هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
90 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ : قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لاَ أَكَادُ أُدْرِكُ الصَّلاَةَ مِمَّا يُطَوِّلُ بِنَا فُلاَنٌ ، فَمَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَوْعِظَةٍ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْ يَوْمِئِذٍ ، فَقَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّكُمْ مُنَفِّرُونَ ، فَمَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ ، فَإِنَّ فِيهِمُ المَرِيضَ ، وَالضَّعِيفَ ، وَذَا الحَاجَةِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
90 حدثنا محمد بن كثير ، قال : أخبرنا سفيان ، عن ابن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم ، عن أبي مسعود الأنصاري قال : قال رجل يا رسول الله ، لا أكاد أدرك الصلاة مما يطول بنا فلان ، فما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في موعظة أشد غضبا من يومئذ ، فقال : أيها الناس ، إنكم منفرون ، فمن صلى بالناس فليخفف ، فإن فيهم المريض ، والضعيف ، وذا الحاجة
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ : قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لاَ أَكَادُ أُدْرِكُ الصَّلاَةَ مِمَّا يُطَوِّلُ بِنَا فُلاَنٌ ، فَمَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَوْعِظَةٍ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْ يَوْمِئِذٍ ، فَقَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّكُمْ مُنَفِّرُونَ ، فَمَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ ، فَإِنَّ فِيهِمُ المَرِيضَ ، وَالضَّعِيفَ ، وَذَا الحَاجَةِ .

Narrated Abu Mas`ud Al-Ansari:

Once a man said to Allah's Messenger (ﷺ) O Allah's Messenger (ﷺ)! I may not attend the (compulsory congregational) prayer because so and so (the Imam) prolongs the prayer when he leads us for it. The narrator added: I never saw the Prophet (ﷺ) more furious in giving advice than he was on that day. The Prophet said, O people! Some of you make others dislike good deeds (the prayers). So whoever leads the people in prayer should shorten it because among them there are the sick the weak and the needy (having some jobs to do).

0090 D’après Abu Mas’ûd al-Ansâri, une fois un homme dit : « Ô Messager de Dieu ! il m’arrive souvent de ne pas assister à la prière en groupse à cause d’Un tel, il nous la fait durée longtemps. » Après cela, je vis le Prophète faire le prône, jamais je ne l’ai vu aussi en colère. Il dit : « Ô gens ! vous poussez à la répugnance… Que celui qui préside les gens pendant la prière soit bref ! car il y a parmi eux le malade, le faible et celui qui a des occupations.«   

":"ہم سے محمد بن کثیر نے بیان کیا انہیں سفیان نے ابوخالد سے خبر دی ، وہ قیس بن ابی حازم سے بیان کرتے ہیں ، وہ ابومسعود انصاری سے روایت کرتے ہیں کہایک شخص ( حزم بن ابی کعب ) نے ( رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم کی خدمت میں آ کر ) عرض کیا ۔ یا رسول اللہ ! فلاں شخص ( معاذ بن جبل ) لمبی نماز پڑھاتے ہیں اس لیے میں ( جماعت کی ) نماز میں شریک نہیں ہو سکتا ( کیونکہ میں دن بھر اونٹ چرانے کی وجہ سے رات کو تھک کر چکنا چور ہو جاتا ہوں اور طویل قرآت سننے کی طاقت نہیں رکھتا ) ( ابومسعود راوی کہتے ہیں ) کہ اس دن سے زیادہ میں نے کبھی رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم کو وعظ کے دوران اتنا غضب ناک نہیں دیکھا ۔ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا اے لوگو ! تم ( ایسی شدت اختیار کر کے لوگوں کو دین سے ) نفرت دلانے لگے ہو ۔ ( سن لو ) جو شخص لوگوں کو نماز پڑھائے تو وہ ہلکی پڑھائے ، کیونکہ ان میں بیمار ، کمزور اور حاجت والے ( سب ہی قسم کے لوگ ) ہوتے ہیں ۔

0090 D’après Abu Mas’ûd al-Ansâri, une fois un homme dit : « Ô Messager de Dieu ! il m’arrive souvent de ne pas assister à la prière en groupse à cause d’Un tel, il nous la fait durée longtemps. » Après cela, je vis le Prophète faire le prône, jamais je ne l’ai vu aussi en colère. Il dit : « Ô gens ! vous poussez à la répugnance… Que celui qui préside les gens pendant la prière soit bref ! car il y a parmi eux le malade, le faible et celui qui a des occupations.«   

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [90] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن كثير هُوَ الْعَبْدي وَلم يخرج للصنعاني شَيْئًا .

     قَوْلُهُ  أَخْبَرَنِي سُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ عَنِ بن أَبِي خَالِدٍ هُوَ إِسْمَاعِيلُ .

     قَوْلُهُ  قَالَ رَجُلٌ قِيلَ هُوَ حَزْمُ بْنُ أَبِي كَعْبٍ .

     قَوْلُهُ  لَا أَكَادُ أُدْرِكُ الصَّلَاةَ مِمَّا يُطِيلُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ ظَاهِرُهُ مُشْكِلٌ لِأَنَّ التَّطْوِيلَ يَقْتَضِي الْإِدْرَاكَ لَا عَدَمَهُ قَالَ فَكَأَنَّ الْأَلِفَ زِيدَتْ بَعْدَ لَا وَكَأَنَّ أُدْرِكُ كَانَتْ أَتْرُكُ.

.

قُلْتُ هُوَ تَوْجِيهٌ حَسَنٌ لَوْ سَاعَدَتْهُ الرِّوَايَةُ.

     وَقَالَ  أَبُو الزِّنَادِ بْنُ سِرَاجٍ مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَانَ بِهِ ضَعْفٌ فَكَانَ إِذَا طَوَّلَ بِهِ الْإِمَامُ فِي الْقِيَامِ لَا يَبْلُغُ الرُّكُوعَ إِلَّا وَقَدِ ازْدَادَ ضَعْفُهُ فَلَا يَكَادُ يُتِمُّ مَعَهُ الصَّلَاةَ.

.

قُلْتُ وَهُوَ مَعْنًى حَسَنٌ لَكِنْ رَوَاهُ الْمُصَنِّفُ عَنِ الْفِرْيَابِيِّ عَنْ سُفْيَانَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ بِلَفْظِ إِنِّي لَأَتَأَخَّرُ عَنِ الصَّلَاةِ فَعَلَى هَذَا فَمُرَادُهُ بِقَوْلِهِ إِنِّي لَا أَكَادُ أُدْرِكُ الصَّلَاةَ أَيْ لَا أَقْرُبُ مِنَ الصَّلَاةِ فِي الْجَمَاعَةِ بَلْ أَتَأَخَّرُ عَنْهَا أَحْيَانًا مِنْ أَجْلِ التَّطْوِيلِ وَسَيَأْتِي تَحْرِيرُ هَذَا فِي مَوْضِعِهِ فِي الصَّلَاةِ وَيَأْتِي الْخِلَافُ فِي اسْمِ الشَّاكِي وَالْمَشْكُوِّ .

     قَوْلُهُ  أَشَدَّ غَضَبًا قِيلَ إِنَّمَا غَضِبَ لِتَقَدُّمِ نَهْيِهِ عَنْ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  وَذَا الْحَاجَةِ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَفِي رِوَايَةِ الْقَابِسِيِّ وَذُو الْحَاجَةِ وَتَوْجِيهُهُ أَنَّهُ عُطِفَ عَلَى مَوْضِعِ اسْمِ إِنَّ قَبْلَ دُخُولِهَا أَوْ هُوَ اسْتِئْنَاف

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [90] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ لاَ أَكَادُ أُدْرِكُ الصَّلاَةَ مِمَّا يُطَوِّلُ بِنَا فُلاَنٌ.
فَمَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مَوْعِظَةٍ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْ يَوْمِئِذٍ فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ مُنَفِّرُونَ، فَمَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ فِيهِمُ الْمَرِيضَ وَالضَّعِيفَ وَذَا الْحَاجَةِ».
[الحديث أطرافه في: 702، 704، 6110، 7159] .
وبالسند السابق قال: ( حدّثنا محمد بن كثير) بفتح الكاف وبالمثلثة العبدي بسكون الموحدة البصري الموثق من أبي حاتم المتوفى سنة ثلاث وعشرين ومائتين ( قال: أخبرنا) ولأبي ذر أخبرني ( سفيان) الثوري ( عن ابن أبي خالد) هو إسماعيل البجلي الكوفي الأحمسي التابعي الطحان المسمى بالميزان ( عن قيس بن أبي حازم) بالمهملة والزاي الأحمسي الكوفي البجلي ( عن أبي مسعود) عقبة بن عمرو ( الأنصاري) الخزرجي البدري أنه ( قال) : ( قال رجل) هو حزم بن أبي كعب كذا قاله ابن حجر في المقدمة، ثم قال في الشرح في كتاب الصلاة: لم أقف على تسميته، ووهم من زعم أنه حزم بن أبي كعب، لأن قصته كانت مع معاذ لا مع ابن أُبي بن كعب ( يا رسول الله لا أكاد أدرك الصلاة مما يطوّل بنا فلان) هو معاذ بن جبل، وفي رواية مما يطيل، فالأولى من التطويل والأخرى من الإطالة، قال القاضي عياض: ظاهره مشكل لأن التطويل يقتضي الإدراك لا عدمه ولعله لأكاد أترك الصلاة فزيدت الألف بعد لا وفصلت التاء من الراء فجعلت دالاً، وعورض بعدم مساعدة الرواية لما ادّعاه، وقيل: معناه أنه كان به ضعف فكان إذا طوّل به الإمام في القيام لا يبلغ الركوع إلا وقد ازداد ضعفه فلا يكاد يتم معه الصلاة، ودفع بأن المؤلف رواه عن الفريابي بلفظ لأتأخر عن الصلاة، وحينئذ فالمراد أني لا أقرب من الصلاة في الجماعة بل أتأخر عنها أحيانًا من أجل التطويل فعدم مقاربته لإدراك الصلاة مع الإمام ناشئ عن تأخره عن حضورها ومسبب عنه، فعبر عن السبب بالمسبب وعلّله بتطويل الإمام، وذلك لأنه إذا اعتيد التطويل منه تقاعد المأموم عن المبادرة ركونًا إلى حصول الإدراك بسبب التطويل فيتأخر لذلك وهو معنى الرواية الأخرى المروية عن الفريابي فالتطويل سبب التأخر الذي هو سبب لذلك الشيء ولا داعي إلى حمل الرواية الثابتة في الأمهات الصحيحة على التصحيف قاله البدر الدماميني ( فما رأيت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في موعظة أشد غضبًا) بالنصب على التمييز ( من يومئذ) وفي رواية ابن عساكر منه من يومئذ ولفظة منه صلة أشد والمفضل عليه وإن كانا واحدًا وهو الرسول لأن الضمير راجع إليه لكن باعتبارين فهو مفضل باعتبار يومئذ ومفضل عليه باعتبار سائر الأيام.
وسبب شدّة غضبه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إما لمخالفة الموعظة لاحتمال تقدّم الإعلام بذلك أو للتقصير في تعلم ما ينبغي تعلمه أو لإرادة الاهتمام بما يلقيه على أصحابه ليكونوا من سماعه على بال لئلا يعود من فعل ذلك إلى مثله.
( فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( يا أيها الناس إنكم منفرون) عن الجماعات، وفي رواية أبي الوقت إن منكم منفرين ولم يخاطب المطوّل على التعيين بل عمم خوف الخجل عليه لطفًا به وشفقة على جميل عادته الكريمة صلوات الله وسلامه عليه ( فمن صلى بالناس) أي من صلى متلبسًا بهم إمامًا لهم ( فليخفف) جواب من الشرطية ( فإن فيهم المريض) الذي ليس بصحيح ( والضعيف) الذي ليس بقوي الخلقة كالنحيف والمسنّ، ( وذا) بالنصب أي صاحب ( الحاجة) وللقابسي وذو الحاجة بالرفع مبتدأ حذف خبره، والجملة عطف على الجملة المتقدمة أي وذو الحاجة كذلك، وإنما ذكر الثلاثة لأنها تجمع الأنواع الموجبة للتخفيف لأن المقتضي له إما في نفسه أو لا، والأوّل إما بحسب ذاته وهو الضعيف أو بحسب العارض وهو المريض أولاً في نفسه وهو ذو الحاجة.
91 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ الْمَدِينِيُّ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنِ اللُّقَطَةِ فَقَالَ: «اعْرِفْ وِكَاءَهَا -أَوْ قَالَ: وِعَاءَهَا- وَعِفَاصَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً ثُمَّ اسْتَمْتِعْ بِهَا، فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا فَأَدِّهَا إِلَيْهِ» قَالَ: فَضَالَّةُ الإِبِلِ؟ فَغَضِبَ حَتَّى احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ -أَوْ قَالَ: احْمَرَّ وَجْهُهُ- فَقَالَ: «وَمَا لَكَ وَلَهَا؟ مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا تَرِدُ الْمَاءَ وَتَرْعَى الشَّجَرَ، فَذَرْهَا حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا» قَالَ: فَضَالَّةُ الْغَنَمِ؟ قَالَ: «لَكَ أَوْ لأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ».
[الحديث 91 - أطرافه في: 2372، 2427، 2428، 2429، 2436، 2438، 5292، 6112] .
وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن محمد) أبو جعفر المسندي بفتح النون ( قال: حدّثنا أبو عامر) وفي رواية ابن عساكر العقدي، وفي رواية أبي ذر عبد الملك بن عمرو العقدي ( قال: حدّثنا سليمان بن بلال المديني) بالمثناة التحتية قبل النون وللأصيلي المدني بحذفها ( عن ربيعة) الرأي ( ابن أبي عبد الرحمن) شيخ إمام الأئمة مالك بن أنس ( عن يزيد) من الزيادة ( مولى المنبعث) بالنون والموحدة والمهملة والمثلثة المدني ( عن زيد بن خالدالجهني) بضم الجيم وفتح الهاء وبالنون نزيل الكوفة المتوفى بها أو المدينة أو مصر سنة ثمان وسبعين وله في البخاري خمسة أحاديث.
( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سأله رجل) هو عمير والد مالك، وقيل بلال المؤذن، وقيل الجارود، وقيل هو زيد ابن خالد نفسه ( عن اللقطة) بضم اللام وفتح القاف وقد تسكن الشيء الملقوط وهو ما ضاع بسقوط أو غفلة فيجده شخص ( فقال) له -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ولكريمة قال: ( اعرف) بكسر الراء من المعرفة ( وكاءها) بكسر الواو ممدودًا ما يربط به رأس الصرّة والكيس ونحوهما أو بكسر الواو أي ظرفها، ( -أو قال وعَاءَها-) الشّك من زيد بن خالد أو ممن دونه من الرواة ( وعفاصها) بكسر العين المهملة وبالفاء هو الوعاء أيضًا لأن العفص هو الثني والعطف لأن الوعاء يثنى على ما فيه وينعطف، والمراد الشيء الذي يكون فيه النفقة من خرقة أو جلدة ونحوهما، أو هو الجلد الذي يلبس رأس القارورة، وأما الذي يدخل في فمها فهو الصمام بالمهملة المكسورة، وإنما أمر بمعرفة ما ذكر ليعرف صدق مدّعيها من كذبه ولئلا يختلط بماله، ( ثم عرّفها) على سبيل الوجوب للناس بذكر بعض صفاتها ( سنة) أي مدة سنة متصلة يعرّف أوّلاً كل يوم طرفي النهار ثم كل يوم مرة ثم كل أسبوع ثم كل شهر ولا يجب فور في التعريف بل المعتبر سنة متى كان، وهل تكفي سنة مفرقة؟ وجهان ثانيهما وبه قطع العراقيون.
نعم قال النووي وهو الأصح ( ثم استمتع بها) بكسر التاء الثانية وتسكين العين عطف على ثم عرّفها، ( فإن جاء ربّها) أي مالكها ( فأدّها) جواب الشرط أي أعطها ( إليه.
قال)
: يا رسول الله ( فضالة الإبل) ما حكمها؟ أكذلك أم لا وهو من باب إضافة الصفة إلى الموصوف ( فغضب) عليه الصلاة والسلام ( حتى احمرّت وجنتاه) تثنية وجنة بتثليث الواو وأجنة بهمزة مضمومة وهي ما ارتفع عن الخد ( أو قال احمرّ وجهه) وإنما غضب استقصارًا لعلم السائل وسوء فهمه إذ إنه لم يراع المعنى المذكور ولم يتفطن له فقاس الشيء على غير نظيره لأن اللقطة وإنما هو الشيء الذي سقط من صاحبه ولا يدرى ْأين موضعه وليس كذلك الإبل فإنها مخالفة للقطة اسمًا وصفة، ( فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( وما لك ولها) أي ما تصنع بها أي لم تأخذها ولم تتناولها.
وفي رواية الحموي والمستملي فما لك، وفي رواية الأصيلي وابن عساكر ما لك بغير واو ولا فاء ( معها سقاؤها) بكسر السين مبتدأ وخبر مقدم أي أجوافها فإنها تشرب فتكتفي به أيامًا.
( وحذاؤها) بكسر الحاء المهملة والمد عطف على سقاؤها أي خفّها الذي تمشي عليه ( ترد الماء) جملة بيانية لا محل لها من الإعراب أو محلها الرفع خبر مبتدأ محذوف أي هي ترد الماء ( وترعى الشجر فذرها) أي إذا كان الأمر كذلك فدعها فالفاء في فذرها جواب شرط محذوف ( حتى يلقاها ربها) مالكها إذ إنها غير فاقدة أسباب العود إليه لقوّة سيرها بكون الحذاء والسقاء معها لأنها ترد الماء ربعًا وخمسًا، وتمتنع من الذئاب وغيرها من صغار السباع ومن التردّي وغير ذلك ( قال) : يا رسول الله ( فضالة الغنم) ما حكمها أهي مثل ضالة الإبل أم لا؟ ( قال) عليه الصلاة والسلام: ليست كضالهَ الإبل بل هي ( لك) إن أخذتها ( أو لأخيك) من اللاقطين إن لم تأخذها ( أو للذئب) يأكلها إن لم تأخذها أنت ولا غيرك، فهو إذن في أخذها دون الإبل.
نعم إذا كانت الإبل في القرى والأمصار فتلتقط لأنها تكون حينئذ معرّضة للتلف مطمحة للأطماع، ومباحث ذلك تأتي إن شاء الله تعالى في بابه بعون الله وحوله وقوّته.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [90] حدّثنا مُحمَّدُ بنُ كَثِيرٍ قالَ: أخْبرنا سُفْيانُ عنِ ابنِ أبي خالِدٍ عنْ قَيْسِ بنِ أبي حازمٍ عنْ أبي مَسْعُودٍ الأنْصارِيّ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رسولَ الله} لَا أكادُ أُدْرِكُ الصَّلاةِ مَمَّا يُطَوّلُ بِنَا فُلانُ، فَمَا رَأيْتُ النَّبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَوْعِظَةٍ أشَدَّ غَضَباً مِنْ يوْمِئذٍ، فَقَالَ: ( أيُّها النَّاسُ، إِنَّكُمْ مُنَفّرُونَ، فَمنْ صَلَّى بالنَّاسِ فَلْيُخَفّفْ فإنَّ فِيهِمُ المَرِيضَ والضَّعيفَ وذَا الحاجَةِ) .. مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( فِي موعظة أَشد غَضبا من يومئذٍ) .
بَيَان رِجَاله: الأول: مُحَمَّد بن كثير، بِفَتْح الْكَاف وبالمثلثة: الْعَبْدي، بِسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة، الْبَصْرِيّ أَخُو سُلَيْمَان بن كثير، وَسليمَان أكبر مِنْهُ بِخمْس سِنِين، روى عَن أَخِيه سُلَيْمَان وَشعْبَة وَالثَّوْري، وروى عَنهُ البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَغَيرهمَا، وروى مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَنفَلذَلِك دَخلهَا الْفَاء.
قَوْله: ( فَإِن فيهم) الْفَاء فِيهِ تصلح للتَّعْلِيل.
( وَالْمَرِيض) ، نصب لِأَنَّهُ اسْم: إِن، وَمَا بعده عطف عَلَيْهِ، وخبرها هُوَ قَوْله: فيهم، مقدما.
قَوْله: ( بِالنَّاسِ) أَي: ملتبساً بهم إِمَامًا لَهُم.
قَوْله: ( وَذَا الْحَاجة) كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة الْقَابِسِيّ: ( وَذُو الْحَاجة) .
وَجهه أَن يكون مَعْطُوفًا على مَحل اسْم: إِن، وَهُوَ رفع مَعَ الْخلاف فِيهِ،.

     وَقَالَ  بَعضهم: أَو هُوَ اسْتِئْنَاف.
قلت: لَا يَصح أَن يكون استئنافاً لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَة جَوَاب سُؤال، وَلَيْسَ هَذَا مَحَله.
وَيجوز أَن يكون الْمُبْتَدَأ مَحْذُوف الْخَبَر، وَتَكون الْجُمْلَة معطوفة على الْجُمْلَة الأولى، وَالتَّقْدِير: وَذُو الْحَاجة كَذَلِك، وَالْفرق بَين الضعْف وَالْمَرَض أَن الضعْف أَعم من الْمَرَض، فالمرض ضد الصِّحَّة.
يُقَال: مرض يمرض مَرضا ومرضاً فَهُوَ مَرِيض ومارض.
وَيُقَال: الْمَرَض، بالإسكان، مرض الْقلب خَاصَّة.
قَالَ الصغاني: وأصل الْمَرَض الضعْف، وَكلما ضعف مرض..
     وَقَالَ  ابْن الْأَعرَابِي: أصل الْمَرَض النُّقْصَان.
يُقَال: بدن مَرِيض أَي: نَاقص الْقُوَّة، وقلب مَرِيض أَي: نَاقص الدّين.
وَقيل: الْمَرَض اختلال الطبيعة واضطرابها بعد صفائها واعتدالها، والضعف خلاف الْقُوَّة، وَقد ضعف وَضعف، وَالْفَتْح عَن يُونُس: فَهُوَ ضَعِيف، وَقوم ضِعَاف وضعفة.
وَفرق بَعضهم بَين الضعْف والضعف.
فَقَالَ: الضعْف بِالْفَتْح فِي الْعقل والرأي، والضعف بِالضَّمِّ فِي الْجَسَد.
وَرجل ضعوف أَي ضَعِيف.
فَإِن قيل: لم ذكر هَذَا الثَّلَاثَة؟ قلت: لِأَنَّهُ متناول لجَمِيع الْأَنْوَاع الْمُقْتَضِيَة.
للتَّخْفِيف، فَإِن الْمُقْتَضى لَهُ إِمَّا فِي نَفسه أَو لَا، وَالْأول إِمَّا بِحَسب ذَاته، وَهُوَ الضعْف أَو بِحَسب الْعَارِض وَهُوَ الْمَرَض.
بَيَان استنباط الْأَحْكَام: الأول: قَالَ النَّوَوِيّ: فِيهِ جَوَاز التَّأَخُّر عَن صَلَاة الْجَمَاعَة إِذا علم من عَادَة الإِمَام التَّطْوِيل الْكثير.
الثَّانِي: فِيهِ جَوَاز ذكر الْإِنْسَان بفلان وَنَحْوه فِي معرض الشكوى.
الثَّالِث: فِيهِ جَوَاز الْغَضَب لما يُنكر من أُمُور الدّين.
الرَّابِع: فِيهِ جَوَاز الْإِنْكَار على من ارْتكب مَا ينْهَى عَنهُ، وَإِن كَانَ مَكْرُوها غير محرم.
الْخَامِس: فِيهِ التَّعْزِير على إطالة الصَّلَاة إِذا لم يرض الْمَأْمُوم بِهِ وَجَوَاز التَّعْزِير بالْكلَام.
السَّادِس: فِيهِ الْأَمر بتَخْفِيف الصَّلَاة..
     وَقَالَ  ابْن بطال: وَإِنَّمَا غضب رَسُول الله، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، لِأَنَّهُ كره التَّطْوِيل فِي الصَّلَاة من أجل أَن فيهم الْمَرِيض وَنَحْوه، فَأَرَادَ الرِّفْق والتيسير بأمته وَلم يكن نَهْيه، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، من التَّطْوِيل لِحُرْمَتِهِ، لِأَنَّهُ، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، كَانَ يُصَلِّي فِي مَسْجده وَيقْرَأ بالسور الطوَال مثل سُورَة يُوسُف، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي مَعَه أجلة أَصْحَابه، ومَن أَكثر همه طلب الْعلم وَالصَّلَاة.
أَقُول: وَلِهَذَا خفف فِي بعض الْأَوْقَات، كَمَا: فِيمَا سمع صَوت بكاء الصَّبِي وَنَحْوه.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ الْغَضَبِ فِي الْمَوْعِظَةِ)
[ قــ :90 ... غــ :90] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن كثير هُوَ الْعَبْدي وَلم يخرج للصنعاني شَيْئًا .

     قَوْلُهُ  أَخْبَرَنِي سُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ عَنِ بن أَبِي خَالِدٍ هُوَ إِسْمَاعِيلُ .

     قَوْلُهُ  قَالَ رَجُلٌ قِيلَ هُوَ حَزْمُ بْنُ أَبِي كَعْبٍ .

     قَوْلُهُ  لَا أَكَادُ أُدْرِكُ الصَّلَاةَ مِمَّا يُطِيلُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ ظَاهِرُهُ مُشْكِلٌ لِأَنَّ التَّطْوِيلَ يَقْتَضِي الْإِدْرَاكَ لَا عَدَمَهُ قَالَ فَكَأَنَّ الْأَلِفَ زِيدَتْ بَعْدَ لَا وَكَأَنَّ أُدْرِكُ كَانَتْ أَتْرُكُ.

.

قُلْتُ هُوَ تَوْجِيهٌ حَسَنٌ لَوْ سَاعَدَتْهُ الرِّوَايَةُ.

     وَقَالَ  أَبُو الزِّنَادِ بْنُ سِرَاجٍ مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَانَ بِهِ ضَعْفٌ فَكَانَ إِذَا طَوَّلَ بِهِ الْإِمَامُ فِي الْقِيَامِ لَا يَبْلُغُ الرُّكُوعَ إِلَّا وَقَدِ ازْدَادَ ضَعْفُهُ فَلَا يَكَادُ يُتِمُّ مَعَهُ الصَّلَاةَ.

.

قُلْتُ وَهُوَ مَعْنًى حَسَنٌ لَكِنْ رَوَاهُ الْمُصَنِّفُ عَنِ الْفِرْيَابِيِّ عَنْ سُفْيَانَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ بِلَفْظِ إِنِّي لَأَتَأَخَّرُ عَنِ الصَّلَاةِ فَعَلَى هَذَا فَمُرَادُهُ بِقَوْلِهِ إِنِّي لَا أَكَادُ أُدْرِكُ الصَّلَاةَ أَيْ لَا أَقْرُبُ مِنَ الصَّلَاةِ فِي الْجَمَاعَةِ بَلْ أَتَأَخَّرُ عَنْهَا أَحْيَانًا مِنْ أَجْلِ التَّطْوِيلِ وَسَيَأْتِي تَحْرِيرُ هَذَا فِي مَوْضِعِهِ فِي الصَّلَاةِ وَيَأْتِي الْخِلَافُ فِي اسْمِ الشَّاكِي وَالْمَشْكُوِّ .

     قَوْلُهُ  أَشَدَّ غَضَبًا قِيلَ إِنَّمَا غَضِبَ لِتَقَدُّمِ نَهْيِهِ عَنْ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  وَذَا الْحَاجَةِ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَفِي رِوَايَةِ الْقَابِسِيِّ وَذُو الْحَاجَةِ وَتَوْجِيهُهُ أَنَّهُ عُطِفَ عَلَى مَوْضِعِ اسْمِ إِنَّ قَبْلَ دُخُولِهَا أَوْ هُوَ اسْتِئْنَاف

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :90 ... غــ :90 ]
- بَاب

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :90 ... غــ :90 ]
- بَاب

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :90 ... غــ :90 ]
- بَاب

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب الْغَضَبِ فِي الْمَوْعِظَةِ وَالتَّعْلِيمِ إِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ
هذا ( باب الغضب) بالإضافة وهو انفعال يحصل من غليان الدم لشيء دخل في القلب ( في) حالة ( الموعظة و) حالة ( التعليم إذا رأى) الواعظ أو المعلم ( ما يكره) أي الذي يكرهه فحذف العائد، وقيل أراد المؤلف الفرق بين قضاء القاضي وهو غضبان وبين تعليم المعلم وتذكير الواعظ فإنه بالغضب أجدر كذا قاله البرماوي والعيني كابن المنير، وتعقبه البدر الدماميني فقال: أما الوعظ

فمسلم وأما تعليم العلم فلا نسلم أنه أجدر بالغضب لأنه مما يدهش الفكر فقد يفضي التعليم به في هذه الحالة إلى خلل والمطلوب كمال الضبط انتهى.



[ قــ :90 ... غــ : 90 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ لاَ أَكَادُ أُدْرِكُ الصَّلاَةَ مِمَّا يُطَوِّلُ بِنَا فُلاَنٌ.
فَمَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مَوْعِظَةٍ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْ يَوْمِئِذٍ فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ مُنَفِّرُونَ، فَمَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ فِيهِمُ الْمَرِيضَ وَالضَّعِيفَ وَذَا الْحَاجَةِ».
[الحديث 90 - أطرافه في: 702، 704، 6110، 7159] .

وبالسند السابق قال: ( حدّثنا محمد بن كثير) بفتح الكاف وبالمثلثة العبدي بسكون الموحدة البصري الموثق من أبي حاتم المتوفى سنة ثلاث وعشرين ومائتين ( قال: أخبرنا) ولأبي ذر أخبرني ( سفيان) الثوري ( عن ابن أبي خالد) هو إسماعيل البجلي الكوفي الأحمسي التابعي الطحان المسمى بالميزان ( عن قيس بن أبي حازم) بالمهملة والزاي الأحمسي الكوفي البجلي ( عن أبي مسعود) عقبة بن عمرو ( الأنصاري) الخزرجي البدري أنه ( قال) :
( قال رجل) هو حزم بن أبي كعب كذا قاله ابن حجر في المقدمة، ثم قال في الشرح في كتاب الصلاة: لم أقف على تسميته، ووهم من زعم أنه حزم بن أبي كعب، لأن قصته كانت مع معاذ لا مع ابن أُبي بن كعب ( يا رسول الله لا أكاد أدرك الصلاة مما يطوّل بنا فلان) هو معاذ بن جبل، وفي رواية مما يطيل، فالأولى من التطويل والأخرى من الإطالة، قال القاضي عياض: ظاهره مشكل لأن التطويل يقتضي الإدراك لا عدمه ولعله لأكاد أترك الصلاة فزيدت الألف بعد لا وفصلت التاء من الراء فجعلت دالاً، وعورض بعدم مساعدة الرواية لما ادّعاه، وقيل: معناه أنه كان به ضعف فكان إذا طوّل به الإمام في القيام لا يبلغ الركوع إلا وقد ازداد ضعفه فلا يكاد يتم معه الصلاة، ودفع بأن المؤلف رواه عن الفريابي بلفظ لأتأخر عن الصلاة، وحينئذ فالمراد أني لا أقرب من الصلاة في الجماعة بل أتأخر عنها أحيانًا من أجل التطويل فعدم مقاربته لإدراك الصلاة مع الإمام ناشئ عن تأخره عن حضورها ومسبب عنه، فعبر عن السبب بالمسبب وعلّله بتطويل الإمام، وذلك لأنه إذا اعتيد التطويل منه تقاعد المأموم عن المبادرة ركونًا إلى حصول الإدراك بسبب التطويل فيتأخر لذلك وهو معنى الرواية الأخرى المروية عن الفريابي فالتطويل سبب التأخر الذي هو سبب لذلك الشيء ولا داعي إلى حمل الرواية الثابتة في الأمهات الصحيحة على التصحيف قاله البدر الدماميني ( فما رأيت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في موعظة أشد غضبًا) بالنصب على التمييز ( من يومئذ) وفي رواية ابن عساكر منه من يومئذ ولفظة منه صلة أشد والمفضل عليه وإن كانا واحدًا وهو الرسول لأن الضمير راجع إليه لكن باعتبارين فهو مفضل باعتبار يومئذ ومفضل عليه باعتبار سائر الأيام.
وسبب شدّة غضبه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إما لمخالفة الموعظة لاحتمال تقدّم الإعلام بذلك أو للتقصير في تعلم ما ينبغي تعلمه أو لإرادة الاهتمام بما يلقيه على

أصحابه ليكونوا من سماعه على بال لئلا يعود من فعل ذلك إلى مثله.
( فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( يا أيها الناس إنكم منفرون) عن الجماعات، وفي رواية أبي الوقت إن منكم منفرين ولم يخاطب المطوّل على التعيين بل عمم خوف الخجل عليه لطفًا به وشفقة على جميل عادته الكريمة صلوات الله وسلامه عليه ( فمن صلى بالناس) أي من صلى متلبسًا بهم إمامًا لهم ( فليخفف) جواب من الشرطية ( فإن فيهم المريض) الذي ليس بصحيح ( والضعيف) الذي ليس بقوي الخلقة كالنحيف والمسنّ، ( وذا) بالنصب أي صاحب ( الحاجة) وللقابسي وذو الحاجة بالرفع مبتدأ حذف خبره، والجملة عطف على الجملة المتقدمة أي وذو الحاجة كذلك، وإنما ذكر الثلاثة لأنها تجمع الأنواع الموجبة للتخفيف لأن المقتضي له إما في نفسه أو لا، والأوّل إما بحسب ذاته وهو الضعيف أو بحسب العارض وهو المريض أولاً في نفسه وهو ذو الحاجة.


هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ الغَضَبِ فِي المَوْعِظَةِ والتَّعْلِيمِ إِذَا رَأى مَا يَكْرَهُ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان الْغَضَب، وَهُوَ انفعال يحصل من غليان الدَّم لشَيْء دخل فِي الْقلب.
قَوْله: ( فِي الموعظة) أَي: الْوَعْظ، وَهُوَ مصدر ميمي.
( والتعليم) أَي: وَفِي التَّعْلِيم، أَرَادَ فِي حَالَة الْوَعْظ وَحَالَة التَّعْلِيم.
قَوْله: ( إِذا رأى) الْوَاعِظ أَو الْمعلم: ( مَا يكره) أَي: مَا يكرههُ، لِأَن: مَا، مَوْصُولَة، فَلَا بُد لَهَا من عَائِد، والعائد قد يحذف.
وَيُقَال: أَرَادَ البُخَارِيّ الْفرق بَين قَضَاء القَاضِي وَهُوَ غَضْبَان، وَبَين تَعْلِيم الْعلم وتذكير الْوَاعِظ، فَإِنَّهُ بِالْغَضَبِ أَجْدَر، وخصوصاً بِالْمَوْعِظَةِ.

وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبابَُُيْنِ من حَيْثُ إِن الْمَذْكُور فِي الْبابُُ الأول التناوب فِي الْعلم،، وَهُوَ من جملَة صِفَات المتعلمين، وَمن جملَة الْمَذْكُور فِي هَذَا الْبابُُ أَيْضا بعض صفاتهم، هُوَ أَن الْمعلم إِذا رأى مِنْهُم مَا يكرههُ يغْضب عَلَيْهِم، وينكر عَلَيْهِم، فتناسق البابُان من هَذِه الْحَيْثِيَّة.



[ قــ :90 ... غــ :90 ]
- حدّثنا مُحمَّدُ بنُ كَثِيرٍ قالَ: أخْبرنا سُفْيانُ عنِ ابنِ أبي خالِدٍ عنْ قَيْسِ بنِ أبي حازمٍ عنْ أبي مَسْعُودٍ الأنْصارِيّ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رسولَ الله} لَا أكادُ أُدْرِكُ الصَّلاةِ مَمَّا يُطَوّلُ بِنَا فُلانُ، فَمَا رَأيْتُ النَّبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَوْعِظَةٍ أشَدَّ غَضَباً مِنْ يوْمِئذٍ، فَقَالَ: ( أيُّها النَّاسُ، إِنَّكُمْ مُنَفّرُونَ، فَمنْ صَلَّى بالنَّاسِ فَلْيُخَفّفْ فإنَّ فِيهِمُ المَرِيضَ والضَّعيفَ وذَا الحاجَةِ) ..
مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( فِي موعظة أَشد غَضبا من يومئذٍ) .

بَيَان رِجَاله: الأول: مُحَمَّد بن كثير، بِفَتْح الْكَاف وبالمثلثة: الْعَبْدي، بِسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة، الْبَصْرِيّ أَخُو سُلَيْمَان بن كثير، وَسليمَان أكبر مِنْهُ بِخمْس سِنِين، روى عَن أَخِيه سُلَيْمَان وَشعْبَة وَالثَّوْري، وروى عَنهُ البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَغَيرهمَا، وروى مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن رجل عَنهُ.
قَالَ أَبُو حاتمٍ: صَدُوق..
     وَقَالَ  يحيى بن معِين: لَا تكْتبُوا عَنهُ لم يكن بالثقة.
مَاتَ سنة ثَلَاث وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ، عَن تسعين سنة، أخرج لَهُ مُسلم حَدِيثا فِي الرُّؤْيَا أَنه، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، كَانَ يَقُول لأَصْحَابه: ( من رأى مِنْكُم رُؤْيا) عَن الدَّارمِيّ عَنهُ عَن أَخِيه سُلَيْمَان، وَلَيْسَ فِي ( الصَّحِيحَيْنِ) مُحَمَّد بن كثير غير هَذَا.
وَفِي ( سنَن أبي دَاوُد) وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ: مُحَمَّد بن كثير الصغاني روى عَن الدَّارمِيّ وَهُوَ ثِقَة اخْتَلَط بِآخِرهِ.
الثَّانِي: سُفْيَان الثَّوْريّ.
الثَّالِث: إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد البَجلِيّ الْكُوفِي الأحمسي التَّابِعِيّ، الطَّحَّان الْمُسَمّى بالميزان.
الرَّابِع: قيس بن أبي حَازِم، بِالْمُهْمَلَةِ وَالزَّاي، أَبُو عبد اللَّه الأحمسي الْكُوفِي البَجلِيّ المخضرم، روى عَن الْعشْرَة، وَقد تقدم.
الْخَامِس: أَبُو مَسْعُود عقبَة بن عَمْرو الْأنْصَارِيّ الخزرجي البدري، وَقد تقدم.

بَيَان لطائف إِسْنَاده: مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث والإخبار بِصِيغَة الْمُفْرد والعنعنة.
وَمِنْهَا: أَن رُوَاته مَا بَين بَصرِي وكوفي، بل ثَلَاثَة مِنْهُم كوفيون.
وَمِنْهَا: أَن فِيهِ رِوَايَة تَابِعِيّ عَن تَابِعِيّ.
وَمِنْهَا: أَن فِيهِ رَاوِيا وَهُوَ ابْن كثير الْعَبْدي لَيْسَ فِي البُخَارِيّ غَيره.

بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الصَّلَاة عَن مُحَمَّد بن يُوسُف عَن الثَّوْريّ، وَفِيه عَن أَحْمد بن يُونُس عَن زُهَيْر،، وَفِي الْأَدَب عَن مُسَدّد عَن يحيى، وَفِي الْأَحْكَام عَن مُحَمَّد بن مقَاتل عَن عبد اللَّه عَن ابْن أبي خَالِد وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن يحيى بن يحيى عَن هَيْثَم، وَعَن أبي بكر عَن هَيْثَم ووكيع، وَعَن مُحَمَّد بن عبد اللَّه بن نمير عَن أَبِيه، وَعَن ابْن أبي عمر عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة، أربعتهم عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَن قيس بِهِ.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْعلم عَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم عَن يحيى الْقطَّان بِهِ.
وَأخرجه ابْن مَاجَه عَن مُحَمَّد بن عبد اللَّه بن نمير بِهِ.

بَيَان اللُّغَات وَالْإِعْرَاب والمعاني: قَوْله: ( لَا أكاد أدْرك الصَّلَاة) : قد علم أَن: كَاد، مَعْنَاهُ: قرب، وَلِهَذَا عدوه من أَفعَال المقاربة، وَهُوَ لمقاربة الشَّيْء فعل أَو لم يفعل، فمجرده ينبىء عَن نفي الْفِعْل، ومقرونه ينبىء عَن وُقُوع الْفِعْل..
     وَقَالَ  ابْن الْحَاجِب: إِذا دخل النَّفْي على: كَاد، فَهُوَ كالأفعال على الْأَصَح.
وَقيل: يكون فِي الْمَاضِي للإثبات، وَفِي الْمُسْتَقْبل كالأفعال، وَهُوَ يرفع الِاسْم وَخَبره فعل مضارع بِغَيْر أَن، متأول باسم الْفَاعِل، نَحْو: كَاد زيد يخرج، أَي خَارِجا، إلاَّ أَنهم تركُوا اسْتِعْمَاله، لِأَن: كَاد، مَوْضُوع للتقريب من الْحَال.
فالتزم بعده مَا يدل بصيغته على الْحَال، أَعنِي الْمُضَارع، ليَكُون أدل على مُقْتَضَاهُ.
وَهَهُنَا اسْمه الضَّمِير الْمُسْتَتر فِيهِ، وَخَبره قَوْله: ( أدْرك الصَّلَاة) ..
     وَقَالَ  القَاضِي عِيَاض: ظَاهر هَذَا مُشكل، لِأَن التَّطْوِيل يَقْتَضِي الْإِدْرَاك لَا عَدمه.
قَالَ: فَكَأَن الْألف زيدت بعد: لَا، وَكَأن: أدْرك، كَانَت أترك.
وَأجِيب: عَنهُ بِمَا قَالَ أَبُو الزِّنَاد: مَعْنَاهُ أَنه كَانَ بِهِ ضعف، فَكَانَ إِذا طول بِهِ الإِمَام فِي الْقيام لَا يبلغ الرُّكُوع إلاَّ وَقد ازْدَادَ ضعفه، فَلَا يكَاد يتم مَعَه الصَّلَاة، ورد بِأَن البُخَارِيّ روى عَن الْفرْيَابِيّ عَن سُفْيَان بِهَذَا الْإِسْنَاد بِلَفْظ: لاتأخر عَن الصَّلَاة: وَجَاء فِي غير البُخَارِيّ: إِنِّي لَا أدع الصَّلَاة، وَالْأَحَادِيث يُفَسر بَعْضهَا بَعْضًا، فَيكون الْمَعْنى: إِنِّي لَا أكاد أدْرك الصَّلَاة فِي الْجَمَاعَة، وأتأخر عَنْهَا أَحْيَانًا من أجل التَّطْوِيل.
قلت: هَذَا لَيْسَ فِيهِ إِشْكَال، وَالْمعْنَى صَحِيح.
وَقد قُلْنَا: إِن الْأَحَادِيث يُفَسر بَعْضهَا بَعْضًا، وَهَاتَانِ الرِّوَايَتَانِ تنبئان أَن معنى هَذَا أَنِّي أتأخر عَن الصَّلَاة مَعَ الْجَمَاعَة وَلَا أكاد أدْركهَا لأجل تَطْوِيل فلَان.
قَوْله: لِأَن التَّطْوِيل يَقْتَضِي الْإِدْرَاك: إِنَّمَا يسلم إِذا طلب الْإِدْرَاك، وَأما إِذا تَأَخّر خوفًا من التَّطْوِيل، لَا يكَاد يدْرك مَعَ التَّطْوِيل فَافْهَم.
قَوْله: ( مِمَّا يطول) كلمة: من، للتَّعْلِيل، و: مَا، مَصْدَرِيَّة.
وَفِي بعض الرِّوَايَات: ( مِمَّا يطول لنا) بِاللَّامِ، وَفِي رِوَايَة أُخْرَى: ( مِمَّا يُطِيل) ، فَالْأولى من التَّطْوِيل، وَهَذِه من الإطالة.
قَوْله: ( فلَان) فَاعله، كِنَايَة عَن اسْم سمي بِهِ الْمُحدث عَنهُ، وَيُقَال فِي غير الْآدَمِيّ: الفلان، مُعَرفا بِاللَّامِ، قَوْله: ( أَشد غَضبا من يومئذٍ) وَفِي بعض النّسخ: ( أَشد غَضبا مِنْهُ من يومئذٍ) ، وَلَفظه: مِنْهُ، صلَة: أَشد.
فَإِن قلت: الضَّمِير رَاجع إِلَى رَسُول الله، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فَيلْزم أَن يكون الْمفضل والمفضل عَلَيْهِ شَيْئا وَاحِدًا.
قلت: جَازَ ذَلِك باعتبارين: فَهُوَ مفضل بِاعْتِبَار يومئذٍ ومفضل عَلَيْهِ بِاعْتِبَار سَائِر الْأَيَّام.
و: غَضبا، نصب على التَّمْيِيز.
قَوْله: ( فَقَالَ) أَي: النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: ( أَيهَا النَّاس) : أَي يَا أَيهَا النَّاس، فَحذف حرف النداء وَالْمَقْصُود بالنداء هُوَ النَّاس، وَإِنَّمَا جاؤوا بِأَيّ ليمكن وَصله إِلَى نِدَاء مَا فِيهِ الْألف وَاللَّام لأَنهم كَرهُوا الْجمع بَين التَّخْصِيص بالنداء وَلَام التَّعْرِيف، فَكَانَ المنادى هُوَ الصّفة، وَالْهَاء مقحمة للتّنْبِيه.
قَوْله: ( منفرون) خبر: أَن، أَي: منفرون عَن الْجَمَاعَات وَفِي بعض الرِّوَايَات: ( إِن مِنْكُم منفرين) .
فَإِن قلت: كَانَ الْمُقْتَضى أَن يُخَاطب الْمَعْلُول.
قلت: إِنَّمَا خَاطب الْكل وَلم يعين المطول كرماً ولطفاً عَلَيْهِ.
وَكَانَت هَذِه عَادَته حَيْثُ مَا كَانَ يخصص العتاب والتأديب بِمن يسْتَحقّهُ حَتَّى لَا يحصل لَهُ الخجل، وَنَحْوه على رُؤُوس الأشهاد.
قَوْله: ( فَمن صلى بِالنَّاسِ) ، كلمة: من شَرْطِيَّة.
قَوْله: ( فيخفف) جوابها، فَلذَلِك دَخلهَا الْفَاء.
قَوْله: ( فَإِن فيهم) الْفَاء فِيهِ تصلح للتَّعْلِيل.
( وَالْمَرِيض) ، نصب لِأَنَّهُ اسْم: إِن، وَمَا بعده عطف عَلَيْهِ، وخبرها هُوَ قَوْله: فيهم، مقدما.
قَوْله: ( بِالنَّاسِ) أَي: ملتبساً بهم إِمَامًا لَهُم.
قَوْله: ( وَذَا الْحَاجة) كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة الْقَابِسِيّ: ( وَذُو الْحَاجة) .
وَجهه أَن يكون مَعْطُوفًا على مَحل اسْم: إِن، وَهُوَ رفع مَعَ الْخلاف فِيهِ،.

     وَقَالَ  بَعضهم: أَو هُوَ اسْتِئْنَاف.
قلت: لَا يَصح أَن يكون استئنافاً لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَة جَوَاب سُؤال، وَلَيْسَ هَذَا مَحَله.
وَيجوز أَن يكون الْمُبْتَدَأ مَحْذُوف الْخَبَر، وَتَكون الْجُمْلَة معطوفة على الْجُمْلَة الأولى، وَالتَّقْدِير: وَذُو الْحَاجة كَذَلِك، وَالْفرق بَين الضعْف وَالْمَرَض أَن الضعْف أَعم من الْمَرَض، فالمرض ضد الصِّحَّة.
يُقَال: مرض يمرض مَرضا ومرضاً فَهُوَ مَرِيض ومارض.
وَيُقَال: الْمَرَض، بالإسكان، مرض الْقلب خَاصَّة.
قَالَ الصغاني: وأصل الْمَرَض الضعْف، وَكلما ضعف مرض..
     وَقَالَ  ابْن الْأَعرَابِي: أصل الْمَرَض النُّقْصَان.
يُقَال: بدن مَرِيض أَي: نَاقص الْقُوَّة، وقلب مَرِيض أَي: نَاقص الدّين.
وَقيل: الْمَرَض اختلال الطبيعة واضطرابها بعد صفائها واعتدالها، والضعف خلاف الْقُوَّة، وَقد ضعف وَضعف، وَالْفَتْح عَن يُونُس: فَهُوَ ضَعِيف، وَقوم ضِعَاف وضعفة.
وَفرق بَعضهم بَين الضعْف والضعف.
فَقَالَ: الضعْف بِالْفَتْح فِي الْعقل والرأي، والضعف بِالضَّمِّ فِي الْجَسَد.
وَرجل ضعوف أَي ضَعِيف.
فَإِن قيل: لم ذكر هَذَا الثَّلَاثَة؟ قلت: لِأَنَّهُ متناول لجَمِيع الْأَنْوَاع الْمُقْتَضِيَة.
للتَّخْفِيف، فَإِن الْمُقْتَضى لَهُ إِمَّا فِي نَفسه أَو لَا، وَالْأول إِمَّا بِحَسب ذَاته، وَهُوَ الضعْف أَو بِحَسب الْعَارِض وَهُوَ الْمَرَض.

بَيَان استنباط الْأَحْكَام: الأول: قَالَ النَّوَوِيّ: فِيهِ جَوَاز التَّأَخُّر عَن صَلَاة الْجَمَاعَة إِذا علم من عَادَة الإِمَام التَّطْوِيل الْكثير.
الثَّانِي: فِيهِ جَوَاز ذكر الْإِنْسَان بفلان وَنَحْوه فِي معرض الشكوى.
الثَّالِث: فِيهِ جَوَاز الْغَضَب لما يُنكر من أُمُور الدّين.
الرَّابِع: فِيهِ جَوَاز الْإِنْكَار على من ارْتكب مَا ينْهَى عَنهُ، وَإِن كَانَ مَكْرُوها غير محرم.
الْخَامِس: فِيهِ التَّعْزِير على إطالة الصَّلَاة إِذا لم يرض الْمَأْمُوم بِهِ وَجَوَاز التَّعْزِير بالْكلَام.
السَّادِس: فِيهِ الْأَمر بتَخْفِيف الصَّلَاة..
     وَقَالَ  ابْن بطال: وَإِنَّمَا غضب رَسُول الله، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، لِأَنَّهُ كره التَّطْوِيل فِي الصَّلَاة من أجل أَن فيهم الْمَرِيض وَنَحْوه، فَأَرَادَ الرِّفْق والتيسير بأمته وَلم يكن نَهْيه، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، من التَّطْوِيل لِحُرْمَتِهِ، لِأَنَّهُ، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، كَانَ يُصَلِّي فِي مَسْجده وَيقْرَأ بالسور الطوَال مثل سُورَة يُوسُف، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي مَعَه أجلة أَصْحَابه، ومَن أَكثر همه طلب الْعلم وَالصَّلَاة.
أَقُول: وَلِهَذَا خفف فِي بعض الْأَوْقَات، كَمَا: فِيمَا سمع صَوت بكاء الصَّبِي وَنَحْوه.