هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
793 حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى أَبُو صَالِحٍ ، حَدَّثَنَا هِقْلُ بْنُ زِيَادٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ الْأَوْزَاعِيَّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ ، حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ كَعْبٍ الْأَسْلَمِيُّ ، قَالَ : كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ فَقَالَ لِي : سَلْ فَقُلْتُ : أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ . قَالَ : أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ قُلْتُ : هُوَ ذَاكَ . قَالَ : فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
793 حدثنا الحكم بن موسى أبو صالح ، حدثنا هقل بن زياد ، قال : سمعت الأوزاعي ، قال : حدثني يحيى بن أبي كثير ، حدثني أبو سلمة ، حدثني ربيعة بن كعب الأسلمي ، قال : كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته بوضوئه وحاجته فقال لي : سل فقلت : أسألك مرافقتك في الجنة . قال : أو غير ذلك قلت : هو ذاك . قال : فأعني على نفسك بكثرة السجود
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Rabi'a b. Ka'b said:

I was with Allah's Messenger (ﷺ) one night. and I brought him water and what he required. He said to me: Ask (anything you like). I said: I ask your company in Paradise. He (the Holy Prophet) said: Or anything else besides it. I said: That is all (what I require). He said: Then help me to achieve this for you by devoting yourself often to prostration.

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [489] أَو غير ذَلِك هُوَ بِفَتْح الْوَاو فأعني على نَفسك بِكَثْرَة السُّجُود هُوَ كِنَايَة عَن كَثْرَة الصَّلَاة

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه قال: كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته بوضوئه وحاجته.
فقال لي: سل فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة.
قال: أو غير ذلك؟ قلت: هو ذاك.
قال: فأعني على نفسك بكثرة السجود.


المعنى العام

ثلاث مجموعات من الأحاديث، تنهى عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، وتوضح ما ينبغي أن يقال فيهما من الأذكار، وتبين فضل السجود ومكانته بين الطاعات.

المجموعة الأولى: تتحدث عن صورة مشرقة لحرص النبي صلى الله عليه وسلم على محافظة أمته على تعاليم الإسلام وحرصه على الاطمئنان على تطبيقهم العملي لسنته، حتى ساعة أقعده المرض الأخير عن الخروج إلى الصلاة، وكان يغشى عليه من الحمى، ثم يفيق، فإذا أفاق سأل أزواجه عن أداء المسلمين الصلاة: هل صلى الناس؟ فيقلن: لا، وهم ينتظرونك.
فيقول: مروا أبا بكر فليصل بهم، حتى إذا أمروا أبا بكر، فقام يصلي بالناس كشف الرسول صلى الله عليه وسلم الستارة التي بين بيته وبين المسجد، كشف الستارة ورأسه معصوب من شدة الألم، فرأى الناس صفوفا خلف أبي بكر كما علمهم أن يصفوا أنفسهم كصفوف الملائكة، فاطمأن على إقامتهم للركن الأساسي في الإسلام، وبشرهم ببقاء جزء من أربعين جزءا من النبوة بينهم بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، قال لهم: إلا إنه لا نبي بعدي، ولن يبقى بعد وفاتي من طلائع النبوة وأحوالها وروافدها إلا الرؤيا الصادقة في المنام، يراها المسلم الصالح أو يراها غيره له، يطلعه الله على بعض غيبه، يبشره بما سيأتيه من خير، لكيلا يفرح بما آتاه عند إتيانه، ولتتهيأ نفسه لاستقباله دون مفاجأة أو طغيان، وينذره مما سيصيبه من شر، ليستعد له، ويروض نفسه على احتماله قبل وصوله، فإذا وصل لم يكن صدمة يفزع لها، أو يفقد من هولها صوابه، كل ذلك لطف من الله بالمسلم ليرضى بالقضاء، ويشكر عند السراء والضراء.

بعد هذه البشرى بما أفاض ويفيض الله على عبده الصالح وضع صلى الله عليه وسلم اللمسات الأخيرة على هيئة الصلاة فقال: أيها الناس.
ألا إني نهيت أن أقرأ القرآن راكعا وساجدا، فلا تقرءوا القرآن في الركوع والسجود فعظموا فيه الرب، وقولوا: سبحان ربنا العظيم، وأما السجود فهو أقرب ما يكون العبد من ربه، فادعوا الله فيه، واجتهدوا في الدعاء، وأكثروا وألحوا، فجدير أن يستجيب الله لكم وأنتم سجود.
أيها الناس.
ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد.
اللهم قد بلغت.
اللهم فاشهد.
اللهم قد بلغت اللهم فاشهد ثم أرخى الستر فلم يره الصحابة بعد، ولحق بالرفيق الأعلى صلى الله عليه وسلم.

والمجموعة الثانية: تدعو إلى كثرة الدعاء في السجود، وتبرز ما كان يدعو به صلى الله عليه وسلم في سجوده في أيامه الأخيرة، وأنه كان يقول أحيانًا في سجوده اللهم اغفر لي ذنبي كله، صغيره وكبيره، حقيره وجليله، وأوله ووسطه وآخره، علانيته وسره.

وإنه كثيرًا ما كان يقول في ركوعه وفي سجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي.

وأحيانًا ما كان يقول: سبحانك وبحمدك.
لا إله إلا أنت.
اللهم إني أعوذ برضاك عن سخطك، وبمعافاتك عن عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك.
أنت كما أثنيت على نفسك.

وأحيانا كان يقول في ركوعه وسجوده: سبوح قدوس رب الملائكة والروح.

ولاحظت أم المؤمنين عائشة - وهي مشهورة بالذكاء واليقظة، ومتابعة حركاته وسكناته صلى الله عليه وسلم - لاحظت أنه منذ وقت قريب يكثر من التسبيح والتحميد والتوبة والاستغفار على غير ما كانت تعهد من قبل، لاحظت أنه لا يقوم ولا يقعد، ولا يذهب ولا يجيء، ولا يركع ولا يسجد، إلا ويذكر هذه الكلمات فقالت: يا رسول الله، ما هذه الكلمات التي أسمعها منك حديثا؟ ولم أكن أسمعك تواظب عليها قديما؟ قال: يا عائشة أخبرني ربي أنني سأرى علامة، وأمرني أنني إذا رأيتها أكثر من هذه الكلمات، وقد رأيتها، فأنا أكثر منها.

هذا الإخبار كان بنزول قوله تعالى: { { إذا جاء نصر الله والفتح.
ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا.
فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا
}
}

وقد رأيت هذه العلامة، ففتح الله مكة، ودخل الناس في دين الله أفواجا، فأنا أقولها إيذانا بقرب نهايتي فقد أكمل الله لكم دينكم، وأتم عليكم نعمته، ورضي لكم الإسلام دينا، ولم يبق إلا أن أسبح، وأحمد وأستغفر وأتوب وأنتظر اللحوق بالرفيق الأعلى.

المجموعة الثالثة: تحكي أن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله معدان بن أبي طلحة اليعمري عن أحب الأعمال إلى الله: فسكت ثوبان مبديا إعجابه وسروره بالسؤال مما شجع معدان أن يعيد السؤال، وسكت ثوبان للمرة الثانية وفي وجهه بشاشة السرور بحرص المسلمين على الترقي بالأعمال الصالحة، فسأله معدان نفس السؤال للمرة الثالثة، فقال ثوبان: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: عليك بكثرة السجود - سجود الصلاة، وسجود شكر وسجود التلاوة - فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة، وأعطاك بها حسنة، وغفر لك بها سيئة.

كما تحكي هذه المجموعة أن ربيعة بن كعب الأسلمي كان يبيت ليلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان الصحابة يتقربون بخدمته صلى الله عليه وسلم ويحرصون على مساعدته في وضوئه بإحضار الماء وصبه، فلما قام بذلك ربيعة أراد صلى الله عليه وسلم أن يكافئه، فقال له: ماذا تطلب لأدعو لك به، فقال ربيعة: أسألك مرافقتك في الجنة.
قال: سألت عظيما، أو غير هذا السؤال؟ قال: لا، هو ذاك ليس غير، قال صلى الله عليه وسلم: فأعني على إجابة سؤالك بكثرة السجود، وكثرة الدعاء فيه.
فأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد.

فاللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك وكثرة السجود لك، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

المباحث العربية

( كشف رسول الله صلى الله عليه وسلم الستارة) أي رفع الستارة التي كانت بين بيته وبين مسجده صلى الله عليه وسلم، والستارة بكسر السين الستر الذي يكون على باب البيت والدار، واستعملت حديثا بعد الأبواب على النوافذ.

( والناس صفوف خلف أبي بكر) يصلي بهم خلفًا للنبي صلى الله عليه وسلم في مرض موته.

( ألا وإني نهيت أن أقرأ...
)
ألا بفتح الهمزة وتخفيف اللام حرف تنبيه، تدل على تحقق ما بعدها، ويقول عنها المعربون: حرف استفتاح، والواو بعدها عاطفة، والتقدير: إلا إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة وإني نهيت أن أقرأ، وأن وما دخلت عليه في تأويل مصدر مجرور بحرف محذوف، والتقدير: نهيت عن قراءتي القرآن في الركوع.

( فأما الركوع فعظموا فيه الرب) أي مجدوه ونزهوه عن النقائص، بقولكم: سبحان ربي العظيم.

( وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء) فيه، أكثروا، أو رددوا، أو ألحوا، على ما سيأتي في فقه الحديث.

( فقمن أن يستجاب لكم) قمن بفتح الميم وكسرها لغتان، ويقال أيضًا: قمين بزيادة ياء، ومعناه حقيق وجدير.

( نهاني...
ولا أقول: نهاكم)
معناه أن النهي في صورته كان موجهًا لي في هذه القصة، ولم يتوجه إلى أحد من الحاضرين: وهذا لا يمنع من شمول النهي للجميع، ولا من توجهه لهم في قصة أخرى، وربما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم عليًا - كرم الله وجهه - يقرأ القرآن في ركوعه أو سجوده فنهاه - لأن الأصل في النهي عن شيء إنما يكون عند الوقوع فيه أو عند الخوف من الوقوع فيه - فيكون في هذا القول من على صورة رائعة لإبراز الحق ودفع الشبهة عن الآخرين، فكأنه يقول: أنا الذي أخطأت فنهيت لا أنتم.

( نهاني حبي) بكسر الحاء والباء المشددة، أي محبوبي

( أقرب ما يكون العبد من ربه) في الكلام مضاف محذوف، أي أقرب ما يكون العبد من رحمة ربه وفضله.

( اللهم اغفر لي ذنبي كله.
دقه وجله)
دقه بكسر الدال وتشديد القاف المفتوحة، أي دقيقه وصغيره، وجله أي عظيمه، فالمراد قليله وكثيره.

( وأوله وآخره) ليس المراد الأول والآخر دون ما بينهما، بل العبارة كناية عن الإحاطة والشمول، أي الكل.
وكذا يقال في دقه وجله وعلانيته وسره والمراد من العبارات الثلاث التأكيد لقوله ذنبي كله إثر تأكيد.

( يكثر أن يقول....) أن وما دخلت عليه في تأويل مصدر مفعول به.
والتقدير: يكثر قول سبحانك اللهم في ركوعه وسجوده.

( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي) قال الواحدي: أجمع المفسرون وأهل المعاني على أن معنى تسبيح الله تعالى تنزيهه وتبرئته من السوء.
قال: وأصله في اللغة التبعيد، من قولك: سبحت في الأرض إذا ضربت فيها.
اهـ فسبحانك اللهم معناه براءة وتنزيهًا لك من كل نقص وسبحانك منصوب على المصدر، يقال: سبحت الله بتشديد الباء تسبيحًا وسبحانًا فجعل السبحان موضع التسبيح، فحذف الفعل سبحت اختصارًا، ولكثرة الاستعمال صار حذفه لازمًا.
واللهم منادى، أي يا ربنا، وبحمدك أسبح، والمراد من الحمد لازمه مجازًا، وهو ما يوجبه من التوفيق والهداية، والمعنى بتوفيقك لي وهدايتك وفضلك سبحتك، لا بحولي وقوتي، ففيه شكر الله على هذه النعمة، والاعتراف بها، والتفويض إلى الله تعالى، وأن كل الأفعال له، فالواو في وبحمدك إما للحال، إما لعطف الجملة على الجملة.

( يتأول القرآن) المراد من القرآن بعضه، والمراد بهذا البعض قوله تعالى: { { إذا جاء نصر الله والفتح.
ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا.
فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا
}
}
فهو صلى الله عليه وسلم يتأول قوله تعالى { { فسبح بحمد ربك واستغفره } } أي يفعل ما أمر به فيقول في ركوعه وسجوده وفي كثير من أوقاته: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي.

( يكثر أن يقول قبل أن يموت) أي في الفترة بين نزول سورة النصر وبين موته صلى الله عليه وسلم.

( ما هذه الكلمات التي أراك أحدثتها تقولها؟) جملة تقولها بيان لجملة أحدثها أي تقولها حديثًا.

( جعلت لي علامة في أمتي) علامة بالرفع نائب فاعل، أي جعل الله لي علامة في أمتي.

( إذا رأيتها قلتها) أي إذا رأيت هذه العلامة قلت هذه الكلمات، وهذه العلامة هي فتح مكة ودخول الناس في دين الله أفواجًا وقد رأيتها، فلذلك أقولها وأكثر من قولها، عملاً بقوله تعالى: { { إذا جاء نصر الله والفتح.
ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا.
فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا
}
}

( كيف تقول أنت في الركوع؟) كان الظاهر أن يقول: ماذا تقول أنت في الركوع؟ لأنه يسأل عما يقول، لا عن كيفيته، ولكنه أراد السؤال عن القول بدقة حتى كأنه يسأل عنه وعن كيفيته.

( افتقدت النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة) في الرواية الثامنة فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الفراش وفقد وافتقد بمعنى، والمقصود أنها لم تجده في فراشه.

( فتحسست ثم رجعت) وفي الرواية الثامنة فالتمسته والتحسس البحث بإحدى الحواس، والالتماس في أصله البحث باللمس، والظاهر أنها تسمعت لصوته أو نفسه في نواحي البيت، فلما لم تجده رجعت إلى مكان النوم، ثم بدا لها أن تتجه إلى المسجد، وبين حجراته والمسجد ستر كما ذكرنا، وفي الظلام تحسست بيدها.

( فإذا هو راكع أو ساجد) في الرواية الثامنة فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد وهما منصوبتان وهذه الهيئة لا تكون في الركوع، ولا تكون إلا في السجود فقولها في روايتنا فإذا هو راكع أو ساجد مشكل.
إلا إذا قلنا بتعدد القصة، تعدد افتقاده صلى الله عليه وسلم والتماسه، فالرواية السابعة تحكي أنها سمعته يقول هذا الذكر ولم تلمسه، ولم تتبين إن كان في ركوع أو في سجود، والرواية الثامنة تحكي أنها لمسته بيدها، لمست بطن قدميه فكان في سجود، يساعد على هذا الفهم اختلاف الذكر الوارد في كل من الروايتين.
والله أعلم.

( بأبي أنت وأمي) كثيرة الاستعمال لحسن حذف فعلها، والأصل: أفديك بأبي وأمي يا رسول الله.
تقال عند مشاهدة فعل عظيم.

( إني لفي شأن وإنك لفي آخر) أي إني لفي ظني ما ظننت، وإنك لعلى نقيض من ظني، حيث تركت متعة النساء إلى متعة عبادة ربك.

( أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك) قال الخطابي: في هذا معنى لطيف، وذلك أنه استعاذ بالله تعالى وسأله أن يجيره برضاه من سخطه، وبمعافاته من عقوبته، والرضا والسخط ضدان متقابلان، وكذلك المعافاة والعقوبة، فلما صار إلى ذكر ما لا ضد له، وهو الله سبحانه وتعالى استعاذ به منه لا غير، ومعناه الاستغفار من التقصير في بلوغ الواجب من حق عبادته والثناء عليه.

( لا أحصي ثناء عليك) أي لا أطيقه ولا آتي عليه، وقيل: لا أحيط به، وقال مالك: معناه لا أحصي نعمتك وإحسانك والثناء بها عليك وإن اجتهدت في الثناء عليك.

( أنت كما أثنيت على نفسك) قال النووي: هذا اعتراف بالعجز عن تفصيل الثناء، وأنه لا يقدر على بلوغ حقيقته، ورد للثناء إلى الجملة دون التفصيل والتعيين، فوكل ذلك إلى الله تعالى المحيط بكل شيء جملة وتفصيلاً، وكما أنه لا نهاية لصفاته لا نهاية للثناء عليه، لأن الثناء تابع للمثنى عليه، وكل ثناء أثنى به عليه، وإن كثر وطال وبولغ فيه، فقدر الله أعظم، وسلطانه أعز، وصفاته أكبر وأكثر، وفضله وإحسانه أوسع وأسبغ.
اهـ

( سبوح قدوس) بضم السين والقاف، وقد يفتحان، والضم أفصح وأكثر، قال أهل اللغة: هما صفتان لله تعالى: وقال ابن فارس والترمذي: اسمان لله تعالى.
فالمراد بالسبوح المسبح، أي المبرأ من النقائص والشريك وكل ما لا يليق بالإلهية، والمراد بالقدوس المقدس، أي المطهر من كل ما لا يليق بالخالق، وقال الهروي: قيل: القدوس المبارك.

والرواية هكذا برفع سبوح قدوس وقال القاضي عياض: وقيل: سبوحًا قدوسًا بالنصب، أي أسبح سبوحًا أو أذكر أو أعظم أو أعبد.

( رب الملائكة والروح ) قيل: الروح جبريل، وقيل: ملك عظيم أعظم الملائكة خلقًا، وقيل: أشرف الملائكة، وعلى كل هذا هو من عطف الخاص على العام لمزيد عناية بهذا الخاص، والأصح أنه جبريل، فقد عطف صريحا في قوله تعالى: { { من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين } } [البقرة:98] كما أطلق عليه الروح في قوله: { { نزل به الروح الأمين.
على قلبك لتكون من المنذرين
}
}
[الشعراء: 193- 194]

ومن الأقوال الضعيفة ما قيل: إن المراد بالروح خلق كالناس ليسوا بناس، وما قيل: إنهم خلق لا تراهم الملائكة كما لا نرى نحن الملائكة.
والله أعلم.

فقه الحديث

يمكن حصر الكلام في فقه الحديث في أربع نقاط:

الأولى: حكم القراءة في الركوع والسجود.

الثانية: حكم التسبيح في الركوع والسجود، والأذكار الواردة فيهما.

الثالثة: الرؤيا الصالحة

الرابعة: ما يؤخذ من الحديث من أحكام

وإليك التفصيل:

1- قال الإمام النووي: لو قرأ في ركوع أو سجود غير الفاتحة عمدًا كره ولم تبطل صلاته، وإن قرأ الفاتحة عمدًا فالأصح أنه يحرم وتبطل صلاته، لأنه نقل ركنا إلى غير موضعه، كما لو ركع أو سجد في غير موضعه وقيل: يكره ولا تبطل.
هذا مذهب الشافعية، وعند جمهور الحنفية: أنه يكره ولا تبطل.
أما إن قرأ سهوًا فلا كراهة، وسواء قرأ عمدًا أو سهوًا يسجد للسهو عند الشافعي رحمه الله تعالى اهـ

2- وظيفة الركوع التسبيح والذكر، وكره مالك الدعاء في الركوع، ووظيفة السجود التسبيح والذكر والدعاء، والمستحب أن يقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم، لما ورد أنه لما نزل قوله تعالى: { { فسبح باسم ربك العظيم } } [الواقعة: 74] قال صلى الله عليه وسلم: اجعلوها في ركوعكم، ويستحب أن يقول في سجوده: سبحان ربي الأعلى، لما ورد أنه لما نزل قوله تعالى: { { سبح اسم ربك الأعلى } } [الأعلى:1] قال صلى الله عليه وسلم: اجعلوها في سجودكم.

ويستحب أن يكرر كل واحدة منها ثلاث مرات، ويضم إليها ما شاء من أذكار تأتي، هذا للمفرد، وللإمام الذي يعلم أن المأمومين يؤثرون التطويل، فإن شك لم يزد على التسبيح، ولو اقتصر الإمام والمنفرد في تسبيحه على واحدة، فقال: سبحان الله أو سبحان ربي حصل أصل سنة التسبيح، لكن ترك كمالها وأفضلها، وأدنى الكمال أن يقول: سبحان ربي العظيم في الركوع، وسبحان ربي الأعلى في السجود ثلاث مرات، ولو سبح خمسا أو سبعا أو تسعا أو إحدى عشرة كان أفضل وأكمل.

قال النووي: واعلم أن التسبيح في الركوع والسجود سنة غير واجب هذا مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي والجمهور، وأوجبه أحمد وطائفة من أئمة الحديث لظاهر الحديث في الأمر به، ولقوله صلى الله عليه وسلم: صلوا كما رأيتموني أصلي.

وأجاب الجمهور بأنه محمول على الاستحباب، واحتجوا بحديث المسيء صلاته، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمره به، ولو وجب لأمره به.
اهـ

والأذكار الواردة في الركوع والسجود كثيرة منها ما ورد في روايات الباب، ففي الرواية الثانية كان يقول في سجوده: اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره.

وفي الرواية الثالثة: كان يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي.

وفي الرواية السابعة: فإذا هو راكع أو ساجد يقول: سبحانك وبحمدك، لا إله إلا أنت.

وفي الرواية الثامنة: اللهم أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك.

وفي الرواية التاسعة: كان يقول في ركوعه وسجوده: سبوح قدوس رب الملائكة والروح.

وعن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا ركع قال: اللهم لك ركعت: وبك آمنت، ولك أسلمت، خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي، وإذا سجد قال: اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد لك وجهي، سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين.

وعند أبي داود: كان يقول في ركوعه: سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة.

3- والروايتان الأولى والثانية تتحدثان عن الرؤيا الصالحة وأنها من مبشرات النبوة فتقولان إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا وفي معناهما يقول ابن التين: إن الوحي ينقطع بموته صلى الله عليه وسلم، ولا يبقى ما يعلم منه ما سيكون إلا الرؤيا اهـ

والتعبير بلفظ مبشرات خرج مخرج الغالب، فإن الرؤيا قد تكون منذرة وهي صادقة يريها الله المؤمن رفقا به ليستعد لما يقع قبل وقوعه.

كذلك التعبير بلفظ يراها العبد الصالح خرج مخرج الغالب والكثير، وإلا فالصالح قد يرى الأضغاث، ولكنه نادر لقلة تمكن الشيطان منه، بخلاف غير الصالح فإن الصدق في رؤياه نادر وقليل، لغلبة تسلط الشيطان عليه.
قال المهلب: فالناس على هذا ثلاث درجات: الأنبياء ورؤياهم كلها صدق، وقد يقع فيها ما يحتاج إلى التعبير، والصالحون والأغلب على رؤياهم الصدق، وقد يقع فيها ما لا يحتاج إلى تعبير.
ومن عداهم قد يقع في رؤياهم الصدق، وقد وقعت الرؤيا الصادقة من بعض الكفار، كما في رؤيا صاحبي السجن مع يوسف عليه السلام ورؤيا ملكهما.
اهـ

هذا ما يقوله الدين، ويصدقه الواقع، ولعلماء النفس كلام غير هذا فيه بعد ونظر، وسنتعرض له إن شاء الله عند الكلام على كتاب الرؤيا.
فذكرها هنا عرض وفيما ذكرناه كفاية.
والله أعلم.

4- ويؤخذ من هذه الأحاديث فوق ما تقدم:

1- يؤخذ من قوله في الرؤية الأولى من الباب الأول وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم الحث على الدعاء في السجود، بل يؤخذ من قوله: فاجتهدوا في الدعاء استحباب الإكثار من الدعاء في السجود، وقد جاء هذا صريحا في الرواية الأولى من الباب الثاني، ولفظها أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء.

قال الحافظ ابن حجر: والأمر بإكثار الدعاء في السجود يشمل الحث على تكثير الطلب لكل حاجة كما في حديث أنس ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها، حتى شسع نعله أي: زمام نعله ورباطه، أخرجه الترمذي، ويشمل التكرار للسؤال الواحد.
اهـ

2- يؤخذ من الرواية الثانية في الباب الثاني.
من قوله: اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره توكيد الدعاء، وتكثير ألفاظه، وإن أغنى بعضها عن بعض.

ذكره النووي، ثم قال: واستغفاره صلى الله عليه وسلم مع أنه مغفور له من باب العبودية والإذعان والافتقار إلى الله تعالى.
اهـ

وقال العيني بعد ما ذكر قول النووي: أو الاستغفار عن ترك الأولى، أو التقصير في بلوغ حق العبادة، مع أن نفس الدعاء هو عبادة، وهذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم عمل بما أمر به في قول الله تعالى { { فسبح بحمد ربك واستغفره } } على أحسن الوجوه، فإن قلت: إتيانه بهذا في الركوع والسجود ما حكمته؟ قلت: أما كونه في حال الصلاة فلأنها أفضل من غيرها، وأما في هاتين الحالتين فلما فيهما من زيادة خشوع وتواضع ليس في غيرهما والله تعالى أعلم.
اهـ

3- يؤخذ من الرواية السابعة من الباب الثاني من قولها فظننت أنه ذهب إلى نسائه فتحسست غيرة المرأة، وأنها لا تلام عليها لما في طبيعتها، وشرط ذلك أن تكون مبنية على أساس، وبقدر محدود من غير مغالاة، لا تتحرك لشبهة تافهة، ولا تصل إلى الثورة وفقدان التوازن لمجرد الظن، وذهابه صلى الله عليه وسلم لبعض نسائه في ليلة عائشة ليس ممنوعا شرعا، وإنما الممنوع المبيت المجاوز للقسم.

4- يؤخذ من الرواية الثالثة من الباب الثاني، من قولها: كان يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي إباحة الدعاء في الركوع، وإباحة التسبيح في السجود، ولا يعارضه قوله في الرواية الأولى من المجموعة الأولى أما الركوع فعظموا فيه الرب عز وجل، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء إذ يمكن أن تحمل رواية الباب الأول على الأولوية، ورواية الباب الثاني على الجواز، ويحتمل أن يكون قد أمر في السجود بتكثير الدعاء لإشارة فاجتهدوا والذي وقع في الركوع ليس كثيرًا، فلا يعارض ما أمر به في السجود، ذكره الحافظ ابن حجر.

5- قال النووي: يؤخذ من قوله في الرواية الثانية من الباب الأول ورأسه معصوب في مرضه عصب الرأس عند وجعه.

6- وقال النووي: يؤخذ من الرواية السادسة من الباب الثاني وفيها أستغفر الله وأتوب إليه أنه يجوز بل يستحب أن يقول أستغفرك وأتوب إليك، وحكي عن بعض السلف كراهته، لئلا يكون كاذبا قال: بل يقول: اللهم اغفر لي وتب علي.
وهذا الذي قاله من قوله: اللهم اغفر لي وتب علي حسن لا شك فيه، وأما كراهة قوله: أستغفر الله وأتوب إليه فلا يوافق عليها.
اهـ

7- عن الرواية الثامنة في الباب الثاني عن قولها: فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد...
إلخ.
قال النووي: استدل به من يقول: لمس المرأة لا ينقض الوضوء، وهو مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه وآخرين، وقال مالك والشافعي وأحمد رحمهم الله والأكثرون: ينقض، واختلفوا في تفصيل ذلك، وأجيب عن هذا الحديث بأن الملموس لا ينقض على قول الشافعي رحمه الله تعالى وغيره، وعلى قول من قال ينقض وهو الراجح عند أصحابنا يحمل هذا اللمس على أنه كان على حائل، فلا يضر.
اهـ

8- ومن الرواية الثامنة من قولها: وهما منصوبتان يؤخذ أن السنة نصبهما في السجود.

9- وعن الرواية الثامنة أيضًا عن قوله: أعوذ برضاك من سخطك قال النووي: فيه دليل لأهل السنة في جواز إضافة الشر إلى الله تعالى كما يضاف إليه الخير.

10- استدل بقوله: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد على أن السجود أفضل من القيام ومن سائر أركان الصلاة.
قال النووي: وفي هذه المسألة ثلاثة مذاهب.
أحدها أن تطويل السجود، وتكثير الركوع والسجود أفضل.
حكاه الترمذي والبغوي عن جماعة.
والمذهب الثاني مذهب الشافعي رضي الله عنه وجماعته أن تطويل القيام أفضل، لأن ذكر القيام القراءة، وذكر السجود التسبيح، والقراءة أفضل، لأن المنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يطول القيام أكثر من تطويل السجود.
والمذهب الثالث أنهما سواء، وتوقف أحمد بن حنبل رضي الله عنه في المسألة ولم يقض فيها بشيء اهـ.

ثم قال عند شرحه لحديثي الباب الثالث: فيه دليل لمن يقول تكثير السجود أفضل من إطالة القيام، وقرب العبد من ربه وهو ساجد موافق لقوله تعالى: { { واسجد واقترب } } [العلق: 19]

ولأن السجود غاية التواضع والعبودية لله تعالى، وفيه تمكين أعز أعضاء الإنسان وأعلاها وهو وجهه من التراب الذي يداس ويمتهن.

والله أعلم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ سـ :793 ... بـ :489]
حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى أَبُو صَالِحٍ حَدَّثَنَا هِقْلُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ سَمِعْتُ الْأَوْزَاعِيَّ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ كَعْبٍ الْأَسْلَمِيُّ قَالَ كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ فَقَالَ لِي سَلْ فَقُلْتُ أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ قَالَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ.

قُلْتُ هُوَ ذَاكَ قَالَ فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ
وَقَوْلُهُ : ( أَوَغَيْرَ ذَلِكَ ) هُوَ بِفَتْحِ الْوَاوِ .