فهرس الكتاب

تحفة الاحوذي - باب ما جاء أن ما بين المشرق والمغرب قبلة

رقم الحديث 2281 [2281] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى) بْنِ عَامِرٍ الثَّعْلَبِيِّ بِالْمُثَلَّثَةِ وَالْمُهْمَلَةِ الْكُوفِيِّ صَدُوقٌ يَهِمُ مِنَ السادسة7 -

رقم الحديث 2283 [2283] .

     قَوْلُهُ  ( قَالَ مَنْ تَحَلَّمَ) بِالتَّشْدِيدِ أَيْ طَلَبَ الْحُلْمَ بِأَنِ ادَّعَى أَنَّهُ حَلَمَ حُلْمًا أَيْ رَأَى رُؤْيَا ( كَاذِبًا) فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ رَأَى ذَلِكَ فِي مَنَامِهِ ( وَلَنْ يَعْقِدَ بَيْنَهُمَا) لِأَنَّ اتِّصَالَ إِحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى غَيْرُ مُمْكِنٍ فَهُوَ يُعَذَّبُ لِيَفْعَلَ ذَلِكَ وَلَا يُمْكِنُهُ فِعْلُهُ فَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ دَوَامِ تَعْذِيبِهِ قَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ .

     قَوْلُهُ  مَنْ تَحَلَّمَ كُلِّفَ أَنْ يَعْقِدَ بَيْنَ شَعِيرَتَيْنِ أَيْ قَالَ إِنَّهُ رَأَى فِي النَّوْمِ مَا لَمْ يَرَهُ يُقَالُ حَلَمَ بِالْفَتْحِ إِذَا رَأَى وَتَحَلَّمَ إِذَا ادَّعَى الرُّؤْيَا كَاذِبًا فَإِنْ قِيلَ إِنَّ كَذِبَ الْكَاذِبِ فِي مَنَامِهِ لَا يَزِيدُ عَلَى كَذِبِهِ فِي يَقِظَتِهِ فَلِمَ زَادَتْ عُقُوبَتُهُ وَوَعِيدُهُ وَتَكْلِيفُهُ عَقْدَ الشَّعِيرَتَيْنِ قِيلَ قَدْ صَحَّ الْخَبَرُ أَنَّ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةَ جُزْءٌ مِنَ النُّبُوَّةِوَالنُّبُوَّةُ لَا تَكُونُ إِلَّا وَحْيًا وَالْكَاذِبُ فِي رُؤْيَاهُ يَدَّعِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرَاهُ مَا لَمْ يَرَهُ وَأَعْطَاهُ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ لَمْ يُعْطِهِ إِيَّاهُ وَالْكَاذِبُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى أَعْظَمُ فِرْيَةً مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى الْخَلْقِ أَوْ عَلَى نَفْسِهِ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وأبو داود والنسائي وبن ماجة

رقم الحديث 2284 [2284] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ عُقَيْلٍ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَفَتْحِ الْقَافِ مصغرا بن خَالِدِ بْنِ عَقِيلٍ بِالْفَتْحِ الْأَيْلِيِّ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ لَامٌ كُنْيَتُهُ أَبُو خَالِدٍ الْأُمَوِيُّ مَوْلَاهُمْ ثِقَةٌ ثَبْتٌ مِنَ السَّادِسَةِ ( عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ) الْمَدَنِيِّ شَقِيقِ سَالِمٍ ثِقَةٌ مِنَ الثَّالِثَةِ .

     قَوْلُهُ  ( بَيْنَا) أَصْلُهُ بَيْنَ فَأُشْبِعَتِ الْفَتْحَةُ ( إِذْ أُتِيتُ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ ( فَشَرِبْتُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ ذَلِكَ اللَّبَنِ ( قَالَ الْعِلْمَ) هُوَ بِالنَّصْبِ وَبِالرَّفْعِ فِي الرِّوَايَةِ وَتَوْجِيهُهُمَا ظَاهِرٌ وَتَفْسِيرُ اللَّبَنِ بِالْعِلْمِ لِاشْتِرَاكِهِمَا في كثرة النفع بهما وقال بن الْعَرَبِيِّ اللَّبَنُ رِزْقٌ يَخْلُقُهُ اللَّهُ طَيِّبًا بَيْنَ أَخْبَاثٍ مِنْ دَمٍ وَفَرْثٍ كَالْعِلْمِ نُورٌ يُظْهِرُهُ اللَّهُ فِي ظُلْمَةِ الْجَهْلِ فَضَرَبَ بِهِ الْمَثَلَ فِي الْمَنَامِ قَالَ بَعْضُ الْعَارِفِينَ الَّذِي خَلَّصَ اللَّبَنَ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ الْمَعْرِفَةَ مِنْ بَيْنِ شَكٍّ وَجَهْلٍ ويحفظ العمل عن غفلة وزلل وهو كَمَا قَالَ لَكِنِ اطَّرَدَتِ الْعَادَةُ بِأَنَّ الْعِلْمَ بِالتَّعَلُّمِ وَالَّذِي ذَكَرَهُ قَدْ يَقَعُ خَارِقًا لِلْعَادَةِ فيكون من باب الكرامة وقال بن أَبِي جَمْرَةَ تَأَوَّلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّبَنَ بِالْعِلْمِ اعْتِبَارًا بِمَا بُيِّنَ لَهُ أَوَّلَ الْأَمْرِ حِينَ أُتِيَ بِقَدَحِ خَمْرٍ وَقَدَحِ لَبَنٍ فَأَخَذَ اللَّبَنَ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ أَخَذْتَ الْفِطْرَةَ الْحَدِيثَ كَذَا فِي الْفَتْحِ .

     قَوْلُهُ  ( حَدِيثُ بن عُمَرَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ

رقم الحديث 2285 [2285] .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَرِيرِيُّ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ كَذَا وَقَعَ فِي النُّسْخَةِ الْأَحْمَدِيَّةِ وَكَتَبَ فِي هَامِشِهَا مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ وَقَعَ فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ هَكَذَا بِالْحَاءِ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْأُخْرَى بِالْجِيمِ انْتَهَى قُلْتُ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْجَرِيرِيُّ مِنْ وَلَدِ جَرِيرٍ النَّخِيلِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى وَعَنْهُ التِّرْمِذِيُّ انْتَهَى فَعُلِمَ مِنْهُ أنَّهُ الْجَرِيرِيُّ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِ الراء وفي شرح الشيخ بن حجر الهيثمي عَلَى الشَّمَائِلِ الْجَرِيرِيُّ بِضَمِّ الْجِيمِ هُوَ الصَّوَابُ انْتَهَى وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَهُوَ مَجْهُولٌ كَمَا فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ ( عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا أَبْهَمَهُ مَعْمَرٌ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَقَدْ صَرَّحَ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ فِي رِوَايَتِهِ الْآتِيَةِ بِذِكْرِ أَبِي سَعِيدٍ) قَالَ الْحَافِظُ كَذَا رَوَاهُ أَكْثَرُ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فَأَبْهَمَهُ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ) بِضَمَّتَيْنِ جَمْعُ قَمِيصٍ وَالْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ ( مِنْهَا) أَيْ مِنَ الْقُمُصِ ( مَا يَبْلُغُ الثُّدِيَّ) بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَكَسْرِ الدَّالِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ جَمْعُ ثَدْيٍ بِفَتْحٍ ثُمَّ سُكُونٍ وَهُوَ مُذَكَّرٌ عِنْدَ مُعْظَمِ أَهْلِ اللُّغَةِ وَحُكِيَ أَنَّهُ مُؤَنَّثٌ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُطْلَقُ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَقِيلَ يَخْتَصُّ بِالْمَرْأَةِ وَهَذَا الْحَدِيثُ يَرُدُّهُ وَلَعَلَّ قَائِلَ هَذَا يَدَّعِي أَنَّهُ أُطْلِقَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَجَازًا وَالْمَعْنَى أَنَّ الْقَمِيصَ قَصِيرٌ جِدًّا بِحَيْثُ لَا يَصِلُ مِنَ الْحَلْقِ إِلَى نَحْوِ السُّرَّةِ بَلْ فَوْقَهَا ( وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَمِنْهَا مَا دُونَ ذَلِكَ قَالَ الْحَافِظُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ دُونَهُ مِنْ جِهَةِ السُّفْلِ وَهُوَ الظَّاهِرُ فَيَكُونُ أَطْوَلَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ دُونَهُ مِنْ جِهَةِ الْعُلْوِ فَيَكُونُ أُقْصَرَ وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ مَا فِي رِوَايَةِ الْحَكِيمِ التِّرْمِذِيِّ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ قَمِيصُهُ إِلَى سُرَّتِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ قَمِيصُهُ إِلَى رُكْبَتِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ قَمِيصُهُ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ انْتَهَى قُلْتُ وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ رِوَايَةُ أَبِي عِيسَى التِّرْمِذِيِّ هَذِهِ أَيْضًا ( فَعُرِضَ عَلَيَّ عُمَرُ) أَيْ فِي مَا بَيْنَهُمْ ( وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ يَجُرُّهُ) أَيْ يَسْحَبُهُ فِي الْأَرْضِلِطُولِهِ ( قَالُوا) أَيْ بَعْضُ الصَّحَابَةِ مِنَ الْحَاضِرِينَ ( فَمَا أَوَّلْتَهُ) أَيْ فَمَا عَبَّرْتَ جَرَّ الْقَمِيصِ لِعُمَرَ ( قَالَ الدِّينَ) بِالنَّصْبِ أَيْ أَوَّلْتُهُ الدِّينَ وَيَجُوزُ الرَّفْعُ أَيِ الْمُأَوَّلُ بِهِ هُوَ الدِّينُ قَالَ النَّوَوِيُّ الْقَمِيصُ الدِّينُ وَجَرُّهُ يَدُلُّ عَلَى بَقَاءِ آثَارِهِ الْجَمِيلَةِ وَسُنَّتِهِ الْحَسَنَةِ فِي الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ وَفَاتِهِ لِيُقْتَدَى بِهِ وَأَمَّا تَفْسِيرُ اللَّبَنِ بِالْعِلْمِ فَلِكَثْرَةِ الِانْتِفَاعِ بِهِمَا وَفِي أَنَّهُمَا سَبَبًا لِلصَّلَاحِ فَاللَّبَنُ غِذَاءُ الْإِنْسَانِ وَسَبَبُ صَلَاحِهِمْ وَقُوَّةُ أَبْدَانِهِمْ وَالْعِلْمُ سَبَبٌ لِلصَّلَاحِ وَغِذَاءٌ لِلْأَرْوَاحِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ انْتَهَى وَقَالَ الْحَافِظُ قَالُوا وَجْهُ تَعْبِيرِ الْقَمِيصِ بِالدِّينِ أَنَّ الْقَمِيصَ يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ فِي الدُّنْيَا وَالدِّينُ يَسْتُرُهَا فِي الْآخِرَةِ وَيَحْجُبُهَا عَنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ وَالْأَصْلُ فِيهِ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى ولباس التقوى ذلك خير الْآيَةَ وَالْعَرَبُ تُكَنِّي عَنِ الْفَضْلِ وَالْعَفَافِ بِالْقَمِيصِ وَمِنْهُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُثْمَانَ إن الله سيلبسه قميصا فلا تخلعه أخرجه أحمد والترمذي وبن ماجة وصححه بن حِبَّانَ وَاتَّفَقَ أَهْلُ التَّعْبِيرِ عَلَى أَنَّ الْقَمِيصَ يُعَبَّرُ بِالدِّينِ وَأَنَّ طُولَهُ يَدُلُّ عَلَى بَقَاءِ آثَارِ صَاحِبِهِ مِنْ بَعْدِهِ

رقم الحديث 2286 [2286] .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ) الزُّهْرِيُّ أَبُو يُوسُفَ الْمَدَنِيُّ نَزِيلُ بَغْدَادَ ثِقَةٌ فَاضِلٌ مِنْ صِغَارِ التَّاسِعَةِ ( عَنْ أَبِيهِ) أَيْ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ الْمَدَنِيُّ نَزِيلُ بَغْدَادَ ثِقَةٌ حُجَّةٌ تَكَلَّمَ فِيهِ بِلَا قَادِحٍ مِنَ الثَّامِنَةِ ( وَهَذَا أَصَحُّ) أَيْ مِنَ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّ فِي سَنَدِهِ الْحُسَيْنَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَهُوَ مَجْهُولٌ كَمَا عَرَفْتَ - ( بَاب مَا جَاءَ فِي رُؤْيَا النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) الْمِيزَانَ وَالدَّلْوَ

رقم الحديث 2287 [2287] .

     قَوْلُهُ  ( كَأَنَّ مِيزَانًا) كَأَنَّ بِتَشْدِيدِ النُّونِ مِنَ الْحُرُوفِ المشبهة بالفعل ( فوزنت) بصيغة الْمَجْهُولِ الْمُخَاطَبِ ( أَنْتَ) ضَمِيرُ فَصْلٍ وَتَأْكِيدٌ لِتَصْحِيحِ الْعَطْفِ ( فَرَجَحْتَ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِلِطُولِهِ ( قَالُوا) أَيْ بَعْضُ الصَّحَابَةِ مِنَ الْحَاضِرِينَ ( فَمَا أَوَّلْتَهُ) أَيْ فَمَا عَبَّرْتَ جَرَّ الْقَمِيصِ لِعُمَرَ ( قَالَ الدِّينَ) بِالنَّصْبِ أَيْ أَوَّلْتُهُ الدِّينَ وَيَجُوزُ الرَّفْعُ أَيِ الْمُأَوَّلُ بِهِ هُوَ الدِّينُ قَالَ النَّوَوِيُّ الْقَمِيصُ الدِّينُ وَجَرُّهُ يَدُلُّ عَلَى بَقَاءِ آثَارِهِ الْجَمِيلَةِ وَسُنَّتِهِ الْحَسَنَةِ فِي الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ وَفَاتِهِ لِيُقْتَدَى بِهِ وَأَمَّا تَفْسِيرُ اللَّبَنِ بِالْعِلْمِ فَلِكَثْرَةِ الِانْتِفَاعِ بِهِمَا وَفِي أَنَّهُمَا سَبَبًا لِلصَّلَاحِ فَاللَّبَنُ غِذَاءُ الْإِنْسَانِ وَسَبَبُ صَلَاحِهِمْ وَقُوَّةُ أَبْدَانِهِمْ وَالْعِلْمُ سَبَبٌ لِلصَّلَاحِ وَغِذَاءٌ لِلْأَرْوَاحِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ انْتَهَى وَقَالَ الْحَافِظُ قَالُوا وَجْهُ تَعْبِيرِ الْقَمِيصِ بِالدِّينِ أَنَّ الْقَمِيصَ يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ فِي الدُّنْيَا وَالدِّينُ يَسْتُرُهَا فِي الْآخِرَةِ وَيَحْجُبُهَا عَنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ وَالْأَصْلُ فِيهِ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى ولباس التقوى ذلك خير الْآيَةَ وَالْعَرَبُ تُكَنِّي عَنِ الْفَضْلِ وَالْعَفَافِ بِالْقَمِيصِ وَمِنْهُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُثْمَانَ إن الله سيلبسه قميصا فلا تخلعه أخرجه أحمد والترمذي وبن ماجة وصححه بن حِبَّانَ وَاتَّفَقَ أَهْلُ التَّعْبِيرِ عَلَى أَنَّ الْقَمِيصَ يُعَبَّرُ بِالدِّينِ وَأَنَّ طُولَهُ يَدُلُّ عَلَى بَقَاءِ آثَارِ صَاحِبِهِ مِنْ بَعْدِهِ

رقم الحديث 2288 [2288] .

     قَوْلُهُ  (عَنْ ورقة) بفتحات أي بن نوفل بن عَمِّ خَدِيجَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ كَانَ تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَقَرَأَ الْكُتُبَ وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ (فَقَالَتْ) بَيَانُ السُّؤَالِ وَالسَّائِلِ (لَهُ) أَيْ لِأَجْلِ وَرَقَةَ وَتَحْقِيقِ أَمْرِهِ (خَدِيجَةُ إِنَّهُ) أَيِ الشَّأْنَ أَوْ أَنَّ وَرَقَةَ (كَانَ) أَيْ فِي حَيَاتِهِ (صَدَّقَكَ) بِالتَّشْدِيدِ أَيْ فِي نُبُوَّتِكَ (وَأَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ) تَعْنِي أَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ زَمَانَ دَعْوَتِكَ لِيُصَدِّقَكَ وَيَأْتِيَ بِالْأَعْمَالِ عَلَى مُوجِبِ شَرِيعَتِكَ لَكِنْ صَدَّقَكَ قَبْلَ مَبْعَثِكَ قَالَهُ الطِّيبِيُّ (أُرِيتُهُ فِي الْمَنَامِ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ أَرَانِيهِ اللَّهُ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْوَحْيِ لِلْأَنْبِيَاءِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِنِي وَحْيٌ جَلِيٌّ وَدَلِيلٌ قَطْعِيٌّ لَكِنِّي رَأَيْتُهُ فِي الْمَنَامِ (وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ بَيَاضٌ) وَفِي الْمِشْكَاةِ وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ بِيضٌ (وَلَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَكَانَ عَلَيْهِ لِبَاسٌ غير ذلكفِيهِ أَنَّهُ إِذَا رَأَى مُسْلِمٌ فِي الْمَنَامِ الثِّيَابَ الْبِيضَ عَلَى مَيِّتٍ مُسْلِمٍ فَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى حُسْنِ حَالِهِ وَأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ .

     قَوْلُهُ  (هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ (وَعُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَيْسَ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ بِالْقَوِيِّ) قَالَ فِي التَّقْرِيبِ عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُمَرَ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ الزُّهْرِيُّ الْوَقَّاصِيُّ أَبُو عمرو المدني متروك وكذبة بن مَعِينٍ.

     وَقَالَ  فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ قَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ تُوُفِّيَ فِي خِلَافَةِ هَارُونَ رَوَى لَهُ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثًا وَاحِدًا فِي ذِكْرِ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ

رقم الحديث 2289 [2289] .

     قَوْلُهُ  (فَنَزَعَ أَبُو بَكْرٍ ذَنُوبًا) بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ الدَّلْوُ فِيهَا مَاءٌ وَالْمَلْأَى أَوْ دُونَ الْمَلْأَى كَذَا فِي الْقَامُوسِ قَالَ الْحَافِظُ وَاتَّفَقَ مَنْ شَرَحَ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّ ذِكْرَ الذَّنُوبِ إِشَارَةٌ إِلَى مُدَّةِ خِلَافَتِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ وَلِيَ سَنَتَيْنِ وَبَعْضَ سَنَةٍ فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمُرَادَ لَقَالَ ذَنُوبَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ ذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى مَا فُتِحَ فِي زَمَانِهِ مِنَ الْفُتُوحِ الْكِبَارِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ وَلِذَلِكَ لَمْ يَتَعَرَّضْ في ذكر عمر إلى عدد مَا نَزَعَهُ مِنَ الدِّلَاءِ وَإِنَّمَا وَصَفَ نَزْعَهُ بِالْعَظَمَةِ إِشَارَةً إِلَى كَثْرَةِ مَا وَقَعَ فِي خِلَافَتِهِ مِنَ الْفُتُوحَاتِ وَقَدْ ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ تَفْسِيرَ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْأُمِّ فَقَالَ بَعْدَ أَنْ سَاقَهُ وَمَعْنَى قَوْلِهِ وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ قِصَرُ مُدَّتِهِ وَعَجَلَةُ مَوْتِهِ وَشُغْلِهِ بِالْحَرْبِ لِأَهْلِ الرِّدَّةِ عَنِ الِافْتِتَاحِ وَالِازْدِيَادِ الَّذِي بَلَغَهُ عُمَرُ فِي طُولِ مُدَّتِهِ انْتَهَى فَجَمَعَ فِي كَلَامِهِ مَا تَفَرَّقَ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ انْتَهَى (فِيهِ ضَعْفٌ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ قَالَ الحافظ أي على مهل ورق (وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ) قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا دُعَاءٌ مِنَ الْمُتَكَلِّمِ أَيْ أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لَهُ وَقَالَ غَيْرُهُ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى قُرْبِ وَفَاةِ أَبِي بَكْرٍ وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كان توابا فَإِنَّهَا إِشَارَةٌ إِلَى قُرْبِ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْحَافِظُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى قِلَّةِ الْفُتُوحِ فِي زَمَانِهِ لَا صُنْعَ لَهُ فِيهِ لِأَنَّ سَبَبَهُ قِصَرُ مُدَّتِهِ فَمَعْنَى الْمَغْفِرَةِ لَهُ رَفْعُ الْمَلَامَةِ عَنْهُ (فَاسْتَحَالَتْ غَرْبًا) أَيِ انْقَلَبَتِ الدَّلْوُ الَّتِي كَانَتْ ذَنُوبًا غَرْبًا أَيْ دَلْوًا عَظِيمَةً وَالْغَرْبُ بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ (فَلَمْ أر عبقريابِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ أَيْ رَجُلًا قَوِيًّا (يَفْرِي) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ (فَرِيَّهُ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ الْمَفْتُوحَةِ وَرُوِيَ بِسُكُونِ الرَّاءِ وَخَطَّأَهُ الْخَلِيلُ وَمَعْنَاهُ يَعْمَلُ عَمَلَهُ الْبَالِغَ (حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِالْعَطَنِ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَآخِرُهُ نُونٌ هُوَ مَنَاخُّ الْإِبِلِ إِذَا شَرِبَتْ ثُمَّ صَدَرَتْ وَسَيَأْتِي فِي مَنَاقِبِ عُمَرَ بِلَفْظِ حَتَّى رَوَى النَّاسُ وَضَرَبُوا بِعَطَنٍ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي الطُّفَيْلِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عِنْدَ الْبَزَّارِ وَالطَّبَرَانِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَيْنَا أَنَا أَنْزِعُ اللَّيْلَةَ إِذْ وَرَدَتْ عَلَيَّ غَنَمٌ سُودٌ وَعُفْرٌ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَنَزَعَ فَذَكَرَهُ.

     وَقَالَ  فِي عُمَرَ فَمَلَأَ الْحِيَاضَ وَأَرْوَى الْوَارِدَةَ.

     وَقَالَ  فِيهِ فَأُوِّلَتِ السُّودُ الْعَرَبَ وَالْعُفْرُ الْعَجَمَ .

     قَوْلُهُ  (وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ (هذا حديث صحيح غريب من بن عُمَرَ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ

رقم الحديث 2290 [229] .

     قَوْلُهُ  ( قَالَ رَأَيْتُ) أَيْ فِي شَأْنِ الْمَدِينَةِ ( ثَائِرَةَ الرَّأْسِ) أَيْ مُنْتَشِرَةً شَعْرَ الرَّأْسِ ( حَتَّى قَامَتْ بِمَهْيَعَةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْهَاءِ وَفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَالْعَيْنِ الْأَرْضُ الْمَبْسُوطَةُ الْوَاسِعَةُ ( وَهِيَ الْجُحْفَةُ) قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَأَظُنُّ قَوْلَهُ وَهِيَ الْجُحْفَةُ مَدْرَجًا مِنْ قَوْلِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ فَإِنَّ أَكْثَرَ الرِّوَايَاتِ خَلَا عَنْ هَذِهِ الزِّيَادَةِ وَثَبَتَتْ فِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ جُرَيْحٍ ( فَأَوَّلْتُهَا) مِنَ التَّأْوِيلِ هُوَ تَفْسِيرُ الشيء بما يؤول إِلَيْهِ ( وَبَاءَ الْمَدِينَةِ) وَهُوَ بِالْمَدِّ وَيُقْصَرُ مَرَضٌ عَامٌّ أَوْ مَوْتٌ ذَرِيعٌ وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْأَرْضِ الْوَخِمَةِ الَّتِي تَكْثُرُ فِيهَا الْأَمْرَاضُ لَا سِيَّمَا لِلْغُرَبَاءِ أَيْ حُمَّاهَا وَأَمْرَاضُهَا .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ

رقم الحديث 2291 [2291] .

     قَوْلُهُ  ( قَالَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ لَا تَكَادُ رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ تَكْذِبُ إِلَخْ) تَقَدَّمَ شَرْحُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ إِنَّ رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ من ستة وأربعين جزءا من النبوة