فهرس الكتاب

تحفة الاحوذي - باب ما جاء في القعود في المسجد وانتظار الصلاة من الفضل

رقم الحديث 1691 [1691] .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا أَبِي) أَيْ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ .

     قَوْلُهُ  ( وَكَانَتْ قبيعة سيف رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ مِنْ فِضَّةٍ) فِي شَرْحِ السُّنَّةِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ تَحْلِيَةِ السَّيْفِ بِالْقَلِيلِ مِنَ الْفِضَّةِ وَكَذَلِكَ الْمِنْطَقَةُ وَاخْتَلَفُوا فِي اللِّجَامِ وَالسَّرْجِ فأباحه بعضهمكَالسَّيْفِ وَحَرَّمَ بَعْضُهُمْ لِأَنَّهُ مِنْ زِينَةِ الدَّابَّةِ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي تَحْلِيَةِ سِكِّينِ الْحَرْبِ وَالْمِقْلَمَةِ بِقَلِيلٍ مِنَ الْفِضَّةِ فَأَمَّا التَّحْلِيَةُ بِالذَّهَبِ فَغَيْرُ مُبَاحٍ فِي جَمِيعِهَا .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَالدَّارِمِيُّ ( وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ) أَيْ كَمَا رَوَاهُ جَرِيرٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ كَذَلِكَ رَوَاهُ هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ وَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْهُمَا جَمِيعًا فَقَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عاصم قال حدثنا همام وجرير قال حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ نَعْلُ سَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فِضَّةٍ وَقَبِيعَةُ سَيْفِهِ فِضَّةً وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ حِلَقُ فِضَّةٍ ( وَقَدْ رَوَى بَعْضُهُمْ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ إِلَخْ) الْمُرَادُ مِنْ بَعْضِهِمْ هُوَ هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ فَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ قَالَ كَانَتْ قَبِيعَةُ سَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِضَّةً وَهَذَا الْحَدِيثُ مُرْسَلٌ لِأَنَّ سَعِيدَ بْنَ أَبِي الْحَسَنِ تَابِعِيٌّ قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ سَعِيدُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيُّ أَخُو الْحَسَنِ ثِقَةٌ مِنَ الثَّالِثَةِ اعْلَمْ أَنَّ أَبَا دَاوُدَ وَالنَّسَائِيَّ وَغَيْرَهُمَا قَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ حَدِيثَ هِشَامٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ هُوَ الْمَحْفُوظُ فَقَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ أَقْوَى هَذِهِ الْأَحَادِيثِ حَدِيثُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ وَالْبَاقِيَةُ ضِعَافٌ وَقَالَ الدَّارِمِيُّ فِي مُسْنَدِهِ بَابُ قَبِيعَةِ سَيْفِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَتْ قَبِيعَةُ سَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فِضَّةٍ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي الدَّارِمِيَّ هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ خَالَفَهُ فَقَالَ قَتَادَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَزَعَمَ النَّاسُ أَنَّهُ هُوَ الْمَحْفُوظُ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ قَالَ النَّسَائِيُّ هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ وَالصَّوَابُ قَتَادَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ وَمَا رَوَاهُ عَنْ هَمَّامٍ غَيْرُ عَمْرِو بْنِ عَاصِمٍ انْتَهَى وَقَالَ الْحَافِظُ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ قَالَ أَحْمَدُ حَدِيثُ جَرِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَتْ قَبِيعَةُ سَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِضَّةً خَطَأٌ وَالصَّوَابُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ انْتَهَى مَا فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ مُحَصَّلًا لَكِنْ قَالَ الْحَافِظُ بن الْقَيِّمِ إِنَّ حَدِيثَ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ مَحْفُوظٌ لِاتِّفَاقِ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ وَهَمَّامٍ عَلَى قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ وَاَلَّذِي رَوَاهُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ مُرْسَلًا هُوَ هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ وَهِشَامٌ وَإِنْ كَانَ مُقَدَّمًا فِي أَصْحَابِ قَتَادَةَ فَلَيْسَ هَمَّامٌ وَجَرِيرٌ إِذَا اتَّفَقَا بِدُونِهِ انتهى قلت الظاهر ما قال بن الْقَيِّمِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ17 - ( باب ما جاء في الدرع) وهو القميص المتخذ من الزرد

رقم الحديث 1692 [1692] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ) بْنِ الْعَوَّامِ الْقُرَشِيِّ الْأَسَدِيِّ كَانَ أَوَّلَ مَوْلُودٍ فِي الْإِسْلَامِ بِالْمَدِينَةِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَوَلِيَ الْخِلَافَةَ تِسْعَ سِنِينَ وَقُتِلَ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ .

     قَوْلُهُ  ( كَانَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِرْعَانِ) أَيْ مُبَالَغَةً فِي قَوْلِهِ تَعَالَى خُذُوا حِذْرَكُمْ وَقَولُهُ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ فَإِنَّهَا تَشْمَلُ الدِّرْعَ وَإِنْ فَسَّرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَقْوَى أَفْرَادِهَا حَيْثُ قَالَ ألا إن القوة الرمي قال القارىء وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى جَوَازِ الْمُبَالَغَةِ فِي أَسْبَابِ الْمُجَاهَدَةِ وَأَنَّهُ لَا يُنَافِي التَّوَكُّلَ وَالتَّسْلِيمَ بِالْأُمُورِ الْوَاقِعَةِ الْمُقَدَّرَةِ ( يَوْمَ أُحُدٍ) بِضَمَّتَيْنِ مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ بِالْمَدِينَةِ ( فَنَهَضَ) أَيْ قَامَ مُتَوَجِّهًا ( إِلَى الصَّخْرَةِ) أَيِ الَّتِي كَانَتْ هُنَاكَ يَسْتَوِي عَلَيْهَا وَيَنْظُرُ إِلَى الْكُفَّارِ وَيُشْرِفُ عَلَى الْأَبْرَارِ ( أَوْجَبَ طَلْحَةُ) أَيِ الْجَنَّةَ كَمَا فِي رِوَايَةٍ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ أَثْبَتَهَا لِنَفْسِهِ بِعَمَلِهِ هَذَا أَوْ بِمَا فَعَلَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَإِنَّهُ خَاطَرَ بِنَفْسِهِ يَوْمَ أُحُدٍ وَفَدَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعَلَهَا وِقَايَةً لَهُ حَتَّى طُعِنَ بِبَدَنِهِ وَجُرِحَ جَمِيعُ جَسَدِهِ حَتَّى شُلَّتْ يَدُهُ بِبِضْعٍ وَثَمَانِينَ جِرَاحَةً كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ وَالسَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ) أَمَّا حَدِيثُ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ السَّائِبِ بن يزيد فأخرجه أبو داود وبن مَاجَهْ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عَلَيْهِ يَوْمَ أُحُدٍ دِرْعَانِ قَدْ ظَاهَرَ بَيْنَهُمَا .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ إِلَخْ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ18 -

رقم الحديث 1693 [1693] .

     قَوْلُهُ  ( عَامَ الْفَتْحِ) أَيْ عَامَ فَتْحِ مَكَّةَ ( وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ) زَرَدٌ يُنْسَجُ مِنَ الدُّرُوعِ عَلَى قَدْرِ الرَّأْسِ وَقِيلَ هُوَ رَفْرَفُ الْبَيْضَةِ قَالَ فِي الْمُحْكَمِ وَفِي الْمَشَارِقِ هُوَ مَا يُجْعَلُ مِنْ فَضْلِ دُرُوعِ الْحَدِيدِ عَلَى الرَّأْسِ مِثْلَ الْقَلَنْسُوَةِ وَفِي رِوَايَةِ زَيْدِ بْنِ الْحُبَابِ عَنْ مَالِكٍ يَوْمَ الْفَتْحِ وَعَلَيْهِ مِغْفَرٌ مِنْ حَدِيدٍ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْغَرَائِبِ ( فَقِيلَ له) أي النبي صلى الله عليه وسلم ( بن خَطَلٍ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ اخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ فَقِيلَ عَبْدُ اللَّهِ وَقِيلَ عَبْدُ الْعُزَّى وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ قَالَ الْحَافِظُ وَالْجَمْعُ بَيْنَ مَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنِ اسْمِهِ أَنَّهُ كَانَ يُسَمَّى عَبْدَ الْعُزَّى فَلَمَّا أَسْلَمَ سُمِّيَ عَبْدَ اللَّهِ.
وَأَمَّا مَنْ قَالَ هِلَالٌ فَالْتَبَسَ عَلَيْهِ بِأَخٍ لَهُ اسْمُهُ هِلَالٌ انْتَهَى ( قَالَ اقتلوه) قال الحافظ والسبب في قتل بن خَطَلٍ وَعَدَمِ دُخُولِهِ فِي قَوْلِهِ مَنْ دَخَلَ المسجد فهو آمن ما روى بن إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَغَيْرُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ دَخَلَ مَكَّةَ قَالَ لَا يُقْتَلُ أَحَدٌ إِلَّا مَنْ قَاتَلَ إِلَّا نَفَرًا سَمَّاهُمْ فَقَالَ اقْتُلُوهُمْ وَإِنْ وَجَدْتُمُوهُمْ تَحْتَ أَسْتَارِ الْكَعْبَةِ مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَطَلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ وَإِنَّمَا أَمَرَ بِقَتْلِ بن خَطَلٍ لِأَنَّهُ كَانَ مُسْلِمًا فَبَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُصَدِّقًا وَبَعَثَ مَعَهُ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ وَكَانَ مَعَهُ مَوْلًى يَخْدُمُهُ وَكَانَ مُسْلِمًا فَنَزَلَ مَنْزِلًا فَأَمَرَ الْمَوْلَى أَنْ يَذْبَحَ تَيْسًا وَيَصْنَعَ لَهُ طَعَامًا فَنَامَ وَاسْتَيْقَظَ ولم يصنع له شيئا فعدى عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ ثُمَّ ارْتَدَّ مُشْرِكًا وَكَانَتْ لَهُ قَيْنَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِهِجَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْحَجِّ وَفِي الْجِهَادِ وَفِي الْمَغَازِي وَفِي اللِّبَاسِ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الْمَنَاسِكِ وَأَبُو دَاوُدَ فِي الْجِهَادِ وَالنَّسَائِيُّ فِي الحج وفي السير وبن مَاجَهْ فِي الْجِهَادِ .

     قَوْلُهُ  ( لَا نَعْرِفُ كَبِيرَ أَحَدٍ رَوَاهُ غَيْرَ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ) كَذَا فِي النُّسَخِ الْحَاضِرَةِ عِنْدَنَاوَنَقَلَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ هَذِهِ الْعِبَارَةَ بِلَفْظِ لَا يُعْرَفُ كَثِيرُ أَحَدٍ رَوَاهُ غَيْرُ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ كَمَا سَتَقِفُ قَالَ الْحَافِظُ وَقِيلَ إِنَّ مَالِكًا تَفَرَّدَ بِهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَمِمَّنْ جزم بذلك بن الصَّلَاحِ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ لَهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى الشَّاذِّ.
وَتَعَقَّبَهُ شَيْخُنَا الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ العراقي بأنه ورد من طريق بن أَخِي الزُّهْرِيِّ وَأَبِي أُوَيْسٍ وَمَعْمَرٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ.

     وَقَالَ  إن رواية بن أَخِي الزُّهْرِيِّ عِنْدَ الْبَزَّارِ وَرِوَايَةَ أَبِي أُوَيْسٍ عبد بن سعد وبن عدي وأن رواية معمر ذكرها بن عَدِيٍّ وَأَنَّ رِوَايَةَ الْأَوْزَاعِيِّ ذَكَرَهَا الْمُزَنِيُّ وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْخُنَا مَنْ أَخْرَجَ رِوَايَتَهُمَا وَقَدْ وُجِدَتْ رواية معمر في فوائد بن المقرئ وَرِوَايَةُ الْأَوْزَاعِيِّ فِي فَوَائِدِ تَمَّامٍ ثُمَّ نَقَلَ شيخنا عن بن السدي أن بن الْعَرَبِيِّ قَالَ حِينَ قِيلَ لَهُ لَمْ يَرْوِهِ إِلَّا مَالِكٌ قَدْ رَوَيْتُهُ مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ طَرِيقًا غَيْرِ طَرِيقِ مَالِكٍ وَإِنَّهُ وَعَدَ بِإِخْرَاجِ ذلك ولم يخرج شيئا وأطال بن السُّدِّيِّ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ وَأَنْشَدَ فِيهَا شِعْرًا وحاصلها أنهم اتهموا بن الْعَرَبِيِّ فِي ذَلِكَ وَنَسَبُوهُ إِلَى الْمُجَازَفَةِ ثُمَّ شرح بن السُّدِّيِّ يَقْدَحُ فِي أَصْلِ الْقِصَّةِ وَلَمْ يُصِبْ فِي ذَلِكَ فَرَاوِي الْقِصَّةِ عَدْلٌ مُتْقِنٌ وَاَلَّذِينَ اتهموا بن العربي في ذلك هم الذين أخطأوا لِقِلَّةِ اطِّلَاعِهِمْ وَكَأَنَّهُ بَخِلَ عَلَيْهِمْ بِإِخْرَاجِ ذَلِكَ لِمَا ظَهَرَ لَهُ مِنْ إِنْكَارِهِمْ وَتَعَنُّتِهِمْ وَقَدْ تَتَبَّعْتُ طُرُقَهُ حَتَّى وَقَفْتُ عَلَى أَكْثَرَ مِنَ العدد الذي ذكره بن الْعَرَبِيِّ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ ثُمَّ ذَكَرَ الْحَافِظُ تِلْكَ الطُّرُقَ الَّتِي وَجَدَهَا ثُمَّ قَالَ فَتَبَيَّنَ بِذَلِكَ أن إطلاق بن الصلاح متعقب وأن قول بن الْعَرَبِيِّ صَحِيحٌ وَأَنَّ كَلَامَ مَنِ اتَّهَمَهُ مَرْدُودٌ وَلَكِنْ لَيْسَ فِي طُرُقِهِ شَيْءٌ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ إِلَّا طَرِيقُ مَالِكٍ فَيُحْمَلُ قَوْلُ مَنْ قَالَ انْفَرَدَ بِهِ مَالِكٌ أَيْ بِشَرْطِ الصِّحَّةِ وَقَوْلُ مَنْ قَالَ تُوبِعَ أَيْ فِي الْجُمْلَةِ وَعِبَارَةُ التِّرْمِذِيِّ سَالِمَةٌ مِنَ الِاعْتِرَاضِ فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَ تَخْرِيجِهِ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ لَا يُعْرَفُ كَثِيرُ أَحَدٍ رَوَاهُ غَيْرُ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَ.

     قَوْلُهُ  كَثِيرٌ يُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ تُوبِعَ فِي الْجُمْلَةِ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ مُخْتَصَرًا 9 - ( بَاب مَا جاء في فضل الخيول)

رقم الحديث 1694 [1694] .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا عَبْثَرُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ ( بْنُ الْقَاسِمِ) الزُّبَيْدِيُّ بِالضَّمِّ أَوْ زُبَيْدٌ كَذَلِكَ الْكُوفِيُّ ثِقَةٌ مِنَ الثَّامِنَةِ ( عَنْ عروة البارقي) هو بن الجعد ويقال بن أَبِي الْجَعْدِ وَيُقَالُ اسْمُ أَبِيهِ عِيَاضٌ صَحَابِيٌّ سَكَنَ الْكُوفَةَ وَهُوَ أَوَّلُ قَاضٍ بِهَا .

     قَوْلُهُ  ( الْخَيْرُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِي الْخَيْلِ) أَيْ مُلَازِمٌ بِهَا كَأَنَّهُ مَعْقُودٌ فِيهَا كَذَا فِي النِّهَايَةِ والمرادبِالْخَيْلِ مَا يُتَّخَذُ لِلْغَزْوِ بِأَنْ يُقَاتَلَ عَلَيْهِ أَوْ يَرْتَبِطَ لِأَجْلِ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَيْلُ لِثَلَاثَةٍ الْحَدِيثَ وَلِقَوْلِهِ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ الْأَجْرُ وَالْمَغْنَمُ قَالَ عِيَاضٌ إِذَا كَانَ فِي نَوَاصِيهَا الْبَرَكَةُ فَيَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ فِيهَا شُؤْمٌ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الشُّؤْمُ فِي غَيْرِ الْخَيْلِ الَّتِي ارْتَبَطَتْ لِلْجِهَادِ وَأَنَّ الْخَيْلَ الَّتِي أُعِدَّتْ لَهُ هِيَ الْمَخْصُوصَةُ بِالْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ أَوْ يُقَالُ الْخَيْرُ وَالشَّرُّ يُمْكِنُ اجْتِمَاعُهُمَا فِي ذَاتٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ فَسَّرَ الْخَيْرَ بِالْأَجْرِ وَالْمَغْنَمِ وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْفَرَسُ مِمَّا يُتَشَاءَمُ بِهِ انْتَهَى ( الْأَجْرُ وَالْمَغْنَمُ) بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ الْخَيْرُ أَوْ هُوَ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ هُوَ الْأَجْرُ وَالْمَغْنَمُ وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ جَرِيرٍ عَنْ حُصَيْنٍ قَالُوا بم ذلك يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْأَجْرُ وَالْمَغْنَمُ قَالَ الطِّيبِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْخَيْرُ الَّذِي فُسِّرَ بِالْأَجْرِ وَالْمَغْنَمِ اسْتِعَارَةً لِظُهُورِهِ وَمُلَازَمَتِهِ وَخَصَّ النَّاصِيَةَ لِرِفْعَةِ قَدْرِهَا وَكَأَنَّهُ شَبَّهَهُ لِظُهُورِهِ بِشَيْءٍ مَحْسُوسٍ مَعْقُودٍ عَلَى مَكَانٍ مُرْتَفِعٍ فَنُسِبَ الْخَيْرُ إِلَى لَازِمِ الْمُشَبَّهِ بِهِ وَذَكَرَ النَّاصِيَةَ تَجْدِيدًا لِلِاسْتِعَارَةِ وَالْمُرَادُ بِالنَّاصِيَةِ هُنَا الشَّعْرُ الْمُسْتَرْسِلُ عَلَى الْجَبْهَةِ قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ قَالُوا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَنَّى بِالنَّاصِيَةِ عَنْ جَمِيعِ ذَاتِ الْفَرَسِ كَمَا يُقَالُ فُلَانٌ مُبَارَكُ النَّاصِيَةِ قَالَ الْحَافِظُ وَيُبْعِدُهُ لَفْظُ الْحَدِيثِ الثَّالِثِ يَعْنِي حَدِيثَ أَنَسٍ الْبَرَكَةُ فِي نَوَاصِي الْخَيْلِ وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْوِي نَاصِيَةَ فَرَسِهِ بِأُصْبُعِهِ وَيَقُولُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ النَّاصِيَةُ خُصَّتْ بِذَلِكَ لِكَوْنِهَا الْمُقَدَّمَ مِنْهَا إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الْفَضْلَ فِي الْإِقْدَامِ بِهَا عَلَى الْعَدُوِّ دون المؤخر لما فيه من الاشارة إلا الادبار قوله ( وفي الباب عن بن عُمَرَ وَأَبِي سَعِيدٍ وَجَرِيرٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَجَابِرٍ) أَمَّا حديث بن عمر فأخرجه مالك وأحمد والشيخان والنسائي وبن مَاجَهْ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ جَرِيرٍ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَالطَّحَاوِيُّ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي بَابِ مَنِ ارْتَبَطَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ الله وأخرجه أيضا مسلم والنسائي وبن مَاجَهْ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فَأَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالطَّحَاوِيُّ وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ أُخْرَى عَنْ غَيْرِ هَؤُلَاءِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ذَكَرَهَا الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ فِي شَرْحِ بَابِ الْجِهَادُ مَاضٍ مَعَ الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ.

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ والشيخان والنسائي وبن مَاجَهْ وَالطَّحَاوِيُّ .

     قَوْلُهُ  ( قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَفِقْهُ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْجِهَادَ مَعَ كُلِّ إِمَامٍ) أَيْ بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا ( إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) يَعْنِي أَنَّ الْجِهَادَ مَاضٍ مَعَ كُلِّ إِمَامٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ بَابُ الْجِهَادُ مَاضٍ مَعَ الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَالَ الْحَافِظُ سَبَقَهُ إِلَى الِاسْتِدْلَالِ بِهَذَا الْإِمَامُ أَحْمَدُ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ بَقَاءَ الْخَيْرِ فِي نَوَاصِي الْخَيْلِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَفَسَّرَهُ بِالْأَجْرِ وَالْمَغْنَمِ وَالْمَغْنَمُ الْمُقْتَرِنُ بِالْأَجْرِ إِنَّمَا يَكُونُ مِنَ الْخَيْلِ بِالْجِهَادِ وَلَمْ يُقَيَّدْ ذَلِكَ بِمَا إِذَا كَانَ الْإِمَامُ عَادِلًا فَدَلَّ عَلَى أَنْ لَا فَرْقَ فِي حُصُولِ هَذَا الْفَضْلِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْغَزْوُ مَعَ الامام العادل والجائر انتهى - ( باب مَا يُسْتَحَبُّ مِنْ الْخَيْلِ)

رقم الحديث 1695 [1695] .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ) بْنِ عَبَّاسٍ الْهَاشِمِيُّ الْحِجَازِيُّ ثُمَّ الْبَغْدَادِيُّ صَدُوقٌ مُقِلٌّ كَانَ مُعْتَزِلًا لِلسُّلْطَانِ مِنَ السَّابِعَةِ ( عَنْ أَبِيهِ) أَيْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ ثِقَةٌ عَابِدٌ مِنَ الثَّالِثَةِ .

     قَوْلُهُ  ( يُمْنُ الْخَيْلِ) أَيْ بَرَكَتُهَا ( فِي الشُّقْرِ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ جَمْعُ أَشْقَرَ وَهُوَ أَحْمَرُ قَالَ فِي مُخْتَارِ الصِّحَاحِ الشُّقْرَةُ لَوْنُ الْأَشْقَرِ وَهِيَ فِي الْإِنْسَانِ حُمْرَةٌ صَافِيَةٌ وَبَشَرَتُهُ مَائِلَةٌ إِلَى الْبَيَاضِ وَفِي الْخَيْلِ حُمْرَةٌ صَافِيَةٌ يَحْمَرُّ مَعَهَا الْعَرْفُ وَالذَّنَبُ فَإِنِ اسْوَدَّا فهو الكميت.

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ إِلَخْ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ

رقم الحديث 1696 [1696] .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ) بْنِ مُوسَى أَبُو الْعَبَّاسِ السِّمْسَارُ الْمَعْرُوفُ بِمَرْدَوَيْهِ ( عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ) بْنِ قَصِيرٍ ضِدُّ الطَّوِيلِ اللَّخْمِيِّ الْبَصْرِيِّ ثِقَةٌ وَالْمَشْهُورُ فِيهِ عُلَيٌّ بِالتَّصْغِيرِ وَكَانَ يَغْضَبُ مِنْهَا مِنْ صِغَارِ الثَّالِثَةِ .

     قَوْلُهُ  ( خَيْرُ الْخَيْلِ الْأَدْهَمُ) قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ الْأَدْهَمُ الَّذِي يَشْتَدُّ سَوَادُهُ وَقَولُهُ ( الْأَقْرَحُ) الَّذِي فِي وَجْهِهِ الْقُرْحَةُ بِالضَّمِّ وَهِيَ مَا دُونَ الْغُرَّةِ يَعْنِي فِيهِ بَيَاضٌ يَسِيرٌ وَلَوْ قَدْرَ درهم ( الأرثم) بالمثلثة أَيْ فِي جَحْفَلَتِهِ الْعُلْيَا بَيَاضٌ يَعْنِي أَنَّهُ الْأَبْيَضُ الشَّفَةِ الْعُلْيَا وَقِيلَ الْأَبْيَضُ الْأَنْفِ قَالَهُ القارىء وَالْجَحْفَلَةُ بِمَنْزِلَةِ الشَّفَةِ لِلْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ ( ثُمَّ) أي بعد ما ذَكَرَ مِنَ الْأَوْصَافِ الْمُجْتَمِعَةِ فِي الْفَرَسِ ( الْأَقْرَحُ الْمُحَجَّلُ) التَّحْجِيلُ بَيَاضٌ فِي قَوَائِمِ الْفَرَسِ أَوْ فِي ثَلَاثٍ مِنْهَا أَوْ فِي رِجْلَيْهِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ بَعْدَ أَنْ يُجَاوِزَ الْأَرْسَاغَ وَلَا يُجَاوِزُ الرُّكْبَتَيْنِ وَالْعُرْقُوبَيْنِ ( طُلُقُ الْيَمِينِ) بِضَمِّ الطَّاءِ وَاللَّامِ وَيُسَكَّنُ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي إِحْدَى قَوَائِمِهَا تَحْجِيلٌ ( فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) أَيِ الْفَرَسُ ( أَدْهَمَ) أَيْ أَسْوَدَ مِنَ الدُّهْمَةِ وَهِيَ السَّوَادُ على مافي الْقَامُوسِ ( فَكُمَيْتٌ) بِالتَّصْغِيرِ أَيْ بِأُذُنَيْهِ وَعُرْفِهِ سَوَادٌ وَالْبَاقِي أَحْمَرُ وَقَالَ التُّورِبِشْتِيُّ الْكُمَيْتُ مِنَ الْخَيْلِ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ وَالْمَصْدَرُ الْكُمَيْتَةُ وَهِيَ حُمْرَةٌ يَدْخُلُهَا فَتْرَةٌ وَقَالَ الْخَلِيلُ إِنَّمَا صُغِّرَ لِأَنَّهُ بَيْنَ السَّوَادِ وَالْحُمْرَةِ لَمْ يَخْلُصْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَأَرَادُوا بِالتَّصْغِيرِ أَنَّهُ قَرِيبٌ مِنْهُمَا ( عَلَى هَذِهِ الشِّيَةِ) بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ أَيِ الْعَلَامَةِ وَهِيَ فِي الْأَصْلِ كُلُّ لَوْنٍ يُخَالِفُ مُعْظَمَ لَوْنِ الْفَرَسِ وَغَيْرَهُ وَالْهَاءُ عِوَضٌ عَنِ الْوَاوِ الذَّاهِبَةِ مِنْ أَوَّلِهِ وَهَمْزُهَا لَحْنٌ وَهَذِهِ إِشَارَةٌ إِلَى الْأَقْرَحِ الْأَرْثَمِ ثُمَّ الْمُحَجَّلِ طُلُقِ الْيَمِينِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أحمد وبن ماجه والدارمي والحاكم21 - ( باب مَا يُكْرَهُ مِنْ الْخَيْلِ)

رقم الحديث 1698 [1698] .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) النَّخَعِيُّ الْكُوفِيُّ أَخُو حُصَيْنٍ قِيلَ يُكْنَى أَبَا عَبْدِ الرَّحِيمِ صَدُوقٌ مِنَ السَّادِسَةِ لَهُ عِنْدَهُمْ حَدِيثٌ وَاحِدٌ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ .

     قَوْلُهُ  ( أَنَّهُ كَرِهَ الشِّكَالَ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ ( فِي الْخَيْلِ) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنَ الْخَيْلِ وَزَادَ فِي رِوَايَتِهِ وَالشِّكَالُ أَنْ يَكُونَ الْفَرَسُ فِي رِجْلِهِ الْيُمْنَى بَيَاضٌ وَفِي يَدِهِ الْيُسْرَى وَيَدِهِ الْيُمْنَى وَرِجْلِهِ الْيُسْرَى قَالَ النَّوَوِيُّ وَهَذَا التَّفْسِيرُ هُوَ أَحَدُ الْأَقْوَالِ فِي الشِّكَالِ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَجُمْهُورُ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالْغَرِيبُ هُوَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ ثَلَاثُ قَوَائِمَ مُحَجَّلَةٌ وَوَاحِدَةٌ مُطْلَقَةٌ تَشْبِيهًا بِالشِّكَالِ الَّذِي يُشْكِلُ بِهِ الْخَيْلُ فَإِنَّهُ يَكُونُ فِي ثَلَاثِ قَوَائِمَ غَالِبًا قَالَ أَبُو عَبِيدٍ وَقَدْ يَكُونُ الشِّكَالُ ثَلَاثَ قَوَائِمَ مُطْلَقَةً وَوَاحِدَةً مُحَجَّلَةً قَالَ وَلَا يَكُونُ الْمُطْلَقَةُ مِنَ الْأَرْجُلِ أَوِ الْمُحَجَّلَةُ إِلَّا الرِّجْلَ قَالَ بن دُرَيْدٍ الشِّكَالُ أَنْ يَكُونَ مُحَجَّلَةً مِنْ شِقٍّ وَاحِدٍ فِي يَدِهِ وَرِجْلِهِ فَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا قِيلَ الشِّكَالُ مُخَالِفٌ قَالَ الْقَاضِي قَالَ أَبُو عَمْرٍو الْمُطَرِّزُ قِيلَ الشِّكَالُ بَيَاضُ الرِّجْلِ الْيُمْنَى وَالْيَدِ الْيُمْنَى وَقِيلَ بَيَاضُ الرِّجْلِ الْيُسْرَى وَالْيَدِ الْيُسْرَى وَقِيلَ بَيَاضُ الْيَدَيْنِ وَقِيلَ بَيَاضُ الرِّجْلَيْنِ وَقِيلَ بَيَاضُ الرِّجْلَيْنِ وَيَدٍ وَاحِدَةٍ وَقِيلَ بَيَاضُ الْيَدَيْنِ وَرِجْلٍ وَاحِدَةٍ وَقَالَ الْعُلَمَاءُ إِنَّمَا كَرِهَهُ لِأَنَّهُ عَلَى صُورَةِ الْمَشْكُولِ وَقِيلَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَدْ جُرِّبَ ذَلِكَ الْجِنْسُ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ نَجَابَةٌ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِذَا كَانَ مَعَ ذَلِكَ أَغَرَّ زَالَتِ الْكَرَاهَةُ لِزَوَالِ شَبَهِ الشِّكَالِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ ( وَقَدْ رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْخَثْعَمِيِّ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوَهُ) قَالَ فِي التَّقْرِيبِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ النَّخَعِيُّ الْكُوفِيُّ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ فِي شِكَالِ الْخَيْلِ قَالَ أَحْمَدُ صَوَابُهُ سَلْمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْطَأَ شُعْبَةُ فِي اسْمِهِ.

     وَقَالَ  فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ فِي تَرْجَمَتِهِ قَالَ الْمُؤَلِّفُ.

     وَقَالَ  عَبْدُ اللَّهِ بْنُأحمد عن أبيه شعبة يخطىء فِي هَذَا يَقُولُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ وَإِنَّمَا هُوَ سَلْمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّخَعِيُّ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ) حَافِظٌ ضعيف وكان بن مَعِينٍ حَسَنَ الرَّأْيِ فِيهِ مِنَ الْعَاشِرَةِ ( حَدَّثَنَا جرير) هو بن عَبْدِ الْحَمِيدِ .

     قَوْلُهُ  ( فَمَا خَرَمَ) مِنْ بَابِ ضرب أي ما نقص يَعْنِي أَنَّهُ كَانَ فِي غَايَةٍ مِنَ الْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ 2 - ( بَاب مَا جَاءَ فِي الرِّهَانِ وَالسَّبَقِ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ الرِّهَانُ وَالْمُرَاهَنَةُ الْمُخَاطَرَةُ وَالْمُسَابَقَةُ عَلَى الْخَيْلِ

رقم الحديث 1699 [1699] .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَزِيرِ) بْنُ قَيْسٍ الْعَبْدِيُّ الْوَاسِطِيُّ ثِقَةٌ عَابِدٌ مِنَ الْعَاشِرَةِ .

     قَوْلُهُ  ( أَجْرَى الْمُضَمَّرَ) الْإِضْمَارُ وَالتَّضْمِيرُ أَنْ تَعْلِفَ الْخَيْلَ حَتَّى تَسْمَنَ وَتَقْوَى ثُمَّ يُقَلَّلُ عَلَفُهَا بَعْدُ بِقَدْرِ الْقُوتِ وَتُدْخَلُ بَيْتًا وَتُغَشَّى بِالْجِلَالِ حَتَّى تَحْمَى فَتَعْرَقَ فَإِذَا جَفَّ عَرَقُهَا خَفَّ لَحْمُهَا وَقَوِيَتْ عَلَى الْجَرْيِ ( مِنَ الْحَفْيَاءِ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ وَمَدٌّ مَكَانٌ خَارِجَ الْمَدِينَةِ وَيَجُوزُ الْقَصْرُ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ سَابَقَ وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ أَجْرَى ( إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ) مَكَانٌ آخَرُ خَارِجَ الْمَدِينَةِ وَأُضِيفَ الثَّنِيَّةُ إِلَى الْوَدَاعِ لِأَنَّهَا مَوْضِعُ التَّوْدِيعِ ( إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ) بِضَمِّ الزَّايِ وَفَتْحِ الرَّاءِ اسْمُ رَجُلٍ ( وَبَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الثَّنِيَّةِ وَالْمَسْجِدِ ( مِيلٌ) إِنَّمَا جَعَلَ غَايَةَ الْمُضَمَّرَةِ أَبْعَدَ لِكَوْنِهَا أَقْوَى ( فَوَثَبَ بِي فَرَسِي جِدَارًا) وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَجِئْت سَابِقًا فطفف بيالْفَرَسُ الْمَسْجِدَ قَالَ النَّوَوِيُّ أَيْ عَلَا وَوَثَبَ إِلَى الْمَسْجِدِ وَكَانَ جِدَارُهُ قَصِيرًا وَهَذَا بَعْدَ مُجَاوَزَتِهِ الْغَايَةِ لِأَنَّ الْغَايَةَ هِيَ هَذَا الْمَسْجِدُ وَهُوَ مَسْجِدُ بَنِي زُرَيْقٍ انْتَهَى وَفِي الْحَدِيثِ مَشْرُوعِيَّةُ الْمُسَابَقَةِ وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْعَبَثِ بَلْ مِنَ الرِّيَاضَةِ الْمَحْمُودَةِ الْمُوَصِّلَةِ إِلَى تَحْصِيلِ الْمَقَاصِدِ فِي الْغَزْوِ وَالِانْتِفَاعِ بِهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ وَهِيَ دَائِرَةٌ بَيْنَ الِاسْتِحْبَابِ وَالْإِبَاحَةِ بِحَسَبِ الْبَاعِثِ عَلَى ذَلِكَ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ الْمُسَابَقَةِ عَلَى الْخَيْلِ وَغَيْرِهَا مِنَ الدَّوَابِّ عَلَى الْأَقْدَامِ وَكَذَا التَّرَامِي بِالسِّهَامِ وَاسْتِعْمَالِ الْأَسْلِحَةِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ التَّدْرِيبِ عَلَى الْحَرْبِ وَفِيهِ جَوَازُ إِضْمَارِ الْخَيْلِ وَلَا يَخْفَى اخْتِصَاصُ اسْتِحْبَابِهَا بِالْخَيْلِ الْمُعَدَّةِ لِلْغَزْوِ وَفِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ الْإِعْلَامِ بِالِابْتِدَاءِ وَالِانْتِهَاءِ عِنْدَ الْمُسَابَقَةِ تَنْبِيهٌ لَمْ يَتَعَرَّضْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِلْمُرَاهَنَةِ عَلَى ذَلِكَ لَكِنْ تَرْجَمَ التِّرْمِذِيُّ لَهُ بَابَ الْمُرَاهَنَةِ عَلَى الْخَيْلِ وَلَعَلَّهُ أَشَارَ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْمُكَبَّرِ عَنْ نَافِعٍ عن بن عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ وَرَاهَنَ قَالَهُ الْحَافِظُ.

     وَقَالَ  وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ الْمُسَابَقَةِ بِغَيْرِ عِوَضٍ لَكِنْ قَصَرَهَا مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ عَلَى الْخُفِّ وَالْحَافِرِ وَالنَّصْلِ وَخَصَّهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِالْخَيْلِ وَأَجَازَهُ عَطَاءٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَاتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِهَا بِعِوَضٍ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مِنْ غَيْرِ الْمُتَسَابِقِينَ كَالْإِمَامِ حَيْثُ لَا يَكُونُ لَهُ مَعَهُمْ فَرَسٌ وَجَوَّزَ الْجُمْهُورُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ مِنَ الْمُتَسَابِقِينَ وَكَذَا إِذَا كَانَ مَعَهُمَا ثَالِثٌ مُحَلَّلٌ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُخْرِجَ مِنْ عِنْدِهِ شَيْئًا لِيُخْرِجَ الْعَقْدَ عَنْ صُورَةِ الْقِمَارِ وَهُوَ أَنْ يُخْرِجَ كُلٌّ مِنْهُمَا سَبَقًا فَمَنْ غَلَبَ أَخَذَ السَّبَقَيْنِ فَاتَّفَقُوا عَلَى مَنْعِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ شَرَطَ فِي الْمُحَلَّلِ أَنْ يَكُونَ لَا يَتَحَقَّقُ السَّبَقُ فِي مَجْلِسِ السَّبَقِ قُلْتُ وَيَدُلُّ عَلَى قَوْلِهِ وَكَذَا إِذَا كَانَ مَعَهُمَا ثَالِثٌ مُحَلِّلٌ إِلَخْ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا مَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ فَإِنْ كَانَ يُؤْمَنُ أَنْ يَسْبِقَ فَلَا خَيْرَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَسْبِقَ فَلَا بَأْسَ بِهِ رَوَاهُ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ قَالَ الْمُظْهِرُ.
اعْلَمْ أَنَّ الْمُحَلِّلَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى فَرَسٍ مثل فر الْمُخْرِجَيْنِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ فَرَسَيْهِمَا فِي الْعَدْوِ فَإِنْ كَانَ فَرَسُ الْمُحَلِّلِ جَوَادًا بِحَيْثُ يَعْلَمُ الْمُحَلِّلُ أَنَّ فَرَسَيِ الْمُخْرِجَيْنِ لَا يَسْبِقَانِ فَرَسَهُ لَمْ يَجُزْ بَلْ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يَسْبِقُ فَرَسَيِ الْمُخْرِجَيْنِ يَقِينًا أَوْ أَنَّهُ يَكُونُ مَسْبُوقًا جَازَ وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ ثُمَّ فِي الْمُسَابَقَةِ إِنْ كَانَ الْمَالُ مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ أَوْ مِنْ جِهَةِ وَاحِدٍ مِنْ عُرْضِ النَّاسِ شَرَطَ لِلسَّابِقِ مِنَ الْفَارِسَيْنِ مَالًا مَعْلُومًا فَجَائِزٌ وَإِذَا سَبَقَ اسْتَحَقَّهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ جِهَةِ الْفَارِسَيْنِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ إِنْ سَبَقْتَنِي فَلَكَ عَلَيَّ كَذَا وَإِنْ سَبَقْتُكَ فَلَا شَيْءَ لِي عَلَيْكَ فَهُوَ جَائِزٌ أَيْضًا فَإِذَا سَبَقَ اسْتَحَقَّ الْمَشْرُوطَ وَإِنْ كَانَ الْمَالُ مِنْ جِهَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ إِنْ سَبَقْتُكَ فَلِي عَلَيْكَ كَذَا وَإِنْ سَبَقْتَنِي فَلَكَ عَلَيَّ كَذَا فَهَذَا لَايَجُوزُ إِلَّا بِمُحَلِّلٍ يَدْخُلُ بَيْنَهُمَا إِنْ سَبَقَ الْمُحَلِّلُ أَخَذَ السَّبَقَيْنِ وَإِنْ سُبِقَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَسُمِّيَ مُحَلِّلًا لِأَنَّهُ مُحَلِّلٌ لِلسَّابِقِ أَخْذَ الْمَالِ فَبِالْمُحَلِّلِ يَخْرُجُ الْعَقْدُ عَنْ أَنْ يَكُونَ قِمَارًا لِأَنَّ الْقِمَارَ يَكُونُ الرَّجُلُ مُتَرَدِّدًا بَيْنَ الْغُنْمِ وَالْغُرْمِ فَإِذَا دَخَلَ بَيْنَهُمَا لَمْ يُوجَدْ فِيهِ هَذَا الْمَعْنَى ثُمَّ إِذَا جَاءَ الْمُحَلِّلُ أو لا ثُمَّ جَاءَ الْمُسْتَبِقَانِ مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ أَخَذَ الْمُحَلِّلُ السَّبَقَيْنِ وَإِنْ جَاءَ الْمُسْتَبِقَانِ مَعًا ثُمَّ الْمُحَلِّلُ فَلَا شَيْءَ لِأَحَدٍ وَإِنْ جَاءَ أَحَدُ الْمُسْتَبِقَيْنِ أَوَّلًا ثُمَّ الْمُحَلِّلُ وَالْمُسْتَبِقُ الثَّانِي إِمَّا مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ أَحْرَزَ السَّابِقُ سَبَقَهُ وَأَخَذَ سَبَقَ الْمُسْتَبِقِ الثَّانِي وَإِنْ جَاءَ الْمُحَلِّلُ وَأَحَدُ الْمُسْتَبِقَيْنِ مَعًا ثُمَّ جَاءَ الثَّانِي مُصَلِّيًا أَخَذَ السَّابِقَانِ سَبَقَهُ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَجَابِرٍ وَأَنَسٍ وَعَائِشَةَ) أَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ وَلَهُ حَدِيثٌ آخَرُ تَقَدَّمَ لَفْظُهُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَأَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وبن ماجه وبن حبان والبيهقي ومن حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَابَقْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَبَقْتُهُ فَلَمَّا حَمَلْتُ اللَّحْمَ سَابَقْتُهُ فَسَبَقَنِي فَقَالَ هَذِهِ بِتِلْكَ قَالَ الْحَافِظُ وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى هِشَامٍ فَقِيلَ هَكَذَا وَقِيلَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَقِيلَ عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ كَذَا فِي التَّلْخِيصِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ

رقم الحديث 1700 [17] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ نَافِعِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ) الْبَزَّارِ كُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى أَبِي أَحْمَدَ ثِقَةٌ مِنَ الثَّالِثَةِ .

     قَوْلُهُ  ( لَا سَبَقَ) بِفَتْحَتَيْنِ.

     وَقَالَ  فِي النِّهَايَةِ هُوَ بِفَتْحِ الْبَاءِ مَا يُجْعَلُ مِنَ الْمَالِ رَهْنًا عَلَى الْمُسَابَقَةِ وَبِالسُّكُونِ مَصْدَرُ سَبَقْتُ أَسْبِقُ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ الرِّوَايَةُ الْفَصِيحَةُ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَالْمَعْنَى لَا يَحِلُّ أَخْذُ الْمَالِ بِالْمُسَابَقَةِ ( إِلَّا فِي نَصْلٍ) أَيْ لِلسَّهْمِ ( أَوْ خُفٍّ) أَيْ لِلْبَعِيرِ ( أَوْ حَافِرٍ) أَيْ لِلْخَيْلِ قَالَ الطِّيبِيُّ وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ تَقْدِيرٍ أَيْ ذِي نَصْلٍ وَذِي خُفٍّ وذي حافر وقال بن الْمَلَكِ الْمُرَادُ ذُو نَصْلٍ كَالسَّهْمِ وَذُو خُفٍّ كَالْإِبِلِ وَالْفِيلِ وَذُو حَافِرٍ كَالْخَيْلِ وَالْحَمِيرِ أَيْ لَا يَحِلُّ أَخْذُ الْمَالِ بِالْمُسَابَقَةِ إِلَّا فِي أَحَدِهَا وَأَلْحَقَ بَعْضٌ بِهَا الْمُسَابَقَةَ بِالْأَقْدَامِ وَبَعْضٌ الْمُسَابَقَةَ بِالْأَحْجَارِ وَفِي شَرْحِالسُّنَّةِ وَيَدْخُلُ فِي مَعْنَى الْخَيْلِ الْبِغَالُ وَالْحَمِيرُ وَفِي مَعْنَى الْإِبِلِ الْفِيلُ قِيلَ لِأَنَّهُ أَغْنَى مِنَ الْإِبِلِ فِي الْقِتَالِ وَأَلْحَقَ بَعْضُهُمُ الشَّدَّ عَلَى الْأَقْدَامِ وَالْمُسَابَقَةَ عَلَيْهَا وَفِيهِ إِبَاحَةُ أَخْذِ الْمَالِ عَلَى الْمُنَاضَلَةِ لِمَنْ نَضَلَ وَعَلَى الْمُسَابَقَةِ عَلَى الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ لِمَنْ سَبَقَ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ لِأَنَّهَا عُدَّةٌ لِقِتَالِ الْعَدُوِّ وَفِي بَذْلِ الْجُعْلِ عَلَيْهَا تَرْغِيبٌ فِي الْجِهَادِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ لَيْسَ بِرِهَانِ الْخَيْلِ بَأْسٌ إِذَا أُدْخِلَ فِيهَا مُحَلِّلٌ وَالسِّبَاقُ بِالطَّيْرِ وَالرِّجْلِ وَبِالْحَمَامِ وَمَا يَدْخُلُ فِي مَعْنَاهَا مِمَّا لَيْسَ مِنْ عُدَّةِ الْحَرْبِ وَلَا مِنْ بَابِ الْقُوَّةِ عَلَى الْجِهَادِ فَأَخْذُ الْمَالِ عَلَيْهِ قمار محظور وسئل بن الْمُسَيِّبِ عَنِ الدَّحْوِ بِالْحِجَارَةِ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ يُقَالُ فُلَانٌ يَدْحُو بِالْحِجَارَةِ أَيْ يَرْمِي بِهَا قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ بَعْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السنن والشافعي والحاكم من طرق وصححه بن القطان وبن دَقِيقِ الْعِيدِ وَأَعَلَّ الدَّارَقُطْنِيُّ بَعْضَهَا بِالْوَقْفِ وَرَوَاهُ الطبراني وأبو الشيخ من حديث بن عَبَّاسٍ انْتَهَى 3 - ( بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ أَنْ ينزى الْحُمُرُ عَلَى الْخَيْلِ)

رقم الحديث 1701 [171] .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ سَالِمٍ أَبُو جَهْضَمٍ) مَوْلَى آلِ الْعَبَّاسِ صَدُوقٌ مِنَ السَّادِسَةِ ( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ) بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْهَاشِمِيِّ ثِقَةٌ مِنَ الرَّابِعَةِ .

     قَوْلُهُ  ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدًا مَأْمُورًا) أَيْ بِأَوَامِرِهِ مَنْهِيًّا عَنْ نَوَاهِيهِ أَوْ مَأْمُورًا بِأَنْ يَأْمُرَ أُمَّتَهُ بِشَيْءٍ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ شَيْءٍ كَذَا قِيلَ وَقَالَ الْقَاضِي أَيْ مِطْوَاعًا غَيْرَ مُسْتَبِدٍّ فِي الْحُكْمِ وَلَا حَاكِمَ بِمُقْتَضَى مَيْلِهِ وَتَشَهِّيهِ حَتَّى يَخُصَّ مَنْ شَاءَ بِمَا شَاءَ مِنَ الْأَحْكَامِ انْتَهَى وَالْأَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ إِنَّهُ كَانَ مَأْمُورًا بِتَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ عُمُومًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ ربك الْآيَةَ ( مَا اخْتَصَّنَا) أَيْ أَهْلَ الْبَيْتِ يُرِيدُ بِهِ نَفْسَهُ وَسَائِرَ أَهْلِ بَيْتِ النُّبُوَّةِ ( دُونَ الناس) أي متجاوزا عنهم ( إلا بثلاث) أَيْ مَا اخْتَصَّنَا بِحُكْمٍ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ عَلَى سَائِرِ أُمَّتِهِ وَلَمْ يَأْمُرْنَا بِشَيْءٍ لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِهِ انْتَهَى إِلَّا بِثَلَاثِ خِصَالٍ ( أَمَرَنَا أَنْ نُسْبِغَ الْوُضُوءَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَيْ نَسْتَوْعِبُ مَاءَهُ أَوْ نُكَمِّلَأَعْضَاءَهُ قَالَ فِي الْمُغْرِبِ أَيْ وُجُوبًا لِأَنَّ إِسْبَاغَ الْوُضُوءِ مُسْتَحَبٌّ لِلْكُلِّ ( وَأَنْ لَا نُنْزِيَ حِمَارًا عَلَى فَرَسٍ) مِنْ أَنْزَى الْحُمُرَ عَلَى الْخَيْلِ حَمَلَهَا عَلَيْهِ وَلَعَلَّهُ كَانَ هَذَا نَهْيَ تَحْرِيمٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِمْ وَقَالَ الْقَاضِي الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ أَمَرَنَا إِلَخْ تَفْصِيلٌ لِلْخِصَالِ وَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ أَمْرَ إِيجَابٍ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ فِيهِ اخْتِصَاصٌ لِأَنَّ إِسْبَاغَ الْوُضُوءِ مَنْدُوبٌ عَلَى غَيْرِهِمْ وَإِنْزَاءُ الْحِمَارِ عَلَى الْفَرَسِ مَكْرُوهٌ مُطْلَقًا لِحَدِيثِ عَلِيٍّ وَالسَّبَبُ فِيهِ قَطْعُ النَّسْلِ وَاسْتِبْدَالُ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِاَلَّذِي هُوَ خَيْرٌ فَإِنَّ الْبَغْلَةَ لَا تَصْلُحُ لِلْكَرِّ وَالْفَرِّ ولذلك لا سهم لها فِي الْغَنِيمَةِ وَلَا سَبَقَ فِيهَا عَلَى وَجْهٍ وَلِأَنَّهُ عُلِّقَ بِأَنْ لَا يَأْكُلَ الصَّدَقَةَ وَهُوَ وَاجِبٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قَرِينَةً أَيْضًا كَذَلِكَ وَإِلَّا لَزِمَ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ الْوَاحِدِ فِي مَعْنَيَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يُفَسَّرَ الصَّدَقَةُ بِالتَّطَوُّعِ أَوِ الْأَمْرُ بِالْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالنَّدْبِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا اخْتَصَّنَا بِشَيْءٍ إِلَّا بِمَزِيدِ الْحَثِّ وَالْمُبَالَغَةِ فِي ذَلِكَ انْتَهَى وَفِي الْحَدِيثِ رَدٌّ بَلِيغٌ عَلَى الشِّيعَةِ حَيْثُ زَعَمُوا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اخْتَصَّ أَهْلَ الْبَيْتِ بِعُلُومٍ مَخْصُوصَةٍ وَنَظِيرُهُ مَا صَحَّ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ سُئِلَ هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ فَقَالَ والذي خلق الجنة وَبَرَأَ النَّسَمَةَ مَا عِنْدَنَا إِلَّا مَا فِي الْقُرْآنِ إِلَّا فَهْمًا يُعْطَى الرَّجُلُ فِي كِتَابِهِ وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ الْحَدِيثَ قَالَ الطَّحَاوِيُّ فِي شرح الاثار بعد رواية حديث بن عَبَّاسٍ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ وَحَدِيثِ عَلِيٍّ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ مَا لَفْظُهُ ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى هَذَا فَكَرِهُوا إِنْزَاءَ الْحُمُرِ عَلَى الْخَيْلِ وَحَرَّمُوا ذَلِكَ وَمَنَعُوا مِنْهُ وَاحْتَجُّوا بِهَذِهِ الْآثَارِ وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ فَلَمْ يَرَوْا بِذَلِكَ بَأْسًا وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ لَهُمْ فِي ذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ مَكْرُوهًا لَكَانَ رُكُوبُ الْبِغَالِ مَكْرُوهًا لِأَنَّهُ لَوْلَا رَغْبَةُ النَّاسِ فِي الْبِغَالِ وَرُكُوبُهُمْ إِيَّاهَا لَمَا أَنُزِئَتِ الْحُمُرُ عَلَى الْخَيْلِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمَّا نَهَى عَنْ إِخْصَاءِ بَنِي آدَمَ كَرِهَ بِذَلِكَ الْخِصْيَانَ لِأَنَّ فِي اتِّخَاذِهِمْ مَا يَحْمِلُ مِنْ تَحْضِيضِهِمْ عَلَى إِخْصَائِهِمْ لِأَنَّ النَّاسَ إِذَا تَحَامَوُا اتِّخَاذَهُمْ لَمْ يَرْغَبْ أَهْلُ الْفِسْقِ فِي إِخْصَائِهِمْ ثُمَّ ذَكَرَ بِسَنَدِهِ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عِيسَى الذَّهَبِيِّ أَنَّهُ قَالَ أُتِيَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِخَصِيٍّ فَكَرِهَ أَنْ يَبْتَاعَهُ.

     وَقَالَ  مَا كُنْتُ لِأُعِينَ عَلَى الْإِخْصَاءِ فَكُلُّ شَيْءٍ فِي تَرْكِ كَسْبِهِ تَرْكٌ لِبَعْضِ أَهْلِ الْمَعَاصِي لِمَعْصِيَتِهِمْ فَلَا يَنْبَغِي كَسْبُهُ فَلَمَّا أُجْمِعَ عَلَى إِبَاحَةِ اتِّخَاذِ الْبِغَالِ وَرُكُوبِهَا دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ الَّذِي فِي الْآثَارِ الْأُوَلِ لَمْ يُرَدْ بِهِ التَّحْرِيمُ وَلَكِنَّهُ أُرِيدَ بِهِ مَعْنًى آخَرُ ثُمَّ ذَكَرَ أَحَادِيثَ رُكُوبِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْبِغَالِ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَمَا مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ قِيلَ لَهُ قَدْ قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْخَيْلَ قَدْ جَاءَ فِي ارْتِبَاطِهَا واكتسابها وعلفهاالْأَجْرُ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الْبِغَالِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا يَنْزُو فَرَسٌ عَلَى فَرَسٍ حَتَّى يَكُونَ عَنْهُمَا مَا فِيهِ الْأَجْرُ وَيَحْمِلُ حِمَارًا عَلَى فَرَسٍ فَيَكُونُ عَنْهُمَا بغل لا أجر فيه الذين لَا يَعْلَمُونَ أَيْ لِأَنَّهُمْ يَتْرُكُونَ بِذَلِكَ إِنْتَاجَ مَا فِي ارْتِبَاطِهِ الْأَجْرُ وَيُنْتِجُونَ مَا لَا أَجْرَ فِي ارْتِبَاطِهِ ثُمَّ ذَكَرَ أَحَادِيثَ فَضْلِ ارْتِبَاطِ الْخَيْلِ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَمَا مَعْنَى اخْتِصَاصِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَنِي هَاشِمٍ بِالنَّهْيِ عَنْ إِنْزَاءِ الْحَمِيرِ على الخيل قيل له لما حدثنا بن أَبِي دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ قال حدثنا المرجي هو بن رَجَاءٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَهْضَمٍ قَالَ حَدَّثَنِي عبيد الله بن عبد الله عن بن عَبَّاسٍ قَالَ مَا اخْتَصَّنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا بِثَلَاثٍ أَنْ لَا نَأْكُلَ الصَّدَقَةَ وَأَنْ نُسْبِغَ الْوُضُوءَ وَأَنْ لَا نُنْزِيَ حِمَارًا عَلَى فَرَسٍ قَالَ فَلَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَسَنِ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ فَحَدَّثْتُهُ فَقَالَ صَدَقَ كَانَتِ الْخَيْلُ قَلِيلَةً فِي بَنِي هَاشِمٍ فَأَحَبَّ أَنْ تَكْثُرَ فِيهِمْ فَبَيَّنَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بِتَفْسِيرِهِ هَذَا الْمَعْنَى الَّذِي لَهُ اخْتَصَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَنِي هَاشِمٍ أَنْ لَا تَنْزَءُوا الْحِمَارَ عَلَى فَرَسٍ وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِلتَّحْرِيمِ وَإِنَّمَا كَانَتِ الْعِلَّةُ قِلَّةَ الْخَيْلِ فِيهِمْ فَإِذَا ارْتَفَعَتْ تِلْكَ الْعِلَّةُ وَكَثُرَتِ الْخَيْلُ فِي أَيْدِيهِمْ صَارُوا فِي ذَلِكَ كَغَيْرِهِمْ وَفِي اخْتِصَاصِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُمْ بِالنَّهْيِ عِنْدَ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى إِبَاحَتِهِ إِيَّاهُ لِغَيْرِهِمْ وَلَمَّا كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَعَلَ فِي ارْتِبَاطِ الْخَيْلِ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الثَّوَابِ وَالْأَجْرِ وَسُئِلَ عَنِ ارْتِبَاطِ الْحَمِيرِ فَلَمْ يَجْعَلْ فِي ارْتِبَاطِهَا شَيْئًا وَالْبِغَالُ الَّتِي هِيَ خِلَافُ الْخَيْلِ مِثْلُهَا كَانَ مَنْ تَرَكَ أَنْ تُنْتَجَ مَا فِي ارْتِبَاطِهِ وَكَسْبِهِ ثَوَابٌ وَأَنْتَجَ مَا لَا ثَوَابَ فِي ارْتِبَاطِهِ وَكَسْبِهِ مِنَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ فَلَقَدْ ثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا إِبَاحَةُ نَتْجِ الْبِغَالِ لِبَنِي هَاشِمٍ وَغَيْرِهِمْ وَإِنْ كَانَ إِنْتَاجُ الْخَيْلِ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ انْتَهَى كَلَامُ الطَّحَاوِيِّ مُخْتَصَرًا قُلْتُ فِي كَلَامِ الطَّحَاوِيِّ هَذَا أَنْظَارٌ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ قَالَ الطِّيبِيُّ لَعَلَّ الْإِنْزَاءَ غَيْرُ جَائِزٍ وَالرُّكُوبَ وَالتَّزَيُّنَ بِهِ جَائِزٌ إِنْ كَانَ كَالصُّوَرِ فَإِنَّ عَمَلَهَا حَرَامٌ وَاسْتِعْمَالُهَا فِي الْفُرُشِ وَالْبُسُطِ مُبَاحٌ قُلْتُ وَكَذَا تَخْلِيلُ الْخَمْرِ حَرَامٌ وَأَكْلُ خَلِّ الْخَمْرِ جَائِزٌ عَلَى رَأْيِ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ عَلِيٍّ) أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالطَّحَاوِيُّ عَنْهُ قَالَ أُهْدِيَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَغْلَةٌ فَرَكِبَهَا فَقَالَ عَلِيٌّ لَوْ حَمَلْنَا الْحَمِيرَ عَلَى الْخَيْلِ فَكَانَتْ لَنَا مِثْلُ هَذِهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ.

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَالطَّحَاوِيُّ 4 - ( بَاب مَا جَاءَ فِي الِاسْتِفْتَاحِ بِصَعَالِيكِ الْمُسْلِمِينَ) الصَّعَالِيكُ جَمْعُ صُعْلُوكٍ قَالَ فِي الْقَامُوسِ وَالصُّعْلُوكُ كَعُصْفُورٍ الْفَقِيرُ وَتَصَعْلَكَ افْتَقَرَ وَالْمُرَادُ مِنَ الِاسْتِفْتَاحِ بِهِمُ الِاسْتِنْصَارُ بِهِمْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أَسِيدٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَفْتِحُ بِصَعَالِيكِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ رُوَاتُهُ رُوَاةُ الصَّحِيحِ وَهُوَ مُرْسَلٌ وَفِي رِوَايَةٍ يَسْتَنْصِرُ بِصَعَالِيكِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ .

     قَوْلُهُ  يَسْتَنْصِرُ بِصَعَالِيكِ الْمُسْلِمِينَ أَيْ يَطْلُبُ النَّصْرَ بِدُعَاءِ فُقَرَائِهِمْ تَيَمُّنًا بِهِمْ وَلِأَنَّهُمْ لانكسار خواطرهم دعاءهم أَقْرَبُ إِجَابَةً وَرَوَاهُ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ بِلَفْظِ كان يستفتح بصعاليك المهاجرين قال القارىء أَيْ بِفُقَرَائِهِمْ وَبِبَرَكَةِ دُعَائِهِمْ وَفِي النِّهَايَةِ أَيْ يَسْتَنْصِرُ بِهِمْ وَمِنْهُ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فقد جاءكم الفتح قال القارىء وَلَعَلَّ وَجْهَ التَّقْيِيدِ بِالْمُهَاجِرِينَ لِأَنَّهُمْ فُقَرَاءُ غُرَبَاءُ مَظْلُومُونَ مُجْتَهِدُونَ مُجَاهِدُونَ فَيُرْجَى تَأْثِيرُ دُعَائِهِمْ أَكْثَرَ مِنْ عَوَامِّ الْمُؤْمِنِينَ وَأَغْنِيَائِهِمُ انْتَهَى