أَلَمًا لِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى دَفْعِ ذَلِكَ عَنْهُ.

     وَقَالَ  بن الْعَرَبِيّ الَّذِي يظْهر على يَد الدَّجَّالِ مِنَ الْآيَاتِ مِنْ إِنْزَالِ الْمَطَرِ وَالْخِصْبِ عَلَى مَنْ يُصَدِّقُهُ وَالْجَدْبِ عَلَى مَنْ يُكَذِّبُهُ وَاتِّبَاعِ كُنُوزِ الْأَرْضِ لَهُ وَمَا مَعَهُ مِنْ جَنَّةٍ وَنَارٍ وَمِيَاهٍ تَجْرِي كُلُّ ذَلِكَ مِحْنَةٌ مِنَ اللَّهِ وَاخْتِبَارٌ لِيَهْلِكَ الْمُرْتَابُ وَيَنْجُوَ الْمُتَيَقِّنُ وَذَلِكَ كُلُّهُ أَمْرٌ مُخَوِّفٌ وَلِهَذَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا فِتْنَةَ أَعْظَمُ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ وَكَانَ يَسْتَعِيذُ مِنْهَا فِي صَلَاتِهِ تَشْرِيعًا لِأُمَّتِهِ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ عِنْدَ مُسْلِمٍ غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُ لِي عَلَيْكُمْ فَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِلصَّحَابَةِ لِأَنَّ الَّذِي خَافَهُ عَلَيْهِمْ أَقْرَبُ إِلَيْهِمْ مِنَ الدَّجَّالِ فَالْقَرِيبُ الْمُتَيَقَّنُ وُقُوعُهُ لِمَنْ يَخَافُ عَلَيْهِ يَشْتَدُ الْخَوْفُ مِنْهُ عَلَى الْبَعِيدِ الْمَظْنُونِ وُقُوعُهُ بِهِ وَلَوْ كَانَ أَشَدَّ .

     قَوْلُهُ  فَيَقُولُ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ فِيكَ أَشَدَّ بَصِيرَةً مِنِّي الْيَوْمَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْوَدَّاكِ مَا ازْدَدْتُ فِيكَ إِلَّا بَصِيرَةً ثُمَّ يَقُولُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَا يَفْعَلُ بَعْدِي بِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ وَفِي رِوَايَةِ عَطِيَّةَ فَيَقُولُ لَهُ الدَّجَّالُ أَمَا تُؤْمِنُ بِي فَيَقُولُ أَنَا الْآنَ أَشَدُّ بَصِيرَةً فِيكَ مِنِّي ثُمَّ نَادَى فِي النَّاسِ يَا أَيُّهَا النَّاسُ هَذَا الْمَسِيحُ الْكَذَّابُ مَنْ أَطَاعَهُ فَهُوَ فِي النَّارِ وَمن عَصَاهُ فَهُوَ فِي الْجنَّة وَنقل بن التِّينِ عَنِ الدَّاوُدِيِّ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَالَ ذَلِكَ لِلدَّجَّالِ ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ كَذَا قَالَ وَالْمَعْرُوفُ أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يحصل للدجال إِذا رأى عِيسَى بن مَرْيَمَ .

     قَوْلُهُ  فَيُرِيدُ الدَّجَّالُ أَنْ يَقْتُلَهُ فَلَا يُسَلَّطُ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْوَدَّاكِ فَيَأْخُذُهُ الدَّجَّالُ لِيَذْبَحَهُ فَيُجْعَلُ مَا بَيْنَ رَقَبَتِهِ إِلَى ترقوته نُحَاس فَلَا يَسْتَطِيعُ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَفِي رِوَايَةِ عَطِيَّةَ فَقَالَ لَهُ الدَّجَّالُ لَتُطِيعُنِي أَوْ لَأَذْبَحَنَّكَ فَقَالَ وَاللَّهِ لَا أُطِيعُكَ أَبَدًا فَأَمَرَ بِهِ فَأُضْجِعَ فَلَا يقدر عَلَيْهِ وَلَا يَتَسَلَّطُ عَلَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً زَادَ فِي رِوَايَةِ عَطِيَّةَ فَأَخَذَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَأُلْقِيَ فِي النَّارِ وَهِيَ غَبْرَاءُ ذَاتُ دُخَانٍ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الْوَدَّاكِ فَيَأْخُذُ بِيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَيَقْذِفُ بِهِ فَيَحْسَبُ النَّاسُ أَنَّهُ قَذَفَهُ إِلَى النَّارِ وَإِنَّمَا أُلْقِيَ فِي الْجَنَّةِ زَادَ فِي رِوَايَةِ عَطِيَّةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَقْرَبُ أُمَّتِي مِنِّي وَأَرْفَعُهُمْ دَرَجَةً وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الْوَدَّاكِ هَذَا أَعْظَمُ شَهَادَةً عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَوَقَعَ عِنْدَ أَبِي يَعْلَى وَعَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ مِنْ رِوَايَةِ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ عَطِيَّةَ أَنَّهُ يُذْبَحُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ يَعُودُ لِيَذْبَحَهُ الرَّابِعَةَ فَيَضْرِبُ اللَّهُ عَلَى حَلْقِهِ بِصَفِيحَةِ نُحَاسٍ فَلَا يَسْتَطِيعُ ذَبْحَهُ وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَفَعَهُ فِي ذِكْرِ الدَّجَّالِ يَدْعُو بِرَجُلٍ لَا يُسَلِّطُهُ اللَّهُ إِلَّا عَلَيْهِ فَذَكَرَ نَحْوَ رِوَايَةِ أَبِي الْوَدَّاكِ وَفِي آخِرِهِ فَيَهْوِي إِلَيْهِ بِسَيْفِهِ فَلَا يَسْتَطِيعُهُ فَيَقُولُ أَخِّرُوهُ عَنِّي وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُعْتَمِرٍ ثُمَّ يَدْعُو بِرَجُلٍ فِيمَا يَرَوْنَ فَيُؤْمَرُ بِهِ فَيُقْتَلُ ثُمَّ يَقْطَعُ أَعْضَاءَهُ كُلَّ عُضْوٍ عَلَى حِدَةٍ فَيُفَرِّقُ بَيْنَهَا حَتَّى يَرَاهُ النَّاسُ ثُمَّ يَجْمَعُهَا ثُمَّ يَضْرِبُ بِعَصَاهُ فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ فَيَقُولُ أَنَا اللَّهُ الَّذِي أُمِيتُ وأحي قَالَ وَذَلِكَ كُلُّهُ سِحْرٌ سَحَرَ أَعْيُنَ النَّاسِ لَيْسَ يَعْمَلُ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا وَهُوَ سَنَدٌ ضَعِيفٌ جِدًّا وَفِي رِوَايَةِ أَبِي يَعْلَى مِنَ الزِّيَادَةِ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ كُنَّا نَرَى ذَلِكَ الرَّجُلَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لِمَا نَعْلَمُ مِنْ قُوَّتِهِ وَجَلَدِهِ وَوَقَعَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَقِبَ رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ يُقَالُ إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ هُوَ الْخَضِرُ كَذَا أَطْلَقَ فَظَنَّ الْقُرْطُبِيُّ أَنَّ أَبَا إِسْحَاقَ الْمَذْكُورَ هُوَ السَّبِيعِيُّ أَحَدَ الثِّقَاتِ مِنَ التَّابِعِينَ وَلَمْ يُصِبْ فِي ظَنِّهِ فَإِنَّ السَّنَدَ الْمَذْكُورَ لَمْ يَجْرِ لِأَبِي إِسْحَاقَ فِيهِ ذِكْرٌ وَإِنَّمَا أَبُو إِسْحَاقَ الَّذِي قَالَ ذَلِكَ هُوَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ الزَّاهِد رَاوِي صَحِيح مُسلم عَنهُ كَمَا جرم بِهِ عِيَاضٌ وَالنَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَذْكِرَتِهِ أَيْضًا قَبْلُ فَكَأَنَّ قَوْلَهُ فِي الْمَوْضِعِ الثَّانِي السَّبِيعِيُّ سَبْقُ قَلَمٍ وَلَعَلَّ مُسْتَنَدَهُ فِي ذَلِكَ مَا قَالَهُ مَعْمَرٌ فِي جَامِعِهِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ مَعْمَرٌ بَلَغَنِي أَنَّ الَّذِي يَقْتُلُ الدَّجَّالَ الْخَضِرُ وَكَذَا أخرجه بن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ كَانُوا يرَوْنَ انه الْخضر.

     وَقَالَ  بن الْعَرَبِيِّ سَمِعْتُ مَنْ يَقُولُ إِنَّ الَّذِي يَقْتُلُهُ الدَّجَّالُ هُوَ الْخَضِرُ وَهَذِهِ دَعْوَى لَا بُرْهَانَ لَهَا.

.

قُلْتُ وَقَدْ تَمَسَّكَ مَنْ قَالَهُ بِمَا أخرجه بن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ رَفَعَهُ فِي ذِكْرِ الدَّجَّالِ لَعَلَّهُ أَنْ يُدْرِكَهُ بَعْضُ مَنْ رَآنِي أَوْ سَمِعَ كَلَامِي الْحَدِيثَ وَيُعَكِّرُ عَلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهَا شَابٌّ مُمْتَلِئٌ شَبَابًا وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مِنْ جُمْلَةِ خَصَائِصِ الْخَضِرِ أَنْ لَا يَزَالَ شَابًّا وَيَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ الْحَدِيثُ الثَّانِي حَدِيثُ نُعَيْمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب لاَ يَدْخُلُ الدَّجَّالُ الْمَدِينَةَ
هذا ( باب) بالتنوين يذكر فيه ( لا يدخل الدجال المدينة) النبوية.


[ قــ :6750 ... غــ : 7132 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمًا حَدِيثًا طَوِيلاً عَنِ الدَّجَّالِ، فَكَانَ فِيمَا يُحَدِّثُنَا بِهِ أَنَّهُ قَالَ: «يَأْتِى الدَّجَّالُ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ نِقَابَ الْمَدِينَةِ، فَيَنْزِلُ بَعْضَ السِّبَاخِ الَّتِى تَلِى الْمَدِينَةَ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ وَهْوَ خَيْرُ النَّاسِ -أَوْ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ- فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّكَ الدَّجَّالُ الَّذِى حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدِيثَهُ فَيَقُولُ الدَّجَّالُ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ قَتَلْتُ هَذَا ثُمَّ أَحْيَيْتُهُ هَلْ تَشُكُّونَ فِى الأَمْرِ؟ فَيَقُولُونَ: لاَ فَيَقْتُلُهُ ثُمَّ يُحْيِيهِ فَيَقُولُ: وَاللَّهِ مَا كُنْتُ فِيكَ أَشَدَّ بَصِيرَةً مِنِّى الْيَوْمَ فَيُرِيدُ الدَّجَّالُ أَنْ يَقْتُلَهُ فَلاَ يُسَلَّطُ عَلَيْهِ».
[الحديث 7132 - طرفه في: 7408] .

وبه قال: ( حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: ( أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة ( عن الزهري) محمد بن مسلم أنه قال: ( أخبرني) بالإفراد ( عبيد الله) بضم العين ( ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن أبا سعيد) سعد بن مالك الخدري -رضي الله عنه- ( قال: حدّثنا رسول الله) ولأبي ذر النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يومًا حديثًا طويلاً عن الدجال فكان فيما يحدّثنا به أنه قال) :
( يأتي الدجال) إلى ظاهر المدينة ( وهو محرّم عليه أن يدخل نقاب المدينة) بكسر النون جمع نقب بفتحها وسكون القاف مثل حبل وحبال وكلب وكلاب طريق بين الجبلين أو بقعة بعينها ( فينزل) بالفاء ولأبي ذر عن الحموي والمستملي ينزل ( بعض السباخ) بكسر السين المهملة وتخفيف الموحدة وبعد الألف خاء معجمة جمع سبخة أرض لا تنبت شيئًا لملوحتها خارج المدينة من غير جهة الحرة وهي ( التي تلي المدينة) من قبل الشام ( فيخرج إليه) من المدينة ( يومئذٍ رجل هو خير الناس أو من خير الناس) قيل هو الخضر ( فيقول: أشهد أنك الدجال الذي حدّثنا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حديثه) وفي
رواية عطية عن أبي سعيد عند أبي يعلى والبزار فيقول أنت الدجال الكهان الذي أنذرناه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وزاد فيقول له الدجال لتطيعني فيما آمرك به أو لأشقّنّك شقتين فينادي يا أيها الناس هذا المسيح الكذاب ( فيقول الدجال) أي لأوليائه كما في رواية عطية: ( أرأيتم إن قتلت هذا) الرجل أي الذي خرج إليه ( ثم أحييته هل تشكون في الأمر) ؟ أي الذي يدّعيه من الإلهية ( فيقولون) أي أولياؤه من أتباعه: ( لا فيقتله ثم يحييه) .
وفي حديث عطية فيأمر به فتمد رجلاه ثم يأمر بحديدة فتوضع على عجب ذنبه ثم يشقه شقتين ثم قال الدجال لأوليائه: أرأيتم إن أحييت لكم هذا ألستم تعلمون أني ربكم؟ فيقولون: نعم فأخذ عصاه فضرب إحدى شقتيه فاستوى قائمًا فلما رأى ذلك أولياؤه صدّقوه وأيقنوا بذلك أنه ربهم وعطية ضعيف.
وفي حديث عبد الله بن معتمر بسند ضعيف جدًّا ثم يدعو برجل فيما يرون فيأمر به فيقتل ثم تقطع أعضاؤه كل عضو على حدة فيفرق بينها حتى يراه الناس ثم يجمعها ثم يضرب بعصاه فإذا هو قائم فيقول: أنا الذي أميت وأحيي قال: وذلك كله سحر يسحر أعين الناس ليس يعمل من ذلك شيئًا.
وفي رواية أبي الوداك عن أبي سعيد عند مسلم فيأمر به الدجال فيشج فيقول خذوه وشجوه فيوسع ظهره وبطنه ضربًا قال فيقول أما تؤمن بي؟ قال: فيقول: أنت المسيح الكذاب.
قال: فيؤمر به فيوشر بالميشار من مفرقه حتى يفرق بين رجليه.
قال: ثم يمشي الدجال بين القطعتين ثم يقول له: قم فيستوي قائمًا ثم يقول له: أتؤمن بي؟ ( فيقول) الرجل ( والله ما كنت فيك أشد بصيرة مني اليوم) لأن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أخبر أن ذلك من جملة علاماته.
وفي رواية أبي الوداك ما ازددت فيك إلا بصيرة ثم يقول: يا أيها الناس إنه لا يفعل بعدي بأحد من الناس، وفي رواية عطية فيقول له الرجل: أنا الآن أشد بصيرة فيك مني ثم ينادي: يا أيها الناس هذا المسيح الكذاب من أطاعه فهو في النار ومن عصاه فهو في الجنة ( فيريد الدجال أن يقتله فلا يسلط عليه) .
وفي رواية أبي الوداك فيأخذه الدجال ليذبحه فيجعل ما بين رقبته وترقوته نحاس فلا يستطيع إليه سبيلاً.
وفي صحيح مسلم عقب رواية عبد الله بن عبد الله بن عتبة قال أبو إسحاق يقال إن هذا الرجل هو الخضر وأبو إسحاق هو إبراهيم بن محمد بن سفيان الزاهد راوي صحيح مسلم عنه لا السبيعي كما ظنه القرطبي.
قال في الفتح: ولعل مستنده في ذلك ما في جامع معمر بعد ذكر هذا الحديث قال معمر: بلغني أن الذي يقتله الدجال هو الخضر، وكذا أخرجه ابن حبان من طريق عبد الرزاق عن معمر قال: كانوا يرون أنه الخضر.
وقال ابن العربي: سمعت من يقول إن الذي يقتله الدجال هو الخضر وهذه دعوى لا برهان لها.
قال الحافظ ابن حجر: قد يتمسك من قاله بما أخرجه ابن حبان في صحيحه من حديث أبي عبيدة بن الجراح رفعه في ذكر الدجال لعله يدركه بعض من رآني أو سمع كلامي الحديث ويعكر عليه قوله في رواية لمسلم شاب ممتلئ شبابًا ويمكن أن يجُاب بأن من جملة خصائص الخضر أن لا يزال شابًّا ويحتاج إلى دليل اهـ.

وقول الخطابي وقد يسأل عن هذا فيقال: كيف يجوز أن يجري الله عز وجل آياته على أيدي أعدائه وإحياء الموتى آية عظيمة فكيف يمكن منها الدجال وهو كذاب مُقتَرٍ على الله؟ والجواب: أنه
جائز على جهة المحنة لعباده إذا كان معه ما يدل على أنه مبطل غير محق في دعواه وهو أنه أعور مكتوب على جبهته كافر يراه كل مسلم فدعواه داحضة.
تعقبه في المصابيح فقال: هذا السؤال ساقط وجوابه كذلك.
أما السؤال فلأن الدجال لم يدع النبوّة ولا حام حول حِماها حتى تكون تلك الآية دليلاً على صدقه، وإنما ادّعى الألوهية وإثباتها لمن هو متّسم بسِمات الحدوث وهو من جملة المخلوقين لا يمكن ولو أقام ما لا يحصر من الآيات إذ حدوثه قاطع ببطلان ألوهيته فما تغنيه الآيات والخوارق وأما الجواب فلأنه جعل المبطل لدعواه كونه أعور مكتوبًا بين عينيه كافر، ونحن نقول ببطلان دعواه مطلقًا سواء كان هذا معه أم لم يكن لما قررناه اهـ.

والحديث سبق في آخر باب الحج.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابٌُ لَا يَدْخُلُ الدَّجَّالُ المَدِينَةَ) أَي: هَذَا بابُُ فِيهِ: لَا يدْخل الدَّجَّال الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة.



[ قــ :6750 ... غــ :7132 ]
- حدّثنا أبُو اليَمانِ، أخبرنَا شُعَيْبٌ، عنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبرنِي عُبَيْدُ الله بنُ عَبْدِ الله بنِ عُتْبَةَ بنِ مَسْعُودٍ أنَّ أَبَا سَعِيدٍ قَالَ: حَدثنَا رسولُ الله يَوْماً حَدِيثاً طَوِيلاً عنِ الدَّجَّالِ فَكانَ فِيما يُحَدِّثُنا بِهِ أنّه قَالَ: يَأتي الدَّجَّالُ وهْوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ أنْ يَدْخُلَ نِقابَ المدَيِنَةِ، فَيَنْزِلُ بَعْضَ السِّباخِ الّتِي تَلِي المَدِينَةَ، فَيَخْرُجُ إلَيْهِ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ وهْوَ خَيْرُ النَّاسِ أوْ: مِنْ خَيْرِ النَّاسِ فَيَقُولُ: أشْهَدُ أنّكَ الدَّجَّالُ الّذِي حدّثنا رسولُ الله حَديثَهُ فَيَقُولُ الدَّجَال: أرَأيْتُمْ إنْ قَتلْتُ هاذَا ثُمَّ أحْيَيْتُهُ هَلْ تَشُكُّونَ فِي الأمْرِ؟ فَيَقُولُونَ: لَا.
فَيَقْتُلُهُ ثُمَّ يُحْيِيهِ، فَيَقُولُ: وَالله مَا كُنْتُ فِيكَ أشَدَّ بَصِيرَةً مِنِّي اليَوْمَ، فَيُرِيدُ الدَّجَّالُ أنْ يَقْتُلَهُ فَلا يُسَلَّطُ عَلَيْهِ
انْظُر الحَدِيث 1882
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: وَهُوَ محرم عَلَيْهِ أَن يدْخل نقاب الْمَدِينَة
وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع، وَأَبُو سعيد هُوَ الْخُدْرِيّ واسْمه سعد بن مَالك.
والْحَدِيث قد مضى فِي آخر الْحَج فِي بابُُ من أَبْوَاب حرم الْمَدِينَة، فَقَالَ: لَا يدْخل الدَّجَّال الْمَدِينَة، وَذكر فِيهِ أَحَادِيث مِنْهَا هَذَا الحَدِيث بِعَيْنِه.

أخرجه عَن يحيى بن بكير عَن اللَّيْث عَن عقيل عَن ابْن شهَاب عَن عبيد الله بن عبد الله إِلَى آخِره، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: نقاب الْمَدِينَة جمع نقب وَهُوَ الطَّرِيق بَين الجبلين، وَقيل: هُوَ بقْعَة بِعَينهَا.
قَوْله: فَيخرج إِلَيْهِ رجل قيل هُوَ الْخضر، عَلَيْهِ السَّلَام.
قَوْله: مَا كنت فِيك أَشد بَصِيرَة لِأَن رَسُول الله، أخبر بِأَن ذَلِك من جملَة علاماته.
قَوْله: فَلَا يُسَلط عَلَيْهِ أَي: لَا يقدر على قَتله، بِأَن لَا يخلق الْقطع فِي السَّيْف، وَيجْعَل بدنه كالنحاس مثلا أَو غير ذَلِك.