هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
829 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ ، قَالَ : سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ - يُرِيدُ الثُّومَ - فَلاَ يَغْشَانَا فِي مَسَاجِدِنَا قُلْتُ : مَا يَعْنِي بِهِ ؟ قَالَ : مَا أُرَاهُ يَعْنِي إِلَّا نِيئَهُ ، وَقَالَ مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ : عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ ، إِلَّا نَتْنَهُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  يريد الثوم فلا يغشانا في مساجدنا قلت : ما يعني به ؟ قال : ما أراه يعني إلا نيئه ، وقال مخلد بن يزيد : عن ابن جريج ، إلا نتنه
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ - يُرِيدُ الثُّومَ - فَلاَ يَغْشَانَا فِي مَسَاجِدِنَا قُلْتُ : مَا يَعْنِي بِهِ ؟ قَالَ : مَا أُرَاهُ يَعْنِي إِلَّا نِيئَهُ.

Narrated `Ata':

I heard Jabir bin `Abdullah saying, The Prophet (ﷺ) said, 'Whoever eats (from) this plant (he meant garlic) should keep away from our mosque. I said, What does he mean by that? He replied, I think he means only raw garlic.

":"ہم سے عبداللہ بن محمد مسندی نے بیان کیا ، کہا کہ ہم سے ابوعاصم ضحاک بن مخلد نے بیان کیا ، کہا کہ ہمیں ابن جریج نے خبر دی کہا کہ مجھے عطاء بن ابی رباح نے خبر دی کہا کہ میں نے جابر بن عبداللہ انصاری رضی اللہ عنہما سے سنا کہنبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ جو شخص یہ درخت کھائے ( آپ کی مراد لہسن سے تھی ) تو وہ ہماری مسجد میں نہ آئے عطاء نے کہا میں نے جابر سے پوچھا کہ آپ کی مراد اس سے کیا تھی ۔ انہوں نے جواب دیا کہ آپ کی مراد صرف کچے لہسن سے تھی ۔ مخلد بن یزید نے ابن جریج کے واسطہ سے ( الانیہ کے بجائے ) الانتنہ نقل کیا ہے ( یعنی آپ صلی اللہ علیہ وسلم کی مراد صرف لہسن کی بدبو سے تھی ) ۔

شرح الحديث من عمدة القاري

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    ( بابُُ مَا جاءَ فِي الثُّومِ النَّيءِ والبَصعلِ والكُرَّاثِ وقَوْلِ النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَنْ أكَلَ الثُّومَ أوِ البَصَلِ مِنَ الجُوعِ أوْ غَيْرِهِ فَلا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان مَا جَاءَ فِي أكل الثوم النيء وَأكل البصل، والكراث.
الثوم، بِضَم الثَّاء الْمُثَلَّثَة.
وَقَوله: ( النىء) ، بِالْجَرِّ: صفته أَي: غير النضيج، هُوَ بِكَسْر النُّون بعْدهَا يَاء آخر الْحُرُوف ثمَّ همزَة.
وَقد تُدْغَم الْيَاء.
قَوْله: ( والبصل) أَي: وَمَا جَاءَ فِي البصل.
قَوْله: ( والكراث) ، أَي: وَمَا جَاءَ فِي الكراث، وَهُوَ بِضَم الْكَاف وَتَشْديد الرَّاء.
قَوْله: ( وَقَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) بِالْجَرِّ عطفا على قَوْله: ( مَا جَاءَ) ، أَي: وَمَا جَاءَ فِي قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( من أكل البصل.
.
)
إِلَى آخِره، وَهَذَا أَيْضا، من جملَة التَّرْجَمَة وَلَيْسَ لفظ الحَدِيث هَكَذَا، بل هَذَا من تصرف البُخَارِيّ وتجويزه، نقل الحَدِيث بِالْمَعْنَى.
فَإِن قلت: لَيْسَ فِي أَحَادِيث الْبابُُ ذكر الكراث فَلِمَ ذكره فِي التَّرْجَمَة؟ قلت: قَالَ بَعضهم: كَأَنَّهُ أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا وَقع فِي بعض طرق حَدِيث جَابر، وَهَذَا أولى من قَول بَعضهم: إِنَّه قاسه على البصل.
انْتهى.
قلت: روى مُسلم فِي ( صَحِيحه) من حَدِيث جَابر قَالَ: ( نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أكل البصل والكراث، فغلبتنا الْحَاجة فأكلنا مِنْهُ، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أكل من هَذِه الشَّجَرَة المنتنة فَلَا يقربن مَسْجِدنَا) .
وَفِي ( مُسْند الْحميدِي) بِإِسْنَاد على شَرط الصَّحِيح: ( سُئِلَ جَابر عَن الثوم فَقَالَ: مَا كَانَ بأرضنا يَوْمئِذٍ ثوم، إِنَّمَا الَّذِي نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنهُ البصل والكراث) .
وَفِي ( مُسْند السراج) : ( نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أكل الكراث فَلم ينْتَهوا، ثمَّ لم يَجدوا بدا من أكلهَا فَوجدَ رِيحهَا، فَقَالَ: ألم أنهكم.
.
؟)
الحَدِيث.
فالكراث إِن لم يذكر صَرِيحًا فِي أَحَادِيث الْبابُُ فَيمكن أَن نقُول: إِنَّه مَذْكُور دلَالَة، فَإِن حَدِيث جَابر الَّذِي يَأْتِي فِيهِ: ( وَأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَى بِقدر فِيهِ خضرات من بقول فَوجدَ لَهَا ريحًا.
.
)
الحَدِيث، يدل على أَن من جملَة الخضرات الَّتِي لَهَا ريح هُوَ الكراث، وَهُوَ أَيْضا من الْبُقُول، فَحِينَئِذٍ تقع الْمُطَابقَة بَينه وَبَين قَوْله فِي التَّرْجَمَة: والكراث، وَوُجُود التطابق بَين التراجم وَالْأَحَادِيث لَا يلْزم أَن يكون صَرِيحًا دَائِما، يظْهر ذَلِك بِالتَّأَمُّلِ، وَهَذَا التَّوْجِيه أقرب من قَول هَذَا الْقَائِل، كَأَنَّهُ أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا وَقع فِي بعض طرق حَدِيث جَابر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَقَوله: هَذَا أولى من قَول بَعضهم، أَنه قاسه على البصل، أَرَادَ بِهِ صَاحب ( التَّوْضِيح) فَإِنَّهُ قَالَه هَكَذَا، وَهَذَا أبعد من الَّذِي قَالَه.
فَإِن قلت: قَوْله من الْجُوع لم يذكر صَرِيحًا فِي أَحَادِيث الْبابُُ؟ قلت: لِمَ يَقع هَذَا إلاّ فِي كَلَام الصَّحَابِيّ، وَهُوَ فِي حَدِيث جَابر الَّذِي ذَكرْنَاهُ الْآن، وَفِيه: ( فغلبتنا الْحَاجة) ، وَمن جملَة الْحَاجة: الْجُوع، وأصرح مِنْهُ مَا وَقع فِي حَدِيث أبي سعيد: ( لم نعدُ أَن فتحت خَيْبَر فوقعنا فِي هَذِه البقلة وَالنَّاس جِيَاع) ، الحَدِيث رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ وَزعم أَنه عِنْد مُسلم.
قَوْله: ( أَو غَيره) ، أَي: أَو غير الْجُوع، مثل الْأكل بالتشهي والتأدم بالخبز.



[ قــ :829 ... غــ :854 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حدَّثنا أبُو عَاصِمٍ قَالَ أخبرنَا ابنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبرنِي عَطَاءٌ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بنَ عَبْدِ الله قَالَ قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَنْ أكَلَ منْ هاذِهِ الشَّجَرَةِ يُرِيدُ الثُّومَ فَلاَ يَغْشَانِا فِي مَسَاجِدِنَا.

قُلْتُ مَا يَعْنِي بِهِ قَالَ مَا أرَاهُ يَعْنِي إلاَّ نِيِّئَهُ.
.

     وَقَالَ  مَخْلَدُ بنُ يَزِيدَ عنِ ابنِ جُرَيْجٍ إلاّ نَتْنَهُ.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( مَا جَاءَ فِي الثوم) .

ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن جَعْفَر ابْن الْيَمَان أَبُو جَعْفَر الْجعْفِيّ البُخَارِيّ الْمَعْرُوف بالمسندي، وَإِنَّمَا عرف بِهِ لِأَنَّهُ كَانَ وَقت الطّلب يتتبع الْأَحَادِيث المسندة وَلَا يرغب فِي المقاطيع والمراسيل، مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة تسع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ.
الثَّانِي: أَبُو عَاصِم النَّبِيل، واسْمه الضَّحَّاك بن مخلد.
الثَّالِث: عبد الْملك بن جريج.
الرَّابِع: عَطاء ابْن أبي رَبَاح.
الْخَامِس: جَابر بن عبد الله الْأنْصَارِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

ذكر لطائف إِسْنَاده: وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع.
وَفِيه: الْإِخْبَار بِصِيغَة الْجمع أَيْضا فِي موضِعين وبصيغة الْإِفْرَاد من الْمَاضِي فِي مَوضِع.
وَفِيه: السماع.
وَفِيه: القَوْل فِي خَمْسَة مَوَاضِع.
وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين بخاري وبصري ومكي.
وَفِيه: أَن شَيْخه المسندي من أَفْرَاده.
وَفِيه: أَن أَبَا عَاصِم أَيْضا شَيْخه.
فَإِنَّهُ روى عَنهُ بِوَاسِطَة، ويروي عَنهُ أَيْضا بِلَا وَاسِطَة.

ذكر من أخرجه غَيره: أخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة أَيْضا عَن مُحَمَّد بن حَاتِم، وَعَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، وَعَن مُحَمَّد ابْن رَافع.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْأَطْعِمَة عَن إِسْحَاق بن مَنْصُور.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الصَّلَاة وَفِي الْوَلِيمَة عَن إِسْحَاق بن مَنْصُور بِهِ، وَعَن مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى.
وَلما روى التِّرْمِذِيّ حَدِيث جَابر هَذَا قَالَ: وَفِي الْبابُُ عَن عَمْرو أبي أَيُّوب وَأبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد وَجَابِر بن سَمُرَة وقرة وَابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.
قلت: وَفِي الْبابُُ أَيْضا عَن حُذَيْفَة وَأبي ثَعْلَبَة الْخُشَنِي والمغيرة بن شُعْبَة وَعلي وَأنس وَعبد الله بن زيد، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.
فَحَدِيث عمر عِنْد مُسلم وَغَيره، وَحَدِيث أبي أَيُّوب عِنْد التِّرْمِذِيّ، وَحَدِيث أبي هُرَيْرَة عِنْد مُسلم، وَحَدِيث أبي سعيد عَن مُسلم أَيْضا، وَحَدِيث جَابر بن سَمُرَة عِنْد التِّرْمِذِيّ، وَحَدِيث قُرَّة عِنْد الْبَيْهَقِيّ، وَحَدِيث ابْن عمر عِنْد البُخَارِيّ، وَمُسلم، وَحَدِيث حُذَيْفَة عِنْد ابْن حبَان، وَحَدِيث أبي ثَعْلَبَة عِنْد الطَّبَرَانِيّ فِي ( الْأَوْسَط) وَحَدِيث الْمُغيرَة عِنْد التِّرْمِذِيّ، وَحَدِيث عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، عِنْد أبي نعيم فِي ( الْحِلْية) : وَحَدِيث أنس عِنْد البُخَارِيّ وَغَيره، وَحَدِيث عبد الله بن زيد عِنْد الطَّبَرَانِيّ.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( من هَذِه الشَّجَرَة) الشَّجَرَة وَاحِدَة الشّجر وَالشَّجر النَّبَات الَّذِي لَهُ سَاق، والنجم النَّبَات الَّذِي ينجم فِي الأَرْض لَا سَاق لَهُ كالبقول، وَيُقَال عِنْد الْعَرَب: كل شَيْء ينْبت لَهُ أرومة فِي الأَرْض يخلف مَا قطع من ظَاهرهَا فَهُوَ شجر، وَمَا لَيْسَ لَهَا أرومة تبقى فَهُوَ نجم، والأرومة الأَصْل، فَإِن قلت: على مَا ذكر كَيفَ أطلق الشّجر على الثوم وَنَحْوه؟ قلت: قد يُطلق كل مِنْهُمَا على الآخر، وَتكلم أفْصح الفصحاء بِهِ من أقوى الدَّلَائِل.
.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ، فِيهِ: إِنَّه جعل الثوم من جملَة الشّجر، والعامة إِنَّمَا يسمون الشّجر مَا كَانَ لَهُ سَاق يحمل أغصانه دون مَا يسْقط على الأَرْض.
قَوْله: ( فَلَا يغشانا) من الغشيان، وَهُوَ الْمَجِيء والإتيان أَي: فَلَا يأتنا، وَإِنَّمَا أَثْبَتَت الْألف لِأَن الأَصْل: فَلَا يغشنا، كَمَا هُوَ فِي رِوَايَة كَذَا لِأَنَّهُ أجْرى المعتل مجْرى الصَّحِيح، كَمَا فِي قَول الشَّاعِر:
( إِذا الْعَجُوز غضِبت فَطلق ... وَلَا ترضاها وَلَا تملق)

وَإِمَّا أَن تكون الْألف مولدة من إشباع الفتحة بعد سُقُوط الْألف الْأَصْلِيَّة بِالْجَزْمِ.
قَوْله: ( فِي مَسْجِدنَا) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني وَأبي الْوَقْت: ( فِي مَسَاجِدنَا) ، بِصِيغَة الْجمع.
قَوْله: ( قلت: مَا يَعْنِي بِهِ؟) أَي: مَا يقْصد الْقَائِل هُوَ عَطاء ابْن أبي رَبَاح، يَعْنِي قَالَ عَطاء: قلت لجَابِر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: مَا يَعْنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهِ، أَي: بالثوم أنضيجا أم نيا؟ قَالَ جَابر: مَا أرَاهُ، بِضَم الْهمزَة أَي: مَا أَظُنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَعْنِي أَي يقْصد نيه، أَي: ني الثوم.
.

     وَقَالَ  بَعضهم: وأظن السَّائِل ابْن جريج والمسؤول عَطاء.
قلت: الَّذِي قُلْنَا هُوَ الْأَقْرَب وَالْأَوْجه على مَا لَا يخفى، وَبِه جزم الْكرْمَانِي.

قَوْله: ( قَالَ مخلد) ، بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة: ابْن يزِيد من الزِّيَادَة أَبُو الْحسن الْحَرَّانِي، مَاتَ سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَمِائَة.
قَوْله: ( عَن ابْن جريج) يَعْنِي: يروي عَن عبد الْملك بن جريج: ( إِلَّا نَتنه) بِفَتْح النونين بَينهمَا تَاء مثناة من فَوق سَاكِنة، يَعْنِي: قَالَ بدل: نيه نَتنه.
وَهُوَ الرَّائِحَة الكريهة، وَهَذَا التَّعْلِيق يُخَالف مَا رَوَاهُ جمَاعَة عَن ابْن جريج، فَإِن أَبَا عوَانَة رَوَاهُ فِي ( صَحِيحه) من طَرِيق روح ابْن عبَادَة: عَن ابْن جريج كَمَا رَوَاهُ أَبُو عَاصِم عَن ابْن جريج، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جريج نَحوه، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو نعيم فِي ( الْمُسْتَخْرج) من طَرِيق ابْن أبي عدي عَن ابْن جريج، فَلفظ الْكل: النيء، لَا النتن.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: كَرَاهَة أكل الثوم النىء، وَلَا يحرم، أما الْكَرَاهَة فلرائحته الكريهة، وَلِهَذَا قَالَ: ( من أكل من هَذِه الشَّجَرَة فَلَا يغشانا فِي مَسْجِدنَا) ، وَأما عدم الْحُرْمَة فَلقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَدِيث جَابر الَّذِي يَأْتِي فِي هَذَا الْبابُُ: ( كل فَإِنِّي أُنَاجِي من لَا تناجي) .
.

     وَقَالَ  ابْن بطال.
قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( من أكل) يدل على إِبَاحَة أكل الثوم، لِأَنَّهُ لفظ يدل على الْإِبَاحَة، وَتعقب بِأَن هَذِه الصِّيغَة إِنَّمَا تُعْطِي الْوُجُود لَا الحكم، لِأَن مَعْنَاهُ من وجد مِنْهُ الْأكل، وَهُوَ أَعم من كَونه مُبَاحا أَو غير مُبَاح.
قلت: فَلَا حَاجَة إِلَى الِاسْتِدْلَال على الْإِبَاحَة بِهَذِهِ الطَّرِيقَة، فَإِن حَدِيث جَابر يدل على إِبَاحَته صَرِيحًا، وَكَذَلِكَ حَدِيث أبي أَيُّوب.
رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان حَدثنَا أَبُو دَاوُد أَنبأَنَا شُعْبَة عَن سماك بن حَرْب سمع جَابر بن سَمُرَة يَقُول: ( نزل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أبي أَيُّوب، وَكَانَ إِذا أكل طَعَاما بعث إِلَيْهِ بفضله، فَبعث إِلَيْهِ يَوْمًا بِطَعَام وَلم يَأْكُل مِنْهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلَمَّا أَتَى أَبُو أَيُّوب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر ذَلِك لَهُ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فِيهِ الثوم، فَقَالَ: يَا رَسُول الله أحرام هُوَ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنِّي أكرهه من أجل رِيحه) .
.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيّ أَيْضا: حَدثنَا مُحَمَّد بن حميد حَدثنَا زيد بن الْخَبَّاب عَن أبي خلدَة عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: الثوم من طَيّبَات الرزق، وَأَبُو خلدَة اسْمه: خَالِد بن دِينَار، وَهُوَ ثِقَة عِنْد أهل الحَدِيث، وَقد أدْرك أنس بن مَالك وَسمع مِنْهُ، وَأَبُو الْعَالِيَة اسْمه: رفيع وَهُوَ الرباحي، وَهُوَ الَّذِي ذكرنَا أكله فِي الثوم النىء لأجل رَائِحَته، وَأما الثوم الْمَطْبُوخ مِنْهُ فَلَا يكره، لما روى أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد قَالَ: حَدثنَا الْجراح أَبُو وَكِيع عَن أبي إِسْحَاق عَن شريك عَن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: ( نهى عَن أكل الثوم إلاّ مطبوخا) .
وروى أَيْضا عَن حَدِيث مُعَاوِيَة بن قُرَّة عَن أَبِيه: ( أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن هَاتين الشجرتين،.

     وَقَالَ : من أكلهما فَلَا يقربن مَسْجِدنَا،،.

     وَقَالَ : إِن كُنْتُم لَا بُد آكليهما فأميتوهما طبخا)
.
ثمَّ إِن حَدِيث الْبابُُ فِي الثوم فَقَط، وَسَيَجِيءُ حَدِيث جَابر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فِي هَذَا الْبابُُ: أَن البصل مثل الثوم، وَأَن الخضرات من الْبُقُول الَّتِي لَهَا رَائِحَة كَذَلِك، وَيدخل فِيهِ الكراث والفجل أَيْضا، وَنَصّ على الفجل فِي ( المعجم الصَّغِير) للطبراني، وَذكره مَعَ الثوم والكراث، وَنقل ابْن التِّين عَن مَالك قَالَ: الفجل، إِن كَانَ يظْهر رِيحه فَهُوَ كالثوم، وَقَيده عِيَاض بالجشاء.
وَفِي ( التَّوْضِيح) : وشذ أهل الظَّاهِر فحرموا هَذِه الْأَشْيَاء لإفضائها إِلَى ترك الْجَمَاعَة، وَهِي عِنْدهم فرض عين، وَتَقْرِيره أَن يُقَال: صَلَاة الْجَمَاعَة فرض عين، وَلَا يتم إلاّ بترك أكلهَا.
وَمَا لَا يتم الْوَاجِب إلاّ بِهِ فَهُوَ وَاجِب، فَترك أكلهَا وَاجِب، فَتكون حَرَامًا.
قلت: صرح ابْن حزم مِنْهُم بِأَن أكلهَا حَلَال مَعَ قَوْله بِأَن الْجَمَاعَة فرض عين.
وَفِيه: ترك الْإِتْيَان إِلَى الْمَسْجِد عِنْد أكل الثوم وَنَحْوه، وَهُوَ بِعُمُومِهِ يتَنَاوَل المجامع: كمصلى الْعِيد والجنازة وَمَكَان الْوَلِيمَة، وَحكم رحبة الْمَسْجِد حكمه، لِأَنَّهَا مِنْهُ، وَخص القَاضِي عِيَاض الْكَرَاهَة بِمَا إِذا كَانَ مَعَهم غَيرهم، أما إِذا كَانَ كلهم أكلوه فَلَا، وَلَكِن يَنْبَغِي احترام الْمَلَائِكَة، وَلَيْسَ المُرَاد بِالْمَلَائِكَةِ الْحفظَة.
قلت: الْعلَّة أَذَى الْمَلَائِكَة وأذى الْمُسلمين، فَيخْتَص النَّهْي بالمساجد وَمَا فِي مَعْنَاهَا، وَلَا يخْتَص بمسجده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بل الْمَسَاجِد كلهَا سَوَاء عملا بِرِوَايَة: مَسَاجِدنَا، بِالْجمعِ وشذ من خصّه بمسجده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَيلْحق بِمَا نَص عَلَيْهِ فِي الحَدِيث كل مَا لَهُ رَائِحَة كريهة من المأكولات وَغَيرهَا، وَإِنَّمَا خص الثوم هُنَا بِالذكر، وَفِي غَيره أَيْضا بالبصل والكراث لِكَثْرَة أكلهم بهَا، وَكَذَلِكَ ألحق بذلك بَعضهم من بِفِيهِ بخر، أَو بِهِ جرح لَهُ رَائِحَة، وَكَذَلِكَ القصاب والسماك والمجذوم والأبرص أولى بالإلحاق، وَصرح بالمجذوم ابْن بطال، وَنقل عَن سَحْنُون، لَا أرى الْجُمُعَة عَلَيْهِ، وَاحْتج بِالْحَدِيثِ.
وَألْحق بِالْحَدِيثِ: كل من آذَى النَّاس بِلِسَانِهِ فِي الْمَسْجِد، وَبِه أفتى ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، وَهُوَ أصل فِي نفي كل مَا يتَأَذَّى بِهِ وَلَا يبعد أَن يعْذر من كَانَ مَعْذُورًا بِأَكْل مَا لَهُ ريح كريهة، لما روى ابْن حبَان فِي ( صَحِيحه) : عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة: ( انْتَهَيْت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَوجدَ مني ريح الثوم فَقَالَ من أكل الثوم؟ قَالَ: فَأخذت يَده فأدخلتها، فَوجدَ صَدْرِي معصوبا فَقَالَ: إِن لَك عذرا) .
وَفِي رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ فِي ( الْأَوْسَط) : ( اشتكيت صَدْرِي فأكلته) .
وَفِيه: ( فَلم يعنفه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) .