كِتَابُ الْإِيمَانِ وَالتَّصْدِيقِ بِأَنَّ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ مَخْلُوقَتَانِ وَأَنَّ نَعِيمَ الْجَنَّةِ لَا يَنْقَطِعُ عَنْ أَهْلِهَا أَبَدًا وَأَنَّ عَذَابَ النَّارِ لَا يَنْقَطِعُ عَنْ أَهْلِهَا أَبَدًا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ : اعْلَمُوا رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ أَنَّ الْقُرْآنَ شَاهِدٌ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ , وَخَلَقَ لِلْجَنَّةِ أَهْلًا , وَلِلنَّارِ أَهْلًا , قَبْلَ أَنْ يُخْرِجَهُمْ إِلَى الدُّنْيَا , لَا يَخْتَلِفُ فِي هَذَا مَنْ شَمِلَهُ الْإِسْلَامُ , وَذَاقَ حَلَاوَةَ طَعْمِ الْإِيمَانِ , دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ , فَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا , فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : بَيِّنْ لَنَا ذَلِكَ , قِيلَ لَهُ : أَلَيْسَ خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ آدَمَ وَحَوَّاءَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ , وَأَسْكَنَهُمَا الْجَنَّةَ ؟ وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا , وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ , فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ , يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا الْآيَةَ , وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ طه وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى إِنَّ لَكَ أَنْ لَا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكُ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ ص لِإِبْلِيسَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ الْآيَةَ فَأَخْرَجَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ آدَمَ وَحَوَّاءَ مِنَ الْجَنَّةِ , ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمَا , وَوَعَدَهُمَا أَنْ يَرُدَّهُمَا إِلَى الْجَنَّةِ , وَلَعَنَ إِبْلِيسَ وَأَخْرَجَهُ مِنَ الْجَنَّةِ , وَأَيَسَهُ مِنَ الرُّجُوعِ إِلَى الْجَنَّةِ
| |
بَابُ دُخُولِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَنَّةَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ : قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا فِي الْبَابِ الَّذِي مَضَى مِثْلُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اطَّلَعْتُ فِي الْجَنَّةِ , فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءُ , وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ , فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءُ وَسَنَذْكُرُ فِي هَذَا الْبَابِ مَالَا يَجْهَلُهُ الْعُلَمَاءُ بِالْحَدِيثِ أَنَّهُ الْحَقُّ
| |
بَابُ ذِكْرِ الْإِيمَانِ بِأَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ خَالِدُونَ فِيهَا أَبَدًا وَأَنَّ أَهْلَ النَّارِ مِنَ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ خَالِدُونَ فِيهَا أَبَدًا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : بَيَانُ هَذَا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَفَى سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ النِّسَاءِ : وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ , خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا , لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطْهَّرَةٌ , وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ , خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا , وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا , وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ : هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ , لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ الْآيَةَ . وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ بَرَاءَةَ : الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ , أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ , وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ أَجْرٌ عَظِيمٌ وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا الْآيَةَ . وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ الْحِجْرِ : وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ , لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ الْكَهْفِ : إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا , خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ الْوَاقِعَةِ : وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ , وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ التَّغَابُنِ : وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ لَمْ يَكُنْ : إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ , جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِلَى آخِرِ السُّورَةِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَلِهَذَا فِي الْقُرْآنِ نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ تُخْبِرُ أَنَّ الْمُتَّقِينَ فِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ آمِنِينَ لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ أَبَدًا , وَلَا يَخْرُجُونَ مِنَ الْجَنَّةِ أَبَدًا , قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ , فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ , يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسِ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ إِلَى قَوْلِهِ وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ : وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ أَنَّ أَهْلَ النَّارِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهَا , يُخَلَّدُونَ فِيهَا أَبَدًا , قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ : إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ , وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا , إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ الْأَحْزَابِ : إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا إِلَى أَخِرِ الْآيَةِ , وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ : إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ الْجَاثِيَةِ : وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا : أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ إِلَى قَوْلِهِ وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِلَى قَوْلِهِ مِنْهَا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ : فَالْقُرْآنُ شَاهِدٌ : أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ خَالِدُونَ فِيهَا أَبَدًا فِي جِوَارِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , فِي النَّعِيمِ يَتَقَلَّبُونَ , قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ , لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ , وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ الْآيَةَ . وَأَهْلُ النَّارِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهَا فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ أَبَدًا لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ
| |
|
بَابُ فَضَائِلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْآجُرِّيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ , وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ , وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ مِمَّا يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نُبَيِّنَهُ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ شَرِيعَةِ الْحَقِّ الَّتِي نَدَبَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهَا وَأَمَرَهُمْ بِالتَّمَسُّكِ بِهَا وَحَذَّرَهُمُ الْفُرْقَةَ فِي دِينِهِمْ , وَأَمَرَهُمْ بِلُزُومِ الْجَمَاعَةِ , وَأَمَرَهُمْ بِطَاعَتِهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَإِنِّي أُبَيِّنُ لَهُمْ فَضْلَ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لِيَعْلَمُوا قَدْرَ مَا خَصَّهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ إِذْ جَعَلَهُمْ مِنْ أُمَّتِهِ لِيَشْكُرُوا اللَّهَ عَلَى ذَلِكَ . قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : { كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا , وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ , وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ , وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ } قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ : قَبِيحٌ بِالْمُسْلِمِينَ أَنْ يَجْهَلُوا مَعْرِفَةَ فَضَائِلِ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَمَا خَصَّهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ مِنَ الْكَرَامَاتِ وَالشَّرَفِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ , وَقَدْ رَسَمْتُ فِي هَذِهِ أَرْبَعَةَ أَجْزَاءٍ مُخْتَصَرَةً حَسَنَةً جَمِيلَةً , مِمَّا خَصَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَالًا بَعْدَ حَالٍ , وَقَدْ أَحْبَبْتُ أَنْ أَذَكُرَ فِي هَذَا الْكِتَابِ الَّذِي وَسَمْتُهُ بِكِتَابِ الشَّرِيعَةِ مِنْ فَضَائِلِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَا يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ جَهِلُهُ , بَلْ يَزِيدُهُمْ عِلْمًا وَفَضْلًا وَشُكْرًا لِمَوْلَاهُمُ الْكَرِيمِ , وَاللَّهُ الْمُوَفِّقِ لِمَا قَصَدْتُ لَهُ , وَالْمُعِينُ عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
| |
بَابُ ذِكْرِ مَا نَعَتَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كِتَابِهِ مِنَ الشَّرَفِ الْعَظِيمِ مِمَّا تَقِرُّ بِهِ أَعْيُنُ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ : اعْلَمُوا رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ ذِكْرُهُ شَرَّفَ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَعْلَى الشَّرَفِ , وَنَعَتَهُ بِأَحْسَنِ النَّعْتِ , وَوَصَفَهُ بِأَجْمَلِ الصِّفَةِ , وَأَقَامَهُ فِي أَعْلَى الرُّتَبِ , أَخْبَرَنَا مَوْلَانَا الْكَرِيمُ : أَنَّهُ بَعَثَهُ بَشِيرًا وَنَذِيرًا , وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا , وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا , وَبِشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا } وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : { إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا , وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ } قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ : فَقَدَ حَذَّرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَنْذَرَ وَبَشَّرَ وَمَا قَصَّرَ ثُمَّ أَخْبَرَنَا مَوْلَانَا الْكَرِيمُ : أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْوَةُ أَبِيهِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ , وَدَعْوَةُ ابْنِهِ إِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ , وَبَشَّرَ بِهِ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ , قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : { وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ , رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا , وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ , رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ , وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ : فَاسْتَجَابَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِإِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَاخْتَصَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مَنْ أَحَبَّ وَهُوَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَشْرَفِ قُرَيْشٍ نَسَبًا , وَأَعْلَاهَا قَدْرًا , وَأَكْرَمِهَا بَيْتًا وَأَفْضَلِهَا عِنْدَهُ , فَبَعَثَهُ بَشِيرًا وَنَذِيرًا , وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : { وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ , مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ , وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ } فَأَثْبَتَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى النَّصَارَى الْحُجَّةَ بِبِشَارَةِ عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَهُمْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ , وَجَلَّ ذِكْرُهُ : أَخْبَرَ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَنَّهُمْ يَجِدُونَ صِفَةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ , وَأَنَّهُ نَبِيٌّ , وَأَوْجَبَ عَلَيْهِمُ اتِّبَاعَهُ وَنُصْرَتَهُ , فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ : { عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ , فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ , يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ , وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتُ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ , وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ } إِلَى قَوْلِهِ { الْمُفْلِحُونَ } وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : { يَا أَهْلَ الْكِتَابِ , قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ , قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ } إِلَى قَوْلِهِ { صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : { يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ , فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ ونَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ : فَقَطَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حُجَجَ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ بِمَا أَخْبَرَ مِنْ صِفَتِهِ فِي كُتُبِهِمْ , وَأَنَّ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ النُّورُ , وَهُوَ الْحَقُّ وَإِنَّهُ يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ , وَأَنَّهُ يَهْدِيَهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ , ثُمَّ أَخْبَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : أَنَّ الَّذِيَ يَدْعُو إِلَيْهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْحَقُّ وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ , فَأَوْجَبَ عَلَى الْخَلْقِ : الْإِنْسِ وَالْجِنِّ قَبُولَهُ , وَأَخْبَرَ عَنِ الْجِنِّ لَمَّا سَمِعُوا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُبَلِّغَهُمْ , عَرَفُوا أَنَّهُ الْحَقُّ , فَأَمَنُوا وَصَدَّقُوا وَاتَّبَعُوهُ , فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ : { وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ } الْآيَةُ ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ : { وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } , ثُمَّ أَخْبَرَ عَزَّ وَجَلَّ : أَنَّهُ يُظْهِرُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى كُلِّ دِينٍ خَالَفَهُ , فَقَالَ جَلَّ وَعَزَّ : { هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ } , ثُمَّ أَخْبَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : أَنَّهُ لَا يَتِمُّ لِأَحَدٍ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَحْدَهُ , حَتَّى يُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ , ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ : لَمْ يَصِحَّ لَهُ الْإِيمَانُ , فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ , وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ , إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ } الْآيَةَ , وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ , ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهَ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ } , وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : { وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا } وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : { فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ , وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا , وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } , وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : { آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ } إِلَى قَوْلِهِ { وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ , وَمَنْ يُكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرَسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا } ثُمَّ أَعْلَمَنَا مَوْلَانَا الْكَرِيمُ : أَنَّ عَلَامَةَ صِحَّةِ مَنِ ادَّعَى مَحَبَّةَ اللَّهِ تَعَالَى : أَنْ يَكُونَ مُحِبًّا لِرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَّبِعًا لَهُ , وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ لَهُ الْمَحَبَّةُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : { قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ , وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ , وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ } وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ , وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } , فَجَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَحَبَّةَ رَسُولِهِ وَاتِّبَاعَهُ عَلَمًا وَدَلِيلًا لِصِحَّةِ مَحَبَّتِهِمْ لَهُ , مَعَ اتِّبَاعِهِمْ رَسُولَهُ فِيمَا جَاءَ بِهِ وَأَمَرَ بِهِ , وَنَهَى عَنْهُ ثُمَّ أَخْبَرَ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ مَنْ كَفَرَ بِرَسُولِهِ كَمَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ , وَمَنْ كَذَّبَ رَسُولَهُ فَقَدْ كَذَّبَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي قِصَّةِ الْمُنَافِقِينَ : { وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا , وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ , إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ , وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ } , وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : { وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ , وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ } إِلَى آخِرِ الْآيَةِ , ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ لَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجِهَادِ مَعَهُ , وَالصَّبْرِ مَعَهُ عَلَى كُلِّ مَكْرُوهٍ يَلْحَقُهُمْ , فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : { مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوِّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ } ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَقَامَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَامَ الْبَيَانِ عَنْهُ , فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } فَكَانَ مِمَّا بَيَّنَهُ لِأُمَّتِهِ : أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَوْجَبَ عَلَيْهِمُ الطَّهَارَةَ وَالصَّلَاةَ فِي كِتَابِهِ , وَلَمْ يُخْبِرْهُ بِأَوْقَاتِ الصَّلَاةِ , وَلَا بِعَدَدِ الرُّكُوعِ , وَلَا بِعَدَدِ السُّجُودِ , وَلَا بِمَا يَجُوزُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِيهَا وَمَا تَحْرِيمُهَا ؟ وَمَا تَحْلِيلُهَا ؟ وَلَا كَثِيرٌ مِنْ أَحْكَامِهَا , فَبَيَّنَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرَادَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ ذَلِكَ , وَكَذَلِكَ أَوْجَبَ الزَّكَاةَ فِي كِتَابِهِ , وَلَمْ يُبَيِّنْ : كَمْ فِي الْوَرِقِ ؟ وَلَا كَمْ فِي الذَّهَبِ ؟ وَلَا كَمْ فِي الْغَنَمِ ؟ وَلَا كَمْ فِي الْإِبِلِ ؟ وَلَا كَمْ فِي الْبَقَرِ ؟ وَلَا كَمْ فِي الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ ؟ فَبَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرَادَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ ذَلِكَ , وَكَذَلِكَ الصِّيَامُ بَيَّنَ مَا يَحِلُّ فِيهِ لِلصَّائِمِ , وَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ فِيهِ , وَكَذَلِكَ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْحَجَّ عَلَى عِبَادِهِ عَلَى مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا , وَلَمْ يُخْبِرْ عَزَّ وَجَلَّ كَيْفَ الْإِهْلَالُ بِالْحَجِّ ؟ وَلَا مَا يَلْزَمُ الْمُحْرِمَ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الْأَحْكَامِ ؟ فَبَيَّنَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَالًا بَعْدَ حَالٍ , وَكَذَلِكَ أَحْكَامُ الْجِهَادِ , وَكَذَلِكَ أَحْكَامُ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَكَذَلِكَ حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الرِّبَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَتَوَعَّدَهُمْ عَلَيْهِ بِعَظِيمٍ مِنَ الْعِقَابِ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ فِي الْكِتَابِ : كَيْفَ الرِّبَا ؟ فَبَيَّنَهُ لَهُمُ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَهَذَا فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَحْكَامِ , مِمَّا يَطُولُ شَرْحُهُ , لَمْ يَعْقِلْ مَا فِي الْكِتَابِ إِلَّا بِبَيَانِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , زِيَادَةً مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فِيمَا أَعْطَاهُ مِنَ الْفَضَائِلِ الَّتِي شَرَّفَهُ بِهَا , ثُمَّ فَرَضَ عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ طَاعَتَهُ , وَحَرَّمَ عَلَيْهِمْ مَعْصِيَتَهُ , وَذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ , قَرَنَ طَاعَةَ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى طَاعَتِهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَأَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ مَنْ عَصَى رَسُولِي فَقَدْ عَصَانِي , قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : { قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ , فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ } وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : { وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَتْ لِلْكَافِرِينَ , وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : { تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا , وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا , وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ } وَقَالَ تَعَالَى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ , فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا } وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ , وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ } وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ } , ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ : { مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ } قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَهَذَا فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ فِي نَيْفٍ وَثَلَاثِينَ مَوْضِعًا أَوْجَبَ طَاعَةَ رَسُولِهِ , وَقَرَنَهَا مَعَ طَاعَتِهِ عَزَّ وَجَلَّ , ثُمَّ حَذَّرَ خَلْقَهُ مُخَالَفَةَ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْ لَا يَجْعَلُوا أَمْرَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَمَرَهُمْ بشَيْءٍ , أَوْ نَهَاهُمْ عَنْ شَيْءٍ كَسَائِرِ الْخَلْقِ , وَأَعْلَمَهُمْ عَظِيمَ مَا يَلْحَقُ مَنْ خَالَفَهُ مِنَ الْفِتْنَةِ الَّتِي تَلْحَقُهُ , فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : { لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا , قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا } إِلَى آخِرِ الْآيَةِ , ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَوْجَبَ عَلَى مَنْ حَكَمَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُكْمًا أَنْ لَا يَكُونَ فِي نَفْسِهِ حَرَجٌ أَوْ ضِيقٌ لِمَا حَكَمَ عَلَيْهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , بَلْ يُسَلِّمُ لِحُكْمِهِ وَيَرْضَى , فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ : { فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ , ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ , وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } وَالْحَرَجُ هَاهُنَا : أَنْ لَا يَشُكَّ , ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَثْنَى عَلَى مَنْ رَضِيَ بِمَا حَكَمَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَحَكَمَ عَلَيْهِ وَرَضِيَ بِمَا أَعْطَاهُ مِنَ الْغَنِيمَةِ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ , وَذَمِّ مَنْ لَمْ يَرْضَ , فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : { وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ , وَقَالُوا : حَسْبُنَا اللَّهُ , سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ , إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ } ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَخْبَرَنَا عَنْ أَهْلِ النَّارِ إِذَا هُمْ دَخَلُوهَا كَيْفَ يَتَأَسَّفُونَ عَلَى تَرْكِ طَاعَتِهِمْ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ لِمَ لَمْ يُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ؟ , فَنَدِمُوا حَيْثُ لَمْ يَنْفَعْهُمُ النَّدَمُ وَأَسِفُوا حَيْثُ لَمْ يَنْفَعْهُمُ الْأَسَفُ فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ : { يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا } الْآيَةَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ : أَلَا تَرَوْنَ رَحِمَكُمُ اللَّهُ كَيْفَ شَرَّفَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُلِّ حَالٍ ؟ يَزِيدُهُ شَرَفًا إِلَى شَرَفٍ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ثُمَّ اعْلَمُوا يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ يَا مُؤْمِنِينَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَوْجَبَ عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ أَنْ يُعَظِّمُوا قَدْرَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّوْقِيرِ لَهُ وَالتَّعْظِيمِ , وَلَا يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ فَوْقَ صَوْتِهِ , وَلَا يَجْهَرُوا عَلَيْهِ فِي الْمُخَاطَبَةِ , كَجَهْرِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ , بَلْ يَخْفِضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ صَوْتِهِ , كُلُّ ذَلِكَ إِجْلَالًا لَهُ , وَأَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ مَنْ خَالَفَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مِنَ التَّعْظِيمِ لِرَسُولِي : أَنَّى أُحْبِطُ عَمَلَهُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ , وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ , وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ } , ثُمَّ وَعَدَ جَلَّ وَعَزَّ مَنْ قَبِلَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا أَمَرَهُ بِهِ فِي رَسُولِهِ : مِنْ خَفْضِ الصَّوْتِ وَالْوَقَارِ لَهُ : الْمَغْفِرَةَ مَعَ الْأَجْرِ الْعَظِيمِ , فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ : { إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ } ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ : { لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكِمْ بَعْضًا } وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ } الْآيَةَ . كُلُّ ذَلِكَ يُحَذِّرُ عِبَادَهُ مُخَالَفَةَ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَظِّمِ بِهِ قَدْرَهُ عِنْدَهُمْ , ثُمَّ أَمَرَ جَلَّ ذِكْرُهُ خَلْقَهُ إِذَا هُمْ أَرَادُوا أَنْ يُنَاجُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشَيْءٍ مِمَّا لَهُمْ فِيهِ حَظٌّ أَنْ لَا يُنَاجُوهُ حَتَّى يُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاهُمْ صَدَقَةً , فَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُنَاجِيَهُ بشَيْءٍ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ , كُلُّ ذَلِكَ تَعْظِيمٌ لِلرَّسُولِ , وَشَرَفٌ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ ضَاقَ عَلَى بَعْضِهِمُ الصَّدَقَةُ وَاحْتَاجَ إِلَى مُنَاجَاتِهِ , فَتَوَقَّفَ عَنْ مُنَاجَاتِهِ فَخَفَّفَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ رَأْفَةً مِنْهُ بِهِمْ , فَقَالَ جَلَّ وَعَزَّ فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً , ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ } هَذَا لِمَنْ قَدَرَ عَلَى الصَّدَقَةِ , ثُمَّ قَالَ تَفْضُّلًا عَلَى الْجَمِيعِ عَلَى مَنْ قَدَرَ عَلَى الصَّدَقَةِ وَعَلَى مَنْ لَمْ يَقْدِرْ , فَقَالَ جَلَّ وَعَزَّ : { أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } فَخَفَّفَ عَنْهُمُ الصَّدَقَةَ , وَأَمَرَهُمْ بإقامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالطَّاعَةِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَمَ جَمِيعَ خَلْقِهِ , وَأَعْلَمَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنَّهُ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ , وَأَنَّهُ قَدْ تَمَّتْ نِعْمَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَبِيِّهِ بِأَنْ هَدَاهُ إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ , وَأَعْلَمَهُ أَنَّهُ يَنْصُرُهُ نَصْرًا عَزِيزًا , فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ , وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا , وَيَنْصُرُكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا } ثُمَّ أَخْبَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَعَظِيمِ قَدْرِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ رَبِّهِ تَعَالَى فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ : { إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ , فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ , وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا } ثُمَّ أَخْبَرَنَا جَلَّ ذِكْرُهُ بِرِضَاهُ عَنْهُمْ , إِذْ بَايَعُوا نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَدَقُوا فِي بَيْعَتِهِ بِقُلُوبِهِمْ فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : { لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ , فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ , وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا } ثُمَّ أَمَرَ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَتَأَسَّوْا فِي أُمُورِهِمْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ , وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا } ثُمَّ أَوْجَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَنْصَحُوا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِرَسُولِهِ , ثُمَّ أَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ مَنْ نَصَحَ لِلَّهِ فَلْيَنْصَحْ لِرَسُولِهِ , وَقَرَنَهُمَا جَمِيعًا , وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا , فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : { لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } ثُمَّ أَخْبَرَنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ مَنْ خَانَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَنْ خَانَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ تَعَالَى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } ثُمَّ حَذَّرَ الْخَلْقَ عَنْ أَذَى رَسُولِهِ , لَا يُؤْذُوهُ فِي حَيَاتِهِ وَلَا بَعْدَ مَوْتِهِ , وَأَخْبَرَ أَنَّ الْمُؤْذِي لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَنْ آذَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ , وَأَخْبَرَ أَنَّ الْمُؤْذِي لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ مُسْتَحِقٌّ اللَّعْنَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ , فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : { وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ , وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا , إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا } وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : { إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ , وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا } ثُمَّ أَخْبَرَنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ مَنْ حَادَّ الرَّسُولَ بِالْعَدَاوَةِ فَقَدْ حَادَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : { لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } الْآيَةَ , وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : { أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ , فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ } ثُمَّ أَعْلَمَنَا مَوْلَانَا الْكَرِيمُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ , وَأَنَّهُ إِذَا أَمَرَ فِيهِمْ بِأَمْرٍ فَعَلَيْهِمْ قَبُولُ مَا أَمَرَ بِهِ , وَلَا اخْتِيَارَ لَهُمْ إِلَّا مَا اخْتَارَهُ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ فِي أَهْلِيهِمْ , وَفِي أَمْوَالِهِمْ , وَفَى أَوْلَادِهِمْ , فَقَالَ جَلَّ وَعَزَّ : { النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ , وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ } وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ } إِلَى آخِرِ الْآيَةِ , ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ رَفَعَ قَدْرَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَزَادَهُ شَرَفًا إِلَى شَرَفِهِ , وَفَضَّلَهُ عَلَى سَائِرِ الْخَلْقِ , بِأَنْ حَرَّمَ أَزْوَاجَهُ عَلَى جَمِيعِ الْعَالَمِينَ أَنْ يَتَزَوَّجُوهُنَّ بَعْدَ مَوْتِهِ , وَهَكَذَا إِذَا طَلَّقَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَقَدْ حَرَّمَ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَتَزَوَّجُهَا , لِأَنَّهُنَّ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ , فَقَدْ خَصَّهُ مَوْلَاهُ الْكَرِيمُ بِكُلِّ خُلُقٍ شَرِيفٍ عَظِيمٍ , ثُمَّ فَرَضَ عَلَى خَلْقِهِ أَنْ يُصَلُّوا عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَعْلَمُهُمْ أَنَّهُ يُصَلِّي عَلَيْهِ هُوَ وَمَلَائِكَتُهُ تَشْرِيفًا لَهُ فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ , يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } فَصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى أَهْلِهِ أَجْمَعِينَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ صَلَاةً لَهُ فِيهَا رِضًى , وَلَنَا بِهَا مَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ , وَرَحْمَةٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ , وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ , وَلَا حَرَمَنَا اللَّهُ النَّظَرَ إِلَيْهِ , وَحَشَرَنَا عَلَى سُنَّتِهِ وَالِاتِّبَاعِ لِمَا أَمَرَ وَالِانْتِهَاءِ عَمَّا نَهَى , وَاعْلَمُوا رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ : لَوْ أَنَّ مُصَلِّيًا صَلَّى صَلَاةً فَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا فِي تَشَهُّدِهِ الْأَخِيرِ وَجَبَ عَلَيْهِ إِعَادَةُ الصَّلَاةِ , وَاعْلَمُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ : أَنَّ جَمِيعَ مَا نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَرَامٌ عَلَى النَّاسِ مُخَالَفَتُهُ , وَالنَّهْيُ عَلَى التَّحْرِيمِ حَتَّى يَأْتِيَ عَنْهُ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ نَهَى عَنْهُ لِمَعْنًى دُونَ مَعْنَى التَّحْرِيمِ , وَإِلَّا فَنَهْيُهُ عَلَى التَّحْرِيمِ لِجَمِيعِ مَا نَهَى عَنْهُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ , وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا } قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : فَهَذَا الَّذِي حَضَرَنِي ذِكْرُهُ مِمَّا شَرَّفَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ فِي الْقُرْآنِ , قَدْ ذَكَرْتُ مِنْهُ مَا فِيهِ بَلَاغٌ لِمَنْ عَقَلَ وَأَنَا أَذْكُرُ بَعْدَ هَذِهِ مِمَّا شَرَّفَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ مِمَّا جَاءَتْ بِهِ السُّنَنُ عَنْهُ وَالْآثَارُ عَنْ صَحَابَتِهِ حَالًا بَعْدَ حَالٍ , مِمَّا يُقِرُّ اللَّهُ بِهِ عَزَّ وَجَلَّ أَعْيُنَ الْمُؤْمِنِينَ , وَيَزْدَادُونَ بِهَا إِيمَانًا إِلَى إِيمَانِهِمْ , وَمَحَبَّةً لِلرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَعْظِيمًا لَهُ , وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِذَلِكَ , وَالْمُعِينُ عَلَيْهِ
| |
بَابُ ذِكْرِ مَتَى وَجَبَتِ النُّبُوَّةُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
| |
|
بَابٌ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ
| |
بَابُ ذِكْرِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ : اعْلَمُوا رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ أَنَّ النِّكَاحَ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى أَنْوَاعٍ غَيْرِ مَحْمُودَةٍ إِلَّا نِكَاحًا وَاحِدًا نِكَاحٌ صَحِيحٌ : وَهُوَ هَذَا النِّكَاحُ الَّذِي سَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمَّتِهِ , يَخْطُبُ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ وَلِيَّتَهُ فَيُزَوِّجُهُ عَلَى الصَّدَاقِ وَبِالشُّهُودِ , فَرَفَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْرَ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَصَانَهُ عَنْ نِكَاحِ الْجَاهِلِيَّةِ , وَنَقَلَهُ فِي الْأَصْلَابِ الطَّاهِرَاتِ بِالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ , مِنْ لَدُنْ آدَمَ , بِنَقْلِهِ فِي أَصْلَابِ الْأَنْبِيَاءِ , وَأَوْلَادِ الْأَنْبِيَاءِ , حَتَّى أَخْرَجَهُ بِالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
| |
بَابٌ : ذِكْرُ مَوْلِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَضَاعِهِ وَمَنْشَئِهِ إِلَى الْوَقْتِ الَّذِي جَاءَهُ الْوَحْيُ
| |
|
بَابُ ذِكْرِ مَبْعَثِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ : اعْلَمُوا رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَزَلْ نَبِيًّا مِنْ قَبْلِ خَلْقِ آدَمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَتَقَلَّبُ فِي أَصْلَابِ الْأَنْبِيَاءِ , وَأَبْنَاءِ الْأَنْبِيَاءِ بِالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ حَتَّى أَخْرَجَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ , يَحْفَظُهُ مَوْلَاهُ الْكَرِيمُ وَيَكْلُؤُهُ وَيَحُوطُهُ إِلَى أَنْ بَلَغَ , وَبَغَّضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ أَوْثَانَ قُرَيْشٍ , وَمَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الْكُفْرِ , وَلَمْ يُعَلِّمْهُ مَوْلَاهُ الشِّعْرَ , وَلَا شَيْئًا مِنْ أَخْلَاقِ الْجَاهِلِيَّةِ بَلْ أَلْهَمَهُ مَوْلَاهُ عِبَادَتَهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ , لَيْسَ لِلشَّيْطَانِ عَلَيْهِ سَبِيلٌ , يَتَعَبَّدُ لِمَوْلَاهُ الْكَرِيمِ خَالِصًا , حَتَّى نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ , وَأُمِرَ بِالرِّسَالَةِ , وَبُعِثَ إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً , إِلَى الْإِنْسِ وَالْجِنِّ , بُعِثَ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً مِنْ مَوْلِدِهِ , أَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرًا يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , يُؤْذُونَهُ فَيَصْبِرُ , وَيَجْهَلُونَ عَلَيْهِ فَيَحْلُمُ , ثُمَّ أَذِنَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ فِي الْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ , فَهَاجَرَ إِلَيْهَا , فَأَقَامَ بِهَا عَشْرًا , وَتُوُفِّيَ بَعْدَ السِّتِّينَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
| |
بَابُ كَيْفَ نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
| |
بَابُ ذِكْرِ صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَعَتِهِ فِي الْكُتُبِ السَّالِفَةِ مِنْ قَبْلِهِ
| |
|
بَابُ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَقَدْ أُمِرُوا بِاتِّبَاعِهِ فِي كُتُبِهِمْ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ : قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ , وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ , وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ الْآيَةَ , وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ : قَدْ عَلِمَتِ الْيَهُودُ : أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيٌّ , وَأَنَّهُ مُرْسَلٌ , وَأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِمُ اتِّبَاعُهُ , وَتَرْكُ دِينِهِمْ لِدِينِهِ , وَأَوْجَبَ عَلَيْهِمْ بَيَانَ نُبُوَّتِهِ لِمَنْ لَا كِتَابَ عِنْدَهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ , وَكَانُوا قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَاتِلُونَ الْعَرَبَ , فَكَانَتِ الْعَرَبُ تَهْزِمُ الْيَهُودَ , فَقَالَتِ الْيَهُودُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : تَعَالَوْا حَتَّى نَسْتَفْتِحَ قِتَالَنَا لِلْعَرَبِ بِمُحَمَّدٍ , الَّذِي نَجِدُهُ مَكْتُوبًا عِنْدَنَا أَنَّهُ يَخْرُجُ نَبِيًّا مِنَ الْعَرَبِ , وَكَانُوا إِذَا الْتَقَوْا قَالُوا : اللَّهُمَّ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي وَعَدْتَنَا أَنَّكَ تُخْرِجُهُ إِلَّا نَصَرْتَنَا عَلَيْهِمْ , فَأَجَابَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَنَصَرَ الْيَهُودَ عَلَى الْعَرَبِ , فَلَمَّا بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَفَرُوا بِهِ حَسَدًا مِنْهُمْ لَهُ عَلَى عِلْمٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ نَبِيٌّ حَقٌّ , لَا شَكَّ فِيهِ عِنْدَهُمْ , فَلَعَنَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ , فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا , فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ
| |
بَابُ ذِكْرِ كَيْفَ كَانَ يَنْزِلُ الْوَحْيُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ وَعَلَى مُحَمَّدٍ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ
| |
بَابُ ذِكْرِ مَا خَتَمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَنْبِيَاءَ وَجَعَلَهُ خَاتَمَ النَّبِيِّينَ
| |
|
بَابُ ذِكْرِ مَا اسْتَنْقَذَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْخَلْقَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعَلَهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
| |
بَابُ مَا رُوِيَ أَنَّ نَبِيَّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرُ الْأَنْبِيَاءِ تَبَعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ
| |
بَابُ ذِكْرِ عَدَدِ أَسْمَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي خَصَّهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا
| |
|
بَابُ صِفَةِ خَلْقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْلَاقِهِ الْحَمِيدَةِ الْجَمِيلَةِ الَّتِي خَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا
| |
بَابُ ذِكْرِ مَا خَصَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّهُ أُسْرِيَ بِهِ إِلَيْهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ , رَحِمَهُ اللَّهُ : وَمِمَّا خَصَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , مِمَّا أَكْرَمَهُ بِهِ , وَعَظَّمَ شَأْنَهُ زِيَادَةً مِنْهُ لَهُ فِي الْكَرَامَاتِ أَنَّهُ أُسْرِيَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَسَدِهِ وَعَقْلِهِ حَتَّى وَصَلَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ ثُمَّ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاوَاتِ فَرَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى , رَأَى مَلَائِكَةَ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَرَأَى إِخْوَانَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ حَتَّى وَصَلَ إِلَى مَوْلَاهُ الْكَرِيمِ فَأَكْرَمَهُ بِأَعْظَمِ الْكَرَامَاتِ , وَفَرَضَ عَلَيْهِ وَعَلَى أُمَّتِهِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ وَذَلِكَ بِمَكَّةَ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ , ثُمَّ أَصْبَحَ بِمَكَّةَ سَرَّ اللَّهُ الْكَرِيمُ بِهِ أَعْيُنَ الْمُؤْمِنِينَ وَأَسْخَنَ بِهِ أَعْيُنَ الْكَافِرِينَ وَجَمِيعَ الْمُلْحِدِينَ , قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ وَقَدْ بَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ أُسْرِيَ بِهِ وَكَيْفَ رَكِبَ الْبُرَاقَ وَكَيْفَ عُرِجَ بِهِ وَنَحْنُ نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
| |
بَابُ ذِكْرِ مَا خَصَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الرُّؤْيَةِ لِرَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ
| |
|
بَابُ ذِكْرِ مَا فَضَّلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ نَبِيَّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْكَرَامَاتِ عَلَى جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ
| |
بَابُ ذِكْرِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ مِمَّا شَاهَدَهُ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا خَصَّهُ بِهَا مَوْلَاهُ الْكَرِيمُ
| |
حَدِيثُ الْحَنَّانَةِ
| |
|
بَابُ ذِكْرِ سُجُودِ الْبَهَائِمِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعْظِيمًا لَهُ وَإِكْرَامًا لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
| |
بَابُ ذِكْرِ فَضْلِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْآخِرَةِ عَلَى سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ
| |
بَابُ مَا رُوِيَ أَنَّ نَبِيَّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلُ النَّاسِ دُخُولًا الْجَنَّةَ
| |
|
بَابُ ذِكْرِ مَا أُعْطِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الشَّفَاعَةِ لِلْخَلْقِ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ خُصُوصًا لَهُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ : قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ , أَعْنِي كِتَابَ الشَّرِيعَةِ فِي بَابِ : مَنْ كَذَّبَ بِالشَّفَاعَةِ فَلَمْ أُحِبُّ إِعَادَتَهُ خَشْيَةَ أَنْ يَطُولَ بِهِ الْكِتَابُ . وَبَابُ : الْحَوْضِ الَّذِي أُعْطِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ذَكَرْتُهُ فِي بَابِ : مَنْ كَذَّبَ بِالْحَوْضِ فَلَمْ أُحِبُّ إِعَادَتَهُ وَنَذْكُرُ هَا هُنَا مَا لَمْ يَتَقَدَّمْ ذِكْرُهُ
| |
بَابُ ذِكْرِ الْكَوْثَرِ الَّذِي أُعْطِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَنَّةِ
| |
بَابُ ذِكْرِ مَا خَصَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ : اعْلَمُوا رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَعْطَى نَبِيَّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , مِنَ الشَّرَفِ الْعَظِيمِ وَالْحَظِّ الْجَزِيلِ مَا لَمْ يُعْطِهِ نَبِيًّا قَبْلَهُ مِمَّا قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ , وَأَعْطَاهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ يَزِيدُهُ شَرَفًا وَفَضْلًا , جَمَعَ اللَّهُ الْكَرِيمُ لَهَ فِيهِ كُلَّ حَظٍّ جَمِيلٍ مِنَ الشَّفَاعَةِ لِلْخَلْقِ وَالْجُلُوسِ عَلَى الْعَرْشِ , خَصَّ اللَّهُ الْكَرِيمُ بِهِ نَبِيَّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَقَرَّ لَهُ بِهِ عَيْنَهُ يَغْبِطُهُ بِهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ سَرَّ اللَّهُ الْكَرِيمُ بِهِ الْمُؤْمِنِينَ مِمَّا خَصَّ بِهِ نَبِيَّهُمْ مِنَ الْكَرَامَةِ الْعَظِيمَةِ وَالْفَضِيلَةِ الْجَمِيلَةِ تَلَقَّاهَا الْعُلَمَاءُ بِأَحْسَنِ الْقَبُولِ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى ذَلِكَ , قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا
|