3301 وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ ، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيِّ ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : خُذُوا عَنِّي ، خُذُوا عَنِّي ، قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا ، الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ ، وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ ، وَالرَّجْمُ ، وحَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ |
3301 وحدثنا يحيى بن يحيى التميمي ، أخبرنا هشيم ، عن منصور ، عن الحسن ، عن حطان بن عبد الله الرقاشي ، عن عبادة بن الصامت ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خذوا عني ، خذوا عني ، قد جعل الله لهن سبيلا ، البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة ، والثيب بالثيب جلد مائة ، والرجم ، وحدثنا عمرو الناقد ، حدثنا هشيم ، أخبرنا منصور ، بهذا الإسناد مثله |
'Ubada b. as-Samit reported:
Allah's Messenger (ﷺ) as saying: Receive (teaching) from me, receive (teaching) from me. Allah has ordained a way for those (women). When an unmarried male commits adultery with an unmarried female (they should receive) one hundred lashes and banishment for one year. And in case of married male committing adultery with a married female, they shall receive one hundred lashes and be stoned to death.
شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث
[1690] .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (خُذُوا عَنِّي خُذُوا عَنِّي فَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ) أَمَّا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سبيلا فأشار إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا)فَبَيَّنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ هَذَا هُوَ ذَلِكَ السَّبِيلُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَقِيلَ هِيَ مُحْكَمَةٌ وَهَذَا الْحَدِيثُ مُفَسِّرٌ لَهَا وَقِيلَ مَنْسُوخَةٌ بِالْآيَةِ الَّتِي فِي أَوَّلِ سُورَةِ النُّورِ وَقِيلَ إِنَّ آيَةَ النُّورِ فِي الْبِكْرَيْنِ وَهَذِهِ الْآيَةُ فِي الثَّيِّبَيْنِ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى وُجُوبِ جَلْدِ الزَّانِي الْبِكْرِ مِائَةً وَرَجْمِ الْمُحْصَنِ وَهُوَ الثَّيِّبُ وَلَمْ يُخَالِفْ فِي هَذَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ إِلَّا مَا حَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ عَنِ الْخَوَارِجِ وَبَعْضِ العتزلة كَالنَّظَّامِ وَأَصْحَابِهِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا بِالرَّجْمِ وَاخْتَلَفُوا فِي جَلْدِ الثَّيِّبِ مَعَ الرَّجْمِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ يَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فَيُجْلَدُ ثُمَّ يُرْجَمُ وَبِهِ قَالَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَدَاوُدُ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ وَبَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ.
وَقَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ الْوَاجِبُ الرَّجْمُ وَحْدَهُ وَحَكَى الْقَاضِي عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا إِذَا كَانَ الزَّانِي شَيْخًا ثَيِّبًا فَإِنْ كَانَ شَابًّا ثَيِّبًا اقْتُصِرَ عَلَى الرَّجْمِ وَهَذَا مَذْهَبٌ بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْتَصَرَ عَلَى رَجْمِ الثَّيِّبِ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ مِنْهَا قِصَّةُ مَاعِزٍ وَقِصَّةُ الْمَرْأَةِ الْغَامِدِيَّةِ وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا قَالُوا وَحَدِيثُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْجَلْدِ وَالرَّجْمِ مَنْسُوخٌ فَإِنَّهُ كَانَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ.
.
وَأَمَّا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْبِكْرِ وَنَفْيُ سَنَةٍ فَفِيهِ حُجَّةٌ لِلشَّافِعِيِّ وَالْجَمَاهِيرِ أَنَّهُ يَجِبُ نَفْيُهُ سَنَةً رَجُلًا كَانَ أَوِ امْرَأَةً.
وَقَالَ الْحَسَنُ لَا يَجِبُ النَّفْيُ.
وَقَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ لَا نَفْيَ عَلَى النِّسَاءِ وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالُوا لِأَنَّهَا عَوْرَةٌ وَفِي نَفْيِهَا تَضْيِيعٌ لَهَا وَتَعْرِيضٌ لَهَا لِلْفِتْنَةِ وَلِهَذَا نُهِيَتْ عَنِ الْمُسَافَرَةِ إِلَّا مَعَ مَحْرَمٍ وَحُجَّةُ الشَّافِعِيِّ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ.
.
وَأَمَّا الْعَبْدُ وَالْأَمَةُ فَفِيهِمَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لِلشَّافِعِيِّ أَحَدُهَا يُغَرَّبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَنَةً لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَبِهَذَا قال سفيان الثوري وأبو ثور وداود وبن جَرِيرٍ وَالثَّانِي يُغَرَّبُ نِصْفَ سَنَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما على المحصنات من العذاب وَهَذَا أَصَحُّ الْأَقْوَالِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَهَذِهِ الْآيَةُ مُخَصِّصَةٌ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ جَوَازُ تَخْصِيصِ السُّنَّةِ بِالْكِتَابِ لِأَنَّهُ إِذَا جَازَ تَخْصِيصُ الْكِتَابِ بِالْكِتَابِ فَتَخْصِيصُ السُّنَّةِ بِهِ أَوْلَى وَالثَّالِثُ لَا يُغَرَّبُ الْمَمْلُوكُ أَصْلًا وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَحَمَّادٌ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ فَلْيَجْلِدْهَا وَلَمْ يَذْكُرِ النَّفْيَ وَلِأَنَّ نَفْيَهُ يَضُرُّ سَيِّدَهُ مَعَ أَنَّهُ لَا جِنَايَةَ مِنْ سَيِّدِهِ وَأَجَابَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ عَنْ حَدِيثِ الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِلنَّفْيِ وَالْآيَةُ ظَاهِرَةٌ فِي وُجُوبِ النَّفْيِ فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِهَا وَحَمْلُ الْحَدِيثِ عَلَى مُوَافَقَتِهَاوَاللَّهُ أَعْلَمُ.
.
وَأَمَّا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ) فَلَيْسَ هُوَ عَلَى سَبِيلِ الِاشْتِرَاطِ بَلْ حَدُّ الْبِكْرِ الْجَلْدُ وَالتَّغْرِيبُ سَوَاءٌ زَنَى بِبِكْرٍ أَمْ بِثَيِّبٍ وَحَدُّ الثَّيِّبِ الرَّجْمُ سَوَاءٌ زَنَى بِثَيِّبٍ أَمْ بِبِكْرٍ فَهُوَ شَبِيهٌ بِالتَّقْيِيدِ الَّذِي يَخْرُجُ عَلَى الْغَالِبِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبِكْرِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ مَنْ لَمْ يُجَامِعْ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ وَهُوَ حُرٌّ بَالِغٌ عَاقِلٌ سَوَاءٌ كَانَ جَامَعَ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ غَيْرِهِمَا أَمْ لَا وَالْمُرَادُ بِالثَّيِّبِ مَنْ جَامَعَ فِي دَهْرِهِ مَرَّةً مِنْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ وَهُوَ بَالِغٌ عَاقِلٌ حُرٌّ وَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ فِي هَذَا سَوَاءٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَسَوَاءٌ فِي كُلِّ هَذَا الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ وَالرَّشِيدُ وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ بِهَذَا الْإِسْنَادِ) فِي هَذَا الْكَلَامِ فَائِدَتَانِ إِحْدَاهُمَا بَيَانُ أَنَّ الْحَدِيثَ رُوِيَ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ فَيَزْدَادُ قُوَّةً وَالثَّانِيَةُ أَنَّ هُشَيْمًا مُدَلِّسٌ وَقَدْ قَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى وَعَنْ مَنْصُورٍ وَبَيَّنَ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ مَنْصُورٍ وَقَدْ سَبَقَ التَّنْبِيهُ عَلَى مِثْلِ هَذَا مَرَّاتٍ .
قَوْلُهُ (كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ كُرِبَ لِذَلِكَ وَتَرَبَّدَ وَجْهُهُ) هُوَ بِضَمِّ الْكَافِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَتَرَبَّدَ وَجْهُهُ) أَيْ عَلَتْهُ غَبَرَةٌ وَالرَّبْدُ تَغَيُّرُ الْبَيَاضِ إِلَى السَّوَادِ وَإِنَّمَا حَصَلَ لَهُ ذَلِكَ لِعِظَمِ مَوْقِعِ الْوَحْيِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثقيلا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ثُمَّ رُجِمَ بالحجارة) التقيد بِالْحِجَارَةِ لِلِاسْتِحْبَابِ وَلَوْ رُجِمَ بِغَيْرِهَا جَازَفَبَيَّنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ هَذَا هُوَ ذَلِكَ السَّبِيلُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَقِيلَ هِيَ مُحْكَمَةٌ وَهَذَا الْحَدِيثُ مُفَسِّرٌ لَهَا وَقِيلَ مَنْسُوخَةٌ بِالْآيَةِ الَّتِي فِي أَوَّلِ سُورَةِ النُّورِ وَقِيلَ إِنَّ آيَةَ النُّورِ فِي الْبِكْرَيْنِ وَهَذِهِ الْآيَةُ فِي الثَّيِّبَيْنِ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى وُجُوبِ جَلْدِ الزَّانِي الْبِكْرِ مِائَةً وَرَجْمِ الْمُحْصَنِ وَهُوَ الثَّيِّبُ وَلَمْ يُخَالِفْ فِي هَذَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ إِلَّا مَا حَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ عَنِ الْخَوَارِجِ وَبَعْضِ العتزلة كَالنَّظَّامِ وَأَصْحَابِهِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا بِالرَّجْمِ وَاخْتَلَفُوا فِي جَلْدِ الثَّيِّبِ مَعَ الرَّجْمِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ يَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فَيُجْلَدُ ثُمَّ يُرْجَمُ وَبِهِ قَالَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَدَاوُدُ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ وَبَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ.
وَقَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ الْوَاجِبُ الرَّجْمُ وَحْدَهُ وَحَكَى الْقَاضِي عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا إِذَا كَانَ الزَّانِي شَيْخًا ثَيِّبًا فَإِنْ كَانَ شَابًّا ثَيِّبًا اقْتُصِرَ عَلَى الرَّجْمِ وَهَذَا مَذْهَبٌ بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْتَصَرَ عَلَى رَجْمِ الثَّيِّبِ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ مِنْهَا قِصَّةُ مَاعِزٍ وَقِصَّةُ الْمَرْأَةِ الْغَامِدِيَّةِ وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا قَالُوا وَحَدِيثُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْجَلْدِ وَالرَّجْمِ مَنْسُوخٌ فَإِنَّهُ كَانَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ.
.
وَأَمَّا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْبِكْرِ وَنَفْيُ سَنَةٍ فَفِيهِ حُجَّةٌ لِلشَّافِعِيِّ وَالْجَمَاهِيرِ أَنَّهُ يَجِبُ نَفْيُهُ سَنَةً رَجُلًا كَانَ أَوِ امْرَأَةً.
وَقَالَ الْحَسَنُ لَا يَجِبُ النَّفْيُ.
وَقَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ لَا نَفْيَ عَلَى النِّسَاءِ وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالُوا لِأَنَّهَا عَوْرَةٌ وَفِي نَفْيِهَا تَضْيِيعٌ لَهَا وَتَعْرِيضٌ لَهَا لِلْفِتْنَةِ وَلِهَذَا نُهِيَتْ عَنِ الْمُسَافَرَةِ إِلَّا مَعَ مَحْرَمٍ وَحُجَّةُ الشَّافِعِيِّ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ.
.
وَأَمَّا الْعَبْدُ وَالْأَمَةُ فَفِيهِمَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لِلشَّافِعِيِّ أَحَدُهَا يُغَرَّبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَنَةً لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَبِهَذَا قال سفيان الثوري وأبو ثور وداود وبن جَرِيرٍ وَالثَّانِي يُغَرَّبُ نِصْفَ سَنَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما على المحصنات من العذاب وَهَذَا أَصَحُّ الْأَقْوَالِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَهَذِهِ الْآيَةُ مُخَصِّصَةٌ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ جَوَازُ تَخْصِيصِ السُّنَّةِ بِالْكِتَابِ لِأَنَّهُ إِذَا جَازَ تَخْصِيصُ الْكِتَابِ بِالْكِتَابِ فَتَخْصِيصُ السُّنَّةِ بِهِ أَوْلَى وَالثَّالِثُ لَا يُغَرَّبُ الْمَمْلُوكُ أَصْلًا وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَحَمَّادٌ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ فَلْيَجْلِدْهَا وَلَمْ يَذْكُرِ النَّفْيَ وَلِأَنَّ نَفْيَهُ يَضُرُّ سَيِّدَهُ مَعَ أَنَّهُ لَا جِنَايَةَ مِنْ سَيِّدِهِ وَأَجَابَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ عَنْ حَدِيثِ الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِلنَّفْيِ وَالْآيَةُ ظَاهِرَةٌ فِي وُجُوبِ النَّفْيِ فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِهَا وَحَمْلُ الْحَدِيثِ عَلَى مُوَافَقَتِهَاوَاللَّهُ أَعْلَمُ.
.
وَأَمَّا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ) فَلَيْسَ هُوَ عَلَى سَبِيلِ الِاشْتِرَاطِ بَلْ حَدُّ الْبِكْرِ الْجَلْدُ وَالتَّغْرِيبُ سَوَاءٌ زَنَى بِبِكْرٍ أَمْ بِثَيِّبٍ وَحَدُّ الثَّيِّبِ الرَّجْمُ سَوَاءٌ زَنَى بِثَيِّبٍ أَمْ بِبِكْرٍ فَهُوَ شَبِيهٌ بِالتَّقْيِيدِ الَّذِي يَخْرُجُ عَلَى الْغَالِبِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبِكْرِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ مَنْ لَمْ يُجَامِعْ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ وَهُوَ حُرٌّ بَالِغٌ عَاقِلٌ سَوَاءٌ كَانَ جَامَعَ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ غَيْرِهِمَا أَمْ لَا وَالْمُرَادُ بِالثَّيِّبِ مَنْ جَامَعَ فِي دَهْرِهِ مَرَّةً مِنْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ وَهُوَ بَالِغٌ عَاقِلٌ حُرٌّ وَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ فِي هَذَا سَوَاءٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَسَوَاءٌ فِي كُلِّ هَذَا الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ وَالرَّشِيدُ وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ بِهَذَا الْإِسْنَادِ) فِي هَذَا الْكَلَامِ فَائِدَتَانِ إِحْدَاهُمَا بَيَانُ أَنَّ الْحَدِيثَ رُوِيَ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ فَيَزْدَادُ قُوَّةً وَالثَّانِيَةُ أَنَّ هُشَيْمًا مُدَلِّسٌ وَقَدْ قَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى وَعَنْ مَنْصُورٍ وَبَيَّنَ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ مَنْصُورٍ وَقَدْ سَبَقَ التَّنْبِيهُ عَلَى مِثْلِ هَذَا مَرَّاتٍ .
قَوْلُهُ (كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ كُرِبَ لِذَلِكَ وَتَرَبَّدَ وَجْهُهُ) هُوَ بِضَمِّ الْكَافِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَتَرَبَّدَ وَجْهُهُ) أَيْ عَلَتْهُ غَبَرَةٌ وَالرَّبْدُ تَغَيُّرُ الْبَيَاضِ إِلَى السَّوَادِ وَإِنَّمَا حَصَلَ لَهُ ذَلِكَ لِعِظَمِ مَوْقِعِ الْوَحْيِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثقيلا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ثُمَّ رُجِمَ بالحجارة) التقيد بِالْحِجَارَةِ لِلِاسْتِحْبَابِ وَلَوْ رُجِمَ بِغَيْرِهَا جَازَفَبَيَّنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ هَذَا هُوَ ذَلِكَ السَّبِيلُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَقِيلَ هِيَ مُحْكَمَةٌ وَهَذَا الْحَدِيثُ مُفَسِّرٌ لَهَا وَقِيلَ مَنْسُوخَةٌ بِالْآيَةِ الَّتِي فِي أَوَّلِ سُورَةِ النُّورِ وَقِيلَ إِنَّ آيَةَ النُّورِ فِي الْبِكْرَيْنِ وَهَذِهِ الْآيَةُ فِي الثَّيِّبَيْنِ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى وُجُوبِ جَلْدِ الزَّانِي الْبِكْرِ مِائَةً وَرَجْمِ الْمُحْصَنِ وَهُوَ الثَّيِّبُ وَلَمْ يُخَالِفْ فِي هَذَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ إِلَّا مَا حَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ عَنِ الْخَوَارِجِ وَبَعْضِ العتزلة كَالنَّظَّامِ وَأَصْحَابِهِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا بِالرَّجْمِ وَاخْتَلَفُوا فِي جَلْدِ الثَّيِّبِ مَعَ الرَّجْمِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ يَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فَيُجْلَدُ ثُمَّ يُرْجَمُ وَبِهِ قَالَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَدَاوُدُ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ وَبَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ.
وَقَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ الْوَاجِبُ الرَّجْمُ وَحْدَهُ وَحَكَى الْقَاضِي عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا إِذَا كَانَ الزَّانِي شَيْخًا ثَيِّبًا فَإِنْ كَانَ شَابًّا ثَيِّبًا اقْتُصِرَ عَلَى الرَّجْمِ وَهَذَا مَذْهَبٌ بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْتَصَرَ عَلَى رَجْمِ الثَّيِّبِ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ مِنْهَا قِصَّةُ مَاعِزٍ وَقِصَّةُ الْمَرْأَةِ الْغَامِدِيَّةِ وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا قَالُوا وَحَدِيثُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْجَلْدِ وَالرَّجْمِ مَنْسُوخٌ فَإِنَّهُ كَانَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ.
.
وَأَمَّا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْبِكْرِ وَنَفْيُ سَنَةٍ فَفِيهِ حُجَّةٌ لِلشَّافِعِيِّ وَالْجَمَاهِيرِ أَنَّهُ يَجِبُ نَفْيُهُ سَنَةً رَجُلًا كَانَ أَوِ امْرَأَةً.
وَقَالَ الْحَسَنُ لَا يَجِبُ النَّفْيُ.
وَقَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ لَا نَفْيَ عَلَى النِّسَاءِ وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالُوا لِأَنَّهَا عَوْرَةٌ وَفِي نَفْيِهَا تَضْيِيعٌ لَهَا وَتَعْرِيضٌ لَهَا لِلْفِتْنَةِ وَلِهَذَا نُهِيَتْ عَنِ الْمُسَافَرَةِ إِلَّا مَعَ مَحْرَمٍ وَحُجَّةُ الشَّافِعِيِّ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ.
.
وَأَمَّا الْعَبْدُ وَالْأَمَةُ فَفِيهِمَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لِلشَّافِعِيِّ أَحَدُهَا يُغَرَّبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَنَةً لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَبِهَذَا قال سفيان الثوري وأبو ثور وداود وبن جَرِيرٍ وَالثَّانِي يُغَرَّبُ نِصْفَ سَنَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما على المحصنات من العذاب وَهَذَا أَصَحُّ الْأَقْوَالِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَهَذِهِ الْآيَةُ مُخَصِّصَةٌ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ جَوَازُ تَخْصِيصِ السُّنَّةِ بِالْكِتَابِ لِأَنَّهُ إِذَا جَازَ تَخْصِيصُ الْكِتَابِ بِالْكِتَابِ فَتَخْصِيصُ السُّنَّةِ بِهِ أَوْلَى وَالثَّالِثُ لَا يُغَرَّبُ الْمَمْلُوكُ أَصْلًا وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَحَمَّادٌ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ فَلْيَجْلِدْهَا وَلَمْ يَذْكُرِ النَّفْيَ وَلِأَنَّ نَفْيَهُ يَضُرُّ سَيِّدَهُ مَعَ أَنَّهُ لَا جِنَايَةَ مِنْ سَيِّدِهِ وَأَجَابَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ عَنْ حَدِيثِ الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِلنَّفْيِ وَالْآيَةُ ظَاهِرَةٌ فِي وُجُوبِ النَّفْيِ فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِهَا وَحَمْلُ الْحَدِيثِ عَلَى مُوَافَقَتِهَاوَاللَّهُ أَعْلَمُ.
.
وَأَمَّا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ) فَلَيْسَ هُوَ عَلَى سَبِيلِ الِاشْتِرَاطِ بَلْ حَدُّ الْبِكْرِ الْجَلْدُ وَالتَّغْرِيبُ سَوَاءٌ زَنَى بِبِكْرٍ أَمْ بِثَيِّبٍ وَحَدُّ الثَّيِّبِ الرَّجْمُ سَوَاءٌ زَنَى بِثَيِّبٍ أَمْ بِبِكْرٍ فَهُوَ شَبِيهٌ بِالتَّقْيِيدِ الَّذِي يَخْرُجُ عَلَى الْغَالِبِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبِكْرِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ مَنْ لَمْ يُجَامِعْ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ وَهُوَ حُرٌّ بَالِغٌ عَاقِلٌ سَوَاءٌ كَانَ جَامَعَ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ غَيْرِهِمَا أَمْ لَا وَالْمُرَادُ بِالثَّيِّبِ مَنْ جَامَعَ فِي دَهْرِهِ مَرَّةً مِنْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ وَهُوَ بَالِغٌ عَاقِلٌ حُرٌّ وَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ فِي هَذَا سَوَاءٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَسَوَاءٌ فِي كُلِّ هَذَا الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ وَالرَّشِيدُ وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ بِهَذَا الْإِسْنَادِ) فِي هَذَا الْكَلَامِ فَائِدَتَانِ إِحْدَاهُمَا بَيَانُ أَنَّ الْحَدِيثَ رُوِيَ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ فَيَزْدَادُ قُوَّةً وَالثَّانِيَةُ أَنَّ هُشَيْمًا مُدَلِّسٌ وَقَدْ قَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى وَعَنْ مَنْصُورٍ وَبَيَّنَ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ مَنْصُورٍ وَقَدْ سَبَقَ التَّنْبِيهُ عَلَى مِثْلِ هَذَا مَرَّاتٍ .
قَوْلُهُ (كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ كُرِبَ لِذَلِكَ وَتَرَبَّدَ وَجْهُهُ) هُوَ بِضَمِّ الْكَافِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَتَرَبَّدَ وَجْهُهُ) أَيْ عَلَتْهُ غَبَرَةٌ وَالرَّبْدُ تَغَيُّرُ الْبَيَاضِ إِلَى السَّوَادِ وَإِنَّمَا حَصَلَ لَهُ ذَلِكَ لِعِظَمِ مَوْقِعِ الْوَحْيِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثقيلا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ثُمَّ رُجِمَ بالحجارة) التقيد بِالْحِجَارَةِ لِلِاسْتِحْبَابِ وَلَوْ رُجِمَ بِغَيْرِهَا جَازَفَبَيَّنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ هَذَا هُوَ ذَلِكَ السَّبِيلُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَقِيلَ هِيَ مُحْكَمَةٌ وَهَذَا الْحَدِيثُ مُفَسِّرٌ لَهَا وَقِيلَ مَنْسُوخَةٌ بِالْآيَةِ الَّتِي فِي أَوَّلِ سُورَةِ النُّورِ وَقِيلَ إِنَّ آيَةَ النُّورِ فِي الْبِكْرَيْنِ وَهَذِهِ الْآيَةُ فِي الثَّيِّبَيْنِ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى وُجُوبِ جَلْدِ الزَّانِي الْبِكْرِ مِائَةً وَرَجْمِ الْمُحْصَنِ وَهُوَ الثَّيِّبُ وَلَمْ يُخَالِفْ فِي هَذَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ إِلَّا مَا حَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ عَنِ الْخَوَارِجِ وَبَعْضِ العتزلة كَالنَّظَّامِ وَأَصْحَابِهِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا بِالرَّجْمِ وَاخْتَلَفُوا فِي جَلْدِ الثَّيِّبِ مَعَ الرَّجْمِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ يَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فَيُجْلَدُ ثُمَّ يُرْجَمُ وَبِهِ قَالَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَدَاوُدُ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ وَبَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ.
وَقَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ الْوَاجِبُ الرَّجْمُ وَحْدَهُ وَحَكَى الْقَاضِي عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا إِذَا كَانَ الزَّانِي شَيْخًا ثَيِّبًا فَإِنْ كَانَ شَابًّا ثَيِّبًا اقْتُصِرَ عَلَى الرَّجْمِ وَهَذَا مَذْهَبٌ بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْتَصَرَ عَلَى رَجْمِ الثَّيِّبِ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ مِنْهَا قِصَّةُ مَاعِزٍ وَقِصَّةُ الْمَرْأَةِ الْغَامِدِيَّةِ وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا قَالُوا وَحَدِيثُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْجَلْدِ وَالرَّجْمِ مَنْسُوخٌ فَإِنَّهُ كَانَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ.
.
وَأَمَّا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْبِكْرِ وَنَفْيُ سَنَةٍ فَفِيهِ حُجَّةٌ لِلشَّافِعِيِّ وَالْجَمَاهِيرِ أَنَّهُ يَجِبُ نَفْيُهُ سَنَةً رَجُلًا كَانَ أَوِ امْرَأَةً.
وَقَالَ الْحَسَنُ لَا يَجِبُ النَّفْيُ.
وَقَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ لَا نَفْيَ عَلَى النِّسَاءِ وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالُوا لِأَنَّهَا عَوْرَةٌ وَفِي نَفْيِهَا تَضْيِيعٌ لَهَا وَتَعْرِيضٌ لَهَا لِلْفِتْنَةِ وَلِهَذَا نُهِيَتْ عَنِ الْمُسَافَرَةِ إِلَّا مَعَ مَحْرَمٍ وَحُجَّةُ الشَّافِعِيِّ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ.
.
وَأَمَّا الْعَبْدُ وَالْأَمَةُ فَفِيهِمَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لِلشَّافِعِيِّ أَحَدُهَا يُغَرَّبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَنَةً لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَبِهَذَا قال سفيان الثوري وأبو ثور وداود وبن جَرِيرٍ وَالثَّانِي يُغَرَّبُ نِصْفَ سَنَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما على المحصنات من العذاب وَهَذَا أَصَحُّ الْأَقْوَالِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَهَذِهِ الْآيَةُ مُخَصِّصَةٌ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ جَوَازُ تَخْصِيصِ السُّنَّةِ بِالْكِتَابِ لِأَنَّهُ إِذَا جَازَ تَخْصِيصُ الْكِتَابِ بِالْكِتَابِ فَتَخْصِيصُ السُّنَّةِ بِهِ أَوْلَى وَالثَّالِثُ لَا يُغَرَّبُ الْمَمْلُوكُ أَصْلًا وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَحَمَّادٌ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ فَلْيَجْلِدْهَا وَلَمْ يَذْكُرِ النَّفْيَ وَلِأَنَّ نَفْيَهُ يَضُرُّ سَيِّدَهُ مَعَ أَنَّهُ لَا جِنَايَةَ مِنْ سَيِّدِهِ وَأَجَابَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ عَنْ حَدِيثِ الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِلنَّفْيِ وَالْآيَةُ ظَاهِرَةٌ فِي وُجُوبِ النَّفْيِ فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِهَا وَحَمْلُ الْحَدِيثِ عَلَى مُوَافَقَتِهَاوَاللَّهُ أَعْلَمُ.
.
وَأَمَّا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ) فَلَيْسَ هُوَ عَلَى سَبِيلِ الِاشْتِرَاطِ بَلْ حَدُّ الْبِكْرِ الْجَلْدُ وَالتَّغْرِيبُ سَوَاءٌ زَنَى بِبِكْرٍ أَمْ بِثَيِّبٍ وَحَدُّ الثَّيِّبِ الرَّجْمُ سَوَاءٌ زَنَى بِثَيِّبٍ أَمْ بِبِكْرٍ فَهُوَ شَبِيهٌ بِالتَّقْيِيدِ الَّذِي يَخْرُجُ عَلَى الْغَالِبِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبِكْرِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ مَنْ لَمْ يُجَامِعْ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ وَهُوَ حُرٌّ بَالِغٌ عَاقِلٌ سَوَاءٌ كَانَ جَامَعَ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ غَيْرِهِمَا أَمْ لَا وَالْمُرَادُ بِالثَّيِّبِ مَنْ جَامَعَ فِي دَهْرِهِ مَرَّةً مِنْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ وَهُوَ بَالِغٌ عَاقِلٌ حُرٌّ وَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ فِي هَذَا سَوَاءٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَسَوَاءٌ فِي كُلِّ هَذَا الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ وَالرَّشِيدُ وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ بِهَذَا الْإِسْنَادِ) فِي هَذَا الْكَلَامِ فَائِدَتَانِ إِحْدَاهُمَا بَيَانُ أَنَّ الْحَدِيثَ رُوِيَ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ فَيَزْدَادُ قُوَّةً وَالثَّانِيَةُ أَنَّ هُشَيْمًا مُدَلِّسٌ وَقَدْ قَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى وَعَنْ مَنْصُورٍ وَبَيَّنَ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ مَنْصُورٍ وَقَدْ سَبَقَ التَّنْبِيهُ عَلَى مِثْلِ هَذَا مَرَّاتٍ .
قَوْلُهُ (كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ كُرِبَ لِذَلِكَ وَتَرَبَّدَ وَجْهُهُ) هُوَ بِضَمِّ الْكَافِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَتَرَبَّدَ وَجْهُهُ) أَيْ عَلَتْهُ غَبَرَةٌ وَالرَّبْدُ تَغَيُّرُ الْبَيَاضِ إِلَى السَّوَادِ وَإِنَّمَا حَصَلَ لَهُ ذَلِكَ لِعِظَمِ مَوْقِعِ الْوَحْيِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثقيلا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ثُمَّ رُجِمَ بالحجارة) التقيد بِالْحِجَارَةِ لِلِاسْتِحْبَابِ وَلَوْ رُجِمَ بِغَيْرِهَا جَازَوهو شبيه بالتقييد بها في الاستنجاء
[1690] فقد جعل الله لَهُنَّ سَبِيلا إِشَارَة إِلَى قَوْله تَعَالَى فأمسكوهن فِي الْبيُوت حَتَّى يتوفاهن الْمَوْت أَو يَجْعَل الله لَهُنَّ سَبِيلا النِّسَاء15 فَبين صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن هَذَا هُوَ ذَاك السَّبِيل الْبكر بالبكر لَيْسَ هَذَا على سَبِيل الِاشْتِرَاط لِأَن الْبكر يجلد ويغرب سَوَاء زنا ببكر أَو ثيب وحد الثّيّب الرَّجْم سَوَاء زنا بثيب أَو بكر فَهُوَ شَبيه بالتقييد الَّذِي يخرج على الْغَالِب كرب بِضَم الْكَاف وَكسر الرَّاء وَتَربد لَهُ وَجهه أَي علته ربدة وَهُوَ تغير الْبيَاض إِلَى السوَاد وَذَلِكَ لعظم موقع الْوَحْي قَالَ تَعَالَى إِنَّا سنلقي عَلَيْك قولا ثقيلا المزمل5 ثمَّ رجم بِالْحِجَارَةِ قَالَ النَّوَوِيّ التَّقْيِيد بِالْحِجَارَةِ للاستحباب وَلَو رجم بغَيْرهَا جَازَ وَهُوَ شَبيه بالتقييد بهَا فِي الِاسْتِنْجَاء
[ سـ
:3301 ... بـ
:1690]
وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيِّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذُوا عَنِّي خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : خُذُوا عَنِّي خُذُوا عَنِّي فَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا ، الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ أَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا ) فَإِشَارةٌ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى : فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا فَبَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ هَذَا هُوَ ذَلِكَ السَّبِيلُ .
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَقِيلَ : هِيَ مُحْكَمَةٌ ، وَهَذَا الْحَدِيثُ مُفَسِّرٌ لَهَا ، وَقِيلَ : مَنْسُوخَةٌ بِالْآيَةِ الَّتِي فِي أَوَّلِ سُورَةِ النُّورِ ، وَقِيلَ : إِنَّ آيَةَ النُّورِ فِي الْبِكْرَيْنِ ، وَهَذِهِ الْآيَةُ فِي الثَّيِّبَيْنِ ، وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى وُجُوبِ جَلْدِ الزَّانِي الْبِكْرِ مِائَةً ، وَرَجْمِ الْمُحْصَنِ وَهُوَ الثَّيِّبُ ، وَلَمْ يُخَالِفْ فِي هَذَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ ، إِلَّا مَا حَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ عَنِ الْخَوَارِجِ وَبَعْضِ الْمُعْتَزِلَةِ ، كَالنَّظَّامِ وَأَصْحَابِهِ ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا بِالرَّجْمِ .
وَاخْتَلَفُوا فِي جَلْدِ الثَّيِّبِ مَعَ الرَّجْمِ ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ : يَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا ، فَيُجْلَدُ ثُمَّ يُرْجَمُ ، وَبِهِ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَدَاوُدُ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ وَبَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ ، .
وَقَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ : الْوَاجِبُ الرَّجْمُ وَحْدَهُ ، وَحَكَى الْقَاضِي عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا ، إِذَا كَانَ الزَّانِي شَيْخًا ثَيِّبًا ، فَإِنْ كَانَ شَابًّا ثَيِّبًا اقْتُصِرَ عَلَى الرَّجْمِ ، وَهَذَا مَذْهَبٌ بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ ، وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْتَصَرَ عَلَى رَجْمِ الثَّيِّبِ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ مِنْهَا قِصَّةُ ( مَاعِزٍ ) وَقِصَّةُ ( الْمَرْأَةِ الْغَامِدِيَّةِ ) وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا قَالُوا : وَحَدِيثُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْجَلْدِ وَالرَّجْمِ مَنْسُوخٌ ، فَإِنَّهُ كَانَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْبِكْرِ ( وَنَفْيُ سَنَةٍ ) فَفِيهِ حُجَّةٌ لِلشَّافِعِيِّ وَالْجَمَاهِيرِ أَنَّهُ يَجِبُ نَفْيُهُ سَنَةً رَجُلًا كَانَ أَوِ امْرَأَةً ،.
وَقَالَ الْحَسَنُ : لَا يَجِبُ النَّفْيُ.
وَقَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ : لَا نَفْيَ عَلَى النِّسَاءِ ، وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَالُوا : لِأَنَّهَا عَوْرَةٌ ، وَفِي نَفْيِهَا تَضْيِيعٌ لَهَا وَتَعْرِيضٌ لَهَا لِلْفِتْنَةِ ، وَلِهَذَا نُهِيَتْ عَنِ الْمُسَافَرَةِ إِلَّا مَعَ مَحْرَمٍ .
وَحُجَّةُ الشَّافِعِيِّ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ .
وَأَمَّا الْعَبْدُ وَالْأَمَةُ فَفِيهِمَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لِلشَّافِعِيِّ : أَحَدُهَا : يُغَرَّبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَنَةً لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ ، وَبِهَذَا قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ وَابْنُ جَرِيرٍ .
وَالثَّانِي : يُغَرَّبُ نِصْفَ سَنَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ وَهَذَا أَصَحُّ الْأَقْوَالِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا ، وَهَذِهِ الْآيَةُ مُخَصِّصَةٌ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ ، وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ جَوَازُ تَخْصِيصِ السُّنَّةِ بِالْكِتَابِ ; لِأَنَّهُ إِذَا جَازَ تَخْصِيصُ الْكِتَابِ بِالْكِتَابِ فَتَخْصِيصُ السُّنَّةِ بِهِ أَوْلَى .
وَالثَّالِثُ : لَا يُغَرَّبُ الْمَمْلُوكُ أَصْلًا ، وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَحَمَّادٌ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ ; لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ : " فَلْيَجْلِدْهَا " وَلَمْ يَذْكُرِ النَّفْيَ ، وَلِأَنَّ نَفْيَهُ يَضُرُّ سَيِّدَهُ ، مَعَ أَنَّهُ لَا جِنَايَةَ مِنْ سَيِّدِهِ ، وَأَجَابَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ عَنْ حَدِيثِ الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِلنَّفْيِ ، وَالْآيَةُ ظَاهِرَةٌ فِي وُجُوبِ النَّفْيِ ، فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِهَا ، وَحَمْلُ الْحَدِيثِ عَلَى مُوَافَقَتِهَا .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ ) فَلَيْسَ هُوَ عَلَى سَبِيلِ الِاشْتِرَاطِ ، بَلْ حَدُّ الْبِكْرِ الْجَلْدُ وَالتَّغْرِيبُ ، سَوَاءٌ زَنَى بِبِكْرٍ أَمْ بِثَيِّبٍ ، وَحَدُّ الثَّيِّبِ الرَّجْمُ ، سَوَاءٌ زَنَى بِثَيِّبٍ أَمْ بِبِكْرٍ ، فَهُوَ شَبِيهٌ بِالتَّقْيِيدِ الَّذِي يَخْرُجُ عَلَى الْغَالِبِ .
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبِكْرِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ مَنْ لَمْ يُجَامِعْ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ .
وَهُوَ حُرٌّ بَالِغٌ عَاقِلٌ ، سَوَاءٌ كَانَ جَامَعَ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ غَيْرِهِمَا أَمْ لَا ، وَالْمُرَادُ بِالثَّيِّبِ مَنْ جَامَعَ فِي دَهْرِهِ مَرَّةً مِنْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ ، وَهُوَ بَالِغٌ عَاقِلٌ حُرٌّ ، وَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ فِي هَذَا سَوَاءٌ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَسَوَاءٌ فِي كُلِّ هَذَا الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ وَالرَّشِيدُ وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ بِهَذَا الْإِسْنَادِ ) فِي هَذَا الْكَلَامِ فَائِدَتَانِ : إِحْدَاهُمَا : بَيَانُ أَنَّ الْحَدِيثَ رُوِيَ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ فَيَزْدَادُ قُوَّةً .
وَالثَّانِيَةُ : أَنَّ هُشَيْمًا مُدَلِّسٌ ، وَقَدْ قَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى : وَعَنْ مَنْصُورٍ وَبَيَّنَ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ مَنْصُورٍ ، وَقَدْ سَبَقَ التَّنْبِيهُ عَلَى مِثْلِ هَذَا مَرَّاتٍ .