هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
7020 حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ التَّبُوذَكِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ ، عَنْ وَرَّادٍ ، كَاتِبِ المُغِيرَةِ عَنِ المُغِيرَةِ ، قَالَ : قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ : لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفَحٍ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ ، وَاللَّهِ لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي ، وَمِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ اللَّهِ حَرَّمَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ، وَلاَ أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ العُذْرُ مِنَ اللَّهِ ، وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بَعَثَ المُبَشِّرِينَ وَالمُنْذِرِينَ ، وَلاَ أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ المِدْحَةُ مِنَ اللَّهِ ، وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَعَدَ اللَّهُ الجَنَّةَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
7020 حدثنا موسى بن إسماعيل التبوذكي ، حدثنا أبو عوانة ، حدثنا عبد الملك ، عن وراد ، كاتب المغيرة عن المغيرة ، قال : قال سعد بن عبادة : لو رأيت رجلا مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أتعجبون من غيرة سعد ، والله لأنا أغير منه ، والله أغير مني ، ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، ولا أحد أحب إليه العذر من الله ، ومن أجل ذلك بعث المبشرين والمنذرين ، ولا أحد أحب إليه المدحة من الله ، ومن أجل ذلك وعد الله الجنة
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Al-Mughira:

Sa`d bin 'Ubada said, If I saw a man with my wife, I would strike him (behead him) with the blade of my sword. This news reached Allah's Messenger (ﷺ) who then said, You people are astonished at Sa`d's Ghira. By Allah, I have more Ghira than he, and Allah has more Ghira than I, and because of Allah's Ghira, He has made unlawful Shameful deeds and sins (illegal sexual intercourse etc.) done in open and in secret. And there is none who likes that the people should repent to Him and beg His pardon than Allah, and for this reason He sent the warners and the givers of good news. And there is none who likes to be praised more than Allah does, and for this reason, Allah promised to grant Paradise (to the doers of good). `Abdul Malik said, No person has more Ghira than Allah.

":"ہم سے موسیٰ بن اسماعیل نے بیان کیا ‘ انہوں نے کہا ہم سے ابو عوانہ نے بیان کیا ‘ ان سے عبدالملک نے بیان کیا ‘ ان سے مغیرہ رضی اللہ عنہ کے کاتب وراد نے اور ان سے مغیرہ رضی اللہ عنہ نے بیان کیا کہسعد بن عبادہ رضی اللہ عنہ نے کہا کہ اگر میں اپنی بیوی کے ساتھ کسی غیر مرد کو دیکھوں تو سیدھی تلوار سے اس کی گردن مار دوں پھر یہ بات رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم تک پہنچی تو آپ نے فرمایا کیا تمہیں سعد کی غیرت پر حیرت ہے ؟ بلاشبہ میں ان سے زیادہ غیرت مند ہوں اور اللہ تعالیٰ مجھ سے زیادہ غیرت مند ہے اور اللہ نے غیرت ہی کی وجہ سے فواحش کو حرام کیا ہے ۔ چاہے وہ ظاہر میں ہوں یا چھپ کر اور معذرت اللہ سے زیادہ کسی کو پسند نہیں ‘ اسی لئے اس نے بشارت دینے والے اور ڈرانے والے بھیجے اور تعریف اللہ سے زیادہ کسی کو پسند نہیں ۔ اسی وجہ سے اس نے جنت کا وعدہ کیا ہے ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [7416] قَوْله عبد الْملك هُوَ بن عُمَيْر والمغيرة هُوَ بن شُعْبَةَ كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فِي أَوَاخِرِ الْحُدُودِ وَالْمُحَارِبِينَ فَإِنَّهُ سَاقَ مِنَ الْحَدِيثِ هُنَاكَ بِهَذَا السَّنَدِ إِلَى قَوْلِهِ وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي وَتَقَدَّمَ شَرْحُ الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ هُنَاكَ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ على غيرَة الله فِي شرح حَدِيث بن مَسْعُودٍ وَأَنَّ الْكَلَامَ عَلَيْهِ تَقَدَّمَ فِي شَرْحِ حَدِيثِ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ فِي كِتَابِ الْكُسُوف قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ الْمُنَزِّهُونَ لِلَّهِ إِمَّا سَاكِتٌ عَنِ التَّأْوِيلِ وَإِمَّا مُؤَوِّلٌ وَالثَّانِي يَقُولُ الْمُرَادُ بِالْغَيْرَةِ الْمَنْعُ مِنَ الشَّيْءِ وَالْحِمَايَةُ وَهُمَا مِنْ لَوَازِمِ الْغَيْرَةِ فَأُطْلِقَتْ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ كَالْمُلَازَمَةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْأَوْجُهِ الشَّائِعَةِ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ .

     قَوْلُهُ  وَلَا أحد أحب إِلَيْهِ الْعذر من الله وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بَعَثَ الْمُنْذِرِينَ وَالْمُبَشِّرِينَ يَعْنِي الرُّسُلَ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ بَعَثَ الْمُرْسَلِينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَهِيَ أَوْضَحُ وَلَهُ مِنْ حَدِيث بن مَسْعُودٍ وَلِذَلِكَ أَنْزَلَ الْكُتُبَ وَالرُّسُلَ أَيْ وَأَرْسَلَ الرُّسُل قَالَ بن بَطَّالٍ هُوَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْعباده وَيَعْفُو عَن السَّيِّئَات فَالْعُذْرُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ التَّوْبَةُ وَالْإِنَابَةُ كَذَا قَالَ.

     وَقَالَ  عِيَاضٌ الْمَعْنَى بَعَثَ الْمُرْسَلِينَ لِلْإِعْذَارِ وَالْإِنْذَارِ لِخَلْقِهِ قَبْلَ أَخْذِهِمْ بِالْعُقُوبَةِ وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بعد الرُّسُل وَحَكَى الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْمَعَانِي قَالَ إِنَّمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللَّهِ عَقِبَ قَوْلِهِ لَا أَحَدَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ مُنَبِّهًا لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ عَلَى أَنَّ الصَّوَابَ خِلَافَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ وَرَادِعًا لَهُ عَن الْإِقْدَامِ عَلَى قَتْلِ مَنْ يَجِدُهُ مَعَ امْرَأَتِهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ إِذَا كَانَ اللَّهُ مَعَ كَوْنِهِ أَشَدَّ غَيْرَةً مِنْكَ يُحِبُّ الْإِعْذَارَ وَلَا يُؤَاخِذُ إِلَّا بَعْدَ الْحُجَّةِ فَكَيْفَ تُقْدِمُ أَنْتَ عَلَى الْقَتْلِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ .

     قَوْلُهُ  وَلَا أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ يَجُوزُ فِي أَحَبُّ الرَّفْعُ وَالنَّصْبُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحُدُودِ .

     قَوْلُهُ  الْمِدْحَةُ مِنَ اللَّهِ بِكَسْرِ الْمِيمِ مَعَ هَاءِ التَّأْنِيثِ وَبِفَتْحِهَا مَعَ حَذْفِ الْهَاءِ وَالْمَدْحُ الثَّنَاءُ بِذِكْرِ أَوْصَافِ الْكَمَالِ وَالْأَفْضَالِ قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ .

     قَوْلُهُ  وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَعَدَ اللَّهُ الْجَنَّةَ كَذَا فِيهِ بِحَذْفِ أَحَدِ الْمَفْعُولَيْنِ لِلْعِلْمِ بِهِ وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ أَطَاعَهُ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَعَدَ الْجَنَّةَ بِإِضْمَارِ الْفَاعِل وَهُوَ الله قَالَ بن بَطَّالٍ أَرَادَ بِهِ الْمَدْحَ مِنْ عِبَادِهِ بِطَاعَتِهِ وَتَنْزِيهِهِ عَمَّا لَا يَلِيقُ بِهِ وَالثَّنَاءَ عَلَيْهِ بِنِعَمِهِ لِيُجَازِيهِمْ عَلَى ذَلِكَ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ ذَكَرَ الْمَدْحَ مَقْرُونًا بِالْغَيْرَةِ وَالْعُذْرَ تَنْبِيهًا لِسَعْدٍ عَلَى أَنْ لَا يَعْمَلَ بِمُقْتَضَى غَيْرَتِهِ وَلَا يُعَجِّلُ بَلْ يَتَأَنَّى وَيَتَرَفَّقُ وَيَتَثَبَّتُ حَتَّى يَحْصُلَ عَلَى وَجْهِ الصَّوَابِ فَيَنَالَ كَمَالَ الثَّنَاءِ وَالْمَدْحِ وَالثَّوَابِ لِإِيثَارِهِ الْحَقَّ وَقَمْعِ نَفْسِهِ وَغَلَبَتِهَا عِنْدَ هَيَجَانِهَا وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِهِ الشَّدِيدُ مَنْ يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

     وَقَالَ  عِيَاضٌ مَعْنَى قَوْلِهِ وَعَدَ الْجَنَّةَ أَنَّهُ لَمَّا وَعَدَ بِهَا وَرَغَّبَ فِيهَا كَثُرَ السُّؤَالُ لَهُ وَالطَّلَبُ إِلَيْهِ وَالثَّنَاءُ عَلَيْهِ قَالَ وَلَا يُحْتَجُّ بِهَذَا عَلَى جَوَازِ اسْتِجْلَابِ الْإِنْسَانِ الثَّنَاءَ عَلَى نَفْسِهِ فَإِنَّهُ مَذْمُومٌ وَمَنْهِيٌّ عَنْهُ بِخِلَافِ حُبِّهِ لَهُ فِي قَلْبِهِ إِذَا لَمْ يَجِدْ مِنْ ذَلِكَ بُدًّا فَإِنَّهُ لَا يُذَمُّ بِذَلِكَ فَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مُسْتَحِقٌّ لِلْمَدْحِ بِكَمَالِهِ وَالنَّقْصُ لِلْعَبْدِ لَازِمٌ وَلَوِ اسْتَحَقَّ الْمَدْحَ مِنْ جِهَةٍ مَا لَكِنَّ الْمَدْحَ يُفْسِدُ قَلْبَهُ وَيُعَظِّمُهُ فِي نَفْسِهِ حَتَّى يَحْتَقِرَ غَيْرَهُ وَلِهَذَا جَاءَ احْثُوا فِي وُجُوهِ الْمَدَّاحِينَ التُّرَابَ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو هُوَ الرَّقِّيُّ الْأَسَدِيُّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ هُوَ بن عُمَيْر قَوْله لَا شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ يَعْنِي أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو رَوَى الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ أَوَّلًا فَقَالَ لَا شَخْصَ بَدَلَ قَوْلِهِ لَا أَحَدَ وَقَدْ وَصَلَهُ الدَّارِمِيُّ عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ عَدِيٍّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ وَرَّادٍ مولى الْمُغيرَة عَن الْمُغِيرَةِ قَالَ بَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ يَقُولُ فَذَكَرَهُ بِطُولِهِ وَسَاقه أَبُو عوَانَة يَعْقُوب الاسفرايني فِي صَحِيحِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْعَطَّارِ عَنْ زَكَرِيَّا بِتَمَامِهِ.

     وَقَالَ  فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ لَا شَخْصَ قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيِّ وَأَبِي كَامِلٍ فُضَيْلِ بْنِ حُسَيْنٍ الْجَحْدَرِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ الْوَضَّاحِ الْبَصْرِيِّ بِالسَّنَدِ الَّذِي أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ لَكِنْ قَالَ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ لَا شَخْصَ بَدَلَ لَا أَحَدَ ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ زَائِدَةَ بْنِ قُدَامَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ كَذَلِكَ فَكَأَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ لَمْ تَقَعْ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ فِي حَدِيثِ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ فَلِذَلِكَ عَلَّقَهَا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو.

.

قُلْتُ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنِ الْقَوَارِيرِيِّ وَأَبِي كَامِلٍ كَذَلِكَ وَمِنْ طَرِيقِ زَائِدَة أَيْضا قَالَ بن بَطَّالٍ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَجُوزُ أَنْ يُوصَفَ بِأَنَّهُ شَخْصٌ لِأَنَّ التَّوْقِيفَ لَمْ يَرِدْ بِهِ وَقَدْ مَنَعَتْ مِنْهُ الْمُجَسِّمَةُ مَعَ قَوْلِهِمْ بِأَنَّهُ جِسْمٌ لَا كَالْأَجْسَامِ كَذَا قَالَ وَالْمَنْقُولُ عَنْهُمْ خِلَافُ مَا قَالَ.

     وَقَالَ  الْإِسْمَاعِيلِيُّ لَيْسَ فِي قَوْلِهِ لَا شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ إِثْبَاتُ أَنَّ اللَّهَ شَخْصٌ بَلْ هُوَ كَمَا جَاءَ مَا خَلَقَ اللَّهُ أَعْظَمَ مِنْ آيَةِ الْكُرْسِيِّ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إِثْبَاتٌ أَنَّ آيَةَالْكُرْسِيِّ مَخْلُوقَةٌ بَلِ الْمُرَادُ أَنَّهَا أَعْظَمُ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ وَهُوَ كَمَا يَقُولُ مَنْ يَصِفُ امْرَأَةً كَامِلَةً الْفَضْلِ حَسَنَةُ الْخَلْقِ مَا فِي النَّاسِ رَجُلٌ يُشْبِهُهَا يُرِيدُ تَفْضِيلَهَا عَلَى الرِّجَالِ لَا انها رجل.

     وَقَالَ  بن بَطَّالٍ اخْتَلَفَتْ أَلْفَاظُ هَذَا الْحَدِيثِ فَلَمْ يُخْتَلَفْ فِي حَدِيث بن مَسْعُودٍ أَنَّهُ بِلَفْظِ لَا أَحَدَ فَظَهَرَ أَنَّ لَفْظَ شَخْصَ جَاءَ مَوْضِعَ أَحَدَ فَكَأَنَّهُ مِنْ تَصَرُّفِ الرَّاوِي ثُمَّ قَالَ عَلَى أَنَّهُ مِنْ بَاب الْمُسْتَثْنى من غير جنسه قَوْله تَعَالَى وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يتبعُون الا الظَّن وَلَيْسَ الظَّنُّ مِنْ نَوْعِ الْعِلْمِ.

.

قُلْتُ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمد وَقد قَرَّرَهُ بن فورك وَمِنْه اخذه بن بطال فَقَالَ بعد مَا تَقَدَّمَ مِنَ التَّمْثِيلِ بِقَوْلِهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّن فَالتَّقْدِيرُ أَنَّ الْأَشْخَاصَ الْمَوْصُوفَةَ بِالْغَيْرَةِ لَا تَبْلُغُ غَيْرَتُهَا وَإِنْ تَنَاهَتْ غَيْرَةَ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَخْصًا بِوَجْهٍ.

.
وَأَمَّا الْخَطَّابِيُّ فَبَنَى عَلَى أَنَّ هَذَا التَّرْكِيبَ يَقْتَضِي إِثْبَاتَ هَذَا الْوَصْفِ لِلَّهِ تَعَالَى فَبَالَغَ فِي الْإِنْكَارِ وَتَخْطِئَةِ الرَّاوِي فَقَالَ إِطْلَاقُ الشَّخْصِ فِي صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى غير جَائِز لأنة الشَّخْصَ لَا يَكُونُ إِلَّا جِسْمًا مُؤَلَّفًا فَخَلِيقٌ أَنْ لَا تَكُونَ هَذِهِ اللَّفْظَةُ صَحِيحَةً وَأَنْ تَكُونَ تَصْحِيفًا مِنَ الرَّاوِي وَدَلِيلٌ ذَلِكَ أَنَّ أَبَا عَوَانَةَ رَوَى هَذَا الْخَبَرَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ فَلَمْ يَذْكُرْهَا وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ بِلَفْظِ شَيْءَ وَالشَّيْءُ وَالشَّخْصُ فِي الْوَزْنِ سَوَاءٌ فَمَنْ لَمْ يُمْعِنْ فِي الِاسْتِمَاعِ لَمْ يَأْمَنِ الْوَهْمَ وَلَيْسَ كُلٌّ مِنَ الرُّوَاةِ يُرَاعِي لَفْظَ الْحَدِيثِ حَتَّى لَا يَتَعَدَّاهُ بَلْ كَثِيرٌ مِنْهُمْ يُحَدِّثُ بِالْمَعْنَى وَلَيْسَ كُلُّهُمْ فَهِمًا بَلْ فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ جَفَاءٌ وَتَعَجْرُفٌ فَلَعَلَّ لَفْظَ شَخْصَ جَرَى عَلَى هَذَا السَّبِيلِ إِنْ لَمْ يَكُنْ غَلَطًا مِنْ قَبِيلِ التَّصْحِيفِ يَعْنِي السَّمْعِيَّ قَالَ ثُمَّ إِنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو انْفَرَدَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ فَلَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ وَاعْتَوَرَهُ الْفَسَادُ مِنْ هَذِهِ الْأَوْجُهِ وَقَدْ تَلَقَّى هَذَا عَنِ الْخَطَّابِيِّ أَبُو بَكْرِ بْنُ فَوْرَكٍ فَقَالَ لَفْظُ الشَّخْصِ غَيْرُ ثَابِتٍ مِنْ طَرِيقِ السَّنَدِ فَإِنْ صَحَّ فَبَيَانُهُ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ وَهُوَ .

     قَوْلُهُ  لَا أَحَدَ فَاسْتَعْمَلَ الرَّاوِي لَفْظَ شَخْصَ مَوْضِعَ أَحَدَ ثمَّ ذكر نَحْو مَا تقدم عَن بن بطال وَمِنْه اخذ بن بطال ثمَّ قَالَ بن فَوْرَكٍ وَإِنَّمَا مَنَعَنَا مِنْ إِطْلَاقِ لَفْظِ الشَّخْصِ أُمُورٌ أَحَدُهَا أَنَّ اللَّفْظَ لَمْ يَثْبُتْ مِنْ طَرِيقِ السَّمْعِ وَالثَّانِي الْإِجْمَاعُ عَلَى الْمَنْعِ مِنْهُ وَالثَّالِثُ أَنَّ مَعْنَاهُ الْجِسْمُ الْمُؤَلَّفُ الْمُرَكَّبُ ثُمَّ قَالَ وَمَعْنَى الْغَيْرَةِ الزَّجْرُ وَالتَّحْرِيمُ فَالْمَعْنَى أَنَّ سَعْدًا الزَّجُورُ عَنِ الْمَحَارِمِ وَأَنَا أَشَدُّ زَجْرًا مِنْهُ وَاللَّهُ أَزْجَرُ مِنَ الْجَمِيعِ انْتَهَى وَطَعْنُ الْخَطَّابِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ فِي السَّنَدِ مَبْنِيٌّ عَلَى تَفَرُّدِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ وَكَلَامُهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ لَمْ يُرَاجِعْ صَحِيحَ مُسْلِمٍ وَلَا غَيْرَهُ مِنَ الْكُتُبِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا هَذَا اللَّفْظُ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَرَدُّ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ وَالطَّعْنُ فِي أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ الضَّابِطِينَ مَعَ إِمْكَانِ تَوْجِيهِ مَا رَوَوْا مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي أَقْدَمَ عَلَيْهَا كَثِيرٌ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الحَدِيث وَقد يقْضى قُصُورَ فَهْمِ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ لَا حَاجَةَ لِتَخْطِئَةِ الرُّوَاةِ الثِّقَاةِ بَلْ حُكْمُ هَذَا حُكْمُ سَائِرِ الْمُتَشَابِهَاتِ إِمَّا التَّفْوِيضُ وَإِمَّا التَّأْوِيلُ.

     وَقَالَ  عِيَاضٌ بَعْدَ ان ذكر معنى .

     قَوْلُهُ  وَلَا أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللَّهِ أَنَّهُ قَدَّمَ الْإِعْذَارَ وَالْإِنْذَارَ قَبْلَ أَخْذِهِمْ بِالْعُقُوبَةِ وَعَلَى هَذَا لَا يَكُونُ فِي ذِكْرِ الشَّخْصِ مَا يُشْكِلُ كَذَا قَالَ وَلَمْ يَتَّجِهْ أَخْذُ نَفْيِ الْإِشْكَالِ مِمَّا ذُكِرَ ثُمَّ قَالَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَفْظُ الشَّخْصِ وَقَعَ تَجَوُّزًا مِنْ شَيْءَ أَوْ أَحَدَ كَمَا يَجُوزُ إِطْلَاقُ الشَّخْصِ عَلَى غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدْ يَكُونُ الْمُرَادُ بِالشَّخْصِ الْمُرْتَفِعُ لِأَنَّ الشَّخْصَ هُوَ مَا ظَهَرَ وَشَخَصَ وَارْتَفَعَ فَيَكُونُ الْمَعْنَى لَا مُرْتَفِعَ أَرْفَعُ مِنَ اللَّهِ كَقَوْلِهِ لَا مُتَعَالِي أَعْلَى مِنَ اللَّهِ قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى لَا يَنْبَغِي لِشَخْصٍ أَنْ يَكُونَ أَغْيَرَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ لَمْ يُعَجِّلْ وَلَا بَادَرَ بِعُقُوبَةِ عَبْدِهِ لِارْتِكَابِهِ مَا نَهَاهُ عَنْهُ بَلْ حَذَّرَهُ وَأَنْذَرَهُ وَأَعْذَرَ إِلَيْهِ وَأَمْهَلَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَأَدَّبَ بِأَدَبِهِ وَيَقِفَ عِنْدَ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ وَبِهَذَا تَظْهَرُ مُنَاسَبَةُ تَعْقِيبِهِ بِقَوْلِهِ وَلَا أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللَّهِ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ أَصْلُ وَضْعِالشَّخْصِ يَعْنِي فِي اللُّغَةِ لِجِرْمِ الْإِنْسَانِ وَجِسْمِهِ يُقَالُ شَخْصُ فُلَانٍ وَجُثْمَانِهِ وَاسْتُعْمِلَ فِي كُلِّ شَيْءٍ ظَاهِرٍ يُقَالُ شَخَصَ الشَّيْءُ إِذَا ظَهَرَ وَهَذَا الْمَعْنَى مُحَالٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فَوَجَبَ تَأْوِيلُهُ فَقِيلَ مَعْنَاهُ لَا مُرْتَفِعَ وَقِيلَ لَا شَيْءَ وَهُوَ أَشْبَهُ مِنَ الْأَوَّلِ وَأَوْضَحُ مِنْهُ لَا مَوْجُودَ أَوْ لَا أَحَدَ وَهُوَ أَحْسَنُهَا وَقَدْ ثَبَتَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَكَأَنَّ لَفْظَ الشَّخْصِ أُطْلِقَ مُبَالَغَةً فِي إِثْبَاتِ إِيمَانِ مَنْ يَتَعَذَّرُ عَلَى فَهْمِهِ مَوْجُودٌ لَا يُشْبِهُ شَيْئًا مِنَ الْمَوْجُودَاتِ لِئَلَّا يُفْضِيَ بِهِ ذَلِكَ إِلَى النَّفْيِ وَالتَّعْطِيلِ وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْجَارِيَةِ أَيْنَ اللَّهُ قَالَتْ فِي السَّمَاءِ فَحَكَمَ بِإِيمَانِهَا مَخَافَةَ أَنْ تَقَعَ فِي التَّعْطِيلِ لِقُصُورِ فَهْمِهَا عَمَّا يَنْبَغِي لَهُ مِنْ تَنْزِيهِهِ مِمَّا يَقْتَضِي التَّشْبِيهَ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا تَنْبِيهٌ لَمْ يُفْصِحِ الْمُصَنِّفُ لأطلاق الشَّخْصِ عَلَى اللَّهِ بَلْ أَوْرَدَ ذَلِكَ عَلَى طَرِيقِ الِاحْتِمَالِ وَقَدْ جَزَمَ فِي الَّذِي بَعْدَهُ فَتَسْمِيَتُهُ شَيْئًا لِظُهُورِ ذَلِكَ فِيمَا ذَكَرَهُ مِنَ الْآيَتَيْنِ ( .

     قَوْلُهُ  بَابٌ بِالتَّنْوِينِ قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَة قل الله فَسَمَّى اللَّهُ تَعَالَى نَفْسَهُ شَيْئًا)
كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَالْقَابِسِيِّ وَسَقَطَ لَفْظُ بَابٌ لِغَيْرِهِمَا مِنْ رِوَايَةِ الْفَرَبْرِيِّ وَسَقَطَتِ التَّرْجَمَةُ مِنْ رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ وَذَكَرَ قَوْلَهُ قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً وَحَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ بَعْدَ أَثَرَيْ أَبِي الْعَالِيَةِ وَمُجَاهِدٍ فِي تَفْسِيرِ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَوَقَعَ عِنْدَ الْأَصِيلِيِّ وَكَرِيمَةَ قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أكبر شَهَادَة سمى الله نَفسه شَيْئا قل الله وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَتَوْجِيهُ التَّرْجَمَةِ أَنَّ لَفْظَ أَيُّ إِذَا جَاءَتِ اسْتِفْهَامِيَّةً اقْتَضَى الظَّاهِرُ أَنْ يَكُونَ سُمِّيَ بِاسْمِ مَا أُضِيفَ إِلَيْهِ فَعَلَى هَذَا يَصِحُّ أَنْ يُسَمَّى اللَّهُ شَيْئًا وَتَكُونَ الْجَلَالَةُ خَبَرَ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ أَيْ ذَلِكَ الشَّيْءُ هُوَ اللَّهُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُبْتَدَأً مَحْذُوفَ الْخَبَرِ وَالتَّقْدِيرُ اللَّهُ أَكْبَرُ شَهَادَةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  وَسَمَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُرْآنَ شَيْئًا وَهُوَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ يُشِيرُ إِلَى الْحَدِيثِ الَّذِي أَوْرَدَهُ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَفِيهِ أَمَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ وَهُوَ مُخْتَصَرٌ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ فِي قِصَّةِ الْوَاهِبَةِ تَقَدَّمَ بِطُولِهِ مَشْرُوحًا فِي كِتَابِ النِّكَاحِ وَتَوْجِيهُهُ أَنَّ بَعْضَ الْقُرْآنِ قُرْآنٌ وَقَدْ سَمَّاهُ اللَّهُ شَيْئًا .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ الا وَجهه الِاسْتِدْلَالُ بِهَذِهِ الْآيَةِ لِلْمَطْلُوبِ يَنْبَنِي عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِيهَا مُتَّصِلٌ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي انْدِرَاجَ الْمُسْتَثْنَى فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَهُوَ الرَّاجِحُ عَلَى أَنَّ لَفْظَ شَيْءٍ يُطْلَقُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ الرَّاجِحُ أَيْضًا وَالْمُرَادُ بِالْوَجْهِ الذَّاتُ وَتَوْجِيهُهُ أَنَّهُ عَبَّرَ عَنِ الْجُمْلَةِ بِأَشْهَرِ مَا فِيهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِالْوَجْهِ مَا يُعْمَلُ لِأَجْلِ اللَّهِ أَوِ الْجَاهُ وَقِيلَ إِنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعٌ وَالتَّقْدِيرُ لَكِنْ هُوَ سُبْحَانَهُ لَا يَهْلِكُ وَالشَّيْءُ يُسَاوِي الْمَوْجُودَ لُغَةً وَعُرْفًا.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ مْ فُلَانٌ لَيْسَ بِشَيْءٍ فَهُوَ عَلَى طَرِيقِ الْمُبَالَغَةِ فِي الذَّمِّ فَلذَلِك وَصفه بِصفة الْمَعْدُوم وَأَشَارَ بن بَطَّالٍ إِلَى أَنَّ الْبُخَارِيَّ انْتَزَعَ هَذِهِ التَّرْجَمَةَ مِنْ كَلَامِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ يَحْيَى الْمَكِّيِّ فَإِنَّهُ قَالَ فِي كِتَابِ الْحَيْدَةِ سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى نَفْسَهُ شَيْئًا إِثْبَاتًا لِوُجُودِهِ وَنَفْيًا لِلْعَدَمِ عَنْهُ وَكَذَا أَجْرَى عَلَىكَلَامِهِ مَا أَجْرَاهُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَمْ يَجْعَلْ لَفْظَ شَيْءٍ مِنْ أَسْمَائِهِ بَلْ دَلَّ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ شَيْءٌ تَكْذِيبًا لِلدَّهْرِيَّةِ وَمُنْكِرِي الْإِلَهِيَّةِ مِنَ الْأُمَمِ وَسَبَقَ فِي عِلْمِهِ أَنَّهُ سَيَكُونُ مَنْ يُلْحِدُ فِي أَسْمَائِهِ وَيُلَبِّسُ عَلَى خَلْقِهِ وَيُدْخِلُ كَلَامَهُ فِي الْأَشْيَاءِ الْمَخْلُوقَةِ فَقَالَ لَيْسَ كمثله شَيْء فَأَخْرَجَ نَفْسَهُ وَكَلَامَهُ مِنَ الْأَشْيَاءِ الْمَخْلُوقَةِ ثُمَّ وَصَفَ كَلَامَهُ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ فَقَالَ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ.

     وَقَالَ  تَعَالَى أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوح إِلَيْهِ شَيْء فَدَلَّ عَلَى كَلَامِهِ بِمَا دَلَّ عَلَى نَفْسِهِ لِيُعْلَمَ أَنَّ كَلَامَهُ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ فَكُلُّ صِفَةٍ تُسَمَّى شَيْئًا بِمَعْنَى أَنَّهَا مَوْجُودَةٌ وَحكى بن بَطَّالٍ أَيْضًا أَنَّ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ وَالْآثَارِ رَدًّا عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُطْلَقَ عَلَى اللَّهِ شَيْءٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ النَّاشِئُ الْمُتَكَلِّمُ وَغَيْرُهُ وَرَدًّا عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمَعْدُومَ شَيْءٌ وَقَدْ أَطْبَقَ الْعُقَلَاءُ عَلَى أَنَّ لَفْظَ شَيْءٍ يَقْتَضِي إِثْبَاتَ مَوْجُودٍ وَعَلَى أَنَّ لَفْظَ لَا شَيْءٍ يَقْتَضِي نَفْيَ مَوْجُودٍ إِلَّا مَا تَقَدَّمَ مِنْ إِطْلَاقِهِمْ لَيْسَ بِشَيْءٍ فِي الذَّمِّ فَإِنَّهُ بِطَرِيقِ الْمجَاز( قَولُهُ بَابُ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ وَهُوَ رب الْعَرْش الْعَظِيم) كَذَا ذَكَرَ قِطْعَتَيْنِ مِنْ آيَتَيْنِ وَتَلَطَّفَ فِي ذِكْرِ الثَّانِيَةِ عَقِبَ الْأُولَى لِرَدِّ مَنْ تَوَهَّمَ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ أَنَّ الْعَرْشَ لَمْ يَزَلْ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مَذْهَبٌ بَاطِلٌ وَكَذَا مَنْ زَعَمَ مِنَ الْفَلَاسِفَةِ أَنَّ الْعَرْشَ هُوَ الْخَالِقُ الصَّانِعُ وَرُبَّمَا تَمَسَّكَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ أَبُو إِسْحَاقَ الْهَرَوِيُّ بِمَا أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ هُوَ الرُّمَّانِيُّ بِالرَّاءِ وَالتَّشْدِيدِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى عَرْشِهِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ شَيْئًا فَأَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمُ وَهَذِهِ الْأَوَّلِيَّةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِمَا فَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ قَالَ هَذَا بَدْءُ خَلْقِهِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاءَ وَعَرْشُهُ مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ فَأَرْدَفَ الْمُصَنِّفُ بقوله رب الْعَرْش الْعَظِيم إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الْعَرْشَ مَرْبُوبٌ وَكُلُّ مَرْبُوبٍ مَخْلُوقٌ وَخَتَمَ الْبَابَ بِالْحَدِيثِ الَّذِي فِيهِ فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةِ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ فَإِنَّ فِي إِثْبَاتِ الْقَوَائِمِ لِلْعَرْشِ دَلَالَةً عَلَى أَنَّهُ جِسْمٌ مُرَكَّبٌ لَهُ أَبْعَاضٌ وَأَجْزَاءٌ وَالْجِسْمُ الْمُؤَلَّفُ مُحْدَثٌ مَخْلُوقٌ.

     وَقَالَ  الْبَيْهَقِيُّ فِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ اتَّفَقَتْ أَقَاوِيلُ هَذَا التَّفْسِيرِ عَلَى أَنَّ الْعَرْشَ هُوَ السَّرِيرُ وَأَنَّهُ جِسْمٌ خَلَقَهُ اللَّهُ وَأَمَرَ مَلَائِكَتَهُ بِحَمْلِهِ وَتَعَبَّدَهُمْ بِتَعْظِيمِهِ وَالطَّوَافِ بِهِ كَمَا خَلَقَ فِي الْأَرْضِ بَيْتًا وَأَمَرَ بَنِي آدَمَ بِالطَّوَافِ بِهِ وَاسْتِقْبَالِهِ فِي الصَّلَاةِ وَفِي الْآيَاتِ أَيِ الَّتِي ذَكَرَهَا وَالْأَحَادِيثِ وَالْآثَارِ دَلَالَةٌ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ ارْتَفَعَ فَسَوَّى خَلَقَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَسَوَّاهُنَّ خَلَقَهُنَّ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلْمَنْقُولِ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ لَكِنْ بِلَفْظِ فَقَضَاهُنَّ كَمَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء قَالَ ارْتَفع وَفِي قَوْله فقضاهن خَلَقَهُنَّ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالَّذِي وَقَعَ فَسَوَّاهُنَّ تَغْيِيرٌ وَوَقَعَ لَفْظُ سَوَّى أَيْضًا فِي سُورَةِ النَّازِعَاتِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ هُنَا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ سُورَة فصلت فِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ الَّذِي أَجَابَ بِهِ عَنِ الْأَسْئِلَةِ الَّتِي قَالَ السَّائِلُ إِنَّهَا اخْتَلَفَتْ عَلَيْهِ فِي الْقُرْآنِ فَإِنَّ فِيهَا أَنَّهُ خَلَقَ الْأَرْضَ قَبْلَ خَلَقَ السَّمَاءَ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ ثُمَّ دَحَا الْأَرْضَ ثُمَّ إِنَّ فِي تَفْسِيرِ سَوَّى بِخَلَقَ نَظَرًا لِأَنَّ فِي التَّسْوِيَةِ قَدْرًا زَائِدًا عَلَى الْخَلْقِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى الَّذِي خلق فسوى .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  مُجَاهِدٌ اسْتَوَى عَلَا عَلَى الْعَرْشِ وَصله الْفرْيَابِيّ عَن وَرْقَاء عَن بن أبي نجيح عَنهُ قَالَ بن بَطَّالٍ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الِاسْتِوَاءِ الْمَذْكُورِ هُنَا فَقَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ مَعْنَاهُ الِاسْتِيلَاءُ بِالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةُ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ الشَّاعِرِ قَدِ اسْتَوَى بِشْرٌ عَلَى الْعِرَاقِ من غير سيف وَدم مهراقوَقَالَتِ الْجِسْمِيَّةُ مَعْنَاهُ الِاسْتِقْرَارُ.

     وَقَالَ  بَعْضُ أَهْلِ السُّنَّةِ مَعْنَاهُ ارْتَفَعَ وَبَعْضُهُمْ مَعْنَاهُ عَلَا وَبَعْضُهُمْ مَعْنَاهُ الْمُلْكُ وَالْقُدْرَةُ وَمِنْهُ اسْتَوَتْ لَهُ الْمَمَالِكُ يُقَالُ لِمَنْ أَطَاعَهُ أَهْلُ الْبِلَادِ وَقِيلَ مَعْنَى الِاسْتِوَاءِ التَّمَامُ وَالْفَرَاغُ مِنْ فِعْلِ الشَّيْءِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى وَلما بلغ أشده واستوى فَعَلَى هَذَا فَمَعْنَى اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ أَتَمَّ الْخَلْقَ وَخَصَّ لَفْظَ الْعَرْشِ لِكَوْنِهِ أَعْظَمَ الْأَشْيَاءِ وَقِيلَ إِنَّ عَلَى فِي قَوْلِهِ عَلَى الْعَرْشِ بِمَعْنَى إِلَى فَالْمُرَادُ عَلَى هَذَا انْتَهَى إِلَى الْعَرْشِ أَيْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَرْشِ لِأَنَّهُ خَلَقَ الْخلق شَيْئا بعد شَيْء ثمَّ قَالَ بن بَطَّالٍ فَأَمَّا قَوْلُ الْمُعْتَزِلَةِ فَإِنَّهُ فَاسِدٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ قَاهِرًا غَالِبًا مُسْتَوْلِيًا وَقَولُهُ ثُمَّ اسْتَوَى يَقْتَضِي افْتِتَاحَ هَذَا الْوَصْفِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ وَلَازِمُ تَأْوِيلِهِمْ أَنَّهُ كَانَ مُغَالَبًا فِيهِ فَاسْتَوْلَى عَلَيْهِ بِقَهْرِ مَنْ غَالَبَهُ وَهَذَا مُنْتَفٍ عَنِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ.

.
وَأَمَّا قَوْلُ الْمُجَسِّمَةِ فَفَاسِدٌ أَيْضًا لِأَنَّ الِاسْتِقْرَارَ مِنْ صِفَاتِ الْأَجْسَامِ وَيَلْزَمُ مِنْهُ الْحُلُولُ وَالتَّنَاهِي وَهُوَ مُحَالٌ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَلَائِقٌ بِالْمَخْلُوقَاتِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فَإِذَا استويت أَنْت وَمن مَعَك على الْفلك وَقَولُهُ لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ قَالَ.

.
وَأَمَّا تَفْسِيرُ اسْتَوَى عَلَا فَهُوَ صَحِيحٌ وَهُوَ الْمَذْهَبُ الْحَقُّ وَقَوْلُ أَهْلِ السُّنَّةِ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَصَفَ نَفْسَهُ بِالْعُلَى.

     وَقَالَ  سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يشركُونَ وَهِيَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ.

.
وَأَمَّا مَنْ فَسَّرَهُ ارْتَفَعَ فَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِفْ بِهِ نَفْسَهُ قَالَ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ السُّنَّةِ هَلِ الِاسْتِوَاءُ صِفَةُ ذَاتٍ أَوْ صِفَةُ فِعْلٍ فَمَنْ قَالَ مَعْنَاهُ عَلَا قَالَ هِيَ صِفَةُ ذَاتٍ وَمَنْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ قَالَ هِيَ صِفَةُ فِعْلٍ وَإِنَّ اللَّهَ فَعَلَ فِعْلًا سَمَّاهُ اسْتَوَى عَلَى عَرْشِهِ لَا أَنَّ ذَلِكَ قَائِمٌ بِذَاتِهِ لِاسْتِحَالَةِ قِيَامِ الْحَوَادِثِ بِهِ انْتَهَى مُلَخَّصًا وَقَدْ أَلْزَمَهُ مَنْ فَسَّرَهُ بِالِاسْتِيلَاءِ بِمِثْلِ مَا أَلْزَمَ هُوَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ صَارَ قَاهِرًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ فَيَلْزَمُ أَنَّهُ صَارَ غَالِبًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ وَالِانْفِصَالُ عَنْ ذَلِكَ لِلْفَرِيقَيْنِ بِالتَّمَسُّكِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حكيما فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ بِالتَّفْسِيرِ قَالُوا مَعْنَاهُ لَمْ يزل كَذَلِك كَمَا تقدم بَيَانه عَن بن عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِ فُصِّلَتْ وَبَقِيَ مِنْ مَعَانِي اسْتَوَى مَا نُقِلَ عَنْ ثَعْلَبٍ اسْتَوَى الْوَجْهُ اتَّصَلَ وَاسْتَوَى الْقَمَرُ امْتَلَأَ وَاسْتَوَى فُلَانٌ وَفُلَانٌ تَمَاثَلَا وَاسْتَوَى إِلَى الْمَكَانِ أَقْبَلَ وَاسْتَوَى الْقَاعِدُ قَائِمًا وَالنَّائِمُ قَاعِدًا وَيُمْكِنُ رَدُّ بَعْضِ هَذِهِ الْمَعَانِي إِلَى بَعْضٍ وَكَذَا مَا تَقَدَّمَ عَنِ بن بَطَّالٍ وَقَدْ نَقَلَ أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْهَرَوِيُّ فِي كِتَابِ الْفَارُوقِ بِسَنَدِهِ إِلَى دَاوُدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ خَلَفٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَعْرَابِيِّ يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ زِيَادٍ اللُّغَوِيَّ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى فَقَالَ هُوَ عَلَى الْعَرْشِ كَمَا أَخْبَرَ قَالَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِنَّمَا مَعْنَاهُ اسْتَوْلَى فَقَالَ اسْكُتْ لَا يُقَالُ اسْتَوْلَى عَلَى الشَّيْءِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مُضَادٌّ وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ الْأَزْدِيِّ سَمِعْتُ بن الْأَعْرَابِيِّ يَقُولُ أَرَادَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ أَنْ أَجِدَ لَهُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ الرَّحْمَنُ على الْعَرْش اسْتَوَى بِمَعْنَى اسْتَوْلَى فَقُلْتُ وَاللَّهِ مَا أَصَبْتُ هَذَا.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ لَوْ كَانَ بِمَعْنَى اسْتَوْلَى لَمْ يَخْتَصَّ بِالْعَرْشِ لِأَنَّهُ غَالِبٌ عَلَى جَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ وَنَقَلَ مُحْيِي السُّنَّةِ الْبَغَوِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ عَنِ بن عَبَّاسٍ وَأَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ مَعْنَاهُ ارْتَفَعَ.

     وَقَالَ  أَبُو عبيد وَالْفَرَّاءُ وَغَيْرُهُمَا بِنَحْوِهِ وَأَخْرَجَ أَبُو الْقَاسِمِ اللَّالَكَائِيُّ فِي كِتَابِ السُّنَّةِ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ عَنْ أُمِّهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا قَالَتْ الِاسْتِوَاءُ غَيْرُ مَجْهُولٍ وَالْكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُولٍ وَالْإِقْرَارُ بِهِ إِيمَانٌ وَالْجُحُودُ بِهِ كُفْرٌ وَمِنْ طَرِيقِ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سُئِلَ كَيْفَ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ فَقَالَ الِاسْتِوَاءُ غَيْرُ مَجْهُولٍ وَالْكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُولٍ وَعَلَى اللَّهِ الرِّسَالَةُ وَعَلَى رَسُولِهِ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا التَّسْلِيمُ وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ كُنَّا وَالتَّابِعُونَ مُتَوَافِرُونَ نَقُولُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى عَرْشِهِ وَنُؤْمِنُ بِمَا وَرَدَتْ بِهِ السُّنَّةُ مِنْ صِفَاتِهِ وَأَخْرَجَ الثَّعْلَبِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْش فَقَالَ هُوَ كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّبِسَنَدٍ جَيِّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ مَالِكٍ فَدَخَلَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى كَيْفَ اسْتَوَى فَأَطْرَقَ مَالِكٌ فَأَخَذَتْهُ الرُّحَضَاءُ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى كَمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ وَلَا يُقَالُ كَيْفَ وَكَيْفَ عَنْهُ مَرْفُوعٌ وَمَا أَرَاكَ إِلَّا صَاحِبَ بِدْعَةٍ أَخْرِجُوهُ وَمِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ نَحْوُ الْمَنْقُولِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ لَكِنْ قَالَ فِيهِ وَالْإِقْرَارُ بِهِ وَاجِبٌ وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ قَالَ كَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَشُعْبَةُ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَشَرِيكٌ وَأَبُو عَوَانَةَ لَا يُحَدِّدُونَ وَلَا يُشَبِّهُونَ وَيَرْوُونَ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ وَلَا يَقُولُونَ كَيْفَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَهُوَ قَوْلُنَا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَعَلَى هَذَا مَضَى أَكَابِرُنَا وَأَسْنَدَ اللَّالَكَائِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ كُلُّهُمْ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ عَلَى الْإِيمَانِ بِالْقُرْآنِ وَبِالْأَحَادِيثِ الَّتِي جَاءَ بِهَا الثِّقَاتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صِفَةِ الرَّبِّ مِنْ غَيْرِ تَشْبِيهٍ وَلَا تَفْسِيرٍ فَمَنْ فَسَّرَ شَيْئًا مِنْهَا.

     وَقَالَ  بِقَوْلِ جَهْمٍ فَقَدْ خَرَجَ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ لِأَنَّهُ وَصَفَ الرَّبَّ بِصِفَةِ لَا شَيْءَ وَمِنْ طَرِيقِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ سَأَلْتُ الْأَوْزَاعِيَّ وَمَالِكًا وَالثَّوْرِيَّ وَاللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ عَنِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي فِيهَا الصِّفَةُ فَقَالُوا أَمِرُّوهَا كَمَا جَاءَت بِلَا كَيفَ وَأخرج بن أَبِي حَاتِمٍ فِي مَنَاقِبِ الشَّافِعِيِّ عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ لِلَّهِ أَسْمَاءٌ وَصِفَاتٌ لَا يَسَعُ أَحَدًا رَدُّهَا وَمَنْ خَالَفَ بَعْدَ ثُبُوتِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ فَقَدْ كَفَرَ.

.
وَأَمَّا قَبْلَ قِيَامِ الْحُجَّةِ فَإِنَّهُ يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ لِأَنَّ عِلْمَ ذَلِكَ لَا يُدْرَكُ بِالْعَقْلِ وَلَا الرُّؤْيَةِ وَالْفِكْرِ فَنُثْبِتُ هَذِهِ الصِّفَاتِ وَنَنْفِي عَنْهُ التَّشْبِيهَ كَمَا نَفَى عَنْ نَفْسِهِ فَقَالَ لَيْسَ كمثله شَيْء وَأَسْنَدَ الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْحَوَارِيِّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ كُلُّ مَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ فَتَفْسِيرُهُ تِلَاوَتُهُ وَالسُّكُوتُ عَنْهُ وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرٍ الضُّبَعِيِّ قَالَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي قَوْله الرَّحْمَن على الْعَرْش اسْتَوَى قَالَ بِلَا كَيْفٍ وَالْآثَارُ فِيهِ عَنِ السَّلَفِ كَثِيرَةٌ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيُّ فِي الْجَامِعِ عَقِبَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي النُّزُولِ وَهُوَ عَلَى الْعَرْشِ كَمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ كَذَا قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا يُشْبِهُهُ مِنَ الصِّفَاتِ.

     وَقَالَ  فِي بَابِ فَضْلِ الصَّدَقَةِ قَدْ ثَبَتَتْ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ فَنُؤْمِنُ بِهَا وَلَا نَتَوَهَّمُ وَلَا يُقَالُ كَيْفَ كَذَا جَاءَ عَن مَالك وبن عُيَيْنَة وبن الْمُبَارَكِ أَنَّهُمْ أَمَرُّوهَا بِلَا كَيْفٍ وَهَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ.

.
وَأَمَّا الْجَهْمِيَّةُ فَأَنْكَرُوهَا وَقَالُوا هَذَا تَشْبِيهٌ.

     وَقَالَ  إِسْحَاقُ بن رَاهْوَيْهِ إِنَّمَا يَكُونُ التَّشْبِيهُ لَوْ قِيلَ يَدٌ كَيَدٍ وَسَمْعٌ كَسَمْعٍ.

     وَقَالَ  فِي تَفْسِيرِ الْمَائِدَةِ قَالَ الْأَئِمَّةُ نُؤْمِنُ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ مِنْ غَيْرِ تَفْسِير مِنْهُم الثَّوْريّ وَمَالك وبن عُيَيْنَة وبن الْمُبَارك.

     وَقَالَ  بن عَبْدِ الْبَرِّ أَهْلُ السُّنَّةِ مُجْمِعُونَ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ الْوَارِدَةِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَلَمْ يُكَيِّفُوا شَيْئًا مِنْهَا.

.
وَأَمَّا الْجَهْمِيَّةُ وَالْمُعْتَزِلَةُ وَالْخَوَارِجُ فَقَالُوا مَنْ أَقَرَّ بِهَا فَهُوَ مُشَبِّهٌ فَسَمَّاهُمْ مَنْ أَقَرَّ بِهَا مُعَطِّلَةٌ.

     وَقَالَ  إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي الرِّسَالَةِ النِّظَامِيَّةِ اخْتَلَفَتْ مَسَالِكُ الْعُلَمَاءِ فِي هَذِهِ الظَّوَاهِرِ فَرَأَى بَعْضُهُمْ تَأْوِيلَهَا وَالْتَزَمَ ذَلِكَ فِي آيِ الْكِتَابِ وَمَا يَصِحُّ مِنَ السُّنَنِ وَذَهَبَ أَئِمَّةُ السَّلَفِ إِلَى الِانْكِفَافِ عَنِ التَّأْوِيلِ وَإِجْرَاءِ الظَّوَاهِرِ عَلَى مَوَارِدِهَا وَتَفْوِيضِ مَعَانِيهَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالَّذِي نَرْتَضِيهِ رَأْيًا وَنَدِينُ اللَّهَ بِهِ عَقِيدَةً اتِّبَاعُ سَلَفِ الْأُمَّةِ لِلدَّلِيلِ الْقَاطِعِ عَلَى أَنَّ إِجْمَاعَ الْأُمَّةِ حُجَّةٌ فَلَوْ كَانَ تَأْوِيل هَذِه الظَّوَاهِر حتما لَا وَشك أَنْ يَكُونَ اهْتِمَامُهُمْ بِهِ فَوْقَ اهْتِمَامِهِمْ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَإِذَا انْصَرَمَ عَصْرُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ عَلَى الْإِضْرَابِ عَنِ التَّأْوِيلِ كَانَ ذَلِكَ هُوَ الْوَجْهُ الْمُتَّبَعُ انْتَهَى وَقَدْ تَقَدَّمَ النَّقْلُ عَنْ أَهْلِ الْعَصْرِ الثَّالِثِ وَهُمْ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ كَالثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَمَالِكٍ وَاللَّيْثُ وَمَنْ عَاصَرَهُمْ وَكَذَا مَنْ أَخَذَ عَنْهُمْ مِنَ الْأَئِمَّةِ فَكَيْفَ لَا يَوْثُقُ بِمَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْقُرُونِالثَّلَاثَةِ وَهُمْ خَيْرُ الْقُرُونِ بِشَهَادَةِ صَاحِبِ الشَّرِيعَةِ وَقَسَّمَ بَعْضُهُمْ أَقْوَالَ النَّاسِ فِي هَذَا الْبَابِ إِلَى سِتَّةِ أَقْوَالٍ قَوْلَانِ لِمَنْ يُجْرِيهَا عَلَى ظَاهِرِهَا أَحَدُهُمَا مَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّهَا مِنْ جِنْسِ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ وَهُمُ الْمُشَبِّهَةُ وَيَتَفَرَّعُ مِنْ قَوْلِهِمْ عِدَّةُ آرَاءٍ وَالثَّانِي مَنْ يَنْفِي عَنْهَا شَبَهَ صِفَةِ الْمَخْلُوقِينَ لِأَنَّ ذَاتَ اللَّهِ لَا تُشْبِهُ الذَّوَاتَ فَصِفَاتُهُ لَا تُشْبِهُ الصِّفَاتِ فَإِنَّ صِفَاتِ كُلِّ مَوْصُوفٍ تُنَاسِبُ ذَاتَهُ وَتُلَائِمُ حَقِيقَتَهُ وَقَوْلَانِ لِمَنْ يُثْبِتُ كَوْنَهَا صِفَةً وَلَكِنْ لَا يُجْرِيهَا عَلَى ظَاهِرِهَا أَحَدُهُمَا يَقُولُ لَا نُؤَوِّلُ شَيْئًا مِنْهَا بَلْ نَقُولُ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِهِ وَالْآخَرُ يُؤَوِّلُ فَيَقُولُ مَثَلًا مَعْنَى الِاسْتِوَاءِ الِاسْتِيلَاءُ وَالْيَدُ الْقُدْرَةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَقَوْلَانِ لِمَنْ لَا يَجْزِمُ بِأَنَّهَا صِفَةٌ أَحَدُهُمَا يَقُولُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ صِفَةً وَظَاهِرُهَا غَيْرُ مُرَادٍ وَيَجُوزُ أَنْ لَا تَكُونَ صِفَةً وَالْآخَرُ يَقُولُ لَا يُخَاضُ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا بَلْ يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ لِأَنَّهُ مِنَ الْمُتَشَابِهِ الَّذِي لَا يُدْرَكُ مَعْنَاهُ قَوْله.

     وَقَالَ  بن عَبَّاس الْمجِيد الْكَرِيم والودود الحبيب وَصله بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ قَالَ الْمجِيد الْكَرِيم وَبِه عَن بن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ قَالَ الْوَدُودُ الْحَبِيبُ وَإِنَّمَا وَقَعَ تَقْدِيمُ الْمَجِيدِ قَبْلَ الْوَدُودِ هُنَا لِأَنَّ الْمُرَادَ تَفْسِيرُ لَفْظِ الْمَجِيدِ الْوَاقِعِ فِي قَوْلِهِ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ فَلَمَّا فَسَّرَهُ اسْتَطْرَدَ لِتَفْسِيرِ الِاسْمِ الَّذِي قَبْلَهُ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ قُرِئَ مَرْفُوعًا بِالِاتِّفَاقِ وَذُو الْعَرْشِ بِالرَّفْعِ صِفَةٌ لَهُ وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي الْمَجِيدُ بِالرَّفْعِ فَيَكُونُ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ وَبِالْكَسْرِ فَيكون صفة الْعَرْش قَالَ بن الْمُنِيرِ جَمِيعُ مَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ يَشْتَمِلُ عَلَى ذِكْرِ الْعَرْشِ إِلَّا أَثَرَ بن عَبَّاسٍ لَكِنَّهُ نَبَّهَ بِهِ عَلَى لَطِيفَةٍ وَهِيَ أَنَّ الْمَجِيدَ فِي الْآيَةِ عَلَى قِرَاءَةِ الْكَسْرِ لَيْسَ صِفَةً لِلْعَرْشِ حَتَّى لَا يُتَخَيَّلَ أَنَّهُ قَدِيمٌ بَلْ هِيَ صِفَةُ اللَّهِ بِدَلِيلِ قِرَاءَةِ الرَّفْعِ وَبِدَلِيلِ اقْتِرَانِهِ بِالْوَدُودِ فَيَكُونُ الْكَسْرُ عَلَى الْمُجَاوَرَةِ لِتَجْتَمِعَ الْقِرَاءَتَانِ عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ انْتَهَى وَيُؤَيِّدُ أَنَّهَا عِنْدَ الْبُخَارِيِّ صِفَةُ اللَّهِ تَعَالَى مَا أَرْدَفَهُ بِهِ وَهُوَ يُقَالُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ إِلَخْ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِلَفْظِ إِذَا قَالَ الْعَبْدُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى مَجَّدَنِي عَبْدِي ذكره بن التِّينِ قَالَ وَيُقَالُ الْمَجْدُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الشَّرَفُ الْوَاسِعُ فَالْمَاجِدُ مَنْ لَهُ آبَاءٌ مُتَقَدِّمُونَ فِي الشَّرَفِ.

.
وَأَمَّا الْحَسَبُ وَالْكَرَمُ فَيَكُونَانِ فِي الرَّجُلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ آبَاءٌ شُرَفَاءُ فَالْمَجِيدُ صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ مِنَ الْمَجْدِ وَهُوَ الشَّرَفُ الْقَدِيمُ.

     وَقَالَ  الرَّاغِبُ الْمَجْدُ السَّعَةُ فِي الْكَرَمِ وَالْجَلَالَةِ وَأَصْلُهُ .

     قَوْلُهُ مْ مَجَدَتِ الْإِبِلُ أَيْ وَقَعَتْ فِي مَرْعًى كَثِيرٍ وَاسِعٍ وَأَمْجَدَهَا الرَّاعِي وَوُصِفَ الْقُرْآنُ بِالْمَجِيدِ لِمَا يَتَضَمَّنُ مِنَ الْمَكَارِمِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَالْأُخْرَوِيَّةِ انْتَهَى وَمَعَ ذَلِكَ كُلِّهِ فَلَا يَمْتَنِعُ وَصْفُ الْعَرْشِ بِذَلِكَ لِجَلَالَتِهِ وَعَظِيمِ قَدْرِهِ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الرَّاغِبُ وَلِذَلِكَ وُصِفَ بِالْكَرِيمِ فِي سُورَةِ قَدْ أَفْلَحَ.

.
وَأَمَّا تَفْسِيرُ الْوَدُودِ بِالْحَبِيبِ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِمَعْنَى الْمُحِبِّ وَالْمَحْبُوبِ لِأَنَّ أَصْلَ الْوُدِّ مَحَبَّةُ الشَّيْءِ قَالَ الرَّاغِبُ الْوَدُودُ يَتَضَمَّنُ مَا دَخَلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فَسَوْفَ يَأْتِي الله بِقوم يُحِبهُمْ وَيُحِبُّونَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى مَحَبَّةِ اللَّهِ تَعَالَى لِعِبَادِهِ وَمَحَبَّتِهِمْ لَهُ .

     قَوْلُهُ  يُقَالُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ كَأَنَّهُ فَعِيلٌ مِنْ مَاجِدٍ مَحْمُودٍ مِنْ حَمِدَ كَذَا لَهُمْ بِغَيْرِ يَاءٍ فِعْلًا مَاضِيًا وَلِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ عَنِ الْكُشْمِيهَنِيِّ مَحْمُودٌ مِنْ حَمِيدٍ وَأَصْلُ هَذَا قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ فِي كِتَابِ الْمَجَازِ فِي قَوْلِهِ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مجيد أَيْ مَحْمُودٌ مَاجِدٌ.

     وَقَالَ  الْكِرْمَانِيُّ غَرَضُهُ مِنْهُ أَنَّ مَجِيدًا بِمَعْنَى فَاعِلٍ كَقَدِيرٍ بِمَعْنَى قَادِرٍ وَحَمِيدًا بِمَعْنَى مَفْعُولٍ فَلِذَلِكَ قَالَ مَجِيدٌ مِنْ مَاجِدٍ وَحَمِيدٌ مِنْ مَحْمُودٍ قَالَ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ مَحْمُودٌ مِنْ حَمِيدٍ وَفِي أُخْرَى مِنْ حَمِدَ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ أَيْضًا وَذَلِكَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ حَمِيدٌ بِمَعْنَى حَامِدٍ وَمَجِيدٌ بِمَعْنَى مُمَجَّدٍ ثُمَّ قَالَ وَفِي عِبَارَةِ الْبُخَارِيِّ تَعْقِيدٌ.

.

قُلْتُ وَهُوَ فِي قَوْلِهِ مَحْمُودٌ مِنْ حَمِدَ وَقَدِ اخْتَلَفَ الرُّوَاةُ فِيهِ وَالْأَوْلَى فِيهِ مَا وُجِدَ فِي أَصْلِهِ وَهُوَ كَلَامُ أَبِي عُبَيْدَةَ ثُمَّ ذَكَرَ فِي الْبَابِ تِسْعَةَ أَحَادِيثَ لِبَعْضِهَا طَرِيق أُخْرَى الأول حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَقَولُهُ فِي السَّنَدِ أَنبأَنَاأَبُو حَمْزَةَ هُوَ السُّكَّرِيُّ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا فِي بَابِ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ وَقَولُهُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ)
كَذَا لَهُم وَوَقع عِنْد بن بَطَّالٍ بِلَفْظِ أَحَدَ بَدَلَ شَخْصَ وَكَأَنَّهُ مِنْ تَغْيِيره

[ قــ :7020 ... غــ :7416] قَوْله عبد الْملك هُوَ بن عُمَيْر والمغيرة هُوَ بن شُعْبَةَ كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فِي أَوَاخِرِ الْحُدُودِ وَالْمُحَارِبِينَ فَإِنَّهُ سَاقَ مِنَ الْحَدِيثِ هُنَاكَ بِهَذَا السَّنَدِ إِلَى قَوْلِهِ وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي وَتَقَدَّمَ شَرْحُ الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ هُنَاكَ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ على غيرَة الله فِي شرح حَدِيث بن مَسْعُودٍ وَأَنَّ الْكَلَامَ عَلَيْهِ تَقَدَّمَ فِي شَرْحِ حَدِيثِ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ فِي كِتَابِ الْكُسُوف قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ الْمُنَزِّهُونَ لِلَّهِ إِمَّا سَاكِتٌ عَنِ التَّأْوِيلِ وَإِمَّا مُؤَوِّلٌ وَالثَّانِي يَقُولُ الْمُرَادُ بِالْغَيْرَةِ الْمَنْعُ مِنَ الشَّيْءِ وَالْحِمَايَةُ وَهُمَا مِنْ لَوَازِمِ الْغَيْرَةِ فَأُطْلِقَتْ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ كَالْمُلَازَمَةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْأَوْجُهِ الشَّائِعَةِ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ .

     قَوْلُهُ  وَلَا أحد أحب إِلَيْهِ الْعذر من الله وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بَعَثَ الْمُنْذِرِينَ وَالْمُبَشِّرِينَ يَعْنِي الرُّسُلَ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ بَعَثَ الْمُرْسَلِينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَهِيَ أَوْضَحُ وَلَهُ مِنْ حَدِيث بن مَسْعُودٍ وَلِذَلِكَ أَنْزَلَ الْكُتُبَ وَالرُّسُلَ أَيْ وَأَرْسَلَ الرُّسُل قَالَ بن بَطَّالٍ هُوَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عباده وَيَعْفُو عَن السَّيِّئَات فَالْعُذْرُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ التَّوْبَةُ وَالْإِنَابَةُ كَذَا قَالَ.

     وَقَالَ  عِيَاضٌ الْمَعْنَى بَعَثَ الْمُرْسَلِينَ لِلْإِعْذَارِ وَالْإِنْذَارِ لِخَلْقِهِ قَبْلَ أَخْذِهِمْ بِالْعُقُوبَةِ وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بعد الرُّسُل وَحَكَى الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْمَعَانِي قَالَ إِنَّمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللَّهِ عَقِبَ قَوْلِهِ لَا أَحَدَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ مُنَبِّهًا لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ عَلَى أَنَّ الصَّوَابَ خِلَافَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ وَرَادِعًا لَهُ عَن الْإِقْدَامِ عَلَى قَتْلِ مَنْ يَجِدُهُ مَعَ امْرَأَتِهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ إِذَا كَانَ اللَّهُ مَعَ كَوْنِهِ أَشَدَّ غَيْرَةً مِنْكَ يُحِبُّ الْإِعْذَارَ وَلَا يُؤَاخِذُ إِلَّا بَعْدَ الْحُجَّةِ فَكَيْفَ تُقْدِمُ أَنْتَ عَلَى الْقَتْلِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ .

     قَوْلُهُ  وَلَا أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ يَجُوزُ فِي أَحَبُّ الرَّفْعُ وَالنَّصْبُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحُدُودِ .

     قَوْلُهُ  الْمِدْحَةُ مِنَ اللَّهِ بِكَسْرِ الْمِيمِ مَعَ هَاءِ التَّأْنِيثِ وَبِفَتْحِهَا مَعَ حَذْفِ الْهَاءِ وَالْمَدْحُ الثَّنَاءُ بِذِكْرِ أَوْصَافِ الْكَمَالِ وَالْأَفْضَالِ قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ .

     قَوْلُهُ  وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَعَدَ اللَّهُ الْجَنَّةَ كَذَا فِيهِ بِحَذْفِ أَحَدِ الْمَفْعُولَيْنِ لِلْعِلْمِ بِهِ وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ أَطَاعَهُ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَعَدَ الْجَنَّةَ بِإِضْمَارِ الْفَاعِل وَهُوَ الله قَالَ بن بَطَّالٍ أَرَادَ بِهِ الْمَدْحَ مِنْ عِبَادِهِ بِطَاعَتِهِ وَتَنْزِيهِهِ عَمَّا لَا يَلِيقُ بِهِ وَالثَّنَاءَ عَلَيْهِ بِنِعَمِهِ لِيُجَازِيهِمْ عَلَى ذَلِكَ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ ذَكَرَ الْمَدْحَ مَقْرُونًا بِالْغَيْرَةِ وَالْعُذْرَ تَنْبِيهًا لِسَعْدٍ عَلَى أَنْ لَا يَعْمَلَ بِمُقْتَضَى غَيْرَتِهِ وَلَا يُعَجِّلُ بَلْ يَتَأَنَّى وَيَتَرَفَّقُ وَيَتَثَبَّتُ حَتَّى يَحْصُلَ عَلَى وَجْهِ الصَّوَابِ فَيَنَالَ كَمَالَ الثَّنَاءِ وَالْمَدْحِ وَالثَّوَابِ لِإِيثَارِهِ الْحَقَّ وَقَمْعِ نَفْسِهِ وَغَلَبَتِهَا عِنْدَ هَيَجَانِهَا وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِهِ الشَّدِيدُ مَنْ يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

     وَقَالَ  عِيَاضٌ مَعْنَى قَوْلِهِ وَعَدَ الْجَنَّةَ أَنَّهُ لَمَّا وَعَدَ بِهَا وَرَغَّبَ فِيهَا كَثُرَ السُّؤَالُ لَهُ وَالطَّلَبُ إِلَيْهِ وَالثَّنَاءُ عَلَيْهِ قَالَ وَلَا يُحْتَجُّ بِهَذَا عَلَى جَوَازِ اسْتِجْلَابِ الْإِنْسَانِ الثَّنَاءَ عَلَى نَفْسِهِ فَإِنَّهُ مَذْمُومٌ وَمَنْهِيٌّ عَنْهُ بِخِلَافِ حُبِّهِ لَهُ فِي قَلْبِهِ إِذَا لَمْ يَجِدْ مِنْ ذَلِكَ بُدًّا فَإِنَّهُ لَا يُذَمُّ بِذَلِكَ فَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مُسْتَحِقٌّ لِلْمَدْحِ بِكَمَالِهِ وَالنَّقْصُ لِلْعَبْدِ لَازِمٌ وَلَوِ اسْتَحَقَّ الْمَدْحَ مِنْ جِهَةٍ مَا لَكِنَّ الْمَدْحَ يُفْسِدُ قَلْبَهُ وَيُعَظِّمُهُ فِي نَفْسِهِ حَتَّى يَحْتَقِرَ غَيْرَهُ وَلِهَذَا جَاءَ احْثُوا فِي وُجُوهِ الْمَدَّاحِينَ التُّرَابَ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو هُوَ الرَّقِّيُّ الْأَسَدِيُّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ هُوَ بن عُمَيْر قَوْله لَا شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ يَعْنِي أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو رَوَى الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ أَوَّلًا فَقَالَ لَا شَخْصَ بَدَلَ قَوْلِهِ لَا أَحَدَ وَقَدْ وَصَلَهُ الدَّارِمِيُّ عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ عَدِيٍّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ وَرَّادٍ مولى الْمُغيرَة عَن الْمُغِيرَةِ قَالَ بَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ يَقُولُ فَذَكَرَهُ بِطُولِهِ وَسَاقه أَبُو عوَانَة يَعْقُوب الاسفرايني فِي صَحِيحِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْعَطَّارِ عَنْ زَكَرِيَّا بِتَمَامِهِ.

     وَقَالَ  فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ لَا شَخْصَ قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيِّ وَأَبِي كَامِلٍ فُضَيْلِ بْنِ حُسَيْنٍ الْجَحْدَرِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ الْوَضَّاحِ الْبَصْرِيِّ بِالسَّنَدِ الَّذِي أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ لَكِنْ قَالَ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ لَا شَخْصَ بَدَلَ لَا أَحَدَ ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ زَائِدَةَ بْنِ قُدَامَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ كَذَلِكَ فَكَأَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ لَمْ تَقَعْ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ فِي حَدِيثِ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ فَلِذَلِكَ عَلَّقَهَا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو.

.

قُلْتُ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنِ الْقَوَارِيرِيِّ وَأَبِي كَامِلٍ كَذَلِكَ وَمِنْ طَرِيقِ زَائِدَة أَيْضا قَالَ بن بَطَّالٍ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَجُوزُ أَنْ يُوصَفَ بِأَنَّهُ شَخْصٌ لِأَنَّ التَّوْقِيفَ لَمْ يَرِدْ بِهِ وَقَدْ مَنَعَتْ مِنْهُ الْمُجَسِّمَةُ مَعَ قَوْلِهِمْ بِأَنَّهُ جِسْمٌ لَا كَالْأَجْسَامِ كَذَا قَالَ وَالْمَنْقُولُ عَنْهُمْ خِلَافُ مَا قَالَ.

     وَقَالَ  الْإِسْمَاعِيلِيُّ لَيْسَ فِي قَوْلِهِ لَا شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ إِثْبَاتُ أَنَّ اللَّهَ شَخْصٌ بَلْ هُوَ كَمَا جَاءَ مَا خَلَقَ اللَّهُ أَعْظَمَ مِنْ آيَةِ الْكُرْسِيِّ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إِثْبَاتٌ أَنَّ آيَةَ الْكُرْسِيِّ مَخْلُوقَةٌ بَلِ الْمُرَادُ أَنَّهَا أَعْظَمُ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ وَهُوَ كَمَا يَقُولُ مَنْ يَصِفُ امْرَأَةً كَامِلَةً الْفَضْلِ حَسَنَةُ الْخَلْقِ مَا فِي النَّاسِ رَجُلٌ يُشْبِهُهَا يُرِيدُ تَفْضِيلَهَا عَلَى الرِّجَالِ لَا انها رجل.

     وَقَالَ  بن بَطَّالٍ اخْتَلَفَتْ أَلْفَاظُ هَذَا الْحَدِيثِ فَلَمْ يُخْتَلَفْ فِي حَدِيث بن مَسْعُودٍ أَنَّهُ بِلَفْظِ لَا أَحَدَ فَظَهَرَ أَنَّ لَفْظَ شَخْصَ جَاءَ مَوْضِعَ أَحَدَ فَكَأَنَّهُ مِنْ تَصَرُّفِ الرَّاوِي ثُمَّ قَالَ عَلَى أَنَّهُ مِنْ بَاب الْمُسْتَثْنى من غير جنسه قَوْله تَعَالَى وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يتبعُون الا الظَّن وَلَيْسَ الظَّنُّ مِنْ نَوْعِ الْعِلْمِ.

.

قُلْتُ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمد وَقد قَرَّرَهُ بن فورك وَمِنْه اخذه بن بطال فَقَالَ بعد مَا تَقَدَّمَ مِنَ التَّمْثِيلِ بِقَوْلِهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّن فَالتَّقْدِيرُ أَنَّ الْأَشْخَاصَ الْمَوْصُوفَةَ بِالْغَيْرَةِ لَا تَبْلُغُ غَيْرَتُهَا وَإِنْ تَنَاهَتْ غَيْرَةَ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَخْصًا بِوَجْهٍ.

.
وَأَمَّا الْخَطَّابِيُّ فَبَنَى عَلَى أَنَّ هَذَا التَّرْكِيبَ يَقْتَضِي إِثْبَاتَ هَذَا الْوَصْفِ لِلَّهِ تَعَالَى فَبَالَغَ فِي الْإِنْكَارِ وَتَخْطِئَةِ الرَّاوِي فَقَالَ إِطْلَاقُ الشَّخْصِ فِي صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى غير جَائِز لأنة الشَّخْصَ لَا يَكُونُ إِلَّا جِسْمًا مُؤَلَّفًا فَخَلِيقٌ أَنْ لَا تَكُونَ هَذِهِ اللَّفْظَةُ صَحِيحَةً وَأَنْ تَكُونَ تَصْحِيفًا مِنَ الرَّاوِي وَدَلِيلٌ ذَلِكَ أَنَّ أَبَا عَوَانَةَ رَوَى هَذَا الْخَبَرَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ فَلَمْ يَذْكُرْهَا وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ بِلَفْظِ شَيْءَ وَالشَّيْءُ وَالشَّخْصُ فِي الْوَزْنِ سَوَاءٌ فَمَنْ لَمْ يُمْعِنْ فِي الِاسْتِمَاعِ لَمْ يَأْمَنِ الْوَهْمَ وَلَيْسَ كُلٌّ مِنَ الرُّوَاةِ يُرَاعِي لَفْظَ الْحَدِيثِ حَتَّى لَا يَتَعَدَّاهُ بَلْ كَثِيرٌ مِنْهُمْ يُحَدِّثُ بِالْمَعْنَى وَلَيْسَ كُلُّهُمْ فَهِمًا بَلْ فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ جَفَاءٌ وَتَعَجْرُفٌ فَلَعَلَّ لَفْظَ شَخْصَ جَرَى عَلَى هَذَا السَّبِيلِ إِنْ لَمْ يَكُنْ غَلَطًا مِنْ قَبِيلِ التَّصْحِيفِ يَعْنِي السَّمْعِيَّ قَالَ ثُمَّ إِنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو انْفَرَدَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ فَلَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ وَاعْتَوَرَهُ الْفَسَادُ مِنْ هَذِهِ الْأَوْجُهِ وَقَدْ تَلَقَّى هَذَا عَنِ الْخَطَّابِيِّ أَبُو بَكْرِ بْنُ فَوْرَكٍ فَقَالَ لَفْظُ الشَّخْصِ غَيْرُ ثَابِتٍ مِنْ طَرِيقِ السَّنَدِ فَإِنْ صَحَّ فَبَيَانُهُ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ وَهُوَ .

     قَوْلُهُ  لَا أَحَدَ فَاسْتَعْمَلَ الرَّاوِي لَفْظَ شَخْصَ مَوْضِعَ أَحَدَ ثمَّ ذكر نَحْو مَا تقدم عَن بن بطال وَمِنْه اخذ بن بطال ثمَّ قَالَ بن فَوْرَكٍ وَإِنَّمَا مَنَعَنَا مِنْ إِطْلَاقِ لَفْظِ الشَّخْصِ أُمُورٌ أَحَدُهَا أَنَّ اللَّفْظَ لَمْ يَثْبُتْ مِنْ طَرِيقِ السَّمْعِ وَالثَّانِي الْإِجْمَاعُ عَلَى الْمَنْعِ مِنْهُ وَالثَّالِثُ أَنَّ مَعْنَاهُ الْجِسْمُ الْمُؤَلَّفُ الْمُرَكَّبُ ثُمَّ قَالَ وَمَعْنَى الْغَيْرَةِ الزَّجْرُ وَالتَّحْرِيمُ فَالْمَعْنَى أَنَّ سَعْدًا الزَّجُورُ عَنِ الْمَحَارِمِ وَأَنَا أَشَدُّ زَجْرًا مِنْهُ وَاللَّهُ أَزْجَرُ مِنَ الْجَمِيعِ انْتَهَى وَطَعْنُ الْخَطَّابِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ فِي السَّنَدِ مَبْنِيٌّ عَلَى تَفَرُّدِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ وَكَلَامُهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ لَمْ يُرَاجِعْ صَحِيحَ مُسْلِمٍ وَلَا غَيْرَهُ مِنَ الْكُتُبِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا هَذَا اللَّفْظُ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَرَدُّ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ وَالطَّعْنُ فِي أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ الضَّابِطِينَ مَعَ إِمْكَانِ تَوْجِيهِ مَا رَوَوْا مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي أَقْدَمَ عَلَيْهَا كَثِيرٌ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الحَدِيث وَقد يقْضى قُصُورَ فَهْمِ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ لَا حَاجَةَ لِتَخْطِئَةِ الرُّوَاةِ الثِّقَاةِ بَلْ حُكْمُ هَذَا حُكْمُ سَائِرِ الْمُتَشَابِهَاتِ إِمَّا التَّفْوِيضُ وَإِمَّا التَّأْوِيلُ.

     وَقَالَ  عِيَاضٌ بَعْدَ ان ذكر معنى .

     قَوْلُهُ  وَلَا أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللَّهِ أَنَّهُ قَدَّمَ الْإِعْذَارَ وَالْإِنْذَارَ قَبْلَ أَخْذِهِمْ بِالْعُقُوبَةِ وَعَلَى هَذَا لَا يَكُونُ فِي ذِكْرِ الشَّخْصِ مَا يُشْكِلُ كَذَا قَالَ وَلَمْ يَتَّجِهْ أَخْذُ نَفْيِ الْإِشْكَالِ مِمَّا ذُكِرَ ثُمَّ قَالَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَفْظُ الشَّخْصِ وَقَعَ تَجَوُّزًا مِنْ شَيْءَ أَوْ أَحَدَ كَمَا يَجُوزُ إِطْلَاقُ الشَّخْصِ عَلَى غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدْ يَكُونُ الْمُرَادُ بِالشَّخْصِ الْمُرْتَفِعُ لِأَنَّ الشَّخْصَ هُوَ مَا ظَهَرَ وَشَخَصَ وَارْتَفَعَ فَيَكُونُ الْمَعْنَى لَا مُرْتَفِعَ أَرْفَعُ مِنَ اللَّهِ كَقَوْلِهِ لَا مُتَعَالِي أَعْلَى مِنَ اللَّهِ قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى لَا يَنْبَغِي لِشَخْصٍ أَنْ يَكُونَ أَغْيَرَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ لَمْ يُعَجِّلْ وَلَا بَادَرَ بِعُقُوبَةِ عَبْدِهِ لِارْتِكَابِهِ مَا نَهَاهُ عَنْهُ بَلْ حَذَّرَهُ وَأَنْذَرَهُ وَأَعْذَرَ إِلَيْهِ وَأَمْهَلَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَأَدَّبَ بِأَدَبِهِ وَيَقِفَ عِنْدَ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ وَبِهَذَا تَظْهَرُ مُنَاسَبَةُ تَعْقِيبِهِ بِقَوْلِهِ وَلَا أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللَّهِ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ أَصْلُ وَضْعِ الشَّخْصِ يَعْنِي فِي اللُّغَةِ لِجِرْمِ الْإِنْسَانِ وَجِسْمِهِ يُقَالُ شَخْصُ فُلَانٍ وَجُثْمَانِهِ وَاسْتُعْمِلَ فِي كُلِّ شَيْءٍ ظَاهِرٍ يُقَالُ شَخَصَ الشَّيْءُ إِذَا ظَهَرَ وَهَذَا الْمَعْنَى مُحَالٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فَوَجَبَ تَأْوِيلُهُ فَقِيلَ مَعْنَاهُ لَا مُرْتَفِعَ وَقِيلَ لَا شَيْءَ وَهُوَ أَشْبَهُ مِنَ الْأَوَّلِ وَأَوْضَحُ مِنْهُ لَا مَوْجُودَ أَوْ لَا أَحَدَ وَهُوَ أَحْسَنُهَا وَقَدْ ثَبَتَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَكَأَنَّ لَفْظَ الشَّخْصِ أُطْلِقَ مُبَالَغَةً فِي إِثْبَاتِ إِيمَانِ مَنْ يَتَعَذَّرُ عَلَى فَهْمِهِ مَوْجُودٌ لَا يُشْبِهُ شَيْئًا مِنَ الْمَوْجُودَاتِ لِئَلَّا يُفْضِيَ بِهِ ذَلِكَ إِلَى النَّفْيِ وَالتَّعْطِيلِ وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْجَارِيَةِ أَيْنَ اللَّهُ قَالَتْ فِي السَّمَاءِ فَحَكَمَ بِإِيمَانِهَا مَخَافَةَ أَنْ تَقَعَ فِي التَّعْطِيلِ لِقُصُورِ فَهْمِهَا عَمَّا يَنْبَغِي لَهُ مِنْ تَنْزِيهِهِ مِمَّا يَقْتَضِي التَّشْبِيهَ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا تَنْبِيهٌ لَمْ يُفْصِحِ الْمُصَنِّفُ لأطلاق الشَّخْصِ عَلَى اللَّهِ بَلْ أَوْرَدَ ذَلِكَ عَلَى طَرِيقِ الِاحْتِمَالِ وَقَدْ جَزَمَ فِي الَّذِي بَعْدَهُ فَتَسْمِيَتُهُ شَيْئًا لِظُهُورِ ذَلِكَ فِيمَا ذَكَرَهُ مِنَ الْآيَتَيْنِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب قَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لاَ شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ»
( باب قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لا شخص أغير من الله) لا الجنسية وأغير أفعل تفضيل مرفوع خبرها وسقط لغير أبي ذر باب فالتالي مرفوع.


[ قــ :7020 ... غــ : 7416 ]
- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ التَّبُوذْكِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ وَرَّادٍ كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ، عَنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ: قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ لَوْ رَأَيْتُ رَجُلاً مَعَ امْرَأَتِى لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفَحٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «تَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ، وَاللَّهِ لأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّى وَمِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ اللَّهِ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَلاَ أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللَّهِ، وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بَعَثَ الْمُبَشِّرِينَ وَالْمُنْذِرِينَ، وَلاَ أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمِدْحَةُ مِنَ اللَّهِ، وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَعَدَ اللَّهُ الْجَنَّةَ».

وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ لاَ شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ.

وبه قال: ( حدّثنا موسى بن إسماعيل التبوذكي) وثبت لفظ التبوذكي لأبي ذر قال: ( حدّثنا أبو عوانة) الوضاح اليشكري قال: ( حدّثنا عبد الملك) بن عمير ( عن وزاد) بفتح الواو والراء المشدّدة ( كاتب المغيرة) بن شعبة ومولاه ( عن المغيرة) -رضي الله عنه- أنه ( قال: قال سعد بن عبادة) سيد الخزرج -رضي الله عنه- ( لو رأيت رجلاً مع امرأتي) غير محرم لها ( لضربته بالسيف غير مصفح) بفتح الصاد والفاء المشدّدة وبسكون الصاد وتخفيف الفاء وهو الذي في اليونينية أي غير ضارب بعرضه بل بحدّه ( فبلغ ذلك) الذي قاله سعد ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال) :
( تعجبون) ولأبي ذر أتعجبون ( من غيرة سعد والله) مجرور بواو القسم ( لأنا) مبتدأ دخلت عليه لام التأكيد المفتوحة خبره ( أغير منه والله أغير مني) مبتدأ وخبر.
قال ابن دقيق العيد: المنزهون لله إما ساكتون عن التأويل وإما مؤوّلون، والثاني يقول المراد بالغيرة المنع من الشيء والحماية وهما من لوازم الغيرة فأطلقت على سبيل المجاز كالملازمة وغيرها من الأوجه الشائعة في لسان العرب، فالمراد الزجر عن الفواحش والتحريم لها والمنع منها وقد بيّن ذلك بقوله ( ومن أجل غيرة الله) عز وجل ( حرم الفواحش) جمع فاحشة وهي كل خصلة قبيحة من الأقوال والأفعال ( ما ظهر منها) كنكاح الجاهلية الأمهات ( وما بطن) كالزنا ( ولا أحد أحب) بالرفع خبر لا، ولأبي ذر
ولا أحد بالرفع منوّنًا أحب ( إليه العذر من الله) برفع أحب أيضًا في الفرع كأصله أو بالنصب خبر لا على الحجازية والعذر رفع فاعل أحب والعذر الحجة ( ومن أجل ذلك بعث المبشرين والمنذرين) بكسر الشين والذال المعجمتين أي بعث الرسل لخلقه قبل أخذهم بالعقوبة وفي غير رواية أبي ذر تقديم المنذرين على المبشرين، وفي مسلم بعث المرسلين مبشرين ومنذرين ( ولا أحد أحب إليه المدحة) بكسر الميم وسكون الدال المهملة مرفوع فاعل أحب والمدح الثناء بذكر أوصاف الكمال والإفضال ( من الله) عز وجل ( ومن أجل ذلك وعد الله الجنة) من أطاعه وحذف أحد مفعولي وعد وهو من أطاعه للعلم به.
قال القرطبي: ذكر المدح مقرونًا بالغيرة والعذر بينهما لسعد على أن لا يعمل بمقتضى غيرته ولا يعجل بل يتأنى ويترفق ويتثبت حتى يحصل على وجه الصواب فينال كمال الثناء والمدح والثواب لإيثاره الحق وقمع نفسه وغلبتها عند هيجانها وهو نحو قوله الشديد من يملك نفسه عند الغضب وهو حديث صحيح متفق عليه.

( وقال عبيد الله) بضم العين ( ابن عمرو) بفتحها ابن أبي الوليد الأسدي مولاهم الرقي فيما وصله الدارمي عن زكريا بن عدي عن عبيد الله بن عمرو ( عن عبد الملك) بن عمير بن سويد الكوفي عن وراد مولى المغيرة عن المغيرة قال: يبلغ به النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( لا شخص أغير من الله) .

قال الخطابي: إطلاق الشخص في صفات الله عز وجل غير جائز لأن الشخص لا يكون إلا جسمًا مؤلفًا فخليق أن لا تكون هذه اللفظة صحيحة وأن تكون تصحيفًا من الراوي ودليل أن أبا عوانة روى هذا الحديث عن عبد الملك يعني في هذا الباب فلم يذكرها فمن لم يمعن في الاستماع لم يأمن الوهم وليس كل الرواة يراعي لفظ الحديث حتى لا يتعداه بل كثير منهم يحدّث بالمعنى وليس كلهم فهمًا بل في كلام بعضهم جفاء وتعجرف، فلعل لفظ شخص جرى على هذا السبيل إن لم يكن غلطًا من قبيل التصحيف يعني السمعي قال: ثم إن عبد الله بن عمرو انفرد عن عبد الملك ولم يتابع عليه واعتوره الفساد من هذه الوجوه اهـ.

وقال ابن فورك: لفظ الشخص غير ثابت من طريق السند والإجماع على المنع منه لأن معناه الجسم المركب، وكذا قال نحوه الداودي والقرطبي وطعنهم في السند بنوه على تفرد عبيد الله بن عمرو به وليس كذلك، فقد أخرجه الإسماعيلي من طريق عبيد الله بن عمر القواريري وأبي كامل فضيل بن حسين الجحدري ومحمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب ثلاثتهم عن أبي عوانة الوضاح بالسند الذي أخرجه به البخاري لكن قال في المواضع الثلاثة لا شخص بدل لا أحد ثم ساقه من طريق زائدة بن قدامة عن عبد الملك كذلك فكان هذه اللفظة لم تقع في رواية البخاري في حديث أبي عوانة عن عبد الملك فلذلك علقها عن عبيد الله بن عمرو اهـ.

وقد أخرجه مسلم عن القواريري وأبي كامل كذلك ومن طريق زائدة أيضًا فكأن الطاعنين لم يستحضروا إذ ذاك صحيح مسلم ولا غيره من الكتب التي وقع فيها هذا اللفظ من غير رواية عبيد الله بن عمرو وورود الروايات الصحيحة والطعن في أئمة الحديث الضابطين مع إمكان توجيه
ما رووا من الأمور التي قدم عليها كثير من غير أهل الحديث وهو يقتضي قصور فهم من فعل ذلك منهم، ومن ثم قال الكرماني: لا حاجة لتخطئة الرواة الثقات بل حكم هذا حكم سائر المتشابهات إما التفويض وإما التأويل اهـ من الفتح.

وقال في المصابيح: هذا ظاهر إذ ليس في هذا اللفظ ما يقتضي إطلاق الشخص على الله وما هو إلا بمثابة قولك لا رجل أشجع من الأسد، وهذا لا يدل على إطلاق الرجل على الأسد بوجه من الوجوه فأي داعٍ بعد ذلك إلى توهيم الراوي في ذكر الشخص أنه تصحيف من قوله لا شيء أغير من الله كما صنعه الخطابي.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( لَا شَخْصَ أغْيَرُ مِنَ الله) )
أَي: هَذَا بابُُ فِي قَول النَّبِي، صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم: لَا شخص أغير من الله وَوَقع فِي بعض النّسخ: بابُُ قَول النَّبِي، صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم: لَا أحد أغير من الله،.

     وَقَالَ  عبيد الله بن عَمْرو عَن عبد الْملك: لَا شخص أغير من الله، وَابْن بطال غير قَوْله: لَا شخص بقوله: لَا أحد، وَعَلِيهِ شرح..
     وَقَالَ : اخْتلف أَلْفَاظ هَذَا الحَدِيث فَلم يخْتَلف فِي حَدِيث ابْن مَسْعُود أَنه بِلَفْظ: لَا أحد، فَظهر أَن لفظ: شخص، جَاءَ فِي مَوضِع: أحد، فَكَانَ من تصرف الرَّاوِي.
قلت: اخْتِلَاف أَلْفَاظ الحَدِيث هُوَ أَن فِي رِوَايَة ابْن مَسْعُود: مَا من أحد أغير من الله، وَفِي رِوَايَة عَائِشَة: مَا أحد أغير من الله، وَفِي رِوَايَة أَسمَاء: لَا شَيْء أغير من الله، وَفِي رِوَايَة أبي هُرَيْرَة: إِن الله تَعَالَى يغار، كل ذَلِك مضى فِي كتاب النِّكَاح فِي: بابُُ الْغيرَة، وَرِوَايَة ابْن مَسْعُود مبينَة أَن لفظ: الشَّخْص، مَوْضُوع مَوضِع: أحد،.

     وَقَالَ  الدَّاودِيّ: فِي قَوْله: لَا شخص أغير من الله لم يَأْتِ مُتَّصِلا وَلم تتلق الْأمة مثل هَذِه الْأَحَادِيث بِالْقبُولِ، وَهُوَ يتوقى فِي الْأَحْكَام الَّتِي لَا تلجىء الضَّرُورَة النَّاس إِلَى الْعَمَل بِهِ..
     وَقَالَ  الْخطابِيّ: إِطْلَاق الشَّخْص فِي صِفَات الله غير جَائِز لِأَن الشَّخْص إِنَّمَا يكون جسماً مؤلفاً، وخليق أَن لَا تكون هَذِه اللَّفْظَة صَحِيحَة، وَأَن تكون تصحيفاً من الرَّاوِي وَكثير من الروَاة يحدث بِالْمَعْنَى وَلَيْسَ كلهم فُقَهَاء، وَفِي كَلَام آحَاد الروَاة جفَاء وتعجرف..
     وَقَالَ  بعض كبار التَّابِعين: نعم الْمَرْء رَبنَا لَو أطعناه مَا عصانا، وَلَفظ الْمَرْء إِنَّمَا يُطلق على الذُّكُور من الْآدَمِيّين، فَأرْسل الْكَلَام وَبَقِي أَن يكون لفظ الشَّخْص جرى على هَذَا السَّبِيل فاعتوره الْفساد من وُجُوه: أَحدهَا أَن اللَّفْظ لَا يثبت إلاَّ من طَرِيق السّمع.
وَالثَّانِي: إِجْمَاع الْأمة على الْمَنْع مِنْهُ.
وَالثَّالِث: أَن مَعْنَاهُ أَن يكون جسماً مؤلفاً فَلَا يُطلق على الله، وَقد منعت الْجَهْمِية إِطْلَاق الشَّخْص مَعَ قَوْلهم بالجسم فَدلَّ ذَلِك على مَا قُلْنَاهُ من الْإِجْمَاع على مَنعه فِي صفته، عز وَجل.
قَوْله: لَا شخص، كلمة: لَا، لنفي الْجِنْس، و: أغير، مَرْفُوع خَبره، و: أغير، أفعل تَفْضِيل من الْغيرَة وَهِي الحمية والأنفة..
     وَقَالَ  عِيَاض: الْغيرَة مُشْتَقَّة من تغير الْقلب وهيجان الْغَضَب بِسَبَب الْمُشَاركَة فِيمَا بِهِ الِاخْتِصَاص، وَأَشد ذَلِك مَا يكون بَين الزَّوْجَيْنِ، هَذَا فِي حق الْآدَمِيّ، وَأما فِي حق الله فَيَأْتِي عَن قريب.
قَوْله:.

     وَقَالَ  عبيد الله بن عَمْرو بتصغير العَبْد وبفتح الْعين فِي عَمْرو بن أبي الْوَلِيد الْأَسدي مَوْلَاهُم الرقي، يروي عَن عبد الْملك هُوَ ابْن عُمَيْر بن سُوَيْد الْكُوفِي وَهُوَ أول من عبر نهر جيحون نهر بَلخ على طَرِيق سَمَرْقَنْد مَعَ سعيد بن عُثْمَان بن عَفَّان، خرج غازياً مَعَه وَمَات سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَمِائَة، وعمره يَوْم مَاتَ مائَة سنة وَثَلَاث سِنِين..
     وَقَالَ  الْخطابِيّ: انْفَرد بِهِ عبيد الله عَن عبد الْملك وَلم يُتَابع عَلَيْهِ، ورد بَعضهم على الْخطابِيّ بقوله: إِنَّه لم يُرَاجع صَحِيح مُسلم وَلَا غَيره من الْكتب الَّتِي وَقع فِيهَا هَذَا اللَّفْظ من غير رِوَايَة عبيد الله بن عَمْرو، ورد الرِّوَايَات الصَّحِيحَة والطعن فِي أَئِمَّة الحَدِيث الضابطين مَعَ إِمْكَان تَوْجِيه مَا رووا من الْأُمُور الَّتِي أقدم عَلَيْهَا كثير من غير أهل الحَدِيث، وَهُوَ يَقْتَضِي قُصُور فهم من فعل ذَلِك مِنْهُم، وَمن ثمَّة قَالَ الْكرْمَانِي: لَا حَاجَة لتخطئة الروَاة الثقاة بل حكم هَذَا حكم سَائِر المتشابهات: إِمَّا التَّفْوِيض وَإِمَّا التَّأْوِيل.
انْتهى.
قلت: هَذَا وَقع فِي عين مَا أنكر عَلَيْهِ، والخطابي لم يُنكر هَذِه اللَّفْظَة وَحده، وَكَذَلِكَ أنكرها الدَّاودِيّ وَابْن فورك والقرطبي، قَالَ: أصل وضع الشَّخْص فِي اللُّغَة لجرم الْإِنْسَان وجسمه، وَاسْتعْمل فِي كل شَيْء ظَاهر، يُقَال: شخص الشَّيْء إِذا ظهر، وَهَذَا الْمَعْنى محَال على الله.
انْتهى.
فَكَلَامه يدل على أَنه لَا يرضى بِإِطْلَاق هَذِه اللَّفْظَة على الله وَإِن كَانَ قد أوَّله، وَالْعجب من هَذَا الْقَائِل: إِنَّه أيد كَلَامه بِمَا قَالَه الْكرْمَانِي، مَعَ أَنه ينْسبهُ فِي مَوَاضِع إِلَى الْغَفْلَة وَإِلَى الْوَهم والغلط، وَمن أَيْن ثَبت لَهُ عدم مُرَاجعَة الْخطابِيّ إِلَى صَحِيح مُسلم وَغَيره؟ وَكَلَامه عَام فِي كل مَوضِع فِيهِ، والسهو وَالنِّسْيَان غير مرفوعين عَن كل أحد يقعان عَن الثِّقَات وَغَيرهم، وَفِي نِسْبَة الثِّقَات إِلَى قُصُور الْفَهم وَاقع هُوَ فِيهِ.



[ قــ :7020 ... غــ :7416 ]
- حدّثنا مُوسَى بنُ إسْماعِيلَ، حدّثنا أبُو عَوَانَةَ، حدّثنا عَبْدُ المَلِكِ عنْ ورَّادٍ كاتِبِ المُغِيرَةِ، عنِ المُغِيرَةِ قَالَ: قَالَ سَعْدُ بنُ عُبادَةَ: لَوْ رَأيْتُ رَجُلاً مَعَ امْرَأتي لَضَرَبْتُهُ بالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفَحٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رسولَ الله فَقَالَ: تَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْد وَالله لأَنا أغْيَرُ مِنْهُ، وَالله أغْيَرُ مِنِّي، ومِنْ أجْلِ غَيْرَةِ الله حرَّمَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْها وَمَا بَطَنَ، وَلَا أحَدٌ أحَبَّ إلَيْهِ العُذْرُ مِنَ الله، ومِنْ أجْلِ ذَلِكَ بَعَثَ المُبَشِّرِينَ والمُنْذَرِينَ، وَلَا أحَدَ أحَبُّ إلَيْهِ المِدْحَةُ مِنَ الله، ومِنْ أجْل ذالِكَ وعَدَ الله الجَنَّةَ
انْظُر الحَدِيث 6846
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ الْمَعْنى ظَاهِرَة، ومُوسَى بن إِسْمَاعِيل التَّبُوذَكِي؛ وَأَبُو عوَانَة بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وبالنون بعد الْألف الوضاح بن عبد الله الْيَشْكُرِي، وَعبد الْملك هُوَ ابْن عُمَيْر، وَقد مر الْآن، ووراد بِفَتْح الْوَاو وَتَشْديد الرَّاء كَاتب الْمُغيرَة بن شُعْبَة ومولاه، وَسعد بن عبَادَة بِضَم الْعين وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة سيد الْخَزْرَج.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ فِي كتاب النِّكَاح فِي: بابُُ الْغيرَة مُعَلّقا.
من قَوْله: قَالَ وراد ... إِلَى قَوْله: وَالله أغير مني، ثمَّ أخرجه مَوْصُولا فِي كتاب الْمُحَاربين فِي: بابُُ من رأى مَعَ امْرَأَته رجلا فَقتله، فَقَالَ: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل حَدثنَا أَبُو عوَانَة ... إِلَى قَوْله: وَالله أغير مني.

قَوْله: غير مصفح بِضَم الْمِيم وَسُكُون الصَّاد وَفتح الْفَاء وَكسرهَا أَي: غير ضَارب بعرضه بل بحده،.

     وَقَالَ  ابْن التِّين: بتَشْديد الْفَاء فِي سَائِر الْأُمَّهَات.
قَوْله: وَالله مجرور بواو الْقسم.
قَوْله: لأَنا مُبْتَدأ دخلت عَلَيْهِ لَام التَّأْكِيد الْمَفْتُوحَة.
وَقَوله: أغير مِنْهُ خَبره.
وَقَوله: وَالله مَرْفُوع بِالِابْتِدَاءِ و: أغير مني خَبره وَمعنى غيرَة الله الزّجر عَن الْفَوَاحِش وَالتَّحْرِيم لَهَا وَالْمَنْع مِنْهَا، وَقد بَين ذَلِك بقوله: وَمن أجل غيرَة الله حرم الْفَوَاحِش جمع فَاحِشَة وَهِي كل خصْلَة قبيحة من الْأَقْوَال وَالْأَفْعَال.
قَوْله: مَا ظهر مِنْهَا قَالَ مُجَاهِد: هُوَ نِكَاح الْأُمَّهَات فِي الْجَاهِلِيَّة وَمَا بطن الزِّنَى،.

     وَقَالَ  قَتَادَة: سرها وعلانيتها.
قَوْله: وَلَا أحد بِالرَّفْع لِأَنَّهُ اسْم: لَا، وَأحب بِالنّصب لِأَنَّهُ خَبره إِن جَعلتهَا حجازية، وترفعه على أَنه خبر إِن جَعلتهَا تميمية.
قَوْله: الْعذر مَرْفُوع لِأَنَّهُ فَاعل: أحب، قَالَ الْكرْمَانِي: المُرَاد بالعذر الْحجَّة لقَوْله تَعَالَى: { رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً} .

     وَقَالَ  صَاحب التَّوْضِيح الْعذر التَّوْبَة والإنابة.
قَوْله: المدحة مَرْفُوع لِأَنَّهُ فَاعل: أحب وَهُوَ بِكَسْر الْمِيم مَعَ هَاء التَّأْنِيث وَبِفَتْحِهَا مَعَ حذف الْهَاء، والمدح الثَّنَاء بِذكر أَوْصَاف الْكَمَال والإفضال.
قَوْله: وَمن أجل ذَلِك وعد الله الْجنَّة كَذَا فِيهِ بِحَذْف أحد المفعولين للْعلم، وَالْمرَاد بِهِ: من أطاعه، وَفِي رِوَايَة مُسلم، وعد الْجنَّة، بإضمار الْفَاعِل وَهُوَ الله،.

     وَقَالَ  ابْن بطال: إِرَادَته الْمَدْح من عباده طَاعَته وتنزيهه عَمَّا لَا يَلِيق بِهِ وَالثنَاء عَلَيْهِ ليجازيهم على ذَلِك.