فهرس الكتاب

حرف الهمزة

حرف الهمزة
1 - حَدِيث: آخِرُ الدَّوَاءِ الْكَيُّ، كَلامٌ مَعْنَاهُ أَنَّهُ بَعْدَ انْقِطَاعِ طُرُقِ الشِّفَاءِ يُعَالَجُ بِهِ، وَلِذَا كَانَ أَحَدَ مَا حُمِلَ عَلَيْهِ النَّهْيُ عَنِ الْكَيِّ وُجُودُ طَرِيقٍ مَرْجُوِّ الشِّفَاءِ.

2 - حَدِيث: آفَةُ الْكَذِبِ النِّسْيَانُ، الْقُضَاعِيُّ فِي مُسْنَدِ الشِّهَابِ، وَالدَّيْلَمِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، وَمِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنِ الْحَارِثِ الأَعْوَرِ كِلاهُمَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ مَرْفُوعًا فِي حَدِيثٍ بِلَفْظِ: آفَةُ الْحَدِيثِ الْكَذِبُ وَآفَةُ الْعِلْمِ النِّسْيَانُ، وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ إِلا أَنَّهُ صَحِيحُ الْمَعْنَى، وَلِلدَّارِمِيِّ فِي مُسْنَدِهِ وَالْعَسْكَرِيِّ فِي الأَمْثَالِ مِنْ حَدِيثِ وَكِيعٍ عَنِ الأَعْمَشِ رَفَعَهُ مُعْضَلا أَوْ مُرْسَلا: آفَةُ الْعِلْمِ النِّسْيَانُ وَإِضَاعَتُهُ أَنْ تُحَدِّثَ بِهِ غَيْرَ أَهْلِهِ، وَلِلْبَيْهَقِيِّ فِي الْمَدْخَلِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْعُمَيْسِ الْمَسْعُودِيِّ عَنِ الْقَاسِمِ هُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّه بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ جَدِّهِ - وَبَيْنَهُمَا انْقِطَاعٌ - مَوْقُوفًا: آفَةُ الْحَدِيثِ النِّسْيَانُ، وَلَهُ فِي الشّعبِ وَغَيْرِهَا وَكَذَا لِلْخُلَعِيِّ فِي فَوَائِدِهِ عَنْ رُؤْبَةَ بْنِ الْعَجَّاجِ، قَالَ قَالَ لِي النَّسَّابَةُ الْبَكْرِيُّ: لِلْعِلْمِ آفَةٌ وَنَكَدٌ وَهُجْنَةٌ فَآفَتُهُ نِسْيَانُهُ، وَنَكَدُهُ الْكَذِبُ، وَهُجْنَتُهُ نَشْرُهُ عِنْدَ غَيْرِ أَهْلِهِ.

3 - حَدِيث: آلُ مُحَمَّدٍ كُلُّ تَقِيٍّ، تَمَّامٌ فِي فَوَائِدِهِ مِنْ حَدِيثِ شَيْبَانَ بْنِ فَرُّوخَ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ هُرْمُزَ. وَالدَّيْلَمِيُّ مِنْ حَدِيثِ النَّضْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ كِلاهُمَا عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ آلُ مُحَمَّدٍ؟ فَقَالَ كُلُّ تَقِيٍّ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، وَلَفْظُ الدَّيْلَمِيِّ فَقَالَ: آلُ مُحَمَّدٍ كُلُّ تَقِيٍّ، ثُمَّ قَرَأَ {إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلا الْمُتَّقُونَ} وَفِي الدَّلائِلِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ الشِّخِّيرِ وَمِنْ حَدِيثِ شَرِيكٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنِ الْحَارِثِ الأَعْوَرِ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّه مَنْ آلُ مُحَمَّدٍ؟ قَالَ: كُلُّ تَقِيٍّ، وَأَسَانِيدُهَا ضَعِيفَةٌ، وَلَكِنَّ شَوَاهِدَهُ كَثِيرَةٌ. مِنْهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ آلَ أَبِي فُلانٍ لَيْسُوا لِي بِأَوْلِيَاءَ إِنَّمَا وَلِيِّيَ اللَّه وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ، كَمَا بَيَّنْتُهَا فِي ارْتِقَاءِ الْغُرَفِ، وَقَدْ حَمَلَ الْحَلِيمِيُّ حَدِيثَ التَّرْجَمَةِ عَلَى كُلِّ تَقِيٍّ مِنْ قَرَابَتِهِ، وَمِنَ الأَدِلَّةِ الَّتِي اسْتَدَلَّ بِهَا الْبَيْهَقِيُّ عَلَى أَنَّ اسْمَ الآلِ لِلْقَرَابَةِ خَاصَّةً لا لِعَامَّةِ الْمُؤْمِنِينَ . 4 - حَدِيث: آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاثٌ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ جَدِّ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ مَرْفُوعًا بِهَذَا.

5 - حَدِيث: آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّه خَيْرٌ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ، وكذا فيما قيل شَيْخِي مِنْ قَبْلِي، وَلَكِنْ قَدْ رَأَيْتُهُ بِخَطِّ بَعْضِ طَلَبَتِهِ مِنْ أَصْحَابِنَا فِي هَامِشِ تَسْدِيدِ الْقَوْسِ مُجَرَّدًا عَنِ الْعَزْوِ وَالصَّحَابِيِّ، وَذَلِكَ لا أَعْتَمِدُهُ مِنْ مِثْلِهِ، وَزَادَ فِيهِ: لأَنَّ الْقُرْآنَ كَلامُ اللَّه غَيْرُ مَخْلُوقٍ. نَعَمْ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ مِنْ جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ الْحُمَيْدِيِّ قَالَ: قَالَ لَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ فِي تَفْسِيرِ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: مَا خَلَقَ اللَّه سُبْحَانَهُ مِنْ سَمَاءٍ وَلا أَرْضٍ أَعْظَمَ مِنْ آيَةِ الْكُرْسِيِّ: آيَةُ الْكُرْسِيِّ كَلامُ اللَّه وَكَلامُ اللَّه أَعْظَمُ خَلْقِ اللَّه مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، وَفِي نُسْخَةٍ: أَعْظَمُ مما في السماوات وَالأَرْضِ، قُلْتُ: وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى مَا أَوْرَدَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَوْقُوفًا: كُلُّ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّه خَيْرٌ مِمَّا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، وَوَقَفْتُ عَلَى أَثَرٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ مِنْ قَوْلِهِ أَنَّهُ كَانَ يُقْرِئُ الرَّجُلَ الآيَةَ ثُمَّ يَقُولُ: لَهِيَ خَيْرٌ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَمَا عَلَى الأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ، حَتَّى يَقُولَ ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ كُلِّهِ، وَفِي لَفْظٍ أَنَّهُ كَانَ إِذَا عَلَّمَ الآيَةَ قَالَ: خُذْهَا فَلَهِيَ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا. أَخْرَجَهُمَا ابْنُ الضُّرَيْسِ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ، وَأَوَّلُهُمَا عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي مُعْجَمِهِ الْكَبِيرِ، وَأَبِي عُبَيْدٍ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ، بِلَفْظِ: كَانَ يُقْرِئُ الْقُرْآنَ فَيَمُرُّ بِالآيَةِ فَيَقُولُ لِلرَّجُلِ: خُذْهَا فواللَّه لَهِيَ خَيْرٌ مِمَّا عَلَى الأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ، وَأَوْرَدَهُ بَعْضُهُمْ مُوهِمًا رَفْعَهُ بِلَفْظِ: آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّه خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا. وَلأَبِي عُبَيْدٍ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ فَرْوَةَ بْنِ نَوْفَلٍ الأَشْجَعِيِّ عَنْ خَبَّاب ابْنِ الأرتِّ أَنَّهُ قَالَ: وَاعْلَمْ أَنَّكَ لَسْتَ تَتَقَرَّبُ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ هُوَ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ كَلامِهِ، وَفِي الأَوَّلِ مِنْ ثَانِي حَدِيثِ الْمخلصِ مِنْ مُرْسَلِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، بَلْ هُوَ فِي مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ عَنْ عَلِيٍّ رَفَعَهُ: الْقُرْآنُ أَفْضَلُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ دُونَ اللَّه، قَالَ: وَفِي الْبَابِ عَنْ أَنَسٍ وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِهِ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فِي حديث أوله: لقراءة آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّه أَفْضَلُ مِمَّا تَحْتَ الْعَرْشِ. وَلأَبِي الشَّيْخِ وَالدَّيْلَمِيِّ فِي مُسْنَدِهِ مَعًا مِنْ حَدِيثِ صُهَيْبٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ مَرْفُوعًا: لَقِرَاءَةُ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّه أَفْضَلُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ دُونَ الْعَرْشِ، وَفِي الْمَعْنَى مَا رَوَاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ سُلَيْمٍ رَفَعَهُ مُرْسَلا - مِمَّا هُوَ عِنْدَ الْغَزَالِيِّ فِي الإِحْيَاءِ -: مَا مِنْ شَفِيعٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّه مَنْزِلَةً مِنَ الْقُرْآنِ، لا نَبِيَّ وَلا مَلَكَ وَلا غَيْرَهُ.

6 - حَدِيث: أَبْخَلُ النَّاسِ، فِي: إِنَّ أَبْخَلَ.

7 - حَدِيث: ابْدَأْ بِنَفْسِكَ، مُسْلِمٌ فِي الزَّكَاةِ مِنْ صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، قَالَ: أَعْتَقَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ عَبْدًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَلَكَ مَالٌ غَيْرُهُ؟ فَقَالَ: لا، فَقَالَ: مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي؟ فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّه العدوي بثمانمائة دِرْهَمٍ، فَجَاءَ بِهَا رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلأَهْلِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِكَ شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ ذِي قَرَابَتِكَ شَيْءٌ فَهَكَذَا وَهَكَذَا، يَقُولُ: فَبَيْنَ يَدَيْكَ وَعَنْ يَمِينِكَ وَعَنْ شِمَالِكَ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَآخَرُونَ، وَفِي الْبَابِ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ في الكبير من حَدِيثِ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ كِلاهُمَا عَنِ الْمُهَاجِرِ بْنِ مِسْمَارٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْهُ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ رَفَعَهُ إِذَا أَنْعَمَ اللَّه عَلَى عَبْدٍ بِنِعْمَةٍ فَلْيَبْدَأْ بِنَفْسِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، وَلَفْظُ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ: إِذَا أَعْطَى اللَّه أَحَدَكُمْ خَيْرًا فَلْيَبْدَأْ بِنَفْسِهِ وَأَهْلِهِ. وَهُوَ كَذَلِكَ - لَكِنْ بِلَفْظِ -: وَأَهْلِ بَيْتِهِ، عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي أَوَّلِ الإِمَارَةِ مِنْ صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ فَقَطْ، وَفِي الْحُرُوفِ مِنَ السُّنَنِ لأَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَعَا بَدَأَ بِنَفْسِهِ، وَقَالَ: رَحْمَةُ اللَّه عَلَيْنَا وَعَلَى مُوسَى الْحَدِيثَ، بَلْ هُوَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ من حديث رَقَية بْنِ مَصْقَلة عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ فِي قِصَّةِ مُوسَى مَعَ الْخَضِرِ: وَكَانَ يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَكَرَ أَحَدًا مِنَ الأَنْبِيَاءِ بَدَأَ بِنَفْسِهِ: رَحْمَةُ اللَّه عَلَيْنَا وَعَلَى أَخِي كَذَا، وَفِي السُّنَنِ لِسَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ مِنْ حَدِيثِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ إِذَا تَشَهَّدَ قَالَ: بِسْمِ اللَّه خَيْرِ الأَسْمَاءِ، وَذَكَرَ التَّشَهُّدَ وَفِيهِ: السَّلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّه الصَّالِحِينَ، إِنَّ أَحَدَكُمْ يُصَلِّي فَيُسَلِّمُ وَلا يُسَلِّمُ على نفسه، فابدؤوا بِأَنْفُسِكُمْ فَإِنَّ ذَلِكَ قَدْ جَمَعَ لَكُمُ الْمَلائِكَةَ وَالصَّالِحِينَ.

8 - حديث: الأبدال، له طرق عن أنس رضي اللَّه عنه مرفوعا بألفاظ مختلفة كلها ضعيفة. منها للخلال في كرامات الأولياء بلفظ: الأبدال أربعون رجلا وأربعون امرأة كلما مات رجل أبدل اللَّه رجلا مكانه، وإذا ماتت امرأة أبدل اللَّه مكانها امرأة، ومنها للطبراني في الأوسط بلفظ: لن تخلو الأرض من أربعين رجلا مثل خليل الرحمن عليه السلام، فبهم يسقون، وبهم ينصرون، ما مات منهم أحد إلا أبدل اللَّه مكانه آخر، ومنها لابن عدي في كامله بلفظ: البدلاء أربعون، اثنان وعشرون بالشام، وثمانية عشر بالعراق، كلما مات منهم واحد أبدل اللَّه مكانه آخر، فإذا جاء الأمر قبضوا كلهم، فعند ذلك تقوم الساعة، وكذا يروى كما عند أحمد في المسند والخلال وغيرهما عن عبادة بن الصامت رضي اللَّه مرفوعا: لا يزال في هذه الأمة ثلاثون مثل إبراهيم خليل الرحمن كلما مات واحد منهم أبدل اللَّه عز وجل مكانه رجلا، وفي لفظ للطبراني في الكبير: بهم تقوم الأرض، وبهم يمطرون، وبهم ينصرون، ولأبي نعيم في الحلية عن ابن عمر رفعه: خيار أمتي في كل قرن خمسمائة والأبدال أربعون، فلا الخمسمائة ينقصون ولا الأربعون كلما مات رجل أبدل اللَّه مكانه آخر، قالوا: يا رسول اللَّه دلنا على أعمالهم؟ قال: يعفون عمن ظلمهم، ويحسنون إلى من أساء إليهم، ويتواصلون فيما أتاهم اللَّه عز وجل، وفي لفظ للخلال: لا يزال أربعون رجلا يحفظ اللَّه بهم الأرض كلما مات رجل أبدل اللَّه مكانه آخر وهم في الأرض كلها، وفي الحلية أيضا عن ابن مسعود رضي اللَّه عنه رفعه: لا يزال أربعون رجلا من أمتي قلوبهم على قلب إبراهيم يدفع اللَّه بهم عن أهل الأرض يقال لهم الأبدال، إنهم لم يدركوها بصلاة ولا بصوم ولا بصدقة، قالوا: فبم أدركوها يا رسول اللَّه؟ قال: بالسخاء والنصيحة للمسلمين، والجملة الأخيرة تروى كما للطبراني في الأجواد وغيره كأبي بكر ابن لال في مكارم الأخلاق، عن أنس رضي اللَّه عنه رفعه بلفظ: إن بدلاء أمتي لم يدخلوا الجنة بصلاة ولا صيام، ولكن دخلوها بسخاء الأنفس وسلامة الصدور والنصح للمسلمين، وللخرائطي في المكارم من حديث أبي سعيد نحوه، وبعضها أشد في الضعف من بعض، وآخرها جاء عن فضيل بن عياض رحمه اللَّه من قوله بلفظ: لم يدرك عندنا من أدرك بكثرة صيام ولا صلاة، وإنما أدرك عندنا بسخاء الأنفس وسلامة الصدور والنصح للأمة، وأحسن مما تقدم ما لأحمد من حديث شريح يعني ابن عبيد قال: ذكر أهل الشام عند علي رضي اللَّه عنه وهو بالعراق فقالوا: العنهم يا أمير المؤمنين، قال: لا، إني سمعت رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: البدلاء يكونون في الشام وهم أربعون رجلا كلما مات رجل أبدل اللَّه مكانه رجلا يسقي بهم الغيث وينتصر بهم على الأعداء، ويصرف عن أهل الشام بهم العذاب، ورجاله من رواة الصحيح، إلا شريحا وهو ثقة، وقد سمع ممن هو أقدم من علي، ومع ذلك فقال الضياء المقدسي: إن رواية صفوان بن عبد اللَّه عن علي رضي اللَّه عنه من غير رفع: لا تسبوا أهل الشام جما غفيرا، فإن فيها الأبدال، قالها ثلاثا. أولى، أخرجها عبد الرزاق ومن طريقه البيهقي في الدلائل ورواها غيرهما، بل أخرجها الحاكم في مستدركه مما صححه من قول علي نحوه، ورأى بعضهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام فقال له: أين بدلاء أمتك؟ فأومأ بيده نحو الشام، وقال: فقلت يا رسول اللَّه؟ أما بالعراق أحد منهم؟ قال: بلى وسمى جماعة، ومما يتقوى به هذا الحديث ويدل لانتشاره بين الأئمة قول إمامنا الشافعي رحمه اللَّه في بعضهم: كنا نعده من الأبدال.
وقول البخاري في غيره: كانوا لا يشكون أنه من الأبدال، وكذا وصف غيرهما من النقاد والحفاظ والأئمة غير واحد بأنهم من الأبدال، ويروى في حديث مرفوع: ثلاث من كن فيه فهو من الأبدال، الرضا بالقضاء، والصبر عن المحارم، والغضب للَّه، وعن بعضهم قال: أكلهم فاقة وكلامهم ضرورة، وعن معروف الكرخي قال: من قال اللَّهم ارحم أمة محمد في كل يوم كتبه اللَّه من الأبدال، وهو في الحلية بلفظ من قال في كل يوم عشر مرات: اللَّهم أصلح أمة محمد، اللَّهم فرج عن أمة محمد، اللَّهم ارحم أمة محمد، كتب من الأبدال، وعن غيره قال: علامة الأبدال أن لا يولد لهم، بل يروى في مرفوع معضل: علامة أبدال أمتي أنهم لا يلعنون شيئا أبدا، وقال يزيد بن هارون: الأبدال هم أهل العلم، وقال الإمام أحمد: إن لم يكونوا أصحاب الحديث فمن هم؟ وقال بلال الخواص فيما رويناه في مناقب الشافعي ورسالة القشيري: كنت في تيه بني إسرائيل فإذا رجل يماشيني فتعجبت منه وألهمت أنه الخضر، فقلت له: بحق الحق من أنت؟ قال: أنا أخوك الخضر، فقلت له: أريد أن أسألك، قال: سل، قلت: ما تقول في الشافعي، قال: هو من الأبدال، قلت: فما تقول في أحمد، قال: رجل صديق، قلت: فما تقول في بشر بن الحارث، قال: رجل لم يخلق بعده مثله، قلت: فبأي وسيلة رأيتك، قال: ببركة أمك، وروينا في تاريخ بغداد للخطيب عن الكتاني قال: النقباء ثلاثمائة، والنجباء سبعون، والبدلاء أربعون، والأخيار سبعة، والعمد أربعة، والغوث واحد، فمسكن النقباء المغرب. ومسكن النجباء مصر، ومسكن الأبدال الشام، والأخيار سيَّاحون في الأرض، والعُمُدُ في زوايا الأرض، ومسكن الغوث مكة، فإذا عرضت الحاجة من أمر العامة ابتهل فيها النقباء، ثم النجباء، ثم الأبدال، ثم الأخيار، ثم العمد، فإن أجيبوا وإلا ابتهل الغوث، فلا تتم مسئلته حتى تجاب دعوته، وفي الإحياء: ويقال إنه ما تغرب الشمس من يوم إلا ويطوف بهذا البيت رجل من الأبدال ولا يطلع الفجر من ليلة إلا ويطوف به واحد من الأوتاد، وإذا انقطع ذلك كان سبب رفعه من الأرض، وذكر أثرا. إلى غير ذلك من الآثار الموقوفة وغيرها، وكذا من المرفوع مما أفردته واضحا بينا معللا في جزء سميته نظم اللآل في الكلام على الأبدال.

9 - حَدِيث: أَبْرِدُوا بِالطَّعَامِ، فَإِنَّ الطَّعَامَ الْحَارَّ غَيْرُ ذِي بَرَكَةٍ، الطَّبَرَانِيُّ فِي الأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّه بْنُ يَزِيدَ الْبَكْرِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ مَرْفُوعًا بِهَذَا، وَقَالَ: لَمْ يَرْوِهِ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ إِلا الْبَكْرِيُّ تَفَرَّدَ بِهِ هِشَامٌ، وَعِنْدَهُ فِي الأَوْسَطِ وَالصَّغِيرِ مَعًا مِنْ حَدِيثِ هِشَامٍ عَنِ الْبَكْرِيِّ الْمَذْكُورِينَ قَالَ : حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ الْمَدَنِيُّ حَدَّثَنَا بِلالُ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى بِصَحِيفَةٍ تَفُورُ فَرَفَعَ يَدَهُ مِنْهَا فَقَالَ: إِنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُطْعِمْنَا نَارًا، وَفِي لَفْظٍ فَأَسْرَعَ يَدَهُ فِيهَا ثُمَّ رَفَعَ يَدَهُ، وَقَالَ: لَمْ يَرْوِهِ عَنْ بِلالٍ إِلا يَعْقُوبُ وَلا عَنْهُ إِلا عَبْدُ اللَّه تَفَرَّدَ بِهِ هِشَامٌ، وَبِلالٌ قَلِيلُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِيهِ انْتَهَى. وَالْبَكْرِيُّ ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ، لَكِنَّ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أُتيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بِطَعَامٍ سُخْنٍ، فَقَالَ: مَا دَخَلَ بَطْنِي طَعَامٌ سُخْنٌ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا قَبْلَ الْيَوْمِ، بَلْ لِلدَّيْلَمِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ قَزَعَةَ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا رَفَعَهُ: أَبْرِدُوا بِالطَّعَامِ، فَإِنَّ الْحَارَّ لا بَرَكَةَ فِيهِ، وَلأَبِي نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ مِنْ حَدِيثِ يُوسُفَ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْرَهُ الْكَيَّ وَالطَّعَامَ الْحَارَّ، وَيَقُولُ: عَلَيْكُمْ بِالْبَارِدِ، فَإِنَّهُ ذُو بَرَكَةٍ أَلا وَإِنَّ الْحَارَّ لا بَرَكَةَ لَهُ، قَالَ: وَكَانَتْ لَهُ مَكْحَلَةٌ يَكْتَحِلُ بِهَا عِنْدَ النَّوْمِ ثَلاثًا ثَلاثًا، وَلأَحْمَدَ وَأَبِي نُعَيْمٍ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ أَسْمَاءَ رَضِيَ اللَّه عَنْهَا كَانَتْ إِذَا ثَرَّدَتْ غَطَّتْهُ بِشَيْءٍ حَتَّى يَذْهَبَ فَوْرُهُ، ثُمَّ تَقُولُ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: هُوَ أَعْظَمُ لِلْبَرَكَةِ وَهُوَ عِنْدَ كُلٍّ مِنْ أَحْمَدَ أَيْضًا وَالطَّبَرَانِيِّ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ، وَلِلطَّبَرَانِيِّ فِي الْكَبِيرِ بِسَنَدٍ فِيهِ مَنْ لَمْ يُسَمَّ عَنْ جُوَيْرِيَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَكْرَهُ الطَّعَامَ، حَتَّى تَذْهَبَ فَوْرَةُ دُخَانِهِ، وَلَهُ وَكَذَا لِلْبَيْهَقِيِّ فِي الشُّعَبِ عن خولة ابنة قَيْسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهَا أَنَّهَا جَعَلَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرِيرَةً، وَقَدَّمَتْهَا إِلَيْهِ، فَوَضَعَ يَدَهُ فَوَجَدَ حَرَّهَا فَقَبَضَهَا وَقَالَ: يَا خَوْلَةُ لا نَصْبِرُ عَلَى حَرٍّ وَلا بَرْدٍ الْحَدِيثَ، وَفِي لَفْظٍ لأَحْمَدَ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ فَأَحْرَقَتْ أَصَابِعَهُ، فَقَالَ: حَسِّ.

10 - حَدِيث: أَبْغَضُ الْحَلالِ إِلَى اللَّه الطَّلاقُ، أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ عَنْ معرِّف بْنِ وَاصِلٍ عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ رَفَعَهُ بِلَفْظِ: مَا أَحَلَّ اللَّه شَيْئًا أَبْغَضَ إِلَيْهِ مِنَ الطَّلاقِ، وَهَذَا مُرْسَلٌ، وَهُوَ وَإِنْ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ مِنْ جِهَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ ابن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ هَذَا فَوَصَلَهُ بِإِثْبَاتِ ابْنِ عُمَرَ فِيهِ، وَلَفْظُهُ: مَا أَحَلَّ اللَّه شَيْئًا أَبْغَضَ إِلَيْهِ مِنَ الطَّلاقِ، فَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ فِي الْبِرِّ وَالصِّلَةِ لَهُ، وَكَذَا أَبُو نُعَيْمٍ - الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ - كِلاهُمَا عَنْ مُعَرِّفٍ كَالأَوَّلِ، وَلِذَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي عِلَلِهِ: الْمُرْسَلُ فِيهِ أَشْبَهُ، وَكَذَلِكَ صَحَّحَ الْبَيْهَقِيُّ إِرْسَالَهُ، وَقَالَ: إِنَّ الْمُتَّصِلَ لَيْسَ مَحْفُوظًا، وَرَجَّحَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ أَيْضًا الْمُرْسَلَ، وَصَنِيعُ أَبِي دَاوُدَ مُشْعِرٌ بِهِ، فَإِنَّهُ قَدَّمَ الرِّوَايَةَ الْمُرْسَلَةَ، خِلافًا لِمَا اقْتَضَاهُ قَوْلُ الزَّرْكَشِيِّ: ثُمَّ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مُتَّصِلا عَنْ كَثِيرِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْوَهْبِيِّ عَنْ مُعَرِّفٍ بِلَفْظِ التَّرْجَمَةِ، وَكَذَا رَوَاهُ عَنْ كَثِيرٍ - ابْنُ أَبِي دَاوُدَ وَابْنُ أَبِي عَاصِمٍ وَالْحُسَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ، كَمَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْهُ لَكِنْ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ عَنْ كَثِيرٍ فَجَعَلَ بَدَلَ مُعَرِّفٍ عُبَيْدَ اللَّه بْنَ الْوَلِيدِ الْوَصَّافِيَّ، وَكَذَا هُوَ عِنْدَ تَمَّامٍ فِي فَوَائِدِهِ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، كِلاهُمَا عَنِ الْوَصَّافِيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَمِنْ جِهَتِهِ أَوْرَدَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْعِلَلِ الْمُتَنَاهِيَةِ، وَلَهُ شَاهِدٌ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ فِي سُنَنِهِ مِنْ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ مَالِكٍ اللَّخْمِيِّ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ مَرْفُوعًا، بِلَفْظِ: يَا مُعَاذُ! مَا خَلَقَ اللَّه شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ الْعِتَاقِ، ولا خلق الله شَيْئًا عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ أَبْغَضَ إِلَيْهِ مِنَ الطَّلاقِ، فَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِمَمْلُوكِهِ: أَنْتَ حُرٌّ إِنْ شَاءَ اللَّه فَهُوَ حُرٌّ لا اسْتِثْنَاءَ لَهُ، وإذا قال لامرأته: أنت طالق إن شاء اللَّه فله استثناؤه، ولا طلاق عليه، وَهُوَ عِنْدَ الدَّيْلَمِيِّ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ جِهَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حُمَيْدٍ، وَلَفْظُهُ: إِنَّ اللَّه يُبْغِضُ الطَّلاقَ وَيُحِبُّ الْعِتَاقَ، وَلَكِنَّهُ ضَعِيفٌ بِالانْقِطَاعِ، فَمَكْحُولٌ لم يسمع من مُعَاذٍ، بَلْ وَحُمَيْدٌ مَجْهُولٌ، وَقَدْ قِيلَ عَنْهُ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ يُخَامِرَ عَنْ مُعَاذٍ، وَقِيلَ عَنْهُ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ مُعَاذٍ، وَكُلُّهَا ضَعِيفَةٌ، وَالْحَمْلُ فِيهِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَلَى حُمَيْدٍ، وَفِي الْبَابِ أَيْضًا عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ رَفَعَهُ: تَزَوَّجُوا وَلا تُطَلِّقُوا، فَإِنَّ الطَّلاقَ يَهْتَزُّ مِنْهُ الْعَرْشُ، أَخْرَجَهُ الدَّيْلَمِيُّ مِنْ حَدِيثِ جُوبَيْرٍ عَنِ الضَّحَّاكِ عَنِ النَّزَّال عَنْهُ وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ، وَعَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ مَرْفُوعًا : مَا بَالُ أَحَدِكُمْ يَلْعَبُ بِحُدُودِ اللَّه يَقُولُ: قَدْ طَلَّقْتُ قَدْ رَاجَعْتُ. وَكَأَنَّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَا يَقْتَضِيهِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُهُمُ: الطلاق يمين الفساق.

11 - حَدِيث: أَبْلِغُوا حَاجَةَ مَنْ لا يَسْتَطِيعُ إِبْلاغَ حَاجَتِهِ، فَإِنَّهُ مَنْ أَبْلَغَ سُلْطَانًا حَاجَةَ مَنْ لا يَسْتَطِيعُ إِبْلاغَهَا إِيَّاهُ ثَبَّتَ اللَّه قَدَمَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلائِلِ مِنْ حَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ الحسين، ومن حَدِيثِ مَنْ لَمْ يُسَمَّ عَنِ ابْنٍ لأَبِي هَالَةَ كِلاهُمَا عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا قَالَ: سَأَلْتُ خَالِيَ هِنْدَ بْنَ أَبِي هَالَةَ التَّمِيمِيَّ - وَكَانَ وَصَّافًا - عَنْ حِلْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلا، وَفِيهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: لِيُبْلِغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، وَأَبْلِغُونِي حَاجَةَ مَنْ لا يَسْتَطِيعُ إِبْلاغِي حَاجَتَهُ، وَذَكَرَهُ، وَهُوَ مِنَ الْوَجْهِ الأَوَّلِ عِنْدَنَا فِي مَشْيَخَةِ ابْنِ شَاذَانَ الصُّغْرَى، وَمِنَ الْوَجْهِ الثَّانِي فِي الْمُعْجَمِ الْكَبِيرِ لِلطَّبَرَانِيِّ. وَكَذَا فِي الشَّمَائِلِ النَّبَوِيَّةِ لِلتِّرْمِذِيِّ، لَكِنْ بِدُونِ الْقَصْدِ مِنْهُ هُنَا، وَأَخْرَجَهُ الْبَغَوِيُّ وَابْنُ مَنْدَهْ وَآخَرُونَ، وَرَوَاهُ الْفَقِيهُ نَصْرٌ فِي فَوَائِدِهِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بِنْ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ مَرْفُوعًا: أَبْلِغُونِي. وَذَكَرَهُ بِزِيَادَةِ عَلَى الصِّرَاطِ، وَفِي الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ رضي اللَّه عنهما، وهما بلفظ: مَنْ كَانَ وَصْلَةً لأَخِيهِ الْمُسْلِمِ إِلَى ذِي سُلْطَانٍ فِي تَبْلِيغِ برٍّ أَوْ تَيْسِيرِ عَسِيرٍ أَعَانَهُ اللَّه عَلَى إِجَازَةِ الصِّرَاطِ عِنْدَ دَحْضِ الأَقْدَامِ، وَهُمَا عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ، وَصَحَّحَ ثَانِيهِمَا الْحَاكِمُ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَوَهِمَ الدَّيْلَمِيُّ فِي عَزْوَةِ لَفْظِ التَّرْجَمَةِ لِلطَّبَرَانِيِّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ ، فَالَّذِي فِيهِ حَدِيثُ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ، وَلَكِنْ بِلَفْظِ: رَفَعَهُ اللَّه فِي الدَّرَجَاتِ الْعُلَى مِنَ الْجَنَّةِ. 12 - حَدِيث: ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ مَرْفُوعًا فِي حَدِيثٍ، وَلَهُ طُرُقٌ عَنْ أَنَسٍ وَغَيْرِهِ، مِنْهَا لِلْبَزَّارِ عَنْ عَائِشَةَ، وَلِلطَّبَرَانِيِّ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ رَفَعَاهُ مُقْتَصِرِينَ عَلَيْهِ، وَمِنْهَا عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ، وَأَبِي مُوسَى، وَعُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ، وَعَلِيِّ بْنِ رُكَانَةَ، وَحَدِيثُهُ عِنْدَ الدَّيْلَمِيِّ فِي مُسْنَدِهِ، بِلَفْظِ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ إِنَّ ابْنَ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَيُنْظَرُ فِي قَوْلِ الْقَائِلِ:
وَإِنَّ ابْنَ أُخْتِ الْقَوْمِ مُصْغًى إِنَاؤُهُ ... إِذَا لَمْ يُزَاحِمْ خاله باب جلمد.

13 - حَدِيثُ: ابْنِ الذَّبِيحَيْنِ، الْحَاكِمُ فِي الْمَنَاقِبِ مِنْ مُسْتَدْرَكِهِ مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّه بْنِ مُحَمَّدٍ الْعُتْبِيِّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّه بْنُ سَعِيدٍ عَنِ الصُّنَابِحِيِّ قَالَ: حَضَرْنَا مَجْلِسَ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا فَتَذَاكَرَ الْقَوْمُ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ أَبْنَاءَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، فَقَالَ بَعْضُهُمُ: الذَّبِيحُ إِسْمَاعِيلُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ إِسْحَاقُ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: سَقَطْتُمْ عَلَى الْخَبِيرِ، كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَاهُ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّه، خَلَّفْتُ الْبِلادَ يَابِسَةً، وَالْمَاءَ يَابِسًا، هَلَكَ الْمَالُ وَضَاعَ الْعِيَالُ، فَعُدْ عَلَيَّ مِمَّا أَفَاءَ اللَّه عَلَيْكِ يَا ابْنَ الذَّبِيحَيْنِ، قَالَ: فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ، فَقُلْنَا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! وَمَا الذَّبِيحَانِ؟ قَالَ: إِنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ لَمَّا أَمَرَ بِحَفْرِ زَمْزَمَ نَذَرَ للَّه إِنْ سَهَّلَ لَهُ أَمْرَهَا أَنْ يَنْحَرَ بَعْضَ وَلَدِهِ، فَأَخْرَجَهُمْ فَأَسْهَمَ بَيْنَهُمْ، فَخَرَجَ السَّهْمُ لِعَبْدِ اللَّه، فَأَرَادَ ذَبْحَهُ فَمَنَعَهُ أَخْوَالُهُ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ، وَقَالُوا: أَرْضِ رَبَّكَ وَافْدِ ابْنَكَ. قَالَ: فَفَدَاهُ بِمِائَةِ نَاقَةٍ فَهُوَ الذَّبِيحُ، وَإِسْمَاعِيلُ الثَّانِي، وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَالثَّعْلَبِيُّ فِي تَفْسِيرَيْهِمَا، وَرَوَاهُ الْخُلَعِيُّ فِي فَوَائِدِهِ بِزِيَادَةِ وَالِدِ الْعُتْبِيِّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصُّنَابِحِيِّ، وَعِنْدَ الزَّمَخْشَرِيِّ فِي الْكَشَّافِ: أَنَا ابْنُ الذَّبِيحَيْنِ.

14 - حَدِيث: أَبَى اللَّه أَنْ يَرْزُقَ عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ إِلا مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُ، الدَّيْلَمِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا بِهَذَا، وَابْنُ رَاشِدٍ ضَعِيفٌ جِدًّا، لا سِيَّمَا وَقَدْ رَوَاهُ الْقُضَاعِيُّ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ جِهَتِهِ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: اجْتَمَعَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ فَتَمَارَوْا فِي شَيْءٍ، فَقَالَ لَهُمْ عَلِيٌّ: انْطَلِقُوا بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا وَقَفُوا عَلَيْهِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّه، جِئْنَا نَسْأَلُكَ عَنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَ: إِنْ شِئْتُمْ فَاسْأَلُوا، وَإِنْ شِئْتُمْ أَخْبَرْتُكُمْ، بِمَا جِئْتُمْ لَهُ، فَقَالَ لَهُمْ: جِئْتُمْ تَسْأَلُونِي عَنِ الرِّزْقِ؟ وَمِنْ أَيْنَ يَأْتِي وَكَيْفَ يَأْتِي؟ أَبَى اللَّه، وَذَكَرَهُ، وَلَكِنَّ مَعْنَاهُ صَحِيحٌ، فَفِي التَّنْزِيلِ: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّه يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} ، وَلِلْعَسْكَرِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا: إِنَّمَا تَكُونُ الصَّنِيعَةُ إِلَى ذِي دِينٍ أَوْ حَسَبٍ، وَجَهِادُ الضُّعَفَاءِ الْحَجُّ، وَجِهَادُ الْمَرْأَةِ حُسْنُ التَّبَعُّلِ لِزَوْجِهَا، وَالتَّوَدُّدُ نِصْفُ الإِيمَانِ، وَمَا عَالَ امْرُؤٌ عَلَى اقْتِصَادٍ، وَاسْتَنْزِلُوا الرِّزْقَ بِالصَّدَقَةِ، وَأَبَى اللَّه إِلا أَنْ يَجْعَلَ أَرْزَاقَ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُونَ، وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الضُّعَفَاءِ، بَلْ أَوْرَدَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ، وَلَمَّا أَوْرَدَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ قَالَ: وَهَذَا حَدِيث لا أَحْفَظُهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إِلا بِهَذَا الإِسْنَادِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ بِمَرَّةٍ، وَإِنْ صَحَّ فَمَعْنَاهُ أَبَى اللَّه أَنْ يَجْعَلَ أَرْزَاقَهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُونَ، وَهُوَ كَذَلِكَ فَإِنَّ اللَّه تَعَالَى يَرْزُقُ عِبَادَهُ مِنْ حَيْثُ يَحْتَسِبُونَ، كَالتَّاجِرِ يَرْزُقُهُ مِنْ تِجَارَتِهِ، وَالْحَارِثِ مِنْ حِرَاثَتِهِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَقَدْ يَرْزُقُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُونَ، كَالرَّجُلِ يُصِيبُ مَعْدِنًا أَوْ رِكَازًا أَوْ يَمُوتُ لَهُ قَرِيبٌ فَيَرِثُهُ أَوْ يُعْطَى مِنْ غَيْرِ إِشْرَافِ نَفْسٍ وَلا سُؤَالٍ، وَنَحْنُ لَمْ نَقُلْ إِنَّ اللَّه تَعَالَى لا يَرْزُقُ أَحَدًا إِلا بِجُهْدٍ وَسَعْيٍ، وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّهُ قَدْ بَيَّنَ لِخَلْقِهِ وَعِبَادِهِ طُرُقًا جَعَلَهَا أَسْبَابًا لَهُمْ إِلَى مَا يُرِيدُونَ، فَالأَوْلَى بِهِمْ أَنْ يَسْلُكُوهَا مُتَوَكِّلِينَ عَلَى اللَّه فِي بُلُوغِ مَا يُؤَمَّلُونَهُ دُونَ أَنْ يُعْرِضُوا عَنْهَا، وَيُجَرِّدُوا التَّوَكُّلَ عَنْهَا، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الأَحَادِيثِ مَا يُفْسِدُ قَوْلَنَا.

15 - حَدِيث: أَبَى اللَّه أَنْ يَصِحَّ إِلا كِتَابُهُ، لا أَعْرِفُهُ، وَلَكِنْ قَدْ قَالَ اللَّه تَعَالَى {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّه لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا} وَلِذَا قَالَ إِمَامُنَا الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّه فِيمَا رَوَيْنَاهُ فِي مَنَاقِبِهِ لأَبِي عَبْدِ اللَّه ابن شَاكِرٍ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَامِرٍ عَنِ الْبُوَيْطِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: لَقَدْ أَلَّفْتُ هَذِهِ الْكُتُبَ وَلَمْ آلُ فِيهَا، وَلا بُدَّ أَنْ يُوجَدَ فِيهَا الْخَطَأُ، لأَنَّ اللَّه تَعَالَى يَقُولُ {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّه} الآيَةَ، فَمَا وَجَدْتُمْ فِي كُتُبِي هَذِهِ مِمَّا يُخَالِفُ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ، فَقَدْ رَجَعْتُ عَنْهُ وَلِبَعْضِهِمْ شِعْرٌ:
كَمْ من كتاب قد تَصَفَّحْتُهُ ... وَقُلْتُ فِي نَفْسِيَ أَصْلَحْتُهُ
حَتَّى إِذَا طَالَعْتُهُ ثَانِيًا ... وَجَدْتُ تَصْحِيفًا فَصَحَّحْتُهُ

16 - حَدِيث: اتَّبِعُوا وَلا تَبْتَدِعُوا فَقَدْ كُفِيتُمْ، الدَّارِمِيُّ فِي الْعِلْمِ مِنْ مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ الدَّيْلَمِيُّ فِي مُسْنَدِهِ وَأَدِلَّتُهُ كَثِيرَةٌ.

17 - حَدِيث: اتَّخِذُوا عِنْدَ الْفُقَرَاءِ أَيَادِيَ، فَإِنَّ لَهُمْ دَوْلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ سِيرُوا إِلَى الْفُقَرَاءِ، فيعتذَر إِلَيْهِمْ كَمَا يَعْتَذِرُ أَحَدُكُمْ إِلَى أَخِيهِ فِي الدُّنْيَا، أَبُو نُعَيْمٍ فِي تَرْجَمَةِ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ مِنَ الْحِلْيَةِ كما عزاه الديلمي ثم الْعِرَاقِيِّ فِي تَخْرِيجِ الإِحْيَاءِ، وَقَالَ: بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَلَمْ أَرَهُ فِي النُّسْخَةِ الَّتِي عِنْدِي، وَقَالَ شَيْخُنَا: إِنَّهُ لا أَصْلَ لَهُ، نَعَمْ فِي الْحِلْيَةِ مِنْ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ فَارِسٍ عَنْ وَهْبٍ مِنْ قَوْلِهِ: اتَّخِذُوا الْيَدَ عند المساكين، فإن لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ دَوْلَةٌ، وَفِي قَضَاءِ الْحَوَائِجِ لِلنَّرْسِيِّ بِسَنَدٍ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْمَجْهُولِينَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ التَّابِعِيِّ رَفَعَهُ مُرْسَلا: اتَّخِذُوا عِنْدَ الْفُقَرَاءِ أَيَادِيَ، فَإِنَّ لَهُمْ دَوْلَةً، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّه، وَمَا دَوْلَتُهُمْ؟ قَالَ: يُنَادِي مُنَادٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَا مَعْشَرَ الْفُقَرَاءِ قوموا فلا ينقى فَقِيرٌ إِلا قَامَ حَتَّى إِذَا اجْتَمَعُوا قِيلَ: ادْخُلُوا إِلَى صُفُوفِ أَهْلِ الْقِيَامَةِ، فَمَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَأَوْرِدُوهُ الْجَنَّةَ، قَالَ: فَجَعَلَ يَجْتَمِعُ عَلَى الرَّجُلِ كَذَا وَكَذَا مِنَ النَّاسِ، فَيَقُولُ لَهُ الرَّجُلُ مِنْهُمْ: أَلَمْ أَكْسُكَ؟ فَيُصَدِّقُهُ فَيَقُولُ لَهُ الآخَرُ: يَا فُلانُ أَلَمْ أُكَلِّمْ لَكَ؟ قَالَ: وَلا يَزَالُونَ يُخْبِرُونَهُ بِمَا صَنَعُوا إِلَيْهِ، وَهُوَ يُصَدِّقُهُمْ بِمَا صَنَعُوا إِلَيْهِ، حَتَّى يَذْهَبَ بِهِمْ جَمِيعًا فَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ قَوْمٌ لَمْ يَكُونُوا يَصْنَعُونَ الْمَعْرُوفَ: يَا لَيْتَنَا كُنَّا نَصْنَعُ الْمَعْرُوفَ حَتَّى نَدْخُلَ الْجَنَّةَ، وَبِسَنَدٍ واهٍ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَفَعَهُ: إِنَّ لِلْمَسَاكِينِ دَوْلَةٌ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّه، وَمَا دَوْلَتُهُمْ؟ قَالَ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ قِيلَ لَهُمُ: انْظُرُوا مَنْ أَطْعَمَكُمْ فِي اللَّه تَعَالَى لُقْمَةً أَوْ كَسَاكُمْ ثَوْبًا أَوْ سَقَاكُمْ شَرْبَةً فَأَدْخِلُوهُ الْجَنَّةَ، وَكُلُّ هَذَا بَاطِلٌ كَمَا بَيَّنْتُهُ فِي بَعْضِ الأَجْوِبَةِ، وَسَبَقَ الذَّهَبِيُّ وَابْنُ تَيْمِيَةَ وَغَيْرُهُمَا لِلْحُكْمِ بِذَلِكَ.

18 - حَدِيث: اتْرُكُوا التُّرْكَ مَا تَرَكُوكُمْ، أَبُو دَاوُدَ فِي الْمَلاحِمِ مِنْ سُنَنِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سُكَيْنَةَ رَجُلٍ مِنَ الْمُحَرّرِينَ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: دَعُوا الْحَبَشَةَ مَا وَدَعُوكُمْ، وَاتْرُكُوا التُّرْكَ مَا تَرَكُوكُمْ، وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي الْجِهَادِ مِنْ سُنَنِهِ مُطَوَّلا، وَأَوَّلُهُ: لَمَّا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَفْرِ الْخَنْدَقِ عَرَضَتْ لَهُ صَخْرَةٌ وَذَكَرَهُ، وَهُوَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْكَبِيرِ وَالأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ الأَعْمَشِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ وَشَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ كِلاهُمَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ رَفَعَهُ: اتْرُكُوا التُّرْكَ مَا تَرَكُوكُمْ، فَإِنَّ أَوَّلَ مَنْ يَسْلُبُ أُمَّتِي مَا خَوَّلَهُمُ اللَّه بَنُو قنَطوراء، وَكَذَا رَوَاهُ غَسَّانُ بْنُ غَيْلانَ عَنِ الأَعْمَشِ، وَلَهُ شَاهِدٌ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ كَعْبِ بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ حَسَّانِ بْنِ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ ذِي الْكَلاعِ عَنْ مُعَاوِيَةَ ابن أَبِي سُفْيَانَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا مَرْفُوعًا بِهِ، وَبَعْضُهَا يَشْهَدُ لِبَعْضٍ، وَلا يَسُوغُ مَعَهَا الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِالْوَضْعِ، وَقَدْ جَمَعَ الْحَافِظُ ضِيَاءُ الدِّينِ الْمَقْدِسِيُّ جُزْءًا فِي خُرُوجِ التُّرْكِ سَمِعْنَاهُ، وَسَيَأْتِي فِي: إِنَّ نُوحًا، إِنَّهُمْ إِخْوَةُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَلابْنِ حَاتِمٍ وَغَيْرِهِ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ ثِنْتَانِ وَعِشْرُونَ قَبِيلَةً، بَنَى ذُو الْقَرْنَيْنِ السدَّ، عَلَى إِحْدَى وَعِشْرِينَ، وَكَانَتْ مِنْهُمْ قَبِيلَةٌ فِي الْغَزْوِ غَائِبَةً وَهُمُ الأَتْرَاكُ، فَبَقُوا دُونَ السدَّ، وَلابْنِ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ، قَالَ: التُّرْكُ سَرِيَّةٌ مِنْ سَرَايَا يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ خَرَجَتْ تُغِيرُ فَجَاءَ ذُو الْقَرْنَيْنِ فَبَنَى السدَّ فَبَقُوا خَارِجًا.

19 - حَدِيث: اتَّقُوا الْبَرْدَ، فَإِنَّهُ قَتَلَ أَخَاكُمْ أَبَا الدَّرْدَاءِ، لا أَعْرِفُهُ، فَإِنْ كَانَ وَارِدًا فَيَحْتَاجُ إِلَى تَأْوِيلٍ فَإِنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ عَاشَ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَهْرًا .

20 - حَدِيث: اتَّقُوا دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، أَحْمَدُ وَأَبُو يَعْلَى فِي مُسْنَدَيْهِمَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَبْدِ اللَّه الأَسَدِيِّ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ مَرْفُوعًا بِزِيَادَةِ: وَإِنْ كَانَتْ مِنْ كَافِرٍ فَإِنَّهُ لَيْسَ دُونِهَا حِجَابٌ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَالدِّينَوَرِيُّ، وَمِنْ طَرِيقِهِمَا الْقُضَاعِيُّ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ خُزَيْمَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ رَفَعَهُ بِزِيَادَةِ: فَإِنَّهَا تُحْمَلُ عَلَى الْغَمَامِ، وَيَقُولُ اللَّه جَلَّ جَلالُهُ: وَعِزَّتِي وَجَلالِي لأَنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ، وَهُمَا مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ الضِّيَاءِ فِي الْمُخْتَارَةِ، وَالْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا مَرْفُوعًا بِزِيَادَةِ: فَإِنَّهَا تَصْعَدُ إِلَى السَّمَاءِ كَأَنَّهَا الشَّرَارُ، وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى مِنْ حَدِيثِ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ رَفَعَهُ بِلَفْظِ: اتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّه حِجَابٌ، وَاتَّفَقَ الشَّيْخَانِ عَلَيْهِ بِهَذَا اللَّفْظِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَعْبَدٍ نَافِذٍ عَنْ مَوْلاهُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا مَرْفُوعًا فِي حَدِيثِ إِرْسَالِ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ إِلَى الْيَمَنِ. وَفِي الْبَابِ عَنْ جَمَاعَةٍ. فَلأَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَحَسَّنَهُ وَابْنِ مَاجَهْ وَغَيْرِهِمْ - مِمَّا صَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ رَفَعَهُ: ثَلاثُ دَعَوَاتٍ يُسْتَجَابُ لَهُنَّ لا شَكَّ فِيهِنَّ دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، زَادَ بَعْضُهُمْ: وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ يَرْفَعُهَا اللَّه دُونَ الْغَمَامِ، وَيَفْتَحُ لَهَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ، وَيَقُولُ لَهَا الرَّبُّ بِعِزَّتِي لأَنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ.

21 - حَدِيث: اتَّقُوا ذَوِي الْعَاهَاتِ، لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ سَيَأْتِي مِنْ كَلامِ الشَّافِعِيِّ فِي حَدِيثِ: إِيَّاكَ وَالأَشْقَرَ، مَا يَجِيءُ هنا. وروينا من طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَلامٍ الْجُمَحِيِّ وَعَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ وَيَحْيَى بْنِ مُحَمَّدٍ الْجَارِيِّ كُلُّهُمْ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حمزة عن الداوردي عَنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّه بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لا عَدْوَى، وَلا هَامَةَ، وَلا صَفَرَ، وَاتَّقُوا الْمَجْذُومَ كَمَا يُتَّقَى الأَسَدُ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْبُخَارِيُّ: رَوَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ - يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ - عَنْ جَدِّهِ أَبِي الزِّنَادِ بِهِ، وَأَشَارَ الْخَطِيبُ إِلَى تَخْطِئَةِ هَذَا الإِسْنَادِ فِي مَوْضِعَيْنِ: (أَحَدُهُمَا) رِوَايَةُ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، (وَالثَّانِي) رِوَايَةُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَدِّهِ أَبِي الزِّنَادِ فَإِنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ جَدَّهُ، وَالصَّوَابُ مَا تَقَدَّمَ انْتَهَى، وَالْمَعْنَى: فِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنَ الأَسَدِ كَمَا وَرَدَ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِ الْحَدِيثِ، وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا بِمَعْنَاهُ، فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى بِاتِّقَاءِ ذَوِي الْعَاهَاتِ الْفِرَارُ مِنْهَا خَوْفًا مِنَ الْعَدْوَى لا كَمَا يَتَوَهَّمُهُ الْعَامَّةُ، ثُمَّ إِنَّ هَذَا فِي حَقِّ ضَعِيفِ الْيَقِينِ، وَإِلا فَقَدْ وَرَدَ: لا يُعْدِي شَيْءٌ شَيْئًا وَلا عَدْوَى، وَنَحْوَ ذَلِكَ كَمَا قَرَّرَ فِي مَحَالِّهِ.

22 - حَدِيث: اتَّقُوا زَلَّةَ الْعَالِمِ، الْعَسْكَرِيُّ فِي الأَمْثَالِ، وَالدَّيْلَمِيُّ مِنْ رِوَايَةِ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّه بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ مَرْفُوعًا بِهِ بِزِيَادَةِ: وَانْتَظِرُوا فَيْئَتَهُ، يَعْنِي رُجُوعَهُ، وَهُوَ عِنْدَ الْحُلْوَانِيِّ أَيْضًا، وَلِلدَّارِمِيِّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ زِيَادِ بْنِ جَرِيرٍ، قَالَ قَالَ لِي عُمَرُ: يَهْدِمُ الإِسْلامَ زَلَّةُ الْعَالِمِ، وَلِلطَّبَرَانِيِّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَرْفُوعًا: مِمَّا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي زَلَّةُ عَالِمٍ، وَجِدَالُ مُنَافِقٍ، وَلِلْبَيْهَقِيِّ مِنْ حَدِيثِ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَفَعَهُ: إِنَّ أَشَدَّ مَا أَتَخَوَّفُ عَلَى أُمَّتِي ثَلاثٌ زَلَّةُ عَالِمٍ، وَجِدَالُ مُنَافِقٍ بِالْقُرْآنِ، وَدُنْيَا تَقْطَعُ أَعْنَاقَكُمْ فَاتَّهِمُوهَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَقِيلَ عَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ عَمْرٍو بَدَلَ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَالأَوَّلُ أَصَحُّ.

23 - حَدِيث: اتَّقُوا فِرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ، فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّه، الترمذي في التفسير، والعسكري في الأمثال، كلاهما من حديث عمرو بن قيس الملائي عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري رضي اللَّه عنه مرفوعا ثم قرأ {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} ، وقال الترمذي: إنه غريب. وقد روي عن بعض أهل العلم في تفسير للمتوسمين، قال: للمتفرسين، وكذا أخرجه الهروي، والطبراني، وأبو نعيم في الطب النبوي، وغيرهم من حديث راشد بن سعد عن أبي أمامة رضي اللَّه عنه مرفوعا، ويروى عن ابن عمر وأبي هريرة رضي اللَّه عنهما أيضا، بل هو عند الطبراني، وأبي نعيم، والعسكري من حديث وهب بن منبه عن طاوس عن ثوبان رضي اللَّه عنه رفعه بلفظ: احذروا دعوة المسلم وفراسته، فإنه ينظر بنور اللَّه، وينطق بتوفيق اللَّه، ولكن قد قال الخطيب عقب حديث أبي سعيد: المحفوظ ما رواه سفيان عن عمرو ابن قيس قال: كان يقال اتقوا فراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور اللَّه، انتهى.
وعند العسكري من حديث ابن المبارك عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن عمير بن هانئ عن أبي الدرداء رضي اللَّه عنه من قوله: اتقوا فراسة العلماء، فإنهم ينظرون بنور اللَّه، إنه شيء يقذفه اللَّه في قلوبهم، وعلى ألسنتهم، وكلها ضعيفة، وفي بعضها ما هو متماسك، لا يليق مع وجوده الحكم على الحديث بالوضع، لا سيما وللبزار والطبراني وغيرهما كأبي نعيم في الطب بسند حسن عن أنس رضي اللَّه عنه رفعه: إن للَّه عبادا، يعرفون الناس بالتوسم، ونحوه قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعمران بن حصين رضي اللَّه عنهما وقد أخذ بطرف عمامته من ورائه: واعلم أن اللَّه يحب الناظر الناقد عند مجيء الشبهات.

24 - حَدِيث: اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، الشيخان عن عدي بن حاتم، والحاكم عن ابن عباس، وأحمد عن عائشة، والديلمي عن أبي بكر الصديق رضي اللَّه عنه، بزيادة: فإنها تقيم المعوج، وتسد الخلل، وتدفع ميتة السوء، وتقع من الجائع موقعها من الشبعان، قال: وفي الباب عن أبي هريرة، وكذا فيه عن جماعة آخرين.

25 - حَدِيث: اتَّقِ شَرَّ مَنْ أَحْسَنْتَ إِلَيْهِ، لا أعرفه، ويشبه أن يكون من كلام بعض السلف، وليس على إطلاقه، بل هو محمول على اللئام غير الكرام، فقد قال علي بن أبي طالب كما في ثاني عشر وحادي المجالسة للدينوري: الكريم يلين إذا استعطف، واللئيم يقسو إذا ألطف، وعن عمر بن الخطاب قال: ما وجدت لئيما إلا قليل المروءة، وفي التنزيل: {وما نقموا منهم إِلا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّه وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ} ، وقال أبو عمرو بن العلاء أحد الأئمة يخاطب بعض أصحابه:
"كن من الكريم على حذر إذا أهنته، ومن اللئيم إذا أكرمته، ومن العاقل إذا أحرجته، ومن الأحمق إذا رحمته، ومن الفاجر إذا عاشرته، وليس من الأدب أن تجيب من لا يسألك، أو تسأل من لا يجيبك، أو تحدث من لا ينصت لك". وفي الإسرائيليات يقول اللَّه عز وجل: من أساء إلى من أحسن إليه فقد بدل نعمتي كفرا، ومن أحسن إلى من أساء إليه فقد أخلص لي شكرا، وعند البيهقي في الشعب عن محمد بن حاتم المظفري قال: اتق شر من يصحبك لنائلة، فانها إذا انقطعت عنه لم يعذر ولم يبال ما قال وما قيل فيه، وللدينوري في عشري المجالسة من طريق ابن عائشة عن أبيه قال: قال بعض الحكماء: لا تضع معروفك عند فاحش، ولا أحمق، ولا لئيم، ولا فاجر، فإن الفاجر يرى ذلك ضعفا، والأحمق لا يعرف قدر ما أتيت له واللئيم سبخة لا تنبت ولا تثمر ولكن إذا وجدت المؤمن فأزرعه معروفك تحصد به شكراً انتهى، وفي المرفوع ما يشهد للأخير.

26 - حَدِيث: الاثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ، ابن ماجه، والدارقطني في سننيهما، والطحاوي في شرح معاني الآثار، وأبو يعلى في مسنده، والحاكم في صحيحه كلهم من حديث الربيع بن بدر بن عمرو عن أبيه عن جده عمرو بن جراد السعدي عن أبي موسى الأشعري رضي اللَّه عنه رفعه بهذا، وهو ضعيف لضعف الربيع، لكن في الباب عن أنس عند البيهقي، وعن الحكم بن عمير عند البغوي في معجمه، وعن عبد اللَّه بن عمرو عند الدارقطني في أفراده، وعن أبي أمامة عند الطبراني في الأوسط، وفي لفظ لأحمد عنه أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى رجلا يصلي وحده، فقال: ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه، فقام رجل فصلى معه، فقال: هذان جماعة، والقصة المذكورة دون قوله "هذان جماعة" أخرجها أنو داود والترمذي من وجه آخر صحيح، وعن أبي هريرة وآخرين، واستعمله البخاري ترجمة، وأورد في الباب ما يؤدي معناه، فاستفيد كما قال شيخنا من ذلك ورود هذا الحديث في الجملة.

27 - حَدِيثُ: اجْتِمَاعِ الْخَضِرِ وَإِلْيَاسَ عَلَيْهِمَا السَّلامُ كُلَّ عَامٍ فِي الْمَوْسِمِ، ابْنُ شَاذَانَ فِي مَشْيَخَتِهِ الصُّغْرَى عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي، كَمَا هُوَ فِي فَوَائِدِ تَخْرِيجِ الدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ جِهَةِ ابْنِ خُزَيْمَةَ، ثُمَّ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ بْنِ رَزِينٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا لا أَعْلَمُهُ إِلا مَرْفُوعًا، قَالَ: يَلْتَقِي الْخَضِرُ وَإِلْيَاسُ كُلَّ عَامٍ بِالْمَوْسِمِ بِمِنًى، فَيَحْلِقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَأْسَ صَاحِبِهِ وَيَتَفَرَّقَانِ عَنْ هَؤُلاءِ الْكَلِمَاتِ وَذَكَرَهَا وكذا يروى عن مهدي بن هلال عن ابن جريج نحوه، وهو منكر من الوجهين، وثانيهما أشد وهاء، وكذا من الواهي في ذلك ما أخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده عن أنس رفعه، وعند عبد اللَّه بن أحمد في زوائد الزهد وغيره من حديث عبد العزيز بن أبي رواد، قال: يجتمع الخضر وإلياس ببيت المقدس في شهر رمضان من أوله إلى آخره، ويفطران على الكرفس، ويوافيان الموسم كل عام، وهو معضل، ومثله ما يروى عن الحسن البصري، قال: وكل إلياس بالفيافي، والخضر بالبحور، وقد أعطيا الخلد في الدنيا إلى الصيحة الأولى، وإنهما يجتمعان في موسم كل عام، إلى غير ذلك مما هو ضعيف كله، مرفوعه وغيره، وأودع شيخنا رحمه اللَّه في الإصابة له أكثره بل لا يثبت منه شيء. 28 - حَدِيث: أَحَبُّ الأَسْمَاءِ إِلَى اللَّه عَبْدُ اللَّه وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، مسلم من حديث عبيد اللَّه بن عمر عن نافع عن ابن عمر رضي اللَّه عنهما رفعه بهذا.

29 - حَدِيث: أَحَبُّ الْبِقَاعِ إِلَى اللَّه مَسَاجِدُهَا، وَأَبْغَضُ الْبِلادِ إِلَى اللَّه أَسْوَاقُهَا، مسلم من حديث عبد الرحمن بن مهران مولى أبي هريرة عن مولاه به مرفوعا بلفظ "البلاد" ولأحمد وأبو يعلى والبزار والحاكم وصحح إسناده والطبراني، كلهم عن جبير بن مطعم أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما سئل عن خير البقاع وشرها قال: لا أدري، حتى نزل جبريل. الحديث، ولابن حبان والحاكم وصححه عن ابن عمر نحوه، وفي الباب عن واثلة بلفظ: شر المجالس الأسواق والطرق، وخير المجالس المساجد وإن لم تجلس في المسجد فالزم بيتك.

30 - حَدِيث: أَحَبُّ الدِّينِ إِلَى اللَّه الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ، فِي: إِنِّي بُعِثْتُ.

31 - حَدِيث: أَحِبُّوا الْعَرَبَ لِثَلاثٍ، لأَنِّي عَرَبِيٌّ، وَالْقُرْآنُ عَرَبِيٌّ، وَكَلامُ أَهْلِ الْجَنَّةِ عَرَبِيٌّ، الطبراني في معجميه الكبير والأوسط، والحاكم في مستدركه، والبيهقي في الشعب، وتمام في فوائده، وآخرون، كلهم من حديث العلاء بن عمرو الحنفي حدثنا يحيى بن يزيد الأشعري عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما رفعه بهذا. وابن يزيد والراوي عنه ضعيفان، وقد تفردا به كما قاله الطبراني والبيهقي، ومتابعة محمد بن الفضل التي أخرجها الحاكم أيضا من جهته عن ابن جريج لا يعتد بها، فابن الفضل لا يصلح للمتابعة ولا يعتبر بحديثه للاتفاق على ضعفه واتهامه بالكذب، ولكن لحديث ابن عباس شاهد رواه الطبراني أيضا في معجمه الأوسط من رواية شبل بن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن جده عن أبي هريرة مرفوعا: أنا عربي، والقرآن عربي، وكلام أهل الجنة عربي، وهو مع ضعفه أيضا أصح من حديث ابن عباس. وأخرج أبو الشيخ في الثواب بسند ضعيف عن عطاء بن أبي ميمونة عن أبي هريرة مرفوعا: أحبوا العرب وبقاءهم، فإن بقاءهم نور في الإسلام، وإن فناءهم ظلمة في الإسلام، وفي حب العرب أحاديث كثيرة أفردها بالتأليف العراقي، منها ما في الأفراد للدارقطني عن ابن عمر رفعه: حب العرب إيمان، وبغضهم نفاق، وعن أنس مثله بزيادة أخرجه الديلمي، وعن البراء أخرجه البيهقي في الشعب، ولكنه قال: إن المحفوظ من حديث البراء معناه في الأنصار، قال: وإنما يعرف هذا المتن من حديث الهيثم بن جماز (*) عن ثابت عن أنس، يعني كما أخرجه الديلمي، ومنها ما للبيهقي أيضا من حديث زيد بن جبير عن داود بن الحصين عن أبي رافع عن أبيه عن علي مرفوعا: من لم يعرف حق عترتي والأنصار، فهو لأحد ثلاث، إما منافق، وإما لزينة، وإما لغير طهور، يعني حملته أمه على غير طهور، وقال: زيد غير قوي في الرواية. 32 - حَدِيث: احْتَرِسُوا مِنَ النَّاسِ بِسُوءِ الظَّنِّ، أحمد في الزهد، والبيهقي في السنن وغيرها، كلاهما من قول مطرف بن عبد اللَّه بن الشخير أحد التابعين، زاد البيهقي أنه يروى عن أنس مرفوعا، وهو كذلك عند الطبراني في الأوسط، والعسكري في الأمثال من وجهين عن بقية عن معاوية بن يحيى عن سليمان بن مسلم عن أنس وقال أولهما: إنه لا يروى عن أنس إلا بهذا الإسناد، تفرد به بقية، هذا وقد أخرجه تمام في فوائده من حديث إبراهيم بن طهمان عن أبان بن أبي عياش عن أنس مرفوعا أيضا، بل رواه أيضا من جهة محمود بن محمد بن الفضل الرافقي عن أحمد ابن أبي غانم الرافقي عن الفريابي عن الأوزاعي عن حسان بن عطية عن طاوس عن ابن عباس عن رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنه من حسن ظنه بالناس كثرت ندامته، ومن هذا الوجه أورده ابن عساكر في تاريخه، ولأبي الشيخ ومن طريقه الديلمي في مسنده عن علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه من قوله: الحزم سوء الظن، وأخرجه القضاعي في مسند الشهاب عن عبد الرحمن بن عائذ رفعه مرسلا. وكلها ضعيفة، وبعضها يتقوى ببعض، وقد أفردته في جزء، وأوردت الجمع بينهما وبين قوله تعالى {اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ} وما أشبهها مما هو في الحديث كالحديث الآتي في المؤمن، وكحديث عائشة: من أساء بأخيه الظن فقد أساء بربه، لأن اللَّه يقول {اجْتَنِبُوا} الآية.

33 - حَدِيث: احْثُوا فِي وُجُوهِ الْمَدَّاحِينَ التُّرَابَ، مسلم، وأحمد، وأبو داود، وغيرهم عن المقداد بن الأسود مرفوعاً به.

34 - حَدِيث: احْذَرُوا صُفْرَ الْوُجُوهِ، الديلمي في مسنده من حديث رجاء بن نوح البلخي عن زيد بن الحباب عن عمران بن جرير عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا به بزيادة: فإنه إن لم يكن من علة أو سهر فإنه من غل في قلوبهم للمسلمين، وأورده هو وأبوه بلا سند عن أنس مرفوعا بلفظ: إذا رأيتم الرجل أصفر الوجه من غير مرض ولا عبادة فذاك من غش الإسلام في قلبه، وقال شيخنا: إنه لم يقف له على أصل عنه، وإن ذكره ابن القيم في الطب النبوي له فذاك بغير سند، قلت: قد ذكره أبو نُعيم في الطب من حديث حماد بن المبارك عن السري بن إسماعيل عن الأوزاعي عن رجل عن أنس رفعه مثله سواء، وفي ثالث عشر المجالسة من طريق ابن جريج عن مجاهد في قول اللَّه تعالى {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} قال: ليس بالندب، ولكن صفرة الوجوه والخشوع.

35 - حَدِيث: أَحَقُّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّه، في: إن أحق. 36 - حَدِيث: أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ، السَّمَكُ وَالْجَرَادُ، وَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ، الشافعي، وأحمد، وابن ماجه، والدارقطني، والبيهقي، من حديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر رفعه بهذا، وهو عند الدارقطني أيضا من حديث سليمان بن بلال عن زيد بن أسلم به موقوفا، وقال: إنه أصح، وكذا صحح الموقوف أبو زرعة وأبو حاتم، ومع ذلك فحكمهما الرفع.

37 - حَدِيثُ: إِحْيَاءِ أَبَوَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى آمَنَا بِهِ، أَوْرَدَهُ السُّهَيْلِيُّ عَنْ عَائِشَةَ، وَكَذَا الْخَطِيبُ فِي السَّابِقِ وَاللاحِقِ، وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ: إِنَّ فِي إِسْنَادِهِ مَجَاهِيلَ، وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: إِنَّهُ حَدِيث مُنْكَرٌ جِدًّا، وَإِنْ كَانَ مُمْكِنًا بِالنَّظَرِ إِلَى قُدْرَةِ اللَّه تَعَالَى، لَكِنَّ الَّذِي ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ يُعَارِضُهُ، وَفِي الْوَسِيطِ لِلْوَاحِدِيِّ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ} . قَالَ: قَرَأَ نَافِعٌ تَسْأَلْ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقَانِيَّةِ، وَجَزْمِ اللامِ عَلَى النَّهْيِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ سَأَلَ جِبْرِيلَ عَنْ قَبْرِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ، فَدَلَّهُ عَلَيْهِمَا، فَذَهَبَ إِلَى الْقَبْرَيْنِ، وَدَعَا لَهُمَا، وَتَمَنَّى أَنْ يَعْرِفَ حَالَ أَبَوَيْهِ فِي الآخِرَةِ، فَنَزَلَتْ. وما أحسن قول حافظ الشام ابن ناصر الدين:
حبا اللَّه النبي مزيد فضل ... على فضل وكان به رؤوفا
فأحيا أمه وكذا أباه ... لإيمان به فضلا لطيفا
فسلم فالقديم بذا قدير ... وإن كان الحديث به ضعيفا
وقد كتبت فيه جزءا، والذي أراه الكف عن التعرض لهذا إثباتا ونفيا. 38 - حَدِيث: اُخْبُرْ تَقْلُهْ ، أبو يعلى في مسنده، والعسكري في الأمثال، والطبراني في الكبير، ثلاثتهم من حديث بقية بن الوليد عن أبي بكر بن أبي مريم عن عطية بن قيس، وقال الطبراني في روايته عن عطية المذبوح، ثم اتفقوا عن أبي الدرداء، رفعه به، وكذا أخرجه ابن عدي في كامله من جهة بقية بلفظ: وجدت الناس أخبر تقله، ورواه الحسن بن سفيان ومن طريقه أبو نُعيم في الحلية من حديث بقية أيضا باللفظ الأول، لكنه قال: عن أبي عطية المذبوح، ورواه الطبراني في الكبير، والعسكري في الأمثال، من حديث أبي حَيْوة شريح بن يزيد عن أبي بكر ابن أبي مريم عن سعيد بن عبد اللَّه الأفطس وسفيان المذبوح، كلاهما عن أبي الدرداء أنه كان يقول: ثق بالناس رويدا، ويقول اخبر تقله، وكلها ضعيفة، فابن أبي مريم وبقية ضعيفان، ورواه العسكري من جهة حوثرة بن محمد حدثنا سفيان عن سعيد بن حسان عن مجاهد قال: وجدت الناس كما قيل، أخبر من شئت تقله، ومن شواهده ما اتفق عليه الشيخان عن ابن عمر مرفوعا: الناس كإبل مائة لا تجد فيها راحلة، وقد بينت معناهما في الجزء المشار إليه قريبا، وقوله تقله من القلى: البغض، يقال قلاه يقليه، قلا وقلى، إذا أبغضه، وهو بالضم والفتح معا، لكن قال الجوهري: إذا فتحت مددت وتقلاه لغة طيء، يقول: جرب الناس فإنك إذا جربتهم قليتهم وتركتهم، لما يظهر لك من بواطن سرائرهم، لفظه لفظ الأمر ومعناه الخبر، أي من جربهم وخبرهم أبغضهم وتركهم، والهاء في تقله للسكت، ومعنى نظم الحديث وجدت الناس مقولا فيهم هذا القول، وقد أخرج الطبراني عن ابن عمر رفعه: يا أبا بكر تنق وتَوقَّ، وهو عند أبي نُعيم في المعرفة عن شيبان غير منسوب، وللخرائطي في المكارم من حديث يحيى بن المختار عن الحسن قال: تنقوا الإخوان والأصحاب والمجالس، وأحبوا هونا، وأبغضوا هونا، فقد أفرط أقوام في حب أقوام فهلكوا، وأفرط أقوام في بغض أقوام فهلكوا، إن رأيت دون أخيك سترا فلا تكشفه.

39 - حَدِيث: اخْتِلافُ أُمَّتِي رَحْمَةٌ، الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَدْخَلِ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ ابن أَبِي كَرِيمَةَ عَنْ جُوَيْبِرٍ عَنِ الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَهْمَا أُوتِيتُمْ مِنْ كِتَابِ اللَّه فَالْعَمَلُ بِهِ لا عُذْرَ لأَحَدٍ فِي تَرْكِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللَّه فَسُنَّةٌ مِنِّي مَاضِيَةٌ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ سُنَّةً مِنِّي فَمَا قَالَ أَصْحَابِي، إِنَّ أَصْحَابِي بِمَنْزِلَةِ النُّجُومِ فِي السَّمَاءِ، فَأَيُّمَا أَخَذْتُمْ بِهِ اهْتَدَيْتُمْ، وَاخْتِلافُ أَصْحَابِي لَكُمْ رَحْمَةٌ، ومن هذا الوجه أخرجه الطبراني، والديلمي في مسنده بلفظه سواء، وجويبر ضعيف جدا، والضحاك عن ابن عباس منقطع، وقد عزاه الزركشي إلى كتاب الحجة لنصر المقدسي مرفوعا من غير بيان لسنده، ولا صحابيه ، وكذا عزاه العراقي لآدم بن أبي إياس في كتاب العلم والحكم بدون بيان بلفظ: اختلاف أصحابي رحمة لأمتي، قال: وهو مرسل ضعيف، وبهذا اللفظ ذكره البيهقي في رسالته الأشعرية بغير إسناد، وفي المدخل له من حديث سفيان عن أفلح بن حميد عن القاسم بن محمد قال: اختلاف أصحاب محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رحمة لعباد اللَّه، ومن حدبث قتادة أن عمر بن عبد العزيز كان يقول: ما سرني لو أن أصحاب محمد صلى اللَّه عليه لم يختلفوا، لأنهم لو لم يختلفوا لم تكن رخصة، ومن حديث الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد قال: أهل العلم أهل توسعة. وما برح المفتون يختلفون فيحل هذا ويحرم هذا فلا يعيب هذا على هذا إذا علم هذا، وقد قرأت بخط شيخنا: إنه يعني هذا الحديث حديث مشهور على الألسنة، وقد أورده ابن الحاجب في المختصر في مباحث القياس بلفظ: اختلاف أمتي رحمة للناس، وكثر السؤال عنه، وزعم كثير من الأئمة أنه لا أصل له، لكن ذكره الخطابي في غريب الحديث مستطردا، وقال: اعترض على هذا الحديث رجلان، أحدهما ماجن، والآخر ملحد، وهما إسحاق الموصلي وعمرو بن بحر الجاحظ، وقالا جميعا: لو كان الاختلاف رحمة لكان الاتفاق عذابا، ثم تشاغل الخطابي برد هذا الكلام، ولم يقع في كلامه شفاء في عزو الحديث، ولكنه أشعر بأن له أصلا عنده، ثم ذكر شيخنا شيئا مما تقدم في عزوه.

40 - حَدِيث: أَخَذْنَا فَالَكَ مِنْ فِيكَ، أبو داود في سننه من حديث وهيب عن سهيل عن رجل عن أبي هريرة أن رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سمع كلمة فأعجبته، فقال: وذكره، وللعسكري في الأمثال، والخلعي في فوائده من حديث محمد بن يونس حدثنا عون بن عمارة حدثنا السري بن يحيى عن الحسن عن سمرة بن جندب، قال: كان رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعجبه الفال الحسن، فسمع عليا يوما وهو يقول: هذه خضرة، فقال: يا لبيك قد أخذنا فالك من فيك فاخرجوا بنا إلى خضرة، قال: فخرجوا إلى خيبر فما سل فيها سيف إلا سيف علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه، زاد العسكري حتى فتح اللَّه عز وجل، وله شاهد عند البزار في مسنده، ثم الديلمي من حديث نافع عن ابن عمر مرفوعا في حديث، وثبت أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يعجبه الفأل في الحديث المتفق عليه عن أنس بلفظ: ويعجبني الفأل الصالح، والكلمة الحسنة، وعن أبي هريرة بلفظ: وخيرها الفال، قالوا: وما الفأل؟ قال: الكلمة الطيبة الصالحة يسمعها أحدكم، وقال العسكري: إن العرب كانت تتفاءل بالكلمة الحسنة، مثل قولهم للمقبل يا واجد، وللمسافر يا سالم، فلما أراد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أن يخرج إلى خيبر، وسمع عليا يقول ما قال، تفاءل. وكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتفاءل ولا يتطير، يعني كما ثبت قال: وأنشد ابن الأعرابي:
ألا ترى الظباء في أصل السلم ... والنعم الرتاع في جنب العلم
سلامة ونعمة من النعم
فاشتق السلامة من السلم، والنعمة من النعم، ومن كلمات بعض الصوفية: ألسنة الخلق أقلام الحق، وقول العامة: مضت بأقوالها.

41 - حَدِيث: أَخِّرُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَخَّرَهُنَّ اللَّه، قال الزركشي: عزوه للصحيحين غلط، قلت: وكذا من عزاه لدلائل النبوة للبيهقي مرفوعا، ولمسند رزين، ولكنه في مصنف عبد الرزاق، ومن طريقه الطبراني من قول ابن مسعود في حديث أوله: كان في بني إسرائيل الرجل والمرأة يصلون جميعا. الحديث، وفي الباب عن أبي هريرة مرفوعا في خير صفوف الرجال والنساء وشرها، وغيره من الأحاديث ولا نطيل بها، وأشار لبعضها شيخنا في مختصر تخريج الهداية.

42 - حَدِيث: اخْشَوْشِنُوا، فِي: تَمَعْدَدُوا.

43 - حَدِيث: أَخِفُّوا الْخِتَانَ وَأَعْلِنُوا النِّكَاحَ، لا أصل للأول، واستحباب الوليمة لما يروى فيه، وكذا قول سالم ختنني أبي يعني ابن عمر أنا ونعيما، فذبح علينا كبشا، فلقد رأيتنا وأنا لنجدل به على الصبيان أن ذبح لنا كبشا، وقد بوب له البخاري في الأدب المفرد: الدعوة في الختان، وكذا بوب: اللهو في الختان، وذكر حديثا كله مما يشهد للإعلان به، وروى البيهقي عن جابر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أنه عق عن الحسن والحسين وخنتهما لسبعة أيام، وأما الثاني فسيأتي في محله، وما نقله ابن الحاج في مدخله من اختصاص الإخفاء بالإناث، فالمعنى عليه والعرف يشهد له، ولكن ورد عن عائشة رضي اللَّه عنها إظهاره فيه أيضا.

44 - حَدِيث: أَخُوكَ الْبَكْرِيُّ وَلا تَأْمَنْهُ. أبو داود في سننه، وأحمد في مسنده، وغيرهما، عن عمرو بن الفغوا الخزاعي في قصة، ورواه مقتصرا عليه العسكري في الأمثال من حديث المسور بن مَخْرمة مرفوعا.

45 - حَدِيث: أَدَّبَنِي رَبِّي فَأَحْسَنَ تَأْدِيبِي، الْعَسْكَرِيُّ فِي الأَمْثَالِ مِنْ جِهَةِ السُّدِّيِّ عَنْ أَبِي عُمَارَةَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، قَالَ: قَدِمَ بَنُو نَهْدِ بْنِ زَيْدٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: أَتَيْنَاكَ مِنْ غَوْرَيْ تُهَامَةَ، وَذَكَرَ خُطْبَتَهُمْ، وَمَا أَجَابَهُمْ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَقُلْنَا: يَا نَبِيَّ اللَّه، نَحْنُ بَنُو أَبٍ وَاحِدٍ، وَنَشَأْنَا فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ، وَإِنَّكَ لَتُكَلِّمُ الْعَرَبَ بِلِسَانٍ مَا نَفْهَمُ أَكْثَرَهُ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أَدَّبَنِي فَأَحْسَنَ أَدَبِي، وَنَشَأْتُ فِي بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ، وسنده ضعيف جدا، وإن اقتصر شيخنا على الحكم عليه بالغرابة في بعض فتاويه، ولكن معناه صحيح، وكذا جزم ابن الأثير بحكايته في خطبة النهاية وغيرها، لا سيما وفي تاريخ أصبهان لأبي نُعيم بسند ضعيف أيضا، من حديث ابن عمر قال: قال عمر: يا نبي اللَّه، ما لك أفصحنا؟ فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: جاءني جبريل فلقنني لغة أبي إسماعيل، بل أخرج أبو سعد ابن السمعاني في أدب الإملاء بسند منقطع، فيه من لم أعرفه عن عبد اللَّه أظنه ابن مسعود رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن اللَّه أدبني فأحسن تأديبي، ثم أمرني بمكارم الأخلاق، فقال: خُذِ العفو، وأمر بالمعروف، وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ، ولثابت السرقسطي في الدلائل، بسند واه، من حديث جد محمد بن عبد الرحمن الزهري، قال: قال رجل من بني سليم للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا رسول اللَّه، أيدالك الرجل امرأته، قال: نعم، إذا كان ملفجا، قال: فقال له أبو بكر: يا رسول اللَّه، ما قال لك، قال: قال لي أيماطل الرجل امرأته، قلت: نعم، إذا كان مفلسا، قال: فقال أبو بكر: ما رأيت أفصح منك، فمن أدبك يا رسول اللَّه؟ قال: أدبني ربي، ونشأت في بني سعد. وبالجملة فهو كما قال ابن تيمية: لا يعرف له إسناد ثابت.

46 - حديث: ادرؤوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ، الحارثي في مسند أبي حنيفة له من حديث مقسم عن ابن عباس به مرفوعا، وكذا هو عند ابن عدي أيضا، وفي ترجمة الحسين بن علي بن أحمد الخياط المقري من الذيل لأبي سعد بن السمعاني من روايته عنه عن أبي منصور محمد بن أحمد بن الحسين النديم الفارسي، أنا جناح بن نذير حدثنا أبو عبد اللَّه ابن بطة العكبري، حدثنا أبو صالح محمد بن أحمد بن ثابت، حدثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الصمد، حدثنا محمد بن أبي بكر المقدسي حدثنا محمد بن علي الشامي، حدثنا أبو عمران الجوني عن عمر بن عبد العزيز فذكر قصة طويلة فيها: قصة شيخ وجدوه سكران، فأقام عمر عليه الحد ثمانين، فلما فرغ قال: يا عمر ظلمتني فإنني عبد فاغتم عمر ثم قال: إذا رأيتم مثل هذا في هيئته وسمته وفهمه وأدبه فاحملوه على الشبهة، فإن رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ادرؤوا الحدود بالشبهة، قال شيخنا: وفي سنده من لا يعرف، ولابن أبي شيبة من طريق إبراهيم النخعي عن عمر قال: لأن أخطئ في الحدود بالشبهات، أحب إلي من أن أقيمها بالشبهات، وكذا أخرجه ابن حزم في الإيصال له بسند صحيح، وعند مسدد من طريق يحيى بن سعيد عن عاصم عن أبي وائل عن ابن مسعود أنه قال: ادرؤوا الحدود عن عباد اللَّه عز وجل، وكذا أشار إليه البيهقي من حديث الثوري عن عاصم بلفظ: ادرؤوا الحدود بالشبهات، ادفعوا القتل عن المسلمين ما استطعتم، وقال: أنه أصح ما فيه، وفي الباب ما أخرجه الترمذي والحاكم والبيهقي وأبو يعلى من طريق الزهري عن عروة عن عائشة مرفوعا: ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله، فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة، وفي سنده يزيد بن أبي زياد وهو ضعيف، لا سيما وقد رواه وكيع عنه موقوفا، وقال الترمذي: أنه أصح، قال: وقد روي عن غير واحد من الصحابة أنهم قالوا ذلك، وقال البيهقي في السنن: رواية وكيع أقرب إلى الصواب، قال: ورواه رشدين عن عقيل عن الزهري، ورشدين ضعيف أيضا: ورويناه عن علي مرفوعا: ادرؤوا الحدود، ولا ينبغي للإمام أن يعطل الحدود، وفيه المختار بن نافع، وهو منكر الحديث كما قاله البخاري، وروي عن عقبة ومعاذ موقوفا، وأُخرج عن ابن ماجه من جهة إبراهيم بن الفضل وهو ضعيف عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة رفعه: ادفعوا الحدود ما وجدتم له مدفعا.

47 - حَدِيث: ادْفِنُوا مَوْتَاكُمْ وَسْطَ قَوْمٍ صَالِحِينَ، فَإِنَّ الْمَيِّتَ يَتَأَذَّى بِجَارِ السُّوءِ، كَمَا يَتَأَذَّى الْحَيُّ بِجَارِ السُّوءِ، أبو نُعيم في الحلية، والخليلي، من حديث سليمان بن عيسى حدثنا مالك عن عمه نافع بن مالك عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا بهذا، وسليمان متروك، بل اتهم بالكذب والوضع، ولكن لم يزل عمل السلف والخلف على هذا، وما يروى في كون الأرض المقدسة لا تقدس أحدا إنما يقدس المرء عمله قد لا ينافيه. 48 - حَدِيث: أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ، أبو داود والترمذي من رواية شربك وقيس بن الربيع كلاهما عن أبي صالح، والحارث من رواية الحسن كلاهما عن أبي هريرة، وقال الترمذي: حسن غريب، وأخرجه الدارمي في مسنده، والدارقطني، والحاكم، وقال: إنه صحيح على شرط مسلم، كلهم عن شريك بهذا، وفي الباب عن جماعة من الصحابة كأنس عند الطبراني في الكبير والصغير برجال ثقات، وعن أبي أمامة بإسناد فيه مقال، ولكن قد أعل ابن حزم حديث أبي هريرة، وكذا ابن القطان والبيهقي، وقال أبو حاتم: إنه منكر، وقال الشافعي: إنه ليس بثابت عند أهله، وقال أحمد: هذا حديث باطل، لا أعرفه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من وجه صحيح، قال ابن ماجه: وله طرق ستة كلها ضعيفة، قلت: لكن بانضمامها يقوى الحديث، وعن محمد بن كعب عن ابن عباس رفعه: إن عيسى عليه السلام قام في بني إسرائيل، فقال: يا بني إسرائيل لا تظلموا ظالما، ولا تكافئوا ظالما، فيبطل فضلكم عند ربكم، وعن قتادة في قوله {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ} قال: هذا فيما يكون بين الناس من القصاص، فأما لو ظلمك رجل لم يحل لك أن تظلمه، أخرجهما العسكري، وقال: هذا مذهب الحسن، وخالفه الشافعي، فإنه قال: إذا كانت زوج أبي سفيان وكانت القيم على ولدها لصغرهم بأمر زوجها أذن لها رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما شكت إليه، أن تأخذ من ماله ما يكفيها بالمعروف، فمثلها الرجل يكون له الحق على الرجل يمنعه إياه، فله أن يأخذ من ماله حيث وجده بوزنه أو كيله فإن لم يكن له مثل كانت قيمته دنانير أو دراهم، فإن لم يجد له باع عَرَضه واستوفى من ثمنه حقه، ثم حمل النهي على الزائد على استيفاء حقه معللا بأنه قد خانه ومن هذا مسألة الظفر .

49 - حَدِيث: إِذَا آخَى الرَّجُلُ الرَّجُلَ فَلْيَسْأَلْهُ عَنِ اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ وَمِمَّنْ هُوَ فَإِنَّهُ أَوْصَلُ لِلْمَوَدَّةِ، الترمذي في الزهد من جامعه من حديث عمران بن مسلم القصير عن سعيد بن سليمان الربعي عن أبي مودود يزيد بن نعامة السهمي البصري به مرفوعا، وقال: إنه غريب ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، ولا نعرف ليزيد سماعا من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انتهى، وجزم أبو حاتم بأنه لا صحبة له، وخلط البخاري في إثباتها له، وكذا قال ابن حبان: إن له صحبة، وقال البغوي: اختلف فيها، غير أن أبا بكر ابن أبي شيبة أخرج حديثه في مسنده، قال الترمذي: ويروى عن ابن عمر مرفوعاً نحوه، ولا يصح إسناده انتهى، ويروى كما في مسند الفردوس عن أنس رفعه: ثلاثة من الجفاء، وذكر منها عدم معرفة المرء اسم من يواخيه.

50 - حَدِيث: إِذَا أَتَاكُمْ كَرِيمُ قَوْمٍ فَأَكْرِمُوهُ، ابن ماجه في سننه من حديث سعيد بن مسلمة عن محمد بن عجلان عن نافع عن ابن عمر رفعه بهذا. وسنده ضعيف، لكن روى الطبراني في الأوسط من حديث حصين بن عمر الأحمسي عن إسماعيل ابن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير البجلي، قال: لما بعث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتيته، فقال: ما جاء بك؟ قلت: جئت لأسلم فألقى إلي كساءه وقال: وذكره، وحصين فيه ضعف، وله طريق آخر عند الطبراني في الأوسط، والصغير، بسند ضعيف، وآخر عند البزاز في مسنده من حديث الجريري وهو ضعيف أيضا، عن ابن بريدة عن يحيى بن يعْمَر عن جرير، قال: أتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فبسط لي رداءه وقال لي: اجلس على هذا، فقلت: أكرمك اللَّه كما أكرمتني، فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وذكره، وقال: إنه غريب بهذا الإسناد، ويحيى بن يعمر لا نعلم روى عن جريرا إلا هذا، وللعسكري في الأمثال، وابن شاهين، وابن السكن، وأبي نُعيم، وابن منده، في كتبهم في الصحابة، وأبي سعد في شرف المصطفى، والحكيم الترمذي، وآخرين، كلهم من طريق صابر بن سالم بن حميد بن يزيد بن عبد اللَّه بن ضمرة حدثني أبي عن أبيه حدثني يزيد بن عبد اللَّه، حدثتني أختي أم القصاف، قالت: حدثني أبي عبد اللَّه بن ضمرة أنه بينما هو قاعد عند رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في جماعة من أصحابه، إذ قال لهم: سيطلع عليكم من هذه الثنية خير ذي يمن، فإذا هم بجرير بن عبد اللَّه. فذكر قصة طولها بعضهم، وفيه: فقالوا: يا نبي اللَّه، لقد رأينا منك له ما لم نره لأحد؟ فقال: نعم، هذا كريم قوم فإذا أتاكم، وذكره، وليس عند ابن السكن حدثتني أختي، وسنده مجهول، وللعسكري فقط من حديث مجالد عن الشعبي عن عدي بن حاتم رضي اللَّه عنه أنه لما دخل على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ألقى إليه وسادة فجلس على الأرض وقال: أشهد أنك لا تبغي علوا في الأرض ولا فسادا، وأسلم، ثم قال رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وذكره، وسنده ضعيف أيضا، وللدولابي في الكنى من حديث عبد الرحمن بن خالد بن عثمان عن أبيه عن جده عثمان عن جده محمد بن عثمان بن عبد الرحمن عن أبيه عثمان عن جده أبي راشد عبد الرحمن بن عبد، قال: قدمت على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مائة راجل من قومي، فذكر حديثا، وفيه: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكرمه وأجلسه وكساه ورفع رداءه ودفع إليه عصاه وأنه أسلم، فقال له رجل من جلسائه: يا رسول اللَّه، إنا نراك أكرمت هذا الرجل؟ فقال: إن هذا شريف قوم، وإذا أتاكم شريف قوم فأكرموه، ولأبي داود في المراسيل وسنده صحيح من حديث طارق عن الشعبي رفعه مرسلا: إذا أتاكم، وذكره، وقال: روي متصلا، وليس بشيء انتهى، وفي الباب عن جابر، وابن عباس، ومعاذ، وأبي قتادة، وأبي هريرة، وآخرين، منهم أنس وهو عند الحاكم في المعرفة، والتيمي في ترغيبه من حديث معبد بن خالد بن أنس عن جده، وبهذه الطرق يقوى الحديث، وإن كانت مفرداتها كما أشرنا إليه ضعيفة، ولذا انتقد شيخنا وشيخه رحمهما اللَّه الحكم عليه بالوضع.

51 - حَدِيث: إِذَا أَحْبَبْتُمُوهُمْ فَأَعْلِمُوهُمْ، وَإِذَا أَبْغَضْتُمُوهُمْ فَتَجَنَّبُوهُمْ، أما الشق الأول فهو معنى الحديث الذي بعده، ولذا قال صلى اللَّه عليه لمعاذ: إني أحبك ، وأما الثاني فلا أعلمه، وليس هو بصحيح على الإطلاق.

52 - حَدِيث: إِذَا أَحَبَّ الرَّجُلُ أَخَاهُ فَلْيُخْبِرْهُ أَنَّهُ يُحِبُّهُ، البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود واللفظ له، والترمذي، والنسائي، وآخرون، كلهم من حديث ابن عبيد عن المقدام بن معدي كرب به مرفوعا، ولفظ البخاري: إذا أحب أحدكم أخاه فليعلمه أنه أحبه، ولفظ الترمذي: فليعلمه إياه. وقال النسائي "ذلك" بدل: إياه، وصححه ابن حبان، والحاكم، وقال الترمذي: إنه حسن صحيح غريب، زاد بعضهم: ثم ليزره، ولا يكونن أول قاطع، وفي لفظ للطبراني والبيهقي في الشعب عن ابن عمر فليخبره فإنه يجد مثل الذي يجده له، وفي آخر عند غيره عن أبي ذر فليأته في منزله فليخبره أنه يحبه، وفي الباب عن أنس وأبي سعيد وآخرين منهم من لم يسم، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد من حديث مجاهد، قال: لقيني رجل من الصحابة فأخذ بمنكبي من ورائي قال: أما إني أحبك، قال: أحبك الذي أحببتني له، فقال: لولا أن رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: إذا أحب الرجل الرجل فليخبره أنه أحبه ما أخبرتك، قال: ثم أخذ يعرض عليَّ الخِطبة، قال: أما إن عندنا جارية إلا أنها عوراء.

53 - حَدِيث: إِذَا أَرَادَ اللَّه إِنْفَاذَ قَضَائِهِ وَقَدَرِهِ سَلَبَ ذَوِي الْعُقُولِ عُقُولَهُمْ، حَتَّى يَنْفُذَ فِيهِمْ قَضَاؤُهُ وَقَدَرُهُ، أبو نُعيم في تاريخ أصبهان، ومن طريقه الديلمي في مسنده من حديث سعيد بن سليمان بن حرب عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس به مرفوعا، وكذا أخرجه الخطيب وغيره بلفظ: إن اللَّه إذا أحب نفاذ أمر، وذكره، وأعله الخطيب بلاحق بن الحسين، وقال: إنه كذاب يضع انتهى، وسعيد أيضا متروك، وعند البيهقي في الشعب من حديث المنهال بن عمر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس من قوله: إن القدر إذا جاء حال دون البصر، قال: ورواه عكرمة عن ابن عباس قال: إذا جاء القضاء ذهب البصر، وعن نافع بن الأزرق في معناه: أرأيت الهدهد كيف يجيء فينقر الأرض، فيصيب موضع الماء، ويجيء إلى الفخ وهو لا يبصره حتى يقع في عنقه، وعند الترمذي: إذا جاء القدر عمي البصر، وإذا جاء الحين غطى العين، وحديث ابن عباس معزو للحاكم بلفظ: إذا نزل القضاء عمي البصر، فينظر، وفي الباب عن ابن عمر، وعلي، وفي حديثه من الزيادة: فإذا مضى أمره رد إليهم عقولهم، وبعث الندامة، وأنشد أبو عمر الزاهد غلام ثعلب لنفسه:
إذا أراد اللَّه أمرا بامرئ ... وكان ذا رأي وعقل وبصر
وحيلة يعملها في كل ما ... يأتي به محتوم أسباب القدر
أغواه الجهل وأعمى عينه ... فسله عن عقله سل الشعر
حتى إذا أنفذ فيه حكمه ... رد عليه عقله ليعتبر

54 - حَدِيث: إِذَا أَكَلْتُمْ فَأَفْضِلُوا .

55 - حَدِيث: إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلا صَوْمَ حَتَّى رَمَضَانَ، أحمد والدارمي والأربعة، وصححه ابن حبان وأبو عوانة وغيرهما، والدينوري في المجالسة كلهم من حديث العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة به مرفوعا، وله شاهد عند الطبراني في الأوسط، والبيهقي في الخلافيات، والدارقطني في الأفراد، من غير جهة العلاء، فأخرجوه من جهة المنكدر بن محمد عن أبيه عن عبد الرحمن والد العلاء، وقد أفردت فيه جزءا.

56 - حَدِيث: إِذَا بُلِيتُمْ فَاسْتَتِرُوا، يأتي في: من أتى من هذه القاذورات شيئا.

57 - حَدِيث: إِذَا جِئْتَ يَا مُعَاذَ أَرْضَ الْحَصِيبِ - يَعْنِي مِنَ الْيَمَنِ - فَهَرْوِلْ، فَإِنَّ بِهَا الْحُورَ الْعِينِ، لا أعرفه ، وفي القاموس: وكزبَيْر موضع باليمن فاقت نساؤه حسنا، ومنه إذا دخلت أرض الحصيب فهرول.

58 - حَدِيث: إِذَا حَجَّ رَجُلٌ بِمَالٍ مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ فَقَالَ: لَبَّيْكَ اللَّهم لَبَّيْكَ قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: لا لَبَّيْكَ وَلا سَعْدَيْكَ، هَذَا مَرْدُودٌ عَلَيْكَ، الديلمي من حديث أبي الغصن الدجين بن ثابت عن أسلم مولى عمر عن عمر رفعه بهذا، والدجين ضعيف، وله شاهد عند البزار بسند ضعيف أيضا عن أبي هريرة رفعه: من أمَّ هذا البيت من الكسب الحرام شخص في غير طاعة اللَّه، فإذا أهل ووضع رجله في الغرز أو الركاب، وانبعثت به راحلته، وقال: لبيك اللَّهم لبيك، نادى مناد من السماء لا لبيك ولا سعديك، كسبك حرام، وزادك حرام، وراحلتك حرام، فارجع مأزورا غير مأجور، وأبشر بما يسوؤك، الحديث. وهو عند الخلعي من هذا الوجه، بلفظ: من تيمم بكسب حرام حاجا، كان في غير طاعة اللَّه، حتى إذا وضع رجله في الغرز وبعث راحلته، قال: لبيك اللَّهم لبيك، ينادي مناد من السماء لا لبيك ولا سعديك، كسبك حرام، وثيابك حرام، وراحلتك حرام، وزادك حرام، فارجع مذموما غير مأجور، أبشر بما يسوؤك، الحديث.

59 - حَدِيث: إِذَا حُدِّثْتُمْ عَنِّي بِحَدِيثٍ يُوَافِقُ الْحَقَّ فَصَدِّقُوهُ، وَخُذُوا بِهِ، حَدَّثْتُ بِهِ أَوْ لَمْ أُحَدِّثْ، الدارقطني في الأفراد، والعقيلي في الضعفاء، وأبو جعفر بن البختري في الجزء الثالث عشر من فوائده، من حديث محمد بن عون الزيادي حدثنا أشعث بن بُراز (*) عن قتادة عن عبد اللَّه بن شقيق عن أبي هريرة به مرفوعا، وقال الدارقطني: إن أشعث تفرد به انتهى، وهو شديد الضعف، والحديث منكر جدا، استنكره العقيلي، وقال: إنه ليس له إسناد يصح، قلت: فمن طرقه ما عند الطبراني في الكبير من حديث الوَضِين عن سالم بن عبد اللَّه بن عمر عن أبيه مرفوعا: سئلت اليهود عن موسى فأكثروا فيه، وزادوا ونقصوا حتى كفروا، وسئلت النصارى عن عيسى فأكثروا فيه، وزادوا ونقصوا حتى كفروا، وإنه ستفشو عني أحاديث فما أتاكم من حديثي فاقروؤا كتاب اللَّه واعتبروا، فما وافق كتاب اللَّه فأنا قلته، وما لم يوافق كتاب اللَّه فلم أقله، وقد سئل شيخنا عن هذا الحديث، فقال: إنه جاء من طرق لا تخلو من مقال، وقد جمع طرقه البيهقي في كتاب المدخل ومعناه إن ثبت أن يحمل قوله - يعني الوارد في بعض طرقه - وإلا فاتركوه على أن هناك حذفا تقديره، وإلا إن خالف فاتركوه، فقد دخل في الشق الأول وهو قوله إن وافق ما يوافق نصا، وما يوافق استنباطا أو ما يوافق خصوصا، وما يوافق عموما، لقوله تعالى {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} فما ثبت عن الرسول فهو مأخوذ عن اللَّه، بأمر القرآن انتهى.

60 - حَدِيث: إِذَا حَدَّثَ الرَّجُلُ بِالْحَدِيثِ ثُمَّ الْتَفَتَ فَهِيَ أَمَانَةٌ، أبو داود في سننه، والعسكري في الأمثال من حديث يحيى بن آدم، والترمذي في جامعه، وابن أبي الدنيا في الصمت من حديث ابن المبارك، وأبو يعلى في مسنده من حديث شَبَابة ابن سَوَّار، وهو وأحمد من حديث يزيد بن هارون، وأحمد فقط من حديث أبي عامر العقدي، وأبو الشيخ من حديث عاصم بن علي، كلهم عن ابن أبي ذئب هو محمد بن عبد الرحمن، وكذا أخرجه الطيالسي في مسنده عنه عن عبد الرحمن بن عطاء عن عبد الملك بن جابر بن عتيك عن جابر بن عبد اللَّه مرفوعا به، وألفاظهم متقاربة، وقال الترمذي: إنه حسن، إنما نعرفه من حديث ابن أبي ذئب، قلت: وكأنه عنى لفظا خاصا، وإلا فقد أخرجه أحمد أيضا عن أبي سلمة الخزاعي وموسى بن داود، كلاهما عن سليمان بن بلال عن ابن عطاء هذا، مع أنه اختلف فيه على ابن أبي ذئب، فالجمهور كما تقدم، ورواه البزار في مسنده، فجعل شيخه فيه عبد الرحمن بن جابر، قال البزار: وهذا عندي غير عبد الملك بن جابر بن عتيك، قال: ولا نعلم روى عن جابر غير هذا الحديث، وأيضا فابن عطاء قد اختلف فيه، فوثقه جماعة، ولينه آخرون، وقال البخاري: فيه نظر، فإما أن يكون الترمذي اعتمد توثيقه، أو حسنه لشاهده الذي أخرجه أبو يعلى في مسنده بسند ضعيف أيضا من حديث مالك بن دينار عن أنس به مرفوعا، وقد أورد الحديث الضياء أيضا في المختارة لهذا أيضا، وقال العقيلي في ترجمة حسين بن عبد اللَّه بن ضميرة لما ساق له عن أبيه عن جده عن علي رفعه: المجالس بالأمانة، وهذا قد جاء عن جابر بن عتيك بلفظ: إذا حدث الرجل ثم التفت فهي أمانة.

61 - حَدِيث: إِذَا حَضَرَ العِشاء والعَشاء فابدوؤا بالعَشاء، قال العراقي في شرح الترمذي: إنه لا أصل له في كتب الحديث بهذا اللفظ، قال تلميذه شيخنا في فتح الباري: لكن رأيت بخط الحافظ قطب الدين - يعني الحلبي - أن ابن أبي شيبة أخرج عن إسماعيل، يعني ابن علية عن ابن إسحاق حدثني عبد اللَّه بن رافع عن أم سلمة مرفوعا: إذا حضر العَشاء وحضرت العِشاء فابدؤوا بالعَشاء، فإن كان ضبطه فذاك، وإلا فقد رواه أحمد في مسنده عن إسماعيل، بلفظ: وحضرت الصلاة، ثم راجعت مصنف ابن أبي شيبة، فرأيت الحديث فيه كما أخرجه أحمد، وأصل الحديث في المتفق عليه بلفظ: إذا وضع العَشاء وأقيمت الصلاة فابدؤوا بالعَشاء، ولما أورده الصغاني في مشارقه: حكى أنه رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في منامه، وسأله عن صحته، فقال: نعم، هو صحيح.

62 - حَدِيث: إِذَا دَخَلَ الضَّيْفُ عَلَى قَوْمٍ دَخَلَ بِرِزْقِهِ، وَإِذَا خَرَجَ خَرَجَ بِمَغْفِرَةِ ذُنُوبِهِمْ، الديلمي من حديث معروف بن حسان، حدثنا زياد الأعلم عن الحسن عن أنس مرفوعا بهذا، وسنده ضعيف، وله شاهد عند أبي الشيخ من حديث عزة ابنة أبي قرصافة عن أبيها مرفوعا: إذا أراد اللَّه بقوم خيرا أهدى إليهم هدية، قالوا: يا رسول اللَّه، وما تلك الهدية؟ قال: الضيف ينزل برزقه، ويرتحل وقد غفر اللَّه لأهل المنزل، وكذا أخرجه الديلمي من حديث إسحاق بن نجيح عن عطاء الخراساني عن أبي ذر رفعه: الضيف يأتي برزقه، ويرتحل بذنوب القوم، يمحص عنهم ذنوبهم، ومن حديث عبد اللَّه بن همام عن أبي الدرداء مرفوعا مثله، لكن بلفظ: أهل البيت، بدل القوم دون ما بعده، وفي رواية: ويرتحل وقد غفر لأهل المنزل، وحديث أبي ذر عند الديلمي، وكذا له عن ابن عباس رفعه أيضا: أكرموا الضيف وأقروا الضيف، فإنه أول من يقدم برزقه جبريل مع رزق أهل البيت، وفي الأفراد للدارقطني من حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رفعه: إذا نزل الضيف بالقوم نزل برزقه، وقال: غريب.

63 - حَدِيث: إِذَا رَأَيْتُمُ الْحَرِيقَ فَكَبِّرُوا، فَإِنَّهُ يُطْفِئُهُ، الطبراني في الدعاء من حديث عبد الرحمن بن الحارث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا بهذا، وهو عند البيهقي في الدعوات من طريق كامل بن طلحة حدثنا ابن لهيعة حدثنا عمرو به بلفظ: استعينوا على إطفاء الحريق بالتكبير، وللطبراني في الدعاء، وفي الأوسط، من حديث أيوب بن نوح المطوَّعي حدثنا أبي حدثنا محمد بن عجلان عن سعيد بن أبي المقبري عن أبي هريرة رفعه، بلفظ: أطفئوا الحريق بالتكبير، وقال: لم يروه عن ابن عجلان إلا نوح تفرد به ابنه، قلت: ويشهد له ما رواه ابن السني عن أنس وجابر رضي اللَّه عنهما مرفوعا: إذا وقعت كبيرة أو هاجت ريح عظيمة فعليكم بالتكبير، فإنه يجلي العجاج الأسود. 64 - حَدِيث: إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّجُلَ يَتَعَاهَدُ الْمَسَاجِدَ فَاشْهَدُوا لَهُ بِالإِيمَانِ، فَإِنَّ اللَّه يَقُولُ {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّه} الآيَةَ، أحمد بن حنبل، وابن منيع، والترمذي، وابن ماجه، والدارمي، وابن مردويه، من حديث أبي الهيثم عن أبي سعيد مرفوعا بهذا، وقال الترمذي: إنه حسن غريب، وصححه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، وفي لفظ الديلمي عن معاذ بن جبل به مرفوعا: إذا رأيتم الرجل يلزم المسد فلا تَحَرَّجوا أن تشهدوا له أنه مؤمن.

65 - حَدِيث: إِذَا سَمَّيْتُمْ فَعَبِّدُوا، الديلمي عن معاذ بن جبل به مرفوعا، ومسدد ومن طريقه الطبراني في معجمه الكبير حدثنا أبو أمية ابن يعلى عن أبيه عن عبد الملك بن أبي زهير الثقفي عن أبيه مرفوعا بهذا، وعند مسلم كما تقدم في: أحب، من حديث عبيد اللَّه بن عمر عن نافع عن ابن عمر رفعه: أحب الأسماء إلى اللَّه عبد اللَّه وعبد الرحمن، وللطبراني بسند ضعيف عن ابن مسعود رفعه: أحب الأسماء إلى اللَّه ما تعبد له، وأما ما يذكر على الألسنة من: (خير الأسماء ما حمد وما عبد) فما علمته.

66 - حديث: إذا صدقت المحبة سقطت شروط الأدب، هو من كلام المبرِّد، بلفظ: إذا صحت المودة سقط التكليف والتعمل، وأورده الخطابي في العزلة في باب ترك الإكثار من الأصدقاء، وفي الرسالة للقشيري عن الجنيد: إذا سقطت المحبة سقط آدابها.

67 - حَدِيث: إِذَا صَلَّيْتُمْ عَلَيَّ فَعَمِّمُوا، لم أقف عليه بهذا اللفظ، ويمكن أن يكون بمعنى: صلوا علي وعلى أنبياء اللَّه، فإن اللَّه بعثهم كما بعثني، وقد بينته في القول البديع.

68 - حَدِيث: إِذَا ضَرَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْتَنِبِ الْوَجْهَ، البخاري من طريق همام، والنسائي من طريق عجلان، كلاهما عن أبي هريرة مرفوعا به، وهو من الوجه الأول عند الطبراني بلفظ: إذا ضربتم فاتقوا الوجه، فإن اللَّه خلق آدم على صورته، ومن الوجه الثاني عند ابن منيع بلفظ: إذا ضربتم المملوكين فلا تضربوهم على وجوههم.

69 - حَدِيث: إِذَا طَلَعَ النَّجْمُ صَبَاحًا رُفِعَتِ الْعَاهَةُ عَنْ كُلِّ بَلْدَةٍ، أبو داود من جهة عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة رفعه بهذا، وكذا أخرجه الطبراني في ترجمة أحمد بن محمد بن يعقوب من معجمه الصغير، بلفظ: إذا ارتفع النجم رفعت العاهة عن كل بلد، وهو عند أبي حنيفة عن عطاء ورواه عسل بن سفيان عن عطاء بلفظ: ما طلع النجم صباحاً قط ويقوم عاهة إلا رفعت أو خفت، كما لمسدد، وفي لفظ عنه أخرجه أحمد: ما طلع النجم قط وفي الأرض من العاهة شيء إلا رفع والنجم الثريا، ولأحمد والبيهقي من حديث عثمان بن عبد اللَّه بن سراقة عن ابن عمر، قال: نهى رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن بيع الثمار حتى تؤمن عليها العاهة، قيل أو قلت: ومتى ذلك يا أبا عبد الرحمن؟ قال: إذا طلعت الثريا، وطلوعها صباحا يقع في أول فصل الصيف، وذلك عند اشتداد الحر في بلاد الحجاز وابتداء نضج الثمار، والمعتبر في الحقيقة النضج، وطلوع النجم علامة له، وقد بينه في الحديث بقوله: ويتبين الأصفر من الأحمر.

70 - حَدِيث: إِذَا طَنَّتْ أُذُنُ أَحَدِكُمْ فَلْيَذْكُرْنِي، وَلْيُصَلِّ عَلَيَّ، وَلْيَقُلْ ذَكَرَ اللَّه بِخَيْرٍ مَنْ ذَكَرَنِي بِخَيْرٍ، الطبراني وابن السني في عمل اليوم والليلة، والخرائطي في المكارم، وآخرون عن أبي رافع مرفوعا بهذا، وسنده ضعيف، بل قال العقيلي: إنه ليس له أصل، ونحوه ما عزاه السهيلي وغيره للدارقطني من حديث مالك بن مغول عن الشعبي عن مسروق عن عائشة مرفوعا: إن اللَّه أعطاني نهرا يقال له الكوثر في الجنة لا يدخل أحد أصبعيه في أذنيه إلا سمع خرير ذلك النهر، قال: فقلت يا رسول اللَّه، وكيف ذلك؟ قال: أدخلي أصبعيك في أذنيك وشدي، والذي تسمعين منهما من خرير الكوثر، وهو عند ابن جرير في تفسيره عن أبي كريب عن وكيع عن أبي جعفر الرازي عن ابن أبي نجيح عن عائشة من قولها، قالت: من أحب أن يسمع خرير الكوثر، فليجعل أصبعيه في أذنيه، وهذا مع وقفه منقطع، وقد رواه بعضهم عن ابن أبي نجيح عن رجل عنها، ولا يثبت. قال العماد ابن كثير: ومعناه من أحب أن يسمع خرير الكوثر أي نظيره وما يشبهه لا أنه يسمعه بعينه، بل شبهت دويه بدوي ما تسمع إذا وضع الإنسان أصبعيه في أذنيه واللَّه أعلم.

71 - حَدِيث: إِذَا قَضَى اللَّه لِعَبْدٍ أَنْ يَمُوتَ بِأَرْضٍ جَعَلَ لَهُ إِلَيْهَا حَاجَةً، الترمذي في القدر من جامعه، وعبد اللَّه بن أحمد في زوائد المسند، وغيرهما من حديث أبي إسحاق السبيعي عن مطر بن عكامس مرفوعا بهذا، وقال الترمذي: إنه حسن غريب، ولا يعرف لمطر غيره، وصححه الحاكم، وهو عند الترمذي أيضا من حديث أبي المليح ابن أسامة عن أبي عزة رفعه بلفظه سواء، وتردد الراوي هل قال: إليها أو بها؟ وقال: إنه صحيح، وكذا صححه ابن حبان والحاكم، وهو عنده بلفظين أولهما: إذا قضى اللَّه لرجل موتا ببلدة جعل له بها حاجة، والآخر: ما جعل اللَّه أجل رجل بأرض إلا جعلت له فيها حاجة، ورواه أحمد والطيالسي في مسنديهما، ولفظه: إن اللَّه عز وجل إذا أراد قبض عبد بأرض جعل له بها حاجة، ولفظ أحمد: إذا أراد اللَّه قبض روح عبد بأرض جعل له فيها أو قال بها حاجة، وفي الباب عن عروة بن مضرس مرفوعا: إذا أراد اللَّه قبض عبد بأرض جعل له إليها حاجة، أخرجه البيهقي في الشعب، وعن ابن مسعود أخرجه الحاكم من حديث إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عنه مرفوعا، بلفظ: إذا كان أجل أحدكم بأرض أوثبته له إليها حاجة، فإذا بلغ أقصى أثره فتوفاه وتقول الأرض يوم القيامة: يا رب هذا ما استودعتني، وبلفظ: جعلت له إليها حاجة فتوفاه اللَّه بها فتقول الأرض، وبلفظ: إذا كانت ميتة أحدكم بأرض أتيح له الحاجة، فيقصد إليها فتكون أقصى أثر منه فيقبض فيها فتقول الأرض يوم القيامة هذا ما استودعتني، وهو عند ابن ماجه في الزهد من سننه، وروينا في الجزء الأول من المجالسة للدينوري مما يشهد لهذا المعنى من طريق أبي قلابة الجرمي قال: كان رجل يقول اللَّهم صل على ملك الشمس فيكثر ذلك، فاستأذن ملك الشمس ربه عز وجل أن بنزل إلى الأرض فيزوره، فنزل إلى الأرض ثم أتى الرجل، فقال: إني سألت اللَّه تعالى النزول إلى الأرض من أجلك، فما حاجتك؟ فقال: بلغني أن ملك الموت صديق لك فاسأله أن ينسئ في أجلي ويخفف عني الموت، قال: فحمله معه فأقعده مقعده من الشمس، وأتى ملك الموت فأخبره، فقال: من هو، قال: فلان ابن فلان، فنظر ملك الموت في اللوح معه، فقال: إن هذا لا يموت حتى يقعد مقعدك من الشمس، قال: فقد قعد مقعدي من الشمس، فقال: توفته رسلنا وهو لا يفرطون، فرجع ملك الشمس فوجده قد مات.

72 - حَدِيث: إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَنْصِتْ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ، متفق عليه عن أبي هريرة، وفي لفظ لمسلم: أنصت يوم الجمعة، ولابن خزيمة في صحيحه، ولأبي داود وغيرهما من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص رفعه في حديث: ومن لغا وتخطى الرقاب كانت له ظهرا، ولأحمد عن علي مرفوعا: من قال صه فقد تكلم، ومن تكلم فلا جمعة له، وعزى ابن دقيق العيد للترمذي قوله: ومن لغا فلا جمعة له، وما رأيت هذا في جامعه وبسطت هذا كله في جزء مفرد، وغفل المبتدع - بإيراد هذا بين يدي الخطيب يوم الجمعة مع إدراجه فيه انصتوا - عن لفظ من هذه الثلاثة وهو أصرح.

73 - حَدِيث: إِذَا كبر ولدك واخيه، الطبراني في الأوسط، وأبو نُعيم في المعرفة، والدارقطني في الأفراد عن أبي جبيرة بن الضحاك رفعه: الولد سبع سنين سيد وأمير، وسبع سنين عبد وأسير، وسبع سنين أخ ووزير، فإن رضيت مكانته وإلا فاضرب على جنبه، فقد أعذرت فيما بينك وبينه، وسنده ضعيف. وللبيهقي في الشعب من حديث خالد بن معدان أنه قال: من حق الولد على والده أن يحسن أدبه وتعليمه، فإذا بلغ اثنتي عشرة سنة فلا حق له، وقد وجب حق الوالد على ولده، فإن هو أرضاه فليتخذه شريكا، وإن لم يرضه فليتخذه عدوا، وللدارقطني في الأفراد وغيره من حديث أبي العطوف الجراح بن منهال عن الزهري عن سليمان بن أبي رافع - وقال بعضهم أبو سليم مولى أبي رافع - عن أبيه، قلت: يا رسول اللَّه، لأولادنا حق كحقنا، فذكر من حقهم على أبيهم تعليم كتاب اللَّه، والرمي، والسباحة.

74 - حديث: إِذَا كَتَبَ أَحَدُكُمْ كِتَابًا فَلْيُتَرِّبْهُ فَإِنَّهُ أَنْجَحُ لِلْحَاجَةِ، الترمذي في الاستئذان من جامعه، من حديث حمزة عن أبي الزبير عن جابر رفعه بهذا، وقال: إنه منكر، لا نعرفه عن أبي الزبير إلا من هذا الوجه، قال: وحمزة - وهو عندي ابن عمرو النصيبي - ضعيف في الحديث، وقد أخرجه ابن ماجه في الأدب من سننه من حديث بقية أنا أبو أحمد الدمشقي عن أبي الزبير لكن بلفظ: تربوا صحفكم، فإنه أنجح لها، لأن التراب مبارك، وأبو أحمد قال البيهقي: هو من مشايخ بقية المجهولين، وروايته منكرة، وأشار بذلك إلى هذا الحديث، وكذا قال أبو طالب: سألت أحمد يعني عنه فقال: هذا حديث منكر، وما روى بقية عن المجهولين لا يكتب، وروينا في الجامع للخطيب من حديث عبد الوهاب الحجي، قال: كنت في مجلس بعض المحدثين ويحيى بن معين إلى جنبي، فكتبت صحفا، فذهبت لأتربه فقال لي: لا تفعل فإن الأرضة تسرع إليه، قال: فقلت له: الحديث عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتربوا الكتاب فإن التراب مبارك، وهو أنجح للحاجة، قال: ذلك إسناد لا يساوي فلسا، وفي الباب ما أخرجه ابن منيع، والحسن بن سفيان في مسنديهما، وأبو نُعيم في المعرفة، وابن قانع في معجم الصحابة، من حديث هشام بن زياد أبي المقداد عن الحجاج بن يزيد عن أبيه مرفوعا: تربوا الكتاب أنجح له، وهشام وحجاج ضعيفان، وأخرجه الديلمي في مسنده من جهة ابن جهضم بسنده إلى ابن عباس قال مثله، والطبراني في الأوسط، من حديث إبراهيم بن أبي عبلة سمعت أم الدرداء تخبر عن أبي الدرداء مرفوعا: إذا كتب أحدكم إلى إنسان فليبدأ بنفسه، وإذا كتب فليترب كتابه، فهو أنجح. وكلها ضعيفة.

75 - حَدِيث: إِذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُحْسِنْ كَفَنَهُ، مسلم، وأبو داود، والنسائي، من حديث ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابرا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بهذا، وهو عند الحارث بن أبي أسامة، وأحمد بن منيع في مسنديهما، من جهة زكريا ابن إسحاق عن أبي الزبير، بلفظ: إذا ولِيَ، وذكره، بزيادة: فإنهم يبعثون في أكفانهم، ويتزاورون في أكفانهم، ورواه أبو نصر السجزي في الإبانة من رواية إبراهيم بن معاوية، بلفظ: أحسنوا أكفان موتاكم فإنهم يتباهون ويتزاورون، وفي الباب عن جماعة، منهم أبو قتادة، أخرجه الترمذي من حديث محمد بن سيرين عنه رفعه: إذا ولى أحدكم أخاه فليحسن كفنه، وقال: إنه حسن غريب، قال: وفيه عن جابر، وقال ابن المبارك: قال سلام بن أبي مطيع: هو الصفاء وليس بالمرتفع ، وعن عمر: أحسنوا أكفان موتاكم فإنهم يبعثون فيها يوم القيامة، أخرجه سعيد بن منصور وعن معاذ بن جبل نحوه، وهما موقوفان، ويمكن الجمع بين بعثهم في أكفانهم، وبين ما ثبت أنهم يحشرون عراة، بأنهم يقومون من القبور بثيابهم، ثم عند الحشر يكونون عراة، على أن البيهقي حمل حديث أن الميت يبعث في ثيابه التي يموت فيها. على العمل، ثم جوز على ظاهره الجمع بما قدمته.

76 - حَدِيث: إِذَا كُنْتُمْ ثَلاثَةً فَلا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُحْزِنُهُ، متفق عليه عن ابن عمر.

77 - حَدِيث: إِذَا كُنْتَ عَلَى الْمَاءِ فَلا تَبْخَلْ بِالْمَاءِ، لم أقف عليه، ولكن في الأوسط للطبراني عن عائشة رضي اللَّه عنها مرفوعا: من سقى مسلما شربة من ماء حيث يوجد الماء فكأنما أعتق رقبة، أو في موضع لا يوجد فيه الماء فكأنما أحياه، ونحوه في الأفراد للدارقطني من حديث حميد الطويل عن أنس مرفوعا: من سقى الماء في موضع يقدر فيه على الماء .

78 - حَدِيث: إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ، البخاري من حديث منصور بن المعتمر عن ربْعي بن حِراش عن أبي مسعود البدري مرفوعا: إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم. وذكره، وقيل فيه عن حذيفة بدل أبي مسعود والمحفوظ الأول، وقد توبع ربعي عليه من مسروق وغيره، بل في الباب عن أبي الطفيل كما عند الطبراني في الأوسط من حديثه مرفوعا، بلفظ: كان يقال إن مما أدرك، وذكره، وعن ابن عباس كما عند ابن عدي ومن جهته الدمياطي وقال: إنه غريب، ومع ترجيح حديث أبي مسعود، قال شيخنا: إنه ليس ببعيد أن يكون ربعي سمعه منه ومن حذيفة جميعا.

79 - حَدِيث: إِذَا مَاتَ الْعَالِمُ انْثَلَمَ فِي الإِسْلامَ ثَلْمَةً، وَلا يَسُدُّهَا شَيْءٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، الزبير بن بكار في الموقفيات، عن محمد بن سلام الجمحي عن علي بن أبي طالب من قوله. وهو معضل، وله شواهد منها ما رواه أبو بكر ابن لال من حديث جابر مرفوعا: موت العالم ثلمة في الإسلام لا يسدها اختلاف الليل والنهار، والطبراني من حديث أبي الدرداء رفعه: موت العالم مصيبة لا تجبر، وثلمة لا تسد، وموت قبيلة أيسر من موت عالم، وهو نجم طمس، ومنها عن ابن عمر أخرجه الديلمي بلفظ: ما قبض اللَّه عالما إلا كان ثغرة في الإسلام لا تسد، وعن آخرين وثبت كما في صحيح الحاكم من حديث عطاء عن ابن عباس في قوله تعالى {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} قال: موت علمائها، وللبيهقي من حديث معروف بن خربوذ عن أبي جعفر أنه قال: موت عالم أحب إلى إبليس من موت سبعين عابدا.

80 - حَدِيث: إِذَا وَزَنْتُمْ فَأَرْجِحُوا، ابن ماجه من حديث شعبة عن محارب ابن دثار عن جابر مرفوعا بهذا، ومن طريقه أورده الضياء في المختارة، بل أصله في الصحيح في قصة بعير جابر: وزن لي فأرجح، وفي لفظ: وزن لي دراهم فأرجحها، وفي آخر فقضاني وزادني، وروى أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والدارمي وآخرون من حديث وكيع عن الثوري عن سماك بن حرب عن سويد بن قيس قال: جلبت أنا ومخرمة العبدي بزا من هجر فجاءنا رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فساومنا سراويل، وعندنا وزَّان يزن بالأجر، فقال له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا وزَّان زن وأرجح، وكذا رواه قيس بن الربيع عن سماك وخالفهما شعبة فقال عن سماك، قال: سمعت مالكا أبا صفوان بن عميرة يقول: بعت من رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجل سراويل قبل الهجرة فوزن لي فأرجح، أخرجها كذلك النسائي وابن ماجه وغيرهما، ورجح أبو داود الأول، وكذا قال النسائي إنه أشبه بالصواب من حديث شعبة، وقال الترمذي: إنه حسن صحيح، وصححه ابن حبان وجعلهما الحاكم واحدا، فقال أبو صفوان كنية سويد بن قيس، وهو صحابي من الأنصار، والحديث صحيح على شرط مسلم، والرواية المسمى فيها بمالك بن عميرة ترد عليه، والصنيع الأول هو المعتمد، وقد بسطت الكلام عليه في بعض الأجوبة، وفي الباب عن أنس وغيره.

81 - حَدِيث: إِذَا وَسَّعَ اللَّه فَأَوْسِعُوا، البخاري من حديث حماد بن زيد عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة، فذكر حديثا مرفوعا، ثم قال: إن رجلا سأل عمر بن الخطاب، فذكره، وهو عند ابن حبان من طريق إسماعيل بن علية عن أيوب، فأدرج الموقوف في المرفوع، ولم يذكر عمر والأول أصح، لا سيما وقد وافق حماد بن زيد عليه كذلك حماد بن سلمة، فرواه عن أيوب وهشام وحبيب وعاصم، كلهم عن ابن سيرين، أخرجه ابن حبان أيضا، بل أخرج مسلم حديث ابن علية فاقتصر على المتفق على رفعه، وحذف الباقي وهو من حسن تصرفه، ولأبي نُعيم وابن لال وغيرهما عن ابن عمر مرفوعا: إن المؤمن من أخذ عن اللَّه أدبا حسنا إذا وسع عليه وسع على نفسه.

82 - حَدِيث: إِذَا وَعَدَ أَحَدُكُمْ فَلا يُخْلِفْ، أحمد بن منيع والحسن بن سفيان وأبو يعلى في مسانيدهم وآخرون، منهم الحاكم في صحيحه عن أنس مرفوعا به في حديث، وله طرق بينتها في جزء "التماس السعد". 83 - حَدِيث: إِذَا وَقَعَ الْقَضَاءُ عَمِيَ الْبَصَرُ، تقدم معناه في: إذا أراد اللَّه.

84 - حَدِيث: اذْكُرُوا مَحَاسِنَ مَوْتَاكُمْ، وَكُفُّوا عَنْ مَسَاوِيهِمْ، أبو داود في الأدب والترمذي في الجنائز من حديث معاوية بن هشام عن عمران بن أنس المكي عن ابن عمر رفعه بهذا، وقال الترمذي والطبراني: إنه غريب، وقال الحاكم: إنه صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وفي البخاري عن مجاهد عن عائشة مرفوعا: لا تسبوا الأموات، فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا، ولأبي داود من حديث وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه عنها مرفوعا: إذا مات صاحبكم فدعوه لا تقعوا فيه، وكذا هو عند الطيالسي في مسنده عن عبد اللَّه بن عثمان عن هشام، وللنسائي من حديث منصور بن صفية عن أمه عنها، قالت: ذكر عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هالك بسوء، فقال: لا تذكروا هلكاكم إلا بخير، وفي الباب عن غير واحد من الصحابة.

85 - حَدِيث: اذْكُرُوا الْفَاجِرَ، يَأْتِي فِي: لا غِيبَةَ لِفَاسِقٍ.

86 - حَدِيث: أَرْبَعٌ لا يَشْبَعْنَ مِنْ أَرْبَعٍ: أَرْضٌ مِنْ مَطَرٍ، وَأُنْثَى مِنْ ذَكَرٍ، وَعَيْنٌ مِنْ نَظَرٍ، وَعَالِمٌ مِنْ عِلْمٍ، الحاكم في تاريخ نيسابور، وأبو نُعيم في الحلية، كلاهما من حديث سليمان التيمي عن ابن سيرين عن أبي هريرة رفعه به، وراوية عن التيمي محمد بن الفضل بن عطية، اتهم بالكذب والوضع، وأورده العقيلي في الضعفاء وغيره من جهة محمد بن الحسن بن زبالة عن عبد اللَّه بن محمد بن عجلان عن أبيه عن جده عن أبي هريرة كذلك، وابن زبالة كذبه ابن معين في إحدى الروايتين عنه، وقال النسائي: إنه متروك الحديث، ورواه ابن عدي في كامله من جهة عبد السلام بن عبد القدوس عن هشام عن عروة عن أبيه عن عائشة، وقال: إنه منكر عن هشام لم يروه غيره، قال ابن طاهر: رواه عن هشام حسين بن علوان الكوفي وكان يضع الحديث، ولعل عبد السلام سرقه منه، وقد ذكره من هذه الطرق ابن الجوزي في الموضوعات، ولبعضه شواهد كحديث: منهومان لا يشبعان: طالب علم، وطالب دنيا، وحديث لا يَشْبَعُ عَالِمٌ مِنْ عِلْمٍ حَتَّى يَكُونَ مُنْتَهَاهُ الْجَنَّةَ.

87 - حَدِيث: أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُمْ فِي أَمْرِ اللَّه عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَقْرَأُهُمْ أُبيُّ، وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ وَأَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ، الترمذي من حديث داود العطار ومعمر قرنهما عن قتادة عن أنس عن النبي مرفوعا به، وقال: غريب، لا نعرفه من حديث قتادة إلا من هذا الوجه، انتهى. ورواية داود في طريقها سفيان بن وكيع وهو ضعيف، ورواه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة مرسلا، قال الدارقطني: وهو أصح، ثم رواه الترمذي من طريق الحذاء عن أبي قلابة عن أنس مرفوعا نحوه، وقال: إنه حسن صحيح، وهو المشهور. ومن الوجه الثاني أخرجه أحمد والطيالسي في مسنديهما، والنسائي وابن ماجه وآخرون، منهم الضياء في المختارة، وصححه ابن حبان، والحاكم، والترمذي، وفي لفظ للحاكم: أفرض أمتي زيد، وصححها أيضا، والحديث أعل بالإرسال، وسماع أبي قلابة من أنس صحيح، إلا أنه قيل: إنه لم يسمع منه هذا، وقد ذكر الدارقطني في العلل الاختلاف فيه على أبي قلابة ورجح هو وغيره كالبيهقي والخطيب في المدرج أن الموصول منه ذكر أبي عبيدة والباقي مرسل، ورجح ابن المواق وغيره رواية الموصول، وليس عند واحد منهم: وأقضاهم علي، وفي الباب عن جابر عند الطبراني في ترجمة علي بن جعفر من معجمه الصغير وعن أبي سعيد عند قاسم بن أصبغ عن ابن أبي خيثمة، وعند العقيلي في الضعفاء عن علي بن عبد العزيز، كلاهما عن أحمد بن يونس عن سلام عن زيد العمي عن أبي الصديق عنه، وزيد وسلام ضعيفان، وعن ابن عمر عند ابن عدي في ترجمة كوثر بن حكيم وهو متروك، وله طريق أخرى في مسند أبي يعلى من طريق ابن البيلماني عن أبيه عنه، وأورده ابن عبد البر في الاستيعاب من طريق أبي سعد البقال عن شيخ من الصحابة يقال له محجن أو أبو محجن، قلت: وقد اختص الصديق رضي اللَّه عنه بما لم يزاحمه فيه غيره من سائر الصحابة، ولذا من قدم غيره عليه فقد أزرى بسائرهم، ولا متمسك في هذا الحديث له كما بينته في بعض تصانيفي.

88 - حَدِيث: ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ، البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود والترمذي وآخرون، كلهم من حديث ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي قابوس عن عبد اللَّه بن عمرو مرفوعا بهذا، في حديث. وقال الترمذي: إنه حسن صحيح، وصححه الحاكم، وكان ذلك باعتبار ماله من المتابعات والشواهد، وإلا فأبو قابوس لم يرو عنه سوى ابن دينار ولم يوثقه سوى ابن حبان على قاعدته في توثيق من لم يجرح، ومن شواهده ما رواه أحمد وعبد في مسنديهما والطبراني وآخرون من طريق حبان بن زيد الشرعبي عن عبد اللَّه بن عمرو مرفوعا: ارحموا ترحموا، واغفروا يغفر لكم، إلى غيره مما أوضحته في غير موضع، بل أفردت لأحاديث الرحمة تصنيفا.

89 - حَدِيث: ارْحَمُوا مِنَ النَّاسِ ثَلاثَةً، عَزِيزَ قَوْمٍ ذَلَّ، وغني قوم افتتقر، وَعَالِمًا بَيْنَ جُهَّالٍ، العسكري في الأمثال، والسليماني في الضعفاء من حديث زيد بن أبي الزرقاء عن عيسى بن طهمان عن أنس به مرفوعا بهذا، وقال ثانيهما: إن الحمل فيه على عيسى، وكذا أورده ابن حبان في ترجمة عيسى، وقال: إنه يتفرد بالمناكير عن أنس كأنه يدلس عن أبان بن أبي عياش، ويزيد الرقاشي عنه، لا يجوز الاحتجاج بخبره، وهو عند الخطيب من حديث جعفر بن هارون الواسطي عن سمعان بن مهدي عن أنس رفعه مثله، لكن بلفظ: فقيها يتلاعب به الصبيان والجهال، وسمعان مجهول لا يكاد يعرف ألصقت به نسخة مكذوبة، ورواه القضاعي من حديث عبد اللَّه بن الوليد العدني، حدثنا الثوري عن مجاهد عن ابن مسعود مرفوعا به بلفظ: وعالما يلعب به الحمقى والجهال، ومجاهد قال أبو زرعة: إنه عن ابن مسعود مرسل، ورواه ابن حبان في الضعفاء من حديث نوح بن الهيثم عن وهب بن وهب أحد الكذابين عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا مثله، بلفظ: وعالم يتلاعب به الصبيان، ويروى عن أبي هريرة أيضا، ولكن الحديث عند ابن الجوزي في الموضوعات، وقال: إنما يعرف من كلام الفضيل بن عياض، وساقه من جهة الحاكم، قال: سمعت إسماعيل بن محمد بن الفضل يقول: سمعت جدي يقول، سمعت سعيد ابن منصور يقول، قال الفضيل بن عياض: ارحموا عزيز قوم ذل، وغنيا افتقر، وعالما بين جهال.

90 - حَدِيث: الأُرْزُ لَيْسَ بِثَابِتٍ، وسيأتي في: لو كان، من اللام.

91 - حَدِيث: الأَرْضُونَ سَبْعٌ، فِي كُلِّ أَرْضٍ نَبِيٌّ كَنَبِيِّكُمْ، البيهقي في بدء الخلق من الأسماء والصفات له من طريق عطاء بن السائب عن أبي الضحى عن ابن عباس في قوله عز وجل {اللَّه الَّذِي خلق سبع سماوات وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} قال: سبع أرضين في كل أرض نبي كنبيكم، وآدم كآدم، ونوح كنوح، وإبراهيم كإبراهيم، وعيسى كعيسى، ومن طريق عمرو بن مرة عن أبي الضحى به بلفظ: في كل أرض نحو إبراهيم عليه السلام، وقال البيهقي عقبه: إسناد هذا صحيح عن ابن عباس، وهو شاذ بمرة، لا أعلم لأبي الضحى عليه متابعا، وقال ابن كثير - بعد عزوه لابن جرير بلفظ: في كل أرض من الخلق مثل ما في هذه حتى آدم كآدمكم، وإبراهيم كإبراهيمكم -: فهو محمول إن صح نقله عنه، أي عن ابن عباس على أنه أخذه عن الإسرائيليات، وذلك وأمثاله، إذا لم يخبر به ويصح سنده إلى معصوم فهو مردود على قائله.

92 - حَدِيث: الأَرْضُ الْمُقَدَّسَةُ لا تُقَدِّسُ أَحَدًا، وَإِنَّمَا يُقَدِّسُ الْمَرْءَ عَمَلُهُ، مالك في الموطأ عن يحيى بن سعيد، أن أبا الدرداء كتب إلى سلمان الفارسي: أن هلم إلى الأرض المقدسة، فكتب إليه سلمان: إن الأرض، وذكره، وهو مع كونه موقوفاً منقطع، لكنه في تاسع المجالسة للدينوري من حديث يحيى بن سعيد عن عبد اللَّه بن هبيرة، قال: كتب أبو الدرداء، وذكره بزيادة: وأرض الجهاد.

93 - حَدِيث: ارْضَ مِنَ الدُّنْيَا بِالْقُوتِ، فَإِنَّ الْقُوتَ لِمَنْ يَمُوتُ كَثِيرٌ، العسكري من جهة الخليل بن عمر حدثنا صالح المري عن الحسن عن سمرة مرفوعا، بلفظ: يا ابن آدم ارض، وذكره، وفي معناه قال الخليل بن أحمد شعر:
يكفي الفتى خلَق وقوت ... ما أكثر القوت لمن يموت.

94 - حَدِيث: الأَرْمَدُ لا يُعَادُ، في: ثلاث، من المثلثة.

95 - حَدِيث: الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، مَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ، وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ، مسلم في الأدب من صحيحه من حديث عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن سهيل عن أبيه، ومن حديث جعفر بن برقان عن يزيد بن الأصم، كلاهما عن أبي هريرة به مرفوعا، وهو عند البخاري في الأدب المفرد من حديث سليمان بن بلال عن سهيل، بل علقه في بدء الخلق عن الليث، ويحيى بن أيوب، كلاهما عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة عن رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وذكره، ووصله عنها في الأدب المفرد له، وكذا رويناه من جهة ابن أبي داود بسنده إلى الليث ولفظه: عن عمرة، قالت: كانت امرأة مكية بطالة تضحك النساء وتغني، وكانت بالمدينة امرأة مثلها فقدمت المكية المدينة، فلقيت المدينة فتعارفتا، فدخلتا على عائشة فتعجبت من اتفاقهما، فقالت عائشة للمكية: عرفت هذه؟ قالت: لا، ولكن التقينا فتعارفنا، فضحكت عائشة، وقالت: سمعت رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وذكرته، وأخرجه أبو يعلى بنحوه من حديث يحيى بن أيوب، وعند الزبير بن بكار في المزاح والمفاكهة من حديث علي بن أبي طالب اللهبي عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة، أن امرأة كانت بمكة تدخل على نساء قريش تضحكهن، فلما هاجرت ووسع اللَّه تعالى دخلت المدينة، قالت عائشة: فدخلت علي فقالت لها فلانة: ما أقدمك؟ قالت: إليكن، قلت: فأين نزلت؟ قالت: على فلانة، امرأة كانت تضحك بالمدينة، قالت عائشة: ودخل رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: فلانة المضحكة عندكم؟ قالت عائشة: نعم، فقال: فعلى من نزلت؟ قالت: على فلانة المضحكة، قال: الحمد للَّه إن الأرواح، وذكره، وأفادت هذه الرواية سبب هذا الحديث، وفي الباب عن سلمان وابن عباس وابن عمر وابن مسعود وعلي وعمر وأبي الطفيل، ولا نطيل بإيرادها لكن لفظ حديث ابن مسعود منها عند العسكري في الأمثال من حديث إبراهيم الهجري عن أبي الأحوص عنه رفعه: الأرواح جنود مجندة، تلتقي فتتشامُّ كما تتشامُّ الخيل، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف، فلو أن رجلا مؤمنا جاء إلى مجلس فيه مائة منافق وليس فيه إلا مؤمن واحد، لجاء حتى يجلس إليه، ولو أن منافقا جاء إلى مجلس فيه مائة مؤمن، وليس فيه إلا منافق لجاء حتى يجلس إليه، وللديلمي بلا سند عن معاذ بن جبل مرفوعا: لو أن رجلا مؤمنا دخل مدينة فيها ألف منافق ومؤمن واحد لشم روحه روح ذلك المؤمن، وعكسه، ويشهد لمعنى الحديث حديث: المرء على دين خليله، وسيأتي في الميم، وفي الحلية لأبي نعيم في ترجمة أويس أنه لما اجتمع به هرم بن حيان العبدي - ولم يكن لقيه قبل وخاطبه أويس باسمه - قال له هرم: من أين عرفت اسمي واسم أبي فواللَّه ما رأيتك قط ولا رأيتني؟ قال: عرف روحي روحك حين كلمت نفسي نفسك، لأن الأرواح لها أنفس كأنفس الأجساد، وإن المؤمنين يتعارفون بروح اللَّه وإن نأت بهم الدار ووفت بهم المنازل، ولبعضهم يقول:
إن القلوب لأجناد مجندة ... قول الرسول فمن ذا فيه يختلف
فما تعارف منها فهو مؤتلف ... وما تناكر منها فهو مختلف
وقال آخر:
بيني وبينك في المحبة نسبة ... مستورة عن سر هذا العالم
نحن اللذان تحاببت أرواحنا ... من قبل خلق اللَّه طينة آدم

96 - حَدِيث: ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبَّكَ اللَّه، وَازْهَدْ فِيمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ يُحِبُّوكَ، ابن ماجه في الزهد من سننه، والطبراني في الكبير، وأبو نُعيم في الحلية، وابن حبان في روضة العقلاء، والحاكم في صحيحه، والبيهقي في الشعب، وآخرون، كلهم من حديث خالد بن عمرو القرشي عن الثوري عن أبي حازم عن سهل بن سعد الساعدي، قال: جاء رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: يا رسول اللَّه، دلني على عمل إذا عملته أحبني اللَّه وأحبني الناس، فقال: ازهد، وذكره، وقال الحاكم: إنه صحيح الإسناد، وليس كذلك، فخالد مجمع على تركه بل نسب إلى الوضع، لكن قد رواه غيره عن الثوري، بل أخرجه أبو نُعيم في الحلية أيضا من حديث منصور بن المعتمر عن مجاهد عن أنس رفعه نحوه، ورجاله ثقات، لكن في سماع مجاهد من أنس نظر، وقد رواه الأثبات فلم يجاوزوا به مجاهدا، وكذا يروى من حديث ربعي بن حِراش، عن الربيع بن خيثم رفعه: مرسلا، وبالجملة فقد حسن هذا الحديث النووي، ثم العراقي رحمهما اللَّه، وكلام شيخنا رحمه اللَّه، ينازع فيه كما بينته في تخريج الأربعين.

97 - حَدِيث: أَسْأَلُ اللَّه الْعَظِيمَ، رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، أَنْ يُعَافِيَكَ وَيَشْفِيَكَ في الدعاء للمريض، هو عند الإمام أحمد، وابن منيع، وأبي داود، والترمذي وحسنه، والنسائي في عمل اليوم والليلة، وابن حبان في صحيحه، والحاكم، وقال: صحيح على شرط البخاري، كلهم عن ابن عباس رفعه: من عاد مريضا لم يحضر أجله، فقال عنده سبع مرات: أسأل اللَّه العظيم، رب العرش العظيم أن يشفيك، ليس عند أحد منهم "يعافيك"، وهي مستفيضة على الألسنة، بل ربما يقتصر عليها، ولم أرها في شيء من الكتب، نعم في الدعاء للطبراني، بلفظ: من دخل على مريض فقال: أسأل اللَّه العظيم، رب العرش العظيم، أن يعافيك، إلا عوفي ما لم يحضر أجله، وكذا هو عند أبي نُعيم في عمل اليوم والليلة، وفي آخره أن بعض رواته رفعه مرة ووقفه مرتين، هذا كما ترى اقتصر فيه على العافية، وقد وقعتا مجتمعتين في نسخ عدة الحصن الحصين لابن الجزري العافية، لكن ملحقة بالهامش، وجوزت غلطها فإنها ليست في أصله الحصن الحصين.

98 - حَدِيث: اسْتَاكُوا عَرْضًا، وَادَّهِنُوا غِبًّا، وَاكْتَحِلُوا وِتْرًا، قال ابن الصلاح: بحثت عنه فلم أجد له أصلا ولا ذكرا في شيء من كتب الحديث، قال: وقد عقد البيهقي بابا في الاستياك عرضا، ولم يذكر فيه حديثا يحتج به، يشير بذلك إلى ما أخرجه أبو داود في مراسيله، والبيهقي من جهته من حديث محمد بن خالد القرشي عن عطاء ابن أبي رباح، قال: قال رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إذا شربتم فاشربوا مصا، وإذا استكتم فاستاكوا عرضا، وعند البيهقي، والبغوي، والعقيلي، وابن عدي، وابن منده، وابن قانع، والطبراني، من حديث ثَبيت بن كثير وهو ضعيف عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن بهز قال: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستاك عرضا، ويشرب مصا، يتنفس ثلاثا، ويقول: هو أهنأ وأمرأ وأبرأ، وذكر أبو نُعيم في الصحابة ما يدل على أن بهزا هو ابن حكيم بن معاوية القشيري، وعلى هذا فهو منقطع، وهو من رواية الأكابر عن الأصاغر، وحكى ابن منده ما يؤيد ذلك أن مخيس بن تميم رواه عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، لكن قد اختلف في رواية بهز الأولى على راويها يحيى بن سعيد، فقال: ثَبيت كما تقدم، ورواه علي بن ربيعة القرشي المدني عنه عن سعيد بن المسيب فقال: عن ربيعة بن أكثم بدل بهز أخرجه البيهقي والعقيلي، وسنده ضعيف جدا، بل قال ابن عبد البر: ربيعة قتل بخيبر فلم يدركه سعيد، وقال في التمهيد: لا يصحان من جهة الإسناد، ورواه أبو نُعيم في كتاب السواك من حديث عائشة، قالت: كان رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستاك عرضا ولا يستاك طولا، وفي سنده عبد اللَّه بن الحكيم وهو متروك، والجملة الثانية من أصل الحديث عند أحمد، وأبي داود، والنسائي، والترمذي مما صححه هو وابن حبان، وغيرهم، من حديث عبد اللَّه بن مغفل، قال: نهى رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الترجل إلا غبا، وللديلمي من حديث الحسن عن ابن مغَفَّل رفعه: الترجيل غبا فصاعدا، والجملة الثالثة عند أبي داود وغيره من حديث سعيد عن أبي هريرة رفعه: من اكتحل فليوتر، من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج.

99 - حَدِيث: اسْتِتْمَامُ الْمَعْرُوفِ أَفْضَلُ مِنَ ابْتِدَائِهِ، في: تمام، من المثناة.

100 - حَدِيث: اسْتَعِنْ بِيَمِينِكَ، التِّرْمِذِيُّ فِي الْعِلْمِ مِنْ جَامِعِهِ مِنْ حَدِيثِ الْخَلِيلِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يَجْلِسُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَسْمَعُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدِيثَ فَيُعْجِبُهُ وَلا يَحْفَظُهُ، فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّه، إِنِّي أَسْمَعُ مِنْكَ الْحَدِيثَ فَيُعْجِبُنِي وَلا أَحْفَظُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اسْتَعِنْ بِيَمِينِكَ، وأومأ بيده للخط، وقال عقبه: ليس إسناده بذاك القائم، ثم نقل عن شيخه البخاري أن الخليل منكر الحديث، هذا مع أنه اختلف عليه فيه، فقيل عنه كما تقدم، وقيل عنه عن أبي صالح السمان بدل يحيى بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة، أخرج الأخير الخطيب في جامعه من حديث الليث عن الخليل باللفظ الأول، والبيهقي في المدخل من حديث عبد اللَّه بن عبد اللَّه الأموي والليث فرقهما كلاهما عن الخليل عن يحيى بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رجلا شكا إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سوء الحفظ، فقال: استعن بيمنيك، قال: ورواه خصيب بن جحدر وهو ضعيف يعني بالكذب، عن أبي صالح عن أبي هريرة انتهى. وهو من جهته كذلك عند البزار، والعسكري، ولفظه: قال رجل: يا رسول اللَّه! إني لا أحفظ شيئا، فقال: استعن بيمينك على حفظك، وفي لفظ له: شكا رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سوء الحفظ، فقال: استعن بيمينك، أي اكتب، بل عند الطبراني في الأوسط من حديث الخصيب أيضا، فقال عن عبد اللَّه ابن أبي بكر بن أنس بن مالك عن جده عن أنس بن مالك، قال: شكا رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سوء الحفظ، فقال: استعن بيمينك، وفي فضل العلم للمرهبي بسند واه من جهة محمد بن عبيد اللَّه ابن أبي رافع عن أبيه عن جده، قال: قلت يا رسول اللَّه، إنا نسمع منك أحاديث فأستعين بيدي على قلبي؟ قال: نعم، وكانت له صحيفة تسمى الصادقة، ومن حديث عمر بن قيس المكي عن الزهري مرسلا أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أذن في أن تكتب الأحاديث، وبالجملة ففي الإذن في الكتابة أحاديث. منها ما عند الطبراني وأبي نُعيم في الحلية وغيرهما عن ابن عمرو مرفوعا، بلفظ: قيدوا العلم بالكتاب، وعند العسكري من حديث عبد الحميد بن سليمان حدثنا عبد اللَّه بن المثنى عن ثمامة عن أنس مرفوعا: ما قيد العلم بمثل الكتابة، وقال لُوَين راويه عن عبد الحميد إنه لم يرفعه غيره، وقال العسكري: ما أحسبه من كلام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأحسب عبد الحميد وهم فيه، وإنه من قول أنس، فقد روى عبد اللَّه بن المثنى عن ثمامة، قال: كان أنس يقول لبنيه: يا بني قيدوا العلم بالكتاب، قال: فهذا علة للحديث .

101 - حَدِيث: اسْتَعِيذِي باللَّه مِنْ شَرِّ هَذَا - يَعْنِي الْقَمَرَ - فَإِنَّهُ الْغَاسِقُ إذا وقب، قاله لعائشة. الترمذي وصححه من حديثها، وبه ينتقد تضعيف النووي له.

102 - حَدِيث: اسْتَعِينُوا بِطَعَامِ السحر على طعام النَّهَارِ وَالْقَيْلُولَةِ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ، ابن ماجه في سننه، وابن أبي عاصم، والحاكم في صحيحه، من حديث أبي عامر العقدي حدثنا زمعة بن صالح عن سلمة بن وهرام عن عكرمة عن ابن عباس رفعه بهذا، وكذا رواه محمد نصر في قيام الليل له، والطبراني في معجمه الكبير من حديث إسماعيل بن عياش عن زمعة بلفظ: استعينوا بقائلة النهار على قيام الليل، وبأكلة السحر على صيام النهار، وهو عند البزار في مسنده من هذا الوجه، وأورده الضياء في المختارة، فهو عنده حجة، وكذا صححه الحاكم، لكنه قال: زمعة وسلمة لم يحتج بهما الشيخان. وهو كذلك، أما زمعة فلأنه كان مع صدقه ضعيفا لخطئه ووهمه، ولذا لم يخرج له مسلم إلا مقرونا، وأما سلمة فلضعفه، إما مطلقا وإما في خصوص ما يرويه عنه زمعة، وهو الظاهر فقد وثقه جماعة، والأحاديث في الأمر بالسحور في الصحيح وغيره، بل عند البزار في مسنده من حديث قتادة: سمعت أنسا يقول: ثلاث من أطاقهن أطاق الصوم من أكل قبل أن يشرب وتسحر وقال، معنى قال نام بالنهار، وكذا جاء الأمر بالقائلة في حديث عند الطبراني من حديث يزيد ابن أبي خالد الدالاني عن إسحاق بن عبد اللَّه بن أبي طلحة عن أنس مرفوعا لفظه: قيلوا فإن الشياطين لا تقيل، وقال: لم يروه عن أبي خالد إلا كثير بن مروان ولمحمد بن نصر في قيام الليل له من حديث مجاهد قال: بلغ عمر أن عاملا له لا يقيل فكتب إليه: أما بعد فقل، فإن الشيطان لا يقيل، ومن حديث إسماعيل بن عياش عن إسحاق ابن أبي فروة أنه قال: القائلة من عمل أهل الخير، وهي مجمة للفؤاد، مقواة على قيام الليل، ومن حديث الفيض بن إسحاق سمعت الفضل بن الحسن - ومر بقوم في السوق - فرأى منهم ما رأى، فقال: أما يقيل هؤلاء، قالوا: لا، قال: إني لأرى ليلهم ليل سوء، ومن جهة عبد الرحمن ابن أبي ليلى عن خوات بن جبير أنه قال: نوم أول النهار حمق، ووسطه خلق، وآخره خرق.

103 - حَدِيث: اسْتَعِينُوا عَلَى إِنْجَاحِ حَوَائِجِكُمْ بِالْكِتْمَانِ، فَإِنَّ كُلَّ ذِي نِعْمَةٍ مَحْسُودٌ، الطبراني في معاجمه الثلاثة، وعنه وعن غيره أبو نُعيم في الحلية من حديث سعيد بن سلام العطار عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن معاذ بن جبل رفعه بهذا، وكذا أخرجه ابن أبي الدنيا، والبيهقي في الشعب، والعسكري في الأمثال، والخلعي في فوائده، والقضاعي في مسنده، وسعيد كذبه أحمد وغيره، وقال فيه العجلي: لا بأس به، ولكن قد أخرجه العسكري أيضا من غير طريقه بسند ضعيف أيضا عن وكيع عن ثور، ولفظه: استعينوا على طلب حوائجكم بكتمانها، فإن لكل نعمة حسدة، ولو أن امرءا كان أقوم من قدح لكان له من الناس غامز، وهو مع ذلك منقطع، فخالد لم يسمعه من معاذ، وله طريق أخرى عند الخلعي من فوائده من حديث مروان الأصفر عن النزال بن سبرة عن علي رفعه: استعينوا على قضاء الحوائج بالكتمان لها، ويستأنس له بما أخرجه الطبراني في الأوسط من حديث ابن عباس مرفوعا: إن لأهل النعم حسادا فاحذروهم، وفي الباب عن جماعة، ذكر عدة منهم الزيلعي في سورة الأنبياء من تخريجه ، والأحاديث الواردة في التحدث بالنعم محمولة على ما بعد وقوعها فلا تكون معارضة لهذه، نعم إن ترتب على التحدث بها حسدُه فالكتمان أولى.

104 - حَدِيث: اسْتَعِينُوا عَلَى إِطْفَاءِ الْحَرِيقِ بِالتَّكْبِيرِ، في: إذا رأيتم. 105 - حَدِيث: اسْتَعِينُوا عَلَى كُلِّ صَنْعَةٍ بِصَالِحِ أَهْلِهَا، قد يستأنس له بقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما كان من أمر دنياكم فإليكم.

106 - حَدِيث: اسْتَغْنُوا عَنِ النَّاسِ وَلَوْ بِشَوْصِ السِّوَاكِ، البزار في مسنده، والطبراني في معجمه الكبير، والعسكري في الأمثال، والقضاعي في مسنده، من حديث الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعا بهذا، ورجاله ثقات، وفي لفظ أورده العسكري بدون إسناد، لكن رفعه، استغنوا عن الناس ولو عن قصمة السواك، وهو بقاف وصاد مهملة، أي ما انكسر منه إذا استيك به، ومن هنا لما قيل لابن عائشة: ما شوص السواك؟ قال: أما ترى الرجل يستاك قيبقى في أسنانه شظية من السواك، فلا ينتفع بها في الدنيا لشيء، والأحاديث في القناعة والتعفف عن الناس مفردة بالتأليف، ومن أقربها لمعنى هذا الحديث، حديث: لأن يأخذ أحدكم حبلا فيأتي بحزمة حطب على ظهره فيكف به نفسه خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه.

107 - حَدِيث: اسْتَفْتِ قَلْبَكَ وَلَوْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأَفْتَوْكَ، أحمد والدارمي وأبو يعلى في مسانيدهم، والطبراني في الكبير، وأبو نُعيم في الحلية، من حديث أيوب بن عبد اللَّه بن مكرز عن وابصة به مرفوعا، في حديث وفي الباب عن النواس وواثلة وغيرهما. 108 - حَدِيث: اسْتَفْرِهُوا ضَحَايَاكُمْ، فَإِنَّهَا مَطَايَاكُمْ عَلَى الصِّرَاطِ، أسنده الديلمي من طريق ابن المبارك عن يحيى بن عبيد اللَّه عن أبيه عن أبي هريرة رفعه بهذا، ويحيى ضعيف جدا، ووقع في النهاية لإمام الحرمين ثم في الوسيط ثم في العزيز : عظموا ضحاياكم فإنها على الصراط مطاياكم، وقال الأول معناه: أنها تكون مراكب للمضحين، وقيل: إنها تسهل الجواز على الصراط، لكن قد قال ابن الصلاح: إن هذا الحديث غير معروف ولا ثابت فيما علمناه. وقال ابن العربي في شرح الترمذي: ليس في فضل الأضحية حديث صحيح، ومنها قوله: إنها مطاياكم إلى الجنة.

109 - حَدِيث: الإِسْلامُ يَعْلُو وَلا يُعْلَى، الدارقطني في النكاح من سننه، والروياني في مسنده، ومن طريقه الضياء في المختارة، كلاهما من طريق شَباب بن خياط العُصفُري، حدثنا حَشرَج بن عبد اللَّه بن حَشرَج، حدثني أبي عن جدي عن عايذ بن عمرو المزني رفعه بهذا، ورواه الطبراني في الأوسط، والبيهقي في الدلائل عن عمر، وأسلم بن سهل في "تاريخ واسط" عن معاذ، كلاهما به مرفوعا، وعلقه البخاري في صحيحه،

110 - حَدِيث: اسْمَحْ يُسْمَحْ لَكَ، أحمد، والطبراني في الصغير والأوسط، والعسكري، كلهم من جهة الوليد بن مسلم عن ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس رفعه بهذا، ورجاله ثقات، ورواه تمام في فوائده من حديث حفص بن غياث عن ابن جريج في حديث طويل، بل رواه من حديث ابن عياش عن ابن جريج، وقال: إنه خطأ من راويه، والصواب الوليد لا ابن عياش، وقد أفرد الحافظ أبو محمد ابن الأكفاني طرقه، وحسنه العراقي، ولم يصب من حكم عليه بالوضع، وفي معناه ما رويناه في المجالسة من طريق عوف، قال: أخذ الحسن شعرة فأعطى الحجام درهمين، فقيل له: يكفيك دانق، فقال: لا تدنقوا يدنق عليكم.

111 - حَدِيث: اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنِ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ، البخاري في الأحكام من صحيحه من حديث شعبة عن أبي التياح يزيد بن حميد عن أنس مرفوعا به.

112 - حديث: اسمعي يا جارة، هو كلام قاله الحجاج المسكين لأنس رضي اللَّه عنه حين شكا منه: إنما مثلي ومثلك كقول الذي قال: إياك أعني واسمعي يا جارة.

113 - حَدِيث: أَسْوَأُ، فِي: إِنَّ أَسْوَأَ.

114 - حَدِيث: اشْتَدِّي أَزْمَةُ تَنْفَرِجِي، العسكري في الأمثال، والديلمي، والقضاعي، كلهم من حديث أمية بن خالد حدثنا الحسين بن عبد اللَّه بن ضميرة عن أبيه عن جده عن علي، قال: كان رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول، وذكره، والحسين كذاب، والمراد: ابلغي في الشدة النهاية، حتى تنفرجي، وذلك أن العرب كانت تقول: إن الشدة إذا تناهت انفرجت، قلت: وقد عمل أبو الفضل يوسف بن محمد الأنصاري عرف بابن النحوي لفظ هذا الحديث مطلع قصيدة في الفرج بديعة في معناها، وشرحها بعض المغاربة في مجلد حافل، ولخص منه غير واحد من العصريين شرحا، وعارضها الأديب الجليل أبو عبد اللَّه محمد بن أحمد بن محمد بن أبي القاسم التُّجاني، ولكن إنما إبتدئها بقوله:
لا بد لضيق من فرج ... بخواطر علمك لا تهج
وذكر أبو موسى المديني في ذيل الغريبين من جمعه أن المراد بقولهم في هذا المثل: أزمة امرأة اسمها أزمة أخذها الطلق فقيل لها ذلك، أي تصبري يا أزمة حتى تنفرجي عن قريب بالوضع، قاله مغلطاي أي في حاشية أسد الغابة انتهى، وليس في الذيل التصريح بما يدل على صحتها، بل قال فيه عقب هذا ذكره بعض الجهال، وهذا باطل، زاد بعضهم أن الذي قال لها ذلك هو النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

115 - حَدِيث: اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّه عَلَى مَنْ ظَلَمَ مَنْ لا يَجِدُ نَاصِرًا غَيْرَ اللَّه، أسنده القضاعي والديلمي من حديث الطبراني من جهة شريك عن أبي إسحاق السبيعي عن الحارث الأعور عن علي رفعه بلفظ: يقول اللَّه، اشتد غضبي، وذكره، والأعور كذاب. 116 - حَدِيث: أَشَدُّ النَّاسِ بَلاءً الأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الأَمْثَلُ، فَالأَمْثَلُ، التِّرْمِذِيُّ فِي الزُّهْدِ مِنْ جَامِعِهِ مِنْ حَدِيثِ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّه، أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاءً؟ قَالَ: الأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الأَمْثَلُ، فَالأَمْثَلُ، فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صَلْبًا اشْتَدَّ بَلاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ، ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَمَا يَبْرَحُ الْبَلاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ، وكذا هو عند النسائي في الكبرى، وعند ابن ماجه في الفتن من سننه، والدارمي في الرقاق من مسنده ، وأخرجه أحمد بن حنبل، وابن منيع، وأبو يعلى، وابن أبي عمر في مسانيدهم، كلهم من حديث عاصم، وهو عند مالك في الموطأ وآخرين، وقال الترمذي: إنه حسن صحيح، وصححه ابن حبان، والحاكم، وأخرجه أيضا من حديث العلاء ابن المسيب عن مصعب، وللطبراني من حديث فاطمة رفعه: أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الصالحون، الحديث، وأورده الغزالي بلفظ: البلاء موكل بالأنبياء، ثم الأولياء، ثم الأمثل، فالأمثل.

117 - حَدِيث: اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا، الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ بُرَيد بْنِ عَبْدِ اللَّه ابن أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا جاء السَّائِلُ أَوْ طُلِبَتْ إِلَيْهِ حَاجَةٌ، قَالَ: اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا، وَيَقْضِي اللَّه عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ مَا شَاءَ، وفي لفظ لأبي داود: اشفعوا لي لتؤجروا، وليقض اللَّه على لسان نبيه ما شاء، وهي موضحة لمعنى رواية الصحيحين، ولأبي داود والنسائي من حديث همام بن منبه عن معاوية رضي اللَّه عنه أنه قال: إن الرجل ليسألني الشيء فأمنعه كي تشفوا فتؤجروا، وإن رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: اشفعوا تؤجروا، وفي الباب عن جماعة، وروى البيهقي من طريق المزني عن الشافعي قال: الشفاعات زكاة المروَّات.

118 - حَدِيث: أَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّه، قال الرافعي: المنقول أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول في تشهده: أشهد أني رسول اللَّه انتهى، قال شيخنا في تلخيص تخريجه: ولا أصل لذلك كذلك، بل ألفاظ التشهد متواترة عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنه كان يقول أشهد أن محمدا رسول اللَّه، وعبده ورسوله، وللأربعة من حديث ابن مسعود في خطبة الحاجة: وأشهد أن محمد رسول اللَّه، نعم في البخاري عن سلمة بن الأكوع لما خفت أزواد القوم، فذكر الحديث في دعاء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا اللَّه وأني رسول اللَّه، وله شاهد عند مسلم عن أبي هريرة، وفي مغازي موسى بن عقبة معضلا كما أورده البيهقي في قدوم وفد ثقيف من دلائل النبوة: أن الوفد المذكور قالوا أمرنا أن نشهد أنه رسول اللَّه ولا يشهد به في خطبته، فلما بلغه قولهم قال: فإني أول من شهد أني رسول اللَّه، وفي البخاري في الرطب والتمر من الأطعمة في قصة جداد نخل جابر واستيفاء غرمائه - بل وفضل له من التمر - قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين بشره جابر بذلك: أشهد أني رسول اللَّه. 119 - حَدِيث: أَصْفِ النِّيَّةَ وَنَمْ حَيْثُ شِئْتَ، كلام يشبه أن يكون في معناه ما في الحلية لأبي نُعيم من جهة نافع بن جبير بن مطعم أن سلمان الفارسي كان يلتمس مكانا يصلي فيه، فقالت له علجة: التمس قلبا طاهرا، وصل حيث شئت، وفي لفظ فيها أيضا عن ميمون بن مهران قال: نزل حذيفة وسلمان الفارسي على نبطية فقالا لها: هل ههنا مكان نصلي فيه؟ فقالت النبطية: طهر قلبك فقال أحدهما للآخر: خذها حكمة من قلب كافر، انتهى. ولا بد من تأويله.

120 - حَدِيث: أَصْلُ كُلِّ دَاءٍ الْبَرَدَةُ، أبو نُعيم، والمستغفري معا، في الطب النبوي والدارقطني في العلل، كلهم من طريق تمام بن نجيح عن الحسن البصري عن أنس رفعه بهذا. وتمام ضعفه الدارقطني وغيره، ووثقه ابن معين وغيره، ولأبي نُعيم أيضا من حديث ابن المبارك عن السائب بن عبد اللَّه عن علي بن زحر عن ابن عباس مرفوعا مثله، ومن حديث عمرو بن الحارث عن دراج أبي السمح عن أبي سعيد رفعه: أصل كل داء من البردة، ومفرداتها ضعيفة، وقد قال الدارقطني عقب حديث أنس من علله: وقد رواه عباد بن منصور عن الحسن من قوله وهو أشبه بالصواب، وجعله الزمخشري في الفايق من كلام ابن مسعود، قال الدارقطني في كتاب التصحيف: قال أهل اللغة: رواه المحدثون بإسكان الراء والصواب البردة يعني بالفتح وهي التخمة، لأنها تبرد حرارة الشهوة، أو لأنها ثقيلة على المعدة بطيئة الذهاب من برد إذا ثبت وسكن، وقد أورد أبو نُعيم مضموما لهذه الأحاديث حديث الحارث بن فضيل عن زياد بن مينا عن أبي هريرة رفعه: استدفئوا من الحر والبرد، وكذا أورده المستغفري - مع ما عنده منها - حديث إسحاق بن نجيح عن أبان عن أنس رفعه: إن الملائكة لتفرح بارتفاع البرد عن أمتي، أصل كل داء البرد، وهما ضعيفان. وذلك منهما شاهد لما حكى عن اللغويين في كون المحدثين رووه بالسكون.

121 - حَدِيث: أَصْلُ كُلِّ دَاءٍ الرِّضَى عَنِ النَّفْسِ، في كلام كثير من السلف معناه مما أورده القشيري في الرسالة كثيرا منه، كقول أبي عمرو بن نجيد الذي سمعه سبطه أبو عبد الرحمن السلمي شيخ القشيري: آفة العبد رضاه عن نفسه بما هو فيه وقول ذي النون: علامة الإصابة مخالفة النفس والهوى، وقول ابن عطاء: أقرب شيء إلى مقت اللَّه وبلائه النفس وأحوالها، وأشد من ذلك مطالعة الأعواض على أفعالها ، وقول أبي حنيفة: من لم يتهم نفسه على دوام الأوقات ولم يخالفها في جميع الأحوال ولم يجرها إلى مكروهها في سائر أيامه كان مغرورا، ومن نظر إليها باستحسان شيء منها فقد أهلكها، وكيف يصح لعاقل الرضى عن نفسه، والكريم ابن الكريم يقول {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} ، قال القشيري: وسئل المشايخ عن الإسلام، فقالوا: ذبح النفوس بسيوف المخالفة، بل عنده من حديث محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا: أخوف ما أخاف على أمتي اتباع الهوى، وطول الأمل، فأما اتباع الهوى فيضل عن الحق، وأما طول الأمل فينسي الآخرة، وفي التنزيل {وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّه} ، وسيأتي الحديث: عدوك نفسك التي بين جنبيك، وفي رواية: زوجتك التي تضاجعك وما ملكت يمينك.

122 - حَدِيث: اصْنَعِ الْمَعْرُوفَ إِلَى مَنْ هُوَ أَهْلُهُ، وَإِلَى مَنْ لَيْسَ أَهْلَهُ، فَإِنْ أَصَبْتَ أَهْلَهُ فَهُوَ أَهْلُهُ، وَإِنْ لَمْ تُصِبْ أَهْلَهُ فَأَنْتَ مِنْ أَهْلِهِ، القضاعي من حديث سعيد بن مسلمة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده رفعه بهذا. وهو مرسل، وكذا أخرجه الدارقطني في المستجاد، وقد أوردت من الأحاديث في هذا المعنى جملة في كتابي "الجواهر المجموعة" .

123 - حَدِيث: أَطْفِئُوا الْحَرِيقَ بِالتَّكْبِيرِ، فِي: إِذَا رَأَيْتُمْ.

124 - حَدِيث: اطْلُبُوا الْخَيْرَ عِنْدَ حِسَانِ الْوُجُوهِ، فِي: الْتَمِسُوا.

125 - حَدِيث: اطْلُبُوا الْعِلْمَ وَلَوْ بِالصِّينِ، فَإِنَّ طَلَبَ الْعِلْمَ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، البيهقي في الشعب، والخطيب في الرحلة وغيرها، وابن عبد البر في جامع العلم، والديلمي، كلهم من حديث أبي عاتكة طريف بن سلمان، وابن عبد البر وحده من حديث عبيد بن محمد عن ابن عيينة عن الزهري كلاهما عن أنس مرفوعا به، وهو ضعيف من الوجهين، بل قال ابن حبان: إنه باطل لا أصل له، وذكره ابن الجوزي في الموضوعات، وستأتي الجملة الثانية في الطاء معزوة لابن ماجه وغيره مع بيان حكمها.

126 - حَدِيثُ: إِظْلالِ الْغَمَامَةِ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي الشِّفَاءِ وَغَيْرُهُ لِرِوَايَةِ: أَنَّ خَدِيجَةَ وَنِسَاءَهَا رَأَيْنَهُ لَمَّا قَدِمَ وَمَلَكَانِ يُظِلانِهِ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِمَيْسَرَةَ، فَأَخْبَرَهَا أَنَّهُ رَأَى ذَلِكَ مُنْذُ خَرَجَ مَعَهُ فِي سَفَرِهِ، ويروى أن حليمة رأت غمامة تظله وهو عندها، وروي ذلك عن أخيه من الرضاعة، ومن ذلك أنه نزل في بعض أسفاره تحت شجرة يابسة فاعشوشب ما حولها وأينعت هي فأشرفت وتدلت عليه أغصانها بمحضر من رآه، ومال فيء الشجرة إليه في الخبر الآخر حتى أظلته، وما ذكر أنه لا ظل لشخصه في شمس ولا قمر لأنه كان نورا، وإن الذباب كان لا يقع على جسده ولا ثيابه، انتهى، ووقع في خروجه مع عمه إلى الشام وقصة بحيرا الراهب مما أورده ابن إسحاق معضلا ففيها: فلما نزلوا قريبا من صومعة بحيرا صنع لهم طعاما كثيرا وذلك فيما يزعمون عن شيء رآه وهو في صومعته، يزعمون أنه رأى رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين أقبلوا وعمامة تظله من بين القوم، ثم أقبلوا فنزلوا في ظل شجرة قريبا منه، فنظر إلى الغمامة حين أظلته الشجرة وتقصرت أغصان الشجرة على رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين استظل تحتها، القصة. ووصله البيهقي في الدلائل وأبو بكر الخرائطي واللفظ له من طريق قراد أبي نوح حدثنا يونس عن أبي إسحاق السبيعي عن أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه، قال: خرج أبو طالب إلى الشام، ومعه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أشياخ من قريش، فلما أشرفوا على الراهب، يعني بحيرا، هبطوا فحلوا رحالهم، فخرج إليهم الراهب - وكانوا قبل ذلك يمرون به فلا يخرج إليهم ولا يلتفت - قال: فنزل وهم يحلون رحالهم، فجعل يتخللهم حتى جاء فأخذ بيد رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال: هذا سيد العالمين، زاد البيهقي ورسول رب العالمين ابتعثه اللَّه رحمة للعالمين، فقال له أشياخ قريش: وما علمك، فقال: إنكم حين أشرفتم من الثنية لم يبق شجر ولا حجر، إلا خر ساجدا، ولا يسجدون إلا لنبي، وإني أعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه، ثم رجع فصنع لهم طعاما، فلما أتاهم به وكان هو في رعية الإبل فقال: أرسلوا إليه، فأقبل وغمامة تظله، فلما دنا من القوم وجدهم قد سبقوه إلى الشجرة، فلما جلس صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مال فيء الشجرة عليه، فقال: انظروا إلى فيء الشجرة مال عليه، الحديث، وهكذا رواه الترمذي عن أبي العباس الفضل بن سهل الأعرج عن قراد أبي نوح، وهكذا رواه غير واحد من الحفاظ من حديث أبي نوح قراد، واسمه عبد الرحمن بن غزوان، وهو ممن خرج له البخاري، ووثقه جماعة من الأئمة الحفاظ، ولم أر فيه جرحا، ومع هذا ففي حديثه هذا غرابة، ولذا قال الترمذي: إنه حسن غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وقال عباس الدوري: ليس في الدنيا أحد يحدث به غيره، وقد سمعه منه أحمد وابن معين لغرابته، وانفراده به، حكاه البيهقي وابن عساكر، وأبو موسى إما أن يكون تلقاه من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيكون أبلغ، أو من بعض كبار الصحابة، أو كان مشهورا أخذه بطريق الاستفاضة، وبالجملة فلم تذكر الغمامة في حديث أصح من هذا، وقد استدل بذلك لجواز إظلال المحرم، ولكن لم يكن الإظلال ملازما له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فقد وقع إظلال أبي بكر له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين قدم المدينة في الهجرة لما أصابت الشمس رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأن أبا بكر أقبل حتى جلل عليه بردائه، بل ثبت أنه كان بالجعرانة ومعه ثوب قد أظل عليه، وإنهم كانوا إذا أتوا على شجرة ظليلة تركوها للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ونحو ذلك مما لا نطيل بتخريجه، وكله مما يتأيد به كونه لم يكن دائما، وكذا يشهد له صنيع القاضي عياض حيث صدر ما سلف مما عزي إليه بإظلال اللَّه له بالغمام في سفره، وإن كان في أثنائه ما ليس صريحا فيه، واللَّه أعلم.

127 - حَدِيث: أُعْطِيَ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلامُ شَطْرَ الْحُسْنِ، مسلم في صحيحه عن شيبان بن فروخ، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا ثابت البناني عن أنس: فذكر حديث الإسراء مرفوعا، وفيه: فإذا أنا بيوسف صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إذا هو قد أعطي شطر الحسن، وأخرج أبو يعلى في مسنده لفظ الترجمة فقط منه عن شيبان، ورويناه كذلك في الكنجروديات، وأخرجه أبو نُعيم في الحلية من حديث شيبان، بلفظ: أتيت على يوسف، وقد أعطي شطر الحسن، وكذا رواه أحمد في مسنده، وابن أبي شيبة في مصنفه عن عفان عن حماد بن سلمة، والحاكم من طريق عفان، وقال: إنه صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، وقد علمت تخريج مسلم له، زاد بعضهم: وأمه شطر الحسن، وزاد آخر: ومن سواه شطره، ولإسحاق بن راهويه من حديث شعبة عن أبي إسحاق قال: قال أبو الأحوص عن عبد اللَّه بن مسعود: أوتي يوسف وأمه ثلث الحسن، وسنده أيضا صحيح.

128 - حَدِيث: اعْقِلْهَا وَتَوَكَّلْ، التِّرْمِذِيُّ فِي الزُّهْدِ، وَفِي الْعِلَلِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ، وَأَبُو نُعيم فِي الْحِلْيَةِ، وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي التَّوَكُّلِ، مِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ أَبِي قُرَّةَ السَّدُوسِيِّ سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّه، أَعْقِلُهَا وَأَتَوَكَّلُ، أَوْ أُطْلِقُهَا وَأَتَوَكَّلُ؟ قَالَ: اعْقِلْهَا وَتَوَكَّلْ، يعني الناقة. وقال الترمذي: قال عمرو بن علي يعني الفلاس شيخه قال يحيى بن سعيد القطان: إنه منكر، ثم قال الترمذي: وهو غريب لا نعرفه من حديث أنس إلا من هذا الوجه، وإنما أنكره القطان من حديث أنس، وقد روي عن عمرو بن أمية الضمري عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحوه، يشير إلى ما أخرجه ابن حبان في صحيحه، وأبو نُعيم من حديث جعفر بن عمرو بن أمية عن أبيه قال: قال رجل للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أرسل ناقتي وأتوكل؟ قال: اعقلها وتوكل، ورواه الطبراني في الكبير، والبيهقي في الشعب، وجعلا في روايتهما القائل عمرا نفسه، وكذا هو عند أبي القاسم بن بشران في أماليه، وأخرجه البيهقي كذلك من حديث جعفر، لكن مرسلا، قال: قال عمرو بن أمية: يا رسول اللَّه، وذكره. وهو عند الطبراني من حديث أبي هريرة بلفظ: قيدها وتوكل.

129 - حَدِيث: أَعْلِنُوا النِّكَاحَ وَاجْعَلُوهُ فِي الْمَسَاجِدِ، وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالدُّفِّ، الترمذي وضعفه، وابن ماجه، وابن منيع، وغيرهم عن عائشة مرفوعا بهذا، وهو حسن، فراويه عند الترمذي وإن كان ضعيفا فإنه قد توبع كما في ابن ماجه وغيره، وفي الباب عن جماعة، وفي لفظ: وأخفوا الخِطبة، وبه تمسك من أبطل نكاح السر.

130 - حَدِيث: أَعْمَارُ أُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى السَّبْعِينَ، وَأَقَلُّهُمْ مَنْ يَجُوزُ ذَلِكَ، الترمذي وابن ماجه وآخرون من حديث محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة به مرفوعا، وصححه ابن حبان، والحاكم، وقال: إنه على شرط مسلم، وقال الترمذي: إنه حسن غريب من حديث محمد بن عمرو عن أبي سلمة، وقد روي عن أبي هريرة من غير هذا الوجه، ومن ذلك ما رواه هو من حديث كامل أبي العلاء عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: عمر أمتي من ستين إلى سبعين، وقال أيضا: إنه حسن غريب من حديث أبي صالح عن أبي هريرة، وقد روي من غير وجه عن أبي هريرة، ومن ذلك ما رواه ابن عساكر من طريق شيخ مدني عن سعيد المقبري عن أبي هريرة رفعه، بلفظ: أقل أمتي أبناء السبعين، وفي لفظ لأحمد والترمذي وابن ماجه وأبي يعلى والعسكري والقضاعي والرامهرمزي وغيرهم مرفوعا: معترك المنايا ما بين الستين إلى السبعين، وفي لفظ لابن منيع والرامهرمزي: من عمره اللَّه ستين سنة، فقد أعذر إليه في العمر يريد {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ، وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ} ، وللعسكري من حديث عبد اللَّه بن محمد القرشي عن أبيه، قال رجل لعبد الملك بن مروان: كم تعد يا أمير المؤمنين، فبكى، وقال: إنا في معترك المنايا، هذه ثلاث وستون، فمات لها، وللرامهرمزي عن وهب بن منبه في قوله تعالى {وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا} قال: قال هذه المقالة وهو ابن ستين أو خمس وستين سنة، وأصل الحديث في البخاري من حديث سهل بن سعد، ويروى في هذا الباب عن ابن عمر، وأنس، لفظ أحدهما: أقل أمتي من يبلغ السبعين، ولفظ الآخر: حصاد أمتي ما بين الستين إلى السبعين، ولعمر ابن أبي حسين المكي، عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا: إذا كان يوم القيامة نودي أين أبناء الستين، وهو العمر الذي قال اللَّه {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ} أخرجه الرامهرمزي والطبراني كما بينت أكثر ذلك في المسلسلات. 131 - حَدِيث: الأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ، الْبُخَارِيُّ فِي الْقَدَرِ مِنْ صَحِيحِهِ مُتَرْجَمًا عَلَيْهِ: الْعَمَلُ بِالْخَوَاتِيمِ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي غَسَّانَ، حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، أَنَّ رَجُلا مِنْ أَعْظَمِ الْمُسْلِمِينَ غنَاء عَنِ الْمُسْلِمِينَ فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِي آخِرِهِ: وَإِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ، واتفقا عليه من حديث يعقوب بن عبد الرحمن القاري، عن أبي حازم، لكن بدون محل الحاجة منه، وفي الباب عن معاوية، أخرجه ابن حبان في صحيحه، من حديث الوليد بن مسلم، وصدقة بن خالد، قالا واللفظ لأولهما: حدثنا ابن جابر هو عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، سمعت أبا عبد رب يقول: سمعت معاوية يقول: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنما الأعمال بخواتيمها كالوعاء، إذا طاب أعلاه طاب أسفله، وإذا خبث أعلاه خبث أسفله، ولفظ الآخر: إنما الأعمال كالوعاء، إذا طاب. وذكره، وكذا هو بهذا اللفظ عند ابن ماجه في سننه، والعسكري من حديث الوليد بن مسلم، وعند أحمد في مسنده من حديث ابن المبارك عن ابن جابر وعن عائشة أخرجه ابن حبان في صحيحه، وابن عدي في كامله، بلفظ: إنما الأعمال بالخواتيم، وعن علي أخرجه الطبراني في حديث فيه: وصاحب الجنة مختوم له بعمل أهل الجنة، وإن عمل أي عمل، الأعمال بخواتيمها، وعن أنس أخرجه أحمد وابن منيع وأبو يعلى في مسانيدهم، والترمذي وصححه هو وابن خزيمة وابن حبان والحاكم مرفوعا: إذا أراد اللَّه بعبد خيرا استعمله قبل موته، قالوا: وكيف يستعمله؟ قال: يوفقه لعمل صالح قبل موته، ثم يقبضه عليه، وأوله عند أحمد: لا تعجبوا لعمل عامل حتى تنظروا بم يختم له؟ وهو على شرط الشيخين، وعن أبي عنَبة الخولاني أخرجه أحمد والطبراني وأبو الشيخ مرفوعا: إذا أراد اللَّه بعبد خيرا عَسله، يفتح له عملا صالحا بين يدي موته، والعسل طيب الثناء، وأخرجه الطبراني من حديث أبي أمامة مختصرا، وأخرج البزار من حديث ابن عمر حديثا فيه: ذكر الكتابين. وفي آخره: العمل بخواتيمه، العمل بخواتيمه، وللعسكري من حديث وهيب بن خالد عن حميد عن أنس مرفوعا: لا يضركم ألا تعجبوا من أحد حتى تنظروا بم يختم له، وفي سياق ألفاظها مع استيفاء ما في معناها تطويل، وروينا عن معاوية بن قرة قال: بلغني أن أبا بكر الصديق رضي اللَّه عنه كان يقول: اللَّهم اجعل خير عمري آخره، وخير عملي خواتمه، وخير أيامي يوم ألقاك، بل هو من دعائه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كما للطبراني في الأوسط عن أنس وله طرق.

132 - حَدِيث: الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، متفق عليه لكن بزيادة "إنما"، وابن حبان في صحيحه بدونها كلهم عن عمر

133 - حَدِيث: أَعِينُوا الشَّارِي، لا أصل له بهذا اللفظ، نعم عند الديلمي عن أنس رفعه: ألا بلغوا الباعة والسوقة: أن كثرة السوم في بضائعهم من قلة الرحمة، وقساوة القلب، ارحم من تبيعه، وارحم من تشتري منه، فإنما المسلمون أخوة، ارحم الناس يرحمك اللَّه، من لا يرحم لا يرحم.

134 - حَدِيث: اغْدُ عَالِمًا أَوْ مُتَعَلِّمًا أَوْ مُسْتَمِعًا أَوْ مُحِبًّا، وَلا تَكُنِ الْخَامِسَ فَتَهْلِكَ، البيهقي في الشعب وغيرها، وابن عبد البر من حديث عطاء بن مسلم الخفاف عن خالد الحذاء عن عبد الرحمن ابن أبي بكرة عن أبيه به مرفوعا، وفيه قال عطاء: قال لي مسعر بن كدام، يا عطاء زدتنا في هذا الحديث زيادة لم تكن في أيدينا، قال ابن عبد البر: الخامسة معاداة العلماء وبغضهم، ومن لم يحبهم فقد أبغضهم أو قارب وفيه الهلاك، والحديث عند الطبراني وأبي نُعيم وآخرين، وعند البيهقي في آخره: يا عطاء! ويل لمن لم يكن فيه واحدة منهن. وقال البيهقي: إن عطاء تفرد بهذا الحديث، وإنما يروى عن ابن مسعود وأبي الدرداء من قولهما، ولفظ أبي الدرداء متبعا بدل مستمعا.

135 - حديث: افتضحوا فاصطلحوا، هو من الأمثال السائرة، وقد رواه الخطابي في العزلة من طريق محمد بن حاتم المظفري به.

136 - حَدِيث: أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ أَوْ أَمِيرٍ جَائِرٍ، أبو داود في الملاحم من سننه من حديث محمد بن جحادة عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري مرفوعا بهذا، ورواه الترمذي في الفتن من جامعه من هذا الوجه، بلفظ: إن من أعظم الجهاد، وذكره بدون أو أمير جائر، وقال: إنه حسن غريب، وهو عند ابن ماجه في الفتن أيضا باللفظ الأول بدون أو أمير جائر، وأخرجه ابن ماجه أيضا من حديث حماد بن سلمة عن أبي غالب عن أبي أمامة، قال: عرض لرسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجل عند الجمرة الأولى، فقال: يا رسول اللَّه، أي الجهاد أفضل، فسكت عنه، فلما رمى الجمرة الثانية سأله فسكت عنه فلما رمى جمرة العقبة، ووضع رجله في الغَرز ليركب، قال: أين السائل، قال: أنا يا رسول اللَّه، قال: كلمة حق عند ذي سلطان جائر، وأخرجه البيهقي في الشعب، قال: وله شاهد مرسل بإسناد جيد، ثم ساق ما أخرجه النسائي في البيعة من سننه من جهة علقمة بن مرثد عن طارق بن شهاب، قال: سئل رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أي الجهاد أفضل؟ قال: كلمة عدل عند إمام جائر، وطارق له وؤية فقط، فلذا كان حديثه مرسلا ، وكذا في الباب عن واثلة وآخرين.

137 - حَدِيث: أَفْضَلُ طَعَامِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ اللَّحْمُ، فِي: سيد.

138 - حَدِيث: أَفْضَلُ الْعِبَادَاتِ أَحْمَزُهَا، قال المزي: هو من غرائب الأحاديث، ولم يروى في شيء من الكتب الستة، انتهى، وهو منسوب في النهاية - لابن الأثير- لابن عباس، بلفظ: سئل رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أي الأعمال أفضل؟ قال: أحمزها، وهو بالمهملة والزاي أي أقواها وأشدها، وفي الفردوس مما عزاه لعثمان بن عفان مرفوعا: أفضل العبادات أخفها، فيجمع بينهما على تقدير ثبوتهما بأن القوة والشدة بالنظر لتبين شروط الصحة ونحوها فيها، والخفة بالنظر لعدم الإكثار بحيث تمل، ولكن الظاهر أن لفظ الثاني العيادة بالتحتانية لا بالموحدة ويروى عن جابر رفعه: أفضل العيادة أجرا سرعة القيام من عند المريض، وفي فضائل العباس لابن المظفر من حديث هود بن عطاء سمعت طاوسا يقول: أفضل العيادة ما خف منها، ومن الآثار في تخفيف العيادة - مما هو في سادس المجالسة للدينوري من جهة شيبان - عن أبي هلال، قال: عاد قوم بكر بن عبد اللَّه المزني فأطالوا الجلوس: فقال لهم بكر: إن المريض ليعاد والصحيح يزار، ومن جهة الأصمعي قال: عاد قوم مريضا في بني يشكر، فأطالوا عنده، فقال لهم: إن كان لكم في الدار حق فخذوه، ومن جهة الأصمعي أيضا قال: مرض أبو عمرو بن العلاء فأتى أصحابه إلا رجلا منهم ثم جاءه بعد ذلك، فقال: إني أريد أن أسامرك الليلة، فقال: أنت معافى وأنا مبتلى، فالعافية لا تدعك تسهر، والبلاء لا يدعني أنام، واللَّه أسأل أن يسوق إلى أهل العافية الشكر، وإلى أهل البلاء الصبر.

139 - حَدِيث: أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ، يروى كما علقه البخاري بصيغة التمريض عن الحسن عن غير واحد مرفوعا، ثم قال: وقال لي عياش: حدثنا عبد الأعلى حدثنا يونس عن الحسن مثله، فقيل له عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: نعم، ثم قال: اللَّه أعلم، وهذا بعينه قد رواه في تاريخه ومن جهته البيهقي في سننه، فقال : حدثني عياش، وذكره، وبه يستدل على أن البخاري إذا قال: قال لي يكون محمولا على السماع، وللبيهقي أيضا، وكذا النسائي من حديث علي بن المديني عن المعتمر بن سليمان عن أبيه عن الحسن عن غير واحد من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال، وذكره، قال علي بن المديني رواه يونس عن الحسن عن أبي هريرة ورواه قتادة عن الحسن عن ثوبان، ورواه عطاء ابن السائب عن الحسن عن معقل بن يسار، ورواه مطر عن الحسن عن علي، قال البيهقي: ورواه أشعث عن الحسن عن أسامة، قال شيخنا: ورواه قتادة أيضا عن الحسن عن علي أخرجه عبد الرزاق عن معمر عنه، ورواه أبو حُرَّة عن الحسن عن غير واحد من الصحابة، ورواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وآخرون، كالحارث من حديث شداد وثوبان مرفوعا في حديث، وقال أحمد والبخاري: إنه عن ثوبان أصح، وصححه عن شداد إسحاق ابن راهُويَه وصححهما معا البخاري متبعا لابن المديني، ورواه الترمذي عن رافع بن خديج، ورواه غيرهم عن آخرين، وتأوله بعض العلماء المرخصين في الحجامة على أن معناه: إن تعرضا للإفطار، أما المحجوم فللضعف، وأما الحاجم فلأنه لا يأمن من أن يصل إلى جوفه شيء بالمص، ولكن قد جزم الشافعي بأنه منسوخ.

140 - حَدِيث: الاقْتِصَادُ فِي النَّفَقَةِ نِصْفُ الْمَعِيشَةِ، وَالتَّوَدُّدُ إِلَى النَّاسِ نِصْفُ الْعَقْلِ، وَحُسْنُ السُّؤَالِ نِصْفُ الْعِلْمِ، البيهقي في الشعب، والعسكري في الأمثال، وابن السني، والديلمي من طريقه، والقضاعي، كلهم من حديث مخيس بن تميم عن حفص بن عمر، حدثنا إبراهيم بن عبد اللَّه بن الزبير عن نافع عن ابن عمر مرفوعا بهذا، وضعفه البيهقي ، ولكن له شاهد عند العسكري من حديث خلاد بن عيسى عن ثابت عن أنس رفعه: الاقتصاد نصف العيش، وحسن الخلق نصف الدين، وكذا أخرجه الطبراني وابن لال، ومن شواهده أيضا ما للعسكري من حديث أبي بلال الأشعري، حدثنا عبد اللَّه بن حكيم المدني عن شبيب بن بشر عن أنس رفعه: السؤال نصف العلم، والرفق نصف المعيشة، وما عال امرؤ في اقتصاد، وللديلمي من جهة الحاكم، ثم من حديث عمر بن صبح عن يونس بن عبيد عن الحسن عن أبي أمامة رفعه: السؤال نصف العلم، والرفق نصف المعيشة، وما عال من اقتصد، وللقضاعي ومن قبله أحمد والطبراني من حديث إبراهيم الهجري عن أبي الأحوص عن ابن مسعود رفعه: ما عال من اقتصد، وللطبراني عن عبد اللَّه بن سرجس مرفوعا: التودد، والاقتصاد، والسمت الحسن، جزء من أربعة وعشرين جزءا من النبوة، وللديلمي عن أنس مرفوعا: التدبير نصف المعيشة، والتودد نصف العقل، والهم نصف الهرم، وقلة العيال أحد اليسارين، ورواه البيهقي من قول ميمون بن مهران، ولفظه: التودد إلى الناس نصف العقل، وحسن المسألة نصف الفقه، ورفقك في معيشتك تكفي عنك نصف الموؤنة، ولابن حبان في صحيحه في حديث طويل عن أبي ذر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له: يا أبا ذر، لا عقل كالتدبير، ولا ورع كالكف، ولا حسب كحسن الخلق، وهذا اللفظ عند البيهقي في الشعب، وللعسكري من جهة أبي روق عن الضحاك عن ابن عباس مرفوعا: ما عال مقتصد، ومن حديث سكين بن عبد العزيز عن الهجري عن أبي الأحوص عن ابن مسعود مرفوعا: لا يعيل أحد على قصد، ولا يبقى على سرف كثيرٌ، ومن حديث عثمان بن عمر بن خالد بن الزبير عن أبيه عن علي بن الحسين عن أبيه علي مرفوعا: التودد نصف الدين، وما عال امرؤ قط على اقتصاد، واستنزلوا الرزق بالصدقة، ومن حديث يونس بن عبيد عن الحسن عن أنس رفعه: رأس العقل بعد الإيمان باللَّه التودد إلى الناس، وأهل التودد لهم درجة في الجنة، ونصف العلم حسن المسألة، والاقتصاد في المعيشة والرفق تكفي نصف الموؤنة، وذكر حديثا، وجاء في الاقتصاد قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: السمت الحسن، والهدى، والاقتصاد، جزء من أربعة وعشرين جزءا من النبوة، وفي لفظ من ستة وأربعين، وفي حديث يروى مرفوعا: من فقه الرجل أن يصلح معيشته، وقد عقد البيهقي في الشعب للاقتصاد في النفقة بابا، وقوله: ما عال مقتصد، أي ما افتقر من أنفق قصدا، ولم يجاوزه إلى الإسراف.

141 - حَدِيث: الأَقْرَبُونَ أَوْلَى بِالْمَعْرُوفِ، ما علمته بهذا اللفظ، ولكن قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأبي طلحة: أرى أن تجعلها في الأقربين، رواه البخاري من حديث مالك عن إسحاق بن عبد اللَّه عن أنس قال: وقال ثابت عن أنس: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأبي طلحة: اجعله لفقراء أقاربك، وقال الأنصاري: حدثني أبي عن ثمامة عن أنس مثل حديث ثابت: اجعلها لفقراء قرابتك ترحم، هذا كله إذا أوقف أو أوصى لأقاربه، وفي التنزيل {قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خير فللوالدين وللأقربين} ، و {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ} .

142 - حَدِيث: أَقْضَاكُمْ عَلِيٌّ، الملا في سيرته عن ابن عباس في حديث مرفوع أوله: أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، ورواه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة رفعه مرسلا: أرحم أمتي بأمتي أبكر، وأقضاهم علي. الحديث، وهو موصول عندنا في فوائد أبي بكر بن العباس بن نجيح من حديث أبي سعيد الخدري مثله، وقد تقدم عن أنس مثله، بدون الشاهد منه هنا في: أرحم، ولكن يروى في المرفوع عن أنس أيضا، أقضى أمتي علي، أخرجه البغوي في شرح السنة والمصابيح، وعزى المحب الطبري في الرياض النضرة للحاكم من المرفوع عن معاذ بن جبل في حديث أوله، يا علي تخصم الناس بسبع، وذكر منها، وأبصرهم بالقضية، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات، ونحوه عند أبي نُعيم في الحلية عن أبي سعيد رفعه: يا علي لك سبع خصال، لا يحاجك فيها أحد، وكلها واهية، وأثبت منها كلها أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث عليا قاضيا إلى اليمن، قال: يا رسول اللَّه، بعثتني أقضي بينهم، وأنا شاب لا أدري ما القضاء، فضرب رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صدره، وقال: اللَّهم اهده وثبت لسانه، قال: فوالذي فلق الحبة ما شككت في قضاء بين اثنين، رواه أبو داود، والحاكم، وابن ماجه، والبزار، والترمذي، من طرق عن علي أحسنها رواية البزار عن عمرو بن مرة عن عبد اللَّه بن سلمة عن علي، وفي إسناده عمرو بن أبي المقدام، واختلف فيه على عمرو بن مرة، فرواه شعبة عنه عن أبي البَخْتَري، قال: حدثني من سمع عليا، أخرجه أبو يعلى وسنده صحيح، لولا هذا المبهم، ومنهم من أخرجه عن أبي البختري عن علي، أخرجه ابن ماجه، والبزار، والحاكم، وهو منقطع، ومنها رواية البزار عن حارثة بن مضرب عن علي، قال: وهذا أحسن أسانيده، ومنها، وهو أشهرها، رواية أبي داود وغيره من طريق سماك عن حَنَش بن المعتمر عن علي، وأخرجها النسائي في الخصائص، والحاكم، والبزار، وقد رواه ابن حبان من رواية سماك، عن عكرمة عن ابن عباس عن علي، وهذه الطرق يقوي بعضها ببعض، نعم روى البخاري في البقرة من صحيحه، وأبو نُعيم في الحلية، كلاهما من جهة حبيب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال: قال عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه: عليٌّ أقضانا، وأبيٌّ أقرأنا، ونحوه عن أبيٍّ وآخرين، وللحاكم في مستدركه عن ابن مسعود قال: كنا نتحدث أن أقضى أهل المدينة علي، وقال: إنه صحيح، ولم يخرجاه، قلت: ومثل هذه الصيغة حكمها الرفع على الصحيح.

143 - حَدِيث: أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتَِهِمْ إِلا فِي الْحُدُودِ، أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن عدي، والعسكري، والعقيلي، من حديث عمرة عن عائشة به مرفوعا، وقال العقيلي: له طرق لا يثبت منها شيء، وهو عند الشافعي وابن حبان في صحيحه، وكذا ابن عدي والعسكري أيضا، والبيهقي من حديث عائشة، بلفظ: زلاتهم دون ما بعده، وفي سند العسكري وابن حبان أبو بكر بن نافع، وقد نص أبو زرعة على ضعفه في هذا الحديث، وفي الباب عن ابن عمر رواه أبو الشيخ في كتاب الحدود بسند ضعيف، وعن ابن مسعود رفعه بلفظ: تجاوزوا عن ذنب السخي، فإن اللَّه يأخذ بيده، عند عثراته، رواه الطبراني في الأوسط، وعن عائشة أيضا عند العسكري من حديث المثنى أبي حاتم عن عبيد اللَّه بن العيزار عن القاسم عنها مرفوعا، بلفظ: تهادوا تزدادوا حبا، وهاجروا تورثوا أبناءكم مجدا، وأقيلوا الكرام عثراتهم، قال الشافعي عقب حديث عائشة: وسمعت من أهل العلم ممن يعرف الحديث، يقول: يتجافى للرجل ذي الهيئة عن عثرته ما لم يكن حدا، قال: وذوو الهيئات الذين يقالون عثراتهم الذين ليسوا يعرفون بالشر فيزل أحدهم الزلة، وقال الماوردي: في عثراتهم وجهان، أحدهما الصغائر، والثاني أول معصية، زل فيها مطيع.

144 - حَدِيث: أَكْثَرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْبُلْهُ، البيهقي في الشعب، والبزار والديلمي في مسنديهما، والخلعي في فوائده، كلهم من حديث سلامة بن روح بن خالد، قال: قال عقيل: حدثني ابن شهاب عن أنس أن رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال، وذكره، وسلامة فيه لين، ولم يسمع من جد أبيه عقيل، إنما أخذ من كتبه، وعد هذا الحديث في أفراده، لكن هو عند القضاعي من حديث يحيى بن أيوب، حدثنا عقيل به، ورويناه في الكنجروديات من طريق محمد بن العلاء الأبلي عن يونس بن يزيد عن الزهري، وقال العسكري: إنه غريب من حديث الزهري، وهو من حديث يونس عنه أغرب لا أعلمه إلا من هذا الوجه، وله شاهد عند البيهقي أيضا من حديث مصعب بن ماهان عن الثوري عن محمد بن المنكدر عن جابر، وقال عقبة: إنه بهذا الإسناد منكر، وجاء عن سهل بن عبد اللَّه التستَري في تفسيره: هم الذين ولهت قلوبهم وشغلت باللَّه عز وجل، وعن أبي عثمان قال: هو الأبله في دنياه، الفقيه في دينه، وعن الأوزاعي قال: هو الأعمى عن الشر، البصير بالخير، أخرجها البيهقي في الشعب.

145 - حَدِيث: أَكْثَرُ مَنْ يَمُوتُ مِنْ أُمَّتِي بَعْدَ كِتَابِ اللَّه وَقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ بِالأَنْفُسِ، البزار من حديث عبد الرحمن بن جابر عن أبيه جابر به مرفوعا، ورجاله ثقات، وقال البزار: يعني بالعين، وعند الطبراني في الكبير من حديث علي بن عروة وهو كذاب، عن عبد الملك عن داود بن أبي عاصم عن أسماء ابنة عميس قالت: سمعت رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: نصف ما يحفر لأمتي من القبور من العين.

146 - حديث: أَكْثِرُوا ذِكْرَ اللَّه حَتَّى يَقُولُوا مَجْنُونٌ، أحمد وأبو يعلى والبيهقي في الشعب وغيرها من حديث ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن دراج أبي السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد به مرفوعا، وصححه الحاكم، وللبيهقي من حديث عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء رفعه مرسلا. أكثروا ذكر اللَّه حتى يقول المنافقون إنكم مراؤون.

147 - حَدِيث: أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَادِمِ اللَّذَّاتِ، يَعْنِي الْمَوْتَ، أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة به مرفوعا، وصححه ابن حبان والحاكم وابن السكن وابن طاهر، وأعله الدارقطني بالإرسال، ولفظه عند العسكري في الأمثال: مر رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمجلس من مجالس الأنصار وهم يمزحون ويضحكون، فقال: أكثروا ذكر هادم اللذات، فإنه لم يذكر في كثير إلا قلله، ولا في قليل إلا كثره، ولا في ضيق إلا وسعه، ولا في سعة إلا ضيقها، أخرجه البيهقي، وفي الباب عن جماعة منهم أبو سعيد ولفظه: دخل رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المسجد فرأى ناسا يَكشِرون ، فقال: أما إنكم لو أكثرتم ذكر هادم اللذات، فأكثروا ذكر هادم اللذات الموت، وإنه لم يأت على القبر يوم إلا وهو يقول: أنا بيت الوحدة، وبيت الغربة، أنا بيت التراب، أنا بيت الدود، ولفظه عند العسكري: دخل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مصلى فرأى ناسا يكشرون، فقال: أما إنكم لو أكثرتم ذكر هادم اللذات، فأكثروا من ذكر هادم اللذات. وأنس ولفظه عنده أيضا: أكثروا ذكر الموت، فإنكم إن ذكرتموه في غنى كدره عليكم، وإن ذكرتموه في ضيق وسعه عليكم، الموت القيامة، إذا مات أحدكم فقد قامت قيامته، يرى ما له من خير وشر، وفي لفظ لأنس عند ابن أبي الدنيا في الموت بسند ضعيف جدا: أكثروا من ذكر الموت، فإنه يمحص الذنوب، ويزهد في الدنيا، وفي لفظ للبيهقي: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مر بقوم يضحكون ويمزحون، فقال: أكثروا من ذكر هادم اللذات، وابن عمر وهو عند البيهقي في الشعب من حديث عبد اللَّه بن عمر العمري عن نافع عنه مرفوعا: أكثروا ذكر هادم اللذات، فإنه لا يكون في كثير إلا قلله، ولا في قليل إلا أكثره، إلى غيرها، وعن مالك بن دينار قال: قال معبد الجهني: بعض مصلحة القلب ذكر الموت، يطرد فضول الأمل، ويكف غَرب التمني، ويهون المصائب، ويحول بين القلب وبين الطغيان. 148 - حَدِيث: أَكْثِرُوا الصَّلاةَ عليَّ فِي اللَّيْلَةِ الزَّهْرَاءِ، وَالْيَوْمِ الأَغَرِّ، فَإِنَّ صَلاتَكُمْ تُعْرَضُ عليَّ، الطبراني في الأوسط من حديث أبي مودود عبد العزيز ابن أبي سليمان المدني، عن محمد بن كعب القرظي عن أبي هريرة رفعه بهذا، وقال: لا يروى عن محمد عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد، تفرد به بهذا أبو مودود، وله شواهد بينتها في "القول البديع"، منها ما رواه ابن بشكوال بسند ضعيف أيضا عن عمر بن الخطاب مرفوعا به بزيادة: فأدعو لكم وأستغفر، والليلة الزهراء ليلة الجمعة، واليوم الأغر يومها.

149 - حَدِيث: أكذب الناس الصباغون وَالصَّوَّاغُونَ، ابن ماجه وأحمد وغيرهما عن أبي هريرة به مرفوعا، وسنده مضطرب، وكذا أورده ابن الجوزي في العلل المتناهية، وقال: إنه لا يصح، وللديلمي بسند ضعيف أيضا عن أبي سعيد أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: أكذب الناس الصناع، يعني بضم الصاد المهملة، ثم نون مشددة، ثم نون مهملة، وكذا روى إبراهيم الحربي في غريبه من طريق أبي رافع الصائغ، قال: كان عمر رضي اللَّه عنه يمازحني فيقول: أكذب الناس الصواغ، يقول اليوم وغدا، فأشار إلى السبب في كونهم أكذب الناس، وهو المطل والمواعيد الكاذبة، ونحوه ما يروى عن أبي هريرة أنه رأى قوما يتعادون، فقال: ما لهم؟ فقالوا: خرج الدجال، فقال: كذبة كذبها الصواغون، ويروى الصياغون أعني بالياء على لغة الحجاز كالديار والقُيام، على أنه قد قيل: إنه ليس المراد بالصواغين صاغة الحلي، ولا بالصباغين صباغة الثياب، بل أراد الذين يصبغون الكلام، ويصوغونه، أي يغيرونه، ويزينونه، يقال صاغ شعرا، وصاغ كلاما، أي وضعه وزينه، وإلى نحو هذا جنح أبو عبيد القاسم بن سلام، فقال: الصياغ الذي يزيد في الحديث من عنده ويزينه به انتهى، وقد بسطت هذا في محل آخر.

150 - حَدِيث: إِكْرَامُ الْمَيِّتِ دَفْنُهُ، لم أقف عليه مرفوعا، وإنما أخرجه ابن أبي الدنيا في الموت له من جهة أيوب السختياني. قال: كان يقال: من كرامة الميت على أهله تعجيله إلى حفرته، وقد عقد البيهقي لاستحباب تعجيل تجهيزه إذا بان موته بابا، وأورد فيه ما رواه أبو داود من حديث حصين بن وَحْوَح مرفوعا: لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله، الحديث. وللطبراني من حديث ابن عمر مرفوعا: إذا مات أحدكم فلا تحبسوه، وأسرعوا به إلى قبره، وفي لفظ له: من مات في بكرة فلا تقيلوه إلا في قبره، ومن مات عشية فلا يبيتن إلا في قبره، ويشهد لهذا كله حديث: أسرعوا بالجنازة، وأهل مكة في غفلة عن هذا، فإنهم غالبا يجيئون بالميت بعد الظهر أو وقت التسبيح في السحر، وقد يكون مات قبل الوقتين بكثير، فيضعونه عند باب الكعبة حتى يصلي العصر أو الصبح، ثم يصلي عليه.

151 - حَدِيث: أَكْرَمُ الْمَجَالِسِ مَا اسْتُقْبِلَ بِهِ الْقِبْلَةُ، أبو يعلى والطبراني في الأوسط، عن ابن عمر مرفوعا بهذا، وفيه حمزة بن أبي حمزة متروك، وكذا رواه ابن عدي، وأبو نُعيم في العين من تاريخ أصبهان، وهو عند الطبراني في الكبير من حديث ابن عباس مرفوعا بلفظ: إن لكل شيء شرفا، وإن شرف المجالس ما استقبل به القبلة، وفي سنده هشام بن زياد أبو المقدام وهو أيضا متروك، ومن جهته وجهة مصادق بن زياد المديني كلاهما عن محمد بن كعب القرظي عن ابن عباس، أورده الحاكم في صحيحه في حديث طويل، وقال: إنه صحيح، ولم أستجز إخلاء هذا الموضع منه، فقد جمع آدابا كثيرة انتهى، وأخرجه أبو داود والعقيلي وابن سعد مطولا، ولفظه: أشرف المجالس، والراوي له عن مصادق واهي الحديث، فلا يغتر بروايته، وأبو المقدام هو المشهور بهذا الحديث، وهو مشهور الضعف، وللطبراني في الأوسط من حديث أبي هريرة رفعه: إن لكل شيء سيدا، وإن سيد المجالس قبالة القبلة، وسنده حسن، وقد قال ابن حبان في كتاب "وصف الاتباع، وبيان الابتداع": إنه خبر مرفوع، تفرد به أبو المقدام عن محمد بن كعب عن ابن عباس، وقد كانت أحواله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مواعظ الناس، أن يخطب لها وهو مستدبر القبلة، كذا قال، وما استدل به لا ينهض للحكم بالوضع إذ استدباره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القبلة ليكون مستقبلا لمن يعلمه أو يعظه، ممن بين يديه لا سيما مع ما أوردته من طرقه. وقد ترجم البخاري في الأدب المفرد: استقبال القبلة، وأورد من حديث سفيان بن منقذ عن أبيه، قال: كان أكثر جلوس عبد اللَّه بن عمر وهو مستقبل القبلة. 152 - حديث: أَكْرِمُوا حَمَلَةَ الْقُرْآنِ، فَمَنْ أَكْرَمَهُمْ فَقَدْ أَكْرَمَنِي، وَمَنْ أَكْرَمَنِي فَقَدْ أَكْرَمَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، الوائلي في الإبانة له، والديلمي في مسنده من طريق خلف الضرير عن وكيع عن الأعمش عن زائدة عن عاصم عن زِر عن عبد اللَّه بن عمرو قال: سمعت رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول بهذا، زاد الديلمي: ألا فلا تنقصوا حملة القرآن حقوقهم، فإنهم من اللَّه بمكان، كاد حملة القرآن أن يكونوا أنبياء، إلا أنهم لا يوحى إليهم، وقال: إنه غريب جدا من رواية الأكابر عن الأصاغر انتهى، وفيه من لا يعرف وأحسبه غير صحيح.

153 - حَدِيث: أَكْرِمُوا الْخُبْزَ، البغوي في معجم الصحابة، وعنه المخلص من حديث ثور بن يزيد عن عبد اللَّه بن يزيد عن أبيه مرفوعا بزيادة: فإن اللَّه أنزل معه بركات من السماء، وأخرج له بركات من الأرض، وكذا هو عند أبي نُعيم في المعرفة من جهة البغوي، ورواه تمام في فوائده من حديث إبراهيم ابن أبي عبلة عن عبد اللَّه بن يزيد عن عبد اللَّه بن عمرو رفعه بنحوه، ورواه الطبراني، وعنه أبو نُعيم في الحلية من طريق إبراهيم المذكور، فقال: سمعت عبد اللَّه بن أم حرام الأنصاري، يقول: قال رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وذكره، بلفظ: فإن اللَّه سخر له بركات السماوات والأرض، وهو عند البزار والطبراني وغيرهما بزيادة: ومن يتبع ما يسقط من السفرة غفر له، وكل هذه الطرق ضعيفة مضطربة، وبعضها أشد في الضعف من بعض، وله طرق أيضا كذلك، منها: ما رواه ابن قتيبة في كتاب تفضيل العرب من جهة ميمون بن مهران، عن ابن عباس، قال: ولا أعلمه إلا رفعه، قال: أكرموا الخبز فإن اللَّه سخر له السماوات والأرض، ويروى عن ابن عباس أيضا مما رفع: ما استخف قوم بحق الخبز، إلا ابتلاهم اللَّه بالجوع، ومنها ما رواه المخلص وتمام وغيرهما من حديث نمير بن الوليد بن نمير بن أوس الدمشقي عن أبيه عن جده عن أبي موسى رفعه: أكرموا الخبز، فإن اللَّه سخر له بركات السماوات والأرض والحديد والبقر وابن آدم، إلى غير ذلك مما أوردته واضحا معللا في جزء مفرد، وفي الجملة خير طرقه الإسناد الأول على ضعفه، ولا يتهيأ الحكم عليه بالوضع مع وجوده، لا سيما وفي المستدرك للحاكم من طريق غالب القطان عن كريمة ابنة همام عن عائشة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: أكرموا الخبز، حسب، قال شيخنا: فهذا شاهد صالح، قلت: ومن كلمات بعضهم: الحنطة إذا ديست اشتكت إلى ربها، ومنه يكون القحط، وقال آخر: الخبز يباس ولا يداس.

154 - حَدِيث: أَكْرِمُوا الشُّهُودَ، فَإِنَّ اللَّه يَسْتَخْرِجُ بِهِمُ الْحُقُوقَ، وَيَدْفَعُ بِهِمُ الظُّلْمَ، العقيلي في الضعفاء، والنقاش في القضاة والشهود، والديلمي في مسنده، رواه من جهة ابن جهضم، كلهم من طريق عبد الصمد بن علي بن عبد اللَّه بن عباس عن أبيه عن جده ابن عباس رفعه بهذا، وفي لفظ لأحدهم: فإن اللَّه يحيي، بدل يستخرج، وقال العقيلي: إنه لا يعرف إلا من رواية عبد الصمد، وتفرد به، إبراهيم بن عبد الصمد بن موسى عن أبيه عن إبراهيم بن محمد الإمام عنه، ولم ينفرد به إبراهيم، فقد قال ابن طاهر في التذكرة: إنه رواه ابن أبي مسرة أيضا عن عبد الصمد بن موسى ومن طريقه أخرجه النقاش، بل رواه من طريق إبراهيم بن عبد العزيز الهاشمي حدثنا عمي حدثنا عبد الصمد بن علي، ثم إن في رواية الديلمي جعله عن عبد الصمد بن موسى عن عبد الكريم بن محمد، بدل إبراهيم بن محمد، وبالجملة فقد قال العقيلي: إنه غير محفوظ، بل صرح الصغاني بأنه موضوع، ولم يستدرك ذلك العراقي.

155 - حَدِيث: أَكْرِمُوا الضَّيْفَ، فِي: إِذَا دَخَل.

156 - حَدِيث: أَكْرِمُوا عَمَّتَكُمُ النَّخْلَةَ، فَإِنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ فَضْلَةِ طِينَةِ آدَمَ، وَلَيْسَ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةٌ أَكْرَمَ عَلَى اللَّه مِنْ شَجَرَةٍ وَلَدَتْ تَحْتَهَا مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ فَأَطْعِمُوا نِسَاءَكُمُ الولِّد الرُّطَبَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رُطَبٌ فَتَمْرٌ، أبو نُعيم في الحلية، واللفظ له، والرامهرمزي في الأمثال، وأبو يعلى في مسنده، كلهم من حديث مسرور بن سعيد التميمي عن الأوزاعي عن عروة بن رويم عن على مرفوعا بهذا، ومن هذا الوجه أخرجه أبو يعلى في مسنده لكن بلفظ: نزلت، بدل، ولدت، وبلفظ: فإنها خلقت من الطين الذي خلق منه آدم، وليس من الشجر يلقح غيرها، وكذا أخرجه المستغفري في الطب النبوي وغيره، وهو عند عثمان الدارمي في الأطعمة، بزيادة: وأطعموا نفساءكم الرطب، فإن لم يكن رطب فالتمر، وهي الشجرة التي نزلت مريم ابنة عمران تحتها، وفي سنده ضعف وانقطاع، وفي الباب حديث: نعم المال النخل، الراسخات في الوحل المطعمات في المحل وقد تكلم في معناه الرامهرمزي.

157 - حَدِيث: أَكْرِمُوا الْغُرَبَاءَ، فِي: الْغُرَبَاءِ.

158 - حَدِيثُ: أَكْلِ الرُّطَبِ بِالْقِثَّاءِ، وَاسْتَعَانَتِهِ بِيَدَيْهِ جَمِيعًا، أَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: آخِرُ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِحْدَى يَدَيْهِ رُطَبَاتٌ، وَفِي أُخْرَى قِثَّاءٌ، يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ، وَيَعُضُّ مِنْ هَذِهِ، وأصل أكله القثاء بالرطب، في المتفق عليه عن ابن جعفر أيضا.

159 - حَدِيث: أَكْلُ الطِّينِ حَرَامٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، أَسنده الديلمي عن أنس مرفوعا، وساق أيضا بلا سند عن جابر مرفوعا: أكل الطين يورث النفاق، وعن علي مرفوعا: أكل الطين، وقلم الأظافر بالأسنان، وقرض اللحية من الوسواس، وفي ذلك تصنيف لأبي القاسم ابن مندة، ولكن قال البيهقي: إنه روى في تحريمه أحاديث لا يصح منها شيء، وتبعه غيره في ذلك، وهو كذلك، ومن الواهي فيه ما عند الدارقطني في الأفراد من حديث يحيى بن هاشم عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا: يا حميراء لا تأكلي الطين، فإنه يصفر اللون، وأسنده الديلمي من حديث زياد الأعلم عن هشام، ولفظه: يا حميراء لا تأكلي الطين، فإن فيه ثلاث خصال، يورث الداء، ويعظم البطن، ويصفر اللون.

160 - حَدِيث: الأَكْلُ فِي السُّوقِ دَنَاءَةٌ، الطبراني وابن عدي في كامله، عن أبي أمامة مرفوعا، وسنده ضعيف، ويعارضه حديث ابن عمر: كنا نأكل على عهد رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونحن نمشي، ونشرب ونحن قيام، أخرجه الترمذي وصححه، وابن ماجه، وابن حبان، إلا أن يحمل ذلك على أكله مع غيره على سماط، ومن طريف ما يحكى أنه شوهد من يأكل في الطريق، فليم، فقال: قد تاقت نفسي للأكل، ومعي خبز، فلا أمطلها لأن مطل الغني ظلم.

161 - حَدِيث: الْتَمِسُوا الْخَيْرَ عِنْدَ حِسَانِ الْوُجُوهِ، الطبراني من حديث يزيد بن خُصيفة عن أبيه عن جده مرفوعا بهذا، وكذا هو عند أبي يعلى وهو مشهور، له طريق عن أنس، وجابر، وعائشة، وابن عباس، وابن عمر، ويزيد القسملي، وأبي بكرة، وأبي هريرة، ولفظ أكثرهم: اطلبوا الخير عند حسان الوجوه، ولفظ القسلمي: إذا طلبتم الحاجات فاطلبوها إلى الحسان الوجوه، وفي لفظ: اطلبوا الحوائج والخير، وفي آخر: اطلبوا. وقال العراقي: وكلاهما عند العسكري، وعند بعضهم من الزيادة: فإن قضى حاجتك قضاها بوجه طلق، وإن ردك ردك بوجه طلق، فرب حسن الوجه ذميمه عند طلب الحاجة، ورب دميم الوجه حسنه عند طلب الحاجة، ونحوه، قيل لابن عباس: كم من رجل قبيح الوجه قضاء للحوائج، قال: إنما يعني حسن الوجه عند الطلب، وكذا زاد آخر: وسموا بخياركم، وإذا أتاكم كريم قوم فأكرموه، وطرقه كلها ضعيفة، وبعضها أشد في ذلك من بعض، وأحسنها ما أخرجه تمام في فوائده وغيره من جهة سفيان الثوري عن طلحة بن عمرو، عن عطاء ابن أبى رباح عن ابن عباس رفعه بلفظ: التمسوا الخير، وكذا ما أخرجه البخاري في تاريخه، قال: حدثني إبراهيم هو ابن المننر حدثنا معن حدثنا عبد الرحمن بن أبي بكر المليكي عن امرأته خيرة ابنة محمد بن ثابت بن سباع عن أبيها عن عائشة، فالمليكي صدوق، لكنه ينفرد بما لا يتابع عليه مما لا يحتمل، حتى قيل فيه: إنه متروك، وكذا كان طلحة متروك الحديث، وقيل: عنه أيضاً عن عطاء عن أبي هريرة بدل ابن عباس إلا أن ذاك أثبت، وبالجملة فلم يتهم واحد منهم بكذب، بل توبع المليكي فرواه أبو يعلى الموصلي في مسنده، حدثنا داود بن رشيد حدثنا إسماعيل عن خيرة به، وكذا أخرج الطبراني حديث ابن عباس من جهة مجاهد عنه، وقال: أراه رفعه، ورجاله موثقون، إلا عبد اللَّه بن خراش بن حوشب مع أن ابن حبان وثقه، ولكنه قال: ربما أخطأ وضعفه غيره، ومع هذا لا يتهيأ الحكم على المتن بالوضع كما أشار إليه شيخنا، ومن الأشعار القديمة في معنى ذلك ما يروى عن ابن عباس أنه قال: قال الشاعر:
ائت شرط النبي إذ قال يوما ... فابتغوا الخير في صباح الوجوه
ولابن رواحة أو حسان كما رواه العسكري:
قد سمعنا نبينا قال قولا ... هو لمن يطلب الحوائج راحة اغتدوا واطلبوا الحوائج ممن ... زين اللَّه وجهه بصباحة
وأنشد ابن عائشة أبياتا، أحدها:
وجهك الوجه لو سألت به المز ... ن من الحسن والجمال استهلا.
ثانيها:
وجوه لو ان المدلجين اعتشوا بها ... صد عْن الدجى حتى ترى الليل ينجلي
ثالثها:
دل على معروفه وجهه ... بورك هذا هاديا من دليل
وأنشد غيره:
يدل على معروفه حسن وجهه ... وما زال حسن الوجه إحدى الشواهد
ويروى - كما للعسكري - عن أبي إسحاق عن رجل من جهينة رفعه: شر ما أعطي الرجل قلب سوء في صورة حسنة، وللبزار من حديث قتادة عن عبد اللَّه بن بريدة عن أبيه رفعه: إذا أبردتم إليَّ بريدا فأبردوه حسن الوجه، حسن الاسم، وقال: لا نعلم رواه بهذا الإسناد إلا قتادة، وله أيضا من حديث عمر بن أبي خثعم عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا: إذا بعثتم إليَّ رجلا، فابعثوه حسن الوجه، حسن الاسم، وقال أيضا: لا نعلمه روي عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد، قلت: وأحدهما يقوي الآخر.

162 - حَدِيث. الْتَمِسُوا الرِّزْقَ بِالنِّكَاحِ، الثعلبي في تفسيره، والديلمي من حديث مسلم بن خالد عن سعيد بن أبي صالح عن ابن عباس رفعه بهذا، ومسلم فيه لين وشيخه، ولكن له شاهد أخرجه البزار والدارقطني في العلل والحاكم وابن مردويه، والديلمي كلهم من رواية أبي السائب، سلم بن جنادة عن أبي أسامة عن هشام عن أبيه عن عائشة مرفوعا: تزوجوا النساء، فإنهن يأتين بالمال، قال الحاكم تفرد به سلم، وهو ثقة، وقال البزار والدارقطني وغيره سَلم يرويه مرسلا، وهو كما قالا، فقد أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة عن أبي أسامة فلم يذكر عائشة، وكذلك أخرجه أبو داود، في المراسيل عن أبي توبة عن أبي أسامة، ولا ينتقد عليهم بما أخرجه أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي في تاريخ جرجان من رواية الحسين بن علوان عن هشام موصولا، فالحسين متهم بالكذب، لا اعتبار بمتابعته، وفي الباب ما رواه الثعلبي من رواية الدراوردي عن ابن عجلان، أن رجلا أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فشكا إليه الحاجة والفقر، فقال. عليك بالباءة، ولعبد الرزاق عن معمر عن قتادة، أن عمر قال. عجبت لرجل لا يطلب الغنى بالباءة، واللَّه تعالى يقول في كتابه " إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ " وعن هشام بن حسان، عن الحسن، عن عمر نحوه، وقد قال القفال في محاسن الشريعة، وقد وعد اللَّه تعالى على النكاح. فقال تعالى " وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ " وفي المعنى ما في صحيح ابن حبان والحاكم عن أبي هريرة مرفوعا: ثلاثة حق على اللَّه أن يغنيهم، وفي لفظ: عونهم وذكر منهم الناكح ليستعفف، ولابن منيع عن أبي هريرة رفعه: حق على اللَّه عون من نكح يريد العفاف عما حرم اللَّه، وفي الباب عن أبي أمامة وجابر ولفظه كما للحارث بن أبي أسامة في مسنده رفعه: ثلاثة من أدان فيهن، ثم مات ولم يقض، قضى اللَّه عنه، وذكر: رجل يخاف على نفسه الفتنة في العزوبة، واستعفف بدين، ولا يعارض هذا ما يروى من حديث هشام بن عبد اللَّه بن عكرمة المخزومي حدثنا هشام عن أبيه عن عائشة مرفوعا، التمسوا الرزق في خبايا الأرض، يعني الزرع، ولذا قال عروة بن الزبير عليكم بالزرع، وكان يتمثل بهذه الأبيات.
لعل الذي أعطى العزيز بقدره ... وذا خشب أعطى وقد كان زردقا
سيؤتيك ماء واسعا ذا قرارة ... إذا ما مياه الناس غاضبت تدفقا
تتبع خبايا الأرض وادع مليكها ... لعلك يوما أن تجاب فترزقا

163 - حَدِيث: الْتَمِسُوا الرَّفِيقَ قَبْلَ الطَّرِيقَ، وَالْجَارَ قَبْلَ الدَّارِ، الطبراني في الكبير، وابن أبي خيثمة، وأبو الفتح الأزدي، والعسكري في الأمثال، والخطيب في الجامع، من حديث أبان بن المحبر عن سعيد بن معروف بن رافع بن خديج عن أبيه عن جده رفعه بهذا، وابن المحبر متروك، وهو وسعيد لا تقوم بهما حجة، ولكن له شاهد رواه العسكري فقط، من حديث عبد الملك بن سعيد الخزاعي عن جعفر بن محمد عن أبيه، عن آبائه عن علي قال: خطب رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وذكر حديثا طويلا وفي آخره: الجار، ثم الدار، الرفيق، ثم الطريق، وهو عند الخطيب في جامعه باختصار، من حديث محمد بن مسلم عن أبي جعفر محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: الجار قبل الدار، والرفيق قبل الطريق، والزاد قبل الرحيل، وللخطيب أيضا من طريق عبد اللَّه بن محمد اليمامي عن أبيه عن جده قال: قال خفاف بن ندبة: أتيت رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلت: يا رسول اللَّه، على من تأمرني أن أنزل أعلى قريش، أم على الأنصار، أم أسلم، أم غفار، فقال: يا خفاف، ابتغ الرفيق قبل الطريق، فإن عرض لك أمر لم يضرك، وإن احتجت إليه نفعك، وكلها ضعيفة، ولكن بانضمامها تقوى، وفي قوله تعالى حكاية عن السيدة آسية {رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ} ما يشير إلى الجملة الثانية.

164 - حَدِيث: أَلْسِنَةُ الْخَلْقِ أَقْلامُ الْحَقِّ، لا أصل له، نعم هو من كلام بعض الصوفية، ويمكن أن يكون معناه: الفال الموكل بالمنطق، وقد مضى في: أخذنا فالك من فيك.

165 - حَدِيث: اللَّهم اجْعَلْنَا مِنَ الْمُفْلِحِينَ، ابْنُ السُّنِّيِّ فِي عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، وَمِنْ طَرِيقِهِ الدَّيْلَمِيُّ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ نَصْرِ بْنِ طَرِيفٍ أَبِي جَزِيٍّ الْقَصَّابِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ ذَكْوَانَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ يَقُولُ: حَيَّ عَلَى الْفَلاحِ، قَالَ: اللَّهم اجْعَلْنَا مِنَ الْمُفْلِحِينَ، وأبو جزى متروك عندهم، والراوي عنه، وهو أبو قتادة عبد اللَّه بن واقد الحراني، قال البخاري: تركوه، وقد أخرج أحمد والطبراني من رواية حماد بن سلمة عن عاصم بهذا الإسناد، أنه قال كما قال المؤذن إلى قوله: أشهد أن محمدا رسول اللَّه، وزاد الطبراني من رواية أبان العطار عن عاصم: ثم صمت، فظهر بذلك أن الذي زاده نصر لم يتابع عليه. 166 - حَدِيث: اللَّهم أَحْيِنِي مِسْكِينًا، وَأَمِتْنِي مِسْكِينًا، وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ الْمَسَاكِينِ، ابن ماجه من حديث أبي خالد الأحمر عن يزيد بن سنان عن ابن المبارك عن عطاء بن أبي رباح عن أبي سعيد الخدري، قال: أحبوا المساكين، فإني سمعت رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول في دعائه، وذكره، ورواه الطبراني في الدعاء من حديث أبي فروة يزيد بن محمد بن يزيد بن سنان الرهاوي، حدثني أبي عن أبيه هو يزيد بن سنان عن عطاء بدون واسطة بين يزيد وعطاء وبدون قول أبي سعيد، وبلفظ: وتوفني، ويزيد بن سنان ضعيف عندهم، لكن قد رواه الطبراني أيضا من جهة خالد بن يزيد بن أبي مالك عن أبيه عن عطاء، بلفظ: اللَّهم توفني إليك فقيرا، ولا توفني غنيا، واحشرني في زمرة المساكين يوم القيامة، وخالد الأكثر على تضعيفه، وكان الحاكم اعتمد توثيقه فإنه قد أخرج هذا الحديث من جهته في الرقاق من مستدركه بزيادة: وإن أشقى الأشقياء من اجتمع عليه فقر الدنيا، وعذاب الآخرة، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وكذا رواه البيهقي في الشعب، بلفظ: يا أيها الناس لا يحملنكم العسر، على أن تطلبوا الرزق من غير حله، فإني سمعت رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول، وذكره بالزيادة، وهو عند أبي الشيخ، ومن جهته الديلمي بدون قول أبي سعيد، وله شواهد، فرواه الترمذي في الزهد من جامعه، والبيهقي في الشعب، من حديث ثابت بن محمد العابد الكوفي حدثنا الحارث بن النعمان الليثي عن أنس أن رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: اللَّهم أحيني مسكينا، وأمتني مسكينا، واحشرني في زمرة المساكين يوم القيامة، فقالت عائشة: لم يا رسول اللَّه؟ قال: إنهم يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بأربعين خريفا، يا عائشة، لا تردي المساكين، ولو بشق تمرة، يا عائشة، أحبي المساكين وقربيهم، فإن اللَّه يقربك يوم القيامة، وقال: إنه غريب انتهى، والحارث قال البخاري وغيره: إنه منكر الحديث، وتردد فيه ابن حبان فذكره في الثقات وفي الضعفاء، ورواه الطبراني في الدعاء من حديث بقية بن الوليد حدثنا الهقل بن زياد عن عبيد بن زياد، سمعت جنادة بن أبي أمية، يقول: حدثنا عبادة بن الصامت، قال: قال رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّهم أحيني مسكينا، وتوفني مسكينا، واحشرني في زمرة المساكين، ورجاله موثوقون، وبقية قد صرح بالتحديث، ومع وجود هذه الطريق وغيرها مما تقدم لا يحسن الحكم عليه بالوضع لا سيما وفي الباب عن أبي قتادة.

167 - حديث: اللَّهم اسْتُرْ عَوَرَاتِنَا، وَآمِنْ رَوَعَاتِنَا، أحمد في مسنده عن أبي عامر العقدي عن الزبير بن عبد اللَّه عن ربيح بن أبي سعيد الخدري عن أبيه، قال: قلنا يوم الخندق: يا رسول اللَّه، هل من شيء نقوله؟ فقد بلغت القلوب الحناجر، قال: نعم اللَّهم، وذكره، قال: فضرب اللَّه وجوه أعدائه بالريح فهزمهم اللَّه بالريح، وهو عند الديلمي في مسنده من جهة أبي عامر، فقال: عن ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه عن جده، وذكره، ورواه الطبراني في الدعاء من حديث قيس بن الربيع عن مجزأة بن زاهر عن إبراهيم بن فلان عن أبيه، وكانت له صحبة، قال: سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: اللَّهم، وذكره بزيادة: واقض عني ديني، وربيح فيه لين، وقال البخاري: إنه منكر الحديث، وإبراهيم مجهول، وعند البزار بسند ضعيف عن ابن عباس، قال: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: اللَّهم إني أسألك العفو والعافية في ديني، ودنياي، وأهلي، ومالي. اللَّهم استر عورتي، وآمن روعتي، واحفظني من بين يدي، ومن خلفي، وعن يميني، وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بك أن أغتال من تحتي، وله شاهد عند أبي داود في سننه، من حديث جبير بن أبي سليمان بن جبير بن مطعم، سمعت ابن عمر يقول: لم يكن رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي، وحين يصبح: اللَّهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللَّهم إني أسألك العفو، وذكره بزيادة: اللَّهم، قبل احفظني، وبزيادة يعني الخسف في آخره ، وبلفظ: وأعوذ بعظمتك أن أغتال، وفي لفظ بالجمع: عوراتي وآمن روعاتي، وصححه الحاكم، وعند أبي نُعيم في الحلية من حديث مصعب الأسلمي، حدثني ثلاثة منهم الحسن بن علي أن رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كان يدعو يقول: اللَّهم أقلني عثرتي، وآمن روعتي، واستر عورتي، وانصرني على من بغى علي، وأرني فيه ثأري، وللطبراني في الكبير من حديث خباب الخزاعي، سمعت رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: اللَّهم استر عورتي، وآمن روعتي، واقض عني ديني. وفرق الطبراني، ثم أبو نُعيم بين خباب هذا وخباب بن الأرت، وحديثه هذا من رواية مجزأة بن ثور عن إبراهيم بن خباب عن أبيه.

168 - حَدِيث: اللَّهم أَعِزَّ الإِسْلامَ بِأَحَبِّ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ إِلَيْكَ، بِأَبِي جَهْلٍ أَوْ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أحمد في مسنده، والترمذي في جامعه، وابن سعد في الطبقات، والبيهقي في الدلائل، كلهم من جهة خارجة بن عبد اللَّه بن سليمان بن زيد بن ثابت عن نافع عن ابن عمر مرفوعا به، وقال الترمذي: إنه حسن صحيح غريب من حديث ابن عمر، وصححه ابن حبان، وقد أخرجه أبو نُعيم في الحلية من حديث مبشر بن إسماعيل الحلبي عن نوفل بن أبي الفرات الحلبي، عن عمر هو ابن عبد العزيز عن سالم عن أبيه، قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك، عمر أو بأبي جهل. وللترمذي من حديث النضر أبي عمر عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: اللَّهم أعز الإسلام بأبي جهل بن هشام أو بعمر. قال: فأصبح فغدا عمر على رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأسلم. وقال: غريب من هذا الوجه. وقد تكلم بعضهم في النضر، وهو يروي مناكير من قبل حفظه، وللحاكم في صحيحه من حديث يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن مجالد بن سعيد عن الشعبي عن مسروق عن ابن مسعود مرفوعا: اللَّهم أيد الإسلام بعمر بن الخطاب أو بأبي جهل بن هشام، فجعل اللَّه دعوة رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعمر، فبني عليه ملك الإسلام وهدم الأوثان به، وقال: إن مجالدا انفرد به عن الشعبي، وللبيهقي في الدلائل من حديث إسحاق بن إبراهيم الحنيني، قال. ذكر أسامة بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده قال: قال لنا عمر: أتحبون أن أعلمكم كيف كان إسلامي، فذكر القصة، وفيها أنه جاء بيته، وكان فيه أخته وزوجها، ومعه آخران فاختفوا في البيت إلا أخته، فلما أسلم خرجوا إليه متبادرين وكبروا، وقالوا: أبشر يا ابن الخطاب، فإن رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعا يوم الإثنين، فقال: اللَّهم أعز دينك بأحب الرجلين إليك، إما أبو جهل بن هشام، وإما عمر بن الخطاب، وإنا نرجو أن تكون دعوة رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لك، فأبشر، وذكر تمام القصة. ومن حديث إسحاق بن يوسف الأزرق، حدثنا القاسم بن عثمان البصري عن أنس نحوه، وأنه كان في البيت أخته وزوجها ورجل من المهاجرين وهو خباب، وأنه توارى منه، فلما علم بإسلامه ظهر، وقال: أبشر يا عمر، فإني أرجو أن تكون دعوة رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلة الخميس: اللَّهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب أو بعمرو بن هشام، الحديث. وللبغوي في معجم الصحابة من طريق الضحاك الشيباني عن ربيعة السعدي رفعه: اللَّهم أعز الدين بأبي جهل بن هشام أو بعمر بن الخطاب، ولابن سعد في الطبقات من حديث عبد الرحمن بن خولة، عن سعيد بن المسيب قال: كان رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا رأى عمر بن الخطاب أو أبا جهل بن هشام، قال: اللَّهم اشدد دينك بأحبهما إليك، فشد دينه بعمر بن الخطاب، ومن حديث داود بن الحصين والزهري، قالا: أسلم عمر بعد أن دخل رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دار الأرقم، وبعد أربعين أو نيف وأربعين بين رجال ونساء قد أسلموا قبله، وقد كان رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال بالأمس: اللَّهم أيد الإسلام بأحب الرجلين إليك، عمر بن الخطاب أو عمرو بن هشام، فلما أسلم عمر نزل جبريل عليه السلام، فقال. يا محمد! استبشر أهل السماء بإسلام عمر، وللحاكم في مستدركه من حديث شبابة بن سوار وسعيد بن سليمان كلاهما، واللفظ لأولهما عن المبارك بن فضالة عن عبيد اللَّه بن عمر، عن نافع عن ابن عمر، عن ابن عباس، رفعه: اللَّهم أيد الدين بعمر بن الخطاب، ولفظ الآخر، اللَّهم أعز الإسلام بعمر، وقال: إنه صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، ثم ساق له شاهدا من حديث الماجشون ابن أبي سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: اللَّهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب خاصة، وقال: إنه صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، وكذا وقع عنده الماجشون عن هشام، وقد رواه ابن ماجه في سننه، وابن حبان في صحيحه، كلاهما من حديث عبد الملك بن الماجشون، حدثني مسلم بن خالد الزنجي عن هشام به، ولابن سعد من حديث أشعث عن الحسن رفعه مرسلا: اللَّهم أعز الدين بعمر، في طرق سوى هذه، وما زعمه أبو بكر النارنجي من نقله عن عكرمة، أنه سئل عن قوله: اللَّهم أيد الإسلام، فقال: معاذ اللَّه، دين الإسلام أعز من ذلك، ولكنه قال: اللَّهم أعز عمر بالدين أو أبا جهل، فأحسبه غير صحيح.

169 - حَدِيث: اللَّهم أَعِنِّي عَلَى دِينِي بِدُنْيَايَ، وَعَلَى آخِرَتِي بِتَقْوَايَ، الطبراني في الدعاء من حديث عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن إبراهيم المدني، حدثنا أبي عن محمد بن المنكدر، عن جابر مرفوعا به في حديث، وعبد الرحمن المدني هو القاص، ضعفه الدارقطني وغيره، وأخرجه الديلمي مسلسلا من جهة علي بن أمية، وموسى بن سهل، كلاهما عن الربيع حاجب المنصور عن جعفر بن محمد بن الصادق، حدثني أبي عن أبيه عن جده، على: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كان إذا حزبه أمر دعا بهذا الدعاء، وذكره، وفيه: اللَّهم أعني على ديني بالدنيا، وعلى آخرتي بالتقوى، وسنده أضعف من الذي قبله.

170 - حَدِيث: اللَّهم إِنَّكَ أَخْرَجْتَنِي مِنْ أَحَبِّ الْبِقَاعِ إِلَيَّ، فَأَسْكِنِّي بِأَحَبِّ الْبِلادِ إِلَيْكَ، فأسكنه اللَّه المدينة، الحاكم في الهجرة من مستدركه، وأبو سعد في شرف المصطفى من حديث الحسن بن سفيان عن أبي موسى الأنصاري عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، حدثني أخي هو عبد اللَّه عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا به، وقال الحاكم عقبه: رواته مدنيون من بيت أبي سعيد المقبري انتهى، وعبد اللَّه ضعيف جدا، وهذا الحديث من منكراته، وكذا قال ابن عبد البر: لا يختلف أهل العلم في نكارته ووضعه، وقال ابن حزم: هو حديث لا يسند، وإنما هو مرسل من جهة محمد بن الحسن بن زبالة وهو هالك.

171 - حَدِيث: اللَّهم بَارِكْ لأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا، الأربعة، وحسنه الترمذي، وصححه ابن حبان، من حديث صخر بن وداعة الغامدي، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال، وذكره، وزاد: وكان إذا بعث سرية أو جيشا، بعثهم أول النهار، قال: وكان صخر تاجرا، فكان يبعث في تجارته في أول النهار، فأثرى وكثر ماله، ولابن ماجه عن أبي هريرة، والطبراني في الأوسط، عن عائشة مرفوعا: اللَّهم بارك لأمتي في بكورها يوم الخميس، ولفظ الطبراني: واجعله يوم الخميس ، ولفظه في رواية منها: قال رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اغدوا في طلب العلم، فإني سألت ربي أن يبارك لأمتي في بكورها، ويجعل ذلك يوم الخميس، ورواه البزار عن ابن عباس وأنس، بلفظ: اللَّهم بارك لأمتي في بكورها يوم خميسها، وفي لفظ للطبراني من حديث ابن عباس: باكر حاجنا، فإن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال، وذكره، وكلها ما عدا الأول ضعاف، وفي الباب عن بريدة، وجابر، وعبد اللَّه بن سلام، وابن عمر، وعلي، وعمران بن حصين، ونبَيط بن شريط، وأبي بكرة. وقال شيخنا: ومنها ما يصح، ومنها ما لا يصح، وفيها الحسن والضعيف.

172 - حَدِيث: اللَّهم خِرْ لِي وَاخْتَرْ لِي، الترمذي، والبيهقي في الشعب، من حديث زنفل بن عبد اللَّه، عن عبد اللَّه بن أبي مليكة، عن عائشة، عن أبي بكر الصديق، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا أراد أمرا قال: وذكره، وقال: غريب لا نعرفه إلا من حديث زنفل، وهو ضعيف عند أهل الحديث، وهو عند أبي يعلى وآخرين.

173 - حَدِيث: اللَّهم لا تُؤْمِنَّا مَكْرَكَ، وَلا تُنْسِنَا ذِكْرَكَ، وَلا تَهْتِكْ عَنَّا سَتْرَكَ، وَلا تَجْعَلْنَا مِنَ الْغَافِلِينَ، الديلمي في مسنده من حديث معروف الكرخي، عن بكر بن خنيس، حدثنا سفيان الثوري، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: من قال عند منامه هذا الدعاء بعث اللَّه إليه ملكا في أحب الساعات إليه فيوقظه، وذكره بزيادة.

174 - حَدِيث: اللَّهم لا خَيْرَ إِلا خَيْرُكَ، وَلا طَيْرَ إِلا طَيْرُكَ، وَلا إِلَهَ غَيْرُكَ، أحمد من حديث ابن لهيعة عن ابن هبيرة عن أبي عبد الرحمن الحُبلي، عن عبد اللَّه بن عمرو مرفوعا: من ردته الطيرة عن حاجة فقد أشرك، قالوا: يا رسول اللَّه، ما كفارة ذلك، قال: أن يقول أحدكم، وذكره، وكذا أخرجه الطبراني وغيره، وفي الباب عن بريدة، أخرجه البزار، ولفظه: ذكرت الطيرة عند رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: من أصابه من ذلك شيء ولا بد، فليقل: اللَّهم، وذكره مقدما الجملة الثانية، وعن أبي هريرة أخرجه البزار أيضا مرفوعا بلفظ: لا طائر إلا طائرك، ثلاث مرات.

175 - حَدِيث: اللَّهم لا رادَّ لِمَا قَضَيْتَ، في الذكر عقب الصلاة، في الواو.

176 - حَدِيث: اللَّهم لا سَهْلَ إِلا مَا جَعَلْتَهُ سَهْلا، وَأَنْتَ إِنْ شِئْتَ جَعَلْتَ الْحَزَنَ سَهْلا، العدني في مسنده من حديث بشر بن السَّري، وابن حبان في صحيحه من حديث سهل بن حماد أبي عتاب الدلال، والبيهقي، ومن قبله الحاكم، ومن طريقه الديلمي في مسنده من حديث عبد اللَّه بن موسى، وابن السني في عمل اليوم والليلة، والبيهقي في الدعوات من طريق أبي داود الطيالسي، كلهم عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس رفعه بهذا، وكذا رواه القعني عن حماد بن سلمة، لكنه لم يذكر أنسا، ولفظه: وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا، ولا يؤثر في وصله، وكذا أورده الضياء في المختارة وصححه غيره.

177 - حَدِيث: اللَّهم لا عَيْشَ إِلا عَيْشُ الآخِرَةِ، الشيخان عن أنس، وفي الباب عن سهل. 178 - حَدِيث: أُمِرْتُ أَنْ أَحْكُمَ بِالظَّاهِرِ، واللَّه يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ، اشتهر بين الأصوليين والفقهاء، بل وقع في شرح مسام للنووي في قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس، ولا أشق بطونهم، ما نصه معناه، إني أمرت بالحكم الظاهر، واللَّه يتولى السرائر، كما قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انتهى، ولا وجود له في كتب الحديث المشهورة، ولا الأجزاء المنثورة، وجزم العراقي بأنه لا أصل له، وكذا أنكره المزي وغيره، نعم في صحيح البخاري عن عمر: إنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم، بل وفي الصحيح من حديث أبي سعيد رفعه: إني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس، وفي المتفق عليه من حديث أم سلمة إنكم تختصمون إليَّ فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي له على نحو ما أسمع، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه، فلا يأخذ منه شيئا، قال ابن كثير: إنه يؤخذ معناه منه، وقد ترجم له النسائي في سننه، باب الحكم بالظاهر، وقال إمامنا ناصر السنة أبو عبد اللَّه الشافعي رحمه اللَّه عقب إيراده في كتاب الأم: فأخبرهم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه إنما يقضي بالظاهر، وأن أمر السرائر إلى اللَّه، والظاهر كما قال شيخنا رحمه اللَّه، أن بعض من لا يميز ظن هذا حديثا آخر منفصلا عن حديث أم سلمة فنقله كذلك، ثم قلده من بعده، ولأجل هذا يوجد في كتب كثير من أصحاب الشافعي دون غيرهم، حتى أورده الرافعي في القضاء، ثم رأيت في الأم بعد ذلك، قال الشافعي: روي أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: تولى اللَّه منكم السرائر. ودرأ عنكم بالبينات، وكذا قال ابن عبد البر في التمهيد: أجمعوا أن أحكام الدنيا على الظاهر، وأن أمر السرائر إلى اللَّه، وأغرب إسماعيل بن علي بن إبراهيم بن أبي القاسم الجنزوي في كتابه إدارة الأحكام، فقال: فيما نقل عنه مغلطاي - مما وقف عليه -: إن هذا الحديث ورد في قصة الكندي والحضرمي اللذين اختصما في الأرض، فقال المقضى عليه: قضيتَ علي والحق لي، فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنما أقضي بالظاهر، واللَّه يتولى السرائر، قال شيخنا: ولم أقف على هذا الكتاب، ولا أدري أساق له إسماعيل المذكور إسنادا أم لا، قلت: وسيأتي في: المسلمون عدول، من قول عمر: إن اللَّه تعالى تولى عنكم السرائر، ودفع عنكم بالبينات.

179 - حَدِيث: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُنْزِلَ النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ، مسلم في مقدمة صحيحه بلا إسناد تعليقا، فقال: ويذكر عن عائشة، قالت: أمرنا، وذكره، ووصله أبو نُعيم في المستخرج وغيره، كأبي داود في سننه، وابن خزيمة في صحيحه، والبزار وأبي يعلى في مسنديهما، والبيهقي في الأدب، والعسكري في الأمثال وغيرهم، كلهم من طريق ميمون ابن أبي شبيب قال: جاء سائل إلى عائشة رضي اللَّه عنها، فأمرت له بكسرة، وجاء رجل ذو هيئة فأقعدته معها، فقيل لها: لم فعلت ذلك؟ قالت: أمرنا، وذكره، ومنهم من اختصر هذا، ولفظ أبي نُعيم في الحلية: أن عائشة كانت في سفرة فأمرت لناس من قريش بغداء، فمر رجل غني ذو هيئة، فقالت: ادعوه، فنزل فأكل ومضى، وجاء سائل فأمرت له بكسرة، فقالت: إن هذا الغني لم يجمل بنا إلا ما صنعناه به، وإن هذا السائل سأل، فأمرت له بما يترضاه، وإن رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وذكره، وقد صحح هذا الحديث الحاكم، وغيره، وتعقب بالانقطاع وبالاختلاف على رواية في رفعه ووقفه كما بسطت ذلك في أول ترجمة شيخنا مع الإلمام بمعناه، وما ورد عن غير عائشة من الصحابة رضي اللَّه عنهم في ذلك كحديث معاذ، وحديثه عند الخرائطي في المكارم مرفوعا، بلفظ: أنزل الناس منازلهم من الخير والشر، وأحسن أدبهم على الأخلاق الصالحة، وجابر وحديثه مرفوع في جزء الغسولي بلفظ: جالسوا الناس على قدر أحسابهم، وخالطوا الناس على قدر أديانهم، وأنزلوا الناس على قدر منازلهم، وداروا الناس بعقولكم، وعلي بن أبي طالب وحديثه موقوف في تذكرة الغافل لأبي النرسي بلفظ: من أنزل الناس منازلهم رفع المؤونة عن نفسه، ومن رفع أخاه فوق قدره اجتر عداوته، وبالجملة فحديث عائشة حسن.

180 - حَدِيث: أُمِرْنَا أَنْ نُكَلِّمَ النَّاسَ عَلَى قَدْرِ عُقُولِهِمْ، الديلمي من طريق أبي عبد الرحمن السلمي، حدثنا محمد بن عبد اللَّه بن قريش حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا إسماعيل بن محمد الطلحي حدثنا عبد اللَّه بن أبي بكر، عن أبي معشر، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعا بهذا، وسنده ضعيف، وقد عزاه شيخنا لمسند الحسن بن سفيان من حديث ابن عباس بلفظ: أمرت أن أخاطب الناس على قدر عقولهم، قال: وسنده ضعيف جدا، ورواه أبو الحسن التميمي من الحنابلة في العقل له بسنده عن ابن عباس أيضا بلفظ: بعثنا معاشر الأنبياء نخاطب الناس على قدر عقولهم، وله شاهد من حديث مالك عن سعيد بن المسيب رفعه مرسلا: إنا معاشر الأنبياء أمرنا وذكره، بل عند البخاري في صحيحه عن علي موقوفا: حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب اللَّه ورسوله، ونحوه ما أخرجه مسلم في مقدمة صحيحه عن ابن مسعود، قال: ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة، وللعقيلي في الضعفاء، وابن السني، وأبي نُعيم في الرياضة، وآخرين عن ابن عباس مرفوعا: ما حدث أحدكم قوما بحديث لا يفهمونه إلا كان فتنة عليهم، وعند أبي نُعيم، ومن طريقه الديلمي من حديث حماد بن خالد عن ابن ثوبان عن عمه عن ابن عباس رفعه: لا تحدثوا أمتي من أحاديثي إلا ما تحتمله عقولهم فيكون فتنة عليهم، فكان ابن عباس يخفي أشياء من حديثه ويفشيها إلى أهل العلم، وللديلمي في مسنده عن ابن عباس، رفعه: يا ابن عباس، لا تحدث قوما حديثا لا تحتمله عقولهم، وللبيهقي في الشعب من حديث عبد الرحمن بن عائذ عن المقدام بن معدي كرب مرفوعا: إذا حدثتم الناس عن ربهم فلا تحدثوهم بما يعزب عنهم، ويشق عليهم، وصح عن أبي هريرة قوله: حفظت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعائين، فأما أحدهما فبثثته، وأما الآخر فلو بثثته لقطع مني هذا البلعوم، وللديلمي في مسنده من حديث ابن عباس مرفوعا: عاقبوا أرقاءكم على قدر عقولهم، وكذا أخرجه الدارقطني في الأفراد من حديث عبيد بن نجيح، عن هشام بن عروة، عن أبيه عن عائشة مرفوعا مثله، وللحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين عن أبي ذر مرفوعا: خالقوا الناس بأخلاقهم، الحديث، ولأبي الشيخ عن ابن مسعود مرفوعا: خالط الناس بما يشتهون، ودينك فلا تكلنه ونحوه عن علي رفعه: خالق الفاجر مخالقة، وخالص المؤمن مخالصة، ودينك لا تسلمه لأحد، وفي حديث أوله: خالطوا الناس على قدر إيمانهم.

181 - حَدِيث: أَمَرَ بِتَصْغِيرِ اللُّقْمَةِ فِي الأَكْلِ ، وَتَدْقِيقِ الْمَضْغِ، قال النووي: لا يصح، قلت: ويرد شقه الثاني رغبة بعض السلف في السويق، وقوله بين شرب السويق ومضغ الفتيت، قراءة خمسين آية، في أشباه لهذا، ويمكن أن يكون موافقا للطب فيما يحتاج إلى المضغ.

182 - حديث: أَمِيرُ النَّحْلِ عَلِيٌّ، لا أصل له، وإن وقع في كلام ابن سيده في المحكم: اليعسوب أمير النحل، ثم كثر حتى سموا كل رئيس يعسوبا، ومنه حديث: علي هذا يعسوب قريش، وكذا في الأمثال للرامهرمزي: علي يعسوب المؤمنين، أي سيدهم، وهو عند الطبراني من حديث أبي ذر وسلمان، وعند الديلمي من حديث الحسن بن علي، قال: وقال ثعلب: اليعسوب الذكر من النحل الذي يقدُمها ويحامي عنها، قال: علي أنا يعسوب المؤمنين، رواه الديلمي في مسنده عنه مرفوعا: يا علي إنك لسيد المسلمين ويعسوب المؤمنين، الحديث. 183 - حَدِيث: أَنَا ابْنُ الذَّبِيحَيْنِ، في: ابن الذبيحين.

184 - حَدِيث: أَنَا أَعْرَفُكُمْ باللَّه، وَأَخْوَفُكُمْ مِنْهُ، قال شيخنا: صحيح، يعني فقد ترجم البخاري في صحيحه، قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنا أعلمكم باللَّه، وأورده من حديث عبدة عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت: كان رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أمرهم أمرهم من الأعمال ما يطيقون، قالوا: إنا لسنا كهيئتك يا رسول اللَّه؟ إن اللَّه قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فيغضب حتى يعرف الغضب في وجهه، ثم يقول: إن أتقاكم وأعلمكم باللَّه أنا، ولفظ الترجمة لأبي ذر: أنا أعرفكم، بدل أعلمكم، وكأنه مذكور بالمعنى، حملا على ترادفهما هنا، قال شيخنا: وهو ظاهر هنا، وعليه عمل المصنف، وللبخاري أيضا في باب من لم يواجه الناس بالعتاب من الأدب من حديث مسلم عن مسروق عن عائشة، قالت: صنع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيئا فترخص فيه فتنزه عنه قوم فبلغ ذلك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فخطب فحمد اللَّه، ثم قال: ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه، فواللَّه إني لأعلمهم باللَّه عز وجل وأشدهم له خشية، وللحاكم من حديث عمارة بن أبي حفصة عن عكرمة عن عائشة مرفوعا في حديث: قد علموا أني أتقاهم لله، وأدَّاهم للأمانة.

185 - حَدِيث: أَنَا أَفْصَحُ مَنْ نَطَقَ بِالضَّادِ، معناه صحيح، ولكن لا أصل له كما قاله ابن كثير.

186 - حَدِيث: أَنَا جَلِيسُ مَنْ ذَكَرَنِي، الدَّيْلَمِيُّ بِلا سَنَدٍ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا بِهَذَا، وعند البيهقي في الذكر من شعب الإيمان من جهة الحسين بن حفص عن سفيان عن عطاء بن أبي مروان حدثني أُبيَّ بن كعب قال: قال موسى عليه السلام: يا رب أقريب أنت فأناجيك، أو بعيد فأناديك، فقال له: يا موسى؟ أنا جليس من ذكرني، ونحوه عند أبي الشيخ في الثواب من جهة عبد اللَّه بن عمير عن كعب، وهو في سابع عشر المجالسة من حديث ثور بن يزيد عن عبيدة قال: لما كلم اللَّه عز وجل موسى عليه الصلاة والسلام يوم الطور كان على موسى جبة من صوف، مخلل بالعيدان، محزوم وسطه بشريط ليف، وهو قائم على جبل، وقد أسند ظهره إلى صخرة من الجبل، فقال اللَّه: يا موسى إني قد أقمتك مقاما لم يقم أحد قبلك، ولا يقومه أحد بعدك، وقربتك نجيا، قال موسى: إلهي ولم أقمتني هذا المقام؟ قال: لتواضعك يا موسى، قال: فلما سمع لذاذة الكلام من ربه نادى موسى: إلهي أقريب فأناجيك أم بعيد فأناديك، قال: يا موسى، أنا جليس من ذكرني، وللبيهقي في موضع آخر عن شعبة من جهة أبي أسامة، قال: قلت لمحمد بن النضر: أما تستوحش من طول الجلوس في البيت، فقال: ما لي أستوحش وهو يقول: أنا جليس من ذكرني، وكذا أخرجه أبو الشيخ من جهة حسين الجعفي قال: قال محمد بن النضر الحارثي لأبي الأحوص: أليس تروي أنه قال: أنا جليس من ذكرني؟ فما أرجو بمجالسة الناس، وعند البيهقي معناه في المرفوع من حديث إسماعيل بن عبد اللَّه عن كريمة ابنة الحسحاس المزنية عن أبي هريرة: سمعت أبا القاسم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: إن اللَّه عز وجل قال: أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه، قال: ورواه الأوزاعي عن أبي هريرة موقوفا ومرفوعا ورواية كريمة أصح . 187 - حَدِيث: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي، متفق عليه من حديث الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا عن اللَّه عز وجل في حديث، وللبيهقي من حديث سالم بن عامر عن أبي هريرة مرفوعا: "يا أيها الناس أحسنوا الظن برب العالمين، فإن الرب عند ظن عبده"، ومن حديث رجل من ولد عبادة بن الصامت عن أبي هريرة رفعه: أمر اللَّه عز وجل بعبدين إلى النار، فلما وقف أحدهما على شفتها التفت، فقال: أما واللَّه إن كان ظني بك لحسنا؟ فقال اللَّه عز وجل: ردوه فأنا عند ظنك بي فغفر له، وفي لفظ: ردوه أنا عند حسن ظن عبدي بي، ولأبي الشيخ عن أبي هريرة أيضا مرفوعا: العبد عند ظنه باللَّه، ولابن أبي الدنيا "حسن الظن باللَّه" في تأليف.

188 - حَدِيث: أَنَا عِنْدَ الْمُنْكَسِرَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ أَجْلِي، جرى ذكره في البداية للغزالي.

189 - حَدِيث: أَنَا مَدِينَةُ الْعِلْمِ، وَعَلِيٌّ بَابُهَا، الحاكم في المناقب من مستدركه، والطبراني في معجمه الكبير، وأبو الشيخ ابن حيان في السنة له، وغيرهم، كلهم من حديث أبي معاوية الضرير عن الأعمش، عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعا به بزيادة: فمن أتى العلم فليأت الباب، ورواه الترمذي في المناقب من جامعه، وأبو نُعيم في الحلية، وغيرهما من حديث علي أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: أنا دار الحكمة، وعلي بابها، قال الدارقطني في العلل عقب ثانيهما: إنه حديث مضطرب غير ثابت، وقال الترمذي: إنه منكر، وكذا قال شيخه البخلري، وقال: إنه ليس له وجه صحيح، وقال ابن معين فيما حكاه الخطيب في تاريخ بغداد: إنه كذب لا أصل له، وقال الحاكم عقب أولهما: إنه صحيح الإسناد، وأورده ابن الجوزي من هذين الوجهين في الموضوعات، ووافقه الذهبي وغيره على ذلك، وأشار إلى هذا ابن دقيق العيد، بقوله: هذا الحديث لم يثبتوه، وقيل: إنه باطل، وهو مشعر بتوقفه فيما ذهبوا إليه من الحكم بكذبه، بل صرح العلائي بالتوقف في الحكم عليه بذلك، فقال: وعندي فيه نظر، ثم بين ما يشهد لكون أبي معاوية راوي حديث ابن عباس حدث به، فزال المحذور ممن هو دونه، قال: وأبو معاوية ثقة حافظ محتج بأفراده كابن عيينة وغيره، فمن حكم على الحديث مع ذلك بالكذب، فقد أخطأ، قال: وليس هو من الألفاظ المنكرة التي تأباها العقول، بل هو كحديث: أرحم أمتي بأمتي، يعني الماضي، وهو صنيع معتمد، فليس هذا الحديث بكذب، خصوصا وقد أخرج الديلمي في مسنده بسند ضعيف جدا، عن ابن عمر مرفوعا: علي بن أبي طالب باب حطةٍ فمن دخل فيه كان مؤمنا، ومن خرج منه كان كافرا، ومن حديث أبي ذر رفعه: علي باب علمي ومبين لأمتي ما أرسلت به من بعدي، حبه إيمان، وبغضه نفاق، والنظر إليه رأفة، ومن حديث ابن عباس رفعه: أنا ميزان العلم، وعلي كفتاه، والحسن والحسين خيوطه، الحديث، وأورد صاحب الفردوس وتبعه ابنه المذكور بلا إسناد عن ابن مسعود رفعه: أنا مدينة العلم، وأبو بكر أساسها، وعمر حيطانها، وعثمان سقفها، وعلي بابها، وعن أنس مرفوعا: أنا مدينة العلم، وعلي بابها، ومعاوية حلقتها، وبالجملة فكلها ضعيفة، وألفاظ أكثرها ركيكة، وأحسنها حديث ابن عباس، بل هو حسن، وقد روى الترمذي أيضا والنسائي، وابن ماجه، وغيرهم من حديث حبشي بن جنادة مرفوعا: علي مني، وأنا من علي، لا يؤدي عني إلا أنا أو علي، وليس في هذا كله ما يقدح في إجماع أهل السنة، من الصحابة والتابعين، فمن بعدهم على أن أفضل الصحابة بعد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الإطلاق، أبو بكر، ثم عمر رضي اللَّه عنهما، وقد قال ابن عمر رضي اللَّه عنهما: كنا نقول ورسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حي: أفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر، وعمر، وعثمان، فيسمع ذلك رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلا ينكره، بل ثبت عن علي نفسه أنه قال: خير الناس بعد رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبو بكر، ثم عمر، ثم رجل آخر، فقال له ابنه محمد بن الحنفية: ثم أنت يا أبت. فكان يقول: ما أبوك إلا رجل من المسلمين. رضي اللَّه عنهم، وعن سائر الصحابة أجمعين.

190 - حَدِيث: أَنَا مِنَ اللَّه، وَالْمُؤْمِنُونَ مِنِّي، قال شيخنا: إنه كذب مختلق، وقال بعض الحفاظ: لا يعرف هذا اللفظ مرفوعا، لكن ثبت في الكتاب والسنة أن المؤمنين بعضهم من بعض، وفي السنة قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحي الأشعريين: هم مني، وأنا منهم. وقوله لعلي: أنت مني، وأنا منك. وللحسين: هذا مني، وأنا منه. وكله صحيح. بل عند الديلمي بلا إسناد عن عبد اللَّه بن جراد مرفوعا: أنا من اللَّه عز وجل، والمؤمنون مني، فمن آذى مؤمنا فقد آذاني، الحديث.

191 - حَدِيث: أَنَا وَالأَتْقِيَاءُ مِنْ أُمَّتِي بَرِيئُونَ مِنَ التَّكَلُّفِ، قال النووي: ليس بثابت انتهى. وقد أخرجه الدارقطني في الأفراد من حديث الزبير بن العوام مرفوعا: ألا إني بريء من التكلف وصالحو أمتي، وسنده ضعيف، وأورده الغزالي في الإحياء، بلفظ: أنا وأتقياء أمتي برآء من التكليف، وقال سلمان كما عند أحمد والطبراني في معجمه الكبير والأوسط، وأبو نُعيم في الحلية وغيرها لمن استضافه: لولا أنا نهينا عن التكلف لتكلفت لكم. وإلى هذا أشار شيخنا بقوله. روي مرفوعا من حديث سلمان، والصحيح عنه من قوله، وقال عمر رضي اللَّه عنه كما أخرجه البخاري عن أنس عنه: نهينا عن التكلف.

192 - حَدِيث: أَنَا يَعْسُوبُ الْمُؤْمِنِينَ، في: أمير النحل.

193 - حَدِيث: إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ، لا نَكْتُبُ وَلا نَحْسِبُ، متفق عليه من حديث سعيد بن عمرو القرشي عن ابن عمر مرفوعا به.

194 - حديث: إنا لنكشر فِي وُجُوهِ أَقْوَامٍ، وَإِنَّ قُلُوبَنَا لَتَلْعَنُهُمْ، وهو في أبي الدرداء من الحلية .

195 - حَدِيث: انْتِظَارُ الْفَرَجِ عِبَادَةٌ، الترمذي في الدعوات من جامعه، وابن أبي الدنيا في الفرج، والبيهقي في الشعب، والعسكري في الأمثال، والديلمي في مسنده، كلهم من حديث حماد بن واقد سمعت إسرائيل بن يونس عن أبي إسحاق الهمداني عن أبي الأحوص عن ابن مسعود مرفوعا: سلوا اللَّه من فضله، فإن اللَّه يحب أن يسأل من فضله، وأفضل العبادة انتظار الفرج، وقال البيهقي عقبه: تفرد به حماد، وليس بالقوي، وحسن شيخنا إسناده، لكن قال الترمذي عقبه: هكذا روى حماد بن واقد وليس بالحافظ، ورواه أبو نُعيم عن إسرائيل عن حكيم بن جبير عن رجل عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: وحديث أبي نُعيم أشبه أن يكون أصح، وله طرق منها: ما رواه ابن أبي الدنيا، والبيهقي من طريقه، والديلمي من حديث علي بن الحسين عن أبيه عن جده علي بن أبي طالب رفعه: انتظار الفرج من اللَّه عبادة، ومن رضي بالقليل من الرزق رضي اللَّه منه بالقليل من العمل، ومنها ما رواه العسكري في الأمثال، والقضاعي، من حديث عمرو بن حميد حدثنا الليث عن نافع عن ابن عمر رفعه: انتظار الفرج بالصبر عبادة، ومنها ما أشار إليه الخليلي في الإرشاد بقوله: تفرد به بقية عن مالك، عن الزهري، عن أنس، قال: ورواه بعضهم عن بقية مرسلا، وهو أشبه، وكذا أخرجه البيهقي من حديث نُعيم بن حماد عن بقية عن مالك عن الزهري، رفعه: العبادة انتظار الفرج من اللَّه عز وجل، وقال: إنه مرسل، ثم ساق من جهة سليمان بن سلمة الخبائري عن بقية متصلا بلفظ: انتظار الفرج عبادة، وقال: إن الأول أولى، ومنها ما أورده البيهقي من حديث قيس بن الربيع عن حكيم بن جبير، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رفعه: أفضل العبادة توقع الفرج، وأخرجه القضاعي من حديث حنظلة المكي، عن مجاهد عن ابن عباس رفعه: انتظار الفرج بالصبر عبادة، ومنها ما أورده الحكيم الترمذي في الأصل الثامن والخمسين (*) بلفظ: الحياء زينة، والتقى كرم، وخير الركب الصبر، وانتظار الفرج من اللَّه عبادة.

196 - حَدِيث: أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيكَ، ابن ماجه من حديث يوسف بن إسحاق عن محمد بن المنكدر، عن جابر، أن رجلا قال: يا رسول اللَّه، إن لي مالا وولدا، وإن أبي يريد أن يجتاح مالي، فقال: وذكره، وكذا أخرجه من هذا الوجه الطحاوي، وبقي بن مخلد، والطبراني في الأوسط، ورواه البزار من حديث هشام بن عروة عن محمد بن المنكدر، وقال: إنه إنما روي عن هشام مرسلا، يعني بدون جابر، وصححه ابن القطان من هذا الوجه، وله طريق أخرى عند البيهقي في الدلائل، والطبراني في الأوسط والصغير، فيها ذكر سبب هذا الحديث، روياه من طريق المنكدر بن محمد بن المنكدر عن أبيه، عن جابر، قال: جاء رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: يا رسول اللَّه، إن أبي أخذ مالي، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اذهب فأتني بأبيك، فنزل جبريل على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: إن اللَّه عز وجل يقرئك السلام ويقول لك: إذا جاءك الشيخ فسله عن شيء قاله في نفسه ما سمعته أذناه، فلما جاء الشيخ قال له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما بال ابنك يشكوك؟ تريد أن تأخذ ماله! قال: سله يا رسول اللَّه؟ هل أنفقته إلا على إحدى عماته، أو خالاته، أو على نفسي؟ فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إيه دعنا من هذا، أخبرني عن شيء قلته في نفسك ما سمعته أذناك، فقال الشيخ: واللَّه يا رسول اللَّه ما يزال اللَّه يزيدنا بك يقينا، لقد قلت في نفسي شيئا ما سمعته أذناي، فقال: قل وأنا أسمع، فقال: قلت:
غذوتك مولودا ومنتك يافعا ... تعل بما أجني عليك وتنهل
إذا ليلة ضافتك بالسقم لم أبت ... لسقمك إلا ساهرا أتململ
كأني أنا المطروق دونك بالذي ... طرقت به دوني فعينيَّ تهمل
تخاف الردى نفسي عليك وإنها ... لتعلم أن الموت وقت مؤجل
فلما بلغت السن والغاية التي ... إليها مدى ما كنت فيك أؤمل
جعلت جزائي غلظة وفظاظة ... كأنك أنت المنعم المتفضل
فليتك إذ لم ترع حق أبوتي ... فعلت كما الجار المجاور يفعل
تراه معدا للخلاف كأنه ... برد على أهل الصواب موكل قال: فحينئذ أخذ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بتلابيب ابنه وقال: أنت ومالك لأبيك، والمنكدر ضعفوه من قبل حفظه، وهو في الأصل صدوق، لكن في السند إليه من لا يعرف، وهو عند الزمخشري في الإسراء من كشافه بلفظ: شكا رجل إلى رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أباه، وأنه يأخذ ماله، فدعا به، فإذا شيخ يتوكأ على عصى، فسأله فقال: إنه كان ضعيفا وأنا قوي، فقيرا وأنا غني، فكنت لا أمنعه شيئا من مالي، واليوم أنا ضعيف، وهو قوي، وأنا فقير، وهو غني، وهو يبخل علي بمالي، فبكى عليه الصلاة والسلام وقال: ما من حجر ولا مدر يسمع هذا إلا بكى، ثم قال للولد: أنت ومالك لأبيك، وقال مخرجه لم أجده، فقال شيخنا أخرجه، وبيض، في معجم الصحابة من طريق، وبيض قلت: وكأنه رام ذكر الذي قبله، والحديث عند البزار في مسنده من حديث سعيد بن المسيب عن عمر أن رجلا أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: إن أبي يريد أن يأخذ مالي؟ قال: وذكره وهو منقطع، وللطبراني في الكبير والأوسط، وكذا من حديث الحسن البصري عن سمرة رفعه: قال لرجل وذكره، وكذا أخرجه الطبراني في الثلاثة من حديث إبراهيم بن يزيد النخعي عن علقمة بن قيس عن ابن مسعود، وهو وأبو يعلى عن ابن عمر قال: جاء رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستعدي على والده، قال: أنه أخذ مني مالي، فقال له رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أما علمت أنك ومالك من كسب أبيك. وابن ماجه من طريق حجاج بن أرطأة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال: جاء رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: إن أبي اجتاج مالي، قال: أنت ومالك لأبيك، إن أولادكم من أطيب كسبكم فكلوا من أموالكم، وكذا أخرجه أحمد من حديث حجاج، بل أخرجه هو وابن الجارود في المنتقى من حديث عبيد اللَّه بن الأخنس، وهو والطحاوي من حديث حسين المعلم، كلاهما عن عمرو بن شعيب به، في طرق سواها. منها لابن حبان في صحيحه من حديث عبد اللَّه بن كيسان عن عطاء عن عائشة، والحديث قوي.

197 - حَدِيث: انْصُرْ أَخَاكَ ظالماً أو مطلوماً، البخاري من جهة معتمر بن سليمان، عن حميد عن أنس مرفوعا، وبقيته: قال: يا رسول اللَّه، هذا ينصره مظلوما، فكيف ينصره ظالما؟ قال: يأخذ فوق يديه، وفي لفظ لغيره: يمنعه من الظلم فذاك نصرك إياه، ولفظ الترجمة عند البخاري أيضا من حديث هشيم عن حميد الطويل، وعبيد اللَّه بن أبي بكر بن أنس سمعا أنسا به، بل أخرجه في الإكراه من حديث عبيد اللَّه فزاد: فقال رجل: يا رسول اللَّه، أنصره إذا كان مظلوما أفرأيت إذا كان ظالما كيف أنصره؟ قال: تحجزه أو تمنعه من الظلم فإن ذلك نصره، والحديث عند مسلم من وجه آخر، وفيه بيان سببه فرواه في الأدب من حديث زهير عن أبي الزبير عن جابر، قال: اقتتل غلامان، غلام من المهاجرين، وغلام من الأنصار، فنادى المهاجري يال المهاجرين، ونادى الأنصاري يال الأنصار، فخرج رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: ما هذا دعوى أهل الجاهلية، قالوا: يا رسول اللَّه ألا إن غلامين اقتتلا فكسع أحدهما الآخر، فقال: لا بأس ولينصر الرجل أخاه، ظالما أو مظلوما، إن كان ظالما فلينهه، فإنه له نصر، وإن كان مظلوما، فلينصره.

198 - حَدِيث: أَنْصِفْ مَنْ بِالْحَقِّ اعْتَرَفَ، لم أعرفه هكذا، ولكن روى أحمد والحاكم في مستدركه من حديث الأسود بن سريع رضي اللَّه عنه، قال: أُتي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأعرابي أسير، قال: أتوب إلى اللَّه، ولا أتوب إلى محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عرف الحق لأهله.

199 - حَدِيث: انْظُرُوا إِلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وَلا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ فَوْقَكُمْ، فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ لا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّه عَلَيْكُمْ، متفق عليه من حديث الأعرج، ومسلم من حديث همام وأبي صالح، ثلاثتهم عن أبي هريرة به مرفوعا، وفي لفظ لمسلم: إذا نظر أحدكم إلى من فضله اللَّه عليه في المال والخلق، فلينظر إلى من هو أسفل منه ممن فضل عليه، ولأحمد وابن حبان في أثناء حديث عن أبي ذر: أوصاني خليلي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن أنظر إلى من هو دوني، ولا أنظر إلى من فوقي.

200 - حَدِيث: أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا، قَالَ: قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ، وَقَالَ: يَدُ اللَّه مَلآى لا تَغِيضُهَا نَفَقَةٌ. الحديث، فالبخاري من حديث شعيب، ومسلم من حديث ابن عيينة، كلاهما عن أبي الزناد، وهو عند مسلم من حديث معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة مرفوعا: إن اللَّه تعالى قال لي أنفق أنفق عليك. 201 - حَدِيث: أَنْفِقْ بِلالُ وَلا تَخْشَ مِنْ ذِي الْعَرْشِ إِقْلالا، الطبراني في الكبير، والبزار في مسنده، من حديث عاصم بن علي، والطبراني فقط، وكذا القضاعي في مسنده، من حديث مالك بن إسماعيل، كلاهما عن قيس بن الربيع عن أبي حصين عن يحيى بن وئاب عن مسروق عن ابن مسعود، قال: دخل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على بلال، وعنده صبر من تمر، فقال: ما هذا يا بلال؟ قال: يا رسول اللَّه ذخرته لك، ولضيفانك، قال: أما تخشى أن يفور لها بخار من جهنم، أنفق يا بلال، وذكره، قال البزار: هكذا رواه جماعة عن قيس، وخالفهم يحيى بن كثير عنه، فقال: عن عائشة بدل ابن مسعود انتهى، وتابعه طلحة بن مصرف عن مسروق عن عائشة، أخرجه العسكري في الأمثال، من طريق مفضل بن صالح عن الأعمش عن طلحة به، ولفظها: قالت: قال رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أطعمنا يا بلال، فقال: يا رسول اللَّه ما عندي إلا صبر من تمر خبأته لك، فقال: أما تخشى أن يقذف به في نار جهنم، أنفق يا بلال؟ ولا تخش من ذي العرش إقلالا، وقيل عن مسروق عن بلال، أخرجه البزار من طريق محمد بن الحسن الأسدي، عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن مسروق عن بلال، ولفظه: دخل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعنده صبر من المال، فقال: أنفق بلال ولا تخش من ذي العرش إقلالا، ومن هذا الوجه أخرجه الطبراني، بلفظ: أنفق يا بلال، وقال البزار: لم يقل عن بلال إلا محمد بن الحسن، وقيل عن مسروق مرسلا بدون صحابي، وفي الباب عن أبي هريرة، أخرجه البزار من حديث موسى بن داود عن مبارك بن فضالة عن يونس بن عبيد عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة أن رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل على بلال، وعنده صبر من تمر، فقال: ما هذا؟ قال: أدخره، فقال: أما تخشى أن يرى له بخار في نار جهنم، أنفق بلال، ولا تخش من ذي العرش إقلالا، وقال: تفرد به مبارك، وكذا أخرجه الطبراني في الكبير من حديث موسى بن داود، وإسناده حسن، لكن خولف مبارك فرواه بشر بن الفضل، ويزيد بن زريع، كلاهما عن يونس مرسلا بدون أبي هريرة، وكذلك اختلف على عوف ابن أبي جميلة في وصله وإرساله، فأخرجه البيهقي في الشعب من حديث عثمان بن الهيثم حدثنا عوف عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة أن رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل على بلال، وعنده صبرة من تمر، فقال: ما هذا يا بلال؟ قال: تمر ذخرته، فقال: أما تخشى يا بلال أن يكون له بخار في نار جهنم، أنفق بلال، ولا تخش من ذي العرش إقلالا، قال: وخالفه روح بن عبادة، فرواه عن عوف، عن ابن سيرين، قال: دخل رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على بلال، فوجد عنده تمرا ادخره، فذكره مرسلا، ثم ساقه كذلك، وكذا اختلف فيه علي بن عون، فقال: معاذ بن معاذ، ومحمد بن أبي عدي عنه عن ابن سيرين مرسلا، وأخرجه الطبراني والبيهقي في الدلائل من حديث بكار بن محمد السيريني حدثنا ابن عون به متصلا، فلفظ البيهقي: أنفق بلال، ولفظ الآخر: أنفق يا بلال، ولم يختلف على هشام بن حسان في وصله، فأخرجه أبو يعلى، والطبراني، من حديث حرب بن ميمون حدثنا هشام، فلفظ أبي يعلى: أنفق يا بلال، ولا تخافن من ذي العرش إقلالا، ولفظ الطبراني: ولا تخش، وما يحكى على لسان كثيرين في لفظ هذا الحديث، وإنه بلال. ويتكلفون في توجيهه لكونه نهيا عن المنع وبغير ذلك، فشيء لم أقف له على أصل.

202 - حَدِيث: إِنَّما الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، فِي: الأَعْمَالِ.

203 - حَدِيث: أَنْفِقْ مَا فِي الْجَيْبِ يَأْتِيكَ مَا فِي الْغَيْبِ، هو معنى: أنفق أنفق عليك، وقوله تعالى {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} .

204 - حَدِيث: إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلاقِ، أورده مالك في الموطأ بلاغا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال ابن عبد البر: هو متصل من وجوه صحاح عن أبي هريرة وغيره مرفوعا، منها ما أخرجه أحمد في مسنده، والخرائطي في أول المكارم، من حديث محمد بن عجلان، عن القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعا، بلفظ: صالح الأخلاق، ورجاله رجال الصحيح، والطبراني في الأوسط، بسند فيه عمر بن إبراهيم القرشي، وهو ضعيف عن جابر مرفوعا: إن اللَّه بعثني بتمام مكارم الأخلاق، وكمال محاسن الأفعال، ومعناه صحيح، وقد عزاه الديلمي لأحمد عن معاذ، وما رأيته فيه، والذي رأيته فيه عن أبي هريرة.

205 - حَدِيث: إِنَّمَا بَقِيَ مِنَ الدُّنْيَا بَلاءٌ وَفِتْنَةٌ، أحمد، والرامهرمزي في الأمثال، واللفظ لهما، وابن ماجه بلفظ: لم يبق، كلاهما من طريق أبي عبد رب الدمشقي الزاهد عن معاوية رفعه بهذا، وصححه ابن حبان.

206 - حَدِيث: إِنَّمَا حَرُّ جَهَنَّمَ عَلَى أُمَّتِي كَحَرِّ الْحِمَامِ، الطبراني في الأوسط، من حديث شعيب بن طلحة بن عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، حدثني أبي عن أبيه، عن جده عن أبيه، عن أبي بكر الصديق، رفعه بهذا، ورجاله موثوقون، إلا أنه نقل عن الدارقطني في شعيب أنه متروك، والأكثر على قبوله، قال فيه أبو حاتم: لا بأس به، ووثقه ابن حبان، ولم أر هذه الترجمة في الوشي المعلم، ولا في تلخيصه، وفي الأفراد للدارقطني من حديث محمد بن عبد اللَّه الحنفي، عن عبدان عن خارجة عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس رفعه: إن حظ أمتي من النار طول بلائها تحت التراب، وبيض له الديلمي في مسنده.

207 - حَدِيث: إِنَّمَا السُّلْطَانُ ظِلُّ اللَّه وَرُمْحُهُ فِي الأَرْضِ، أبو الشيخ، والبيهقي، والديلمي، وعباس الترقفي وآخرون عن أنس مرفوعا: إذا مررت ببلدة ليس فيها سلطان فلا تدخلها، إنما السلطان، وذكره، لفظ الآخرين، وفي لفظ للديلمي وأبي نُعيم وغيرهما من جهة قتادة عن أنس مرفوعا: السلطان ظل اللَّه ورمحه في الأرض، فمن نصحه ودعا له فقد اهتدى، ومن دعا عليه ولم ينصحه ضل، وهما ضعيفان، لكن في الباب عن أبي بكر، وعمر، وابن عمر، وأبي بكرة، وأبي هريرة، وغيرهم، كما بينتها واضحة في جزء "رفع الشكوك في مفاخر الملوك".

208 - حَدِيث: إِنَّمَا شِفَاءُ الْعَيِّ السُّؤَالُ، ابن ماجه من حديث عبد الحميد بن حبيب ابن أبي العشرين، حدثنا الأوزاعي عن عطاء ابن أبي رباح، سمعت ابن عباس يخبر أن رجلا أصابه جرح في رأسه على عهد رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم أصابه احتلام، فأمر بالاغتسال فاغتسل فكن فمات، فبلغ ذلك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: قتلوه، قتلهم اللَّه، أولم يكن شفاء العي السؤال، قال عطاء: وبلغنا أن رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: لو غسل جسده وترك رأسه، حيث أصابه الجرح به، هكذا رواه بدون واسطة بين الأوزاعي وعطاء، وحكى ابن أبي حاتم عن أبيه وأبي زرعة في رواية ابن أبي العشرين هذا، إثبات إسماعيل بن مسلم بينهما، وكذا أثبت الواسطة لكن مع إبهامها محمد بن شعيب، أخبرني الأوزاعي أنه بلغه عن عطاء به، أخرجه أبو داود، ولفظه: أصاب رجلا جرح في عهد رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم احتلم فأمر بالاغتسال فاغتسل فمات، فبلغ ذلك رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: قتلوه قتلهم اللَّه، ألم يكن شفاء العي السؤال، وهكذا رواه أحمد والدارمي في مسنديهما، عن أبي المغيرة، والدارقطني من حديثه، وكذا هو والحاكم في مستدركه، من حديث الوليد بن يزيد والدارقطني فقط من حديث يحيى بن عبد اللَّه، ثلاثتهم عن الأوزاعي، وللدارقطني أيضا من طريق عبد الرزاق عن رجل عن عطاء، وتابعهم على الواسطة إسماعيل بن سماعة، ورواه بدونها الحاكم، والدارقطني أيضا من طريق هقل بن زياد عن الأوزاعي قال: قال عطاء، والدارقطني فقط من حديث أيوب بن سويد عن الأوزاعي، والحاكم فقط من حديث بشر بن بكر حدثني الأوزاعي حدثنا عطاء به، وقال الحاكم: قد أقام بشر إسناده، وهو ثقة مأمون، قلت: وإقامته له من جهة تصريحه بالتحديث بحيث ثبت اتصاله بلا واسطة، ثم إن الأوزاعي لم ينفرد به، فقد رواه ابن الجارود في المنتقى، والحاكم أيضا في صحيحه، وابن خزيمة، وعنه ابن حبان في صحيحهما، من جهة الوليد بن عبيد اللَّه، ابن أبي رباح عن عمه عطاء، ولكن الوليد ضعفه الدارقطني، ولم يخرج له في الكتب الستة مع إيراد الضياء في المختارة لحديثه هذا، بل وفي الباب عن جابر وعلي .

209 - حَدِيث: إِنَّمَا الطَّلاقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ، ابن ماجه من حديث ابن لهيعة عن موسى بن أيوب الغافقي عن عكرمة عن ابن عباس قال: أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجل فقال: يا رسول اللَّه سيدي زوجني أمته، وهو يريد أن يفرق بيني وبينها، قال: فصعد رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المنبر، فقال: يا أيها الناس ما بال أحدكم يزوج عبده أمته، ثم يريد أن يفرق بينهما، إنما، وذكره، وهو عند الدارقطني من طريق ابن لهيعة بدون ذكر ابن عباس، ولكن قد أخرجه بإثباته من حديث بقية، حدثنا أبو الحجاج المهدي عن موسى ولفظهما: إنما يملك الطلاق من أخذ بالساق.

210 - حَدِيث: إِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ، الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ، وَأَبُو نُعيم فِي الْحِلْيَةِ، وَالْعَسْكَرِيُّ، كُلُّهُمْ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ الْهَمْدَانِيِّ، حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ رَجَاءِ بْنِ حيْوة عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَفَعَهُ: إِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ، وَالْحِلْمُ بِالتَّحَلُّمِ، وَمَنْ يَتَحَرَّ الْخَيْرَ يُعْطَهُ، وَمَنْ يَتَوَقَّ الشَّرَّ يُوقَهْ، لَمْ يَسْكُنِ الدَّرَجَاتِ الْعُلَى وَلا أَقُولُ لَكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ مَنِ اسْتَقْسَمَ أَوْ تَطَيَّرَ طَيْرًا يَرُدُّهُ مِنَ السَّفَرِ، وابن الحسن كذاب، ولكن قد رواه البيهقي في المدخل من جهة هلال بن العلاء عن أبيه عن عبيد اللَّه بن عمرو عن عبد الملك بن عمير به موقوفا على أبي الدرداء، وفي الباب عن أنس رفعه مثله، أخرجه العسكري من حديث محمد بن الصلت، حدثنا عثمان البزي عن قتادة عنه مرفوعا به، وعن معاوية مرفوعا: يا أيها الناس إنما العلم بالتعلم، والفقه بالتفقه، ومن يرد اللَّه به خيرا يفقهه في الدين، وإنما يخشى اللَّه من عباده العلماء، أخرجه الطبراني في الكبير، وابن أبي عاصم في العلم له، كلاهما من حديث عتبة بن أبي حكيم عمن حدثه عن معاوية بهذا، وجزم البخاري بتعليقه فقال: وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من يرد اللَّه به خيرا يفقهه في الدين، وقال: إنما العلم بالتعلم، مع أن في إسناده من لم يسم، لمجيئه من طريق أخرى، وعن شداد بن أوس أن رجلا قال: يا رسول اللَّه، ماذا يزيد في العلم؟ قال: التعلم، أخرجه أبو نُعيم في الحلية من حديث طويل، وفي سنده عمر بن صبح، وهو كذاب، وعن ابن مسعود أنه كان يقول: فعليكم بهذا القرآن فإنه مأدبة اللَّه، فمن استطاع منكم أن يأخذ من مأدبة اللَّه فليفعل، فإنما العلم بالتعلم، أخرجه البزار موقوفا في حديث طويل، ورجاله موثوقون، وعند البيهقي في المدخل من طريق علي بن الأقمر، والعسكري من حديث أبي الزعراء، كلاهما عن أبي الأحوص عنه قال: إن الرجل لا يولد عالما، وإنما العلم بالتعلم، وللعسكري فقط من حديث حماد عن حميد الطويل، قال: كان الحسن يقول: إذا لم تكن حليما فتحلم، وإذا لم تكن عالما فتعلم، فقلما تشبه رجل بقوم إلا كان منهم، ومن حديث زافر عن عمرو بن عامر البجلي، قال: قال الحسن: هو واللَّه أحسن منك رداءا، وإن كان رداؤك حبرة، رجل رداه اللَّه الحلم، فإن لم يكن حلم لا أبالك فتحلم، فإنه من تشبه بقوم لحق بهم.

211 - حَدِيث: إِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّه مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ، متفق عليه عن أسامة بن زيد مرفوعا، وقد جمعت في هذا المعنى جزءا.

212 - حَدِيث: إِنَّمَا يَعْرِفُ الْفَضْلَ لأَهْلِ الْفَضْلِ ذُو الْفَضْلِ، العسكري في الأمثال، والخلعي في تاسع فوائده، واللفظ لأولهما، من طريق محمد بن زكريا الغلابي حدثنا العباس بن بكار حدثنا عبد اللَّه بن المثنى عن عمه ثمامة عن أنس قال: بينما النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المسجد إذ أقبل علي فسلم، ثم وقف ينظر موضعا يجلس فيه، فنظر النبي في وجوه أصحابه أيهم يوسع له، وكان أبو بكر رضي اللَّه عنه عن يمينه فتزحزح له عن مجلسه، وقال: ههنا يا أبا الحسن، فجلس بين النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبين أبي بكر، فعرف السرور في وجه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال: يا أبا بكر، إنما يعرف، وذكره، وهو عند الديلمي في مسنده من جهة حسين بن الفضل حدثنا مأمون بن سعيد بن يوسف حدثنا سليمان عن سليم عن أبي سعيد رفعه: يا أبا بكر إنما يعرف الفضل لذوي الفضل أهل الفضل، وفي ترجمة العباس من تاريخ دمشق من حديث عائشة، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان جالسا مع أصحابه، وبجنبه أبو بكر وعمر، فأقبل العباس فأوسع له أبو بكر، فجلس بين النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبين أبي بكر، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وذكره وهما ضعيفان، ومعناه صحيح، ولا يخدش في إجماع المسلمين على تقديم أبي بكر وفضله على سائر الصحابة رضي اللَّه عنهم أجمعين.

213 - حَدِيث: إِنَّمَا الْيَمِينُ حِنْثٌ أَوْ نَدَمٌ، في: الحلف.

214 - حَدِيث: إِنِّي بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ، الديلمي من حديث عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن عائشة في حديث الحبشة ولعبهم ونظر عائشة إليهم، قالت: فقال رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لتعلم يهود أن في ديننا فسحة وإني بعثت. وذكره، وهكذا هو عند أحمد في مسنده من حديث ابن أبي الزناد عن أبيه قال: قال لي عروة: أن عائشة قالت: قال رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يومئذ - تعني يوم الحبشة لتعلم وذكره - بلفظ: إني أرسلت، وسنده حسن، وفي الباب عن أُبيَّ بن كعب، وأسعد بن عبد اللَّه الخزاعي ، وجابر، وابن عمر، وأبي أمامة، وأبي هريرة، وغيرهم، وترجم البخاري في صحيحه، أحب الدين إلى اللَّه الحنيفية السمحة، وساق في الأدب المفرد من طريق داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس: قيل لرسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أي الأديان أحب إلى اللَّه؟ قال: الحنيفية السمحة، وله طرق.

215 - حَدِيث: إِنَّ أَبْخَلَ النَّاسِ مَنْ بَخِلَ بِالسَّلامِ، أبو يعلى، وعنه ابن حبان في صحيحه، والإسماعيلي، ومن طريقه البيهقي في الشعب، من رواية إسماعيل بن زكريا عن عاصم الأحول عن أبي عثمان النهدي عن أبي هريرة موقوفا: إن أبخل التاس من بخل بالسلام، وأعجز الناس من عجز عن الدعاء، ورواه الطبراني في الأوسط والدعاء، والبيهقي في الشعب، من حديث حفص بن غياث عن عاصم به مرفوعا، بلفظ: أعجز الناس من عجز عن الدعاء، وأبخل الناس من بخل بالسلام، وقال: لا يروى عن النبي إلا بهذا الإسناد، ورجاله رجال الصحيح، وفي لفظ عن أبي هريرة: البخيل كل البخيل، وله عن أبي هريرة طريق آخر، رواه البيهقي في الشعب، من جهة كنانة مولى صفية عنه، وذكره في حديث موقوفا بجملة الترجمة فقط، وفي الباب عن عبد اللَّه بن مغفل رفعه: أعجز الناس من عجز عن الدعاء، وأبخل الناس من بخل بالسلام، أخرجه الطبراني في الدعاء، من حديث عوف عن الحسن عنه مرفوعا به، وكذا أخرجه العسكري بزيادة: إن أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته، وعن جابر أن رجلا أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: إن لفلان في حائطي عذقا، وإنه قد آذاني وشق علي مكان عذقه، فأرسل إليه رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: بعني عذقك الذي في حائط فلان، قال: لا، قال: فهبه لي، قال: لا، قال: فبعنيه بغدق في الجنة، قال: لا، فقال رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما رأيت الذي هو أبخل منك إلا الذي يبخل بالسلام، أخرجه أحمد، والبزار في مسنديهما، والبيهقي في الشعب، وعن أنس رفعه: بخيل الناس من بخل بالسلام، أخرجه أبو نُعيم في الحلية.

216 - حَدِيث: إِنَّ ابْنَ آدَمَ لَحَرِيصٌ عَلَى مَا مُنِعَ، الطبراني، ومن طريقه الديلمي، من جهة يوسف بن عطية عن هارون بن كثير عن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر مرفوعا. وسنده ضعيف، وقوله ابن أسلم تحريف، والصواب سالم، وحينئذ فالثلاثة مجهولون، لقول أبي حاتم عقب حديث هارون عن زيد بن سالم عن أبي أمامة هذا باطل لا أعرف من الإسناد سوى أبي أمامة انتهى، ويوسف أيضا ضعيف.

217 - حَدِيث: إِنَّ أَحَدَكُمْ يَأْتِيهِ اللَّه بِرِزْقِ عَشْرَةِ أَيَّامٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ هُوَ حَبَسَ عَاشَ تِسْعَةَ أَيَّامٍ بِخَيْرٍ، وَإِنْ هُوَ وَسَّعَ وَأَسْرَفَ قَتَّرَ عَلَيْهِ تِسْعَةَ أَيَّامٍ، أسنده الديلمي عن أنس، وفي التنزيل: {وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} .

218 - حَدِيث: إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّه، البخاري في الطب من صحيحه، من حديث عبد اللَّه بن عبيد اللَّه بن أبي مليكة عن ابن عباس به مرفوعا، في قصة اللديغ الذي رقاه أحد النفر من الصحابة رضي اللَّه عنهم بفاتحة الكتاب على شاء شرطها، فبرأ وكره منه أصحابه ذلك، وقالوا له: أخذت على كتاب اللَّه أجرا، حتى قدموا المدينة فقالوا يا رسول الله أخذ على كتاب الله أجراً فقال وذكره، وعلقه البخاري في الإجازة جازما به، فقال: وقال ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب اللَّه، وفي الطب بصيغة التمريض، فقال: ويذكر عن ابن عباس، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإنما أورد هذه الجملة كذلك مع إيراده للحديث متصلا في صحيحه لروايته لها بالمعنى كما أفاده العراقي في تقييده، ويروى كما لأبي نُعيم في الحلية عن أبي هريرة مرفوعا: من أخذ أجرا على القرآن فذاك حظه من القرآن، ولأبي نُعيم أيضا ومن جهته الديلمي عن ابن عباس مثله، بلفظ: فقد تعجل حسناته في الدنيا، فيحمل إن ثبت على من تعين عليه التعليم.

219 - حَدِيث: إِنَّ أَسْوَأَ النَّاسِ سَرِقَةً الَّذِي يَسْرِقُ مِنْ صَلاتِهِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّه، وَكَيْفَ يَسْرِقُ مِنْ صَلاتِهِ؟ قَالَ: لا يُتِمُّ رُكُوعَهَا وَلا سُجُودَهَا، أحمد والدارمي في مسنديهما، من حديث الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن عبد اللَّه بن أبي قتادة عن أبيه مرفوعا به، وفي لفظ بحذف: إن، وصححه ابن خزيمة، والحاكم، وقال: إنه على شرطهما ولم يخرجاه، لرواية كاتب الأوزاعي له عنه عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة، ورواه أحمد أيضا والطيالسي في مسنديهما، من حديث علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن أبي سعيد الخدري به مرفوعا، ورواية أبي هريرة عند ابن منيع، وفي الباب عن عبد اللَّه بن مغفل كما مضى قريبا في: إن أبخل، وعن النعمان بن مرة عند مالك مرسلا، في آخرين.

220 - حَدِيث: إِنَّ الأَسْوَدَ إِذَا جَاعَ سَرَقَ، وَإِذَا شَبِعَ زَنَى، الطبراني في الأوسط، من حديث عائشة مرفوعا به بزيادة: وإن فيهم لخلتين صدق السماحة، والبخل، وهو عند ابن عدي في كامله، ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات، بلفظ: الزنجي إذا جاع سرق، وإذا شبع زنى، وله شاهد عنده في الكبير، من حديث عوسجة عن ابن عباس، قال: قيل يا رسول اللَّه، ما يمنع حبش بني المغيرة أن يأتوك إلا أنهم يخشون أن تردهم، قال: لا خير في الحبش، إذا جاعوا سرقوا، وإن شبعوا زنوا، وإن فيهم لخلتين حسنتين: إطعام الطعام، وبأس عند البأس، ورواه البزار بلفظ: لا خير في الحبش، إن شبعوا زنوا، وإن فيهم لخصلتين: إطعام الطعام، وبأس عند البأس، وعند الطبراني في الكبير عن أم أيمن، قالت: سمعت رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: إنما الأسود لبطنه وفرجه، وكذا أخرجه من حديث يحيى بن أبي سليمان عن عطاء عن ابن عباس بلفظ: ذكر السودان عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: دعوني من السودان، فإن الأسود لبطنه وفرجه، وبعضها يؤكد بعضا، بل سند البزار حسن، ولأبي نُعيم فيما أسنده الديلمي من طريقه عن أبي رافع مرفوعا: شر الرقيق الزنج، إذا شبعوا زنوا، وقد اعتمد هذا الحديث إمامنا الشافعي، فروينا في مناقبه للبيهقي من طريق المزني قال: كنت مع الشافعي في الجامع، إذ دخل رجل يدور على النيام، فقال الشافعي للربيع: قم فقل له ذهب لك عبد أسود مصاب بإحدى عينيه، قال الربيع: فقمت إليه فقلت له، فقال: نعم، فقلت له تعاله، قال: فجاء إلى الشافعي، فقال: أين عبدي؟ فقال: تجده في الحبس، فذهب الرجل فوجده في الحبس، فقال المزني: فقلت له: أخبرنا فقد حيرتنا، فقال: نعم، رأيت رجلا دخل من باب المسجد يدور بين النيام، فقلت: يطلب هاربا، ورأيته يجيء إلى السودان دون البيض، فقلت: هرب له عبد أسود، ورأيته يجيء إلى ما يلي العين اليسرى، فقلت: مصاب بإحدى عينيه، قلت: فما يدريك أنه في الحبس، فقال: ذكرت الحديث في العبيد: إن جاعوا سرقوا، وإن شبعوا زنوا، فتأولت أنه فعل أحدهما فكان كذلك.

221 - حَدِيث: إِنَّ بِلالا كَانَ يُبَدِّلُ الشِّينَ فِي الآذَانِ سِينًا. قال المزي فيما نقله عن البرهان السفاقسي: إنه اشتهر على ألسنة العوام. ولم نره في شيء من الكتب. وسيأتي في: سين. من السين المهملة.

222 - حَدِيث: إِنَّ حُسْنَ الْعَهْدِ مِنَ الإِيمَانِ. فِي: حُسْنِ الْعَهْدِ.

223 - حَدِيث: إِنَّ رَحْمَتِي تَغْلِبُ غَضَبِي، متفق عليه من حديث مغيرة بن عبد الرحمن الحزامي عن أبي الزناد عن الأعوج عن أبي هريرة رفعه قال: لما قضى، ولفظ آخر لمسلم: لما خلق اللَّه الخلق، كتب في كتابه، فهو عنده فوق العرش، إن رحمتي غلبت. ولفظ مسلم: تغلب غضبي. وهو عند البخاري فقط من حديث مالك عن أبي الزناد، بلفظ: إن رحمتي سبقت غضبي، وهو عند مسلم من حديث ابن عيينة عن أبي الزناد، بلفظ: قال اللَّه سبقت رحمتي غضبي، وممن رواه عن أبي هريرة أبو صالح وعطاء بن ميناء.

224 - حَدِيث: إِنَّ الرِّزْقَ لَيَطْلُبُ الْعَبْدَ كَمَا يَطْلُبُهُ أَجَلُهُ، البيهقي في الشعب، وأبو الشيخ في الثواب، والعسكري في الأمثال، من حديث الوليد بن مسلم حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن إسماعيل بن عبيد اللَّه عن أم الدرداء عن أبي الدرداء به مرفوعا، وهو عند الطبراني، وأبي نُعيم في الحلية، وكذا رواه القضاعي من هذا الوجه، بلفظ: الرزق أشد طلبا للعبد من أجله، ورواه الدارقطني في علله مرفوعا وموقوفا، وقال: إن الموقوف هو الصواب، وكذا أورده البيهقي في الشعب موقوفا، وقال: إنه أصح، قال: وروي عن عطية عن أبي سعيد بمعناه مرفوعا، وهو عند الطبراني في الأوسط من حديث علي بن زيد عن فضيل بن مرزوق عن عطية، ولفظه: لو فر أحدكم من رزقه لأدركه كما يدركه أجله، ولأبي نُعيم في الحلية من حديث جابر مرفوعا: لو أن ابن آدم يهرب من رزقه، كما يهرب من الموت لأدركه رزقه كما يدركه الموت، وكذا أخرجه العسكري، ولأبي الشيخ والبيهقي من حديث محمد بن المنكدر عن جابر رفعه: لا تستبطئوا الرزق، فإنه لم يكن عبد يموت حتى يبلغه آخر الرزق، فأجملوا في الطلب، ولأبي الشيخ من حديث ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر، مرفوعا بنحوه، وحديث ابن المنكدر عند العسكري من حديث الثوري عنه بلفظ: لو أن ابن آدم يهرب من رزقه كما يهرب من الموت لأدركه رزقه، كما يدركه الموت، وله من حديث جهم بن مسعدة الفزاري حدثنا أبي حدثنا ابن أبي ذئب، عن نافع عن ابن عمر رفعه: والذي بعثني بالحق إن الرزق ليطلب أحدكم، كما يطلبه أجله، ومن حديث يوسف بن السفر حدثنا عبدة بن أبي لبابة، عن شقيق عن ابن مسعود مرفوعا: إنه ليس أحد بأكسب من أحد، قد كتب اللَّه النصيب والأجل، وقسم المعيشة والعمل، والرزق مقسوم، وهو آت ابن آدم، على أي سيرة سارها، ليس تقوى تقي بزائده، ولا فجور فاجر بناقصه، وبينه وبينه ستر، وهو في طلبه، ومن حديث ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس عن ثوبان مرفوعا: إن الدعاء يرد القضاء، وإن البر يزيد في العمر، وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه، ثم قرأ رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ وَلا يَسْتَثْنُونَ} وبعضها يقوي بعضا، قال البيهقي عقب أولها: والمراد به واللَّه أعلم، أن ما قدر له من الرزق يأتيه، فلا يجاوز الحد في طلبه، يعني كما جاء في الحديث الآخر: اتقوا اللَّه وأجملوا في الطلب، وللديلمي بسند ضعيف عن جابر مرفوعا: إن للأرزاق حجبا فمن شاء أن يهتك ستره بقلة حياء، ويأخذ رزقه فعل، ومن شاء بقاء حيائه وترك رزقه محجوبا عنه حتى يأتيه رزقه على ما كتب اللَّه له فعل، وقوله في حديث ابن مسعود: ولا فجور فاجرٍ بناقصه، يعارض ظاهره ظاهر حديث: إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه، كما بينته مع الجمع في مكان آخر.

225 - حَدِيث: إِنَّ الرِّفْقَ لا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلا زَانَهُ، وَلا نُزِعَ مِنْ شَيْءٍ إِلا شَانَهُ، مسلم في صحيحه، من حديث شعبة عن المقدام بن شريح بن هانئ عن أبيه عن عائشة مرفوعا بهذا، ومن وجه آخر، عن شعبة بزيادة: ركبت عائشة بعيرا، فكانت فيه صعوبة، فجعلت تردده، فقال لها رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عليك بالرفق، ثم ذكر مثله، وأخرجه البخاري في الأدب المفرد من حديث شعبة بلفظ: كنت على بعير فيه صعوبة، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عليك بالرفق، فإنه لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه، وهو عند أحمد وآخرين، ورواه العسكري من حديث عبد الرزاق عن معمر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، ولفظه: ما كان الرفق في قوم إلا نفعهم، ولا كان الخرق في قوم إلا ضرهم، ومن حديث عمران بن حطان عن عائشة ما يأتي في: لو كان الفحش، وله أيضا من جهة حجاج بن سليمان الرعيني قال: قلت لابن لهيعة: كنت أسمع عجائز المدينة يقلن: إن الرفق في المعيشة خير من بعض التجارة، فقال: حدثني محمد بن المنكدر عن جابر رفعه به، ومن حديث عبدة عن هشام بن عروة عن أبيه قال: مكتوب في التوراة، الرفق رأس الحكمة، وأثر عروة عند أبي الشيخ من هذا الوجه بلفظ: بلغني أنه مكتوب في التوراة، وأخرجه ابن أبي عاصم، وحديث جابر أخرجه البزار، وفي الباب عن أبي أمامة، وكذا أخرج الطبراني عن جرير مرفوعا: الرفق زيادة بركة، وللعسكري والقضاعي من حديث عبد الرحمن ابن أبي بكر بن أبي مليكة عن القاسم بن محمد عن عائشة مرفوعا: من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظه من خير الدنيا والآخرة، ومن حرم حظه من الرفق، فقد حرم حظه من خير الدنيا والآخرة، وهو عند العسكري فقط من حديث ابن أبي مليكة أيضا عن عائشة بلا واسطة، ولفظه: إذا أراد اللَّه بأهل بيت خيرا أدخل عليهم الرفق، وللقضاعي من حديث يعلى بن مملك عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء، مرفوعا مثله، وللعسكري من حديث عبد الرزاق عن معمر عن ثابت عن أنس مرفوعا، ما كان الرفق في شيء قط إلا زانه، ولا كان الخرق في شيء قط إلا شانه، ومن حديث عبد الرحمن بن هلال عن جرير رفعه: من يحرم الرفق يحرم الخير كله، وروي البيهقي في مناقب الشافعي من طريق محمد ابن الشافعي، قال: رآني أبي وأنا أعجل في بعض الأمر، فقال: يا بني رفقا، رفقا، فإن العجلة تنقص الأعمال، وبالرفق تدرك الآمال، وقد سمعت عبد الرحمن بن أبي بكر هو المليكي يقول: سمعت الزهري يقول: سمعت عروة يقول: سمعت أبا هريرة رفعه: إن اللَّه رفيق يحب الرفق، ويعطي عليه ما لا يعطي على العنف. 226 - حَدِيث: إِنَّ سَاقِيَ الْقَوْمِ آخِرُهُمْ، في: ساقي القوم.

227 - حَدِيث: إِنَّ فِي مَعَارِيضِ الْكَلامِ مَنْدُوحَةً عَنِ الْكَذِبِ، البخاري في الأدب المفرد، من طريق قتادة، عن مطرف بن عبد اللَّه قال: صحبت عمران بن حصين من الكوفة إلى البصرة، فما أتى عليه يوم إلا أنشدنا فيه شعرا وقال: إن، وذكره. وأخرجه الطبري في التهذيب، والبيهقي في الشعب، والطبراني في الكبير، ورجاله ثقات، وهو عند ابن السني من طريق الفضل بن سهل حدثنا سعيد بن أوس حدثنا شعبة عن قتادة به مرفوعا، وكذا قال البيهقي: رواه داود بن الزبرقان عن سعيد عن أبي عروبة، عن قتادة، لكن عن زرارة بن أوفى عن عمران مرفوعا، قال: والموقوف هو الصحيح، وكذا وهى المرفوع ابن عدي، قال البيهقي: وروي من وجه آخر ضعيف، يعني جدا مرفوعا، يشير إلى ما أخرجه أيضا من طريق أبي بكر بن كامل في فوائده من حديث علي مرفوعا، وكذا هو عند أبي نُعيم، ومن طريقه الديلمي، من جهة يعقوب بن إبراهيم بن سعد حدثنا أبو موسى عن عطاء بن السائب حدثنا عبد اللَّه بن الحارث، عن علي رفعه: إن في المعاريض ما يكفي الرجل العاقل عن الكذب، وبالجملة فقد حسن العراقي هذا الحديث، وقال عن سند ابن السني: إنه جيد، ورد على الصغاني حكمه عليه بالوضع ، وللبخاري أيضا في الأدب المفرد، والبيهقي في الشعب، من طريق أبي عثمان النهدي، عن عمر، قال: أما في المعاريض ما يكفي المسلم من الكذب، ورواه العسكري من حديث محمد بن كثير عن ليث عن مجاهد، قال: قال عمر بن الخطاب: إن في المعاريض لمندوحة للرجل المسلم الحر عن الكذب، وأشار إلى أن حكمه الرفع، وقال: المعاريض ما حادت به عن الكذب، والمندوحة السعة.

228 - حَدِيث: إِنَّ لإِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ، وَلأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ لِحْيَةً فِي الْجَنَّةِ، لم يصح أن للخليل ولا للصديق لحية في الجنة، ولا أعرف ذلك في شيء من كتب الحديث المشهورة، ولا الأجزاء المنثورة، قاله شيخنا، قال: وعلى تقدير وروده فيظهر لي أن الحكمة في ذلك. أما في حق الخليل عليه السلام فلكونه منزلا منزلة الوالد للمسلمين، لأنه الذي سماهم بهذا الاسم، وأمروا باتباع ملته. وأما في حق الصديق رضي اللَّه عنه فينتزع من نحو ما ذكر في حق الخليل، فإنه كالوالد للمسلمين. إذ هو الفاتح لهم باب الدخول إلى الإسلام. لكن أخرج الطبراني بسند ضعيف من حديث ابن مسعود: أهل الجنة جرد مرد، إلا موسى عليه السلام، فإن له لحية تضرب إلى سرته. وذكر القرطبي في تفسيره أن ذلك ورد في حق هارون أخيه أيضا. ورأيت بخط بعض أهل العلم أنه ورد في حق آدم ولا أعلم شيئا من ذلك ثابتا.

229 - حَدِيث: إِنَّ لِجَوَابِ أَهْلِ الْكِتَابِ حَقًّا كَرَدِّ السَّلامِ، الديلمي من حديث أبي جعفر، والقضاعي من حديث العباس بن ذريح عن الشعبي، كلاهما عن ابن عباس مرفوعا بهذا، وهو عند ابن لال، ومن طريقه الديلمي، من حديث جوبير عن الضحاك عن ابن عباس، بل وأخرج أبو نُعيم، ومن طريقه الديلمي، من جهة الحسن بن المثنى عن حميد الطويل عن أنس رفعه: رد جواب أهل الكتاب حق كرد السلام، ولا يثبت رفعه، بل المحفوظ كما قال ابن تيمية وقفه. وقال القضاعي عقبه: ليس بالقوي. قال ابن عبد البر: قال الزبير بن بكار: كتب إليَّ المغيرة يستبطئني كتبي فكتبت إليه شعرا:
ما غير النأي ودا كنت تعهده ... ولا تبدلت بعد الذكر نسيانا
ولا حمدت إخاءاً من أخي ثقة ... إلاجعلتك فوق الحمد عنوانا

230 - حَدِيث: إِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالا، متفق عليه، من حديث سلمة بن كهيل، سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن، يحدث عن أبي هريرة أن رجلا تقاضى رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأغلظ، فهم به أصحابه، فقال: دعوه. فإن، وذكره، وهو من غرائب الصحيح. قال: البزار: لا يروى عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد، ومداره على سلمة بن كهيل، وقد صرح يعني، كما في رواية البخاري بأنه سمعه من أبي سلمة بمنى، وذلك في الحج.

231 - حَدِيث: إِنَّ اللَّه طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إِلا طَيِّبًا، مسلم، والترمذي، والدارمي، وأحمد، وآخرون، من حديث عدي بن ثابت عن أبي حازم عن أبي هريرة مرفوعا بهذا في حديث، وأخرج الترمذي وغيره من حديث مهاجر بن مسمار، عن عامر بن سعيد بن أبي وقاص عن أبيه مرفوعا: إن اللَّه طيب يحب الطيب، نظيف يحب النظافة، كريم يحب الكرم، جواد يحب الجود، وذكر حديثا.

232 - حَدِيث: إِنَّ اللَّه كَتَبَ الْغَيْرَةَ عَلَى النِّسَاءِ، وَالْجِهَادَ عَلَى الرِّجَالِ، فَمَنْ صَبَرَ مِنْهُنَّ كَانَ لَهَا أَجْرُ الشَّهِيدِ، البزار، والطبراني، من حديث عبيد بن الصباح الكوفي حدثنا كامل أبو العلاء عن الحكم يعني ابن عتيبة عن إبراهيم عن علقمة عن عبد اللَّه بن مسعود، قال: كنت جالسا مع رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومعه أصحابه، إذ أقبلت امرأة عريانة، فقام إليها رجل من القوم، فألقى عليها ثوبا وضمها إليه، فتغير وجه رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال بعض أصحابه: أحسبها امرأته، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أحسبها غيرَى، إن اللَّه تبارك وتعالى كتب، وذكره، قال البزار: لا نعلمه إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد، وعبيد ليس به بأس، وكامل كوفي مشهور، على أنه لم يشاركه أحد في هذا الحديث انتهى، وقد ضعف عبيدا أبو حاتم.

233 - حديث: إِنَّ اللَّه لَمَّا خَلَقَ الْعَقْلَ قَالَ لَهُ: أَقْبِلْ، فَأَقْبَلَ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَدْبِرْ، فَأَدْبَرَ، فَقَالَ: وَعِزَّتِي وَجَلالِي مَا خَلَقْتُ خَلْقًا أَشْرَفَ مِنْكَ، فَبِكَ آخُذُ، وَبِكَ أُعْطِي، قال ابن تيمية وتبعه غيره: إنه كذب موضوع باتفاق انتهى، وفي زوائد عبد اللَّه بن الإمام أحمد على الزهد لأبيه عن علي بن مسلم عن سيار بن حاتم، وهو ممن ضعفه غير واحد، وكان جماعا للرقائق، وقال القواريري: إنه لم يكن له عقل، قال: حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي، حدثنا مالك بن دينار عن الحسن البصري مرفوعا مرسلا: لما خلق اللَّه العقل، قال له: أقبل، فأقبل، ثم قال له: أدبر، فأدبر، ثم قال: ما خلقت خلقا أحب إلي منك، بك آخذ، وبك أعطي، وأخرجه داود بن المحبر في كتاب العقل له حدثنا صالح المري عن الحسن به بزيادة: ولا أكرم علي منك، لأني بك أعرف، وبك أعبد، والباقي مثله، وفي الكتاب المشار إليه لداود من هذا النمط أشياء، منها: أول ما خلق اللَّه العقل، وذكره. وابن المحبر كذاب، قال شيخنا: والوارد في أول ما خلق اللَّه، حديث: أول ما خلق اللَّه القلم، وهو أثبت من حديث العقل.

234 - حَدِيث: إِنَّ اللَّه لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حُرِّمَ عَلَيْكُمْ، أَحْمَدُ فِي الأَشْرِبَةِ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ، وَآخَرُونَ مِنْ طَرِيقِ مَنْصُورٍ، وَأَحْمَدُ وَمُسَدَّدٌ فِي مُسْنَدَيْهِمَا، مِنْ طَرِيقِ الأَعْمَشِ، كِلاهُمَا عَنْ شَقِيقٍ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: اشْتَكَى رَجُلٌ دَاءً فِي بَطْنِهِ، فَنُعِتَ لَهُ السُّكْرُ فَأَتَيْنَا عَبْدَ اللَّه بْنَ مَسْعُودٍ، فَسَأَلْنَاهُ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّه، وَذَكَرَهُ مَوْقُوفًا، وَهُوَ عِنْدَ الْحَاكِمِ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ الأَعْمَشِ، وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ أَيْضًا، وَالطَّحَاوِيِّ مِنْ جِهَةِ عَاصِمٍ، كِلاهُمَا عَنْ أَبِي وَائِلٍ، وَرَوَاهُ الأَعْمَشُ أَيْضًا، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: لا تَسْقُوا أَوْلادَكُمْ الْخَمْرَ، فَإِنَّهُمْ وُلِدُوا عَلَى الْفِطْرَةِ، فَإِنَّ اللَّه، وَذَكَرَهُ، وَهَكَذَا رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ لَهُ، مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى عَنْ مَسْرُوقٍ بِنَحْوِهِ، وَطُرُقُهُ صَحِيحَةٌ. وَلِذَا عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ بِصِيغَةِ الْجَزْمِ، فَقَالَ: وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ فِي السُّكْرِ: إِنَّ اللَّه، وَذَكَرَهُ. وَلابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي يَعْلَى وَهُوَ فِي مُسْنَدِهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ حَسَّانِ بْنِ مُخَارِقٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: نَبَذْتُ نَبِيذًا فِي كُوزٍ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَغْلِي، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَتْ: اشْتَكَتْ ابْنَةٌ لِي، فنُعت لَهَا هَذَا، فَقَالَ: إِنَّ اللَّه لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِي مَا حُرِّمَ عَلَيْكُمْ، لفظ البيهقي، ولفظ ابن حبان: إن اللَّه لم يجعل شفاءكم في حرام.

235 - حَدِيث: إِنَّ اللَّه نَقَلَ لَذَّةَ طَعَامِ الأَغْنِيَاءِ إِلَى طَعَامِ الْفُقَرَاءِ، حكم عليه شيخنا بالوضع.

236 - حَدِيث: إِنَّ اللَّه لا يُعَذِّبُ بِقَطْعِ الرِّزْقِ، هو بمعناه عند الطبراني في الصغير من حديث أبي سعيد الخدري رفعه: إن الرزق لا تنقصه المعصية، ولا تزيده الحسنة، وترك الدعاء معصية، وعند العسكري من حديث ابن مسعود رفعه: ليس أحد بأكسب من أحد. وقد كتب اللَّه النصيب والأجل، وقسم المعيشة والعمل، والرزق مقسوم، وهو آت على ابن آدم، على أي سيرة سارها، لا تقوى تقي بزائده، ولا فجور فاجر بناقصه، بينه وبينه ستر وهو في طلبه. وسنده ضعيف. وهو في فوائد أبي علي عبد الرحمن بن محمد النيسابوري رواية أبي بكر بن زيرك عنه، أخبرنا أحمد بن محمد بن غالب، حدثنا أحمد بن محمد، حدثنا مالك القاضي حدثنا أبو المطاع أحمد بن عصمة الجوزجاني حدثنا عبد الجبار بن أحمد السجستاني. بمصر حدثنا أبو دعامة إسماعيل بن علي بن الحكم. وكان قد أربى على المائة بسر من رأى. حدثني أبو العتاهية، حدثني الأعمش، عن أبي وائل عن ابن مسعود، قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الرزق يأتي العبد في أي مسيرة سار لا تقوى متق بزائده، ولا فجور فاجر بناقصه، بينه وبين العبد ستر، والرزق طالبه . قال: وأنشد أبو العتاهية لنفسه مع الحديث:
ورزق الخلق مجلوب إليهم ... مقادير يقدرها الجليل
فلا ذو المال يرزقه بعقل ... ولا بالمال تنقسم العقول
وهذا المال يرزقه رجال ... مباذيل قد اختبروا فسيلوا
كما تسقي سباخ الأرض يوما ... ويصرف عن كرائمها السيول
وأصله عند ابن أبي الدنيا مرفوعا: إن الرزق ليطلب العبد كما يطلبه أجله، ويدل على اشتهار هذا ما يحكى أن كسرى غضب على بعض مرازبته، فاستؤمر في قطع عطائه، فقال: نحط من مرتبته، ولا ننقص من وصلته، فإن الملوك تؤدب بالهجران، ولا تعاقب بالحرمان. ولكن قد يعارض بما ورد في الزنا: أنه يورث الفقر، كما سيأتي. وبما في النسائي، وابن ماجه، وأحمد، وأبي يعلى، وابن منيع، والطبراني، كلهم عن ثوبان مرفوعا حديث: إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه، وكذا يروى عن ابن مسعود رفعه: إن الرجل ليذنب الذنب فيحرم به الشيء من الرزق، وقد كان هيئ له. وإنه ليذنب فينسى به الباب من العلم، وقد كان علمه. وإنه ليذنب الذنب فيمنع به قيام الليل، وفي لفظ: إياكم والمعاصي، فإن العبد ليدنب الذنب، وذكره، وفي الحلية لأبي نُعيم من طريق سعيد بن المسيب عن عثمان رفعه: إن الصبحة تمنع الرزق وسيأتي في الصاد، ولأبي الشيخ في طبقات الأصبهانيين عن أبي هريرة مرفوعا: الكذب ينقص الرزق، وكذا هو في مشيخة أبي بكر الأنصاري، وفي مسند الفردوس في أوله: بر الوالدين يزيد في العمر، وللديلمي عن أنس رفعه: إذا ترك العبد الدعاء للوالدين فإنه ينقطع عن الولد الرزق في الدنيا، ونحوه قول وهيب بن الورد لمن سأله: أيجد طعم العبادة من عصى اللَّه سبحانه، قال: لا، ولا من هم بالمعصية، وكذا بما اشتهر مما لم أقف عليه، ومعناه صحيح: المعاصي تزيل النعم، حتى قال أبو الحسن الكندي القاضي مما أنشده البيهقي من جهته:
إذا كنت في نعمة فارعها ... فإن المعاصي تزيل النعم
وقد يدل على المعنى ما يروى أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دخل على عائشة فرأى كسرة ملقاة فمسحها، فقال: يا عائشة، أحسني جوار نعم اللَّه، فإنها قلما نفرت عن أهل بيت، فكادت أن ترجع إليهم، ويروى من حديث عائشة، وأنس، وغيرهما. وقد سبق ذكره في: أكرموا الخبز، بل أوسعت الكلام على هذا الحديث في بعض الأجوبة، وجمعت بينهما على تقدير تساويهما.
وفي تاسع المجالسة للدينوري عن الفضيل بن عياض في قوله {خَيْر الرَّازِقِينَ} قال: المخلوق يرزق، فإذا سخط قطع رزقه، واللَّه تعالى يسخط فلا يقطع رزقه.

237 - حَدِيث: إِنَّ اللَّه لا يَهْتِكُ عَبْدَهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ، بل عند الديلمي في الفردوس مما لم يسنده ولده عن أنس مرفوعا: إن اللَّه لا يهتك ستر عبد فيه مثقال ذرة من خير، وفي الستر أحاديث كثيرة منها: قوله تعالى: إني سترتها عليك في الدنيا، وإني أغفرها لك اليوم، ونحوه عن أنس رفعه: يقول اللَّه عز وجل إني أعظم عفوا من أن أستر على عبدي ثم أفضحه، أخرجه الديلمي.

238 - حَدِيث: إِنَّ اللَّه يَبْعَثُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا، أبو داود في الملاحم من سننه من حديث ابن وهب، أخبرني سعيد بن أبي أيوب عن شراحيل بن يزيد المعافري عن أبي علقمة، واسمه مسلم بن يسار الهاشمي عن أبي هريرة فيما أعلم عن رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بهذا، وقال بعده: رواه عبد الرحمن بن شريح الإسكندراني عن شراحيل فلم يجز به شراحيل، يعني عضله، وقد أخرجه الطبراني في الأوسط كالأول وسنده صحيح، ورجاله كلهم ثقات، وكذا صححه الحاكم، فإنه أخرجه في مستدركه من حديث ابن وهب، وسعيد الذي رفعه أولى بالقبول لأمرين: أحدهما: أنه لم يختلف في توثيقه بخلاف عبد الرحمن فقد قال فيه ابن سعد: إنه منكر الحديث، والثاني: أن معه زيادة علم على من قطعه، وقوله فيما أعلم ليس بشك في وصله، بل قد جعل وصله معلوما له، وقد اعتمد الأئمة هذا الحديث، فروينا في المدخل للبيهقي بإسناده إلى الإمام أحمد، أنه قال بعد ذكره إياه: فكان في المائة الأولى عمر بن عبد العزيز، وفي الثانية الشافعي، وكذا قال محمد بن علي بن الحسين سمعت بعض أصحابنا يقول: كان، وذكرهما، زاد غيره: وفي الثالثة أبو العباس بن سريج، وفي الرابعة أبو الطيب سهل الصعلوكي، أو أبو حامد الأسفراييني، وفي الخامسة حجة الإسلام الغزالي، وفي السادسة الفخر الرازي، أو الحافظ عبد الغني، وفي السابعة ابن دقيق العيد، وفي الثامنة البلقيني، أو العراقي، وفي التاسعة المهدي ظنا. أو المسيح عليه الصلاة والسلام. فالأمر قد اقترب، والحال قد اضطرب، فنسأل اللَّه حسن الخاتمة، قال العماد ابن كثير: وقد ادعى كل قوم في إمامهم، أنه المراد بهذا الحديث، والظاهر، واللَّه أعلم، أنه يعم حملة العلم من كل طائفة، وكل صنف من أصناف العلماء، من مفسرين، ومحدثين، وفقهاء، ونحاة، ولغويين، إلى غير ذلك من الأصناف، واللَّه أعلم.

239 - حَدِيث: إِنَّ اللَّه يُبْغِضُ السَّائِلَ الْمُلْحِفَ، أبو نُعيم، ومن طريقه الديلمي، من طريق ورقاء عن الأعمش عن أبي صالح، عن أبي هريرة، رفعه به، ورواه الديلمي أيضا من جهة موسى بن عبد الرحمن الصنعاني، عن ابن جريج عن عطاء، عن ابن عباس رفعه مثله، قال: وفي الباب عن أنس، وأبي أمامة، وكذا في المرفوع: لا يزال العبد يسأل الناس وهو غني يلحف وجهه، فما يكون له عند اللَّه وجه.

240 - حَدِيث: إِنَّ اللَّه يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمُ الْعَمَلَ أَنْ يُتْقِنَهُ، أبو يعلى، والعسكري، من حديث بشر بن السري عن مصعب بن ثابت عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رفعه بهذا، ورواه العسكري بهذا فقط من طريق الفضل بن موسى عن مصعب به، بلفظ: أن يحكمه. ولابن أبي خيثمة، والبغوي، وابن قانع عنه، وابن السكن، وابن شاهين، والطبراني، من طريق قطبة بن العلاء بن منهال عن أبيه عن عاصم بن كليب عن أبيه، أنه خرج مع أبيه إلى جنازة شهدها رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأنا غلام أعقل، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يحب اللَّه العامل إذا عمل أن يتقن، ورواه زائدة عن عاصم فقال: عن أبيه عن رجل من الأنصار، قال: خرجت مع أبي بكر، فذكر الحديث، وصنيع الأئمة يقتضي ترجيحها. فقد جزم أبو حاتم والبخاري وآخرون بأن كليبا تابعي. وكذا ذكره أبو زرعة وابن سعد وابن حبان في ثقات التابعين، وحينئذ فمن ذكره في الصحابة كابن عبد البر وغيره فيه نظر، قال العسكري: فأخذ قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعض الشعراء المتقدمين فقال:
وما عليك أن تكون أعلما ... إذا تولى عقد شيء أحكما
قال: ومما ينسب إلى الأحنف:
وما عليك أن تكون أزرقا ... إذا تولى عقد شيء أوثقا

241 - حَدِيث: إِنَّ اللَّه يُحِبُّ الشَّابَّ التَّائِبَ، أبو الشيخ عن أنس مرفوعا به، والديلمي عن ابن عمر مرفوعا: إن اللَّه يحب الشاب التائب الذي يفني شبابه في طاعة اللَّه، وللطبراني في الأوسط من حديث الحسن بن أبي جعفر عن ثابت عن أنس رفعه: خير شبابكم من تشبه بكهولكم، وشر كهولكم من تشبه بشبابكم، ولتمام في فوائده، والقضاعي في مسنده، من حديث ابن لهيعة حدثنا أبو عشانة عن عقبة بن عامر مرفوعا: إن اللَّه ليعجب من الشاب الذي ليست له صبوة، وكذا هو عند أحمد، وأبي يعلى، وسنده حسن، وضعفه شيخنا في فتاويه لأجل ابن لهيعة، وروينها في جزء أبي حاتم الحضرمي من حديث الأعمش عن إبراهيم قال: كان يعجبهم أن يكون للشباب صبوة.

242 - حَدِيث: إِنَّ اللَّه يُحِبُّ كُلَّ قَلْبٍ حَزِينٍ، الطبراني، والقضاعي، من حديث أبي بكر ابن أبي مريم، حدثنا ضمرة بن حبيب عن أبي الدرداء به مرفوعا.

243 - حَدِيث: إِنَّ اللَّه يُحِبُّ الْمُلِحِّينَ فِي الدُّعَاءِ، الطبراني في الدعاء، وأبو الشيخ، والقضاعي، من حديث بقية عن الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة مرفوعا بهذا.

244 - حَدِيث: إِنَّ اللَّه يَدْعُو النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأُمَّهَاتِهِمْ، سَتْرًا مِنْهُ عَلَى عِبَادِهِ، الطبراني في الكبير، من حديث إسحاق بن بشر أبي حذيفة، عن ابن جريج، عن عبد اللَّه بن أبي مليكة عن ابن عباس مرفوعا به في حديث، وفي الباب عن أنس رفعه، بلفظ: يدعى الناس، وذكره، وعن عائشة، وكلها ضعاف، وقد أورده ابن الجوزي في الموضوعات، ويعارضه ما رواه أبو داود يسند جيد عن أبي الدرداء رفعه: إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم، وأسماء آبائكم، فحسنوا أسماءكم، بل عند البخاري في صحيحه عن ابن عمر مرفوعا: إذا جمع اللَّه الأولين والآخرين يوم القيامة يرفع كل غادر لواء، فيقال هذه غدرة فلان ابن فلان، نعم حديث التلقين بعد الدفن. وإنه يقال له يا ابن فلانة، فإن لم يعرف اسمها، فيا ابن حواء، ويا ابن أمة اللَّه، مما يستأنس به لهذا. كما بينت ذلك مع الجمع في "الإيضاح والتبين عن مسألة التلقين".

245 - حديث: إن اللَّه يكره الحبر السمين، البيهقي في الشعب، من حديث محمد بن ذكوان. عن رجل عن كعب من قوله، بلفظ: يبغض. وزاد: وأهل البيت اللحِمين. وقيل في تأويل الجملة الزائدة: هم الذين يكثرون أكل لحوم الناس. قال البيهقي: وهو حسن، لكن ظاهره الإكثار من أكل اللحم، وقرانه بالجملة الأخرى كالدلالة على ذلك، ولأبي نُعيم في الحلية من جهة سيار، حدثنا جعفر، سمعت مالك بن دينار يقول: قرأت في الحكمة: إن اللَّه يبغض كل حبر سمين. وكذا قال الغزالي في الإحياء ما نصه: وفي التوراة مكتوب: إن الله يبغض الحبر السمين، وفي الكشاف، والبغوي، والقرطبي، وغيرها، عند قوله تعالى في الأنعام {وَمَا قَدَرُوا اللَّه حَقَّ قَدْرِهِ} أن مالك بن الصيف من أحبار اليهود ورؤسائهم، قال له رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنشدك بالذي أنزل التوراة على موسى، هل تجد فيها إن اللَّه يبغض الحبر السمين، وكان حبرا سمينا، فغضب وقال: واللَّه ما أنزل اللَّه على بشر من شيء. وهذا أخرجه الواحدي في أسباب النزول له من طريق سعيد بن جبير أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لمالك بن الصيف، فذكره، وكذلك أخرجه الطبري في تفسيره من رواية جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير مرسلا، وعزاه القرطبي أيضا للحسن البصري. وعند أبي نُعيم في الطب النبوي له من طريق بشر الأعور، قال: قال عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه: إياكم والبطنة في الطعام والشراب، فإنها مفسدة للجسد، مورثة للفشل، مكسلة عن الصلاة، وعليكم بالقصد فيهما، فإنه أصلح للجسد، وأبعد من السرف، وإن اللَّه ليبغض الحبر السمين. ونقل الغزالي عن ابن مسعود أنه قال: إن اللَّه يبغض القاري السمين. بل عزاه أبو الليث السمرقندي في بستانه لأبي أمامة الباهلي مرفوعا، ولكن ما علمته في المرفوع، نعم عند أحمد والحاكم في مستدركه، والبيهقي في الشعب، من حديث جعدة الجشمي، أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نظر إلى رجل سمين فأومأ إلى بطنه بأصبعه. وقال: لو كان هذا في غير هذا لكان خيرا لك، وسنده جيد. وقد أفردت لهذا الحديث جزءا فيه نفائس.
وقد أورد البيهقي في مناقب الشافعي من طريق الحسين بن إدريس الحلواني عنه أنه قال: ما أفلح سمين قط إلا أن يكون محمد بن الحسن. فقيل له: ولم؟ قال: لأنه لا يعدو العاقل من إحدى حالتين: إما أن يهتم لآخرته ومعاده، أو لدنياه ومعاشه، والشحم مع الهم لا ينعقد، فإذا خلا من المعنيين صار في حد البهائم فينعقد الشحم. ثم قال الشافعي رحمه اللَّه: كان ملك في الزمان الأول وكان مثقلا كثير اللحم، لا ينتفع بنفسه، فجمع المتطببين وقال: احتالوا لي حيلة تخفف عني لحمي هذا قليلا، فما قدروا له على صفة، قال: فنعت له رجل عاقل، أديبٌ، متطبب، منجم، فبعث إليه فأشخص، فقال: تعالجني ولك الغنى، قال: أصلح اللَّه الملك، أنا رجل متطبب، منجم، دعني أنظر الليلة في طالعك، أي دواء يوافق طالعك فأشفيك، فغدا عليه، فقال: أيها الملك الأمان، قال: لك الأمان، قال: رأيت طالعك يدل على أن عمرك شهر، فإن أحببت حتى أعالجك، وإن أردت بيان ذلك فاحبسني عندك، فإن كان لقولي حقيقة فخل عني، وإلا فاقتص مني، قال: فحبسه الملك، ثم احتجب عن الناس، وجلس وحده مغتما ما يرفع رأسه يعد أيامه كلما انسلخ يوم ازداد غما، حتى هزل وخف لحمه، ومضى لذلك ثمانية وعشرون يوما، فبعث إليه فأخرجه، فقال: ما ترى؟ فقال: أعز اللَّه الملك، أنا أهون على اللَّه من أن أعلم الغيب، واللَّه ما أعرف عمري، فكيف أعرف عمرك، إنه لم يكن عندي دواء إلا الغم، فلم أقدر أن أجلب إليك الغم إلا بهذه الحيلة. فأذابت شحم الكلى، فأجازه وأحسن إليه.

246 - حَدِيث: إِنَّ اللَّه يَكْرَهُ الرَّجُلَ البطَّال. قال الزركشي لم أجده انتهى. وفي معناه ما أخرجه سعيد بن المنصور في سننه عن ابن مسعود من قوله: إني لأكره الرجل فارغا لا في عمل الدنيا، ولا في الآخرة، وهو عند أحمد، وابن المبارك، والبيهقي، كلهم في الزهد. وابن أبي شيبة من طريق المسيب بن نافع، قال: قال ابن مسعود: إني لأمقت الرجل أراه فارغا ليس في شيء من عمل دنيا ولا آخرة. وأورده الزمخشري في سورة الانشراح عن عمر بلفظ: إني لأكره أن أرى أحدكم سَبَهْللا. لا في عمل دنيا ولا في عمل آخرة. وللبيهقي في الشعب من طريق عروة بن الزبير، قال: يقال ما شر شيء. قال: البطالة في العالم، وأخرج الطبراني في معجميه الكبير والأوسط، وابن عدي في كامله، من حديث أبي الربيع السمان، أشعث بن سعيد، وهو متروك عن عاصم بن عبيد اللَّه، وهو ضعيف عن سالم، عن أبيه مرفوعا: إن اللَّه يحب المؤمن المحترف. ولابن ماجه في الزهد من سننه من حديث موسى بن عبيدة، أخبرني القاسم بن مهران، عن عمران بن حصين: إن اللَّه يحب عبده المؤمن الفقير المتعفف أبا العيال، وكذا أخرجه الطبراني، وللديلمي من حديث زيد بن علي عن أبيه عن جده، الحسين عن علي رفعه: إن اللَّه يحب أن يرى عبده تعبا في طلب الحلال. ومفرداتها ضعاف، ولكن بانضمامها تقوى. وقد قال ابن وهب كما في ترجمته من الحلية: لا يكون البطال من الحكماء. وسيأتي في: نعمتان، ما يجيء هنا.

247 - حَدِيث: إِنَّ اللَّه يَكْرَهُ الْعَبْدَ الْمُتَمَيِّزَ عَلَى أَخِيهِ. لا أعرفه، وسيأتي في: لا خير في صحبة من لا يرى لك من الود مثل ما ترى له، ثم رأيت في جزء تمثال النعل الشريف، لأبي اليمن ابن عساكر في الكلام على الأثرة ما نصه: ويؤيده ما روي أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أراد أن يمتهن نفسه في شيء، قالوا: نحن نكفيك يا رسول اللَّه؟ قال: قد علمت أنكم تكفوني ولكن أكره أن أتميز عليكم، فإن اللَّه يكره من عبده أن يراه متميزا على أصحابه. صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وشرف وكرم.

248 - حَدِيث: إِنَّ اللَّه يَكْرَهُ الرَّجُلَ الْمِطْلاقَ الذَّوَّاقَ، لا أعرفه كذلك، ولكن قد مضى حديث: أبغض الحلال إلى اللَّه الطلاق، ويأتي حديث: لا أحب الذواقين ولا الذواقات.

249 - حَدِيث: إِنَّ للَّه أَهْلِينَ مِنَ النَّاسِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّه، مَنْ هُمْ؟ قَالَ: هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ، أَهْلُ اللَّه وَخَاصَّتُهُ، النسائي وابن ماجه في سننيهما، وأحمد والدارمي في مسنديهما، من حديث عبد الرحمن بن بديل بن ميسرة العقيلي، عن أبيه عن أنس، به مرفوعا، وصححه الحاكم، وقال: إنه روي من ثلاثة أوجه، عن أنس هذا مثلها.

250 - حديث: إن للَّه ملائكة تنقل الأموات، لم أقف عليه، ولكن قد نقل إلينا عن العز يوسف الزرندي أبي السادة الزرنديين المدنيين، وهو ممن لم يمت بالمدينة، أنه رؤي في النوم وهو يقول: للرائي سلم على أولادي، وقل لهم إني قد حملت إليكم، ودفنت بالبقيع عند قبر العباس، فإذا أرادوا زيارتي فليقفوا هناك، ويسلموا ويدعوا، ونحوه ما حكاه البدر ابن فرحون، أن محمد بن إبراهيم المؤذن حكى له أنه حمل ميتا في أيام الحاج، ولم يجد من يساعده عليه، غير شخص واحد، قال: فحملناه ووضعناه في اللحد، ثم ذهب الرجل، وجئت أنا باللبن، لأجل اللحد، فلم أجد الميت في اللحد، فذهبت وتركت القبر على حاله، وحكى البدر أيضا أن شخصا كان يقال له ابن هيلان من المبالغين في التشيع، بحيث يفضي إلى ما يستقبح في حق الصحابة مع الإسراف على نفسه، بينما هو يهدم حائطا، إذ سقط عليه، فهلك فدفن بالبقيع، فلم يوجد ثاني يوم في القبر الذي دفن فيه، ولا التراب الذي ردم به القبر، بحيث يستدل بذلك لنبشه، وإنما وجد اللبن على حاله حسبما شاهده الجم الغفير، حتى كان ممن وقف على قبره القاضي جمال الدين المطري، وصار الناس يجيئون لرؤيته أرسالا أرسالا، إلى أن اشتهر أمره، وعد ذلك من الآيات التي يعتبر بها من شرح اللَّه صدره، نسأل اللَّه السلامة.

251 - حَدِيث: إِنَّ للَّه مَلائِكَةً فِي الأَرْضِ، تَنْطِقُ عَلَى أَلْسِنَةِ بَنِي آدَمَ، بِمَا فِي الْمَرْءِ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، المحاملي في أماليه الأصبهانية، ومن طريقه الديلمي من حديث يونس بن محمد، حدثنا حرب بن ميمون الكبير عن النضر بن أنس عن أنس، قال: مرت جنازة فأثنوا عليها خيرا، فقال رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وجبت، ثم مر بأخرى فأثنوا عليها شرا، فقال: وجبت، فسئل عن ذلك، فقال: وذكره، كذا رويناه بعلو في جزء بيتي ابنة عبد الصمد الهرثمية، بل أخرجه الحاكم في الجنائز من صحيحه من هذا الوجه، وقال: إنه صحيح على شرط مسلم.

252 - حَدِيث: إِنَّ الْمُسَافِرَ وَمَالَهُ عَلَى قلتِ، فِي: لَوْ عَلِمَ النَّاسُ.

253 - حَدِيث: إِنَّ الْمَعُونَةَ تَأْتِي مِنَ اللَّه لِلْعَبْدِ على قدر المؤونة، وَإِنَّ الصَّبْرَ يَأْتِي مِنَ اللَّه لِلْعَبْدِ عَلَى قَدْرِ الْمُصِيبَةِ، البيهقي في الشعب، والعسكري في الأمثال، من حدبث بقية، حدثنا معاوية بن يحيى عن أبي بكر القيسي عن أبي الزناد عن الأعرج، عن أبي هريرة به مرفوعا، وهو عند ابن شاهين والبزار بهذا اللفظ، ورواه القضاعي من حديث بقية عن معاوية، فقال: عن عبد اللَّه بن ذكوان، هو أبو الزناد وذكره، وأخرجه البيهقي أيضا، وابن الشخير في الثاني من فوائده من طريق الدراوردي عن عباد بن كثير، وطارق بن عمار، كلاهما عن أبي الزناد به، بلفظ: أنزل اللَّه عز وجل المعونة على قدر المؤونة، وأنزل الصبر عند البلاء، لفظ البيهقي، ولفظ الاخر: أنزل الله المعونة مع شدة المؤنة، وأنزل الصبر عند البلاء وقال البيهقي: إنه تفرد به عباد، وطارق، وقيل: عن عباد عن طارق، وهو أصح، قال: ورواه أيضا عمر بن طلحة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة نحوه، وعنده أيضا من حديث ابن أبي الحواري حدثنا عبد العزيز بن عمر، قال: أوحى اللَّه إلى داود عليه السلام: يا داود اصبر على المؤونة، تأتك المعونة، وإذا رأيت لي طالبا فكن له خادما.

254 - حَدِيث: إِنَّ مِنَ الذُّنُوبِ ذُنُوبًا لا يُكَفِّرُهَا الصَّلاةُ، وَلا الصَّوْمُ، وَلا الْحَجُّ، وَيُكَفِّرُهَا الْهَمُّ فِي طَلَبِ الْمَعِيشَةِ، الطبراني، وأبو نُعيم في الحلية، عن أبي هريرة به مرفوعا، وهو عند الخطيب أيضا في تلخيص المتشابه، وفي لفظ: عَرَقُ الجبين بدل الهم، وللديلمي عن أبي هريرة مرفوعا: إن في الجنة درجة لا ينالها إلا أصحاب الهموم، يعني في المعيشة، ولأبي سليمان الداراني: من بات تعبا من كسب الحلال فإن اللَّه عنه راض.

255 - حَدِيث: إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ لَحِكْمَةً، البخاري من حديث عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث عن أُبيِّ بن كعب، والترمذي من حديث عاصم عن زر عن عبد اللَّه بن مسعود، كلاهما به مرفوعا، ولأبي داود والترمذي من حديث سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس، رفعه: إن من الشعر حكما، وأوله عند أبي داود: جاء أعرابي إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجعل يتكلم بكلام، فقال رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن من البيان سحرا، وإن، وذكره، وعند الطبراني من حديث زائدة عن سماك، فيه جملة أخرى، وهي: كان رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتمثل من الأشعار: ويأتيك من الأخبار من لم تزود، وعنده من حديث مطر الوراق، عن أبي يزيد المديني عن ابن عباس رفعه: إن من الشعر حكما، وإن من البيان سحرا، ولأبي داود من حديث صخر بن عبد اللَّه بن بريدة عن أبيه عن جده مرفوعا: إن من البيان سحرا، وإن من الشعر حكما، وإن من القول عيلا. وفي الباب عن جماعة آخرين ، والمعنى أن من الشعر ما يحث على الحسن، ويمنع من القبيح. لأن أصل الحكم في اللغة المنع. ومنه حكمة الدابة. لأنها تمنهعا أن تنصرف كيف شاءت، قاله العسكري، قال: وفي بعض كتب المتقدمين: أحكموا سفهاءكم. أي امنعوهم عن القبيح.

256 - حَدِيث: إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ، مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ، وَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ، مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ، فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَ اللَّه مَفَاتِيحَ الْخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ، وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَ اللَّه مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْهِ، ابن ماجه في السنة من سننه، والطيالسي في مسنده، كلاهما من حديث محمد بن أبي حميد، عن حفص بن عبد اللَّه، بن أنس بن مالك، عن جده أنس رفعه به، وقيل عن ابن أبي حميد عن موسى بن وردان عن حفص، ولكن ابن أبي حميد منكر الحديث، وله شاهد عن سهل بن سعد، أخرجه ابن ماجه أيضا، بلفظ: إن لهذا الخير خزائن، ولتلك الخزائن مفاتيح له، فطوبى لعبد جعله اللَّه مفتاحا للخير، مغلاقا للشر، وويل لعبد جعله اللَّه مفتاحا للشر، مغلاقا للخير، وفيه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، ضعيف أيضا.

257 - حديث: إن الميت يرى النار في بيته سبعة أيام، قال البيهقي في مناقب الإمام أحمد: قال ابن منيع: سئل عنه أحمد، فقال: باطل لا أصل له، وهو بدعة. قلت: وينظر معناه، وقد أخرجه أبو داود في سننه عن عائشة، قالت: لما مات النجاشي كنا نتحدث أنه لا يزال يرى على قبره نور. وترجم عليه: النور يرى عند قبر الشهداء.

258 - حَدِيث: إِنَّ الْمَيِّتَ يُؤْذِيهِ فِي قَبْرِهِ مَا كَانَ يُؤْذِيهِ فِي بَيْتِهِ، الديلمي بلا سند، عن عائشة مرفوعا، ويشهد له ما أخرجه أبو داود وابن ماجه وغيرهما، مرفوعا: كسر عظم الميت ككسر عظمه حيا.

259 - حَدِيث: إِنَّ نُوحًا عَلَيْهِ السَّلامُ اغْتَسَلَ، فَرَأَى ابْنَهُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: تَنْظُرُ إِلَيَّ وَأَنَا أَغْتَسِلُ حَارَ اللَّه لَوْنَكَ، قَالَ: فَاسْوَدَّ فَهُوَ أَبُو السُّودَانِ، الحاكم عن ابن مسعود موقوفا، وقال: إنه صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. ولابن أبي حاتم والحاكم أيضا من حديث أبي هريرة مرفوعا: ولد لنوح سام، وحام، ويافث، فولد لسام العرب، وفارس، والروم. وولد لحام القبط، والبربر، والسودان. وولد ليافث ياجوج، وماجوج، والترك، والصقالبة، وسنده ضعيف.

260 - حديث: إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم، مسلم عن ابن سيرين من قوله.

261 - حَدِيث: إِنَّ الْوَرْدَ خُلِقَ مِنْ عَرَقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ مِنْ عَرَقِ الْبُرَاقِ، قال النووي: لا يصح، وكذا قال شيخنا: إنه موضوع، وسبقه لذلك ابن عساكر، وهو في مسند الفردوس، بلفظ: الورد الأبيض خلق من عرقي ليلة المعراج، والورد الأحمر خلق من عرق جبريل، والورد الأصفر من عرق البراق، رواه من طريق مكي بن بندار الزنجاني، حدثنا الحسن بن علي بن عبد الواحد القرشي، حدثنا هشام بن عمار عن الزهري، عن أنس به مرفوعا، ثم قال: قال أبو مسعود: حدث به أبو عبد اللَّه الحاكم عن مكي، ومكي تفرد به، انتهى. ورواه أبو الحسين ابن فارس اللغوي في الريحان والراح له، عن مكي به، ومكي ممن اتهمه الدارقطني بالوضع، وله طريق أخرى رواه أبو الفرج النهرواني في الخامس والتسعين من "الجليس الصالح" له من طريق محمد بن عنبسة بن حماد، حدثنا أبي عن جعفر بن سليمان عن مالك بن دينار، عن أنس، رفعه: لما عرج بي إلى السماء بكت الأرض من بعدي، فنبت اللصف من بكائها، فلما أن رجعت قطر من عرقي على الأرض، فنبت ورد أحمر، ألا من أراد أن يشم رائحتي فليشم الورد الأحمر، ثم قال أبو الفرج: اللَّصَف الكَبر، قال: وما أتى به هذا الخبر فهو اليسير من كثير مما أكرم اللَّه تعالى به نبيه، ودل على فضله ورفيع منزلته، قال: وقد روينا معناه من طرق، لكن حضرنا منها هذا فذكرناه، انتهى. ولأبي الحسين ابن فارس أيضا مما عزاه لهشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا: من أراد أن يشم رائحتي فليشم الورد الأحمر.

262 - حَدِيث: إِنْ حُدِّثْتَ أَنَّ جَبَلا زَالَ عَنْ مَكَانِهِ فَصَدِّقْ، وَإِنْ حُدِّثْتَ أَنَّ رَجُلا زَالَ عَنْ خَلِيقَتِهِ فَلا تُصَدِّقْ، ابْنُ وَهْبٍ فِي الْقَدَرِ لَهُ مِنْ حَدِيثِ عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ رَفَعَهُ مُرْسَلا بِهَذَا، وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَتَذَاكَرُ مَا يَكُونُ، إِذْ قَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا سَمِعْتُمْ بِجَبَلٍ زَالَ عَنْ مَكَانِهِ فَصَدِّقُوا، وَإِذَا سَمِعْتُمْ بِرَجُلٍ زَالَ عَنْ خُلُقِهِ فَلا تُصَدِّقُوا، فَإِنَّهُ يَصِيرُ إِلَى مَا جُبِلَ إِلَيْهِ، وَهُوَ مُنْقَطِعٌ، فَالزُّهْرِيُّ لَمْ يُدْرِكْ أَبَا الدَّرْدَاءِ، وَلَكِنْ لَهُ شَوَاهِدُ مِنْهَا مَا فِي الأَمْثَالِ لِلْعَسْكَرِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: إِنَّ تَغَيُّرَ الخُلق كَتَغَيُّرِ الخَلْق، إِنَّكَ لا تَسْتَطِيعُ أَنْ تُغَيِّرَ خَلقه، حَتَّى تُغَيِّرَ خُلقه، وَمِنْهَا مَا فِي الْمُعْجَمِ الْكَبِيرِ لِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّه بْنِ رَبِيعَةَ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَذَكَرَ الْقَوْمُ رَجُلا، فَذَكَرُوا مِنْ خَلْقِهِ فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: أَرَأَيْتُمْ لَوْ قَطَعْتُمْ رَأْسَهُ أَكُنْتُمْ تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تُعِيدُوهُ، قَالُوا: لا، قَالَ: فَيَدُهُ، قَالُوا: لا، قَالَ: فَرِجْلُهُ، قَالُوا: لا، قَالَ: فَإِنَّكُمْ لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تُغَيِّرُوا خُلقه حَتَّى تُغَيِّرُوا خَلقه، وَمِنْهَا مَا فِي "أَنَسٍ الْعاقل" لأبي النرسي من حديث إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، أنه سمع جده أبا إسحاق يقول لأبيه يونس المذكور: يا أبا إسرائيل! إن بلغك أن رجلا مات فصدق، وإن بلغك أن غنيا افتقر فصدق، وإن بلغك أن فقيرا أفاد مالا فصدق، وإن بلغك أن أحمق أفاد عقلا فلا تصدق، ومنها ما في الأفراد للدارقطني من حديث أبي هريرة مرفوعا: إن اللَّه عز وجل مَنَّ على قوم، فألهمهم، فأدخلهم في رحمته، وابتلى قوما، وذكر كلمة فلم يستطيعوا أن يرحلوا عما ابتلاهم فعذبهم، وذلك عدله فيهم، إلى غير ذلك، كحديث ابن مسعود: فرغ من أربع من الخَلْق والخُلُق، كما سيأتي في: جف القلم، من الجيم، وكقوله: إن اللَّه قسم بينكم أخلاقكم، كما قسم بينكم أرزاقكم، مما بينته في بعض الأجوبة. ولبعضهم:
ومن تحلى بغير طبع ... يرد قسرا إلى الطبيعة
كخاضب الشيب في ثلاث ... تهتك أستاره الطبيعة

263 - حديث: إن كان الكلام من فضة فالصمت من ذهب، ابن أبي الدنيا في الصمت من طريق الأوزاعي، قال: قال سليمان بن داود عليهما السلام، وذكره، ومن طريق ابن المبارك وسئل عن قول لقمان لابنه إن كان الكلام من فضة، فإن الصمت من ذهب، فقال عبد اللَّه: يقول لو كان الكلام بطاعة اللَّه من فضة، فإن الصمت عن معصية اللَّه من ذهب، ومن طريق ابن المبارك أنه ذكر أبياتا وساقها وآخرها: إن كان من فضة كلامك يا نفس، فإن السكوت من ذهب.

264 - حَدِيث: إِنْ لَمْ تَكُنِ الْعُلَمَاءُ أَوْلِيَاءَ، فَلَيْسَ للَّه وَلِيٌّ، لا أعرفه حديثا، وكذا: ما اتخذ اللَّه من ولي جاهل، كما سيأتي، نعم روينا في مناقب الشافعي للبيهقي من طريق الربيع بن سليمان، قال: سمعت الشافعي يقول: إن لم تكن الفقهاء أولياء اللَّه في الآخرة فما للَّه ولي، انتهى. وكيف لا، والشافعي يقول: ما أحد أورع لخالقه من الفقهاء.

265 - حَدِيث: أَهْلُ الْقُرْآنِ هُمْ أَهْلُ اللَّه وَخَاصَّتُهُ، فِي: إِنَّ للَّه أَهْلِينَ.

266 - حَدِيث: أُوتِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، واختصر لي الكلام اختصارا، العسكري في الأمثال، من طريق سليمان بن عبد اللَّه النوفلي، عن جعفر بن محمد عن أبيه، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: وذكره، وهو مرسل في سنده من لم أعرفه، وللديلمي بلا سند عن ابن عباس مرفوعا مثله، بلفظ: أعطيت، والحديث بدل الكلم، وعند البيهقي في الشعب من طريق عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة، أن عمر مرَّ برجل يقرأ كتابا من التوراة، فذكر الحديث، وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنما بعثت فاتحا وخاتما، وأعطيت جوامع الكلم وفواتحه، واختصر لي الحديث اختصارا، وللطبراني من طريق أبي الدرداء، قال: جاء عمر، وذكر نحوه، ولأبي يعلى من طريق خالد بن عرفطة، قال: كنت عند عمر فجاءه رجل، فذكره، وفيه قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا أيها الناس قد أوتيت جوامع الكلم وخواتمه، واختصر لي الحديث اختصارا، وأصل الحديث من طريق ابن سيرين عن أبي هريرة بلفظ: أعطيت فواتح، وفي لفظ: مفاتيح، وفي آخر: جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، ومن حديث سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن، كلاهما عن أبي هريرة، بلفظ: أعطيت جوامع الكلم، وفي لفظ: بعثت بجوامع الكلم، ومن طريق أبي يونس مولى أبي هريرة عن مولاه، بلفظ: أوتيت جوامع الكلم، ومن طريق العلاء، عن أبيه عن عبد الرحمن عن أبي هريرة، بلفظ: أعطيت، ومن حديث عطاء بن السائب عن أبي جعفر، عن أبيه عن علي، في حديث: أعطيت خمسا، ففيه: وأعطيت جوامع الكلم، وفي حديث أبي موسى الأشعري: أعطيت فواتح الكلم وخواتمه، قلنا: يا رسول اللَّه، علمنا مما علمك اللَّه؟ فعلمنا التشهد، وفي حديث هند بن أبي هالة الطويل: كان رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتكلم بجوامع الكلم، قال ابن شهاب فيما نقله البخاري في الصحيح: بلغني في جوامع الكلم: أن اللَّه يجمع له الأمور الكثيرة التي كانت تكتب في الكتب قبله، في الأمر الواحد، والأمرين، ونحو ذلك، انتهى. وحاصله أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يتكلم بالقول الموجز، القليل اللفظ، الكثير المعاني، وقال سليمان بن عبد اللَّه النوفلي: كان يتكلم بالكلام القليل يجمع به المعاني الكثيرة، وقال غيره: يعني القرآن بقرينة قوله: بعثت، والقرآن هو الغاية في إيجاز اللفظ، واتساع المعاني. وقال آخر: القرآن وغيره مما أوتيه في منطقه، فبان به من غيره بالإيجاز والإبلاغ والسداد، ودليل هذا: كان يعلمنا جوامع الكلم وفواتحه والكلام في هذا المعنى يطول.

267 - حَدِيث: أَوْلادُ الْمُؤْمِنِينَ فِي جَبَلٍ فِي الْجَنَّةِ، يَكْفُلُهُمْ إِبْرَاهِيمُ وَسَارَةُ، حَتَّى يردهم إلى آباءهم يَوْمَ الْقِيَامَةِ، الحاكم في الجنائز من مستدركه، والديلمي في مسنده من جهة مؤمل بن إسماعيل، حدثنا سفيان الثوري عن عبد الرحمن ابن الأصبهاني، عن أبي حازم الأشجعي، عن أبي هريرة مرفوعا بهذا، وقال: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه. وكذا صححه ابن حبان. وقد تابع مؤملا على رفعه وكيع، لكن رواه ابن مهدي وأبو نُعيم، كلاهما عن الثوري فوقفاه، وقال الدارقطني: إنه أشبه، وأصله عند البخاري من حديث سمرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أنه رأى في منامه جبريل وميكائيل أتياه، فانطلقا به، وذكر حديثا طويلا، وفيه: وأما الشيخ الذي في أصل الشجرة، فذاك إبراهيم. وأما الصبيان الذي رأيت، فأولاد الناس. وفي رواية: فإن كل مولود مات على الفطرة، وكل بهم إبراهيم عليه السلام، يربيهم إلى يوم القيامة، وقد بسطته في "ارتياح الأكباد".

268 - حَدِيث: أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عليَّ صَلاةً، الترمذي من حديث ابن مسعود رفعه بهذا، وقال: حسن غريب، انتهى. وفي سنده موسى بن يعقوب الزمعي، وقد تفرد به فيما قاله الدارقطني مع الاختلاف عليه فيه، فقيل عن عبد اللَّه بن شداد عن ابن مسعود بلا واسطة، وهي رواية الترمذي، والبخاري في تاريخه الكبير، وابن أبي عاصم وآخرين. وقيل: بإثبات أبيه بينهما. وهي رواية أبي بكر ابن أبي شيبة، ومن طريقه ابن حبان في صحيحه، وأبو نُعيم، وابن بشكوال، وآخرين. وهي أكثر وأشهر، والزمعي قال فيه النسائي: إنه ليس بالقوي، لكن وثقه ابن معين فحسبك به، وكذا وثقه أبو داود، وابن حبان، وابن عدي، وجماعة، وأشار البخاري في تاريخه أيضا إلى أن الزمعي رواه عن ابن كيسان. عن عتبة بن عبد اللَّه عن ابن مسعود، وفيه منقبة لأهل الحديث، فإنهم أكثر الناس صلاة عليه، كما بينته في "القول البديع".

269 - حَدِيث: أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّه الْعَقْلَ .

270 - حديث: أَلا لا تُغَالُوا فِي صُدُقِ النِّسَاءِ، فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَكْرُمَةً لَكَانَ أَوْلاكُمْ بِهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، في: كل أحد، من الكاف.

271 - حَدِيث: إِيَّاكُمْ وَخَضْرَاءَ الدِّمَنِ، الدارقطني في الأفراد، والرامهرمزي، والعسكري في الأمثال، وابن عدي في الكامل، والقضاعي في مسند الشهاب، والخطيب في إيضاح الملتبس، والديلمي من حديث الواقدي، حدثنا يحيى بن سعيد بن دينار عن أبي وجزة يزيد بن عبيد عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي سعيد مرفوعا بهذا، قيل: وماذا يا رسول اللَّه؟ قال: المرأة الحسناء في المنبت السوء، قال ابن عدي: تفرد به الواقدي، وذكره أبو عبيد في الغريب، فقال: يروى عن يحيى بن سعيد بن دينار، قال ابن طاهر وابن الصلاح: يعد في أفراد الواقدي، وقال الدارقطني: لا يصح من وجه، انتهى. ومعناه أنه كره نكاح الفاسدة، وقال: أن أعراق السوء تنزع أولادها، وتفسير حقيقته أن النبات ينبت على البعر في الموضع الخبيث، فيكون ظاهره حسنا، وباطنه قبيحا فاسدا، فالدمن جمع دمنة، وهي البعر. وأنشد زفر بن الحارث:
وقد ينبت المرعى على دمن الثرى ... وتبقى حزازات النفوس كما هيا
ومعنى البيت: أن الرجلين يظهران الصلح والمودة، وينطويان على البغضاء والعداوة، كما ينبت المرعى على الدمن. وهذا أكثري أو كلي في زماننا، واللَّه المستعان.

272 - حَدِيث: إِيَّاكُمْ وَزِيَّ الأَعَاجِمِ، في: تمعددوا، من قول عمر، واعتمده الإمام مالك حيث قال: أميتوا سنة العجم، وأحيوا سنة العرب.

273 - حَدِيث: إِيَّاكُمْ وَالطَّمَعَ، فَإِنَّهُ الْفَقْرُ الْحَاضِرُ، الطبراني في الأوسط، والعسكري من طريق أبي بكر ابن عياش عن منصور بن أبي ثويرة عن محمد بن أبي حميد عن محمد بن المنكدر عن جابر رفعه بهذا، بزيادة: وإياكم وما يعتذر منه، وابن أبي حميد مجمع على ضعفه، لا سيما وقد رواه القعنبي وغيره، كما سيأتي بعد حديث عنه بغير هذا السند، لكن له شواهد، فعند العسكري من حديث محمد بن زياد عن ميمون بن مهران عن ابن عباس، قال: قيل يا نبي اللَّه، ما الغنى؟ قال: اليأس مما في أيدي الناس، وإياكم والطمع، فإنه الفقر الحاضر، ومن حديث أبي بكر ابن عياش عن عاصم عن زر عن عبد اللَّه بن مسعود: سئل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما الغنى؟ فقال: اليأس مما في أيدي الناس، ومن مشي منكم إلى طمع فليمش رويدا، وهذا عند تمام في فوائده من حديث جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة، مرفوعا: أعوذ باللَّه من طمع يجر إلي طبَع، ومن طمع في غير مطمع، ومن طمع حيث لا مطمع، وهذا عند أحمد من حديث جبير بن نفير عن معاذ بن جبل به مرفوعا، وللطبراني بأسانيد رجال أحدها ثقات مع اختلاف في بعضهم عن جبير بن نفير، أن عوف بن مالك خرج إلى الناس، فقال: إن رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمركم أن تتعوذوا من ثلاث من طمع حيث لا مطمع، ومن طمع يرد إلى طبَع، ومن طمع إلى غير مطمع.

274 - حَدِيث: إِيَّاكَ وَالأَشْقَرَ الأَزْرَقَ، فَإِنَّهُ مِنْ تَحْتِ قَرْنِهِ إِلَى قَدَمِهِ مَكْرٌ وَخَدِيعَةٌ وَغَدْرٌ، ذكره الديلمي عن ابن عمر مرفوعا ولم يسنده ولده، ويشير إلى ذم الأزرق الشعر الماضي في: إن اللَّه يحب، بل في مناقب الشافعي للبيهقي أنه رحمه اللَّه أمر صاحبه الربيع بن سليمان يوما أن يشتري له عنبا أبيض، قال: فاشتريت له منه بدرهم، فلما رآه استجاده، وقال: يا أبا محمد ممن اشتريت هذا؟ فسميت له البائع، فنحى الطبق من بين يديه، وقال لي: اردده عليه، واشتر لي من غيره، فقلت له: وما شأنه؟ فقال: ألم أنهك أن تصحب أشقر أزرق، فإنه لا ينجب، فكيف آكل من شيء يشترى لي ممن أنهى عن صحبته، قال الربيع: فرددته واعتذرت إليه واشتريت له عنبا من غيره، قال الربيع: ووجه الشافعي رجلا ليشتري له طيبا، فلما جاءه قال: اشتريته من أشقر كوسج؟ فقال: نعم، قال: عد فرده عليه، زاد حرملة عن الشافعي: فما جاءني خير قط من أشقر، وعن حرملة أيضا، قال: سمعت الشافعي يقول: احذر الأعور، والأحول، والأعرج، والأحدب، والأشقر، والكوسج، وكل من به عاهة في بدنه، وكل ناقص الخَلق فاحذره، فإنه صاحب التواء، ومعاملتهم عسرة، وقال مرة أخرى: فإنهم أصحاب خبث، قال ابن أبي حاتم: هذا إذا كان ولادتهم كذلك، فأما من حدثت له هذه العلل، وكان في الأصل صحيح التركيب فلا تضر مخالطته، وعن الحميدي قال: قال الشافعي: خرجت إلى اليمن في طلب كتب الفراسة، حتى كتبتها وجمعتها، ثم لما كان انصرافي مررت في طريقي برجل، وهو محتبي بفناء داره، أزرق العينين، ناتئ الجبهة، سناط فقلت له: هل من منزل؟ قال: نعم، قال الشافعي: وهذا النعت أخبث ما يكون في الفراسة، فأنزلني، فرأيته أكرم رجل، بعث إليَّ بعشاء، وطيب، وعلف لدابتي، وفراش، ولحاف، قال: فجعلت أتقلب الليل، أجمع ما أصنع بهذه الكتب، فلما أصبحت قلت للغلام: أسرج فأسرج، فركبت ومررت عليه، وقلت له: إذا قدمت مكة، ومررت بذي طوى، فاسأل عن منزل محمد بن إدربس الشافعي، فقال: أمولى كنت أنا لأبيك؟ فقلت: لا، قال: فهل كانت لك عندي نعمة؟ فقلت: لا، قال: فأين ما تكلفت لك البارحة؟ قلت: وما هو؟ قال: اشتريت لك طعاما بدرهمين وأدما بكذا، وعطرا بثلاث دراهم، وعلفا لدابتك بدرهمين، وكراء الفراش واللحاف درهمين، قال: فقلت يا غلام أعطه، فهل بقي من شيء؟ قال: نعم كراء المنزل، فإني وسعت عليك، وضيقت على نفسي بتلك الكتب، فقلت له بعد ذلك: هل بقي من شيء؟ قال: لا، قلت: امض، جزاك اللَّه، فما رأيت قط شرا منك.

275 - حَدِيث: إِيَّاكَ وَمَا يُعْتَذَرُ مِنْهُ، العسكري في الأمثال من طريق القعنبي، حدثنا محمد بن أبي حميد حدثني إسماعيل الأنصاري هو ابن محمد بن سعيد بن أبي وقاص عن أبيه عن جده أن رجلا قال: يا رسول اللَّه، أوصني وأوجز، فقال: عليك باليأس مما في أيدي الناس، فإنه الغنى، وإياك والطمع فإنه الفقر الحاضر، وصل صلاتك وأنت مودع، وإياك وما يعتذر منه، وأخرجه أبو نُعيم في المعرفة، والديلمي من حديث ابن أبي فديك عن حماد بن أبي حميد - وهو لقب محمد - به، وقال: إن رجلا من الأنصار، ورواه الحاكم في الرقاق من صحيحه من حديث أبي عامر العقدي حدثنا محمد بن أبي حميد به مثله، بدون تعين كونه من الأنصار، وقال: إنه صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وهذا عجيب فابن أبي حميد مجمع على ضعفه، وهو عند البيهقي في الزهد، وسلف قبل بحديث من حديث ابن أبي حميد بسند آخر، وله شواهد منها عن أنس رواه الديلمي في مسنده من حديث أبي الشيخ حدثنا ابن أبي عاصم حدثنا أبي حدثنا شبيب بن بشر عن أنس، رفعه: اذكر الموت في صلاتك، فإن الرجل إذا ذكر الموت في صلاته لحري أن تحسن صلاته، وصل صلاة رجل لا يظن أنه يصلي صلاة غيرها، وإياك وكل أمر يعتذر منه، وقال شيخنا: إنه حسن، قال: وهو عند الديلمي أيضا في حديث أوله: اعمل للَّه رأي العين، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، وأسبغ طهورك، وإذا دخلت المسجد فاذكر الموت، الحديث. وعن أبي أيوب مرفوعا أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق، وعن جابر عند الطبراني في الأوسط مرفوعا، ولفظه: إياكم والطمع فإنه هو الفقر، وإياكم وما يعتذر منه، وعن ابن عمر، أخرجه القضاعي في مسنده من حديث ابن منيع حدثنا الحسن بن راشد بن عبد ربه، حدثني أبي عن نافع عن ابن عمر، قال: جاء رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول اللَّه، حدثني حديثا واجعله موجزا لعلي أعيه، فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صل صلاة مودع كأنك لا تصلي بعدها، وآيس مما في أيدي الناس تعش غنيا، وإياك وما يعتذر منه، وكذا هو في السادس من فوائد المخلص، حدثنا عبد اللَّه هو البغوي ابن بنت أحمد بن منيع، حدثنا ابن راشد به، وأخرجه العسكري عن ابن منيع أيضا به، ورواه الطبراني في الأوسط عن البغوي، حدثنا الحسن بن علي الواسطي، حدثنا أبي علي بن راشد أخبرني أبي راشد بن عبد اللَّه عن نافع، سمعت ابن عمر، وذكر نحوه بلفظ: صل صلاة مودع، فإنك إن كنت لا تراه فإنه يراك. وعن سعد بن عمارة أخرجه الطبراني في الكبير من طريق ابن إسحاق عن عبد اللَّه ابن أبي بكر بن حزم وغيره عن سعد بن عمارة أخي بني سعد بن بكر وكانت له صحبة، أن رجلا، قال له: عظني في نفسي يرحمك اللَّه، قال: إذا انتهيت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، فإنه لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا إيمان لمن لا صلاة له، ثم إذا صليت فصل صلاة مودع، واترك طلب كثير من الحاجات، فإنه فقر الحاضر، وأجمع اليأس مما عند الناس، فإنه هو الغنى، وانظر ما يعتذر منه من القول والفعل فاجتنبه، وهو موقوف، وكذا أخرجه البخاري في تاريخه من طريقين عن ابن إسحاق، قال في أحدهما: إنه سعد، وفي الآخر: إنه سعيد، وأخرجه أحمد في كتاب الإيمان، والطبراني، ورجاله ثقات، وعن العاص بن عمرو الطفاوي رواه عبد اللَّه ابن أحمد في زوائده على المسند من طريق محمد بن عبد الرحمن الطفاوي، سمعت العاص قال: خرج أبو الغادية، وحبيب بن الحارث، وأم الغادية، مهاجرين إلى رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأسلموا، فقالت المرأة: أوصني يا رسول اللَّه؟ قال: إياك وما يسوء الأذن، وكذا أخرجه أبو نُعيم، وابن مندة، كلاهما في المعرفة، وهو مرسل، فالعاص لا صحبة له، بل قال شيخي في بعض تصانيفه: إنه مجهول، لكن ذكره ابن حبان في الثقات، وقال: يعتبر حديثه من غير رواية تمام بن بزيع عنه، وذكره ابن أبي حاتم، ولم يذكره فيه جرحا، وقال: سمع من عمته أم الغادية روى عنه تمام، ورواية تمام عنه في هذا الحديث أيضا، وهي عند ابن مندة في المعرفة، والخطيب في المؤتلف من طريقه عن العاص عن عمته أم الغادية، قالت: خرجت مع رهط من قومي إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما أردت الانصراف، قلت: يا رسول اللَّه أوصني، قال: إياك وما يسوء الأذن، وكذا أخرجه ابن سعد في الطبقات، بزيادة: ثلاثا، وتمام وإن كان ضعيفا فبروايته يعتضد المرسل، وكذا رواه العسكري من حديث الطفاوي، حدثني العاص عن حبيب وأبي الغادية، أنهما خرجا مهاجرين، ومعهما أم غادية، وذكره وهو متصل أيضا، وقد روينا في المائتين لأبي عثمان الصابوني من جهة شهر بن حوشب، عن سعد بن عبادة أنه قال لابنه: إياك وما يعتذر منه، وفي غيرها من حديث سعيد بن جبير أنه قال لابنه كذلك، بزيادة: فإنه لا يعتذر من خير.

276 - حَدِيث: أَيَّامُ التَّشْرِيقِ، أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَبِعَالٍ ، مسلم عن نبيشة الخير، وأحمد، وأبو يعلى، وابن ماجه، عن أبي هريرة نحوه، وفي لفظ من حديث أنس: وقرام بدل وبعال، وهو بكسر القاف قال الديلمي: ستر.

277 - حديث: أيش يخفي؟ قال: ما لا يكون، قال شيخي: لا أعرف له أصلا، قلت: ونحوه حديث: من أخفى سريرة صالحة أو سيئة ألبسه اللَّه منها رداء بين الناس يعرف به، ولو دخل المؤمن كوة في حائط وعمل عملا، أصبح الناس يتحدثون به، وروينا عن يحيى بن معاذ الرازي، قال: من خان اللَّه في السر هتك ستره في العلانية، وأنشد شعرا أو متمثلا:
إذا المرء أخفى الخير مكتتما له ... فلا بد أن الخير يوما سيظهره
ويكسى رداءا بالذي هو عامل ... كما يلبس الثوب النقي المشهرة
وقد كتبت فيه جزءا.

278 - حَدِيث: الإِيمَانُ عَقْدٌ بِالْقَلْبِ، وَإِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ، وَعَمَلٌ بِالأَرْكَانِ، ابن ماجه من حديث عبد السلام بن صالح الهروي عن علي بن موسى الرضي عن أبيه عن جعفر عن أبيه عن علي بن الحسين عن أبيه عن علي رفعه بهذا، وحكم عليه ابن الجوزي بالوضع وذكر الديلمي أن علي بن موسى المذكور لما دخل نيسابور وهو في عمارته على بغلة شهباء، خرج علماء البلد في طلبه: يحيى بن يحيى، وإسحاق ابن راهويه، وأحمد بن حرب، ومحمد بن رافع، فتعلقوا بلجامه، فقال له إسحاق: بحق آبائك الطاهرين حدثنا بحديث سمعته من أبيك؟ فقال: حدثنا العبد الصالح أبي موسى بن جعفر، وذكره.