فهرس الكتاب

تحفة الاحوذي - باب ما جاء في القعود في المسجد وانتظار الصلاة من الفضل

رقم الحديث 1713 [1713] .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ مَرْوَانَ الْبَصْرِيُّ) الرَّقَاشِيُّ بِتَخْفِيفِ الْقَافِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ النَّوَّاءُ بِنُونٍ وَوَاوٍ مُثَقَّلَةٍ لَقَبُهُ فُرَيْخٌ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ صَدُوقٌ مِنَ الْعَاشِرَةِ ( عن أيوب) هو بن أَبِي تَمِيمَةَ السِّخْتِيَانِيُّ ( عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ) الْعَدَوِيِّ كُنْيَتُهُ أَبُو نَصْرٍ الْبَصْرِيُّ ثِقَةٌ عَالِمٌ توقف فيه بن سِيرِينَ لِدُخُولِهِ عَمَلَ السُّلْطَانِ مِنَ الثَّالِثَةِ ( عَنْ أَبِي الدَّهْمَاءِ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْهَاءِ وَالْمَدِّ اسْمُهُ قِرْفَةُ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا فاء بن بُهَيْسٍ بِمُوَحَّدَةٍ وَمُصَغَّرًا الْعَدَوِيُّ بَصْرِيٌّ ثِقَةٌ مِنَ الثَّالِثَةِ ( عَنْ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ) بْنِ أُمَيَّةَ الْأَنْصَارِيِّ النَّجَّارِيِّ صَحَابِيٌّ يُقَالُ كَانَ اسْمُهُ أَوَّلًا شِهَابًا فَغَيَّرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

     قَوْلُهُ  ( شُكِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجِرَاحَاتُ يَوْمَ أُحُدٍ) وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ جَاءَتِ الْأَنْصَارُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالُوا أَصَابَنَا قَرْحٌ وَجَهْدٌ فَكَيْفَ تَأْمُرُنَا وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ الْحَفْرُ عَلَيْنَا لِكُلِّ إِنْسَانٍ شَدِيدٌ ( فَقَالَ احْفِرُوا) بِهَمْزَةِ وَصْلٍ مِنْ بَابِ ضَرَبَ ( وَأَوْسِعُوا) بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ ( وَأَحْسِنُوا) أَيْ أَحْسِنُوا إِلَى الْمَيِّتِ فِي الدَّفْنِ قَالَهُ فِي الْأَزْهَارِ وَقَالَ زَيْنُ الْعَرَبِ تَبَعًا لِلْمَظْهَرِ أَيِ اجْعَلُوا الْقَبْرَ حَسَنًا بِتَسْوِيَةِ قَعْرِهِ ارْتِفَاعًا وَانْخِفَاضًا وَتَنْقِيَتِهِ مِنَ التُّرَابِ وَالْقَذَاةِ وَغَيْرِهِمَا وَزَادَ أَبُو دَاوُدَ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ وَأَعْمِقُوا قَالَ فِي الْقَامُوسِ أَعْمَقَ الْبِئْرَ جَعَلَهَا عَمِيقَةً وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ إِعْمَاقِ الْقَبْرِ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي حَدِّ الْإِعْمَاقِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ قَامَةً وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى السُّرَّةِ وَقَالَ مَالِكٌ لَا حَدَّ لِإِعْمَاقِهِ وأخرج بن أبي شيبة وبن الْمُنْذِرِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ أَعْمِقُوا الْقَبْرَ إِلَى قَدْرِ قَامَةٍ وَبَسْطَةٍقَالَهُ فِي النَّيْلِ ( وَادْفِنُوا الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ) بِالنَّصْبِ أَيْ مِنَ الْأَمْوَاتِ ( فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ) فِيهِ جَوَازُ الْجَمْعِ بَيْنَ جَمَاعَةٍ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ وَلَكِنْ إِذَا دَعَتْ إِلَى ذَلِكَ حَاجَةٌ كَمَا فِي مِثْلِ هَذِهِ الْوَاقِعَةِ ( وَقَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا) أَيْ إِلَى جِدَارِ اللَّحْدِ لِيَكُونَ أَقْرَبَ إِلَى الْكَعْبَةِ وَفِيهِ إِرْشَادٌ إِلَى تَعْظِيمِ الْمُعَظَّمِ عِلْمًا وَعَمَلًا حَيًّا وَمَيِّتًا ( فَمَاتَ أَبِي) أَيْ عَامِرٌ وَهُوَ قَوْلُ هِشَامٍ ( فَقُدِّمَ بَيْنَ يَدَيْ رَجُلَيْنِ) وَلَفْظُ النَّسَائِيِّ وَكَانَ أَبِي ثَالِثَ ثَلَاثَةٍ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ خَبَّابٍ وَجَابِرٍ وَأَنَسٍ) أَمَّا حَدِيثُ خَبَّابٍ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي بَابِ تَرْكِ الصَّلَاةِ عَلَى الشَّهِيدِ وَأَخْرَجَهُ أيضا البخاري وأبو داود والنسائي وبن مَاجَهْ وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي بَابِ قَتْلَى أُحُدٍ وَذَكَرَهُ حَمْزَةُ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا أَبُو دَاوُدَ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وأبو داود والنسائي وبن ماجه 4 -

رقم الحديث 1714 [1714] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ) قَالَ فِي التَّقْرِيبِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِوَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ لَا اِسْمَ لَهُ غَيْرُهَا وَيُقَالُ اسْمُهُ عَامِرٌ كُوفِيٌّ ثِقَةٌ مِنْ كِبَارِ الثَّالِثَةِ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ سَمَاعُهُ مِنْ أَبِيهِ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( وَجِيءَ بِالْأُسَارَى) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ جَمْعُ أَسْرَى وَهُوَ جَمْعُ أَسِيرٍ ( قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَقُولُونَ فِي هَؤُلَاءِ الْأُسَارَى وَذَكَر قِصَّةً طَوِيلَةً) كَذَا أَوْرَدَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مُخْتَصَرًا بِغَيْرِ ذِكْرِ الْقِصَّةِ وَأَوْرَدَهُ الْبَغَوِيُّ مُطَوَّلًا عَنْهُ قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ وَجِيءَ بِالْأُسَارَى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَقُولُونَ فِي هَؤُلَاءِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَوْمُكَ وَأَهْلُكَ اسْتَبْقِهِمْ وَاسْتَأْنِ بِهِمْ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ وَخُذْ مِنْهُمْ فِدْيَةً تَكُونُ لَنَا قُوَّةً عَلَى الْكُفَّارِ وَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَذَّبُوكَ وَأَخْرَجُوكَ فَدَعْهُمْ نَضْرِبْ أَعْنَاقَهُمْ مَكِّنْ عَلِيًّا مِنْ عَقِيلٍ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ وَمَكِّنْ حَمْزَةَ مِنَ الْعَبَّاسِ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ وَمَكِّنِّي مِنْ فُلَانٍ نَسِيبٍ لِعُمَرَ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ أَئِمَّةُ الْكُفْرِ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ انْظُرْ وَادِيًا كَثِيرَ الْحَطَبِ فَأَدْخِلْهُمْ فِيهِ ثُمَّ أَضْرِمْهُ عَلَيْهِمْ نَارًا فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ قَطَعْتَ رَحِمَكَ فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يجيبهم ثُمَّ دَخَلَ فَقَالَ نَاسٌ يَأْخُذُ بِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ.

     وَقَالَ  نَاسٌ يَأْخُذُ بِقَوْلِ عُمَرَ.

     وَقَالَ  ناس يأخذ بقول بن رَوَاحَةَ ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ لَيُلِينُ قُلُوبَ رِجَالٍ حَتَّى تَكُونَ أَلْيَنَ مِنَ اللِّينِ وَيَشُدُّ قُلُوبَ رِجَالٍ حَتَّى تَكُونَ أَشَدَّ مِنَ الْحِجَارَةِ وَإِنَّ مَثَلَك يَا أَبَا بَكْرٍ مَثَلُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فإنك غفور رحيم وَمَثَلَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ مَثَلُ عِيسَى قَالَ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فإنك أنت العزيز الحكيم وَمَثَلَكَ يَا عُمَرُ مَثَلُ نُوحٍ قَالَ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا وَمَثَلَك يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ كَمَثَلِ مُوسَى قَالَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأليم ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَوْمَ أَنْتُمْ عَالَةٌ فَلَا يَفْلِتَنَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَّا بِفِدَاءٍ أَوْ ضَرْبِ عُنُقٍ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ إِلَّا سُهَيْلَ بْنَ بَيْضَاءَ فَإِنِّي سَمِعْتُهُ يَذْكُرُ الْإِسْلَامَ فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَمَا رَأَيْتُنِي فِي يَوْمٍ أَخْوَفَ أَنْ تَقَعَ عَلَيَّ الْحِجَارَةُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ حَتَّى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا سهيل بن بيضاء قال بن عَبَّاسٍ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَهَوَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَلَمْ يَهْوَ مَا.

قُلْتُ وَأَخَذَ مِنْهُمُ الْفِدَاءَ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ جِئْتُ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ قَاعِدَانِ يَبْكِيَانِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي مِنْ أَيْ شَيْءٍ تَبْكِي أَنْتَ وَصَاحِبُكَ فَإِنْ وَجَدْتُ بُكَاءً بَكَيْتُ وَإِنْ لَمْ أَجِدْ بُكَاءً تَبَاكَيْتُ لِبُكَائِكُمَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْكِي عَلَى أَصْحَابِكَ مِنْ أَخْذِهِمُ الْفِدَاءَ لَقَدْ عُرِضَ عَلَيَّ عَذَابُهُمْ أَدْنَى مِنْ هَذِهِالشَّجَرَةِ لِشَجَرَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حتى يثخن في الأرض الْآيَةَ وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُشَاوِرُ أَصْحَابَهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْت فَتَوَكَّلْ عَلَى الله وقال وأمرهم شورى بينهم وَاخْتَلَفُوا فِي أَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُشَاوِرَ أَصْحَابَهُ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ فِي مَكَائِدِ الْحُرُوبِ وَعِنْدَ لِقَاءِ الْعَدُوِّ تَطْيِيبًا لِنُفُوسِهِمْ وَتَأْلِيفًا لَهُمْ عَلَى دِينِهِمْ وَلِيَرَوْا أَنَّهُ يَسْمَعُ مِنْهُمْ وَيَسْتَعِينُ بِهِمْ وَإِنْ كَانَ اللَّهُ أَغْنَاهُ عَنْ رَأْيِهِمْ بِوَحْيِهِ رُوِيَ هذا عن قتادة والربيع وبن وإسحاق .

     وَقَالَتْ  طَائِفَةٌ فِيمَا لَمْ يَأْتِهِ وَحْيٌ لِيُبَيِّنَ صَوَابَ الرَّأْيِ وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ وَالضِّحَاكِ قَالَا مَا أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ بِالْمُشَاوَرَةِ لِحَاجَتِهِ إِلَى رَأْيِهِمْ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يُعَلِّمَهُمْ مَا فِي الْمَشُورَةِ مِنَ الْفَضْلِ وَقَالَ آخَرُونَ إِنَّمَا أَمَرَ بِهَا مَعَ غِنَاهُ عَنْهُمْ لِتَدْبِيرِهِ تَعَالَى لَهُ وَسِيَاسَتِهِ إِيَّاهُ لِيَسْتَنَّ بِهِ مَنْ بَعْدَهُ وَيَقْتَدُوا بِهِ فِيمَا يَنْزِلُ بِهِمْ مِنَ النَّوَازِلِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَقَدْ سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الاستشارة في غير موضع استشارة أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي أُسَارَى بَدْرٍ وَأَصْحَابَهُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ عُمَرَ وَأَبِي أَيُّوبَ وَأَنَسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ) أَمَّا حَدِيثُ عُمَرَ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي بَابِ الْإِمْدَادِ بِالْمَلَائِكَةِ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ وَإِبَاحَةِ الْغَنَائِمِ وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي بَابِ فَدَاءِ الْأَسِيرِ بِالْمَالِ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ وَحَدِيثُ أَنَسٍ فَلْيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَهُمَا.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثٍ فِي بَابِ مَعِيشَةِ أَصْحَابِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ) تَحْسِينُهُ لِشَوَاهِدِهِ وَإِلَّا فَهُوَ مُنْقَطِعٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ التِّرْمِذِيُّ بَعْدُ ( وَيُرْوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَكْثَرَ مَشُورَةً إِلَخْ) قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ35 - ( باب ما جاء لا تفادى جيفة الأسير) الْجِيفَةُ جُثَّةُ الْمَيِّتِ إِذَا أَنْتَنَ قَالَهُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا تُبَاعُ وَلَا تُبَادَلُ جُثَّةُ الْأَسِيرِ بِشَيْءٍ مِنَ الْمَالِ

رقم الحديث 1715 [1715] .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا سفيان) هو الثوري ( عن بن أَبِي لَيْلَى) اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن أبي ليلى ( عن الحكم) هو بن عُتَيْبَةَ .

     قَوْلُهُ  ( فَأَبَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيعَهُمْ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ جِيفَةِ الْمُشْرِكِ وَإِنَّمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَأَخْذُ الثَّمَنِ فِيهَا لِأَنَّهَا مَيْتَةٌ لَا يَجُوزُ تَمَلُّكُهَا وَلَا أَخْذُ عِوَضٍ عَنْهَا وَقَدْ حَرَّمَ الشَّارِعُ ثَمَنَهَا وَثَمَنَ الْأَصْنَامِ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ وَقَدْ عَقَدَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ بَابًا بِلَفْظِ طَرْحُ جِيَفِ الْمُشْرِكِينَ فِي الْبِئْرِ وَلَا يُؤْخَذُ لَهُمْ ثَمَنٌ وَذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ بن مَسْعُودٍ فِي دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ وَغَيْرِهِ مِنْ قُرَيْشٍ وَفِيهِ فَلَقَدْ رَأَيْتُهُمْ قُتِلُوا يَوْمَ بَدْرٍ فَأُلْقُوا فِي بِئْرٍ قَالَ الْحَافِظُ .

     قَوْلُهُ  وَلَا يُؤْخَذُ لَهُمْ ثَمَنٌ أَشَارَ بِهِ إِلَى حديث بن عَبَّاسٍ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ أَرَادُوا أَنْ يَشْتَرُوا جَسَدَ رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَأَبَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيعَهُمْ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وذكر بن إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي أَنَّ الْمُشْرِكِينَ سَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيعَهُمْ جَسَدَ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَكَانَ اقْتَحَمَ الْخَنْدَقَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا حَاجَةَ لَنَا بِثَمَنِهِ وَلَا جَسَدِهِ فقال بن هِشَامٍ بَلَغَنَا عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُمْ بَذَلُوا فِيهِ عَشْرَةَ آلَافٍ وَأَخَذَهُ مِنْ حَدِيثِ الْبَابِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْعَادَةَ تَشْهَدُ أَنَّ أَهْلَ قَتْلَى بَدْرٍ لَوْ فَهِمُوا أَنَّهُ يَقْبَلُ مِنْهُمْ فِدَاءَ أَجْسَادِهِمْ لَبَذَلُوا فِيهَا مَا شَاءَ اللَّهُ فَهَذَا شاهد لحديث بن عَبَّاسٍ وَإِنْ كَانَ إِسْنَادُهُ غَيْرَ قَوِيٍّ انْتَهَى قوله ( بن أَبِي لَيْلَى لَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ إِلَخْ) قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى الْأَنْصَارِيُّ الْكُوفِيُّ الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ صَدُوقٌ سيء الْحِفْظِ جِدًّا مِنَ السَّابِعَةِ انْتَهَى( قال فقهاؤنا بن أَبِي لَيْلَى) قَالَ الْحَافِظُ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ أَبِيهِ كان سيء الحفظ مضطرب الحديث كان فقه بن أَبِي لَيْلَى أَحَبَّ إِلَيْنَا مِنْ حَدِيثِهِ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ عَنْ أَحْمَد بْنِ يُونُسَ ذَكَرَهُ زَائِدَةُ فَقَالَ كَانَ أَفْقَهَ أَهْلِ الدُّنْيَا ( وَعَبْدُ اللَّهِ بْنِ شُبْرُمَةَ) بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وضم الراء بن الطُّفَيْلِ بْنِ حَسَّانَ الضَّبِّيُّ أَبُو شُبْرُمَةَ الْكُوفِيُّ الْقَاضِي ثِقَةٌ فَقِيهٌ مِنَ الْخَامِسَةِ قَالَهُ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ.

     وَقَالَ  فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ كَانَ الثَّوْرِيُّ إِذَا قِيلَ لَهُ مَنْ مُفْتِيكُمْ يَقُولُ بن أبي ليلى وبن شبرمة وكان بن شُبْرُمَةَ عَفِيفًا حَازِمًا عَاقِلًا فَقِيهًا يُشْبِهُ النُّسَّاكَ ثِقَةً فِي الْحَدِيثِ شَاعِرًا حَسَنَ الْخُلُقِ جَوَادًا وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ كَانَ بن شُبْرُمَةَ وَمُغِيرَةُ وَالْحَارِثُ الْعُكْلِيُّ وَالْقَعْقَاعُ بْنُ يَزِيدَ وَغَيْرُهُمْ يَسْمُرُونَ فِي الْفِقْهِ فَرُبَّمَا لَمْ يَقُومُوا إلى الفجر وقال بن حبان كان بن شُبْرُمَةَ مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْعِرَاقِ 6 - ( بَاب مَا جَاءَ فِي الْفِرَارِ مِنَ الزَّحْفِ) أَيْ مِنَ الْجِهَادِ وَلِقَاءِ الْعَدُوِّ فِي الْحَرْبِ وَالزَّحْفُ الْجَيْشُ يَزْحَفُونَ إِلَى الْعَدُوِّ أَيْ يَمْشُونَ يُقَالُ زَحَفَ إِلَيْهِ زَحْفًا إِذَا مَشَى نَحْوَهُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ

رقم الحديث 1716 [1716] .

     قَوْلُهُ  ( بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَرِيَّةٍ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ السَّرِيَّةُ طَائِفَةٌ مِنَ الْجَيْشِ يَبْلُغُ أَقْصَاهَا أَرْبَعَمِائَةٍ تُبْعَثُ إِلَى الْعَدُوِّ وَجَمْعُهَا السَّرَايَا سُمُّوا بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ يَكُونُونَ خُلَاصَةَ الْعَسْكَرِ وَخِيَارَهُمْ مِنَ الشَّيْءِ السَّرِيِّ النَّفِيسِ وَقِيلَ سُمُّوا بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ يَنْفُذُونَ سِرًّا وَخُفْيَةً وَلَيْسَ بِالْوَجْهِ لِأَنَّ لَامَ السِّرِّ رَاءٌ وَهَذِهِ يَاءٌ انْتَهَى ( فَحَاصَ النَّاسُ) بِإِهْمَالِ الْحَاءِ وَالصَّادِ أَيْ جَالُوا جَوْلَةً يَطْلُبُونَ الْفِرَارَ قَالَهُ فِي النِّهَايَةِ وَفِي الْمِرْقَاةِ لِلْقَارِيِّ أَيْ مَالُوا عَنِ الْعَدُوِّ مُلْتَجِئِينَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَمِنْهُ قوله تعالى ولا يجدون عنها محيصا أَيْ مَهْرَبًا وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُ الْجَوْهَرِيِّ حَاصَ عَنْهُ عَدَلَ وَحَادَوَفِي الْفَائِقِ حَاصَ حَيْصَةً أَيِ انْحَرَفَ وَانْهَزَمَ انْتَهَى ( فَاخْتَبَأْنَا بِهَا) أَيْ فِي الْمَدِينَةِ حَيَاءً وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فَاخْتَفَيْنَا بِهَا ( وَقُلْنَا) أَيْ فِي أَنْفُسِنَا أَوْ لِبَعْضِنَا ( هَلَكْنَا) أَيْ عَصَيْنَا بِالْفِرَارِ ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّ مُطْلَقَ الْفِرَارِ مِنَ الْكَبَائِرِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ فَحَاصَ النَّاسُ حَيْصَةً فَكُنْتُ فِيمَنْ حَاصَ فَلَمَّا بَرَزْنَا قُلْنَا كَيْفَ نَصْنَعُ وَقَدْ فَرَرْنَا مِنَ الزَّحْفِ وَبُؤْنَا بِالْغَضَبِ فَقُلْنَا نَدْخُلُ الْمَدِينَةَ فَنَثْبُتُ فِيهَا لِنَذْهَبَ وَلَا يَرَانَا أَحَدٌ قَالَ فَدَخَلْنَا فَقُلْنَا لَوْ عَرَضْنَا أَنْفُسَنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنْ كَانَتْ لَنَا تَوْبَةٌ أَقَمْنَا وَإِنْ كَانَ غَيْرُ ذَلِكَ ذَهَبْنَا قَالَ فَجَلَسْنَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ فَلَمَّا خَرَجَ قُمْنَا إِلَيْهِ فَقُلْنَا نَحْنُ الْفَرَّارُونَ إِلَخْ ( قَالَ بَلْ أَنْتُمُ الْعَكَّارُونَ) أَيْ أَنْتُمُ الْعَائِدُونَ إِلَى الْقِتَالِ وَالْعَاطِفُونَ يُقَالُ عَكَرْتُ عَلَى الشَّيْءِ إِذَا عَطَفْتُ عَلَيْهِ وَانْصَرَفْتُ إِلَيْهِ بَعْدَ الذَّهَابِ عَنْهُ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ رَأَيْتُ أَعْرَابِيًّا يُفَلِّي ثِيَابَهُ فَيَقْتُلُ الْبَرَاغِيثَ وَيَتْرُكُ الْقُمَّلَ فَقُلْتُ لِمَ تَصْنَعُ هَذَا قَالَ أَقْتُلُ الْفُرْسَانَ ثُمَّ أَعْكِرُ عَلَى الرَّجَّالَةِ ( وَأَنَا فِئَتُكُمْ) فِي النِّهَايَةِ الْفِئَةُ الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ فِي الْأَصْلِ وَالطَّائِفَةُ الَّتِي تَقُومُ وَرَاءَ الْجَيْشِ فَإِنْ كَانَ عليهم خوف أو هزيمة التجأوا إِلَيْهِ انْتَهَى وَفِي الْفَائِقِ ذَهَبَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ وَأَنَا فِئَتُكُمْ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ يُمَهِّدُ بِذَلِكَ عُذْرَهُمْ فِي الْفِرَارِ أَيْ تَحَيَّزْتُمْ إِلَيَّ فَلَا حَرَجَ عَلَيْكُمْ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ) وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وبن مَاجَهْ 7 - ( بَاب مَا جَاءَ فِي دَفْنِ الْقَتِيلِ فِي مَقْتَلِهِ)

رقم الحديث 1717 [1717] .

     قَوْلُهُ  ( عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ) الْعَبْدِيِّ وَيُقَالُ الْبَجَلِيُّ الْكُوفِيِّ يُكْنَى أَبَا قَيْسٍ ثِقَةٌ مِنَ الرَّابِعَةِ ( سَمِعْتُ نُبَيْحًا الْعَنَزِيَّ) قَالَ في التقريب نبيح بمهملة مصغرا بن عَبْدِ اللَّهِ الْعَنَزِيُّ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ ثُمَّ زَايٌ أَبُو عُمَرَ الْكُوفِيُّ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ انتهى.

     قَوْلُهُ  ( جَاءَتْ عَمَّتِي) عَمَّةُ جَابِرٍ هَذِهِ فَاطِمَةُ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ الْأَنْصَارِيِّ كَمَا فِي الْمِرْقَاةِ ( بِأَبِي) الْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ ( لِتَدْفِنَهُ فِي مَقَابِرِنَا) أَيْ فِي الْمَدِينَةِ ( رُدُّوا الْقَتْلَى) جَمْعُ الْقَتِيلِ وَهُوَ الْمَقْتُولُ أَيِ الشُّهَدَاءَ ( إِلَى مَضَاجِعِهَا) أَيْ مَقَاتِلِهِمْ وَالْمَعْنَى لَا تَنْقُلُوا الشُّهَدَاءَ مِنْ مَقْتَلِهِمْ بل ادفنوهم حيث قتلوا قال القارىء وَكَذَا مَنْ مَاتَ فِي مَوْضِعٍ لَا يُنْقَلُ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ قَالَهُ بَعْضُ عُلَمَائِنَا وَقَالَ فِي الْأَزْهَارِ الْأَمْرَ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُدُّوا الْقَتْلَى لِلْوُجُوبِ وَذَلِكَ أَنَّ نَقْلَ الْمَيِّتِ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى مَوْضِعٍ يَغْلِبُ فِيهِ التَّغَيُّرُ حَرَامٌ وَكَانَ ذَلِكَ زَجْرًا عَنِ الْقِيَامِ بِذَلِكَ وَالْإِقْدَامِ عَلَيْهِ وَهَذَا أَظْهَرُ دَلِيلٍ وَأَقْوَى حُجَّةٍ فِي تَحْرِيمِ النَّقْلِ وَهُوَ الصَّحِيحُ نَقَلَهُ السَّيِّدُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ نَهْيَ النَّقْلِ مُخْتَصٌّ بالشهداء لأنه نقل بن أَبِي وَقَّاصٍ مِنْ قَصْرِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ بِحُضُورِ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُنْكِرُوا وَالْأَظْهَرُ أَنْ يُحْمَلَ النَّهْيُ عَلَى نَقْلِهِمْ بَعْدَ دَفْنِهِمْ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَيُؤَيِّدُهُ لَفْظُ مَضَاجِعِهِمْ وَلَعَلَّ وَجْهَ تَخْصِيصِ الشُّهَدَاءِ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مضاجعهم وَفِيهِ حِكْمَةٌ أُخْرَى وَهُوَ اجْتِمَاعُهُمْ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ حَيَاةً وَمَوْتًا وَبَعْثًا وَحَشْرًا وَيَتَبَرَّكُ النَّاسُ بِالزِّيَارَةِ إِلَى مَشَاهِدِهِمْ وَيَكُونُ وَسِيلَةً إِلَى زِيَارَةِ جَبَلِ أُحُدٍ حَيْثُ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أحد جبل يحبنا ونحبه انتهى كلام القارىء وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ اخْتُلِفَ فِي جَوَازِ نَقْلِ الْمَيِّتِ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ فَقِيلَ يُكْرَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَأْخِيرِ دَفْنِهِ وَتَعْرِيضِهِ لِهَتْكِ حُرْمَتِهِ وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ وَالْأَوْلَى تَنْزِيلُ ذَلِكَ عَلَى حَالَتَيْنِ فَالْمَنْعُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ غَرَضٌ رَاجِحٌ كَالدَّفْنِ فِي الْبِقَاعِ الْفَاضِلَةِ وَتَخْتَلِفُ الْكَرَاهَةُ فِي ذَلِكَ فَقَدْ تَبْلُغُ التَّحْرِيمَ وَالِاسْتِحْبَابُ حَيْثُ يَكُونُ ذَلِكَ بِقُرْبِ مَكَانٍ فَاضِلٍ كَمَا نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى اسْتِحْبَابِ نَقْلِ الْمَيِّتِ إِلَى الْأَرْضِ الْفَاضِلَةِ كَمَكَّةَ وَغَيْرِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وأبو داود والنسائي وبن مَاجَهْ وَالدَّارِمِيُّ 8 - ( بَاب مَا جَاءَ فِي تَلَقِّي الْغَائِبِ إِذَا قَدِمَ)

رقم الحديث 1718 [1718] .

     قَوْلُهُ  ( لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ تَبُوكَ) أَيْ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ وَهِيَ مَكَانٌ مَعْرُوفٌ وهو نصفطَرِيقِ الْمَدِينَةِ إِلَى دِمَشْقَ وَيُقَالُ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَبَيْنَهَا أَرْبَعَ عَشْرَةَ مَرْحَلَةً وَالْمَشْهُورُ فِيهَا عَدَمُ الصَّرْفِ لِلتَّأْنِيثِ وَالْعَلَمِيَّةِ وَمَنْ صَرَفَهَا أَرَادَ الْمَوْضِعَ كَذَا فِي الْفَتْحِ .

     قَوْلُهُ  ( يَتَلَقَّوْنَهُ إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ) مَوْضِعٌ بِالْمَدِينَةِ سُمِّيَتْ بِهَا لِأَنَّ مَنْ سَافَرَ كَانَ يُوَدَّعُ ثَمَّةَ وَيُشَيَّعُ إِلَيْهَا وَالثَّنِيَّةُ مَا ارْتَفَعَ مِنَ الْأَرْضِ وَقِيلَ الطَّرِيقُ فِي الْجَبَلِ ( فَخَرَجْتُ مَعَ النَّاسِ وَأَنَا غُلَامٌ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ خَرَجْتُ مَعَ الْغِلْمَانِ إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي بَابِ اسْتِقْبَالِ الْغُزَاةِ وَغَيْرِهِ وَأَخْرَجَهُ أبو داود في الجهاد 9 - ( باب ما جاء في الفيء) قَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ الْفَيْءُ مَا حَصَلَ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ أَمْوَالِ الْكُفَّارِ مِنْ غَيْرِ حَرْبٍ وَلَا جِهَادٍ وَأَصْلُ الْفَيْءِ الرُّجُوعُ يُقَالُ فَاءَ يَفِيءُ فِئَةً وَفُيُوءًا كَأَنَّهُ كَانَ فِي الْأَصْلِ لَهُمْ فَرَجَعَ إِلَيْهِمْ وَمِنْهُ قِيلَ لِلظِّلِّ الَّذِي يَكُونُ بَعْدَ الزَّوَالِ فَيْءٌ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ مِنْ جَانِبِ الْغَرْبِ إِلَى جِهَةِ الْمَشْرِقِ وَقَالَ الْغَنِيمَةُ مَا أُصِيبَ مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ وَأَوْجَفَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ بِالْخَيْلِ وَالرِّكَابِ يُقَالُ غَنِمْتُ أَغْنَمُ غَنْمًا وَغَنِيمَةً وَالْغَنَائِمُ جَمْعُهَا وَالْمَغَانِمُ جَمْعُ مَغْنَمٍ وَالْغَنْمُ بِالضَّمِّ الِاسْمُ وَبِالْفَتْحِ الْمَصْدَرُ وَالْغَانِمُ آخِذُ الغنيمة والجمع الغانمون انتهى

رقم الحديث 1719 [1719] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ النَّصْرِيِّ بِالنُّونِ الْمَدَنِيِّ لَهُ رُؤْيَةٌ وَرَوَى عَنْ عُمَرَ قَالَهُ فِي التَّقْرِيبِ ( مِمَّا لَمْ يُوجِفِ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ) فِي النِّهَايَةِ الْإِيجَافُ سُرْعَةُ السَّيْرِ وَقَدْ أَوْجَفَ دَابَّتَهُ يُوجِفُهَا إِيجَافًا إِذَا حَثَّهَا انْتَهَى ( بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ الرِّكَابُ كَكِتَابٍ الْإِبِلُ وَاحِدَتُهَا رَاحِلَةٌ ج كَكُتُبٍ وَرِكَابَاتٌ وَرَكَائِبُ انْتَهَى ( فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالِصًا) كَذَا فِي نُسَخِ التِّرْمِذِيِّ بِالتَّذْكِيرِ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ خَالِصَةً بِالتَّأْنِيثِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَفِي رِوَايَةٍأُخْرَى لَهُ خَاصَّةً ( ثُمَّ يَجْعَلُ مَا بَقِيَ فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ عُدَّةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ) الْكُرَاعُ بِالضَّمِّ اسْمٌ لِجَمِيعِ الْخَيْلِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْعُدَّةُ مَا أُعِدَّ لِلْحَوَادِثِ أُهْبَةً وَجِهَازًا لِلْغَزْوِ وَقَالَ الْحَافِظُ وَهَذَا لَا يُعَارِضُ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عَلَى شَعِيرٍ لِأَنَّهُ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ كَانَ يَدَّخِرُ لِأَهْلِهِ قُوتَ سَنَتِهِمْ ثُمَّ فِي طُولِ السَّنَةِ يَحْتَاجُ لِمَنْ يَطْرُقُهُ إِلَى إِخْرَاجِ شَيْءٍ مِنْهُ فَيُخْرِجُهُ فَيَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يُعَوِّضَ مَنْ يَأْخُذُ مِنْهَا عِوَضَهُ فَلِذَلِكَ اسْتَدَانَ انْتَهَى وَقَالَ السُّيُوطِيُّ لَا يُعَارِضُهُ خَبَرُ أَنَّهُ كَانَ لَا يَدَّخِرُ شَيْئًا لِغَدٍ لِأَنَّ الِادِّخَارَ لِنَفْسِهِ وَهَذَا لِغَيْرِهِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ ادِّخَارِ قُوتِ سَنَةٍ وَجَوَازِ الِادِّخَارِ لِلْعِيَالِ وَأَنَّ هَذَا لَا يَقْدَحُ فِي التَّوَكُّلِ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ الِادِّخَارِ فِيمَا يَسْتَغِلُّهُ الْإِنْسَانُ مِنْ قَرْيَتِهِ كَمَا جَرَى لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا إِذَا أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنَ السُّوقِ وَيَدَّخِرَهُ لِقُوتِ عِيَالِهِ فَإِنْ كَانَ فِي وَقْتِ ضِيقِ الطَّعَامِ لَمْ يَجُزْ بَلْ يَشْتَرِي مَا لَا يَضِيقُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَقُوتِ أَيَّامٍ أَوْ شَهْرٍ وَإِنْ كَانَ فِي وَقْتِ سَعَةٍ اشْتَرَى قُوتَ سَنَةٍ وَأَكْثَرَ هَكَذَا نَقَلَ الْقَاضِي هَذَا التَّفْصِيلَ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَعَنْ قَوْمٍ إِبَاحَتُهُ مُطْلَقًا انْتَهَى وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَصْرِفِ الْفَيْءِ فَقَالَ مَالِكٌ الْفَيْءُ وَالْخُمُسُ سَوَاءٌ يُجْعَلَانِ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَيُعْطِي الْإِمَامُ أَقَارِبَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَسْبِ اجْتِهَادِهِ وَفَرَّقَ الْجُمْهُورُ بَيْنَ خُمُسِ الْغَنِيمَةِ وَبَيْنَ الْفَيْءِ فَقَالُوا الْخُمُسُ مَوْضُوعٌ فِيمَا عَيَّنَهُ اللَّهُ فِيهِ مِنْ أَصْنَافِ الْمُسْلِمِينَ فِي آيَةِ الْخُمُسِ مِنْ سُورَةِ الْأَنْفَالِ لَا يُتَعَدَّى بِهِ إِلَى غَيْرِهِمْ.
وَأَمَّا الْفَيْءُ فَهُوَ الَّذِي يَرْجِعُ النَّظَرُ فِي مَصْرِفِهِ إِلَى رَأْيِ الْإِمَامِ بِحَسْبِ الْمَصْلَحَةِ وانفرد الشافعي كما قال بن الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الْفَيْءَ يُخَمَّسُ وَأَنَّ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَهُ خُمُسُ الْخُمُسِ كَمَا فِي الْغَنِيمَةِ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ الْخُمُسِ لِمُسْتَحِقِّ نَظِيرِهَا مِنَ الْغَنِيمَةِ وَقَالَ الْجُمْهُورُ مَصْرِفُ الْفَيْءِ كُلُّهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ عُمَرَ فَكَانَتْ هَذِهِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً وَتَأَوَّلَ الشَّافِعِيُّ قَوْلَ عُمَرَ الْمَذْكُورَ بِأَنَّهُ يُرِيدُ الْأَخْمَاسَ الْأَرْبَعَةَ كَذَا فِي الْفَتْحِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وأبو داود والنسائي22 - أبواب اللباس عن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( بَاب مَا جَاءَ في الحرير والذهب للرجال)