هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1044 حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ عَاصِمٍ ، وَحُصَيْنٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : أَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِسْعَةَ عَشَرَ يَقْصُرُ ، فَنَحْنُ إِذَا سَافَرْنَا تِسْعَةَ عَشَرَ قَصَرْنَا ، وَإِنْ زِدْنَا أَتْمَمْنَا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1044 حدثنا موسى بن إسماعيل ، قال : حدثنا أبو عوانة ، عن عاصم ، وحصين ، عن عكرمة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : أقام النبي صلى الله عليه وسلم تسعة عشر يقصر ، فنحن إذا سافرنا تسعة عشر قصرنا ، وإن زدنا أتممنا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : أَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِسْعَةَ عَشَرَ يَقْصُرُ ، فَنَحْنُ إِذَا سَافَرْنَا تِسْعَةَ عَشَرَ قَصَرْنَا ، وَإِنْ زِدْنَا أَتْمَمْنَا .

Narrated Ibn `Abbas:

The Prophet (ﷺ) once stayed for nineteen days and prayed shortened prayers. So when we travel led (and stayed) for nineteen days, we used to shorten the prayer but if we traveled (and stayed) for a longer period we used to offer the full prayer.

Ibn 'Abbâs () rapporte: «Le Prophète () demeura dixneuf jours... Il diminua alors le nombre des rak'a dans ses prières. Donc, nous, quand nous voyagions pendant dixneuf jours, nous diminuions le nombre des rak'a. Mais si nous dépassions [cette limite], nous accomplissions les rak'a dans leur totalité.»

":"ہم سے موسیٰ بن اسماعیل نے بیان کیا ، کہا کہ ہم سے ابوعوانہ وضاح یشکری نے بیان کیا ، ان سے عاصم احول اور حصین سلمی نے ، ان سے عکرمہ نے ، اور ان سے ابن عباس رضی اللہ عنہما نے کہنبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم ( مکہ میں فتح مکہ کے موقع پر ) انیس دن ٹھہرے اور برابر قصر کرتے رہے ۔ اس لیے انیس دن کے سفر میں ہم بھی قصر کرتے رہتے ہیں اور اس سے اگر زیادہ ہو جائے تو پوری نماز پڑھتے ہیں ۔

Ibn 'Abbâs () rapporte: «Le Prophète () demeura dixneuf jours... Il diminua alors le nombre des rak'a dans ses prières. Donc, nous, quand nous voyagions pendant dixneuf jours, nous diminuions le nombre des rak'a. Mais si nous dépassions [cette limite], nous accomplissions les rak'a dans leur totalité.»

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1080] .

     قَوْلُهُ  عَنْ عَاصِمٍ هُوَ بن سُلَيْمَان وحصين بِالضَّمِّ هُوَ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ .

     قَوْلُهُ  تِسْعَةَ عَشَرَ أَيْ يَوْمًا بِلَيْلَتِهِ زَادَ فِي الْمَغَازِي مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَن عَاصِم وَحده بِمَكَّة وَكَذَا رَوَاهُ بن الْمُنْذِرِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ سَبْعَةَ عَشَرَ بِتَقْدِيمِ السِّينِ وَكَذَا أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ عَنْ عَاصِمٍ قَالَ.

     وَقَالَ  عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ عِكْرِمَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ كَذَا ذَكَرَهَا مُعَلَّقَةً وَقَدْ وَصَلَهَا الْبَيْهَقِيُّ وَلِأَبِي دَاوُدَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1080] حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَاصِمٍ وَحُصَيْنٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: "أَقَامَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تِسْعَةَ عَشَرَ يَقْصُرُ، فَنَحْنُ إِذَا سَافَرْنَا تِسْعَةَ عَشَرَ قَصَرْنَا، وَإِنْ زِدْنَا أَتْمَمْنَا".
[الحديث طرفاه 4298، 4299] .
وبالسند قال: ( حدّثنا موسى بن إسماعيل) المنقري التبوذكي ( قال: حدّثنا أبو عوانة) الوضاح اليشكري ( عن عاصم) هو: ابن سليمان الأحول ( وحصين) بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين، ابن عبد الرحمن السلمي، كلاهما ( عن عكرمة، عن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال) : ( أقام النبي) ولأبي ذر: رسول الله ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) في فتح مكة ( تسعة عشر) بتقديم الفوقية على السين، أي: يومًا بليلته حال كونه ( يقصر) الصلاة الرباعية، لأنه كان مترددًا متى تهيأ له فراغ حاجته، وهو انجلاء حرب هوازن، ارتحل.
ويقصر بضم الصاد، وضبطها المنذري بضم الياء وتشديد الصاد، من: التقصير.
وقد أخرج الحديث: أبو داود من هذا الوجه، بلفظ: سبعة عشر، بتقديم السين على الموحدة، وله أيضًا، من حديث عمران بن حصين: غزوت مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عام الفتح، فأقام بمكة ثماني عشرة ليلة، لا يصلّي إلاّ ركعتين.
قال في المجموع: في سنده من لا يحتج به، لكن رجحه الشافعي على حديث ابن عباس: تسعة عشر.
ولأبي داود، أيضًا عن ابن عباس: "أقام -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، بمكة عام الفتح، خمسة عشر يقصر الصلاة".
وضعفها النووي في الخلاصة.
قال ابن حجر: وليس بجيد، لأن رواتها ثقات، ولم ينفرد بها ابن إسحاق، فقد أخرجها النسائي من رواية عراك بن مالك، عن عبيد الله كذلك وإذا ثبت أنها صحيحة، فليحمل على أن الراوي ظن أن الأصل رواية سبعة عشر، فحذف منها يومي الدخول والخروج، فذكر أنها خمسة عشر.
اهـ.
وقال البيهقي: أصح الروايات فيه رواية ابن عباس، وهي التي ذكرها البخاري، ومن ثم اختارها ابن الصلاح، والسبكي.
ويمكن الجمع، كما قاله البيهقي، بأن راوي: تسعة عشر، عدّ يوميالدخول والخروج، وراوي: سبعة عشر لم يعدهما، وراوي: ثماني عشرة عد أحدهما، وهذا الجمع يشكل على قولهم: يقصر ثمانية عشر غير يومي الدخول والخروج.
اهـ.
قال ابن عباس: ( فنحن إذا سافرنا) فأقمنا ( تسعة عشر) يومًا ( قصرنا) الصلاة الرباعية، وذلك عند توقع الحاجة يومًا فيومًا ( وإن زدنا) في الإقامة على تسعة عشر يومًا ( أتممنا) الصلاة أربعًا.
ورواة هذا الحديث ما بين: بصري وواسطي وكوفي ومدني، وفيه ثلاثة من التابعين: عاصم، وحصين، وعكرمة، وفيه: التحديث والعنعنة والقول، وأخرجه أيضًا في المغازي، وأبو داود والترمذي وابن ماجة: في الصلاة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم .

     قَوْلُهُ  أَبْوَابُ التَّقْصِيرِ)

ثَبَتَتْ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ لِلْمُسْتَمْلِي وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الْوَقْتِ أَبْوَابُ تَقْصِيرِ الصَّلَاةِ وَثَبَتَتِ الْبَسْمَلَةُ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ وَالْأَصِيلِيِّ قَولُهُ بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّقْصِيرِ تَقُولُ قَصَرْتُ الصَّلَاةَ بِفَتْحَتَيْنِ مُخَفَّفًا قَصْرًا وَقَصَّرْتُهَا بِالتَّشْدِيدِ تَقْصِيرًا وَأَقْصَرْتُهَا إِقْصَارًا وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ فِي الِاسْتِعْمَالِ وَالْمُرَادُ بِهِ تَخْفيف الرّبَاعِيّة إِلَى رَكْعَتَيْنِ وَنقل بن الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنْ لَا تَقْصِيرَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ وَلَا فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ الْقَصْرُ فِي كُلِّ سَفَرٍ مُبَاحٍ وَذَهَبَ بَعْضُ السَّلَفِ إِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْقَصْرِ الْخَوْفُ فِي السَّفَرِ وَبَعْضُهُمْ كَوْنُهُ سَفَرَ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ جِهَادٍ وَبَعْضُهُمْ كَوْنُهُ سَفَرَ طَاعَةٍ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ فِي كُلِّ سَفَرٍ سَوَاءٌ كَانَ طَاعَةً أَوْ مَعْصِيَةً .

     قَوْلُهُ  وَكَمْ يُقِيمُ حَتَّى يَقْصُرَ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ إِشْكَالٌ لِأَنَّ الْإِقَامَةَ لَيْسَتْ سَبَبًا لِلْقَصْرِ وَلَا الْقَصْرَ غَايَةٌ لِلْإِقَامَةِ قَالَهُ الْكِرْمَانِيُّ وَأَجَابَ بِأَنَّ عَدَدَ الْأَيَّامِ الْمَذْكُورَةِ سَبَبٌ لِمَعْرِفَةِ جَوَازِ الْقَصْرِ فِيهَا وَمَنْعِ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا وَأَجَابَ غَيْرُهُ بِأَنَّ الْمَعْنَى وَكَمْ إِقَامَتُهُ الْمُغَيَّاةُ بِالْقَصْرِ وَحَاصِلُهُ كَمْ يُقِيمُ مُقْصِرٌ وَقِيلَ الْمُرَادُ كَمْ يَقْصُرُ حَتَّى يُقِيمَ أَيْ حَتَّى يُسَمَّى مُقِيمًا فَانْقَلَبَ اللَّفْظُ أَوْ حَتَّى هُنَا بِمَعْنَى حِينَ أَيْ كَمْ يُقِيمُ حِينَ يَقْصُرُ وَقِيلَ فَاعِلُ يُقِيمُ هُوَ الْمُسَافِرُ وَالْمُرَادُ إِقَامَتُهُ فِي بَلَدٍ مَا غَايَتُهَا الَّتِي إِذَا حَصَلَتْ يَقْصُرُ

[ قــ :1044 ... غــ :1080] .

     قَوْلُهُ  عَنْ عَاصِمٍ هُوَ بن سُلَيْمَان وحصين بِالضَّمِّ هُوَ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ .

     قَوْلُهُ  تِسْعَةَ عَشَرَ أَيْ يَوْمًا بِلَيْلَتِهِ زَادَ فِي الْمَغَازِي مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَن عَاصِم وَحده بِمَكَّة وَكَذَا رَوَاهُ بن الْمُنْذِرِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ سَبْعَةَ عَشَرَ بِتَقْدِيمِ السِّينِ وَكَذَا أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ عَنْ عَاصِمٍ قَالَ.

     وَقَالَ  عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ عِكْرِمَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ كَذَا ذَكَرَهَا مُعَلَّقَةً وَقَدْ وَصَلَهَا الْبَيْهَقِيُّ وَلِأَبِي دَاوُدَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ فَأَقَامَ بِمَكَّةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ لَيْلَةً لَا يُصَلِّي إِلَّا رَكْعَتَيْنِ وَله من طَرِيق بن إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ بن عَبَّاسٍ أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ وَجَمَعَ الْبَيْهَقِيُّ بَيْنَ هَذَا الِاخْتِلَافِ بِأَنَّ مَنْ قَالَ تِسْعَ عَشْرَةَ عَدَّ يَوْمَيِ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَمَنْ قَالَ سَبْعَ عَشْرَةَ حَذَفَهُمَا وَمَنْ قَالَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ عَدَّ أَحَدَهُمَا.

.
وَأَمَّا رِوَايَةُ خَمْسَةَ عَشَرَ فَضَعَّفَهَا النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ لِأَنَّ رُوَاتَهَا ثِقَاتٌ وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهَا بن إِسْحَاقَ فَقَدْ أَخْرَجَهَا النَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ كَذَلِكَ وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهَا صَحِيحَةٌ فَلْيُحْمَلْ عَلَى أَنَّ الرَّاوِيَ ظَنَّ أَنَّ الْأَصْلَ رِوَايَةُ سَبْعَةَ عَشَرَ فَحَذَفَ مِنْهَا يَوْمَيِ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ فَذَكَرَ أَنَّهَا خَمْسَةَ عَشَرَ وَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ رِوَايَةَ تِسْعَةَ عَشَرَ أَرْجَحُ الرِّوَايَاتِ وَبِهَذَا أَخَذَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَيُرَجِّحُهَا أَيْضًا أَنَّهَا أَكْثَرُ مَا وَرَدَتْ بِهِ الرِّوَايَاتُ الصَّحِيحَةُ وَأَخَذَ الثَّوْرِيُّ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ بِرِوَايَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ لِكَوْنِهَا أَقَلَّ مَا وَرَدَ فَيُحْمَلُ مَا زَادَ عَلَى أَنَّهُ وَقَعَ اتِّفَاقًا وَأَخَذَ الشَّافِعِيُّ بِحَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ لَكِنْ مَحَلُّهُ عِنْدَهُ فِيمَنْ لَمْ يُزْمِعِ الْإِقَامَةَ فَإِنَّهُ إِذَا مَضَتْ عَلَيْهِ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِتْمَامُ فَإِنْ أَزْمَعَ الْإِقَامَةَ فِي أَوَّلِ الْحَالِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ أَتَمَّ عَلَى خِلَافٍ بَيْنَ أَصْحَابِهِ فِي دُخُول يومى الدُّخُول وَالْخُرُوج فِيهَا أَولا وَحُجَّتُهُ حَدِيثُ أَنَسٍ الَّذِي يَلِيهِ .

     قَوْلُهُ  فَنَحْنُ إِذا سافرنا تِسْعَة عَشَرَ قَصَرْنَا وَإِنْ زِدْنَا أَتْمَمْنَا ظَاهِرُهُ أَنَّ السَّفَرَ إِذَا زَادَ عَلَى تِسْعَةَ عَشَرَ لَزِمَ الْإِتْمَامُ وَلَيْسَ ذَلِكَ الْمُرَادَ وَقَدْ صَرَّحَ أَبُو يَعْلَى عَنْ شَيْبَانَ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِالْمُرَادِ وَلَفْظِهِ إِذَا سَافَرْنَا فَأَقَمْنَا فِي مَوْضِعٍ تِسْعَةَ عَشَرَ وَيُؤَيِّدُهُ صَدْرُ الْحَدِيثِ وَهُوَ .

     قَوْلُهُ  أَقَامَ وَلِلتِّرْمِذِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَاصِمٍ فَإِذَا أَقَمْنَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ صَلَّيْنَا أَرْبَعًا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  أبواب التقصير
( بسم الله الرحمن الرحيم) .
( أبواب التقصير) كذا للمستملي، وسقطت البسملة لأبي ذر، ولأبي الوقت: أبواب تقصير الصلاة.

باب مَا جَاءَ فِي التَّقْصِيرِ، وَكَمْ يُقِيمُ حَتَّى يَقْصُرَ
( باب ما جاء في التقصير) مصدر قصر بالتشديد أي: تقصير الفرض الرباعي إلى ركعتين في كل سفر طويل مباح، طاعة كان كسفر الحج أو غيرها، ولو مكروهًا.
كسفر تجارة تخفيفًا على المسافر لما يلحقه من تعب السفر.

والأصل فيه، مع ما سيأتي إن شاء الله تعالى، قوله تعالى: { وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ} [النساء: 101] .

قال يعلى بن أمية: قلت لعمر: إنما قال الله تعالى: { إِنْ خِفْتُمْ} [النساء: 101] وقد أمن الناس، فقال: عجبت مما عجبت منه، فسألت رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقال: "صدقة تصدّق الله بها عليكم فأقبلوا صدقته" رواه مسلم؛ فلا قصر في الصبح والمغرب، ولا في سفر معصية، خلافًا لأبي حنيفة حيث أجازه في كل سفر.

وفي شرح المسند لابن الأثير: كان قصر الصلاة في السنة الرابعة من الهجرة، وفي تفسير الثعلبي، قال ابن عباس: أوّل صلاة قصرت، صلاة العصر، قصرها رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، بعسفان في غزوة أنمار.

( وكم يقيم حتى يقصر؟) وفي نسخة اليونينية: يقصر بالتشديد، أي: وكم يومًا يمكث المسافر

لأجل القصر، فكم، هنا استفهامية بمعنى: أي عدد، ولا يكون تمييزه، إلا مفردًا خلافًا للكوفيين.
ويكون منصوبًا.

ولفظة: حتى، هنا للتعليل لأنها تأتي في كلام العرب لأحد ثلاثة معان: انتهاء الغاية، وهو الغالب.
والتعليل، وبمعنى إلا الاستثنائية.
وهذا أقلها.

ولفظه: يقيم، معناها: يمكث؛ وجواب: كم، محذوف تقديره: تسعة عشر يومًا، كما في حديث الباب، قاله العيني.


[ قــ :1044 ... غــ : 1080 ]
- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَاصِمٍ وَحُصَيْنٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: "أَقَامَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تِسْعَةَ عَشَرَ يَقْصُرُ، فَنَحْنُ إِذَا سَافَرْنَا تِسْعَةَ عَشَرَ قَصَرْنَا، وَإِنْ زِدْنَا أَتْمَمْنَا".
[الحديث 1080 - طرفاه 4298، 4299] .

وبالسند قال: ( حدّثنا موسى بن إسماعيل) المنقري التبوذكي ( قال: حدّثنا أبو عوانة) الوضاح اليشكري ( عن عاصم) هو: ابن سليمان الأحول ( وحصين) بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين، ابن عبد الرحمن السلمي، كلاهما ( عن عكرمة، عن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال) :
( أقام النبي) ولأبي ذر: رسول الله ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) في فتح مكة ( تسعة عشر) بتقديم الفوقية على السين، أي: يومًا بليلته حال كونه ( يقصر) الصلاة الرباعية، لأنه كان مترددًا متى تهيأ له فراغ حاجته، وهو انجلاء حرب هوازن، ارتحل.

ويقصر بضم الصاد، وضبطها المنذري بضم الياء وتشديد الصاد، من: التقصير.

وقد أخرج الحديث: أبو داود من هذا الوجه، بلفظ: سبعة عشر، بتقديم السين على الموحدة، وله أيضًا، من حديث عمران بن حصين: غزوت مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عام الفتح، فأقام بمكة ثماني عشرة ليلة، لا يصلّي إلاّ ركعتين.

قال في المجموع: في سنده من لا يحتج به، لكن رجحه الشافعي على حديث ابن عباس: تسعة عشر.

ولأبي داود، أيضًا عن ابن عباس: "أقام -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، بمكة عام الفتح، خمسة عشر يقصر الصلاة".

وضعفها النووي في الخلاصة.

قال ابن حجر: وليس بجيد، لأن رواتها ثقات، ولم ينفرد بها ابن إسحاق، فقد أخرجها النسائي من رواية عراك بن مالك، عن عبيد الله كذلك وإذا ثبت أنها صحيحة، فليحمل على أن الراوي ظن أن الأصل رواية سبعة عشر، فحذف منها يومي الدخول والخروج، فذكر أنها خمسة عشر.
اهـ.


وقال البيهقي: أصح الروايات فيه رواية ابن عباس، وهي التي ذكرها البخاري، ومن ثم اختارها ابن الصلاح، والسبكي.
ويمكن الجمع، كما قاله البيهقي، بأن راوي: تسعة عشر، عدّ يومي الدخول والخروج، وراوي: سبعة عشر لم يعدهما، وراوي: ثماني عشرة عد أحدهما، وهذا الجمع يشكل على قولهم: يقصر ثمانية عشر غير يومي الدخول والخروج.
اهـ.

قال ابن عباس: ( فنحن إذا سافرنا) فأقمنا ( تسعة عشر) يومًا ( قصرنا) الصلاة الرباعية، وذلك عند توقع الحاجة يومًا فيومًا ( وإن زدنا) في الإقامة على تسعة عشر يومًا ( أتممنا) الصلاة أربعًا.

ورواة هذا الحديث ما بين: بصري وواسطي وكوفي ومدني، وفيه ثلاثة من التابعين: عاصم، وحصين، وعكرمة، وفيه: التحديث والعنعنة والقول، وأخرجه أيضًا في المغازي، وأبو داود والترمذي وابن ماجة: في الصلاة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  (كتابُ تَقْصِيرِ الصَّلاةِ)
أَي: هَذِه أَبْوَاب التَّقْصِير فِي الصَّلَاة، هَكَذَا وَقعت هَذِه التَّرْجَمَة فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي، وَفِي رِوَايَة أبي الْوَقْت: أَبْوَاب تَقْصِير الصَّلَاة، وَلم تثبت فِي روايتهما الْبَسْمَلَة، وَثبتت فِي رِوَايَة كَرِيمَة والأصيلي، وَفِي بعض النّسخ: كتاب التَّقْصِير، وَالتَّقْصِير مصدر من قصَّر بِالتَّشْدِيدِ، يُقَال: قصرت الصَّلَاة بِفتْحَتَيْنِ قصرا وقصرتها بِالتَّشْدِيدِ تقصيرا، وأقصرتها إقصارا، وَالْأول أشهر فِي الِاسْتِعْمَال وأفصح، وَهُوَ لُغَة الْقُرْآن.

(بابُُ مَا جاءَ فِي التَّقْصيرِ وَكَمْ يُقِيمُ حَتَّى يَقْصُرَ)

أَي: هَذَا بابُُ حكم تَقْصِير الصَّلَاة أَي: جعل الرّبَاعِيّة على رَكْعَتَيْنِ، وَالْإِجْمَاع على أَن لَا تَقْصِير فِي الْمغرب وَالصُّبْح.
قَوْله: (وَكم يُقيم حَتَّى يقصر) ، إعلم أَن الشُّرَّاح تصرفوا فِي هَذَا التَّرْكِيب بالرطب واليابس، وَحل هَذَا مَوْقُوف على معرفَة لَفْظَة: كم، وَلَفْظَة: حَتَّى، وَلَفْظَة: يُقيم، ليفهم مَعْنَاهُ بِحَيْثُ يكون حَدِيث الْبابُُ مطابقا لَهُ، وإلاّ يحصل الْخلف بَينهمَا، فَتكون التَّرْجَمَة فِي نَاحيَة وَحَدِيث الْبابُُ فِي نَاحيَة فَنَقُول: لَفْظَة: كم، هُنَا استفهامية بِمَعْنى: أَي عدد؟ وَلَا يكون تَمْيِيزه إلاّ مُفردا، خلافًا للكوفيين، وَيكون مَنْصُوبًا وَلَا يجوز جَرّه مُطلقًا كَمَا عرف فِي مَوْضِعه، وَلَفْظَة: حَتَّى هُنَا، للتَّعْلِيل لِأَنَّهَا تَأتي فِي كَلَام الْعَرَب لأحد ثَلَاثَة معَان: لانْتِهَاء الْغَايَة وَهُوَ الْغَالِب، وَالتَّعْلِيل، وَبِمَعْنى: إلاّ فِي الِاسْتِثْنَاء، وَهَذَا أقلهَا، وَلَفْظَة: يُقيم، مَعْنَاهَا: يمْكث، وَلَيْسَ المُرَاد مِنْهُ ضد السّفر بِالْمَعْنَى الشَّرْعِيّ، فَإِذا كَانَ كَذَلِك يكون معنى قَوْله: (وَكم يُقيم حَتَّى يقصر؟) وَكم يَوْمًا يمْكث الْمُسَافِر لأجل قصر الصَّلَاة، وَجَوَابه مثلا: تِسْعَة عشر يَوْمًا، كَمَا فِي حَدِيث الْبابُُ، فَإِن فِيهِ: (أَقَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تِسْعَة عشر يَوْمًا يقصر) ، فَنحْن إِذا سافرنا تِسْعَة عشر يَوْمًا قَصرنَا، وَإِن زِدْنَا أتممنا، فَيكون مكث الْمُسَافِر فِي سَفَره تِسْعَة عشر يَوْمًا سَببا لجَوَاز قصر الصَّلَاة، فَإِذا زَاد على ذَلِك لَا يجوز لَهُ الْقصر، لِأَن الْمُسَبّب يَنْتَفِي بِانْتِفَاء السَّبَب، فَإِذا عرفت هَذَا عرفت أَن الْكرْمَانِي تكلّف فِي حل هَذَا التَّرْكِيب حَيْثُ قَالَ أَولا: لَا يَصح كَون الْإِقَامَة سَببا للقصر، وَلَا الْقصر غَايَة للإقامة، ثمَّ قَالَ: عدد الْأَيَّام سَبَب، أَي: سَبَب معرفَة لجَوَاز الْقصر أَي الْإِقَامَة إِلَى تِسْعَة عشر يَوْمًا سَبَب لجوازه لَا الزِّيَادَة عَلَيْهَا، وَهَذَا كَمَا ترى تعسف جدا، وَكَذَا بَعضهم تصرف فِيهِ تَصَرُّفَات عَجِيبَة.
مِنْهَا: مَا نقل عَن غَيره بِأَن الْمَعْنى: وَكم إِقَامَته المغياة بِالْقصرِ، وَهَذَا التَّقْدِير لَا يَصح أصلا، لِأَن: كم، الاستفهامية على هَذَا تَلْتَبِس بالخبرية، ثمَّ قَوْله: من عِنْده، وَحَاصِله كم يُقيم مقصرا، غير صَحِيح، لِأَن هَذَا الَّذِي قَالَه غير حَاصِل، ذَاك الَّذِي نَقله على أَن فِيهِ إِلْغَاء معنى: حَتَّى.
وَمِنْهَا: مَا نَقله عَن غَيره أَيْضا بقوله، وَقيل: المُرَاد كم يقصر حَتَّى يُقيم، أَي: حَتَّى يُسمى مُقيما فَانْقَلَبَ اللَّفْظ، وَهَذَا أَيْضا غير صَحِيح، لِأَن المُرَاد مِنْهُ لَيْسَ كَذَلِك، لِأَنَّهُ خلاف مَا يَقْتَضِيهِ التَّرْكِيب، على أَن فِيهِ نِسْبَة التَّرْكِيب إِلَى الْخَطَأ.
وَمِنْهَا: مَا قَالَه من عِنْده، وَهُوَ قَوْله: أَو حَتَّى هُنَا بِمَعْنى: حِين، أَي: كم يُقيم حِين يقصر، وَهَذَا أَيْضا غير صَحِيح لِأَنَّهُ لم ينْقل عَن أحد من أهل اللِّسَان إِن حَتَّى تَجِيء بِمَعْنى حِين.



[ قــ :1044 ... غــ :1080 ]
- حدَّثنا مُوساى بنُ إسْمَاعِيلَ قَالَ حدَّثنا أبُو عَوَانَةَ عنْ عَاصِم وَحُصَيْنٍ عنْ عِكْرَمَةَ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ أقامَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تِسْعَةَ عَشَرَ يَقْصُرُ فَنَحْنُ إذَا سَافَرْنَا تِسْعَةَ عَشَرَ قَصَرْنَا وَإنْ زِدْنَا أتْمَمْنَا.

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ الْوَجْه الَّذِي قَرَّرْنَاهُ.

ذكر رِجَاله: وهم سِتَّة: الأول: مُوسَى بن إِسْمَاعِيل أَبُو سَلمَة الْمنْقري التَّبُوذَكِي، وَقد تكَرر ذكره.
الثَّانِي: أَبُو عوَانَة اسْمه الوضاح الْيَشْكُرِي.
الثَّالِث: عَاصِم بن سُلَيْمَان الْأَحول، مر فِي كتاب الْوضُوء، الرَّابِع: حُصَيْن، بِضَم الْحَاء وَفتح الصَّاد الْمُهْمَلَتَيْنِ: ابْن عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ.
الْخَامِس: عِكْرِمَة.
السَّادِس: عبد الله بن عَبَّاس.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين.
وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه: القَوْل فِي موضِعين.
وَفِيه: أَن شَيْخه بَصرِي.
وَالثَّانِي واسطي وَالثَّالِث بَصرِي وَالرَّابِع كُوفِي.
وَالْخَامِس مدنِي.
وَفِيه: وَاحِد بكنيته وَثَلَاثَة بِلَا نِسْبَة، وَفِيه: أَبُو عَاصِم يروي عَن اثْنَيْنِ.
وَفِيه: ثَلَاثَة من التَّابِعين وهم عَاصِم وحصين وَعِكْرِمَة.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْمَغَازِي: عَن عَبْدَانِ عَن عبد الله وَعَن أَحْمد بن يُونُس عَن ابْن شهَاب كِلَاهُمَا عَن عَاصِم وَحده.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الصَّلَاة عَن مُحَمَّد بن الْعَلَاء وَعُثْمَان بن أبي شيبَة.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن هناد عَن أبي مُعَاوِيَة..
     وَقَالَ : حسن صَحِيح.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن مُحَمَّد بن عبد الْملك.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (أَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ، كَانَت إِقَامَته بِمَكَّة، على مَا رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي الْمَغَازِي من وَجه آخر عَن عَاصِم.
قَوْله: (تِسْعَة عشر) أَي: يَوْمًا بليلته.
قَوْله: (يقصر) جملَة حَالية.
قَوْله: (تِسْعَة عشر) أَي: يَوْمًا.
قَوْله: (قَصرنَا) أَي: الصَّلَاة الرّبَاعِيّة.
قَوْله: (وَإِن زِدْنَا) أَي: على تِسْعَة عشر يَوْمًا (أتممنا) الصَّلَاة أَرْبعا.

ذكر الْأَحَادِيث الْمُخْتَلفَة فِي مُدَّة إِقَامَته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّة، وَالْجمع بَينهَا، فَفِي حَدِيث أنس رَوَاهُ السِّتَّة أَنه أَقَامَ بهَا عشرا، وَفِي حَدِيث ابْن عَبَّاس الْمَذْكُور أَنه قَامَ بهَا تِسْعَة عشر يَوْمًا بِتَقْدِيم التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق على السِّين وَفِي رِوَايَة لأبي دَاوُود من حَدِيث ابْن عَبَّاس سَبْعَة عشر يَوْمًا، بِتَقْدِيم السِّين على الْبَاء الْمُوَحدَة، وَإِسْنَاده صَحِيح، وَفِي رِوَايَة لأبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه: خَمْسَة عشر يَوْمًا.
وَفِي حَدِيث ابْن عَبَّاس أَيْضا، وَفِي حَدِيث عمرَان بن حُصَيْن أخرجه أَبُو دَاوُد: ثَمَانِي عشرَة لَيْلَة، وَالْجمع بَينهَا: أَن حَدِيث أنس فِي خجة الْوَدَاع.
وَلم تكن إِقَامَته للعشرة بِنَفس مَكَّة، وَإِنَّمَا المُرَاد إِقَامَته بهَا مَعَ إِقَامَته بمنى إِلَى حِين رُجُوعه، فَإِنَّهُ دَخلهَا صبح رَابِعَة، كَمَا ثَبت فِي (الصَّحِيح) فِي حَدِيث جَابر: (فَأَقَامَ بهَا ثَلَاثَة أَيَّام) ، غير يومي الدُّخُول وَالْخُرُوج مِنْهَا إِلَى منى يَوْم الثَّامِن، فَأَقَامَ بمنى ثَلَاثَة أَيَّام الرَّمْي الثَّلَاثَة وأخرها الثَّالِث عشر، وَأما حَدِيث ابْن عَبَّاس وَعمْرَان بن حُصَيْن فَالْمُرَاد بهما: دُخُوله فِي فتح مَكَّة، وَقد جمع بَينهمَا الْبَيْهَقِيّ بِأَن من روى: تِسْعَة عشر عد يومي الدُّخُول وَالْخُرُوج.
وَمن روى سَبْعَة عشر تَركهمَا، وَمن روى ثَمَانِيَة عشر عد أَحدهمَا، وَأما رِوَايَة خَمْسَة عشر، فَقَالَ النَّوَوِيّ فِي (الْخُلَاصَة) : إِنَّهَا ضَعِيفَة مُرْسلَة.
قلت: لَيْسَ كَذَلِك، لِأَن رواتها ثِقَات، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه من طَرِيق ابْن إِسْحَاق عَن الزُّهْرِيّ عَن عبد الله بن عبد الله عَن ابْن عَبَّاس، فَإِن قَالَ النَّوَوِيّ: تَضْعِيفه لأجل إِبْنِ اسحاق فإبن إِسْحَاق لم ينْفَرد بِهِ، بل رَوَاهُ النَّسَائِيّ من رِوَايَة عرَاك بن مَالك عَن عبيد الله بن عبد الله عَن ابْن عَبَّاس، وَهَذَا إِسْنَاد جيد، وَمن حفظ زِيَادَة على ذَلِك قبل مِنْهُ لِأَنَّهُ زِيَادَة ثِقَة، وَالله تَعَالَى أعلم.

ذكر الِاخْتِلَاف عَن عِكْرِمَة: روى عَنهُ عَاصِم وحصين عَن ابْن عَبَّاس: تِسْعَة أشهر كَمَا فِي حَدِيث الْبابُُ، وَكَذَا أخرجه ابْن مَاجَه.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ بِلَفْظ: (سَافر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سفرا فصلى تِسْعَة عشر يَوْمًا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ) ، وَرَوَاهُ عباد ابْن مَنْصُور (عَن عِكْرِمَة قَالَ: أَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زمن الْفَتْح تسع عشرَة لَيْلَة يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ) ، أخرجه الْبَيْهَقِيّ، وَاخْتلف على عَاصِم عَن عِكْرِمَة فَرَوَاهُ ابْن الْمُبَارك وَابْن شهَاب وَأَبُو عوَانَة فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ تسع عشرَة، وَرَوَاهُ خلف بن هِشَام وَحَفْص بن غياث، فَقَالَا: سبع عشرَة، وَاخْتلف على أبي مُعَاوِيَة عَن عَاصِم، وَأكْثر الرِّوَايَات عَنهُ تسع عشرَة رَوَاهَا عَنهُ أَبُو خَيْثَمَة وَغَيره، وَرَوَاهُ عُثْمَان بن أبي شيبَة عَن أبي مُعَاوِيَة، فَقَالَ: سبع عشرَة.
وَاخْتلف على أبي عوَانَة، فَرَوَاهُ جماعات عَنهُ عَنْهُمَا، فَقَالَ: تسع عشرَة، وَرَوَاهُ لوين عَن أبي عوَانَة عَنْهُمَا، فَقَالَ: سبع عشرَة، وَرَوَاهُ الْمُعَلَّى بن أَسد عَن أبي عوَانَة عَن عَاصِم، فَقَالَ: سبع عشرَة، قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَأَصَح الرِّوَايَات عِنْدِي: تسع عشرَة، وَهِي الَّتِي أوردهَا البُخَارِيّ، وَعبد الله ابْن الْمُبَارك أحفظ من رَوَاهُ عَن عَاصِم، وَرَوَاهُ عبد الرَّحْمَن الْأَصْبَهَانِيّ عَن عِكْرِمَة (عَن ابْن عَبَّاس: أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَقَامَ سبع عشرَة بِمَكَّة يقصر) .

ذكر اخْتِلَاف الْأَقْوَال: فِي الْمدَّة الَّتِي إِذا نوى الْمُسَافِر الْإِقَامَة فِيهَا لزمَه الْإِتْمَام، وَهُوَ على اثْنَيْنِ وَعشْرين قولا: الأول: ذكر ابْن حزم عَن سعيد بن جُبَير أَنه قَالَ: إِذا وضعت رجلك بِأَرْض فَأَتمَّ، وَهُوَ فِي (المُصَنّف) : عَن عَائِشَة وطاووس بِسَنَد صَحِيح، قَالَ: وَحدثنَا عبد الْأَعْلَى عَن دَاوُد عَن أبي الْعَالِيَة، قَالَ: (إِذا اطْمَأَن صلى أَرْبعا) ، يَعْنِي: نزل.
وَعَن ابْن عَبَّاس بِسَنَد صَحِيح مثله.
الثَّانِي: إِقَامَة يَوْم وَلَيْلَة، حَكَاهُ ابْن عبد الْبر عَن ربيعَة.
الثَّالِث: ثَلَاثَة أَيَّام، قَالَه ابْن الْمسيب، فِي مثله.
الرَّابِع: أَرْبَعَة أَيَّام، رُوِيَ عَن الشَّافِعِي وَأحمد، وروى مَالك عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي أَنه سمع سعيد بن الْمسيب قَالَ: من أجمع على إِقَامَة أَربع لَيَال وَهُوَ مُسَافر أتم الصَّلَاة، قَالَ مَالك: وَذَلِكَ أحب مَا سَمِعت إِلَيّ..
     وَقَالَ  الشَّافِعِي: لَا يحْسب يَوْم ظعنه وَلَا يَوْم نُزُوله.
وَحكى إِمَام الْحَرَمَيْنِ عَن الشَّافِعِي: أَرْبَعَة أَيَّام ولحظة.
الْخَامِس: أَكثر من أَرْبَعَة أَيَّام، ذكره ابْن رشد فِي الْقَوَاعِد عَن أَحْمد وَدَاوُد.
السَّادِس: أَن يَنْوِي إِقَامَة اثْنَيْنِ وَعشْرين صَلَاة، قَالَ ابْن قدامَة فِي (الْمُغنِي) : هُوَ مَذْهَب أَحْمد.
السَّابِع: عشرَة أَيَّام، رُوِيَ عَن عَليّ بن أبي طَالب: من حَدِيث مُحَمَّد بن عَليّ بن حُسَيْن عَنهُ، وَالْحسن بن صَالح وَأحمد بن عَليّ بن حُسَيْن، رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة.
الثَّامِن: اثْنَي عشر يَوْمًا، قَالَ أَبُو عمر: روى مَالك عَن ابْن شهَاب عَن سَالم عَن أَبِيه أَنه كَانَ يَقُول: أفل، صَلَاة الْمُسَافِر، مَا لم يجمع مكثا إثنتي عشرَة لَيْلَة، قَالَ: وروى عَن الْأَوْزَاعِيّ مثله، ذكره التِّرْمِذِيّ فِي (جَامعه) .
التَّاسِع: ثَلَاثَة عشر يَوْمًا.
قَالَ أَبُو عمر: رُوِيَ ذَلِك عَن الْأَوْزَاعِيّ.
الْعَاشِر: خَمْسَة عشر يَوْمًا، وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَأَصْحَابه، وَالثَّوْري وَاللَّيْث بن سعد، وَحَكَاهُ ابْن أبي شيبَة عَن ابْن الْمسيب بِسَنَد صَحِيح، قَالَ: وَحدثنَا عمر بن ذَر عَن مُجَاهِد: كَانَ ابْن عمر إِذا أجمع على إِقَامَة خمس عشرَة يَوْمًا صلى أَرْبعا.
الْحَادِي عشر: سِتَّة عشر يَوْمًا، وَرُوِيَ عَن اللَّيْث أَيْضا.
الثَّانِي عشر: سَبْعَة عشر يَوْمًا، وَهُوَ قَول الشَّافِعِي أَيْضا.
الثَّالِث عشر: ثَمَانِيَة عشر يَوْمًا، وَهُوَ قَول الشَّافِعِي أَيْضا.
الرَّابِع عشر: تِسْعَة عشر يَوْمًا، قَالَه إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، فِيمَا ذكره الطوسي عَنهُ.
الْخَامِس عشر: عشرُون يَوْمًا، قَالَه ابْن حزم.
السَّادِس عشر: يقصر حَتَّى يَأْتِي مصرا من الْأَمْصَار، قَالَ أَبُو عمر: قَالَه الْحسن بن أبي الْحسن: قَالَ: وَلَا أعلم أحدا قَالَه غَيره.
السَّابِع عشر: إِحْدَى وَعِشْرُونَ صَلَاة، ذكره ابْن الْمُنْذر عَن الإِمَام أَحْمد.
الثَّامِن عشر: يقصر مُطلقًا، ذكره أَبُو مُحَمَّد الْبَصْرِيّ.
التَّاسِع عشر: قَالَ ابْن أبي شيبَة: حَدثنَا جرير عَن مُغيرَة عَن سماك بن سَلمَة عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: إِن قُمْت فِي بلد خَمْسَة أشهر فقصر الصَّلَاة.
الْعشْرُونَ: قَالَ أَبُو بكر: حَدثنَا مسعر وسُفْيَان عَن حبيب بن أبي ثَابت عَن عبد الرَّحْمَن قَالَ: أَقَمْنَا مَعَ سعد بن مَالك شَهْرَيْن بعمان يقصر الصَّلَاة، وَنحن نتم، فَقُلْنَا لَهُ، فَقَالَ نَحن أعلم.
وَالْحَادِي وَالْعشْرُونَ، قَالَ: حَدثنَا وَكِيع حَدثنَا شُعْبَة حَدثنَا أَبُو التياح عَن أبي الْمنْهَال، رجل من غَزَّة.
قلت لِابْنِ عَبَّاس: إِنِّي أقيم بِالْمَدِينَةِ حولا لَا أَشد على سفر.
قَالَ: صلِّ رَكْعَتَيْنِ.
الثَّانِي وَالْعشْرُونَ: عِنْد أبي بكر بِسَنَد صَحِيح قَالَ سعيد بن جُبَير، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: إِذا أَرَادَ أَن يُقيم أَكثر من خَمْسَة عشر يَوْمًا أتم الصَّلَاة.

ذكر بَيَان مَشْرُوعِيَّة الْقصر وَبَيَان سَببه: ذكر الضَّحَّاك فِي تَفْسِيره أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى فِي حِدة الْإِسْلَام الظّهْر رَكْعَتَيْنِ وَالْعصر رَكْعَتَيْنِ وَالْمغْرب ثَلَاثًا وَالْعشَاء رَكْعَتَيْنِ والغداء رَكْعَتَيْنِ، فَلَمَّا نزلت آيَة الْقبْلَة تحول للكعبة وَكَانَ قد صلى هَذِه الصَّلَوَات نَحْو بَيت الْمُقَدّس، فوجهه جِبْرِيل، عَلَيْهِ السَّلَام، بَعْدَمَا صلى رَكْعَتَيْنِ من الظّهْر نَحْو الْكَعْبَة، وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ بِأَن صلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَأمره أَن يُصَلِّي الْعَصْر أَرْبعا وَالْعشَاء أَرْبعا، والغداة رَكْعَتَيْنِ..
     وَقَالَ : يَا مُحَمَّد أما الْفَرِيضَة الأولى فَهِيَ للمسافرين من أمتك، والغزاة، وروى الطَّبَرَانِيّ: حَدثنَا الْمثنى حَدثنَا إِسْحَاق حَدثنَا عبد الله بن هَاشم أخبرنَا سيف عَن أبي روق عَن أبي أَيُّوب (عَن عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: سَأَلَ قوم من التُّجَّار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا يَا رَسُول الله: إِنَّا نضرب فِي الأَرْض فَكيف نصلي؟ فَأنْزل الله تَعَالَى: { وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْض فَلَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تقصرُوا من الصَّلَاة} (النِّسَاء: 101) .
ثمَّ انْقَطع الْوَحْي، فَلَمَّا كَانَ بعد ذَلِك بحول غزا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فصلى الظّهْر، فَقَالَ الْمُشْركُونَ: لقد أمكنكم مُحَمَّد وَأَصْحَابه من ظُهُورهمْ، هلا شددتم عَلَيْهِم، فَأنْزل الله تَعَالَى بَين الصَّلَاتَيْنِ: { إِن خِفْتُمْ أَن يَفْتِنكُم الَّذين كفرُوا} (النِّسَاء: 101) .
وَحدثنَا ابْن بشار حَدثنَا معَاذ بن هِشَام حَدثنِي أبي عَن قَتَادَة (عَن سُلَيْمَان الْيَشْكُرِي أَنه سَأَلَ جَابر بن عبد الله عَن إقْصَار الصَّلَاة أَي يَوْم أنزل أَو: أَي يَوْم هُوَ؟ فَقَالَ: انطلقنا نتلقى عيرًا لقريش آتِيَة من الشَّام، حَتَّى إِذا كُنَّا بِنَخْل، فَنزلت آيَة الْقصر) .
وَفِي (شرح الْمسند) لِابْنِ الْأَثِير: كَانَ قصر الصَّلَاة فِي السّنة الرَّابِعَة من الْهِجْرَة، وَفِي (تَفْسِير الثَّعْلَبِيّ) قَالَ ابْن عَبَّاس: أول صَلَاة قصرت صَلَاة الْعَصْر، قصرهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعسفان فِي غَزْوَة ذِي أَنْمَار.