فهرس الكتاب

تحفة الاحوذي - باب ما جاء فيمن زار قوما فلا يصل بهم

رقم الحديث 2709 [2709] وله ( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي بَيْتِهِ فَاطَّلَعَ عَلَيْهِ رَجُلٌ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ فِي جُحْرٍ فِي بَعْضِ حُجَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( فَأَهْوَى إِلَيْهِ بِمِشْقَصٍ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَهْوَى بِيَدِهِ إِلَيْهِ أَيْ مَدَّهَا نَحْوَهُ وَأَمَالَهَا إِلَيْهِ انْتَهَى وَالْمِشْقَصُ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيهِ وَفَتْحِ ثَالِثِهِ نَصْلُ السَّهْمِ إِذَا كَانَ طَوِيلًا غَيْرَ عَرِيضٍ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ فَقَامَ إِلَيْهِ بِمِشْقَصٍ أَوْ مَشَاقِصَ وَجَعَلَ يَخْتِلُهُ لِيَطْعَنَهُ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا .

     قَوْلُهُ  ( أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جُحْرٍ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ كُلُّ ثُقْبٍ مُسْتَدِيرٍ فِي أَرْضٍ أَوْ حَائِطٍ وَأَصْلُهَا مَكَامِنُ الْوَحْشِ ( فِي حُجْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ ( وَمَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِدْرَاةٌ) وَفِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ مِدْرًى قَالَ الْحَافِظُ الْمِدْرَى بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ عُودٌ تُدْخِلُهُ الْمَرْأَةُ فِي رَأْسِهَا لِتَضُمَّ بَعْضَ شَعْرِهَا إِلَى بَعْضٍ وَهُوَ يُشْبِهُ الْمِسَلَّةَ يُقَالُ مَدِرَتِ الْمَرْأَةُ سَرَّحَتْ شَعْرَهَا وَقِيلَ مُشْطٌ لَهُ أَسْنَانٌ يَسِيرَةٌ وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ هُوَ الْمُشْطُ.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِيُّ أَصْلُ الْمِدْرَى الْقَرْنُ كَذَلِكَ الْمِدْرَاةُ وَقِيلَ هُوَ عُودٌ أَوْ حَدِيدَةٌ كما كَالْخِلَالِ لَهَا رَأْسٌ مُحَدَّدٌ وَقِيلَ خَشَبَةٌ عَلَى شَكْلِ شَيْءٍ مِنْ أَسْنَانِ الْمُشْطِ وَلَهَا سَاعِدٌ جَرَتْ عَادَةُ الْكَبِيرِ أَنْ يَحُكَّ بِهَا مَا لَا تَصِلُ إِلَيْهِ يَدُهُ مِنْ جَسَدِهِ وَيُسَرِّحُ بِهَا الشَّعْرَ الْمُلَبَّدَ مَنْ لَا يَحْضُرُهُ الْمُشْطُ وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثٍ لِعَائِشَةَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمِدْرَى غَيْرُ الْمُشْطِ أَخْرَجَهُ الْخَطِيبُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْهَا قَالَتْ خَمْسٌ لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَعُهُنَّ فِي سَفَرٍ وَلَا حَضَرٍ الْمَرْأَةُ وَالْمُكْحُلَةُ وَالْمُشْطُ وَالْمِدْرَى وَالسِّوَاكُ وَفِي إِسْنَادِهِ أَبُو أُمَيَّةَ بْنُ يَعْلَى وهو ضعيف وأخرجه بن عَدِيٍّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ضَعِيفٍ أَيْضًا وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَائِشَةَ أَقْوَى مِنْ هَذَا لَكِنْ فِيهِقَارُورَةُ دُهْنٍ بَدَلَ الْمِدْرَى ( يَحُكُّ) بِصِيغَةِ الْفَاعِلِ ( بِهَا) أَيْ بِالْمِدْرَاةِ ( لَوْ عَلِمْتُ) أَيْ يَقِينًا ( أَنَّكَ تَنْظُرُ) أَيْ قَصْدًا وَعَمْدًا ( لَطَعَنْتُ بِهَا فِي عَيْنِكَ) قَالَ الطِّيبِيُّ دَلَّ عَلَى أَنَّ الِاطِّلَاعَ مَعَ غَيْرِ قَصْدِ النَّظَرِ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْحُكْمُ كَالْمَارِّ ( إِنَّمَا جُعِلَ) أَيْ شُرِعَ ( الاستيذان مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ) قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّ الِاسْتِئْذَانَ مَشْرُوعٌ وَمَأْمُورٌ بِهِ وَإِنَّمَا جُعِلَ لِئَلَّا يَقَعَ الْبَصَرُ عَلَى الْحَرَمِ فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَنْظُرَ فِي جُحْرِ بَابٍ وَلَا حَفِيرَةٍ مِمَّا هُوَ مُتَعَرِّضٌ فِيهِ لِوُقُوعِ بَصَرِهِ عَلَى امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ انْتَهَى قَالَ الْحَافِظُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يُشْرَعُ الِاسْتِئْذَانُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ حَتَّى الْمَحَارِمِ لِئَلَّا تَكُونَ مُنْكَشِفَةَ الْعَوْرَةِ وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ عَنْ نَافِعٍ كَانَ بن عُمَرَ إِذَا بَلَغَ بَعْضُ وَلَدِهِ الْحُلُمَ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ إِلَّا بِإِذْنٍ وَمِنْ طَرِيقِ عَلْقَمَةَ جاء رجل إلى بن مَسْعُودٍ فَقَالَ أَسْتَأْذِنُ عَلَى أُمِّي فَقَالَ مَا عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهَا تُرِيدُ أَنْ تَرَاهَا وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمِ بْنِ نَذِيرٍ سَأَلَ رَجُلٌ حُذَيْفَةَ أَسْتَأْذِنُ عَلَى أُمِّي قَالَ إِنْ لَمْ تَسْتَأْذِنْ عَلَيْهَا رَأَيْتَ مَا تَكْرَهُ وَمِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى أُمِّي فَدَخَلَ وَاتَّبَعْتُهُ فَدَفَعَ فِي صَدْرِي.

     وَقَالَ  تَدْخُلُ بغير إذن ومن طريق عطاء سألت بن عَبَّاسٍ أَسْتَأْذِنُ عَلَى أُخْتِي قَالَ نَعَمْ.

قُلْتُ إِنَّهَا فِي حِجْرِي قَالَ أَتُحِبُّ أَنْ تَرَاهَا عُرْيَانَةَ وَأَسَانِيدُ هَذِهِ الْآثَارِ كُلُّهَا صَحِيحَةٌ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) لَعَلَّهُ أَشَارَ إِلَى حَدِيثِهِ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ فِي الْبَابِ الْمُتَقَدِّمِ وَقَدْ ذَكَرْنَا لَفْظَهُ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا 8 - ( بَاب ما جاء التَّسْلِيمِ قَبْلَ الِاسْتِئْذَانِ)

رقم الحديث 2710 [271] .

     قَوْلُهُ  ( أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي سُفْيَانَ) بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ الْجُمَحِيُّ ثِقَةٌ مِنَ الخامسة روى عن أمية بن صفوان وبن عَمِّ أَبِيهِ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صفوانوغيرهما وعنه أخوه حنظلة وبن جُرَيْجٍ وَغَيْرُهُمَا ( أَنَّ عَمْرَو بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ) بْنِ أُمَيَّةَ بن خلف الجمحي الْمَكِّيَّ صَدُوقٌ شَرِيفٌ مِنَ الرَّابِعَةِ ( أَنَّ كَلَدَةَ) بِكَافٍ وَلَامٍ مَفْتُوحَتَيْنِ ( بْنَ حَنْبَلٍ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ بَيْنَهُمَا نُونٌ سَاكِنَةٌ قَالَ فِي التَّقْرِيبِ كلدة بن الحنبل ويقال بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَنْبَلِ الْجُمَحِيُّ الْمَكِّيُّ صَحَابِيٌّ لَهُ حَدِيثٌ وَهُوَ أَخُو صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ لِأُمِّهِ انْتَهَى وَقَالَ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ فِي تَرْجَمَتِهِ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صِفَةِ الِاسْتِئْذَانِ وَالسَّلَامِ وَعَنْهُ أُمَيَّةُ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ انْتَهَى ( أَنَّ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ) بْنِ خَلَفِ بْنِ وَهْبٍ بن حذافة بن جمع الْقُرَشِيَّ الْجُمَحِيَّ كُنْيَتُهُ أَبُو وَهْبٍ وَقِيلَ أَبُو أُمَيَّةَ قُتِلَ أَبُوهُ يَوْمَ بَدْرٍ كَافِرًا وَأَسْلَمَ هُوَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَكَانَ مِنَ الْمُؤَلَّفَةِ وَشَهِدَ الْيَرْمُوكَ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْهُ أَوْلَادُهُ أُمَيَّةُ وَعَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَغَيْرُهُمْ ( بَعَثَهُ) أَيْ أَرْسَلَهُ زَادَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَتِهِ فِي الْفَتْحِ ( وَلِبَأٍ) كَعِنَبٍ وَهُوَ أَوَّلُ مَا يُحْلَبُ عِنْدَ الْوِلَادَةِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ ( وَضَغَابِيسَ) جَمْعُ ضُغْبُوسٍ بِالضَّمِّ وَهِيَ صِغَارُ الْقِثَّاءِ وَقِيلَ هِيَ نَبْتٌ يَنْبُتُ فِي أُصُولِ الثُّمَامِ يُشْبِهُ الْهِلْيُونَ يُسْلَقُ بِالْخَلِّ وَالزَّيْتِ وَيُؤْكَلُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ ( وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَعْلَى الْوَادِي) وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ بأعلى مكة قوله ( قال عمرو) أي بن أَبِي سُفْيَانَ ( وَأَخْبَرَنِي بِهَذَا الْحَدِيثِ أُمَيَّةُ بْنُ صفوان) بن أمية بن خلف الجمحي المكي مَقْبُولٌ مِنَ الرَّابِعَةِ ( وَلَمْ يَقُلْ سَمِعْتُهُ مِنْ كَلَدَةَ) أَيْ لَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ الْإِخْبَارِ وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ بَعْدَ رِوَايَةِ هَذَا الحديث ما لفظه قال عمرو وأخبرني بن صَفْوَانَ بِهَذَا أَجْمَعَ عَنْ كَلَدَةَ بْنِ الْحَنْبَلِ وَلَمْ يَقُلْ سَمِعْتُهُ مِنْهُ انْتَهَى وَالْحَاصِلُ أَنَّ عَمْرَو بْنَ أَبِي سُفْيَانَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ شَيْخَيْنِ لَهُ أَحَدُهُمَا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ وَثَانِيهِمَا أُمَيَّةُ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ وَكِلَاهُمَا رَوَيَاهُ عَنْ كَلَدَةَ لَكِنَّ الْأَوَّلَ رَوَى عَنْهُ بِلَفْظِ الْإِخْبَارِ وَالثَّانِيَ بِلَفْظِ عَنْ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ

رقم الحديث 2711 [2711] .

     قَوْلُهُ  (اسْتَأْذَنْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دَيْنٍ كَانَ عَلَى أَبِي) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دَيْنٍ كَانَ عَلَى أَبِي فَدَقَقْتُ الباب قال بن الْعَرَبِيِّ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ مَشْرُوعِيَّةُ دَقِّ الْبَابِ وَلَمْ يَقَعْ فِي الْحَدِيثِ بَيَانُ هَلْ كَانَ بِآلَةٍ أَوْ بِغَيْرِ آلَةٍ قَالَ الْحَافِظُ وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ أَبْوَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ تُقْرَعُ بِالْأَظَافِيرِ وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ مِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَهَذَا مَحْمُولٌ مِنْهُمْ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي الْأَدَبِ وَهُوَ حَسَنٌ لِمَنْ قَرُبَ مَحَلُّهُ مِنْ بَابِهِ أَمَّا مَنْ بَعُدَ عَنِ الْبَابِ بِحَيْثُ لَا يَبْلُغُهُ صَوْتُ الْقَرْعِ بِالظَّفْرِ فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَعَ بِمَا فَوْقَ ذَلِكَ بِحَسْبِهِ وَذَكَرَ السُّهَيْلِيُّ أَنَّ السَّبَبَ فِي قَرْعِهِمْ بَابَهُ بِالْأَظَافِيرِ أَنَّ بَابَهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَلْقٌ فَلِأَجْلِ ذَلِكَ فَعَلَهُ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ إِنَّمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ذلك توقيرا وإجلالا وأدبا انتهى (فقال من هذا) أي الذي يستأذن (فقال أَنَا أَنَا) إِنْكَارٌ عَلَيْهِ أَيْ قَوْلُكَ أَنَا مَكْرُوهٌ فَلَا تَعُدْ وَأَنَا الثَّانِي تَأْكِيدٌ لِلْأَوَّلِ قَالَهُ الطِّيبِيُّ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ أَنَا أَنَا أَنَّ كَلِمَةَ أَنَا عَامَّةٌ كَمَا تَصْدُقُ عَلَيْكَ تَصْدُقُ عَلَيَّ أَيْضًا فَلَا تُغْنِي عَنْ سُؤَالِ السَّائِلِ قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ إِذَا اسْتَأْذَنَ أَحَدٌ فَقِيلَ لَهُ مَنْ أَنْتَ أَوْ مَنْ هَذَا كُرِهَ أَنْ يَقُولَ أَنَا لِهَذَا الْحَدِيثِ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ بِقَوْلِهِ أَنَا فَائِدَةٌ وَلَا زِيَادَةٌ بَلِ الْإِبْهَامُ بَاقٍ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ فُلَانٌ بِاسْمِهِ وَإِنْ قَالَ أَنَا فُلَانٌ فَلَا بَأْسَ كَمَا قَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ حِينَ اسْتَأْذَنَتْ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ هَذِهِ فَقَالَتْ أَنَا أُمُّ هَانِئٍ وَلَا بَأْسَ بِقَوْلِهِ أَنَا أَبُو فُلَانٍ أَوِ الْقَاضِي فُلَانٌ أَوِ الشَّيْخُ فُلَانٌ إِذَا لَمْ يَحْصُلِ التَّعْرِيفُ بِالِاسْمِ لِخَفَائِهِ وَالْأَحْسَنُ فِي هَذَا أَنْ يَقُولَ أَنَا فُلَانٌ الْمَعْرُوفُ بِكَذَا انْتَهَى (كَأَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ أَيْ قَوْلَهُ أَنَا فِي جَوَابِ مَنْ هَذَا لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ بَيَانٌ إِلَّا إِنْ كَانَ الْمُسْتَأْذِنُ مِمَّنْ يَعْرِفُ الْمُسْتَأْذَنُ عَلَيْهِ صَوْتَهُ وَلَا يَلْتَبِسُ بِغَيْرِهِ وَالْغَالِبُ الِالْتِبَاسُ قَالَهُ الْمُهَلَّبُ .

     قَوْلُهُ  (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وأبو داود والنسائي وبن ماجه19 - (باب ما جاء كَرَاهِيَةِ طُرُوقِ الرَّجُلِ أَهْلَهُ لَيْلًا)

رقم الحديث 2712 [2712] .

     قَوْلُهُ  ( نَهَاهُمْ أَنْ يَطْرُقُوا) مِنْ بَابِ نَصَرَ يَنْصُرُ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الطُّرُوقُ بِالضَّمِّ الْمَجِيءُ بِاللَّيْلِ مِنْ سَفَرٍ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى غَفْلَةٍ وَيُقَالُ لِكُلِّ آتٍ بِاللَّيْلِ طَارِقٌ وَلَا يُقَالُ بِالنَّهَارِ إِلَّا مَجَازًا.

     وَقَالَ  بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ أَصْلُ الطُّرُوقِ الدَّفْعُ وَالضَّرْبُ وَبِذَلِكَ سُمِّيَتِ الطَّرِيقُ لِأَنَّ الْمَارَّةَ تَدُقُّهَا بِأَرْجُلِهَا وَسُمِّيَ الْآتِي بِاللَّيْلِ طَارِقًا لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ غَالِبًا إِلَى دَقِّ الْبَابِ وَقِيلَ أَصْلُ الطُّرُوقِ السُّكُونُ وَمِنْهُ أَطْرَقَ رَأْسَهُ فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ يُسْكَنُ فِيهِ سُمِّيَ الْآتِي فِيهِ طَارِقًا انْتَهَى وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ جَابِرٍ بِأَلْفَاظٍ فَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ سَيَّارٍ عَنْ عَامِرٍ عَنْهُ بِلَفْظِ إِذَا قَدِمَ أَحَدُكُمْ لَيْلًا فَلَا يَأْتِيَنَّ أَهْلَهُ طُرُوقًا حَتَّى تَسْتَحِدَّ الْمُغِيبَةُ وَتَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ وَمِنْ طَرِيقِ عَاصِمٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْهُ بِلَفْظِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إذا أَطَالَ الرَّجُلُ الْغَيْبَةَ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ طُرُوقًا وَمِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ عَنْ مُحَارِبٍ عَنْهُ بِلَفْظِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَطْرُقَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ لَيْلًا يَتَخَوَّنُهُمْ أَوْ يَطْلُبُ عَثَرَاتِهِمْ قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَى هَذِهِ الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا أَنَّهُ يُكْرَهُ لِمَنْ طَالَ سَفَرُهُ أَنْ يَقْدُمَ عَلَى امْرَأَتِهِ لَيْلًا بَغْتَةً فَأَمَّا مَنْ كَانَ سَفَرُهُ قَرِيبًا تَتَوَقَّعُ امْرَأَتُهُ إِتْيَانَهُ لَيْلًا فَلَا بَأْسَ كَمَا قَالَ فِي إِحْدَى هَذِهِ الرِّوَايَاتِ إِذَا أَطَالَ الرَّجُلُ الْغَيْبَةَ وَإِذَا كَانَ فِي قَفْلٍ عَظِيمٍ أَوْ عَسْكَرٍ وَنَحْوِهِمْ وَاشْتُهِرَ قُدُومُهُمْ وَوُصُولُهُمْ وَعَلِمَتِ امْرَأَتُهُ وَأَهْلُهُ أَنَّهُ قَادِمٌ مَعَهُمْ وَأَنَّهُمُ الْآنَ دَاخِلُونَ فَلَا بَأْسَ بِقُدُومِهِ مَتَى شَاءَ لِزَوَالِ الْمَعْنَى الَّذِي نُهِيَ بِسَبَبِهِ فَإِنَّ الْمُرَادَ أَنْ يَتَأَهَّبُوا وَقَدْ حَصَلَ ذَلِكَ وَلَمْ يَقْدُمْ بَغْتَةً وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَاهُ مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ أَمْهِلُوا حَتَّى نَدْخُلَ لَيْلًا أَيْ عِشَاءً كَيْ تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ وَتَسْتَحِدَّ الْمُغِيبَةُ فَهَذَا تَصْرِيحٌ فِيمَا قُلْنَاهُ وَهُوَ مَفْرُوضٌ فِي أَنَّهُمْ أَرَادُوا الدُّخُولَ فِي أَوَائِلِ النَّهَارِ بَغْتَةً فَأَمَرَهُمْ بِالصَّبْرِ إِلَى آخِرِ النَّهَارِ لِيَبْلُغَ خَبَرُ قُدُومِهِمْ إِلَى الْمَدِينَةِ وَتَتَأَهَّبُ النِّسَاءُ وَغَيْرُهُنَّ انْتَهَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ أنس وبن عمر وبن عَبَّاسٍ) أَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالشَّيْخَانِ والنسائي وأما حديث بن عمر فأخرجه بن خزيمة في صحيحه وأما حديث بن عباس فأخرجه أيضا بن خزيمة.

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ والشيخان قوله ( وقد روي عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَاهُمْ أَنْ يَطْرُقُوا النِّسَاءَ لَيْلًا قَالَ فَطَرَقَ رجلان الخ) رواه بن خزيمة ورواه عن بن عُمَرَ أَيْضًا كَمَا فِي الْفَتْحِ - ( بَاب مَا جَاءَ فِي تَتْرِيبِ الْكِتَابِ)

رقم الحديث 2713 [2713] .

     قَوْلُهُ  (عَنْ حَمْزَةَ) بْنِ أَبِي حَمْزَةَ الْجُعْفِيِّ الْجَزَرِيِّ النَّصِيبِيِّ وَاسْمُ أبيه ميمون وقيل عمرو متروك متهم الوضع مِنَ السَّابِعَةِ .

     قَوْلُهُ  (فَلْيُتَرِّبْهُ) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ مِنَ التَّتْرِيبِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْإِتْرَابِ قَالَ فِي الْمَجْمَعِ أَيْ لِيُسْقِطْهُ عَلَى التُّرَابِ اعْتِمَادًا عَلَى الْحَقِّ تَعَالَى فِي إِيصَالِهِ إِلَى الْمَقْصِدِ أَوْ أَرَادَ ذَرَّ التُّرَابِ عَلَى الْمَكْتُوبِ أَوْ لِيُخَاطِبِ الْكَاتِبُ خِطَابًا عَلَى غَايَةِ التَّوَاضُعِ أَقْوَالٌ انْتَهَى وَقَالَ الْمُظْهِرُ قِيلَ مَعْنَاهُ فَلْيُخَاطِبْ خِطَابًا عَلَى غَايَةِ التَّوَاضُعِ وَالْمُرَادُ بِالتَّتْرِيبِ الْمُبَالَغَةُ فِي التواضع في الخطاب قال القارىء هَذَا مُوَافِقٌ لِمُتَعَارَفِ الزَّمَانِ لَا سِيَّمَا فِيمَا بَيْنَ أَرْبَابِ الدُّنْيَا وَأَصْحَابِ الْجَاهِ لَكِنَّهُ مَعَ بعد مَأْخَذِ هَذَا الْمَعْنَى مِنَ الْمَبْنَى مُخَالِفٌ لِمُكَاتَبَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُلُوكِ وَكَذَا إِلَى الْأَصْحَابِ انْتَهَى قِيلَ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْغَرَضُ مِنَ التَّتْرِيبِ تَجْفِيفَ بِلَّةِ الْمِدَادِ صِيَانَةً عَنْ طَمْسِ الْكِتَابَةِ وَلَا شَكَّ أَنَّ بَقَاءَ الْكِتَابَةِ عَلَى حَالِهَا أَنْجَحُ لِلْحَاجَةِ وَطُمُوسُهَا مُخِلٌّ لِلْمَقْصُودِ.

قُلْتُ قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّ الْمُرَادَ بِتَتْرِيبِ الْكِتَابِ ذَرُّ التُّرَابِ عَلَيْهِ لِلتَّجْفِيفِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَالَ فِي الْقَامُوسِ أَتْرَبَهُ جَعَلَ عَلَيْهِ التُّرَابَ انْتَهَى وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ يُقَالُ أَتْرَبْتُ الشيء إذا جعلت عليه التراب (فإنه نجح لِلْحَاجَةِ) بِتَقْدِيمِ الْجِيمِ عَلَى الْحَاءِ أَيْ أَقْرَبُ لِقَضَاءِ مَطْلُوبِهِ وَتَيَسُّرِ مَأْرَبِهِ.

     قَوْلُهُ  (هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ) لِأَنَّ فِي سَنَدِهِ حَمْزَةَ بْنَ أَبِي حَمْزَةَ النَّصِيبِيَّ وَهُوَ مَتْرُوكٌ مُتَّهَمٌ بِالْوَضْعِ كَمَا عَرَفْتَ وَالْحَدِيثُ قَدْ أَخْرَجَهُ أيضا بن مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ بَقِيَّةَ عَنْ أَبِي أَحْمَدَ الدِّمَشْقِيِّ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ وَلَفْظُهُ تربوا صحفكم أتجح لَهَا إِنَّ التُّرَابَ مُبَارَكٌ وَأَبُو أَحْمَدَ الدِّمَشْقِيُّ مَجْهُولٌ وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ بِلَفْظِ إِذَا كَتَبَ أَحَدُكُمْ إِلَى إِنْسَانٍ فَلْيَبْدَأْ بِنَفْسِهِ وَإِذَا كَتَبَ فَلْيُتَرِّبْ كِتَابَهُ فَهُوَ أَنْجَحُ قَالَ الْمُنَاوِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ كما بينه الهيثمي (وحمزة هو بن عَمْرٍو النَّصِيبِيُّ إِلَخْ) قَالَ الْحَافِظُ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ قَالَ الْمَزِّيُّ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ فِيهِ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو إِلَّا التِّرْمِذِيُّ وَكَأَنَّهُ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ بِحَمَّادِ بْنِ عَمْرٍو النَّصِيبِيِّ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْعَقِيلِيُّ فَقَالَ حَمْزَةُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ النَّصِيبِيُّ وَهُوَ حَمْزَةُ بْنُ مَيْمُونٍ ثُمَّ سَاقَ لَهُ الْحَدِيثَ الَّذِي أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ انْتَهَى وَقَالَ فِي التَّقْرِيبِ فِي تَرْجَمَتِهِ) وَاسْمُ أَبِيهِ مَيْمُونٌ وقيل عمر وكما عرفت آنفا 1 - باب

رقم الحديث 2714 [2714] قوله ( حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ) بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْمَخْزُومِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَكِّيُّ ثِقَةٌ مِنَ الثَّامِنَةِ وَوَقَعَ فِي النُّسْخَةِ الْأَحْمَدِيَّةِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بِالتَّصْغِيرِ وَهُوَ غَلَطٌ ( عَنْ أُمِّ سَعْدٍ) قَالَ الْحَافِظُ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ أُمُّ سَعْدٍ قِيلَ إِنَّهَا بِنْتُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَقِيلَ امْرَأَتُهُ وَقِيلَ إِنَّهَا مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ رَوَتْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَعَائِشَةَ رَوَى حَدِيثَهَا عَنْبَسَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَحَدُ الْمَتْرُوكِينَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَاذَانَ عَنْهَا وَقِيلَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَرْدَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَارِجَةَ عَنْهَا انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( فَسَمِعْتُهُ) أَيِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( يَقُولُ) أَيْ لَهُ ( ضَعِ الْقَلَمَ عَلَى أُذُنِكَ) بِضَمِّ الذَّالِوَيُسَكَّنُ أَيْ فَوْقَ أُذُنِكَ مُعْتَمِدًا عَلَيْهَا ( فَإِنَّهُ أَذْكَرُ لِلْمُمْلِي) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لِلْمَالِي قَالَ فِي الْمَجْمَعِ هُوَ فَاعِلٌ مِنْ مَلَا يُمْلِي ولم يجيء في اللغة وإنما فيها ممل ومملىء وفيه أذكر للمملي وروى المعلي وَالْمُرَادُ بِهِ الْكَاتِبُ مَجَازًا يُرِيدُ وَضْعُ الْقَلَمِ عَلَى الْأُذُنِ أَسْرَعُ تَذَكُّرًا فِيمَا يُرِيدُ الْكَاتِبُ إِنْشَاءَهُ مِنَ الْعِبَارَاتِ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي التَّأَنِّي وَعَدَمَ الْعَجَلَةِ وَكَوْنُ الْقَلَمِ فِي الْيَدِ يَحْمِلُ عَلَى الْكَتْبِ بِأَدْنَى تَفَكُّرٍ فَلَا يُحْسِنُ عِبَارَتَهُ وَفِي وَضْعِهِ عَلَى الْأَرْضِ صُورَةُ الْفَرَاغِ عَنِ الْكِتَابَةِ فَتَقَاعَدُ النَّفْسُ عَنِ التَّأَمُّلِ كَذَا قِيلَ انْتَهَى وقال القارىء مَعْنَاهُ أَنَّ وَضْعَ الْقَلَمِ عَلَى الْأُذُنِ أَقْرَبُ تَذَكُّرًا لِمَوْضِعِهِ وَأَيْسَرُ مَحَلًّا لِتَنَاوُلِهِ بِخِلَافِ مَا إِذَا وَضَعَهُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ فَإِنَّهُ رُبَّمَا يَتَعَسَّرُ عَلَيْهِ حُصُولُهُ بِسُرْعَةٍ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ انْتَهَى وَوَقَعَ فِي الْمِشْكَاةِ فَإِنَّهُ أَذْكَرُ لِلْمَآلِ قال القارىء أَيْ لِعَاقِبَةِ الْأَمْرِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ أَسْرَعُ تَذْكِيرًا فِيمَا يُرَادُ مِنْ إِنْشَاءِ الْعِبَارَةِ فِي الْمَقْصُودِ ثُمَّ قَالَ لَعَلَّ لَفْظَ الْمُمْلِي هُوَ الصَّحِيحُ فِي الْحَدِيثِ وَأَنَّ لَفْظَ لِلْمَآلِ مُصَحَّفٌ عَنْ هذا المقال ويؤيده رواية بن عَسَاكِرَ عَنْ أَنَسٍ بِلَفْظِ أَذْكَرُ لَكَ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الوجه وهو إسناد ضعيف) قال القارىء لكن يعضده أن بن عَسَاكِرَ رَوَى عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا وَلَفْظُهُ إِذَا كَتَبْتَ فَضَعْ قَلَمَكَ عَلَى أُذُنِكَ فَإِنَّهُ أَذْكَرُ لَكَ.

     وَقَالَ  السُّيُوطِيُّ فِي تَعَقُّبَاتِهِ عَلَى مَوْضُوعَاتِ بن الْجَوْزِيِّ حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ضَعِ الْقَلَمَ عَلَى أُذُنِكَ الْحَدِيثَ فِيهِ عَنْبَسَةُ مَتْرُوكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَاذَانَ لَا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ قَالَ الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَخْرَجَهُ الدَّيْلَمِيُّ انْتَهَى 2 - ( باب ما جاء في تعليم السُّرْيَانِيَّةِ) بِضَمِّ السِّينِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَهِيَ لُغَةُ الْإِنْجِيلِ وَالْعِبْرَانِيَّةُ لُغَةُ التَّوْرَاةِ

رقم الحديث 2715 [2715] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ أَبِيهِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتِ) بْنِ الضَّحَّاكِ بْنِ لُوذَانَ الْأَنْصَارِيِّ النَّجَّارِيِّ كُنْيَتُهُ أَبُو سَعِيدٍ وَيُقَالُ أَبُو خَارِجَةَ صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ كَتَبَ الْوَحْيَ قَالَ مَسْرُوقٌ كَانَ مِنَ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ.

     قَوْلُهُ  ( وَقَالَ) أَيِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَعْلِيلِ الْأَمْرِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِئْنَافِ الْمُبَيِّنِ ( إِنِّي وَاللَّهِ مَا آمَنُ) بِمَدِّ هَمْزٍ وَفَتْحِ مِيمٍ مُضَارِعٌ مُتَكَلِّمٌ مِنْ أَمِنَ الثُّلَاثِيِّ ضِدَّ خَافَ ( يَهُودَ) أَيْ فِي الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ ( عَلَى كِتَابِي) أَيْ لَا فِي قِرَاءَتِهِ وَلَا فِي كِتَابَتِهِ قَالَ الْمُظْهِرُ أَيْ أَخَافُ إِنْ أَمَرْتُ يَهُودِيًّا بِأَنْ يَكْتُبَ مِنِّي كِتَابًا إِلَى الْيَهُودِ أَنْ يُزِيدَ فِيهِ أَوْ يُنْقِصَ وَأَخَافُ إِنْ جَاءَ كِتَابٌ مِنَ الْيَهُودِ فَيَقْرَأَهُ يَهُودِيٌّ فَيُزِيدَ وَيُنْقِصَ فِيهِ ( قَالَ) أَيْ زَيْدٌ ( فَمَا مَرَّ بِي) أَيْ مَا مَضَى عَلَيَّ مِنَ الزَّمَانِ ( حَتَّى تَعَلَّمْتُهُ) قَالَ الطِّيبِيُّ مُغَيَّاهُ مُقَدَّرٌ أَيْ مَا مَرَّ بِي نِصْفُ شَهْرٍ فِي التعلم حتى كمل تعلمي قال القارىء قِيلَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ تَعَلُّمِ مَا هُوَ حَرَامٌ فِي شَرْعِنَا لِلتَّوَقِّي وَالْحَذَرِ عَنِ الْوُقُوعِ فِي الشَّرِّ كَذَا ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ فِي ذَيْلِ كَلَامِ الْمُظْهِرِ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ إِذْ لَا يُعْرَفُ فِي الشَّرْعِ تَحْرِيمُ تَعَلُّمِ لُغَةٍ مِنَ اللُّغَاتِ سُرْيَانِيَّةً أَوْ عِبْرَانِيَّةً أَوْ هِنْدِيَّةً أَوْ تُرْكِيَّةً أَوْ فَارِسِيَّةً وَقَدْ قَالَ تَعَالَى ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم أَيْ لُغَاتُكُمْ بَلْ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُبَاحَاتِ نَعَمْ يُعَدُّ مِنَ اللَّغْوِ وَمِمَّا لَا يَعْنِي وَهُوَ مَذْمُومٌ عِنْدَ أَرْبَابِ الْكَمَالِ إِلَّا إِذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ فَائِدَةٌ فَحِينَئِذٍ يُسْتَحَبُّ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنَ الْحَدِيثِ انْتَهَى ( كَانَ) أَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( إِذَا كَتَبَ إِلَى يَهُودَ) أَيْ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ إِلَيْهِمْ أَوْ إِذَا أَمَرَ بِالْكِتَابَةِ إِلَيْهِمْ ( كَتَبْتُ إِلَيْهِمْ) أَيْ بِلِسَانِهِمْ ( قَرَأْتُ لَهُ) أَيْ لِأَجْلِهِ ( كِتَابَهُمْ) أَيْ مَكْتُوبَهُمْ إِلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ مُعَلَّقًا قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ هَذَا التَّعْلِيقُ مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي لَمْ يُخْرِجْهَا الْبُخَارِيُّ إِلَّا مُعَلَّقَةً وَقَدْ وَصَلَهُ مُطَوَّلًا فِي كِتَابِ التَّارِيخِ قَالَ وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( وَقَدْ رَوَاهُ الْأَعْمَشُ عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ يَقُولُ أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَتَعَلَّمَ السُّرْيَانِيَّةَ) قَالَ الْحَافِظُ بَعْدَ نَقْلِ كَلَامِ التِّرْمِذِيِّ هَذَا مَا لَفْظُهُ هَذِهِ الطُّرِيقُوَقَعَتْ لِي بِعُلُوٍّ فِي فَوَائِدِ هِلَالٍ الْحَفَّارِ قَال وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ فِي مُسْنَدَيْهِمَا وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ فِي كِتَابِ الْمَصَاحِف انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ مُخْتَصَرًا فَائِدَةٌ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ خَارِجَةَ لَفْظُ أَنْ أَتَعَلَّمَ لَهُ كَلِمَاتٍ مِنْ كِتَابِ يَهُودَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ أَنْ أَتَعَلَّمَ السُّرْيَانِيَّةَ قَالَ الْحَافِظُ قِصَّةُ ثَابِتٍ يُمْكِنُ أَنْ تُتَّخَذَ مَعَ قِصَّةِ خَارِجَةَ بِأَنَّ مِنْ لَازِمِ تَعَلُّمِ كِتَابَةِ الْيَهُودِيَّةِ تَعَلُّمَ لِسَانِهِمْ وَلِسَانُهُمُ السُّرْيَانِيَّةُ لَكِنَّ الْمَعْرُوفَ أَنَّ لِسَانَهُمُ الْعِبْرَانِيَّةُ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ زَيْدًا تَعَلَّمَ اللِّسَانَيْنِ لِاحْتِيَاجِهِ إِلَى ذَلِكَ 3 - ( بَاب فِي مُكَاتَبَةِ الْمُشْرِكِينَ)

رقم الحديث 2716 [2716] .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ حماد البصري) المعنى ثقة من العاشرة ( أخبرنا عَبْدُ الْأَعْلَى) بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى .

     قَوْلُهُ  ( كَتَبَ قَبْلَ مَوْتِهِ إِلَى كِسْرَى وَإِلَى قَيْصَرَ وَإِلَى النَّجَاشِيِّ) بِفَتْحِ النُّونِ وَتَخْفِيفِ الْجِيمِ وَبَعْدَ الْأَلِفِ شِينٌ مُعْجَمَةٌ ثُمَّ يَاءٌ ثَقِيلَةٌ كَيَاءِ النَّسَبِ وقبل بِالتَّخْفِيفِ وَرَجَّحَهُ الصَّغَانِيُّ وحَكَى الْمُطَرِّزِيُّ تَشْدِيدَ الْجِيمِ عَنْ بَعْضِهِمْ وَخَطَّأَهُ قَالَ النَّوَوِيُّ أَمَّا كِسْرَى فبفتح الكاف وكسرها وهو لقب لكل من مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الْفُرْسِ وَقَيْصَرُ لَقَبٌ مَنْ مَلَكَ الرُّومَ وَالنَّجَاشِيُّ لَقَبُ مَنْ مَلَكَ الْحَبَشَةَ وَخَاقَانُ لِكُلِّ مَنْ مَلَكَ التُّرْكَ وَفِرْعَوْنُ لِكُلِّ مَنْ مَلَكَ الْقِبْطَ وَالْعَزِيزُ لِكُلِّ مَنْ مَلَكَ مِصْرَ وَتُبَّعُ لِكُلِّ مَنْ مَلَكَ حِمْيَرَ ( وَإِلَى كُلِّ جَبَّارٍ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ) رَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى أَصْحَابِهِ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي لِلنَّاسِ كَافَّةً فَأَدُّوا عَنِّي وَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيَّ فَبَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حُذَافَةَ إِلَى كِسْرَى وَسَلِيطَ بْنَ عَمْرٍو إِلَى هَوْذَةَ بْنِ عَلِيٍّ بِالْيَمَامَةِ وَالْعَلَاءَ بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوي يهجر وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ إِلَى جَيْفَرَ وَعَبَاءَ ابْنَيِ الْجَلَنْدِيِّ بِعَمَّانَ وَدِحْيَةَ إِلَى قَيْصَرَ وَشُجَاعَ بْنَ وهب إلى بن أَبِي شِمْرٍ الْغَسَّانِيِّ وَعَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَإِلَى النَّجَاشِيِّ فَرَجَعُوا جَمِيعًا قَبْلَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَزَادَ أَصْحَابُ السِّيَرِ أَنَّهُ بَعَثَ الْمُهَاجِرَ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ كَلَالٍ وَجَرِيرَ إِلَى ذِي الْكُلَاعِ وَالسَّائِبَ إِلَى مُسَيْلِمَةَ وَحَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى الْمُقَوْقِسِ ذَكَرَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ ( وَلَيْسَ بِالنَّجَاشِيِّ الَّذِي صَلَّى عَلَيْهِ) أَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ أَنَّ النَّجَاشِيَّ الَّذِي بَعَثَ إِلَيْهِ غَيْرَ النَّجَاشِيِّ الَّذِي أَسْلَمَ وَصَلَّى عَلَيْهِ وَاسْمُهُ أَصْحَمَةُ بِوَزْنِ أَفْعَلَةٍ مَفْتُوحَ الْعَيْنِ قَالَ النَّوَوِيُّ في هذا الحديث جوار مُكَاتَبَةِ الْكُفَّارِ وَدُعَائِهِمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَالْعَمَلِ بِالْكِتَابِ وَبِخَبَرِ الْوَاحِدِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ 4 - ( بَاب مَا جَاءَ كَيْفَ يُكْتَبُ إِلَى أَهْلِ الشِّرْكِ)

رقم الحديث 2717 [2717] .

     قَوْلُهُ  ( أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ) بْنِ مَسْعُودٍ الْهُذَلِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَدَنِيُّ ثِقَةٌ فَقِيهٌ ثَبْتٌ مِنَ الثَّالِثَةِ ( أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ) اسْمُهُ صَخْرُ بْنُ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ الْأُمَوِيُّ صَحَابِيٌّ شَهِيرٌ أَسْلَمَ عَامَ الْفَتْحِ .

     قَوْلُهُ  ( أَنَّ هِرَقْلَ) بِكَسْرِ الْهَاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَإِسْكَانِ الْقَافِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَيُقَالُ هِرْقِلُ بِكَسْرِ الْهَاءِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْقَافِ حَكَاهُ الْجَوْهَرِيُّ فِي صِحَاحِهِ وَهُوَ اسْمُ عَلَمٍ لَهُ وَلَقَبُهُ قَيْصَرُ وَكَذَا كُلُّ مَنْ مَلَكَ الرُّومَ يُقَالُ لَهُ قَيْصَرُ ( أَرْسَلَ إِلَيْهِ) أَيْ إِلَى أَبِي سفيان ( في نفر من قريش) وفي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ فِي رَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَالَ الْحَافِظُ جَمْعُ رَاكِبٍ كَصَحْبٍ وَصَاحِبٍ وَهُمْ أُولُو الْإِبِلِ الْعَشَرَةِ فَمَا فَوْقَهَا وَالْمَعْنَى أَرْسَلَ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ حَالَ كَوْنِهِ فِي جُمْلَةِ الرَّكْبِ وَذَاكَ لِأَنَّهُ كَانَ كَبِيرَهُمْ فَلِهَذَا خَصَّهُ وَكَانَ عَدَدُ الرَّكْبِ ثَلَاثِينَ رَجُلًا رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْإِكْلِيلِ انْتَهَى ( وَكَانُوا تُجَّارًا) بِضَمِّ التَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ أَوْ كَسْرِهَا وَالتَّخْفِيفُ جَمْعُ تَاجِرٍ ( فَذَكَرَ الْحَدِيثَ) وَرَوَاهُ الشَّيْخَانِ بِطُولِهِ ( ثُمَّ دَعَا) أَيْ مَنْ وُكِلَ ذَلِكَ إِلَيْهِ وَلِهَذَا عُدِّيَ إِلَى الْكِتَابِ بِالْبَاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ( بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقرىء) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي بَعَثَ بِهِ مَعَ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى فَدَفَعَهُ عَظِيمُ بُصْرَى إِلَى هِرَقْلَ فَقَرَأَهُ ( فَإِذَا فِيهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ السَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى أَمَّا بَعْدُ) وَتَمَامُهُ فَإِنِّي أَدْعُوَكَ بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ أَسْلِمْ تَسْلَمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الْيَرِيسِيِّينَ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لَا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ كَذَا فِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي هَذَا الْكِتَابِ جُمَلٌ مِنَ الْقَوَاعِدِ وَأَنْوَاعٌ مِنَ الفوائد منها استحباب الْكِتَابِ بِبَسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَإِنْ كَانَ الْمَبْعُوثُ إِلَيْهِ كَافِرًا وَمِنْهَا أَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ فَهُوَ أَجْزَمُ الْمُرَادُ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذَا الْكِتَابُ كَانَ ذَا بَالٍ مِنَ الْمُهِمَّاتِ الْعِظَامِ وَبَدَأَ فِيهِ بِالْبَسْمَلَةِ دُونَ الْحَمْدِ وَمِنْهَا أَنَّ السُّنَّةَ فِي الْمُكَاتَبَةِ وَالرَّسَائِلِ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ يَبْدَأَ الْكَاتِبُ بِنَفْسِهِ فَيَقُولَ مِنْ زَيْدٍ إِلَى عَمْرٍو وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ مُخْتَلَفٌ فِيهَا قَالَ الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرٍ فِي كِتَابِهِ صِنَاعَةِ الْكِتَابِ قَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأَ بِنَفْسِهِ كَمَا ذَكَرْنَا ثُمَّ رَوَى فِيهِ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً وَآثَارًا قَالَ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ لِأَنَّهُ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ قَالَ وَسَوَاءٌ فِي هَذَا تَصْدِيرُ الْكِتَابِ وَالْعِنْوَانُ قَالَ وَرَخَّصَ جَمَاعَةٌ فِي أَنْ يَبْدَأَ بِالْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ فَيَقُولَ فِي التَّصْدِيرِ وَالْعِنْوَانِ إِلَى فُلَانٍ مِنْ فُلَانٍ ثُمَّ رَوَى بِإِسْنَادِهِ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ كَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَبَدَأَ بِاسْمِ مُعَاوِيَةَ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَبَكْرِ بْنِ عَبْدِ الله وأيوب السختياتي أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ قَالَ.
وَأَمَّا الْعِنْوَانُ فَالصَّوَابُ أَنْ يَكْتُبَ عَلَيْهِ إِلَى فُلَانٍ وَلَا يَكْتُبَ لِفُلَانٍ لِأَنَّهُ إِلَيْهِ لَا لَهُ إِلَّا عَلَى مَجَازٍ قَالَ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمِنْهَا التَّوَقِّي فِي الْمُكَاتَبَةِ وَاسْتِعْمَالُ الْوَرَعِ فِيهَا فَلَا يفرط ولا يفرط ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ فَلَمْ يَقُلْ مَلِكَ الرُّومِ لِأَنَّهُ لَا مُلْكَ لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ إِلَّا بِحُكْمِ دِينِ الْإِسْلَامِ وَلَا سُلْطَانَ لِأَحَدٍ إِلَّا مَنْ وَلَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ وَلَّاهُ مَنْ أَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَرْطِهِ وَإِنَّمَا يُنْفِذُ مِنْ تَصَرُّفَاتِ الْكُفَّارِ مَا يُنْفِذُهُ لِلضَّرُورَةِ وَلَمْ يَقُلْ إِلَى هِرَقْلَ فَقَطْ بَلْ أَتَى بِنَوْعٍ مِنَ الْمُلَاطَفَةِ فَقَالَ عَظِيمَ الرُّومِ أَيِ الَّذِي يُعَظِّمُونَهُ وَيُقَدِّمُونَهُ وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِإِلَانَةِ الْقَوْلِ لِمَنْ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ فَقَالَ تَعَالَى ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ والموعظة الحسنة.

     وَقَالَ  تَعَالَى فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يتذكر أو يخشى وَغَيْرَ ذَلِكَ وَمِنْهَا اسْتِحْبَابُ الْبَلَاغَةِ وَالْإِيجَازِ وَتَحَرِّي الْأَلْفَاظِ الْجَزِلَةِ فِي الْمُكَاتَبَةِ فَإِنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْلِمْ تَسْلَمْ فِي نِهَايَةٍ مِنَ الِاخْتِصَارِ وَغَايَةٍ مِنَ الْإِيجَازِ وَالْبَلَاغَةِ وَجَمْعِ الْمَعَانِي مَعَ مَا فِيهِمِنْ بَدِيعِ التَّجْنِيسِ وَشُمُولِهِ لِسَلَامَتِهِ مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا بِالْحَرْبِ وَالسَّبْيِ وَالْقَتْلِ وَأَخْذِ الدِّيَارِ وَالْأَمْوَالِ وَمِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ وَمِنْهَا اسْتِحْبَابُ أَمَّا بَعْدُ فِي الْخُطَبِ وَالْمُكَاتَبَاتِ وَقَدْ تَرْجَمَ الْبُخَارِيُّ لِهَذِهِ بَابًا فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ ذَكَرَ فِيهِ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً انْتَهَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ وَفِيهِ أَنَّ السُّنَّةَ إِذَا كَتَبَ كِتَابًا إِلَى الْكُفَّارِ أَنْ يَكْتُبَ السَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى أَوِ السَّلَامُ عَلَى مَنْ تَمَسَّكَ بِالْحَقِّ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ قال بن بَطَّالٍ فِي الْحَدِيثِ حُجَّةٌ لِمَنْ أَجَازَ مُكَاتَبَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ بِالسَّلَامِ عِنْدَ الْحَاجَةِ قَالَ الْحَافِظُ فِي جَوَازِ السَّلَامِ عَلَى الْإِطْلَاقِ نَظَرٌ وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ السَّلَامُ الْمُقَيَّدُ مِثْلَ مَا فِي الْخَبَرِ السَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى أَوِ السَّلَامُ عَلَى مَنْ تَمَسَّكَ بِالْحَقِّ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مُطَوَّلًا 5 - ( بَاب مَا جَاءَ فِي خَتْمِ الْكِتَابَ)

رقم الحديث 2718 [2718] .

     قَوْلُهُ  ( إِلَى الْعَجَمِ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ إِلَى رَهْطٍ أَوْ أُنَاسٍ مِنَ الْأَعَاجِمِ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ إِلَى كِسْرَى وَقَيْصَرَ وَالنَّجَاشِيِّ ( إِلَّا كِتَابًا عَلَيْهِ خَاتَمٌ) فِيهِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ عَلَيْهِ نَقْشُ خَاتَمٍ ( فَاصْطَنَعَ خَاتَمًا) أَيْ أَمَرَ أَنْ يُصْنَعَ لَهُ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ فَاتَّخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ نَقْشُهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ الْحَافِظُ جَزَمَ أَبُو الْفَتْحِ الْيَعْمُرِيُّ أَنَّ اتِّخَاذَ الْخَاتَمِ كَانَ فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ وَجَزَمَ غَيْرُهُ بِأَنَّهُ كَانَ فِي السَّادِسَةِ وَيُجْمَعُ بِأَنَّهُ كَانَ فِي أَوَاخِرِ السَّادِسَةِ وَأَوَائِلِ السَّابِعَةِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا اتَّخَذَهُ عِنْدَ إِرَادَتِهِ مُكَاتَبَةَ الْمُلُوكِ وَكَانَ إِرْسَالُهُ إِلَى الْمُلُوكِ فِي مُدَّةِ الْهُدْنَةِ وَكَانَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَرَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ فِي ذِي الْحِجَّةِ وَوَجَّهَ الرُّسُلَ فِي الْمُحَرَّمِ مِنَ السَّابِعَةِ وَكَانَ اتِّخَاذُهُ الْخَاتَمَ قَبْلَ إِرْسَالِهِ الرُّسُلَ إِلَى الْمُلُوكِ انْتَهَى ( فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِهِ فِي كَفِّهِ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ فَكَأَنِّي بِوَبِيصِأَوْ بَصِيصِ الْخَاتَمِ فِي أُصْبُعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ فِي كَفِّهِ وَفِي أُخْرَى لَهُ فَإِنِّي لَأَرَى بَرِيقَهُ فِي خِنْصَرِهِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ 6 - ( بَاب كَيْفَ السَّلَامُ)