هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
7445 حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْأَزْدِيُّ ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ - وَقَرَأْتُهُ عَلَيْهِ - ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُجِيرٍ ، ثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إِلَيْهِ : مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عُمَرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، سَلَامٌ عَلَيْكَ ، فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ، أَمَّا بَعْدُ : فَإِنَّ اللَّهَ ابْتَلَانِي بِمَا ابْتَلَانِي بِهِ مِنْ أَمْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ عَنْ غَيْرِ مُشَاوَرَةٍ مِنِّي فِيهَا ، وَلَا طَلِبَةٍ مِنِّي لَهَا ، إِلَّا قَضَاءَ الرَّحْمَنِ وَقَدَرِهِ ، فَأُسْأَلُ الَّذِي ابْتَلَانِي مِنَ أَمْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِمَا ابْتَلَانِي أَنْ يُعِينَنِي عَلَى مَا وَلَّانِي ، وَأَنْ يَرْزُقَنِي مِنْهُمُ السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ وَحُسْنَ مُؤَازَرَةٍ ، وَأَنْ يَرْزُقَهُمْ مِنِّي الرَّأْفَةَ وَالْمَعْدَلَةَ ، فَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِي هَذَا فَابْعَثْ إِلَيَّ بِكُتُبِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَسِيرَتِهِ وَقَضَايَاهُ فِي أَهْلِ الْقِبْلَةِ وَأَهْلِ الْعَهْدِ ، فَإِنِّي مُتَّبِعٌ أَثَرَ عُمَرَ وَسِيرَتَهُ ، إِنْ أَعَانَنِي اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ ، وَالسَّلَامُ فَكَتَبَ إِلَيْهِ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ عُمَرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، سَلَامٌ عَلَيْكَ ، فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ، أَمَّا بَعْدُ : فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الدُّنْيَا لَمَّا أَرَادَ ، وَجَعَلَ لَهَا مُدَّةً قَصِيرَةً كَأنَّ بَيْنَ أَوَّلِهَا وَآخِرِهَا سَاعَةٌ مِنْ نَهَارٍ ، ثُمَّ قَضَى عَلَيْهَا وَعَلَى أَهْلِهَا الْفِنَاءَ ، فَقَالَ : { كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } ، لَا يَقْدِرُ مِنْهَا أَهْلُهَا عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُفَارِقَهُمْ وَيُفَارِقُونَهَا ، أَنْزَلَ بِذَلِكَ كِتَابَهُ ، وَأَنْزَلَ بِذَلِكَ رُسُلَهُ ، وَقَدَّمَ فِيهِ بِالْوَعِيدِ ، وَضَرَبَ فِيهِ الْأَمْثَالَ ، وَوَصَلَ بِهِ الْقَوْلَ ، وَشَرَعَ فِيهِ دِينَهُ ، وَأَحَلَّ الْحَلَالَ ، وَحَرَّمَ الْحَرَامَ ، وَقَصَّ فَأَحْسَنَ الْقَصَصَ ، وَجَعَلَ دِينَهُ فِي الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ ، فَجَعَلَهُ دِينًا وَاحِدًا ، فَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ كُتُبِهِ ، وَلَمْ تَخْتَلِفْ رُسُلُهُ ، وَلَمْ يَشْقَ أَحَدٌ بِشَيْءٍ مِنَ أَمْرِهِ سَعِدَ بِهِ أَحَدٌ ، وَلَمْ يَسْعَدْ أَحَدٌ مِنْ أَمْرِهِ بِشَيْءٍ شَقِيَ بِهِ أَحَدٌ ، وَإِنَّكَ الْيَوْمَ يَا عُمَرُ لَمْ تَعْدُ أَنْ تَكُونَ إِنْسَانًا مِنْ بَنِي آدَمَ ، يَكْفِيكَ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالْكِسْوَةِ مَا يَكْفِي رَجُلًا مِنْهُمْ ، فَاجْعَلْ فَضْلَ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الرَّبِّ الَّذِي تُوَجِّهُ إِلَيْهِ شُكْرَ النَّعَمِ ، فَإِنَّكَ قَدْ وَلِيتَ أَمْرًا عَظِيمًا لَيْسَ يَلِيهِ عَلَيْكَ أَحَدٌ دُونَ اللَّهِ ، قَدْ أَفْضَى فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْخَلَائِقِ ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَغْنَمَ نَفْسَكَ وَأَهْلَكَ فَافْعَلْ وَإِنْ لَا تَخْسَرْ نَفْسَكَ وَأَهْلَكَ فَافْعَلْ ، وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ، فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ قَبْلَكَ رِجَالٌ عَمِلُوا بِمَا عَمِلُوا ، وَأَمَاتُوا مَا أَمَاتُوا مِنَ الْحَقِّ ، وَأَحْيَوْا مَا أَحْيَوْا مِنَ الْبَاطِلِ ، حَتَّى وُلِدَ فِيهِ رِجَالٌ وَنَشَأُوا فِيهِ ، وَظَنُّوا أَنَّهَا السُّنَّةُ ، وَلَمْ يَسُدُّوا عَلَى الْعِبَادِ بَابَ رَخَاءٍ إِلَّا فُتِحَ عَلَيْهِمْ بَابُ بَلَاءٍ ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَفْتَحَ عَلَيْهِمُ أَبْوَابَ الرَّخَاءِ فَإِنَّكَ لَا تَفْتَحُ عَلَيْهِمْ مِنْهَا بَابًا إِلَّا سُدَّ بِهِ عَنْكَ بَابُ بَلَاءٍ ، وَلَا يَمْنَعْكَ مِنْ نَزْعِ عَامِلٍ أَنْ تَقُولَ : لَا أَجِدُ مَنْ يَكْفِينِي عَمَلُهُ ، فَإِنَّكَ إِذَا كُنْتَ تُنْزِعُ لِلَّهِ ، وَتُعْمِلُ لِلَّهِ ، أَتَاحَ اللَّهُ لَكَ رِجَالًا وِكَالًا بِأَعْوَانِ اللَّهِ ، وَإِنَّمَا الْعَوْنُ مِنَ اللَّهِ عَلَى قَدْرِ النِّيَّةِ ، فَإِذَا تَمَّتْ نِيَّةُ الْعَبْدِ تَمَّ عَوْنُ اللَّهِ لَهُ ، وَمَنْ قَصُرَتْ نِيَّتُهِ قَصُرَ مِنَ اللَّهِ الْعَوْنُ لَهُ بِقَدْرِ ذَلِكَ ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَأْتِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يَتْبَعُكَ أَحَدٌ بِظُلْمٍ ، وَيَجِيءُ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ وَهُمْ غَابِطُونَ لَكَ بِقِلَّةِ أَتْبَاعِكَ ، وَأَنْتَ غَيْرُ غَابِطٍ لَهُمْ بِكَثْرَةِ أَتْبَاعِهِمْ فَافْعَلْ ، وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ، فَإِنَّهُمْ قَدْ عَايَنُوا وَعَالَجُوا نَزْعَ الْمَوْتِ الَّذِي كَانُوا مِنْهُ يَفِرُّونَ ، وَانْشَقَّتْ بُطُونُهُمُ الَّتِي كَانُوا فِيهَا لَا يَشْبَعُونَ ، وَانْفَقَأَتْ أَعْيُنُهُمُ الَّتِي كَانَتْ لَا تَنْقَضِي لَذَّاتُهَا ، وَانْدَقَّتْ رِقَابُهُمْ فِي التُّرَابِ غَيْرَ مُوَسَّدِينَ ، بَعْدَ مَا تَعْلَمُ مِنْ تَظَاهُرِ الْفُرُشِ وَالْمَرَافِقِ ، فَصَارُوا جِيَفًا تَحْتَ بُطُونِ الْأَرْضِ ، تَحْتَ آكَامِهَا ، لَوْ كَانُوا إِلَى جَنْبِ مِسْكِينٍ تَأَذَّى بِرِيحِهِمْ بَعْدَ إِنْفَاقِ مَا لَا يُحْصَى عَلَيْهِمْ مِنَ الطِّيبِ كَانَ إِسْرَافًا وَبِدَارًا عَنِ الْحَقِّ ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ، مَا أَعْظَمَ يَا عُمَرُ وَأَفْظَعَ الَّذِي سَبَقَ إِلَيْكَ مِنْ أَمْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ ، فَأَهْلَ الْعِرَاقِ فَلْيكُونُوا مِنْ صَدْرِكَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَا فَقْرَ بِكَ إِلَيْهِ ، وَلَا غِنًى بِكَ عَنْهُ ، فَإِنَّهُمْ قَدْ وَلِيَتْهُمْ عُمَّالٌ ظُلْمَةٌ ، قَسَمُوا الْمَالَ ، وَسَفَكُوا الدِّمَاءَ ، فَإِنَّهُ مَنْ تَبْعَثُ مِنْ عُمَّالِكَ كِلْهُمُ أَنْ يَأْخُذُوا بِجَبِيَّةٍ ، وَأَنْ يَعْمَلُوا بِعَصَبِيَّةٍ ، وَأَنْ يَتَجَبَّرُوا فِي عَمَلِهِمْ ، وَأَنْ يَحْتَكِرُوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ بَيْعًا ، وَأَنْ يَسْفِكُوا دَمًا حَرَامًا ، اللَّهَ اللَّهَ يَا عُمَرُ فِي ذَلِكَ ، فَإِنَّكَ تُوشِكُ إِنِ اجْتَرَأْتَ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يُؤْتَى بِكَ صَغِيرًا ذَلِيلًا ، وَإِنْ أَنْتَ اتَّقَيتَ مَا أَمَرْتُكَ بِهِ وَجَدْتَ رَاحَتَهُ عَلَى ظَهْرِكَ وَسَمْعِكَ وَبَصَرِكَ ، ثُمَّ إِنَّكَ كَتَبْتَ إِلَيَّ تَسْأَلُ أَنْ أَبْعَثَ إِلَيْكَ بِكِتَابِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَسِيرَتِهِ وَقَضَائِهِ فِي الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الْعَهْدِ ، وَأَنَّ عُمَرَ عَمِلَ فِي غَيْرِ زَمَانِكَ ، وَإِنِّي أَرْجُو إِنْ عَمِلْتَ بِمِثْلِ مَا عَمِلَ عُمَرُ أَنْ تَكُونَ عِنْدَ اللَّهِ أَفْضَلَ مَنْزِلَةً مِنْ عُمَرَ ، وَقُلْ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ : { وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ } ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ رَوَاهُ عِدَّةٌ ، مِنْهُمْ : إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ ، قَالَ : كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنِ اكْتُبْ إِلَيَّ بِبَعْضِ رَسَائِلِ عُمَرَ ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ : يَا عُمَرُ اذْكُرِ الْمُلُوكَ الَّذِينَ قَدِ انْفَقَأَتْ عُيُونُهُمْ ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ مُخْتَصَرًا حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، نا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ ، وَرَوَاهُ جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ : كَتَبَ عُمَرُ إِلَى سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ اللَّهَ ابْتَلَانِي فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَرَوَاهُ مَعْمَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّقِّيُّ ، عَنِ الْفُرَاتِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ : كَتَبَ عُمَرُ إِلَى سَالِمٍ ، فَذَكَرَهُ بِطُولِهِ كَرِاوَيَةِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ . أَخْبَرَنَاهُ الْقَاضِي أَبُوأَحْمَدَ فِي كِتَابِهِ - ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ ، ثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَرَجِ ، ثَنَا مَعْمَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، بِهِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  وقرأته عليه ثنا محمد بن عبد الرحمن بن مجير ، ثنا موسى بن عقبة ، عن سالم بن عبد الله بن عمر ، أن عمر بن عبد العزيز كتب إليه : من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى سالم بن عبد الله ، سلام عليك ، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو ، أما بعد : فإن الله ابتلاني بما ابتلاني به من أمر هذه الأمة عن غير مشاورة مني فيها ، ولا طلبة مني لها ، إلا قضاء الرحمن وقدره ، فأسأل الذي ابتلاني من أمر هذه الأمة بما ابتلاني أن يعينني على ما ولاني ، وأن يرزقني منهم السمع والطاعة وحسن مؤازرة ، وأن يرزقهم مني الرأفة والمعدلة ، فإذا أتاك كتابي هذا فابعث إلي بكتب عمر بن الخطاب وسيرته وقضاياه في أهل القبلة وأهل العهد ، فإني متبع أثر عمر وسيرته ، إن أعانني الله على ذلك ، والسلام فكتب إليه سالم بن عبد الله بسم الله الرحمن الرحيم من سالم بن عبد الله بن عمر إلى عبد الله عمر أمير المؤمنين ، سلام عليك ، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو ، أما بعد : فإن الله خلق الدنيا لما أراد ، وجعل لها مدة قصيرة كأن بين أولها وآخرها ساعة من نهار ، ثم قضى عليها وعلى أهلها الفناء ، فقال : { كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون } ، لا يقدر منها أهلها على شيء حتى تفارقهم ويفارقونها ، أنزل بذلك كتابه ، وأنزل بذلك رسله ، وقدم فيه بالوعيد ، وضرب فيه الأمثال ، ووصل به القول ، وشرع فيه دينه ، وأحل الحلال ، وحرم الحرام ، وقص فأحسن القصص ، وجعل دينه في الأولين والآخرين ، فجعله دينا واحدا ، فلم يفرق بين كتبه ، ولم تختلف رسله ، ولم يشق أحد بشيء من أمره سعد به أحد ، ولم يسعد أحد من أمره بشيء شقي به أحد ، وإنك اليوم يا عمر لم تعد أن تكون إنسانا من بني آدم ، يكفيك من الطعام والشراب والكسوة ما يكفي رجلا منهم ، فاجعل فضل ذلك فيما بينك وبين الرب الذي توجه إليه شكر النعم ، فإنك قد وليت أمرا عظيما ليس يليه عليك أحد دون الله ، قد أفضى فيما بينك وبين الخلائق ، فإن استطعت أن تغنم نفسك وأهلك فافعل وإن لا تخسر نفسك وأهلك فافعل ، ولا قوة إلا بالله ، فإنه قد كان قبلك رجال عملوا بما عملوا ، وأماتوا ما أماتوا من الحق ، وأحيوا ما أحيوا من الباطل ، حتى ولد فيه رجال ونشأوا فيه ، وظنوا أنها السنة ، ولم يسدوا على العباد باب رخاء إلا فتح عليهم باب بلاء ، فإن استطعت أن تفتح عليهم أبواب الرخاء فإنك لا تفتح عليهم منها بابا إلا سد به عنك باب بلاء ، ولا يمنعك من نزع عامل أن تقول : لا أجد من يكفيني عمله ، فإنك إذا كنت تنزع لله ، وتعمل لله ، أتاح الله لك رجالا وكالا بأعوان الله ، وإنما العون من الله على قدر النية ، فإذا تمت نية العبد تم عون الله له ، ومن قصرت نيته قصر من الله العون له بقدر ذلك ، فإن استطعت أن تأتي الله يوم القيامة ولا يتبعك أحد بظلم ، ويجيء من كان قبلك وهم غابطون لك بقلة أتباعك ، وأنت غير غابط لهم بكثرة أتباعهم فافعل ، ولا قوة إلا بالله ، فإنهم قد عاينوا وعالجوا نزع الموت الذي كانوا منه يفرون ، وانشقت بطونهم التي كانوا فيها لا يشبعون ، وانفقأت أعينهم التي كانت لا تنقضي لذاتها ، واندقت رقابهم في التراب غير موسدين ، بعد ما تعلم من تظاهر الفرش والمرافق ، فصاروا جيفا تحت بطون الأرض ، تحت آكامها ، لو كانوا إلى جنب مسكين تأذى بريحهم بعد إنفاق ما لا يحصى عليهم من الطيب كان إسرافا وبدارا عن الحق ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، ما أعظم يا عمر وأفظع الذي سبق إليك من أمر هذه الأمة ، فأهل العراق فليكونوا من صدرك بمنزلة من لا فقر بك إليه ، ولا غنى بك عنه ، فإنهم قد وليتهم عمال ظلمة ، قسموا المال ، وسفكوا الدماء ، فإنه من تبعث من عمالك كلهم أن يأخذوا بجبية ، وأن يعملوا بعصبية ، وأن يتجبروا في عملهم ، وأن يحتكروا على المسلمين بيعا ، وأن يسفكوا دما حراما ، الله الله يا عمر في ذلك ، فإنك توشك إن اجترأت على ذلك أن يؤتى بك صغيرا ذليلا ، وإن أنت اتقيت ما أمرتك به وجدت راحته على ظهرك وسمعك وبصرك ، ثم إنك كتبت إلي تسأل أن أبعث إليك بكتاب عمر بن الخطاب وسيرته وقضائه في المسلمين وأهل العهد ، وأن عمر عمل في غير زمانك ، وإني أرجو إن عملت بمثل ما عمل عمر أن تكون عند الله أفضل منزلة من عمر ، وقل كما قال العبد الصالح : { وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب } ، والسلام عليك رواه عدة ، منهم : إسحاق بن سليمان ، عن حنظلة بن أبي سفيان ، قال : كتب عمر بن عبد العزيز إلى سالم بن عبد الله أن اكتب إلي ببعض رسائل عمر ، فكتب إليه : يا عمر اذكر الملوك الذين قد انفقأت عيونهم ، فذكر نحوه مختصرا حدثناه أحمد بن جعفر ، ثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي ، ثنا إسحاق بن سليمان ، نا حنظلة بن أبي سفيان ، ورواه جعفر بن برقان قال : كتب عمر إلى سالم بن عبد الله أما بعد ، فإن الله ابتلاني فذكر نحوه ورواه معمر بن سليمان الرقي ، عن الفرات بن سليمان قال : كتب عمر إلى سالم ، فذكره بطوله كراوية موسى بن عقبة . أخبرناه القاضي أبوأحمد في كتابه ثنا محمد بن أيوب ، ثنا الحسين بن الفرج ، ثنا معمر بن سليمان ، به
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،