هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4137 حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : قَالَ أَبُو طَلْحَةَ : كُنَّا قُعُودًا بِالْأَفْنِيَةِ نَتَحَدَّثُ ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَامَ عَلَيْنَا فَقَالَ : مَا لَكُمْ وَلِمَجَالِسِ الصُّعُدَاتِ اجْتَنِبُوا مَجَالِسَ الصُّعُدَاتِ ، فَقُلْنَا إِنَّمَا قَعَدْنَا لِغَيْرِ مَا بَاسٍ قَعَدْنَا نَتَذَاكَرُ وَنَتَحَدَّثُ قَالَ : إِمَّا لَا فَأَدُّوا حَقَّهَا غَضُّ الْبَصَرِ ، وَرَدُّ السَّلَامِ ، وَحُسْنُ الْكَلَامِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4137 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا عفان ، حدثنا عبد الواحد بن زياد ، حدثنا عثمان بن حكيم ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن أبيه ، قال : قال أبو طلحة : كنا قعودا بالأفنية نتحدث ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقام علينا فقال : ما لكم ولمجالس الصعدات اجتنبوا مجالس الصعدات ، فقلنا إنما قعدنا لغير ما باس قعدنا نتذاكر ونتحدث قال : إما لا فأدوا حقها غض البصر ، ورد السلام ، وحسن الكلام
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Abu Talha reported:

While we were sitting in front of the houses and talking amongst ourselves, Allah's Messenger (ﷺ) happened to come there. He stood by us and said: What about you and your meetings on the paths? Avoid these meetings on the paths. We said: We were sitting here without (any intention of doing harm to the passers-by) ; we are sitting to discuss matters and to hold conversation amongst ourselves. Thereupon he said: If there is no help (for you but to sit on these paths), then give the paths their rights and these are lowering of the gaze, exchanging of greetings and good conversation.

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن أبي طلحة رضي الله عنه قال: كنا قعوداً بالأفنية نتحدث.
فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام علينا، فقال ما لكم ولمجالس الصعدات.
اجتنبوا مجالس الصعدات فقلنا: إنما قعدنا لغير ما باس.
قعدنا نتذاكر ونتحدث.
قال إما لا فأدوا حقها: غض البصر، ورد السلام، وحسن الكلام.


المعنى العام

طريق الناس وظلهم بيئة عامة، ينتفع بها الغني والفقير، والعظيم والحقير، والكبير والصغير، فمن أفسد فيه مفسدة فقد أفسد على الناس، ومن وضع فيه عائقاً، فقد حال بين الناس وبين الانتفاع به، ومن هنا نهى الشارع عن التبول والتبرز في طريق الناس وظلهم، بل حرض المسلمين على إزالة الأذى عنه، وتهيئته للمارة، فرجل أزال غصن شوك من الطريق، غفر الله له وأدخله الجنة.
وحرص الشارع على كل ما يضمن للمارة الراحة والوسع وحرية الذهاب والمجيء، وكان من المضايقات جلوس الناس أفراداً وجماعات على قارعة الطريق، إنهم يؤذون المارة بأبصارهم، فيفتنونهم، أو يفتتنون بهم، ويكتشفون ما يخفونه من أمور حياتهم، ومستور عوراتهم، يتغامزون عليهم، ويسخرون منهم، ويعيبونهم، ويغتابونهم، كان هذا الجلوس على الطريق في صدر الإسلام، نهاراً أو ليلاً عادة منتشرة، سهلها وأعان عليها فراغ كبير، وقلة عمل، وضعف مجالات السعي، فإبلهم وأبقارهم وغنمهم تسرح قطعاناً وحدها، أو مع صبي صغير، تخرج خماصاً صباحاً وتعود بطاناً عند الغروب من كلأ مباح، وتجارتهم المتواضعة في أيدي نفر قليل منهم، يسعى بها لنفسه، ولملأ من قومه، فجلوسهم بكثرة على المساطب أمام ساحات البيوت الواسعة، والأفنية الكبيرة، أمر دفعت إليه البيئة، واحتاجها المجتمع، لم تكن هناك المقاهي والنوادي والمسارح الموجودة اليوم للعاطلين، وإيذاء المارة على هذه الحالة أمر لازم، فكيف يعالج المشرع هذه المشكلة؟ ليس من السهل أن يصدر أمراً بمنع الجلوس على الطرقات، فهو يعلم علم اليقين أن في ذلك مشقة عليهم، والدين يسر، فليكن الأمر بذلك وسيلة للشكوى منهم، فتستجاب الشكوى، وتوضع الضوابط المطلوبة والآداب الوافية، فيكونون بين أمرين، لا ثالث لهما، مر عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم جلوس على قارعة طريق، فوقف، فقال: ما لكم وللجلوس على الطريق؟ اجتنبوا الجلوس على الطريق، إياكم والجلوس على الطريق.
فزعوا من الأمر، وانزعجوا من هذا النهي، وقال قائلهم: يا رسول الله، هذه مجالسنا التي لا غنى لنا عنها، نتحدث فيها، ونتذاكر فيها ما جرى ويجري لنا، فقال المشرع الحكيم: إما أن تجتنبوا الجلوس فيها، وإما أن تؤدوا حقها.
قالوا: مستعدون أن نؤدي حقها، فما حقها؟ وما الواجب لها؟ قال: غض البصر عن الحرمات، وعدم إيذاء المارة بألسنتكم وإشاراتكم ورد السلام على من سلم عليكم منهم، وإرشاد ضالهم، وإجابة سائلهم، وإعانة مظلومهم ومحتاجهم، وإغاثة ملهوفهم، وأمرهم بالمعروف إذا تركوه، ونهيهم عن منكر فعلوه، وذكر الله كثيراً.
قالوا: سمعنا وأطعنا.

المباحث العربية

( كنا قعوداً بالأفنية) قعود بضم القاف، جمع قاعد، والأفنية جمع فناء بكسر الفاء، وبالمد، وقد تقصر، وهو المكان المتسع أمام الدار، ويتبع الدار، كحرم لها، وتبنى عليه المساطب، والمعنى: كنا جلوساً بفناء من الأفنية، والمتكلم أبو طلحة، يقصد نفسه وأصدقاءه.

( نتحدث) جملة مستأنفة استئنافاً تعليلياً، في جواب سؤال مقدر، أي لم كنتم تجلسون؟ أو استئنافاً بيانياً، كأن سائلاً سأل: ماذا كنتم تفعلون؟.

( فقام علينا) أي وقف عندنا، وثبت.

( ما لكم ولمجالس الصعدات؟ اجتنبوا مجالس الصعدات) بضم الصاد والعين، جمع صعيد، وهو المكان الواسع، وقيل: جمع صعيد، كطريق وطرقات، وزناً ومعنى، والمراد به ما يراد من الفناء، قال الحافظ ابن حجر: وزعم ثعلب أن المراد بالصعدات وجه الأرض، والاستفهام إنكاري توبيخي، أي ما كان ينبغي لكم هذه المجالس، وفي الرواية الثانية إياكم والجلوس بالطرقات بأسلوب التحذير، والجلوس بالنصب، أي احذروا الجلوس بالطرقات.

( فقلنا: إنما قعدنا لغير ما بأس، قعدنا نتذاكر ونتحدث) القائل أبو طلحة، ونسب القول للمجموع لرضاهم به، وموافقتهم عليه، كقوله تعالى: { { فعقروا الناقة } } [الأعراف: 77] وما زائدة، أي لغير ضرر، ولغير إساءة، أي وإذا كان هذا حالنا، فلم نمنع؟ كأنهم فهموا أن الأمر للإرشاد، فراجعوا، أو فهموا أن الشكوى وبيان العذر قد يؤدي إلى النسخ، وفي الرواية الثانية ما لنا بد من مجالسنا، نتحدث فيها أي ما لنا غنى عن مجالسنا هذه، والبد بضم الباء العوض.

( قال: إما لا.
فأدوا الطريق حقها)
إما بكسر الهمزة وهي إن الشرطية، زيدت عليها ما وهي ممالة في الرواية، ويجوز تركها، وأصل الكلام: إما أن تجتنبوا الجلوس بالطرقات فتسلموا، وإما لا تجتنبوا الجلوس بالطرقات فأعطوا الطريق حقها، حذفت إما الأولى وجملتها، اعتماداً على المقام، وأصبح المعنى إن لم تجتنبوا...فأعطوا.

وفي الرواية الثانية إذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه وفي رواية فإن أبيتم إلا أن تفعلوا وفي رواية فإن كنتم لا بد فاعلين وفي رواية للبخاري فإذا أتيتم إلى المجالس والمجلس والمجالس بمعنى الجلوس، وفي رواية البخاري فأعطوا الطريق حقها، والطريق تذكر وتؤنث.

( غض البصر) عن محرمات الطريق.

( وكف الأذى) عن المارة، ولو عن طريق التسمع والتجسس والاحتقار والاستهزاء والسخرية والغيبة وغير ذلك.

( خمس تجب للمسلم على أخيه) تجب أي تستحق، بما يشمل الاستحباب، والمراد من الأخ.
الأخوة في الإسلام، ففي الرواية الرابعة حق المسلم على المسلم ست والعدد لا مفهوم له، فلا يفيد تحديد المأمورات، وفي حديث سبق أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع، والأمر بعدد لا ينافي الأمر بعدد آخر، في وقت آخر، وتمييز العدد محذوف، أي خمس خصال، أو خمس فضائل، والأخ يشمل الأخت.

( رد السلام) سبق في الباب قبله، وفي الرواية الرابعة إذا لقيته فسلم عليه.

( وتشميت العاطس) سبق في كتاب اللباس والزينة، باب تحريم استعمال أواني الذهب والفضة.

( واتباع الجنائز) في الرواية الرابعة وإذا مات فاتبعه أي فاتبع جنازته، حتى يصلى عليه، أو حتى يدفن.

( وإذا استنصحك فانصح له) السين والتاء للطلب، أي إذا طلب منك النصيحة فعليك أن تنصحه، ولا تداهنه، ولا تغش، ولا تمسك عن بيان النصيحة.

فقه الحديث

قال القاضي عياض: في الحديث دليل على أن أمره صلى الله عليه وسلم لهم لم يكن للوجوب، وإنما كان على طريق الترغيب والأولى، إذ لو فهموا الوجوب لم يراجعوه هذه المراجعة، قال: وقد يحتج به من لا يرى الأوامر على الوجوب.
قال الحافظ ابن حجر: ويحتمل أن يكونوا رجوا وقوع النسخ، تخفيفاً، لما شكوا من الحاجة إلى ذلك، ويؤيده أن في مرسل يحيى بن يعمر فظن القوم أنها عزمة أي واجبة.

وقد اشتملت الرواية الأولى على ثلاث خصال: غض البصر، ورد السلام، وحسن الكلام، وزادت الرواية الثانية: كف الأذى، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وفي حديث لأبي هريرة: زاد: إرشاد السبيل، وتشميت العاطس إذا حمد، وفي حديث عمر عند أبي داود وتغيثوا الملهوف، وعند أحمد والترمذي وأعينوا المظلوم وعند البزار وأعينوا على الحمولة وعند الطبراني ذكر الله كثيراً وواهدوا الأغبياء قال الحافظ ابن حجر:

وقد اشتملت هذه الآداب على معنى علة النهي عن الجلوس في الطرق، من التعرض للفتن، بمرور النساء وخوف ما يلحق من النظر إليهن من ذلك، إذ لا يمنع النساء من المرور في الشوارع، لقضاء حوائجهن، ومن التعرض لحقوق الله والمسلمين، مما لا يلزم الإنسان إذا كان في بيته، ومن رؤية المنكر، وتعطيل المعروف، فيجب على المسلم الأمر والنهي عند ذلك، فإن ترك ذلك فقد تعرض للمعصية، وكذا يتعرض لمن يمر عليه، ويسلم عليه، فإنه ربما كثر ذلك، فيعجز عن الرد على كل مار، ورده فرض، فيأثم، والمرء مأمور بأن لا يتعرض للفتن، وإلزام نفسه ما لعله لا يقوى عليه، فندبهم الشارع إلى ترك الجلوس، حسماً للمادة، فلما ذكروا ضرورتهم إلى ذلك، لما فيه من المصالح، من تعاهد بعضهم بعضاً، ومذاكرتهم في أمور الدين ومصالح الدنيا، وترويح النفوس بالمحادثة في المباح، دلهم على ما يزيل المفسدة، من الأمور المذكورة.
قال: ولكل من الآداب المذكورة شواهد في أحاديث أخرى -فإفشاء السلام ورده سبق في الباب قبله- وأما إحسان الكلام فقال القاضي عياض: فيه ندب إلى حسن معاملة المسلمين، بعضهم لبعض، فإن الجالس على الطريق يمر به العدد الكثير من الناس، فربما سألوه عن بعض شأنهم، ووجهة طريقهم، فيجب أن يتلقاهم بالجميل من الكلام، ولا يتلقاهم بالضجر وخشونة اللفظ، وهو من جملة كف الأذى.

قال الحافظ ابن حجر: وله شواهد من حديث أبي شرح هانئ، رفعه من موجبات الجنة إطعام الطعام، وإفشاء السلام، وحسن الكلام، ومن حديث أبي مالك الأشعري، رفعه في الجنة غرف لمن أطاب الكلام وفي الصحيحين من حديث عدي بن حاتم، رفعه اتقوا النار، ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة وأما تشميت العاطس فمضى مبسوطاً، وأما المعاونة على الحمل، فله شاهد في الصحيحين من حديث أبي هريرة رفعه كل سلامي من الناس عليه صدقة الحديث، وفيه ويعين الرجل على دابته، فيحمله عليها، ويرفع له عليها متاعه صدقة وأما إعانة المظلوم، فله شاهد تقدم في كتاب المظالم، وأما إغاثة الملهوف، فله شاهد في الصحيحين، من حديث أبي موسى، وفيه ويعين ذا الحاجة الملهوف وفي حديث أبي ذر عند ابن حبان وتسعى بشدة ساقيك مع اللهفان المستغيث وأما إرشاد السبيل، فروى الترمذي، وصححه ابن حبان من حديث أبي ذر مرفوعاًَ وإرشادك الرجل في أرض الضلال صدقة وأما كف الأذى، فالمراد به كف الأذى عن المارة، بأن لا يجلس حيث يضيق عليهم الطريق، أو على باب منزل من يتأذى بجلوسه عليه، أو حيث ينكشف عياله، أو ينكشف ما يريد ستره من حاله، قاله القاضي عياض، ويحتمل أن يكون المراد كف أذى الناس، بعضهم عن بعض.
والله أعلم.

قال الحافظ ابن حجر: وفي الحديث حجة لمن يقول بأن سد الذرائع بطريق الأولى، لا على الحتم، لأنه نهاهم أولاً عن الجلوس، حسماً للمادة، فلما قالوا: ما لنا منها بد ذكر لهم المقاصد الأصلية للمنع، فعرف أن النهي الأول للإرشاد إلى الأصلح، ويؤخذ منه أن دفع المفسدة أولى من جلب المصلحة، لندبه أولاً إلى ترك الجلوس، مع ما فيه من الأجر لمن عمل بحق الطريق، وذلك أن الاحتياط لطلب السلامة آكد من الطمع في الزيادة.

وقد عقب البخاري على هذا الحديث بباب الآبار التي على الطريق، إذا لم يتأذ بها، وساق حديث البئر الذي شرب منه العطشان، ثم سقى منه الكلب الذي كان يلهث من شدة العطش، ثم بباب إماطة الأذى، وساق حديث يميط الأذى عن الطريق صدقة لأنها تسبب سلامة من يمر به من الأذى، فكأنه تصدق عليه بذلك، فحصل له أجر الصدقة، ثم عقبه بباب الغرفة المشرفة وغير المشرفة في السطوح وغيرها.
قال العلماء: حكم الغرف على السطوح المشرفة على الطرقات -أي والبلكونات- الجواز، إذا أمن من الإشراف على عورات الناس والمنازل، فإن لم يؤمن لم يجبر على سده، بل يؤمر بعدم الإشراف، ولمن هو أسفل منه أن يتحفظ، ثم عقبه بباب من عقل بعيره على باب المسجد -ومثل ذلك السيارات- وحكمة الجواز إذا لم يحصل به ضرر.

والله أعلم