هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
894 حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا هِشَامٌ ، عَنْ يَحْيَى ، عَنْ هِلاَلِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ ، حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ ، قَالَ : إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَسَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى المِنْبَرِ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
894 حدثنا معاذ بن فضالة ، قال : حدثنا هشام ، عن يحيى ، عن هلال بن أبي ميمونة ، حدثنا عطاء بن يسار ، أنه سمع أبا سعيد الخدري ، قال : إن النبي صلى الله عليه وسلم جلس ذات يوم على المنبر وجلسنا حوله
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ ، قَالَ : إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَسَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى المِنْبَرِ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ .

Narrated Abu Sa`id Al-Khudri:

One day the Prophet (ﷺ) sat on the pulpit and we sat around him.

Abu Sa'îd alKhudry dit: «Un jour, le Prophète () s'assit sur le minbar et nous nous assîmes autour de lui.»

":"ہم سے معاذ بن فضالہ نے بیان کیا ، کہا کہ ہم سے ہشام دستوائی نے یحی بن ابی کثیر سے بیان کیا ، ان سے ہلال بن ابی میمونہ نے ، انہوں نے کہا ہم سے عطاء بن یسار نے بیان کیا ، انہوں نے ابو سعید خدری رضی اللہ عنہ سے سنا کہنبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم ایک دن منبر پر تشریف فرما ہوئے اور ہم سب آپ صلی اللہ علیہ وسلم کے ارد گرد بیٹھ گئے ۔

Abu Sa'îd alKhudry dit: «Un jour, le Prophète () s'assit sur le minbar et nous nous assîmes autour de lui.»

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [921] حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ هِلاَلِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ: "إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَلَسَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ".
[الحديث أطرافه في: 1465، 2842، 6427] .
وبالسند قال: ( حدّثنا معاذ بن فضالة) بفتح الفاء، الزهراني، أو: الطفاوي البصري ( قال: حدّثنا هشام) الدستوائي ( عن يحيى) بن أبي كثير ( عن هلال بن أبي ميمونة) ، هو: ابن علي بن أسامة العامري المدني، وقد ينسب إلى جده، قال: ( حدّثنا عطاء بن يسار) بالمثناة والمهملة المخففة ( أنه سمع أبا سعيد الخدري) ، رضي الله عنه، ( قال: إن النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، جلس ذات يوم على المنبر) أي مستدبر القبلة، ( وجلسنا حوله) أي: ينظرون إليه وهو عين الاستقبال.
وهو مستحب عند الشافعية كالجمهور.
ومن لازم استقبال الإمام، استدباره هو القبلة، واغتفر لئلا يصير مستدبر القوم الذين يعظهم، وهو قبيح، خارج عن عرف المخاطبات.
ولو استقبل الخطيب، أو استدبر الحاضرون القبلة، أجزأ، كما في الأذان، وكره.
وهذا الحديث طرف من حديث طويل يأتي إن شاء الله تعالى بمباحثه في الزكاة، في باب: الصدقة على اليتامى، وكتاب الرقاق أيضًا.
ورواة هذا الحديث ما بين بصري ويماني ومدني، وفيه التحديث والعنعنة والسماع والقول، وشيخه من أفراده، وأخرجه أيضًا في الزكاة، والجهاد، والرقاق.
كما مر، ومسلم في الزكاة، وكذا النسائي والترمذي.
29 - باب مَنْ قَالَ فِي الْخُطْبَةِ بَعْدَ الثَّنَاءِ: أَمَّا بَعْدُ رَوَاهُ عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( باب من قال في الخطبة بعد الثناء) على الله تعالى: ( أما بعد) فقد أصاب السُّنَّة، أو: من، موصول.
والمراد منه: النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
( رواه) أي: أما بعد، في الخطبة ( عكرمة) ، مولى ابن عباس، مما وصله في آخر الباب ( عن ابن عباس) ، رضي الله عنهما، ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) .
922 - وَقَالَ مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ قَالَ: أَخْبَرَتْنِي فَاطِمَةُ بِنْتُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: "دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ -رضي الله عنها- وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ، قُلْتُ: مَا شَأْنُ النَّاسِ؟ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا إِلَى السَّمَاءِ، فَقُلْتُ آيَةٌ؟ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا -أَىْ نَعَمْ- قَالَتْ: فَأَطَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جِدًّا حَتَّى تَجَلاَّنِي الْغَشْيُ وَإِلَى جَنْبِي قِرْبَةٌ فِيهَا مَاءٌ فَفَتَحْتُهَا، فَجَعَلْتُ أَصُبُّ مِنْهَا عَلَى رَأْسِي، فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ، فَخَطَبَ النَّاسَ وَحَمِدَ اللَّهَ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ.
قَالَتْ: وَلَغِطَ نِسْوَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَانْكَفَأْتُ إِلَيْهِنَّ لأُسَكِّتَهُنَّ.
فَقُلْتُ لِعَائِشَةَ: مَا قَالَ؟ قَالَتْ قَالَ: مَا مِنْ شَىْءٍ لَمْ أَكُنْ أُرِيتُهُ إِلاَّ قَدْ رَأَيْتُهُ فِي مَقَامِي هَذَا حَتَّى الْجَنَّةَ وَالنَّارَ.
وَإِنَّهُ قَدْ أُوحِيَ إِلَىَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ مِثْلَ -أَوْ قَرِيبَ مِنْ- فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، يُؤْتَى أَحَدُكُمْ فَيُقَالُ لَهُ: مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ؟ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ -أَوْ قَالَ الْمُوقِنُ، شَكَّ هِشَامٌ- فَيَقُولُ هُوَ رَسُولُ اللَّهِ، هُوَ مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى فَآمَنَّا وَأَجَبْنَا، وَاتَّبَعْنَا وَصَدَّقْنَا، فَيُقَالُ لَهُ: نَمْ صَالِحًا، قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ إِنْ كُنْتَ لَتُؤْمِنُ بِهِ.
وَأَمَّا الْمُنَافِقُ -أَوْ قَالَ الْمُرْتَابُ، شَكَّ هِشَامٌ- فَيُقَالُ لَهُ: مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ؟ فَيَقُولُ: لاَ أَدْرِي، سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا، فَقُلْتُ".
قَالَ هِشَامٌ: فَلَقَدْ قَالَتْ لِي فَاطِمَةُ فَأَوْعَيْتُهُ، غَيْرَ أَنَّهَا ذَكَرَتْ مَا يُغَلِّظُ عَلَيْهِ.
( وقال محمود) هو ابن غيلان شيخ المؤلّف، وكلام أبي نعيم في: المستخرج، يشعر بأنه قال: حدّثنا محمود، وحينئذ فلم تكن: قال، هنا للمذاكرة والحاورة: ( حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الليثي ( قال: حدّثنا هشام بن عروة) بن الزبير بن العوام ( قال: أخبرتني) بالإفراد ( فاطمة بنت المنذر) بن الزبير العوّام، امرأة هشام بن عروة ( عن أسماء بنت أبي بكر) ولأبي ذر والأصيلي زيادة: الصديق ( قالت: دخلت على) أختي ( عائشة) رضي الله عنه، ( والناس يصلون) جملة حالية، ( قلت) ولابن عساكر: فقلت، أي مستفهمة.
( ما شأن الناس) قائمين قزعين؟ ( فأشارت) عائشة ( برأسها إلى) أن الشمس في ( السماء) انكسفت والناس يصلون لذلك، قالت أسماء: ( فقلت) أهذه ( آية) ؟ علامة لعذاب الناس كأنها مقدّمة له، ( فأشارت) عائشة ( برأسها -أي: نعم-) هي آية: ( قالت) أسماء ( فأطال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) الصلاة ( جدًّا حتى تجلاني) بفتح المثناة الفوقية والجيم وتشديد اللام، أي: علاني ( الغشي) بفتح الغين وسكون الشين المعجمتين آخره مثناة تحتية مخففة ( وإلى جنبي قربة فيها ماء، ففتحتها، فجعلت أصب منها على رأسي، فانصرف رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وقد تجلت الشمس) بالجيم وتشديد اللام، أي انكشفت، والجملة حالية.
( فخطب الناس) عليه الصلاة والسلام ( وحمد الله) بالواو، ولأبي الوقت وابن عساكر وأبي ذر والأصيلي، عن الكشميهني: فحمد الله ( بما هو أهله ثم قال) : ( أما بعد) ليفصل بين الثناء على الله، وبين الخبر الذي يريد إعلام الناس به حتى في الخطبة.
وبعد: مبني على الضم، كسائر الظروف المقطوعة عن الإضافة.
واختلف في أوّل من قالها، فقيل:داود، وإنها فصل الخطاب الذي أُوتيه، أو: يعرب بن قحطان، أو: كعب بن لؤي، أو: سحبان بن وائل، أو قس بن ساعدة، أو: يعقوب، عليه الصلاة والسلام أو غيرهم.
( قالت) أسماء: ( ولغط نسوة من الأنصار) بفتح اللام والغين المعجمة والمهملة، ويجوز كسر الغين، وهو الأصوات المختلفة والجلبة ( فانكفأت) أي: ملت بوجهي ورجعت ( إليهنّ لأسكتهنّ، فقلت لعائشة: ما قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ ( قالت: قال) : ( ما من شيء) يصح أن يرى، لأن شيئًا: أعم العام، وقع في نفي، وبعض الأشياء لا تصح رؤيته لأنه قد خصّ، إذ ما من عام إلا وخص، إلا في نحو قوله: { وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة: 282، النساء: 176، النور: 35 و64، الحجرات: 16، والتغابن: 11] .
والتخصيص يكون عقليًّا وعرفيًّا، فهنا خصصه العقل بما يصح، أو الحس كما في قوله تعالى: { وأُوتيت من كل شيء} أو العرف بما يليق إبصارها به مما يتعلق بأمر الدين والجزاء ونحو ذلك.
نعم، يدخل في العموم أنه رأى الله.
و: ما نافية، و: من زائدة لتأكيد النفي، و: شيء اسم ما.
والتالي، صفة لشيء، وهو قوله: ( لم كن أريته) بهمزة مضمومة قبل الراء ( إلا قد) استثناء مفرغ.
وكل مفرغ متصل، والتفريغ من الحال.
أي: لم أكن أريته كائنًا في حالة من الحالات إلا حال رؤيتي إياه.
ولأبي ذر: إلا وقد ( رأيته) .
والرؤية هنا يحتمل أن تكون رؤية عين، بأن كشف الله تعالى له عن ذلك، ولا حاجب يمنع: كرؤيته المسجد الأقصى حتى وصفه لقريش، أو رؤية علم ووحي بإطلاعه وتعريفه من أمورها تفصيلاً بما لم يكن يعرفه قبل ذلك، ( في مقامي هذا، حتى الجنة) مرئية، أو نصب على أن: حتى، عاطفة على الضمير المنصوب في رأيته، أو جرّ على أن: حتى، جارّة ( والنار) عطف على الجنة ( وإنّه قد أُوحي إليّ) بكسر همزة إن وضمها في: أوحي مبنيًّا لما لم يسم فاعله.
( أنكم) بفتح الهمزة ( تفتنون) أي تمتحنون ( في القبور مثل -أو قريب) بغير ألف ولا تنوين، ولأبوي ذر والوقت، والأصيلي: قريبًا، بالتنوين ( من فتنة المسيح الدجال.
يؤتى أحدكم)
بضم المثناة التحتية وفتح الفوقية من: يؤتى، مبنيًا لما لم يسم فاعله، وهو بيان: لتفتنون، ولذا لم يعطف ( فيقال له: ما علمك بهذا الرجل) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ والخطاب للمفتون، وأفرده بعد أن قال: في قبوركم، بالجمع، لأن السؤال عن العلم يكون لكل أحد، وكذا الجواب: ( فأما المؤمن أو قال الموقن) أي المصدق بنبوّته عليه الصلاة والسلام، ( شك هشام) أي ابن عروة ( فيقول: هو رسول الله، هو محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، جاءنا بالبينات) المعجزات ( والهدى) الموصل ( فآمنا) به ( وأجبنا) هـ ( واتبعنا) هـ ( وصدقنا) هـ ( فيقال له: نم) نومًا ( صالحًا) أي منتفعًا بأعمالك ( قد كنا نعلم أن كنت لتؤمن به) .
أن مخففة من الثقيلة.
أي: أن الشأن كنت، وهي مكسورة، ودخلت اللام في: لتؤمن، للفرق بينها وبين أن النافية، ولأبوي ذر والوقت والأصيلي، وابن عساكر في نسخة: لمؤمنا به.
( وأما المنافق) ، المظهر خلاف ما يبطن ( أو قال المرتاب) وهو الشاك ( شك هشام-) ( فيقال له: ما علمك بهذا الرجل؟ فيقول: لا أدري! سمعت الناس يقولون شيئًا فقلت) ولأبي ذر عن الكشميهني: فقلته، بضمير النصب.
( قال هشام: فلقد قالت لي فاطمة) بنت المنذر ( فأوعيته) أي أدخلته وعاء قلبي، ولأبي الوقت: وعيته، بغير همز على الأصل، يقال: وعيت العلم، أي: حفظته، وأوعيت المتاع.
وللكشميهني، في اليونينية: وما وعيته ( غير أنها ذكرت ما يغلظ عليه) .
ورواة هذا الحديث ما بين: مروزي وكوفي ومدني، وفيه: التحديث والإخبار والعنعنة والقول، ورواية التابعية عن الصحابية، والصحابية عن التابعية.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [921] حدثنا معاذ بن فضالة: نا هشام، عن يحيى، عن هلال بن أبي ميمونة: نا عطاءٍ بن يسار: سمع أبا سعيدٍ الخدري: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جلس ذات يوم على المنبر، وجلسنا حوله.
هذا أول حديث طويل، ذكر فيه قولُ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( إنما أخاف عليكم بعدي ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها) ) ، وضرب مثل الدنيا بنبات الربيع.
وهو حديث عظيم، قد خرجاه بتمامه في ( ( الصحيحين) ) من حديث هشام الدستوائي.
وهذا لم يكن في خطبة الجمعة؛ لأن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يكن يجلس في خطبة الجمعة.
وأما ما ذكره عن ابن عمر وأنس.
فمن طريق ابن عجلان، عن نافع، أن ابن عمر كان يفرغ من سبحته يوم الجمعة قبل خروج الإمام، فاذا خَّرج لم يقعد الإمام حتى يستقبله.
ومن طريق ابن المبارك، قال: قال أبو الجويرية: رأيت أنس بن مالك إذا أخذ الإمام يوم الجمعة في الخطبة يستقبله بوجهه حتى يفرغ الإمام من الخطبة.
وقال يحيى بن سعيدٍ الأنصاري: هو السنة.
وقال الزهري: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا أخذ في خطبة استقبلوه بوجوههم.
خرجها البيهقي.
وخَّرج الأثرم من حديث الضحاك بن عثمان، عن نافع، أن ابن عمر كان يتهيأ للإمام قبل أن يخرج، ويتوجه قبل المنبر.
وروى وكيع، عن العمري، عن نافع، أن ابن عمر كان يستقبل الإمام يوم الجمعة إذا خطب.
وفي الباب أحاديث مرفوعة متصلة، لا تصح أسانيدها -: قالهالترمذي، وقد ذكرتها بعللها في ( ( شرح الترمذي) ) .
وذكر الترمذي: أن العمل على ذلك عند أهل العلم من الصحابة وغيرهم: يستحبون استقبال الإمام إذا خطب، قال: وهو قولُ سفيان والشافعي وأحمد وإسحاق.
وقال ابن المنذر: هو كالإجماع.
وروي عن الشعبي، قال: هو السنة.
وقد تقدم مثله عن يحيى بن سعيدٍ، وكذا قال مالكٍ.
وقال ابن عبد البر: لا أعلمهم يختلفون فيه.
وقال عمر بن عبد العزيز: كل واعظ قبلة.
يعني: أنه يستقبل كما تستقبل القبلة.
وقد روي عن بعض التابعين: أنه يستقبل القبلة حال الخطبة.
وهو محمول على إنهم كانوا يفعلونه مع أمير ظالم يسب السلف، ويقول ما لا يجوز استماعه، وكانوا قد ابتلوا بذلك في زمن بني أمية.
والأكثرون على إنهم إنما يستقبلوه في حال الخطبة، وهو قولُأحمد.
وقال إسحاق: يستقبلونه إذا خرج، وهو قولُ أبي بكر بن جعفر من أصحابنا.
وقال الأوزاعي: يغفى بصره، ويلقي السمع، فإن نظر إلى الإمام فلا حرج.
وخرّج الإمام أحمد وأبو داود من حديث علي: سمع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول – وذكر يوم الجمعة -: ( ( إذا جلس الرجل مجلساً يستمكن فيه من الإستماع والنظر، فأنصت ولم يلغ كان له كفلان من الأجر) ) .
وفي إسناده من ليس بمشهورٍ.
وخرّج ابن سعدٍ بأسانيد له متعددةً حديثاً طويلاً، فيه: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان إذا خطب استقبله الناس بوجوههم، وأصغوا بأسماعهم، ورمقوه بأبصارهم.
وهذا لا يصح.
والله أعلم.
أما استقبال الإمام أهل المسجد واستدباره القبلة فمجمع عليه –أيضاً -، والنصوص تدل عليه –أيضاً -؛ فإنه يخاطبهم ليفهموا عنه –أيضاً.
وذلك كله سنة، فلو خالفها الإمام فقد خالف السنة، وصحت جمعته.
ولأصحاب الشافعي وجه صعيف: أنها لا تصح.
والله أعلم.
* * * 29 -باب من قال في الخطبة بعد الثناء: ( ( أما بعد) ) رواه عكرمة، عن ابن عباسٍ، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
حديث عكرمة، عن ابن عباسٍ قد أسنده في آخر الباب، فلا أدري لأي معنى علقه في اوله؟ وقد ذكر أبو نعيم في ( ( مستخرجه) ) هذا في الباب الذي قبله.
قال: 922 -

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب
يستقبل الإمام القوم
واستقبال الناس الإمام إذا خطب
واستقبل ابن عمر وأنس الإمام.

[ قــ :894 ... غــ :921 ]
- حدثنا معاذ بن فضالة: نا هشام، عن يحيى، عن هلال بن أبي ميمونة: نا عطاءٍ بن يسار: سمع أبا سعيدٍ الخدري: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جلس ذات يوم على المنبر، وجلسنا حوله.

هذا أول حديث طويل، ذكر فيه قولُ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( إنما أخاف عليكم بعدي ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها) ) ، وضرب مثل الدنيا بنبات الربيع.

وهو حديث عظيم، قد خرجاه بتمامه في ( ( الصحيحين) ) من حديث هشام الدستوائي.

وهذا لم يكن في خطبة الجمعة؛ لأن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يكن يجلس في خطبة الجمعة.

وأما ما ذكره عن ابن عمر وأنس.
فمن طريق ابن عجلان، عن نافع، أن ابن عمر كان يفرغ من سبحته يوم الجمعة قبل خروج الإمام، فاذا خَّرج لم يقعد الإمام حتى يستقبله.

ومن طريق ابن المبارك، قال: قال أبو الجويرية: رأيت أنس بن مالك إذا أخذ الإمام يوم الجمعة في الخطبة يستقبله بوجهه حتى يفرغ الإمام من الخطبة.

وقال يحيى بن سعيدٍ الأنصاري: هو السنة.

وقال الزهري: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا أخذ في خطبة استقبلوه بوجوههم.

خرجها البيهقي.

وخَّرج الأثرم من حديث الضحاك بن عثمان، عن نافع، أن ابن عمر كان يتهيأ للإمام قبل أن يخرج، ويتوجه قبل المنبر.

وروى وكيع، عن العمري، عن نافع، أن ابن عمر كان يستقبل الإمام يوم الجمعة إذا خطب.

وفي الباب أحاديث مرفوعة متصلة، لا تصح أسانيدها -: قاله الترمذي، وقد ذكرتها بعللها في ( ( شرح الترمذي) ) .

وذكر الترمذي: أن العمل على ذلك عند أهل العلم من الصحابة وغيرهم: يستحبون استقبال الإمام إذا خطب، قال: وهو قولُ سفيان والشافعي وأحمد وإسحاق.

وقال ابن المنذر: هو كالإجماع.

وروي عن الشعبي، قال: هو السنة.

وقد تقدم مثله عن يحيى بن سعيدٍ، وكذا قال مالكٍ.

وقال ابن عبد البر: لا أعلمهم يختلفون فيه.

وقال عمر بن عبد العزيز: كل واعظ قبلة.

يعني: أنه يستقبل كما تستقبل القبلة.

وقد روي عن بعض التابعين: أنه يستقبل القبلة حال الخطبة.
وهو محمول على إنهم كانوا يفعلونه مع أمير ظالم يسب السلف، ويقول ما لا يجوز استماعه، وكانوا قد ابتلوا بذلك في زمن بني أمية.

والأكثرون على إنهم إنما يستقبلوه في حال الخطبة، وهو قولُ أحمد.

وقال إسحاق: يستقبلونه إذا خرج، وهو قولُ أبي بكر بن جعفر من أصحابنا.

وقال الأوزاعي: يغفى بصره، ويلقي السمع، فإن نظر إلى الإمام فلا حرج.

وخرّج الإمام أحمد وأبو داود من حديث علي: سمع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول – وذكر يوم الجمعة -: ( ( إذا جلس الرجل مجلساً يستمكن فيه من الإستماع والنظر، فأنصت ولم يلغ كان له كفلان من الأجر) ) .

وفي إسناده من ليس بمشهورٍ.

وخرّج ابن سعدٍ بأسانيد له متعددةً حديثاً طويلاً، فيه: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان إذا خطب استقبله الناس بوجوههم، وأصغوا بأسماعهم، ورمقوه بأبصارهم.

وهذا لا يصح.
والله أعلم.

أما استقبال الإمام أهل المسجد واستدباره القبلة فمجمع عليه –أيضاً -، والنصوص تدل عليه –أيضاً -؛ فإنه يخاطبهم ليفهموا عنه –أيضاً.

وذلك كله سنة، فلو خالفها الإمام فقد خالف السنة، وصحت جمعته.

ولأصحاب الشافعي وجه صعيف: أنها لا تصح.
والله أعلم.


* * *

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب
من قال في الخطبة بعد الثناء: ( ( أما بعد) )
رواه عكرمة، عن ابن عباسٍ، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

حديث عكرمة، عن ابن عباسٍ قد أسنده في آخر الباب، فلا أدري لأي معنى علقه في اوله؟
وقد ذكر أبو نعيم في ( ( مستخرجه) ) هذا في الباب الذي قبله.

قال:

[ قــ :894 ... غــ :922 ]
- وقال محمود: نا أبو أسامة: نا هشام بن عروة: أخبرتني فاطمة ابنة
المنذر، عن أسماء ابنة أبي بكر، قالت: دخلت على عائشة والناس يصلون.

فذكرت حديث الكسوف، وفيه:
قالت: ثم انصرف رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقد تجلت الشمس، فحمد الله واثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: ( ( إما بعد) ) –وذكر بقيةٌ الحديث.
هكذا ذكره هنا تعليقاً عن محمود –وهو: ابن غيلان -، عن أبي اسامة.

وذكر بعضه في ( ( الكسوف) ) تعليقاً - أيضاً - عن أبي أسامة.

وأسند الحديث في ( ( كتاب: العلم) ) من حديث وهيب.
وفي ( ( الكسوف) ) وغيره من حديث مالكٍ –كلاهما -، عن هشام، وليس في حديثهما: ذكر: ( ( أما بعد) ) .

وخرّج مسلم الحديث بهذه اللفظة من طريق ابن نمير وأبي أسامة –كلاهما - عن هشام، به.

ثم قال البخاري:

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب يَسْتَقْبِلُ الإِمَامُ الْقَوْمَ، وَاسْتِقْبَالِ النَّاسِ الإِمَامَ إِذَا خَطَبَ وَاسْتَقْبَلَ ابْنُ عُمَرَ وَأَنَسٌ رضي الله عنهم الإِمَامَ
( باب يستقبل الإمام القوم) بوجه، ويستدبر القبلة.
رواه الضياء المقدسي في المختارة.

( واستقبال الناس الإمام إذا خطب) ليتفرغوا لسماع موعظته ويتدبروا كلامه، ولا يشتغلوا بغيره ليكون أدعى إلى انتفاعهم، ليعملوا بما أعلموا.

وثبت قوله: واستقبال الناس، إلى قوله: إذا خطب.
وقوله: يستقبل الإمام القوم، هو كذا في رواية كريمة، ولغيرها باب: استقبال الناس ... إلخ ... فقط.

( واستقبل ابن عمر) بن الخطاب ( وأنس) هو ابن مالك ( رضي الله عنهم الإمام) وصله البيهقي عن الأوّل، وأبو نعيم في نسخته بإسناد صحيح عن الثاني.



[ قــ :894 ... غــ : 921 ]
- حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ هِلاَلِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ: "إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَلَسَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ".
[الحديث 921 - أطرافه في: 1465، 2842، 6427] .

وبالسند قال: ( حدّثنا معاذ بن فضالة) بفتح الفاء، الزهراني، أو: الطفاوي البصري ( قال: حدّثنا هشام) الدستوائي ( عن يحيى) بن أبي كثير ( عن هلال بن أبي ميمونة) ، هو: ابن علي بن أسامة العامري المدني، وقد ينسب إلى جده، قال: ( حدّثنا عطاء بن يسار) بالمثناة والمهملة المخففة ( أنه سمع أبا سعيد الخدري) ، رضي الله عنه، ( قال: إن النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، جلس ذات يوم على المنبر) أي مستدبر القبلة، ( وجلسنا حوله) أي: ينظرون إليه وهو عين الاستقبال.

وهو مستحب عند الشافعية كالجمهور.

ومن لازم استقبال الإمام، استدباره هو القبلة، واغتفر لئلا يصير مستدبر القوم الذين يعظهم، وهو قبيح، خارج عن عرف المخاطبات.
ولو استقبل الخطيب، أو استدبر الحاضرون القبلة، أجزأ، كما في الأذان، وكره.

وهذا الحديث طرف من حديث طويل يأتي إن شاء الله تعالى بمباحثه في الزكاة، في باب: الصدقة على اليتامى، وكتاب الرقاق أيضًا.

ورواة هذا الحديث ما بين بصري ويماني ومدني، وفيه التحديث والعنعنة والسماع والقول، وشيخه من أفراده، وأخرجه أيضًا في الزكاة، والجهاد، والرقاق.
كما مر، ومسلم في الزكاة، وكذا النسائي والترمذي.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب مَنْ قَالَ فِي الْخُطْبَةِ بَعْدَ الثَّنَاءِ: أَمَّا بَعْدُ رَوَاهُ عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( باب من قال في الخطبة بعد الثناء) على الله تعالى: ( أما بعد) فقد أصاب السُّنَّة، أو: من، موصول.
والمراد منه: النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

( رواه) أي: أما بعد، في الخطبة ( عكرمة) ، مولى ابن عباس، مما وصله في آخر الباب ( عن ابن عباس) ، رضي الله عنهما، ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) .


[ قــ :894 ... غــ : 922 ]
- وَقَالَ مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ قَالَ: أَخْبَرَتْنِي فَاطِمَةُ بِنْتُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: "دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ -رضي الله عنها- وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ، قُلْتُ: مَا شَأْنُ النَّاسِ؟ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا إِلَى السَّمَاءِ، فَقُلْتُ آيَةٌ؟ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا -أَىْ نَعَمْ- قَالَتْ: فَأَطَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جِدًّا حَتَّى تَجَلاَّنِي الْغَشْيُ وَإِلَى جَنْبِي قِرْبَةٌ فِيهَا مَاءٌ فَفَتَحْتُهَا، فَجَعَلْتُ أَصُبُّ مِنْهَا

عَلَى رَأْسِي، فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ، فَخَطَبَ النَّاسَ وَحَمِدَ اللَّهَ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ.
قَالَتْ: وَلَغِطَ نِسْوَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَانْكَفَأْتُ إِلَيْهِنَّ لأُسَكِّتَهُنَّ.
فَقُلْتُ لِعَائِشَةَ: مَا قَالَ؟ قَالَتْ قَالَ: مَا مِنْ شَىْءٍ لَمْ أَكُنْ أُرِيتُهُ إِلاَّ قَدْ رَأَيْتُهُ فِي مَقَامِي هَذَا حَتَّى الْجَنَّةَ وَالنَّارَ.
وَإِنَّهُ قَدْ أُوحِيَ إِلَىَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ مِثْلَ -أَوْ قَرِيبَ مِنْ- فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، يُؤْتَى أَحَدُكُمْ فَيُقَالُ لَهُ: مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ؟ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ -أَوْ قَالَ الْمُوقِنُ، شَكَّ هِشَامٌ- فَيَقُولُ هُوَ رَسُولُ اللَّهِ، هُوَ مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى فَآمَنَّا وَأَجَبْنَا، وَاتَّبَعْنَا وَصَدَّقْنَا، فَيُقَالُ لَهُ: نَمْ صَالِحًا، قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ إِنْ كُنْتَ لَتُؤْمِنُ بِهِ..
.
وَأَمَّا الْمُنَافِقُ -أَوْ قَالَ الْمُرْتَابُ، شَكَّ هِشَامٌ- فَيُقَالُ لَهُ: مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ؟ فَيَقُولُ: لاَ أَدْرِي، سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا، فَقُلْتُ".
قَالَ هِشَامٌ: فَلَقَدْ قَالَتْ لِي فَاطِمَةُ فَأَوْعَيْتُهُ، غَيْرَ أَنَّهَا ذَكَرَتْ مَا يُغَلِّظُ عَلَيْهِ.

( وقال محمود) هو ابن غيلان شيخ المؤلّف، وكلام أبي نعيم في: المستخرج، يشعر بأنه قال: حدّثنا محمود، وحينئذ فلم تكن: قال، هنا للمذاكرة والحاورة: ( حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الليثي ( قال: حدّثنا هشام بن عروة) بن الزبير بن العوام ( قال: أخبرتني) بالإفراد ( فاطمة بنت المنذر) بن الزبير العوّام، امرأة هشام بن عروة ( عن أسماء بنت أبي بكر) ولأبي ذر والأصيلي زيادة: الصديق ( قالت: دخلت على) أختي ( عائشة) رضي الله عنه، ( والناس يصلون) جملة حالية، ( قلت) ولابن عساكر: فقلت، أي مستفهمة.

( ما شأن الناس) قائمين قزعين؟ ( فأشارت) عائشة ( برأسها إلى) أن الشمس في ( السماء) انكسفت والناس يصلون لذلك، قالت أسماء: ( فقلت) أهذه ( آية) ؟ علامة لعذاب الناس كأنها مقدّمة له، ( فأشارت) عائشة ( برأسها -أي: نعم-) هي آية: ( قالت) أسماء ( فأطال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) الصلاة ( جدًّا حتى تجلاني) بفتح المثناة الفوقية والجيم وتشديد اللام، أي: علاني ( الغشي) بفتح الغين وسكون الشين المعجمتين آخره مثناة تحتية مخففة ( وإلى جنبي قربة فيها ماء، ففتحتها، فجعلت أصب منها على رأسي، فانصرف رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وقد تجلت الشمس) بالجيم وتشديد اللام، أي انكشفت، والجملة حالية.

( فخطب الناس) عليه الصلاة والسلام ( وحمد الله) بالواو، ولأبي الوقت وابن عساكر وأبي ذر والأصيلي، عن الكشميهني: فحمد الله ( بما هو أهله ثم قال) :
( أما بعد) ليفصل بين الثناء على الله، وبين الخبر الذي يريد إعلام الناس به حتى في الخطبة.

وبعد: مبني على الضم، كسائر الظروف المقطوعة عن الإضافة.
واختلف في أوّل من قالها، فقيل: داود، وإنها فصل الخطاب الذي أُوتيه، أو: يعرب بن قحطان، أو: كعب بن لؤي، أو: سحبان بن وائل، أو قس بن ساعدة، أو: يعقوب، عليه الصلاة والسلام أو غيرهم.


( قالت) أسماء: ( ولغط نسوة من الأنصار) بفتح اللام والغين المعجمة والمهملة، ويجوز كسر الغين، وهو الأصوات المختلفة والجلبة ( فانكفأت) أي: ملت بوجهي ورجعت ( إليهنّ لأسكتهنّ، فقلت لعائشة: ما قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ ( قالت: قال) :
( ما من شيء) يصح أن يرى، لأن شيئًا: أعم العام، وقع في نفي، وبعض الأشياء لا تصح رؤيته لأنه قد خصّ، إذ ما من عام إلا وخص، إلا في نحو قوله: { وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة: 282، النساء: 176، النور: 35 و64، الحجرات: 16، والتغابن: 11] .

والتخصيص يكون عقليًّا وعرفيًّا، فهنا خصصه العقل بما يصح، أو الحس كما في قوله تعالى: { وأُوتيت من كل شيء} أو العرف بما يليق إبصارها به مما يتعلق بأمر الدين والجزاء ونحو ذلك.
نعم، يدخل في العموم أنه رأى الله.

و: ما نافية، و: من زائدة لتأكيد النفي، و: شيء اسم ما.
والتالي، صفة لشيء، وهو قوله:
( لم كن أريته) بهمزة مضمومة قبل الراء ( إلا قد) استثناء مفرغ.
وكل مفرغ متصل، والتفريغ من الحال.
أي: لم أكن أريته كائنًا في حالة من الحالات إلا حال رؤيتي إياه.
ولأبي ذر: إلا وقد ( رأيته) .
والرؤية هنا يحتمل أن تكون رؤية عين، بأن كشف الله تعالى له عن ذلك، ولا حاجب يمنع: كرؤيته المسجد الأقصى حتى وصفه لقريش، أو رؤية علم ووحي بإطلاعه وتعريفه من أمورها تفصيلاً بما لم يكن يعرفه قبل ذلك، ( في مقامي هذا، حتى الجنة) مرئية، أو نصب على أن: حتى، عاطفة على الضمير المنصوب في رأيته، أو جرّ على أن: حتى، جارّة ( والنار) عطف على الجنة ( وإنّه قد أُوحي إليّ) بكسر همزة إن وضمها في: أوحي مبنيًّا لما لم يسم فاعله.
( أنكم) بفتح الهمزة ( تفتنون) أي تمتحنون ( في القبور مثل -أو قريب) بغير ألف ولا تنوين، ولأبوي ذر والوقت، والأصيلي: قريبًا، بالتنوين ( من فتنة المسيح الدجال.
يؤتى أحدكم)
بضم المثناة التحتية وفتح الفوقية من: يؤتى، مبنيًا لما لم يسم فاعله، وهو بيان: لتفتنون، ولذا لم يعطف ( فيقال له: ما علمك بهذا الرجل) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ والخطاب للمفتون، وأفرده بعد أن قال: في قبوركم، بالجمع، لأن السؤال عن العلم يكون لكل أحد، وكذا الجواب:
( فأما المؤمن أو قال الموقن) أي المصدق بنبوّته عليه الصلاة والسلام، ( شك هشام) أي ابن عروة ( فيقول: هو رسول الله، هو محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، جاءنا بالبينات) المعجزات ( والهدى) الموصل ( فآمنا) به ( وأجبنا) هـ ( واتبعنا) هـ ( وصدقنا) هـ ( فيقال له: نم) نومًا ( صالحًا) أي منتفعًا بأعمالك ( قد كنا نعلم أن كنت لتؤمن به) .
أن مخففة من الثقيلة.

أي: أن الشأن كنت، وهي مكسورة، ودخلت اللام في: لتؤمن، للفرق بينها وبين أن النافية، ولأبوي ذر والوقت والأصيلي، وابن عساكر في نسخة: لمؤمنا به.


( وأما المنافق) ، المظهر خلاف ما يبطن ( أو قال المرتاب) وهو الشاك ( شك هشام-) ( فيقال له: ما علمك بهذا الرجل؟ فيقول: لا أدري! سمعت الناس يقولون شيئًا فقلت) ولأبي ذر عن الكشميهني: فقلته، بضمير النصب.

( قال هشام: فلقد قالت لي فاطمة) بنت المنذر ( فأوعيته) أي أدخلته وعاء قلبي، ولأبي الوقت: وعيته، بغير همز على الأصل، يقال: وعيت العلم، أي: حفظته، وأوعيت المتاع.
وللكشميهني، في اليونينية: وما وعيته ( غير أنها ذكرت ما يغلظ عليه) .

ورواة هذا الحديث ما بين: مروزي وكوفي ومدني، وفيه: التحديث والإخبار والعنعنة والقول، ورواية التابعية عن الصحابية، والصحابية عن التابعية.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ يَسْتَقْبِلُ الإمامُ القومَ وَاسْتِقْبَالِ النَّاسِ الإمَامَ إِذا خَطَبَ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان اسْتِقْبَال النَّاس الإِمَام، والاستقبال مصدر مُضَاف إِلَى فَاعله، وَالْإِمَام بِالنّصب مفعول لَهُ، وَفِي رِوَايَة كَرِيمَة: بابُُ يسْتَقْبل الإِمَام الْقَوْم واستقبال النَّاس الإِمَام إِذا خطب.

وَاسْتَقْبَلَ ابنُ عُمَرَ وَأنسٌ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، الإمَامَ
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، أما أثر عبد الله بن عمر فَأخْرجهُ الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق الْوَلِيد بن مُسلم، قَالَ: ذكرت اللَّيْث بن سعد فَأَخْبرنِي عَن ابْن عجلَان عَن نَافِع أَن ابْن عمر كَانَ يفرغ من سبحته يَوْم الْجُمُعَة قبل خُرُوج الإِمَام، فَإِذا خرج لم يقْعد الإِمَام حَتَّى يستقبله، وَأما أثر أنس بن مَالك فَأخْرجهُ ابْن أبي شيبَة: حَدثنَا عبد الصَّمد ( عَن المستمر بن رَيَّان، قَالَ: رَأَيْت أنسا إِذا أَخذ الإِمَام يَوْم الْجُمُعَة فِي الْخطْبَة يستقبله بِوَجْهِهِ حَتَّى يفرغ الإِمَام من خطبَته) .
وَرَوَاهُ ابْن الْمُنْذر من وَجه آخر: ( عَن أنس أَنه جَاءَ يَوْم الْجُمُعَة فاستند إِلَى الْحَائِط واستقبل الإِمَام) .
قَالَ ابْن الْمُنْذر: وَلَا أعلم فِي ذَلِك خلافًا بَين الْعلمَاء، وَحكى غَيره: ( عَن سعيد بن الْمسيب أَنه كَانَ لَا يسْتَقْبل هِشَام بن إِسْمَاعِيل إِذا خطب، فَوكل بِهِ هِشَام شرطيا يعطفه إِلَيْهِ) .
وَهِشَام هَذَا هُوَ هِشَام بن إِسْمَاعِيل بن الْوَلِيد بن الْمُغيرَة المَخْزُومِي، كَانَ واليا بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ الَّذِي ضرب سعيد بن الْمسيب أفضل التَّابِعين بالسياط، فويل لَهُ من ذَلِك، وَفِي ( الْمُغنِي) : رُوِيَ عَن الْحسن أَنه اسْتقْبل الْقبْلَة وَلم ينحرف إِلَى الإِمَام، وروى التِّرْمِذِيّ عَن عبد الله بن مَسْعُود، قَالَ: ( كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا اسْتَوَى على الْمِنْبَر استقبلناه بوجوهنا) .
وَفِي إِسْنَاده مُحَمَّد بن الْفضل،.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيّ: هُوَ ضَعِيف ذَاهِب الحَدِيث عِنْد أَصْحَابنَا، وَالْعَمَل على هَذَا عِنْد أهل الْعلم من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَغَيرهم يستحبون اسْتِقْبَال الإِمَام إِذا خطب، وَهُوَ قَول سُفْيَان الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق، وَلَا يَصح فِي هَذَا الْبابُُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْء.
وروى ابْن مَاجَه عَن عدي بن ثَابت عَن أَبِيه: ( كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَامَ على الْمِنْبَر استقبله النَّاس) .
وَفِي ( سنَن الْأَثر) : عَن مُطِيع أبي يحيى الْمُزنِيّ عَن أَبِيه عَن جده، قَالَ: ( كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَامَ على الْمِنْبَر أَقبلنَا بوجوهنا إِلَيْهِ) ..
     وَقَالَ  ابْن أبي شيبَة: أخبرنَا هشيم أخبرنَا عبد الحميد بن جَعْفَر الْأنْصَارِيّ بِإِسْنَاد لَا أحفظه، قَالَ: ( كَانُوا يجيؤن يَوْم الْجُمُعَة يَجْلِسُونَ حول الْمِنْبَر ثمَّ يقبلُونَ على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِوُجُوهِهِمْ) ، وَفِي ( الْمَبْسُوط) : كَانَ أَبُو حنيفَة إِذا فرغ الْمُؤَذّن من أَذَانه أدَار وَجهه إِلَى الْأَمَام، وَهُوَ قَول شُرَيْح وطاووس وَمُجاهد وَسَالم وَالقَاسِم وزادان وَعمر بن عبد الْعَزِيز وَعَطَاء، وَبِه قَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري وَسَعِيد بن عبد الْعَزِيز وَابْن جَابر وَيزِيد بن أبي مَرْيَم وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق، قَالَ ابْن الْمُنْذر: وَهَذَا كالإجماع.



[ قــ :894 ... غــ :921 ]
- حدَّثنا مُعَاذُ بنُ فَضَالَةَ قَالَ حدَّثنا هِشَامٌ عنْ يَحْيَى عَن هلاَل بنِ أبي مَيْمُونةَ قَالَ حدَّثنا عَطاءُ بنُ يَسَارٍ أنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ قَالَ إنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جلَسَ ذاتَ يَوْمٍ عَلَى المِنْبَرِ وجَلَسْنَا حَوْلَهُ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن جلوسهم حول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يكون إلاّ وهم ينظرُونَ إِلَيْهِ، وَهُوَ عين الِاسْتِقْبَال.

ذكر رِجَاله: وهم سِتَّة: الأول: معَاذ بن فضَالة أَبُو زيد الزهْرَانِي الْبَصْرِيّ.
الثَّانِي: هِشَام الدستوَائي.
الثَّالِث: يحيى بن أبي كثير.
الرَّابِع: هِلَال بن أبي مَيْمُونَة، وَيُقَال: هِلَال بن هِلَال، وَهُوَ هِلَال بن عَليّ، تقدم ذكره فِي أول كتاب الْعلم.
الْخَامِس: عَطاء بن يسَار، بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف.
السَّادِس: أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ، واسْمه: سعد بن مَالك مَشْهُور باسمه وكنيته.

ذكر لطائف إِسْنَاده: وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد.
وَفِيه: السماع.
وَفِيه: القَوْل فِي مَوضِع وَاحِد.
وَفِيه: أَن شَيْخه من أَفْرَاده.
وَفِيه: أَن الأول من الروَاة بَصرِي.
وَالثَّانِي أهوازي، وَالثَّالِث يماني وَالرَّابِع وَالْخَامِس مدنيان.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ فِي الْجِهَاد أَيْضا عَن مُحَمَّد بن سِنَان عَن فليح وَفِي الزَّكَاة عَن معَاذ بن فضَالة أَيْضا وَفِي الرقَاق عَن إِسْمَاعِيل بن عبد الله عَن مَالك.
وَأخرجه مُسلم فِي الزَّكَاة عَن أبي الطَّاهِر ابْن السَّرْح وَعَن عَليّ بن حجر.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن زِيَاد بن أَيُّوب عَن ابْن علية بِهِ.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ عَن ابْن مَسْعُود، وَقد ذَكرْنَاهُ عَن قريب، وَفِي الْبابُُ عَن ابْن عمر رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي ( الْأَوْسَط) وَالْبَيْهَقِيّ فِي ( سنَنه) من رِوَايَة عِيسَى ابْن عبد الله الْأنْصَارِيّ عَن نَافِع عَن ابْن عمر، قَالَ: ( كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا دنا من منبره يَوْم الْجُمُعَة سلم على من عِنْده، فَإِذا صعده اسْتقْبل النَّاس بِوَجْهِهِ) .
لفظ الْبَيْهَقِيّ، وَضَعفه،.

     وَقَالَ  الطَّبَرَانِيّ: ( فَإِذا صعد الْمِنْبَر توجه إِلَى النَّاس وَسلم عَلَيْهِم) ، وَعِيسَى بن عبد الله فِيهِ مقَال، وَعَن عدي بن ثَابت عَن أَبِيه أخرجه ابْن مَاجَه، وَقد ذَكرْنَاهُ عَن قريب، وَعَن مُطِيع أبي يحيى عَن أَبِيه عَن جده أخرجه الْأَثْرَم، وَقد ذَكرْنَاهُ عَن قريب، وَعَن الْبَراء من طَرِيق أبان بن عبد الله البَجلِيّ أخرجه ابْن خُزَيْمَة،.

     وَقَالَ : إِنَّه مَعْلُول.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: الْحِكْمَة فِي استقبالهم للخطيب أَن يتفرغوا لسَمَاع موعظته وتدبر كَلَامه وَلَا يشتغلوا بِغَيْرِهِ.
قَالَ الْفُقَهَاء: إِنَّمَا استدبر الْقبْلَة لِأَنَّهُ إِذا اسْتَقْبلهَا فَإِن كَانَ فِي صدر الْمَسْجِد كَانَ مستديرا للْقَوْم، واستدبارهم وهم المخاطبون قَبِيح خَارج عَن عرف المخاطبات، وَإِن كَانَ فِي آخِره فإمَّا أَن يستقبله الْقَوْم فَيَكُونُوا مستدبرين الْقبْلَة، واستدبار وَاحِد أَهْون من استدبار الْجَمَاعَة، وَإِمَّا أَن يستدبروه فتلزم الْهَيْئَة القبيحة، وَلَو خَالف الْخَطِيب فاستدبرهم واستقبل الْقبْلَة كره وَصحت خطبَته، وَحكى الشَّاشِي وَجها شاذا: أَنه لَا يَصح.
فَإِن قلت: مَا المُرَاد باستقبال النَّاس الْخَطِيب؟ هَل المُرَاد من يواجهه؟ أَو المُرَاد جَمِيع أهل الْمَسْجِد حَتَّى أَن من هُوَ فِي الصَّفّ الأول وَالثَّانِي وَإِن طَالَتْ الصُّفُوف ينحرفون بأبدانهم أَو بِوُجُوهِهِمْ لسَمَاع الْخطْبَة؟ قلت: الظَّاهِر أَن المُرَاد بذلك من يسمع الْخطْبَة دون من بعد فَلم يسمع فاستقبال الْقبْلَة أولى بِهِ من توجهه لجِهَة الْخَطِيب، ثمَّ إِن الرَّافِعِيّ وَالنَّوَوِيّ جزما باستحبابُ ذَلِك، وَصرح القَاضِي أَبُو الطّيب بِوُجُوب ذَلِك، ثمَّ بَقِي هُنَا اسْتِقْبَال الْخَطِيب للنَّاس فَذكر الرَّافِعِيّ: أَنه من سنَن الْخطْبَة، وَلَو خطب مستدبرا للنَّاس جَازَ، وَإِن خَالف السّنة.
وَحكى فِي ( الْبَيَان) وَغَيره وَجه: أَنه لَا يجْزِيه، كَمَا ذكرنَا عَن قريب عَن الشَّاشِي.
فَإِن قلت: حول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ظَهره إِلَى النَّاس فِي خطْبَة الاسْتِسْقَاء؟ قلت: كَانَ ذَلِك تفاؤلاً بِتَغَيُّر الْحَال، كَمَا قلب رِدَاءَهُ فِيهَا تفاؤلاً بذلك، فَأَما فِي الْجُمُعَة فَلم ينْقل ذَلِك مَعَ كَونه قد استسقى فِي خطْبَة الْجُمُعَة وَلم يحول وَجهه فِي الدُّعَاء للْقبْلَة، وكل مِنْهُمَا أصل بِنَفسِهِ لَا يُقَاس عَلَيْهِ غَيره، واستنبط الْمَاوَرْدِيّ وَغَيره من الحَدِيث الْمَذْكُور أَن الْخَطِيب لَا يلْتَفت يَمِينا وَلَا شمالاً حَالَة الْخطْبَة.
وَفِي ( شرح الْمُهَذّب) : اتّفق الْعلمَاء على كَرَاهَة ذَلِك، وَهُوَ مَعْدُود فِي الْبدع الْمُنكرَة، خلافًا لأبي حنيفَة، فَإِنَّهُ قَالَ: يلْتَفت يمنة ويسرة كالأذان، نَقله الشَّيْخ أَبُو حَامِد.
قلت: فِي هَذَا النَّقْل عَن أبي حنيفَة نظر، وَلَا يَصح ذَلِك عَنهُ، وَمن السّنة عندنَا أَن يتْرك الْخَطِيب السَّلَام من وَقت خُرُوجه إِلَى دُخُوله فِي الصَّلَاة، وَالْكَلَام أَيْضا، وَبِه قَالَ مَالك..
     وَقَالَ  الشَّافِعِي وَأحمد: السّنة إِذا صعد الْمِنْبَر أَن يسلم على الْقَوْم إِذا أقبلهم بِوَجْهِهِ، كَذَا رُوِيَ عَن ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قلت: هَذَا الحَدِيث أوردهُ ابْن عدي من حَدِيث ابْن عمر فِي تَرْجَمَة عِيسَى بن عبد الله الْأنْصَارِيّ وَضَعفه، وَكَذَا ضعفه ابْن حبَان.
فَإِن قلت: روى ابْن أبي شيبَة: حَدثنَا أَبُو أُسَامَة عَن مجَالد: ( عَن الشّعبِيّ، قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صعد الْمِنْبَر يَوْم الْجُمُعَة اسْتقْبل النَّاس فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم.
.
)
قلت: هَذَا مُرْسل فَلَا يحْتَج بِهِ عِنْدهم،.

     وَقَالَ  عبد الْحق فِي ( الْأَحْكَام الْكُبْرَى) : هُوَ مُرْسل، وَإِن أسْندهُ أَحْمد من حَدِيث عبد الله بن لَهِيعَة فَهُوَ مَعْرُوف فِي الضُّعَفَاء، فَلَا يحْتَج بِهِ..
     وَقَالَ  الْبَيْهَقِيّ: الحَدِيث لَيْسَ بِقَوي.


هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ مَنْ قالَ فِي الخُطْبَةِ بَعْدَ الثَّنَاءِ أمَّا بَعْدُ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان قَول من قَالَ فِي الْخطْبَة بعد الثَّنَاء عَن الله عز وَجل كلمة: أما بعد، وَكَانَ البُخَارِيّ، رَحمَه الله، لم يجد فِي صفة خطْبَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْجُمُعَة حَدِيثا على شَرطه، فاقتصر على ذكر الثَّنَاء وَاللَّفْظ وضع للفصل بَينه وَبَين مَا بعده من موعظة وَنَحْوهَا،.

     وَقَالَ  أَبُو جَعْفَر النّحاس عَن سِيبَوَيْهٍ: معنى أما بعد، مهما يكن من شَيْء،.

     وَقَالَ  أَبُو إِسْحَاق: إِذا كَانَ رجل فِي حَدِيث وَأَرَادَ أَن يَأْتِي بِغَيْرِهِ قَالَ: أما بعد، وَأَجَازَ الْفراء: أما بعدا، بِالنّصب والتنوين، و: أما بعد، بِالرَّفْع والتنوين، وَأجَاب هِشَام: أما بعد، بِفَتْح الدَّال.
وَاعْلَم أَن: بعد وَقبل، من الظروف الَّتِي قطعت عَن الْإِضَافَة، فَإِذا أُرِيد مِنْهُمَا الْمُضَاف إِلَيْهِ الْمُتَعَيّن بعد الْقطع يبْنى وَلَا يعرب، وَيكون بناؤهما على الضَّم لِأَن بناءهما عَارض يَزُول بِالْإِضَافَة، فَكَانَت الْحَرَكَة ضمة لِأَنَّهَا لَا توهم إعرابا، لِأَن الضَّم لَا يدخلهما مضافين.
وَفِي ( الْمُحكم) : مَعْنَاهُ أما بعد دعائي لَك.
وَفِي ( الْجَامِع) : يَعْنِي بعد الْكَلَام الْمُتَقَدّم، أَو بعد مَا بَلغنِي من الْخَبَر.

وَاخْتلف فِي أول من قَالَهَا.
فَقيل: دَاوُد، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ مَرْفُوعا من حَدِيث أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، وَفِي اسناده ضعف، وَقيل: قس بن سَاعِدَة.
وَقيل: يعرب بن قحطان.
وَقيل: كَعْب بن لؤَي جد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَقيل: سحبان بن وَائِل.
وَفِي ( غرائب مَالك) للدارقطني بِسَنَد ضَعِيف: ( لما جَاءَ ملك الْمَوْت إِلَى يَعْقُوب، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، قَالَ يَعْقُوب فِي جملَة كَلَامه: أما بعد، فَإنَّا أهل بَيت مُوكل بِنَا الْبلَاء) ، وَذكر الْحَافِظ أَبُو مُحَمَّد عبد الْقَادِر بن عبد الله الرهاوي أَن جمَاعَة من الصَّحَابَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، رووا هَذِه اللَّفْظَة عَن سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مِنْهُم: سعد بن أبي وَقاص وَابْن مَسْعُود وَأَبُو سعيد الْخُدْرِيّ وَعبد الله بن عمر وَعبد الله بن عَمْرو وَعبد الله وَالْفضل ابْنا الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب وَجَابِر بن عبد الله وَأَبُو هُرَيْرَة وَسمرَة بن جُنْدُب وعدي بن حَاتِم وَأَبُو حميد السَّاعِدِيّ وَعقبَة بن عَامر والطفيل بن سَخْبَرَة وَجَرِير بن عبد الله البَجلِيّ وَأَبُو سُفْيَان بن حَرْب وَزيد بن أَرقم وَأَبُو بكرَة وَأنس بن مَالك وَزيد بن خَالِد وقرة بن دعموص والمسور بن مخرمَة وَجَابِر بن سَمُرَة وَعَمْرو بن ثَعْلَبَة ورزين بن أنس السّلمِيّ وَالْأسود بن سريع وَأَبُو شُرَيْح بن عَمْرو وَعَمْرو بن حزم وَعبد الله ابْن عليم وَعقبَة بن مَالك وَأَسْمَاء بنت أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم أَجْمَعِينَ.
رَوَاهُ عِكْرِمَةُ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
أَي: روى القَوْل بِكَلِمَة: أما بعد، فِي الْخطْبَة عِكْرِمَة مولى ابْن عَبَّاس عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله البُخَارِيّ فِي آخر هَذَا الْبابُُ: عَن إِسْمَاعِيل بن أبان عَن ابْن الغسيل عَن عِكْرِمَة: ( عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: صعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمِنْبَر) الحَدِيث.


[ قــ :894 ... غــ :922 ]
- (.

     وَقَالَ  مَحْمُود حَدثنَا أَبُو أُسَامَة قَالَ حَدثنَا هِشَام بن عُرْوَة قَالَ أَخْبَرتنِي فَاطِمَة بنت الْمُنْذر عَن أَسمَاء بنت أبي بكر قَالَت دخلت على عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَالنَّاس يصلونَ قلت مَا شَأْن النَّاس فَأَشَارَتْ برأسها إِلَى السَّمَاء فَقلت آيَة فَأَشَارَتْ برأسها أَي نعم قَالَت فَأطَال رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جدا حَتَّى تجلاني الغشي وَإِلَى جَنْبي قربَة فِيهَا مَاء ففتحتها فَجعلت أصب مِنْهَا على رَأْسِي فَانْصَرف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقد تجلت الشَّمْس فَخَطب النَّاس وَحمد الله بِمَا هُوَ أَهله ثمَّ قَالَ أما بعد قَالَت ولغط نسْوَة من الْأَنْصَار فَانْكَفَأت إلَيْهِنَّ لأسكتهن فَقلت لعَائِشَة مَا قَالَ قَالَت قَالَ من شَيْء لم أكن أريته إِلَّا قد رَأَيْته فِي مقَامي هَذَا حَتَّى الْجنَّة وَالنَّار وَإنَّهُ قد أُوحِي إِلَيّ أَنكُمْ تفتنون فِي الْقُبُور مثل أَو قَرِيبا من فتْنَة الْمَسِيح الدَّجَّال يُؤْتى أحدكُم فَيُقَال لَهُ مَا علمك بِهَذَا الرجل فَأَما الْمُؤمن أَو قَالَ الموقن شكّ هِشَام فَيَقُول هُوَ رَسُول الله هُوَ مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهدى فَآمَنا وأجبنا وَاتَّبَعنَا وصدقنا فَيُقَال لَهُ نم صَالحا قد كُنَّا نعلم أَن كنت لتؤمن بِهِ وَأما الْمُنَافِق أَو قَالَ المرتاب شكّ هَاشم فَيُقَال لَهُ مَا علمك بِهَذَا الرجل فَيَقُول لَا أَدْرِي سَمِعت النَّاس يَقُولُونَ شَيْئا فَقلت قَالَ هِشَام فَلَقَد قَالَت لي فَاطِمَة فأوعيته غير أَنَّهَا ذكرت مَا يغلط عَلَيْهِ)
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَهِي قَوْله " ثمَّ قَالَ أما بعد ".
( ذكر رِجَاله) وهم خَمْسَة.
الأول مَحْمُود بن غيلَان أحد مشايخه مر فِي بابُُ النّوم قبل الْعشَاء.
الثَّانِي أَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة اللَّيْثِيّ وَقد تكَرر ذكره.
الثَّالِث هِشَام بن عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام وَقد تكَرر ذكره.
الرَّابِع فَاطِمَة بنت الْمُنْذر بن الزبير بن الْعَوام امْرَأَة هِشَام بن عُرْوَة.
الْخَامِس أَسمَاء بنت أبي بكر الصّديق أم عبد الله بن الزبير وَعُرْوَة أُخْت عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا ( ذكر لطائف إِسْنَاده) فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين والإخبار بِصِيغَة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع وَفِيه العنعنة فِي مَوضِع وَفِيه القَوْل فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع وَفِيه قَالَ مَحْمُود وَلم يقل حَدثنَا مَحْمُود أَو أخبرنَا لِأَن الظَّاهِر أَنه ذكره لَهُ محاورة ومذاكرة لَا نقلا وتحميلا لَكِن كَلَام أبي نعيم فِي الْمُسْتَخْرج يشْعر بِأَنَّهُ قَالَ حَدثنَا مَحْمُود وَفِيه رِوَايَة الرجل عَن بنت عَمه وَزَوجته وَفِيه رِوَايَة التابعية عَن الصحابية وَفِيه رِوَايَة الصحابية عَن الصحابية وَفِيه شيخ البُخَارِيّ مروزي وَشَيْخه كُوفِي والبقية مَدَنِيَّة ( ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره) أخرجه البُخَارِيّ فِي مَوَاضِع قد بَيناهُ فِي بابُُ من أجَاب الْفتيا بِإِشَارَة الْيَد وَالرَّأْس فِي كتاب الْعلم وَقد ذكرنَا أَيْضا من أخرجه غير البُخَارِيّ وَذكرنَا جَمِيع مَا يتَعَلَّق بِهِ هُنَاكَ وَنَذْكُر هَهُنَا مُخْتَصرا عَمَّا قد ذَكرْنَاهُ هُنَاكَ وَمَا لم نذكرهُ قَوْله " وَالنَّاس يصلونَ " جملَة حَالية قَوْله " مَا شَأْن النَّاس " أَي قَائِمين فزعين قَوْله " فَأَشَارَتْ " أَي عَائِشَة قَوْله " فَقلت آيَة " أَصله بِهَمْزَة الِاسْتِفْهَام أَي آيَة وارتفاعها على أَنَّهَا خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي أَهِي آيَة أَي عَلامَة لعذاب النَّاس كَأَنَّهَا مُقَدّمَة لَهُ قَوْله " حَتَّى تجلاني " بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَالْجِيم وَتَشْديد اللَّام وَأَصله تجللني أَي علاني وَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة هُنَاكَ قَوْله " الغشي " بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة وَفِي آخِره يَاء آخر الْحُرُوف مُخَفّفَة من غشي عَلَيْهِ غشية وغشيا وغشيانا فَهُوَ مغشي عَلَيْهِ واستغشى بِثَوْبِهِ وتغشى أَي تغطى بِهِ قَوْله " وَقد تجلت الشَّمْس " جملَة حَالية أَي انكشفت قَوْله " ثمَّ قَالَ أما بعد " هَذَا لم يذكر هُنَاكَ قَالَ الْكرْمَانِي كلمة أما لَا بُد لَهَا من أُخْت فَمَا هِيَ إِذا وَقعت بعد الثَّنَاء على الله كَمَا هُوَ الْعَادة فِي ديباجة الرسائل والكتب بِأَن يُقَال الْحَمد لله وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على رَسُول الله أما بعد وَأجَاب بِأَن الثَّنَاء أَو الْحَمد مقدم عَلَيْهِ كَأَنَّهُ قَالَ أما الثَّنَاء على الله فَكَذَا وَأما بعد فَكَذَا وَلَا يلْزم فِي قسيمه أَن يُصَرح بِلَفْظِهِ بل يَكْتَفِي مَا يقوم مقَامه قيل هِيَ من أفْصح الْكَلَام وَهُوَ فصل بَين الثَّنَاء على الله وَبَين الْخَبَر الَّذِي يُرِيد الْخَطِيب إِعْلَام النَّاس بِهِ وَمثل هَذِه الْكَلِمَة تسمى بفصل الْخطاب الَّذِي أُوتِيَ دَاوُد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لِأَنَّهُ فصل مَا تقدم.

     وَقَالَ  الْحسن هِيَ فصل الْقَضَاء وَهِي " الْبَيِّنَة على الْمُدَّعِي وَالْيَمِين على من أنكر " قَوْله " لغط نسْوَة من الْأَنْصَار " اللَّغط بِالتَّحْرِيكِ الْأَصْوَات الْمُخْتَلفَة الَّتِي لَا تفهم قَالَ ابْن التِّين ضَبطه بَعضهم بِفَتْح الْغَيْن وَبَعْضهمْ بِكَسْرِهَا وَهُوَ عِنْد أهل اللُّغَة بِالْفَتْح قَوْله " فَانْكَفَأت " أَي ملت بوجهي وَرجعت إلَيْهِنَّ لأسكتهن وَأَصله من كفأت الْإِنَاء إِذا أملته وكببته قَوْله " مَا من شَيْء " كلمة مَا للنَّفْي وَكلمَة من زَائِدَة لتأكيد النَّفْي وَشَيْء اسْم مَا وَقَوله " لم أكن أريته " جملَة فِي مَحل الرّفْع لِأَنَّهَا صفة لشَيْء وَهُوَ مَرْفُوع فِي الأَصْل وَإِن كَانَ جر بِمن الزَّائِدَة وَاسم أكن مستتر فِيهِ وأريته بِضَم الْهمزَة جملَة فِي مَحل النصب لِأَنَّهَا خبر لم أكن قَوْله " إِلَّا وَقد رَأَيْته " اسْتثِْنَاء مفرغ وَتَحْقِيق الْكَلَام قد ذَكرْنَاهُ قَوْله " حَتَّى الْجنَّة وَالنَّار " يجوز فيهمَا الرّفْع على أَن تكون حَتَّى ابتدائية وَرفع الْجنَّة على الِابْتِدَاء مَحْذُوف الْخَبَر تَقْدِيره حَتَّى الْجنَّة مرئية وَالنَّار عطف عَلَيْهَا وَيجوز فيهمَا النصب على أَن تكون حَتَّى عاطفة على الضَّمِير الْمَنْصُوب فِي رَأَيْته وَيجوز الْجَرّ أَيْضا على أَن تكون حَتَّى جَارة قَوْله " أُوحِي إِلَيّ " على صِيغَة الْمَجْهُول قَوْله " أَنكُمْ " بِفَتْح الْهمزَة قَوْله " مثل أَو قَرِيبا " أَصله مثل فتْنَة الدَّجَّال أَو قَرِيبا من فتْنَة الدَّجَّال وتحقيقه قد مر قَوْله " يُؤْتى " على صِيغَة الْمَجْهُول قَوْله " الموقن " أَي الْمُصدق بنبوة مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَو الموقن بنبوته قَوْله " صَالحا " أَي مُنْتَفعا بأعمالك قَوْله " أَن كنت " أَن هَذِه مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة أَي أَن الشَّأْن كنت وَهِي مكسوة وَدخلت اللَّام فِي قَوْله " لموقنا " لتفرق بَين أَن هَذِه وَبَين أَن النافية قَوْله " الْمُنَافِق " هُوَ الْمظهر خلاف مَا يبطن والمرتاب الشاك وَهُوَ فِي مُقَابلَة الموقن وَهَذَا اللَّفْظ مُشْتَرك فِيهِ الْفَاعِل وَالْمَفْعُول وَالْفرق تقديري قَوْله " فأوعيته " الأَصْل فِي مثل هَذَا أَن يُقَال وعيته يُقَال وعيت الْعلم وأوعيت الْمَتَاع.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير فِي حَدِيث الْإِسْرَاء ذكر فِي كل سَمَاء أَنْبيَاء قد سماهم فأوعيت مِنْهُم إِدْرِيس فِي الثَّانِيَة هَكَذَا رُوِيَ فَإِن صَحَّ فَيكون مَعْنَاهُ أدخلته فِي وعَاء قلبِي يُقَال أوعيت الشَّيْء فِي الْوِعَاء إِذا أدخلته فِيهِ وَلَو روى وعيت بِمَعْنى حفظت لَكَانَ أبين وَأظْهر يُقَال وعيت الحَدِيث أعيه وعيا فَأَنا واع إِذا حفظته وفهمته وَفُلَان أوعى من فلَان أَي أحفظ وَأفهم وَهَهُنَا كَذَلِك إِن صحت الرِّوَايَة فَيكون مَعْنَاهُ أدخلته فِي وعَاء قلبِي وَإِلَّا فَالْقِيَاس وعيته بِدُونِ الْهمزَة فَافْهَم وَفِي بعض النّسخ فوعيته على الأَصْل قَوْله " مَا يغلظ عَلَيْهِ " ويروى " مَا يغلظ فِيهِ " ( وَمَا يُسْتَفَاد مِنْهُ) الافتتان فِي الْقَبْر وَهُوَ الاختبار وَلَا فتْنَة أعظم من هَذِه الْفِتْنَة وَقد وَردت فِيهِ أَحَادِيث كَثِيرَة.
مِنْهَا حَدِيث أبي هُرَيْرَة أخرجه التِّرْمِذِيّ من رِوَايَة سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " إِذا قبر الْمَيِّت أَو قَالَ أحدكُم أَتَاهُ ملكان أسودان أزرقان يُقَال لأَحَدهمَا الْمُنكر وَللْآخر النكير فَيَقُولَانِ مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل فَيَقُول مَا كَانَ يَقُول هُوَ عبد الله وَرَسُوله أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله فَيَقُولَانِ قد كُنَّا نعلم أَنَّك تَقول هَذَا ثمَّ يفسح لَهُ فِي قَبره سَبْعُونَ ذِرَاعا فِي سبعين ثمَّ ينور لَهُ فِيهِ ثمَّ يُقَال لَهُ نم فَيَقُول أرجع إِلَى أَهلِي فَأخْبرهُم فَيَقُولَانِ نم كنومة الْعَرُوس الَّذِي لَا يوقظه إِلَّا أحب أَهله إِلَيْهِ حَتَّى يَبْعَثهُ الله من مضجعه ذَلِك فَإِن كَانَ منافقا قَالَ سَمِعت النَّاس يَقُولُونَ فَقلت مثله لَا أَدْرِي فَيَقُولَانِ قد كُنَّا نعلم أَنَّك تَقول ذَلِك فَيُقَال للْأَرْض التئمي عَلَيْهِ فتلتئم عَلَيْهِ فتختلف أضلاعه فَلَا يزَال فِيهَا معذبا حَتَّى يَبْعَثهُ الله من مضجعه ذَلِك " انْفَرد بِإِخْرَاجِهِ التِّرْمِذِيّ من هَذَا الْوَجْه وَله طَرِيق آخر من رِوَايَة سعيد بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة أخرجه ابْن مَاجَه عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " إِن الْمَيِّت يصير إِلَى الْقَبْر فيجلس الرجل الصَّالح فِي قَبره غير فزع وَلَا مشغوب ثمَّ يُقَال لَهُ فيمَ كنت فَيَقُول كنت فِي الْإِسْلَام فَيُقَال لَهُ مَا هَذَا الرجل فَيَقُول مُحَمَّد رَسُول الله جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ من عِنْد الله فَصَدَّقْنَاهُ فَيُقَال لَهُ هَل رَأَيْت الله فَيَقُول مَا يَنْبَغِي لأحد أَن يرى الله فتفرج لَهُ فُرْجَة قبل النَّار فَينْظر إِلَيْهَا يحطم بَعْضهَا بَعْضًا فَيُقَال لَهُ انْظُر إِلَى مَا وقاك الله ثمَّ يفرج لَهُ فُرْجَة قبل الْجنَّة فَينْظر إِلَى زهرتها وَمَا فِيهَا فَيُقَال لَهُ هَذَا مَقْعَدك وَيُقَال لَهُ على الْيَقِين كنت وَعَلِيهِ مت وَعَلِيهِ تبْعَث إِن شَاءَ الله وَيجْلس الرجل السوء فِي قَبره فَزعًا مشغوبا فَيُقَال لَهُ فيمَ كنت فَيَقُول لَا أَدْرِي فَيُقَال لَهُ مَا هَذَا الرجل فَيَقُول سَمِعت النَّاس يَقُولُونَ قولا فقلته فيفرج لَهُ قبل الْجنَّة فَينْظر إِلَى زهرتها وَمَا فِيهَا فَيُقَال لَهُ انْظُر إِلَى مَا صرف الله عَنْك ثمَّ يفرج لَهُ فُرْجَة إِلَى النَّار فَينْظر إِلَيْهَا يحطم بَعْضهَا بَعْضًا فَيُقَال لَهُ هَذَا مَقْعَدك على الشَّك كنت عَلَيْهِ ومت وَعَلِيهِ تبْعَث إِن شَاءَ الله " وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي سنَنه الْكُبْرَى فِي التَّفْسِير وَفِي الْمَلَائِكَة من هَذَا الْوَجْه وَأخرج أَبُو دَاوُد من حَدِيث أنس وَفِيه قَالَ " إِن الْمُؤمن إِذا وضع فِي قَبره أَتَاهُ ملك فَيَقُول لَهُ مَا كنت تعبد فَإِن الله إِذا هداه قَالَ كنت أعبد الله فَيُقَال لَهُ مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل فَيَقُول هُوَ عبد الله وَرَسُوله وَمَا يسْأَل عَن شَيْء غَيرهَا فَينْطَلق بِهِ إِلَى بَيت كَانَ لَهُ فِي النَّار فَيُقَال لَهُ هَذَا بَيْتك كَانَ فِي النَّار وَلَكِن الله عصمك ورحمك فأبدلك بِهِ بَيْتا فِي الْجنَّة فَيَقُول دَعونِي حَتَّى أذهب فأبشر أَهلِي فَيُقَال لَهُ اسكن وَإِن الْكَافِر إِذا وضع فِي قَبره أَتَاهُ ملك فيهزه فَيَقُول لَهُ مَا كنت تعبد فَيَقُول لَا أَدْرِي فَيَقُول لَهُ لَا دَريت وَلَا تليت فَيُقَال لَهُ مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل فَيَقُول كنت أَقُول مَا يَقُول النَّاس فيضربه بمطراق من حَدِيد بَين أُذُنَيْهِ فَيَصِيح صَيْحَة يسْمعهَا الْخلق غير الثقلَيْن " وَأخرجه أَبُو دَاوُد أَيْضا من حَدِيث الْبَراء على اخْتِلَاف طرقه وَفِيه " ثمَّ يقيض لَهُ أعمى أبكم مَعَه مرزبة من حَدِيد لَو ضرب بهَا جبل لصار تُرَابا قَالَ فَيضْرب ضَرْبَة يسْمعهَا من بَين الْمشرق وَالْمغْرب إِلَّا الثقلَيْن فَيصير تُرَابا ثمَّ يُعَاد فِيهِ الرّوح ".
وَأخرج أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ حَدِيث الْبَراء بن عَازِب " يَقُول العَبْد هُوَ رَسُول الله " الحَدِيث " وَفِيه يمثل لَهُ عمله فِي هَيْئَة رجل حسن الْوَجْه طيب الرّيح حسن الثِّيَاب فَيَقُول أبشر بِمَا أعد الله لَك أبشر برضوان الله تَعَالَى وجنات فِي نعيم مُقيم فَيَقُول بشرك الله بِخَير من أَنْت فوجهك الَّذِي جَاءَ بِالْخَيرِ فَيَقُول هَذَا يَوْمك الَّذِي كنت توعد أَنا عَمَلك الصَّالح ".
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من حَدِيث أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا " فيأتيه الْملكَانِ أعينهما مثل قدور النّحاس " وَفِي رِوَايَة معمر " أصواتهما كالرعد القاصف وأبصارهما كالبرق الخاطف مَعَهُمَا مرزبة من حَدِيد لَو اجْتمع عَلَيْهَا أهل الأَرْض لم يقلوها ".
وَعند الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ " خلقهما لَا يشبه خلق الْآدَمِيّين وَلَا خلق الْمَلَائِكَة وَلَا خلق الطير وَلَا خلق الْبَهَائِم وَلَا خلق الْهَوَام بل هما خلق بديع " الحَدِيث وروى أَبُو نعيم من حَدِيث جَابر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول " إِن ابْن آدم لفي غَفلَة عَمَّا خلقه الله عز وَجل " الحَدِيث وَفِيه " فَإِذا أَدخل حفرته رد الرّوح فِي جسده ثمَّ يرْتَفع ملك الْمَوْت ثمَّ جَاءَهُ ملكا الْقَبْر فامتحناه " وَذكر بَقِيَّة الحَدِيث.
وَقد رُوِيَ فِي عَذَاب الْقَبْر عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة وهم أَبُو هُرَيْرَة عِنْد التِّرْمِذِيّ وَالْبُخَارِيّ وَزيد بن ثَابت عِنْد مُسلم وَابْن عَبَّاس عِنْد السِّتَّة وَأَبُو أَيُّوب عِنْد الشَّيْخَيْنِ وَالنَّسَائِيّ وَأنس عِنْد الشَّيْخَيْنِ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَجَابِر عِنْد ابْن مَاجَه وَعَائِشَة عِنْد الشَّيْخَيْنِ وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو سعيد عِنْد ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره وَابْن عمر عِنْد النَّسَائِيّ وَعمر بن الْخطاب عِنْد أبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَسعد عِنْد البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَسْعُود عِنْد الطَّحَاوِيّ وَزيد بن أَرقم عِنْد مُسلم وَأَبُو بكرَة عِنْد النَّسَائِيّ وَعبد الرَّحْمَن بن حَسَنَة عِنْد أبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَعبد الله بن عَمْرو عِنْد النَّسَائِيّ وَأَسْمَاء بنت أبي بكر عِنْد البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَأَسْمَاء بنت يزِيد عِنْد النَّسَائِيّ وَأم مُبشر عِنْد ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَأم خَالِد عِنْد البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ