فهرس الكتاب

تحفة الاحوذي - باب ما جاء في أي المساجد أفضل

رقم الحديث 1558 [1558] .

     قَوْلُهُ  ( حَتَّى إِذَا كَانَ بِحَرَّةِ الْوَبَرِ) الْحَرَّةُ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَالْوَبَرُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا رَاءٌ وَبِسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْضًا مَوْضِعٌ عَلَى أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ مِنَ الْمَدِينَةِ ( يَذْكُرُ مِنْهُ جُرْأَةً وَنَجْدَةً) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْجِيمِ أَيْ شجاعة.

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْحَدِيثِ كَلَامٌ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا) أَيْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مُطَوَّلًا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ بِطُولِهِ فَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَلَ بَدْرٍ فَلَمَّا كَانَ بِحَرَّةِ الْوَبْرَةِ أَدْرَكَهُ رَجُلٌ قَدْ كَانَ تُذْكَرُ مِنْهُ جُرْأَةٌ وَنَجْدَةٌ فَفَرِحَ بِهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَأَوْهُ فَلَمَّا أَدْرَكَهُ قَالَ جِئْتُ لِأَتْبَعَكَ فَأُصِيبُ مَعَكَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ قَالَ لَا قَالَ فَارْجِعْ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ قَالَتْ ثُمَّ مَضَى حَتَّى إِذَا كَانَ بِالشَّجَرَةِ أَدْرَكَهُ الرَّجُلُ فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَقَالَ لَا قَالَ فَارْجِعْ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ قَالَ فَرَجَعَ فَأَدْرَكَهُ بِالْبَيْدَاءِ فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ قَالَ نَعَمْ فَقَالَ لَهُ فَانْطَلِقْ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) أَخْرَجَ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ مُطَوَّلًا كَمَا عَرَفْتَ الْآنَ .

     قَوْلُهُ  ( وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالُوا لَا يُسْهَمُ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ وَإِنْ قَاتَلُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ الْعَدُوَّ) وَهُوَ الْقَوْلُ الرَّاجِحُ ( وَيُرْوَى عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْهَمَ لِقَوْمٍ مِنَ الْيَهُودِ قَاتَلُوا مَعَهُ) هَذَا مُرْسَلٌ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا أَبُو دَاوُدَ فِي الْمَرَاسِيلِ وَمَرَاسِيلُ الزُّهْرِيِّ ضَعِيفَةٌ وَاسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ إِنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ يُسْهَمُ لَهُمْ إِذَا شَهِدُوا الْقِتَالَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُسْهَمُ لِلنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالْعَبِيدِ وَالذِّمِّيِّينَ وَمَا وَرَدَ مِنَ الْأَحَادِيثِ مِمَّا فِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْهَمَ لِأَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ فَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى الرَّضْخِ وَهُوَ الْعَطِيَّةُ الْقَلِيلَةُ جَمْعًا بَيْنَ الأحاديث وقد صرح حديث بن عَبَّاسٍ يَعْنِي الْمَذْكُورَ فِي بَابِ مَنْ يُرْضَخُ لَهُ مِنَ الْغَنِيمَةِ بِمَا يُرْشِدُ إِلَى هَذَا الْجَمْعِ فَإِنَّهُ نَفَى أَنْ يَكُونَ لِلنِّسَاءِ وَالْعَبِيدِ سَهْمٌ مَعْلُومٌ وَأَثْبَتَ الْحَذِيَّةَ وَهَكَذَا حَدِيثُهُ الْآخَرُ فإنهصَرَّحَ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُعْطِي الْمَرْأَةَ وَالْمَمْلُوكَ دُونَ مَا يُصِيبُ الْجَيْشُ وَهَكَذَا حَدِيثُ عُمَيْرٍ الْمَذْكُورِ فَإِنَّ فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَضَخَ لَهُ بِشَيْءٍ مِنَ الْأَثَاثِ وَلَمْ يُسْهِمْ لَهُ فَيُحْمَلُ مَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ حَشْرَجٍ مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْهَمَ لِلنِّسَاءِ بِخَيْبَرَ عَلَى مُجَرَّدِ الْعَطِيَّةِ مِنَ الْغَنِيمَةِ وَهَكَذَا يُحْمَلُ مَا وَقَعَ فِي مُرْسَلِ الزُّهْرِيِّ الْمَذْكُورِ مِنَ الْإِسْهَامِ لِقَوْمٍ مِنَ الْيَهُودِ وَمَا وَقَعَ فِي مُرْسَلِ الْأَوْزَاعِيِّ الْمَذْكُورِ أَيْضًا مِنَ الْإِسْهَامِ لِلصِّبْيَانِ كَمَا لَمَّحَ إِلَى ذَلِكَ الْمُصَنِّفُ انْتَهَى كَلَامُ الشَّوْكَانِيِّ قُلْتُ أَرَادَ بِالْمُصَنِّفِ صَاحِبَ الْمُنْتَقَى فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِ مُرْسَلِ الْأَوْزَاعِيِّ وَغَيْرِهِ مَا لَفْظُهُ وَيُحْمَلُ الْإِسْهَامُ فِيهِ وَفِيمَا قَبْلَهُ عَلَى الرَّضْخِ انْتَهَى

رقم الحديث 1559 [1559] .

     قَوْلُهُ  ( قَالَ قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَخْ) ذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ مُخْتَصَرًا وَذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ مُطَوَّلًا ( فَأَسْهَمَ لَنَا مَعَ الَّذِينَ افْتَتَحُوهَا) اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ إِنَّهُ يُسْهَمُ لِمَنْ حَضَرَ بَعْدَ الْفَتْحِ قَبْلَ قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ قَالَ بن التِّينِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا أَعْطَاهُمْ مِنْ جَمِيعِ الْغَنِيمَةِ لِكَوْنِهِمْ وَصَلُوا قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَبَعْدَ حوزها وهو أحد الأقوال للشافعي قال بن بَطَّالٍ لَمْ يَقْسِمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَيْرِ مَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ إِلَّا فِي خَيْبَرَ فَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَا تُجْعَلْ أَصْلًا يُقَاسُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ قَسَمَ لِأَصْحَابِ السَّفِينَةِ لِشِدَّةِ حَاجَتِهِمْ وَكَذَلِكَ أَعْطَى الْأَنْصَارَ عِوَضَ مَا كَانُوا أَعْطُوا الْمُهَاجِرِينَ عِنْدَ قُدُومِهِمْ عَلَيْهِمْ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اسْتَطَابَ أَنْفُسَ أَهْلِ الْغَنِيمَةِ بِمَا أَعْطَى الْأَشْعَرِيِّينَ وَغَيْرَهُمْ وَمِمَّا يُؤَيِّدُ أَنَّهُ لَا نَصِيبَ لِمَنْ جَاءَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْقِتَالِ مَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بإسناد صحيح وبن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عُمَرَ قَالَ الْغَنِيمَةُ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا وقال الصحيح موقوف وأخرجه بن عَدِيٍّ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ عَلِيٍّ مَوْقُوفًا وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ وَفِيهِ انْقِطَاعٌ كَذَا فِي النَّيْلِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ .

     قَوْلُهُ  ( وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَخْ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَهُوَ الظَّاهِرُ11 - ( باب مَا جَاءَ فِي الِانْتِفَاعِ بِآنِيَةِ الْمُشْرِكِينَ) قوله ( عن أبي ثعلبة) بفتح المثلثة بَعْدَهَا عَيْنٌ مُهْمَلَةٌ سَاكِنَةٌ فَلَامٌ مَفْتُوحَةٌ فَمُوَحَّدَةٌ ( الْخُشَنِيِّ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ فَشِينٍ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةٍ فَنُونٍ نِسْبَةً إِلَى خُشَيْنِ بْنِ نَمِرٍ فِي قُضَاعَةَ اسْمُهُ جُرْهُمٌ بَايَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ وَضَرَبَ لَهُ بِسَهْمٍ يَوْمَ خَيْبَرَ وَأَرْسَلَهُ إِلَى قَوْمِهِ فَأَسْلَمُوا نَزَلَ بِالشَّامِ وَمَاتَ بِهَا سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ

رقم الحديث 1560 [156] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ قُدُورِ الْمَجُوسِ) أَيْ عَنِ الطَّبْخِ فِيهَا وَالْقُدُورُ جَمْعُ الْقِدْرِ بِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ الدَّالِ ( اُنْقُوهَا) مِنَ الْإِنْقَاءِ ( غَسْلًا) تَمْيِيزٌ ( وَاطْبُخُوا فِيهَا) أَيْ بَعْدَ الْإِنْقَاءِ بِالْغَسْلِ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ بَعْدَ ذِكْرِ رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ هَذِهِ وَفِي لَفْظٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ قلت إنا نمر بهذا اليهود والنصارى والمجوس فَلَا نَجِدُ غَيْرَ آنِيَتِهِمُ الْحَدِيثَ انْتَهَى وَرَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ قَالَ.

قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا بِأَرْضِ قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ أَفَنَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ قَالَ لَا تَأْكُلُوا فيها إلا إن لا تَجِدُوا غَيْرَهَا فَاغْسِلُوهَا وَكُلُوا فِيهَا قَالَ فِي سُبُلِ السَّلَامِ اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى نَجَاسَةِ آنِيَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَهَلْ هُوَ لِنَجَاسَةِ رُطُوبَتِهِمْ أَوْ لِجَوَازِ أَكْلِهِمُ الْخِنْزِيرَ وَشُرْبِهِمُ الْخَمْرَ أَوْ لِلْكَرَاهَةِ ذَهَبَ إِلَى الْأَوَّلِ الْقَائِلُونَ بِنَجَاسَةِ رُطُوبَةِ الْكُفَّارِ وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِظَاهِرِ قَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نجس وَالْكِتَابِيُّ يُسَمَّى مُشْرِكًا إِذْ قَدْ قَالُوا ( الْمَسِيحُ بن الله) ( وعزير بن اللَّهِ) وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ إِلَى طَهَارَةِ رُطُوبَتِهِمْ وَهُوَ الْحَقُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ مِنْ مَزَادَةِ مُشْرِكَةٍ وَلِحَدِيثِ جَابِرٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُدَ كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنُصِيبُ مِنْ آنِيَةِ الْمُشْرِكِينَ وَأَسْقِيَتِهِمْ وَلَا يَعِيبُ ذَلِكَ عَلَيْنَا وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا كَانَ بَعْدَ الِاسْتِيلَاءِ وَلَا كَلَامَ فِيهِ قُلْنَا فِي غَيْرِهِ مِنَ الْأَدِلَّةِ غَنِيَّةٌ عَنْهُ فمنها ماأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَاهُ يَهُودِيٌّ إِلَى خُبْزِ شَعِيرٍ وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ فَأَكَلَ مِنْهَا قَالَ فِي الْبَحْرِ لَوْ حُرِّمَتْ رُطُوبَتُهُمْ لَاسْتَفَاضَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ نَقْلُ تَوَقِّيهِمْ لِقِلَّةِ الْمُسْلِمِينَ حِينَئِذٍ مَعَ كَثْرَةِ اسْتِعْمَالَاتِهِمُ الَّتِي لَا يَخْلُو مِنْهَا مَلْبُوسًا وَمَطْعُومًا وَالْعَادَةُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ تَقْضِي بِالِاسْتِفَاضَةِ قَالَ وَحَدِيثُ أَبِي ثَعْلَبَةَ إِمَّا مَحْمُولٌ عَلَى كَرَاهَةِ الْأَكْلِ فِي آنِيَتِهِمْ لِلِاسْتِقْذَارِ لَا لِكَوْنِهَا نَجِسَةً إِذْ لَوْ كَانَتْ نَجِسَةً لَمْ يَجْعَلْهُ مَشْرُوطًا بِعَدَمِ وُجْدَانِ غَيْرِهَا إِذِ الْإِنَاءُ الْمُتَنَجِّسُ بَعْدَ إِزَالَةِ نَجَاسَتِهِ هُوَ وَمَا لَمْ يَتَنَجَّسْ عَلَى سَوَاءٍ وَلِسَدِّ ذَرِيعَةِ الْمُحَرَّمِ أَوْ لِأَنَّهَا نَجِسَةٌ لِمَا يُطْبَخُ فِيهَا لَا لِرُطُوبَتِهِمْ كَمَا تُفِيدُهُ رِوَايَةُ أَبِي دَاوُدَ وَأَحْمَدَ بِلَفْظِ إِنَّا نُجَاوِرُ أهل الكتاب وهم يطبخون في قدورهم الخنزير وَيَشْرَبُونَ فِي آنِيَتِهِمُ الْخَمْرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَهَا الْحَدِيثَ وَحَدِيثُهُ الْأَوَّلُ مُطْلَقٌ وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِآنِيَةٍ يُطْبَخُ فِيهَا مَا ذُكِرَ وَيُشْرَبُ فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ.
وَأَمَّا الْآيَةُ فَالنَّجَسُ لُغَةً الْمُسْتَقْذَرُ فَهُوَ أَعَمُّ مِنَ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ وَقِيلَ مَعْنَاهُ ذُو نَجَسٍ لِأَنَّ مَعَهُمُ الشِّرْكَ الَّذِي هُوَ بِمَنْزِلَةِ النَّجَسِ وَلِأَنَّهُمْ لَا يَتَطَهَّرُونَ وَلَا يَغْتَسِلُونَ وَلَا يَتَجَنَّبُونَ النَّجَاسَاتِ فَهِيَ مُلَابِسَةٌ لَهُمْ وَبِهَذَا يَتِمُّ الْجَمْعُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ آيَةِ الْمَائِدَةِ وَالْأَحَادِيثِ الْمُوَافِقَةِ لِحُكْمِهَا وَآيَةُ الْمَائِدَةِ أَصْرَحُ فِي الْمُرَادِ انْتَهَى مَا فِي السُّبُلِ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى الْمَنْعِ مِنِ اسْتِعْمَالِ آنِيَةِ الْكُفَّارِ حَتَّى تُغْسَلَ إِذَا كَانُوا مِمَّنْ لَا تُبَاحُ ذَبِيحَتُهُ وَكَذَلِكَ مَنْ كَانَ مِنَ النَّصَارَى بِمَوْضِعٍ مُتَظَاهِرًا فِيهِ بِأَكْلِ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ مُتَمَكِّنًا فِيهِ أَوْ يَذْبَحُ بِالسِّنِّ وَالظُّفْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَا بَأْسَ بِآنِيَةِ مَنْ سِوَاهُمْ جَمْعًا بِذَلِكَ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ وَاسْتَحَبَّ بَعْضُهُمْ غَسْلَ الْكُلِّ لِحَدِيثِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ انْتَهَى وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ أَبْوَابِ الصَّيْدِ ( وَنَهَى عَنْ كُلِّ سَبُعٍ ذِي نَابٍ) تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الصَّيْدِ .

     قَوْلُهُ  ( عَائِذُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ) كَذَا وَقَعَ فِي النُّسْخَةِ الْأَحْمَدِيَّةِ عُبَيْدِ اللَّهِ مُصَغَّرًا وَهُوَ غَلَطٌ وَالصَّوَابُ عَائِذُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مُكَبَّرًا وَوَقَعَ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ أَبْوَابِ الصَّيْدِ عَائِذُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مُكَبَّرًا وَهُوَ الصَّوَابُ.

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ 2 - ( بَابٌ فِي النَّفَلِ) قَالَ فِي الْمَجْمَعِ النَّفَلُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَقَدْ تُسَكَّنُ زِيَادَةٌ يُخَصُّ بِهَا بَعْضُ الْغُزَاةِ وَهُوَ أَيْضًا الْغَنِيمَةُ انْتَهَى قُلْتُ الْمُرَادُ هُنَا الْمَعْنَى الْأَوَّلُ

رقم الحديث 1561 [1561] .

     قَوْلُهُ  (عَنْ أَبِي سَلَّامٍ) بِفَتْحِ السِّينِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ الْمَفْتُوحَةِ اسْمُهُ مَمْطُورٌ الْأَسْوَدُ الْحَبَشِيُّ ثِقَةٌ يُرْسِلُ مِنَ الثَّالِثَةِ .

     قَوْلُهُ  (كَانَ يُنَفِّلُ) مِنَ التَّنْفِيلِ (فِي الْبَدْأَةِ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَفْتُوحَةٌ (الرُّبُعَ) أَيْ رُبُعَ الْغَنِيمَةِ (وَفِي الْقُفُولِ) أَيِ الرُّجُوعِ (الثُّلُثَ) أَيْ ثُلُثَ الْغَنِيمَةِ وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ كَانَ إِذَا غَابَ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ نَفَّلَ الرُّبُعَ وَإِذَا أَقْبَلَ رَاجِعًا وَكُلُّ النَّاسِ نَفَّلَ الثُّلُثَ قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْبَدْأَةُ ابْتِدَاءُ السَّفَرِ لِلْغَزْوِ وَإِذَا نَهَضَتْ سَرِيَّةٌ مِنْ جُمْلَةِ الْعَسْكَرِ فَإِذَا وَقَعَتْ بِطَائِفَةٍ مِنَ الْعَدُوِّ فَمَا غَنِمُوا كَانَ لَهُمْ فِيهِ الرُّبُعُ وَيُشْرِكُهُمْ سَائِرُ الْعَسْكَرِ فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِ فَإِنْ قَفَلُوا مِنَ الْغَزْوَةِ ثُمَّ رَجَعُوا فَأَوْقَعُوا بِالْعَدُوِّ ثَانِيَةً كَانَ لَهُمْ مِمَّا غَنِمُوا الثُّلُثُ لِأَنَّ نُهُوضَهُمْ بَعْدَ الْقَفْلِ أَشَقُّ لِكَوْنِ الْعَدُوِّ عَلَى حَذَرٍ وَحَزْمٍ انْتَهَى وَرِوَايَةُ أَحْمَدَ الْمَذْكُورَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَنْفِيلَ الثُّلُثِ لِأَجْلِ مَا لَحِقَ الْجَيْشَ مِنَ الْكَلَالِ وَعَدَمِ الرَّغْبَةِ فِي الْقِتَالِ لَا لِكَوْنِ الْعَدُوِّ قَدْ أَخَذَ حِذْرَهُ مِنْهُمْ .

     قَوْلُهُ  (وَفِي الباب عن بن عَبَّاسٍ وَحَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ وَمَعْنِ بْنِ يَزِيدَ وبن عمر وسلمة بن الأكوع) أما حديث بْنِ عَبَّاسٍ فَلْيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَهُ وَأَمَّا حَدِيثُ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ عَنْهُ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ نَفَلَ الرُّبُعَ بَعْدَ الْخُمُسِ فِي بَدْأَتِهِ وَنَفَلَ الثُّلُثَ بَعْدَ الْخُمُسِ فِي رَجْعَتِهِوَأَمَّا حَدِيثُ مَعْنِ بْنِ يَزِيدَ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الطَّحَاوِيُّ وَلَفْظُهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا نَفَلَ إِلَّا بَعْدَ الْخُمُسِ وَأَمَّا حَدِيثُ بن عُمَرَ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَأَمَّا حَدِيثُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ .

     قَوْلُهُ  (حديث عباده حديث حسن وأخرجه أحمد وبن ماجه وصححه بن حِبَّانَ .

     قَوْلُهُ  (تَنَفَّلَ سَيْفَهُ) أَيْ أَخَذَهُ زِيَادَةً عَنِ السَّهْمِ (ذَا الْفَقَارِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالْعَامَّةُ يَكْسِرُونَهَا كَذَا فِي الْفَائِقِ وَهُوَ بَدَلٌ مِنْ سَيْفِهِ (وَهُوَ الَّذِي رَأَى فِيهِ الرُّؤْيَا يَوْمَ أُحُدٍ) قَالَ التُّورْبَشْتِيُّ وَالرُّؤْيَا الَّتِي رَأَى فِيهِ أَنَّهُ رَأَى فِي مَنَامِهِ يَوْمَ أُحُدٍ أَنَّهُ هَزَّ ذَا الْفَقَارِ فَانْقَطَعَ مِنْ وَسَطِهِ ثُمَّ هَزَّهُ هَزَّةً أُخْرَى فَعَادَ أَحْسَنَ مِمَّا كَانَ وَقِيلَ الرُّؤْيَا هِيَ مَا قَاتَلَ فِيهِ رَأَيْتُ فِي ذُبَابِ سَيْفِي ثَلَمًا فَأَوَّلْتُهُ هَزِيمَةً وَرَأَيْتُ كَأَنِّي أَدْخَلْتُ يَدِي فِي دِرْعٍ حَصِينَةٍ فَأَوَّلْتُهَا الْمَدِينَةَ الْحَدِيثَ .

     قَوْلُهُ  (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ بن مَاجَهْ .

     قَوْلُهُ  (فَقَالَ يُخْرِجُ الْخُمُسَ ثُمَّ يُنَفِّلُ مِمَّا بَقِيَ إِلَخْ) قَالَ الشَّوْكَانِيُّ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ هُوَ مِنْأَصْلِ الْغَنِيمَةِ أَوْ مِنَ الْخُمُسِ أَوْ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ أَوْ مِمَّا عَدَا الْخُمُسَ عَلَى أَقْوَالٍ ثُمَّ بَسَطَ الْكَلَامَ فِي هَذَا الْبَابِ 3 - (باب مَا جَاءَ فِي مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ) .

     قَوْلُهُ  (عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ) الْمَدَنِيِّ مَوْلَى أَبِي أَيُّوبَ ثِقَةٌ مِنَ الرَّابِعَةِ (عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ) اسْمُهُ نَافِعٌ قَالَ فِي التَّقْرِيبِ نَافِعُ بْنُ عَبَّاسٍ بِمُوَحَّدَةٍ وَمُهْمَلَةٍ أَوْ تَحْتَانِيَّةٍ وَمُعْجَمَةٍ أَبُو مُحَمَّدٍ الْأَقْرَعُ الْمَدَنِيُّ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ قِيلَ لَهُ ذَلِكَ لِلُزُومِهِ وَكَانَ مَوْلَى عَقِيلَةَ الْعَقَارِيَّةِ ثِقَةٌ مِنَ الثَّالِثَةِ

رقم الحديث 1562 [1562] .

     قَوْلُهُ  ( مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا) وَفِي رِوَايَةٍ مَنْ قَتَلَ كَافِرًا أَيْ لِمَنْ قَتَلَ ( عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى قَتْلِ الْقَتِيلِ ( فَلَهُ) أَيْ لِمَنْ قَتَلَ ( سَلَبُهُ) بِالتَّحْرِيكِ هُوَ مَا يُوجَدُ مَعَ الْمُحَارِبِ مِنْ مَلْبُوسٍ وَغَيْرِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَعَنْ أَحْمَدَ لَا تَدْخُلُ الدَّابَّةُ وَعَنِ الشَّافِعِيِّ يَخْتَصُّ بِأَدَاةِ الْحَرْبِ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الحديث قصة) رواها الشيخان في صحيحهما .

     قَوْلُهُ  ( وفِي الْبَابِ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ وَخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَأَنَسٍ وَسَمُرَةَ) أَمَّا حَدِيثُ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ وَخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فَفِيهِ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ لِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالسَّلَبِ لِلْقَاتِلِ قَالَ بَلَى وَعَنْ عَوْفٍ وَخَالِدٍ أَيْضًا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُخَمِّسِ السَّلَبَ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ.
وَأَمَّا حَدِيثُ سَمُرَةَ فَلْيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَهُ .

     قَوْلُهُ  ( وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ.

     قَوْلُهُ  ( وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ) ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ الْقَاتِلَ يَسْتَحِقُّ السَّلَبَ سَوَاءٌ قَالَ أَمِيرُ الْجَيْشِ قَبْلَ ذَلِكَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ أَمْ لَا وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ هَذَا وَهُوَ الظَّاهِرُ ( وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ لِلْإِمَامِ أَنْ يُخْرِجَ مِنَ السَّلَبِ الْخُمُسَ) رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُخَيَّرُ الْإِمَامُ بَيْنَ أَنْ يُعْطِيَ الْقَاتِلَ السَّلَبَ أَوْ يُخَمِّسَهُ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ قَالَهُ فِي النَّيْلِ ( وَقَالَ الثَّوْرِيُّ النَّفَلُ أَنْ يَقُولَ الْإِمَامُ مَنْ أَصَابَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ وَمَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ) قَالَ الشَّوْكَانِيُّ وَذَهَبَ الْعِتْرَةُ وَالْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهُ الْقَاتِلُ إِلَّا إِنْ شَرَطَ لَهُ الْإِمَامُ ذَلِكَ ( وَقَالَ إِسْحَاقُ السَّلَبُ لِلْقَاتِلِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْئًا كَثِيرًا فَرَأَى الْإِمَامُ أَنْ يُخْرِجَ مِنْهُ الْخُمُسَ كَمَا فَعَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ) احْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِتَخْمِيسِ السَّلَبِ لِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى ( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فأن لله خمسه) الْآيَةَ فَإِنَّهُ لَمْ يَسْتَثْنِ شَيْئًا وَاسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ إِنَّهُ لَا خُمُسَ فِيهِ لِحَدِيثِ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ وَخَالِدٍ الْمَذْكُورِ وَجَعَلُوهُ مُخَصِّصًا لِعُمُومِ الْآيَةِ 4 - ( باب فِي كَرَاهِيَةِ بَيْعِ الْمَغَانِمِ حَتَّى يقسم)

رقم الحديث 1563 [1563] .

     قَوْلُهُ  ( نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شِرَاءِ الْمَغَانِمِ حَتَّى تُقْسَمَ) أَيْ عن بيعها واشترائها حتى تقسم قال القارىء قَالَ الْقَاضِي الْمُقْتَضِي لِلنَّهْيِ عَدَمُ الْمِلْكِ عِنْدَ مَنْ يَرَى أَنَّ الْمِلْكَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقِسْمَةِ وَعِنْدَ مَنْ يَرَى الْمِلْكَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ الْمُقْتَضِي لَهُ الْجَهْلُ بِعَيْنِ الْمَبِيعِ وَصِفَتِهِ إِذَا كَانَ في المغنم أجناس مختلفة انتهى وتبعه بن الْمَلَكِ وَغَيْرُهُ مِنْ عُلَمَائِنَا يَعْنِي الْحَنَفِيَّةَ قَالَ الْمُظْهِرُ يَعْنِي لَوْ بَاعَ أَحَدٌ مِنْالْمُجَاهِدِينَ نَصِيبَهُ مِنَ الْغَنِيمَةِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ نَصِيبَهُ مَجْهُولٌ وَلِأَنَّهُ مِلْكٌ ضَعِيفٌ يَسْقُطُ بِالْأَعْرَاضِ وَالْمِلْكُ الْمُسْتَقِرُّ لَا يَسْقُطُ بِالْأَعْرَاضِ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) لينظر من أخرجه قوله ( وهذا حديث غريب) وأخرجه بن مَاجَهْ وَالْحَدِيثُ ضَعِيفٌ فَإِنَّ فِي سَنَدِهِ مُحَمَّدَ بن إبراهيم الباهلي البصري قال أَبُو حَاتِمٍ مَجْهُولٌ وَأَيْضًا فِي سَنَدِهِ مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ الْعَبْدِيُّ قَالَ فِي التَّقْرِيبِ لَعَلَّهُ بن أَبِي الْقُمُوسِ وَإِلَّا فَمَجْهُولٌ 5 - ( باب مَا جَاءَ في كراهية وطىء الحبالى من السبايا) الْحَبَالَى بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ جَمْعُ الْحُبْلَى وَالسَّبَايَا جَمْعُ سَبِيَّةٍ

رقم الحديث 1564 [1564] .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَتْنِي أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ عِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ) قَالَ فِي التَّقْرِيبِ مَقْبُولَةٌ مِنَ الثَّالِثَةِ ( نَهَى أَنْ تُوطَأَ السَّبَايَا حَتَّى يَضَعْنَ مَا فِي بُطُونِهِنَّ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَطَأَ الْأَمَةَ الْمَسْبِيَّةَ إِذَا كَانَتْ حَامِلًا حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَأَحْمَدُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي سَبْيِ أَوْطَاسٍ لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ وَلَا غَيْرُ حَامِلٍ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَطَأَ الْأَمَةَ الْمَسْبِيَّةَ إِذَا كَانَتْ حَامِلًا حتى تستبرىء بِحَيْضَةٍ وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ وَالثَّوْرِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَمَالِكٌ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَلَا غَيْرُ حَامِلٍ أَنَّهُ يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ لِلْبِكْرِ وَيُؤَيِّدُهُ الْقِيَاسُ على العدة فإنها تجب مع العلم براءة الرَّحِمِ وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ إِنَّمَا يَجِبُ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ تَعْلَمْ بَرَاءَةَ رَحِمِهَا.
وَأَمَّا مَنْ عَلِمَتْ بَرَاءَةَ رَحِمِهَا فَلَا اسْتِبْرَاءَ فِي حَقِّهَا وَقَدْ روى عبد الرزاق عن بن عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ إِذَا كَانَتِ الْأَمَةُ عَذْرَاءَ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا إِنْ شَاءَ وَهُوَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْهُ ثُمَّ ذَكَرَ الشَّوْكَانِيُّ مُؤَيِّدَاتٍ لِهَذَا الْقَوْلِ ثُمَّ قَالَ وَمِنَ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ إِنَّمَا هُوَ لِلْعِلْمِ بِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ فَحَيْثُ تُعْلَمُ الْبَرَاءَةُ لَا يَجِبُ وَحَيْثُ لَا يُعْلَمُ وَلَا يظن يجبأَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ وَأَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ تيمية وبن الْقَيِّمِ وَرَجَّحَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْهُمُ الْجَلَالُ وَالْمُقْبِلِيُّ وَالْمَغْرِبِيُّ وَالْأَمِيرُ وَهُوَ الْحَقُّ لِأَنَّ الْعِلَّةَ مَعْقُولَةٌ فَإِذَا لَمْ تُوجَدْ مَئِنَّةٌ كَالْحَمْلِ وَلَا مَظِنَّةٌ كَالْمَرْأَةِ الْمُزَوَّجَةِ فَلَا وَجْهَ لِإِيجَابِ الِاسْتِبْرَاءِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ تَعَبُّدِيٌّ وَأَنَّهُ يَجِبُ فِي حَقِّ الصَّغِيرَةِ وَكَذَا فِي حَقِّ الْبِكْرِ وَالْآيِسَةِ لَيْسَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ انْتَهَى كَلَامُ الشَّوْكَانِيِّ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ رُوَيْفِعٍ) بِالتَّصْغِيرِ وَأَخْرَجَ حَدِيثَهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ عَنْهُ مَرْفُوعًا مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَسْقِي مَاءَهُ وَلَدَ غَيْرِهِ وَزَادَ أَبُو دَاوُدَ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَقَعَ عَلَى امْرَأَةٍ مِنَ السَّبْيِ حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا وَفِي لَفْظٍ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَنْكِحْنَ ثَيِّبًا مِنَ السَّبَايَا حَتَّى تَحِيضَ رَوَاهُ أَحْمَدُ .

     قَوْلُهُ  ( وَحَدِيثُ عِرْبَاضٍ حَدِيثٌ غَرِيبٌ) وأخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ بِلَفْظِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إن تُوطَأَ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ وَلَا حَائِلٌ حَتَّى تستبرىء بِحَيْضَةٍ وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ وَانْقِطَاعٌ .

     قَوْلُهُ  ( قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ) بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ الْكُوفِيُّ سَكَنَ الشَّامَ رَوَى عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ وَخَلْقٍ وَعَنْهُ عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ وَخَلْقٌ قَالَ فِي حَاشِيَةِ الْأَحْمَدِيَّةِ وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ عَلِيُّ بْنُ يُونُسَ.

قُلْتُ هَذَا غَلَطٌ وَالصَّوَابُ عِيسَى بن يونس 6 - ( باب ما جاء في فِي طَعَامِ الْمُشْرِكِينَ)

رقم الحديث 1565 [1565] .

     قَوْلُهُ  ( سَمِعْتُ قَبِيصَةَ بْنِ هُلْبٍ) بِضَمِّ الْهَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ ( قَالَ سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ طَعَامِالنَّصَارَى) وَفِي رِوَايَةٍ سَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ إِنَّ مِنَ الطَّعَامِ طَعَامًا أَتَحَرَّجُ مِنْهُ كَذَا فِي الْمِشْكَاةِ ( لَا يَتَخَلَّجْنَ فِي صَدْرِك طَعَامٌ) وَفِي رِوَايَةٍ شَيْءٌ مَكَانَ طَعَامٍ وَيَتَخَلَّجْنَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ يُرْوَى بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ فَمَعْنَاهُ بِالْمُهْمَلَةِ لَا يَدْخُلَنَّ قَلْبَكَ مِنْهُ شَيْءٌ فَإِنَّهُ مُبَاحٌ نَظِيفٌ وَبِالْمُعْجَمَةِ لَا يَتَحَرَّكَنَّ الشَّكُّ فِي قَلْبِكَ انْتَهَى وَقَالَ فِي الْمَجْمَعِ أَصْلُ الِاخْتِلَاجِ الْحَرَكَةُ وَالِاضْطِرَابُ ( ضَارَعْتَ فِيهِ النَّصْرَانِيَّةَ) أَيْ شَابَهْتَ لِأَجْلِهِ أَهْلَ الْمِلَّةِ النَّصْرَانِيَّةِ مِنْ حَيْثُ امْتِنَاعُهُمْ إِذَا وَقَعَ فِي قَلْبِ أَحَدِهِمْ أَنَّهُ حَرَامٌ أَوْ مَكْرُوهٌ وَهَذَا فِي الْمَعْنَى تَعْلِيلُ النَّهْيِ وَالْمَعْنَى لَا تَتَحَرَّجْ فَإِنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ ذَلِكَ ضَارَعْتَ فِيهِ النَّصْرَانِيَّةَ فَإِنَّهُ مِنْ دَأْبِ النَّصَارَى وَتَرْهِيبِهِمْ وَقَالَ الطِّيبِيُّ هُوَ جَوَابُ شَرْطٍ مَحْذُوفٍ وَالْجُمْلَةُ الشَّرْطِيَّةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لِبَيَانِ الْمُوجِبِ أَيْ لَا يَدْخُلَنَّ فِي قَلْبِكَ ضِيقٌ وَحَرَجٌ لِأَنَّكَ عَلَى الْحَنِيفِيَّةِ السَّهْلَةِ السَّمْحَةِ فَإِنَّكَ إِذَا شَدَّدْتَ عَلَى نَفْسِكَ بِمِثْلِ هَذَا شَابَهْتَ فِيهِ الرَّهْبَانِيَّةَ فَإِنَّ ذَلِكَ دَأْبُهُمْ وَعَادَتُهُمْ قَالَ تَعَالَى ( وَرَهْبَانِيَّةً ابتدعوها ما كتبناها عليهم) الْآيَةَ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ) وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ ( قال محمود) هو بن غَيْلَانَ ( عَنْ مُرِّيٍّ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ المكسورة ( قَطَرِيٍّ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَالطَّاءِ قَالَ فِي التَّقْرِيبِ مري بلفظ النسب بن قَطَرِيٍّ بِفَتْحَتَيْنِ وَكَسْرِ الرَّاءِ مُخَفَّفًا الْكُوفِيُّ مَقْبُولٌ من الثالثة انتهى قلت ذكره بن حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ.

     وَقَالَ  الذَّهَبِيُّ لَا يُعْرَفُ تَفَرَّدَ عَنْهُ سِمَاكٌ .

     قَوْلُهُ  ( وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الرُّخْصَةِ فِي طَعَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ) قَدْ ذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ فِي الْبَابِ لَفْظَ طَعَامِ الْمُشْرِكِينَ وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ الْمُشْرِكِينَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ حَمَلَ الْمُشْرِكِينَ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ فِي هَذَا الْبَابِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ17 - ( باب فِي كَرَاهِيَةِ التَّفْرِيقِ بَيْنَ السَّبْيِ)

رقم الحديث 1566 [1566] .

     قَوْلُهُ  ( أخبرني حيي) بضم أوله ويائين من تحت الأولى مفتوحة بن عَبْدِ اللَّهِ بْنُ شُرَيْحٍ الْمَعَافِرِيُّ الْمِصْرِيُّ صَدُوقٌ يَهِمُ مِنَ الثَّالِثَةِ .

     قَوْلُهُ  ( مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا) أَيْ بِمَا يُزِيلُ الْمِلْكَ ( فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) قَالَ الْمُنَاوِيُّ التَّفْرِيقُ بَيْنَ أَمَةٍ وَوَلَدِهَا بِنَحْوِ بَيْعٍ حَرَامٌ قَبْلَ التَّمْيِيزِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَقَبْلَ الْبُلُوغِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ عَلِيٍّ) أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي بَابِ كَرَاهِيَةِ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْأَخَوَيْنِ مِنْ كِتَابِ الْبُيُوعِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ.

     وَقَالَ  صَحِيحٌ وَتُعُقِّبَ قَالَهُ الْمُنَاوِيُّ وَتَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُنَاكَ 8 - ( باب مَا جَاءَ فِي قَتْلِ الْأُسَارَى وَالْفِدَاءِ)

رقم الحديث 1567 [1567] .

     قَوْلُهُ  ( هَبَطَ عَلَيْهِ) أَيْ نَزَلَ عَلَيْهِ ( فَقَالَ) أَيْ جِبْرِيلُ ( لَهُ) أَيْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( خيرهم) بصيغةالْأَمْرِ مِنَ التَّخْيِيرِ ( يَعْنِي أَصْحَابَكَ) أَيْ يُرِيدُ بِالضَّمِيرِ أَصْحَابَكَ وَهَذَا التَّفْسِيرُ إِمَّا مِنْ عَلِيٍّ أَوْ مِمَّنْ بَعْدَهُ مِنَ الرُّوَاةِ وَالْمَعْنَى قُلْ لَهُمْ أَنْتُمْ مُخَيَّرُونَ فِي أُسَارَى بَدْرٍ ( الْقَتْلَ أو الفداء) بالنصب فِيهِمَا أَيْ فَاخْتَارُوا الْقَتْلَ أَوِ الْفِدَاءَ وَالْمَعْنَى أنكم مخيرون بين أن تقتلوا أسارى وَلَا يَلْحَقُكُمْ ضَرَرٌ مِنَ الْعَدُوِّ وَبَيْنَ أَنْ تَأْخُذُوا مِنْهُمُ الْفِدَاءَ ( عَلَى أَنْ يُقْتَلَ مِنْهُمْ) أَيْ مِنَ الصَّحَابَةِ ( قَابِلٌ) كَذَا وَقَعَ فِي بعض النسخ وفي بعضها قابل بِالتَّنْوِينِ وَهُوَ الظَّاهِرُ ( مِثْلَهُمْ) يَعْنِي بِعَدَدِ مَنْ يُطْلَقُونَ مِنْهُمْ يَكُونُ الظَّفْرُ لِلْكُفَّارِ فِيهَا وَقَدْ قُتِلَ مِنَ الْكُفَّارِ يَوْمَئِذٍ سَبْعُونَ وَأُسِرَ سَبْعُونَ ( قَالُوا) أَيِ الصَّحَابَةُ ( الْفِدَاءَ) أَيِ اخْتَرْنَا الْفِدَاءَ ( وَيُقْتَلَ مِنَّا) بِالنَّصْبِ بِإِضْمَارِ أَنْ بَعْدَ الْوَاوِ الْعَاطِفَةِ عَلَى الْفِدَاءِ أَيْ وَأَنْ يُقْتَلَ مِنَّا في العام المقبل مثلهم قال القارىء وَفِي نُسْخَةٍ يَعْنِي مِنَ الْمِشْكَاةِ بِالرَّفْعِ فِيهِمَا أي اختيارنا فداءهم وقتل بعضنا بقتل مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ أُحُدٍ مِثْلُ مَا افْتَدَى الْمُسْلِمُونَ مِنْهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ وَقَدْ قُتِلَ مِنَ الْكُفَّارِ يَوْمَئِذٍ سَبْعُونَ وَأُسِرَ سَبْعُونَ قَالَ تَعَالَى ( أَوَ لَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أنفسكم) وَإِنَّمَا اخْتَارُوا ذَلِكَ رَغْبَةً مِنْهُمْ فِي إِسْلَامِ أُسَارَى بَدْرٍ وَفِي نَيْلِهِمْ دَرَجَةَ الشَّهَادَةِ فِي السَّنَةِ الْقَابِلَةِ وَشَفَقَةً مِنْهُمْ عَلَى الْأُسَارَى بِمَكَانِ قَرَابَتِهِمْ مِنْهُمْ قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ مُشْكِلٌ جِدًّا لِمُخَالَفَتِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى ظَاهِرِ التَّنْزِيلِ وَلِمَا صَحَّ مِنَ الْأَحَادِيثِ فِي أَمْرِ أُسَارَى بَدْرٍ أَنَّ أَخْذَ الْفِدَاءِ كَانَ رَأْيًا رَأَوْهُ فَعُوتِبُوا عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ هُنَاكَ تَخْيِيرٌ بِوَحْيٍ سَمَاوِيٍّ لَمْ تَتَوَجَّهِ الْمُعَاتَبَةُ عَلَيْهِ وَقَدْ قَالَ الله تعالى ( ما كان لنبي أن تكون له أسرى) إِلَى قَوْلِهِ ( لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) وَأَظْهَرَ لَهُمْ شَأْنَ الْعَاقِبَةِ بِقَتْلِ سَبْعِينَ مِنْهُمْ بَعْدَ غَزْوَةِ أُحُدٍ عِنْدَ نُزُولِ قَوْلِهِ تَعَالَى ( أَوَ لَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا) وَمِمَّنْ نُقِلَ عَنْهُ هَذَا التَّأْوِيلُ مِنَ الصَّحَابَةِ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فَلَعَلَّ عَلِيًّا ذَكَرَ هُبُوطَ جِبْرِيلَ فِي شَأْنِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ وَبَيَانِهَا فَاشْتَبَهَ الْأَمْرُ فِيهِ عَلَى بَعْضِ الرُّوَاةِ وَمِمَّا جَرَّأَنَا عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ سِوَى مَا ذَكَرْنَاهُ هُوَ أَنَّ الْحَدِيثَ تَفَرَّدَ بِهِ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ سُفْيَانَ مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِهِ فَلَمْ يَرْوِهِ غَيْرُهُ والسمع قد يخطيء وَالنِّسْيَانُ كَثِيرًا يَطْرَأُ عَلَى الْإِنْسَانِ ثُمَّ إِنَّ الحديث يروى عَنْهُ مُتَّصِلًا وَرُوِيَ عَنْ غَيْرِهِ مُرْسَلًا فَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَمْنَعُ الْقَوْلَ لِظَاهِرِهِ قَالَ الطِّيبِيُّ أَقُولُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْحَدِيثِ وَالْآيَةِ وَذَلِكَ أَنَّ التَّخْيِيرَ فِي الْحَدِيثِ وَارِدٌ عَلَى سَبِيلِ الِاخْتِيَارِ وَالِامْتِحَانِ وَلِلَّهِ أَنْ يَمْتَحِنَ عِبَادَهُ بِمَا شَاءَ امْتَحَنَ اللَّهُ تَعَالَى أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن) الْآيَتَيْنِ وَامْتَحَنَ النَّاسَ بِتَعْلِيمِ السِّحْرِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ( وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إنما نحن فتنة) وَامْتَحَنَ النَّاسَ بِالْمَلَكَيْنِ وَجَعَلَ الْمِحْنَةَ فِي الْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ بِأَنْ يَقْبَلَ الْعَامِلُ تَعَلُّمَ السِّحْرِ فَيَكْفُرَ وَيُؤْمِنَ بِتَرْكِ تَعَلُّمِهِ وَلَعَلَّ اللَّهَ تَعَالَى امْتَحَنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ بَيْنَأَمْرَيْنِ الْقَتْلِ وَالْفِدَاءِ وَأَنْزَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِذَلِكَ هَلْ هُمْ يَخْتَارُونَ مَا فِيهِ رِضَا اللَّهِ تَعَالَى مِنْ قَتْلِ أَعْدَائِهِ أَمْ يُؤْثِرُونَ الْعَاجِلَةَ مِنْ قَبُولِ الْفِدَاءِ فَلَمَّا اخْتَارُوا الثَّانِيَ عُوقِبُوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى ( مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ تكون له أسرى حتى يثخن في الأرض) قال القارىء بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الْكَلَامِ مَا لَفْظُهُ.

قُلْتُ بِعَوْنِ اللَّهِ إِنَّ هَذَا الْجَوَابَ غَيْرُ مَقْبُولٍ لِأَنَّهُ مَعْلُولٌ وَمَدْخُولٌ فَإِنَّهُ إِذَا صَحَّ التَّخْيِيرُ لم يجز العتاب والتعبير فَضْلًا عَنِ التَّعْذِيبِ وَالتَّعْزِيرِ.
وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ من تَخْيِيرِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ فَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُنَّ لَوِ اخْتَرْنَ الدُّنْيَا لَعُذِّبْنَ فِي الْعُقْبَى وَلَا فِي الْأُولَى وَغَايَتُهُ أَنَّهُنَّ يُحْرَمْنَ مِنْ مُصَاحَبَةِ الْمُصْطَفَى لِفَسَادِ اخْتِيَارِهِنَّ الْأَدْنَى بِالْأَعْلَى وَأَمَّا قَضِيَّةُ الْمَلَكَيْنِ وَقَضِيَّةُ تَعْلِيمِ السِّحْرِ فَنَعَمِ امْتِحَانٌ مِنَ اللَّهِ وَابْتِلَاءٌ لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ تَخْيِيرٌ لِأَحَدٍ وَلِهَذَا قال المفسرون في قوله تعالى ( من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) إِنَّهُ أَمْرُ تَهْدِيدٍ لَا تَخْيِيرٍ وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  أَمْ يُؤْثِرُونَ الْأَعْرَاضَ الْعَاجِلَةَ مِنْ قَبُولِ الْفِدْيَةِ فَلَمَّا اخْتَارُوهُ عُوقِبُوا بِقَوْلِهِ ( مَا كَانَ لِنَبِيٍّ) الْآيَةَ فَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنَ الْجُرْأَةِ الْعَظِيمَةِ وَالْجِنَايَةِ الْجَسِيمَةِ فَإِنَّهُمْ مَا اخْتَارُوا الْفِدْيَةَ لَا لِلتَّقْوِيَةِ عَلَى الْكُفَّارِ وَلِلشَّفَقَةِ عَلَى الرَّحِمِ وَلِرَجَاءِ أَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ أَوْ فِي أَصْلَابِهِمْ مَنْ يُؤْمِنُ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا وَقَعَ مِنْهُمِ اجْتِهَادًا وَافَقَ رَأْيَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَايَتُهُ أَنَّ اجْتِهَادَ عُمَرَ وَقَعَ أَصْوَبَ عِنْدَهُ تَعَالَى فَيَكُونُ مِنْ مُوَافَقَاتِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَيُسَاعِدُنَا مَا ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ مِنْ أَنَّهُ يُعَضِّدُهُ سَبَبُ النُّزُولِ رَوَى مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنِ بن عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ لَمَّا أَسَرُوا الْأُسَارَى يَوْمَ بَدْرٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَا تَرَوْنَ فِي هَؤُلَاءِ الْأُسَارَى فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَنُو الْعَمِّ وَالْعَشِيرَةِ أَرَى أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُمْ فِدْيَةً فَتَكُونَ لَنَا قُوَّةٌ عَلَى الْكُفَّارِ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَرَى يَا بن الْخَطَّابِ.

قُلْتُ لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَرَى الَّذِي رَأَى أَبُو بَكْرٍ وَلَكِنْ أَرَى أَنْ تُمَكِّنَنَا فَنَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ أَئِمَّةُ الْكُفْرِ وَصَنَادِيدُهُ فَهَوَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَلَمْ يَهْوَ مَا.

قُلْتُ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ قَاعِدَانِ يَبْكِيَانِ فَقُلْتُ يَا رسول الله أخبرني من أي شيء تبكي وَصَاحِبُكَ فَقَالَ أَبْكِي لِلَّذِي عَرَضَ عَلَيَّ أَصْحَابُكَ مِنْ أَخْذِهِمُ الْفِدَاءَ لَقَدْ عُرِضَ عَلَيَّ عَذَابُهُمْ أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى الاية انتهى قال القارىء وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ جَمْعًا بَيْنَ الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ أَنَّ اخْتِيَارَ الْفِدَاءِ مِنْهُمْ أَوَّلًا كَانَ بِالْإِطْلَاقِ ثُمَّ وَقَعَ التَّخْيِيرُ بَعْدَهُ بِالتَّقْيِيدِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قوله ( وفي الباب عن بن مَسْعُودٍ وَأَنَسٍ وَأَبِي بَرْزَةَ وَجُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ) أما حديث بن مَسْعُودٍ فَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي بَرْزَةَ فَلْيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَهُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ فأخرجه البخاريالْأَمْرِ مِنَ التَّخْيِيرِ ( يَعْنِي أَصْحَابَكَ) أَيْ يُرِيدُ بِالضَّمِيرِ أَصْحَابَكَ وَهَذَا التَّفْسِيرُ إِمَّا مِنْ عَلِيٍّ أَوْ مِمَّنْ بَعْدَهُ مِنَ الرُّوَاةِ وَالْمَعْنَى قُلْ لَهُمْ أَنْتُمْ مُخَيَّرُونَ فِي أُسَارَى بَدْرٍ ( الْقَتْلَ أو الفداء) بالنصب فِيهِمَا أَيْ فَاخْتَارُوا الْقَتْلَ أَوِ الْفِدَاءَ وَالْمَعْنَى أنكم مخيرون بين أن تقتلوا أسارى وَلَا يَلْحَقُكُمْ ضَرَرٌ مِنَ الْعَدُوِّ وَبَيْنَ أَنْ تَأْخُذُوا مِنْهُمُ الْفِدَاءَ ( عَلَى أَنْ يُقْتَلَ مِنْهُمْ) أَيْ مِنَ الصَّحَابَةِ ( قَابِلٌ) كَذَا وَقَعَ فِي بعض النسخ وفي بعضها قابل بِالتَّنْوِينِ وَهُوَ الظَّاهِرُ ( مِثْلَهُمْ) يَعْنِي بِعَدَدِ مَنْ يُطْلَقُونَ مِنْهُمْ يَكُونُ الظَّفْرُ لِلْكُفَّارِ فِيهَا وَقَدْ قُتِلَ مِنَ الْكُفَّارِ يَوْمَئِذٍ سَبْعُونَ وَأُسِرَ سَبْعُونَ ( قَالُوا) أَيِ الصَّحَابَةُ ( الْفِدَاءَ) أَيِ اخْتَرْنَا الْفِدَاءَ ( وَيُقْتَلَ مِنَّا) بِالنَّصْبِ بِإِضْمَارِ أَنْ بَعْدَ الْوَاوِ الْعَاطِفَةِ عَلَى الْفِدَاءِ أَيْ وَأَنْ يُقْتَلَ مِنَّا في العام المقبل مثلهم قال القارىء وَفِي نُسْخَةٍ يَعْنِي مِنَ الْمِشْكَاةِ بِالرَّفْعِ فِيهِمَا أي اختيارنا فداءهم وقتل بعضنا بقتل مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ أُحُدٍ مِثْلُ مَا افْتَدَى الْمُسْلِمُونَ مِنْهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ وَقَدْ قُتِلَ مِنَ الْكُفَّارِ يَوْمَئِذٍ سَبْعُونَ وَأُسِرَ سَبْعُونَ قَالَ تَعَالَى ( أَوَ لَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أنفسكم) وَإِنَّمَا اخْتَارُوا ذَلِكَ رَغْبَةً مِنْهُمْ فِي إِسْلَامِ أُسَارَى بَدْرٍ وَفِي نَيْلِهِمْ دَرَجَةَ الشَّهَادَةِ فِي السَّنَةِ الْقَابِلَةِ وَشَفَقَةً مِنْهُمْ عَلَى الْأُسَارَى بِمَكَانِ قَرَابَتِهِمْ مِنْهُمْ قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ مُشْكِلٌ جِدًّا لِمُخَالَفَتِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى ظَاهِرِ التَّنْزِيلِ وَلِمَا صَحَّ مِنَ الْأَحَادِيثِ فِي أَمْرِ أُسَارَى بَدْرٍ أَنَّ أَخْذَ الْفِدَاءِ كَانَ رَأْيًا رَأَوْهُ فَعُوتِبُوا عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ هُنَاكَ تَخْيِيرٌ بِوَحْيٍ سَمَاوِيٍّ لَمْ تَتَوَجَّهِ الْمُعَاتَبَةُ عَلَيْهِ وَقَدْ قَالَ الله تعالى ( ما كان لنبي أن تكون له أسرى) إِلَى قَوْلِهِ ( لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) وَأَظْهَرَ لَهُمْ شَأْنَ الْعَاقِبَةِ بِقَتْلِ سَبْعِينَ مِنْهُمْ بَعْدَ غَزْوَةِ أُحُدٍ عِنْدَ نُزُولِ قَوْلِهِ تَعَالَى ( أَوَ لَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا) وَمِمَّنْ نُقِلَ عَنْهُ هَذَا التَّأْوِيلُ مِنَ الصَّحَابَةِ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فَلَعَلَّ عَلِيًّا ذَكَرَ هُبُوطَ جِبْرِيلَ فِي شَأْنِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ وَبَيَانِهَا فَاشْتَبَهَ الْأَمْرُ فِيهِ عَلَى بَعْضِ الرُّوَاةِ وَمِمَّا جَرَّأَنَا عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ سِوَى مَا ذَكَرْنَاهُ هُوَ أَنَّ الْحَدِيثَ تَفَرَّدَ بِهِ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ سُفْيَانَ مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِهِ فَلَمْ يَرْوِهِ غَيْرُهُ والسمع قد يخطيء وَالنِّسْيَانُ كَثِيرًا يَطْرَأُ عَلَى الْإِنْسَانِ ثُمَّ إِنَّ الحديث يروى عَنْهُ مُتَّصِلًا وَرُوِيَ عَنْ غَيْرِهِ مُرْسَلًا فَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَمْنَعُ الْقَوْلَ لِظَاهِرِهِ قَالَ الطِّيبِيُّ أَقُولُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْحَدِيثِ وَالْآيَةِ وَذَلِكَ أَنَّ التَّخْيِيرَ فِي الْحَدِيثِ وَارِدٌ عَلَى سَبِيلِ الِاخْتِيَارِ وَالِامْتِحَانِ وَلِلَّهِ أَنْ يَمْتَحِنَ عِبَادَهُ بِمَا شَاءَ امْتَحَنَ اللَّهُ تَعَالَى أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن) الْآيَتَيْنِ وَامْتَحَنَ النَّاسَ بِتَعْلِيمِ السِّحْرِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ( وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إنما نحن فتنة) وَامْتَحَنَ النَّاسَ بِالْمَلَكَيْنِ وَجَعَلَ الْمِحْنَةَ فِي الْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ بِأَنْ يَقْبَلَ الْعَامِلُ تَعَلُّمَ السِّحْرِ فَيَكْفُرَ وَيُؤْمِنَ بِتَرْكِ تَعَلُّمِهِ وَلَعَلَّ اللَّهَ تَعَالَى امْتَحَنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ بَيْنَأَمْرَيْنِ الْقَتْلِ وَالْفِدَاءِ وَأَنْزَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِذَلِكَ هَلْ هُمْ يَخْتَارُونَ مَا فِيهِ رِضَا اللَّهِ تَعَالَى مِنْ قَتْلِ أَعْدَائِهِ أَمْ يُؤْثِرُونَ الْعَاجِلَةَ مِنْ قَبُولِ الْفِدَاءِ فَلَمَّا اخْتَارُوا الثَّانِيَ عُوقِبُوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى ( مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ تكون له أسرى حتى يثخن في الأرض) قال القارىء بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الْكَلَامِ مَا لَفْظُهُ.

قُلْتُ بِعَوْنِ اللَّهِ إِنَّ هَذَا الْجَوَابَ غَيْرُ مَقْبُولٍ لِأَنَّهُ مَعْلُولٌ وَمَدْخُولٌ فَإِنَّهُ إِذَا صَحَّ التَّخْيِيرُ لم يجز العتاب والتعبير فَضْلًا عَنِ التَّعْذِيبِ وَالتَّعْزِيرِ.
وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ من تَخْيِيرِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ فَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُنَّ لَوِ اخْتَرْنَ الدُّنْيَا لَعُذِّبْنَ فِي الْعُقْبَى وَلَا فِي الْأُولَى وَغَايَتُهُ أَنَّهُنَّ يُحْرَمْنَ مِنْ مُصَاحَبَةِ الْمُصْطَفَى لِفَسَادِ اخْتِيَارِهِنَّ الْأَدْنَى بِالْأَعْلَى وَأَمَّا قَضِيَّةُ الْمَلَكَيْنِ وَقَضِيَّةُ تَعْلِيمِ السِّحْرِ فَنَعَمِ امْتِحَانٌ مِنَ اللَّهِ وَابْتِلَاءٌ لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ تَخْيِيرٌ لِأَحَدٍ وَلِهَذَا قال المفسرون في قوله تعالى ( من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) إِنَّهُ أَمْرُ تَهْدِيدٍ لَا تَخْيِيرٍ وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  أَمْ يُؤْثِرُونَ الْأَعْرَاضَ الْعَاجِلَةَ مِنْ قَبُولِ الْفِدْيَةِ فَلَمَّا اخْتَارُوهُ عُوقِبُوا بِقَوْلِهِ ( مَا كَانَ لِنَبِيٍّ) الْآيَةَ فَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنَ الْجُرْأَةِ الْعَظِيمَةِ وَالْجِنَايَةِ الْجَسِيمَةِ فَإِنَّهُمْ مَا اخْتَارُوا الْفِدْيَةَ لَا لِلتَّقْوِيَةِ عَلَى الْكُفَّارِ وَلِلشَّفَقَةِ عَلَى الرَّحِمِ وَلِرَجَاءِ أَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ أَوْ فِي أَصْلَابِهِمْ مَنْ يُؤْمِنُ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا وَقَعَ مِنْهُمِ اجْتِهَادًا وَافَقَ رَأْيَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَايَتُهُ أَنَّ اجْتِهَادَ عُمَرَ وَقَعَ أَصْوَبَ عِنْدَهُ تَعَالَى فَيَكُونُ مِنْ مُوَافَقَاتِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَيُسَاعِدُنَا مَا ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ مِنْ أَنَّهُ يُعَضِّدُهُ سَبَبُ النُّزُولِ رَوَى مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنِ بن عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ لَمَّا أَسَرُوا الْأُسَارَى يَوْمَ بَدْرٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَا تَرَوْنَ فِي هَؤُلَاءِ الْأُسَارَى فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَنُو الْعَمِّ وَالْعَشِيرَةِ أَرَى أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُمْ فِدْيَةً فَتَكُونَ لَنَا قُوَّةٌ عَلَى الْكُفَّارِ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَرَى يَا بن الْخَطَّابِ.

قُلْتُ لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَرَى الَّذِي رَأَى أَبُو بَكْرٍ وَلَكِنْ أَرَى أَنْ تُمَكِّنَنَا فَنَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ أَئِمَّةُ الْكُفْرِ وَصَنَادِيدُهُ فَهَوَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَلَمْ يَهْوَ مَا.

قُلْتُ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ قَاعِدَانِ يَبْكِيَانِ فَقُلْتُ يَا رسول الله أخبرني من أي شيء تبكي وَصَاحِبُكَ فَقَالَ أَبْكِي لِلَّذِي عَرَضَ عَلَيَّ أَصْحَابُكَ مِنْ أَخْذِهِمُ الْفِدَاءَ لَقَدْ عُرِضَ عَلَيَّ عَذَابُهُمْ أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى الاية انتهى قال القارىء وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ جَمْعًا بَيْنَ الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ أَنَّ اخْتِيَارَ الْفِدَاءِ مِنْهُمْ أَوَّلًا كَانَ بِالْإِطْلَاقِ ثُمَّ وَقَعَ التَّخْيِيرُ بَعْدَهُ بِالتَّقْيِيدِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قوله ( وفي الباب عن بن مَسْعُودٍ وَأَنَسٍ وَأَبِي بَرْزَةَ وَجُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ) أما حديث بن مَسْعُودٍ فَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي بَرْزَةَ فَلْيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَهُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ فأخرجه البخاري17 - ( باب فِي كَرَاهِيَةِ التَّفْرِيقِ بَيْنَ السَّبْيِ)