فهرس الكتاب

تحفة الاحوذي - باب ما جاء في أي المساجد أفضل

رقم الحديث 1616 [1616] .

     قَوْلُهُ  ( كَانَ يُعْجِبُهُ) أَيْ يَسْتَحْسِنُهُ وَيَتَفَاءَلُ بِهِ ( أَنْ يَسْمَعَ يَا رَاشِدُ) أَيْ وَاجِدُ الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ ( يَا نَجِيحُ) أَيْ مَنْ قُضِيَتْ حَاجَتُهُ 8 - ( بَاب مَا جَاءَ في وَصِيَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فِي الْقِتَالِ

رقم الحديث 1617 [1617] .

     قَوْلُهُ  ( أَوْصَاهُ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ) أَيْ فِي حَقِّ نَفْسِهِ خُصُوصًا وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ ( بِتَقْوَى اللَّهِ) وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَوْصَاهُ ( وَمَنْ مَعَهُ) مَعْطُوفٌ عَلَى خَاصَّةِ نَفْسِهِ أَيْ وَفِي مَنْ مَعَهُ ( مِنَ الْمُسْلِمِينَ) بَيَانٌ لِمَنْ ( خَيْرًا) مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ بِخَيْرٍ قَالَ الطِّيبِيُّ وَمَنْ فِي مَحَلِّ الْجَرِّ وَمِنْ بَابِ الْعَطْفِ عَلَى عَامِلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ كَأَنَّهُ قِيلَ أَوْصَى بِتَقْوَى اللَّهِ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ وَأَوْصَى بِخَيْرٍ فِي مَنْ معه من المسلمين وفي اختصاص التقوى بخاصة نَفْسِهِ وَالْخَيْرِ بِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ عَلَيْهِ أَنْيَشُدَّ عَلَى نَفْسِهِ فِيهَا يَأْتِي وَيَذَرُ وَأَنْ يُسَهِّلَ عَلَى مَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَيَرْفُقَ بِهِمْ كَمَا وَرَدَ يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا وَبَشِّرُوا وَلَا تُنَفِّرُوا ( وَقَالَ اغْزُوا بِسْمِ اللَّهِ) أَيْ مُسْتَعِينِينَ بِذِكْرِهِ ( وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ) أَيْ لِأَجْلِ مَرْضَاتِهِ وَإِعْلَاءِ دِينِهِ ( قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ) جملة موضحة لا غزوا ( وَلَا تَغُلُّوا) مِنَ الْغُلُولِ مِنْ بَابِ نَصَرَ يَنْصُرُ أَيْ لَا تَخُونُوا فِي الْغَنِيمَةِ ( وَلَا تَغْدِرُوا) بِكَسْرِ الدَّالِ أَيْ لَا تَنْقُضُوا الْعَهْدَ وقيل لا تحاربوهم قبل أن تدعوهم إلى الْإِسْلَامِ ( وَلَا تُمَثِّلُوا) بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ مَثَّلَ بِهِ يُمَثِّلُ كَقَتَّلَ إِذَا قَطَعَ أَطْرَافَهُ وَفِي الْقَامُوسِ مَثَّلَ بِفُلَانٍ مُثْلَةً بِالضَّمِّ نَكَّلَ كَمَثَّلَ تَمْثِيلًا وَفِي الْفَائِقِ إِذَا سَوَّدْتَ وَجْهَهُ أَوْ قَطَعْتَ أَنْفَهُ وَنَحْوُهُ ( وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا) أَيْ طِفْلًا صَغِيرًا ( فَإِذَا لَقِيتَ) الْخِطَابُ لِأَمِيرِ الْجَيْشِ قَالَ الطِّيبِيُّ هُوَ مِنْ بَابِ تَلْوِينِ الْخِطَابِ خَاطَبَ أَوَّلًا عَامًّا فَدَخَلَ فِيهِ الْأَمِيرُ دُخُولًا أَوَّلِيًّا ثُمَّ خَصَّ الْخِطَابَ بِهِ فَدَخَلُوا فِيهِ عَلَى سَبِيلِ التَّبَعِيَّةِ كَقَوْلِهِ تعالى ( يا أيها النبي إذا طلقتم) خَصَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنِّدَاءِ ( أَوْ خِلَالٍ) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي وَالْخِصَالُ وَالْخِلَالُ بِكَسْرِهِمَا جَمْعُ الْخَصْلَةِ وَالْخَلَّةُ بِفَتْحِهِمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ ( فَأَيَّتُهَا أَجَابُوكَ) أَيْ قَبِلُوهَا مِنْك ( وَكُفَّ عَنْهُمْ) بِضَمِّ الْكَافِ وَفَتْحِ الْفَاءِ الْمُشَدَّدَةِ وَيَجُوزُ ضَمُّهَا وَكَسْرُهَا أَيِ امْتَنَعَ عَنْهُمْ ( اُدْعُهُمْ) أَيْ أَوَّلًا ( وَالتَّحَوُّلِ) أَيْ الِانْتِقَالِ ( مِنْ دَارِهِمْ) أَيْ مِنْ دَارِ الْكُفْرِ ( إِلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ) أَيْ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَهَذَا مِنْ تَوَابِعِ الْخَصْلَةِ الْأُولَى بَلْ قِيلَ إِنَّ الْهِجْرَةَ كَانَتْ مِنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ ( أَنَّهُمْ إِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ) أَيِ التَّحَوُّلَ ( فَإِنَّ لَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ) أَيِ الثَّوَابَ وَاسْتِحْقَاقَ مَالِ الْفَيْءِ وَذَلِكَ الِاسْتِحْقَاقُ كَانَ فِي زَمَنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ كَانَ يُنْفِقُ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ مِنْ حِينِ الْخُرُوجِ إِلَى الْجِهَادِ فِي أَيِّ وَقْتٍ أَمَرَهُمُ الْإِمَامُ سَوَاءٌ كَانَ مَنْ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ كَافِيًا أَوْ لَا بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُهَاجِرِينَ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ الْخُرُوجُ عَلَيْهِمْ إِلَى الْجِهَادِ إِنْ كَانَ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ مَنْ بِهِ الْكِفَايَةُ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ ( وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ) أَيْ مِنَ الْغَزْوِ ( وَإِنْ أَبَوْا أَنْ يَتَحَوَّلُوا) أَيْ مِنْ دَارِهِمْ ( كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ) أَيِ الَّذِينَ لَازَمُوا أَوْطَانَهُمْ فِي الْبَادِيَةِ لَا فِي دَارِ الْكُفْرِ ( يَجْرِي عَلَيْهِمْ مَا يَجْرِي عَلَى الْأَعْرَابِ) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ يَجْرِي عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللَّهِ الَّذِي يَجْرِي عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَيْ مِنْ وُجُوبِ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وغيرهما والقصاص والدية ونحوهما ( إلا أنيُجَاهِدُوا) أَيْ مَعَ الْمُسْلِمِينَ ( وَإِذَا حَاصَرْتَ حِصْنًا) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ أَهْلَ حِصْنٍ ( فَأَرَادُوكَ أَنْ تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه) أي عَهْدَهُمَا وَأَمَانَهُمَا ( فَلَا تَجْعَلْ لَهُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ نَبِيِّهِ) أَيْ لَا بِالِاجْتِمَاعِ وَلَا بِالِانْفِرَادِ ( فَإِنَّكُمْ إِنْ تَخْفِرُوا) مِنَ الْإِخْفَارِ أَيْ تَنْقُضُوا ( فَلَا تُنْزِلُوهُمْ) أَيْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ ( فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي أَتُصِيبُ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِمْ أَمْ لَا) قَالَ النَّوَوِيُّ .

     قَوْلُهُ  فَلَا تَجْعَلْ لَهُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ نَهْيُ تَنْزِيهٍ فَإِنَّهُ قَدْ يَنْقُضُهَا مَنْ لَا يَعْرِفُ حَقَّهَا وَيَنْتَهِكُ حُرْمَتَهَا بَعْضُ الْأَعْرَابِ وَسَوَادُ الْجَيْشِ وَكَذَا .

     قَوْلُهُ  فَلَا تُنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ نَهْيُ تَنْزِيهٍ وَفِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ يَقُولُ لَيْسَ كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبًا بَلِ الْمُصِيبُ وَاحِدٌ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِحُكْمِ اللَّهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَمَنْ يَقُولُ إِنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ يَقُولُ مَعْنَى قَوْلِهِ فَإِنَّك لَا تَدْرِي أتصيب حكم الله فيهم أنك لَا تَأْمَنَ أَنْ يَنْزِلَ عَلَيَّ وَحْيٌ بِخِلَافِ مَا حَكَمْتَ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مِنْ تَحْكِيمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ وَهَذَا الْمَعْنَى مُنْتَفٍ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَكُونُ كل مجتهد مصيبا انتهى قال القارىء وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُعْتَزِلَةِ وَبَعْضِ أَهْلِ السُّنَّةِ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ) أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي بَابِ السَّاعَةِ الَّتِي يُسْتَحَبُّ فِيهَا الْقِتَالُ .

     قَوْلُهُ  ( وَحَدِيثُ بُرَيْدَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ .

     قَوْلُهُ  ( وَزَادَ) أَيْ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ فِي رِوَايَتِهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي أَحْمَدَ ( فَإِنْ أَبَوْا) أَيْ فَإِنِ امْتَنَعُوا عَنِ الْإِسْلَامِ ( فَخُذْ مِنْهُمُ الْجِزْيَةَ) اسْتَدَلَّ بِهِ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَمَنْ وَافَقَهُمَا عَلَى جَوَازِ أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْ كُلِّ كَافِرٍ عَرَبِيًّا كَانَ أَوْ عَجَمِيًّا كِتَابِيًّا أَوْ غَيْرَ كِتَابِيٍّ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي بَابِ الجزيةيَشُدَّ عَلَى نَفْسِهِ فِيهَا يَأْتِي وَيَذَرُ وَأَنْ يُسَهِّلَ عَلَى مَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَيَرْفُقَ بِهِمْ كَمَا وَرَدَ يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا وَبَشِّرُوا وَلَا تُنَفِّرُوا ( وَقَالَ اغْزُوا بِسْمِ اللَّهِ) أَيْ مُسْتَعِينِينَ بِذِكْرِهِ ( وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ) أَيْ لِأَجْلِ مَرْضَاتِهِ وَإِعْلَاءِ دِينِهِ ( قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ) جملة موضحة لا غزوا ( وَلَا تَغُلُّوا) مِنَ الْغُلُولِ مِنْ بَابِ نَصَرَ يَنْصُرُ أَيْ لَا تَخُونُوا فِي الْغَنِيمَةِ ( وَلَا تَغْدِرُوا) بِكَسْرِ الدَّالِ أَيْ لَا تَنْقُضُوا الْعَهْدَ وقيل لا تحاربوهم قبل أن تدعوهم إلى الْإِسْلَامِ ( وَلَا تُمَثِّلُوا) بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ مَثَّلَ بِهِ يُمَثِّلُ كَقَتَّلَ إِذَا قَطَعَ أَطْرَافَهُ وَفِي الْقَامُوسِ مَثَّلَ بِفُلَانٍ مُثْلَةً بِالضَّمِّ نَكَّلَ كَمَثَّلَ تَمْثِيلًا وَفِي الْفَائِقِ إِذَا سَوَّدْتَ وَجْهَهُ أَوْ قَطَعْتَ أَنْفَهُ وَنَحْوُهُ ( وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا) أَيْ طِفْلًا صَغِيرًا ( فَإِذَا لَقِيتَ) الْخِطَابُ لِأَمِيرِ الْجَيْشِ قَالَ الطِّيبِيُّ هُوَ مِنْ بَابِ تَلْوِينِ الْخِطَابِ خَاطَبَ أَوَّلًا عَامًّا فَدَخَلَ فِيهِ الْأَمِيرُ دُخُولًا أَوَّلِيًّا ثُمَّ خَصَّ الْخِطَابَ بِهِ فَدَخَلُوا فِيهِ عَلَى سَبِيلِ التَّبَعِيَّةِ كَقَوْلِهِ تعالى ( يا أيها النبي إذا طلقتم) خَصَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنِّدَاءِ ( أَوْ خِلَالٍ) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي وَالْخِصَالُ وَالْخِلَالُ بِكَسْرِهِمَا جَمْعُ الْخَصْلَةِ وَالْخَلَّةُ بِفَتْحِهِمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ ( فَأَيَّتُهَا أَجَابُوكَ) أَيْ قَبِلُوهَا مِنْك ( وَكُفَّ عَنْهُمْ) بِضَمِّ الْكَافِ وَفَتْحِ الْفَاءِ الْمُشَدَّدَةِ وَيَجُوزُ ضَمُّهَا وَكَسْرُهَا أَيِ امْتَنَعَ عَنْهُمْ ( اُدْعُهُمْ) أَيْ أَوَّلًا ( وَالتَّحَوُّلِ) أَيْ الِانْتِقَالِ ( مِنْ دَارِهِمْ) أَيْ مِنْ دَارِ الْكُفْرِ ( إِلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ) أَيْ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَهَذَا مِنْ تَوَابِعِ الْخَصْلَةِ الْأُولَى بَلْ قِيلَ إِنَّ الْهِجْرَةَ كَانَتْ مِنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ ( أَنَّهُمْ إِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ) أَيِ التَّحَوُّلَ ( فَإِنَّ لَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ) أَيِ الثَّوَابَ وَاسْتِحْقَاقَ مَالِ الْفَيْءِ وَذَلِكَ الِاسْتِحْقَاقُ كَانَ فِي زَمَنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ كَانَ يُنْفِقُ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ مِنْ حِينِ الْخُرُوجِ إِلَى الْجِهَادِ فِي أَيِّ وَقْتٍ أَمَرَهُمُ الْإِمَامُ سَوَاءٌ كَانَ مَنْ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ كَافِيًا أَوْ لَا بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُهَاجِرِينَ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ الْخُرُوجُ عَلَيْهِمْ إِلَى الْجِهَادِ إِنْ كَانَ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ مَنْ بِهِ الْكِفَايَةُ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ ( وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ) أَيْ مِنَ الْغَزْوِ ( وَإِنْ أَبَوْا أَنْ يَتَحَوَّلُوا) أَيْ مِنْ دَارِهِمْ ( كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ) أَيِ الَّذِينَ لَازَمُوا أَوْطَانَهُمْ فِي الْبَادِيَةِ لَا فِي دَارِ الْكُفْرِ ( يَجْرِي عَلَيْهِمْ مَا يَجْرِي عَلَى الْأَعْرَابِ) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ يَجْرِي عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللَّهِ الَّذِي يَجْرِي عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَيْ مِنْ وُجُوبِ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وغيرهما والقصاص والدية ونحوهما ( إلا أنيُجَاهِدُوا) أَيْ مَعَ الْمُسْلِمِينَ ( وَإِذَا حَاصَرْتَ حِصْنًا) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ أَهْلَ حِصْنٍ ( فَأَرَادُوكَ أَنْ تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه) أي عَهْدَهُمَا وَأَمَانَهُمَا ( فَلَا تَجْعَلْ لَهُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ نَبِيِّهِ) أَيْ لَا بِالِاجْتِمَاعِ وَلَا بِالِانْفِرَادِ ( فَإِنَّكُمْ إِنْ تَخْفِرُوا) مِنَ الْإِخْفَارِ أَيْ تَنْقُضُوا ( فَلَا تُنْزِلُوهُمْ) أَيْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ ( فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي أَتُصِيبُ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِمْ أَمْ لَا) قَالَ النَّوَوِيُّ .

     قَوْلُهُ  فَلَا تَجْعَلْ لَهُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ نَهْيُ تَنْزِيهٍ فَإِنَّهُ قَدْ يَنْقُضُهَا مَنْ لَا يَعْرِفُ حَقَّهَا وَيَنْتَهِكُ حُرْمَتَهَا بَعْضُ الْأَعْرَابِ وَسَوَادُ الْجَيْشِ وَكَذَا .

     قَوْلُهُ  فَلَا تُنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ نَهْيُ تَنْزِيهٍ وَفِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ يَقُولُ لَيْسَ كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبًا بَلِ الْمُصِيبُ وَاحِدٌ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِحُكْمِ اللَّهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَمَنْ يَقُولُ إِنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ يَقُولُ مَعْنَى قَوْلِهِ فَإِنَّك لَا تَدْرِي أتصيب حكم الله فيهم أنك لَا تَأْمَنَ أَنْ يَنْزِلَ عَلَيَّ وَحْيٌ بِخِلَافِ مَا حَكَمْتَ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مِنْ تَحْكِيمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ وَهَذَا الْمَعْنَى مُنْتَفٍ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَكُونُ كل مجتهد مصيبا انتهى قال القارىء وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُعْتَزِلَةِ وَبَعْضِ أَهْلِ السُّنَّةِ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ) أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي بَابِ السَّاعَةِ الَّتِي يُسْتَحَبُّ فِيهَا الْقِتَالُ .

     قَوْلُهُ  ( وَحَدِيثُ بُرَيْدَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ .

     قَوْلُهُ  ( وَزَادَ) أَيْ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ فِي رِوَايَتِهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي أَحْمَدَ ( فَإِنْ أَبَوْا) أَيْ فَإِنِ امْتَنَعُوا عَنِ الْإِسْلَامِ ( فَخُذْ مِنْهُمُ الْجِزْيَةَ) اسْتَدَلَّ بِهِ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَمَنْ وَافَقَهُمَا عَلَى جَوَازِ أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْ كُلِّ كَافِرٍ عَرَبِيًّا كَانَ أَوْ عَجَمِيًّا كِتَابِيًّا أَوْ غَيْرَ كِتَابِيٍّ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي بَابِ الجزيةالْإِحْبَابِ ( قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْفَأْلُ) وَإِنَّمَا نَشَأَ هَذَا السُّؤَالُ لِمَا فِي نُفُوسِهِمْ مِنْ عُمُومِ الطِّيَرَةِ الشَّامِلِ لِلتَّشَاؤُمِ وَالتَّفَاؤُلِ الْمُتَعَارَفِ فِيمَا بَيْنَهُمْ ( قَالَ) إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ فَرْدٌ خَاصٌّ خَارِجٌ عَنِ الْعُرْفِ الْعَامِّ مُعْتَبَرٌ عِنْدَ خَوَاصِّ الْأَنَامِ وَهُوَ .

     قَوْلُهُ  ( الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ) أَيِ الصَّالِحَةُ لِأَنْ يُؤْخَذَ مِنْهَا الْفَأْلُ الْحَسَنُ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَ الشَّيْخَانِ مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ

رقم الحديث 1618 [1618] .

     قَوْلُهُ  ( لَا يُغِيرُ) مِنَ الْإِغَارَةِ ( إِلَّا عِنْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ) وَفِي رِوَايَةٍ كَانَ يُغِيرُ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ ( فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا أَمْسَكَ وَإِلَّا أَغَارَ) قَالَ الْقَاضِي أَيْ كَانَ يَتَثَبَّتُ فِيهِ وَيَحْتَاطُ فِي الْإِغَارَةِ حَذَرًا عَنْ أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ مُؤْمِنٌ فَيُغِيرُ عَلَيْهِ غَافِلًا عَنْهُ جَاهِلًا بِحَالِهِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ بَيَانُ أَنَّ الْأَذَانَ شِعَارٌ لِدِينِ الْإِسْلَامِ لَا يَجُوزُ تَرْكُهُ فَلَوْ أَنَّ أَهْلَ بَلَدٍ أَجْمَعُوا عَلَى تَرْكِهِ كَانَ للسلطان قتالهم عليه انتهى قال القارىء وَكَذَا نُقِلَ عَنِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ مِنْ أَئِمَّتِنَا انْتَهَى وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ قِتَالِ مَنْ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ بِغَيْرِ دَعْوَةٍ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْحُكْمِ بِالدَّلِيلِ لِكَوْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَفَّ عَنِ الْقِتَالِ بِمُجَرَّدِ سَمَاعِ الْأَذَانِ وَفِيهِ الْأَخْذُ بِالْأَحْوَطِ فِي أَمْرِ الدِّمَاءِ لِأَنَّهُ كَفَّ عَنْهُمْ فِي تِلْكَ الْحَالِ مَعَ احْتِمَالِ أَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى الْحَقِيقَةِ ( وَاسْتَمَعَ ذَاتَ يَوْمٍ) لَفْظُ ذَاتَ مُقْحَمٌ ( فَقَالَ عَلَى الْفِطْرَةِ) فِيهِ أَنَّ التَّكْبِيرَ مِنَ الْأُمُورِ الْمُخْتَصَّةِ بِأَهْلِ الْإِسْلَامِ وَأَنْ يَصِحَّ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ عَلَى إِسْلَامِ أَهْلِ قَرْيَةٍ سُمِعَ مِنْهُمْ ذَلِكَ ( قَالَ خَرَجْتَ مِنَ النَّارِ) هُوَ نَحْوُ الْأَدِلَّةِ الْقَاضِيَةِ بِأَنَّ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَهِيَ مُطْلَقَةٌ مُقَيَّدَةٌ بِعَدَمِ الْمَانِعِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ .

     قَوْلُهُ  ( قَالَ الْحَسَنُ) هُوَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ ( وَحَدَّثَنَا الْوَلِيدُ) كَذَا فِي النُّسْخَةِ الْأَحْمَدِيَّةِ وَهُوَ غَلَطٌ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَاسْمُهُ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْبَاهِلِيُّ مَوْلَاهُمُ الطَّيَالِسِيُّ رَوَى عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ وَغَيْرُهُ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ ومسلم2 - أبواب الجهاد ( باب فَضْلِ الْجِهَادِ)