هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
678 حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، قَالَ : قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَهَبَ إِلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ فَحَانَتِ الصَّلَاةُ فَجَاءَ الْمُؤَذِّنُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ : أَتُصَلِّي بِالنَّاسِ فَأُقِيمُ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ فَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ فِي الصَّلَاةِ فَتَخَلَّصَ حَتَّى وَقَفَ فِي الصَّفِّ ، فَصَفَّقَ النَّاسُ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ لَا يَلْتَفِتُ فِي الصَّلَاةِ ، فَلَمَّا أَكْثَرَ النَّاسُ التَّصْفِيقَ الْتَفَتَ فَرَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِ امْكُثْ مَكَانَكَ ، فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَيْهِ فَحَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى مَا أَمَرَهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ ، ثُمَّ اسْتَأْخَرَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى اسْتَوَى فِي الصَّفِّ ، وَتَقَدَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ : يَا أَبَا بَكْرٍ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَثْبُتَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : مَا كَانَ لِابْنِ أَبِي قُحَافَةَ أَنْ يُصَلِّيَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا لِي رَأَيْتُكُمْ أَكْثَرْتُمُ التَّصْفِيقَ ؟ مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ فَإِنَّهُ إِذَا سَبَّحَ الْتُفِتَ إِلَيْهِ وَإِنَّمَا التَّصْفِيحُ لِلنِّسَاءِ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ أَبِي حَازِمٍ ، وَقَالَ قُتَيْبَةُ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِيُّ ، كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ، بِمِثْلِ حَدِيثِ مَالِكٍ وَفِي حَدِيثِهِمَا فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَيْهِ فَحَمِدَ اللَّهَ ، وَرَجَعَ الْقَهْقَرَى وَرَاءَهُ حَتَّى قَامَ فِي الصَّفِّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَزِيعٍ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ ، قَالَ : ذَهَبَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصْلِحُ بَيْنَ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ بِمِثْلِ حَدِيثِهِمْ وَزَادَ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَقَ الصُّفُوفَ حَتَّى قَامَ عِنْدَ الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ وَفِيهِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجَعَ الْقَهْقَرَى
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
678 حدثني يحيى بن يحيى ، قال : قرأت على مالك ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم فحانت الصلاة فجاء المؤذن إلى أبي بكر فقال : أتصلي بالناس فأقيم ؟ قال : نعم ، قال فصلى أبو بكر فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس في الصلاة فتخلص حتى وقف في الصف ، فصفق الناس وكان أبو بكر لا يلتفت في الصلاة ، فلما أكثر الناس التصفيق التفت فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن امكث مكانك ، فرفع أبو بكر يديه فحمد الله عز وجل على ما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك ، ثم استأخر أبو بكر حتى استوى في الصف ، وتقدم النبي صلى الله عليه وسلم فصلى ، ثم انصرف فقال : يا أبا بكر ما منعك أن تثبت إذ أمرتك قال أبو بكر : ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما لي رأيتكم أكثرتم التصفيق ؟ من نابه شيء في صلاته فليسبح فإنه إذا سبح التفت إليه وإنما التصفيح للنساء حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا عبد العزيز يعني ابن أبي حازم ، وقال قتيبة ، حدثنا يعقوب وهو ابن عبد الرحمن القاري ، كلاهما عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد ، بمثل حديث مالك وفي حديثهما فرفع أبو بكر يديه فحمد الله ، ورجع القهقرى وراءه حتى قام في الصف ، حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيع ، أخبرنا عبد الأعلى ، حدثنا عبيد الله ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد الساعدي ، قال : ذهب نبي الله صلى الله عليه وسلم يصلح بين بني عمرو بن عوف بمثل حديثهم وزاد فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرق الصفوف حتى قام عند الصف المقدم وفيه أن أبا بكر رجع القهقرى
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Sahl b. Sa'd al-Sa'idi reported:

The Messenger of Allah (ﷺ) went to the tribe of Bani Amr b. Auf in order to bring reconciliation amongst (its members), and It was a time of prayer. The Mu'adhdhin came to Abu Bakr and said: Would you lead the prayer in case I recite takbir (tahrima, with which the prayer begins)? He (Abu Bakr) said: Yes. He (the narrator) said: He (Abu Bakr) started (leading) the prayer. The people were engaged in observing prayer when the Messenger of Allah (ﷺ) happened to come there and made his way (through the people) till he stood in a row. The people began to clap (their hands), but Abu Bakr paid no heed (to it) in prayer. When the people clapped more vigorously, he (Abu Bakr) then paid heed and saw the Messenger of Allah (ﷺ) there. (He was about to withdraw when) the Messenger of Allah (ﷺ) signed to him to keep standing at his place. Abu Bakr lifted his hands and praised Allah for what the Messenger of Allah (ﷺ) had commanded him and then Abu Bakr withdrew himself till he stood in the midst of the row and the Messenger of Allah (ﷺ) stepped forward and led the prayer. When (the prayer) was over, he (the Holy Prophet) said: 0 Abu Bakr, what prevented you from standing (at that place) as I ordered you to do? Abu Bakr said: It does not become the son of Abu Quhafa to lead prayer before the Messenger of Allah (ﷺ). The Messenger of Allah (ﷺ) said (to the people) around him: What is it that I saw you clapping so vigorously? (Behold) when anything happens in prayer, say: Subha Allah, for when you would utter it, it would attract the attention, while clapping of hands is meant for women.

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم فحانت الصلاة فجاء المؤذن إلى أبي بكر فقال أتصلي بالناس فأقيم؟ قال نعم.
قال فصلى أبو بكر، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس في الصلاة فتخلص حتى وقف في الصف؛ فصفق الناس وكان أبو بكر لا يلتفت في الصلاة فلما أكثر الناس التصفيق التفت فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أمكث مكانك؛ فرفع أبو بكر يديه فحمد الله عز وجل على ما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك، ثم استأخر أبو بكر حتى استوى في الصف وتقدم النبي صلى الله عليه وسلم فصلى ثم انصرف، فقال يا أبا بكر ما منعك أن تثبت إذ أمرتك قال أبو بكر: ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لي رأيتكم أكثرتم التصفيق؟ من نابه شيء في صلاته فليسبح فإنه إذا سبح التفت إليه وإنما التصفيح للنساء.

المعنى العام

بنو عمر بن عوف بطن كثير من الأوس، فيه عدة أحباء، كانوا يسكنون قباء قريبا من المدينة.
اقتتلوا حتى تراموا بالحجارة، وعلم بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لبعض أصحابه: اذهبوا بنا نصلح بينهم، كان ذلك بعد صلاة الظهر، وخشى صلى الله عليه وسلم أن يشغل بالصلح في قباء، ويحين وقت العصر، وينتظره الصحابة أو يختلفون فيمن يؤمهم، فقال لبلال: إن حضرت صلاة العصر ولم آتك فمر أبا بكر فليصل بالناس.
فلما حضرت صلاة العصر أذن بلال ثم قال لأبي بكر: أتصلي بالناس فأقيم الصلاة؟ أم تنتظر ربما حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وكان أبو بكر يعلم بالأمر، ويعلم حب رسول الله صلى الله عليه وسلم للتكبير بالصلاة في أول وقتها ويعلم حرصه على التخفيف عن الصحابة وعدم المشقة عليهم بتطويل الانتظار ومنهم المريض وصاحب العمل وذو الحاجة، فقال لبلال: نعم أقم الصلاة.
فأقام بلال، وتقدم أبو بكر، فكبر واستفتح وبدأ في الصلاة، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم من خلف الصفوف، فاخترقها برفق حتى وصل إلى الصف الأول، فوقف فيه، يبغي الاقتداء بأبي بكر، وانزعج الصحابة لوقوف النبي صلى الله عليه وسلم خلف أبي بكر، فصفقوا.
وصفقوا.
وصفقوا.
ينبهون بذلك أبا بكر، وكان من عادة أبي بكر ألا يلتفت في صلاته، لأنه يعلم النهي عن الالتفات في الصلاة وأنه اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة الرجل، كما كان من عادته أن يستغرق في صلاته خشوعا وخضوعا حتى لا يكاد يحس بما حوله، فلم ينتبه للتصفيق حتى أكثروا وأكثروا فالتفت فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتحرك ليتأخر وليقف في الصف، وليقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا بالرسول صلى الله عليه وسلم يشير إليه أن ابق في مكانك، واستمر في إمامتك، ولكن الصديق يفضل استعمال الأدب، ويعتذر عما ورد إليه من الأمر، فيرفع يديه إلى السماء شاكرا الله تعالى على التكريم الذي كرمه به رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يرجع إلى الصف، وتقدم صلى الله عليه وسلم، فصلى بالناس، فلما فرغ من صلاته التفت إلى أبي بكر، فقال له: لم لم تثبت في إمامتك إذ أمرتك؟ فقال أبو بكر: كيف أتقدم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن أبي قحافة الذي لا يمتاز على كثير من قريش؟ ورضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بجوابه وأقره عليه، وقدر له أدبه وشعوره النبيل والتفت صلى الله عليه وسلم إلى الصحابة يؤاخذهم على التصفيق في الصلاة فقال لهم: ما لكم قد صفقتم في الصلاة وأكثرتم التصفيق؟ لا تعودوا لمثلها.
إن التصفيق في الصلاة للنساء، ومن حصل له في الصلاة شيء، يريد أن ينبه الغير عنه فليسبح، وليقل: سبحان الله، فبذلك ينتبه إليه.

وبصدد الاستدلال على أن التسبيح في الصلاة للرجال، والتصفيق للنساء يروي الإمام مسلم حديثا آخر، في واقعة أخرى، يروي عن المغيرة بن شعبة أنه صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر إلى غزوة تبوك، وفي الطريق وقبيل الفجر أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم قضاء الحاجة، فانتحى عن الجيش إلى ناحية منعزلة، وبرز واتجه إلى مكان التغوط، وتبعه المغيرة يخدمه ويحمل له ماء الوضوء، ووقف منه على بعد، فلما قضى صلى الله عليه وسلم حاجته، واستجمر بالأحجار توجه إلى المكان الذي وقف فيه المغيرة، وتهيأ للوضوء، وأخذ المغيرة يصب عليه الماء من إنائه، فغسل يديه ثلاث مرات.
ثم غسل وجهه، ثم حاول أن يخرج يديه من الجبة ليغسلهما إلى المرفقين فلم يستطع لضيق كم الجبة، فأدخل كفيه من كمي الجبة إلى أسفلها، فأخرج ذراعيه وغسلهما إلى المرفقين، ثم مسح شعره ثم مسح على خفيه، ثم اتجه صلى الله عليه وسلم وخلفه المغيرة حيث مكان الصلاة فوجدا القوم قد قدموا عبد الرحمن بن عوف يؤمهم، وكأن الصحابة خافوا على ضياع وقت الفضيلة لصلاة الصبح، وتوقعوا تأخر النبي صلى الله عليه وسلم لعذر في قضاء الحاجة، وهم يعلمون حرصه صلى الله عليه وسلم على أداء الصلاة في أول وقتها، ويعلمون إذنه صلى الله عليه وسلم في أن يؤمهم أحدهم إذا تأخر عنهم.
جاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد صلى بهم عبد الرحمن بن عوف ركعة فوقف في الصف خلف عبد الرحمن بن عوف، وأراد المغيرة أن ينبه عبد الرحمن بن عوف ليتأخر ويترك الإمامة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم دعه إماما فامتثل الأمر، لكن الصحابة لم يعجبهم أن يصلي عبد الرحمن إماما لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأكثروا التسبيح لينبهوا عبد الرحمن فلم ينتبه، وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف عبد الرحمن ركعة فلما سلم عبد الرحمن قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتم صلاته، فلما انتهى أعلن رضاه وإقراره واستحسانه لما حدث، أعلن استحسانه وسروره بتبكيرهم للصلاة في أول وقتها، وأعلن استحسانه لتسبيحهم وعدم تصفيقهم فقال لهم: أصبتم وأحسنتم، التسبيح في الصلاة للرجال والتصفيق للنساء.

المباحث العربية

( فحانت الصلاة) أل في الصلاة للعهد، والمراد بها صلاة العصر، ففي رواية البخاري فلما حضرت صلاة العصر.

( فجاء المؤذن) هو بلال، ففي رواية البخاري فلما حضرت صلاة العصر أذن بلال ثم أقام

( فقال: أتصلي بالناس فأقيم؟) وفي رواية للبخاري أتصلي للناس فأقيم؟ باللام بدل الباء، والاستفهام قيل: للتقرير، أي صل بالناس.
وليس المقصود الاستفهام الحقيقي، لأن صلاة أبي بكر بالناس كان مأمورا بها من النبي صلى الله عليه وسلم ففي رواية لأحمد وأبي داود فقال النبي صلى الله عليه وسلم لبلال: إن حضرت العصر ولم آتك فمر أبا بكر فليصل بالناس ويصح أن يكون الاستفهام على الحقيقة، وأن بلالا خشى أن يكون عند أبي بكر زيادة علم من النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الخصوص فاستفهم أو أن بلالا استفهم: هل يبادر أول الوقت؟ أو ينتظر قليلا لعل النبي صلى الله عليه وسلم يأتي؟ وكون الاستفهام حقيقيا أولى، لورود الجواب بنعم، وللتصريح بالتفويض من بلال في رواية للبخاري بلفظ أتصلي للناس فأقيم إن شئت؟.

ويمكن الجمع بين روايتنا وبين رواية البخاري الواردة في الأحكام بلفظ فلما حضرت صلاة العصر أذن وأقام وأمر أبا بكر فتقدم بأن بلالا أذن وأقام بإذن أبي بكر، ثم أمر أبا بكر فتقدم للإمامة كأمر النبي صلى الله عليه وسلم وقوله فأقيم بالرفع والنصب، فالرفع على أن الجملة خبر مبتدأ محذوف، أي فأنا أقيم، والنصب بأن مضمرة بعد فاء السببية المسبوقة باستفهام.

( فصلى أبو بكر) ليس على حقيقته، بل معناه: دخل في الصلاة، بدليل قوله فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس في الصلاة، وبدليل ما جاء في رواية أخرى وتقدم أبو بكر فكبر وفي رواية فاستفتح أبو بكر الصلاة.

( فجاء النبي صلى الله عليه وسلم والناس في الصلاة) يعنى شرعوا فيها مع شروع أبي بكر، وجملة والناس في الصلاة حالية.

( فتخلص حتى وقف في الصف) أي فتخلص رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصفوف بشقها برفق حتى وصل إلى الصف الأول، فوقف فيه، وقد وضح هذا المعنى بالزيادة الواردة في آخر روايتنا، ولفظها فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرق الصفوف، حتى قام عند الصف المقدم.

( فصفق الناس) التصفيق التصويت باليدين، قيل هو التصفيح وقيل: التصفيح الضرب بظاهر إحدى اليدين على صفحة الأخرى، والتصفيق الضرب بإحدى الصفحتين على الأخرى، كما يفعل في اللهو واللعب.
والمراد من الناس المصلون أي بعضهم، والظاهر أن البعض المصفق استمر في تصفيقه فترة، بدليل رواية فلما رأى التصفيح لا يمسك عنه التفت وروايتنا فلما أكثر الناس التصفيق التفت.

( فأشار إليه صلى الله عليه وسلم أن امكث مكانك) أن تصلح مصدرية والتقدير: فأشار إليه بالمكث، وتصلح مفسرة لأنها مسبوقة بجملة فيها معنى القول دون حروفه، والتقدير: فأشار إليه أي امكث مكانك.
وفي رواية فأشار إليه يأمره بأن يصلي.

( حمد الله على ما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك) أي من ذلك التكريم وطلب بقائه إماما لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

( ثم استأخر أبو بكر حتى استوى في الصف) أي تأخر، والسين والتاء للمعالجة أو الصيرورة أو للمبالغة، في التأخر، والتعبير بثم ليس للتراخي الزمني بل للتراخي الرتبي، وفي الرواية الملحقة فرفع أبو بكر يديه فحمد الله ورجع القهقري وراءه حتى قام في الصف.

( وتقدم النبي صلى الله عليه وسلم فصلى) في رواية المسعودي فلما تنحى تقدم النبي صلى الله عليه وسلم.

( ثم انصرف) أي انصرف من الصلاة وانتهى منها بالتسليم.

( ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم) وأبي قحافة بضم القاف وتخفيف الحاء، واسمه عثمان بن عامر القرشي.
أسلم عام الفتح وعاش إلى خلافة عمر رضي الله عنه، ومات سنة أربع عشرة من الهجرة، واختار أبو بكر هذه العبارة، ولم يقل مثلا: ما كان لي، أو ما كان لأبي بكر تواضعا وهضما لنفسه، واستصغارا لمرتبته عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.

( ما لي رأيتكم قد أكثرتم التصفيق؟) أسلوب تعريض، والغرض مالكم قد أكثرتم التصفيق.
ومالي مبتدأ وخبر، أي أي شيء حدث لي حالة رؤيتي لكم في هذه الحالة، والمراد أي شيء حصل لكم حالة إكثاركم التصفيق؟.

( من نابه شيء في صلاته فليسبح) أي من أصابه شيء في صلاته فليقل سبحان الله.

( فإنه إذا سبح التفت إليه) التفت بالبناء للمجهول، والمقصود انتبه إلى المسبح، وليس المقصود خصوص الالتفات.

( وإنما التصفيح للنساء) ظاهر هذه العبارة أن المراد من التصفيح هو التصفيق، إذ عبر عن الحالة التي كانوا عليها مرة بالتصفيق ومرة بالتصفيح.

( فتبرز رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الغائط) البراز بفتح الباء المكان الواسع الظاهر من الأرض، ويقصد لقضاء الحاجة بعيدا عن أعين الناظرين، والبراز بكسر الباء نفس الخارج، والغائط المكان المنخفض المقصود لقضاء الحاجة ويطلق على نفس الخارج، فالمعنى هنا: تبرز رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي اتجه إلى المكان الواسع البعيد المتجه نحو المكان المنخفض لقضاء الحاجة.

( فحملت معه إداوة) الإداوة بكسر الهمزة إناء صغير من جلد قال النووي: والإداوة والركوة والمطهرة بكسر الميم، والميضأة بكسر الميم أيضأ بمعنى متقارب: إناء الوضوء.
اهـ.

( ثم ذهب يخرج جبته عن ذراعيه) أي يزيح جبته عن ذراعيه ففي رواية لمسلم في باب المسح على الخفين ثم ذهب يحسر عن ذراعيه أي يحسر الجبة عن ذراعيه، وأصل المعنى: يخرج ذراعيه من كمي جبته، ومن المعلوم أن الجبة لها فتحتان بدون طول في الأكمام، ولعل هذه الجبة قد لبست في هذا السفر لأول مرة، وكانت ضيقة الفتحتين، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرف ضيق كميها.
فحاول إخراج ذراعيه منهما.

( ثم توضأ على خفيه) أي مسح على خفيه، ففي رواية مسلم في باب المسح على الخفين ثم مسح على خفيه.

( فأقبلت معه حتى نجد الناس قد قدموا عبد الرحمن بن عوف) كان الظاهر أن يقول: حتى وجدنا الناس قد قدموا.
لأن الكلام عن الماضي ولكنه عبر بالمضارع استحضارا للصورة الغريبة في نظر المغيرة.

فقه الحديث

يتعرض كل من الحديثين إلى مسألتين أساسيتين.
أولاهما: تقديم الجماعة من يصلي بهم إذا تأخر الإمام، ثانيتهما: التسبيح للرجال في الصلاة والتصفيق للنساء.

أما عن المسألة الأولى: فقد تقدم شرحها في الحديث السابق، وقد قلنا: إن الإمام إذا عرض له عذر عن حضور الجماعة استخلف من يصلي بهم وأنه لا يستخلف إلا أفضلهم، وفصلنا قول الفقهاء ووجهة نظرهم في حكم تأخر الإمام الأول إلى الصف ليفسح للإمام الثاني، وهل يجوز أو لا يجوز؟

أما عن المسألة الثانية: فقد ذهب مالك في رواية عنه أن المرأة تسبح كالرجل في الصلاة إذا نابها شيء، لأن من في قوله صلى الله عليه وسلم: من نابه شيء في صلاته فليسبح تقع على الذكور والإناث، قال: والتصفيق منسوخ بقوله من نابه شيء في صلاته فليسبح وهذا القول أنكره جمهور العلماء لأنه لا يقبل أن ينسخ أول الحديث آخره.
فالحديث صريح في أن التسبيح للرجال والتصفيق للنساء.

قال الإمام النووي في شرح مسلم: تضرب المرأة بطن كفها الأيمن على ظهر الأيسر، ولا تضرب بطن كف على بطن كف، على وجه اللعب واللهو، فإن فعلت هكذا على جهة اللعب بطلت صلاتها، لمنافاتها الصلاة.
اهـ وعليه لو فعلت هكذا على وجه التنبيه لا على وجه اللعب فإنه لا يضر.
وإن كان الأولى أن تضرب بطن كفها الأيمن على ظهر كفها الأيسر.

ويؤخذ من الحديث الأول فوق ما تقدم

1- فضل الإصلاح بين الناس وجمع الكلمة، وحسم مادة القطيعة.

2- توجه الإمام بنفسه إلى بعض رعيته للإصلاح.

3- تقديم الإمام الإصلاح على مصلحة الإمام بنفسه، لأن في ذلك دفع المفسدة.

4- توجه الحاكم لسماع دعوى بعض الخصوم إذا رجح ذلك على استحضارهم إليه.

5- جواز الصلاة الواحدة بإمامين، أحدهما بعد الآخر.

6- أن الإمام الراتب إذا غاب أوصى باستخلاف غيره.

7- أنه إذا حضر الإمام الراتب بعد أن دخل نائبه في الصلاة يتخير الإمام الراتب بين أن يأتم أو يؤم هو ويصير النائب مأموما، من غير أن يقطع الصلاة ولا يبطل شيء من ذلك صلاة أحد من المأمومين، هذا هو الصحيح المشهور عند الشافعية، وادعى ابن عبد البر أن ذلك من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم وأنه لا يجوز لغيره أن يجعل النائب مأموما، ووجهه العيني فقال: لأنه لا يجوز التقدم بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وليس لسائر الناس اليوم من الفضل من يجب التأخر له اهـ وادعى ابن عبد البر الإجماع على ذلك.
لكن هذا الادعاء منقوض بما اشتهر عن الشافعية كما سبق: وقد جاء عن ابن القاسم [في الإمام يحدث فيستخلف، ثم يرجع فيخرج المستخلف ويتم الأول] أن الصلاة صحيحة.

8- وفيه جواز إحرام المأموم قبل الإمام، وهو مذهب الشافعي والجمهور على خلافه، لقوله صلى الله عليه وسلم إذا كبر الإمام فكبروا فقد رتب تكبير المأموم على تكبير الإمام، فلا يصح أن يسبقه، قال ابن بطال: لا أعلم من يقول: إن من كبر قبل إمامه فصلاته تامة إلا الشافعي، وسائر الفقهاء لا يجيزون ذلك.
اهـ.

والحق أن استدلال الشافعي بالحديث بعيد، لأن تكبير أبي بكر قبل النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن في حال كون أبي بكر مأموما والنبي صلى الله عليه وسلم إماما حتى يقال: إن المأموم كبر قبل الإمام، ولكن التعبير الدقيق أن يقال: إن من سيصير مأموما كبر قبل من سيصير إماما.

9- وأن المرء قد يكون في بعض صلاته إماما وفي بعضها مأموما.

10- وفيه فضل أبي بكر رضي الله عنه، واتفاق الصحابة على رجحانه عليهم.

11- وفيه تقديم الصلاة في أول وقتها، وأنه مقدم على انتظار الإمام الأفضل.

12- وأن الإقامة لا تصلح إلا عند إرادة الدخول في الصلاة، لقوله: أتصلي فأقيم؟.

13- وأن المؤذن هو الذي يقيم الصلاة، وهذا هو السنة، ولو أقام غيره كان خلاف السنة، لكن يعتد بإقامته عند الشافعية، وجمهور العلماء سواء كان بإذن المؤذن أو بدون إذنه، ففي بعض الروايات أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن زيد حين رأى الأذان ألقها على بلال فإنه أمد منك صوتا، وأقم أنت وأما قوله صلى الله عليه وسلم: من أذن فهو يقيم فقد كان في حق زياد بن الحارث الصدائي، وكان حديث عهد بالإسلام، أمره بها كيلا تدخله الوحشة، قاله العيني.

14- وأن إقامة الصلاة واستدعاء الإمام من وظيفة المؤذن.

15- وأن المؤذن وغيره يعرض التقدم على الفاضل.

16- وأن الفاضل يوافقه بعد أن يعلم أن ذلك برضا الجماعة.

17- وأن المقيم لا يقيم إلا بإذن الإمام.

18- وفيه جواز التسبيح والحمد في الصلاة، لأنه من ذكر الله، ولو كان مراد المسبح إعلام غيره بما صدر منه.

19- وفيه رفع اليدين في الصلاة عند الدعاء والثناء.

20- وفيه استحباب حمد الله لمن تجددت له نعمة، ولو كان في الصلاة.

21- وفيه جواز حرق الصفوف والمشي بين المصلين لقصد الوصول إلى الصف الأول، لكنه مقصور على من يليق ذلك به، كالإمام، أو من كان بصدد أن يحتاج الإمام إلى استخلافه، أو من أراد سد فرجة في الصف الأول أو ما يليه ولا يكون ذلك معدودا من الأذى.

22- وفيه جواز الالتفات للحاجة، وجمهور الفقهاء على أن الالتفات لا يبطل الصلاة إذا كان يسيرا، ولكنه مكروه لغير حاجة وأما ما رواه أبو داود لا صلاة لمتلفت فهو ضعيف.

23- وأن الفعل القليل لا يبطل الصلاة، لقوله: فصفق الناس.

24- وجواز المشي خطوة أو خطوتين في الصلاة، وأن هذا القدر لا يكره إذا كان لحاجة، لكنها إذا كانت للخلف لا يستدبر القبلة ولا ينحرف عنها.

25- وفيه جواز استخلاف المفضول للفاضل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكر بالثبات إماما له.

26- وفيه جواز استخلاف المصلي بالقوم من يتم الصلاة لهم.

27- وفيه أن التابع إذا أمره المتبوع بشيء وفهم منه أن المقصود تكريمه بذلك الشيء، لا يتحتم الفعل، فله أن يتركه، ولا يكون بهذا مخالفا للأمر، بل يكون متأدبا متواضعا حذقا في فهم المقاصد، ولهذا لم يتعقب النبي صلى الله عليه وسلم اعتذار أبي بكر برده عليه، فإن قيل: قد ثبت أن أبا بكر قد استمر إماما حين صلى النبي صلى الله عليه وسلم خلفه الركعة الثانية من الصبح في مرض موته أجيب بأنه إذا كان قد مضى من الصلاة معظمها حسن الاستمرار كما في حال مرضه صلى الله عليه وسلم وكما في حال عبد الرحمن بن عوف في الحديث الثاني، وإذا كان لم يمض منها إلا اليسير لم يحسن الاستمرار كما في هذا الحديث.

28- وفيه ملازمة الأدب مع الكبار.

29- وفيه سؤال الرئيس عن سبب مخالفة أمره قبل الزجر عن ذلك.

30- وفيه إكرام الكبير بمخاطبته بالكنية.

31- فيه ذكر الرجل لنفسه بما يشعر بالتواضع، لقول أبي بكر: ما كان لابن أبي قحافة...
إلخ.

32- استدل به بعضهم على أن الممنوع كثرة التصفيق، لا أصل التصفيق لقوله صلى الله عليه وسلم: مالي رأيتكم أكثرتم التصفيق؟ وهو مردود بإنكار أصل التصفيق للرجال في آخر الحديث.
والله أعلم.

33- ومن الرواية الثانية خدمة العالم.

34- أخذ منه المتصوفة اختصاص الشيخ بخادم يقتصر عليه، فإن المغيرة كان أحد الأحرار المختصين بخدمته صلى الله عليه وسلم في السفر، كأنس في الحضر ذكره الأبي.

35- الإبعاد عند قضاء الحاجة والتواري عن الأعين.

36- جواز الاستعانة في الوضوء.
قاله النووي، وهي على ثلاثة أقسام: أحدها أن يستعين في إحضار الماء، فلا كراهية فيه.
الثاني أن يستعين في غسل الأعضاء، ويباشر الأجنبي بنفسه غسل الأعضاء، فهذا مكروه إلا لحاجة؛ الثالث أن يصب عليه، فهذا مكروه في أحد الوجهين والأولى تركه.
اهـ [ولا يقال: كيف يقال عن فعل فعله الرسول صلى الله عليه وسلم والأولى تركه؟ لأن الصحابة كانوا يتبركون بمعاونته صلى الله عليه وسلم، فلا يقاس عليه غيره في مثل هذا] .

37- استدل به بعضهم على جواز لبس الضيق من الثياب الذي لا يصف العورة، قال القرطبي: يحتمل أن تضييق الأكمام كان للسفر وأنه الموجود، فلا يحتج به لرجحان تضييق الأكمام، وما يحكى أن شريحا عزل رجلا ضيق كميه بعيد.

38- جواز إخراج اليدين من أسفل لمثل هذه الضرورة، فإن لم تكن ضرورة فلا تفعل في المحافل، قال النووي: لأن ذلك يخل بالمروءة، وشرط هذا الجواز أن لا يتبين شيء من العورة.

39- وفيه أن الاقتصار على غسل معظم العضو المفروض غسله لا يجزئ لأنه صلى الله عليه وسلم أخرج يديه من تحت الجبة ولم يكتف بغسل ما أمكن حسر الجبة عنه منهما ومسح ما لم يمكن حسره عنه.

40- وفيه غسل الكفين في أول الوضوء ثلاثا، وهو من السنن، ففيه مواظبته صلى الله عليه وسلم على السنن حتى في السفر.

41- وجواز لبس الجلباب، ذكره النووي.

42- وفيه جواز المسح على الخفين، وقد تقدمت كيفيته وشروطه في باب المسح على الخفين من كتاب الطهارة، فليراجع.

43- وفيه جواز الصلاة في الخفاف، لأن قوله: ثم توضأ على خفيه ثم أقبل...
فصلى مع الناس ظاهر في أنه صلى في خفيه، لأنه لو نزعهما بعد المسح لوجب غسل رجليه، ولو غسلهما لنقل.

44- وفيه أن الأفضل تقديم الصلاة في أول الوقت، فإنهم فعلوها في أول الوقت ولم ينتظروا النبي صلى الله عليه وسلم قاله النووي.

وقال القاضي عياض: صلاتهم قبل أن يأتيهم يحتمل أنهم بادروا فضل أول الوقت، أو ظنوا أنه أخذ غير طريقهم، أو أنه لا يأتي إلا وقد صلى، وفزعهم حين أدركهم يصلون يدل على أنهم لم يبادروا الفضل أول الوقت، ولا أنهم أخروا الصلاة حتى خافوا خروج الوقت، فالأشبه أنهم انتظروه فلما تأخر عن وقته المعتاد صلوا، والحق مع الإمام النووي لقول الراوي في نهاية الحديث [فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته أقبل عليهم ثم قال: أحسنتم -أو قال: قد أصبتم- يغبطهم أن صلوا الصلاة لوقتها] .

45- قال النووي: وفيه أن الإمام إذا تأخر عن أول الوقت استحب للجماعة أن يقدموا أحدهم فيصلي بهم، إذا وثقوا بحسن خلق الإمام، وأنه لا يتأذى من ذلك، ولا يترتب عليه فتنة، فأما إذا لم يأمنوا أذاه فإنهم يصلون في أول الوقت فرادى، ثم إن أدركوا الجماعة بعد ذلك استحب لهم إعادتها معهم.
اهـ.

46- وفيه تقديم الجماعة إماما بغير إذن الإمام.

47- وفيه أدب القوم مع كبيرهم، إذ فزعوا حين أحسوا بالنبي صلى الله عليه وسلم وذهب إمامهم ليتأخر، وهذا المأخذ مبني على ملاحظة الروايات الأخرى التي تعتبر متممة وموضحة لهذه الرواية، وهي مذكورة في باب المسح على الخفين، وإلا فظاهر روايتنا أن الفزع والتسبيح كان بعد أن سلم عبد الرحمن، وليس فيها محاولة عبد الرحمن التأخر، ففي الروايات هناك ثم ركب وركبت، فانتهينا إلى القوم وقد قاموا في الصلاة، يصلي بهم عبد الرحمن بن عوف، وقد ركع بهم ركعة، فلما أحس بالنبي صلى الله عليه وسلم ذهب يتأخر، فأومأ إليه، فصلى بهم.

48- وفيه جواز اقتداء الفاضل بالمفضول.

49- وجواز صلاة النبي صلى الله عليه وسلم خلف بعض أمته.

50- وفيه كيفية قضاء المسبوق، واتباعه إمامه حتى في جلوسه ولو في غير محل جلوس المسبوق.

51- وأنه لا يقضي إلا بعد سلام الإمام.

52- وأنه لا يطالب بسجود السهو خلافا لما ذهب إليه أبو سعيد الخدري وابن الزبير وابن عمر، فقد روى ابن أبي شيبة موصولا عن عطاء عن أبي سعيد وابن عمر وابن الزبير في الرجل يدخل مع الإمام وقد فاته بعض الصلاة؟ قالوا: يصنع كما يصنع الإمام، فإذا قضى الإمام صلاته قام يقضي وسجد سجدتين.
اهـ.

وبقولهم هذا قال جماعة منهم عطاء وطاووس وإسحق ومجاهد، ووجهة نظرهم احتمال أن يكون على الإمام سهو، أو لما يترتب على السبق من الجلوس للتشهد في غير موضع الجلوس، أو لما يترتب عليه من الزيادة والنقص.

والله أعلم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب تَقْدِيمِ الْجَمَاعَةِ مَنْ يُصَلِّي بِهِمْ إِذَا تَأَخَّرَ الْإِمَامُ وَلَمْ يَخَافُوا مَفْسَدَةً بِالتَّقْدِيمِ
[ سـ :678 ... بـ :421]
حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَهَبَ إِلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ فَحَانَتْ الصَّلَاةُ فَجَاءَ الْمُؤَذِّنُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ أَتُصَلِّي بِالنَّاسِ فَأُقِيمُ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ فِي الصَّلَاةِ فَتَخَلَّصَ حَتَّى وَقَفَ فِي الصَّفِّ فَصَفَّقَ النَّاسُ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ لَا يَلْتَفِتُ فِي الصَّلَاةِ فَلَمَّا أَكْثَرَ النَّاسُ التَّصْفِيقَ الْتَفَتَ فَرَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ امْكُثْ مَكَانَكَ فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَيْهِ فَحَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى مَا أَمَرَهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ اسْتَأْخَرَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى اسْتَوَى فِي الصَّفِّ وَتَقَدَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَثْبُتَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ مَا كَانَ لِابْنِ أَبِي قُحَافَةَ أَنْ يُصَلِّيَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لِي رَأَيْتُكُمْ أَكْثَرْتُمْ التَّصْفِيقَ مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ فَإِنَّهُ إِذَا سَبَّحَ الْتُفِتَ إِلَيْهِ وَإِنَّمَا التَّصْفِيحُ لِلنِّسَاءِ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ أَبِي حَازِمٍ .

     وَقَالَ  قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِيُّ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ بِمِثْلِ حَدِيثِ مَالِكٍ وَفِي حَدِيثِهِمَا فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَيْهِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَرَجَعَ الْقَهْقَرَى وَرَاءَهُ حَتَّى قَامَ فِي الصَّفِّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَزِيعٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ ذَهَبَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصْلِحُ بَيْنَ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ بِمِثْلِ حَدِيثِهِمْ وَزَادَ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَقَ الصُّفُوفَ حَتَّى قَامَ عِنْدَ الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ وَفِيهِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجَعَ الْقَهْقَرَى
فِيهِ حَدِيثُ تَقْدِيمِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ، وَحَدِيثُ تَقَدُّمِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِيهِ فَضْلُ الْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ وَمَشْيِ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ فِي ذَلِكَ ، وَأَنَّ الْإِمَامَ إِذَا تَأَخَّرَ عَنِ الصَّلَاةِ تَقَدَّمَ غَيْرُهُ إِذَا لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً وَإِنْكَارًا مِنَ الْإِمَامِ ، وَفِيهِ أَنَّ الْمُقَدَّمَ نِيَابَةً عَنِ الْإِمَامِ يَكُونُ أَفْضَلَ الْقَوْمِ وَأَصْلَحَهُمْ لِذَلِكَ الْأَمْرِ وَأَقْوَمَهُمْ بِهِ ، وَفِيهِ أَنَّ الْمُؤَذِّنَ وَغَيْرَهُ يَعْرِضُ التَّقَدُّمَ عَلَى الْفَاضِلِ وَأَنَّ الْفَاضِلَ يُوَافِقُهُ ، وَفِي أَنَّ الْفِعْلَ الْقَلِيلَ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ لِقَوْلِهِ : صَفَّقَ النَّاسُ ، وَفِيهِ جَوَازُ الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ لِلْحَاجَةِ ، وَاسْتِحْبَابُ حَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى لِمَنْ تَجَدَّدَتْ لَهُ نِعْمَةٌ وَرَفْعُ الْيَدَيْنِ بِالدُّعَاءِ وَفِعْلُ ذَلِكَ الْحَمْدِ وَالدُّعَاءُ عَقِبَ النِّعْمَةِ وَإِنْ كَانَ فِي صَلَاةٍ .
وَفِيهِ جَوَازُ مَشْيِ الْخُطْوَةِ وَالْخُطْوَتَيْنِ فِي الصَّلَاةِ .
وَفِيهِ أَنَّ الْقَدْرَ لَا يُكْرَهُ إِذَا كَانَ لِحَاجَةٍ .

وَفِيهِ جَوَازُ اسْتِخْلَافِ الْمُصَلِّي بِالْقَوْمِ مَنْ يُتِمُّ الصَّلَاةَ لَهُمْ ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي مَذْهَبِنَا .
وَفِيهِ أَنَّ التَّابِعَ إِذَا أَمَرَهُ الْمَتْبُوعُ بِشَيْءٍ وَفَهِمَ مِنْهُ إِكْرَامَهُ بِذَلِكَ الشَّيْءِ لَا تَحَتُّمُ الْفِعْلُ فَلَهُ أَنْ يَتْرُكَهُ وَلَا يَكُونُ هَذَا مُخَالَفَةً لِلْأَمْرِ ، بَلْ يَكُونُ أَدَبًا وَتَوَاضُعًا وَتَحَذُّقًا فِي فَهْمِ الْمَقَاصِدِ ، وَفِيهِ مُلَازَمَةُ الْأَدَبِ مَعَ الْكِبَارِ .

وَفِيهِ أَنَّ السُّنَّةَ لِمَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ كَإِعْلَامِ مَنْ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهِ وَتَنْبِيهِ الْإِمَامِ وَغَيْرِ ذَلِكَ أَنْ يُسَبِّحَ إِنْ كَانَ رَجُلًا فَيَقُولُ : سُبْحَانَ اللَّهِ ، وَأَنْ تُصَفِّقَ وَهُوَ التَّصْفِيحُ إِنْ كَانَ امْرَأَةً فَتَضْرِبُ بَطْنَ كَفِّهَا الْأَيْمَنِ عَلَى ظَهْرِ كَفِّهَا الْأَيْسَرِ ، وَلَا تَضْرِبُ بَطْنَ كَفٍّ عَلَى بَطْنِ كَفٍّ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ وَاللَّهْوِ ، فَإِنْ فَعَلَتْ هَكَذَا عَلَى جِهَةِ اللَّعِبِ بَطَلَتْ صَلَاتُهَا لِمُنَافَاتِهِ الصَّلَاةَ .

وَفِيهِ فَضَائِلُ كَثِيرَةٌ لِأَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ، وَتَقْدِيمُ الْجَمَاعَةِ لَهُ ، وَاتِّفَاقُهُمْ عَلَى فَضْلِهِ عَلَيْهِمْ وَرُجْحَانِهِ .
وَفِيهِ تَقْدِيمُ الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا .

وَفِيهِ أَنَّ الْإِقَامَةَ لَا تَصِحُّ إِلَّا عِنْدَ إِرَادَةِ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ لِقَوْلِهِ : أَتُصَلِّي فَأُقِيمُ؟ وَفِيهِ أَنَّ الْمُؤَذِّنَ هُوَ الَّذِي يُقِيمُ الصَّلَاةَ ، فَهَذَا هُوَ السُّنَّةُ ، وَلَوْ أَقَامَ غَيْرُهُ كَانَ خِلَافَ السُّنَّةِ ، وَلَكِنْ يُعْتَدُّ بِإِقَامَتِهِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ .
وَفِي جَوَازِ خَرْقِ الْإِمَامِ الصُّفُوفَ لِيَصِلَ إِلَى مَوْضِعِهِ إِذَا احْتَاجَ إِلَى خَرْقِهَا لِخُرُوجِهِ لِطَهَارَةٍ أَوْ رُعَافٍ أَوْ نَحْوِهِمَا وَرُجُوعِهِ ، وَكَذَا مَنِ احْتَاجَ إِلَى الْخُرُوجِ مِنَ الْمَأْمُومِينَ لِعُذْرٍ وَكَذَا لَهُ خَرْقُهَا فِي الدُّخُولِ إِذَا رَأَى قُدَّامَهُمْ فُرْجَةً فَإِنَّهُمْ مُقَصِّرُونَ بِتَرْكِهَا .

وَاسْتَدَلَّ بِهِ أَصْحَابُنَا عَلَى جَوَازِ اقْتِدَاءِ الْمُصَلِّي بِمَنْ يَحْرُمُ بِالصَّلَاةِ بَعْدَهُ فَإِنَّ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ أَوَّلًا ثُمَّ اقْتَدَى بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ أَحْرَمَ بَعْدَهُ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي مَذْهَبِنَا .

وَقَوْلُهُ : ( وَرَجَعَ الْقَهْقَرَى ) فِيهِ أَنَّ مَنْ رَجَعَ فِي صَلَاتِهِ لِشَيْءٍ يَكُونُ رُجُوعُهُ إِلَى وَرَاءُ ، وَلَا يَسْتَدْبِرُ الْقِبْلَةَ ، وَلَا يَتَحَرَّفُهَا .

وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ وَمِمَّا فِيهِ حَمْلُ الْإِدَاوَةِ مَعَ الرَّجُلِ الْجَلِيلِ ، وَجَوَازُ الِاسْتِعَانَةِ بِصَبِّ الْمَاءِ فِي الْوُضُوءِ ، وَغَسْلِ الْكَفَّيْنِ فِي أَوَّلِهِ ثَلَاثًا ، وَجَوَازُ لُبْسِ الْجِبَابِ ، وَجَوَازُ إِخْرَاجِ الْيَدِ مِنْ أَسْفَلِ الثَّوْبِ إِذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ مِنَ الْعَوْرَةِ ، وَجَوَازُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا سَبَقَ بَيَانُهُ فِي مَوْضِعهِ .
وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .