هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
722 حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ ، وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانُوا يَفْتَتِحُونَ الصَّلاَةَ بِ { الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ }
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
722 حدثنا حفص بن عمر ، قال : حدثنا شعبة ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك : أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر ، وعمر رضي الله عنهما كانوا يفتتحون الصلاة ب { الحمد لله رب العالمين }
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ ، وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانُوا يَفْتَتِحُونَ الصَّلاَةَ بِ { الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ } .

Narrated Anas bin Malik:

The Prophet, Abu Bakr and `Umar used to start the prayer with Al hamdu li l-lahi Rabbi l-`alamin (All praise is but to Allah, Lord of the Worlds).

":"ہم سے حفص بن عمر نے بیان کیا ، انھوں نے کہا کہ ہم سے شعبہ نے قتادہ رضی اللہ عنہ کے واسطے سے بیان کیا ، انھوں نے حضرت انس رضی اللہ تعالیٰ عنہ سے کہنبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم اور ابوبکر اور عمر رضی اللہ عنہما نماز «الحمد لله رب العالمين‏» سے شروع کرتے تھے ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [743] .

     قَوْلُهُ  كَانُوا يَفْتَتِحُونَ الصَّلَاةَ أَيِ الْقِرَاءَةَ فِي الصَّلَاةِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ بن الْمُنْذِرِ وَالْجَوْزَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي عُمَرَ الدَّوْرِيِّ وَهُوَ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ فِيهِ بِلَفْظٍ كَانُوا يفتتحون الْقِرَاءَة بِالْحَمْد لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي جُزْءِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَرْزُوقٍ عَنْ شُعْبَةَ وَذَكَرَ أَنَّهَا أَبْيَنُ مِنْ رِوَايَة حَفْص بن عمر قَوْله بِالْحَمْد لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ بِضَمِّ الدَّالِ عَلَى الْحِكَايَةِ وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِذَلِكَ فَقِيلَ الْمَعْنَى كَانُوا يَفْتَتِحُونَ بِالْفَاتِحَةِ وَهَذَا قَوْلُ مَنْ أَثْبَتَ الْبَسْمَلَةَ فِي أَوَّلِهَا وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهَا إِنَّمَا تُسَمَّى الْحَمْدَ فَقَطْ وَأُجِيبَ بِمَنْعِ الْحَصْرِ وَمُسْتَنَدُهُ ثُبُوتُ تَسْمِيَتِهَا بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ وَهِيَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ أَخْرَجَهُ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ أَلَا أُعَلِّمُكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقِيلَ الْمَعْنَى كَانُوا يَفْتَتِحُونَ بِهَذَا اللَّفْظِ تَمَسُّكًا بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَهَذَا قَوْلُ مَنْ نَفَى قِرَاءَةَ الْبَسْمَلَةِ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِ كَانُوا يَفْتَتِحُونَ بِالْحَمْدِ أَنَّهُمْ لَمْ يقرؤا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ سِرًّا وَقَدْ أَطْلَقَ أَبُو هُرَيْرَةَ السُّكُوتَ عَلَى الْقِرَاءَةِ سِرًّا كَمَا فِي الْحَدِيثِ الثَّانِي مِنَ الْبَابِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الرُّوَاةُ عَنْ شُعْبَةَ فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ فَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْهُ بِلَفْظِ كَانُوا يَفْتَتِحُونَ الْقِرَاءَة بِالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَرَوَاهُ آخَرُونَ عَنْهُ بِلَفْظِ فَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْهُمْ يَقْرَأُ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْخَطِيبُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي عُمَرَ الدَّوْرِيِّ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ وَأخرجه بن خُزَيْمَةَ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ بِاللَّفْظَيْنِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ أَثْبَتِ أَصْحَابِ شُعْبَةَ وَلَا يُقَالُ هَذَا اضْطِرَابٌ مِنْ شُعْبَةَ لِأَنَّا نَقُولُ قَدْ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ قَتَادَةَ عَنْهُ بِاللَّفْظَيْنِ فَأخْرجهُ البُخَارِيّ فِي جُزْء الْقِرَاءَة وَالنَّسَائِيّ وبن مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ وَهَؤُلَاءِ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَوَانَةَ وَالْبُخَارِيُّ فِي جُزْءِ الْقِرَاءَةِ وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ وَالْبُخَارِيُّ فِيهِ وبن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ وَالْبُخَارِيُّ فِيهِ وَالسَّرَّاجُ مِنْ طَرِيقِ هَمَّامٍ كُلُّهُمْ عَنْ قَتَادَةَ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ وَأَخْرَجَهُمُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ قَتَادَةَ بِلَفْظِ لَمْ يَكُونُوا يَذْكُرُونَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَقَدْ قَدَحَ بَعْضُهُمْ فِي صِحَّتِهِ بِكَوْنِ الْأَوْزَاعِيِّ رَوَاهُ عَنْ قَتَادَةَ مُكَاتَبَةً وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْأَوْزَاعِيَّ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ فَقَدْ رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى عَنْ أَحْمَدَ الدَّوْرَقِيِّ وَالسَّرَّاجُ عَنْ يَعْقُوبَ الدَّوْرَقِيِّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السُّلَمِيِّ ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ عَنْ شُعْبَةَ بِلَفْظِ فَلَمْ يَكُونُوا يَفْتَتِحُونَ الْقِرَاءَةَ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَالَ شُعْبَةُ.

.

قُلْتُ لِقَتَادَةَ سَمِعْتُهُ مِنْ أَنَسٍ قَالَ نَحْنُ سَأَلْنَاهُ لَكِنَّ هَذَا النَّفْيَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُمُ الْبَسْمَلَةُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونُوا يَقْرَءُونَهَا سِرًّا وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ مَنْ رَوَاهُ عَنْهُ بِلَفْظِ فَلَمْ يَكُونُوا يَجْهَرُونَ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كَذَا رَوَاهُ سَعِيدُ بن أبي عرُوبَة عِنْد النَّسَائِيّ وبن حِبَّانَ وَهَمَّامٌ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ وَشَيْبَانُ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ وبن حِبَّانَ وَشُعْبَةُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْهُ عِنْدَ أَحْمَدَ أَرْبَعَتُهُمْ عَنْ قَتَادَةَ وَلَا يُقَالُ هَذَا اضْطِرَابٌ مِنْ قَتَادَةَ لِأَنَّا نَقُولُ قَدْ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ أَنَسٍ عَنْهُ كَذَلِكَ فَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي جُزْءِ الْقِرَاءَةِ وَالسَّرَّاجُ وَأَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ وَالسَّرَّاجُ مِنْ طَرِيقِ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ وَالْبُخَارِيُّ فِيهِ مِنْ طَرِيقِ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ كُلُّهُمْ عَنْ أَنَسٍ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَط من طَرِيق إِسْحَاق أَيْضا وبن خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ ثَابِتٍ أَيْضًا وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيق مَنْصُور بن زَاذَان وبن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي قِلَابَةَ والطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي نَعَامَةَ كُلُّهُمْ عَنْ أَنَسٍ بِاللَّفْظِ النَّافِي لِلْجَهْرِ فَطَرِيقُ الْجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ حَمَلُ نَفْيِ الْقِرَاءَةِ عَلَى نَفْيِ السَّمَاعِ وَنَفْيِ السَّمَاعِ عَلَى نَفْيِ الْجَهْرِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ لَفْظَ رِوَايَةِ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ فَلَمْ يُسْمِعْنَا قِرَاءَةَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَأَصْرَحُ مِنْ ذَلِكَ رِوَايَة الْحسن عَن أنس عِنْد بن خُزَيْمَةَ بِلَفْظِ كَانُوا يُسِرُّونَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَانْدَفَعَ بِهَذَا تَعْلِيلُ مَنْ أَعَلَّهُ بِالِاضْطِرَابِ كَابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ لِأَنَّ الْجَمْعَ إِذَا أَمْكَنَ تَعَيَّنَ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ.

.
وَأَمَّا مَنْ قَدَحَ فِي صِحَّتِهِ بِأَنَّ أَبَا سَلَمَةَ سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ سَأَلَ أَنَسًا عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ إِنَّكَ لَتَسْأَلُنِي عَنْ شَيْءٍ مَا أَحْفَظُهُ وَلَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَدٌ قَبْلَكَ وَدَعْوَى أَبِي شَامَةَ أَنَّ أَنَسًا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ سُؤَالَيْنِ فَسُؤَالُ أَبِي سَلَمَةَ هَلْ كَانَ الِافْتِتَاحُ بِالْبَسْمَلَةِ أَوِ الْحَمْدَلَةِ وَسُؤَالُ قَتَادَةَ هَلْ كَانَ يَبْدَأُ بِالْفَاتِحَةِ أَوْ غَيْرِهَا قَالَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ قَتَادَةَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ نَحْنُ سَأَلْنَاهُ انْتَهَى فَلَيْسَ بِجَيِّدٍ لِأَنَّ أَحْمَدَ رَوَى فِي مُسْنَدِهِ بِإِسْنَادِ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ سُؤَالَ قَتَادَةَ نَظِيرُ سُؤَالِ أَبِي سَلَمَةَ وَالَّذِي فِي مُسْلِمٍ إِنَّمَا قَالَهُ عَقِبَ رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ عَنْ شُعْبَةَ وَلَمْ يُبَيِّنْ مُسْلِمٌ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ وَقَدْ بَيَّنَهَا أَبُو يَعْلَى وَالسَّرَّاجُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي رِوَايَاتِهِمُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنْ أَبِي دَاوُدَ أَنَّ السُّؤَالَ كَانَ عَنِ افْتِتَاحِ الْقِرَاءَةِ بِالْبَسْمَلَةِ وَأَصْرَحُ مِنْ ذَلِك رِوَايَة بن الْمُنْذر من طَرِيقِ أَبِي جَابِرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسًا أَيَقْرَأُ الرَّجُلُ فِي الصَّلَاةِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَقَالَ صَلَّيْتُ وَرَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَلَمْ أَسْمَعَ أَحَدًا مِنْهُمْ يَقْرَأُ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَظَهَرَ اتِّحَادُ سُؤَالِ أَبِي سَلَمَةَ وَقَتَادَةَ وَغَايَتُهُ أَنَّ أَنَسًا أَجَابَ قَتَادَةَ بِالْحُكْمِ دُونَ أَبِي سَلَمَةَ فَلَعَلَّهُ تَذَكَّرَهُ لَمَّا سَأَلَهُ قَتَادَةُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَدٌ قَبْلَكَ أَوْ قَالَهُ لَهُمَا مَعًا فَحَفِظَهُ قَتَادَةُ دُونَ أَبِي سَلَمَةَ فَإِنَّ قَتَادَةَ أَحْفَظُ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ بِلَا نِزَاعٍ وَإِذَا انْتَهَى الْبَحْثُ إِلَى أَنَّ مُحَصَّلَ حَدِيثِ أَنَسٍ نَفْيُ الْجَهْرِ بِالْبَسْمَلَةِ عَلَى مَا ظَهَرَ مِنْ طَرِيقِ الْجَمْعِ بَيْنَ مُخْتَلَفِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ فَمَتَى وُجِدَتْ رِوَايَةٌ فِيهَا إِثْبَات الْجَهْر قدمت على نَفْيه لَا لِمُجَرَّدِ تَقْدِيمِ رِوَايَةِ الْمُثْبِتِ عَلَى النَّافِي لِأَنَّ أَنَسًا يَبْعُدُ جِدًّا أَنْ يَصْحَبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُدَّةَ عَشْرِ سِنِينَ ثُمَّ يَصْحَبُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً فَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُمُ الْجَهْرَ بِهَا فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ بَلْ لِكَوْنِ أَنَسٍ اعْتَرَفَ بِأَنَّهُ لَا يَحْفَظُ هَذَا الْحُكْمَ كَأَنَّهُ لِبُعْدِ عَهْدِهِ بِهِ ثُمَّ تَذَكَّرَ مِنْهُ الْجَزْمَ بِالِافْتِتَاحِ بِالْحَمْدُ جَهْرًا وَلَمْ يَسْتَحْضِرِ الْجَهْرَ بِالْبَسْمَلَةِ فَيَتَعَيَّنُالْأَخْذُ بِحَدِيثِ مَنْ أَثْبَتَ الْجَهْرَ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي بَابِ جَهْرِ الْمَأْمُومِ بِالتَّأْمِينِ إِن شَاءَ الله قَرِيبا وَترْجم لَهُ بن خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ إِبَاحَةُ الْإِسْرَارِ بِالْبَسْمَلَةِ فِي الْجَهْرِيَّةِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي إِبَاحَتِهِ بَلْ فِي اسْتِحْبَابِهِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى تَرْكِ دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي بَعْدَهُ يَرُدُّ عَلَيْهِ وَكَأَنَّ هَذَا هُوَ السِّرُّ فِي إِيرَادِهِ وَقَدْ تَحَرَّرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِحَدِيثِ أَنَسٍ بَيَانُ مَا يَفْتَتِحُ بِهِ الْقِرَاءَةَ فَلَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِنَفْيِ دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ تَنْبِيهٌ وَقَعَ ذِكْرُ عُثْمَانَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ فِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ مَرْزُوقٍ عَنْ شُعْبَةَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي جُزْءِ الْقِرَاءَةِ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ شُعْبَةَ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ وَهُوَ فِي رِوَايَةِ شَيْبَانَ وَهِشَامٍ والْأَوْزَاعِيِّ وَقَدْ أَشَرْنَا إِلَى رِوَايَتِهِمْ فِيمَا تَقَدَّمَ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  قَوْله بَاب مَا يَقُول بعد التَّكْبِير ف)
ي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي بَابُ مَا يَقْرَأُ بَدَلَ مَا يَقُولُ وَعَلَيْهَا اقْتَصَرَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَاسْتَشْكَلَ إِيرَادَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ إِذْ لَا ذِكْرَ لِلْقِرَاءَةِ فِيهِ.

     وَقَالَ  الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ ضَمَّنَ قَوْلَهُ مَا يَقْرَأُ مَا يَقُولُ مِنَ الدُّعَاءِ قَوْلًا مُتَّصِلًا بِالْقِرَاءَةِ أَوْ لَمَّا كَانَ الدُّعَاءُ وَالْقِرَاءَةُ يُقْصَدُ بِهِمَا التَّقَرُّبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى اسْتَغْنَى بِذِكْرِ أَحَدِهِمَا عَنِ الْآخَرِ كَمَا جَاءَ عَلَفْتُهَا تِبْنًا وَمَاء بَارِدًا.

     وَقَالَ  بن رَشِيدٍ دُعَاءُ الِافْتِتَاحِ يَتَضَمَّنُ مُنَاجَاةَ الرَّبِّ وَالْإِقْبَالَ عَلَيْهِ بِالسُّؤَالِ وَقِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ تَتَضَمَّنُ هَذَا الْمَعْنَى فَظَهَرَتِ الْمُنَاسَبَةُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ

[ قــ :722 ... غــ :743] .

     قَوْلُهُ  كَانُوا يَفْتَتِحُونَ الصَّلَاةَ أَيِ الْقِرَاءَةَ فِي الصَّلَاةِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ بن الْمُنْذِرِ وَالْجَوْزَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي عُمَرَ الدَّوْرِيِّ وَهُوَ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ فِيهِ بِلَفْظٍ كَانُوا يفتتحون الْقِرَاءَة بِالْحَمْد لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي جُزْءِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَرْزُوقٍ عَنْ شُعْبَةَ وَذَكَرَ أَنَّهَا أَبْيَنُ مِنْ رِوَايَة حَفْص بن عمر قَوْله بِالْحَمْد لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ بِضَمِّ الدَّالِ عَلَى الْحِكَايَةِ وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِذَلِكَ فَقِيلَ الْمَعْنَى كَانُوا يَفْتَتِحُونَ بِالْفَاتِحَةِ وَهَذَا قَوْلُ مَنْ أَثْبَتَ الْبَسْمَلَةَ فِي أَوَّلِهَا وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهَا إِنَّمَا تُسَمَّى الْحَمْدَ فَقَطْ وَأُجِيبَ بِمَنْعِ الْحَصْرِ وَمُسْتَنَدُهُ ثُبُوتُ تَسْمِيَتِهَا بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ وَهِيَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ أَخْرَجَهُ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ أَلَا أُعَلِّمُكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقِيلَ الْمَعْنَى كَانُوا يَفْتَتِحُونَ بِهَذَا اللَّفْظِ تَمَسُّكًا بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَهَذَا قَوْلُ مَنْ نَفَى قِرَاءَةَ الْبَسْمَلَةِ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِ كَانُوا يَفْتَتِحُونَ بِالْحَمْدِ أَنَّهُمْ لَمْ يقرؤا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ سِرًّا وَقَدْ أَطْلَقَ أَبُو هُرَيْرَةَ السُّكُوتَ عَلَى الْقِرَاءَةِ سِرًّا كَمَا فِي الْحَدِيثِ الثَّانِي مِنَ الْبَابِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الرُّوَاةُ عَنْ شُعْبَةَ فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ فَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْهُ بِلَفْظِ كَانُوا يَفْتَتِحُونَ الْقِرَاءَة بِالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَرَوَاهُ آخَرُونَ عَنْهُ بِلَفْظِ فَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْهُمْ يَقْرَأُ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْخَطِيبُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي عُمَرَ الدَّوْرِيِّ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ وَأخرجه بن خُزَيْمَةَ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ بِاللَّفْظَيْنِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ أَثْبَتِ أَصْحَابِ شُعْبَةَ وَلَا يُقَالُ هَذَا اضْطِرَابٌ مِنْ شُعْبَةَ لِأَنَّا نَقُولُ قَدْ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ قَتَادَةَ عَنْهُ بِاللَّفْظَيْنِ فَأخْرجهُ البُخَارِيّ فِي جُزْء الْقِرَاءَة وَالنَّسَائِيّ وبن مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ وَهَؤُلَاءِ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَوَانَةَ وَالْبُخَارِيُّ فِي جُزْءِ الْقِرَاءَةِ وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ وَالْبُخَارِيُّ فِيهِ وبن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ وَالْبُخَارِيُّ فِيهِ وَالسَّرَّاجُ مِنْ طَرِيقِ هَمَّامٍ كُلُّهُمْ عَنْ قَتَادَةَ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ قَتَادَةَ بِلَفْظِ لَمْ يَكُونُوا يَذْكُرُونَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَقَدْ قَدَحَ بَعْضُهُمْ فِي صِحَّتِهِ بِكَوْنِ الْأَوْزَاعِيِّ رَوَاهُ عَنْ قَتَادَةَ مُكَاتَبَةً وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْأَوْزَاعِيَّ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ فَقَدْ رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى عَنْ أَحْمَدَ الدَّوْرَقِيِّ وَالسَّرَّاجُ عَنْ يَعْقُوبَ الدَّوْرَقِيِّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السُّلَمِيِّ ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ عَنْ شُعْبَةَ بِلَفْظِ فَلَمْ يَكُونُوا يَفْتَتِحُونَ الْقِرَاءَةَ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَالَ شُعْبَةُ.

.

قُلْتُ لِقَتَادَةَ سَمِعْتُهُ مِنْ أَنَسٍ قَالَ نَحْنُ سَأَلْنَاهُ لَكِنَّ هَذَا النَّفْيَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُمُ الْبَسْمَلَةُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونُوا يَقْرَءُونَهَا سِرًّا وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ مَنْ رَوَاهُ عَنْهُ بِلَفْظِ فَلَمْ يَكُونُوا يَجْهَرُونَ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كَذَا رَوَاهُ سَعِيدُ بن أبي عرُوبَة عِنْد النَّسَائِيّ وبن حِبَّانَ وَهَمَّامٌ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ وَشَيْبَانُ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ وبن حِبَّانَ وَشُعْبَةُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْهُ عِنْدَ أَحْمَدَ أَرْبَعَتُهُمْ عَنْ قَتَادَةَ وَلَا يُقَالُ هَذَا اضْطِرَابٌ مِنْ قَتَادَةَ لِأَنَّا نَقُولُ قَدْ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ أَنَسٍ عَنْهُ كَذَلِكَ فَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي جُزْءِ الْقِرَاءَةِ وَالسَّرَّاجُ وَأَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ وَالسَّرَّاجُ مِنْ طَرِيقِ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ وَالْبُخَارِيُّ فِيهِ مِنْ طَرِيقِ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ كُلُّهُمْ عَنْ أَنَسٍ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَط من طَرِيق إِسْحَاق أَيْضا وبن خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ ثَابِتٍ أَيْضًا وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيق مَنْصُور بن زَاذَان وبن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي قِلَابَةَ والطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي نَعَامَةَ كُلُّهُمْ عَنْ أَنَسٍ بِاللَّفْظِ النَّافِي لِلْجَهْرِ فَطَرِيقُ الْجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ حَمَلُ نَفْيِ الْقِرَاءَةِ عَلَى نَفْيِ السَّمَاعِ وَنَفْيِ السَّمَاعِ عَلَى نَفْيِ الْجَهْرِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ لَفْظَ رِوَايَةِ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ فَلَمْ يُسْمِعْنَا قِرَاءَةَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَأَصْرَحُ مِنْ ذَلِكَ رِوَايَة الْحسن عَن أنس عِنْد بن خُزَيْمَةَ بِلَفْظِ كَانُوا يُسِرُّونَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَانْدَفَعَ بِهَذَا تَعْلِيلُ مَنْ أَعَلَّهُ بِالِاضْطِرَابِ كَابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ لِأَنَّ الْجَمْعَ إِذَا أَمْكَنَ تَعَيَّنَ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ.

.
وَأَمَّا مَنْ قَدَحَ فِي صِحَّتِهِ بِأَنَّ أَبَا سَلَمَةَ سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ سَأَلَ أَنَسًا عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ إِنَّكَ لَتَسْأَلُنِي عَنْ شَيْءٍ مَا أَحْفَظُهُ وَلَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَدٌ قَبْلَكَ وَدَعْوَى أَبِي شَامَةَ أَنَّ أَنَسًا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ سُؤَالَيْنِ فَسُؤَالُ أَبِي سَلَمَةَ هَلْ كَانَ الِافْتِتَاحُ بِالْبَسْمَلَةِ أَوِ الْحَمْدَلَةِ وَسُؤَالُ قَتَادَةَ هَلْ كَانَ يَبْدَأُ بِالْفَاتِحَةِ أَوْ غَيْرِهَا قَالَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ قَتَادَةَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ نَحْنُ سَأَلْنَاهُ انْتَهَى فَلَيْسَ بِجَيِّدٍ لِأَنَّ أَحْمَدَ رَوَى فِي مُسْنَدِهِ بِإِسْنَادِ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ سُؤَالَ قَتَادَةَ نَظِيرُ سُؤَالِ أَبِي سَلَمَةَ وَالَّذِي فِي مُسْلِمٍ إِنَّمَا قَالَهُ عَقِبَ رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ عَنْ شُعْبَةَ وَلَمْ يُبَيِّنْ مُسْلِمٌ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ وَقَدْ بَيَّنَهَا أَبُو يَعْلَى وَالسَّرَّاجُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي رِوَايَاتِهِمُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنْ أَبِي دَاوُدَ أَنَّ السُّؤَالَ كَانَ عَنِ افْتِتَاحِ الْقِرَاءَةِ بِالْبَسْمَلَةِ وَأَصْرَحُ مِنْ ذَلِك رِوَايَة بن الْمُنْذر من طَرِيقِ أَبِي جَابِرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسًا أَيَقْرَأُ الرَّجُلُ فِي الصَّلَاةِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَقَالَ صَلَّيْتُ وَرَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَلَمْ أَسْمَعَ أَحَدًا مِنْهُمْ يَقْرَأُ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَظَهَرَ اتِّحَادُ سُؤَالِ أَبِي سَلَمَةَ وَقَتَادَةَ وَغَايَتُهُ أَنَّ أَنَسًا أَجَابَ قَتَادَةَ بِالْحُكْمِ دُونَ أَبِي سَلَمَةَ فَلَعَلَّهُ تَذَكَّرَهُ لَمَّا سَأَلَهُ قَتَادَةُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَدٌ قَبْلَكَ أَوْ قَالَهُ لَهُمَا مَعًا فَحَفِظَهُ قَتَادَةُ دُونَ أَبِي سَلَمَةَ فَإِنَّ قَتَادَةَ أَحْفَظُ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ بِلَا نِزَاعٍ وَإِذَا انْتَهَى الْبَحْثُ إِلَى أَنَّ مُحَصَّلَ حَدِيثِ أَنَسٍ نَفْيُ الْجَهْرِ بِالْبَسْمَلَةِ عَلَى مَا ظَهَرَ مِنْ طَرِيقِ الْجَمْعِ بَيْنَ مُخْتَلَفِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ فَمَتَى وُجِدَتْ رِوَايَةٌ فِيهَا إِثْبَات الْجَهْر قدمت على نَفْيه لَا لِمُجَرَّدِ تَقْدِيمِ رِوَايَةِ الْمُثْبِتِ عَلَى النَّافِي لِأَنَّ أَنَسًا يَبْعُدُ جِدًّا أَنْ يَصْحَبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُدَّةَ عَشْرِ سِنِينَ ثُمَّ يَصْحَبُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً فَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُمُ الْجَهْرَ بِهَا فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ بَلْ لِكَوْنِ أَنَسٍ اعْتَرَفَ بِأَنَّهُ لَا يَحْفَظُ هَذَا الْحُكْمَ كَأَنَّهُ لِبُعْدِ عَهْدِهِ بِهِ ثُمَّ تَذَكَّرَ مِنْهُ الْجَزْمَ بِالِافْتِتَاحِ بِالْحَمْدُ جَهْرًا وَلَمْ يَسْتَحْضِرِ الْجَهْرَ بِالْبَسْمَلَةِ فَيَتَعَيَّنُ الْأَخْذُ بِحَدِيثِ مَنْ أَثْبَتَ الْجَهْرَ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي بَابِ جَهْرِ الْمَأْمُومِ بِالتَّأْمِينِ إِن شَاءَ الله قَرِيبا وَترْجم لَهُ بن خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ إِبَاحَةُ الْإِسْرَارِ بِالْبَسْمَلَةِ فِي الْجَهْرِيَّةِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي إِبَاحَتِهِ بَلْ فِي اسْتِحْبَابِهِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى تَرْكِ دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي بَعْدَهُ يَرُدُّ عَلَيْهِ وَكَأَنَّ هَذَا هُوَ السِّرُّ فِي إِيرَادِهِ وَقَدْ تَحَرَّرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِحَدِيثِ أَنَسٍ بَيَانُ مَا يَفْتَتِحُ بِهِ الْقِرَاءَةَ فَلَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِنَفْيِ دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ تَنْبِيهٌ وَقَعَ ذِكْرُ عُثْمَانَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ فِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ مَرْزُوقٍ عَنْ شُعْبَةَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي جُزْءِ الْقِرَاءَةِ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ شُعْبَةَ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ وَهُوَ فِي رِوَايَةِ شَيْبَانَ وَهِشَامٍ والْأَوْزَاعِيِّ وَقَدْ أَشَرْنَا إِلَى رِوَايَتِهِمْ فِيمَا تَقَدَّمَ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  بَاب
مَا يَقُولُ بَعْدَ التَّكْبِيرِ
[ قــ :722 ... غــ :743 ]
- حَدَّثَنَا حفص بْن عُمَر: نا شعبة، عَن قتادة، عَن أَنَس بْن مَالِك، أن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبا بَكْر وعمر كانوا يفتتحون الصلاة بـ { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} .

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب مَا يَقُولُ بَعْدَ التَّكْبِيرِ
( باب ما يقول) وللمستملي وابن عساكر؛ ما يقرأ ( بعد التكبير) .


[ قــ :722 ... غــ : 743 ]
- حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ -رضي الله عنهما- كَانُوا يَفْتَتِحُونَ الصَّلاَةَ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ".


وبالسند قال: ( حدّثنا حفص بن عمر) بن الحرث الحوضي ( قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن قتادة) بن دعامة ( عن أنس) وللأصيلي: عن أنس بن مالك ( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وأبا بكر، وعمر) رضي الله عنهما ( كانوا يفتتحون الصلاة) أي قراءتها، فلا دلالة فيه على دعاء الافتتاح ( بالحمد لله ربّ العالمين) بضم الدال على الحكاية، لا يقال: إنه صريح في الدلالة على ترك البسملة أولها، لأن المراد الافتتاح بالفاتحة، فلا تعرض لكون البسملة منها أو لا.

ولمسلم لم يكونوا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم، وهو محمول على نفي سماعها، فيحتمل إسرارهم بها.
ويؤيده رواية النسائي وابن حبّان: فلم يكونوا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم.

فنفي القراءة محمول على نفي السماع، ونفي السماع على نفي الجهر، ويؤيده رواية ابن خزيمة: كانوا يسرون ببسم الله الرحمن الرحيم.

وقد قامت الأدلة والبراهين للشافعي على إثباتها، ومن ذلك، حديث أم سلمة المروي في البيهقي وصحيح ابن خزيمة، أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قرأ بسم الله الرحمن الرحيم في أول الفاتحة في الصلاة، وعدّها آية.

وفي سنن البيهقي عن علي وأبي هريرة وابن عباس وغيرهم أن الفاتحة هي السبع المثاني، وهي سبع آيات، وأن البسملة هي السابعة.

عن أبي هريرة مرفوعًا: إذا قرأتم الحمد لله فاقرؤوا بسم الله الرحمن الرحيم، إنها أُم القرآن وأُم الكتاب والسبع المثاني، وبسم الله الرحمن الرحيم إحدى آياتها.
قال الدارقطني: رجال إسناده كلهم ثقات.

وأحاديث الجهر بها كثيرة عن جماعة من الصحابة، نحو العشرين صحابيًّا كأبي بكر الصديق، وعلي بن أبي طالب، وابن عباس، وأبي هريرة، وأُم سلمة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ مَا يَقُولُ بَعْدَ التَّكْبِيرِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان مَا يقْرَأ الْمُصَلِّي بعد أَن يكبر للشروع.
وَقَوله: ( مَا يقْرَأ) هُوَ فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي، وَفِي رِوَايَة غَيره: بابُُ مَا يَقُول بعد التَّكْبِير.


[ قــ :722 ... غــ :743 ]
- ( حَدثنَا حَفْص بن عمر قَالَ حَدثنَا شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَبا بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا كَانُوا يفتتحون الصَّلَاة بِالْحَمْد لله رب الْعَالمين) مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَرِجَاله ذكرُوا غير مرّة.
وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن أبي مُوسَى وَبُنْدَار وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن أبي سعيد الْأَشَج وَحميد الطَّوِيل وَمُحَمّد بن نوح قَوْله " يفتتحون الصَّلَاة بِالْحَمْد لله رب الْعَالمين " أَي بِهَذَا اللَّفْظ وَهَذَا ظَاهر فِي عدم الْجَهْر بالبسملة وتأويله على إِرَادَة اسْم السُّورَة يتَوَقَّف على أَن السُّورَة كَانَت تسمى عِنْدهم بِهَذِهِ الْجُمْلَة فَلَا يعدل عَن حَقِيقَة اللَّفْظ وَظَاهره إِلَى مجازه إِلَّا بِدَلِيل.

     وَقَالَ  بَعضهم لَا يلْزم من قَوْله " كَانُوا يفتتحون " أَنهم لم يقرؤا الْبَسْمَلَة سرا ( قلت) لَا نزاع فِيهِ وَإِنَّمَا النزاع فِي جهر الْبَسْمَلَة لعدم كَونهَا آيَة من الْفَاتِحَة قَوْله " بِالْحَمْد لله " بِضَم الدَّال على سَبِيل الْحِكَايَة الْكَلَام فِي هَذَا الْبابُُ على أنوع الأول أَنَّهَا هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ عَن أنس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ جمَاعَة مِنْهُم قَتَادَة وَإِسْحَق بن عبد الله وَمَنْصُور بن زَاذَان وَأَيوب على اخْتِلَاف فِيهِ وَأَبُو نعَامَة قيس بن عَبَايَة الْحَنَفِيّ وعائذ بن شُرَيْح بِخِلَاف وَالْحسن وثابت الْبنانِيّ وَحميد الطَّوِيل وَمُحَمّد بن نوح أما حَدِيث قَتَادَة عَن أنس فَأخْرجهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ كَمَا ذكرنَا الْآن وَأما حَدِيث إِسْحَق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة عَن أنس فَأخْرجهُ البُخَارِيّ وَمُسلم عَن مُحَمَّد بن مهْرَان عَن الْوَلِيد بن مُسلم عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن إِسْحَق بن عبد الله عَن أنس " صليت خلف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأبي بكر وَعمر فَلم أسمع أحدا مِنْهُم يجْهر بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم " وَأما حَدِيث مَنْصُور فَأخْرجهُ النَّسَائِيّ.

     وَقَالَ  " فَلم يسمعنا قرَاءَتهَا " وَأما حَدِيث أَيُّوب فَأخْرجهُ الشَّافِعِي وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه فَقَالَ النَّسَائِيّ أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن قَالَ حَدثنَا سُفْيَان عَن أَيُّوب عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ " صليت مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَمَعَ أبي بكر وَمَعَ عمر فافتتحوا بِالْحَمْد ".

     وَقَالَ  الدَّارَقُطْنِيّ اخْتلف فِيهِ عَن أَيُّوب فَقيل عَن قَتَادَة عَن أنس وَقيل عَن أبي قلَابَة عَن أنس وَقيل عَن أَيُّوب عَن أنس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَأما حَدِيث أبي نعَامَة فَأخْرجهُ الْبَيْهَقِيّ بِلَفْظ " لَا يقرؤن " يَعْنِي لَا يجهرون بهَا وَفِي لفظ " لَا يقرؤن " فَقَط وَأما حَدِيث عَائِذ بن شرح فَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ اخْتلف عَنهُ فَقيل عَنهُ عَن أنس وَقيل عَنهُ عَن ثُمَامَة عَن أنس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَأما حَدِيث الْحسن عَن أنس فَأخْرجهُ الطَّبَرَانِيّ بِلَفْظ " كَانَ يسر بهَا " وَأما حَدِيث ثَابت فَذكره الْبَيْهَقِيّ والطَّحَاوِي من حَدِيث شُعْبَة عَن ثَابت عَن أنس قَالَ " لم يكن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلَا أَبُو بكر وَلَا عمر يجهرون بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم " وَأما حَدِيث حميد عَن أنس فَأخْرجهُ الطَّحَاوِيّ أَيْضا عَن يُونُس بن عبد الْأَعْلَى عَن ابْن وهب عَن مَالك عَن حميد الطَّوِيل عَن أنس أَنه قَالَ " قُمْت وَرَاء أبي بكر وَعمر وَعُثْمَان فكلهم لَا يقرؤن بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم إِذْ افْتتح الصَّلَاة ".

     وَقَالَ  الطَّحَاوِيّ حَدثنَا فَهد قَالَ حَدثنَا أَبُو غَسَّان قَالَ حَدثنَا زُهَيْر عَن حميد عَن أنس أَن أَبَا بكر وَعمر ويروى حميد أَنه قد ذكر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثمَّ ذكر نَحوه وَأما حَدِيث مُحَمَّد بن نوح عَن أنس فَأخْرجهُ الطَّحَاوِيّ أَيْضا عَن إِبْرَاهِيم بن منقذ عَن عبد الله بن وهب عَن أبي لَهِيعَة عَن يزِيد بن أبي حبيب أَن مُحَمَّد بن نوح أَخا بني سعد بن بكر حَدثهُ عَن أنس بن مَالك قَالَ سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَبا بكر وَعمر يستفتحون الْقِرَاءَة بِالْحَمْد لله رب الْعَالمين " وروى عَن قَتَادَة جمَاعَة شُعْبَة وَهِشَام وَأَبُو عوَانَة وَأَيوب وَسَعِيد بن أبي عرُوبَة وَالْأَوْزَاعِيّ وشيبان.
فرواية شُعْبَة عَن قَتَادَة أخرجهَا البُخَارِيّ وَمُسلم وَرِوَايَة هِشَام عَنهُ أخرجهَا أَبُو دَاوُد حَدثنَا مُسلم بن إِبْرَاهِيم حَدثنَا هِشَام عَن قَتَادَة عَن أنس أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَبا بكر وَعمر وَعُثْمَان كَانُوا يفتتحون الْقِرَاءَة بِالْحَمْد لله رب الْعَالمين " وَرِوَايَة أبي عوَانَة عَن قَتَادَة أخرجهَا التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه فَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَدثنَا قُتَيْبَة قَالَ حَدثنَا أَبُو عوَانَة عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم يفتتحون الْقِرَاءَة بِالْحَمْد لله رب الْعَالمين ".

     وَقَالَ  حَدِيث حسن صَحِيح.

     وَقَالَ  النَّسَائِيّ أخبرنَا قُتَيْبَة بن سعيد قَالَ حَدثنَا أَبُو عوَانَة عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَبُو بكر وَعمر يفتتحون الْقِرَاءَة بِالْحَمْد لله رب الْعَالمين ".

     وَقَالَ  ابْن مَاجَه حَدثنَا جبارَة بن الْمُفلس حَدثنَا أَبُو عوَانَة عَن قَتَادَة عَن أنس بن مَالك قَالَ فَذكره نَحْو رِوَايَة النَّسَائِيّ وَرِوَايَة أَيُّوب عَن قَتَادَة أخرجهَا النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَقد ذَكرنَاهَا الْآن وَرِوَايَة سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة أخرجهَا النَّسَائِيّ أخبرنَا عبد الله بن سعيد الْأَشَج أَبُو سعيد قَالَ حَدثنِي عقبَة قَالَ حَدثنَا شُعْبَة وَابْن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ " صليت خلف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأبي بكر وَعمر وَعُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم فَلم أسمع أحدا مِنْهُم يجْهر بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم " وَرِوَايَة الْأَوْزَاعِيّ عَن قَتَادَة أخرجهَا مُسلم وَلَفظه " أَن قَتَادَة كتب إِلَيْهِ يُخبرهُ عَن أنس أَنه حَدثهُ قَالَ صليت خلف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأبي بكر وَعمر وَعُثْمَان فَكَانُوا يستفتحون بِالْحَمْد لله رب الْعَالمين لَا يذكرُونَ بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فِي أول قِرَاءَة وَلَا فِي آخرهَا وَلَيْسَ للأوزاعي عَن قَتَادَة عَن أنس فِي الصَّحِيح غير هَذَا وَرِوَايَة شَيبَان عَن قَتَادَة أخرجهَا الطَّحَاوِيّ عَن ابْن أبي عمرَان وَعلي بن عبد الرَّحْمَن كِلَاهُمَا عَن عَليّ بن الْجَعْد قَالَ أخبرنَا شَيبَان عَن قَتَادَة قَالَ " سَمِعت أنسا يَقُول صليت خلف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأبي بكر وَعمر وَعُثْمَان فَلم أسمع أحدا مِنْهُم يجْهر بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم " وروى هَذَا الحَدِيث عَن شُعْبَة أَيْضا جمَاعَة مِنْهُم حَفْص بن عمر كَمَا سبق عَن البُخَارِيّ وَمِنْهُم غنْدر فِي مُسلم وَلَفظه " صليت مَعَ أبي بكر وَعمر وَعُثْمَان فَلم أسمع أحدا مِنْهُم يقْرَأ بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم " وَمِنْهُم الْأَعْمَش أخرجهَا الطَّحَاوِيّ حَدثنَا أَبُو أُميَّة قَالَ حَدثنَا الْأَحْوَص بن جَوَاب قَالَ حَدثنَا عمار بن زُرَيْق عَن الْأَعْمَش عَن شُعْبَة عَن ثَابت عَن أنس قَالَ " لم يكن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلَا أَبُو بكر وَلَا عمر يجهرون بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم " وَمِنْهُم عبد الرَّحْمَن بن زِيَاد أخرجهَا الطَّحَاوِيّ أَيْضا عَن سُلَيْمَان بن شُعَيْب الكيساني عَن عبد الرَّحْمَن بن زِيَاد قَالَ حَدثنَا شُعْبَة عَن قَتَادَة قَالَ سَمِعت أنس بن مَالك رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يَقُول " صليت خلف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأبي بكر وَعمر وَعُثْمَان فَلم أسمع أحدا مِنْهُم يجْهر بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم " النَّوْع الثَّانِي فِي اخْتِلَاف أَلْفَاظ هَذَا الحَدِيث فَلفظ البُخَارِيّ مَا مر وَلَفظ مُسلم " فَكَانُوا يستفتحون الْقِرَاءَة بِالْحَمْد لله رب الْعَالمين لَا يذكرُونَ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فِي أول قِرَاءَة وَلَا فِي آخرهَا " وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ وَأحمد وَابْن حبَان وَالدَّارَقُطْنِيّ وَقَالُوا فِيهِ " فَكَانُوا لَا يجهرون بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم " وَزَاد ابْن حبَان " ويجهرون بِالْحَمْد لله رب الْعَالمين " وَفِي لفظ للنسائي وَابْن حبَان أَيْضا " فَلم أسمع أحدا مِنْهُم يجْهر بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم " وَفِي لفظ أبي يعلى فِي مُسْنده " فَكَانُوا يفتتحون الْقِرَاءَة فِيمَا يجْهر بِهِ بِالْحَمْد لله رب الْعَالمين " وَفِي لفظ للطبراني فِي مُعْجَمه وَأبي نعيم فِي الْحِلْية وَابْن خُزَيْمَة فِي مُخْتَصر الْمُخْتَصر " فَكَانُوا يسرون بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم " وَرِجَال هَؤُلَاءِ الرِّوَايَات كلهم ثِقَات مخرج لَهُم فِي الصَّحِيح وروى التِّرْمِذِيّ حَدثنَا أَحْمد بن منيع قَالَ حَدثنَا سعيد الجزيري عَن قيس بن عَبَايَة " عَن عبد الله بن مُغفل قَالَ سمعني أبي وَأَنا فِي الصَّلَاة أَقُول بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فَقَالَ أَي بني مُحدث إياك وَالْحَدَث قَالَ وَلم أر أحدا من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ أبْغض إِلَيْهِ الْحَدث فِي الْإِسْلَام يَعْنِي مِنْهُ قَالَ وَقد صليت مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَمَعَ أبي بكر وَمَعَ عمر وَمَعَ عُثْمَان فَلم أسمع أحدا مِنْهُم يَقُولهَا فَلَا تقلها إِذا أَنْت صليت فَقل الْحَمد لله رب الْعَالمين " قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن وَالْعَمَل عَلَيْهِ عِنْد أَكثر أهل الْعلم من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِنْهُم أَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي وَغَيرهم من بعدهمْ من التَّابِعين وَأخرجه النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه أَيْضا وَلِحَدِيث أنس طرق أُخْرَى دون مَا أخرجه أَصْحَاب الصِّحَاح فِي الصِّحَّة وكل أَلْفَاظه ترجع إِلَى معنى وَاحِد يصدق بَعْضهَا بَعْضًا وَهِي سَبْعَة أَلْفَاظ.
فَالْأول كَانُوا لَا يستفتحون الْقِرَاءَة بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم.
وَالثَّانِي فَلم أسمع أحدا مِنْهُم يَقُول أَو يقْرَأ بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم.
وَالثَّالِث فَلم يَكُونُوا يقرؤن بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم.
وَالرَّابِع فَلم أسمع أحدا مِنْهُم يجْهر بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم.
وَالْخَامِس فَكَانُوا لَا يجهرون بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم.
وَالسَّادِس فَكَانُوا يسرون بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم.
وَالسَّابِع فَكَانُوا يستفتحون الْقِرَاءَة بِالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَهَذَا اللَّفْظ الَّذِي صَححهُ الْخَطِيب وَضعف مَا سواهُ لرِوَايَة الْحفاظ لَهُ عَن قَتَادَة ولمتابعة غير قَتَادَة لَهُ عَن أنس فِيهِ وَجعل اللَّفْظ الْمُحكم عَن أنس وَجعل غَيره متشابها وَحمل على الِافْتِتَاح بالسورة لَا بِالْآيَةِ وَهُوَ غير مُخَالف للألفاظ الْبَاقِيَة بِوَجْه فَكيف يَجْعَل مناقضا لَهَا فَإِن حَقِيقَة هَذَا اللَّفْظ الِافْتِتَاح بِالْآيَةِ من غير ذكر التَّسْمِيَة جَهرا أَو سرا فَكيف يجوز الْعُدُول عَنهُ بِغَيْر مُوجب وَيُؤَيِّدهُ قَوْله فِي رِوَايَة مُسلم " لَا يذكرُونَ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم " فِي أول قِرَاءَة وَلَا فِي آخرهَا ( فَإِن قلت) قَالَ النَّوَوِيّ فِي الْخُلَاصَة وَقد ضعف الْحفاظ حَدِيث عبد الله بن مُغفل الَّذِي أخرجه التِّرْمِذِيّ وأنكروا على التِّرْمِذِيّ تحسينه كَابْن خُزَيْمَة وَابْن عبد الْبر والخطيب قَالُوا أَن مَدَاره على ابْن عبد الله بن مُغفل وَهُوَ مَجْهُول ( قلت) وَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده من حَدِيث أبي نعَامَة عَن ابْن عبد الله بن مُغفل قَالَ " كَانَ أَبونَا إِذا سمع أحدا منا يَقُول بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم يَقُول أَي بني صليت مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأبي بكر وَعمر وَعُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم فَلم أسمع أحدا مِنْهُم يَقُول بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم " وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه عَن عبد الله بن بُرَيْدَة عَن ابْن عبد الله بن مُغفل عَن أَبِيه مثله ثمَّ أخرجه عَن أبي سُفْيَان طريف بن شهَاب عَن يزِيد بن عبد الله بن مُغفل عَن أَبِيه قَالَ " صليت خلف إِمَام فجهر بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فَلَمَّا فرغ من صلَاته قَالَ مَا هَذَا غيب عَنَّا هَذِه الَّتِي أَرَاك تجْهر بهَا فَإِنِّي قد صليت مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأبي بكر وَعمر وَعُثْمَان فَلم يجهروا بهَا " فَهَؤُلَاءِ ثَلَاثَة رووا هَذَا الحَدِيث عَن ابْن عبد الله بن مُغفل عَن أَبِيه وَهُوَ أَبُو نعَامَة الْحَنَفِيّ قيس بن عَبَايَة وَثَّقَهُ ابْن معِين وَغَيره.

     وَقَالَ  ابْن عبد الْبر هُوَ ثِقَة عِنْد جَمِيعهم.

     وَقَالَ  الْخَطِيب لَا أعلم أحدا رَمَاه ببدعة فِي دينه وَلَا كذب فِي رِوَايَته وَعبد الله بن بُرَيْدَة وَهُوَ أشهر من أَن يثنى عَلَيْهِ وَأَبُو سُفْيَان السَّعْدِيّ وَهُوَ وَإِن تكلم فِيهِ وَلكنه يعْتَبر بِهِ فِيمَا تَابعه عَلَيْهِ غَيره من الثِّقَات وَهُوَ الَّذِي سمى ابْن عبد الله بن مُغفل يزِيد كَمَا هُوَ عِنْد الطَّبَرَانِيّ فقد ارْتَفَعت الْجَهَالَة عَن ابْن عبد الله بن مُغفل بِرِوَايَة هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة عَنهُ وَقد تقدم فِي مُسْند الإِمَام أَحْمد عَن أبي نعَامَة عَن بني عبد الله بن مُغفل وَبَنوهُ الَّذين يروي عَنْهُم يزِيد وَزِيَاد وَمُحَمّد وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان وَغَيرهمَا يحتجون بِمثل هَؤُلَاءِ مَعَ أَنهم مَشْهُورُونَ بالرواية وَلم يرو أحد مِنْهُم حَدِيثا مُنْكرا لَيْسَ لَهُ شَاهد وَلَا متابع حَتَّى يخرج بِسَبَبِهِ وَإِنَّمَا رووا مَا رَوَاهُ غَيرهم من الثِّقَات فَأَما يزِيد فَهُوَ الَّذِي سمى فِي هَذَا الحَدِيث وَأما مُحَمَّد فروى لَهُ الطَّبَرَانِيّ عَنهُ عَن أَبِيه قَالَ سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول " مَا من إِمَام يبيت غاشا لرعيته إِلَّا حرم الله عَلَيْهِ الْجنَّة " وَزِيَاد أَيْضا روى لَهُ الطَّبَرَانِيّ عَنهُ عَن أَبِيه مَرْفُوعا " لَا تخذفوا فَإِنَّهُ لَا يصاد بِهِ صيد وَلَا ينْكَأ الْعَدو وَلكنه يكسر السن ويفقأ الْعين " وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا حَدِيث صَرِيح فِي عدم الْجَهْر بالبسملة وَهُوَ وَإِن لم يكن من أَقسَام الصَّحِيح فَلَا ينزل عَن دَرَجَة الْحسن وَقد حسنه التِّرْمِذِيّ والْحَدِيث الْحسن يحْتَج بِهِ لَا سِيمَا إِذا تعدّدت شواهده وَكَثُرت متابعاته وَالَّذين تكلمُوا فِيهِ وَتركُوا الِاحْتِجَاج بِهِ بِجَهَالَة ابْن عبد الله بن مُغفل قد احْتَجُّوا فِي هَذِه الْمَسْأَلَة بِمَا هُوَ أَضْعَف مِنْهُ بل احْتج الْخَطِيب بِمَا يعلم أَنه مَوْضُوع فَذَلِك جرْأَة عَظِيمَة لأجل تعصبه وحميته بِمَا لَا يَنْفَعهُ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَة وَلم يحسن الْبَيْهَقِيّ فِي تَضْعِيف هَذَا الحَدِيث إِذْ قَالَ بعد أَن رَوَاهُ فِي كتاب الْمعرفَة فَهَذَا حَدِيث تفرد بِهِ أَبُو نعَامَة قيس بن عَبَايَة وَابْن عبد الله بن مُغفل وَأَبُو نعَامَة وَابْن عبد الله بن مُغفل لم يحْتَج بهما صاحبا الصَّحِيح فَقَوله تفرد بِهِ أَبُو نعَامَة غير صَحِيح فقد تَابعه عبد الله بن بُرَيْدَة وَأَبُو سُفْيَان كَمَا ذَكرْنَاهُ وَقَوله وَأَبُو نعَامَة وَابْن عبد الله بن مُغفل لم يحْتَج بهما صاحبا الصَّحِيح لَيْسَ هَذَا لَازِما فِي صِحَة الْإِسْنَاد وَلَئِن سلمنَا فقد قُلْنَا أَنه حسن وَالْحسن يحْتَج بِهِ وَهَذَا الحَدِيث يدل على أَن ترك الْجَهْر عِنْدهم كَانَ مِيرَاثا عَن نَبِيّهم يتوارثونه خَلفهم عَن سلفهم وَهَذَا وَحده كَاف فِي الْمَسْأَلَة لِأَن الصَّلَاة الجهرية دائمة صباحا وَمَسَاء فَلَو كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يجْهر بهَا دَائِما لما وَقع فِيهِ الِاخْتِلَاف وَلَا الِاشْتِبَاه ولكان مَعْلُوما بالاضطرار وَلما قَالَ أنس يجْهر بهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلَا خلفاؤه الراشدون وَلما قَالَ عبد الله بن مُغفل ذَلِك أَيْضا وَسَماهُ حَدثا وَلما اسْتمرّ عمل أهل الْمَدِينَة فِي محراب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ومقامه على ترك الْجَهْر فيتوارثه آخِرهم عَن أَوَّلهمْ وَلَا يظنّ عَاقل أَن أكَابِر الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَأكْثر أهل الْعلم كَانُوا يواظبون على خلاف مَا كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَفْعَله وَسَيَأْتِي الْجَواب عَن أَحَادِيث الْجَهْر إِن شَاءَ الله تَعَالَى النَّوْع الثَّالِث احْتج بِهِ مَالك وَأَصْحَابه على ترك التَّسْمِيَة فِي ابْتِدَاء الْفَاتِحَة وَأَنَّهَا لَيست مِنْهَا وَبِه قَالَ الْأَوْزَاعِيّ والطبري.

     وَقَالَ  أَصْحَابنَا الْبَسْمَلَة آيَة من الْقُرْآن أنزلت للفصل بَين السُّور وَلَيْسَت من الْفَاتِحَة وَلَا من أول كل سُورَة وَلَا يجْهر بهَا بل يَقُولهَا سرا وَبِه قَالَ الثَّوْريّ وَأحمد وَإِسْحَاق.

     وَقَالَ  أَبُو عمر قَالَ مَالك لَا تقرؤا الْبَسْمَلَة فِي الْفَرْض سرا وَلَا جَهرا وَفِي النَّافِلَة إِن شَاءَ فعل وَإِن شَاءَ ترك وَهُوَ قَول الطَّبَرِيّ.

     وَقَالَ  الثَّوْريّ وَأَبُو حنيفَة وَابْن أبي ليلى وَأحمد يقْرَأ مَعَ أم الْقُرْآن فِي كل رَكْعَة إِلَّا ابْن أبي ليلى فَإِنَّهُ قَالَ إِن شَاءَ جهر بهَا وَإِن شَاءَ أخفاها.

     وَقَالَ  الشَّافِعِي هِيَ آيَة من الْفَاتِحَة يخفيها إِذا أخْفى ويجهر بهَا إِذا جهر وَاخْتلف قَوْله هَل هِيَ آيَة من كل سُورَة أم لَا على قَوْلَيْنِ أَحدهمَا نعم وَهُوَ قَول ابْن الْمُبَارك وَالثَّانِي لَا النَّوْع الرَّابِع فِي أَنَّهَا يجْهر بهَا أم لَا قَالَ صَاحب التَّوْضِيح وَعِنْدنَا يسْتَحبّ الْجَهْر بهَا فِيمَا يجْهر فِيهِ وَبِه قَالَ أَكثر الْعلمَاء وَالْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي الْجَهْر كَثِيرَة مُتعَدِّدَة عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة يرتقي عَددهمْ إِلَى أحد وَعشْرين صحابيا رووا ذَلِك عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِنْهُم من صرح بذلك وَمِنْهُم من فهم من عِبَارَته وَالْحجّة قَائِمَة بالجهر وبالصحة ثمَّ ذكر من الصَّحَابَة أَبَا هُرَيْرَة وَأم سَلمَة وَابْن عَبَّاس وأنسا وَعلي بن أبي طَالب وَسمرَة بن جُنْدُب ( قلت) وَمن الَّذين عدهم عمار وَعبد الله بن عمر والنعمان بن بشير وَالْحكم بن عُمَيْر وَمُعَاوِيَة وَبُرَيْدَة بن الْحصيب وَجَابِر وَأَبُو سعيد وَطَلْحَة وَعبد الله بن أبي أوفى وَأَبُو بكر الصّديق ومجالد بن ثَوْر وَبشر بن مُعَاوِيَة وَالْحُسَيْن بن عرفطة وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ فَهَؤُلَاءِ أحد وَعِشْرُونَ نفسا.
أما حَدِيث أبي هُرَيْرَة فَرَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي سنَنه من حَدِيث نعيم المجمر قَالَ " صليت وَرَاء أبي هُرَيْرَة فَقَرَأَ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم ثمَّ قَرَأَ بِأم الْقُرْآن حَتَّى قَالَ غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين قَالَ آمين فِي آخِره فَلَمَّا سلم قَالَ إِنِّي لأشبهكم صَلَاة برَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " وَأخرجه ابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان فِي صَحِيحَيْهِمَا وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه.

     وَقَالَ  أَنه على شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه.

     وَقَالَ  حَدِيث صَحِيح وَرُوَاته كلهم ثِقَات وأخره الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه.

     وَقَالَ  إِسْنَاده صَحِيح وَله شَوَاهِد.

     وَقَالَ  فِي الخلافيات رُوَاته كلهم ثِقَات مجمع على عدالتهم مُحْتَج بهم فِي الصَّحِيح وَالْجَوَاب عَنهُ من وُجُوه.
الأول أَنهم مَعْلُول فَإِن ذكر الْبَسْمَلَة فِيهِ مِمَّا تفرد بِهِ نعيم المجمر من بَين أَصْحَاب أبي هُرَيْرَة وهم ثَمَان مائَة مَا بَين صَاحب وتابع وَلَا يثبت عَن ثِقَة من أَصْحَاب أبي هُرَيْرَة أَنه حدث عَن أبي هُرَيْرَة أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يجْهر بالبسملة فِي الصَّلَاة أَلا ترى كَيفَ أعرض صَاحب الصَّحِيح عَن ذكر الْبَسْمَلَة فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة كَانَ يكبر فِي كل صَلَاة من الْمَكْتُوبَة وَغَيرهَا الحَدِيث ( فَإِن قلت) قد رَوَاهَا نعيم المجمر وَهُوَ ثِقَة وَالزِّيَادَة عَن الثِّقَة مَقْبُولَة ( قلت) فِي هَذَا خلاف مَشْهُور فَمنهمْ من لَا يقبلهَا.
الثَّانِي أَن قَوْله فَقَرَأَ أَو قَالَ لَيْسَ بِصَرِيح أَنه سَمعهَا مِنْهُ إِذْ يجوز أَن يكون أَبُو هُرَيْرَة أخبر نعيما بِأَنَّهُ قَرَأَهَا سرا وَيجوز أَن يكون سَمعهَا مِنْهُ فِي مخافتته لقُرْبه مِنْهُ كَمَا روى عَنهُ من أَنْوَاع الاستفتاح وألفاظ الذّكر فِي قِيَامه وقعوده وركوعه وَسُجُوده وَلم يكن مِنْهُ ذَلِك دَلِيلا على الْجَهْر.
الثَّالِث أَن التَّشْبِيه لَا يَقْتَضِي أَن يكون مثله من كل وَجه بل يَكْفِي فِي غَالب الْأَفْعَال وَذَلِكَ مُتَحَقق فِي التَّكْبِير وَغَيره دون الْبَسْمَلَة فَإِن التَّكْبِير وَغَيره من أَفعَال الصَّلَاة ثَابت صَحِيح عَن أبي هُرَيْرَة وَكَانَ مَقْصُوده الرَّد على من تَركه وَأما التَّسْمِيَة فَفِي صِحَّتهَا عَنهُ نظر فَيَنْصَرِف إِلَى الصَّحِيح الثَّابِت دون غَيره ويلزمهم على القَوْل بالتشبيه من كل وَجه أَن يَقُولُوا بالجهر بالتعوذ فَإِن الشَّافِعِي روى أخبرنَا أَبُو مُحَمَّد الْأَسْلَمِيّ عَن ربيعَة بن عُثْمَان عَن صَالح بن أبي صَالح أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة وَهُوَ يؤم النَّاس رَافعا صَوته فِي الْمَكْتُوبَة إِذا فرغ من أم الْقُرْآن رَبنَا إِنَّا نَعُوذ بك من الشَّيْطَان الرَّجِيم فَهَلا أخذُوا بِهَذَا كَمَا أخذُوا بجهر الْبَسْمَلَة مستدلين بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنهُ فَمَا أسمعنا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أسمعناكم وَمَا أخفانا أخفيناكم وَكَيف يظنّ بِأبي هُرَيْرَة أَنه يُرِيد التَّشْبِيه فِي الْجَهْر بالبسملة وَهُوَ الرَّاوِي عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

     وَقَالَ  " يَقُول الله تَعَالَى قسمت الصَّلَاة بيني وَبَين عَبدِي نِصْفَيْنِ فنصفها لي وَنِصْفهَا لعبدي ولعبدي مَا سَأَلَ فَإِذا قَالَ العَبْد الْحَمد لله رب الْعَالمين قَالَ الله تَعَالَى حمدني عَبدِي " الحَدِيث أخرجه مُسلم عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة وَهَذَا ظَاهر فِي أَن الْبَسْمَلَة لَيست من الْفَاتِحَة وَإِلَّا لابتدأ بهَا.

     وَقَالَ  أَبُو عمر حَدِيث الْعَلَاء هَذَا قَاطع لقلق المنازعين وَهُوَ نصر لَا يحْتَمل التَّأْوِيل وَلَا أعلم حَدِيثا فِي سُقُوط الْبَسْمَلَة أبين مِنْهُ وَاعْترض بعض الْمُتَأَخِّرين على هَذَا الحَدِيث بأمرين.
أَحدهمَا لَا يعْتَبر بِكَوْن هَذَا الحَدِيث فِي مُسلم فَإِن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن تكلم فِيهِ ابْن معِين فَقَالَ لَيْسَ حَدِيثه بِحجَّة مُضْطَرب الحَدِيث.

     وَقَالَ  ابْن عدي وَقد انْفَرد بِهَذَا الحَدِيث فَلَا يحْتَج بِهِ.
الثَّانِي على تَقْدِير صِحَّته فقد جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات عَنهُ ذكر التَّسْمِيَة كَمَا أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ عَن عبد الله بن زِيَاد بن سمْعَان عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة " سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول قسمت الصَّلَاة بيني وَبَين عَبدِي فنصفها لَهُ يَقُول عَبدِي إِذا افْتتح الصَّلَاة بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فيذكرني عَبدِي ثمَّ يَقُول الْحَمد لله رب الْعَالمين فَأَقُول حمدني عَبدِي " الحَدِيث وَهَذِه الرِّوَايَة وَإِن كَانَت ضَعِيفَة وَلكنهَا مفسرة بِحَدِيث مُسلم أَنه أَرَادَ السُّورَة لَا الْآيَة ( قلت) هَذَا الْقَائِل حَملَة الْجَهْل وفرط التعصب ورداءة الرَّأْي والفكر على أَنه ترك الحَدِيث الصَّحِيح وَضَعفه لكَونه غير مُوَافق لمذهبه.

     وَقَالَ  لَا يعْتَبر بِكَوْنِهِ فِي مُسلم مَعَ أَنه قد رَوَاهُ عَن الْعَلَاء الْأَئِمَّة الثِّقَات الْأَثْبَات كمالك وسُفْيَان بن عُيَيْنَة وَابْن جريج وَشُعَيْب وَعبد الْعَزِيز الداروردي وَإِسْمَاعِيل بن جَعْفَر وَمُحَمّد بن إِسْحَاق والوليد بن كثير وَغَيرهم والْعَلَاء فِي نَفسه ثِقَة صَدُوق وَهَذِه الرِّوَايَة مِمَّا انْفَرد بهَا عَنهُ ابْن سمْعَان.

     وَقَالَ  عمر بن عبد الْوَاحِد سَأَلت مَالِكًا عَنهُ أَي ابْن سمْعَان فَقَالَ كَانَ كذابا وَكَذَا قَالَ يحيى بن معِين.

     وَقَالَ  يحيى بن بكير قَالَ هِشَام بن عُرْوَة فِيهِ لقد كذب عَليّ وَحدث عني بِأَحَادِيث لم أحدثها لَهُ وَعَن أَحْمد مَتْرُوك الحَدِيث وَكَذَا قَالَ أَبُو دَاوُد وَزَاد من الْكَذَّابين ( فَإِن قلت) أخرج الْخَطِيب عَن أبي أويس واسْمه عبد الله بن أويس قَالَ أَخْبرنِي الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا أم النَّاس جهر بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم " وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه وَابْن عدي فِي الْكَامِل فَقَالَا فِيهِ قَرَأَ عوض جهر وَكَأَنَّهُ رَوَاهُ بِالْمَعْنَى ( قلت) أَبُو أويس ضعفه أَحْمد وَابْن معِين وَأَبُو حَاتِم فَلَا يحْتَج بِمَا انْفَرد بِهِ فَكيف إِذا انْفَرد بِشَيْء وَقد خَالفه فِيهِ من هُوَ أوثق مِنْهُ ( فَإِن قلت) أخرج مُسلم لأبي أويس ( قلت) صاحبا الصَّحِيح إِذا أخرجَا لمن تكلم فِيهِ إِنَّمَا يخرجَانِ بعد إنقائهما من حَدِيثه مَا توبع عَلَيْهِ وَظَهَرت شواهده وَعلم أَن لَهُ أصلا وَلَا يخرجَانِ مَا تفرد بِهِ سِيمَا إِذا خَالف الثِّقَات وَهَذِه الْعلَّة راجت على كثير مِمَّن استدرك على الصَّحِيحَيْنِ فتساهلوا فِي استدراكهم وَمن أَكْثَرهم تساهلا الْحَاكِم أَبُو عبد الله فِي كِتَابه الْمُسْتَدْرك فَإِنَّهُ يَقُول هَذَا على شَرط الشَّيْخَيْنِ أَو أَحدهمَا وَفِيه هَذِه الْعلَّة إِذْ لَا يلْزم من كَون الرَّاوِي محتجا بِهِ فِي الصَّحِيح أَنه إِذا وجد فِي أَي حَدِيث كَانَ يكون ذَلِك الحَدِيث على شَرطه وَلِهَذَا قَالَ ابْن دحْيَة فِي كتاب الْعلم الْمَشْهُور وَيجب على أهل الحَدِيث أَن يتحفظوا من قَول الْحَاكِم أبي عبد الله فَإِنَّهُ كثير الْغَلَط ظَاهر السقط وَقد غفل عَن ذَلِك كثير مِمَّن جَاءَ بعده وقلده فِي ذَلِك ( فَإِن قلت) قد جَاءَ فِي طَرِيق آخر أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ عَن خَالِد بن الياس عَن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " عَلمنِي جِبْرِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام الصَّلَاة فَقَامَ فَكبر لنا ثمَّ قَرَأَ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فِيمَا يجْهر بِهِ فِي كل رَكْعَة " ( قلت) هَذَا إِسْنَاد سَاقِط فَإِن خَالِد بن الياس مجمع على ضعفه وَعَن البُخَارِيّ عَن أَحْمد أَنه مُنكر الحَدِيث.

     وَقَالَ  ابْن معِين لَيْسَ بِشَيْء وَلَا يكْتب حَدِيثه.

     وَقَالَ  النَّسَائِيّ مَتْرُوك الحَدِيث.

     وَقَالَ  ابْن حبَان يروي الموضوعات عَن الثِّقَات.

     وَقَالَ  الْحَاكِم روى عَن المَقْبُري وَمُحَمّد بن الْمُنْكَدر وَهِشَام بن عُرْوَة أَحَادِيث مَوْضُوعَة ( فَإِن قلت) روى الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضا عَن جَعْفَر بن مكرم حَدثنَا أَبُو بكر الْحَنَفِيّ حَدثنَا عبد الْمجِيد عَن جَعْفَر أَخْبرنِي نوح بن أبي بِلَال عَن سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " إِذا قَرَأْتُمْ الْحَمد فاقرؤا بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم إِنَّهَا أم الْقُرْآن وَأم الْكتاب والسبع المثاني وبسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم إِحْدَى آياتها " ( قلت) قَالَ أَبُو بكر الْحَنَفِيّ ثمَّ لقِيت نوحًا فَحَدثني عَن سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة مثله وَلم يرفعهُ ( فَإِن قلت) قَالَ عبد الْحق فِي أَحْكَامه الْكُبْرَى رفع هَذَا الحَدِيث عبد الحميد بن جَعْفَر وَهُوَ ثِقَة وَثَّقَهُ ابْن معِين ( قلت) كَانَ سُفْيَان الثَّوْريّ يُضعفهُ وَيحمل عَلَيْهِ وَلَئِن سلمنَا رَفعه فَلَيْسَ فِيهِ دلَالَة على الْجَهْر وَلَئِن سلم فَالصَّوَاب فِيهِ الْوَقْف قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ لِأَنَّهُ رَوَاهُ الْمعَافي بن عمرَان عَن عبد الحميد عَن نوح عَن المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا وَرَوَاهُ أُسَامَة بن زيد وَأَبُو بكر الْحَنَفِيّ عَن نوح عَن المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة مَوْقُوفا ( فَإِن قلت) هَذَا مَوْقُوف فِي حكم الْمَرْفُوع إِذْ لَا يَقُول الصَّحَابِيّ أَن الْبَسْمَلَة إِحْدَى آيَات الْفَاتِحَة إِلَّا عَن تَوْقِيف أَو دَلِيل قوي ظهر لَهُ فحين إِذن يكون لَهُ حكم سَائِر آيَات الْفَاتِحَة من الْجَهْر والإسرار ( قلت) لَعَلَّ أَبَا هُرَيْرَة سمع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقْرَأها فظنها من الْفَاتِحَة فَقَالَ إِنَّهَا إِحْدَى آياتها وَنحن لَا ننكر أَنَّهَا من الْقُرْآن وَلَكِن النزاع فِي موضِعين.
أَحدهمَا أَنَّهَا آيَة من الْفَاتِحَة وَالثَّانِي أَن لَهَا حكم سَائِر آيَات الْفَاتِحَة جَهرا وسرا وَنحن نقُول أَنَّهَا آيَة مُسْتَقلَّة قبل السُّورَة وَلَيْسَت مِنْهَا جمعا بَين الْأَدِلَّة وَأَبُو هُرَيْرَة لم يخبر عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ هِيَ إِحْدَى آياتها وقراءتها قبل الْفَاتِحَة لَا تدل على ذَلِك وَإِذا جَازَ أَن يكون مُسْتَند أبي هُرَيْرَة قِرَاءَة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَهَا وَقد ظهر أَن ذَلِك لَيْسَ بِدَلِيل على مَحل النزاع فَلَا تعَارض بِهِ أدلتنا الصَّحِيحَة الثَّابِتَة وَأَيْضًا فالمحفوظ الثَّابِت عَن أبي سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة فِي هَذَا الحَدِيث عدم ذكر الْبَسْمَلَة كَمَا رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه من حَدِيث ابْن أبي ذِئْب عَن سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " الْحَمد لله هِيَ أم الْقُرْآن وَهِي السَّبع المثاني وَالْقُرْآن الْعَظِيم " وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ.

     وَقَالَ  حَدِيث حسن صَحِيح على أَن عبد الحميد بن جَعْفَر مِمَّن تكلم فِيهِ وَلَكِن وَثَّقَهُ أَكثر الْعلمَاء وَاحْتج بِهِ مُسلم فِي صَحِيحه وَلَيْسَ تَضْعِيف من ضعفه مِمَّا يُوجب رد حَدِيثه وَلَكِن الثِّقَة قد يغلط وَالظَّاهِر أَنه قد غلط فِي هَذَا الحَدِيث وَالله تَعَالَى أعلم.
وَأما حَدِيث أم سَلمَة فَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك عَن عمر بن هَارُون عَن جريج عَن ابْن أبي مليكَة عَن أم سَلمَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَرَأَ فِي الصَّلَاة بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فَعَدهَا آيَة الْحَمد لله رب الْعَالمين آيَتَيْنِ الرَّحْمَن الرَّحِيم ثَلَاث آيَات إِلَى آخِره " وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وَالْجَوَاب عَنهُ أَن مدَار هَذِه الرِّوَايَة على عمر بن هَارُون الْبَلْخِي وَهُوَ مَجْرُوح تكلم فِيهِ غير وَاحِد من الْأَئِمَّة فَعَن أَحْمد لَا أروي عَنهُ شَيْئا وَعَن يحيى لَيْسَ بِشَيْء وَعَن ابْن الْمُبَارك كَذَّاب وَعَن النَّسَائِيّ مَتْرُوك الحَدِيث وَعَن ابْن الْجَوْزِيّ عَن يحيى كَذَّاب خَبِيث لَيْسَ حَدِيثه بِشَيْء ( فَإِن قلت) روى أَبُو دَاوُد فِي كتاب الْحُرُوف حَدثنَا سعيد بن يحيى الْأمَوِي قَالَ حَدثنَا أبي قَالَ حَدثنَا ابْن جريج عَن عبد الله بن أبي مليكَة " عَن أم سَلمَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا ذكرت أَو كلمة غَيرهَا قِرَاءَة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْحَمد لله رب الْعَالمين الرَّحْمَن الرَّحِيم مَالك يَوْم الدّين يقطع قِرَاءَته آيَة آيَة " وَأخرجه أَحْمد حَدثنَا يحيى بن سعيد الْأمَوِي إِلَى آخِره نَحوه وَلَفظه " أَنَّهَا سُئِلت عَن قِرَاءَة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَت كَانَ يقطع آيَة آيَة بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْحَمد لله رب الْعَالمين الرَّحْمَن الرَّحِيم مَالك يَوْم الدّين " ( قلت) لَيْسَ فِيهِ حجَّة للخصم لِأَن فِيهِ ذكرهَا قِرَاءَة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَيفَ كَانَت وَبَيَان ترتيله وَلَيْسَ فِيهِ ذكر الصَّلَاة ( فَإِن قلت) قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الْمعرفَة قَالَ الْبُوَيْطِيّ فِي كِتَابه أَخْبرنِي غير وَاحِد عَن حَفْص بن غياث عَن ابْن جريج عَن ابْن أبي مليكَة عَن أم سَلمَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا قَرَأَ بِأم الْقُرْآن بَدَأَ بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم يعدها آيَة ثمَّ قَرَأَ الْحَمد لله رب الْعَالمين يعدها سِتّ آيَات " ( قلت) قَالَ الطَّحَاوِيّ فِي كتاب الرَّد على الْكَرَابِيسِي لم يسمع ابْن أبي مليكَة هَذَا الحَدِيث من أم سَلمَة وَالَّذِي يروي عَن ابْن أبي مليكَة عَن يعلى بن مَالك عَن أم سَلمَة هُوَ الْأَصَح وَلِهَذَا أسْندهُ التِّرْمِذِيّ من جِهَة يعلى.

     وَقَالَ  غَرِيب حسن صَحِيح لِأَن فِيهِ ذكر قِرَاءَة بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم من أم سَلمَة نعت مِنْهَا لقِرَاءَة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لسَائِر الْقُرْآن كَيفَ كَانَت وَلَيْسَ فِيهِ مَا يدل على أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يقْرَأ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَالْعجب من الْبَيْهَقِيّ أَنه ذكر حَدِيث يعلى فِي بابُُ ترتيل الْقِرَاءَة وَتَركه فِي بابُُ الدَّلِيل على أَن بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم آيَة تَامَّة من الْفَاتِحَة لكَونه لَا يُوَافق مَقْصُوده وَلِأَن فِيهِ بَيَان عِلّة حَدِيثه وَالْعجب ثمَّ الْعجب مِنْهُ رُوِيَ هَذَا من عمر بن هَارُون وألان القَوْل فِيهِ.

     وَقَالَ  وَرَوَاهُ عمر بن هَارُون الْبَلْخِي وَلَيْسَ بِالْقَوِيّ وَذكره فِي بابُُ لَا شُفْعَة فِيمَا ينْقل أَنه ضَعِيف لَا يحْتَج بِهِ ثمَّ أَن كَانَ الْعد بِلِسَانِهِ فِي الصَّلَاة فَذَلِك منَاف للصَّلَاة وَإِن كَانَ بأصابعه فَلَا يدل على أَنَّهَا آيَة من الْفَاتِحَة قَالَه الذَّهَبِيّ فِي مُخْتَصر السّنَن وَأما حَدِيث ابْن عَبَّاس فَأخْرجهُ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من حَدِيث ابْن الْمُبَارك عَن ابْن جريج عَن أَبِيه عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس فِي السَّبع المثاني قَالَ هِيَ فَاتِحَة الْكتاب قَرَأَهَا ابْن عَبَّاس بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم سبعا فَقلت لأبي أخْبرك سعيد عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم آيَة من كتاب الله قَالَ نعم ثمَّ قَالَ قَرَأَهَا ابْن عَبَّاس فِي الرَّكْعَتَيْنِ جَمِيعًا وَأخرجه الطَّحَاوِيّ عَن أبي بكرَة عَن أبي عَاصِم عَن ابْن جريج عَن أَبِيه عَن سعيد بن جُبَير عَن عبد الله بن عَبَّاس " وَلَقَد آتيناك سبعا من المثاني قَالَ فَاتِحَة الْكتاب ثمَّ قَرَأَ ابْن عَبَّاس بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم.

     وَقَالَ  هِيَ الْآيَة السَّابِعَة " قَالَ وَقَرَأَ على سعيد بن جُبَير كَمَا قَرَأَ عَلَيْهِ ابْن عَبَّاس ( قلت) الْجَواب: أَولا أَن فِي إِسْنَاده عبد الْعَزِيز بن جريج وَالِد عبد الْملك وَقد قَالَ البُخَارِيّ حَدِيثه لَا يُتَابع عَلَيْهِ.
وَثَانِيا أَنه لَا يُعَارضهُ مَا يدل على خِلَافه وَهُوَ حَدِيث أبي هُرَيْرَة قَالَ " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا نَهَضَ من الثَّانِيَة استفتح بِالْحَمْد لله رب الْعَالمين " رَوَاهُ مُسلم والطَّحَاوِي وَهَذَا دَلِيل صَرِيح على أَن الْبَسْمَلَة لَيست من الْفَاتِحَة إِذْ لَو كَانَت مِنْهَا لقرأها فِي الثَّانِيَة مَعَ الْفَاتِحَة ( فَإِن قلت) روى الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك عَن عبد الله بن عَمْرو بن حسان عَن شريك عَن سَالم عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يجْهر بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم " قَالَ الْحَاكِم إِسْنَاده صَحِيح وَلَيْسَ لَهُ عِلّة ( قلت) هَذَا غير صَرِيح وَلَا صَحِيح أما أَنه غير صَرِيح فَلِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَنه فِي الصَّلَاة وَأما أَنه غير صَحِيح فَلِأَن عبد الله بن عَمْرو بن حسان كَانَ يضع الحَدِيث قَالَه إِمَام الصَّنْعَة عَليّ بن الْمَدِينِيّ.

     وَقَالَ  أَبُو حَاتِم لَيْسَ بِشَيْء كَانَ يكذب ( فَإِن قلت) رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ عَن أبي الصَّلْت الْهَرَوِيّ واسْمه عبد السَّلَام بن صَالح حَدثنَا عباد بن الْعَوام حَدثنَا شريك عَن سَالم عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يجْهر فِي الصَّلَاة بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم " ( قلت) هَذَا أَضْعَف من الأول فَإِن أَبَا الصَّلْت مَتْرُوك.

     وَقَالَ  أَبُو حَاتِم لَيْسَ عِنْدِي بصدوق.

     وَقَالَ  الدَّارَقُطْنِيّ رَافِضِي خَبِيث روى الْبَزَّار فِي مُسْنده عَن الْمُعْتَمِر بن سُلَيْمَان حَدثنَا إِسْمَاعِيل عَن أبي خَالِد عَن ابْن عَبَّاس " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يجْهر بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فِي الصَّلَاة " وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي سنَنه وَالتِّرْمِذِيّ فِي جَامعه بِهَذَا السَّنَد وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه وَكلهمْ قَالُوا فِيهِ كَانَ يفْتَتح صلَاته بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم ( قلت) قَالَ الْبَزَّار إِسْمَاعِيل لَيْسَ بِالْقَوِيّ فِي الحَدِيث.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيّ لَيْسَ إِسْنَاده بِذَاكَ.

     وَقَالَ  أَبُو دَاوُد حَدِيث ضَعِيف وَرَوَاهُ الْعقيلِيّ فِي كِتَابه وَأعله بِإِسْمَاعِيل هَذَا.

     وَقَالَ  حَدِيثه غير مَحْفُوظ وَأَبُو خَالِد مَجْهُول وَلَا يَصح فِي الْجَهْر بالبسملة حَدِيث مُسْند وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ من طَرِيق عمر بن حَفْص الْمَكِّيّ عَن ابْن جريج عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يزل يجْهر فِي السورتين بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم حَتَّى قبض " ( قلت) هَذَا لَا يجوز الِاحْتِجَاج بِهِ فَإِن عمر بن حَفْص هَذَا ضَعِيف.

     وَقَالَ  ابْن الْجَوْزِيّ فِي التَّحْقِيق أَجمعُوا على تَركه وَأما حَدِيث أنس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فَأخْرجهُ الْحَاكِم وَالدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث مُحَمَّد بن أبي المتَوَكل بن أبي السرى قَالَ " صليت خلف الْمُعْتَمِر بن سُلَيْمَان من الصَّلَوَات مَا لَا أحصيها الصُّبْح وَالْمغْرب فَكَانَ يجْهر بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم قبل فَاتِحَة الْكتاب وَبعدهَا قَالَ الْمُعْتَمِر مَا آلو أَن أقتدي بِصَلَاة أبي.

     وَقَالَ  أبي مَا آلو أَن أقتدي بِصَلَاة أنس.

     وَقَالَ  أنس مَا أكره أَن أقتدي بِصَلَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ( قلت) الْجَواب أَن هَذَا معَارض بِمَا رَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة فِي مُخْتَصره وَالطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه عَن مُعْتَمر بن سُلَيْمَان عَن أَبِيه عَن أنس " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يسر بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فِي الصَّلَاة " وَزَاد ابْن خُزَيْمَة وَأَبُو بكر وَعمر فِي الصَّلَاة ( فَإِن قلت) روى الْحَاكِم من طَرِيق آخر عَن مُحَمَّد بن أبي السرى حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن أبي أويس حَدثنَا مَالك عَن حميد عَن أنس قَالَ " صليت خلف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأبي بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم وَكلهمْ كَانُوا يجهرون بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم " قَالَ الْحَاكِم وَإِنَّمَا ذكرته شَاهدا ( قلت) قَالَ الذَّهَبِيّ فِي مُخْتَصره أما يستحي الْحَاكِم أَن يُورد فِي كِتَابه مثل هَذَا الحَدِيث الْمَوْضُوع فَأَنا أشهد بِاللَّه وَالله إِنَّه لكذب.

     وَقَالَ  ابْن عبد الْهَادِي سقط مِنْهُ لَا وَقد روى الْحَاكِم عَن عبد الله بن عُثْمَان بن خثيم حَدِيثا آخر عَن أنس أَنه قَالَ صلى مُعَاوِيَة بِالْمَدِينَةِ صَلَاة فجهر فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ فَبَدَأَ بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الحَدِيث مطولا وَفِيه مقَال كثير وروى الْخَطِيب أَيْضا عَن ابْن أبي دَاوُد عَن ابْن أخي ابْن وهب عَن عَمه عَن الْعمريّ وَمَالك وَابْن عُيَيْنَة عَن حميد عَن أنس أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كَانَ يجْهر بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فِي الْفَرِيضَة " وَجَوَابه مَا قَالَه ابْن عبد الْهَادِي سقط مِنْهُ لَا كَمَا رَوَاهُ الباغندي وَغَيره عَن ابْن أخي ابْن وهب هَذَا هُوَ الصَّحِيح وَأما حَدِيث عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فَمَا رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه عَن سعيد بن عُثْمَان الخراز حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن سعد الْمُؤَذّن حَدثنَا قطر بن خَليفَة عَن أبي الطُّفَيْل عَن عَليّ وعمار " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يجْهر فِي المكتوبات بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم ".

     وَقَالَ  صَحِيح الْإِسْنَاد وَلَا أعلم فِي رُوَاته مَنْسُوبا إِلَى الْجرْح ( قلت) قَالَ الذَّهَبِيّ فِي مُخْتَصره هَذَا خبر واه كَأَنَّهُ مَوْضُوع لِأَن عبد الرَّحْمَن صَاحب مَنَاكِير ضعفه ابْن معِين وَسَعِيد إِن كَانَ الكريزي فَهُوَ ضَعِيف وَإِلَّا فَهُوَ مَجْهُول.

     وَقَالَ  ابْن عبد الْهَادِي هَذَا حَدِيث بَاطِل وَأما حَدِيث سَمُرَة بن جُنْدُب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فَأخْرجهُ البوشنجي " كَانَ للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سكتتان سكتة إِذا فرغ من الْقِرَاءَة وسكتة إِذا قَرَأَ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم " فَأنْكر ذَلِك عمرَان بن حُصَيْن فَكَتَبُوا إِلَى أبي بن كَعْب فَكتب إِن صدق سَمُرَة قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ رجال إِسْنَاده ثِقَات وَصَححهُ أَبُو شامة وَغَيره ( قلت) هَذَا لَا يدل على الْجَهْر بل هُوَ دَلِيل لنا على الْإخْفَاء وَأما حَدِيث عمار فقد ذَكرْنَاهُ مَعَ حَدِيث عَلَيْهِ رَضِي الله عَنهُ وَأما حَدِيث عبد الله بن عمر فَأخْرجهُ الدَّارَقُطْنِيّ حَدثنَا عمر بن الْحسن بن عَليّ الشَّيْبَانِيّ حَدثنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد بن مَرْوَان حَدثنَا أَبُو طَاهِر أَحْمد بن عِيسَى حَدثنَا ابْن أبي فديك عَن ابْن أبي ذِئْب عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ " صليت خلف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأبي بكر وَعمر فَكَانُوا يجهرون بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم " ( قلت) هَذَا بَاطِل من هَذَا الْوَجْه لم يحدث بِهِ ابْن أبي فديك قطّ وَالْمُتَّهَم بِهِ أَحْمد بن عِيسَى أَبُو طَاهِر الْقرشِي وَقد كذبه الدَّارَقُطْنِيّ فَيكون كَاذِبًا فِي رِوَايَته عَن مثل هَذَا الثِّقَة وَشَيخ الدَّارَقُطْنِيّ ضَعِيف وَهُوَ أَيْضا ضعفه وَالْحسن بن عَليّ وجعفر بن مُحَمَّد تكلم فِيهِ الدَّارَقُطْنِيّ.

     وَقَالَ  لَا يحْتَج بِهِ وَله طَرِيق آخر عِنْد الْخَطِيب عَن عبَادَة بن زِيَاد الْأَسدي حَدثنَا يُونُس بن أبي يَعْفُور الْعَبْدي عَن الْمُعْتَمِر بن سُلَيْمَان عَن أبي عُبَيْدَة عَن مُسلم بن حَيَّان قَالَ " صليت خلف ابْن عمر فجهر بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فِي السورتين فَقيل لَهُ فَقَالَ صليت خلف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى قبض وَخلف أبي بكر حَتَّى قبض وَخلف عمر حَتَّى قبض فَكَانُوا يجهرون بهَا فِي السورتين فَلَا أدع الْجَهْر بهَا حَتَّى أَمُوت " ( قلت) هَذَا أَيْضا بَاطِل وَعبادَة بن زِيَاد بِفَتْح الْعين كَانَ من رُؤْس الشِّيعَة قَالَه أَبُو حَاتِم.

     وَقَالَ  الْحَافِظ مُحَمَّد النَّيْسَابُورِي هُوَ مجمع على كذبه وَشَيْخه يُونُس بن يَعْفُور ضعفه النَّسَائِيّ وَابْن معِين.

     وَقَالَ  ابْن حبَان لَا يجوز الِاحْتِجَاج بِهِ عِنْدِي وَمُسلم بن حَيَّان مَجْهُول.
وَأما حَدِيث النُّعْمَان بن بشير فَأخْرجهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه عَن يَعْقُوب بن يُوسُف ابْن زِيَاد الضَّبِّيّ حَدثنَا أَحْمد بن حَمَّاد الْهَمدَانِي عَن قطر بن خَليفَة عَن أبي الضُّحَى عَن النُّعْمَان بن بشير قَالَ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أمني جِبْرِيل عِنْد الْكَعْبَة فجهر بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم " ( قلت) هَذَا حَدِيث مُنكر بل مَوْضُوع وَأحمد بن حَمَّاد ضعفه الدَّارَقُطْنِيّ وَيَعْقُوب بن يُوسُف لَيْسَ بِمَشْهُور وسكوت الدَّارَقُطْنِيّ والخطيب وَغَيرهمَا من الْحفاظ عَن مثل هَذَا الحَدِيث بعد روايتهم لَهُ قَبِيح جدا.
وَأما حَدِيث الحكم بن عُمَيْر فَأخْرجهُ الدَّارَقُطْنِيّ حَدثنَا أَبُو الْقَاسِم الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن بشر الْكُوفِي حَدثنَا أَحْمد بن مُوسَى بن اسحق الْجمار حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن حبيب حَدثنَا مُوسَى بن أبي حبيب الطَّائِفِي عَن الحكم بن عُمَيْر وَكَانَ بَدْرِيًّا قَالَ " صليت خلف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فجهر بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فِي صَلَاة اللَّيْل وَصَلَاة الْغَدَاة وَصَلَاة الْجُمُعَة " ( قلت) هَذَا من الْأَحَادِيث الغريبة الْمُنكرَة بل هُوَ حَدِيث بَاطِل لِأَن الحكم بن عُمَيْر لَيْسَ بَدْرِيًّا وَلَا فِي الْبَدْرِيِّينَ أحد اسْمه الحكم بن عُمَيْر بل لَا تعرف لَهُ صُحْبَة لَهُ أَحَادِيث مُنكرَة.

     وَقَالَ  الذَّهَبِيّ الحكم بن عُمَيْر وَقيل عمر والثمالي الْأَزْدِيّ لَهُ أَحَادِيث ضَعِيفَة الْإِسْنَاد إِلَيْهِ ومُوسَى بن حبيب الرَّاوِي عَنهُ لم يلق صحابيا بل هُوَ مَجْهُول لَا يحْتَج بحَديثه وَذكر الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الْكَبِير الحكم بن عُمَيْر ثمَّ روى لَهُ بضعَة عشر حَدِيثا مُنْكرا وَإِبْرَاهِيم بن حبيب وهم فِيهِ الدَّارَقُطْنِيّ فَإِنَّهُ إِبْرَاهِيم بن اسحق الصيني وَوهم فِيهِ أَيْضا الدَّارَقُطْنِيّ فَقَالَ الضَّبِّيّ بالضاد الْمُعْجَمَة وَالْبَاء الْمُوَحدَة الْمُشَدّدَة.
وَأما حَدِيث مُعَاوِيَة فَأخْرجهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه عَن عبد الله بن عُثْمَان بن خَيْثَم أَن أَبَا بكر بن حَفْص بن عمر أخبرهُ أَن أنس بن مَالك قَالَ " صلى مُعَاوِيَة بِالْمَدِينَةِ صَلَاة فجهر فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ فَبَدَأَ بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم لأم الْقُرْآن وَلم يقْرَأ بهَا للسورة الَّتِي بعْدهَا حَتَّى قضى تِلْكَ الصَّلَاة وَلم يكبر حِين يهوي حَتَّى قضى تِلْكَ الصَّلَاة فَلَمَّا سلم ناداه من سمع ذَاك من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار وَمن كَانَ على مَكَان يَا مُعَاوِيَة أسرقت الصَّلَاة أم نسيت أَيْن بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَأَيْنَ التَّكْبِير إِذا خفضت وَإِذا رفعت فَلَمَّا صلى بعد ذَلِك قَرَأَ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم للسورة الَّتِي بعد أم الْقُرْآن وَكبر حِين يهوي سَاجِدا " قَالَ الْحَاكِم صَحِيح على شَرط مُسلم وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ.

     وَقَالَ  رُوَاته كلهم ثِقَات وَقد اعْتمد الشَّافِعِي على حَدِيث مُعَاوِيَة هَذَا فِي إِثْبَات الْجَهْر.

     وَقَالَ  الْخَطِيب هُوَ أَجود مَا يعْتَمد عَلَيْهِ فِي هَذَا الْبابُُ ( قلت) مَدَاره على عبد الله بن عُثْمَان فَهُوَ وَإِن كَانَ من رجال مُسلم لكنه مُتَكَلم فِيهِ من يحيى أَحَادِيثه غير قَوِيَّة وَعَن النَّسَائِيّ لين الحَدِيث لَيْسَ بِالْقَوِيّ فِيهِ وَعَن ابْن الْمَدِينِيّ مُنكر الحَدِيث وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ مُخْتَلف فِيهِ فَلَا يقبل مَا تفرد بِهِ مَعَ أَن إِسْنَاده مُضْطَرب بَيناهُ فِي شرح مَعَاني الْآثَار وَشرح سنَن أبي دَاوُد وَهُوَ أَيْضا شَاذ مُعَلل فَإِنَّهُ مُخَالف لما رَوَاهُ الثِّقَات الْأَثْبَات عَن أنس وَكَيف يرى أنس بِمثل حَدِيث مُعَاوِيَة هَذَا محتجا بِهِ وَهُوَ مُخَالف لما رَوَاهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَعَن الْخُلَفَاء الرَّاشِدين وَلم يعرف أحد من أَصْحَاب أنس المعروفين بِصُحْبَتِهِ أَنه نقل عَنهُ مثل ذَلِك وَمِمَّا يرد حَدِيث مُعَاوِيَة هَذَا أَن أنسا كَانَ مُقيما بِالْبَصْرَةِ وَمُعَاوِيَة لما قدم الْمَدِينَة لم يذكر أحد علمناه أَن أنسا كَانَ مَعَه بل الظَّاهِر أَنه لم يكن مَعَه وَأَيْضًا أَن مَذْهَب أهل الْمَدِينَة قَدِيما وحديثا ترك الْجَهْر بهَا وَمِنْهُم من لَا يرى قرَاءَتهَا أصلا قَالَ عُرْوَة بن الزبير أحد الْفُقَهَاء السَّبْعَة أدْركْت الْأَئِمَّة وَمَا يستفتحون الْقِرَاءَة إِلَّا بِالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَلَا يحفظ عَن أحد من أهل الْمَدِينَة بِإِسْنَاد صَحِيح أَنه كَانَ يجْهر بهَا إِلَّا بِشَيْء يسير وَله محمل وَهَذَا عَمَلهم يتوارثه آخِرهم عَن أَوَّلهمْ فَكيف يُنكرُونَ على مُعَاوِيَة مَا هُوَ سنتهمْ وَهَذَا بَاطِل وَأما حَدِيث بُرَيْدَة بن الْحصيب فَأخْرجهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم فِي الإكليل " قَالَ لي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِأَيّ شَيْء تفتتح الْقُرْآن إِذا افتتحت الصَّلَاة قَالَ قلت بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم قَالَ هِيَ هِيَ " ( قلت) أسانيده واهية عَن عمر بن شمر عَن الْجعْفِيّ وَمن حَدِيث إِبْرَاهِيم بن الْمَحْشَر وَأبي خَالِد الدلاني وَعبد الْكَرِيم أبي أُميَّة وَأما حَدِيث جَابر فَأخْرجهُ الْحَاكِم فِي الإكليل " قَالَ لي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَيفَ تقْرَأ إِذا قُمْت فِي الصَّلَاة قلت أَقُول الْحَمد لله رب الْعَالمين قَالَ قل بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم " ( قلت) هَذَا لَا يدل على الْجَهْر وَأما حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فَأخْرجهُ الْحَافِظ البوشنجي " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى بهم الْمغرب وجهر بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم " ( قلت) فِي إِسْنَاده نظر وَأما حَدِيث طَلْحَة بن عبيد الله فَأخْرجهُ الْحَاكِم فِي الإكليل من حَدِيث سُلَيْمَان بن مُسلم الْمَكِّيّ عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن أبي ابْن مليكَة عَنهُ بِلَفْظ " من ترك من أم الْقُرْآن بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فقد ترك آيَة من كتاب الله " ( قلت) لَا يدل على الْجَهْر.
وَأما حَدِيث عبد الله بن أبي أوفى فَأخْرجهُ الدَّارَقُطْنِيّ بِإِسْنَاد فِيهِ ضعف قَالَ " جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ إِنِّي لَا أَسْتَطِيع أَن آخذ من الْقُرْآن شَيْئا فعلمني مَا يجزيني مِنْهُ فَقَالَ بِسم الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر " ( قلت) ضَعِيف وَلَا يدل على إِثْبَات الْجَهْر.
وَأما حَدِيث أبي بكر الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فَأخْرجهُ الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِم الغافقي الأندلسي فِي كِتَابه المسلسل بِسَنَد فِيهِ مَجَاهِيل أَنه قَالَ " عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن جِبْرِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام عَن إسْرَافيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام عَن رب الْعِزَّة عز وَجل فَقَالَ من قَرَأَ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم مُتَّصِلَة بِفَاتِحَة الْكتاب فِي صلَاته غفرت ذنُوبه " ( قلت) ضَعِيف وَلَا يدل على إِثْبَات الْجَهْر.
وَأما حَدِيث مجَالد بن ثَوْر وَبشر بن مُعَاوِيَة فَأخْرجهُ الْخَطِيب بِسَنَد فِيهِ مَجْهُولُونَ أَنَّهُمَا كَانَا من الْوَفْد الَّذين قدمُوا على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فعلمهما يس وَقَرَأَ الْحَمد لله رب الْعَالمين والمعوذات الثَّلَاث وعلمهما الِابْتِدَاء بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم والجهر بهَا فِي الصَّلَاة.
وَأما حَدِيث الْحُسَيْن بن عرفطة الْأَسدي فَأخْرجهُ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيّ فِي كتاب الْمُسْتَفَاد بِالنّظرِ وبالكتابة فِي معرفَة الصَّحَابَة قَالَ كَانَ اسْمه حسيلا فَسَماهُ سيدنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حُسَيْنًا ثمَّ ذكر بِسَنَد فِيهِ مَجَاهِيل أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لَهُ إِذا قُمْت إِلَى الصَّلَاة فَقل بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْحَمد لله رب الْعَالمين حَتَّى تختمها بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم قل هُوَ الله أحد إِلَى آخرهَا.
وَأما حَدِيث أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ فَأخْرجهُ البوشنجي بِإِسْنَادِهِ عَن أبي بردة عَنهُ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يجْهر بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم ( قلت) فِي إِسْنَاده نظر.
وَأَحَادِيث الْجَهْر وَإِن كثرت رواتها فَكلهَا ضَعِيفَة وَأَحَادِيث الْجَهْر لَيست مخرجة فِي الصِّحَاح وَلَا فِي المسانيد الْمَشْهُورَة وَلم يرو أَكْثَرهَا إِلَّا الْحَاكِم وَالدَّارَقُطْنِيّ فالحاكم قد عرف تساهله وتصحيحه للأحاديث الضعيفة بل الْمَوْضُوعَة وَالدَّارَقُطْنِيّ فقد مَلأ كِتَابه من الْأَحَادِيث الغريبة والشاذة والمعللة وَكم فِيهِ من حَدِيث لَا يُوجد فِيهِ غَيره وَفِي رواتها الكذابون والضعفاء والمجاهيل الَّذين لَا يوجدون فِي كتب التواريخ وَلَا فِي كتب الْجرْح وَالتَّعْدِيل كعمرو بن شمر وَجَابِر بن الْجعْفِيّ وحصين بن مُخَارق وَعمر بن حَفْص الْمَكِّيّ وَعبد الله بن عَمْرو بن حسان وَأبي الصَّلْت الْهَرَوِيّ الملقب بجراب الْكَذِب وَعمر بن هَارُون الْبَلْخِي وَعِيسَى بن مَيْمُون الْمدنِي وَآخَرُونَ وَكَيف يجوز أَن يُعَارض بِرِوَايَة هَؤُلَاءِ مَا رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم فِي صَحِيحَيْهِمَا من حَدِيث أنس الَّذِي رَوَاهُ عَنهُ غير وَاحِد من الْأَئِمَّة الثِّقَات الْأَثْبَات وَمِنْهُم قَتَادَة الَّذِي كَانَ أحفظ أهل زَمَانه وَيَرْوِيه عَنهُ شُعْبَة الملقب بأمير الْمُؤمنِينَ فِي الحَدِيث وتلقاه الْأَئِمَّة بِالْقبُولِ وَهَذَا البُخَارِيّ مَعَ شدَّة تعصبه وفرط تحمله على مَذْهَب أبي حنيفَة لم يودع فِي صَحِيحه مِنْهَا حَدِيثا وَاحِدًا وَقد تَعب كثيرا فِي تَحْصِيل حَدِيث صَحِيح فِي الْجَهْر حَتَّى يُخرجهُ فِي صَحِيحه فَمَا ظفر بِهِ وَكَذَلِكَ مُسلم لم يذكر شَيْئا من ذَلِك وَلم يذكرَا فِي هَذَا الْبابُُ إِلَّا حَدِيث أنس الدَّال على الْإخْفَاء ( فَإِن قلت) أَنَّهُمَا لم يلتزما أَن يودعا فِي صَحِيحَيْهِمَا كل حَدِيث صَحِيح فيكونان قد تركا أَحَادِيث الْجَهْر فِي جملَة مَا تركاه من الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة ( قلت) هَذَا لَا يَقُوله إِلَّا كل مكابر أَو سخيف فَإِن مَسْأَلَة الْجَهْر من اعلام الْمسَائِل ومعضلات الْفِقْه وَمن أَكْثَرهَا دورانا فِي المناظرة وجولانا فِي المصنفات وَلَو حلف الشَّخْص بِاللَّه أيمانا مُؤَكدَة أَن البُخَارِيّ لَو اطلع على حَدِيث مِنْهَا مُوَافق لشرطه أَو قريب مِنْهُ لم يخل مِنْهُ كِتَابه وَلَإِنْ سلمنَا فَهَذَا أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة مَعَ اشْتِمَال كتبهمْ على الْأَحَادِيث السقيمة والأسانيد الضعيفة لم يخرجُوا مِنْهَا شَيْئا فلولا أَنَّهَا واهية عِنْدهم بِالْكُلِّيَّةِ لما تركوها وَقد تفرد النَّسَائِيّ مِنْهَا بِحَدِيث أبي هُرَيْرَة وَهُوَ أقوى مَا فِيهِ عِنْدهم وَقد بَينا ضعفه من وُجُوه.
( فَإِن قلت) أَحَادِيث الْجَهْر تقدم على أَحَادِيث الْإخْفَاء بأَشْيَاء.
مِنْهَا كَثْرَة الروَاة فَإِن أَحَادِيث الْإخْفَاء رَوَاهَا اثْنَان من الصَّحَابَة وهما أنس بن مَالك وَعبد الله بن مُغفل وَأَحَادِيث الْجَهْر فرواها أَكثر من عشْرين صحابيا كَمَا ذكرنَا.
وَمِنْهَا أَن أَحَادِيث الْإخْفَاء شَهَادَة على نفي وَأَحَادِيث الْجَهْر شَهَادَة على إِثْبَات وَالْإِثْبَات مقدم على النَّفْي.
وَمِنْهَا أَن أنسا قد رُوِيَ عَنهُ إِنْكَار ذَلِك فِي الْجُمْلَة فروى أَحْمد وَالدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث سعيد بن زيد أبي سَلمَة قَالَ سَأَلت أنسا أَكَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقْرَأ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْحَمد لله رب الْعَالمين قَالَ إِنَّك لتسألني عَن شَيْء مَا أحفظ أَو مَا سَأَلَني أحد قبلك قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ إِسْنَاده صَحِيح ( قلت) الْجَواب عَن الأول أَن الِاعْتِمَاد على كَثْرَة الروَاة إِنَّمَا تكون بعد صِحَة الدَّلِيل وَأَحَادِيث الْجَهْر لَيْسَ فِيهَا صَحِيح صَرِيح بِخِلَاف حَدِيث الْإخْفَاء فَإِنَّهُ صَحِيح صَرِيح ثَابت مخرجه فِي الصَّحِيح وَالْمَسَانِيد الْمَعْرُوفَة وَالسّنَن الْمَشْهُورَة مَعَ أَن جمَاعَة من الْحَنَفِيَّة لَا يرَوْنَ التَّرْجِيح بِكَثْرَة الروَاة.
وَعَن الثَّانِي أَن هَذِه الشَّهَادَة وَإِن ظَهرت فِي صُورَة النَّفْي فَمَعْنَاه الْإِثْبَات على أَن هَذَا مُخْتَلف فِيهِ فَعِنْدَ الْبَعْض هما سَوَاء وَعند الْبَعْض النَّافِي مقدم على الْمُثبت وَعند الْبَعْض على الْعَكْس.
وَعَن الثَّالِث أَن إِنْكَار أنس لَا يُقَاوم مَا ثَبت عَنهُ فِي الصَّحِيح وَيحْتَمل أَن يكون أنس نسي فِي تِلْكَ الْحَال لكبر سنه وَقد وَقع مثل هَذَا كثيرا كَمَا سُئِلَ يَوْمًا عَن مَسْأَلَة فَقَالَ عَلَيْكُم بالْحسنِ فَاسْأَلُوهُ فَإِنَّهُ حفظ ونسينا وَكم مِمَّن حدث وَنسي وَيحْتَمل أَنه إِنَّمَا سَأَلَهُ عَن ذكرهَا فِي الصَّلَاة أصلا لَا عَن الْجَهْر بهَا وإخفائها ( فَإِن قلت) يجمع بَين الْأَحَادِيث بِأَن يكون أنس لم يسمعهُ لبعده وَأَنه كَانَ صَبيا يَوْمئِذٍ ( قلت) هَذَا مَرْدُود لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هَاجر إِلَى الْمَدِينَة ولأنس يَوْمئِذٍ عشر سِنِين وَمَات وَله عشرُون سنة فَكيف يتَصَوَّر أَن يكون صلى خَلفه عشر سِنِين فَلَا يسمعهُ يَوْمًا من الدَّهْر يجْهر هَذَا بعيد بل يَسْتَحِيل ثمَّ قد روى فِي زمن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَكيف وَهُوَ رجل فِي زمن أبي بكر وَعمر وكهل فِي زمن عُثْمَان مَعَ تقدمه فِي زمانهم وَرِوَايَته للْحَدِيث.

     وَقَالَ  الْحَازِمِي فِي النَّاسِخ والمنسوخ إِن أَحَادِيث الْجَهْر وَإِن صحت فَهِيَ مَنْسُوخَة بِمَا أخبرنَا وسَاق من طَرِيق أبي دَاوُد حَدثنَا عباد بن مُوسَى حَدثنَا عباد بن الْعَوام عَن شريك عَن سَالم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يجْهر بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم بِمَكَّة قَالَ وَكَانَ أهل مَكَّة يدعونَ مُسَيْلمَة الرَّحْمَن وَقَالُوا أَن مُحَمَّدًا يَدْعُو لَهُ الْيَمَامَة فَأمر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فأخفاها فَمَا جهر بهَا حَتَّى مَاتَ " ( فَإِن قلت) هَذَا مُرْسل ( قلت) نعم وَلكنه يتقوى بِفعل الْخُلَفَاء الرَّاشِدين لأَنهم كَانُوا أعرف بأواخر الْأُمُور وَالْعجب من صَاحب التَّوْضِيح كَيفَ يَقُول وَردت أَحَادِيث كَثِيرَة فِي الْجَهْر وَلم يرد تَصْرِيح بالإسرار عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا رِوَايَتَانِ أَحدهمَا عَن ابْن مُغفل وَهِي ضَعِيفَة وَالثَّانيَِة عَن أنس وَهِي معللة بِمَا أوجب سُقُوط الِاحْتِجَاج بهَا وَهل هَذَا إِلَّا من عدم البصيرة وفرط شدَّة العصبية الْبَاطِلَة وَقد عرفت فِيمَا مضى ظلم المتعصبين الَّذين عرفُوا الْحق وغمضوا أَعينهم عَنهُ وأعجب من هَذَا بَعضهم من الَّذين يَزْعمُونَ أَن لَهُم يدا طولى فِي هَذَا الْفَنّ كَيفَ يَقُول يتَعَيَّن الْأَخْذ بِحَدِيث من أَثْبَتَت الْجَهْر فَكيف يجترىء هَذَا ويصدر مِنْهُ هَذَا القَوْل الَّذِي تمجه الأسماع فَأَي حَدِيث صَحَّ فِي الْجَهْر عِنْده حَتَّى يَقُول هَذَا القَوْل النَّوْع الْخَامِس فِي كَونهَا من الْقُرْآن أم لَا وَفِي أَنَّهَا من الْفَاتِحَة أم لَا وَمن أول كل سُورَة أم لَا وَالصَّحِيح من مَذْهَب أَصْحَابنَا أَنَّهَا من الْقُرْآن لِأَن الْأمة أَجمعت على أَن مَا كَانَ مَكْتُوبًا بَين الدفتين بقلم الْوَحْي فَهُوَ من الْقُرْآن وَالتَّسْمِيَة كَذَلِك وَيَنْبَنِي على هَذَا أَن فرض الْقِرَاءَة فِي الصَّلَاة يتَأَدَّى بهَا عِنْد أبي حنيفَة إِذا قَرَأَهَا على قصد الْقِرَاءَة دون الثَّنَاء عِنْد بعض مَشَايِخنَا لِأَنَّهَا آيَة من الْقُرْآن.

     وَقَالَ  بَعضهم لَا يتَأَدَّى لِأَن فِي كَونهَا آيَة تَامَّة احْتِمَال فَإِنَّهُ رُوِيَ عَن الْأَوْزَاعِيّ أَنه قَالَ مَا أنزل الله فِي الْقُرْآن بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم إِلَّا فِي سُورَة النَّمْل وَحدهَا وَلَيْسَت بِآيَة تَامَّة وَإِنَّمَا الْآيَة من قَوْله { إِنَّه من سُلَيْمَان وَإنَّهُ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} فَوَقع الشَّك فِي كَونهَا آيَة تَامَّة فَلَا يجوز بِالشَّكِّ وَكَذَلِكَ يحرم قرَاءَتهَا على الْجنب وَالْحَائِض وَالنُّفَسَاء على قصد الْقُرْآن أما على قِيَاس رِوَايَة الْكَرْخِي فَظَاهر لِأَن مَا دون الْآيَة يحرم عَلَيْهِم وَأما على رِوَايَة الطَّحَاوِيّ لاحْتِمَال أَنَّهَا آيَة تَامَّة فَيحرم عَلَيْهِم احْتِيَاطًا وَهَذَا القَوْل قَول الْمُحَقِّقين من أَصْحَاب أبي حنيفَة وَهُوَ قَول ابْن الْمُبَارك وَدَاوُد وَأَتْبَاعه وَهُوَ الْمَنْصُوص عَن أَحْمد.

     وَقَالَ ت طَائِفَة لَيست من الْقُرْآن إِلَّا فِي سُورَة النَّمْل وَهُوَ قَول مَالك وَبَعض الْحَنَفِيَّة وَبَعض الْحَنَابِلَة.

     وَقَالَ ت طائف أَنَّهَا آيَة من كل سُورَة أَو بعض آيَة كَمَا هُوَ الْمَشْهُور عَن الشَّافِعِي وَمن وَافقه وَقد نقل عَن الشَّافِعِي أَنَّهَا لَيست من أَوَائِل السُّور غير الْفَاتِحَة وَإِنَّمَا يستفتح بهَا فِي السُّور تبركا بهَا.

     وَقَالَ  الطَّحَاوِيّ لما ثَبت عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ترك الْجَهْر بالبسملة ثَبت أَنَّهَا لَيست من الْقُرْآن وَلَو كَانَت من الْقُرْآن لوَجَبَ أَن يجْهر بهَا كَمَا يجْهر بِالْقُرْآنِ سواهَا أَلا يرى أَن بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الَّتِي فِي النَّمْل يجب أَن يجْهر بهَا كَمَا يجْهر بغَيْرهَا من الْقُرْآن لِأَنَّهَا من الْقُرْآن وَثَبت أَن يُخَافت بهَا كَمَا يُخَافت بالتعوذ والافتتاح وَمَا أشبههَا وَقد رأيناها أَيْضا مَكْتُوبَة فِي فواتح السُّور فِي الْمُصحف فِي فَاتِحَة الْكتاب وَفِي غَيرهَا وَلما كَانَت فِي غير فَاتِحَة الْكتاب لَيست بِآيَة ثَبت أَيْضا أَنَّهَا فِي فَاتِحَة الْكتاب لَيست بِآيَة ( فَإِن قلت) إِذا لم تكن قُرْآنًا لَكَانَ مدخلها فِي الْقُرْآن كَافِرًا ( قلت) الِاخْتِلَاف فِيهَا يمْنَع من أَن تكون آيَة وَيمْنَع من تَكْفِير من يعدها من الْقُرْآن فَإِن الْكفْر لَا يكون إِلَّا بمخالفة النَّص وَالْإِجْمَاع فِي أَبْوَاب العقائد فَإِن قيل نَحن نقُول أَنَّهَا آيَة فِي غير الْفَاتِحَة فَكَذَلِك أَنَّهَا آيَة من الْفَاتِحَة ( قلت) هَذَا قَول لم يقل بِهِ أحد وَلِهَذَا قَالُوا زعم الشَّافِعِي أَنَّهَا آيَة من كل سُورَة وَمَا سبقه إِلَى هَذَا القَوْل أحد لِأَن الْخلاف بَين السّلف إِنَّمَا هُوَ فِي أَنَّهَا من الْفَاتِحَة أَو لَيست بِآيَة مِنْهَا وَلم يعدها أحد آيَة من سَائِر السُّور وَالتَّحْقِيق فِيهِ أَنَّهَا آيَة من الْقُرْآن حَيْثُ كتبت وَأَنَّهَا مَعَ ذَلِك لَيست من السُّور بل كتبت آيَة فِي كل سُورَة وَلذَلِك تتلى آيَة مُفْردَة فِي أول كل سُورَة كَمَا تَلَاهَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين أنزلت عَلَيْهِ { إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر} وَعَن هَذَا قَالَ الشَّيْخ حَافظ الدّين النَّسَفِيّ وَهِي آيَة من الْقُرْآن أنزلت للفصل بَين السُّور وَعَن ابْن عَبَّاس كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يعرف فصل السُّورَة حَتَّى ينزل عَلَيْهِ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَفِي رِوَايَة لَا يعرف انْقِضَاء السُّورَة رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم.

     وَقَالَ  إِنَّه على شَرط الشَّيْخَيْنِ ( فَإِن قلت) لَو لم تكن من أول كل سُورَة لما قَرَأَهَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بالكوثر ( قلت) لَا نسلم أَنه يدل على أَنَّهَا من أول كل سُورَة بل يدل على أَنَّهَا آيَة مُنْفَرِدَة وَالدَّلِيل على ذَلِك مَا ورد فِي حَدِيث بَدْء الْوَحْي " فَجَاءَهُ الْملك فَقَالَ لَهُ اقْرَأ فَقَالَ مَا أَنا بقارىء ثَلَاث مَرَّات ثمَّ قَالَ لَهُ اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق " فَلَو كَانَت الْبَسْمَلَة آيَة من أول كل سُورَة لقَالَ اقْرَأ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم اقْرَأ باسم رَبك وَيدل على ذَلِك أَيْضا مَا رَوَاهُ أَصْحَاب السّنَن الْأَرْبَعَة عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن عَيَّاش الْجُهَنِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " إِن سُورَة من الْقُرْآن شفعت لرجل حَتَّى غفر لَهُ وَهِي تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك ".

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن وَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَلَو كَانَت الْبَسْمَلَة من أول كل سُورَة لافتتحها - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بذلك