هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
723 حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ القَعْقَاعِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْكُتُ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَبَيْنَ القِرَاءَةِ إِسْكَاتَةً - قَالَ أَحْسِبُهُ قَالَ : هُنَيَّةً - فَقُلْتُ : بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِسْكَاتُكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالقِرَاءَةِ مَا تَقُولُ ؟ قَالَ : أَقُولُ : اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ ، كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنَ الخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالبَرَدِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  قال أحسبه قال : هنية فقلت : بأبي وأمي يا رسول الله ، إسكاتك بين التكبير والقراءة ما تقول ؟ قال : أقول : اللهم باعد بيني وبين خطاياي ، كما باعدت بين المشرق والمغرب ، اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن أبي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْكُتُ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَبَيْنَ القِرَاءَةِ إِسْكَاتَةً - قَالَ أَحْسِبُهُ قَالَ : هُنَيَّةً - فَقُلْتُ : بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِسْكَاتُكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالقِرَاءَةِ مَا تَقُولُ ؟ قَالَ : أَقُولُ : اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ ، كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنَ الخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالبَرَدِ .

Narrated Abu Huraira:

Allah's Messenger (ﷺ) used to keep silent between the Takbir and the recitation of Qur'an and that interval of silence used to be a short one. I said to the Prophet (ﷺ) May my parents be sacrificed for you! What do you say in the pause between Takbir and recitation? The Prophet (ﷺ) said, I say, 'Allahumma, baa`id baini wa baina khatayaya kama baa`adta baina l-mashriqi wa l-maghrib. Allahumma, naqqini min khatayaya kama yunaqqa th-thawbu l-abyadu mina d-danas. Allahumma, ighsil khatayaya bi l-maa'i wa th-thalji wa l-barad (O Allah! Set me apart from my sins (faults) as the East and West are set apart from each other and clean me from sins as a white garment is cleaned of dirt (after thorough washing). O Allah! Wash off my sins with water, snow and hail.)

":"ہم سے موسیٰ بن اسماعیل نے بیان کیا ، انھوں نے کہا کہ ہم سے عبدالواحد بن زیاد نے بیان کیا ، انھوں نے کہا کہ ہم سے عمارہ بن قعقاع نے بیان کیا ، انھوں نے کہا کہ ہم سے ابوزرعہ نے بیان کیا ، انھوں نے کہا کہ ہم سے ابوہریرہ رضی اللہ عنہ نے بیان کیا ، انھوں نے فرمایا کہرسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم تکبیر تحریمہ اور قرآت کے درمیان تھوڑی دیر چپ رہتے تھے ۔ ابوزرعہ نے کہا میں سمجھتا ہوں ابوہریرہ رضی اللہ عنہ نے یوں کہا یا رسول اللہ ! آپ پر میرے ماں باپ فدا ہوں ۔ آپ اس تکبیر اور قرآت کے درمیان کی خاموشی کے بیچ میں کیا پڑھتے ہیں ؟ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ میں پڑھتا ہوں «اللهم باعد بيني وبين خطاياى كما باعدت بين المشرق والمغرب ،‏‏‏‏ ‏‏‏‏ اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ،‏‏‏‏ ‏‏‏‏ اللهم اغسل خطاياى بالماء والثلج والبرد» اے اللہ ! میرے اور میرے گناہوں کے درمیان اتنی دوری کر جتنی مشرق اور مغرب میں ہے ۔ اے اللہ ! مجھے گناہوں سے اس طرح پاک کر جیسے سفید کپڑا میل سے پاک ہوتا ہے ۔ اے اللہ ! میرے گناہوں کو پانی ، برف اور اولے سے دھو ڈال ۔

شرح الحديث من عمدة القاري

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   
[ قــ :723 ... غــ :744 ]
- حدَّثنا مُوسَى بنُ إسْمَاعِيلَ قَالَ حدَّثنا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ زِيَادٍ قَالَ حدَّثنا عُمَارَةُ بنُ القَعْقَاعِ.
قَالَ حدَّثنا أبُو زُرْعَةَ قَالَ حدَّثنا أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ كانَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَسْكُتُ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وبَيْنَ القِرَاءَةِ إسْكَاتَةً قَالَ أحْسِبُهُ قَالَ هُنَيَّةً فَقُلْتُ بِأبِي وَأُمِّي يَا رسولَ الله إسْكَاتُكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ والقِرَاءَةِ مَا تَقُولُ قَالَ أقُولُ اللَّهُمَّ باعِدْ بَيْنِي وبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا باعَدْتَ بَيْنَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنَ الخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايايَ بالماءِ وَالثَّلْجِ والبَرَدِ.


مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الحَدِيث يتَضَمَّن أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول بَين التَّكْبِير وَالْقِرَاءَة هَذَا الدُّعَاء الْمَذْكُور، فَيصدق عَلَيْهِ القَوْل: بعد التَّكْبِير، وَهَذَا ظَاهر فِي رِوَايَة: مَا يَقُول بعد التَّكْبِير، وَأما على رِوَايَة مَا يقْرَأ بعد التَّكْبِير فَيحمل على معنى مَا يجمع بَين الدُّعَاء وَالْقِرَاءَة بعد التَّكْبِير، لِأَن أصل هَذَا اللَّفْظ الْجمع، وكل شَيْء جمعته فقد قرأته، وَمِنْه سمي الْقُرْآن قُرْآنًا لِأَنَّهُ جمع بَين الْقَصَص وَالْأَمر وَالنَّهْي والوعد والوعيد.
والآيات والسور بَعْضهَا إِلَى بعض، وَقَول من قَالَ: لما كَانَ الدُّعَاء وَالْقِرَاءَة يقْصد بهما التَّقَرُّب إِلَى الله تَعَالَى، اسْتغنى بِذكر أَحدهمَا عَن الآخر كَمَا جَاءَ:
علفتها تبنا وَمَاء بَارِدًا
غير سديد، وَكَذَا قَول من قَالَ: دُعَاء الِافْتِتَاح يتَضَمَّن مُنَاجَاة الرب والإقبال عَلَيْهِ بالسؤال، وَقِرَاءَة الْفَاتِحَة تَتَضَمَّن هَذَا الْمَعْنى، فظهرت الْمُنَاسبَة بَين الْحَدِيثين غير موجه، لِأَن الْمَقْصُود وجود الْمُنَاسبَة بَين التَّرْجَمَة وَحَدِيث الْبابُُ لَا وجود الْمُنَاسبَة بَين الْحَدِيثين.

ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: مُوسَى بن إِسْمَاعِيل أَبُو سَلمَة الْمنْقري الْمَعْرُوف بالتبوذكي.
الثَّانِي: عبد الْوَاحِد ابْن زِيَاد الْعَبْدي أَبُو بشر الْبَصْرِيّ.
الثَّالِث: عمَارَة، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْمِيم: ابْن الْقَعْقَاع بن شبْرمَة الضَّبِّيّ الْكُوفِي.
الرَّابِع: أَبُو زرْعَة، هُوَ عَمْرو بن جرير البَجلِيّ، وَاخْتلف فِي اسْمه فَقيل: هرم، وَقيل: عبد الله، وَقيل: عبد الرَّحْمَن، وَقيل: عَمْرو، وَقيل: جرير.
الْخَامِس: أَبُو هُرَيْرَة.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي جَمِيع الْإِسْنَاد، وَهَذَا نَادِر فَلذَلِك اخْتَار البُخَارِيّ رِوَايَة عبد الْوَاحِد.
وَفِيه: القَوْل فِي خَمْسَة مَوَاضِع.
وَفِيه: الإثنان الْأَوَّلَانِ من الروَاة بصريان، وَاثْنَانِ بعدهمَا كوفيان.

ذكر من أخرجه غَيره: أخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة أَيْضا عَن زُهَيْر بن حَرْب، وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَعَن مُحَمَّد ابْن عبد الله بن نمير، وَعَن أبي كَامِل، وَأخرجه أَبُو دَاوُد عَن أبي كَامِل الجحدري بِهِ، وَعَن أَحْمد بن أبي شُعَيْب الْخُزَاعِيّ.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن مَحْمُود بن غيلَان عَن سُفْيَان عَنهُ مُخْتَصرا، وَفِي الطَّهَارَة عَن عَليّ بن حجر عَن جرير بِتَمَامِهِ.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الصَّلَاة عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَعلي بن مُحَمَّد الطنافسي، وروى الْبَزَّار بِسَنَد جيد من حَدِيث خبيب بن سُلَيْمَان بن سَمُرَة عَن أَبِيه عَن جده أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (إِذا صلى أحدكُم فَلْيقل: اللَّهُمَّ باعد بيني وَبَين خطاياي كَمَا باعدت بَين الْمشرق وَالْمغْرب، اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك أَن تصدعني بِوَجْهِك يَوْم الْقِيَامَة، اللَّهُمَّ نقني من الْخَطَايَا كَمَا ينقى الثَّوْب الْأَبْيَض من الدنس، اللَّهُمَّ أحيني مُسلما وأمتني مُسلما) .
وخبيب، بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة: وَثَّقَهُ ابْن حبَان، وَكَذَلِكَ وثق أَبَاهُ سُلَيْمَان، ورد ابْن الْقطَّان هَذَا الحَدِيث بِجَهْل حَالهمَا غير جيد،.

     وَقَالَ  الإشبيلي: الصَّحِيح فِي هَذَا فعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَعْنِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة لَا أمره.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (يسكت) ، بِفَتْح الْيَاء من: سكت يسكت سكُوتًا، ويروى: يسكت، بِضَم الْيَاء من أسكت يسكت إسكاتا.
قَالَ الْكرْمَانِي: الْهمزَة للصيرورة.
قلت: مَعْنَاهَا: صيرورة الشَّيْء إِلَى مَا اشتق مِنْهُ الْفِعْل، كأغد الْبَعِير أَي: صَار ذَا غُدَّة، وَمَعْنَاهُ هُنَا: يصير ذَا سكُوت، وَيجوز أَن يكون بِمَعْنى الدُّخُول فِي الشَّيْء، تَقْدِيره: كَانَ يدْخل فِي السُّكُوت بَين التَّكْبِير وَبَين الْقِرَاءَة.
قَوْله: (إسكاته) بِكَسْر الْهمزَة على وزن: إفعالة، قَالَ بَعضهم: إسكاتة من السُّكُوت.
قلت: لَا بل من أسكت، وَالسُّكُوت من سكت، وَهَذَا الْوَزْن للمرة وَالنَّوْع من الثلاثي الْمَزِيد فِيهِ، وَمن الْمُجَرّد يَجِيء على: سكتة، بِالْفَتْح للمرة، وبالكسر للنوع، وَالْأَصْل فِي الْمَزِيد فِيهِ من الثلاثي والرباعي الْمُجَرّد والمزيد أَن مصدرها إِذا كَانَ بِالتَّاءِ فالمرة وَالنَّوْع على مصدرها الْمُسْتَعْمل والفارق الْقَرَائِن نَحْو: استقامة ودحرجة وَاحِدَة أَو حَسَنَة، وَإِن لم يكن بِالتَّاءِ فلبناء على مصدره مزبدا فِيهِ التَّاء، نَحْو: انطلاقة وتدحرجة وَاحِدَة أَو حَسَنَة.
وشذ قَوْلهم: أَتَيْته إتيانة، ولقيته لِقَاء، لِأَنَّهُمَا من الثلاثي الْمُجَرّد الَّذِي لَا تَاء فِي مصدره، إِذْ مصدرهما إتْيَان ولقاء.
وَالْقِيَاس: إتية ولقية،.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: مَعْنَاهُ سكُوتًا يَقْتَضِي بعده كلَاما أَو قِرَاءَة مَعَ قصر الْمدَّة، وَأُرِيد بِهَذَا النَّوْع من السُّكُوت ترك رفع الصَّوْت بالْكلَام.
ألاَ ترَاهُ يَقُول: مَا تَقول فِي إسكاتك؟ وانتصاب إسكاته على أَنه مفعول مُطلق أما على رِوَايَة: يسكت، بِضَم الْيَاء فَظَاهر لِأَنَّهُ على الأَصْل، وَأما على رِوَايَة: يسكت، بِفَتْح الْيَاء فعلى خلاف الْقيَاس، لِأَن الْقيَاس سكُوتًا كَمَا جَاءَ بِالْعَكْسِ فِي قَوْله تَعَالَى: { وَالله أنبتكم من الأَرْض نباتا} (نوح: 17) .
وَالْقِيَاس: إنباتا.
قَوْله: (أَحْسبهُ قَالَ هنيَّة) أَي: قَالَ أَبُو زرْعَة: قَالَ أَبُو هُرَيْرَة بدل إسكاته: هنيَّة، هَذِه رِوَايَة عبد الْوَاحِد بن زِيَاد بِالظَّنِّ، وَرَوَاهُ جرير عِنْد مُسلم وَغَيره وَابْن فُضَيْل عِنْد ابْن مَاجَه وَغَيره بِلَفْظ: (سكت هنيَّة) ، بِغَيْر تردد وَإِنَّمَا اخْتَار البُخَارِيّ رِوَايَة عبد الْوَاحِد لوُقُوع التَّصْرِيح بِالتَّحْدِيثِ فِيهَا فِي جَمِيع وَأما هنيئة فَفِيهِ أوجه: الأول: بِضَم الْهَاء وَفتح النُّون وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الْهمزَة،.

     وَقَالَ  ابْن قرقول: كَذَا عِنْد الطَّبَرِيّ، وَلَا وَجه لَهُ،.

     وَقَالَ : وَعند الْأصيلِيّ وَابْن الْحذاء وَابْن السكن: هنيهة، بِالْهَاءِ الْمَفْتُوحَة مَوضِع الْهمزَة، وَهُوَ الْوَجْه الثَّانِي: قلت: هُوَ رِوَايَة الْكشميهني، وَرِوَايَة إِسْحَاق والْحميدِي فِي مسنديهما عَن جرير.
الْوَجْه الثَّالِث: قَالَه النَّوَوِيّ، هنيَّة، بِضَم الْهَاء وَفتح النُّون وَتَشْديد الْيَاء بِغَيْر همزَة، وَمن همزها فقد أَخطَأ قلت: ذكر عِيَاض والقرطبي أَن أَكثر رُوَاة مُسلم بِالْهَمْزَةِ،.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ أَصْلهَا: هنوة، فَلَمَّا صغرت صَارَت: هنيوة، فاجتمعت الْوَاو وَالْيَاء وسبقت إِحْدَاهمَا بِالسُّكُونِ فقلبت الْوَاو يَاء، وأدغمت الْيَاء فِي الْيَاء.
وَفِي (الموعب) لِابْنِ التياني: هنيَّة هِيَ الْيَسِيرَة من الشَّيْء مَا كَانَ.

قَوْله: (بِأبي وَأمي) الْبَاء تتَعَلَّق بِمَحْذُوف إِمَّا إسم: فَيكون تَقْدِيره: أَنْت مفدرى بِأبي وَأمي، وَإِمَّا فعل: فالتقدير: فديتك بِأبي، وَحذف تَخْفِيفًا لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال، وَعلم الْمُخَاطب بِهِ، وَفِيه تفدية الشَّارِع بِالْآبَاءِ والأمهات.
وَهل يجوز تفدية غَيره من الْمُؤمنِينَ؟ فِيهِ مَذَاهِب أَصَحهَا: نعم بِلَا كَرَاهَة.
وَثَانِيها: الْمَنْع، وَذَلِكَ خَاص بِهِ.
وَثَالِثهَا: يجوز تفدية الْعلمَاء الصَّالِحين الأخيار دون غَيرهم.
قَوْله: (إسكاتك) بِكَسْر الْهمزَة، قَالَ بَعضهم: وَهُوَ بِالرَّفْع على الِابْتِدَاء وَلم يبين خَبره، وَالصَّحِيح أَنه بِالنّصب على أَنه مفعول: فعل، مُقَدّر أَي: أَسأَلك إسكاتك مَا تَقول فِيهِ؟ ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أَو مَنْصُوب بِنَزْع الْخَافِض، أَي: مَا تَقول فِي إسكاتك؟ وَوَقع فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والسرخسي بِفَتْح الْهمزَة وَضم السِّين على الِاسْتِفْهَام، وَفِي رِوَايَة الْحميدِي: (مَا تَقول فِي سكتتك بَين التَّكْبِير وَالْقِرَاءَة؟) وَلمُسلم: (أَرَأَيْت سكوتك؟) وَكَذَا فِي رِوَايَة أبي دَاوُد، وَمَعْنَاهُ: أَخْبرنِي سكوتك.
قَوْله: (مَا تَقول؟) أَي: فِيهَا.
قيل: السُّكُوت منَاف، لِلْقَوْلِ، فَكيف يَصح أَن يُقَال مَا تَقول فِي سكوتك؟ وَأجِيب: بِأَنَّهُ يحْتَمل أَنه اسْتدلَّ على أصل القَوْل بحركة الْفَم، كَمَا اسْتدلَّ بِهِ على قِرَاءَة الْقُرْآن فِي الظّهْر وَالْعصر باضطراب اللِّحْيَة.
قَوْله: (باعد) بِمَعْنى: أبعد، قَالَ الْكرْمَانِي: أخرجه إِلَى صِيغَة المفاعلة للْمُبَالَغَة.
قلت: لم يقل أهل التصريف إلاّ للتكثير، نَحْو: ضاعفت، بِمَعْنى ضعفت.
.
وَفِي الْمُبَالغَة معنى التكثير.
قَوْله: (خطاياي) ، جمع خطية كالعطايا جمع عَطِيَّة، يُقَال: خطأ فِي دينه خطأ إِذا أَثم فِيهِ، وَالْخَطَأ بِالْكَسْرِ الذَّنب وَالْإِثْم، وأصل خَطَايَا خطايىء، فقلبوا الْيَاء همزَة كَمَا فِي قبائل جمع قَبيلَة، فَصَارَ خطأيء بهمزتين، فقلبوا الثَّانِيَة يَاء فَصَارَ: خطائي، ثمَّ قلبت الْهمزَة يَاء مَفْتُوحَة فَصَارَت: خطايي، فقلبت الْيَاء فَصَارَ: خَطَايَا: إِن كَانَ يُرَاد بهَا اللاحقة فَمَعْنَاه إِذا قدر لي ذَنْب فباعد بيني وَبَينه، وَإِن كَانَ يُرَاد بهَا السَّابِقَة فَمَعْنَاه المحو والغفران، وَيُقَال: المُرَاد بالمباعدة محو مَا حصل مِنْهَا والعصمة عَمَّا سَيَأْتِي مِنْهَا، وَهَذَا مجَاز، لِأَن حَقِيقَة المباعدة إِنَّمَا هِيَ فِي الزَّمَان وَالْمَكَان.
قَوْله: (كَمَا باعدت) كلمة: مَا، مَصْدَرِيَّة تَقْدِيره: كتبعيدك بَين الْمشرق وَالْمغْرب، وَوجه الشّبَه أَن التقاء الْمشرق وَالْمغْرب لما كَانَ مستحيلاً شبه أَن يكون اقترابه من الذَّنب كاقتراب الْمشرق وَالْمغْرب.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: كرر لفظ: الْبَين، فِي قَوْله: (وباعد بيني وَبَين خطاياي) ، وَلم يُكَرر: بَين الْمشرق وَالْمغْرب، لِأَنَّهُ إِذا عطف على الْمُضمر الْمَجْرُور أُعِيد الْخَافِض.
قلت: يرد عَلَيْهِ قَوْله: بَين التَّكْبِير وَبَين الْقِرَاءَة.
قَوْله: (نقني) بتَشْديد الْقَاف وَهُوَ أَمر من: نقى ينقي تنقية، وَهُوَ مجَاز عَن إِزَالَة الذُّنُوب ومحو أَثَرهَا.
قَوْله: (من الدنس) بِفَتْح النُّون وَهُوَ: الْوَسخ.
قَوْله: (كَمَا ينقى الثَّوْب الْأَبْيَض) ، وَإِنَّمَا شبه بِهِ لِأَن الثَّوْب الْأَبْيَض أظهر من غَيره من الألوان.
قَوْله: (وَالْبرد) بِفَتْح الرَّاء، وَهُوَ حب الْغَمَام.
قَالَ الْكرْمَانِي: الْغسْل الْبَالِغ إِنَّمَا يكون بِالْمَاءِ الْحَار، فَلم ذكر كَذَلِك؟ فَأجَاب نَاقِلا عَن مُحي السّنة: مَعْنَاهُ طهرني من الذُّنُوب، وذكرهما مُبَالغَة فِي التَّطْهِير،.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: هَذِه أَمْثَال، وَلم يرد بهَا أَعْيَان هَذِه المسميات، وَإِنَّمَا أَرَادَ بهَا التوكيد فِي التَّطْهِير من الْخَطَايَا وَالْمُبَالغَة فِي محوها عَنهُ، والثلج وَالْبرد مَا أَن لم تمسهما الْأَيْدِي وَلم يمتهنهما اسْتِعْمَال، فَكَانَ ضرب الْمثل بهما أوكد فِي بَيَان معنى مَا أَرَادَهُ من تَطْهِير الثَّوْب.
.

     وَقَالَ  التوربشتي: ذكر أَنْوَاع المطهرات الْمنزلَة من السَّمَاء الَّتِي لَا يُمكن حُصُول الطَّهَارَة الْكَامِلَة إلاّ بأحدها، بَيَانا لأنواع الْمَغْفِرَة الَّتِي لَا تخلص من الذُّنُوب إلاّ بهَا، أَي: طهرني بأنواع مغفرتك الَّتِي هِيَ فِي تمحيص الذُّنُوب بِمَثَابَة هَذِه الْأَنْوَاع الثَّلَاثَة فِي إِزَالَة الأرجاس وَرفع الْأَحْدَاث.
.

     وَقَالَ  الطَّيِّبِيّ: يُمكن أَن يُقَال: ذكر الثَّلج وَالْبرد بعد ذكر المَاء لطلب شُمُول الرَّحْمَة بعد الْمَغْفِرَة والتركيب من بابُُ: رَأَيْته مُتَقَلِّدًا سَيْفا ورمحا، أَي: إغسل خطاياي بِالْمَاءِ أَي: اغفرها، وزد على الغفران شُمُول الرَّحْمَة.
طلب أَولا المباعدة بَينه وَبَين الْخَطَايَا، ثمَّ طلب تنقية مَا عَسى أَن يبْقى مِنْهَا شَيْء تنقية تَامَّة، ثمَّ سَأَلَ ثَالِثا بعد الغفران غَايَة الرَّحْمَة عَلَيْهِ بعد التَّخْلِيَة.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: وَالْأَقْرَب أَن يَقُول: جعل الْخَطَايَا بِمَنْزِلَة نَار جَهَنَّم لِأَنَّهَا مستوجبة لَهَا بِحَسب وعد الشَّارِع، قَالَ تَعَالَى: { وَمن يعْص الله وَرَسُوله فَإِن لَهُ نَار جَهَنَّم} (الْجِنّ: 23) .
فَعبر عَن إطفاء حَرَارَتهَا بِالْغسْلِ تَأْكِيدًا فِي الإطفاء، وَبَالغ فِيهِ بِاسْتِعْمَال المبردات ترقيا عَن المَاء إِلَى أبرد مِنْهُ، وَهُوَ الثَّلج ثمَّ إِلَى أبرد من الثَّلج وَهُوَ الْبرد، بِدَلِيل جموده لِأَن مَا هُوَ أبرد فَهُوَ أجمد.
وَأما تثليث الدَّعْوَات فَيحْتَمل أَن يكون نظرا إِلَى الْأَزْمِنَة الثَّلَاثَة، فالمباعدة للمستقبل والتنقية للْحَال وَالْغسْل للماضي.

ذكر مَا يستنبط مِنْهُ: ذكر البُخَارِيّ لهَذَا الحَدِيث فِي هَذَا الْبابُُ دَلِيل على أَنه يرى الاستفتاح بِهَذَا، وَقد اخْتلف النَّاس فِيمَا يستفتح بِهِ الصَّلَاة.
فَأَبُو حنيفَة وَأحمد يريان الاستفتاح بِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه.
فَأَبُو دَاوُد عَن حُسَيْن بن عِيسَى: حَدثنَا طلق بن غَنَّام حَدثنَا عبد السَّلَام بن حَرْب الْملَائي عَن بديل بن ميسرَة عَن أبي الجوراء عَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، قَالَت: (كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا استفتح الصَّلَاة قَالَ: (سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك وتبارك اسْمك وَتَعَالَى جدك وَلَا إِلَه غَيْرك)) .
وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه من حَدِيث حَارِثَة بن أبي الرِّجَال: عَن عمْرَة عَن عَائِشَة؛ (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا استفتح الصَّلَاة قَالَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ) إِلَى آخِره، نَحوه، وَأَبُو الجوراء، بِالْجِيم وَالرَّاء: واسْمه أَوْس بن عبد الله الربعِي الْبَصْرِيّ.
فَإِن قلت: قَالَ أَبُو دَاوُد: هَذَا الحَدِيث لَيْسَ بالمشهور عَن عبد السَّلَام بن حَرْب، وَلم يروه إلاّ طلق بن غَنَّام، وَقد روى قصَّة الصَّلَاة جمَاعَة غير وَاحِد عَن بديل لم يذكرُوا فِيهِ شَيْئا من هَذَا.
.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث لَا نعرفه إلاّ من هَذَا الْوَجْه، وحارثة قد تكلم فِيهِ قلت: قد أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك بِالْإِسْنَادِ: أَعنِي إِسْنَاد أبي دَاوُد وَإسْنَاد التِّرْمِذِيّ.
.

     وَقَالَ : صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ، وَلَا أحفظ فِي قَوْله: (سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك) فِي الصَّلَاة أصح من هَذَا الحَدِيث.
وَقد صَحَّ عَن عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه كَانَ يَقُوله.
ثمَّ أخرجه عَن الْأَعْمَش عَن الْأسود عَن عمر قَالَ: وَقد أسْندهُ بَعضهم عَن عمر وَلَا يَصح.
وَأخرجه مُسلم فِي (صَحِيحه) عَن عَبدة وَهُوَ ابْن أبي لبابَُُة: أَن عمر بن الْخطاب كَانَ يجْهر بهؤلاء الْكَلِمَات يَقُول: (سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك وتبارك اسْمك وَتَعَالَى جدك وَلَا إِلَه غَيْرك) .
.

     وَقَالَ  الْمُنْذِرِيّ وَعَبدَة: لَا يعرف لَهُ سَماع من عمر، وَإِنَّمَا سمع من ابْنه عبد الله، وَيُقَال: إِنَّه رأى عمر رُؤْيَة.
.

     وَقَالَ  صَاحب (التَّنْقِيح) : وَإِنَّمَا أخرجه مُسلم فِي (صَحِيحه) لِأَنَّهُ سَمعه مَعَ غَيره.
.

     وَقَالَ  الدَّارَقُطْنِيّ فِي كِتَابه (الْعِلَل) : وَقد رَوَاهُ إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن عبد الْملك بن حميد بن أبي غنية عَن أبي إِسْحَاق السبيعِي عَن الْأسود عَن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَخَالفهُ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ فَرَوَاهُ عَن الْأسود عَن عمر.
قَوْله: وَهُوَ الصَّحِيح، وروى التِّرْمِذِيّ من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ، قَالَ: (كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة كبر ثمَّ يَقُول: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك وتبارك اسْمك وَتَعَالَى جدك وَلَا إِلَه غَيْرك، ثمَّ يَقُول: الله أكبر كَبِيرا، ثمَّ يَقُول: أعوذ بِاللَّه السَّمِيع الْعَلِيم من الشَّيْطَان الرَّجِيم من همزَة ونفخه ونفثه) .
ثمَّ قَالَ: وَفِي الْبابُُ عَن عَليّ وَعبد الله بن مَسْعُود وَعَائِشَة وَجَابِر وَجبير بن مطعم وَابْن عمر، ثمَّ قَالَ، وَحَدِيث أبي سعيد أشهر حَدِيث فِي هَذَا الْبابُُ.
وَقد أَخذ قوم من أهل الْعلم بِهَذَا الحَدِيث.
وَأما أَكثر أهل الْعلم فَقَالُوا: إِنَّمَا رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يَقُول: (سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك وتبارك اسْمك وَتَعَالَى جدك وَلَا إِلَه غَيْرك) ، وَهَكَذَا رُوِيَ عَن عمر بن الْخطاب وَعبد الله بن مَسْعُود، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، وَالْعَمَل على هَذَا عِنْد أَكثر أهل الْعلم من التَّابِعين وَغَيرهم.

قلت: أما حَدِيث عَليّ فَأخْرجهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي أول كتاب (الْجَامِع) عَن اللَّيْث بن سعد عَن سعيد بن يزِيد عَن الْأَعْرَج عَن عبيد الله بن أبي رَافع عَن عَليّ بن أبي طَالب عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يجمع فِي أول صلَاته بَين: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك، وَبَين وجهت وَجْهي إِلَى آخرهما.
قَالَ إِسْحَاق: وَالْجمع بَينهمَا أحب إِلَيّ.
وَفِي كتاب (الْعِلَل) لِابْنِ أبي حَاتِم: سُئِلَ أَحْمد بن سَلمَة، أَي: عَن هَذَا الحَدِيث، فَقَالَ: حَدِيث مَوْضُوع بَاطِل لَا أصل لَهُ، أرى أَن هَذَا من رِوَايَة خَالِد بن الْقَاسِم المدايني، وَقد كَانَ خرج إِلَى مصر فَسمع من اللَّيْث وَرجع إِلَى الْمَدَائِن فَسمع مِنْهُ النَّاس، فَكَانَ يُوصل الْمَرَاسِيل وَيَضَع لَهَا أَسَانِيد.
فَخرج رجل من أهل الحَدِيث إِلَى مصر فَكتب، كتب اللَّيْث هُنَالك، ثمَّ قدم بهَا بَغْدَاد فعارضوا بِتِلْكَ الْأَحَادِيث، فَبَان لَهُم أَن أَحَادِيث خَالِد مفتعلة.
وَقد روى مُسلم حَدِيث عَليّ مُنْفَردا بقوله: (وجهت وَجْهي) ، فَقَط أخرجه فِي التَّهَجُّد من رِوَايَة عبيد الله بن أبي رَافع عَن عَليّ بن أبي طَالب: (أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة قَالَ: وجهت وَجْهي للَّذي فطر السَّمَوَات وَالْأَرْض حَنِيفا مُسلما وَمَا أَنا من الْمُشْركين إِن صَلَاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب الْعَالمين لَا شرك لَهُ، وَبِذَلِك أمرت وَأَنا من الْمُسلمين) .
وَفِي رِوَايَة لمُسلم: (وَأَنا أول الْمُسلمين) ، اللَّهُمَّ أَنْت الْملك لَا إِلَه إلاّ أَنْت) .
الحَدِيث.

وَأما حَدِيث عبد الله بن مَسْعُود فَأخْرجهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه من حَدِيث أبي الأحوض عَن عبد الله قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا افْتتح الصَّلَاة قَالَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك ... إِلَى آخِره.

وَأما حَدِيث عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، فقد ذَكرْنَاهُ عَن قريب.

وَأما حَدِيث جَابر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَأخْرجهُ الدَّارَقُطْنِيّ عَنهُ: (كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يستفتح الصَّلَاة، بسبحانك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك) إِلَى آخِره، وَبعده ابْن قدامَة: رجال إِسْنَاده كلهم ثِقَات، وَطعن فِيهِ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ.

وَأما حَدِيث جُبَير بن مطعم فَأخْرجهُ أَبُو دَاوُد عَن ابْن جُبَير بن مطعم عَن أَبِيه أَنه: رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي صَلَاة، قَالَ عمر: وَلَا أَدْرِي أَي صَلَاة هِيَ، قَالَ: الله أكبر كَبِيرا الله أكبر كَبِيرا الله أكبر كَبِيرا وَالْحَمْد لله حمدا كثيرا وَسُبْحَان الله بكرَة وَأَصِيلا ثَلَاثًا، أعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم من نفخه ونفثه وهمزه) .

وَأما حَدِيث ابْن عمر فَأخْرجهُ الطَّبَرَانِيّ فِي (مُعْجَمه) من حَدِيث مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر: عَن عبد الله بن عمر، قَالَ: (كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا افْتتح الصَّلَاة قَالَ: وجهت وَجْهي للَّذي فطر السَّمَوَات وَالْأَرْض حَنِيفا.
وَمَا أَنا من الْمُشْركين، سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك، وتبارك اسْمك وَتَعَالَى جدك وَلَا إِلَه غَيْرك، إِن صَلَاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب الْعَالمين لَا شريك لَهُ، وَبِذَلِك أمرت وَأَنا أول الْمُسلمين) .
وَقد ذكرنَا عَن مُسلم أَنه أخرج عَن عَليّ: (وجهت وَجْهي) إِلَى آخِره.

قلت: وَفِي الْبابُُ أَيْضا عَن أنس أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث حميد عَن أنس، قَالَ: (كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا افْتتح الصَّلَاة كبر ثمَّ رفع يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِي بإبهاميه أُذُنَيْهِ ثمَّ يَقُول: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك، وتبارك اسْمك وَتَعَالَى جدك وَلَا إِلَه غَيْرك) .
ثمَّ قَالَ: وَرِجَال إِسْنَاده كلهم ثِقَات.
وَعَن الحكم بن عُمَيْر الثمالِي أخرجه الطَّبَرَانِيّ عَنهُ، قَالَ: (كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعلمنَا: إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة فارفعوا أَيْدِيكُم وَلَا تخَالف آذانكم.
ثمَّ قُولُوا: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك وتبارك اسْمك وَتَعَالَى جدك وَلَا إِلَه غَيْرك، وَإِن لم تَزِيدُوا على التَّكْبِير أجزاكم) وَعَن وَاثِلَة أخرجه الطَّبَرَانِيّ عَنهُ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (كَانَ يَقُول إِذا افْتتح الصَّلَاة: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك.
.
) إِلَى آخِره.
وَعَن عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن عمر بن الْخطاب: كَانَ النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِذا كبر للصَّلَاة قَالَ: (سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك.
.
) إِلَى آخِره،.

     وَقَالَ  الدَّارَقُطْنِيّ، وَالْمَحْفُوظ أَنه مَوْقُوف على عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى عَن قريب.
وَاسْتحبَّ الشَّافِعِي الاستفتاح بِحَدِيث عَليّ من عِنْد مُسلم، وَقد مضى عَن قريب.
.

     وَقَالَ  ابْن الْجَوْزِيّ: كَانَ ذَلِك فِي أول الْأَمر أَو النَّافِلَة.
قلت: كَانَ فِي النَّافِلَة، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ من حَدِيث مُحَمَّد بن مسلمة: (أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا قَامَ يُصَلِّي تَطَوّعا قَالَ: وجهت وَجْهي) إِلَى آخِره.
وَلَكِن فِي (صَحِيح ابْن حبَان) : كَانَ إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة.
.
) قَالَه،.

     وَقَالَ  ابْن قدامَة: الْعَمَل بِهِ مَتْرُوك، فَإنَّا لَا نعلم أحدا استفتح بِالْحَدِيثِ كُله، وَإِنَّمَا يستفتحون بأوله.
.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير فِي (شرح الْمسند) : الَّذِي ذهب إِلَيْهِ الشَّافِعِي فِي (الْأُم) أَنه يَأْتِي بِهَذِهِ الْأَذْكَار جَمِيعًا من أَولهَا إِلَى آخرهَا فِي الْفَرِيضَة والنافلة، وَأما الْمُزنِيّ فروى عَنهُ أَنه يَقُول: وجهت وَجْهي ... إِلَى قَوْله: من الْمُسلمين.
قَالَ أَبُو يُوسُف: يجمع بَين قَول: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك، وَبَين قَول: وجهت وَجْهي، وَهُوَ قَول أبي إِسْحَاق الْمروزِي وَأبي حَامِد الشافعيين.
وَفِي (الْمُحِيط) : يسْتَحبّ قَول: وجهت وَجْهي قبل التَّكْبِير، وَقيل: لَا يسْتَحبّ لتطويل الْقيام مُسْتَقْبل الْقبْلَة من غير صَلَاة.
.

     وَقَالَ  ابْن بطال: إِن الشَّافِعِي قَالَ: أحب للْإِمَام إِن يكون لَهُ سكتة بَين التَّكْبِير وَالْقِرَاءَة ليقْرَأ الْمَأْمُوم فِيهَا، ثمَّ قَالَ: وَحَدِيث أبي هُرَيْرَة يرد الْعلَّة الَّتِي علل بهَا الشَّافِعِي هَذِه السكتة، لِأَن أَبَا هُرَيْرَة سَأَلَ الشَّارِع عَنْهَا، فَقَالَ: أَقُول: اللَّهُمَّ باعد ... إِلَى آخِره، وَلَو كَانَ ليقْرَأ من وَرَاء الإِمَام فِيهَا لذكر ذَلِك، فَبين أَن السكتة لغير مَا قَالَه الشَّافِعِي.
.

     وَقَالَ  صَاحب (التَّوْضِيح) : هَذَا الَّذِي قَالَه عَن الشَّافِعِي غلط من أَصله، فَإِن الَّذِي استحبه الشَّافِعِي السكتة فِيهَا لأجل قِرَاءَة الْمَأْمُوم الْفَاتِحَة إِنَّمَا هِيَ السكتة الثَّالِثَة بعد قَوْله: آمين، ورده ابْن الْمُنِير أَيْضا بِأَنَّهُ: لَا يلْزم من كَونه أخبرهُ بِصفة مَا يَقُول أَن لَا يكون سَبَب السُّكُوت مَا ذكر، وَقيل: هَذَا النَّقْل من أَصله غير مَعْرُوف عَن الشَّافِعِي وَلَا عَن أَصْحَابه، إلاّ أَن الْغَزالِيّ قَالَ فِي (الْإِحْيَاء) : إِن الْمَأْمُوم يقْرَأ الْفَاتِحَة إِذا اشْتغل الإِمَام بِدُعَاء الِافْتِتَاح، وخولف فِي ذَلِك، بل أطلق الْمُتَوَلِي وَغَيره تَقْدِيم الْمَأْمُوم قِرَاءَة الْفَاتِحَة على الإِمَام.
وَفِي وَجه إِن فرغها قبله بطلت صلَاته، وَالْمَعْرُوف أَن الْمَأْمُوم يقْرؤهَا إِذا سكت الإِمَام بَين الْفَاتِحَة وَالسورَة، وَهُوَ الَّذِي حَكَاهُ عِيَاض وَغَيره عَن الشَّافِعِي.

وَقد نَص الشَّافِعِي على أَن الْمَأْمُوم يَقُول دُعَاء الِافْتِتَاح كَمَا يَقُوله الإِمَام قلت: قَالَ الْمُزنِيّ: وَهُوَ فِي حق الإِمَام فَقَط،.

     وَقَالَ  بَعضهم: والسكتة الَّتِي بَين الْفَاتِحَة وَالسورَة ثَبت فِيهَا حَدِيث سَمُرَة عِنْد أبي دَاوُد وَغَيره.
قلت: قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم حَدثنَا إِسْمَاعِيل عَن يُونُس عَن الْحسن قَالَ: قَالَ سَمُرَة: حفظت سكتتين فِي الصَّلَاة، سكتة إِذا كبر الإِمَام حِين يقْرَأ، وسكتة إِذا فرغ من فَاتِحَة الْكتاب، وَسورَة عِنْد الرُّكُوع.
قَالَ: فَأنْكر ذَلِك عَلَيْهِ عمرَان بن الْحصين، قَالَ: فَكَتَبُوا فِي ذَلِك إِلَى الْمَدِينَة، إِلَى أبي، فَصدق سَمُرَة.
قَوْله: (سكتة إِذا كبر الإِمَام) فِيهِ دَلِيل لأبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد بن حَنْبَل، وَالْجُمْهُور إِنَّه يسْتَحبّ دُعَاء الِافْتِتَاح.
.

     وَقَالَ  مَالك: لَا يسْتَحبّ دُعَاء الِافْتِتَاح بعد تَكْبِيرَة الإفتتاح.
قَوْله: (وسكتة إِذا فرغ) ، أَي: عِنْد فرَاغ الإِمَام التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضعمام من فَاتِحَة الْكتاب وَسورَة،.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: وَهَذِه السكتة ليقْرَأ من خلف الإِمَام وَلَا ينازعه فِي الْقِرَاءَة، وَهُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي، وَعند أَصْحَابنَا: لَا يقْرَأ الْمُقْتَدِي خلف الإِمَام، فَتحمل هَذِه السكتة عندنَا على الْفَصْل بَين الْقِرَاءَة وَالرُّكُوع بالتأني وَترك الاستعجال بِالرُّكُوعِ بعد الْفَرَاغ من الْقِرَاءَة، وَلَكِن حد هَذِه السكتة قدر مَا يَقع بِهِ الْفَصْل بَين الْقِرَاءَة وَالرُّكُوع، حَتَّى إِذا طَال جدا، فَإِن كَانَ عمدا يكره، وَإِن كَانَ سَهوا يجب عَلَيْهِ سَجْدَة السَّهْو، لِأَن فِيهِ تَأْخِير الرُّكْن.
.

     وَقَالَ  أَبُو دَاوُد: وَكَذَا قَالَ حميد: وسكتة إِذا فرغ من الْقِرَاءَة، وَقد حمل الْبَعْض هَذِه السكتة على ترك رفع الصَّوْت بِالْقِرَاءَةِ دون السُّكُوت عَن الْقِرَاءَة،.

     وَقَالَ  أَبُو دَاوُد: حَدثنَا القعْنبِي، قَالَ مَالك: لَا بَأْس بِالدُّعَاءِ فِي الصَّلَاة فِي أَوله وَفِي أوسطه وَفِي آخِره فِي الْفَرِيضَة وَغَيرهَا.
قلت: وَكَذَا رُوِيَ عَن الشَّافِعِي،.

     وَقَالَ  الْبَغَوِيّ: وَبِأَيِّ دُعَاء من الْأَدْعِيَة الْوَارِدَة فِي هَذَا الْبابُُ استفتح حصلت سنة الِافْتِتَاح، وَعِنْدنَا: لَا يستفتح إلاّ بسبحانك اللَّهُمَّ.
.
إِلَى آخِره، وَأما الْأَدْعِيَة الْمَذْكُورَة فِي هَذَا الْبابُُ فَإِن أَرَادَ يَدْعُو بهَا فِي آخر صلَاته بعد الْفَرَاغ من التَّشَهُّد فِي الْفَرْض، وَأما بابُُ النَّفْل فواسع، وكل مَا جَاءَ فِي هَذِه الْأَدْعِيَة فَمَحْمُول على صَلَاة اللَّيْل.
.

     وَقَالَ  ابْن بطال: لَو كَانَت هَذِه السكتة فِيمَا واظب عَلَيْهِ الشَّارِع لنقلها أهل الْمَدِينَة عيَانًا وَعَملا، فَيحْتَمل أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعلهَا فِي وَقت ثمَّ تَركهَا، فَتَركهَا وَاسع.
.

     وَقَالَ  صَاحب (التَّوْضِيح) : الحَدِيث ورد بِلَفْظ: (كَانَ إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة) وبلفظ: (كَانَ إِذا قَامَ يُصَلِّي تَطَوّعا) .
وبلفظ: (كَانَ إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة قَالَه) .
وَكَانَ، هُنَا يشْعر بالمداومة عَلَيْهِ قلت: إِذا ثبتَتْ المداومة يثبت الْوُجُوب، وَلم يقل بِهِ أحد.