هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
بَابُ الجَمْعِ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ فِي الرَّكْعَةِ وَالقِرَاءَةِ بِالخَوَاتِيمِ ، وَبِسُورَةٍ قَبْلَ سُورَةٍ ، وَبِأَوَّلِ سُورَةٍ وَيُذْكَرُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ ، قَرَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المُؤْمِنُونَ فِي الصُّبْحِ ، حَتَّى إِذَا جَاءَ ذِكْرُ مُوسَى ، وَهَارُونَ - أَوْ ذِكْرُ عِيسَى - أَخَذَتْهُ سَعْلَةٌ فَرَكَعَ وَقَرَأَ عُمَرُ : فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى بِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ آيَةً مِنَ البَقَرَةِ ، وَفِي الثَّانِيَةِ بِسُورَةٍ مِنَ المَثَانِي وَقَرَأَ الأَحْنَفُ : بِالكَهْفِ فِي الأُولَى ، وَفِي الثَّانِيَةِ بِيُوسُفَ - أَوْ يُونُسَ - وَذَكَرَ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الصُّبْحَ بِهِمَا وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ : بِأَرْبَعِينَ آيَةً مِنَ الأَنْفَالِ ، وَفِي الثَّانِيَةِ بِسُورَةٍ مِنَ المُفَصَّلِ وَقَالَ قَتَادَةُ : فِيمَنْ يَقْرَأُ سُورَةً وَاحِدَةً فِي رَكْعَتَيْنِ أَوْ يُرَدِّدُ سُورَةً وَاحِدَةً فِي رَكْعَتَيْنِ كُلٌّ كِتَابُ اللَّهِ وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ : عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، كَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يَؤُمُّهُمْ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ ، وَكَانَ كُلَّمَا افْتَتَحَ سُورَةً يَقْرَأُ بِهَا لَهُمْ فِي الصَّلاَةِ مِمَّا يَقْرَأُ بِهِ افْتَتَحَ : بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا ، ثُمَّ يَقْرَأُ سُورَةً أُخْرَى مَعَهَا ، وَكَانَ يَصْنَعُ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ، فَكَلَّمَهُ أَصْحَابُهُ ، فَقَالُوا : إِنَّكَ تَفْتَتِحُ بِهَذِهِ السُّورَةِ ، ثُمَّ لاَ تَرَى أَنَّهَا تُجْزِئُكَ حَتَّى تَقْرَأَ بِأُخْرَى ، فَإِمَّا تَقْرَأُ بِهَا وَإِمَّا أَنْ تَدَعَهَا ، وَتَقْرَأَ بِأُخْرَى فَقَالَ : مَا أَنَا بِتَارِكِهَا ، إِنْ أَحْبَبْتُمْ أَنْ أَؤُمَّكُمْ بِذَلِكَ فَعَلْتُ ، وَإِنْ كَرِهْتُمْ تَرَكْتُكُمْ ، وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ مِنْ أَفْضَلِهِمْ ، وَكَرِهُوا أَنْ يَؤُمَّهُمْ غَيْرُهُ ، فَلَمَّا أَتَاهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرُوهُ الخَبَرَ ، فَقَالَ : يَا فُلاَنُ ، مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَفْعَلَ مَا يَأْمُرُكَ بِهِ أَصْحَابُكَ ، وَمَا يَحْمِلُكَ عَلَى لُزُومِ هَذِهِ السُّورَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَقَالَ : إِنِّي أُحِبُّهَا ، فَقَالَ : حُبُّكَ إِيَّاهَا أَدْخَلَكَ الجَنَّةَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  أو ذكر عيسى أخذته سعلة فركع وقرأ عمر : في الركعة الأولى بمائة وعشرين آية من البقرة ، وفي الثانية بسورة من المثاني وقرأ الأحنف : بالكهف في الأولى ، وفي الثانية بيوسف أو يونس وذكر أنه صلى مع عمر رضي الله عنه الصبح بهما وقرأ ابن مسعود : بأربعين آية من الأنفال ، وفي الثانية بسورة من المفصل وقال قتادة : فيمن يقرأ سورة واحدة في ركعتين أو يردد سورة واحدة في ركعتين كل كتاب الله وقال عبيد الله : عن ثابت ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، كان رجل من الأنصار يؤمهم في مسجد قباء ، وكان كلما افتتح سورة يقرأ بها لهم في الصلاة مما يقرأ به افتتح : بقل هو الله أحد حتى يفرغ منها ، ثم يقرأ سورة أخرى معها ، وكان يصنع ذلك في كل ركعة ، فكلمه أصحابه ، فقالوا : إنك تفتتح بهذه السورة ، ثم لا ترى أنها تجزئك حتى تقرأ بأخرى ، فإما تقرأ بها وإما أن تدعها ، وتقرأ بأخرى فقال : ما أنا بتاركها ، إن أحببتم أن أؤمكم بذلك فعلت ، وإن كرهتم تركتكم ، وكانوا يرون أنه من أفضلهم ، وكرهوا أن يؤمهم غيره ، فلما أتاهم النبي صلى الله عليه وسلم أخبروه الخبر ، فقال : يا فلان ، ما يمنعك أن تفعل ما يأمرك به أصحابك ، وما يحملك على لزوم هذه السورة في كل ركعة فقال : إني أحبها ، فقال : حبك إياها أدخلك الجنة
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ فِي رَكْعَةٍ وَالْقِرَاءَةِ بِالْخَوَاتِمِ وَبِسُورَةٍ قَبْلَ سُورَةٍ وَبِأَوَّلِ سُورَةٍ)
اشْتَمَل هَذَا الْبَابُ عَلَى أَرْبَعِ مَسَائِلَ فَأَمَّا الْجَمْعُ بَين سورتين فَظَاهر من حَدِيث بن مَسْعُودٍ وَمِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَيْضًا.

.
وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ بِالْخَوَاتِمِ فَيُؤْخَذُ بِالْإِلْحَاقِ مِنَ الْقِرَاءَةِ بِالْأَوَائِلِ وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا بَعْضُ سُورَةٍ وَيُمْكِنُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ قَوْلِهِ قَرَأَ عُمَرُ بِمِائَةٍ مِنَ الْبَقَرَةِ وَيَتَأَيَّدُ بِقَوْلِ قَتَادَةَ كُلٌّ كِتَابُ اللَّهِ.

.
وَأَمَّا تَقْدِيمُ السُّورَةِ عَلَى السُّورَةِ عَلَى مَا فِي تَرْتِيبِ الْمُصْحَفِ فَمِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَيْضًا وَمِنْ فِعْلِ عُمَرَ فِي رِوَايَةِ الْأَحْنَفِ عَنْهُ.

.
وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ بِأَوَّلِ سُورَةٍ فَمِنْ حَدِيثِ عبد الله بن السَّائِب وَمن حَدِيث بن مَسْعُودٍ أَيْضًا .

     قَوْلُهُ  وَيُذْكَرُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن السَّائِب أَي بن أبي السَّائِب بن صَيْفِي بن عَابِد بموحدة بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ وَحَدِيثُهُ هَذَا وَصله مُسلم من طَرِيق بن جُرَيْجٍ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ يَقُولُ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ سُفْيَانَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُسَيَّبِ الْعَابِدِيُّ كُلُّهُمْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ صَلَّى لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّبْحَ بِمَكَّةَ فَاسْتَفْتَحَ بِسُورَةِ الْمُؤْمِنِينَ حَتَّى جَاءَ ذِكْرُ مُوسَى وَهَارُونَ أَوْ ذِكْرُ عِيسَى شَكَّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ أَخَذَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَعْلَةٌ فَرَكَعَ وَفِي رِوَايَةٍ بِحَذْف فَرَكَعَ وَقَوله بن عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَهَمٌ مِنْ بَعْضِ أَصْحَابِ بن جُرَيْجٍ وَقَدْ رُوِّينَاهُ فِي مُصَنَّفِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْهُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الْقَارِئُ وَهُوَ الصَّوَاب وَاخْتلف فِي إِسْنَاده على بن جريج فَقَالَ بن عُيَيْنَة عَنهُ عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ أخرجه بن مَاجَهْ.

     وَقَالَ  أَبُو عَاصِمٍ عَنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ سُفْيَانَ أَوْ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ وَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ عَلَّقَهُ بِصِيغَةِ وَيُذْكَرُ لِهَذَا الِاخْتِلَافِ مَعَ أَنَّ إِسْنَادَهُ مِمَّا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ قَالَ النَّوَوِيُّ قَوْله بن الْعَاصِ غَلَطٌ عِنْدَ الْحُفَّاظِ فَلَيْسَ هَذَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ الصَّحَابِيَّ الْمَعْرُوفَ بَلْ هُوَ تَابِعِيٌّ حِجَازِيٌّ قَالَ وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ قَطْعِ الْقِرَاءَةِ وَجَوَازُ الْقِرَاءَةِ بِبَعْضِ السُّورَةِ وَكَرِهَهُ مَالِكٌ انْتَهَى وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الَّذِي كَرِهَهُ مَالِكٌ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى بَعْضِ السُّورَةِ مُخْتَارًا وَالْمُسْتَدَلُّ بِهِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ كَانَ لِلضَّرُورَةِ فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ وَكَذَا يُرَدُّ عَلَى مَنِ اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ قِرَاءَةُ بَعْضِ الْآيَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ حَتَّى جَاءَ ذِكْرُ مُوسَى وَهَارُونَ أَوْ ذِكْرُ عِيسَى لِأَنَّ كُلًّا مِنَ الْمَوْضِعَيْنِ يَقَعُ فِي وَسَطِ آيَةٍ وَفِيهِ مَا تَقَدَّمَ نَعَمْ الْكَرَاهَةُ لَا تَثْبُتُ إِلَّا بِدَلِيلٍ وَأَدِلَّةُ الْجَوَازِ كَثِيرَةٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ الْأَعْرَافَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ وَلَمْ يَذْكُرْ ضَرُورَةً فَفِيهِ الْقِرَاءَةُ بِالْأَوَّلِ وَبِالْأَخِيرِ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّهُ أَمَّ الصَّحَابَةَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ فَقَرَأَهَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ وَهَذَا إِجْمَاعٌ مِنْهُمْ وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْخُشَنِيُّ بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ مَفْتُوحَةٌ خَفِيفَةٌ ثُمَّ نُونٌ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ غَزَوْنَا خُرَاسَانَ وَمَعَنَا ثَلَاثُمِائَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ فَكَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ يُصَلِّي بِنَا فَيَقْرَأُ الْآيَاتِ مِنَ السُّورَة ثمَّ يرْكَع أخرجه بن حَزْمٍ مُحْتَجًّا بِهِ وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ قَوِيٍّ عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ وَآيَةً مِنَ الْبَقَرَةِ فِي كل رَكْعَة .

     قَوْلُهُ  أَخَذَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَعْلَةٌ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ مِنَ السُّعَالِ وَيَجُوزُ الضَّمُّ وَلِابْنِ مَاجَهْ شَرْقَةٌ بِمُعْجَمَةٍ وَقَافٍ وَقَولُهُ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَحَذَفَ أَيْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ وَفَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِرَمْيِ النُّخَامَةِ النَّاشِئَةِ عَنِ السَّعْلَةِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ لِقَوْلِهِ فَرَكَعَ وَلَوْ كَانَ أَزَالَ مَا عَاقَهُ عَنِ الْقِرَاءَةِ لَتَمَادَى فِيهَا وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ السُّعَالَ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَهُوَ وَاضِحٌ فِيمَا إِذَا غَلَبَهُ.

     وَقَالَ  الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحِ الْمُسْنَدِ قَدْ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّ سُورَةَ الْمُؤْمِنِينَ مَكِّيَّةٌ وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ قَالَ وَلِمَنْ خَالَفَ أَنْ يَقُولَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ .

     قَوْلُهُ  بِمَكَّةَ أَيْ فِي الْفَتْحِ أَوْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ.

.

قُلْتُ قَدْ صَرَّحَ بِقَضِيَّةِ الِاحْتِمَالِ الْمَذْكُورِ النَّسَائِيُّ فِي رِوَايَتِهِ فَقَالَ فِي فَتْحِ مَكَّةَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ قَطْعَ الْقِرَاءَةِ لِعَارِضِ السُّعَالِ وَنَحْوِهِ أَوْلَى مِنَ التَّمَادِي فِي الْقِرَاءَةِ مَعَ السُّعَالِ وَالتَّنَحْنُحِ وَلَوِ اسْتَلْزَمَ تَخْفِيفَ الْقِرَاءَةِ فِيمَا اسْتُحِبَّ فِيهِ تَطْوِيلُهَا .

     قَوْلُهُ  وَقَرَأَ عُمَرُ إِلَخْ وَصله بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي رَافِعٍ قَالَ كَانَ عُمَرُ يَقْرَأُ فِي الصُّبْحِ بِمِائَةٍ مِنَ الْبَقَرَةِ وَيُتْبِعُهَا بِسُورَةٍ مِنَ الْمَثَانِي انْتَهَى وَالْمَثَانِي قِيلَ مَا لَمْ يَبْلُغْ مِائَةَ آيَةٍ أَوْ بلغَهَا وَقِيلَ مَا عَدَا السَّبْعَ الطِّوَالَ إِلَى الْمُفَصَّلِ قِيلَ سُمِّيَتْ مَثَانِيَ لِأَنَّهَا ثَنَّتِ السَّبْعَ وَسُمِّيَتِ الْفَاتِحَة السَّبع الْمَثَانِيَ لِأَنَّهَا تُثَنَّى فِي كُلِّ صَلَاةٍ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ المثاني فَالْمُرَادُ بِهَا سُورَةُ الْفَاتِحَةِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  وَقَرَأَ الْأَحْنَفُ وَصَلَهُ جَعْفَرٌ الْفِرْيَابِيُّ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ لَهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ صَلَّى بِنَا الْأَحْنَفُ فَذَكَرَهُ.

     وَقَالَ  فِي الثَّانِيَةِ يُونُسُ وَلَمْ يَشُكَّ قَالَ وَزَعَمَ أَنَّهُ صَلَّى خَلْفَ عُمَرَ كَذَلِكَ وَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ قَوْله وَقَرَأَ بن مَسْعُودٍ إِلَخْ وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِلَفْظِهِ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ النَّخَعِيِّ عَنْهُ وَأَخْرَجَهُ هُوَ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِلَفْظِ فَافْتَتَحَ الْأَنْفَالَ حَتَّى بلغ وَنعم النصير انْتَهَى وَهَذَا الْمَوْضِعُ هُوَ رَأْسُ أَرْبَعِينَ آيَةً فَالرِّوَايَتَانِ مُتَوَافِقَتَانِ وَتَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّهُ قَرَأَ بِأَرْبَعِينَ مِنْ أَوَّلِهَا فَانْدَفَعَ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ عَلَى قِرَاءَةِ خَاتِمَةِ السُّورَةِ بِخِلَافِ الْأَثَرِ عَنْ عُمَرَ فَإِنَّهُ مُحْتَمل قَالَ بن التِّينِ إِنْ لَمْ تُؤْخَذِ الْقِرَاءَةُ بِالْخَوَاتِمِ مِنْ أثر عمر أَو بن مَسْعُودٍ وَإِلَّا فَلَمْ يَأْتِ الْبُخَارِيُّ بِدَلِيلٍ عَلَى ذَلِكَ وَفَاتَهُ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ بِالْإِلْحَاقِ مُؤَيَّدٌ بِقَوْلِ قَتَادَةَ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  قَتَادَةُ وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَقَتَادَةُ تَابِعِيٌّ صَغِيرٌ يُسْتَدَلُّ لِقَوْلِهِ وَلَا يُسْتَدَلُّ بِهِ وَإِنَّمَا أَرَادَ الْبُخَارِيُّ مِنْهُ قَوْلَهُ كُلٌّ كِتَابُ اللَّهِ فَإِنَّهُ يُسْتَنْبَطُ مِنْهُ جَوَازُ جَمِيعِ مَا ذُكِرَ فِي التَّرْجَمَةِ.

.
وَأَمَّا قَوْلُ قَتَادَةَ فِي تَرْدِيدِ السُّورَةِ فَلَمْ يذكرهُ المُصَنّف فِي التَّرْجَمَة فَقَالَ بن رَشِيدٍ لَعَلَّهُ لَا يَقُولُ بِهِ لِمَا رُوِيَ فِيهِ مِنَ الْكَرَاهَةِ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ.

.

قُلْتُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يُرَاعَى هَذَا الْقَدْرُ إِذَا صَحَّ لَهُ الدَّلِيلُ قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ ذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى أَنْ يَقْرَأَ الْمُصَلِّي فِي كل رَكْعَة بِسُورَة كَمَا قَالَ بن عُمَرَ لِكُلِّ سُورَةٍ حَظُّهَا مِنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ قَالَ وَلَا تُقْسَمُ السُّورَةُ فِي رَكْعَتَيْنِ وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى بَعْضِهَا وَيَتْرُكُ الْبَاقِيَ وَلَا يَقْرَأُ بِسُورَةٍ قَبْلَ سُورَةٍ يُخَالِفُ تَرْتِيبَ الْمُصْحَفِ قَالَ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ بَلْ هُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى قَالَ وَجَمِيعُ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ لَا يُخَالِفُ مَا قَالَ مَالِكٌ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ انْتَهَى وَأما حَدِيث بن مَسْعُودٍ فَفِيهِ إِشْعَارٌ بِالْمُوَاظَبَةِ عَلَى الْجَمْعِ بَيْنَ سُورَتَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْكَلَامِ عَلَيْهِ وَقَدْ نَقَلَ الْبَيْهَقِيُّ فِي مَنَاقِبِ الشَّافِعِيِّ عَنْهُ أَنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ وَمَا عَدَا ذَلِكَ مِمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا وَعَنْ أَحْمَدَ وَالْحَنَفِيَّةِ كَرَاهِيَةُ قِرَاءَةِ سُورَةٍ قَبْلَ سُورَةٍ تُخَالِفُ تَرْتِيبَ الْمُصْحَفِ وَاخْتُلِفَ هَلْ رَتَّبَهُ الصَّحَابَةُ بِتَوْقِيفٍ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ بِاجْتِهَادٍ مِنْهُمْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الصَّحِيحُ الثَّانِي.

.
وَأَمَّا تَرْتِيبُ الْآيَاتِ فَتَوْقِيفِيٌّ بِلَا خلاف ثمَّ قَالَ بن الْمُنِيرِ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ التَّكْرِيرَ أَخَفُّ مِنْ قَسْمِ السُّورَةِ فِي رَكْعَتَيْنِ انْتَهَى وَسَبَبُ الْكَرَاهَةِ فِيمَا يَظْهَرُ أَنَّ السُّورَةَ مُرْتَبِطٌ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ فَأَيُّ مَوْضِعٍ قَطَعَ فِيهِ لَمْ يَكُنْ كَانْتِهَائِهِ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ فَإِنَّهُ إِنْ قَطَعَ فِي وَقْفٍ غَيْرِ تَامٍّ كَانَتِ الْكَرَاهَةُ ظَاهِرَةً وَإِنْ قَطَعَ فِي وَقْفٍ تَامٍّ فَلَا يَخْفَى أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الطَّهَارَةِ قِصَّةُ الْأَنْصَارِيِّ الَّذِي رَمَاهُ الْعَدُوُّ بِسَهْمٍ فَلَمْ يَقْطَعْ صَلَاتَهُ.

     وَقَالَ  كُنْتُ فِي سُورَةٍ فَكَرِهْتُ أَنْ أَقْطَعَهَا وَأَقَرَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ
.

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عمر أَي بن حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ وَحَدِيثُهُ هَذَا وَصَلَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْبَزَّارُ عَنِ الْبُخَارِيِّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ مُحْرِزِ بْنِ سَلَمَةَ كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْهُ بِطُولِهِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ ثَابِتٍ قَالَ وَقَدْ رَوَى مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ ثَابِتٍ فَذَكَرَ طَرَفًا مِنْ آخِرِهِ وَذَكَرَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ أَنَّ الدَّرَاوَرْدِيَّ تَفَرَّدَ بِهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ أَنَّ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ خَالَفَ عُبَيْدَ اللَّهِ فِي إِسْنَادِهِ فَرَوَاهُ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ سُبَيْعَةَ مُرْسَلًا قَالَ وَهُوَ أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ وَإِنَّمَا رَجَّحَهُ لِأَنَّ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ مُقَدَّمٌ فِي حَدِيثِ ثَابِتٍ لَكِنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَافِظٌ حُجَّةٌ وَقَدْ وَافَقَهُ مُبَارَكٌ فِي إِسْنَادِهِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِثَابِتٍ فِيهِ شَيْخَانِ .

     قَوْلُهُ  كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يَؤُمُّهُمْ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ هُوَ كُلْثُوم بن الْهدم رَوَاهُ بن مَنْدَهْ فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي صَالح عَن بن عَبَّاسٍ كَذَا أَوْرَدَهُ بَعْضُهُمْ وَالْهِدْمُ بِكَسْرِ الْهَاءِ وَسُكُونِ الدَّالِ وَهُوَ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ سُكَّانِ قُبَاءٍ وَعَلَيْهِ نَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَدِمَ فِي الْهِجْرَةِ إِلَى قُبَاءٍ قِيلَ وَفِي تَعْيِينِ الْمُبْهَمِ بِهِ هُنَا نَظَرٌ لِأَنَّ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ أَنَّهُ كَانَ أَمِيرَ سَرِيَّةٍ وَكُلْثُومُ بْنُ الْهِدْمِ مَاتَ فِي أَوَائِلِ مَا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فِيمَا ذَكَرَهُ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ الْمَغَازِي وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَبْعَثَ السَّرَايَا ثُمَّ رَأَيْتُ بِخَطِّ بَعْضِ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى رِجَالِ الْعُمْدَةِ كُلْثُومَ بْنَ زَهْدَمٍ وَعَزَاهُ لِابْنِ مَنْدَهْ لَكِنْ رَأَيْتُ أَنَا بِخَطِّ الْحَافِظِ رَشِيدِ الدِّينِ الْعَطَّارِ فِي حَوَاشِي مُبْهَمَاتِ الْخَطِيبِ نَقْلًا عَنْ صِفَةِ التَّصَوُّفِ لِابْنِ طَاهِرٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَنْدَهْ عَنْ أَبِيهِ فَسَمَّاهُ كُرْزَ بْنَ زَهْدَمٍ فَاللَّهُ أَعْلَمُ وَعَلَى هَذَا فَالَّذِي كَانَ يَؤُمُّ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ غَيْرُ أَمِيرِ السَّرِيَّةِ وَيَدُلُّ عَلَى تَغَايُرِهِمَا أَنَّ فِي رِوَايَةِ الْبَابِ أَنَّهُ كَانَ يَبْدَأُ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَأَمِيرُ السَّرِيَّةِ كَانَ يَخْتِمُ بِهَا وَفِي هَذَا أَنَّهُ كَانَ يَصْنَعُ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِذَلِكَ فِي قِصَّةِ الْآخَرِ وَفِي هَذَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَهُ وَأَمِيرَ السَّرِيَّةِ أَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَسْأَلُوهُ وَفِي هَذَا أَنَّهُ قَالَ إِنَّهُ يُحِبُّهَا فَبَشَّرَهُ بِالْجَنَّةِ وَأَمِيرُ السَّرِيَّةِ قَالَ إِنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ فَبَشَّرَهُ بِأَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ وَالْجَمْعُ بَيْنَ هَذَا التَّغَايُرِ كُلِّهِ مُمْكِنٌ لَوْلَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ كَوْنِ كُلْثُومِ بْنِ الْهِدْمِ مَاتَ قَبْلَ الْبُعُوثِ وَالسَّرَايَا.

.
وَأَمَّا مَنْ فَسَّرَهُ بِأَنَّهُ قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ فَأَبْعَدَ جِدًّا فَإِنَّ فِي قِصَّةِ قَتَادَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا فِي اللَّيْلِ يُرَدِّدُهَا لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ أَمَّ بِهَا لَا فِي سَفَرٍ وَلَا فِي حَضَرٍ وَلَا أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ وَلَا بُشِّرَ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ وَاضِحًا فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ الَّذِي أَشَرْنَا إِلَيْهِ أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ التَّوْحِيدِ كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  مِمَّا يَقْرَأُ بِهِ أَيْ مِنَ السُّورَةِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ .

     قَوْلُهُ  افْتَتَحَ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ تَمَسَّكَ بِهِ مَنْ قَالَ لَا يُشْتَرَطُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الرَّاوِيَ لَمْ يَذْكُرِ الْفَاتِحَةَ اعْتِنَاءً بِالْعِلْمِ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهَا فَيَكُونُ مَعْنَاهُ افْتَتَحَ بِسُورَةٍ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ أَوْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ وُرُودِ الدَّلِيلِ الدَّالِّ عَلَى اشْتِرَاطِ الْفَاتِحَةِ .

     قَوْلُهُ  فَكَلَّمَهُ أَصْحَابُهُ يَظْهَرُ مِنْهُ أَنَّ صَنِيعَهُ ذَلِكَ خِلَافُ مَا أَلِفُوهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

     قَوْلُهُ  وَكَرِهُوا أَنْ يَؤُمَّهُمْ غَيْرُهُ إِمَّا لِكَوْنِهِ مِنْ أَفْضَلِهِمْ كَمَا ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ وَإِمَّا لِكَوْنِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الَّذِي قَرَّرَهُ .

     قَوْلُهُ  مَا يَأْمُرُكُ بِهِ أَصْحَابُكُ أَيْ يَقُولُونَ لَكَ وَلَمْ يُرِدِ الْأَمْرَ بِالصِّيغَةِ الْمَعْرُوفَةِ لَكِنَّهُ لَازِمٌ مِنَ التَّخْيِيرِ الَّذِي ذَكَرُوهُ كَأَنَّهُمْ قَالُوا لَهُ افْعَلْ كَذَا وَكَذَا .

     قَوْلُهُ  مَا يَمْنَعُكَ وَمَا يَحْمِلُكَ سَأَلَهُ عَنْ أَمْرَيْنِ فَأَجَابَهُ بِقَوْلِهِ إِنِّي أُحِبُّهَا وَهُوَ جَوَابٌ عَنِ الثَّانِي مُسْتَلْزِمٌ لِلْأَوَّلِ بِانْضِمَامِ شَيْءٍ آخَرَ وَهُوَ إِقَامَةُ السُّنَّةِ الْمَعْهُودَةِ فِي الصَّلَاةِ فَالْمَانِعُ مُرَكَّبٌ مِنَ الْمَحَبَّةِ وَالْأَمْرِ الْمَعْهُودِ وَالْحَامِلُ عَلَى الْفِعْلِ الْمَحَبَّةُ وَحْدَهَا وَدَلَّ تَبْشِيرُهُ لَهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى الرِّضَا بِفِعْلِهِ وَعَبَّرَ بِالْفِعْلِ الْمَاضِي فِي قَوْلِهِ أَدْخَلَكَ وَإِنْ كَانَ دُخُولُ الْجَنَّةِ مُسْتَقْبَلًا تَحْقِيقًا لِوُقُوعِ ذَلِكَ قَالَ نَاصِر الدّين بن الْمُنِيرِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْمَقَاصِدَ تُغَيِّرُ أَحْكَامَ الْفِعْلِ لِأَنَّ الرَّجُلَ لَوْ قَالَ إِنَّ الْحَامِلَ لَهُ عَلَى إِعَادَتِهَا أَنَّهُ لَا يَحْفَظُ غَيْرَهَا لَأَمْكَنَ أَنْ يَأْمُرَهُ بِحِفْظِ غَيْرِهَا لَكِنَّهُ اعْتَلَّ بِحُبِّهَا فَظَهَرَتْ صِحَّةُ قَصْدِهِ فَصَوَّبَهُ قَالَ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ تَخْصِيصِ بَعْضِ الْقُرْآنِ بِمَيْلِ النَّفْسِ إِلَيْهِ وَالِاسْتِكْثَارِ مِنْهُ وَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ هِجْرَانًا لِغَيْرِهِ وَفِيهِ مَا يُشْعِرُ بِأَنَّ سُورَةَ الْإِخْلَاصِ مَكِّيَّةٌ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب
الجمع بين السورتين في الركعة، والقراءة بالخواتيم
وسورة قبل سورة، بأول سورة
ويذكر، عن عبد الله بن السائب: قرأ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المؤمنين في الصبح، حتى إذا جاء ذكر موسى [وهارون] - أو ذكر عيسى - أخذته سعلة فركع.

هذا الحديث خرجه مسلم من طريق عبد الرزاق، عن ابن جريح سمعت محمد بن عباد بن جعفر يقول: أخبرني أبو سلمة بن سفيان، وعبد الله ابن عمرو، وعبد الله بن المسيب العابدي، عن عبد الله بن السائب، قال: صلى لنا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصبح بمكة، فاستفتح بسورة المؤمنين، حتى جاء ذكر موسى وهارون – أو ذكر عيسى – محمد بن عباد يشك، أو اختلفوا عليه – أخذت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سعلة فركع.
وعبد الله بن السائب حاضر ذلك.

وخرجه – أيضاً – من طريق حجاج، عن ابن جريح، وقال فيه: وعبد الله بن عمرو بن العاص – في أحد الرواة الثلاثة عن ابن السائب.

وقيل: إنه وهم؛ فإن عبد الله بن عمرو هذا ليس بابن العاص.

وكذا رواه أبو عاصم، عن ابن جريح، كما رواه عنه عبد الرزاق وحجاج.

ورواه يحيى بن سعيد عن ابن جريح، فقال: - مرة -: عن أبي سفيان، عن عبد الله بن السائب.

ورواه ابن عيينة، عن جريح، عن ابن أبي ملكية، عن ابن السائب.

وقال أبو حاتم الرازي: هو خطأ من ابن عيينة.

و ( ( السعلة) ) : من السعال، قيد كثير من الناس بفتح السين.
وقيل: إنه، وهم، وإن الصواب بضمها.
والله أعلم.

وهذا الحديث: قد يستدل به على قراءة السورة في الركعتين، وقد سبق ذكر ذلك، إلا أنه ليس فيه تصريح بأنه أتمها في الركعة الثانية، فإنما يستدل به على جواز قراءة أول السور في ركعة.

وأكثر العلماء على أنه لا يكره قراءة أوائل السور وأوساطها وخواتمها في الصلاة.

وقد روي عن ابن مسعود، أنه كان يقرأ في المفروضة بخواتيم السور وعن أحمد، يكره القراءة من أوساط السور دون خواتيمها.

وعنه، أنه يكره قراءة أواخر السور.

كذا حكاها طائفة من أصحابنا عن أحمد، ومنهم من حملها على كراهة المدوامة على ذلك دون فعله أحياناً؛ لأن أصحاب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان الغالب عليهم قراءة السورة التامة، فيكره مخالفتهم في أفعالهم.

ثم قال البخاري:
وقرأ عمر في الركعة الأولى بمئة وعشرين [آية] من البقرة، وفي الثانية بسورة من المثاني.
هذا يدل على قراءة سورة وبعض أخرى في ركعتين.
وقد سبق ذكر حكم
ذلك، وأنه غير مكروه.

والقرآن: ينقسم إلى ( ( السبع الطوال) ) ، وهي: البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف ويونس، كذا قاله ابن عباس وسعيد بن جبير وغيرهما.
وإلى ( ( المئين) ) ، وهي ما كان من السور وعدد آياته مائة آية، أو يزيد، أو ينقص شيئا.
وإلى ( ( المفصل) ) ، وأوله الحجرات – على الأشهر و ( ( المثاني) ) ، وهو ما عدا ذلك.

وقد سأل ابن عباس عثمان، فقال: ما حملكم على أن عمدتم إلى ( ( براءة) ) – وهي من المئين – وإلى الأنفال – وهي من المثاني – فجعلتموها في السبع الطوال – وذكر الحديث.

خرجه أبو داود والنسائي والترمذي وحسنه.

وفي ( ( المسند) ) عن واثلة بن الأسقع مرفوعا: ( ( أعطيت مكان التوراة السبع الطول، وأعطيت مكان الزبور المئين، وأعطيت مكان الإنجيل المثاني وفصلت
بالمفصل)
)
.

وروى الإمام أحمد: حدثنا عبد الله بن أدريس: أبنا يزيد بن أبي زياد، عن
عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن ابن أبزى، قال: صليت خلف عمر، فقرأ بسورة يوسف حتى إذا بلغ { وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ} [يوسف: 84] وقع عليه البكاء فركع، ثم قرأ سورة النجم، فسجد فيها، ثم قام، فقرأ { إذا زلزلت الأرض} .

وهذا فيه – أيضاً – جمع قراءة سورتين في ركعة وبعض سورة في آخرى.

قال البخاري:
وقرأ الأحنف الكهف في الأولى، وفي الثانية بيوسف أو يونس، وذكر أنه صلى مع عمر الصبح بهما.

هذا يدل على أنه لا يكره قراءة القرآن على غير ترتيب المصحف، فيقرأ في الركعة الأولى سورة، وفي الثانية بسورة قبلها في ترتيب المصحف.

وقد روي هذا عن عمر من وجه آخر، وعن أنس:
وروى وكيع بإسناده، عن عمرو بن ميمون، قال: أمنا عمر في المغرب فقرأ بالتين في الركعة الأولى، ثم قرأ { وَطُورِ سِينِينَ} ، ثم قرأ في الثانية { ألم تر}
و { لإيلاف} .

وفي هذا جمع بين سورتين في الركعة – أيضاً.
وروى عن أنس، أنه قرأ في صلاة المغرب في أول الركعة { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} .

وقد روي مثل هذا من حديث ابن عمر مرفوعاً.

خرجه حرب الكرماني.

ولا يصح إسناده.

والأكثرون على أن ذلك غير مكروه.
وعن أحمد رواية أنه يكره تعمد ذلك؛ لمخالفته ترتيب المصحف.

وقد روي عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قرأ في قيامه من الليل سورة البقرة، ثم النساء، ثم آل عمران.

وترتيب سور المصحف على هذا الترتيب ليس توقيفاً على الصحيح، بل هو أمر اجتهد فيه عثمان مع الصحابة، وحديث سؤال ابن عباس لعثمان المشار إليه فيما سبق يدل عليه.

قال البخاري:
وقرأ مسعود بأربعين آية من الأنفال وفي الثانية بسورة من المفصل.

هذا الأثر رواه وكيع في ( ( كتابه) ) ، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن
عبد الرحمن بن يزيد، قال: أمنا عبد الله في العشاء، فقرأ الأنفال، فلما بلغ رأس الأربعين { ونعم النصير} ركع، ثم قام، فقرأ في الثانية بسورة من المفصل.

وهذا فيه قراءة سورة وبعض أخرى في ركعتين كما تقدم عن عمر.

قال البخاري:
[و] قال قتادة فيمن يقرأ سورة واحدة في الركعتين، أو يردد سورة واحدة في ركعتين: كل كتاب الله - عز وجل -.

أما قراءة سورة يقسمها في ركعتين فغير مكروه، وقد فعله أبو بكر وعمر وغيرهما، وقد سبق ذكره.
وكذلك ترداد السورة في الركعتين كلتيهما، قد سبق حديث الرجل الجهيني أنه سمع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قرأ في الصبح { إذا زلزلت الأرض} في الركعتين كلتيهما، قال: فلا أدري أنسي رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أم قرأ ذلك عمداً؟
خرجه أبو داود.

ونص أحمد على أنه جائز في الفرض من غير كراهة.

قال البخاري:
[ قــ :70000 ... غــ :70001 ]
- وقال عبيد الله بن عمر، عن ثابت عن أنس بن مالك: كان رجل من الأنصار يؤمهم في مسجد قباء، وكان كلما استفتح سورة يقرأ بها لهم في الصلاة مما يقرأ به افتتح { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الاخلاص:1] حتى يفرغ منها، ثم يقرأ سورة أخرى
معها، وكان يصنع ذلك في كل ركعة، فكلمة أصحابه، فقالوا: إنك تفتتح بهذه السورة ثم لا ترى أنها تجزئك حتى تقرأ بالأخرى، فإما أن تقرأ بها أما أن، تدعها وتقرأ بأخرى، فقال: ما أنا بتاركها، إن أحببتم أن أؤمكم بذلك فعلت، وإن كرهتم تركتكم.
وكان يرون أنه من أفضلهم، وكرهوا أن يؤمهم غيره، فلما أتاهم النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أخبروه الخبر.
فقال ( ( يا فلان، ما يمنعك أن تفعل ما يأمرك به أصحابك؟ وما يحملك على لزوم هذه السورة في كل ركعة؟) ) قال: إني أحبها قال: ( ( حبك إياها أدخلك الجنة) ) .

هذا الحديث خرجه الترمذي في ( ( جامعه) ) عن البخاري: حدثنا إسماعيل بن أبي أويس: حدثني عبد العزيز بن محمد، عن عبيد الله بن عمر – فذكره وقال: حسن غريب من هذا الوجه.

وإنما لم يخرجه البخاري – هاهنا – مسنداً؛ لأن حماد بن سلمة رواه عن ثابت، عن حبيب بن سبيعة، عن الحارث، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

قال الدارقطني: هو أشبه بالصواب.
وحماد بن سلمة ذكر كثير من الحفاظ أنه أثبت الناس في حديث ثابت، وأعرفهم به.

والحارث هذا اختلف: هل هو صحابي، أو لا؟ فقال أبو حاتم الرازي: له صحبة.
وقال الدارقطني: حديثه مرسل.

وخرجا في ( ( الصحيحين) ) معنى هذا الحديث من رواية أبي الرجال، عن
عمرة، عن عائشة، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعث رجلاً على سرية، وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم، فيختم بـ { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:1] فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: ( ( سلوه لأى شيء يصنع ذلك) ) ؟ فسألوه، فقال: لأنها صفة الرحمن، فأنا أحب أن أقرأها.
فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( أخبروه أن الله يحبه) ) .

وقد دل حديث أنس وعائشة على جواز جمع سورتين مع الفاتحة في ركعة واحدة من صلاة الفرض؛ فإن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم ينهه عن ذلك.

ويدل على أنه ليس هو الأفضل؛ لأن أصحابه استنكروا فعله وإنما استنكروه لأنه مخالف لما عهدوه من عمل النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه في صلاتهم؛ ولهذا قال له النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( ما يمنعك أن تفعل ما يأمرك به أصحابك؟) ) .

فدل على أن موافقتهم فيما أمروه به كان حسناً، وإنما اغتفر ذلك لمحبته لهذه السورة.
وأكثر العلماء على أنه لا يكره الجمع بين السور في الصلاة المفروضة، وروي فعله عن عمر وابن عمر وعمر بن عبد العزيز وعلقمة، وهو قول قتادة والنخعي ومالك، وعن أحمد في كراهته روايتان.
وكرهه أصحاب أبي حنيفة.

قال البخاري: