هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
980 حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبَّادَ بْنَ تَمِيمٍ ، يُحَدِّثُ أَبَاهُ ، عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى المُصَلَّى فَاسْتَسْقَى فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ ، وَقَلَبَ رِدَاءَهُ ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : كَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يَقُولُ : هُوَ صَاحِبُ الأَذَانِ ، وَلَكِنَّهُ وَهْمٌ لِأَنَّ هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ المَازِنِيُّ مَازِنُ الأَنْصَارِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
980 حدثنا علي بن عبد الله ، قال : حدثنا سفيان ، عن عبد الله بن أبي بكر ، أنه سمع عباد بن تميم ، يحدث أباه ، عن عمه عبد الله بن زيد ، أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى المصلى فاستسقى فاستقبل القبلة ، وقلب رداءه ، وصلى ركعتين قال أبو عبد الله : كان ابن عيينة يقول : هو صاحب الأذان ، ولكنه وهم لأن هذا عبد الله بن زيد بن عاصم المازني مازن الأنصار
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى المُصَلَّى فَاسْتَسْقَى فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ ، وَقَلَبَ رِدَاءَهُ ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : كَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يَقُولُ : هُوَ صَاحِبُ الأَذَانِ ، وَلَكِنَّهُ وَهْمٌ لِأَنَّ هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ المَازِنِيُّ مَازِنُ الأَنْصَارِ .

Narrated `Abdullah bin Zaid:

The Prophet (ﷺ) went towards the Musalla and invoked Allah for rain. He faced the Qibla and wore his cloak inside out, and offered two rak`at.

'AbdulLâh ibn Zayd: Le Prophète (r ) se rendit au musalla et fit la prière de l’istisqâ': il s'orienta suivant la direction de la qibla, retourna son manteau et fit deux rak'a.

":"ہم سے علی بن عبداللہ مدینی نے بیان کیا ، انہوں نے کہا کہ ہم سے سفیان بن عیینہ نے عبداللہ بن ابی بکر سے بیان کیا ، انہوں نے عباد بن تمیم سے سنا ، وہ اپنے باپ سے بیان کرتے تھے کہ ان سے ان کے چچا عبداللہ بن زید رضی اللہ عنہ نے بیان کیا کہنبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم عیدگاہ گئے ۔ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے وہاں دعائے استسقاء قبلہ رو ہو کر کی اور آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے چادر بھی پلٹی اور دو رکعت نماز پڑھی ۔ ابوعبداللہ ( امام بخاری رحمہ اللہ ) کہتے ہیں کہ ابن عیینہ کہتے تھے کہ ( حدیث کے راوی عبداللہ بن زید ) وہی ہیں جنہوں نے اذان خواب میں دیکھی تھی لیکن یہ ان کی غلطی ہے کیونکہ یہ عبداللہ ابن زید بن عاصم مازنی ہے جو انصار کے قبیلہ مازن سے تھے ۔

'AbdulLâh ibn Zayd: Le Prophète (r ) se rendit au musalla et fit la prière de l’istisqâ': il s'orienta suivant la direction de la qibla, retourna son manteau et fit deux rak'a.

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1012] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا سُفْيَانُ هُوَ بن عُيَيْنَةَ .

     قَوْلُهُ  قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَيْ قَالَ قَالَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بن عُيَيْنَةَ حَذَفَ الصِّيغَةَ مَرَّةً وَجَرَتْ عَادَتُهُمْ بِحَذْفِ إِحْدَاهُمَا مِنَ الْخَطِّ وَفِي حَذْفِهَا مِنَ اللَّفْظِ بَحْثٌ وَوَقَعَ عِنْدَ الْحَمَوِيِّ وَالْمُسْتَمْلِي بِلَفْظِ عَنْ عبد الله وَصرح بن خُزَيْمَة فىروايته بِتَحْدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بِهِ لِابْنِ عُيَيْنَةَ .

     قَوْلُهُ  أَنَّهُ سَمِعَ عَبَّادَ بْنَ تَمِيمٍ يُحَدِّثُ أَبَاهُ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ أَبَاهُ يَعُودُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ لَا عَلَى عَبَّادٍ وَضَبَطَهُ الْكِرْمَانِيُّ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَرَاءٍ بَدَلَ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ أَظُنُّهُ وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ الَّتِي اتَّصَلَتْ لَنَا وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الرَّاوِيَ لَمْ يَجْزِمْ بِأَنَّ رِوَايَةَ عَبَّادٍ لَهُ عَنْ عَمِّهِ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنِ بن مَاجَهْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَقَولُهُ عَنْ أَبِيهِ زِيَادَةٌ وَهِيَ وَهْمٌ وَالصَّوَابُ مَا وَقَعَ فِي النّسخ الْمُعْتَمدَة من بن مَاجَهْ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَاحِ وَكَذَا لِابْنِ خُزَيْمَةَ عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ الْعَلَاءِ كِلَاهُمَا عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ وَيَحْيَى هُوَ بن سعيد عَن أبي بكر أَي بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَالَ سُفْيَانُ فَقلت لعبد الله أَي بن أَبِي بَكْرٍ حَدِيثٌ حَدَّثَنَاهُ يَحْيَى وَالْمَسْعُودِيُّ عَنْ أَبِيكَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ سَمِعْتُهُ أَنَا مِنْ عَبَّادٍ يُحَدِّثُ أَبِي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ .

     قَوْلُهُ  خَرَجَ إِلَى الْمُصَلَّى فَاسْتَسْقَى فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ الْمَذْكُورَةِ فَخَرَجَ بِالنَّاسِ يَسْتَسْقِي وَلَمْ أَقِفْ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ عَلَى سَبَبِ ذَلِكَ وَلَا صِفَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَالَ الذَّهَابِ إِلَى الْمُصَلَّى وَعَلَى وَقْتِ ذَهَابِهِ وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي حَدِيث عَائِشَة عِنْد أبي دَاوُد وبن حِبَّانَ قَالَتْ شَكَا النَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَحْطَ الْمَطَرِ فَأَمَرَ بِمِنْبَرٍ فَوُضِعَ لَهُ بِالْمُصَلَّى وَوَعَدَ النَّاسَ يَوْمًا يَخْرُجُونَ فِيهِ فَخَرَجَ حِينَ بَدَا حَاجِبُ الشَّمْسِ فَقعدَ على الْمِنْبَر الحَدِيث وَفِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَصْحَابِ السُّنَنِ خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَبَذِّلًا مُتَوَاضِعًا مُتَضَرِّعًا حَتَّى أَتَى الْمُصَلَّى فَرَقَى الْمِنْبَرَ وَفِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ عِنْدَ الْبَزَّارِ وَالطَّبَرَانِيِّ قَحَطَ الْمَطَرُ فَسَأَلْنَا نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْتَسْقِيَ لَنَا فَغَدَا نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدِيثَ وَقَدْ حكى بن الْمُنْذِرِ الِاخْتِلَافَ فِي وَقْتِهَا وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا وَقْتَ لَهَا مُعَيَّنٌ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ أَحْكَامِهَا كَالْعِيدِ لَكِنَّهَا تُخَالِفُهُ بِأَنَّهَا لَا تَخْتَصُّ بِيَوْمٍ مُعَيَّنٍ وَهَلْ تُصْنَعُ بِاللَّيْلِ اسْتَنْبَطَ بَعْضُهُمْ مِنْ كَوْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ فِيهَا بِالنَّهَارِ أَنَّهَا نَهَارِيَّةٌ كَالْعِيدِ وَإِلَّا فَلَوْ كَانَتْ تُصَلَّى بِاللَّيْلِ لَأَسَرَّ فِيهَا بِالنَّهَارِ وَجَهَرَ بِاللَّيْلِ كمطلق النَّوَافِل وَنقل بن قُدَامَةَ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهَا لَا تُصَلَّى فِي وَقت الْكَرَاهَة وَأفَاد بن حِبَّانَ أَنَّ خُرُوجَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُصَلَّى لِلِاسْتِسْقَاءِ كَانَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ سِتٍّ مِنَ الْهِجْرَةِ .

     قَوْلُهُ  فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ قَرِيبًا .

     قَوْلُهُ  وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْمَذْكُورَة عِنْد بن خُزَيْمَةَ وَصَلَّى بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ وَفِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ الْآتِيَةِ فِي بَابِ كَيْفَ حَوَّلَ ظَهْرَهُ ثُمَّ صَلَّى لَنَا رَكْعَتَيْنِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْخطْبَةفِي الِاسْتِسْقَاءِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَهُوَ مُقْتَضَى حَدِيثِ عَائِشَة وبن عَبَّاسٍ الْمَذْكُورَيْنِ لَكِنْ وَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ بَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَكَذَا فِي حَدِيثِ أبي هُرَيْرَة عِنْد بن مَاجَهْ حَيْثُ قَالَ فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ بِغَيْرِ أَذَان وَلَا إِقَامَة وَالْمُرَجَّحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ الثَّانِي وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ كَذَلِكَ وَرِوَايَةُ يُخَيَّرُ وَلَمْ يَقَعْ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ صِفَةُ الصَّلَاةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَا مَا يَقْرَأُ فِيهَا وَقد أخرج الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ يُكَبِّرُ فِيهِمَا سَبْعًا وَخَمْسًا كَالْعِيدِ وَأَنَّهُ يَقْرَأُ فِيهِمَا بِسَبِّحْ وَهَلْ أَتَاكَ وَفِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ لَكِنْ أَصْلُهُ فِي السُّنَنِ بِلَفْظِ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيدِ فَأَخَذَ بِظَاهِرِهِ الشَّافِعِيُّ فَقَالَ يُكَبِّرُ فِيهِمَا وَنَقَلَ الْفَاكِهِيُّ شَيْخُ شُيُوخِنَا عَنِ الشَّافِعِيِّ اسْتِحْبَابَ التَّكْبِيرِ حَالَ الْخُرُوجِ إِلَيْهَا كَمَا فِي الْعِيدِ وَهُوَ غَلَطٌ مِنْهُ عَلَيْهِ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ مَا اخْتَلَفَ مِنَ الرِّوَايَاتِ فِي ذَلِكَ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدَأَ بِالدُّعَاءِ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَطَبَ فَاقْتَصَرَ بَعْضُ الرُّوَاةِ عَلَى شَيْءٍ وَبَعْضُهُمْ عَلَى شَيْءٍ وَعَبَّرَ بَعْضُهُمْ عَنِ الدُّعَاءِ بِالْخُطْبَةِ فَلِذَلِكَ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ.

.
وَأَمَّا قَوْلُ بن بَطَّالٍ إِنَّ رِوَايَةَ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ دَالَّةٌ عَلَى تَقْدِيمِ الصَّلَاةِ عَلَى الْخُطْبَةِ وَهُوَ أَضْبَطُ مِنْ وَلَدَيْهِ عَبْدِ اللَّهِ وَمُحَمَّدٍ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنِ مِنْ سِيَاقِ الْبُخَارِيِّ وَلَا مُسْلِمٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ يَعْتَضِدُ الْقَوْلُ بِتَقْدِيمِ الصَّلَاةِ عَلَى الْخُطْبَةِ لِمُشَابَهَتِهَا بِالْعِيدِ وَكَذَا مَا تَقَرَّرَ مِنْ تَقْدِيمِ الصَّلَاةِ أَمَامَ الْحَاجَةِ وَقَدْ تَرْجَمَ الْمُصَنِّفُ لِهَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا الدُّعَاءُ فِي الاسْتِسْقَاء قَائِما واستقبال الْقبْلَة فِيهِ وَحمله بن الْعَرَبِيِّ عَلَى حَالِ الصَّلَاةِ ثُمَّ قَالَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ خَاصًّا بِدُعَاءِ الِاسْتِسْقَاءِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَقَدْ تَرْجَمَ لَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الدَّعَوَاتِ بِالدُّعَاءِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ بِالِاسْتِسْقَاءِ وَكَأَنَّهُ أَلْحَقَهُ بِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِاخْتِصَاصِ وَتَرْجَمَ أَيْضًا لِكَوْنِهَا رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ إِجْمَاعٌ عِنْدَ مَنْ قَالَ بِهَا وَلِكَوْنِهَا فِي الْمُصَلَّى وَقَدِ اسْتَثْنَى الْخَفَّافُ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ مَسْجِدَ مَكَّةَ كَالْعِيدِ وَبِالْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ وَبِتَحْوِيلِ الظَّهْرِ إِلَى النَّاسِ عِنْدَ الدُّعَاءِ وَهُوَ مِنْ لَازِمِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ هُوَ الْمُصَنِّفُ وَقَوله كَانَ بن عُيَيْنَةَ إِلَخْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَعْلِيقًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ شَيْخِهِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَذْكُورِ وَيُرَجِّحُ الثَّانِي أَنَّ الْإِسْمَاعِيلِيَّ أَخْرَجَهُ عَنْ جَعْفَرٍ الْفِرْيَابِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فَقَالَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الَّذِي أَرَى النِّدَاءَ وَكَذَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ سُفْيَان وَتعقبه بِأَن بن عُيَيْنَةَ غَلِطَ فِيهِ .

     قَوْلُهُ  لِأَنَّ هَذَا يَعْنِي رَاوِيَ حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ عَبْدُ اللَّهِ أَيْ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ فَالتَّقْدِيرُ لِأَنَّ هَذَا أَيْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ .

     قَوْلُهُ  مَازِنُ الْأَنْصَارِ احْتِرَازٌ عَنْ مَازِنِ تَمِيمٍ وَهُوَ مَازِنُ بْنُ مَالِكِ بْنِ عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ أَوْ مَازِنُ قَيْسٍ وَهُوَ مَازِنُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ الْحَارِثِ بن خصفة بِمُعْجَمَة ثمَّ مُهْملَة مفتوحتين بن قيس بن عيلان ومازن بن صَعْصَعَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوَازِنَ وَمَازِنُ ضَبَّةَ وَهُوَ مَازِنُ بْنُ كَعْبِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ ضَبَّةَ وَمَازِنُ شَيْبَانَ وَهُوَ مَازِنُ بْنُ ذُهْلِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ شَيْبَانَ وَغَيْرُهُمْ قَالَ الرَّشَاطِيُّ مَازِنٌ فِي الْقَبَائِلِ كَثِيرٌ وَالْمَازِنُ فِي اللُّغَةِ بَيْضُ النَّمْلِ وَقَدْ حَذَفَ الْبُخَارِيُّ مُقَابِلَهُ وَالتَّقْدِيرُ وَذَاكَ أَيْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ رَائِي الْأَذَانَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ وَقَدِ اتَّفَقَا فِي الِاسْمِ وَاسْمِ الْأَبِ وَالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَنْصَارِيِّ ثُمَّ إِلَى الْخَزْرَجِ وَالصُّحْبَةِ وَالرِّوَايَةِ وَافْتَرَقَا فِي الْجَدِّ وَالْبَطْنِ الَّذِي مِنَ الْخَزْرَجِ لِأَنَّ حَفِيدَ عَاصِمٍ مِنْ مَازِنٍ وَحَفِيدَ عَبْدِ رَبِّهِ مِنْ بِلْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ وَاللَّهُ أَعْلَمُوَأَمَّا الْجَبِينِ فَهُوَ جَانِبُ الْجَبْهَةِ وَلِكُلِّ إِنْسَانٍ جَبِينَانِ يَكْتَنِفَانِ الْجَبْهَةَ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ مِنْ ضئضىء هَذَا قَوْمًا) هُوَ بِضَادَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ مَكْسُورَتَيْنِ وَآخِرُهُ مَهْمُوزٌ وَهُوَ أَصْلُ الشَّيْءِ وَهَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا وَحَكَاهُ الْقَاضِي عَنِ الْجُمْهُورِ وَعَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ ضَبَطَهُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ جَمِيعًا وَهَذَا صَحِيحٌ فِي اللُّغَةِ قَالُوا وَلِأَصْلِ الشَّيْءِ أَسْمَاءٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا الضِّئْضِئُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ وَالنِّجَارُ بكسر النون والنحاس والسنخ بكسر السين واسكان النون وبخاء معجمة والعنصر والعنض والأرومة .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ) أَيْ قَتْلًا عَامًّا مُسْتَأْصِلًا كَمَا قَالَ تَعَالَى فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ باقية وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى قِتَالِهِمْ وَفَضِيلَةٌ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قِتَالِهِمْ .

     قَوْلُهُ  (فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ) أَيْ مَدْبُوغٍ بِالْقَرَظِ .

     قَوْلُهُ  (لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا) أَيْ لَمْ تُمَيَّزْ .

     قَوْلُهُ  فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ (وَالرَّابِعُ إِمَّا عَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ وَإِمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ) قَالَ الْعُلَمَاءُ ذِكْرُ عَامِرٍ هُنَا غَلَطٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ تُوُفِّيَ قَبْلَ هَذَا بِسِنِينَ وَالصَّوَابُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ عَلْقَمَةُ بْنُ علاثةكَمَا هُوَ مَجْزُومٌ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ) مَعْنَاهُ إِنِّي أُمِرْتُ بِالْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ وَاللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا قَالُوا ذَلِكَ فَقَدْ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ وَفِي الْحَدِيثِ هَلَّا شَقَقْتَ عَنْ قلبه قوله (وهو مقف) أي مولى قَدْ أَعْطَانَا قَفَاهُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى لَيِّنًا رَطْبًا) هَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ لَيِّنًا بِالنُّونِ أي سهلاوَفِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ لَيًّا بِحَذْفِ النُّونِ وَأَشَارَ الْقَاضِي إِلَى أَنَّهُ رِوَايَةُ أَكْثَرِ شُيُوخِهِمْ قَالَ وَمَعْنَاهُ سَهْلًا لِكَثْرَةِ حِفْظِهِمْ قَالَ وَقِيلَ لَيًّا أَيْ يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِهِ أَيْ يُحَرِّفُونَ مَعَانِيَهُ وَتَأْوِيلَهُ قَالَ وَقَدْ يَكُونُ مِنَ اللَّيِّ في الشهادة وهو الميل قاله بن قُتَيْبَةَ (.

     قَوْلُهُ  (فَسَأَلَاهُ عَنِ الْحَرُورِيَّةِ) هُمُ الْخَوَارِجُ سُمُّوا حَرُورِيَّةً لِأَنَّهُمْ نَزَلُوا حَرُورَاءَ وَتَعَاقَدُوا عِنْدَهَا عَلَى قِتَالِ أَهْلِ الْعَدْلِ وَحَرُورَاءَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَبِالْمَدِّ قَرْيَةٌ بِالْعِرَاقِ قَرِيبَةٌ مِنَ الْكُوفَةِ وَسُمُّوا خَوَارِجَ لِخُرُوجِهِمْ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ لِخُرُوجِهِمْ عَنْ طَرِيقِ الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا .

     قَوْلُهُ  (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول يَخْرُجُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَمْ يَقُلْ مِنْهَا) قَالَ الْمَازِرِيُّ هَذَا مِنْ أَدَلِّ الدَّلَائِلِ عَلَى سَعَةِ عِلْمِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَدَقِيقُ نَظَرِهِمْ وَتَحْرِيرُهُمُ الْأَلْفَاظَ وَفَرْقُهُمْ بَيْنَ مَدْلُولَاتِهَا الْخَفِيَّةِ لِأَنَّ لَفْظَةَ مِنْ تَقْتَضِي كَوْنَهُمْ مِنَ الْأُمَّةِ لَا كُفَّارًا بِخِلَافِ فِي وَمَعَ هَذَا فَقَدْ جَاءَ بَعْدَ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَخْرُجُ مِنْ أُمَّتِي قَوْمٌ وَفِي رواية أبي ذرانبَعْدِي مِنْ أُمَّتِي أَوْ سَيَكُونُ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي وَقَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي تَكْفِيرِهِمْ وَأَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ تَكْفِيرِهِمْ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَيَنْظُرُ الرَّامِي إِلَى نَصْلِهِ إِلَى رِصَافِهِ فَيَتَمَارَى فِي الْفُوقَةِ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى يَنْظُرُ إِلَى نَضِيِّهِ وَفِيهَا ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَى قُذَذِهِ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَيَنْظُرُ فِي النَّضِيِّ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً وَيَنْظُرُ فِي الْفُوقِ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً أَمَّا الرِّصَافُ فَبِكَسْرِ الرَّاءِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وهو مدخل النصل من السهم والنصل هو حديدة السهم والقدح عوده والقذذ بِضَمِّ الْقَافِ وَبِذَالَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ وَهُوَ رِيشُ السَّهْمِ والفوق والفوقة بِضَمِّ الْفَاءِ هُوَ الْحَزُّ الَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ الوتر والنضى بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وهو القدح كذا جَاءَ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ مُفَسَّرًا وَكَذَا قَالَهُ الْأَصْمَعِيُّ.

.
وَأَمَّا الْبَصِيرُ فَبِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ الشَّيْءُ مِنَ الدَّمِ أَيْ لَا يَرَى شَيْئًا مِنَ الدَّمِ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى إِصَابَةِ الرَّمِيَّةِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قَدْ خِبْتُ وَخَسِرْتُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ) قَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي فَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّهَا فِي هَذَا الْبَابِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(وَمِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ) الْبَضْعَةِ بِفَتْحِ الْبَاءِ لَا غَيْرَ وَهِيَ الْقِطْعَةُ من اللحم وتدردر مَعْنَاهُ تَضْطَرِبُ وَتَذْهَبُ وَتَجِيءُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ) ضَبَطُوهُ فِي الصَّحِيحِ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا حِينِ فرقه بحاء مهملة مكسورة ونون وفرقة بِضَمِّ الْفَاءِ أَيْ فِي وَقْتِ افْتِرَاقِ النَّاسِ أَيِ افْتِرَاقٍ يَقَعُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ الِافْتِرَاقُ الَّذِي كَانَ بَيْنَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما والثاني خير فرقة بخاء معجمة مفتوحة وراء وفرقة بكسر الفاء أي أفضل الْفِرْقَتَيْنِ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ وَأَكْثَرُ وَيُؤَيِّدُهُ الرِّوَايَةُ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ يَخْرُجُونَ فِي فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ فَإِنَّهُ بِضَمِّ الْفَاءِ بِلَا خِلَافٍ وَمَعْنَاهُ ظَاهِرٌ.

     وَقَالَ  الْقَاضِي عَلَى رِوَايَةِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الْمُرَادُ وَخَيْرُ الْقُرُونِ وَهُمُ الصَّدْرُ الْأَوَّلُ قَالَ أَوْ يَكُونُ الْمُرَادُ عَلِيًّا وَأَصْحَابَهُ فَعَلَيْهِ كَانَ خُرُوجُهُمْ حَقِيقَةً لِأَنَّهُ كَانَ الْإِمَامَ حِينَئِذٍ وَفِيهِ حُجَّةٌ لِأَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ مُصِيبًا فِي قتاله والآخرون بغاة لاسيما مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ وَعَلِيٌّ وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ قَتَلُوهُمْ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مُعْجِزَاتٌ ظَاهِرَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ أَخْبَرَ بِهَذَا وَجَرَى كُلُّهُ كَفَلَقِ الصُّبْحِ وَيَتَضَمَّنُ بَقَاءَ الْأُمَّةِ بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ لَهُمْ شَوْكَةً وَقُوَّةً خِلَافَ مَا كَانَ الْمُبْطِلُونَ يُشِيعُونَهُ وَأَنَّهُمْ يَفْتَرِقُونَ فِرْقَتَيْنِ وَأَنَّهُ يَخْرُجُ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مَارِقَةٌ وَأَنَّهُمْ يُشَدِّدُونَ فِي الدِّينِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التَّشْدِيدِ وَيُبَالِغُونَ فِي الصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ وَلَا يُقِيمُونَ بِحُقُوقِ الْإِسْلَامِ بَلْ يَمْرُقُونَ مِنْهُ وَأَنَّهُمْ يُقَاتِلُونَ أَهْلَ الْحَقِّوَأَنَّ أَهْلَ الْحَقِّ يَقْتُلُونَهُمْ وَأَنَّ فِيهِمْ رَجُلًا صِفَةُ يَدِهِ كَذَا وَكَذَا فَهَذِهِ أَنْوَاعٌ مِنَ المعجزات جرت كلها وَلِلَّهِ الْحَمْدُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (سِيمَاهُمُ التَّحَالُقُ) السِّيمَا الْعَلَامَةُ وَفِيهَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ الْقَصْرُ وَهُوَ الْأَفْصَحُ وَبِهِ جَاءَ الْقُرْآنُ وَالْمَدُّ وَالثَّالِثَةُ السِّيمِيَاءُ بِزِيَادَةِ يَاءٍ مَعَ الْمَدِّ لَا غَيْرَ وَالْمُرَادُ بالتحالق حلق الرؤوس وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى التَّحَلُّقُ وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى كَرَاهَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَامَةٌ لَهُمْ وَالْعَلَامَةُ قَدْ تَكُونُ بِحِرَامٍ وَقَدْ تَكُونُ بِمُبَاحٍ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِحِرَامٍ وَقَدْ ثَبَتَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم (رَأَى صَبِيًّا قَدْ حَلَقَ بَعْضَ رَأْسِهِ فَقَالَ احْلِقُوهُ كُلَّهُ أَوِ اتْرُكُوهُ كُلَّهُ) وَهَذَا صَرِيحٌ فِي إِبَاحَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ لَا يَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا قَالَ أَصْحَابُنَا حَلْقُ الرَّأْسِ جَائِزٌ بِكُلِّ حَالٍ لَكِنْ إِنْ شَقَّ عَلَيْهِ تَعَهُّدُهُ بِالدُّهْنِ وَالتَّسْرِيحِ اسْتُحِبَّ حَلْقُهُ وَإِنْ لَمْ يَشُقَّ اسْتُحِبَّ تَرْكُهُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ أَوْ مِنْ أَشَرِّ الْخَلْقِ) هَكَذَا هُوَ فِي كُلِّ النُّسَخِ أَوْ مِنْ أَشَرِّ بِالْأَلِفِ وَهِيَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَالْمَشْهُورُ شَرُّ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَفِي هَذَا اللَّفْظِ دَلَالَةٌ لِمَنْ قَالَ بِتَكْفِيرِهِمْ وَتَأَوَّلَهُ الْجُمْهُورُ أَيْ شَرُّ الْمُسْلِمِينَ وَنَحْوِ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ إِلَى الْحَقِّ) وَفِي رِوَايَةٍ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ وَفِي رِوَايَةٍ تَكُونُ أُمَّتِي فِرْقَتَيْنِ فَتَخْرُجُ مِنْ بَيْنِهِمَا مَارِقَةٌ تَلِي قَتْلَهُمْ أَوْلَاهُمَابِالْحَقِّ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ هُوَ الْمُصِيبَ الْمُحِقَّ وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى أَصْحَابُ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانُوا بُغَاةً مُتَأَوِّلِينَ وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الطَّائِفَتَيْنِ مُؤْمِنُونَ لَا يَخْرُجُونَ بِالْقِتَالِ عَنِ الْإِيمَانِ وَلَا يَفْسُقُونَ وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ مُوَافِقِينَا .

     قَوْلُهُ  (حَدَّثَنَا القاسم وهو بن الْفَضْلِ الْحُدَّانِيُّ) هُوَ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ بَعْدَ الْأَلِفِ نُونٌ .

     قَوْلُهُ  (عَنِوَأَمَّا الْجَبِينِ فَهُوَ جَانِبُ الْجَبْهَةِ وَلِكُلِّ إِنْسَانٍ جَبِينَانِ يَكْتَنِفَانِ الْجَبْهَةَ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ مِنْ ضئضىء هَذَا قَوْمًا) هُوَ بِضَادَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ مَكْسُورَتَيْنِ وَآخِرُهُ مَهْمُوزٌ وَهُوَ أَصْلُ الشَّيْءِ وَهَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا وَحَكَاهُ الْقَاضِي عَنِ الْجُمْهُورِ وَعَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ ضَبَطَهُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ جَمِيعًا وَهَذَا صَحِيحٌ فِي اللُّغَةِ قَالُوا وَلِأَصْلِ الشَّيْءِ أَسْمَاءٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا الضِّئْضِئُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ وَالنِّجَارُ بكسر النون والنحاس والسنخ بكسر السين واسكان النون وبخاء معجمة والعنصر والعنض والأرومة .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ) أَيْ قَتْلًا عَامًّا مُسْتَأْصِلًا كَمَا قَالَ تَعَالَى فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ باقية وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى قِتَالِهِمْ وَفَضِيلَةٌ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قِتَالِهِمْ .

     قَوْلُهُ  (فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ) أَيْ مَدْبُوغٍ بِالْقَرَظِ .

     قَوْلُهُ  (لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا) أَيْ لَمْ تُمَيَّزْ .

     قَوْلُهُ  فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ (وَالرَّابِعُ إِمَّا عَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ وَإِمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ) قَالَ الْعُلَمَاءُ ذِكْرُ عَامِرٍ هُنَا غَلَطٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ تُوُفِّيَ قَبْلَ هَذَا بِسِنِينَ وَالصَّوَابُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ عَلْقَمَةُ بْنُ علاثةكَمَا هُوَ مَجْزُومٌ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ) مَعْنَاهُ إِنِّي أُمِرْتُ بِالْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ وَاللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا قَالُوا ذَلِكَ فَقَدْ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ وَفِي الْحَدِيثِ هَلَّا شَقَقْتَ عَنْ قلبه قوله (وهو مقف) أي مولى قَدْ أَعْطَانَا قَفَاهُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى لَيِّنًا رَطْبًا) هَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ لَيِّنًا بِالنُّونِ أي سهلاوَفِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ لَيًّا بِحَذْفِ النُّونِ وَأَشَارَ الْقَاضِي إِلَى أَنَّهُ رِوَايَةُ أَكْثَرِ شُيُوخِهِمْ قَالَ وَمَعْنَاهُ سَهْلًا لِكَثْرَةِ حِفْظِهِمْ قَالَ وَقِيلَ لَيًّا أَيْ يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِهِ أَيْ يُحَرِّفُونَ مَعَانِيَهُ وَتَأْوِيلَهُ قَالَ وَقَدْ يَكُونُ مِنَ اللَّيِّ في الشهادة وهو الميل قاله بن قُتَيْبَةَ (.

     قَوْلُهُ  (فَسَأَلَاهُ عَنِ الْحَرُورِيَّةِ) هُمُ الْخَوَارِجُ سُمُّوا حَرُورِيَّةً لِأَنَّهُمْ نَزَلُوا حَرُورَاءَ وَتَعَاقَدُوا عِنْدَهَا عَلَى قِتَالِ أَهْلِ الْعَدْلِ وَحَرُورَاءَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَبِالْمَدِّ قَرْيَةٌ بِالْعِرَاقِ قَرِيبَةٌ مِنَ الْكُوفَةِ وَسُمُّوا خَوَارِجَ لِخُرُوجِهِمْ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ لِخُرُوجِهِمْ عَنْ طَرِيقِ الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا .

     قَوْلُهُ  (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول يَخْرُجُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَمْ يَقُلْ مِنْهَا) قَالَ الْمَازِرِيُّ هَذَا مِنْ أَدَلِّ الدَّلَائِلِ عَلَى سَعَةِ عِلْمِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَدَقِيقُ نَظَرِهِمْ وَتَحْرِيرُهُمُ الْأَلْفَاظَ وَفَرْقُهُمْ بَيْنَ مَدْلُولَاتِهَا الْخَفِيَّةِ لِأَنَّ لَفْظَةَ مِنْ تَقْتَضِي كَوْنَهُمْ مِنَ الْأُمَّةِ لَا كُفَّارًا بِخِلَافِ فِي وَمَعَ هَذَا فَقَدْ جَاءَ بَعْدَ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَخْرُجُ مِنْ أُمَّتِي قَوْمٌ وَفِي رواية أبي ذرانبَعْدِي مِنْ أُمَّتِي أَوْ سَيَكُونُ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي وَقَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي تَكْفِيرِهِمْ وَأَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ تَكْفِيرِهِمْ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَيَنْظُرُ الرَّامِي إِلَى نَصْلِهِ إِلَى رِصَافِهِ فَيَتَمَارَى فِي الْفُوقَةِ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى يَنْظُرُ إِلَى نَضِيِّهِ وَفِيهَا ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَى قُذَذِهِ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَيَنْظُرُ فِي النَّضِيِّ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً وَيَنْظُرُ فِي الْفُوقِ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً أَمَّا الرِّصَافُ فَبِكَسْرِ الرَّاءِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وهو مدخل النصل من السهم والنصل هو حديدة السهم والقدح عوده والقذذ بِضَمِّ الْقَافِ وَبِذَالَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ وَهُوَ رِيشُ السَّهْمِ والفوق والفوقة بِضَمِّ الْفَاءِ هُوَ الْحَزُّ الَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ الوتر والنضى بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وهو القدح كذا جَاءَ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ مُفَسَّرًا وَكَذَا قَالَهُ الْأَصْمَعِيُّ.

.
وَأَمَّا الْبَصِيرُ فَبِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ الشَّيْءُ مِنَ الدَّمِ أَيْ لَا يَرَى شَيْئًا مِنَ الدَّمِ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى إِصَابَةِ الرَّمِيَّةِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قَدْ خِبْتُ وَخَسِرْتُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ) قَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي فَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّهَا فِي هَذَا الْبَابِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(وَمِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ) الْبَضْعَةِ بِفَتْحِ الْبَاءِ لَا غَيْرَ وَهِيَ الْقِطْعَةُ من اللحم وتدردر مَعْنَاهُ تَضْطَرِبُ وَتَذْهَبُ وَتَجِيءُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ) ضَبَطُوهُ فِي الصَّحِيحِ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا حِينِ فرقه بحاء مهملة مكسورة ونون وفرقة بِضَمِّ الْفَاءِ أَيْ فِي وَقْتِ افْتِرَاقِ النَّاسِ أَيِ افْتِرَاقٍ يَقَعُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ الِافْتِرَاقُ الَّذِي كَانَ بَيْنَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما والثاني خير فرقة بخاء معجمة مفتوحة وراء وفرقة بكسر الفاء أي أفضل الْفِرْقَتَيْنِ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ وَأَكْثَرُ وَيُؤَيِّدُهُ الرِّوَايَةُ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ يَخْرُجُونَ فِي فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ فَإِنَّهُ بِضَمِّ الْفَاءِ بِلَا خِلَافٍ وَمَعْنَاهُ ظَاهِرٌ.

     وَقَالَ  الْقَاضِي عَلَى رِوَايَةِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الْمُرَادُ وَخَيْرُ الْقُرُونِ وَهُمُ الصَّدْرُ الْأَوَّلُ قَالَ أَوْ يَكُونُ الْمُرَادُ عَلِيًّا وَأَصْحَابَهُ فَعَلَيْهِ كَانَ خُرُوجُهُمْ حَقِيقَةً لِأَنَّهُ كَانَ الْإِمَامَ حِينَئِذٍ وَفِيهِ حُجَّةٌ لِأَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ مُصِيبًا فِي قتاله والآخرون بغاة لاسيما مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ وَعَلِيٌّ وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ قَتَلُوهُمْ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مُعْجِزَاتٌ ظَاهِرَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ أَخْبَرَ بِهَذَا وَجَرَى كُلُّهُ كَفَلَقِ الصُّبْحِ وَيَتَضَمَّنُ بَقَاءَ الْأُمَّةِ بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ لَهُمْ شَوْكَةً وَقُوَّةً خِلَافَ مَا كَانَ الْمُبْطِلُونَ يُشِيعُونَهُ وَأَنَّهُمْ يَفْتَرِقُونَ فِرْقَتَيْنِ وَأَنَّهُ يَخْرُجُ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مَارِقَةٌ وَأَنَّهُمْ يُشَدِّدُونَ فِي الدِّينِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التَّشْدِيدِ وَيُبَالِغُونَ فِي الصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ وَلَا يُقِيمُونَ بِحُقُوقِ الْإِسْلَامِ بَلْ يَمْرُقُونَ مِنْهُ وَأَنَّهُمْ يُقَاتِلُونَ أَهْلَ الْحَقِّوَأَنَّ أَهْلَ الْحَقِّ يَقْتُلُونَهُمْ وَأَنَّ فِيهِمْ رَجُلًا صِفَةُ يَدِهِ كَذَا وَكَذَا فَهَذِهِ أَنْوَاعٌ مِنَ المعجزات جرت كلها وَلِلَّهِ الْحَمْدُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (سِيمَاهُمُ التَّحَالُقُ) السِّيمَا الْعَلَامَةُ وَفِيهَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ الْقَصْرُ وَهُوَ الْأَفْصَحُ وَبِهِ جَاءَ الْقُرْآنُ وَالْمَدُّ وَالثَّالِثَةُ السِّيمِيَاءُ بِزِيَادَةِ يَاءٍ مَعَ الْمَدِّ لَا غَيْرَ وَالْمُرَادُ بالتحالق حلق الرؤوس وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى التَّحَلُّقُ وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى كَرَاهَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَامَةٌ لَهُمْ وَالْعَلَامَةُ قَدْ تَكُونُ بِحِرَامٍ وَقَدْ تَكُونُ بِمُبَاحٍ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِحِرَامٍ وَقَدْ ثَبَتَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم (رَأَى صَبِيًّا قَدْ حَلَقَ بَعْضَ رَأْسِهِ فَقَالَ احْلِقُوهُ كُلَّهُ أَوِ اتْرُكُوهُ كُلَّهُ) وَهَذَا صَرِيحٌ فِي إِبَاحَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ لَا يَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا قَالَ أَصْحَابُنَا حَلْقُ الرَّأْسِ جَائِزٌ بِكُلِّ حَالٍ لَكِنْ إِنْ شَقَّ عَلَيْهِ تَعَهُّدُهُ بِالدُّهْنِ وَالتَّسْرِيحِ اسْتُحِبَّ حَلْقُهُ وَإِنْ لَمْ يَشُقَّ اسْتُحِبَّ تَرْكُهُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ أَوْ مِنْ أَشَرِّ الْخَلْقِ) هَكَذَا هُوَ فِي كُلِّ النُّسَخِ أَوْ مِنْ أَشَرِّ بِالْأَلِفِ وَهِيَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَالْمَشْهُورُ شَرُّ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَفِي هَذَا اللَّفْظِ دَلَالَةٌ لِمَنْ قَالَ بِتَكْفِيرِهِمْ وَتَأَوَّلَهُ الْجُمْهُورُ أَيْ شَرُّ الْمُسْلِمِينَ وَنَحْوِ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ إِلَى الْحَقِّ) وَفِي رِوَايَةٍ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ وَفِي رِوَايَةٍ تَكُونُ أُمَّتِي فِرْقَتَيْنِ فَتَخْرُجُ مِنْ بَيْنِهِمَا مَارِقَةٌ تَلِي قَتْلَهُمْ أَوْلَاهُمَابِالْحَقِّ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ هُوَ الْمُصِيبَ الْمُحِقَّ وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى أَصْحَابُ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانُوا بُغَاةً مُتَأَوِّلِينَ وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الطَّائِفَتَيْنِ مُؤْمِنُونَ لَا يَخْرُجُونَ بِالْقِتَالِ عَنِ الْإِيمَانِ وَلَا يَفْسُقُونَ وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ مُوَافِقِينَا .

     قَوْلُهُ  (حَدَّثَنَا القاسم وهو بن الْفَضْلِ الْحُدَّانِيُّ) هُوَ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ بَعْدَ الْأَلِفِ نُونٌ .

     قَوْلُهُ  (عَنِوَأَمَّا الْجَبِينِ فَهُوَ جَانِبُ الْجَبْهَةِ وَلِكُلِّ إِنْسَانٍ جَبِينَانِ يَكْتَنِفَانِ الْجَبْهَةَ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ مِنْ ضئضىء هَذَا قَوْمًا) هُوَ بِضَادَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ مَكْسُورَتَيْنِ وَآخِرُهُ مَهْمُوزٌ وَهُوَ أَصْلُ الشَّيْءِ وَهَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا وَحَكَاهُ الْقَاضِي عَنِ الْجُمْهُورِ وَعَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ ضَبَطَهُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ جَمِيعًا وَهَذَا صَحِيحٌ فِي اللُّغَةِ قَالُوا وَلِأَصْلِ الشَّيْءِ أَسْمَاءٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا الضِّئْضِئُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ وَالنِّجَارُ بكسر النون والنحاس والسنخ بكسر السين واسكان النون وبخاء معجمة والعنصر والعنض والأرومة .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ) أَيْ قَتْلًا عَامًّا مُسْتَأْصِلًا كَمَا قَالَ تَعَالَى فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ باقية وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى قِتَالِهِمْ وَفَضِيلَةٌ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قِتَالِهِمْ .

     قَوْلُهُ  (فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ) أَيْ مَدْبُوغٍ بِالْقَرَظِ .

     قَوْلُهُ  (لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا) أَيْ لَمْ تُمَيَّزْ .

     قَوْلُهُ  فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ (وَالرَّابِعُ إِمَّا عَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ وَإِمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ) قَالَ الْعُلَمَاءُ ذِكْرُ عَامِرٍ هُنَا غَلَطٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ تُوُفِّيَ قَبْلَ هَذَا بِسِنِينَ وَالصَّوَابُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ عَلْقَمَةُ بْنُ علاثةكَمَا هُوَ مَجْزُومٌ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ) مَعْنَاهُ إِنِّي أُمِرْتُ بِالْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ وَاللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا قَالُوا ذَلِكَ فَقَدْ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ وَفِي الْحَدِيثِ هَلَّا شَقَقْتَ عَنْ قلبه قوله (وهو مقف) أي مولى قَدْ أَعْطَانَا قَفَاهُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى لَيِّنًا رَطْبًا) هَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ لَيِّنًا بِالنُّونِ أي سهلاوَفِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ لَيًّا بِحَذْفِ النُّونِ وَأَشَارَ الْقَاضِي إِلَى أَنَّهُ رِوَايَةُ أَكْثَرِ شُيُوخِهِمْ قَالَ وَمَعْنَاهُ سَهْلًا لِكَثْرَةِ حِفْظِهِمْ قَالَ وَقِيلَ لَيًّا أَيْ يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِهِ أَيْ يُحَرِّفُونَ مَعَانِيَهُ وَتَأْوِيلَهُ قَالَ وَقَدْ يَكُونُ مِنَ اللَّيِّ في الشهادة وهو الميل قاله بن قُتَيْبَةَ (.

     قَوْلُهُ  (فَسَأَلَاهُ عَنِ الْحَرُورِيَّةِ) هُمُ الْخَوَارِجُ سُمُّوا حَرُورِيَّةً لِأَنَّهُمْ نَزَلُوا حَرُورَاءَ وَتَعَاقَدُوا عِنْدَهَا عَلَى قِتَالِ أَهْلِ الْعَدْلِ وَحَرُورَاءَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَبِالْمَدِّ قَرْيَةٌ بِالْعِرَاقِ قَرِيبَةٌ مِنَ الْكُوفَةِ وَسُمُّوا خَوَارِجَ لِخُرُوجِهِمْ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ لِخُرُوجِهِمْ عَنْ طَرِيقِ الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا .

     قَوْلُهُ  (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول يَخْرُجُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَمْ يَقُلْ مِنْهَا) قَالَ الْمَازِرِيُّ هَذَا مِنْ أَدَلِّ الدَّلَائِلِ عَلَى سَعَةِ عِلْمِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَدَقِيقُ نَظَرِهِمْ وَتَحْرِيرُهُمُ الْأَلْفَاظَ وَفَرْقُهُمْ بَيْنَ مَدْلُولَاتِهَا الْخَفِيَّةِ لِأَنَّ لَفْظَةَ مِنْ تَقْتَضِي كَوْنَهُمْ مِنَ الْأُمَّةِ لَا كُفَّارًا بِخِلَافِ فِي وَمَعَ هَذَا فَقَدْ جَاءَ بَعْدَ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَخْرُجُ مِنْ أُمَّتِي قَوْمٌ وَفِي رواية أبي ذرانبَعْدِي مِنْ أُمَّتِي أَوْ سَيَكُونُ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي وَقَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي تَكْفِيرِهِمْ وَأَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ تَكْفِيرِهِمْ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَيَنْظُرُ الرَّامِي إِلَى نَصْلِهِ إِلَى رِصَافِهِ فَيَتَمَارَى فِي الْفُوقَةِ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى يَنْظُرُ إِلَى نَضِيِّهِ وَفِيهَا ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَى قُذَذِهِ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَيَنْظُرُ فِي النَّضِيِّ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً وَيَنْظُرُ فِي الْفُوقِ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً أَمَّا الرِّصَافُ فَبِكَسْرِ الرَّاءِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وهو مدخل النصل من السهم والنصل هو حديدة السهم والقدح عوده والقذذ بِضَمِّ الْقَافِ وَبِذَالَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ وَهُوَ رِيشُ السَّهْمِ والفوق والفوقة بِضَمِّ الْفَاءِ هُوَ الْحَزُّ الَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ الوتر والنضى بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وهو القدح كذا جَاءَ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ مُفَسَّرًا وَكَذَا قَالَهُ الْأَصْمَعِيُّ.

.
وَأَمَّا الْبَصِيرُ فَبِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ الشَّيْءُ مِنَ الدَّمِ أَيْ لَا يَرَى شَيْئًا مِنَ الدَّمِ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى إِصَابَةِ الرَّمِيَّةِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قَدْ خِبْتُ وَخَسِرْتُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ) قَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي فَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّهَا فِي هَذَا الْبَابِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(وَمِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ) الْبَضْعَةِ بِفَتْحِ الْبَاءِ لَا غَيْرَ وَهِيَ الْقِطْعَةُ من اللحم وتدردر مَعْنَاهُ تَضْطَرِبُ وَتَذْهَبُ وَتَجِيءُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ) ضَبَطُوهُ فِي الصَّحِيحِ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا حِينِ فرقه بحاء مهملة مكسورة ونون وفرقة بِضَمِّ الْفَاءِ أَيْ فِي وَقْتِ افْتِرَاقِ النَّاسِ أَيِ افْتِرَاقٍ يَقَعُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ الِافْتِرَاقُ الَّذِي كَانَ بَيْنَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما والثاني خير فرقة بخاء معجمة مفتوحة وراء وفرقة بكسر الفاء أي أفضل الْفِرْقَتَيْنِ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ وَأَكْثَرُ وَيُؤَيِّدُهُ الرِّوَايَةُ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ يَخْرُجُونَ فِي فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ فَإِنَّهُ بِضَمِّ الْفَاءِ بِلَا خِلَافٍ وَمَعْنَاهُ ظَاهِرٌ.

     وَقَالَ  الْقَاضِي عَلَى رِوَايَةِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الْمُرَادُ وَخَيْرُ الْقُرُونِ وَهُمُ الصَّدْرُ الْأَوَّلُ قَالَ أَوْ يَكُونُ الْمُرَادُ عَلِيًّا وَأَصْحَابَهُ فَعَلَيْهِ كَانَ خُرُوجُهُمْ حَقِيقَةً لِأَنَّهُ كَانَ الْإِمَامَ حِينَئِذٍ وَفِيهِ حُجَّةٌ لِأَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ مُصِيبًا فِي قتاله والآخرون بغاة لاسيما مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ وَعَلِيٌّ وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ قَتَلُوهُمْ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مُعْجِزَاتٌ ظَاهِرَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ أَخْبَرَ بِهَذَا وَجَرَى كُلُّهُ كَفَلَقِ الصُّبْحِ وَيَتَضَمَّنُ بَقَاءَ الْأُمَّةِ بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ لَهُمْ شَوْكَةً وَقُوَّةً خِلَافَ مَا كَانَ الْمُبْطِلُونَ يُشِيعُونَهُ وَأَنَّهُمْ يَفْتَرِقُونَ فِرْقَتَيْنِ وَأَنَّهُ يَخْرُجُ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مَارِقَةٌ وَأَنَّهُمْ يُشَدِّدُونَ فِي الدِّينِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التَّشْدِيدِ وَيُبَالِغُونَ فِي الصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ وَلَا يُقِيمُونَ بِحُقُوقِ الْإِسْلَامِ بَلْ يَمْرُقُونَ مِنْهُ وَأَنَّهُمْ يُقَاتِلُونَ أَهْلَ الْحَقِّوَأَنَّ أَهْلَ الْحَقِّ يَقْتُلُونَهُمْ وَأَنَّ فِيهِمْ رَجُلًا صِفَةُ يَدِهِ كَذَا وَكَذَا فَهَذِهِ أَنْوَاعٌ مِنَ المعجزات جرت كلها وَلِلَّهِ الْحَمْدُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (سِيمَاهُمُ التَّحَالُقُ) السِّيمَا الْعَلَامَةُ وَفِيهَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ الْقَصْرُ وَهُوَ الْأَفْصَحُ وَبِهِ جَاءَ الْقُرْآنُ وَالْمَدُّ وَالثَّالِثَةُ السِّيمِيَاءُ بِزِيَادَةِ يَاءٍ مَعَ الْمَدِّ لَا غَيْرَ وَالْمُرَادُ بالتحالق حلق الرؤوس وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى التَّحَلُّقُ وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى كَرَاهَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَامَةٌ لَهُمْ وَالْعَلَامَةُ قَدْ تَكُونُ بِحِرَامٍ وَقَدْ تَكُونُ بِمُبَاحٍ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِحِرَامٍ وَقَدْ ثَبَتَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم (رَأَى صَبِيًّا قَدْ حَلَقَ بَعْضَ رَأْسِهِ فَقَالَ احْلِقُوهُ كُلَّهُ أَوِ اتْرُكُوهُ كُلَّهُ) وَهَذَا صَرِيحٌ فِي إِبَاحَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ لَا يَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا قَالَ أَصْحَابُنَا حَلْقُ الرَّأْسِ جَائِزٌ بِكُلِّ حَالٍ لَكِنْ إِنْ شَقَّ عَلَيْهِ تَعَهُّدُهُ بِالدُّهْنِ وَالتَّسْرِيحِ اسْتُحِبَّ حَلْقُهُ وَإِنْ لَمْ يَشُقَّ اسْتُحِبَّ تَرْكُهُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ أَوْ مِنْ أَشَرِّ الْخَلْقِ) هَكَذَا هُوَ فِي كُلِّ النُّسَخِ أَوْ مِنْ أَشَرِّ بِالْأَلِفِ وَهِيَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَالْمَشْهُورُ شَرُّ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَفِي هَذَا اللَّفْظِ دَلَالَةٌ لِمَنْ قَالَ بِتَكْفِيرِهِمْ وَتَأَوَّلَهُ الْجُمْهُورُ أَيْ شَرُّ الْمُسْلِمِينَ وَنَحْوِ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ إِلَى الْحَقِّ) وَفِي رِوَايَةٍ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ وَفِي رِوَايَةٍ تَكُونُ أُمَّتِي فِرْقَتَيْنِ فَتَخْرُجُ مِنْ بَيْنِهِمَا مَارِقَةٌ تَلِي قَتْلَهُمْ أَوْلَاهُمَابِالْحَقِّ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ هُوَ الْمُصِيبَ الْمُحِقَّ وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى أَصْحَابُ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانُوا بُغَاةً مُتَأَوِّلِينَ وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الطَّائِفَتَيْنِ مُؤْمِنُونَ لَا يَخْرُجُونَ بِالْقِتَالِ عَنِ الْإِيمَانِ وَلَا يَفْسُقُونَ وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ مُوَافِقِينَا .

     قَوْلُهُ  (حَدَّثَنَا القاسم وهو بن الْفَضْلِ الْحُدَّانِيُّ) هُوَ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ بَعْدَ الْأَلِفِ نُونٌ .

     قَوْلُهُ  (عَنِوَأَمَّا الْجَبِينِ فَهُوَ جَانِبُ الْجَبْهَةِ وَلِكُلِّ إِنْسَانٍ جَبِينَانِ يَكْتَنِفَانِ الْجَبْهَةَ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ مِنْ ضئضىء هَذَا قَوْمًا) هُوَ بِضَادَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ مَكْسُورَتَيْنِ وَآخِرُهُ مَهْمُوزٌ وَهُوَ أَصْلُ الشَّيْءِ وَهَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا وَحَكَاهُ الْقَاضِي عَنِ الْجُمْهُورِ وَعَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ ضَبَطَهُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ جَمِيعًا وَهَذَا صَحِيحٌ فِي اللُّغَةِ قَالُوا وَلِأَصْلِ الشَّيْءِ أَسْمَاءٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا الضِّئْضِئُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ وَالنِّجَارُ بكسر النون والنحاس والسنخ بكسر السين واسكان النون وبخاء معجمة والعنصر والعنض والأرومة .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ) أَيْ قَتْلًا عَامًّا مُسْتَأْصِلًا كَمَا قَالَ تَعَالَى فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ باقية وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى قِتَالِهِمْ وَفَضِيلَةٌ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قِتَالِهِمْ .

     قَوْلُهُ  (فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ) أَيْ مَدْبُوغٍ بِالْقَرَظِ .

     قَوْلُهُ  (لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا) أَيْ لَمْ تُمَيَّزْ .

     قَوْلُهُ  فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ (وَالرَّابِعُ إِمَّا عَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ وَإِمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ) قَالَ الْعُلَمَاءُ ذِكْرُ عَامِرٍ هُنَا غَلَطٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ تُوُفِّيَ قَبْلَ هَذَا بِسِنِينَ وَالصَّوَابُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ عَلْقَمَةُ بْنُ علاثةكَمَا هُوَ مَجْزُومٌ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ) مَعْنَاهُ إِنِّي أُمِرْتُ بِالْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ وَاللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا قَالُوا ذَلِكَ فَقَدْ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ وَفِي الْحَدِيثِ هَلَّا شَقَقْتَ عَنْ قلبه قوله (وهو مقف) أي مولى قَدْ أَعْطَانَا قَفَاهُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى لَيِّنًا رَطْبًا) هَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ لَيِّنًا بِالنُّونِ أي سهلاوَفِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ لَيًّا بِحَذْفِ النُّونِ وَأَشَارَ الْقَاضِي إِلَى أَنَّهُ رِوَايَةُ أَكْثَرِ شُيُوخِهِمْ قَالَ وَمَعْنَاهُ سَهْلًا لِكَثْرَةِ حِفْظِهِمْ قَالَ وَقِيلَ لَيًّا أَيْ يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِهِ أَيْ يُحَرِّفُونَ مَعَانِيَهُ وَتَأْوِيلَهُ قَالَ وَقَدْ يَكُونُ مِنَ اللَّيِّ في الشهادة وهو الميل قاله بن قُتَيْبَةَ (.

     قَوْلُهُ  (فَسَأَلَاهُ عَنِ الْحَرُورِيَّةِ) هُمُ الْخَوَارِجُ سُمُّوا حَرُورِيَّةً لِأَنَّهُمْ نَزَلُوا حَرُورَاءَ وَتَعَاقَدُوا عِنْدَهَا عَلَى قِتَالِ أَهْلِ الْعَدْلِ وَحَرُورَاءَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَبِالْمَدِّ قَرْيَةٌ بِالْعِرَاقِ قَرِيبَةٌ مِنَ الْكُوفَةِ وَسُمُّوا خَوَارِجَ لِخُرُوجِهِمْ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ لِخُرُوجِهِمْ عَنْ طَرِيقِ الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا .

     قَوْلُهُ  (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول يَخْرُجُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَمْ يَقُلْ مِنْهَا) قَالَ الْمَازِرِيُّ هَذَا مِنْ أَدَلِّ الدَّلَائِلِ عَلَى سَعَةِ عِلْمِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَدَقِيقُ نَظَرِهِمْ وَتَحْرِيرُهُمُ الْأَلْفَاظَ وَفَرْقُهُمْ بَيْنَ مَدْلُولَاتِهَا الْخَفِيَّةِ لِأَنَّ لَفْظَةَ مِنْ تَقْتَضِي كَوْنَهُمْ مِنَ الْأُمَّةِ لَا كُفَّارًا بِخِلَافِ فِي وَمَعَ هَذَا فَقَدْ جَاءَ بَعْدَ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَخْرُجُ مِنْ أُمَّتِي قَوْمٌ وَفِي رواية أبي ذرانبَعْدِي مِنْ أُمَّتِي أَوْ سَيَكُونُ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي وَقَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي تَكْفِيرِهِمْ وَأَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ تَكْفِيرِهِمْ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَيَنْظُرُ الرَّامِي إِلَى نَصْلِهِ إِلَى رِصَافِهِ فَيَتَمَارَى فِي الْفُوقَةِ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى يَنْظُرُ إِلَى نَضِيِّهِ وَفِيهَا ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَى قُذَذِهِ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَيَنْظُرُ فِي النَّضِيِّ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً وَيَنْظُرُ فِي الْفُوقِ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً أَمَّا الرِّصَافُ فَبِكَسْرِ الرَّاءِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وهو مدخل النصل من السهم والنصل هو حديدة السهم والقدح عوده والقذذ بِضَمِّ الْقَافِ وَبِذَالَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ وَهُوَ رِيشُ السَّهْمِ والفوق والفوقة بِضَمِّ الْفَاءِ هُوَ الْحَزُّ الَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ الوتر والنضى بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وهو القدح كذا جَاءَ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ مُفَسَّرًا وَكَذَا قَالَهُ الْأَصْمَعِيُّ.

.
وَأَمَّا الْبَصِيرُ فَبِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ الشَّيْءُ مِنَ الدَّمِ أَيْ لَا يَرَى شَيْئًا مِنَ الدَّمِ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى إِصَابَةِ الرَّمِيَّةِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قَدْ خِبْتُ وَخَسِرْتُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ) قَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي فَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّهَا فِي هَذَا الْبَابِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(وَمِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ) الْبَضْعَةِ بِفَتْحِ الْبَاءِ لَا غَيْرَ وَهِيَ الْقِطْعَةُ من اللحم وتدردر مَعْنَاهُ تَضْطَرِبُ وَتَذْهَبُ وَتَجِيءُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ) ضَبَطُوهُ فِي الصَّحِيحِ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا حِينِ فرقه بحاء مهملة مكسورة ونون وفرقة بِضَمِّ الْفَاءِ أَيْ فِي وَقْتِ افْتِرَاقِ النَّاسِ أَيِ افْتِرَاقٍ يَقَعُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ الِافْتِرَاقُ الَّذِي كَانَ بَيْنَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما والثاني خير فرقة بخاء معجمة مفتوحة وراء وفرقة بكسر الفاء أي أفضل الْفِرْقَتَيْنِ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ وَأَكْثَرُ وَيُؤَيِّدُهُ الرِّوَايَةُ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ يَخْرُجُونَ فِي فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ فَإِنَّهُ بِضَمِّ الْفَاءِ بِلَا خِلَافٍ وَمَعْنَاهُ ظَاهِرٌ.

     وَقَالَ  الْقَاضِي عَلَى رِوَايَةِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الْمُرَادُ وَخَيْرُ الْقُرُونِ وَهُمُ الصَّدْرُ الْأَوَّلُ قَالَ أَوْ يَكُونُ الْمُرَادُ عَلِيًّا وَأَصْحَابَهُ فَعَلَيْهِ كَانَ خُرُوجُهُمْ حَقِيقَةً لِأَنَّهُ كَانَ الْإِمَامَ حِينَئِذٍ وَفِيهِ حُجَّةٌ لِأَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ مُصِيبًا فِي قتاله والآخرون بغاة لاسيما مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ وَعَلِيٌّ وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ قَتَلُوهُمْ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مُعْجِزَاتٌ ظَاهِرَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ أَخْبَرَ بِهَذَا وَجَرَى كُلُّهُ كَفَلَقِ الصُّبْحِ وَيَتَضَمَّنُ بَقَاءَ الْأُمَّةِ بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ لَهُمْ شَوْكَةً وَقُوَّةً خِلَافَ مَا كَانَ الْمُبْطِلُونَ يُشِيعُونَهُ وَأَنَّهُمْ يَفْتَرِقُونَ فِرْقَتَيْنِ وَأَنَّهُ يَخْرُجُ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مَارِقَةٌ وَأَنَّهُمْ يُشَدِّدُونَ فِي الدِّينِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التَّشْدِيدِ وَيُبَالِغُونَ فِي الصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ وَلَا يُقِيمُونَ بِحُقُوقِ الْإِسْلَامِ بَلْ يَمْرُقُونَ مِنْهُ وَأَنَّهُمْ يُقَاتِلُونَ أَهْلَ الْحَقِّوَأَنَّ أَهْلَ الْحَقِّ يَقْتُلُونَهُمْ وَأَنَّ فِيهِمْ رَجُلًا صِفَةُ يَدِهِ كَذَا وَكَذَا فَهَذِهِ أَنْوَاعٌ مِنَ المعجزات جرت كلها وَلِلَّهِ الْحَمْدُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (سِيمَاهُمُ التَّحَالُقُ) السِّيمَا الْعَلَامَةُ وَفِيهَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ الْقَصْرُ وَهُوَ الْأَفْصَحُ وَبِهِ جَاءَ الْقُرْآنُ وَالْمَدُّ وَالثَّالِثَةُ السِّيمِيَاءُ بِزِيَادَةِ يَاءٍ مَعَ الْمَدِّ لَا غَيْرَ وَالْمُرَادُ بالتحالق حلق الرؤوس وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى التَّحَلُّقُ وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى كَرَاهَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَامَةٌ لَهُمْ وَالْعَلَامَةُ قَدْ تَكُونُ بِحِرَامٍ وَقَدْ تَكُونُ بِمُبَاحٍ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِحِرَامٍ وَقَدْ ثَبَتَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم (رَأَى صَبِيًّا قَدْ حَلَقَ بَعْضَ رَأْسِهِ فَقَالَ احْلِقُوهُ كُلَّهُ أَوِ اتْرُكُوهُ كُلَّهُ) وَهَذَا صَرِيحٌ فِي إِبَاحَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ لَا يَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا قَالَ أَصْحَابُنَا حَلْقُ الرَّأْسِ جَائِزٌ بِكُلِّ حَالٍ لَكِنْ إِنْ شَقَّ عَلَيْهِ تَعَهُّدُهُ بِالدُّهْنِ وَالتَّسْرِيحِ اسْتُحِبَّ حَلْقُهُ وَإِنْ لَمْ يَشُقَّ اسْتُحِبَّ تَرْكُهُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ أَوْ مِنْ أَشَرِّ الْخَلْقِ) هَكَذَا هُوَ فِي كُلِّ النُّسَخِ أَوْ مِنْ أَشَرِّ بِالْأَلِفِ وَهِيَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَالْمَشْهُورُ شَرُّ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَفِي هَذَا اللَّفْظِ دَلَالَةٌ لِمَنْ قَالَ بِتَكْفِيرِهِمْ وَتَأَوَّلَهُ الْجُمْهُورُ أَيْ شَرُّ الْمُسْلِمِينَ وَنَحْوِ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ إِلَى الْحَقِّ) وَفِي رِوَايَةٍ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ وَفِي رِوَايَةٍ تَكُونُ أُمَّتِي فِرْقَتَيْنِ فَتَخْرُجُ مِنْ بَيْنِهِمَا مَارِقَةٌ تَلِي قَتْلَهُمْ أَوْلَاهُمَابِالْحَقِّ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ هُوَ الْمُصِيبَ الْمُحِقَّ وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى أَصْحَابُ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانُوا بُغَاةً مُتَأَوِّلِينَ وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الطَّائِفَتَيْنِ مُؤْمِنُونَ لَا يَخْرُجُونَ بِالْقِتَالِ عَنِ الْإِيمَانِ وَلَا يَفْسُقُونَ وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ مُوَافِقِينَا .

     قَوْلُهُ  (حَدَّثَنَا القاسم وهو بن الْفَضْلِ الْحُدَّانِيُّ) هُوَ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ بَعْدَ الْأَلِفِ نُونٌ .

     قَوْلُهُ  (عَنِوَأَمَّا الْجَبِينِ فَهُوَ جَانِبُ الْجَبْهَةِ وَلِكُلِّ إِنْسَانٍ جَبِينَانِ يَكْتَنِفَانِ الْجَبْهَةَ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ مِنْ ضئضىء هَذَا قَوْمًا) هُوَ بِضَادَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ مَكْسُورَتَيْنِ وَآخِرُهُ مَهْمُوزٌ وَهُوَ أَصْلُ الشَّيْءِ وَهَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا وَحَكَاهُ الْقَاضِي عَنِ الْجُمْهُورِ وَعَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ ضَبَطَهُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ جَمِيعًا وَهَذَا صَحِيحٌ فِي اللُّغَةِ قَالُوا وَلِأَصْلِ الشَّيْءِ أَسْمَاءٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا الضِّئْضِئُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ وَالنِّجَارُ بكسر النون والنحاس والسنخ بكسر السين واسكان النون وبخاء معجمة والعنصر والعنض والأرومة .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ) أَيْ قَتْلًا عَامًّا مُسْتَأْصِلًا كَمَا قَالَ تَعَالَى فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ باقية وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى قِتَالِهِمْ وَفَضِيلَةٌ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قِتَالِهِمْ .

     قَوْلُهُ  (فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ) أَيْ مَدْبُوغٍ بِالْقَرَظِ .

     قَوْلُهُ  (لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا) أَيْ لَمْ تُمَيَّزْ .

     قَوْلُهُ  فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ (وَالرَّابِعُ إِمَّا عَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ وَإِمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ) قَالَ الْعُلَمَاءُ ذِكْرُ عَامِرٍ هُنَا غَلَطٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ تُوُفِّيَ قَبْلَ هَذَا بِسِنِينَ وَالصَّوَابُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ عَلْقَمَةُ بْنُ علاثةكَمَا هُوَ مَجْزُومٌ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ) مَعْنَاهُ إِنِّي أُمِرْتُ بِالْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ وَاللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا قَالُوا ذَلِكَ فَقَدْ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ وَفِي الْحَدِيثِ هَلَّا شَقَقْتَ عَنْ قلبه قوله (وهو مقف) أي مولى قَدْ أَعْطَانَا قَفَاهُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى لَيِّنًا رَطْبًا) هَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ لَيِّنًا بِالنُّونِ أي سهلاوَفِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ لَيًّا بِحَذْفِ النُّونِ وَأَشَارَ الْقَاضِي إِلَى أَنَّهُ رِوَايَةُ أَكْثَرِ شُيُوخِهِمْ قَالَ وَمَعْنَاهُ سَهْلًا لِكَثْرَةِ حِفْظِهِمْ قَالَ وَقِيلَ لَيًّا أَيْ يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِهِ أَيْ يُحَرِّفُونَ مَعَانِيَهُ وَتَأْوِيلَهُ قَالَ وَقَدْ يَكُونُ مِنَ اللَّيِّ في الشهادة وهو الميل قاله بن قُتَيْبَةَ (.

     قَوْلُهُ  (فَسَأَلَاهُ عَنِ الْحَرُورِيَّةِ) هُمُ الْخَوَارِجُ سُمُّوا حَرُورِيَّةً لِأَنَّهُمْ نَزَلُوا حَرُورَاءَ وَتَعَاقَدُوا عِنْدَهَا عَلَى قِتَالِ أَهْلِ الْعَدْلِ وَحَرُورَاءَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَبِالْمَدِّ قَرْيَةٌ بِالْعِرَاقِ قَرِيبَةٌ مِنَ الْكُوفَةِ وَسُمُّوا خَوَارِجَ لِخُرُوجِهِمْ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ لِخُرُوجِهِمْ عَنْ طَرِيقِ الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا .

     قَوْلُهُ  (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول يَخْرُجُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَمْ يَقُلْ مِنْهَا) قَالَ الْمَازِرِيُّ هَذَا مِنْ أَدَلِّ الدَّلَائِلِ عَلَى سَعَةِ عِلْمِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَدَقِيقُ نَظَرِهِمْ وَتَحْرِيرُهُمُ الْأَلْفَاظَ وَفَرْقُهُمْ بَيْنَ مَدْلُولَاتِهَا الْخَفِيَّةِ لِأَنَّ لَفْظَةَ مِنْ تَقْتَضِي كَوْنَهُمْ مِنَ الْأُمَّةِ لَا كُفَّارًا بِخِلَافِ فِي وَمَعَ هَذَا فَقَدْ جَاءَ بَعْدَ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَخْرُجُ مِنْ أُمَّتِي قَوْمٌ وَفِي رواية أبي ذرانبَعْدِي مِنْ أُمَّتِي أَوْ سَيَكُونُ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي وَقَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي تَكْفِيرِهِمْ وَأَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ تَكْفِيرِهِمْ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَيَنْظُرُ الرَّامِي إِلَى نَصْلِهِ إِلَى رِصَافِهِ فَيَتَمَارَى فِي الْفُوقَةِ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى يَنْظُرُ إِلَى نَضِيِّهِ وَفِيهَا ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَى قُذَذِهِ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَيَنْظُرُ فِي النَّضِيِّ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً وَيَنْظُرُ فِي الْفُوقِ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً أَمَّا الرِّصَافُ فَبِكَسْرِ الرَّاءِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وهو مدخل النصل من السهم والنصل هو حديدة السهم والقدح عوده والقذذ بِضَمِّ الْقَافِ وَبِذَالَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ وَهُوَ رِيشُ السَّهْمِ والفوق والفوقة بِضَمِّ الْفَاءِ هُوَ الْحَزُّ الَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ الوتر والنضى بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وهو القدح كذا جَاءَ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ مُفَسَّرًا وَكَذَا قَالَهُ الْأَصْمَعِيُّ.

.
وَأَمَّا الْبَصِيرُ فَبِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ الشَّيْءُ مِنَ الدَّمِ أَيْ لَا يَرَى شَيْئًا مِنَ الدَّمِ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى إِصَابَةِ الرَّمِيَّةِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قَدْ خِبْتُ وَخَسِرْتُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ) قَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي فَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّهَا فِي هَذَا الْبَابِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(وَمِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ) الْبَضْعَةِ بِفَتْحِ الْبَاءِ لَا غَيْرَ وَهِيَ الْقِطْعَةُ من اللحم وتدردر مَعْنَاهُ تَضْطَرِبُ وَتَذْهَبُ وَتَجِيءُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ) ضَبَطُوهُ فِي الصَّحِيحِ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا حِينِ فرقه بحاء مهملة مكسورة ونون وفرقة بِضَمِّ الْفَاءِ أَيْ فِي وَقْتِ افْتِرَاقِ النَّاسِ أَيِ افْتِرَاقٍ يَقَعُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ الِافْتِرَاقُ الَّذِي كَانَ بَيْنَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما والثاني خير فرقة بخاء معجمة مفتوحة وراء وفرقة بكسر الفاء أي أفضل الْفِرْقَتَيْنِ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ وَأَكْثَرُ وَيُؤَيِّدُهُ الرِّوَايَةُ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ يَخْرُجُونَ فِي فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ فَإِنَّهُ بِضَمِّ الْفَاءِ بِلَا خِلَافٍ وَمَعْنَاهُ ظَاهِرٌ.

     وَقَالَ  الْقَاضِي عَلَى رِوَايَةِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الْمُرَادُ وَخَيْرُ الْقُرُونِ وَهُمُ الصَّدْرُ الْأَوَّلُ قَالَ أَوْ يَكُونُ الْمُرَادُ عَلِيًّا وَأَصْحَابَهُ فَعَلَيْهِ كَانَ خُرُوجُهُمْ حَقِيقَةً لِأَنَّهُ كَانَ الْإِمَامَ حِينَئِذٍ وَفِيهِ حُجَّةٌ لِأَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ مُصِيبًا فِي قتاله والآخرون بغاة لاسيما مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ وَعَلِيٌّ وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ قَتَلُوهُمْ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مُعْجِزَاتٌ ظَاهِرَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ أَخْبَرَ بِهَذَا وَجَرَى كُلُّهُ كَفَلَقِ الصُّبْحِ وَيَتَضَمَّنُ بَقَاءَ الْأُمَّةِ بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ لَهُمْ شَوْكَةً وَقُوَّةً خِلَافَ مَا كَانَ الْمُبْطِلُونَ يُشِيعُونَهُ وَأَنَّهُمْ يَفْتَرِقُونَ فِرْقَتَيْنِ وَأَنَّهُ يَخْرُجُ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مَارِقَةٌ وَأَنَّهُمْ يُشَدِّدُونَ فِي الدِّينِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التَّشْدِيدِ وَيُبَالِغُونَ فِي الصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ وَلَا يُقِيمُونَ بِحُقُوقِ الْإِسْلَامِ بَلْ يَمْرُقُونَ مِنْهُ وَأَنَّهُمْ يُقَاتِلُونَ أَهْلَ الْحَقِّوَأَنَّ أَهْلَ الْحَقِّ يَقْتُلُونَهُمْ وَأَنَّ فِيهِمْ رَجُلًا صِفَةُ يَدِهِ كَذَا وَكَذَا فَهَذِهِ أَنْوَاعٌ مِنَ المعجزات جرت كلها وَلِلَّهِ الْحَمْدُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (سِيمَاهُمُ التَّحَالُقُ) السِّيمَا الْعَلَامَةُ وَفِيهَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ الْقَصْرُ وَهُوَ الْأَفْصَحُ وَبِهِ جَاءَ الْقُرْآنُ وَالْمَدُّ وَالثَّالِثَةُ السِّيمِيَاءُ بِزِيَادَةِ يَاءٍ مَعَ الْمَدِّ لَا غَيْرَ وَالْمُرَادُ بالتحالق حلق الرؤوس وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى التَّحَلُّقُ وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى كَرَاهَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَامَةٌ لَهُمْ وَالْعَلَامَةُ قَدْ تَكُونُ بِحِرَامٍ وَقَدْ تَكُونُ بِمُبَاحٍ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِحِرَامٍ وَقَدْ ثَبَتَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم (رَأَى صَبِيًّا قَدْ حَلَقَ بَعْضَ رَأْسِهِ فَقَالَ احْلِقُوهُ كُلَّهُ أَوِ اتْرُكُوهُ كُلَّهُ) وَهَذَا صَرِيحٌ فِي إِبَاحَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ لَا يَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا قَالَ أَصْحَابُنَا حَلْقُ الرَّأْسِ جَائِزٌ بِكُلِّ حَالٍ لَكِنْ إِنْ شَقَّ عَلَيْهِ تَعَهُّدُهُ بِالدُّهْنِ وَالتَّسْرِيحِ اسْتُحِبَّ حَلْقُهُ وَإِنْ لَمْ يَشُقَّ اسْتُحِبَّ تَرْكُهُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ أَوْ مِنْ أَشَرِّ الْخَلْقِ) هَكَذَا هُوَ فِي كُلِّ النُّسَخِ أَوْ مِنْ أَشَرِّ بِالْأَلِفِ وَهِيَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَالْمَشْهُورُ شَرُّ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَفِي هَذَا اللَّفْظِ دَلَالَةٌ لِمَنْ قَالَ بِتَكْفِيرِهِمْ وَتَأَوَّلَهُ الْجُمْهُورُ أَيْ شَرُّ الْمُسْلِمِينَ وَنَحْوِ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ إِلَى الْحَقِّ) وَفِي رِوَايَةٍ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ وَفِي رِوَايَةٍ تَكُونُ أُمَّتِي فِرْقَتَيْنِ فَتَخْرُجُ مِنْ بَيْنِهِمَا مَارِقَةٌ تَلِي قَتْلَهُمْ أَوْلَاهُمَابِالْحَقِّ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ هُوَ الْمُصِيبَ الْمُحِقَّ وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى أَصْحَابُ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانُوا بُغَاةً مُتَأَوِّلِينَ وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الطَّائِفَتَيْنِ مُؤْمِنُونَ لَا يَخْرُجُونَ بِالْقِتَالِ عَنِ الْإِيمَانِ وَلَا يَفْسُقُونَ وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ مُوَافِقِينَا .

     قَوْلُهُ  (حَدَّثَنَا القاسم وهو بن الْفَضْلِ الْحُدَّانِيُّ) هُوَ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ بَعْدَ الْأَلِفِ نُونٌ .

     قَوْلُهُ  (عَنِوَأَمَّا الْجَبِينِ فَهُوَ جَانِبُ الْجَبْهَةِ وَلِكُلِّ إِنْسَانٍ جَبِينَانِ يَكْتَنِفَانِ الْجَبْهَةَ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ مِنْ ضئضىء هَذَا قَوْمًا) هُوَ بِضَادَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ مَكْسُورَتَيْنِ وَآخِرُهُ مَهْمُوزٌ وَهُوَ أَصْلُ الشَّيْءِ وَهَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا وَحَكَاهُ الْقَاضِي عَنِ الْجُمْهُورِ وَعَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ ضَبَطَهُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ جَمِيعًا وَهَذَا صَحِيحٌ فِي اللُّغَةِ قَالُوا وَلِأَصْلِ الشَّيْءِ أَسْمَاءٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا الضِّئْضِئُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ وَالنِّجَارُ بكسر النون والنحاس والسنخ بكسر السين واسكان النون وبخاء معجمة والعنصر والعنض والأرومة .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ) أَيْ قَتْلًا عَامًّا مُسْتَأْصِلًا كَمَا قَالَ تَعَالَى فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ باقية وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى قِتَالِهِمْ وَفَضِيلَةٌ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قِتَالِهِمْ .

     قَوْلُهُ  (فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ) أَيْ مَدْبُوغٍ بِالْقَرَظِ .

     قَوْلُهُ  (لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا) أَيْ لَمْ تُمَيَّزْ .

     قَوْلُهُ  فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ (وَالرَّابِعُ إِمَّا عَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ وَإِمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ) قَالَ الْعُلَمَاءُ ذِكْرُ عَامِرٍ هُنَا غَلَطٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ تُوُفِّيَ قَبْلَ هَذَا بِسِنِينَ وَالصَّوَابُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ عَلْقَمَةُ بْنُ علاثةكَمَا هُوَ مَجْزُومٌ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ) مَعْنَاهُ إِنِّي أُمِرْتُ بِالْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ وَاللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا قَالُوا ذَلِكَ فَقَدْ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ وَفِي الْحَدِيثِ هَلَّا شَقَقْتَ عَنْ قلبه قوله (وهو مقف) أي مولى قَدْ أَعْطَانَا قَفَاهُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى لَيِّنًا رَطْبًا) هَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ لَيِّنًا بِالنُّونِ أي سهلاوَفِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ لَيًّا بِحَذْفِ النُّونِ وَأَشَارَ الْقَاضِي إِلَى أَنَّهُ رِوَايَةُ أَكْثَرِ شُيُوخِهِمْ قَالَ وَمَعْنَاهُ سَهْلًا لِكَثْرَةِ حِفْظِهِمْ قَالَ وَقِيلَ لَيًّا أَيْ يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِهِ أَيْ يُحَرِّفُونَ مَعَانِيَهُ وَتَأْوِيلَهُ قَالَ وَقَدْ يَكُونُ مِنَ اللَّيِّ في الشهادة وهو الميل قاله بن قُتَيْبَةَ (.

     قَوْلُهُ  (فَسَأَلَاهُ عَنِ الْحَرُورِيَّةِ) هُمُ الْخَوَارِجُ سُمُّوا حَرُورِيَّةً لِأَنَّهُمْ نَزَلُوا حَرُورَاءَ وَتَعَاقَدُوا عِنْدَهَا عَلَى قِتَالِ أَهْلِ الْعَدْلِ وَحَرُورَاءَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَبِالْمَدِّ قَرْيَةٌ بِالْعِرَاقِ قَرِيبَةٌ مِنَ الْكُوفَةِ وَسُمُّوا خَوَارِجَ لِخُرُوجِهِمْ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ لِخُرُوجِهِمْ عَنْ طَرِيقِ الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا .

     قَوْلُهُ  (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول يَخْرُجُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَمْ يَقُلْ مِنْهَا) قَالَ الْمَازِرِيُّ هَذَا مِنْ أَدَلِّ الدَّلَائِلِ عَلَى سَعَةِ عِلْمِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَدَقِيقُ نَظَرِهِمْ وَتَحْرِيرُهُمُ الْأَلْفَاظَ وَفَرْقُهُمْ بَيْنَ مَدْلُولَاتِهَا الْخَفِيَّةِ لِأَنَّ لَفْظَةَ مِنْ تَقْتَضِي كَوْنَهُمْ مِنَ الْأُمَّةِ لَا كُفَّارًا بِخِلَافِ فِي وَمَعَ هَذَا فَقَدْ جَاءَ بَعْدَ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَخْرُجُ مِنْ أُمَّتِي قَوْمٌ وَفِي رواية أبي ذرانبَعْدِي مِنْ أُمَّتِي أَوْ سَيَكُونُ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي وَقَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي تَكْفِيرِهِمْ وَأَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ تَكْفِيرِهِمْ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَيَنْظُرُ الرَّامِي إِلَى نَصْلِهِ إِلَى رِصَافِهِ فَيَتَمَارَى فِي الْفُوقَةِ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى يَنْظُرُ إِلَى نَضِيِّهِ وَفِيهَا ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَى قُذَذِهِ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَيَنْظُرُ فِي النَّضِيِّ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً وَيَنْظُرُ فِي الْفُوقِ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً أَمَّا الرِّصَافُ فَبِكَسْرِ الرَّاءِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وهو مدخل النصل من السهم والنصل هو حديدة السهم والقدح عوده والقذذ بِضَمِّ الْقَافِ وَبِذَالَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ وَهُوَ رِيشُ السَّهْمِ والفوق والفوقة بِضَمِّ الْفَاءِ هُوَ الْحَزُّ الَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ الوتر والنضى بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وهو القدح كذا جَاءَ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ مُفَسَّرًا وَكَذَا قَالَهُ الْأَصْمَعِيُّ.

.
وَأَمَّا الْبَصِيرُ فَبِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ الشَّيْءُ مِنَ الدَّمِ أَيْ لَا يَرَى شَيْئًا مِنَ الدَّمِ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى إِصَابَةِ الرَّمِيَّةِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قَدْ خِبْتُ وَخَسِرْتُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ) قَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي فَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّهَا فِي هَذَا الْبَابِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(وَمِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ) الْبَضْعَةِ بِفَتْحِ الْبَاءِ لَا غَيْرَ وَهِيَ الْقِطْعَةُ من اللحم وتدردر مَعْنَاهُ تَضْطَرِبُ وَتَذْهَبُ وَتَجِيءُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ) ضَبَطُوهُ فِي الصَّحِيحِ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا حِينِ فرقه بحاء مهملة مكسورة ونون وفرقة بِضَمِّ الْفَاءِ أَيْ فِي وَقْتِ افْتِرَاقِ النَّاسِ أَيِ افْتِرَاقٍ يَقَعُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ الِافْتِرَاقُ الَّذِي كَانَ بَيْنَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما والثاني خير فرقة بخاء معجمة مفتوحة وراء وفرقة بكسر الفاء أي أفضل الْفِرْقَتَيْنِ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ وَأَكْثَرُ وَيُؤَيِّدُهُ الرِّوَايَةُ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ يَخْرُجُونَ فِي فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ فَإِنَّهُ بِضَمِّ الْفَاءِ بِلَا خِلَافٍ وَمَعْنَاهُ ظَاهِرٌ.

     وَقَالَ  الْقَاضِي عَلَى رِوَايَةِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الْمُرَادُ وَخَيْرُ الْقُرُونِ وَهُمُ الصَّدْرُ الْأَوَّلُ قَالَ أَوْ يَكُونُ الْمُرَادُ عَلِيًّا وَأَصْحَابَهُ فَعَلَيْهِ كَانَ خُرُوجُهُمْ حَقِيقَةً لِأَنَّهُ كَانَ الْإِمَامَ حِينَئِذٍ وَفِيهِ حُجَّةٌ لِأَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ مُصِيبًا فِي قتاله والآخرون بغاة لاسيما مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ وَعَلِيٌّ وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ قَتَلُوهُمْ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مُعْجِزَاتٌ ظَاهِرَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ أَخْبَرَ بِهَذَا وَجَرَى كُلُّهُ كَفَلَقِ الصُّبْحِ وَيَتَضَمَّنُ بَقَاءَ الْأُمَّةِ بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ لَهُمْ شَوْكَةً وَقُوَّةً خِلَافَ مَا كَانَ الْمُبْطِلُونَ يُشِيعُونَهُ وَأَنَّهُمْ يَفْتَرِقُونَ فِرْقَتَيْنِ وَأَنَّهُ يَخْرُجُ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مَارِقَةٌ وَأَنَّهُمْ يُشَدِّدُونَ فِي الدِّينِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التَّشْدِيدِ وَيُبَالِغُونَ فِي الصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ وَلَا يُقِيمُونَ بِحُقُوقِ الْإِسْلَامِ بَلْ يَمْرُقُونَ مِنْهُ وَأَنَّهُمْ يُقَاتِلُونَ أَهْلَ الْحَقِّوَأَنَّ أَهْلَ الْحَقِّ يَقْتُلُونَهُمْ وَأَنَّ فِيهِمْ رَجُلًا صِفَةُ يَدِهِ كَذَا وَكَذَا فَهَذِهِ أَنْوَاعٌ مِنَ المعجزات جرت كلها وَلِلَّهِ الْحَمْدُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (سِيمَاهُمُ التَّحَالُقُ) السِّيمَا الْعَلَامَةُ وَفِيهَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ الْقَصْرُ وَهُوَ الْأَفْصَحُ وَبِهِ جَاءَ الْقُرْآنُ وَالْمَدُّ وَالثَّالِثَةُ السِّيمِيَاءُ بِزِيَادَةِ يَاءٍ مَعَ الْمَدِّ لَا غَيْرَ وَالْمُرَادُ بالتحالق حلق الرؤوس وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى التَّحَلُّقُ وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى كَرَاهَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَامَةٌ لَهُمْ وَالْعَلَامَةُ قَدْ تَكُونُ بِحِرَامٍ وَقَدْ تَكُونُ بِمُبَاحٍ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِحِرَامٍ وَقَدْ ثَبَتَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم (رَأَى صَبِيًّا قَدْ حَلَقَ بَعْضَ رَأْسِهِ فَقَالَ احْلِقُوهُ كُلَّهُ أَوِ اتْرُكُوهُ كُلَّهُ) وَهَذَا صَرِيحٌ فِي إِبَاحَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ لَا يَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا قَالَ أَصْحَابُنَا حَلْقُ الرَّأْسِ جَائِزٌ بِكُلِّ حَالٍ لَكِنْ إِنْ شَقَّ عَلَيْهِ تَعَهُّدُهُ بِالدُّهْنِ وَالتَّسْرِيحِ اسْتُحِبَّ حَلْقُهُ وَإِنْ لَمْ يَشُقَّ اسْتُحِبَّ تَرْكُهُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ أَوْ مِنْ أَشَرِّ الْخَلْقِ) هَكَذَا هُوَ فِي كُلِّ النُّسَخِ أَوْ مِنْ أَشَرِّ بِالْأَلِفِ وَهِيَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَالْمَشْهُورُ شَرُّ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَفِي هَذَا اللَّفْظِ دَلَالَةٌ لِمَنْ قَالَ بِتَكْفِيرِهِمْ وَتَأَوَّلَهُ الْجُمْهُورُ أَيْ شَرُّ الْمُسْلِمِينَ وَنَحْوِ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ إِلَى الْحَقِّ) وَفِي رِوَايَةٍ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ وَفِي رِوَايَةٍ تَكُونُ أُمَّتِي فِرْقَتَيْنِ فَتَخْرُجُ مِنْ بَيْنِهِمَا مَارِقَةٌ تَلِي قَتْلَهُمْ أَوْلَاهُمَابِالْحَقِّ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ هُوَ الْمُصِيبَ الْمُحِقَّ وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى أَصْحَابُ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانُوا بُغَاةً مُتَأَوِّلِينَ وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الطَّائِفَتَيْنِ مُؤْمِنُونَ لَا يَخْرُجُونَ بِالْقِتَالِ عَنِ الْإِيمَانِ وَلَا يَفْسُقُونَ وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ مُوَافِقِينَا .

     قَوْلُهُ  (حَدَّثَنَا القاسم وهو بن الْفَضْلِ الْحُدَّانِيُّ) هُوَ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ بَعْدَ الْأَلِفِ نُونٌ .

     قَوْلُهُ  (عَنِوَأَمَّا الْجَبِينِ فَهُوَ جَانِبُ الْجَبْهَةِ وَلِكُلِّ إِنْسَانٍ جَبِينَانِ يَكْتَنِفَانِ الْجَبْهَةَ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ مِنْ ضئضىء هَذَا قَوْمًا) هُوَ بِضَادَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ مَكْسُورَتَيْنِ وَآخِرُهُ مَهْمُوزٌ وَهُوَ أَصْلُ الشَّيْءِ وَهَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا وَحَكَاهُ الْقَاضِي عَنِ الْجُمْهُورِ وَعَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ ضَبَطَهُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ جَمِيعًا وَهَذَا صَحِيحٌ فِي اللُّغَةِ قَالُوا وَلِأَصْلِ الشَّيْءِ أَسْمَاءٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا الضِّئْضِئُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ وَالنِّجَارُ بكسر النون والنحاس والسنخ بكسر السين واسكان النون وبخاء معجمة والعنصر والعنض والأرومة .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ) أَيْ قَتْلًا عَامًّا مُسْتَأْصِلًا كَمَا قَالَ تَعَالَى فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ باقية وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى قِتَالِهِمْ وَفَضِيلَةٌ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قِتَالِهِمْ .

     قَوْلُهُ  (فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ) أَيْ مَدْبُوغٍ بِالْقَرَظِ .

     قَوْلُهُ  (لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا) أَيْ لَمْ تُمَيَّزْ .

     قَوْلُهُ  فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ (وَالرَّابِعُ إِمَّا عَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ وَإِمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ) قَالَ الْعُلَمَاءُ ذِكْرُ عَامِرٍ هُنَا غَلَطٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ تُوُفِّيَ قَبْلَ هَذَا بِسِنِينَ وَالصَّوَابُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ عَلْقَمَةُ بْنُ علاثةكَمَا هُوَ مَجْزُومٌ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ) مَعْنَاهُ إِنِّي أُمِرْتُ بِالْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ وَاللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا قَالُوا ذَلِكَ فَقَدْ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ وَفِي الْحَدِيثِ هَلَّا شَقَقْتَ عَنْ قلبه قوله (وهو مقف) أي مولى قَدْ أَعْطَانَا قَفَاهُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى لَيِّنًا رَطْبًا) هَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ لَيِّنًا بِالنُّونِ أي سهلاوَفِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ لَيًّا بِحَذْفِ النُّونِ وَأَشَارَ الْقَاضِي إِلَى أَنَّهُ رِوَايَةُ أَكْثَرِ شُيُوخِهِمْ قَالَ وَمَعْنَاهُ سَهْلًا لِكَثْرَةِ حِفْظِهِمْ قَالَ وَقِيلَ لَيًّا أَيْ يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِهِ أَيْ يُحَرِّفُونَ مَعَانِيَهُ وَتَأْوِيلَهُ قَالَ وَقَدْ يَكُونُ مِنَ اللَّيِّ في الشهادة وهو الميل قاله بن قُتَيْبَةَ (.

     قَوْلُهُ  (فَسَأَلَاهُ عَنِ الْحَرُورِيَّةِ) هُمُ الْخَوَارِجُ سُمُّوا حَرُورِيَّةً لِأَنَّهُمْ نَزَلُوا حَرُورَاءَ وَتَعَاقَدُوا عِنْدَهَا عَلَى قِتَالِ أَهْلِ الْعَدْلِ وَحَرُورَاءَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَبِالْمَدِّ قَرْيَةٌ بِالْعِرَاقِ قَرِيبَةٌ مِنَ الْكُوفَةِ وَسُمُّوا خَوَارِجَ لِخُرُوجِهِمْ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ لِخُرُوجِهِمْ عَنْ طَرِيقِ الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا .

     قَوْلُهُ  (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول يَخْرُجُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَمْ يَقُلْ مِنْهَا) قَالَ الْمَازِرِيُّ هَذَا مِنْ أَدَلِّ الدَّلَائِلِ عَلَى سَعَةِ عِلْمِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَدَقِيقُ نَظَرِهِمْ وَتَحْرِيرُهُمُ الْأَلْفَاظَ وَفَرْقُهُمْ بَيْنَ مَدْلُولَاتِهَا الْخَفِيَّةِ لِأَنَّ لَفْظَةَ مِنْ تَقْتَضِي كَوْنَهُمْ مِنَ الْأُمَّةِ لَا كُفَّارًا بِخِلَافِ فِي وَمَعَ هَذَا فَقَدْ جَاءَ بَعْدَ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَخْرُجُ مِنْ أُمَّتِي قَوْمٌ وَفِي رواية أبي ذرانبَعْدِي مِنْ أُمَّتِي أَوْ سَيَكُونُ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي وَقَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي تَكْفِيرِهِمْ وَأَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ تَكْفِيرِهِمْ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَيَنْظُرُ الرَّامِي إِلَى نَصْلِهِ إِلَى رِصَافِهِ فَيَتَمَارَى فِي الْفُوقَةِ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى يَنْظُرُ إِلَى نَضِيِّهِ وَفِيهَا ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَى قُذَذِهِ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَيَنْظُرُ فِي النَّضِيِّ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً وَيَنْظُرُ فِي الْفُوقِ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً أَمَّا الرِّصَافُ فَبِكَسْرِ الرَّاءِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وهو مدخل النصل من السهم والنصل هو حديدة السهم والقدح عوده والقذذ بِضَمِّ الْقَافِ وَبِذَالَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ وَهُوَ رِيشُ السَّهْمِ والفوق والفوقة بِضَمِّ الْفَاءِ هُوَ الْحَزُّ الَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ الوتر والنضى بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وهو القدح كذا جَاءَ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ مُفَسَّرًا وَكَذَا قَالَهُ الْأَصْمَعِيُّ.

.
وَأَمَّا الْبَصِيرُ فَبِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ الشَّيْءُ مِنَ الدَّمِ أَيْ لَا يَرَى شَيْئًا مِنَ الدَّمِ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى إِصَابَةِ الرَّمِيَّةِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قَدْ خِبْتُ وَخَسِرْتُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ) قَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي فَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّهَا فِي هَذَا الْبَابِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(وَمِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ) الْبَضْعَةِ بِفَتْحِ الْبَاءِ لَا غَيْرَ وَهِيَ الْقِطْعَةُ من اللحم وتدردر مَعْنَاهُ تَضْطَرِبُ وَتَذْهَبُ وَتَجِيءُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ) ضَبَطُوهُ فِي الصَّحِيحِ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا حِينِ فرقه بحاء مهملة مكسورة ونون وفرقة بِضَمِّ الْفَاءِ أَيْ فِي وَقْتِ افْتِرَاقِ النَّاسِ أَيِ افْتِرَاقٍ يَقَعُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ الِافْتِرَاقُ الَّذِي كَانَ بَيْنَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما والثاني خير فرقة بخاء معجمة مفتوحة وراء وفرقة بكسر الفاء أي أفضل الْفِرْقَتَيْنِ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ وَأَكْثَرُ وَيُؤَيِّدُهُ الرِّوَايَةُ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ يَخْرُجُونَ فِي فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ فَإِنَّهُ بِضَمِّ الْفَاءِ بِلَا خِلَافٍ وَمَعْنَاهُ ظَاهِرٌ.

     وَقَالَ  الْقَاضِي عَلَى رِوَايَةِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الْمُرَادُ وَخَيْرُ الْقُرُونِ وَهُمُ الصَّدْرُ الْأَوَّلُ قَالَ أَوْ يَكُونُ الْمُرَادُ عَلِيًّا وَأَصْحَابَهُ فَعَلَيْهِ كَانَ خُرُوجُهُمْ حَقِيقَةً لِأَنَّهُ كَانَ الْإِمَامَ حِينَئِذٍ وَفِيهِ حُجَّةٌ لِأَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ مُصِيبًا فِي قتاله والآخرون بغاة لاسيما مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ وَعَلِيٌّ وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ قَتَلُوهُمْ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مُعْجِزَاتٌ ظَاهِرَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ أَخْبَرَ بِهَذَا وَجَرَى كُلُّهُ كَفَلَقِ الصُّبْحِ وَيَتَضَمَّنُ بَقَاءَ الْأُمَّةِ بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ لَهُمْ شَوْكَةً وَقُوَّةً خِلَافَ مَا كَانَ الْمُبْطِلُونَ يُشِيعُونَهُ وَأَنَّهُمْ يَفْتَرِقُونَ فِرْقَتَيْنِ وَأَنَّهُ يَخْرُجُ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مَارِقَةٌ وَأَنَّهُمْ يُشَدِّدُونَ فِي الدِّينِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التَّشْدِيدِ وَيُبَالِغُونَ فِي الصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ وَلَا يُقِيمُونَ بِحُقُوقِ الْإِسْلَامِ بَلْ يَمْرُقُونَ مِنْهُ وَأَنَّهُمْ يُقَاتِلُونَ أَهْلَ الْحَقِّوَأَنَّ أَهْلَ الْحَقِّ يَقْتُلُونَهُمْ وَأَنَّ فِيهِمْ رَجُلًا صِفَةُ يَدِهِ كَذَا وَكَذَا فَهَذِهِ أَنْوَاعٌ مِنَ المعجزات جرت كلها وَلِلَّهِ الْحَمْدُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (سِيمَاهُمُ التَّحَالُقُ) السِّيمَا الْعَلَامَةُ وَفِيهَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ الْقَصْرُ وَهُوَ الْأَفْصَحُ وَبِهِ جَاءَ الْقُرْآنُ وَالْمَدُّ وَالثَّالِثَةُ السِّيمِيَاءُ بِزِيَادَةِ يَاءٍ مَعَ الْمَدِّ لَا غَيْرَ وَالْمُرَادُ بالتحالق حلق الرؤوس وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى التَّحَلُّقُ وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى كَرَاهَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَامَةٌ لَهُمْ وَالْعَلَامَةُ قَدْ تَكُونُ بِحِرَامٍ وَقَدْ تَكُونُ بِمُبَاحٍ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِحِرَامٍ وَقَدْ ثَبَتَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم (رَأَى صَبِيًّا قَدْ حَلَقَ بَعْضَ رَأْسِهِ فَقَالَ احْلِقُوهُ كُلَّهُ أَوِ اتْرُكُوهُ كُلَّهُ) وَهَذَا صَرِيحٌ فِي إِبَاحَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ لَا يَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا قَالَ أَصْحَابُنَا حَلْقُ الرَّأْسِ جَائِزٌ بِكُلِّ حَالٍ لَكِنْ إِنْ شَقَّ عَلَيْهِ تَعَهُّدُهُ بِالدُّهْنِ وَالتَّسْرِيحِ اسْتُحِبَّ حَلْقُهُ وَإِنْ لَمْ يَشُقَّ اسْتُحِبَّ تَرْكُهُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ أَوْ مِنْ أَشَرِّ الْخَلْقِ) هَكَذَا هُوَ فِي كُلِّ النُّسَخِ أَوْ مِنْ أَشَرِّ بِالْأَلِفِ وَهِيَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَالْمَشْهُورُ شَرُّ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَفِي هَذَا اللَّفْظِ دَلَالَةٌ لِمَنْ قَالَ بِتَكْفِيرِهِمْ وَتَأَوَّلَهُ الْجُمْهُورُ أَيْ شَرُّ الْمُسْلِمِينَ وَنَحْوِ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ إِلَى الْحَقِّ) وَفِي رِوَايَةٍ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ وَفِي رِوَايَةٍ تَكُونُ أُمَّتِي فِرْقَتَيْنِ فَتَخْرُجُ مِنْ بَيْنِهِمَا مَارِقَةٌ تَلِي قَتْلَهُمْ أَوْلَاهُمَابِالْحَقِّ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ هُوَ الْمُصِيبَ الْمُحِقَّ وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى أَصْحَابُ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانُوا بُغَاةً مُتَأَوِّلِينَ وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الطَّائِفَتَيْنِ مُؤْمِنُونَ لَا يَخْرُجُونَ بِالْقِتَالِ عَنِ الْإِيمَانِ وَلَا يَفْسُقُونَ وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ مُوَافِقِينَا .

     قَوْلُهُ  (حَدَّثَنَا القاسم وهو بن الْفَضْلِ الْحُدَّانِيُّ) هُوَ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ بَعْدَ الْأَلِفِ نُونٌ .

     قَوْلُهُ  (عَنِوَأَمَّا الْجَبِينِ فَهُوَ جَانِبُ الْجَبْهَةِ وَلِكُلِّ إِنْسَانٍ جَبِينَانِ يَكْتَنِفَانِ الْجَبْهَةَ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ مِنْ ضئضىء هَذَا قَوْمًا) هُوَ بِضَادَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ مَكْسُورَتَيْنِ وَآخِرُهُ مَهْمُوزٌ وَهُوَ أَصْلُ الشَّيْءِ وَهَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا وَحَكَاهُ الْقَاضِي عَنِ الْجُمْهُورِ وَعَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ ضَبَطَهُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ جَمِيعًا وَهَذَا صَحِيحٌ فِي اللُّغَةِ قَالُوا وَلِأَصْلِ الشَّيْءِ أَسْمَاءٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا الضِّئْضِئُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ وَالنِّجَارُ بكسر النون والنحاس والسنخ بكسر السين واسكان النون وبخاء معجمة والعنصر والعنض والأرومة .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ) أَيْ قَتْلًا عَامًّا مُسْتَأْصِلًا كَمَا قَالَ تَعَالَى فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ باقية وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى قِتَالِهِمْ وَفَضِيلَةٌ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قِتَالِهِمْ .

     قَوْلُهُ  (فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ) أَيْ مَدْبُوغٍ بِالْقَرَظِ .

     قَوْلُهُ  (لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا) أَيْ لَمْ تُمَيَّزْ .

     قَوْلُهُ  فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ (وَالرَّابِعُ إِمَّا عَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ وَإِمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ) قَالَ الْعُلَمَاءُ ذِكْرُ عَامِرٍ هُنَا غَلَطٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ تُوُفِّيَ قَبْلَ هَذَا بِسِنِينَ وَالصَّوَابُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ عَلْقَمَةُ بْنُ علاثةكَمَا هُوَ مَجْزُومٌ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ) مَعْنَاهُ إِنِّي أُمِرْتُ بِالْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ وَاللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا قَالُوا ذَلِكَ فَقَدْ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ وَفِي الْحَدِيثِ هَلَّا شَقَقْتَ عَنْ قلبه قوله (وهو مقف) أي مولى قَدْ أَعْطَانَا قَفَاهُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى لَيِّنًا رَطْبًا) هَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ لَيِّنًا بِالنُّونِ أي سهلاوَفِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ لَيًّا بِحَذْفِ النُّونِ وَأَشَارَ الْقَاضِي إِلَى أَنَّهُ رِوَايَةُ أَكْثَرِ شُيُوخِهِمْ قَالَ وَمَعْنَاهُ سَهْلًا لِكَثْرَةِ حِفْظِهِمْ قَالَ وَقِيلَ لَيًّا أَيْ يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِهِ أَيْ يُحَرِّفُونَ مَعَانِيَهُ وَتَأْوِيلَهُ قَالَ وَقَدْ يَكُونُ مِنَ اللَّيِّ في الشهادة وهو الميل قاله بن قُتَيْبَةَ (.

     قَوْلُهُ  (فَسَأَلَاهُ عَنِ الْحَرُورِيَّةِ) هُمُ الْخَوَارِجُ سُمُّوا حَرُورِيَّةً لِأَنَّهُمْ نَزَلُوا حَرُورَاءَ وَتَعَاقَدُوا عِنْدَهَا عَلَى قِتَالِ أَهْلِ الْعَدْلِ وَحَرُورَاءَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَبِالْمَدِّ قَرْيَةٌ بِالْعِرَاقِ قَرِيبَةٌ مِنَ الْكُوفَةِ وَسُمُّوا خَوَارِجَ لِخُرُوجِهِمْ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ لِخُرُوجِهِمْ عَنْ طَرِيقِ الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا .

     قَوْلُهُ  (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول يَخْرُجُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَمْ يَقُلْ مِنْهَا) قَالَ الْمَازِرِيُّ هَذَا مِنْ أَدَلِّ الدَّلَائِلِ عَلَى سَعَةِ عِلْمِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَدَقِيقُ نَظَرِهِمْ وَتَحْرِيرُهُمُ الْأَلْفَاظَ وَفَرْقُهُمْ بَيْنَ مَدْلُولَاتِهَا الْخَفِيَّةِ لِأَنَّ لَفْظَةَ مِنْ تَقْتَضِي كَوْنَهُمْ مِنَ الْأُمَّةِ لَا كُفَّارًا بِخِلَافِ فِي وَمَعَ هَذَا فَقَدْ جَاءَ بَعْدَ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَخْرُجُ مِنْ أُمَّتِي قَوْمٌ وَفِي رواية أبي ذرانبَعْدِي مِنْ أُمَّتِي أَوْ سَيَكُونُ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي وَقَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي تَكْفِيرِهِمْ وَأَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ تَكْفِيرِهِمْ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَيَنْظُرُ الرَّامِي إِلَى نَصْلِهِ إِلَى رِصَافِهِ فَيَتَمَارَى فِي الْفُوقَةِ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى يَنْظُرُ إِلَى نَضِيِّهِ وَفِيهَا ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَى قُذَذِهِ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَيَنْظُرُ فِي النَّضِيِّ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً وَيَنْظُرُ فِي الْفُوقِ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً أَمَّا الرِّصَافُ فَبِكَسْرِ الرَّاءِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وهو مدخل النصل من السهم والنصل هو حديدة السهم والقدح عوده والقذذ بِضَمِّ الْقَافِ وَبِذَالَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ وَهُوَ رِيشُ السَّهْمِ والفوق والفوقة بِضَمِّ الْفَاءِ هُوَ الْحَزُّ الَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ الوتر والنضى بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وهو القدح كذا جَاءَ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ مُفَسَّرًا وَكَذَا قَالَهُ الْأَصْمَعِيُّ.

.
وَأَمَّا الْبَصِيرُ فَبِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ الشَّيْءُ مِنَ الدَّمِ أَيْ لَا يَرَى شَيْئًا مِنَ الدَّمِ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى إِصَابَةِ الرَّمِيَّةِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قَدْ خِبْتُ وَخَسِرْتُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ) قَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي فَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّهَا فِي هَذَا الْبَابِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(وَمِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ) الْبَضْعَةِ بِفَتْحِ الْبَاءِ لَا غَيْرَ وَهِيَ الْقِطْعَةُ من اللحم وتدردر مَعْنَاهُ تَضْطَرِبُ وَتَذْهَبُ وَتَجِيءُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ) ضَبَطُوهُ فِي الصَّحِيحِ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا حِينِ فرقه بحاء مهملة مكسورة ونون وفرقة بِضَمِّ الْفَاءِ أَيْ فِي وَقْتِ افْتِرَاقِ النَّاسِ أَيِ افْتِرَاقٍ يَقَعُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ الِافْتِرَاقُ الَّذِي كَانَ بَيْنَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما والثاني خير فرقة بخاء معجمة مفتوحة وراء وفرقة بكسر الفاء أي أفضل الْفِرْقَتَيْنِ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ وَأَكْثَرُ وَيُؤَيِّدُهُ الرِّوَايَةُ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ يَخْرُجُونَ فِي فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ فَإِنَّهُ بِضَمِّ الْفَاءِ بِلَا خِلَافٍ وَمَعْنَاهُ ظَاهِرٌ.

     وَقَالَ  الْقَاضِي عَلَى رِوَايَةِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الْمُرَادُ وَخَيْرُ الْقُرُونِ وَهُمُ الصَّدْرُ الْأَوَّلُ قَالَ أَوْ يَكُونُ الْمُرَادُ عَلِيًّا وَأَصْحَابَهُ فَعَلَيْهِ كَانَ خُرُوجُهُمْ حَقِيقَةً لِأَنَّهُ كَانَ الْإِمَامَ حِينَئِذٍ وَفِيهِ حُجَّةٌ لِأَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ مُصِيبًا فِي قتاله والآخرون بغاة لاسيما مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ وَعَلِيٌّ وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ قَتَلُوهُمْ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مُعْجِزَاتٌ ظَاهِرَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ أَخْبَرَ بِهَذَا وَجَرَى كُلُّهُ كَفَلَقِ الصُّبْحِ وَيَتَضَمَّنُ بَقَاءَ الْأُمَّةِ بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ لَهُمْ شَوْكَةً وَقُوَّةً خِلَافَ مَا كَانَ الْمُبْطِلُونَ يُشِيعُونَهُ وَأَنَّهُمْ يَفْتَرِقُونَ فِرْقَتَيْنِ وَأَنَّهُ يَخْرُجُ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مَارِقَةٌ وَأَنَّهُمْ يُشَدِّدُونَ فِي الدِّينِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التَّشْدِيدِ وَيُبَالِغُونَ فِي الصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ وَلَا يُقِيمُونَ بِحُقُوقِ الْإِسْلَامِ بَلْ يَمْرُقُونَ مِنْهُ وَأَنَّهُمْ يُقَاتِلُونَ أَهْلَ الْحَقِّوَأَنَّ أَهْلَ الْحَقِّ يَقْتُلُونَهُمْ وَأَنَّ فِيهِمْ رَجُلًا صِفَةُ يَدِهِ كَذَا وَكَذَا فَهَذِهِ أَنْوَاعٌ مِنَ المعجزات جرت كلها وَلِلَّهِ الْحَمْدُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (سِيمَاهُمُ التَّحَالُقُ) السِّيمَا الْعَلَامَةُ وَفِيهَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ الْقَصْرُ وَهُوَ الْأَفْصَحُ وَبِهِ جَاءَ الْقُرْآنُ وَالْمَدُّ وَالثَّالِثَةُ السِّيمِيَاءُ بِزِيَادَةِ يَاءٍ مَعَ الْمَدِّ لَا غَيْرَ وَالْمُرَادُ بالتحالق حلق الرؤوس وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى التَّحَلُّقُ وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى كَرَاهَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَامَةٌ لَهُمْ وَالْعَلَامَةُ قَدْ تَكُونُ بِحِرَامٍ وَقَدْ تَكُونُ بِمُبَاحٍ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِحِرَامٍ وَقَدْ ثَبَتَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم (رَأَى صَبِيًّا قَدْ حَلَقَ بَعْضَ رَأْسِهِ فَقَالَ احْلِقُوهُ كُلَّهُ أَوِ اتْرُكُوهُ كُلَّهُ) وَهَذَا صَرِيحٌ فِي إِبَاحَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ لَا يَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا قَالَ أَصْحَابُنَا حَلْقُ الرَّأْسِ جَائِزٌ بِكُلِّ حَالٍ لَكِنْ إِنْ شَقَّ عَلَيْهِ تَعَهُّدُهُ بِالدُّهْنِ وَالتَّسْرِيحِ اسْتُحِبَّ حَلْقُهُ وَإِنْ لَمْ يَشُقَّ اسْتُحِبَّ تَرْكُهُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ أَوْ مِنْ أَشَرِّ الْخَلْقِ) هَكَذَا هُوَ فِي كُلِّ النُّسَخِ أَوْ مِنْ أَشَرِّ بِالْأَلِفِ وَهِيَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَالْمَشْهُورُ شَرُّ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَفِي هَذَا اللَّفْظِ دَلَالَةٌ لِمَنْ قَالَ بِتَكْفِيرِهِمْ وَتَأَوَّلَهُ الْجُمْهُورُ أَيْ شَرُّ الْمُسْلِمِينَ وَنَحْوِ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ إِلَى الْحَقِّ) وَفِي رِوَايَةٍ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ وَفِي رِوَايَةٍ تَكُونُ أُمَّتِي فِرْقَتَيْنِ فَتَخْرُجُ مِنْ بَيْنِهِمَا مَارِقَةٌ تَلِي قَتْلَهُمْ أَوْلَاهُمَابِالْحَقِّ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ هُوَ الْمُصِيبَ الْمُحِقَّ وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى أَصْحَابُ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانُوا بُغَاةً مُتَأَوِّلِينَ وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الطَّائِفَتَيْنِ مُؤْمِنُونَ لَا يَخْرُجُونَ بِالْقِتَالِ عَنِ الْإِيمَانِ وَلَا يَفْسُقُونَ وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ مُوَافِقِينَا .

     قَوْلُهُ  (حَدَّثَنَا القاسم وهو بن الْفَضْلِ الْحُدَّانِيُّ) هُوَ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ بَعْدَ الْأَلِفِ نُونٌ .

     قَوْلُهُ  (عَنِوَأَمَّا الْجَبِينِ فَهُوَ جَانِبُ الْجَبْهَةِ وَلِكُلِّ إِنْسَانٍ جَبِينَانِ يَكْتَنِفَانِ الْجَبْهَةَ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ مِنْ ضئضىء هَذَا قَوْمًا) هُوَ بِضَادَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ مَكْسُورَتَيْنِ وَآخِرُهُ مَهْمُوزٌ وَهُوَ أَصْلُ الشَّيْءِ وَهَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا وَحَكَاهُ الْقَاضِي عَنِ الْجُمْهُورِ وَعَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ ضَبَطَهُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ جَمِيعًا وَهَذَا صَحِيحٌ فِي اللُّغَةِ قَالُوا وَلِأَصْلِ الشَّيْءِ أَسْمَاءٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا الضِّئْضِئُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ وَالنِّجَارُ بكسر النون والنحاس والسنخ بكسر السين واسكان النون وبخاء معجمة والعنصر والعنض والأرومة .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ) أَيْ قَتْلًا عَامًّا مُسْتَأْصِلًا كَمَا قَالَ تَعَالَى فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ باقية وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى قِتَالِهِمْ وَفَضِيلَةٌ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قِتَالِهِمْ .

     قَوْلُهُ  (فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ) أَيْ مَدْبُوغٍ بِالْقَرَظِ .

     قَوْلُهُ  (لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا) أَيْ لَمْ تُمَيَّزْ .

     قَوْلُهُ  فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ (وَالرَّابِعُ إِمَّا عَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ وَإِمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ) قَالَ الْعُلَمَاءُ ذِكْرُ عَامِرٍ هُنَا غَلَطٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ تُوُفِّيَ قَبْلَ هَذَا بِسِنِينَ وَالصَّوَابُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ عَلْقَمَةُ بْنُ علاثةكَمَا هُوَ مَجْزُومٌ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ) مَعْنَاهُ إِنِّي أُمِرْتُ بِالْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ وَاللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا قَالُوا ذَلِكَ فَقَدْ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ وَفِي الْحَدِيثِ هَلَّا شَقَقْتَ عَنْ قلبه قوله (وهو مقف) أي مولى قَدْ أَعْطَانَا قَفَاهُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى لَيِّنًا رَطْبًا) هَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ لَيِّنًا بِالنُّونِ أي سهلاوَفِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ لَيًّا بِحَذْفِ النُّونِ وَأَشَارَ الْقَاضِي إِلَى أَنَّهُ رِوَايَةُ أَكْثَرِ شُيُوخِهِمْ قَالَ وَمَعْنَاهُ سَهْلًا لِكَثْرَةِ حِفْظِهِمْ قَالَ وَقِيلَ لَيًّا أَيْ يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِهِ أَيْ يُحَرِّفُونَ مَعَانِيَهُ وَتَأْوِيلَهُ قَالَ وَقَدْ يَكُونُ مِنَ اللَّيِّ في الشهادة وهو الميل قاله بن قُتَيْبَةَ (.

     قَوْلُهُ  (فَسَأَلَاهُ عَنِ الْحَرُورِيَّةِ) هُمُ الْخَوَارِجُ سُمُّوا حَرُورِيَّةً لِأَنَّهُمْ نَزَلُوا حَرُورَاءَ وَتَعَاقَدُوا عِنْدَهَا عَلَى قِتَالِ أَهْلِ الْعَدْلِ وَحَرُورَاءَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَبِالْمَدِّ قَرْيَةٌ بِالْعِرَاقِ قَرِيبَةٌ مِنَ الْكُوفَةِ وَسُمُّوا خَوَارِجَ لِخُرُوجِهِمْ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ لِخُرُوجِهِمْ عَنْ طَرِيقِ الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا .

     قَوْلُهُ  (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول يَخْرُجُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَمْ يَقُلْ مِنْهَا) قَالَ الْمَازِرِيُّ هَذَا مِنْ أَدَلِّ الدَّلَائِلِ عَلَى سَعَةِ عِلْمِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَدَقِيقُ نَظَرِهِمْ وَتَحْرِيرُهُمُ الْأَلْفَاظَ وَفَرْقُهُمْ بَيْنَ مَدْلُولَاتِهَا الْخَفِيَّةِ لِأَنَّ لَفْظَةَ مِنْ تَقْتَضِي كَوْنَهُمْ مِنَ الْأُمَّةِ لَا كُفَّارًا بِخِلَافِ فِي وَمَعَ هَذَا فَقَدْ جَاءَ بَعْدَ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَخْرُجُ مِنْ أُمَّتِي قَوْمٌ وَفِي رواية أبي ذرانبَعْدِي مِنْ أُمَّتِي أَوْ سَيَكُونُ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي وَقَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي تَكْفِيرِهِمْ وَأَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ تَكْفِيرِهِمْ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَيَنْظُرُ الرَّامِي إِلَى نَصْلِهِ إِلَى رِصَافِهِ فَيَتَمَارَى فِي الْفُوقَةِ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى يَنْظُرُ إِلَى نَضِيِّهِ وَفِيهَا ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَى قُذَذِهِ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَيَنْظُرُ فِي النَّضِيِّ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً وَيَنْظُرُ فِي الْفُوقِ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً أَمَّا الرِّصَافُ فَبِكَسْرِ الرَّاءِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وهو مدخل النصل من السهم والنصل هو حديدة السهم والقدح عوده والقذذ بِضَمِّ الْقَافِ وَبِذَالَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ وَهُوَ رِيشُ السَّهْمِ والفوق والفوقة بِضَمِّ الْفَاءِ هُوَ الْحَزُّ الَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ الوتر والنضى بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وهو القدح كذا جَاءَ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ مُفَسَّرًا وَكَذَا قَالَهُ الْأَصْمَعِيُّ.

.
وَأَمَّا الْبَصِيرُ فَبِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ الشَّيْءُ مِنَ الدَّمِ أَيْ لَا يَرَى شَيْئًا مِنَ الدَّمِ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى إِصَابَةِ الرَّمِيَّةِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قَدْ خِبْتُ وَخَسِرْتُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ) قَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي فَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّهَا فِي هَذَا الْبَابِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(وَمِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ) الْبَضْعَةِ بِفَتْحِ الْبَاءِ لَا غَيْرَ وَهِيَ الْقِطْعَةُ من اللحم وتدردر مَعْنَاهُ تَضْطَرِبُ وَتَذْهَبُ وَتَجِيءُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ) ضَبَطُوهُ فِي الصَّحِيحِ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا حِينِ فرقه بحاء مهملة مكسورة ونون وفرقة بِضَمِّ الْفَاءِ أَيْ فِي وَقْتِ افْتِرَاقِ النَّاسِ أَيِ افْتِرَاقٍ يَقَعُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ الِافْتِرَاقُ الَّذِي كَانَ بَيْنَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما والثاني خير فرقة بخاء معجمة مفتوحة وراء وفرقة بكسر الفاء أي أفضل الْفِرْقَتَيْنِ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ وَأَكْثَرُ وَيُؤَيِّدُهُ الرِّوَايَةُ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ يَخْرُجُونَ فِي فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ فَإِنَّهُ بِضَمِّ الْفَاءِ بِلَا خِلَافٍ وَمَعْنَاهُ ظَاهِرٌ.

     وَقَالَ  الْقَاضِي عَلَى رِوَايَةِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الْمُرَادُ وَخَيْرُ الْقُرُونِ وَهُمُ الصَّدْرُ الْأَوَّلُ قَالَ أَوْ يَكُونُ الْمُرَادُ عَلِيًّا وَأَصْحَابَهُ فَعَلَيْهِ كَانَ خُرُوجُهُمْ حَقِيقَةً لِأَنَّهُ كَانَ الْإِمَامَ حِينَئِذٍ وَفِيهِ حُجَّةٌ لِأَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ مُصِيبًا فِي قتاله والآخرون بغاة لاسيما مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ وَعَلِيٌّ وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ قَتَلُوهُمْ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مُعْجِزَاتٌ ظَاهِرَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ أَخْبَرَ بِهَذَا وَجَرَى كُلُّهُ كَفَلَقِ الصُّبْحِ وَيَتَضَمَّنُ بَقَاءَ الْأُمَّةِ بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ لَهُمْ شَوْكَةً وَقُوَّةً خِلَافَ مَا كَانَ الْمُبْطِلُونَ يُشِيعُونَهُ وَأَنَّهُمْ يَفْتَرِقُونَ فِرْقَتَيْنِ وَأَنَّهُ يَخْرُجُ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مَارِقَةٌ وَأَنَّهُمْ يُشَدِّدُونَ فِي الدِّينِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التَّشْدِيدِ وَيُبَالِغُونَ فِي الصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ وَلَا يُقِيمُونَ بِحُقُوقِ الْإِسْلَامِ بَلْ يَمْرُقُونَ مِنْهُ وَأَنَّهُمْ يُقَاتِلُونَ أَهْلَ الْحَقِّوَأَنَّ أَهْلَ الْحَقِّ يَقْتُلُونَهُمْ وَأَنَّ فِيهِمْ رَجُلًا صِفَةُ يَدِهِ كَذَا وَكَذَا فَهَذِهِ أَنْوَاعٌ مِنَ المعجزات جرت كلها وَلِلَّهِ الْحَمْدُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (سِيمَاهُمُ التَّحَالُقُ) السِّيمَا الْعَلَامَةُ وَفِيهَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ الْقَصْرُ وَهُوَ الْأَفْصَحُ وَبِهِ جَاءَ الْقُرْآنُ وَالْمَدُّ وَالثَّالِثَةُ السِّيمِيَاءُ بِزِيَادَةِ يَاءٍ مَعَ الْمَدِّ لَا غَيْرَ وَالْمُرَادُ بالتحالق حلق الرؤوس وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى التَّحَلُّقُ وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى كَرَاهَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَامَةٌ لَهُمْ وَالْعَلَامَةُ قَدْ تَكُونُ بِحِرَامٍ وَقَدْ تَكُونُ بِمُبَاحٍ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِحِرَامٍ وَقَدْ ثَبَتَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم (رَأَى صَبِيًّا قَدْ حَلَقَ بَعْضَ رَأْسِهِ فَقَالَ احْلِقُوهُ كُلَّهُ أَوِ اتْرُكُوهُ كُلَّهُ) وَهَذَا صَرِيحٌ فِي إِبَاحَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ لَا يَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا قَالَ أَصْحَابُنَا حَلْقُ الرَّأْسِ جَائِزٌ بِكُلِّ حَالٍ لَكِنْ إِنْ شَقَّ عَلَيْهِ تَعَهُّدُهُ بِالدُّهْنِ وَالتَّسْرِيحِ اسْتُحِبَّ حَلْقُهُ وَإِنْ لَمْ يَشُقَّ اسْتُحِبَّ تَرْكُهُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ أَوْ مِنْ أَشَرِّ الْخَلْقِ) هَكَذَا هُوَ فِي كُلِّ النُّسَخِ أَوْ مِنْ أَشَرِّ بِالْأَلِفِ وَهِيَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَالْمَشْهُورُ شَرُّ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَفِي هَذَا اللَّفْظِ دَلَالَةٌ لِمَنْ قَالَ بِتَكْفِيرِهِمْ وَتَأَوَّلَهُ الْجُمْهُورُ أَيْ شَرُّ الْمُسْلِمِينَ وَنَحْوِ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ إِلَى الْحَقِّ) وَفِي رِوَايَةٍ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ وَفِي رِوَايَةٍ تَكُونُ أُمَّتِي فِرْقَتَيْنِ فَتَخْرُجُ مِنْ بَيْنِهِمَا مَارِقَةٌ تَلِي قَتْلَهُمْ أَوْلَاهُمَابِالْحَقِّ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ هُوَ الْمُصِيبَ الْمُحِقَّ وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى أَصْحَابُ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانُوا بُغَاةً مُتَأَوِّلِينَ وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الطَّائِفَتَيْنِ مُؤْمِنُونَ لَا يَخْرُجُونَ بِالْقِتَالِ عَنِ الْإِيمَانِ وَلَا يَفْسُقُونَ وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ مُوَافِقِينَا .

     قَوْلُهُ  (حَدَّثَنَا القاسم وهو بن الْفَضْلِ الْحُدَّانِيُّ) هُوَ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ بَعْدَ الْأَلِفِ نُونٌ .

     قَوْلُهُ  (عَنِوَأَمَّا الْجَبِينِ فَهُوَ جَانِبُ الْجَبْهَةِ وَلِكُلِّ إِنْسَانٍ جَبِينَانِ يَكْتَنِفَانِ الْجَبْهَةَ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ مِنْ ضئضىء هَذَا قَوْمًا) هُوَ بِضَادَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ مَكْسُورَتَيْنِ وَآخِرُهُ مَهْمُوزٌ وَهُوَ أَصْلُ الشَّيْءِ وَهَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا وَحَكَاهُ الْقَاضِي عَنِ الْجُمْهُورِ وَعَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ ضَبَطَهُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ جَمِيعًا وَهَذَا صَحِيحٌ فِي اللُّغَةِ قَالُوا وَلِأَصْلِ الشَّيْءِ أَسْمَاءٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا الضِّئْضِئُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ وَالنِّجَارُ بكسر النون والنحاس والسنخ بكسر السين واسكان النون وبخاء معجمة والعنصر والعنض والأرومة .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ) أَيْ قَتْلًا عَامًّا مُسْتَأْصِلًا كَمَا قَالَ تَعَالَى فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ باقية وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى قِتَالِهِمْ وَفَضِيلَةٌ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قِتَالِهِمْ .

     قَوْلُهُ  (فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ) أَيْ مَدْبُوغٍ بِالْقَرَظِ .

     قَوْلُهُ  (لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا) أَيْ لَمْ تُمَيَّزْ .

     قَوْلُهُ  فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ (وَالرَّابِعُ إِمَّا عَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ وَإِمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ) قَالَ الْعُلَمَاءُ ذِكْرُ عَامِرٍ هُنَا غَلَطٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ تُوُفِّيَ قَبْلَ هَذَا بِسِنِينَ وَالصَّوَابُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ عَلْقَمَةُ بْنُ علاثةكَمَا هُوَ مَجْزُومٌ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ) مَعْنَاهُ إِنِّي أُمِرْتُ بِالْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ وَاللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا قَالُوا ذَلِكَ فَقَدْ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ وَفِي الْحَدِيثِ هَلَّا شَقَقْتَ عَنْ قلبه قوله (وهو مقف) أي مولى قَدْ أَعْطَانَا قَفَاهُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى لَيِّنًا رَطْبًا) هَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ لَيِّنًا بِالنُّونِ أي سهلاوَفِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ لَيًّا بِحَذْفِ النُّونِ وَأَشَارَ الْقَاضِي إِلَى أَنَّهُ رِوَايَةُ أَكْثَرِ شُيُوخِهِمْ قَالَ وَمَعْنَاهُ سَهْلًا لِكَثْرَةِ حِفْظِهِمْ قَالَ وَقِيلَ لَيًّا أَيْ يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِهِ أَيْ يُحَرِّفُونَ مَعَانِيَهُ وَتَأْوِيلَهُ قَالَ وَقَدْ يَكُونُ مِنَ اللَّيِّ في الشهادة وهو الميل قاله بن قُتَيْبَةَ (.

     قَوْلُهُ  (فَسَأَلَاهُ عَنِ الْحَرُورِيَّةِ) هُمُ الْخَوَارِجُ سُمُّوا حَرُورِيَّةً لِأَنَّهُمْ نَزَلُوا حَرُورَاءَ وَتَعَاقَدُوا عِنْدَهَا عَلَى قِتَالِ أَهْلِ الْعَدْلِ وَحَرُورَاءَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَبِالْمَدِّ قَرْيَةٌ بِالْعِرَاقِ قَرِيبَةٌ مِنَ الْكُوفَةِ وَسُمُّوا خَوَارِجَ لِخُرُوجِهِمْ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ لِخُرُوجِهِمْ عَنْ طَرِيقِ الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا .

     قَوْلُهُ  (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول يَخْرُجُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَمْ يَقُلْ مِنْهَا) قَالَ الْمَازِرِيُّ هَذَا مِنْ أَدَلِّ الدَّلَائِلِ عَلَى سَعَةِ عِلْمِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَدَقِيقُ نَظَرِهِمْ وَتَحْرِيرُهُمُ الْأَلْفَاظَ وَفَرْقُهُمْ بَيْنَ مَدْلُولَاتِهَا الْخَفِيَّةِ لِأَنَّ لَفْظَةَ مِنْ تَقْتَضِي كَوْنَهُمْ مِنَ الْأُمَّةِ لَا كُفَّارًا بِخِلَافِ فِي وَمَعَ هَذَا فَقَدْ جَاءَ بَعْدَ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَخْرُجُ مِنْ أُمَّتِي قَوْمٌ وَفِي رواية أبي ذرانبَعْدِي مِنْ أُمَّتِي أَوْ سَيَكُونُ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي وَقَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي تَكْفِيرِهِمْ وَأَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ تَكْفِيرِهِمْ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَيَنْظُرُ الرَّامِي إِلَى نَصْلِهِ إِلَى رِصَافِهِ فَيَتَمَارَى فِي الْفُوقَةِ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى يَنْظُرُ إِلَى نَضِيِّهِ وَفِيهَا ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَى قُذَذِهِ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَيَنْظُرُ فِي النَّضِيِّ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً وَيَنْظُرُ فِي الْفُوقِ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً أَمَّا الرِّصَافُ فَبِكَسْرِ الرَّاءِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وهو مدخل النصل من السهم والنصل هو حديدة السهم والقدح عوده والقذذ بِضَمِّ الْقَافِ وَبِذَالَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ وَهُوَ رِيشُ السَّهْمِ والفوق والفوقة بِضَمِّ الْفَاءِ هُوَ الْحَزُّ الَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ الوتر والنضى بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وهو القدح كذا جَاءَ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ مُفَسَّرًا وَكَذَا قَالَهُ الْأَصْمَعِيُّ.

.
وَأَمَّا الْبَصِيرُ فَبِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ الشَّيْءُ مِنَ الدَّمِ أَيْ لَا يَرَى شَيْئًا مِنَ الدَّمِ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى إِصَابَةِ الرَّمِيَّةِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قَدْ خِبْتُ وَخَسِرْتُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ) قَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي فَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّهَا فِي هَذَا الْبَابِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(وَمِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ) الْبَضْعَةِ بِفَتْحِ الْبَاءِ لَا غَيْرَ وَهِيَ الْقِطْعَةُ من اللحم وتدردر مَعْنَاهُ تَضْطَرِبُ وَتَذْهَبُ وَتَجِيءُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ) ضَبَطُوهُ فِي الصَّحِيحِ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا حِينِ فرقه بحاء مهملة مكسورة ونون وفرقة بِضَمِّ الْفَاءِ أَيْ فِي وَقْتِ افْتِرَاقِ النَّاسِ أَيِ افْتِرَاقٍ يَقَعُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ الِافْتِرَاقُ الَّذِي كَانَ بَيْنَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما والثاني خير فرقة بخاء معجمة مفتوحة وراء وفرقة بكسر الفاء أي أفضل الْفِرْقَتَيْنِ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ وَأَكْثَرُ وَيُؤَيِّدُهُ الرِّوَايَةُ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ يَخْرُجُونَ فِي فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ فَإِنَّهُ بِضَمِّ الْفَاءِ بِلَا خِلَافٍ وَمَعْنَاهُ ظَاهِرٌ.

     وَقَالَ  الْقَاضِي عَلَى رِوَايَةِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الْمُرَادُ وَخَيْرُ الْقُرُونِ وَهُمُ الصَّدْرُ الْأَوَّلُ قَالَ أَوْ يَكُونُ الْمُرَادُ عَلِيًّا وَأَصْحَابَهُ فَعَلَيْهِ كَانَ خُرُوجُهُمْ حَقِيقَةً لِأَنَّهُ كَانَ الْإِمَامَ حِينَئِذٍ وَفِيهِ حُجَّةٌ لِأَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ مُصِيبًا فِي قتاله والآخرون بغاة لاسيما مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ وَعَلِيٌّ وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ قَتَلُوهُمْ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مُعْجِزَاتٌ ظَاهِرَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ أَخْبَرَ بِهَذَا وَجَرَى كُلُّهُ كَفَلَقِ الصُّبْحِ وَيَتَضَمَّنُ بَقَاءَ الْأُمَّةِ بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ لَهُمْ شَوْكَةً وَقُوَّةً خِلَافَ مَا كَانَ الْمُبْطِلُونَ يُشِيعُونَهُ وَأَنَّهُمْ يَفْتَرِقُونَ فِرْقَتَيْنِ وَأَنَّهُ يَخْرُجُ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مَارِقَةٌ وَأَنَّهُمْ يُشَدِّدُونَ فِي الدِّينِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التَّشْدِيدِ وَيُبَالِغُونَ فِي الصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ وَلَا يُقِيمُونَ بِحُقُوقِ الْإِسْلَامِ بَلْ يَمْرُقُونَ مِنْهُ وَأَنَّهُمْ يُقَاتِلُونَ أَهْلَ الْحَقِّوَأَنَّ أَهْلَ الْحَقِّ يَقْتُلُونَهُمْ وَأَنَّ فِيهِمْ رَجُلًا صِفَةُ يَدِهِ كَذَا وَكَذَا فَهَذِهِ أَنْوَاعٌ مِنَ المعجزات جرت كلها وَلِلَّهِ الْحَمْدُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (سِيمَاهُمُ التَّحَالُقُ) السِّيمَا الْعَلَامَةُ وَفِيهَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ الْقَصْرُ وَهُوَ الْأَفْصَحُ وَبِهِ جَاءَ الْقُرْآنُ وَالْمَدُّ وَالثَّالِثَةُ السِّيمِيَاءُ بِزِيَادَةِ يَاءٍ مَعَ الْمَدِّ لَا غَيْرَ وَالْمُرَادُ بالتحالق حلق الرؤوس وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى التَّحَلُّقُ وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى كَرَاهَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَامَةٌ لَهُمْ وَالْعَلَامَةُ قَدْ تَكُونُ بِحِرَامٍ وَقَدْ تَكُونُ بِمُبَاحٍ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِحِرَامٍ وَقَدْ ثَبَتَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم (رَأَى صَبِيًّا قَدْ حَلَقَ بَعْضَ رَأْسِهِ فَقَالَ احْلِقُوهُ كُلَّهُ أَوِ اتْرُكُوهُ كُلَّهُ) وَهَذَا صَرِيحٌ فِي إِبَاحَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ لَا يَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا قَالَ أَصْحَابُنَا حَلْقُ الرَّأْسِ جَائِزٌ بِكُلِّ حَالٍ لَكِنْ إِنْ شَقَّ عَلَيْهِ تَعَهُّدُهُ بِالدُّهْنِ وَالتَّسْرِيحِ اسْتُحِبَّ حَلْقُهُ وَإِنْ لَمْ يَشُقَّ اسْتُحِبَّ تَرْكُهُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ أَوْ مِنْ أَشَرِّ الْخَلْقِ) هَكَذَا هُوَ فِي كُلِّ النُّسَخِ أَوْ مِنْ أَشَرِّ بِالْأَلِفِ وَهِيَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَالْمَشْهُورُ شَرُّ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَفِي هَذَا اللَّفْظِ دَلَالَةٌ لِمَنْ قَالَ بِتَكْفِيرِهِمْ وَتَأَوَّلَهُ الْجُمْهُورُ أَيْ شَرُّ الْمُسْلِمِينَ وَنَحْوِ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ إِلَى الْحَقِّ) وَفِي رِوَايَةٍ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ وَفِي رِوَايَةٍ تَكُونُ أُمَّتِي فِرْقَتَيْنِ فَتَخْرُجُ مِنْ بَيْنِهِمَا مَارِقَةٌ تَلِي قَتْلَهُمْ أَوْلَاهُمَابِالْحَقِّ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ هُوَ الْمُصِيبَ الْمُحِقَّ وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى أَصْحَابُ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانُوا بُغَاةً مُتَأَوِّلِينَ وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الطَّائِفَتَيْنِ مُؤْمِنُونَ لَا يَخْرُجُونَ بِالْقِتَالِ عَنِ الْإِيمَانِ وَلَا يَفْسُقُونَ وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ مُوَافِقِينَا .

     قَوْلُهُ  (حَدَّثَنَا القاسم وهو بن الْفَضْلِ الْحُدَّانِيُّ) هُوَ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ بَعْدَ الْأَلِفِ نُونٌ .

     قَوْلُهُ  (عَنِوَأَمَّا الْجَبِينِ فَهُوَ جَانِبُ الْجَبْهَةِ وَلِكُلِّ إِنْسَانٍ جَبِينَانِ يَكْتَنِفَانِ الْجَبْهَةَ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ مِنْ ضئضىء هَذَا قَوْمًا) هُوَ بِضَادَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ مَكْسُورَتَيْنِ وَآخِرُهُ مَهْمُوزٌ وَهُوَ أَصْلُ الشَّيْءِ وَهَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا وَحَكَاهُ الْقَاضِي عَنِ الْجُمْهُورِ وَعَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ ضَبَطَهُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ جَمِيعًا وَهَذَا صَحِيحٌ فِي اللُّغَةِ قَالُوا وَلِأَصْلِ الشَّيْءِ أَسْمَاءٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا الضِّئْضِئُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ وَالنِّجَارُ بكسر النون والنحاس والسنخ بكسر السين واسكان النون وبخاء معجمة والعنصر والعنض والأرومة .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ) أَيْ قَتْلًا عَامًّا مُسْتَأْصِلًا كَمَا قَالَ تَعَالَى فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ باقية وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى قِتَالِهِمْ وَفَضِيلَةٌ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قِتَالِهِمْ .

     قَوْلُهُ  (فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ) أَيْ مَدْبُوغٍ بِالْقَرَظِ .

     قَوْلُهُ  (لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا) أَيْ لَمْ تُمَيَّزْ .

     قَوْلُهُ  فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ (وَالرَّابِعُ إِمَّا عَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ وَإِمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ) قَالَ الْعُلَمَاءُ ذِكْرُ عَامِرٍ هُنَا غَلَطٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ تُوُفِّيَ قَبْلَ هَذَا بِسِنِينَ وَالصَّوَابُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ عَلْقَمَةُ بْنُ علاثةكَمَا هُوَ مَجْزُومٌ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ) مَعْنَاهُ إِنِّي أُمِرْتُ بِالْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ وَاللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا قَالُوا ذَلِكَ فَقَدْ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ وَفِي الْحَدِيثِ هَلَّا شَقَقْتَ عَنْ قلبه قوله (وهو مقف) أي مولى قَدْ أَعْطَانَا قَفَاهُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى لَيِّنًا رَطْبًا) هَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ لَيِّنًا بِالنُّونِ أي سهلاوَفِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ لَيًّا بِحَذْفِ النُّونِ وَأَشَارَ الْقَاضِي إِلَى أَنَّهُ رِوَايَةُ أَكْثَرِ شُيُوخِهِمْ قَالَ وَمَعْنَاهُ سَهْلًا لِكَثْرَةِ حِفْظِهِمْ قَالَ وَقِيلَ لَيًّا أَيْ يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِهِ أَيْ يُحَرِّفُونَ مَعَانِيَهُ وَتَأْوِيلَهُ قَالَ وَقَدْ يَكُونُ مِنَ اللَّيِّ في الشهادة وهو الميل قاله بن قُتَيْبَةَ (.

     قَوْلُهُ  (فَسَأَلَاهُ عَنِ الْحَرُورِيَّةِ) هُمُ الْخَوَارِجُ سُمُّوا حَرُورِيَّةً لِأَنَّهُمْ نَزَلُوا حَرُورَاءَ وَتَعَاقَدُوا عِنْدَهَا عَلَى قِتَالِ أَهْلِ الْعَدْلِ وَحَرُورَاءَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَبِالْمَدِّ قَرْيَةٌ بِالْعِرَاقِ قَرِيبَةٌ مِنَ الْكُوفَةِ وَسُمُّوا خَوَارِجَ لِخُرُوجِهِمْ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ لِخُرُوجِهِمْ عَنْ طَرِيقِ الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا .

     قَوْلُهُ  (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول يَخْرُجُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَمْ يَقُلْ مِنْهَا) قَالَ الْمَازِرِيُّ هَذَا مِنْ أَدَلِّ الدَّلَائِلِ عَلَى سَعَةِ عِلْمِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَدَقِيقُ نَظَرِهِمْ وَتَحْرِيرُهُمُ الْأَلْفَاظَ وَفَرْقُهُمْ بَيْنَ مَدْلُولَاتِهَا الْخَفِيَّةِ لِأَنَّ لَفْظَةَ مِنْ تَقْتَضِي كَوْنَهُمْ مِنَ الْأُمَّةِ لَا كُفَّارًا بِخِلَافِ فِي وَمَعَ هَذَا فَقَدْ جَاءَ بَعْدَ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَخْرُجُ مِنْ أُمَّتِي قَوْمٌ وَفِي رواية أبي ذرانبَعْدِي مِنْ أُمَّتِي أَوْ سَيَكُونُ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي وَقَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي تَكْفِيرِهِمْ وَأَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ تَكْفِيرِهِمْ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَيَنْظُرُ الرَّامِي إِلَى نَصْلِهِ إِلَى رِصَافِهِ فَيَتَمَارَى فِي الْفُوقَةِ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى يَنْظُرُ إِلَى نَضِيِّهِ وَفِيهَا ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَى قُذَذِهِ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَيَنْظُرُ فِي النَّضِيِّ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً وَيَنْظُرُ فِي الْفُوقِ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً أَمَّا الرِّصَافُ فَبِكَسْرِ الرَّاءِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وهو مدخل النصل من السهم والنصل هو حديدة السهم والقدح عوده والقذذ بِضَمِّ الْقَافِ وَبِذَالَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ وَهُوَ رِيشُ السَّهْمِ والفوق والفوقة بِضَمِّ الْفَاءِ هُوَ الْحَزُّ الَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ الوتر والنضى بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وهو القدح كذا جَاءَ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ مُفَسَّرًا وَكَذَا قَالَهُ الْأَصْمَعِيُّ.

.
وَأَمَّا الْبَصِيرُ فَبِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ الشَّيْءُ مِنَ الدَّمِ أَيْ لَا يَرَى شَيْئًا مِنَ الدَّمِ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى إِصَابَةِ الرَّمِيَّةِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قَدْ خِبْتُ وَخَسِرْتُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ) قَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي فَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّهَا فِي هَذَا الْبَابِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(وَمِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ) الْبَضْعَةِ بِفَتْحِ الْبَاءِ لَا غَيْرَ وَهِيَ الْقِطْعَةُ من اللحم وتدردر مَعْنَاهُ تَضْطَرِبُ وَتَذْهَبُ وَتَجِيءُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ) ضَبَطُوهُ فِي الصَّحِيحِ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا حِينِ فرقه بحاء مهملة مكسورة ونون وفرقة بِضَمِّ الْفَاءِ أَيْ فِي وَقْتِ افْتِرَاقِ النَّاسِ أَيِ افْتِرَاقٍ يَقَعُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ الِافْتِرَاقُ الَّذِي كَانَ بَيْنَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما والثاني خير فرقة بخاء معجمة مفتوحة وراء وفرقة بكسر الفاء أي أفضل الْفِرْقَتَيْنِ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ وَأَكْثَرُ وَيُؤَيِّدُهُ الرِّوَايَةُ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ يَخْرُجُونَ فِي فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ فَإِنَّهُ بِضَمِّ الْفَاءِ بِلَا خِلَافٍ وَمَعْنَاهُ ظَاهِرٌ.

     وَقَالَ  الْقَاضِي عَلَى رِوَايَةِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الْمُرَادُ وَخَيْرُ الْقُرُونِ وَهُمُ الصَّدْرُ الْأَوَّلُ قَالَ أَوْ يَكُونُ الْمُرَادُ عَلِيًّا وَأَصْحَابَهُ فَعَلَيْهِ كَانَ خُرُوجُهُمْ حَقِيقَةً لِأَنَّهُ كَانَ الْإِمَامَ حِينَئِذٍ وَفِيهِ حُجَّةٌ لِأَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ مُصِيبًا فِي قتاله والآخرون بغاة لاسيما مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ وَعَلِيٌّ وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ قَتَلُوهُمْ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مُعْجِزَاتٌ ظَاهِرَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ أَخْبَرَ بِهَذَا وَجَرَى كُلُّهُ كَفَلَقِ الصُّبْحِ وَيَتَضَمَّنُ بَقَاءَ الْأُمَّةِ بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ لَهُمْ شَوْكَةً وَقُوَّةً خِلَافَ مَا كَانَ الْمُبْطِلُونَ يُشِيعُونَهُ وَأَنَّهُمْ يَفْتَرِقُونَ فِرْقَتَيْنِ وَأَنَّهُ يَخْرُجُ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مَارِقَةٌ وَأَنَّهُمْ يُشَدِّدُونَ فِي الدِّينِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التَّشْدِيدِ وَيُبَالِغُونَ فِي الصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ وَلَا يُقِيمُونَ بِحُقُوقِ الْإِسْلَامِ بَلْ يَمْرُقُونَ مِنْهُ وَأَنَّهُمْ يُقَاتِلُونَ أَهْلَ الْحَقِّوَأَنَّ أَهْلَ الْحَقِّ يَقْتُلُونَهُمْ وَأَنَّ فِيهِمْ رَجُلًا صِفَةُ يَدِهِ كَذَا وَكَذَا فَهَذِهِ أَنْوَاعٌ مِنَ المعجزات جرت كلها وَلِلَّهِ الْحَمْدُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (سِيمَاهُمُ التَّحَالُقُ) السِّيمَا الْعَلَامَةُ وَفِيهَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ الْقَصْرُ وَهُوَ الْأَفْصَحُ وَبِهِ جَاءَ الْقُرْآنُ وَالْمَدُّ وَالثَّالِثَةُ السِّيمِيَاءُ بِزِيَادَةِ يَاءٍ مَعَ الْمَدِّ لَا غَيْرَ وَالْمُرَادُ بالتحالق حلق الرؤوس وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى التَّحَلُّقُ وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى كَرَاهَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَامَةٌ لَهُمْ وَالْعَلَامَةُ قَدْ تَكُونُ بِحِرَامٍ وَقَدْ تَكُونُ بِمُبَاحٍ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِحِرَامٍ وَقَدْ ثَبَتَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم (رَأَى صَبِيًّا قَدْ حَلَقَ بَعْضَ رَأْسِهِ فَقَالَ احْلِقُوهُ كُلَّهُ أَوِ اتْرُكُوهُ كُلَّهُ) وَهَذَا صَرِيحٌ فِي إِبَاحَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ لَا يَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا قَالَ أَصْحَابُنَا حَلْقُ الرَّأْسِ جَائِزٌ بِكُلِّ حَالٍ لَكِنْ إِنْ شَقَّ عَلَيْهِ تَعَهُّدُهُ بِالدُّهْنِ وَالتَّسْرِيحِ اسْتُحِبَّ حَلْقُهُ وَإِنْ لَمْ يَشُقَّ اسْتُحِبَّ تَرْكُهُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ أَوْ مِنْ أَشَرِّ الْخَلْقِ) هَكَذَا هُوَ فِي كُلِّ النُّسَخِ أَوْ مِنْ أَشَرِّ بِالْأَلِفِ وَهِيَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَالْمَشْهُورُ شَرُّ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَفِي هَذَا اللَّفْظِ دَلَالَةٌ لِمَنْ قَالَ بِتَكْفِيرِهِمْ وَتَأَوَّلَهُ الْجُمْهُورُ أَيْ شَرُّ الْمُسْلِمِينَ وَنَحْوِ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ إِلَى الْحَقِّ) وَفِي رِوَايَةٍ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ وَفِي رِوَايَةٍ تَكُونُ أُمَّتِي فِرْقَتَيْنِ فَتَخْرُجُ مِنْ بَيْنِهِمَا مَارِقَةٌ تَلِي قَتْلَهُمْ أَوْلَاهُمَابِالْحَقِّ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ هُوَ الْمُصِيبَ الْمُحِقَّ وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى أَصْحَابُ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانُوا بُغَاةً مُتَأَوِّلِينَ وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الطَّائِفَتَيْنِ مُؤْمِنُونَ لَا يَخْرُجُونَ بِالْقِتَالِ عَنِ الْإِيمَانِ وَلَا يَفْسُقُونَ وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ مُوَافِقِينَا .

     قَوْلُهُ  (حَدَّثَنَا القاسم وهو بن الْفَضْلِ الْحُدَّانِيُّ) هُوَ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ بَعْدَ الْأَلِفِ نُونٌ .

     قَوْلُهُ  (عَنِ(قولُهُ بَابُ انْتِقَامِ الرَّبِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ خَلْقِهُ بِالْقَحْطِ إِذَا انْتُهِكَتْ مَحَارِمُهُ) هَكَذَا وَقَعَتْ هَذِه التَّرْجَمَة فِي رِوَايَة الْحَمَوِيّ وَحدث خَالِيَة من حَدِيث وَمن أثر قَالَ بن رشيد كَأَنَّهَا كَانَت فِي رقْعَة مُفْرَدَةٍ فَأَهْمَلَهَا الْبَاقُونَ وَكَأَنَّهُ وَضَعَهَا لِيُدْخِلَ تَحْتَهَا حَدِيث وَأَلْيَقُ شَيْءٍ بِهَا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ يَعْنِي الْمَذْكُورَ فِي ثَانِي بَابٍ مِنَ الِاسْتِسْقَاءِ وَأَخَّرَ ذَلِكَ لِيَقَعَ لَهُ التَّغْيِيرُ فِي بَعْضِ سَنَدِهِ كَمَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُ غَالِبًا فعاقه عَن ذَلِك عائق وَاللَّهُ أَعْلَمُ قولُهُ بَابُ انْتِقَامِ الرَّبِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ خَلْقِهُ بِالْقَحْطِ إِذَا انْتُهِكَتْ مَحَارِمُهُ هَكَذَا وَقَعَتْ هَذَهِ التَّرْجَمَةُ فِي رِوَايَةِ الْحَموِي وَحْدَهُ خَالِيَةً مِنْ حَدِيثٍ وَمِنْ أَثَرٍ قَالَ بن رشيد كَأَنَّهَا كَانَت فِي رقْعَة مُفْرَدَةٍ فَأَهْمَلَهَا الْبَاقُونَ وَكَأَنَّهُ وَضَعَهَا لِيُدْخِلَ تَحْتَهَا حَدِيثا وَأَلْيَقُ شَيْءٍ بِهَا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ يَعْنِي الْمَذْكُورَ فِي ثَانِي بَابٍ مِنَ الِاسْتِسْقَاءِ وَأَخَّرَ ذَلِكَ لِيَقَعَ لَهُ التَّغْيِيرُ فِي بَعْضِ سَنَدِهِ كَمَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُ غَالِبًا فعاقه عَن ذَلِك عائق وَالله أعلم قَولُهُ بَابُ الِاسْتِسْقَاءِ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ أَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ إِلَى أَنَّ الْخُرُوجَ إِلَى الْمُصَلَّى لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الِاسْتِسْقَاءِ لِأَنَّ الْمَلْحُوظَ فِي الْخُرُوجِ الْمُبَالَغَةُ فِي اجْتِمَاعِ النَّاسِ وَذَلِكَ حَاصِلٌ فِي الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ بِنَاءً عَلَى الْمَعْهُودِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ مِنْ عَدَمِ تَعَدُّدِ الْجَامِعِ بِخِلَافِ مَا حَدَثَ فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ فِي بِلَادِ مِصْرَ وَالشَّامِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَقَدْ تَرْجَمَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ ذَلِكَ مَنِ اكْتَفَى بِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ فِي خُطْبَةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَتَرْجَمَ لَهُ أَيْضًا الِاسْتِسْقَاءُ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ فَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى أَنَّهُ إِنِ اتَّفَقَ وُقُوعُ ذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ انْدَرَجَتْ خُطْبَةُ الِاسْتِسْقَاءِ وَصَلَاتُهَا فِي الْجُمُعَةِ وَمَدَارُ الطُّرُقِ الثَّلَاثَةِ عَلَى شَرِيكٍ فَالْأُولَى عَنْ أَبِي ضَمْرَةَ وَالثَّانِيَةُ عَنْ مَالِكٍ وَالثَّالِثَةُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ شَرِيكٍ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ طُرُقٍ أُخْرَى عَنْ أَنَسٍ سَنُشِيرُ إِلَيْهَا عِنْدَ النَّقْلِ لِزَوَائِدِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1012] حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَبَّادَ بْنَ تَمِيمٍ يُحَدِّثُ أَبَاهُ عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ إِلَى الْمُصَلَّى فَاسْتَسْقَى، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، وَقَلَبَ رِدَاءَهُ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ".
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ كَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يَقُولُ: هُوَ صَاحِبُ الأَذَانِ، وَلَكِنَّهُ وَهْمٌ لأَنَّ هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ الْمَازِنِيُّ، مَازِنُ الأَنْصَارِ.
وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني (قال: حدّثنا سفيان) بن عيينة (قال: حدّثنا عبد الله بن أبي بكر)، أخو محمد بن أبي بكر السابق، ولأبي ذر، وعزاه العيني كابن حجر للحموي والمستملي: عن عبد الله بن أبي بكر، وقد صرح ابن خزيمة في روايته بتحديث عبد الله به لا بن عيينة (أنّه سمع عباد بن تميم) المازني (يحدث أباه) أي أبا عبد الله بن أبي بكر، ولا يعود الضمير على عباد (عن عمه عبد الله بن زيد) أي ابن عاصم.
(أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، خرج إلى المصلّى) بالصحراء، لأنه أبلغ في التواضع وأوسع للناس.
(فاستسقى، فاستقبل) بالفاء، ولابن عساكر.
واستقبل (القبلة، وقلب) ولأبي ذر: وحول (رداءه، وصلّى) بالناس (ركعتين) أي: كما يصلّي في العيدين.
رواه ابن حبان وغيره.
وقال الترمذي: حسن صحيح.
وقياسه: أن يكبر في أول الأولى: سبعًا، وفي الثانية: خمسًا، ويرفع يديه ويقف بين كل تكبيرتين مسبحًا حامدًا مهللاً، ويقرأ جهرًا في الأولى {ق} وفي الثانية {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ} [القمر: 1] أو {سبح} و {الغاشية}.
واستدلّ الشيخ أبو إسحاق، في المهذّب له، بما رواه الدارقطني: أن مروان أرسل إلى ابن عباس يسأله عن سنة الاستسقاء؟ فقال: سنة الاستسقاء الصلاة كالصلاة في العيدين، ألا أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قلب رداءه.
فجعل يمينه يساره، ويساره يمينه، وصلّى ركعتين كبر في الأول سبع تكبيرات، وقرأ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: 1] وقرأ في الثانية: (هَلْ أَتَاكَ} [الغاشية: 1] وكبر خمس تكبيرات.
لكن قال في المجموع: إنه حديث ضعيف.
نعم، حديث ابن عباس عند الترمذي، ثم صلّى ركعتين كما يصلّي في العيدين، كما مر ...
أخذ بظاهره الشافعي، فقال: يكبر فيهما كما سبق.
وذهب الجمهور إلى أنه: يكبر فيهما تكبيرة واحدة للإحرام كسائر الصلوات.
وبه قال: مالك، وأحمد، وأبو يوسف، ومحمد، لحديث الطبراني في الأوسط، عن أنس: أنه، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، استسقى، فخطب قبل الصلاة واستقبل القبلة، وحول رداءه، ثم نزل فصلّى ركعتين لم يكبر فيهما إلا تكبيرة.
وأجابوا عن قوله، في حديث الترمذي: كما يصلّي في العيدين، يعني: في العدد والجهر بالقراءة، وكون الركعتين قبل الخطبة.
ومذهب الشافعية والمالكية: أنه يخطب بعد الصلاة، لحديث ابن ماجة وغيره: أنه، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَ- خرج إلى الاستسقاء فصلّى ركعتين، ثم خطب ولو خطب قبل الصلاة جاز لما سبق.
(قال أبو عبد الله) أي: البخاري: (كان ابن عيينة) سفيان (يقول: هو) أي: راوي حديث الاستسقاء، عبد الله بن زيد بن عبد ربه بن ثعلبة (صاحب) رؤيا (الأذان) في النوم.
(ولكنه وهم) بسكون الهاء، ولأبي ذر، وهم.
بكسرها وفتح الميم، وللأصيلي: ولكنه هو وهم (لأن هذا) أي: راوي حديث الاستسقاء (عبد الله بن زيد بن عاصم المازني، مازن الأنصار) لا مازن بني تميم، وغيره.
5 - باب انْتِقَامِ الرَّبِّ جَلَّ وَعَزَّ مِنْ خَلْقِهِ بِالْقَحْطِ إِذَا انْتُهِكَت مَحَارِمُ اللَّهِ 6 - باب الاِسْتِسْقَاءِ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ (باب) جواز (الاستسقاء في المسجد الجامع) أي: فلا يشترط الخروج إلى الصحراء.
ولأبي ذر عن الحموي: باب انتقام الرب، عز وجل، من خلقه بالقحط إذا انتهكت محارمه.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [ قــ :980 ... غــ :1012] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا سُفْيَانُ هُوَ بن عُيَيْنَةَ .

     قَوْلُهُ  قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَيْ قَالَ قَالَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بن عُيَيْنَةَ حَذَفَ الصِّيغَةَ مَرَّةً وَجَرَتْ عَادَتُهُمْ بِحَذْفِ إِحْدَاهُمَا مِنَ الْخَطِّ وَفِي حَذْفِهَا مِنَ اللَّفْظِ بَحْثٌ وَوَقَعَ عِنْدَ الْحَمَوِيِّ وَالْمُسْتَمْلِي بِلَفْظِ عَنْ عبد الله وَصرح بن خُزَيْمَة فىروايته بِتَحْدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بِهِ لِابْنِ عُيَيْنَةَ .

     قَوْلُهُ  أَنَّهُ سَمِعَ عَبَّادَ بْنَ تَمِيمٍ يُحَدِّثُ أَبَاهُ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ أَبَاهُ يَعُودُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ لَا عَلَى عَبَّادٍ وَضَبَطَهُ الْكِرْمَانِيُّ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَرَاءٍ بَدَلَ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ أَظُنُّهُ وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ الَّتِي اتَّصَلَتْ لَنَا وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الرَّاوِيَ لَمْ يَجْزِمْ بِأَنَّ رِوَايَةَ عَبَّادٍ لَهُ عَنْ عَمِّهِ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنِ بن مَاجَهْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَقَولُهُ عَنْ أَبِيهِ زِيَادَةٌ وَهِيَ وَهْمٌ وَالصَّوَابُ مَا وَقَعَ فِي النّسخ الْمُعْتَمدَة من بن مَاجَهْ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَاحِ وَكَذَا لِابْنِ خُزَيْمَةَ عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ الْعَلَاءِ كِلَاهُمَا عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ وَيَحْيَى هُوَ بن سعيد عَن أبي بكر أَي بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَالَ سُفْيَانُ فَقلت لعبد الله أَي بن أَبِي بَكْرٍ حَدِيثٌ حَدَّثَنَاهُ يَحْيَى وَالْمَسْعُودِيُّ عَنْ أَبِيكَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ سَمِعْتُهُ أَنَا مِنْ عَبَّادٍ يُحَدِّثُ أَبِي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ .

     قَوْلُهُ  خَرَجَ إِلَى الْمُصَلَّى فَاسْتَسْقَى فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ الْمَذْكُورَةِ فَخَرَجَ بِالنَّاسِ يَسْتَسْقِي وَلَمْ أَقِفْ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ عَلَى سَبَبِ ذَلِكَ وَلَا صِفَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَالَ الذَّهَابِ إِلَى الْمُصَلَّى وَعَلَى وَقْتِ ذَهَابِهِ وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي حَدِيث عَائِشَة عِنْد أبي دَاوُد وبن حِبَّانَ قَالَتْ شَكَا النَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَحْطَ الْمَطَرِ فَأَمَرَ بِمِنْبَرٍ فَوُضِعَ لَهُ بِالْمُصَلَّى وَوَعَدَ النَّاسَ يَوْمًا يَخْرُجُونَ فِيهِ فَخَرَجَ حِينَ بَدَا حَاجِبُ الشَّمْسِ فَقعدَ على الْمِنْبَر الحَدِيث وَفِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَصْحَابِ السُّنَنِ خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَبَذِّلًا مُتَوَاضِعًا مُتَضَرِّعًا حَتَّى أَتَى الْمُصَلَّى فَرَقَى الْمِنْبَرَ وَفِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ عِنْدَ الْبَزَّارِ وَالطَّبَرَانِيِّ قَحَطَ الْمَطَرُ فَسَأَلْنَا نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْتَسْقِيَ لَنَا فَغَدَا نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدِيثَ وَقَدْ حكى بن الْمُنْذِرِ الِاخْتِلَافَ فِي وَقْتِهَا وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا وَقْتَ لَهَا مُعَيَّنٌ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ أَحْكَامِهَا كَالْعِيدِ لَكِنَّهَا تُخَالِفُهُ بِأَنَّهَا لَا تَخْتَصُّ بِيَوْمٍ مُعَيَّنٍ وَهَلْ تُصْنَعُ بِاللَّيْلِ اسْتَنْبَطَ بَعْضُهُمْ مِنْ كَوْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ فِيهَا بِالنَّهَارِ أَنَّهَا نَهَارِيَّةٌ كَالْعِيدِ وَإِلَّا فَلَوْ كَانَتْ تُصَلَّى بِاللَّيْلِ لَأَسَرَّ فِيهَا بِالنَّهَارِ وَجَهَرَ بِاللَّيْلِ كمطلق النَّوَافِل وَنقل بن قُدَامَةَ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهَا لَا تُصَلَّى فِي وَقت الْكَرَاهَة وَأفَاد بن حِبَّانَ أَنَّ خُرُوجَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُصَلَّى لِلِاسْتِسْقَاءِ كَانَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ سِتٍّ مِنَ الْهِجْرَةِ .

     قَوْلُهُ  فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ قَرِيبًا .

     قَوْلُهُ  وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْمَذْكُورَة عِنْد بن خُزَيْمَةَ وَصَلَّى بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ وَفِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ الْآتِيَةِ فِي بَابِ كَيْفَ حَوَّلَ ظَهْرَهُ ثُمَّ صَلَّى لَنَا رَكْعَتَيْنِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْخطْبَة فِي الِاسْتِسْقَاءِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَهُوَ مُقْتَضَى حَدِيثِ عَائِشَة وبن عَبَّاسٍ الْمَذْكُورَيْنِ لَكِنْ وَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ بَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَكَذَا فِي حَدِيثِ أبي هُرَيْرَة عِنْد بن مَاجَهْ حَيْثُ قَالَ فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ بِغَيْرِ أَذَان وَلَا إِقَامَة وَالْمُرَجَّحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ الثَّانِي وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ كَذَلِكَ وَرِوَايَةُ يُخَيَّرُ وَلَمْ يَقَعْ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ صِفَةُ الصَّلَاةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَا مَا يَقْرَأُ فِيهَا وَقد أخرج الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ يُكَبِّرُ فِيهِمَا سَبْعًا وَخَمْسًا كَالْعِيدِ وَأَنَّهُ يَقْرَأُ فِيهِمَا بِسَبِّحْ وَهَلْ أَتَاكَ وَفِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ لَكِنْ أَصْلُهُ فِي السُّنَنِ بِلَفْظِ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيدِ فَأَخَذَ بِظَاهِرِهِ الشَّافِعِيُّ فَقَالَ يُكَبِّرُ فِيهِمَا وَنَقَلَ الْفَاكِهِيُّ شَيْخُ شُيُوخِنَا عَنِ الشَّافِعِيِّ اسْتِحْبَابَ التَّكْبِيرِ حَالَ الْخُرُوجِ إِلَيْهَا كَمَا فِي الْعِيدِ وَهُوَ غَلَطٌ مِنْهُ عَلَيْهِ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ مَا اخْتَلَفَ مِنَ الرِّوَايَاتِ فِي ذَلِكَ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدَأَ بِالدُّعَاءِ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَطَبَ فَاقْتَصَرَ بَعْضُ الرُّوَاةِ عَلَى شَيْءٍ وَبَعْضُهُمْ عَلَى شَيْءٍ وَعَبَّرَ بَعْضُهُمْ عَنِ الدُّعَاءِ بِالْخُطْبَةِ فَلِذَلِكَ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ.

.
وَأَمَّا قَوْلُ بن بَطَّالٍ إِنَّ رِوَايَةَ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ دَالَّةٌ عَلَى تَقْدِيمِ الصَّلَاةِ عَلَى الْخُطْبَةِ وَهُوَ أَضْبَطُ مِنْ وَلَدَيْهِ عَبْدِ اللَّهِ وَمُحَمَّدٍ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنِ مِنْ سِيَاقِ الْبُخَارِيِّ وَلَا مُسْلِمٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ يَعْتَضِدُ الْقَوْلُ بِتَقْدِيمِ الصَّلَاةِ عَلَى الْخُطْبَةِ لِمُشَابَهَتِهَا بِالْعِيدِ وَكَذَا مَا تَقَرَّرَ مِنْ تَقْدِيمِ الصَّلَاةِ أَمَامَ الْحَاجَةِ وَقَدْ تَرْجَمَ الْمُصَنِّفُ لِهَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا الدُّعَاءُ فِي الاسْتِسْقَاء قَائِما واستقبال الْقبْلَة فِيهِ وَحمله بن الْعَرَبِيِّ عَلَى حَالِ الصَّلَاةِ ثُمَّ قَالَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ خَاصًّا بِدُعَاءِ الِاسْتِسْقَاءِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَقَدْ تَرْجَمَ لَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الدَّعَوَاتِ بِالدُّعَاءِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ بِالِاسْتِسْقَاءِ وَكَأَنَّهُ أَلْحَقَهُ بِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِاخْتِصَاصِ وَتَرْجَمَ أَيْضًا لِكَوْنِهَا رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ إِجْمَاعٌ عِنْدَ مَنْ قَالَ بِهَا وَلِكَوْنِهَا فِي الْمُصَلَّى وَقَدِ اسْتَثْنَى الْخَفَّافُ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ مَسْجِدَ مَكَّةَ كَالْعِيدِ وَبِالْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ وَبِتَحْوِيلِ الظَّهْرِ إِلَى النَّاسِ عِنْدَ الدُّعَاءِ وَهُوَ مِنْ لَازِمِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ هُوَ الْمُصَنِّفُ وَقَوله كَانَ بن عُيَيْنَةَ إِلَخْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَعْلِيقًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ شَيْخِهِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَذْكُورِ وَيُرَجِّحُ الثَّانِي أَنَّ الْإِسْمَاعِيلِيَّ أَخْرَجَهُ عَنْ جَعْفَرٍ الْفِرْيَابِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فَقَالَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الَّذِي أَرَى النِّدَاءَ وَكَذَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ سُفْيَان وَتعقبه بِأَن بن عُيَيْنَةَ غَلِطَ فِيهِ .

     قَوْلُهُ  لِأَنَّ هَذَا يَعْنِي رَاوِيَ حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ عَبْدُ اللَّهِ أَيْ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ فَالتَّقْدِيرُ لِأَنَّ هَذَا أَيْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ .

     قَوْلُهُ  مَازِنُ الْأَنْصَارِ احْتِرَازٌ عَنْ مَازِنِ تَمِيمٍ وَهُوَ مَازِنُ بْنُ مَالِكِ بْنِ عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ أَوْ مَازِنُ قَيْسٍ وَهُوَ مَازِنُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ الْحَارِثِ بن خصفة بِمُعْجَمَة ثمَّ مُهْملَة مفتوحتين بن قيس بن عيلان ومازن بن صَعْصَعَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوَازِنَ وَمَازِنُ ضَبَّةَ وَهُوَ مَازِنُ بْنُ كَعْبِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ ضَبَّةَ وَمَازِنُ شَيْبَانَ وَهُوَ مَازِنُ بْنُ ذُهْلِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ شَيْبَانَ وَغَيْرُهُمْ قَالَ الرَّشَاطِيُّ مَازِنٌ فِي الْقَبَائِلِ كَثِيرٌ وَالْمَازِنُ فِي اللُّغَةِ بَيْضُ النَّمْلِ وَقَدْ حَذَفَ الْبُخَارِيُّ مُقَابِلَهُ وَالتَّقْدِيرُ وَذَاكَ أَيْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ رَائِي الْأَذَانَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ وَقَدِ اتَّفَقَا فِي الِاسْمِ وَاسْمِ الْأَبِ وَالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَنْصَارِيِّ ثُمَّ إِلَى الْخَزْرَجِ وَالصُّحْبَةِ وَالرِّوَايَةِ وَافْتَرَقَا فِي الْجَدِّ وَالْبَطْنِ الَّذِي مِنَ الْخَزْرَجِ لِأَنَّ حَفِيدَ عَاصِمٍ مِنْ مَازِنٍ وَحَفِيدَ عَبْدِ رَبِّهِ مِنْ بِلْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :980 ... غــ : 1012 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَبَّادَ بْنَ تَمِيمٍ يُحَدِّثُ أَبَاهُ عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ إِلَى الْمُصَلَّى فَاسْتَسْقَى، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، وَقَلَبَ رِدَاءَهُ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ".
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ كَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يَقُولُ: هُوَ صَاحِبُ الأَذَانِ، وَلَكِنَّهُ وَهْمٌ لأَنَّ هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ الْمَازِنِيُّ، مَازِنُ الأَنْصَارِ.

وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني (قال: حدّثنا سفيان) بن عيينة (قال: حدّثنا عبد الله بن أبي بكر)، أخو محمد بن أبي بكر السابق، ولأبي ذر، وعزاه العيني كابن حجر للحموي والمستملي: عن عبد الله بن أبي بكر، وقد صرح ابن خزيمة في روايته بتحديث عبد الله به لا بن عيينة (أنّه سمع عباد بن تميم) المازني (يحدث أباه) أي أبا عبد الله بن أبي بكر، ولا يعود الضمير على عباد (عن عمه عبد الله بن زيد) أي ابن عاصم.

(أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، خرج إلى المصلّى) بالصحراء، لأنه أبلغ في التواضع وأوسع للناس.

(فاستسقى، فاستقبل) بالفاء، ولابن عساكر.
واستقبل (القبلة، وقلب) ولأبي ذر: وحول (رداءه، وصلّى) بالناس (ركعتين) أي: كما يصلّي في العيدين.

رواه ابن حبان وغيره.

وقال الترمذي: حسن صحيح.

وقياسه: أن يكبر في أول الأولى: سبعًا، وفي الثانية: خمسًا، ويرفع يديه ويقف بين كل
تكبيرتين مسبحًا حامدًا مهللاً، ويقرأ جهرًا في الأولى {ق} وفي الثانية {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ} [القمر: 1] أو {سبح} و {الغاشية}.

واستدلّ الشيخ أبو إسحاق، في المهذّب له، بما رواه الدارقطني: أن مروان أرسل إلى ابن عباس يسأله عن سنة الاستسقاء؟ فقال: سنة الاستسقاء الصلاة كالصلاة في العيدين، ألا أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قلب رداءه.
فجعل يمينه يساره، ويساره يمينه، وصلّى ركعتين كبر في الأول سبع تكبيرات، وقرأ

{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: 1] وقرأ في الثانية: (هَلْ أَتَاكَ} [الغاشية: 1] وكبر خمس تكبيرات.
لكن قال في المجموع: إنه حديث ضعيف.

نعم، حديث ابن عباس عند الترمذي، ثم صلّى ركعتين كما يصلّي في العيدين، كما مر ... أخذ بظاهره الشافعي، فقال: يكبر فيهما كما سبق.

وذهب الجمهور إلى أنه: يكبر فيهما تكبيرة واحدة للإحرام كسائر الصلوات.
وبه قال: مالك، وأحمد، وأبو يوسف، ومحمد، لحديث الطبراني في الأوسط، عن أنس: أنه، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، استسقى، فخطب قبل الصلاة واستقبل القبلة، وحول رداءه، ثم نزل فصلّى ركعتين لم يكبر فيهما إلا تكبيرة.

وأجابوا عن قوله، في حديث الترمذي: كما يصلّي في العيدين، يعني: في العدد والجهر بالقراءة، وكون الركعتين قبل الخطبة.

ومذهب الشافعية والمالكية: أنه يخطب بعد الصلاة، لحديث ابن ماجة وغيره: أنه، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خرج إلى الاستسقاء فصلّى ركعتين، ثم خطب ولو خطب قبل الصلاة جاز لما سبق.

(قال أبو عبد الله) أي: البخاري: (كان ابن عيينة) سفيان (يقول: هو) أي: راوي حديث الاستسقاء، عبد الله بن زيد بن عبد ربه بن ثعلبة (صاحب) رؤيا (الأذان) في النوم.

(ولكنه وهم) بسكون الهاء، ولأبي ذر، وهم.
بكسرها وفتح الميم، وللأصيلي: ولكنه هو وهم (لأن هذا) أي: راوي حديث الاستسقاء (عبد الله بن زيد بن عاصم المازني، مازن الأنصار) لا مازن بني تميم، وغيره.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :980 ... غــ :1012 ]
- حدَّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله قَالَ حدَّثنا سُفْيَانُ قَالَ حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ أبِي بَكْرٍ أنَّهُ سَمِعَ عَبَّادَ بنَ تَمِيمٍ يُحَدِّثُ أباهُ عنْ عَمِّهِ عَبْدِ الله بن زَيْدٍ أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَرَجَ إلَى المُصَلَّى فاسْتَسْقَى فاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ وقَلَبَ رِدَاءَهُ وصَلَّى رَكْعَتَيْنِ..
هَذِه طَريقَة أُخْرَى فِي الحَدِيث الْمَذْكُور قبله أخرجه عَن عَليّ بن عبد الله بن جَعْفَر الَّذِي يُقَال لَهُ: ابْن الْمَدِينِيّ: عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عبد الله بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم عَن عباد بن تَمِيم، إِلَى آخِره.
قَوْله: ( عَن سُفْيَان عَن عبد الله) ، كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْحَمَوِيّ وَالْمُسْتَمْلِي أَعنِي: بِلَفْظ: ( عَن عبد الله) وَوَقع فِي رِوَايَة الآخرين، قَالَ: ( حَدثنَا سُفْيَان قَالَ عبد الله بن أبي بكر) ، أَي: قَالَ: قَالَ عبد الله، وَجَرت عَادَتهم بِحَذْف إِحْدَاهمَا من الْخط.
قَوْله: ( يحدث أَبَاهُ) الضَّمِير فِي قَوْله: ( أَبَاهُ) يعود على عبد الله بن أبي بكر، لَا على: عباد،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: مَوضِع: أَبَاهُ، أرَاهُ أَي: أَظُنهُ، ثمَّ قَالَ: وَفِي بَعْضهَا: أَبَاهُ أَي: أَبَا عبد الله، يَعْنِي: أَبَا بكر.

     وَقَالَ  بَعضهم: وَلم أر فِي شَيْء من الرِّوَايَات الَّتِي اتَّصَلت لنا.
انْتهى.
قلت: لَا يسْتَلْزم عدم رُؤْيَته لذَلِك عدم رُؤْيَة غَيره، وَالنُّسْخَة الَّتِي اطلع عَلَيْهَا الْكرْمَانِي أوضح وَأظْهر.

وَهَذَا الحَدِيث يشْتَمل على أَحْكَام: الأول: فِيهِ خُرُوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الصَّحرَاء للاستسقاء لِأَنَّهُ أبلغ فِي التَّوَاضُع، وأوسع للنَّاس، وَذكر ابْن حبَان: كَانَ خُرُوجه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمصلى للاستسقاء فِي شهر رَمَضَان سنة سِتّ من الْهِجْرَة.
الثَّانِي: فِيهِ مَشْرُوعِيَّة الاسْتِسْقَاء.
الثَّالِث: فِيهِ اسْتِقْبَال الْقبْلَة وتحويل الرِّدَاء، وَقد ذكرنَا حكمه مستقصىً.
الرَّابِع: فِيهِ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى رَكْعَتَيْنِ.

وَيحْتَاج فِي بَيَان هَذَا إِلَى أُمُور:
الأول: فِيهِ الدّلَالَة على أَن الْخطْبَة فِيهِ قبل الصَّلَاة، وَصرح يحيى بن سعيد فِي بابُُ كَيفَ يحول ظَهره، ثمَّ صلى لنا رَكْعَتَيْنِ، وَهُوَ مُقْتَضى حَدِيث عَائِشَة الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي ( سنَنه) عَنْهَا، قَالَت: ( شكى النَّاس إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قُحُوط الْمَطَر، فَأمر بمنبر فَوضع لَهُ فِي الْمصلى، ووعد النَّاس يَوْمًا يخرجُون فِيهِ، قَالَت عَائِشَة: فَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين بدا حَاجِب الشَّمْس، فَقعدَ على الْمِنْبَر، فَكبر وَحمد الله، ثمَّ قَالَ: إِنَّكُم شكوتم جَدب دِيَاركُمْ واستئخار الْمَطَر عَن إبان زَمَانه عَلَيْكُم، وَقد أَمركُم الله تَعَالَى أَن تَدعُوهُ، ووعدكم أَن الله يستجيب لكم، ثمَّ قَالَ: الْحَمد لله رب الْعَالمين، الرَّحْمَن الرَّحِيم، مَالك يَوْم الدّين، لَا إِلَه إلاّ الله يفعل مَا يُرِيد، اللَّهُمَّ أَنْت الله لَا إِلَه إلاّ أَنْت الْغَنِيّ وَنحن الْفُقَرَاء، أنزل علينا الْغَيْث، وَاجعَل مَا أنزلت لنا قُوَّة وبلاغا إِلَى حِين، ثمَّ رفع يَدَيْهِ فَلم يزل فِي الرّفْع حَتَّى بدا بَيَاض إبطَيْهِ، ثمَّ حول إِلَى النَّاس ظَهره وقلب أَو حول رِدَاءَهُ وَهُوَ رَافع يَدَيْهِ، ثمَّ أقبل على النَّاس وَنزل فصلى رَكْعَتَيْنِ، فَأَنْشَأَ الله سَحَابَة فَرعدَت وَبَرقَتْ ثمَّ أمْطرت بِإِذن الله تَعَالَى، فَلم يَأْتِ مَسْجده حَتَّى سَالَتْ السُّيُول، فَلَمَّا رأى سُرْعَتهمْ إِلَى الْكن ضحك حَتَّى بَدَت نَوَاجِذه، فَقَالَ: أشهد أَن الله على كل شَيْء قدير وَإِنِّي عبد الله وَرَسُوله) .
وَالْمَفْهُوم من هَذَا الحَدِيث أَن الْخطْبَة قبل الصَّلَاة، وَلَكِن وَقع عِنْد أَحْمد فِي حَدِيث عبد الله بن زيد التَّصْرِيح بِأَنَّهُ بَدَأَ بِالصَّلَاةِ قبل الْخطْبَة، وَالْجمع بَينهمَا أَنه مَحْمُول على الْجَوَاز، وَالْمُسْتَحب تَقْدِيم الصَّلَاة لأحاديث أخر.

الْأَمر الثَّانِي: أَن صَلَاة الاسْتِسْقَاء رَكْعَتَانِ، وروى أَبُو دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس حَدِيثا.
وَفِيه: ( وَلم يخْطب خطبتكم هَذِه وَلَكِن لم يزل فِي الدُّعَاء والتضرع وَالتَّكْبِير، ثمَّ صلى رَكْعَتَيْنِ كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيد) ..
     وَقَالَ  الْخطابِيّ: وَفِيه دلَالَة على أَنه يكبر كَمَا يكبر فِي الْعِيدَيْنِ، وَإِلَيْهِ ذهب الشَّافِعِي، وَهُوَ قَول سعيد بن الْمسيب وَعمر بن عبد الْعَزِيز وَمَكْحُول وَمُحَمّد بن جرير الطَّبَرِيّ، وَهُوَ رِوَايَة عَن أَحْمد، وَذهب جُمْهُور الْعلمَاء إِلَى أَنه يكبر فيهمَا كَسَائِر الصَّلَوَات تَكْبِيرَة وَاحِدَة للافتتاح، وَهُوَ قَول مَالك وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَإِسْحَاق وَأحمد فِي الْمَشْهُور عَنهُ وَأبي ثَوْر وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد وَغَيرهمَا من أَصْحَاب أبي حنيفَة.

     وَقَالَ  دَاوُد: إِن شَاءَ كبر كَمَا يكبر فِي الْعِيدَيْنِ، وَإِن شَاءَ كبر تَكْبِيرَة وَاحِدَة للاستفتاح كَسَائِر الصَّلَوَات.
وَالْجَوَاب عَن حَدِيث ابْن عَبَّاس: أَن المُرَاد من قَوْله: ( كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيدَيْنِ) ، يَعْنِي فِي الْعدَد والجهر بِالْقِرَاءَةِ، وَفِي كَون الرَّكْعَتَيْنِ قبل الْخطْبَة.
فَإِن قلت: قد روى الْحَاكِم فِي ( مُسْتَدْركه) وَالدَّارَقُطْنِيّ ثمَّ الْبَيْهَقِيّ فِي ( السّنَن) : عَن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن عمر بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن أَبِيه ( عَن طَلْحَة، قَالَ: أَرْسلنِي مَرْوَان إِلَى ابْن عَبَّاس اسأله عَن سنة الاسْتِسْقَاء، فَقَالَ: سنة الاسْتِسْقَاء سنة الصَّلَاة فِي الْعِيدَيْنِ إلاّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قلب رِدَاءَهُ فَجعل يَمِينه على يسَاره ويساره على يَمِينه، وَصلى رَكْعَتَيْنِ كبر فِي الأولى سبع تَكْبِيرَات، وَقَرَأَ بسبح اسْم رَبك الْأَعْلَى، وَقَرَأَ فِي الثَّانِيَة: هَل أَتَاك حَدِيث الغاشية، وَكبر فِيهَا خمس تَكْبِيرَات) .
قَالَ الْحَاكِم: صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ.
قلت: أُجِيب عَنهُ بِوَجْهَيْنِ: أَحدهمَا: أَنه ضَعِيف، فَإِن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز قَالَ البُخَارِيّ فِيهِ: مُنكر الحَدِيث،.

     وَقَالَ  النَّسَائِيّ: مَتْرُوك الحَدِيث،.

     وَقَالَ  أَبُو حَاتِم: ضَعِيف الحَدِيث لَيْسَ لَهُ حَدِيث مُسْتَقِيم،.

     وَقَالَ  ابْن حبَان فِي ( كتاب الضُّعَفَاء) : يروي عَن الثِّقَات المعضلات، وينفرد بالطامات عَن الْأَثْبَات حَتَّى سقط الِاحْتِجَاج بِهِ،.

     وَقَالَ  ابْن قطان فِي كِتَابه: هُوَ أحد ثَلَاثَة أخوة كلهم ضعفاء: مُحَمَّد وَعبد الله وَعمْرَان، بَنو عبد الْعَزِيز بن عمر بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، وأبوهم عبد الْعَزِيز مَجْهُول الْحَال، فاعتل الحَدِيث بهما.
وَالثَّانِي: أَنه معَارض بِحَدِيث رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي ( الْأَوْسَط) بِإِسْنَادِهِ ( عَن أنس بن مَالك أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، استسقى فَخَطب قبل الصَّلَاة، واستقبل الْقبْلَة وحول رِدَاءَهُ، ثمَّ نزل فصلى رَكْعَتَيْنِ لم يكبر فيهمَا إلاّ تَكْبِيرَة) .

الْأَمر الثَّالِث: فِي أَن وَقت صَلَاة الاسْتِسْقَاء كوقت صَلَاة الْعِيدَيْنِ، كَمَا دلّ عَلَيْهِ حَدِيث ابْن عَبَّاس، وَقد اخْتلف فِي ذَلِك.
فَذهب مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأَبُو ثَوْر: إِلَى أَنه يخرج لَهَا كالخروج إِلَى صَلَاة الْعِيدَيْنِ، وَحكى ابْن الْمُنْذر وَابْن عبد الْبر عَن الشَّافِعِي هَذَا، وَنقل ابْن الصّباغ فِي ( الشَّامِل) وَصَاحب ( جمع الْجَوَامِع) عَن نَص الشَّافِعِي: أَنَّهَا لَا تخْتَص بِوَقْت، وَبِه قطع الْمُتَوَلِي وَالْمَاوَرْدِيّ وَابْن الصّباغ، وَصَححهُ الرَّافِعِيّ فِي الْمُحَرر، وَنقل النَّوَوِيّ الْقطع بِهِ عَن الْأَكْثَرين، وَأَنه صَححهُ الْمُحَقِّقُونَ وَأما وَقتهَا كوقت الْعِيد، فَقَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ: إِنَّه لم يرو لغير الشَّيْخ أبي عَليّ.
قلت: لم ينْفَرد بِهِ الشَّيْخ أَبُو عَليّ، بل قَالَه أَيْضا الشَّيْخ أَبُو حَامِد والمحاملي الْبَغَوِيّ فِي ( التَّهْذِيب) [/ ح.

الْأَمر الرَّابِع: فِي أَنه يقْرَأ فِي صَلَاة الاسْتِسْقَاء بعد الْفَاتِحَة مَا يقْرَأ فِي الْعِيدَيْنِ، أما سُورَة ق واقتربت، أَو سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى والغاشية، وَهُوَ قَول الشَّافِعِي اسْتِدْلَالا بِمَا فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس الْمَذْكُور: ( فصلى رَكْعَتَيْنِ كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيدَيْنِ) ..
     وَقَالَ  الشَّافِعِي فِي ( الْأُم) : وَيُصلي رَكْعَتَيْنِ لَا يُخَالف صَلَاة الْعِيد بِشَيْء، ونأمره أَن يقْرَأ فِيهَا مَا يقْرَأ فِي صَلَاة الْعِيد.
قَالَ: وَمَا قَرَأَ بِهِ مَعَ أم الْقُرْآن أَجزَأَهُ، وَإِن اقْتصر على أم الْقُرْآن فِي كل رَكْعَة أَجزَأَهُ، وَصدر الرَّافِعِيّ كَلَامه بِأَنَّهُ يقْرَأ فِي الأولى ق، وَفِي الثَّانِيَة: اقْتَرَبت، ثمَّ حكى عَن بعض الْأَصْحَاب أَنه يقْرَأ فِي الأولى: ق، وَفِي الثَّانِيَة: إِنَّا أرسلنَا نوحًا.
وَعند أَصْحَابنَا: لَيْسَ فِي صَلَاة، أَي صَلَاة كَانَت، قِرَاءَة مُؤَقَّتَة، وَذكر فِي ( الْبَدَائِع) و ( التُّحْفَة) : الْأَفْضَل أَن يقْرَأ فيهمَا: سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى فِي الأولى، وَفِي الثَّانِيَة: هَل أَتَاك حَدِيث الغاشية.
.

الْأَمر الْخَامِس: أَنه يجْهر بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاة الاسْتِسْقَاء، لما روى التِّرْمِذِيّ من حَدِيث ( عبد الله بن زيد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج بِالنَّاسِ يَسْتَسْقِي، فصلى بهم رَكْعَتَيْنِ جهر بِالْقِرَاءَةِ فيهمَا.
.
)
الحَدِيث.
وَعَن أبي يُوسُف: أحسن مَا سمعنَا فِيهِ أَن يُصَلِّي الإِمَام رَكْعَتَيْنِ جاهرا بِالْقِرَاءَةِ مُسْتَقْبلا بِوَجْهِهِ قَائِما على الأَرْض دون الْمِنْبَر، مُتكئا على قَوس يخْطب بعد الصَّلَاة خطبتين، وَعَن أبي يُوسُف: خطْبَة وَاحِدَة، لِأَن الْمَقْصُود مِنْهَا الدُّعَاء فَلَا يقطعهَا بالجلسة، وَعند مُحَمَّد: يخْطب خطبتين يفصل بَينهمَا بجلسة، وَبِه قَالَ الشَّافِعِي.

ثمَّ إعلم أَن أَبَا حنيفَة قَالَ: لَيْسَ فِي الاسْتِسْقَاء صَلَاة مسنونة فِي جمَاعَة، فَإِن صلى النَّاس وحدانا جَازَ، إِنَّمَا الاسْتِسْقَاء الدُّعَاء وَالِاسْتِغْفَار، لقَوْله تَعَالَى: { اسْتَغْفرُوا ربكُم إِنَّه كَانَ غفارًا يُرْسل السَّمَاء عَلَيْكُم مدرارا} ( نوح: 01 و 11) .
علق نزُول الْغَيْث بالاستغفار لَا بِالصَّلَاةِ، فَكَأَن الأَصْل فِيهِ الدُّعَاء والتضرع دون الصَّلَاة، وَيشْهد لذَلِك أَحَادِيث: مِنْهَا: الحَدِيث الْمَذْكُور، لِأَنَّهُ لم يذكر فِيهِ الصَّلَاة.
وَمِنْهَا: حَدِيث أنس، على مَا يَأْتِي فِي الْبابُُ الْآتِي.
وَمِنْهَا: حَدِيث كَعْب بن مرّة، رَوَاهُ ابْن مَاجَه من رِوَايَة شُرَحْبِيل بن السمط، أَنه قَالَ لكعب: يَا كَعْب بن مرّة ( حدِّثنا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاحْذَرْ! قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله، استسق الله، عز وَجل، فَرفع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إسقنا غيثا مريعا طبقًا عَاجلا غير رائث، نَافِعًا غير ضار، قَالَ: فَاجْتمعُوا حَتَّى أجِيبُوا.
قَالَ: فاتوه فشكوا إِلَيْهِ الْمَطَر، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، تهدمت الْبيُوت، فَقَالَ رَسُول الله: اللَّهُمَّ حوالينا وَلَا علينا.
قَالَ: فَجعل السَّحَاب يتقطع يَمِينا وَشمَالًا)
.
وَمِنْهَا: حَدِيث جَابر، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد من رِوَايَة يزِيد الْفَقِير ( عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: أَتَت إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بواكٍ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إسقنا غيثا مغيثا مريئا مريعا نَافِعًا غير ضار، عَاجلا غير آجل، قَالَ: فأطبقت عَلَيْهِم السَّمَاء) ، انْتهى.
قَوْله: ( بواك) ، جمع باكية..
     وَقَالَ  الْخطابِيّ: بواكي، بِضَم الْيَاء آخر الْحُرُوف، قَالَ: مَعْنَاهُ التحامل.
قَوْله: ( مريعا) ، بِفَتْح الْمِيم وَكسر الرَّاء: أَي مخصبا ناجعا من: مرع الْوَادي مراعة، ويروى بِضَم الْمِيم من أمرع الْمَكَان إِذا أخصب، ويروى بِالْبَاء الْمُوَحدَة من: أَربع الْغَيْث إِذا أنبت الرّبيع، ويروى بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة من فَوق أَي: ينْبت لله فِيهِ مَا ترتع فِيهِ الْمَوَاشِي.
وَمِنْهَا: حَدِيث أبي أُمَامَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ من رِوَايَة عبيد الله بن زحر عَن عَليّ بن يزِيد عَن الْقَاسِم ( عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَسْجِد ضحى.
فَكبر ثَلَاث تَكْبِيرَات ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اسقنا، ثَلَاثًا، اللَّهُمَّ ارزقنا سمنا ولبنا وشحما وَلَحْمًا، وَمَا نرى فِي السَّمَاء سحابا، فثارت ريح وغيرة ثمَّ اجْتمع سَحَاب فصبت السَّمَاء، فصاح أهل الْأَسْوَاق وثاروا إِلَى سقائف الْمَسْجِد إِلَى بُيُوتهم.
.
)
الحَدِيث.
وَمِنْهَا: حَدِيث عبد الله بن جَراد رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي ( سنَنه) من رِوَايَة يعلى قَالَ: ( حَدثنَا عبد الله ابْن جَراد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا استسقى قَالَ: اللَّهُمَّ غيثا مغيثا مريئا توسع بِهِ لِعِبَادِك تغزر بِهِ الضَّرع وتحيي بِهِ الزَّرْع) .
وَمِنْهَا: حَدِيث عبد الله بن عمر رَوَاهُ أَبُو دَاوُد من رِوَايَة عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده: ( أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا استسقى قَالَ: اللَّهُمَّ اسْقِ عِبَادك وبهائمك وانشر رحمتك واحيي بلدك الْمَيِّت) .
وَمِنْهَا: حَدِيث عُمَيْر مولى أبي اللَّحْم رَوَاهُ أَبُو دَاوُد من رِوَايَة ابْن الْهَاد: عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم ( عَن عُمَيْر مولى أبي اللَّحْم أَنه رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَسْتَسْقِي عِنْد أَحْجَار الزَّيْت) .
وَمِنْهَا: حَدِيث أبي الدَّرْدَاء رَوَاهُ الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ عَنهُ، قَالَ: ( قحط الْمَطَر على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فسألنا نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَسْتَسْقِي لنا فَاسْتَسْقَى.
.
)
الحَدِيث.
وَمِنْهَا: حَدِيث أبي لبابَُُة رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي ( الصَّغِير) من رِوَايَة عبد الله بن حَرْمَلَة عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي لبابَُُة بن عبد الْمُنْذر قَالَ: ( استسقى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أَبُو لبابَُُة بن عبد الْمُنْذر: إِن التَّمْر فِي المرابد يَا رَسُول الله، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إسقنا حَتَّى يقوم أَبُو لبابَُُة عُريَانا ويسد مثقب مربده بِإِزَارِهِ، وَمَا نرى فِي السَّمَاء سحابا فأمطرت، فَاجْتمعُوا إِلَى أبي لبابَُُة فَقَالُوا: إِنَّهَا لن تقلع حَتَّى تقوم عُريَانا وتسد مثقب مربدك بإزارك، فَفعل فأصحت) .
وَمِنْهَا: حَدِيث ابْن عَبَّاس رَوَاهُ أَبُو عوَانَة أَنه قَالَ: ( جَاءَ أَعْرَابِي إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله لقد جئْتُك من عِنْد قوم مَا يتزود لَهُم رَاع وَلَا يخْطر لَهُم فَحل، فَصَعدَ الْمِنْبَر، فَحَمدَ الله ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اسقنا.
.
)
الحَدِيث.
وَمِنْهَا: حَدِيث سعد بن أبي وَقاص رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ رَوَاهُ أَبُو عوَانَة أَيْضا: ( أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نزل وَاديا لَا مَاء فِيهِ، وَسَبقه الْمُشْركُونَ إِلَى المَاء، فَقَالَ بعض الْمُنَافِقين: لَو كَانَ نَبيا لاستسقى لِقَوْمِهِ، فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَبسط يَدَيْهِ.

     وَقَالَ : أللهم جللنا سحابا كثيفا قصيفا دلوتا مخلوفا زبرحاء تمطرنا مِنْهُ رذاذا قطقطا سجلاً بعاقا يَا ذَا الْجلَال وَالْإِكْرَام، فَمَا رد يَدَيْهِ من دُعَائِهِ حَتَّى أظلتنا السَّحَاب الَّتِي وصف)
.
وَعِنْده أَيْضا: عَن عَامر بن خَارِجَة بن سعد عَن جده ( أَن قوما شكوا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قحط الْمَطَر، فَقَالَ: إجثوا على الركب، ثمَّ قُولُوا: يَا رب يَا رب، قَالَ: فَفَعَلُوا فسقوا حَتَّى أَحبُّوا أَن ينْكَشف عَنْهُم) .

وَمِنْهَا: حَدِيث السفا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي ( الْكَبِير) من رِوَايَة خَالِد بن إلْيَاس عَن أبي بكر بن سُلَيْمَان بن أبي خَيْثَمَة عَن الشِّفَاء بنت خلف ( أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم استسقى يَوْم الْجُمُعَة فِي الْمَسْجِد وَرفع يَدَيْهِ.

     وَقَالَ : إستغفروا ربكُم إِنَّه كَانَ غفارًا، وحول رِدَاءَهُ)
.
وخَالِد بن إلْيَاس ضَعِيف، وَمن حَدِيث الْوَاقِدِيّ عَن مشايخه قَالَ: ( قدم وَفد بني مرّة بن قيس وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَسْجِد فشكو إِلَيْهِ السّنة، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اللَّهُمَّ اِسْقِهِمْ الْغَيْث.
.
)
الحَدِيث..
     وَقَالَ  الْوَاقِدِيّ: وَلما قدم وَفد سلامان سنة عشر فشكوا إِلَيْهِ الجدب فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بيدَيْهِ: اللَّهُمَّ إسقهم الْغَيْث فِي دَارهم.
.
) الحَدِيث.
وَفِي ( دَلَائِل النُّبُوَّة) للبيهقي ( عَن أبي وجرة: أَتَى وَفد فَزَارَة بعد تَبُوك فشكوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم السّنة، فَصَعدَ الْمِنْبَر وَرفع يَدَيْهِ وَكَانَ لَا يرفع يَدَيْهِ إلاّ فِي الاسْتِسْقَاء، قَالَ: فوَاللَّه مَا رَأَوْا الشَّمْس سبتا، فَقَامَ الرجل الَّذِي سَأَلَ الاسْتِسْقَاء.
فَقَالَ: يَا رَسُول الله هَلَكت الْأَمْوَال وانقطعت السبل.
.
)
الحَدِيث.
وَفِي ( سنَن سعيد بن مَنْصُور) بِسَنَد جيد إِلَى الشّعبِيّ قَالَ: ( خرج عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، يَسْتَسْقِي فَلم يزدْ على الاسْتِغْفَار، فَقَالُوا: مَا رَأَيْنَاك اسْتَسْقَيْت، فَقَالَ: لقد طلبت الْغَيْث بمجاريح السَّمَاء الَّذِي يسْتَنْزل بِهِ الْمَطَر، ثمَّ قَرَأَ: { اسْتَغْفرُوا ربكُم ثمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ} ( هود: 3، 25 و 09) .
الْآيَة.
.
وَفِي ( مَرَاسِيل أبي دَاوُد) من حَدِيث شريك: ( عَن عَطاء بن يسَار أَن رجلا من نجد أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله أجدبنا وهلكنا فَادع الله، فَدَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) الحَدِيث.

فَهَذِهِ الْأَحَادِيث والْآثَار كلهَا تشهد لأبي حنيفَة أَن الاسْتِسْقَاء اسْتِغْفَار وَدُعَاء، وَأجِيب عَن الْأَحَادِيث الَّتِي فِيهَا الصَّلَاة أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعلهَا مرّة وَتركهَا أُخْرَى، وَذَا لَا يدل على السّنة، وَإِنَّمَا يدل على الْجَوَاز.
قَالَ أبُو عَبْدِ الله كانَ ابنُ عُيَيْنَةَ يَقُولُ هُوَ صاحِبُ الأذَانِ ولاكِنَّهُ وَهَمٌ لأنَّ هاذَا عَبْدُ الله بنُ زَيْدِ بنِ عاصِمٍ المَازِنِيُّ الأنْصَارِي

أَبُو عبد الله: هُوَ البُخَارِيّ نَفسه.
قَوْله: ( كَانَ ابْن عُيَيْنَة) أَي: سُفْيَان بن عُيَيْنَة يَقُول هُوَ أَي: رَاوِي حَدِيث الاسْتِسْقَاء صَاحب الْأَذَان، هَذَا يحْتَمل أَن يكون تَعْلِيقا، وَيحْتَمل أَن يكون البُخَارِيّ سمع ذَلِك من شَيْخه عَليّ بن عبد الله الْمَذْكُور، وعَلى كلا التَّقْدِيرَيْنِ وهم ابْن عُيَيْنَة فِي قَوْله فِي عبد الله بن زيد الْمَذْكُور فِي الحَدِيث: أَنه صَاحب الْأَذَان، يَعْنِي الَّذِي أرِي النداء، وَهُوَ عبد الله بن زيد بن عبد ربه بن ثَعْلَبَة بن زيد بن الْحَارِث بن الْخَزْرَج، وراوي حَدِيث الاسْتِسْقَاء هُوَ: عبد الله ابْن عَاصِم بن عَمْرو بن عَوْف بن مبذول بن عَمْرو بن غنم بن مَازِن، وَهُوَ معنى قَوْله: لِأَن هَذَا، أَي: رَاوِي حَدِيث الاسْتِسْقَاء عبد الله بن زيد بن عَاصِم، وَلم يذكر البُخَارِيّ مُقَابِله حَيْثُ لم يقل: وَذَاكَ عبد الله بن زيد بن عبد ربه، كَأَنَّهُ اكْتفى بِالَّذِي ذكره، وَقد اتّفق كِلَاهُمَا فِي الِاسْم وَاسم الْأَب وَالنِّسْبَة إِلَى الْأَنْصَار، ثمَّ إِلَى الْخَزْرَج والصحبة وَالرِّوَايَة، وافترقا فِي الْجد والبطن الَّذِي من الْخَزْرَج، لِأَن حفيد عَاصِم بن مَازِن، وحفيد عبد ربه من بلحارث بن الْخَزْرَج.
قَوْله: ( الْمَازِني الْأنْصَارِيّ) وَفِي بعض النّسخ: عبد الله بن زيد بن عَاصِم مَازِن الْأنْصَارِيّ، وَاحْترز بِهِ عَن مَازِن تَمِيم وَغَيره، والموازن كَثِيرَة: مَازِن فِي قيس غيلَان وَهُوَ مَازِن بن الْمَنْصُور بن الْحَارِث بن حَفْصَة بن قيس غيلَان، وَفِي قيس غيلَان أَيْضا: مَازِن بن صعصعة بن مُعَاوِيَة بن بكر بن هوَازن بن مَنْصُور بن قيس غيلَان، ومازن فِي فَزَارَة وَهُوَ: مَازِن بن فَزَارَة، ومازن فِي ضبة وَهُوَ: مَازِن بن كَعْب بن ربيعَة بن ثَعْلَبَة بن سعد بن ضبة.
ومازن فِي مدحج وَهُوَ: مَازِن بن ربيعَة بن زيد بن صَعب بن سعد الْعَشِيرَة بن مذْحج، ومازن فِي الْأَنْصَار وَهُوَ: مَازِن بن النجار بن ثَعْلَبَة بن عَمْرو بن الْخَزْرَج، ومازن فِي تَمِيم وَهُوَ: مَازِن بن مَالك بن عَمْرو بن تَمِيم، ومازن فِي شَيبَان وَهُوَ: مَازِن بن ذهل بن ثَعْلَبَة بن شَيبَان، ومازن فِي خذيل وَهُوَ: مَازِن بن مُعَاوِيَة بن تَمِيم بن سعد بن هُذَيْل، ومازن فِي الأزد وَهُوَ: مَازِن بن الأزد..
     وَقَالَ  الرشاطي: مَازِن فِي الْقَبَائِل كثير،.

     وَقَالَ  ابْن دُرَيْد: المازن بيض النَّمْل، وَوَقع فِي ( مُسْند الطَّيَالِسِيّ) وَغَيره مثل مَا قَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة، وَهُوَ غلط.