هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
5361 حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ جَابِرٍ الطَّائِيُّ ، قَاضِي حِمْصَ ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرٍ ، عَنْ أَبِيهِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ الْحَضْرَمِيِّ ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّوَّاسَ بْنَ سَمْعَانَ الْكِلَابِيَّ ، ح وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ الرَّازِيُّ - وَاللَّفْظُ لَهُ - حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ الطَّائِيِّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ ، عَنْ أَبِيهِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ ، عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ ، قَالَ : ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّجَّالَ ذَاتَ غَدَاةٍ ، فَخَفَّضَ فِيهِ وَرَفَّعَ ، حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ ، فَلَمَّا رُحْنَا إِلَيْهِ عَرَفَ ذَلِكَ فِينَا ، فَقَالَ : مَا شَأْنُكُمْ ؟ قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَكَرْتَ الدَّجَّالَ غَدَاةً ، فَخَفَّضْتَ فِيهِ وَرَفَّعْتَ ، حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ ، فَقَالَ : غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُنِي عَلَيْكُمْ ، إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ ، فَأَنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ ، وَإِنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ ، فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ وَاللَّهُ خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ ، إِنَّهُ شَابٌّ قَطَطٌ ، عَيْنُهُ طَافِئَةٌ ، كَأَنِّي أُشَبِّهُهُ بِعَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قَطَنٍ ، فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ ، فَلْيَقْرَأْ عَلَيْهِ فَوَاتِحَ سُورَةِ الْكَهْفِ ، إِنَّهُ خَارِجٌ خَلَّةً بَيْنَ الشَّأْمِ وَالْعِرَاقِ ، فَعَاثَ يَمِينًا وَعَاثَ شِمَالًا ، يَا عِبَادَ اللَّهِ فَاثْبُتُوا قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا لَبْثُهُ فِي الْأَرْضِ ؟ قَالَ : أَرْبَعُونَ يَوْمًا ، يَوْمٌ كَسَنَةٍ ، وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ ، وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ ، وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَسَنَةٍ ، أَتَكْفِينَا فِيهِ صَلَاةُ يَوْمٍ ؟ قَالَ : لَا ، اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا إِسْرَاعُهُ فِي الْأَرْضِ ؟ قَالَ : كَالْغَيْثِ اسْتَدْبَرَتْهُ الرِّيحُ ، فَيَأْتِي عَلَى الْقَوْمِ فَيَدْعُوهُمْ ، فَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَجِيبُونَ لَهُ ، فَيَأْمُرُ السَّمَاءَ فَتُمْطِرُ ، وَالْأَرْضَ فَتُنْبِتُ ، فَتَرُوحُ عَلَيْهِمْ سَارِحَتُهُمْ ، أَطْوَلَ مَا كَانَتْ ذُرًا ، وَأَسْبَغَهُ ضُرُوعًا ، وَأَمَدَّهُ خَوَاصِرَ ، ثُمَّ يَأْتِي الْقَوْمَ ، فَيَدْعُوهُمْ فَيَرُدُّونَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ ، فَيَنْصَرِفُ عَنْهُمْ ، فَيُصْبِحُونَ مُمْحِلِينَ لَيْسَ بِأَيْدِيهِمْ شَيْءٌ مِنْ أَمْوَالِهِمْ ، وَيَمُرُّ بِالْخَرِبَةِ ، فَيَقُولُ لَهَا : أَخْرِجِي كُنُوزَكِ ، فَتَتْبَعُهُ كُنُوزُهَا كَيَعَاسِيبِ النَّحْلِ ، ثُمَّ يَدْعُو رَجُلًا مُمْتَلِئًا شَبَابًا ، فَيَضْرِبُهُ بِالسَّيْفِ فَيَقْطَعُهُ جَزْلَتَيْنِ رَمْيَةَ الْغَرَضِ ، ثُمَّ يَدْعُوهُ فَيُقْبِلُ وَيَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ ، يَضْحَكُ ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ ، فَيَنْزِلُ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ ، بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ ، وَاضِعًا كَفَّيْهِ عَلَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ ، إِذَا طَأْطَأَ رَأْسَهُ قَطَرَ ، وَإِذَا رَفَعَهُ تَحَدَّرَ مِنْهُ جُمَانٌ كَاللُّؤْلُؤِ ، فَلَا يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ إِلَّا مَاتَ ، وَنَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرْفُهُ ، فَيَطْلُبُهُ حَتَّى يُدْرِكَهُ بِبَابِ لُدٍّ ، فَيَقْتُلُهُ ، ثُمَّ يَأْتِي عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ قَوْمٌ قَدْ عَصَمَهُمُ اللَّهُ مِنْهُ ، فَيَمْسَحُ عَنْ وُجُوهِهِمْ وَيُحَدِّثُهُمْ بِدَرَجَاتِهِمْ فِي الْجَنَّةِ ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى عِيسَى : إِنِّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي ، لَا يَدَانِ لِأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ ، فَحَرِّزْ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ وَيَبْعَثُ اللَّهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ، وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ ، فَيَمُرُّ أَوَائِلُهُمْ عَلَى بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ فَيَشْرَبُونَ مَا فِيهَا ، وَيَمُرُّ آخِرُهُمْ فَيَقُولُونَ : لَقَدْ كَانَ بِهَذِهِ مَرَّةً مَاءٌ ، وَيُحْصَرُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ ، حَتَّى يَكُونَ رَأْسُ الثَّوْرِ لِأَحَدِهِمْ خَيْرًا مِنْ مِائَةِ دِينَارٍ لِأَحَدِكُمُ الْيَوْمَ ، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ ، فَيُرْسِلُ اللَّهُ عَلَيْهِمُ النَّغَفَ فِي رِقَابِهِمْ ، فَيُصْبِحُونَ فَرْسَى كَمَوْتِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ، ثُمَّ يَهْبِطُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إِلَى الْأَرْضِ ، فَلَا يَجِدُونَ فِي الْأَرْضِ مَوْضِعَ شِبْرٍ إِلَّا مَلَأَهُ زَهَمُهُمْ وَنَتْنُهُمْ ، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إِلَى اللَّهِ ، فَيُرْسِلُ اللَّهُ طَيْرًا كَأَعْنَاقِ الْبُخْتِ فَتَحْمِلُهُمْ فَتَطْرَحُهُمْ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ مَطَرًا لَا يَكُنُّ مِنْهُ بَيْتُ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ ، فَيَغْسِلُ الْأَرْضَ حَتَّى يَتْرُكَهَا كَالزَّلَفَةِ ، ثُمَّ يُقَالُ لِلْأَرْضِ : أَنْبِتِي ثَمَرَتَكِ ، وَرُدِّي بَرَكَتَكِ ، فَيَوْمَئِذٍ تَأْكُلُ الْعِصَابَةُ مِنَ الرُّمَّانَةِ ، وَيَسْتَظِلُّونَ بِقِحْفِهَا ، وَيُبَارَكُ فِي الرِّسْلِ ، حَتَّى أَنَّ اللِّقْحَةَ مِنَ الْإِبِلِ لَتَكْفِي الْفِئَامَ مِنَ النَّاسِ ، وَاللِّقْحَةَ مِنَ الْبَقَرِ لَتَكْفِي الْقَبِيلَةَ مِنَ النَّاسِ وَاللِّقْحَةَ مِنَ الْغَنَمِ لَتَكْفِي الْفَخِذَ مِنَ النَّاسِ ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ رِيحًا طَيِّبَةً ، فَتَأْخُذُهُمْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ ، فَتَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَكُلِّ مُسْلِمٍ ، وَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ ، يَتَهَارَجُونَ فِيهَا تَهَارُجَ الْحُمُرِ ، فَعَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ ، وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ، قَالَ : ابْنُ حُجْرٍ : دَخَلَ حَدِيثُ أَحَدِهِمَا فِي حَدِيثِ الْآخَرِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ ، نَحْوَ مَا ذَكَرْنَا ، وَزَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ : لَقَدْ كَانَ بِهَذِهِ مَرَّةً مَاءٌ - ثُمَّ يَسِيرُونَ حَتَّى يَنْتَهُوا إِلَى جَبَلِ الْخَمَرِ ، وَهُوَ جَبَلُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، فَيَقُولُونَ : لَقَدْ قَتَلْنَا مَنْ فِي الْأَرْضِ هَلُمَّ فَلْنَقْتُلْ مَنْ فِي السَّمَاءِ ، فَيَرْمُونَ بِنُشَّابِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ ، فَيَرُدُّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ نُشَّابَهُمْ مَخْضُوبَةً دَمًا وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ حُجْرٍ : فَإِنِّي قَدْ أَنْزَلْتُ عِبَادًا لِي ، لَا يَدَيْ لِأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  واللفظ له حدثنا الوليد بن مسلم ، حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، عن يحيى بن جابر الطائي ، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير ، عن أبيه جبير بن نفير ، عن النواس بن سمعان ، قال : ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال ذات غداة ، فخفض فيه ورفع ، حتى ظنناه في طائفة النخل ، فلما رحنا إليه عرف ذلك فينا ، فقال : ما شأنكم ؟ قلنا : يا رسول الله ذكرت الدجال غداة ، فخفضت فيه ورفعت ، حتى ظنناه في طائفة النخل ، فقال : غير الدجال أخوفني عليكم ، إن يخرج وأنا فيكم ، فأنا حجيجه دونكم ، وإن يخرج ولست فيكم ، فامرؤ حجيج نفسه والله خليفتي على كل مسلم ، إنه شاب قطط ، عينه طافئة ، كأني أشبهه بعبد العزى بن قطن ، فمن أدركه منكم ، فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف ، إنه خارج خلة بين الشأم والعراق ، فعاث يمينا وعاث شمالا ، يا عباد الله فاثبتوا قلنا : يا رسول الله وما لبثه في الأرض ؟ قال : أربعون يوما ، يوم كسنة ، ويوم كشهر ، ويوم كجمعة ، وسائر أيامه كأيامكم قلنا : يا رسول الله فذلك اليوم الذي كسنة ، أتكفينا فيه صلاة يوم ؟ قال : لا ، اقدروا له قدره قلنا : يا رسول الله وما إسراعه في الأرض ؟ قال : كالغيث استدبرته الريح ، فيأتي على القوم فيدعوهم ، فيؤمنون به ويستجيبون له ، فيأمر السماء فتمطر ، والأرض فتنبت ، فتروح عليهم سارحتهم ، أطول ما كانت ذرا ، وأسبغه ضروعا ، وأمده خواصر ، ثم يأتي القوم ، فيدعوهم فيردون عليه قوله ، فينصرف عنهم ، فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شيء من أموالهم ، ويمر بالخربة ، فيقول لها : أخرجي كنوزك ، فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل ، ثم يدعو رجلا ممتلئا شبابا ، فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض ، ثم يدعوه فيقبل ويتهلل وجهه ، يضحك ، فبينما هو كذلك إذ بعث الله المسيح ابن مريم ، فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق ، بين مهرودتين ، واضعا كفيه على أجنحة ملكين ، إذا طأطأ رأسه قطر ، وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ ، فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات ، ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه ، فيطلبه حتى يدركه بباب لد ، فيقتله ، ثم يأتي عيسى ابن مريم قوم قد عصمهم الله منه ، فيمسح عن وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة ، فبينما هو كذلك إذ أوحى الله إلى عيسى : إني قد أخرجت عبادا لي ، لا يدان لأحد بقتالهم ، فحرز عبادي إلى الطور ويبعث الله يأجوج ومأجوج ، وهم من كل حدب ينسلون ، فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها ، ويمر آخرهم فيقولون : لقد كان بهذه مرة ماء ، ويحصر نبي الله عيسى وأصحابه ، حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيرا من مائة دينار لأحدكم اليوم ، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه ، فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم ، فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة ، ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض ، فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم ، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله ، فيرسل الله طيرا كأعناق البخت فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله ، ثم يرسل الله مطرا لا يكن منه بيت مدر ولا وبر ، فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة ، ثم يقال للأرض : أنبتي ثمرتك ، وردي بركتك ، فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة ، ويستظلون بقحفها ، ويبارك في الرسل ، حتى أن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس ، واللقحة من البقر لتكفي القبيلة من الناس واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ من الناس ، فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحا طيبة ، فتأخذهم تحت آباطهم ، فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم ، ويبقى شرار الناس ، يتهارجون فيها تهارج الحمر ، فعليهم تقوم الساعة ، حدثنا علي بن حجر السعدي ، حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، والوليد بن مسلم ، قال : ابن حجر : دخل حديث أحدهما في حديث الآخر ، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، بهذا الإسناد ، نحو ما ذكرنا ، وزاد بعد قوله : لقد كان بهذه مرة ماء ثم يسيرون حتى ينتهوا إلى جبل الخمر ، وهو جبل بيت المقدس ، فيقولون : لقد قتلنا من في الأرض هلم فلنقتل من في السماء ، فيرمون بنشابهم إلى السماء ، فيرد الله عليهم نشابهم مخضوبة دما وفي رواية ابن حجر : فإني قد أنزلت عبادا لي ، لا يدي لأحد بقتالهم
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

An-Nawwas b. Sam'an reported that Allah's Messenger (ﷺ) made a mention of the Dajjal one day in the morning. He sometimes described him to be insignificant and sometimes described (his turmoil) as very significant rand we felt) as if he were in the cluster of the date-palm trees. When we went to him (to the Holy Prophet) in the evening and he read (the signs of fear) in our faces, he said:

What is the matter with you? We said: Allah's Messenger, you made a mention of the Dajjal in the morning (sometimes describing him) to be insignificant and sometimes very important, until we began to think as if he were present in some (near) part of the cluster of the datpalm trees. Thereupon he said: I harbour fear in regard to you in so many other things besides the Dajjal. If he comes forth while I am among on, I shall contend with him on your behalf, but if he comes forth while I am not amongst you, a man must contend on his own behalf and Allah would take care of every Muslim on my behalf (and safeguard him against his evil). He (Dajjal) would be a young man with twisted, contracted hair, and a blind eye. I compare him to 'Abd-ul-'Uzza b. Qatan. He who amongst you would survive to see him should recite over him the opening verses of Sura Kahf (xviii.). He would appear on the way between Syria and Iraq and would spread mischief right and left. O servant of Allah! adhere (to the path of Truth). We said: Allah's Messenger, how long would he stay on the earth? He said.. For forty days, one day like a year and one day like a month and one day like a week and the rest of the days would be like your days. We said: Allah's Messenger, would one day's prayer suffice for the prayers of day equal to one year? Thereupon he said: No, but you must make an estimate of time (and then observe prayer). We said: Allah's Messenger, how quickly would he walk upon the earth? Thereupon he said: Like cloud driven by the wind. He would come to the people and invite them (to a wrong religion) and they would affirm their faith in him and respond to him. He would then give command to the sky and there would be rainfall upon the earth and it would grow crops. Then in the evening, their posturing animals would come to them with their humps very high and their udders full of milk and their flanks stretched. He would then come to another people and invite them. But they would reject him and he would go away from them and there would be drought for them and nothing would be lef t with them in the form of wealth. He would then walk through the waste, land and say to it: Bring forth your treasures, and the treasures would come out and collect (themselves) before him like the swarm of bees. He would then call a person brimming with youth and strike him with the sword and cut him into two pieces and (make these pieces lie at a distance which is generally) between the archer and his target. He would then call (that young man) and he will come forward laughing with his face gleaming (with happiness) and it would at this very time that Allah would send Christ, son of Mary, and he will descend at the white minaret in the eastern side of Damscus wearing two garments lightly dyed with saffron and placing his hands on the wings of two Angels. When he would lower his head, there would fall beads of perspiration from his head, and when he would raise it up, beads like pearls would scatter from it. Every non-believer who would smell the odour of his self would die and his breath would reach as far as he would be able to see. He would then search for him (Dajjal) until he would catch hold of him at the gate of Ludd and would kill him. Then a people whom Allah had protected would come to Jesus, son of Mary, and he would wipe their faces and would inform them of their ranks in Paradise and it would be under such conditions that Allah would reveal to Jesus these words: I have brought forth from amongst My servants such people against whom none would be able to fight; you take these people safely to Tur, and then Allah would send Gog and Magog and they would swarm down from every slope. The first of them would pass the lake of Tibering and drink out of it. And when the last of them would pass, he would say: There was once water there. Jesus and his companions would then be besieged here (at Tur, and they would be so much hard pressed) that the head of the ox would be dearer to them than one hundred dinirs and Allah's Apostle, Jesus, and his companions would supplicate Allah, Who would send to them insects (which would attack their necks) and in the morning they would perish like one single person. Allah's Apostle, Jesus, and his companions would then come down to the earth and they would not find in the earth as much space as a single span which is not filled with their putrefaction and stench. Allah's Apostle, Jesus, and his companions would then again beseech Allah, Who would send birds whose necks would be like those of bactrin camels and they would carry them and throw them where God would will. Then Allah would send rain which no house of clay or (the tent of) camels' hairs would keep out and it would wash away the earth until it could appear to be a mirror. Then the earth would be told to bring forth its fruit and restore its blessing and, as a result thereof, there would grow (such a big) pomegranate that a group of persons would be able to eat that, and seek shelter under its skin and milch cow would give so much milk that a whole party would be able to drink it. And the milch camel would give such (a large quantity of) milk that the whole tribe would be able to drink out of that and the milch sheep would give so much milk that the whole family would be able to drink out of that and at that time Allah would send a pleasant wind which would soothe (people) even under their armpits, and would take the life of every Muslim and only the wicked would survive who would commit adultery like asses and the Last Hour would come to them.

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [2937] .

     قَوْلُهُ  (سَمِعَ النواس بن سمعان) بفتح السين وكسرها .

     قَوْلُهُ  (ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّجَّالَ ذَاتَ غَدَاةٍ فَخَفَّضَ فِيهِ وَرَفَّعَ حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ) هُوَ بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ فِيهِمَا وَفِي مَعْنَاهُ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ خَفَّضَ بِمَعْنَى حَقَّرَ وَقَولُهُ رَفَّعَ أَيْ عَظَّمَهُ وَفَخَّمَهُ فَمِنْ تَحْقِيرِهِ وَهُوَ أَنَّهُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى عَوَرُهُ وَمِنْهُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ وَأَنَّهُ لايقدر عَلَى قَتْلِ أَحَدٍ إِلَّا ذَلِكَ الرَّجُلُ ثُمَّ يَعْجِزُ عَنْهُ وَأَنَّهُ يَضْمَحِلُّ أَمْرُهُ وَيُقْتَلُ بَعْدَ ذَلِكَ هُوَ وَأَتْبَاعُهُ وَمِنْ تَفْخِيمِهِ وَتَعْظِيمِ فِتْنَتِهِ وَالْمِحْنَةِ بِهِ هَذِهِ الْأُمُورِ الْخَارِقَةِ لِلْعَادَةِ وَأَنَّهُ ما من نبى الاوقد أَنْذَرَهُ قَوْمَهُ وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ خَفَّضَ مِنْ صَوْتِهِ فِي حَالِ الْكَثْرَةِ فِيمَا تَكَلَّمَ فِيهِ فَخَفَّضَ بَعْدَ طُولِ الْكَلَامِ وَالتَّعَبِ لِيَسْتَرِيحَ ثُمَّ رَفَعَ لِيَبْلُغَ صَوْتُهُ كُلَّ أَحَدٍ .

     قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُنِي عَلَيْكُمْ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا أَخْوَفُنِي بِنُونٍ بَعْدَ الْفَاءِ وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ رِوَايَةِ الْأَكْثَرِينَ قَالَ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِحَذْفِ النُّونِ وَهُمَا لُغَتَانِ صَحِيحَتَانِ وَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ قَالَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إِلَى الْكَلَامِ فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ وَمَعْنَاهُ فَأَمَّا لَفْظُهُ لِكَوْنِهِ تَضَمَّنَ مَا لَا يُعْتَادُ مِنْ إِضَافَةِ أَخْوَفِ إِلَى يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ مَقْرُونَةٌ بِنُونِ الْوِقَايَةِ وَهَذَا الِاسْتِعْمَالُ إِنَّمَا يَكُونُ مَعَ الْأَفْعَالِ الْمُتَعَدِّيَةِ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ كَانَ الْأَصْلُ إِثْبَاتَهَا وَلَكِنَّهُ أَصْلٌ مَتْرُوكٌ فَنَبَّهَ عَلَيْهِ فِي قَلِيلٍ مِنْ كَلَامِهِمْ وَأَنْشَدَ فِيهِ أَبْيَاتًا مِنْهَا مَا أَنْشَدَهُ الْفَرَّاءُ ... فَمَا أَدْرِي فَظَنِّي كُلُّ ظَنٍّ ... أَمُسْلِمَتِي إِلَى قَوْمِي شَرَاحِي ... (يَعْنِي شَرَاحِيلَ فَرَخَّمَهُ فِي غَيْرِ النِّدَا لِلضَّرُورَةِ وَأَنْشَدَ غَيْرُهُ ... وَلَيْسَ الْمُوَافِينِي لِيَرْفِدَ خَائِبًا ... فَإِنَّ لَهُ أَضْعَافَ مَا كَانَ أَمَّلَا) وَلِأَفْعَلَ التَّفْضِيلِ أَيْضًا شَبَهٌ بِالْفِعْلِ وَخُصُوصًا بِفِعْلِ التَّعَجُّبِ فَجَازَ أَنْ تَلْحَقُهُ النُّونُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْحَدِيثِ كَمَا لَحِقَتْ فِي الْأَبْيَاتِ الْمَذْكُورَةِ هَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ فِي هَذِهِ النُّونِ هُنَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَخْوَفُ لِي فَأُبْدِلَتِ النُّونُ مِنَ اللَّامِ كَمَا أُبْدِلَتْ فِي لِعَنْ وَعَنْ بِمَعْنَى لَعَلَّ وَعَلَّ.

.
وَأَمَّا مَعْنَى الْحَدِيثِ فَفِيهِ أَوْجُهٌ أَظْهَرُهَا أَنَّهُ مِنْ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ وَتَقْدِيرُهُ غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُ مُخُوفَاتِي عَلَيْكُمْ ثُمَّ حَذَفَ الْمُضَافَ إِلَى الْيَاءِ وَمِنْهُ أَخْوَفُ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي الْأَئِمَّةَ الْمُضِلُّونَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْأَشْيَاءَ الَّتِي أَخَافُهَا عَلَى أُمَّتِي أَحَقُّهَا بِأَنْ تُخَافَ الْأَئِمَّةُ الْمُضِلُّونَ وَالثَّانِي بِأَنْ يَكُونَ أَخْوَفُ مِنْ أَخَافَ بِمَعْنَى خَوْفٍ وَمَعْنَاهُ غَيْرُ الدَّجَّالِ أَشَدُّ مُوجِبَاتِ خَوْفِي عَلَيْكُمْ وَالثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ وَصْفِ الْمَعَانِي بِمَا يُوصَفُ بِهِ الْأَعْيَانُ عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ كَقَوْلِهِمْ فِي الشِّعْرِ الْفَصِيحِ شِعْرُ شَاعِرٍ وَخَوْفُ فُلَانٍ أَخْوَفُ مِنْ خَوْفِكَ وَتَقْدِيرُهُ خَوْفُ غَيْرِ الدَّجَّالِ أَخْوَفُ خَوْفِي عَلَيْكُمْ ثُمَّ حُذِفَ الْمُضَافُ الْأَوَّلُثُمَّ الثَّانِي هَذَا آخِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ رَحِمَهُ اللَّهُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّهُ شَابٌّ قَطَطُ) هُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالطَّاءِ أَيْ شَدِيدُ جُعُودَةِ الشَّعْرِ مُبَاعِدٌ لِلْجُعُودَةِ الْمَحْبُوبَةِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّهُ خَارِجٌ خَلَّةً بَيْنَ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ) هَكَذَا فِي نُسَخِ بِلَادِنَا خَلَّةً بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ وَتَنْوِينِ الْهَاءِ.

     وَقَالَ  الْقَاضِي الْمَشْهُورُ فِيهِ حَلَّةَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَنَصْبِ التَّاءِ يَعْنِي غَيْرَ مُنَوَّنَةٍ قِيلَ مَعْنَاهُ سَمْتُ ذَلِكَ وَقُبَالَتُهُ وَفِي كِتَابِ الْعَيْنِ الْحَلَّةُ مَوْضِعُ حَزْنٍ وَصُخُورٍ قَالَ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ حَلُّهُ بِضَمِّ اللَّامِ وَبِهَاءِ الضَّمِيرِ أَيْ نُزُولَهُ وَحُلُولَهُ قَالَ وَكَذَا ذَكَرَهُ الْحُمَيْدِيُّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ قَالَ وَذَكَرَهُ الْهَرَوِيُّ خَلَّةً بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ الْمَفْتُوحَتَيْنِ وَفَسَّرَهُ بِأَنَّهُ مَا بَيْنَ البلدين هذا آخر ماذكره الْقَاضِي وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ عَنِ الْهَرَوِيِّ هُوَ الْمَوْجُودُ فِي نُسَخِ بِلَادِنَا وَفِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ أَيْضًا بِبِلَادِنَا وَهُوَ الَّذِي رَجَّحَهُ صَاحِبُ نِهَايَةِ الْغَرِيبِ وَفَسَّرَهُ بِالطَّرِيقِ بَيْنَهُمَا .

     قَوْلُهُ  (فَعَاثَ يَمِينًا وَعَاثَ شِمَالًا) هُوَ بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ وَثَاءٍ مُثَلَّثَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَهُوَ فِعْلٌ مَاضٍ وَالْعَيْثُ الْفَسَادُ أَوْ أَشَدُّ الْفَسَادِ وَالْإِسْرَاعِ فِيهِ يُقَالُ مِنْهُ عَاثَ يَعِيثُ وَحَكَى الْقَاضِي أَنَّهُ رَوَاهُ بَعْضُهُمْ فَعَاثٍ بِكَسْرِ الثَّاءِ مَنُوَّنَةٍ اسْمُ فَاعِلٍ وَهُوَ بِمَعْنَى الْأَوَّلِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَوْمٌ كَسَنَةٍ وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ) قَالَ الْعُلَمَاءُ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَهَذِهِ الْأَيَّامُ الثَّلَاثَةُ طَوِيلَةٌ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ الْمَذْكُورِ فِي الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْوَأَمَّا .

     قَوْلُهُ مْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَسَنَةٍ أَتَكْفِينَا فِيهِ صَلَاةُ يَوْمٍ قَالَ لَا اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ فَقَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ هَذَا حُكْمٌ مَخْصُوصٌ بِذَلِكَ الْيَوْمِ شَرَعَهُ لَنَا صَاحِبُ الشَّرْعِ قَالُوا وَلَوْلَا هَذَا الْحَدِيثُ وَوُكِلْنَا إِلَى اجْتِهَادِنَا لَاقْتَصَرْنَا فِيهِ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ عِنْدَ الْأَوْقَاتِ الْمَعْرُوفَةِ فِي غَيْرِهِ مِنَ الْأَيَّامِ ومعنى أقدروا له قدره أَنَّهُ إِذَا مَضَى بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ قَدْرَ مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الظُّهْرِ كُلَّ يَوْمٍ فَصَلُّوا الظُّهْرَ ثُمَّ إِذَا مَضَى بَعْدَهُ قَدْرُ مَا يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَصْرِ فَصَلُّوا الْعَصْرَ وَإِذَا مَضَى بَعْدَ هَذَا قَدْرُ مَا يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ فَصَلُّوا الْمَغْرِبَ وَكَذَا الْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ ثُمَّ الظُّهْرَ ثُمَّ الْعَصْرَ ثُمَّ الْمَغْرِبَ وَهَكَذَا حَتَّى يَنْقَضِي ذَلِكَ الْيَوْمُ وَقَدْ وَقَعَ فِيهِ صَلَوَاتُ سَنَةٍ فَرَائِضُ كُلُّهَا مُؤَدَّاةٌ فِي وَقْتِهَا.

.
وَأَمَّا الثَّانِي الَّذِي كَشَهْرٍ وَالثَّالِثُ الَّذِي كَجُمُعَةٍ فَقِيَاسُ الْيَوْمُ الْأَوَّلُ أَنْ يُقَدَّرَ لَهُمَا كَالْيَوْمِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَتَرُوحُ عَلَيْهِمْ سَارِحَتُهُمْ أَطْوَلُ مَا كَانَتْ ذَرًّا وَأَسْبَغَهُ ضُرُوعًا وَأَمَدُّهُ خَوَاصِرَ) أَمَّا تَرُوحُ فَمَعْنَاهُ تَرْجِعُ آخِرَ النَّهَارِ وَالسَّارِحَةُ هِيَ الْمَاشِيَةُ الَّتِي تَسْرَحُ أَيْ تَذْهَبُ أَوَّلَ النَّهَارِ إِلَى الْمَرْعَى.

.
وَأَمَّا الذُّرَى فبضم الذال المعجمة وهى الأعالى والأسنمة جَمْعُ ذُرْوَةِ بِضَمِّ الذَّالِ وَكَسْرِهَا وَقَولُهُ (وَأَسْبَغَهُ) بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ أَطْوَلَهُ لِكَثْرَةِ اللَّبَنِ وَكَذَا أَمَدَّهُ خَوَاصِرَ لِكَثْرَةِ امْتِلَائِهَا مِنَ الشِّبَعِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَتَتْبَعُهُ كُنُوزُهَا كَيَعَاسِيبَ النَّحْلِ) هِيَ ذُكُورُ النَّحْلِ هَكَذَا فسره بن قُتَيْبَةَ وَآخَرُونَ قَالَ الْقَاضِي الْمُرَادُ جَمَاعَةُ النَّحْلِ لاذكورها خَاصَّةً لَكِنَّهُ كَنَّىعَنِ الْجَمَاعَةِ بِالْيَعْسُوبِ وَهُوَ أَمِيرُهَا لِأَنَّهُ مَتَى طَارَ تَبِعَتْهُ جَمَاعَتُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَيَقْطَعُهُ جَزْلَتَيْنِ رَمْيَةَ الْغَرَضِ) بفتح الجيم على المشهور وحكى بن دُرَيْدٍ كَسْرَهَا أَيْ قِطْعَتَيْنِ وَمَعْنَى رَمْيَةَ الْغَرَضِ أَنَّهُ يَجْعَلُ بَيْنَ الْجَزْلَتَيْنِ مِقْدَارَ رَمْيَتِهِ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ الْمَشْهُورُ وَحَكَى الْقَاضِي هَذَا ثُمَّ قَالَ وَعِنْدِي أَنَّ فِيهِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا وَتَقْدِيرُهُ فَيُصِيبُهُ إِصَابَةَ رَمْيَةِ الْغَرَضِ فَيَقْطَعُهُ جَزْلَتَيْنِ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ .

     قَوْلُهُ  (فَيَنْزِلُ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءَ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ) أَمَّا الْمَنَارَةُ فَبِفَتْحِ الْمِيمِ وَهَذِهِ الْمَنَارَةُ مَوْجُودَةٌ الْيَوْمَ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ وَدِمَشْقَ بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَحَكَى صَاحِبُ الْمَطَالِعِ كَسْرَ الْمِيمِ وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ فَضَائِلَ دِمَشْقَ وَفِي عِنْدَ ثَلَاثُ لُغَاتٍ كَسْرُ الْعَيْنِ وَضَمُّهَا وَفَتْحُهَا وَالْمَشْهُورُ الْكَسْرُ.

.
وَأَمَّا الْمَهْرُوذَتَانِ فَرُوِي بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُهْمَلَةُ أَكْثَرُ وَالْوَجْهَانِ مَشْهُورَانِ لِلْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالْغَرِيبِ وَغَيْرِهِمْ وَأَكْثَرُ مَا يَقَعُ فِي النُّسَخِ بِالْمُهْمَلَةِ كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَمَعْنَاهُ لَابِسَ مَهْرُوذَتَيْنِ أَيْ ثَوْبَيْنِ مَصْبُوغَيْنِ بِوَرْسٍ ثُمَّ بِزَعْفَرَانٍ وَقِيلَ هُمَا شَقَّتَانِ وَالشَّقَّةُ نِصْفُ الْمُلَاءَةِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (تَحَدَّرَ مِنْهُ جُمَانٌ كَاللُّؤْلُؤِ) الْجُمَانُ بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ هِيَ حَبَّاتٌ مِنَ الْفِضَّةِ تُصْنَعُ عَلَى هَيْئَةِ اللُّؤْلُؤِ الْكِبَارِ وَالْمُرَادُ يَتَحَدَّرُ مِنْهُ الْمَاءُ عَلَى هَيْئَةِ اللولؤ فى صفاته فَسُمِّي الْمَاءُ جُمَانًا لِشَبَهِهِ بِهِ فِي الصَّفَاءِ قوله صلى الله عليه وسلم (فلايحل لكافر يجد ريح نفسه الامات) هكذا الرواية فلا يحل بكسر الحاء ونفسه بِفَتْحِ الْفَاءِ وَمَعْنَى لَا يَحِلُّ لَا يُمْكِنُ وَلَا يَقَعُ.

     وَقَالَ  الْقَاضِي مَعْنَاهُ عِنْدِي حَقٌّ وَوَاجِبٌ قَالَ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِضَمِّ الْحَاءِوَهُوَ وَهَمٌ وَغَلَطٌ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يُدْرِكُهُ بِبَابِ لُدٍّ) هُوَ بِضَمِّ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ مَصْرُوفٌ وَهُوَ بَلْدَةٌ قَرِيبَةٌ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ثُمَّ يَأْتِي عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْمًا قَدْ عَصَمَهُمُ اللَّهُ مِنْهُ فَيَمْسَحُ عَنْ وُجُوهِهِمْ) قَالَ الْقَاضِي يُحْتَمَلُ أَنَّ هَذَا الْمَسْحَ حَقِيقَةٌ عَلَى ظَاهِرِهِ فَيَمْسَحُ عَلَى وُجُوهِهِمْ تَبَرُّكًا وَبِرًّا وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ إِشَارَةٌ إِلَى كَشْفِ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الشِّدَّةِ وَالْخَوْفِ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى (أخرجت عبادا لى لايدان لِأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ فَحَرِّزْ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ) فَ.

     قَوْلُهُ  لايدان بِكَسْرِ النُّونِ تَثْنِيَةُ يَدٍ قَالَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَاهُ لا قدرة ولا طاقة يقال مالى بهذا الأمر يد ومالى بِهِ يَدَانِ لِأَنَّ الْمُبَاشَرَةَ وَالدَّفْعَ إِنَّمَا يَكُونُ بِالْيَدِ وَكَأَنَّ يَدَيْهِ مَعْدُومَتَانِ لِعَجْزِهِ عَنْ دَفْعِهِ وَمَعْنَى حَرِّزْهُمْ إِلَى الطُّورِ أَيْ ضُمَّهُمْ وَاجْعَلْهُ لَهُمْ حِرْزًا يُقَالُ أَحْرَزْتُ الشَّيْءَ أُحْرِزُهُ إِحْرَازًا إِذَا حَفِظْتُهُ وَضَمَمْتُهُ إِلَيْكَ وَصُنْتُهُ عَنِ الْأَخْذِ ووقع فِي بَعْضِ النُّسَخِ حَزِّبْ بِالْحَاءِ وَالزَّايِ وَالْبَاءِ أَيِ اجْمَعْهُمْ قَالَ الْقَاضِي وَرُوِيَ حَوِّزْ بِالْوَاوِ وَالزَّايِ وَمَعْنَاهُ نَحِّهِمْ وَأَزِلْهُمْ عَنْ طَرِيقِهِمْ إِلَى الطُّورِ .

     قَوْلُهُ  (وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ) الحدب النشز وينسلون يَمْشُونَ مُسْرِعِينَ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَيُرْسِلُ اللَّهُ تَعَالَىعَلَيْهِمُ النَّغَفَ فِي رِقَابِهِمْ فَيُصْبِحُونَ فَرْسَى) النَّغَفُ بِنُونٍ وَغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَتَيْنِ ثُمَّ فَاءٍ وَهُوَ دُودٌ يَكُونُ فِي أُنُوفِ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ الْوَاحِدَةُ نغفة والفرسى بِفَتْحِ الْفَاءِ مَقْصُورٌ أَيْ قَتْلَى وَاحِدُهُمْ فَرِيسٌ قوله (مَلَأَهُ زَهْمُهُمْ وَنَتْنُهُمْ) هُوَ بِفَتْحِ الْهَاءِ أَيْ دَسْمُهُمْ وَرَائِحَتُهُمُ الْكَرِيهَةُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم (لايكن منه بيت مدر) أى لايمنع مِنْ نُزُولِ الْمَاءِ بَيْتٌ الْمَدَرُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالدَّالِ وَهُوَ الطِّينُ الصُّلْبُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَيَغْسِلُ الْأَرْضَ حَتَّى يَتْرُكَهَا كَالزَّلَفَةِ) رُوِيَ بِفَتْحِ الزَّايِ وَاللَّامِ وَالْقَافِ وَرُوِيَ الزُّلْفَةُ بضم الزاى وَإِسْكَانِ اللَّامِ وَبِالْفَاءِ وَرُوِيَ الزَّلَفَةُ بِفَتْحِ الزَّايِ وَاللَّامِ وَبِالْفَاءِ.

     وَقَالَ  الْقَاضِي رُوِيَ بِالْفَاءِ وَالْقَافِ وَبِفَتْحِ اللَّامِ وَبِإِسْكَانِهَا وَكُلُّهَا صَحِيحَةٌ قَالَ فِي الْمَشَارِقِ وَالزَّايُ مَفْتُوحَةٌ وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَاهُ فَقَالَ ثَعْلَبٌ وَأَبُو زَيْدٍ وَآخَرُونَ مَعْنَاهُ كَالْمِرْآةِ وَحَكَى صاحب المشارق هذا عن بن عَبَّاسٍ أَيْضًا شَبَّهَهَا بِالْمِرْآةِ فِي صَفَائِهَا وَنَظَافَتِهَا وَقِيلَ كَمَصَانِعِ الْمَاءِ أَيْ إِنَّ الْمَاءَ يُسْتَنْقَعُ فِيهَا حَتَّى تَصِيرَ كَالْمَصْنَعِ الَّذِي يَجْتَمِعُ فِيهِ الْمَاءُ.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدٍ مَعْنَاهُ كَالْإِجَّانَةِ الْخَضْرَاءِ وَقِيلَ كَالصَّحْفَةِ وَقِيلَ كَالرَّوْضَةِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (تَأْكُلُ الْعِصَابَةُ مِنَ الرُّمَّانَةِ وَيَسْتَظِلُّونَ بقحفها) العصابة الجماعة وقحفها بِكَسْرِ الْقَافِ هُوَ مُقَعَّرُ قِشْرِهَا شَبَّهَهَا بِقِحْفِ الرَّأْسِ وَهُوَ الَّذِي فَوْقَ الدِّمَاغِ وَقِيلَ مَا انْفَلَقَ مِنْ جُمْجُمَتِهِ وَانْفَصَلَ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَيُبَارِكُ فِي الرِّسْلِ حَتَّى إِنَّ اللِّقْحَةَ مِنَ الْإِبِلِ لَتَكْفِي الْفِئَامَ مِنَ النَّاسِ) الرِّسْلُ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَإِسْكَانِ السِّينِ هُوَ اللَّبَنُ واللقحةبِكَسْرِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ وَالْكَسْرُ أَشْهَرُ وَهِيَ الْقَرِيبَةُ الْعَهْدِ بِالْوِلَادَةِ وَجَمْعُهَا لِقَحٌ بِكَسْرِ اللَّامِ وَفَتْحِ الْقَافِ كَبِرْكَةٍ وَبِرَكٌ وَاللَّقُوحُ ذَاتُ اللَّبَنِ وَجَمْعُهَا لِقَاحٌ وَالْفِئَامُ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَبَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَمْدُودَةٌ وَهِيَ الْجَمَاعَةُ الْكَثِيرَةُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَالْمَعْرُوفُ فِي اللُّغَةِ وَكُتُبِ الْغَرِيبِ وَرِوَايَةُ الحديث أنه بكسر الفاء وبالهمز قال القاضي ومنهم من لايجيز الْهَمْزَ بَلْ يَقُولُهُ بِالْيَاءِ.

     وَقَالَ  فِي الْمَشَارِقِ وَحَكَاهُ الْخَلِيلُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَهِيَ رِوَايَةُ الْقَابِسِيِّ قَالَ وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْعَيْنِ غَيْرَ مَهْمُوزٍ فَأَدْخَلَهُ فِي حَرْفِ الْيَاءِ وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ أَنَّ بَعْضَهُمْ ذَكَرَهُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَهُوَ غَلَطٌ فَاحِشٌ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لِتَكْفِي الْفَخْذَ مِنَ النَّاسِ) قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْفَخْذُ الْجَمَاعَةُ مِنَ الْأَقَارِبِ وَهُمْ دُونَ الْبَطْنِ وَالْبَطْنُ دون القبيلة قال القاضي قال بن فَارِسٍ الْفَخْذُ هُنَا بِإِسْكَانِ الْخَاءِ لَا غَيْرُ فَلَا يُقَالُ إِلَّا بِإِسْكَانِهَا بِخِلَافِ الْفَخِذِ الَّتِي هِيَ الْعُضْوُ فَإِنَّهَا تُكْسَرُ وَتُسَكَّنُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَتَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَكُلِّ مُسْلِمٍ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ مُسْلِمٍ وَكُلِّ مُسْلِمٍ بِالْوَاوِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم (يتهارجون تهارج الحمير) أَيْ يُجَامِعُ الرِّجَالُ النِّسَاءَ بِحَضْرَةِ النَّاسِ كَمَا يَفْعَلُ الْحَمِيرُ وَلَا يَكْتَرِثُونَ لِذَلِكَ وَالْهَرْجُ بِإِسْكَانِ الرَّاءِ الْجِمَاعُ يُقَالُ هَرَجَ زَوْجَتَهُ أَيْ جَامَعَهَا يَهْرَجُهَا بِفَتْحِ الرَّاءِ وَضَمِّهَا وَكَسْرِهَا .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَسِيرُونَ حَتَّىصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُنِي عَلَيْكُمْ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا أَخْوَفُنِي بِنُونٍ بَعْدَ الْفَاءِ وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ رِوَايَةِ الْأَكْثَرِينَ قَالَ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِحَذْفِ النُّونِ وَهُمَا لُغَتَانِ صَحِيحَتَانِ وَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ قَالَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إِلَى الْكَلَامِ فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ وَمَعْنَاهُ فَأَمَّا لَفْظُهُ لِكَوْنِهِ تَضَمَّنَ مَا لَا يُعْتَادُ مِنْ إِضَافَةِ أَخْوَفِ إِلَى يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ مَقْرُونَةٌ بِنُونِ الْوِقَايَةِ وَهَذَا الِاسْتِعْمَالُ إِنَّمَا يَكُونُ مَعَ الْأَفْعَالِ الْمُتَعَدِّيَةِ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ كَانَ الْأَصْلُ إِثْبَاتَهَا وَلَكِنَّهُ أَصْلٌ مَتْرُوكٌ فَنَبَّهَ عَلَيْهِ فِي قَلِيلٍ مِنْ كَلَامِهِمْ وَأَنْشَدَ فِيهِ أَبْيَاتًا مِنْهَا مَا أَنْشَدَهُ الْفَرَّاءُ ... فَمَا أَدْرِي فَظَنِّي كُلُّ ظَنٍّ ... أَمُسْلِمَتِي إِلَى قَوْمِي شَرَاحِي ... (يَعْنِي شَرَاحِيلَ فَرَخَّمَهُ فِي غَيْرِ النِّدَا لِلضَّرُورَةِ وَأَنْشَدَ غَيْرُهُ ... وَلَيْسَ الْمُوَافِينِي لِيَرْفِدَ خَائِبًا ... فَإِنَّ لَهُ أَضْعَافَ مَا كَانَ أَمَّلَا) وَلِأَفْعَلَ التَّفْضِيلِ أَيْضًا شَبَهٌ بِالْفِعْلِ وَخُصُوصًا بِفِعْلِ التَّعَجُّبِ فَجَازَ أَنْ تَلْحَقُهُ النُّونُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْحَدِيثِ كَمَا لَحِقَتْ فِي الْأَبْيَاتِ الْمَذْكُورَةِ هَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ فِي هَذِهِ النُّونِ هُنَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَخْوَفُ لِي فَأُبْدِلَتِ النُّونُ مِنَ اللَّامِ كَمَا أُبْدِلَتْ فِي لِعَنْ وَعَنْ بِمَعْنَى لَعَلَّ وَعَلَّ.

.
وَأَمَّا مَعْنَى الْحَدِيثِ فَفِيهِ أَوْجُهٌ أَظْهَرُهَا أَنَّهُ مِنْ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ وَتَقْدِيرُهُ غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُ مُخُوفَاتِي عَلَيْكُمْ ثُمَّ حَذَفَ الْمُضَافَ إِلَى الْيَاءِ وَمِنْهُ أَخْوَفُ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي الْأَئِمَّةَ الْمُضِلُّونَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْأَشْيَاءَ الَّتِي أَخَافُهَا عَلَى أُمَّتِي أَحَقُّهَا بِأَنْ تُخَافَ الْأَئِمَّةُ الْمُضِلُّونَ وَالثَّانِي بِأَنْ يَكُونَ أَخْوَفُ مِنْ أَخَافَ بِمَعْنَى خَوْفٍ وَمَعْنَاهُ غَيْرُ الدَّجَّالِ أَشَدُّ مُوجِبَاتِ خَوْفِي عَلَيْكُمْ وَالثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ وَصْفِ الْمَعَانِي بِمَا يُوصَفُ بِهِ الْأَعْيَانُ عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ كَقَوْلِهِمْ فِي الشِّعْرِ الْفَصِيحِ شِعْرُ شَاعِرٍ وَخَوْفُ فُلَانٍ أَخْوَفُ مِنْ خَوْفِكَ وَتَقْدِيرُهُ خَوْفُ غَيْرِ الدَّجَّالِ أَخْوَفُ خَوْفِي عَلَيْكُمْ ثُمَّ حُذِفَ الْمُضَافُ الْأَوَّلُثُمَّ الثَّانِي هَذَا آخِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ رَحِمَهُ اللَّهُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّهُ شَابٌّ قَطَطُ) هُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالطَّاءِ أَيْ شَدِيدُ جُعُودَةِ الشَّعْرِ مُبَاعِدٌ لِلْجُعُودَةِ الْمَحْبُوبَةِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّهُ خَارِجٌ خَلَّةً بَيْنَ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ) هَكَذَا فِي نُسَخِ بِلَادِنَا خَلَّةً بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ وَتَنْوِينِ الْهَاءِ.

     وَقَالَ  الْقَاضِي الْمَشْهُورُ فِيهِ حَلَّةَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَنَصْبِ التَّاءِ يَعْنِي غَيْرَ مُنَوَّنَةٍ قِيلَ مَعْنَاهُ سَمْتُ ذَلِكَ وَقُبَالَتُهُ وَفِي كِتَابِ الْعَيْنِ الْحَلَّةُ مَوْضِعُ حَزْنٍ وَصُخُورٍ قَالَ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ حَلُّهُ بِضَمِّ اللَّامِ وَبِهَاءِ الضَّمِيرِ أَيْ نُزُولَهُ وَحُلُولَهُ قَالَ وَكَذَا ذَكَرَهُ الْحُمَيْدِيُّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ قَالَ وَذَكَرَهُ الْهَرَوِيُّ خَلَّةً بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ الْمَفْتُوحَتَيْنِ وَفَسَّرَهُ بِأَنَّهُ مَا بَيْنَ البلدين هذا آخر ماذكره الْقَاضِي وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ عَنِ الْهَرَوِيِّ هُوَ الْمَوْجُودُ فِي نُسَخِ بِلَادِنَا وَفِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ أَيْضًا بِبِلَادِنَا وَهُوَ الَّذِي رَجَّحَهُ صَاحِبُ نِهَايَةِ الْغَرِيبِ وَفَسَّرَهُ بِالطَّرِيقِ بَيْنَهُمَا .

     قَوْلُهُ  (فَعَاثَ يَمِينًا وَعَاثَ شِمَالًا) هُوَ بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ وَثَاءٍ مُثَلَّثَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَهُوَ فِعْلٌ مَاضٍ وَالْعَيْثُ الْفَسَادُ أَوْ أَشَدُّ الْفَسَادِ وَالْإِسْرَاعِ فِيهِ يُقَالُ مِنْهُ عَاثَ يَعِيثُ وَحَكَى الْقَاضِي أَنَّهُ رَوَاهُ بَعْضُهُمْ فَعَاثٍ بِكَسْرِ الثَّاءِ مَنُوَّنَةٍ اسْمُ فَاعِلٍ وَهُوَ بِمَعْنَى الْأَوَّلِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَوْمٌ كَسَنَةٍ وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ) قَالَ الْعُلَمَاءُ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَهَذِهِ الْأَيَّامُ الثَّلَاثَةُ طَوِيلَةٌ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ الْمَذْكُورِ فِي الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْوَأَمَّا .

     قَوْلُهُ مْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَسَنَةٍ أَتَكْفِينَا فِيهِ صَلَاةُ يَوْمٍ قَالَ لَا اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ فَقَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ هَذَا حُكْمٌ مَخْصُوصٌ بِذَلِكَ الْيَوْمِ شَرَعَهُ لَنَا صَاحِبُ الشَّرْعِ قَالُوا وَلَوْلَا هَذَا الْحَدِيثُ وَوُكِلْنَا إِلَى اجْتِهَادِنَا لَاقْتَصَرْنَا فِيهِ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ عِنْدَ الْأَوْقَاتِ الْمَعْرُوفَةِ فِي غَيْرِهِ مِنَ الْأَيَّامِ ومعنى أقدروا له قدره أَنَّهُ إِذَا مَضَى بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ قَدْرَ مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الظُّهْرِ كُلَّ يَوْمٍ فَصَلُّوا الظُّهْرَ ثُمَّ إِذَا مَضَى بَعْدَهُ قَدْرُ مَا يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَصْرِ فَصَلُّوا الْعَصْرَ وَإِذَا مَضَى بَعْدَ هَذَا قَدْرُ مَا يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ فَصَلُّوا الْمَغْرِبَ وَكَذَا الْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ ثُمَّ الظُّهْرَ ثُمَّ الْعَصْرَ ثُمَّ الْمَغْرِبَ وَهَكَذَا حَتَّى يَنْقَضِي ذَلِكَ الْيَوْمُ وَقَدْ وَقَعَ فِيهِ صَلَوَاتُ سَنَةٍ فَرَائِضُ كُلُّهَا مُؤَدَّاةٌ فِي وَقْتِهَا.

.
وَأَمَّا الثَّانِي الَّذِي كَشَهْرٍ وَالثَّالِثُ الَّذِي كَجُمُعَةٍ فَقِيَاسُ الْيَوْمُ الْأَوَّلُ أَنْ يُقَدَّرَ لَهُمَا كَالْيَوْمِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَتَرُوحُ عَلَيْهِمْ سَارِحَتُهُمْ أَطْوَلُ مَا كَانَتْ ذَرًّا وَأَسْبَغَهُ ضُرُوعًا وَأَمَدُّهُ خَوَاصِرَ) أَمَّا تَرُوحُ فَمَعْنَاهُ تَرْجِعُ آخِرَ النَّهَارِ وَالسَّارِحَةُ هِيَ الْمَاشِيَةُ الَّتِي تَسْرَحُ أَيْ تَذْهَبُ أَوَّلَ النَّهَارِ إِلَى الْمَرْعَى.

.
وَأَمَّا الذُّرَى فبضم الذال المعجمة وهى الأعالى والأسنمة جَمْعُ ذُرْوَةِ بِضَمِّ الذَّالِ وَكَسْرِهَا وَقَولُهُ (وَأَسْبَغَهُ) بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ أَطْوَلَهُ لِكَثْرَةِ اللَّبَنِ وَكَذَا أَمَدَّهُ خَوَاصِرَ لِكَثْرَةِ امْتِلَائِهَا مِنَ الشِّبَعِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَتَتْبَعُهُ كُنُوزُهَا كَيَعَاسِيبَ النَّحْلِ) هِيَ ذُكُورُ النَّحْلِ هَكَذَا فسره بن قُتَيْبَةَ وَآخَرُونَ قَالَ الْقَاضِي الْمُرَادُ جَمَاعَةُ النَّحْلِ لاذكورها خَاصَّةً لَكِنَّهُ كَنَّىعَنِ الْجَمَاعَةِ بِالْيَعْسُوبِ وَهُوَ أَمِيرُهَا لِأَنَّهُ مَتَى طَارَ تَبِعَتْهُ جَمَاعَتُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَيَقْطَعُهُ جَزْلَتَيْنِ رَمْيَةَ الْغَرَضِ) بفتح الجيم على المشهور وحكى بن دُرَيْدٍ كَسْرَهَا أَيْ قِطْعَتَيْنِ وَمَعْنَى رَمْيَةَ الْغَرَضِ أَنَّهُ يَجْعَلُ بَيْنَ الْجَزْلَتَيْنِ مِقْدَارَ رَمْيَتِهِ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ الْمَشْهُورُ وَحَكَى الْقَاضِي هَذَا ثُمَّ قَالَ وَعِنْدِي أَنَّ فِيهِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا وَتَقْدِيرُهُ فَيُصِيبُهُ إِصَابَةَ رَمْيَةِ الْغَرَضِ فَيَقْطَعُهُ جَزْلَتَيْنِ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ .

     قَوْلُهُ  (فَيَنْزِلُ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءَ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ) أَمَّا الْمَنَارَةُ فَبِفَتْحِ الْمِيمِ وَهَذِهِ الْمَنَارَةُ مَوْجُودَةٌ الْيَوْمَ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ وَدِمَشْقَ بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَحَكَى صَاحِبُ الْمَطَالِعِ كَسْرَ الْمِيمِ وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ فَضَائِلَ دِمَشْقَ وَفِي عِنْدَ ثَلَاثُ لُغَاتٍ كَسْرُ الْعَيْنِ وَضَمُّهَا وَفَتْحُهَا وَالْمَشْهُورُ الْكَسْرُ.

.
وَأَمَّا الْمَهْرُوذَتَانِ فَرُوِي بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُهْمَلَةُ أَكْثَرُ وَالْوَجْهَانِ مَشْهُورَانِ لِلْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالْغَرِيبِ وَغَيْرِهِمْ وَأَكْثَرُ مَا يَقَعُ فِي النُّسَخِ بِالْمُهْمَلَةِ كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَمَعْنَاهُ لَابِسَ مَهْرُوذَتَيْنِ أَيْ ثَوْبَيْنِ مَصْبُوغَيْنِ بِوَرْسٍ ثُمَّ بِزَعْفَرَانٍ وَقِيلَ هُمَا شَقَّتَانِ وَالشَّقَّةُ نِصْفُ الْمُلَاءَةِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (تَحَدَّرَ مِنْهُ جُمَانٌ كَاللُّؤْلُؤِ) الْجُمَانُ بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ هِيَ حَبَّاتٌ مِنَ الْفِضَّةِ تُصْنَعُ عَلَى هَيْئَةِ اللُّؤْلُؤِ الْكِبَارِ وَالْمُرَادُ يَتَحَدَّرُ مِنْهُ الْمَاءُ عَلَى هَيْئَةِ اللولؤ فى صفاته فَسُمِّي الْمَاءُ جُمَانًا لِشَبَهِهِ بِهِ فِي الصَّفَاءِ قوله صلى الله عليه وسلم (فلايحل لكافر يجد ريح نفسه الامات) هكذا الرواية فلا يحل بكسر الحاء ونفسه بِفَتْحِ الْفَاءِ وَمَعْنَى لَا يَحِلُّ لَا يُمْكِنُ وَلَا يَقَعُ.

     وَقَالَ  الْقَاضِي مَعْنَاهُ عِنْدِي حَقٌّ وَوَاجِبٌ قَالَ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِضَمِّ الْحَاءِوَهُوَ وَهَمٌ وَغَلَطٌ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يُدْرِكُهُ بِبَابِ لُدٍّ) هُوَ بِضَمِّ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ مَصْرُوفٌ وَهُوَ بَلْدَةٌ قَرِيبَةٌ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ثُمَّ يَأْتِي عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْمًا قَدْ عَصَمَهُمُ اللَّهُ مِنْهُ فَيَمْسَحُ عَنْ وُجُوهِهِمْ) قَالَ الْقَاضِي يُحْتَمَلُ أَنَّ هَذَا الْمَسْحَ حَقِيقَةٌ عَلَى ظَاهِرِهِ فَيَمْسَحُ عَلَى وُجُوهِهِمْ تَبَرُّكًا وَبِرًّا وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ إِشَارَةٌ إِلَى كَشْفِ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الشِّدَّةِ وَالْخَوْفِ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى (أخرجت عبادا لى لايدان لِأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ فَحَرِّزْ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ) فَ.

     قَوْلُهُ  لايدان بِكَسْرِ النُّونِ تَثْنِيَةُ يَدٍ قَالَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَاهُ لا قدرة ولا طاقة يقال مالى بهذا الأمر يد ومالى بِهِ يَدَانِ لِأَنَّ الْمُبَاشَرَةَ وَالدَّفْعَ إِنَّمَا يَكُونُ بِالْيَدِ وَكَأَنَّ يَدَيْهِ مَعْدُومَتَانِ لِعَجْزِهِ عَنْ دَفْعِهِ وَمَعْنَى حَرِّزْهُمْ إِلَى الطُّورِ أَيْ ضُمَّهُمْ وَاجْعَلْهُ لَهُمْ حِرْزًا يُقَالُ أَحْرَزْتُ الشَّيْءَ أُحْرِزُهُ إِحْرَازًا إِذَا حَفِظْتُهُ وَضَمَمْتُهُ إِلَيْكَ وَصُنْتُهُ عَنِ الْأَخْذِ ووقع فِي بَعْضِ النُّسَخِ حَزِّبْ بِالْحَاءِ وَالزَّايِ وَالْبَاءِ أَيِ اجْمَعْهُمْ قَالَ الْقَاضِي وَرُوِيَ حَوِّزْ بِالْوَاوِ وَالزَّايِ وَمَعْنَاهُ نَحِّهِمْ وَأَزِلْهُمْ عَنْ طَرِيقِهِمْ إِلَى الطُّورِ .

     قَوْلُهُ  (وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ) الحدب النشز وينسلون يَمْشُونَ مُسْرِعِينَ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَيُرْسِلُ اللَّهُ تَعَالَىعَلَيْهِمُ النَّغَفَ فِي رِقَابِهِمْ فَيُصْبِحُونَ فَرْسَى) النَّغَفُ بِنُونٍ وَغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَتَيْنِ ثُمَّ فَاءٍ وَهُوَ دُودٌ يَكُونُ فِي أُنُوفِ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ الْوَاحِدَةُ نغفة والفرسى بِفَتْحِ الْفَاءِ مَقْصُورٌ أَيْ قَتْلَى وَاحِدُهُمْ فَرِيسٌ قوله (مَلَأَهُ زَهْمُهُمْ وَنَتْنُهُمْ) هُوَ بِفَتْحِ الْهَاءِ أَيْ دَسْمُهُمْ وَرَائِحَتُهُمُ الْكَرِيهَةُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم (لايكن منه بيت مدر) أى لايمنع مِنْ نُزُولِ الْمَاءِ بَيْتٌ الْمَدَرُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالدَّالِ وَهُوَ الطِّينُ الصُّلْبُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَيَغْسِلُ الْأَرْضَ حَتَّى يَتْرُكَهَا كَالزَّلَفَةِ) رُوِيَ بِفَتْحِ الزَّايِ وَاللَّامِ وَالْقَافِ وَرُوِيَ الزُّلْفَةُ بضم الزاى وَإِسْكَانِ اللَّامِ وَبِالْفَاءِ وَرُوِيَ الزَّلَفَةُ بِفَتْحِ الزَّايِ وَاللَّامِ وَبِالْفَاءِ.

     وَقَالَ  الْقَاضِي رُوِيَ بِالْفَاءِ وَالْقَافِ وَبِفَتْحِ اللَّامِ وَبِإِسْكَانِهَا وَكُلُّهَا صَحِيحَةٌ قَالَ فِي الْمَشَارِقِ وَالزَّايُ مَفْتُوحَةٌ وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَاهُ فَقَالَ ثَعْلَبٌ وَأَبُو زَيْدٍ وَآخَرُونَ مَعْنَاهُ كَالْمِرْآةِ وَحَكَى صاحب المشارق هذا عن بن عَبَّاسٍ أَيْضًا شَبَّهَهَا بِالْمِرْآةِ فِي صَفَائِهَا وَنَظَافَتِهَا وَقِيلَ كَمَصَانِعِ الْمَاءِ أَيْ إِنَّ الْمَاءَ يُسْتَنْقَعُ فِيهَا حَتَّى تَصِيرَ كَالْمَصْنَعِ الَّذِي يَجْتَمِعُ فِيهِ الْمَاءُ.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدٍ مَعْنَاهُ كَالْإِجَّانَةِ الْخَضْرَاءِ وَقِيلَ كَالصَّحْفَةِ وَقِيلَ كَالرَّوْضَةِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (تَأْكُلُ الْعِصَابَةُ مِنَ الرُّمَّانَةِ وَيَسْتَظِلُّونَ بقحفها) العصابة الجماعة وقحفها بِكَسْرِ الْقَافِ هُوَ مُقَعَّرُ قِشْرِهَا شَبَّهَهَا بِقِحْفِ الرَّأْسِ وَهُوَ الَّذِي فَوْقَ الدِّمَاغِ وَقِيلَ مَا انْفَلَقَ مِنْ جُمْجُمَتِهِ وَانْفَصَلَ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَيُبَارِكُ فِي الرِّسْلِ حَتَّى إِنَّ اللِّقْحَةَ مِنَ الْإِبِلِ لَتَكْفِي الْفِئَامَ مِنَ النَّاسِ) الرِّسْلُ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَإِسْكَانِ السِّينِ هُوَ اللَّبَنُ واللقحةبِكَسْرِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ وَالْكَسْرُ أَشْهَرُ وَهِيَ الْقَرِيبَةُ الْعَهْدِ بِالْوِلَادَةِ وَجَمْعُهَا لِقَحٌ بِكَسْرِ اللَّامِ وَفَتْحِ الْقَافِ كَبِرْكَةٍ وَبِرَكٌ وَاللَّقُوحُ ذَاتُ اللَّبَنِ وَجَمْعُهَا لِقَاحٌ وَالْفِئَامُ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَبَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَمْدُودَةٌ وَهِيَ الْجَمَاعَةُ الْكَثِيرَةُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَالْمَعْرُوفُ فِي اللُّغَةِ وَكُتُبِ الْغَرِيبِ وَرِوَايَةُ الحديث أنه بكسر الفاء وبالهمز قال القاضي ومنهم من لايجيز الْهَمْزَ بَلْ يَقُولُهُ بِالْيَاءِ.

     وَقَالَ  فِي الْمَشَارِقِ وَحَكَاهُ الْخَلِيلُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَهِيَ رِوَايَةُ الْقَابِسِيِّ قَالَ وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْعَيْنِ غَيْرَ مَهْمُوزٍ فَأَدْخَلَهُ فِي حَرْفِ الْيَاءِ وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ أَنَّ بَعْضَهُمْ ذَكَرَهُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَهُوَ غَلَطٌ فَاحِشٌ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لِتَكْفِي الْفَخْذَ مِنَ النَّاسِ) قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْفَخْذُ الْجَمَاعَةُ مِنَ الْأَقَارِبِ وَهُمْ دُونَ الْبَطْنِ وَالْبَطْنُ دون القبيلة قال القاضي قال بن فَارِسٍ الْفَخْذُ هُنَا بِإِسْكَانِ الْخَاءِ لَا غَيْرُ فَلَا يُقَالُ إِلَّا بِإِسْكَانِهَا بِخِلَافِ الْفَخِذِ الَّتِي هِيَ الْعُضْوُ فَإِنَّهَا تُكْسَرُ وَتُسَكَّنُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَتَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَكُلِّ مُسْلِمٍ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ مُسْلِمٍ وَكُلِّ مُسْلِمٍ بِالْوَاوِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم (يتهارجون تهارج الحمير) أَيْ يُجَامِعُ الرِّجَالُ النِّسَاءَ بِحَضْرَةِ النَّاسِ كَمَا يَفْعَلُ الْحَمِيرُ وَلَا يَكْتَرِثُونَ لِذَلِكَ وَالْهَرْجُ بِإِسْكَانِ الرَّاءِ الْجِمَاعُ يُقَالُ هَرَجَ زَوْجَتَهُ أَيْ جَامَعَهَا يَهْرَجُهَا بِفَتْحِ الرَّاءِ وَضَمِّهَا وَكَسْرِهَا .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَسِيرُونَ حَتَّىيَنْتَهُوا إِلَى جَبَلِ الْخَمَرِ) هُوَ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ وَمِيمٍ مَفْتُوحَتَيْنِ وَالْخَمَرُ الشَّجَرُ الْمُلْتَفُّ الَّذِي يَسْتُرُ مَنْ فِيهِ وَقَدْ فَسَّرَهُ فِي الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ جبل بَيْتِ الْمَقْدِسِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال ذات غداة فخفض فيه ورفع حتى ظنناه في طائفة النخل فلما رحنا إليه عرف ذلك فينا فقال ما شأنكم قلنا يا رسول الله ذكرت الدجال غداة فخفضت فيه ورفعت حتى ظنناه في طائفة النخل فقال غير الدجال أخوفني عليكم إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم وإن يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه والله خليفتي على كل مسلم إنه شاب قطط عينه طافئة كأني أشبهه بعبد العزى بن قطن فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف إنه خارج خلة بين الشأم والعراق فعاث يمينا وعاث شمالا يا عباد الله فاثبتوا قلنا يا رسول الله وما لبثه في الأرض قال أربعون يوما يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم قلنا يا رسول الله فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم قال لا اقدروا له قدره قلنا يا رسول الله وما إسراعه في الأرض قال كالغيث استدبرته الريح فيأتي على القوم فيدعوهم فيؤمنون به ويستجيبون له فيأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذرا وأسبغه ضروعا وأمده خواصر ثم يأتي القوم فيدعوهم فيردون عليه قوله فينصرف عنهم فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شيء من أموالهم ويمر بالخربة فيقول لها أخرجي كنوزك فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل ثم يدعو رجلا ممتلئا شبابا فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض ثم يدعوه فيقبل ويتهلل وجهه يضحك فبينما هو كذلك إذ بعث الله المسيح ابن مريم فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين واضعا كفيه على أجنحة ملكين إذا طأطأ رأسه قطر وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه فيطلبه حتى يدركه بباب لد فيقتله ثم يأتي عيسى ابن مريم قوم قد عصمهم الله منه فيمسح عن وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة فبينما هو كذلك إذ أوحى الله إلى عيسى إني قد أخرجت عبادا لي لا يدان لأحد بقتالهم فحرز عبادي إلى الطور ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها ويمر آخرهم فيقولون لقد كان بهذه مرة ماء ويحصر نبي الله عيسى وأصحابه حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيرا من مائة دينار لأحدكم اليوم فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله فيرسل الله طيرا كأعناق البخت فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله ثم يرسل الله مطرا لا يكن منه بيت مدر ولا وبر فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة ثم يقال للأرض أنبتي ثمرتك وردي بركتك فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة ويستظلون بقحفها ويبارك في الرسل حتى إن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس واللقحة من البقر لتكفي القبيلة من الناس واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ من الناس فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحا طيبة فتأخذهم تحت آباطهم فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم ويبقى شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحمر فعليهم تقوم الساعة
المعنى العام

يكتفى بما في فقه الحديث من الأحداث وترتيبها والتبصر والاعتبار بها

المباحث العربية

( إن الله تعالى ليس بأعور ألا وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة طافئة) قال النووي طافئة رويت بالهمز وتركه وكلاهما صحيح فالمهموز هي التي ذهب نورها وغير المهموز هي التي نتأت وطفت وارتفعت وفيها ضوء وفي رواية العين اليسرى وكلاهما صحيح والعور في اللغة العيب وعيناه معيبتان عورا وإحداهما طافئة بالهمز لا ضوء فيها والأخرى طافية بلا همز أي ظاهرة ناتئة

وقوله إن الله ليس بأعور والدجال أعور علامة بينة تدل على كذب الدجال دلالة قطعية بديهية يدركها كل أحد ولم يقتصر على كونه جسما حادثا أو غير ذلك من الدلائل القطعية لكون بعض العوام لا يهتدي إليها

والدجال صيغة مبالغة من الدجل وهو التغطية وسمي الكذاب دجالا لأنه يغطي الحق بباطله ولقب الدجال بالمسيح كعيسى لأن كلا منهما يمسح الأرض لكن الدجال مسيح الضلالة وعيسى مسيح الهدى وبالغ ابن العربي فقال ضل قوم فرووه المسيخ بالخاء وشدد بعضهم السين ليفرقوا بينه وبين المسيح ابن مريم بزعمهم وقد فرق النبي صلى الله عليه وسلم بينهما بقوله في الدجال مسيح الضلالة فدل على أن عيسى مسيح الهدى

وفي الرواية الثانية ما من نبي إلا وقد أنذر أمته الأعور الكذاب ألا إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور ومكتوب بين عينيه ك ف ر وفي الرواية الرابعة مكتوب بين عينيه كافر ثم تهجاها ك ف ر يقرؤه كل مسلم وفي الرواية السادسة يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب قال النووي الصحيح الذي عليه المحققون أن هذه الكتابة على ظاهرها وأنها كتابة حقيقية جعلها الله آية وعلامة من جملة العلامات القاطعة بكفره وكذبه ويظهرها الله تعالى لكل مسلم كاتب وغير كاتب ويخفيها عمن أراد شقاوته وفتنته ولا امتناع في ذلك وذكر القاضي فيه خلافا منهم من قال هي مجاز وإشارة إلى سمات الحدوث عليه واحتج بقوله كاتب أو غير كاتب

وقد جاءت أوصاف أخرى للدجال منها جعد الرأس قصير أفحج بفاء وحاء وجيم أي متباعد ما بين الساقين أقرب الناس به شبها ابن قطن وفي روايتنا الخامسة جفال الشعر أي كثير الشعر

( معه جنة ونار فناره جنة وجنته نار) وفي الرواية السادسة معه نهران يجريان أحدهما رأي العين ماء أبيض والآخر رأي العين نار تأجج أي وصف النهرين بهذا في ظاهر النظر والحقيقة بخلاف ذلك وفي الرواية السابعة إن معه ماء ونارا فناره ماء بارد وماؤه نار وفي الرواية الثامنة فأما الذي يراه الناس ماء فنار تحرق وأما الذي يراه الناس نارا فماء بارد عذب وفي الرواية التاسعة إن معه نهرا من ماء ونهرا من نار فأما الذي ترون أنه نار ماء وأما الذي ترون أنه ماء نار وفي الرواية العاشرة وإنه يجيء معه مثل الجنة والنار فالتي يقول إنها الجنة هي النار

( فإما أدركن أحد فليأت النهر الذي يراه نارا وليغمض ثم ليطأطئ رأسه فيشرب منه فإنه ماء بارد) قال النووي هكذا هو أكثر النسخ أدركن فتح الراء والكاف وتشديد النون وفي بعضها أدركه وهذا الثاني ظاهر وأما الأول فغريب من حيث العربية لأن هذه النون لا تدخل على الفعل قال القاضي ولعله يدركن يعني فغيره بعض الرواة وقوله الذي يراه نارا بفتح ياء يراه وضمها وقوله وليغمض بضم الياء وفتح الغين وتشديد الميم المكسورة وفي الرواية السابعة فلا تهلكوا وتصدقوا ماءه وناره وفي الرواية الثامنة فمن أدرك ذلك منكم فليقع في الذي يراه نارا فإنه ماء عذب طيب وفي الرواية التاسعة فمن أدرك ذلك منكم فأراد الماء فليشرب من الذي يراه أنه نار فإنه سيجده ماء

وعند أحمد والطبراني معه واديان أحدهما جنة والآخر نار فناره جنة وجنته نار وعند ابن ماجه فمن ابتلي بناره فليستغث بالله وليقرأ فواتح الكهف فتكون عليه بردا وسلاما

قال العلماء وهذا كله يرجع إلى اختلاف المرئي بالنسبة إلى الرائي فإما أن يكون الدجال ساحرا فيخيل الشيء بصورة عكسه وإما أن يجعل الله باطن الجنة التي يسخرها الدجال نارا وباطن النار جنة وهذا هو الراجح وإما أن يكون ذلك كناية عن النعمة والرحمة بالجنة وعن المحنة والنقمة بالنار فمن أطاعه فأنعم عليه بجنته يئول أمره إلى دخول نار الآخرة وبالعكس ويحتمل أن يكون ذلك من جملة المحنة والفتنة فيرى الناظر إلى ذلك من دهشته النار فيظنها جنة وبالعكس

( ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال ذات غداة فخفض فيه ورفع حتى ظنناه في طائفة النخل) خفض ورفع بتشديد الفاء فيهما وفي معناه قولان أحدهما حقر وعظم فمن تحقيره وهوانه وصفه بالعور وبأنه أهون على الله من ذلك كما في الرواية الرابعة عشرة وبأنه يريد قتل الرجل ثانية فيعجز عنه كما في آخر الرواية الثانية عشرة والثالثة عشرة وبأنه يقتل بعد ذلك هو وأتباعه ومن تفخيمه وتعظيمه هذه الأمور الخارقة للعادة وما من نبي إلا وقد أنذر قومه به الوجه الثاني أنه خفض من صوته بعد أن أكثر الكلام فيه ليستريح ثم رفع صوته ليبلغ كل أحد

( غير الدجال أخوفني عليكم) قال النووي هكذا هو في جميع نسخ بلادنا أخوفني بنون بعد الفاء وكذا نقله القاضي عن رواية الأكثرين قال ورواه بعضهم بحذف النون وهما لغتان صحيحتان ومعناهما واحد قال بعضهم تضمن لفظ الحديث ما لا يعتاد من إضافة أخوف إلى ياء المتكلم مقرونة بنون الوقاية وهذا الاستعمال إنما يكون في الأفعال المتعدية قال لكن ولأفعل التفضيل شبه بالفعل وخصوصا بفعل التعجب فجاز أن تلحقه النون المذكورة ويحتمل أن يكون معناه أخوف لي فأبدلت النون من اللام

وأما معنى الجملة ففيه أوجه أظهرها أنه من أفعل التفضيل وتقديره غير الدجال أخوف مخوفاتي عليكم والثاني بأن يكون أخوف من أخاف بمعنى خوف ومعناه غير الدجال أشد موجبات خوفي عليكم يشير إلى الفتن القريبة منهم فالقريب المتيقن وقوعه لمن يخاف عليه يشتد الخوف منه على البعيد المظنون وقوعه به ولو كان أشد

( إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم وإن يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه والله خليفتي على كل مسلم) أي فأنا مدافع عنكم وراد لكيده وإن يخرج بعدي فكل امرئ مسئول عن نفسه وأستعين بالله أن يعين كل مسلم على الدجال

( إنه شاب قطط عينه طافئة كأني أشبهه بعبد العزى بن قطن) القطط بفتح القاف والطاء وروى بكسر الطاء الأولى شديد القصر وقيل شديد جعودة الشعر وعبد العزى رجل من بني المصطلق من خزاعة هلك في الجاهلية وأخرج أحمد والحاكم وأشبه من رأيت به أكتم بن أبي الجون فقال أكتم يا رسول الله أيضرني شبهه قال لا إنك مسلم وهو كافر

( إنه خارج خلة بين الشام والعراق) قال النووي هكذا في نسخ بلادنا خلة بفتح الخاء واللام وتنوين الهاء المنصوبة مع تنوين خارج بالرفع أي إنه خارج من خلال وفاصل بين البلدين وقال القاضي المشهور حلة بالحاء ونصب التاء غير منونة قيل معناه سمت ذلك وقبالته أي إنه خارج قبالة الشام والعراق وفي كتاب العين الحلة موضع حزن وصخور أي إنه خارج عند صخور بين الشام والعراق ورواه بعضهم حله بضم اللام وبهاء الضمير أي حلوله بين الشام والعراق

( فعاث يمينا وعاث شمالا يا عباد الله فاثبتوا) عبر بالماضي عن المضارع لتحقق الوقوع أي يعيث يمينا ويعيث شمالا والعيث الفساد أو أشد الفساد والإسراع فيه وحكى القاضي أنه رواه بعضهم فعاث بكسر الثاء منونة اسم فاعل خبر لمبتدأ محذوف أي فهو عاث يمينا والمخاطب بقوله يا عباد الله فاثبتوا كل من يتأتى خطابه أي من يحضر الدجال حينذاك

( أربعون يوما يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم) قال النووي قال العلماء هذا الحديث على ظاهره وهذه الأيام الثلاثة طويلة على هذا المقدار المذكور في الحديث يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم وسائر الأيام كأيامكم

( قلنا يا رسول الله فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم قال لا اقدروا له قدره) قال النووي قال القاضي وغيره هذا حكم مخصوص بذلك اليوم شرعه لنا صاحب الشرع قالوا ولولا هذا الحديث ووكلنا إلى اجتهادنا لاقتصرنا فيه على الصلوات الخمس عند الأوقات المعروفة في غيره من الأيام ومعنى اقدرو له قدره أنه إذا مضى بعد طلوع الفجر قدر ما يكون بينه وبين الظهر كل يوم فصلوا الظهر ثم إذا مضى بعده قدر ما يكون بينها وبين العصر فصلوا وكذا المغرب وكذا العشاء ثم الفجر فالظهر فالعصر فالمغرب فالعشاء فيقع في ذاك اليوم صلوات سنة فرائض كلها مؤداة في وقتها اهـ

أقول إن ظاهر النص لا يلغي الواقع والعقل فيومه لا تتغير فيه حركة الشمس ولا حركة الأرض ولا يزيد واقعيا عن ( 24) ساعة تساوي ( 1440) دقيقة والصلوات الخمس في اليوم ( 17) ركعة × ( 365) يوما فالمطلوب في السنة ( 6205) ركعة مطلوب تأديتها في ( 1440) دقيقة أي ما يزيد على أربع ركعات في الدقيقة الواحدة دون نوم أو أكل أو عمل أو راحة وهذا غير معقول فالمعنى عندي أن طول اليوم إنما هو من حيث الإحساس لا من حيث طول الزمن وأن المطلوب من اقدروا له أي صلوا كثيرا والله أعلم

ويؤكد ذلك الشك في المدة في الرواية السادسة عشرة ولفظها يخرج الدجال في أمتي فيمكث أربعين لا أدري أربعين يوما أو أربعين شهرا أو أربعين عاما

( وما إسراعه في الأرض) هذا السؤال مبني على مفهوم من الأحاديث الأخرى ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال إلا مكة والمدينة تطوى له الأرض في أربعين يوما يسيح في الأرض أربعين يوما يرد كل بلدة غير هاتين البلدتين مكة والمدينة حرمهما الله تعالى عليه أي كيف يغطي هذه الأرض في أربعين يوما

( قال كالغيث استدبرته الريح) أصله كالريح تثير السحاب فتنزله في مكان ثم تستدبره إلى مكان آخر

( فيأتي على قوم فيدعوهم فيؤمنون به ويستجيبون له فيأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذرا وأسبغه ضروعا وأمده خواصر) أي ترجع ماشيتهم من مرعاها أعلى أسناما وأضخم ضروعا وأكثر امتلاء لشحمها ولحمها فمعنى تروح ترجع آخر النهار والسارحة الماشية التي تسرح أي تذهب أول النهار للمرعى وأما الذري فبضم الذال وهي الأعالي والأسنمة جمع ذروة بضم الذال وكسرها ومعنى وأسبغه ضروعا فبالسين والغين أي أطوله وأعظمه انتفاخا لكثرة اللبن وأمده خواصر أي أضخم معدة ولحما وشحما من الشبع

( ثم يأتي القوم فيدعوهم فيردون عليه قوله فينصرف عنهم فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شيء من أموالهم) أي فيكذبونه ولا يقبلون ادعاءه فيدعوا عليهم بالفقر وبالجدب وذهاب أموالهم فيصبحون كذلك وفي حديث أبي أمامة عند ابن ماجه وإن من فتنته أن يقول للأعرابي أرأيت إن بعثت لك أباك وأمك أتشهد أني ربك فيقول نعم فيمثل له شيطانان في صورة أبيه وأمه يقولان له يا بني اتبعه فإنه ربك وإن من فتنته أن يمر بالحي فيكذبونه فلا تبقى لهم سائمة إلا هلكت ويمر بالحي فيصدقونه فيأمر السماء أن تمطر والأرض أن تنبت فتمطر وتنبت حتى تروح مواشيهم من يومهم ذلك أسمن ما كانت وأعظم وأمده خواصر وأدره ضرعا

( ويمر بالخربة فيقول لها أخرجي كنوزك فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل) أي كذكور النحل وقال القاضي أي كجماعة النحل لا ذكورها خاصة لكنه كنى عن الجماعة باليعسوب وهو أميرها لأنه متى طار تبعته جماعته

( ثم يدعو رجلا ممتلئا شبابا فيضربه بالسيف يقطعه جزلتين رمية الغرض ثم يدعوه فيقبل ويتهلل وجهه يضحك) جزلتين بفتح الجيم على المشهور وحكى كسرها أي قطعتين ومعنى رمية الغرض أنه يجعل بين الجزلتين مقدار رميته هذا هو الظاهر المشهور وقيل في الكلام تقديم وتأخير وتقديره فيصيبه إصابة رمية الغرض فيقطعه جزلتين قال النووي والصحيح الأول

وفي الرواية الثانية عشرة يأتي الدجال وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة فينتهي إلى بعض السباخ التي تلي المدينة فيخرج إليه يومئذ رجل هو خير الناس أو من خير الناس فيقول له أشهد أنك الدجال الذي حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه فيقول الدجال أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته أتشكون في الأمر أي في أمر أني إله فيقولون لا قال فيقتله ثم يحييه فيقول حين يحييه والله ما كنت فيك قط أشد بصيرتي مني الآن قال فيريد الدجال أن يقتله فلا يسلط عليه ويقال إن هذا الرجل هو الخضر عليه السلام وفي الرواية الثالثة عشرة يخرج الدجال فيتوجه قبله رجل من المؤمنين فتلقاه أي فتتلقاه المسالح مسالح الدجال أي المسلحون الذين يحرسون الدجال فيقولون له أين تعمد فيقول أعمد إلى هذا الذي خرج قال فيقولون له أو ما تؤمن بربنا فيقول ما بربنا خفاء فيقولون اقتلوه فيقول بعضهم لبعض أليس قد نهاكم ربكم أن تقتلوا أحدا دونه قال فينطلقون به إلى الدجال فإذا رآه المؤمن قال يا أيها الناس هذا الدجال الذي ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيأمر الدجال به فيشبح أي يضرب حتى يشج فيقول خذوه وشجوه فيوسع ظهره وبطنه ضربا والشج الجرح في الرأس والوجه ويوسع ظهره بضم الياء وسكون الواو وفتح السين فيقول أو ما تؤمن بي قال فيقول أنت المسيح الكذاب قال فيؤمر به فيؤشر بالمئشار من مفرقه قال النووي يؤشر بالهمز والمئشار بالهمز أيضا هكذا الرواية بهمزة بعد الميم وهو الأفصح ويجوز تخفيفها فيهما فيجعل في الأول واوا وفي الثاني ياء ويجوز المنشار بالنون ومفرق الرأس وسطه والترقوة بفتح التاء وضم القاف هي العظم الذي بين ثغرة النحر والعاتق

فيؤشر بالمنشار من مفرقه حتى يفرق بين رجليه قال ثم يمشي الدجال بين القطعتين ثم يقول له أتؤمن بي فيقول ما ازددت فيك إلا بصيرة قال ثم يقول يا أيها الناس إنه لا يفعل بعدي بأحد من الناس قال فيأخذه الدجال ليذبحه فيجعل ما بين رقبته إلى ترقوته نحاسا فلا يستطيع إليه سبيلا قال فيأخذ بيديه ورجليه فيقذف به فيحسب الناس أنما قذفه إلى النار وإنما ألقي في الجنة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا أعظم الناس شهادة عند رب العالمين

( قال وما ينصبك منه إنه لا يضرك) ينصبك بضم الياء على اللغة المشهورة أي ما يتعبك من أمره يقال أنصبه المرض ونصبه المرض

( إنهم يقولون معه جبال من خبز ولحم ونهر من ماء قال هو أهون على الله من ذلك) قال القاضي معناه هو أهون على الله من أن يجعل ما خلقه الله تعالى على يده مضلا للمؤمنين ومشككا لقلوبهم بل إنما جعله له ليزداد الذين آمنوا إيمانا ويثبت الحجة على الكافرين والمنافقين وليس معناه أنه ليس معه شيء من ذلك فقد جاء في حديث مرفوع أخرجه أحمد والبيهقي في البعث بأنه معه فعلا جبل من خبز ونهر من ماء وعند أحمد أيضا معه جبال من خبز والناس في جهد إلا من تبعه ويحتمل أن يكون قوله هو أهون أي لا يجعل له ذلك حقيقة وإنما هو تخييل على الأبصار فيثبت المؤمن ويزل الكافر

( فبينما هو كذلك إذ بعث الله المسيح ابن مريم فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين واضعا كفيه على أجنحة ملكين إذا طأطأ رأسه قطر وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ) أما المنارة فبفتح الميم قال النووي وهذه المنارة موجودة اليوم شرقي دمشق وأما المهرودتان فروى بالدال والذال وجهان مشهوران للمتقدمين والمتأخرين من أهل اللغة وغيرهم وهما ثوبان مصبوغان بورس ثم بزعفران وقيل هما شقتان والشقة نصف الملاءة أي هو داخل ثوبين لابسهما ومعنى إذا طأطأ رأسه قطر أي نزل من رأسه قطرات الماء وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ الجمان بضم الجيم وتخفيف الميم هي حبات من الفضة تصنع على هيئة اللؤلؤ الكبار والمراد يتحدر منه الماء على هيئة اللؤلؤ في صفائه كلما خفض رأسه وكلما رفعه

( فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات) قال النووي هكذا الرواية فلا يحل بكسر الحاء ونفسه بفتح الفاء والضمير لعيسى عليه السلام ومعنى لا يحل لا يمكن ولا يقع وقال القاضي معناه عندي حق وواجب قال ورواه بعضهم بضم الحاء وهو وهم وغلط

( ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه) أي ونفس عيسى عليه السلام يمتد من مجلسه إلى مسافة انتهاء مد بصره

( فيطلبه حتى يدركه بباب لد فيقتله) لد بضم اللام وتشديد الدال مصروف وهو بلدة قريبة من بيت المقدس وفي الرواية السادسة عشرة فيبعث الله عيسى ابن مريم كأنه عروة بن مسعود فيطلبه فيهلكه

( ثم يأتي عيسى ابن مريم قوم قد عصمهم الله منه فيمسح عن وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة) قال القاضي يحتمل أن هذا المسح حقيقة على ظاهره فيمسح على وجوههم تبركا وبرا ويحتمل أنه إشارة إلى كشف ما هم فيه من الشدة والخوف

( فبينما هو كذلك إذ أوحى الله إلى عيسى إني قد أخرجت عبادا لي لا يدان لأحد بقتالهم فحرز عبادي إلى الطور) لا يدان بكسر النون تثنية يد وفي ملحق الرواية الحادية عشرة لا يدي لأحد بقتالهم قال العلماء معناه لا قدرة ولا طاقة لأحد بقتالهم يقال ما لي بهذا الأمر يد ومالي به يدان لأن المباشرة والدفع إنما يكون باليد وكأن يديه معدومتان لعجزه عن دفعه ومعنى حرز عبادي إلى الطور أي ضمهم إلى الطور واجعله لهم حرزا وصيانه وحفظا ووقع في بعض النسخ حزب بالباء أي اجمعهم قال القاضي وروى حوز بالواو والزاي ومعناه نحهم وأزلهم عن طريقهم إلى الطور

( وهم من كل حدب ينسلون) الحدب النشز وينسلون يمشون مسرعين

( فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة) النغف بنون وغين مفتوحتين هو دود يكون في أنوف الإبل والغنم الواحدة نغفة والفرسى بفتح الفاء وسكون الراء وسين مفتوحة مقصور أي قتلى واحدهم فريس والمعنى أن يأجوج ومأجوج يشربون ماء البحيرة ويحاصر عيسى وأصحابه بدون طعام ولا ماء فيرسل الله على يأجوج ومأجوج ميكروبا يصبحون به قتلى تملأ الأرض بأجسادهم

( ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم) الزهم الدسم والمعنى أن عيسى عليه السلام وأصحابه ينزلون إلى الأرض التي مات فيها يأجوج ومأجوج فيجدها ممتلئة بشحوم الموتى ورائحتهم النتنة

( فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله) أي فيلجأ عيسى وأصحابه إلى الله أن ينقذهم من القذر والريح الكريهة

( فيرسل الله طيرا كأعناق البخت) البخت الإبل الخراسانية وهي مشهورة بطول الأعناق

( فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله) أي فتحمل لحوم الموتى وتلقيهم في أماكن بعيدة عنهم لا يعلمونها

( ثم يرسل الله مطرا لا يكن منه بيت مدر ولا وبر) أي لا يمنع منه بيت مبني بالطوب والحجر ولا يحمي منه بيت من خيام

( فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة) روى بفتح الزاي واللام وبالفاء وروى بالقاف بدل الفاء وبفتح اللام وبإسكانها فيهما مع فتح الزاي قال النووي وكلها صحيحة قيل معناه كالمرآة شبهها بالمرآة في صفائها ونظافتها وقيل كمصانع الماء أي إن الماء يستنقع فيها حتى تصير المصنع الذي يجتمع فيه الماء وقيل كالصحفة وقيل كالروضة

( فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة ويستظلون بقحفها) العصابة الجماعة والقحف بكسر القاف وسكون الحاء هو مقعر قشرها شبهها بقحف الرأس وهو الذي فوق الدماغ وقيل ما انفلق من جمجمته وانفصل

( ويبارك في الرسل حتى إن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس) الرسل بكسر الراء وسكون السين هو اللبن واللقحة بكسر اللام وفتحها لغتان مشهورتان والكسر أشهر وهي القريبة العهد بالولادة واللقوح ذات اللبن وجمعها لقاح والفئام بكسر الفاء وبعدها همزة ممدودة وهي الجماعة الكثيرة

قال القاضي ومنهم من لا يجيز الهمز بل يقول بالياء وذكره بعضهم بفتح الفاء وتشديد الياء وهو غلط فاحش

( واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ من الناس) قال أهل اللغة الفخذ الجماعة من الأقارب وهو دون البطن والبطن دون القبيلة قال ابن فارس الفخذ هنا بإسكان الخاء لا غير فلا يقال إلا بإسكانها بخلاف الفخذ التي هي العضو فإنها تكسر وتسكن

( ويبقى شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحمر) أي يجامع الرجال النساء بحضرة الناس كما تفعل الحمير ولا يكترثون لذلك والهرج بإسكان الراء الجماع يقال هرج زوجته أي جامعها يهرجها بفتح الراء وضمها وكسرها

( ثم يسيرون حتى ينتهوا إلى جبل الخمر) بفتح الخاء والميم وهو الشجر الملتف الذي يستر من فيه وقد فسره في الحديث بأنه جبل بيت المقدس والضمير في يسيرون ليأجوج ومأجوج بعد أن شربوا ماء بحيرة طبرية

( فيرمون بنشابهم) أي بسهامهم

( وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة) بكسر النون أي طرقها وفجاجها وهو جمع نقب وهو الطريق بين الجبلين

( حتى لو أن أحدكم دخل في كبد جبل لدخلته عليه) كبد الجبل وسطه وداخله وكبد كل شيء وسطه

( فيبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع) قال العلماء معناه يكونون في سرعتهم إلى الشرور وقضاء الشهوات والفساد كطيران الطير وفي العدوان وظلم بعضهم بعضا في أخلاق السباع العادية

( فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتا) الليت بكسر اللام صحفة العنق وهي جانبه وأصغى أمال

( وأول من يسمعه رجل يلوط حوض إبله فيصعق) أي يطينه ويصلحه

( ينزل الله مطرا كأنه الطل أو الظل) قال العلماء الأصح الطل وهو الموافق للحديث الآخر أنه كمني الرجال إذ الطل من معانيه اللبن

( وذلك يوم يكشف عن ساق) قال العلماء معناه ومعنى ما في القرآن { { يوم يكشف عن ساق } } [القلم 42] يوم يكشف عن شدة الأمر وهوله العظيم أي يظهر ذلك يقال كشفت الحرب عن ساقها إذا اشتدت وأصله أن من جد في أمره كشف عن ساق مستمرا في الخفة والنشاط له

فقه الحديث

قال القاضي عياض هذه الأحاديث التي ذكرها مسلم وغيره في قصة الدجال حجة لمذهب أهل الحق في صحة وجوده وأنه شخص بعينه ابتلى الله به عباده وأقدره على أشياء من مقدورات الله تعالى من إحياء الميت الذي يقتله ومن ظهور زهرة الدنيا والخصب ومن جنته وناره ونهريه واتباع كنوز الأرض له وأمره السماء أن تمطر فتمطر والأرض أن تنبت فتنبت فيقع كل ذلك بقدرة الله تعالى ومشيئته ثم يعجزه الله تعالى بعد ذلك فلا يقدر على قتل ذلك الرجل ولا غيره ويبطل أمره ويقتله عيسى عليه السلام ويثبت الله الذين آمنوا هذا مذهب أهل السنة وجميع المحدثين والفقهاء والنظار خلافا لمن أنكره وأبطل أمره من الخوارج والجهمية وبعض المعتزلة وخلافا للبخاري المعتزلى وموافقيه من الجهمية وغيرهم في أنه صحيح الوجود ولكن الذي يدعي مخارف وخيالات لا حقائق لها وزعموا أنه لو كان حقا لم يوثق بمعجزات الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم وهذا غلط من جميعهم لأنه لم يدع النبوة فيكون ما معه كالتصديق له وإنما يدعي الإلهية وهو في نفس دعواه مكذب لها بصورة حالة ووجود دلائل الحدوث فيه ونقص صورته وعجزه عن إزالة العور الذي في عينيه وعن إزالة الشاهد بكفره المكتوب بين عينيه

ولهذه الدلائل وغيرها لا يغتر به إلا رعاع من الناس لسد الحاجة والفاقة رغبة في سد الرمق أو تقية وخوفا من أذاه لأن فتنته عظيمة جدا تدهش العقول وتحير الألباب مع سرعة مروره في الأمر فلا يمكث بحيث يتأمل الضعفاء حاله ودلائل الحدوث فيه والنقص فيصدقه من صدقه في هذه الحالة

ولهذا حذرت الأنبياء من فتنته صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ونبهوا على نقصه ودلائل إبطاله وأما أهل التوفيق فلا يغترون به ولا يخدعون لما معه لما ذكرناه من الدلائل المكذبة له مع ما سبق لهم من العلم بحاله ولهذا يقول له الذي يقتله ثم يحييه ما ازددت فيك إلا بصيرة هذا آخر كلام القاضي اهـ

ونحن انطلاقا من الإيمان بالغيب نرى أن هذا أمر غيبي أخبر به الصادق المصدوق فلا يقاس بالعلم والقواعد والعقول ولا يقال فيه لو كان كذا كان كذا ولا لم يكن كذا والكلام عنه كلام عن أمارات الساعة ومقدماتها وفيها ما هو أشد هولا من ذلك ولا عاصم إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله

ويؤخذ من الأحاديث فوق ما تقدم

1- أوصاف الدجال البدنية عيب في عينيه مكتوب بين عينيه ك ف ر كثيف الشعر شاب قطط قصير

2- الخوارق التي تظهر على يديه معه نهران أحدهما فيما يرى الناس ماء عذب والناس عطشى والثاني فيما يرى الناس نار وحقيقة نهر النار جنة وحقيقة نهر الماء نار فمن صدقه وذهب إلى نهر الماء دخل النار ومن كذبه فألقى به في النار ألقى به في برد وسلام وهذان النهران هما ما أطلق عليهما في بعض الروايات معه جنة ونار يسيح في الأرض وينتقل من بلد إلى بلد جري الريح بالسحاب فيترك آثاره الخبيثة في موطن لينشرها في موطن آخر حتى يستوعب بلاد الأرض عدا مكة والمدينة يدعي أنه الإله فمن صدقه من أهل البادية أمر السماء أن تمطر لهم فتمطر والأرض أن تنبت لهم فتنبت فتشبع مواشيهم ويشبعون بلبنها ومن كذبه من أهل البادية أمر بالقحط والجدب لهم فتأخذهم السنة والقحط والجدب ويفتقرون

ومن صدقه من غير أهل البادية أغدق عليه من كنوز الأرض التي معه والتي تسير خلفه ومن كذبه منهم حرمه من المال فاشتد عليه الحال

ومعه جبل من خبز وجبل من لحم يمر بهما على الفقراء الجائعين فمن صدقه أطعمه ومن كذبه حرمه

ويدعو شابا في غاية القوة والنشاط يقول له آمن بي فيقول كلا أنت المسيح الدجال الذي حذرنا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول للقوم إن قتلت هذا وأحييته تؤمنون بي فيقولون نعم فيشقه بالمنشار نصفين ويمشي بين نصفيه ثم يأمره فيجتمع نصفاه ويعود للحياة الكاملة النشطة الضاحكة المبتهجة لكنه ينادي في الناس لا تصدقوه فهو الدجال الكذاب فيقول له قتلتك وأحييتك فيقول ما زادني ذلك إلا تأكيدا أنك الدجال فيأمر به فيلقى في ناره فيحسبه الناس في النار والحقيقة أنه ألقى به في النعيم والجنة

3- من أين يخرج قال الحافظ ابن حجر إنه يخرج من قبل المشرق واستدل على أنه يخرج من خراسان بما أخرجه أحمد والحاكم وعلى أنه يخرج من أصبهان بما أخرجه مسلم

4- وماذا يدعي قال الحافظ ابن حجر يدعي أولا الإيمان والصلاح ثم يدعي النبوة ثم يدعي الإلهية وظاهر أحاديثنا أنه يدعي الإلهية واستدل الحافظ بما أخرجه الطبراني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الدجال ليس به خفاء يجيء من قبل المشرق فيدعو إلى الدين فيتبع ويظهر فلا يزال حتى يقدم الكوفة فيظهر الدين ويعمل به ويحث على ذلك فيتبع ثم يدعي أنه نبي فيفزع من ذلك كل ذي لب ويفارقه فيمكث بعد ذلك فيقول أنا الله فتغشى عينه وتقطع أذنه ويكتب بين عينيه كافر فلا يخفى على كل مسلم فيفارقه كل أحد من الخلق في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان

5- ومدة مكثه في الأرض تحكيه الرواية الحادية عشرة أربعون يوما يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم

6- ونهايته تحكيها الرواية الحادية عشرة وفيها فبينما هو كذلك إذ بعث الله المسيح ابن مريم فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق ...
فيطلبه حتى يدركه بباب لد فيقتله والرواية السادسة عشرة وفيها فيبعث الله عيسى ابن مريم كأنه عروة بن مسعود فيطلبه فيهلكه

7- الذي يحدث بعده كما يؤخذ من الرواية الحادية عشرة يحرز عيسى عليه السلام المؤمنين الذين عصمهم الله منه إلى الطور

8- ويبعث الله يأجوج ومأجوج فيشربون بحيرة طبرية ويأكلون خيرات الأرض حتى يكاد الجوع يودي بعيسى عليه السلام والمؤمنين

9- ومن ملحق الرواية الحادية عشرة ينتهي يأجوج ومأجوج إلى جبل بيت المقدس فيرمون سهامهم إلى السماء ليقتلوا من فيها فتعود إليهم سهامهم فتقتل كثيرا منهم

10- ويبعث الله على يأجوج ومأجوج ميكروبا يقتلهم

11- وتمتلئ الأرض بجثثهم ونتنهم فيدعو عيسى ربه فيرسل طيرا تحمل جيفهم فترمي بها بعيدا عنهم

12- ويدعو عيسى ربه فيرسل مطرا غزيرا يغسل الأرض من آثارهم

13- وتفيض الخيرات فتعظم الفواكه وتكثر الألبان واللحوم

14- ومن الرواية السادسة عشرة يمكث الناس سبع سنين في خير ومودة ووئام

15- ثم يرسل الله ريحا باردة طيبة فتقبض كل من في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان فلا يبقى على الأرض إلا شرار الناس

16- وأن هؤلاء الناس يكونون ضعاف العقول متسارعين إلى الفساد لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا

17- وفي الرواية الحادية عشرة أنهم يتقاتلون ويتناكحون في الطرقات دون حياء

18- وفي الرواية السادسة عشرة يتمثل لهم الشيطان فيأمرهم بعبادة الأوثان فيعبدونها مع اتساع رزقهم وراحة عيشتهم

19- ينفخ الله في الصور في هذه الحالة فيصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله وأول من يصعق رجل كان طويل الأمل يجهز حوضا لماء إبله فيصعق وهو يبني حوضه

20- ومن ملحق الرواية السابعة عشرة أن أول الأشراط الكبرى للساعة خروج الدجال

21- ومن الرواية السابعة عشرة أن طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة تخرجان في أواخر أشراط الساعة وأيهما خرجت قبل صاحبتها كانت الأخرى على إثرها قريبا

22- ومن الرواية السادسة عشرة أنه بعد صعقة الموت تمطر السماء ماء يشبه اللبن فيبعث الناس وإذا هم قيام ينظرون

23- ثم يسيرون إلى الموقف العظيم

24- ثم يميز بعث النار من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون

25- وأن هذا اليوم شديد يجعل الولدان شيبا ولكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه

26- ومن الرواية العاشرة أن نوحا والرسل كلهم أنذروا قومهم الدجال وحذروهم منه

27- ومن الرواية الحادية عشرة أهمية الصلاة ووجوب الحفاظ عليها

28- ومن قوله غير الدجال أخوفني عليكم أن الفتن كثيرة والإشارة إلى تقاتل المسلمين

29- وأن من الاستعانة على الدجال قراءة أول سورة الكهف

30- ومن الرواية الرابعة عشرة والخامسة عشرة الحث على عدم الإكثار من السؤال عن الدجال ونحوه

31- وجواز التقليل من الأمر الكبير البعيد لتوجيه النفوس إلى الأهم القريب

والله أعلم.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ سـ :5361 ... بـ :2937]
حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ جَابِرٍ الطَّائِيُّ قَاضِي حِمْصَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ الْحَضْرَمِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ النَّوَّاسَ بْنَ سَمْعَانَ الْكِلَابِيَّ ح وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ الرَّازِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ الطَّائِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ قَالَ ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّجَّالَ ذَاتَ غَدَاةٍ فَخَفَّضَ فِيهِ وَرَفَّعَ حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ فَلَمَّا رُحْنَا إِلَيْهِ عَرَفَ ذَلِكَ فِينَا فَقَالَ مَا شَأْنُكُمْ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَكَرْتَ الدَّجَّالَ غَدَاةً فَخَفَّضْتَ فِيهِ وَرَفَّعْتَ حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ فَقَالَ غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُنِي عَلَيْكُمْ إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ وَإِنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ وَاللَّهُ خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ إِنَّهُ شَابٌّ قَطَطٌ عَيْنُهُ طَافِئَةٌ كَأَنِّي أُشَبِّهُهُ بِعَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قَطَنٍ فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ فَلْيَقْرَأْ عَلَيْهِ فَوَاتِحَ سُورَةِ الْكَهْفِ إِنَّهُ خَارِجٌ خَلَّةً بَيْنَ الشَّأْمِ وَالْعِرَاقِ فَعَاثَ يَمِينًا وَعَاثَ شِمَالًا يَا عِبَادَ اللَّهِ فَاثْبُتُوا قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا لَبْثُهُ فِي الْأَرْضِ قَالَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا يَوْمٌ كَسَنَةٍ وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَسَنَةٍ أَتَكْفِينَا فِيهِ صَلَاةُ يَوْمٍ قَالَ لَا اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا إِسْرَاعُهُ فِي الْأَرْضِ قَالَ كَالْغَيْثِ اسْتَدْبَرَتْهُ الرِّيحُ فَيَأْتِي عَلَى الْقَوْمِ فَيَدْعُوهُمْ فَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَجِيبُونَ لَهُ فَيَأْمُرُ السَّمَاءَ فَتُمْطِرُ وَالْأَرْضَ فَتُنْبِتُ فَتَرُوحُ عَلَيْهِمْ سَارِحَتُهُمْ أَطْوَلَ مَا كَانَتْ ذُرًا وَأَسْبَغَهُ ضُرُوعًا وَأَمَدَّهُ خَوَاصِرَ ثُمَّ يَأْتِي الْقَوْمَ فَيَدْعُوهُمْ فَيَرُدُّونَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ فَيَنْصَرِفُ عَنْهُمْ فَيُصْبِحُونَ مُمْحِلِينَ لَيْسَ بِأَيْدِيهِمْ شَيْءٌ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَيَمُرُّ بِالْخَرِبَةِ فَيَقُولُ لَهَا أَخْرِجِي كُنُوزَكِ فَتَتْبَعُهُ كُنُوزُهَا كَيَعَاسِيبِ النَّحْلِ ثُمَّ يَدْعُو رَجُلًا مُمْتَلِئًا شَبَابًا فَيَضْرِبُهُ بِالسَّيْفِ فَيَقْطَعُهُ جَزْلَتَيْنِ رَمْيَةَ الْغَرَضِ ثُمَّ يَدْعُوهُ فَيُقْبِلُ وَيَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ يَضْحَكُ فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ فَيَنْزِلُ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ وَاضِعًا كَفَّيْهِ عَلَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ إِذَا طَأْطَأَ رَأْسَهُ قَطَرَ وَإِذَا رَفَعَهُ تَحَدَّرَ مِنْهُ جُمَانٌ كَاللُّؤْلُؤِ فَلَا يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ إِلَّا مَاتَ وَنَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرْفُهُ فَيَطْلُبُهُ حَتَّى يُدْرِكَهُ بِبَابِ لُدٍّ فَيَقْتُلُهُ ثُمَّ يَأْتِي عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ قَوْمٌ قَدْ عَصَمَهُمْ اللَّهُ مِنْهُ فَيَمْسَحُ عَنْ وُجُوهِهِمْ وَيُحَدِّثُهُمْ بِدَرَجَاتِهِمْ فِي الْجَنَّةِ فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى عِيسَى إِنِّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي لَا يَدَانِ لِأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ فَحَرِّزْ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ وَيَبْعَثُ اللَّهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ فَيَمُرُّ أَوَائِلُهُمْ عَلَى بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ فَيَشْرَبُونَ مَا فِيهَا وَيَمُرُّ آخِرُهُمْ فَيَقُولُونَ لَقَدْ كَانَ بِهَذِهِ مَرَّةً مَاءٌ وَيُحْصَرُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ حَتَّى يَكُونَ رَأْسُ الثَّوْرِ لِأَحَدِهِمْ خَيْرًا مِنْ مِائَةِ دِينَارٍ لِأَحَدِكُمْ الْيَوْمَ فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ فَيُرْسِلُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ النَّغَفَ فِي رِقَابِهِمْ فَيُصْبِحُونَ فَرْسَى كَمَوْتِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ يَهْبِطُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إِلَى الْأَرْضِ فَلَا يَجِدُونَ فِي الْأَرْضِ مَوْضِعَ شِبْرٍ إِلَّا مَلَأَهُ زَهَمُهُمْ وَنَتْنُهُمْ فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إِلَى اللَّهِ فَيُرْسِلُ اللَّهُ طَيْرًا كَأَعْنَاقِ الْبُخْتِ فَتَحْمِلُهُمْ فَتَطْرَحُهُمْ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ مَطَرًا لَا يَكُنُّ مِنْهُ بَيْتُ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ فَيَغْسِلُ الْأَرْضَ حَتَّى يَتْرُكَهَا كَالزَّلَفَةِ ثُمَّ يُقَالُ لِلْأَرْضِ أَنْبِتِي ثَمَرَتَكِ وَرُدِّي بَرَكَتَكِ فَيَوْمَئِذٍ تَأْكُلُ الْعِصَابَةُ مِنْ الرُّمَّانَةِ وَيَسْتَظِلُّونَ بِقِحْفِهَا وَيُبَارَكُ فِي الرِّسْلِ حَتَّى أَنَّ اللِّقْحَةَ مِنْ الْإِبِلِ لَتَكْفِي الْفِئَامَ مِنْ النَّاسِ وَاللِّقْحَةَ مِنْ الْبَقَرِ لَتَكْفِي الْقَبِيلَةَ مِنْ النَّاسِ وَاللِّقْحَةَ مِنْ الْغَنَمِ لَتَكْفِي الْفَخِذَ مِنْ النَّاسِ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ رِيحًا طَيِّبَةً فَتَأْخُذُهُمْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ فَتَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَكُلِّ مُسْلِمٍ وَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ يَتَهَارَجُونَ فِيهَا تَهَارُجَ الْحُمُرِ فَعَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ ابْنُ حُجْرٍ دَخَلَ حَدِيثُ أَحَدِهِمَا فِي حَدِيثِ الْآخَرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَ مَا ذَكَرْنَا وَزَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ لَقَدْ كَانَ بِهَذِهِ مَرَّةً مَاءٌ ثُمَّ يَسِيرُونَ حَتَّى يَنْتَهُوا إِلَى جَبَلِ الْخَمَرِ وَهُوَ جَبَلُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَيَقُولُونَ لَقَدْ قَتَلْنَا مَنْ فِي الْأَرْضِ هَلُمَّ فَلْنَقْتُلْ مَنْ فِي السَّمَاءِ فَيَرْمُونَ بِنُشَّابِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ فَيَرُدُّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ نُشَّابَهُمْ مَخْضُوبَةً دَمًا وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ حُجْرٍ فَإِنِّي قَدْ أَنْزَلْتُ عِبَادًا لِي لَا يَدَيْ لِأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ
قَوْلُهُ : ( سَمِعَ النَّوَاسَ بْنَ سَمْعَانَ ) بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِهَا .

( ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّجَّالَ ذَاتَ غَدَاةٍ ، فَخَفَّضَ فِيهِ وَرَفَّعَ ، حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ ) هُوَ بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ فِيهِمَا ، وَفِي مَعْنَاهُ قَوْلَانِ : أَحَدُهُمَا أَنَّ خَفَّضَ بِمَعْنَى حَقَّرَ ، وَقَوْلُهُ ( رَفَّعَ ) أَيْ عَظَّمَهُ وَفَخَّمَهُ ، فَمِنْ تَحْقِيرِهِ وَهُوَ أَنَّهُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى عَوَرُهُ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هُوَ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى قَتْلِ أَحَدٍ إِلَّا ذَلِكَ الرَّجُلُ ، ثُمَّ يَعْجِزُ عَنْهُ ، وَأَنَّهُ يَضْمَحِلُّ أَمْرُهُ ، وَيُقْتَلُ بَعْدَ ذَلِكَ هُوَ وَأَتْبَاعُهُ .
وَمِنْ تَفْخِيمِهِ وَتَعْظِيمِ فِتْنَتِهِ وَالْمِحْنَةِ بِهِ هَذِهِ الْأُمُورِ الْخَارِقَةِ لِلْعَادَةِ ، وَأَنَّهُ مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ أَنْذَرَهُ قَوْمَهُ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ خَفَّضَ مِنْ صَوْتِهِ فِي حَالِ الْكَثْرَةِ فِيمَا تَكَلَّمَ فِيهِ ، فَخَفَّضَ بَعْدَ طُولِ الْكَلَامِ وَالتَّعَبِ لِيَسْتَرِيحَ ، ثُمَّ رَفَعَ لِيَبْلُغَ صَوْتُهُ كُلَّ أَحَدٍ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُنِي عَلَيْكُمْ ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا : ( أَخْوَفُنِي ) بِنُونٍ بَعْدَ الْفَاءِ ، وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ رِوَايَةِ الْأَكْثَرِينَ .
قَالَ : وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِحَذْفِ النُّونِ ، وَهُمَا لُغَتَانِ صَحِيحَتَانِ ، وَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ .
قَالَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : الْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إِلَى الْكَلَامِ فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ وَمَعْنَاهُ ، فَأَمَّا لَفْظُهُ لِكَوْنِهِ تَضَمَّنَ مَا لَا يُعْتَادُ مِنْ إِضَافَةِ أَخْوَفِ إِلَى يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ مَقْرُونَةٌ بِنُونِ الْوِقَايَةِ ، وَهَذَا الِاسْتِعْمَالُ إِنَّمَا يَكُونُ مَعَ الْأَفْعَالِ الْمُتَعَدِّيَةِ ، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ كَانَ الْأَصْلُ إِثْبَاتَهَا ، وَلَكِنَّهُ أَصْلٌ مَتْرُوكٌ ، فَنَبَّهَ عَلَيْهِ فِي قَلِيلٍ مِنْ كَلَامِهِمْ ، وَأَنْشَدَ فِيهِ أَبْيَاتًا مِنْهَا مَا أَنْشَدَهُ الْفَرَّاءُ .


فَمَا أَدْرِي فَظَنِّي كُلُّ ظَنٍّ أَمُسْلِمَتِي إِلَى قَوْمِي شَرَاحِي يَعْنِي شَرَاحِيلَ فَرَخَّمَهُ فِي غَيْرِ النِّدَا لِلضَّرُورَةِ وَأَنْشَدَ غَيْرُهُ :

وَلَيْسَ الْمُوَافِينِي لِيَرْفِدَ خَائِبًا فَإِنَّ لَهُ أَضْعَافَ مَا كَانَ أَمَّلَا
وَلِأَفْعَلَ التَّفْضِيلِ أَيْضًا شَبَهٌ بِالْفِعْلِ ، وَخُصُوصًا بِفِعْلِ التَّعَجُّبِ ، فَجَازَ أَنْ تَلْحَقُهُ النُّونُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْحَدِيثِ كَمَا لَحِقَتْ فِي الْأَبْيَاتِ الْمَذْكُورَةِ .
هَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ فِي هَذِهِ النُّونِ هُنَا ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَخْوَفُ لِي فَأُبْدِلَتِ النُّونُ مِنَ اللَّامِ كَمَا أُبْدِلَتْ فِي ( لِعَنْ وَعَنْ ) بِمَعْنَى ( لَعَلَّ وَعَلَّ ) ..
وَأَمَّا مَعْنَى الْحَدِيثِ فَفِيهِ أَوْجُهٌ أَظْهَرُهَا أَنَّهُ مِنْ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ ، وَتَقْدِيرُهُ غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُ مُخُوفَاتِي عَلَيْكُمْ ، ثُمَّ حَذَفَ الْمُضَافَ إِلَى الْيَاءِ ، وَمِنْهُ أَخْوَفُ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي الْأَئِمَّةَ الْمُضِلُّونَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْأَشْيَاءَ الَّتِي أَخَافُهَا عَلَى أُمَّتِي أَحَقُّهَا بِأَنْ تُخَافَ الْأَئِمَّةُ الْمُضِلُّونَ .
وَالثَّانِي بِأَنْ يَكُونَ أَخْوَفُ مِنْ أَخَافَ بِمَعْنَى خَوْفٍ ، وَمَعْنَاهُ غَيْرُ الدَّجَّالِ أَشَدُّ مُوجِبَاتِ خَوْفِي عَلَيْكُمْ .
وَالثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ وَصْفِ الْمَعَانِي بِمَا يُوصَفُ بِهِ الْأَعْيَانُ عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ ، كَقَوْلِهِمْ فِي الشِّعْرِ الْفَصِيحِ : شِعْرُ شَاعِرٍ ، وَخَوْفُ فُلَانٍ أَخْوَفُ مِنْ خَوْفِكَ ، وَتَقْدِيرُهُ خَوْفُ غَيْرِ الدَّجَّالِ أَخْوَفُ خَوْفِي عَلَيْكُمْ ، ثُمَّ حُذِفَ الْمُضَافُ الْأَوَّلُ ، ثُمَّ الثَّانِي .
هَذَا آخِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ رَحِمَهُ اللَّهُ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّهُ شَابٌّ قَطَطُ ) هُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالطَّاءِ أَيْ شَدِيدُ جُعُودَةِ الشَّعْرِ ، مُبَاعِدٌ لِلْجُعُودَةِ الْمَحْبُوبَةِ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّهُ خَارِجٌ خَلَّةً بَيْنَ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ ) هَكَذَا فِي نُسَخِ بِلَادِنَا : ( خَلَّةً ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ وَتَنْوِينِ الْهَاءِ ..
     وَقَالَ  الْقَاضِي : الْمَشْهُورُ فِيهِ ( حَلَّةَ ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ ، وَنَصْبِ التَّاءِ يَعْنِي غَيْرَ مُنَوَّنَةٍ .
قِيلَ : مَعْنَاهُ سَمْتُ ذَلِكَ وَقُبَالَتُهُ وَفِي كِتَابِ الْعَيْنِ الْحَلَّةُ مَوْضِعُ حَزْنٍ وَصُخُورٍ .
قَالَ : وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ ( حَلُّهُ ) بِضَمِّ اللَّامِ وَبِهَاءِ الضَّمِيرِ أَيْ نُزُولَهُ وَحُلُولَهُ قَالَ : وَكَذَا ذَكَرَهُ الْحُمَيْدِيُّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ .

قَالَ : وَذَكَرَهُ الْهَرَوِيُّ ( خَلَّةً ) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ الْمَفْتُوحَتَيْنِ ، وَفَسَّرَهُ بِأَنَّهُ مَا بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ .
هَذَا آخِرُ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ عَنِ الْهَرَوِيِّ هُوَ الْمَوْجُودُ فِي نُسَخِ بِلَادِنَا ، وَفِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ أَيْضًا بِبِلَادِنَا ، وَهُوَ الَّذِي رَجَّحَهُ صَاحِبُ نِهَايَةِ الْغَرِيبِ ، وَفَسَّرَهُ بِالطَّرِيقِ بَيْنَهُمَا .

قَوْلُهُ : ( فَعَاثَ يَمِينًا وَعَاثَ شِمَالًا ) هُوَ بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ وَثَاءٍ مُثَلَّثَةٍ مَفْتُوحَةٍ ، وَهُوَ فِعْلٌ مَاضٍ ، وَالْعَيْثُ الْفَسَادُ ، أَوْ أَشَدُّ الْفَسَادِ وَالْإِسْرَاعِ فِيهِ ، يُقَالُ مِنْهُ : عَاثَ يَعِيثُ ، وَحَكَى الْقَاضِي أَنَّهُ رَوَاهُ بَعْضُهُمْ فَعَاثٍ بِكَسْرِ الثَّاءِ مَنُوَّنَةٍ اسْمُ فَاعِلٍ ، وَهُوَ بِمَعْنَى الْأَوَّلِ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَوْمٌ كَسَنَةٍ ، وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ ، وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ ، وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ ) قَالَ الْعُلَمَاءُ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى ظَاهِرِهِ ، وَهَذِهِ الْأَيَّامُ الثَّلَاثَةُ طَوِيلَةٌ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ الْمَذْكُورِ فِي الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ ) ..
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ : ( يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَسَنَةٍ أَتَكْفِينَا فِيهِ صَلَاةُ يَوْمٍ ؟ قَالَ : لَا اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ ) فَقَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ : هَذَا حُكْمٌ مَخْصُوصٌ بِذَلِكَ الْيَوْمِ شَرَعَهُ لَنَا صَاحِبُ الشَّرْعِ .
قَالُوا : وَلَوْلَا هَذَا الْحَدِيثُ ، وَوُكِلْنَا إِلَى اجْتِهَادِنَا ، لَاقْتَصَرْنَا فِيهِ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ عِنْدَ الْأَوْقَاتِ الْمَعْرُوفَةِ فِي غَيْرِهِ مِنَ الْأَيَّامِ .
وَمَعْنَى ( اقْدُرُوا ) أَنَّهُ إِذَا مَضَى بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ قَدْرَ مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الظُّهْرِ كُلَّ يَوْمٍ فَصَلُّوا الظُّهْرَ ، ثُمَّ إِذَا مَضَى بَعْدَهُ قَدْرُ مَا يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَصْرِ فَصَلُّوا الْعَصْرَ ، وَإِذَا مَضَى بَعْدَ هَذَا قَدْرُ مَا يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ فَصَلُّوا الْمَغْرِبَ ، وَكَذَا الْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ ، ثُمَّ الظُّهْرَ ، ثُمَّ الْعَصْرَ ، ثُمَّ الْمَغْرِبَ ، وَهَكَذَا حَتَّى يَنْقَضِي ذَلِكَ الْيَوْمُ .
وَقَدْ وَقَعَ فِيهِ صَلَوَاتُ سَنَةٍ ، فَرَائِضُ كُلُّهَا مُؤَدَّاةٌ فِي وَقْتِهَا ..
وَأَمَّا الثَّانِي الَّذِي كَشَهْرٍ ، وَالثَّالِثُ الَّذِي كَجُمُعَةٍ ، فَقِيَاسُ الْيَوْمُ الْأَوَّلُ أَنْ يُقَدَّرَ لَهُمَا كَالْيَوْمِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَتَرُوحُ عَلَيْهِمْ سَارِحَتُهُمْ أَطْوَلُ مَا كَانَتْ ذَرًّا ، وَأَسْبَغَهُ ضُرُوعًا ، وَأَمَدُّهُ خَوَاصِرَ ) أَمَّا ( تَرُوحُ ) فَمَعْنَاهُ تَرْجِعُ آخِرَ النَّهَارِ ، ( وَالسَّارِحَةُ ) هِيَ الْمَاشِيَةُ الَّتِي تَسْرَحُ أَيْ تَذْهَبُ أَوَّلَ النَّهَارِ إِلَى الْمَرْعَى ..
وَأَمَّا ( الذُّرَى ) فَبِضَمِّ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَهِيَ الْأَعَالِي وَ ( الْأَسْنِمَةُ ) جَمْعُ ذُرْوَةِ بِضَمِّ الذَّالِ وَكَسْرِهَا .
وَقَوْلُهُ : ( وَأَسْبَغَهُ ) بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ أَطْوَلَهُ لِكَثْرَةِ اللَّبَنِ ، وَكَذَا ( أَمَدَّهُ خَوَاصِرَ ) لِكَثْرَةِ امْتِلَائِهَا مِنَ الشِّبَعِ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَتَتْبَعُهُ كُنُوزُهَا كَيَعَاسِيبَ النَّحْلِ ) هِيَ ذُكُورُ النَّحْلِ ، هَكَذَا فَسَّرَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ وَآخَرُونَ .
قَالَ الْقَاضِي : الْمُرَادُ جَمَاعَةُ النَّحْلِ لَا ذُكُورُهَا خَاصَّةً ، لَكِنَّهُ كَنَّى عَنِ الْجَمَاعَةِ بِالْيَعْسُوبِ ، وَهُوَ أَمِيرُهَا ، لِأَنَّهُ مَتَى طَارَ تَبِعَتْهُ جَمَاعَتُهُ .
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَيَقْطَعُهُ جَزْلَتَيْنِ رَمْيَةَ الْغَرَضِ ) بِفَتْحِ الْجِيمِ عَلَى الْمَشْهُورِ ، وَحَكَى ابْنُ دُرَيْدٍ كَسْرَهَا ، أَيْ قِطْعَتَيْنِ .
وَمَعْنَى ( رَمْيَةَ الْغَرَضِ ) أَنَّهُ يَجْعَلُ بَيْنَ الْجَزْلَتَيْنِ مِقْدَارَ رَمْيَتِهِ .
هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ الْمَشْهُورُ ، وَحَكَى الْقَاضِي هَذَا ، ثُمَّ قَالَ : وَعِنْدِي أَنَّ فِيهِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا ، وَتَقْدِيرُهُ فَيُصِيبُهُ إِصَابَةَ رَمْيَةِ الْغَرَضِ ، فَيَقْطَعُهُ جَزْلَتَيْنِ ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ .

قَوْلُهُ : ( فَيَنْزِلُ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءَ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ ) أَمَّا ( الْمَنَارَةُ ) فَبِفَتْحِ الْمِيمِ وَهَذِهِ الْمَنَارَةُ مَوْجُودَةٌ الْيَوْمَ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ ، وَدِمَشْقَ بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِ الْمِيمِ ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ ، وَحَكَى صَاحِبُ الْمَطَالِعِ كَسْرَ الْمِيمِ ، وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ فَضَائِلَ دِمَشْقَ .
وَفِي ( عِنْدَ ) ثَلَاثُ لُغَاتٍ : كَسْرُ الْعَيْنِ وَضَمُّهَا وَفَتْحُهَا ، وَالْمَشْهُورُ الْكَسْرُ ..
وَأَمَّا ( الْمَهْرُوذَتَانِ ) فَرُوِي بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ ، وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ ، وَالْمُهْمَلَةُ أَكْثَرُ ، وَالْوَجْهَانِ مَشْهُورَانِ لِلْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالْغَرِيبِ وَغَيْرِهِمْ ، وَأَكْثَرُ مَا يَقَعُ فِي النُّسَخِ بِالْمُهْمَلَةِ كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ ، وَمَعْنَاهُ لَابِسَ مَهْرُوذَتَيْنِ أَيْ ثَوْبَيْنِ مَصْبُوغَيْنِ بِوَرْسٍ ثُمَّ بِزَعْفَرَانٍ ، وَقِيلَ : هُمَا شَقَّتَانِ ، وَالشَّقَّةُ نِصْفُ الْمُلَاءَةِ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( تَحَدَّرَ مِنْهُ جُمَانٌ كَاللُّؤْلُؤِ ) الْجُمَانُ بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ هِيَ حَبَّاتٌ مِنَ الْفِضَّةِ تُصْنَعُ عَلَى هَيْئَةِ اللُّؤْلُؤِ الْكِبَارِ ، وَالْمُرَادُ يَتَحَدَّرُ مِنْهُ الْمَاءُ عَلَى هَيْئَةِ اللُّؤْلُؤِ فِي صَفَائِهِ ، فَسُمِّي الْمَاءُ جُمَانًا لِشَبَهِهِ بِهِ فِي الصَّفَاءِ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَلَا يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفْسِهِ إِلَّا مَاتَ ) هَكَذَا الرِّوَايَةُ : ( فَلَا يَحِلُّ ) بِكَسْرِ الْحَاءِ .
وَ ( نَفْسِهِ ) بِفَتْحِ الْفَاءِ .
وَمَعْنَى ( لَا يَحِلُّ ) لَا يُمْكِنُ وَلَا يَقَعُ ،.

     وَقَالَ  الْقَاضِي : مَعْنَاهُ عِنْدِي حَقٌّ وَوَاجِبٌ .
قَالَ : وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِضَمِّ الْحَاءِ ، وَهُوَ وَهَمٌ وَغَلَطٌ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يُدْرِكُهُ بِبَابِ لُدٍّ ) هُوَ بِضَمِّ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ مَصْرُوفٌ ، وَهُوَ بَلْدَةٌ قَرِيبَةٌ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ثُمَّ يَأْتِي عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْمًا قَدْ عَصَمَهُمُ اللَّهُ مِنْهُ ، فَيَمْسَحُ عَنْ وُجُوهِهِمْ ) قَالَ الْقَاضِي يُحْتَمَلُ أَنَّ هَذَا الْمَسْحَ حَقِيقَةٌ عَلَى ظَاهِرِهِ ، فَيَمْسَحُ عَلَى وُجُوهِهِمْ تَبَرُّكًا وَبِرًّا .
وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ إِشَارَةٌ إِلَى كَشْفِ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الشِّدَّةِ وَالْخَوْفِ .

قَوْلُهُ تَعَالَى : ( أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي لَا يَدَانِ لِأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ فَحَرِّزْ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ ) فَقَوْلُهُ ( لَا يَدَانِ ) بِكَسْرِ النُّونِ تَثْنِيَةُ ( يَدٍ ) .
قَالَ الْعُلَمَاءُ : مَعْنَاهُ لَا قُدْرَةَ وَلَا طَاقَةَ ، يُقَالُ : مَا لِي بِهَذَا الْأَمْرِ يَدٌ ، وَمَا لِي بِهِ يَدَانِ ; لِأَنَّ الْمُبَاشَرَةَ وَالدَّفْعَ إِنَّمَا يَكُونُ بِالْيَدِ ، وَكَأَنَّ يَدَيْهِ مَعْدُومَتَانِ لِعَجْزِهِ عَنْ دَفْعِهِ .
وَمَعْنَى ( حَرِّزْهُمْ إِلَى الطُّورِ ) أَيْ ضُمَّهُمْ وَاجْعَلْهُ لَهُمْ حِرْزًا .
يُقَالُ : أَحْرَزْتُ الشَّيْءَ أُحْرِزُهُ إِحْرَازًا إِذَا حَفِظْتُهُ وَضَمَمْتُهُ إِلَيْكَ ، وَصُنْتُهُ عَنِ الْأَخْذِ .
وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ ( حَزِّبْ ) بِالْحَاءِ وَالزَّايِ وَالْبَاءِ أَيِ اجْمَعْهُمْ .
قَالَ الْقَاضِي : وَرُوِيَ ( حَوِّزْ ) بِالْوَاوِ وَالزَّايِ ، وَمَعْنَاهُ نَحِّهِمْ وَأَزِلْهُمْ عَنْ طَرِيقِهِمْ إِلَى الطُّورِ .

قَوْلُهُ : ( وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ ) ( الْحَدَبُ ) النَّشْزُ وَ ( يَنْسِلُونَ ) يَمْشُونَ مُسْرِعِينَ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( فَيُرْسِلُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمُ النَّغَفَ فِي رِقَابِهِمْ فَيُصْبِحُونَ فَرْسَى ) ( النَّغَفُ ) بِنُونٍ وَغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَتَيْنِ ثُمَّ فَاءٍ ، وَهُوَ دُودٌ يَكُونُ فِي أُنُوفِ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ ، الْوَاحِدَةُ : نَغَفَةٌ .
وَ ( الْفَرْسَى ) بِفَتْحِ الْفَاءِ مَقْصُورٌ أَيْ قَتْلَى ، وَاحِدُهُمْ فَرِيسٌ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَلَأَهُ زَهْمُهُمْ وَنَتْنُهُمْ ) هُوَ بِفَتْحِ الْهَاءِ أَيْ دَسْمُهُمْ وَرَائِحَتُهُمُ الْكَرِيهَةُ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا يَكُنْ مِنْهُ بَيْتُ مَدَرٍ ) أَيْ لَا يَمْنَعُ مِنْ نُزُولِ الْمَاءِ بَيْتٌ .
( الْمَدَرُ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالدَّالِ ، وَهُوَ الطِّينُ الصُّلْبُ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَيَغْسِلُ الْأَرْضَ حَتَّى يَتْرُكَهَا كَالزَّلَفَةِ ) رُوِيَ بِفَتْحِ الزَّايِ وَاللَّامِ وَالْقَافِ ، وَرُوِيَ ( الزُّلْفَةُ ) بِضَمِّ الزَّاءِ وَإِسْكَانِ اللَّامِ وَبِالْفَاءِ ، وَرُوِيَ ( الزَّلَفَةُ ) بِفَتْحِ الزَّايِ وَاللَّامِ وَبِالْفَاءِ ،.

     وَقَالَ  الْقَاضِي : رُوِيَ بِالْفَاءِ وَالْقَافِ وَبِفَتْحِ اللَّامِ وَبِإِسْكَانِهَا .
وَكُلُّهَا صَحِيحَةٌ .
قَالَ فِي الْمَشَارِقِ : وَالزَّايُ مَفْتُوحَةٌ .
وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَاهُ ، فَقَالَ ثَعْلَبٌ وَأَبُو زَيْدٍ وَآخَرُونَ : مَعْنَاهُ كَالْمِرْآةِ ، وَحَكَى صَاحِبُ الْمَشَارِقِ هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا ، شَبَّهَهَا بِالْمِرْآةِ فِي صَفَائِهَا وَنَظَافَتِهَا ، وَقِيلَ : كَمَصَانِعِ الْمَاءِ أَيْ إِنَّ الْمَاءَ يُسْتَنْقَعُ فِيهَا حَتَّى تَصِيرَ كَالْمَصْنَعِ الَّذِي يَجْتَمِعُ فِيهِ الْمَاءُ ..
     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدٍ : مَعْنَاهُ كَالْإِجَّانَةِ الْخَضْرَاءِ ، وَقِيلَ : كَالصَّحْفَةِ ، وَقِيلَ : كَالرَّوْضَةِ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( تَأْكُلُ الْعِصَابَةُ مِنَ الرُّمَّانَةِ وَيَسْتَظِلُّونَ بِقِحْفِهَا ) الْعِصَابَةُ الْجَمَاعَةُ ، وَ ( قِحْفُهَا ) بِكَسْرِ الْقَافِ هُوَ مُقَعَّرُ قِشْرِهَا ، شَبَّهَهَا بِقِحْفِ الرَّأْسِ ، وَهُوَ الَّذِي فَوْقَ الدِّمَاغِ ، وَقِيلَ : مَا انْفَلَقَ مِنْ جُمْجُمَتِهِ وَانْفَصَلَ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَيُبَارِكُ فِي الرِّسْلِ حَتَّى إِنَّ اللِّقْحَةَ مِنَ الْإِبِلِ لَتَكْفِي الْفِئَامَ مِنَ النَّاسِ ) ( الرِّسْلُ ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَإِسْكَانِ السِّينِ هُوَ اللَّبَنُ ، وَاللِّقْحَةُ بِكَسْرِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا ، لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ ، وَالْكَسْرُ أَشْهَرُ ، وَهِيَ الْقَرِيبَةُ الْعَهْدِ بِالْوِلَادَةِ ، وَجَمْعُهَا لِقَحٌ بِكَسْرِ اللَّامِ وَفَتْحِ الْقَافِ ، كَبِرْكَةٍ وَبِرَكٌ .
وَاللَّقُوحُ ذَاتُ اللَّبَنِ ، وَجَمْعُهَا لِقَاحٌ .
وَالْفِئَامُ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَبَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَمْدُودَةٌ ، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ الْكَثِيرَةُ .
هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَالْمَعْرُوفُ فِي اللُّغَةِ وَكُتُبِ الْغَرِيبِ ، وَرِوَايَةُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَالْهَمْزِ .
قَالَ الْقَاضِي : وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُجِيزُ الْهَمْزَ ، بَلْ يَقُولُهُ بِالْيَاءِ ..
     وَقَالَ  فِي الْمَشَارِقِ : وَحَكَاهُ الْخَلِيلُ بِفَتْحِ الْفَاءِ ، وَهِيَ رِوَايَةُ الْقَابِسِيِّ .

قَالَ : وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْعَيْنِ غَيْرَ مَهْمُوزٍ ، فَأَدْخَلَهُ فِي حَرْفِ الْيَاءِ ، وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ أَنَّ بَعْضَهُمْ ذَكَرَهُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ ، وَهُوَ غَلَطٌ فَاحِشٌ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لِتَكْفِي الْفَخْذَ مِنَ النَّاسِ ) قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : الْفَخْذُ الْجَمَاعَةُ مِنَ الْأَقَارِبِ ، وَهُمْ دُونَ الْبَطْنِ ، وَالْبَطْنُ دُونَ الْقَبِيلَةِ .
قَالَ الْقَاضِي : قَالَ ابْنُ فَارِسٍ : الْفَخْذُ هُنَا بِإِسْكَانِ الْخَاءِ لَا غَيْرُ ، فَلَا يُقَالُ إِلَّا بِإِسْكَانِهَا ، بِخِلَافِ الْفَخِذِ الَّتِي هِيَ الْعُضْوُ ، فَإِنَّهَا تُكْسَرُ وَتُسَكَّنُ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَتَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَكُلِّ مُسْلِمٍ ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ مُسْلِمٍ : ( وَكُلِّ مُسْلِمٍ ) بِالْوَاوِ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَتَهَارَجُونَ تَهَارُجَ الْحُمُرِ ) أَيْ يُجَامِعُ الرِّجَالُ النِّسَاءَ بِحَضْرَةِ النَّاسِ كَمَا يَفْعَلُ الْحَمِيرُ ، وَلَا يَكْتَرِثُونَ لِذَلِكَ : ( وَالْهَرْجُ ) بِإِسْكَانِ الرَّاءِ الْجِمَاعُ ، يُقَالُ : هَرَجَ زَوْجَتَهُ أَيْ جَامَعَهَا يَهْرَجُهَا ، بِفَتْحِ الرَّاءِ وَضَمِّهَا وَكَسْرِهَا .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَسِيرُونَ حَتَّى يَنْتَهُوا إِلَى جَبَلِ الْخَمَرِ ) هُوَ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ وَمِيمٍ مَفْتُوحَتَيْنِ ، وَالْخَمَرُ الشَّجَرُ الْمُلْتَفُّ الَّذِي يَسْتُرُ مَنْ فِيهِ ، وَقَدْ فَسَّرَهُ فِي الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ جَبَلُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ .