هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1654 حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الوَلِيدِ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ ، حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ القَعْقَاعِ ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ قَالُوا : وَلِلْمُقَصِّرِينَ ، قَالَ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ ، قَالُوا : وَلِلْمُقَصِّرِينَ ، قَالَهَا ثَلاَثًا ، قَالَ : وَلِلْمُقَصِّرِينَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1654 حدثنا عياش بن الوليد ، حدثنا محمد بن فضيل ، حدثنا عمارة بن القعقاع ، عن أبي زرعة ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم اغفر للمحلقين قالوا : وللمقصرين ، قال : اللهم اغفر للمحلقين ، قالوا : وللمقصرين ، قالها ثلاثا ، قال : وللمقصرين
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Abu Huraira:

Allah's Messenger (ﷺ) said, O Allah! Forgive those who get their heads shaved. The people asked. Also those who get their hair cut short? The Prophet (ﷺ) said, O Allah! Forgive those who have their heads shaved. The people said, Also those who get their hair cut short? The Prophet (ﷺ) (invoke Allah for those who have their heads shaved and) at the third time said, also (forgive) those who get their hair cut short.

Abu Hurayra () dit: «Le Messager d'Allah () dit: 0 Allah! fais miséricorde à ceux qui se rasent [la tête]! — Et à ceux qui se raccourcissent [les cheveux]! dirent les présents. — 0 Allah! fais miséricorde à ceux qui se rasent...! — Et à ceux qui raccourcissent [les cheveux]! Il répéta sa phrase par trois fois avant [d'acquiescer] en disant: Et à ceux qui se raccourcissent [les cheveux]! »

":"ہم سے عیاش بن ولید نے بیان کیا ، کہا ہم سے محمد بن فضیل نے بیان کیا ، ان سے عمارہ بن قعقاع نے بیان کیا ، ان سے ابوزرعہ نے اور ان سے ابوہریرہ رضی اللہ عنہ نے کہرسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے دعا فرمائی اے اللہ ! سر منڈوانے والوں کی مغفرت فرما ! صحابہ رضی اللہ عنہم نے عرض کیا اور کتروانے والوں کے لیے بھی ( یہی دعا فرمائیے ) لیکن آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم نے اس مرتبہ بھی یہی فرمایا اے اللہ ! سر منڈوانے والوں کی مغفرت کر ۔ پھر صحابہ رضی اللہ عنہم نے عرض کیا اور کتروانے والوں کی بھی ! تیسری مرتبہ آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا اور کتروانے والوں کی بھی مغفرت فرما ۔

Abu Hurayra () dit: «Le Messager d'Allah () dit: 0 Allah! fais miséricorde à ceux qui se rasent [la tête]! — Et à ceux qui se raccourcissent [les cheveux]! dirent les présents. — 0 Allah! fais miséricorde à ceux qui se rasent...! — Et à ceux qui raccourcissent [les cheveux]! Il répéta sa phrase par trois fois avant [d'acquiescer] en disant: Et à ceux qui se raccourcissent [les cheveux]! »

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1728] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِهُوَ الرَّقَّامُ بِالتَّحْتَانِيَّةِ وَالْمُعْجَمَةِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ بن السَّكَنِ بِالْمُوَحَّدَةِ وَالْمُهْمَلَةِ.

     وَقَالَ  أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ الْأَوَّلُ أَرْجَحُ بَلْ هُوَ الصَّوَابُ وَكَانَ الْقَابِسِيُّ يَشُكُّ عَنْ أَبِي زَيْدٍ فِيهِ فَيُهْمِلُ ضَبْطَهُ فَيَقُولُ عَبَّاسٌ أَوْ عَيَّاشٌ.

.

قُلْتُ لَمْ يُخَرِّجِ البُخَارِيّ للْعَبَّاس بِالْمُوَحَّدَةِ والمهملة بن الْوَلِيدِ إِلَّا ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ نَسَبَهُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا النَّرْسِيُّ أَحَدُهَا فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ وَالْآخَرُ فِي الْمَغَازِي وَالثَّالِثُ فِي الْفِتَنِ ذَكَرَهُ مُعَلَّقًا قَالَ.

     وَقَالَ  عَبَّاسٌ النَّرْسِيُّ.

.
وَأَمَّا الَّذِي بِالتَّحْتَانِيَّةِ وَالْمُعْجَمَةِ فَأَكْثَرَ عَنْهُ وَفِي الْغَالِبِ لَا يَنْسُبُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  قَالَهَا ثَلَاثًا أَيْ .

     قَوْلُهُ  اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ شَاهِدَةٌ لِأَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ الْعُمَرِيَّ حَفِظَ الزِّيَادَةَ تَنْبِيهٌ لَمْ أَرَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ عَنْهُ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ هَذِهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فِي جَمِيعِ مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنَ السُّنَنِ وَالْمَسَانِيدِ فَهِيَ مِنْ أَفْرَادِهِ عَنْ عُمَارَةَ وَمِنْ أَفْرَادِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ وَتَابَعَ أَبَا زُرْعَةَ عَلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَعْقُوبَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَمْ يَسُقْ لَفْظَهُ وَسَاقَهُ أَبُو عَوَانَةَ وَرِوَايَةُ أَبِي زُرْعَةَ أَتَمُّ وَاخْتَلَفَ الْمُتَكَلِّمُونَ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ فَقَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ لَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْ رُوَاةِ نَافِع عَن بن عُمَرَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَهُوَ تَقْصِيرٌ وَحَذْفٌ وَإِنَّمَا جَرَى ذَلِكَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ حِينَ صُدَّ عَنِ الْبَيْتِ وَهَذَا مَحْفُوظٌ مَشْهُورٌ من حَدِيث بن عمر وبن عَبَّاسٍ وَأَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَحَبَشِيِّ بْنِ جُنَادَةَ وَغَيْرِهِمْ ثُمَّ أَخْرَجَ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ بِلَفْظِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَغْفِرْ لِأَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ لِلْمُحَلِّقِينَ ثَلَاثًا وَلِلْمُقَصِّرِينَ مرّة وَحَدِيث بن عَبَّاسٍ بِلَفْظِ حَلَقَ رِجَالٌ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَقَصَّرَ آخَرُونَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ الْحَدِيثَ وَحَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ الْمَاضِي وَلَمْ يَسُقْ لَفْظَهُ بَلْ قَالَ فَذَكَرَ مَعْنَاهُ وَتَجَوَّزَ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ تَعْيِينُ الْمَوْضِعِ وَلَمْ يَقَعْ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِهِ التَّصْرِيحُ بِسَمَاعِهِ لِذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ وَقَعَ لَقَطَعْنَا بِأَنَّهُ كَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ لِأَنَّهُ شَهِدَهَا وَلم يشْهد الْحُدَيْبِيَة وَلم يسق بن عبد الْبر عَن بن عُمَرَ فِي هَذَا شَيْئًا وَلَمْ أَقِفْ عَلَى تَعْيِينِ الْحُدَيْبِيَةِ فِي شَيْءٍ مِنَ الطُّرُقِ عَنْهُ وَقَدْ قَدَّمْتُ فِي صَدْرِ الْبَابِ أَنَّهُ مُخَرَّجٌ مِنْ مَجْمُوعِ الْأَحَادِيثِ عَنْهُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ كَمَا يُومِئُ إِلَيْهِ صَنِيعَ البُخَارِيّ وَحَدِيث أبي سعيد الَّذِي أخرجه بن عَبْدِ الْبَرِّ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْزَاعِيّ وَأحمد وبن أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ كِلَاهُمَا عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَزَادَ فِيهِ أَبُو دَاوُدَ أَنَّ الصَّحَابَةَ حَلَقُوا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ إِلَّا عُثْمَانَ وَأَبَا قَتَادَةَ.

.
وَأَمَّا حَدِيث بن عَبَّاس فَأخْرجهُ بن ماجة من طَرِيق بن إِسْحَاق حَدثنِي بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْهُ وَهُوَ عِنْدَ بن إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَأَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِالْحُدَيْبِيَةِ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِهِ.

.
وَأَمَّا حَدِيثُ حَبَشِيِّ بْنِ جُنَادَةَ فَأَخْرَجَهُ بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْهُ وَلَمْ يُعَيِّنِ الْمَكَانَ وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَزَادَ فِي سِيَاقِهِ عَنْ حَبَشِيٍّ وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ وَهَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّهُ كَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَأما قَول بن عَبْدِ الْبَرِّ فَوَهْمٌ فَقَدْ وَرَدَ تَعْيِينُ الْحُدَيْبِيَةِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ عِنْدَ أَبِي قُرَّةَ فِي السُّنَنِ وَمِنْ طَرِيقِ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ وَمِنْ حَدِيث الْمسور بن مخرمَة عِنْد بن إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي وَوَرَدَ تَعْيِينُ حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَرْيَمَ السَّلُولِيِّ عِنْدَ أَحْمَدَ وبن أَبِي شَيْبَةَ وَمِنْ حَدِيثِ أُمِّ الْحُصَيْنِ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَمِنْ حَدِيثِ قَارِبِ بْنِ الْأَسْوَدِ الثَّقَفِيِّ عِنْد أَحْمد وبن أَبِي شَيْبَةَ وَمِنْ حَدِيثِ أُمِّ عُمَارَةَ عِنْدَ الْحَارِثِ فَالْأَحَادِيثُ الَّتِي فِيهَا تَعْيِينُ حَجَّةِ الْوَدَاعِ أَكْثَرُ عَدَدًا وَأَصَحُّ إِسْنَادًا وَلِهَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ عقب أَحَادِيث بن عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأُمِّالْحُصَيْنِ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْوَاقِعَةَ كَانَتْ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ قَالَ وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ كَانَ فِي الْحُدَيْبِيَةِ وَجَزَمَ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي الْحُدَيْبِيَةِ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي النِّهَايَةِ ثُمَّ قَالَ النَّوَوِيُّ لَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ وَقَعَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ انْتَهَى.

     وَقَالَ  عِيَاض كَانَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَلذَا قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ أَنَّهُ الْأَقْرَبُ.

.

قُلْتُ بَلْ هُوَ الْمُتَعَّيَنُ لِتَظَاهُرِ الرِّوَايَاتِ بِذَلِكَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ إِلَّا أَنَّ السَّبَبَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ مُخْتَلِفٌ فَالَّذِي فِي الْحُدَيْبِيَةِ كَانَ بِسَبَبِ تَوَقُّفِ مَنْ تَوَقَّفَ مِنَ الصَّحَابَةِ عَنِ الْإِحْلَالِ لِمَا دَخَلَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْحُزْنِ لِكَوْنِهِمْ مُنِعُوا مِنَ الْوُصُولِ إِلَى الْبَيْتِ مَعَ اقْتِدَارِهِمْ فِي أَنْفُسِهِمْ عَلَى ذَلِكَ فَخَالَفَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَالَحَ قُرَيْشًا عَلَى أَنْ يَرْجِعَ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ وَالْقِصَّةُ مَشْهُورَةٌ كَمَا سَتَأْتِي فِي مَكَانِهَا فَلَمَّا أَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْإِحْلَالِ تَوَقَّفُوا فَأَشَارَتْ أُمُّ سَلَمَةَ أَنْ يَحِلَّ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَهُمْ فَفَعَلَ فَتَبِعُوهُ فَحَلَقَ بَعْضُهُمْ وَقَصَّرَ بَعْضٌ وَكَانَ مَنْ بَادَرَ إِلَى الْحَلْقِ أَسْرَعَ إِلَى امْتِثَالِ الْأَمْرِ مِمَّنِ اقْتَصَرَ عَلَى التَّقْصِيرِ وَقَدْ وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِهَذَا السَّبَب فِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ الْمُشَارِ إِلَيْهِ قَبْلُ فَإِنَّ فِي آخِرِهِ عِنْد بن مَاجَهْ وَغَيْرِهِ أَنَّهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا بَالُ الْمُحَلِّقِينَ ظَاهَرْتَ لَهُمْ بِالرَّحْمَةِ قَالَ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَشُكُّوا.

.
وَأَمَّا السَّبَبُ فِي تَكْرِيرِ الدُّعَاء للمحلقين فِي حجَّة الْوَدَاع فَقَالَ بن الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ كَانَ أَكْثَرُ مَنْ حَجَّ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسُقِ الْهَدْيَ فَلَمَّا أَمَرَهُمْ أَنْ يَفْسَخُوا الْحَجَّ إِلَى الْعُمْرَةِ ثُمَّ يَتَحَلَّلُوا مِنْهَا وَيَحْلِقُوا رُؤُوسَهُمْ شَقَّ عَلَيْهِمْ ثُمَّ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ بُدٌّ مِنَ الطَّاعَةِ كَانَ التَّقْصِيرُ فِي أَنْفُسِهِمْ أَخَفَّ مِنَ الْحَلْقِ فَفَعَلَهُ أَكْثَرُهُمْ فَرَجَّحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِعْلَ مَنْ حَلَقَ لِكَوْنِهِ أَبَيْنَ فِي امْتِثَالِ الْأَمْرِ انْتَهَى وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ وَإِنْ تَابَعَهُ عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ لِأَنَّ الْمُتَمَتِّعَ يُسْتَحَبُّ فِي حَقِّهِ أَنَّ يُقَصِّرَ فِي الْعُمْرَةِ وَيَحْلِقَ فِي الْحَجِّ إِذَا كَانَ مَا بَيْنَ النُّسُكَيْنِ مُتَقَارِبًا وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ فِي حَقِّهِمْ كَذَلِكَ وَالْأَوْلَى مَا قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ إِنَّ عَادَةَ الْعَرَبِ أَنَّهَا كَانَتْ تُحِبُّ تَوْفِيرَ الشَّعْرِ وَالتَّزَيُّنَ بِهِ وَكَانَ الْحَلْقُ فِيهِمْ قَلِيلًا وَرُبَّمَا كَانُوا يَرَوْنَهُ مِنَ الشُّهْرَةِ وَمِنْ زِيِّ الْأَعَاجِمِ فَلِذَلِكَ كَرِهُوا الْحَلْقَ وَاقْتَصَرُوا عَلَى التَّقْصِيرِ وَفِي حَدِيثِ الْبَابِ مِنَ الْفَوَائِدِ أَنَّ التَّقْصِيرَ يُجْزِئُ عَنِ الْحَلْقِ وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ إِلَّا مَا رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّ الْحَلْقَ يَتَعَيَّنُ فِي أَوَّلِ حَجَّةٍ حَكَاهُ بن الْمُنْذِرِ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ الْحَسَنِ خِلَافه قَالَ بن أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ هِشَامٍ عَنِ الْحَسَنِ فِي الَّذِي لَمْ يَحُجَّ قَطُّ فَإِنْ شَاءَ حَلَقَ وَإِنْ شَاءَ قَصَّرَ نَعَمْ روى بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ إِذَا حَجَّ الرَّجُلُ أَوَّلَ حِجَّةٍ حَلَقَ فَإِنْ حَجَّ أُخْرَى فَإِنْ شَاءَ حَلَقَ وَإِنْ شَاءَ قَصَّرَ ثُمَّ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ كَانُوا يُحِبُّونَ أَنْ يَحْلِقُوا فِي أَوَّلِ حَجَّةٍ وَأَوَّلِ عُمْرَةٍ انْتَهَى وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لِلِاسْتِحْبَابِ لَا لِلُّزُومِ نَعَمْ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ أَنَّ مَحِلَّ تَعْيِينِ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُحْرِمُ لَبَّدَ شَعْرَهُ أَوْ ضَفَّرَهُ أَوْ عَقَصَهُ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ وَالْجُمْهُورِ.

     وَقَالَ  فِي الْجَدِيدِ وِفَاقًا لِلْحَنَفِيَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إِلَّا إِنْ نَذَرَهُ أَوْ كَانَ شَعْرُهُ خَفِيفًا لَا يُمْكِنُ تَقْصِيرُهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَعْرٌ فَيُمِرُّ الْمُوسَى عَلَى رَأْسِهِ وَأَغْرَبَ الْخَطَّابِيُّ فَاسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ لِتَعَيُّنِ الْحَلْقِ لِمَنْ لَبَّدَ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ وَفِيهِ أَنَّ الْحَلْقَ أَفْضَلُ مِنَ التَّقْصِيرِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْعِبَادَةِ وَأَبْيَنُ لِلْخُضُوعِ وَالذِّلَّةِ وَأَدَلُّ عَلَى صِدْقِ النِّيَّةِ وَالَّذِي يُقَصِّرُ يُبْقِي عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا مِمَّا يَتَزَيَّنُ بِهِ بِخِلَافِ الْحَالِقِ فَإِنَّهُ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ تَرَكَ ذَلِكَ لِلَّهِ تَعَالَى وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى التَّجَرُّدِ وَمِنْ ثَمَّ اسْتَحَبَّ الصُّلَحَاءُ إِلْقَاءَ الشُّعُورِ عِنْدَ التَّوْبَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

.
وَأَمَّا قَوْلُ النَّوَوِيِّ تَبَعًا لِغَيْرِهِ فِي تَعْلِيلِ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمُقَصِّرَ يُبْقِي عَلَى نَفْسِهِ الشَّعْرَ الَّذِي هُوَ زِينَةٌ وَالْحَاجُّ مَأْمُورٌ بِتَرْكِ الزِّينَةِ بَلْ هُوَ أَشْعَثُ أَغْبَرُ فَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْحَلْقَ إِنَّمَا يَقَعُ بَعْدَ انْقِضَاءِ زَمَنِ الْأَمْرِ بِالتَّقَشُّفِ فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهُ عَقِبَهُ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا النِّسَاءَ فِي الْحَجِّ خَاصَّةً وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ الْمُحَلِّقِينَ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ حَلْقِ جَمِيعِ الرَّأْسِ لِأَنَّهُ الَّذِي تَقْتَضِيهِ الصِّيغَةُ.

     وَقَالَ  بِوُجُوبِ حَلْقِ جَمِيعِهِ مَالِكٌ وَأَحْمَدُهُوَ الرَّقَّامُ بِالتَّحْتَانِيَّةِ وَالْمُعْجَمَةِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ بن السَّكَنِ بِالْمُوَحَّدَةِ وَالْمُهْمَلَةِ.

     وَقَالَ  أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ الْأَوَّلُ أَرْجَحُ بَلْ هُوَ الصَّوَابُ وَكَانَ الْقَابِسِيُّ يَشُكُّ عَنْ أَبِي زَيْدٍ فِيهِ فَيُهْمِلُ ضَبْطَهُ فَيَقُولُ عَبَّاسٌ أَوْ عَيَّاشٌ.

.

قُلْتُ لَمْ يُخَرِّجِ البُخَارِيّ للْعَبَّاس بِالْمُوَحَّدَةِ والمهملة بن الْوَلِيدِ إِلَّا ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ نَسَبَهُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا النَّرْسِيُّ أَحَدُهَا فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ وَالْآخَرُ فِي الْمَغَازِي وَالثَّالِثُ فِي الْفِتَنِ ذَكَرَهُ مُعَلَّقًا قَالَ.

     وَقَالَ  عَبَّاسٌ النَّرْسِيُّ.

.
وَأَمَّا الَّذِي بِالتَّحْتَانِيَّةِ وَالْمُعْجَمَةِ فَأَكْثَرَ عَنْهُ وَفِي الْغَالِبِ لَا يَنْسُبُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  قَالَهَا ثَلَاثًا أَيْ .

     قَوْلُهُ  اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ شَاهِدَةٌ لِأَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ الْعُمَرِيَّ حَفِظَ الزِّيَادَةَ تَنْبِيهٌ لَمْ أَرَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ عَنْهُ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ هَذِهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فِي جَمِيعِ مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنَ السُّنَنِ وَالْمَسَانِيدِ فَهِيَ مِنْ أَفْرَادِهِ عَنْ عُمَارَةَ وَمِنْ أَفْرَادِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ وَتَابَعَ أَبَا زُرْعَةَ عَلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَعْقُوبَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَمْ يَسُقْ لَفْظَهُ وَسَاقَهُ أَبُو عَوَانَةَ وَرِوَايَةُ أَبِي زُرْعَةَ أَتَمُّ وَاخْتَلَفَ الْمُتَكَلِّمُونَ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ فَقَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ لَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْ رُوَاةِ نَافِع عَن بن عُمَرَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَهُوَ تَقْصِيرٌ وَحَذْفٌ وَإِنَّمَا جَرَى ذَلِكَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ حِينَ صُدَّ عَنِ الْبَيْتِ وَهَذَا مَحْفُوظٌ مَشْهُورٌ من حَدِيث بن عمر وبن عَبَّاسٍ وَأَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَحَبَشِيِّ بْنِ جُنَادَةَ وَغَيْرِهِمْ ثُمَّ أَخْرَجَ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ بِلَفْظِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَغْفِرْ لِأَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ لِلْمُحَلِّقِينَ ثَلَاثًا وَلِلْمُقَصِّرِينَ مرّة وَحَدِيث بن عَبَّاسٍ بِلَفْظِ حَلَقَ رِجَالٌ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَقَصَّرَ آخَرُونَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ الْحَدِيثَ وَحَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ الْمَاضِي وَلَمْ يَسُقْ لَفْظَهُ بَلْ قَالَ فَذَكَرَ مَعْنَاهُ وَتَجَوَّزَ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ تَعْيِينُ الْمَوْضِعِ وَلَمْ يَقَعْ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِهِ التَّصْرِيحُ بِسَمَاعِهِ لِذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ وَقَعَ لَقَطَعْنَا بِأَنَّهُ كَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ لِأَنَّهُ شَهِدَهَا وَلم يشْهد الْحُدَيْبِيَة وَلم يسق بن عبد الْبر عَن بن عُمَرَ فِي هَذَا شَيْئًا وَلَمْ أَقِفْ عَلَى تَعْيِينِ الْحُدَيْبِيَةِ فِي شَيْءٍ مِنَ الطُّرُقِ عَنْهُ وَقَدْ قَدَّمْتُ فِي صَدْرِ الْبَابِ أَنَّهُ مُخَرَّجٌ مِنْ مَجْمُوعِ الْأَحَادِيثِ عَنْهُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ كَمَا يُومِئُ إِلَيْهِ صَنِيعَ البُخَارِيّ وَحَدِيث أبي سعيد الَّذِي أخرجه بن عَبْدِ الْبَرِّ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْزَاعِيّ وَأحمد وبن أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ كِلَاهُمَا عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَزَادَ فِيهِ أَبُو دَاوُدَ أَنَّ الصَّحَابَةَ حَلَقُوا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ إِلَّا عُثْمَانَ وَأَبَا قَتَادَةَ.

.
وَأَمَّا حَدِيث بن عَبَّاس فَأخْرجهُ بن ماجة من طَرِيق بن إِسْحَاق حَدثنِي بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْهُ وَهُوَ عِنْدَ بن إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَأَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِالْحُدَيْبِيَةِ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِهِ.

.
وَأَمَّا حَدِيثُ حَبَشِيِّ بْنِ جُنَادَةَ فَأَخْرَجَهُ بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْهُ وَلَمْ يُعَيِّنِ الْمَكَانَ وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَزَادَ فِي سِيَاقِهِ عَنْ حَبَشِيٍّ وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ وَهَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّهُ كَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَأما قَول بن عَبْدِ الْبَرِّ فَوَهْمٌ فَقَدْ وَرَدَ تَعْيِينُ الْحُدَيْبِيَةِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ عِنْدَ أَبِي قُرَّةَ فِي السُّنَنِ وَمِنْ طَرِيقِ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ وَمِنْ حَدِيث الْمسور بن مخرمَة عِنْد بن إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي وَوَرَدَ تَعْيِينُ حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَرْيَمَ السَّلُولِيِّ عِنْدَ أَحْمَدَ وبن أَبِي شَيْبَةَ وَمِنْ حَدِيثِ أُمِّ الْحُصَيْنِ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَمِنْ حَدِيثِ قَارِبِ بْنِ الْأَسْوَدِ الثَّقَفِيِّ عِنْد أَحْمد وبن أَبِي شَيْبَةَ وَمِنْ حَدِيثِ أُمِّ عُمَارَةَ عِنْدَ الْحَارِثِ فَالْأَحَادِيثُ الَّتِي فِيهَا تَعْيِينُ حَجَّةِ الْوَدَاعِ أَكْثَرُ عَدَدًا وَأَصَحُّ إِسْنَادًا وَلِهَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ عقب أَحَادِيث بن عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأُمِّالْحُصَيْنِ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْوَاقِعَةَ كَانَتْ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ قَالَ وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ كَانَ فِي الْحُدَيْبِيَةِ وَجَزَمَ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي الْحُدَيْبِيَةِ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي النِّهَايَةِ ثُمَّ قَالَ النَّوَوِيُّ لَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ وَقَعَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ انْتَهَى.

     وَقَالَ  عِيَاض كَانَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَلذَا قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ أَنَّهُ الْأَقْرَبُ.

.

قُلْتُ بَلْ هُوَ الْمُتَعَّيَنُ لِتَظَاهُرِ الرِّوَايَاتِ بِذَلِكَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ إِلَّا أَنَّ السَّبَبَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ مُخْتَلِفٌ فَالَّذِي فِي الْحُدَيْبِيَةِ كَانَ بِسَبَبِ تَوَقُّفِ مَنْ تَوَقَّفَ مِنَ الصَّحَابَةِ عَنِ الْإِحْلَالِ لِمَا دَخَلَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْحُزْنِ لِكَوْنِهِمْ مُنِعُوا مِنَ الْوُصُولِ إِلَى الْبَيْتِ مَعَ اقْتِدَارِهِمْ فِي أَنْفُسِهِمْ عَلَى ذَلِكَ فَخَالَفَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَالَحَ قُرَيْشًا عَلَى أَنْ يَرْجِعَ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ وَالْقِصَّةُ مَشْهُورَةٌ كَمَا سَتَأْتِي فِي مَكَانِهَا فَلَمَّا أَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْإِحْلَالِ تَوَقَّفُوا فَأَشَارَتْ أُمُّ سَلَمَةَ أَنْ يَحِلَّ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَهُمْ فَفَعَلَ فَتَبِعُوهُ فَحَلَقَ بَعْضُهُمْ وَقَصَّرَ بَعْضٌ وَكَانَ مَنْ بَادَرَ إِلَى الْحَلْقِ أَسْرَعَ إِلَى امْتِثَالِ الْأَمْرِ مِمَّنِ اقْتَصَرَ عَلَى التَّقْصِيرِ وَقَدْ وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِهَذَا السَّبَب فِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ الْمُشَارِ إِلَيْهِ قَبْلُ فَإِنَّ فِي آخِرِهِ عِنْد بن مَاجَهْ وَغَيْرِهِ أَنَّهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا بَالُ الْمُحَلِّقِينَ ظَاهَرْتَ لَهُمْ بِالرَّحْمَةِ قَالَ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَشُكُّوا.

.
وَأَمَّا السَّبَبُ فِي تَكْرِيرِ الدُّعَاء للمحلقين فِي حجَّة الْوَدَاع فَقَالَ بن الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ كَانَ أَكْثَرُ مَنْ حَجَّ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسُقِ الْهَدْيَ فَلَمَّا أَمَرَهُمْ أَنْ يَفْسَخُوا الْحَجَّ إِلَى الْعُمْرَةِ ثُمَّ يَتَحَلَّلُوا مِنْهَا وَيَحْلِقُوا رُؤُوسَهُمْ شَقَّ عَلَيْهِمْ ثُمَّ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ بُدٌّ مِنَ الطَّاعَةِ كَانَ التَّقْصِيرُ فِي أَنْفُسِهِمْ أَخَفَّ مِنَ الْحَلْقِ فَفَعَلَهُ أَكْثَرُهُمْ فَرَجَّحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِعْلَ مَنْ حَلَقَ لِكَوْنِهِ أَبَيْنَ فِي امْتِثَالِ الْأَمْرِ انْتَهَى وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ وَإِنْ تَابَعَهُ عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ لِأَنَّ الْمُتَمَتِّعَ يُسْتَحَبُّ فِي حَقِّهِ أَنَّ يُقَصِّرَ فِي الْعُمْرَةِ وَيَحْلِقَ فِي الْحَجِّ إِذَا كَانَ مَا بَيْنَ النُّسُكَيْنِ مُتَقَارِبًا وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ فِي حَقِّهِمْ كَذَلِكَ وَالْأَوْلَى مَا قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ إِنَّ عَادَةَ الْعَرَبِ أَنَّهَا كَانَتْ تُحِبُّ تَوْفِيرَ الشَّعْرِ وَالتَّزَيُّنَ بِهِ وَكَانَ الْحَلْقُ فِيهِمْ قَلِيلًا وَرُبَّمَا كَانُوا يَرَوْنَهُ مِنَ الشُّهْرَةِ وَمِنْ زِيِّ الْأَعَاجِمِ فَلِذَلِكَ كَرِهُوا الْحَلْقَ وَاقْتَصَرُوا عَلَى التَّقْصِيرِ وَفِي حَدِيثِ الْبَابِ مِنَ الْفَوَائِدِ أَنَّ التَّقْصِيرَ يُجْزِئُ عَنِ الْحَلْقِ وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ إِلَّا مَا رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّ الْحَلْقَ يَتَعَيَّنُ فِي أَوَّلِ حَجَّةٍ حَكَاهُ بن الْمُنْذِرِ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ الْحَسَنِ خِلَافه قَالَ بن أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ هِشَامٍ عَنِ الْحَسَنِ فِي الَّذِي لَمْ يَحُجَّ قَطُّ فَإِنْ شَاءَ حَلَقَ وَإِنْ شَاءَ قَصَّرَ نَعَمْ روى بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ إِذَا حَجَّ الرَّجُلُ أَوَّلَ حِجَّةٍ حَلَقَ فَإِنْ حَجَّ أُخْرَى فَإِنْ شَاءَ حَلَقَ وَإِنْ شَاءَ قَصَّرَ ثُمَّ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ كَانُوا يُحِبُّونَ أَنْ يَحْلِقُوا فِي أَوَّلِ حَجَّةٍ وَأَوَّلِ عُمْرَةٍ انْتَهَى وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لِلِاسْتِحْبَابِ لَا لِلُّزُومِ نَعَمْ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ أَنَّ مَحِلَّ تَعْيِينِ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُحْرِمُ لَبَّدَ شَعْرَهُ أَوْ ضَفَّرَهُ أَوْ عَقَصَهُ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ وَالْجُمْهُورِ.

     وَقَالَ  فِي الْجَدِيدِ وِفَاقًا لِلْحَنَفِيَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إِلَّا إِنْ نَذَرَهُ أَوْ كَانَ شَعْرُهُ خَفِيفًا لَا يُمْكِنُ تَقْصِيرُهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَعْرٌ فَيُمِرُّ الْمُوسَى عَلَى رَأْسِهِ وَأَغْرَبَ الْخَطَّابِيُّ فَاسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ لِتَعَيُّنِ الْحَلْقِ لِمَنْ لَبَّدَ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ وَفِيهِ أَنَّ الْحَلْقَ أَفْضَلُ مِنَ التَّقْصِيرِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْعِبَادَةِ وَأَبْيَنُ لِلْخُضُوعِ وَالذِّلَّةِ وَأَدَلُّ عَلَى صِدْقِ النِّيَّةِ وَالَّذِي يُقَصِّرُ يُبْقِي عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا مِمَّا يَتَزَيَّنُ بِهِ بِخِلَافِ الْحَالِقِ فَإِنَّهُ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ تَرَكَ ذَلِكَ لِلَّهِ تَعَالَى وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى التَّجَرُّدِ وَمِنْ ثَمَّ اسْتَحَبَّ الصُّلَحَاءُ إِلْقَاءَ الشُّعُورِ عِنْدَ التَّوْبَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

.
وَأَمَّا قَوْلُ النَّوَوِيِّ تَبَعًا لِغَيْرِهِ فِي تَعْلِيلِ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمُقَصِّرَ يُبْقِي عَلَى نَفْسِهِ الشَّعْرَ الَّذِي هُوَ زِينَةٌ وَالْحَاجُّ مَأْمُورٌ بِتَرْكِ الزِّينَةِ بَلْ هُوَ أَشْعَثُ أَغْبَرُ فَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْحَلْقَ إِنَّمَا يَقَعُ بَعْدَ انْقِضَاءِ زَمَنِ الْأَمْرِ بِالتَّقَشُّفِ فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهُ عَقِبَهُ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا النِّسَاءَ فِي الْحَجِّ خَاصَّةً وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ الْمُحَلِّقِينَ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ حَلْقِ جَمِيعِ الرَّأْسِ لِأَنَّهُ الَّذِي تَقْتَضِيهِ الصِّيغَةُ.

     وَقَالَ  بِوُجُوبِ حَلْقِ جَمِيعِهِ مَالِكٌ وَأَحْمَدُأَحَادِيثَ وَلِأَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثًا وَلِابْنِ عَبَّاسٍ حَدِيثًا فَالْحَدِيثُ الْأَوَّلُ لِابْنِ عُمَرَ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ قَالَ نَافِعٌ كَانَ بن عُمَرَ يَقُولُ حَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّتِهِ وَهَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ أَوَّلُهُ لَمَّا نَزَلَ الْحَجَّاجُ بِابْنِ الزُّبَيْرِ الْحَدِيثَ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَالْحَدِيثُ الثَّانِي لِابْنِ عُمَرَ فِي الدُّعَاءِ لِلْمُحَلِّقِينَ وَسَيَأْتِي بَسْطُهُ وَالْحَدِيثُ الثَّالِثُ لِابْنِ عُمَرَ مِنْ طَرِيقِ جوَيْرِية بن أَسمَاء عَن نَافِع أَن عبد الله وَهُوَ بْنَ عُمَرَ قَالَ حَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَقَصَّرَ بَعْضُهُمْ وَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ لَمْ يَقَعْ لَهُ عَلَى شَرْطِهِ التَّصْرِيحُ بِمَحَلِّ الدُّعَاءِ لِلْمُحَلِّقِينَ فَاسْتَنْبَطَ مِنَ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ صَرَّحَ بِأَنَّ حِلَاقَهُ وَقَعَ فِي حَجَّتِهِ وَالثَّالِثَ لَمْ يُصَرِّحْ بِذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ بَيَّنَ فِيهِ أَنَّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ حَلَقَ وَبَعْضَهُمْ قَصَّرَ وَقَدْ أَخْرَجَهُ فِي الْمَغَازِي مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ بِلَفْظِ حَلَقَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَأُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَقَصَّرَ بَعْضُهُمْ وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ مِثْلَ حَدِيثِ جُوَيْرِيَّةَ سَوَاءٌ وَزَادَ فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَرْحَمُ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ فَأَشْعَرَ ذَلِكَ بِأَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاع وَسَنذكر الْبَحْث فِيهِ مَعَ بن عَبْدِ الْبَرِّ هُنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى تَنْبِيه أَفَادَ بن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْهُ فِي الْمَغَازِي مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ مُتَّصِلًا بِالْمَتْنِ الْمَذْكُورِ قَالَ وَزَعَمُوا أَنَّ الَّذِي حَلَقَهُ مَعْمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَضْلَةَ وَبَيَّنَ أَبُو مَسْعُودٍ فِي الْأَطْرَاف أَن قَائِل وَزَعَمُوا بن جُرَيْجٍ الرَّاوِي لَهُ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [ قــ :1654 ... غــ :1728] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ هُوَ الرَّقَّامُ بِالتَّحْتَانِيَّةِ وَالْمُعْجَمَةِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ بن السَّكَنِ بِالْمُوَحَّدَةِ وَالْمُهْمَلَةِ.

     وَقَالَ  أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ الْأَوَّلُ أَرْجَحُ بَلْ هُوَ الصَّوَابُ وَكَانَ الْقَابِسِيُّ يَشُكُّ عَنْ أَبِي زَيْدٍ فِيهِ فَيُهْمِلُ ضَبْطَهُ فَيَقُولُ عَبَّاسٌ أَوْ عَيَّاشٌ.

.

قُلْتُ لَمْ يُخَرِّجِ البُخَارِيّ للْعَبَّاس بِالْمُوَحَّدَةِ والمهملة بن الْوَلِيدِ إِلَّا ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ نَسَبَهُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا النَّرْسِيُّ أَحَدُهَا فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ وَالْآخَرُ فِي الْمَغَازِي وَالثَّالِثُ فِي الْفِتَنِ ذَكَرَهُ مُعَلَّقًا قَالَ.

     وَقَالَ  عَبَّاسٌ النَّرْسِيُّ.

.
وَأَمَّا الَّذِي بِالتَّحْتَانِيَّةِ وَالْمُعْجَمَةِ فَأَكْثَرَ عَنْهُ وَفِي الْغَالِبِ لَا يَنْسُبُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  قَالَهَا ثَلَاثًا أَيْ .

     قَوْلُهُ  اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ شَاهِدَةٌ لِأَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ الْعُمَرِيَّ حَفِظَ الزِّيَادَةَ تَنْبِيهٌ لَمْ أَرَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ عَنْهُ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ هَذِهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فِي جَمِيعِ مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنَ السُّنَنِ وَالْمَسَانِيدِ فَهِيَ مِنْ أَفْرَادِهِ عَنْ عُمَارَةَ وَمِنْ أَفْرَادِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ وَتَابَعَ أَبَا زُرْعَةَ عَلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَعْقُوبَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَمْ يَسُقْ لَفْظَهُ وَسَاقَهُ أَبُو عَوَانَةَ وَرِوَايَةُ أَبِي زُرْعَةَ أَتَمُّ وَاخْتَلَفَ الْمُتَكَلِّمُونَ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ فَقَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ لَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْ رُوَاةِ نَافِع عَن بن عُمَرَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَهُوَ تَقْصِيرٌ وَحَذْفٌ وَإِنَّمَا جَرَى ذَلِكَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ حِينَ صُدَّ عَنِ الْبَيْتِ وَهَذَا مَحْفُوظٌ مَشْهُورٌ من حَدِيث بن عمر وبن عَبَّاسٍ وَأَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَحَبَشِيِّ بْنِ جُنَادَةَ وَغَيْرِهِمْ ثُمَّ أَخْرَجَ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ بِلَفْظِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَغْفِرْ لِأَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ لِلْمُحَلِّقِينَ ثَلَاثًا وَلِلْمُقَصِّرِينَ مرّة وَحَدِيث بن عَبَّاسٍ بِلَفْظِ حَلَقَ رِجَالٌ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَقَصَّرَ آخَرُونَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ الْحَدِيثَ وَحَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ الْمَاضِي وَلَمْ يَسُقْ لَفْظَهُ بَلْ قَالَ فَذَكَرَ مَعْنَاهُ وَتَجَوَّزَ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ تَعْيِينُ الْمَوْضِعِ وَلَمْ يَقَعْ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِهِ التَّصْرِيحُ بِسَمَاعِهِ لِذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ وَقَعَ لَقَطَعْنَا بِأَنَّهُ كَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ لِأَنَّهُ شَهِدَهَا وَلم يشْهد الْحُدَيْبِيَة وَلم يسق بن عبد الْبر عَن بن عُمَرَ فِي هَذَا شَيْئًا وَلَمْ أَقِفْ عَلَى تَعْيِينِ الْحُدَيْبِيَةِ فِي شَيْءٍ مِنَ الطُّرُقِ عَنْهُ وَقَدْ قَدَّمْتُ فِي صَدْرِ الْبَابِ أَنَّهُ مُخَرَّجٌ مِنْ مَجْمُوعِ الْأَحَادِيثِ عَنْهُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ كَمَا يُومِئُ إِلَيْهِ صَنِيعَ البُخَارِيّ وَحَدِيث أبي سعيد الَّذِي أخرجه بن عَبْدِ الْبَرِّ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْزَاعِيّ وَأحمد وبن أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ كِلَاهُمَا عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَزَادَ فِيهِ أَبُو دَاوُدَ أَنَّ الصَّحَابَةَ حَلَقُوا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ إِلَّا عُثْمَانَ وَأَبَا قَتَادَةَ.

.
وَأَمَّا حَدِيث بن عَبَّاس فَأخْرجهُ بن ماجة من طَرِيق بن إِسْحَاق حَدثنِي بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْهُ وَهُوَ عِنْدَ بن إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَأَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِالْحُدَيْبِيَةِ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِهِ.

.
وَأَمَّا حَدِيثُ حَبَشِيِّ بْنِ جُنَادَةَ فَأَخْرَجَهُ بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْهُ وَلَمْ يُعَيِّنِ الْمَكَانَ وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَزَادَ فِي سِيَاقِهِ عَنْ حَبَشِيٍّ وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ وَهَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّهُ كَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَأما قَول بن عَبْدِ الْبَرِّ فَوَهْمٌ فَقَدْ وَرَدَ تَعْيِينُ الْحُدَيْبِيَةِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ عِنْدَ أَبِي قُرَّةَ فِي السُّنَنِ وَمِنْ طَرِيقِ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ وَمِنْ حَدِيث الْمسور بن مخرمَة عِنْد بن إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي وَوَرَدَ تَعْيِينُ حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَرْيَمَ السَّلُولِيِّ عِنْدَ أَحْمَدَ وبن أَبِي شَيْبَةَ وَمِنْ حَدِيثِ أُمِّ الْحُصَيْنِ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَمِنْ حَدِيثِ قَارِبِ بْنِ الْأَسْوَدِ الثَّقَفِيِّ عِنْد أَحْمد وبن أَبِي شَيْبَةَ وَمِنْ حَدِيثِ أُمِّ عُمَارَةَ عِنْدَ الْحَارِثِ فَالْأَحَادِيثُ الَّتِي فِيهَا تَعْيِينُ حَجَّةِ الْوَدَاعِ أَكْثَرُ عَدَدًا وَأَصَحُّ إِسْنَادًا وَلِهَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ عقب أَحَادِيث بن عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأُمِّ الْحُصَيْنِ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْوَاقِعَةَ كَانَتْ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ قَالَ وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ كَانَ فِي الْحُدَيْبِيَةِ وَجَزَمَ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي الْحُدَيْبِيَةِ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي النِّهَايَةِ ثُمَّ قَالَ النَّوَوِيُّ لَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ وَقَعَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ انْتَهَى.

     وَقَالَ  عِيَاض كَانَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَلذَا قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ أَنَّهُ الْأَقْرَبُ.

.

قُلْتُ بَلْ هُوَ الْمُتَعَّيَنُ لِتَظَاهُرِ الرِّوَايَاتِ بِذَلِكَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ إِلَّا أَنَّ السَّبَبَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ مُخْتَلِفٌ فَالَّذِي فِي الْحُدَيْبِيَةِ كَانَ بِسَبَبِ تَوَقُّفِ مَنْ تَوَقَّفَ مِنَ الصَّحَابَةِ عَنِ الْإِحْلَالِ لِمَا دَخَلَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْحُزْنِ لِكَوْنِهِمْ مُنِعُوا مِنَ الْوُصُولِ إِلَى الْبَيْتِ مَعَ اقْتِدَارِهِمْ فِي أَنْفُسِهِمْ عَلَى ذَلِكَ فَخَالَفَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَالَحَ قُرَيْشًا عَلَى أَنْ يَرْجِعَ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ وَالْقِصَّةُ مَشْهُورَةٌ كَمَا سَتَأْتِي فِي مَكَانِهَا فَلَمَّا أَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْإِحْلَالِ تَوَقَّفُوا فَأَشَارَتْ أُمُّ سَلَمَةَ أَنْ يَحِلَّ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَهُمْ فَفَعَلَ فَتَبِعُوهُ فَحَلَقَ بَعْضُهُمْ وَقَصَّرَ بَعْضٌ وَكَانَ مَنْ بَادَرَ إِلَى الْحَلْقِ أَسْرَعَ إِلَى امْتِثَالِ الْأَمْرِ مِمَّنِ اقْتَصَرَ عَلَى التَّقْصِيرِ وَقَدْ وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِهَذَا السَّبَب فِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ الْمُشَارِ إِلَيْهِ قَبْلُ فَإِنَّ فِي آخِرِهِ عِنْد بن مَاجَهْ وَغَيْرِهِ أَنَّهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا بَالُ الْمُحَلِّقِينَ ظَاهَرْتَ لَهُمْ بِالرَّحْمَةِ قَالَ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَشُكُّوا.

.
وَأَمَّا السَّبَبُ فِي تَكْرِيرِ الدُّعَاء للمحلقين فِي حجَّة الْوَدَاع فَقَالَ بن الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ كَانَ أَكْثَرُ مَنْ حَجَّ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسُقِ الْهَدْيَ فَلَمَّا أَمَرَهُمْ أَنْ يَفْسَخُوا الْحَجَّ إِلَى الْعُمْرَةِ ثُمَّ يَتَحَلَّلُوا مِنْهَا وَيَحْلِقُوا رُؤُوسَهُمْ شَقَّ عَلَيْهِمْ ثُمَّ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ بُدٌّ مِنَ الطَّاعَةِ كَانَ التَّقْصِيرُ فِي أَنْفُسِهِمْ أَخَفَّ مِنَ الْحَلْقِ فَفَعَلَهُ أَكْثَرُهُمْ فَرَجَّحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِعْلَ مَنْ حَلَقَ لِكَوْنِهِ أَبَيْنَ فِي امْتِثَالِ الْأَمْرِ انْتَهَى وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ وَإِنْ تَابَعَهُ عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ لِأَنَّ الْمُتَمَتِّعَ يُسْتَحَبُّ فِي حَقِّهِ أَنَّ يُقَصِّرَ فِي الْعُمْرَةِ وَيَحْلِقَ فِي الْحَجِّ إِذَا كَانَ مَا بَيْنَ النُّسُكَيْنِ مُتَقَارِبًا وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ فِي حَقِّهِمْ كَذَلِكَ وَالْأَوْلَى مَا قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ إِنَّ عَادَةَ الْعَرَبِ أَنَّهَا كَانَتْ تُحِبُّ تَوْفِيرَ الشَّعْرِ وَالتَّزَيُّنَ بِهِ وَكَانَ الْحَلْقُ فِيهِمْ قَلِيلًا وَرُبَّمَا كَانُوا يَرَوْنَهُ مِنَ الشُّهْرَةِ وَمِنْ زِيِّ الْأَعَاجِمِ فَلِذَلِكَ كَرِهُوا الْحَلْقَ وَاقْتَصَرُوا عَلَى التَّقْصِيرِ وَفِي حَدِيثِ الْبَابِ مِنَ الْفَوَائِدِ أَنَّ التَّقْصِيرَ يُجْزِئُ عَنِ الْحَلْقِ وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ إِلَّا مَا رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّ الْحَلْقَ يَتَعَيَّنُ فِي أَوَّلِ حَجَّةٍ حَكَاهُ بن الْمُنْذِرِ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ الْحَسَنِ خِلَافه قَالَ بن أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ هِشَامٍ عَنِ الْحَسَنِ فِي الَّذِي لَمْ يَحُجَّ قَطُّ فَإِنْ شَاءَ حَلَقَ وَإِنْ شَاءَ قَصَّرَ نَعَمْ روى بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ إِذَا حَجَّ الرَّجُلُ أَوَّلَ حِجَّةٍ حَلَقَ فَإِنْ حَجَّ أُخْرَى فَإِنْ شَاءَ حَلَقَ وَإِنْ شَاءَ قَصَّرَ ثُمَّ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ كَانُوا يُحِبُّونَ أَنْ يَحْلِقُوا فِي أَوَّلِ حَجَّةٍ وَأَوَّلِ عُمْرَةٍ انْتَهَى وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لِلِاسْتِحْبَابِ لَا لِلُّزُومِ نَعَمْ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ أَنَّ مَحِلَّ تَعْيِينِ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُحْرِمُ لَبَّدَ شَعْرَهُ أَوْ ضَفَّرَهُ أَوْ عَقَصَهُ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ وَالْجُمْهُورِ.

     وَقَالَ  فِي الْجَدِيدِ وِفَاقًا لِلْحَنَفِيَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إِلَّا إِنْ نَذَرَهُ أَوْ كَانَ شَعْرُهُ خَفِيفًا لَا يُمْكِنُ تَقْصِيرُهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَعْرٌ فَيُمِرُّ الْمُوسَى عَلَى رَأْسِهِ وَأَغْرَبَ الْخَطَّابِيُّ فَاسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ لِتَعَيُّنِ الْحَلْقِ لِمَنْ لَبَّدَ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ وَفِيهِ أَنَّ الْحَلْقَ أَفْضَلُ مِنَ التَّقْصِيرِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْعِبَادَةِ وَأَبْيَنُ لِلْخُضُوعِ وَالذِّلَّةِ وَأَدَلُّ عَلَى صِدْقِ النِّيَّةِ وَالَّذِي يُقَصِّرُ يُبْقِي عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا مِمَّا يَتَزَيَّنُ بِهِ بِخِلَافِ الْحَالِقِ فَإِنَّهُ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ تَرَكَ ذَلِكَ لِلَّهِ تَعَالَى وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى التَّجَرُّدِ وَمِنْ ثَمَّ اسْتَحَبَّ الصُّلَحَاءُ إِلْقَاءَ الشُّعُورِ عِنْدَ التَّوْبَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

.
وَأَمَّا قَوْلُ النَّوَوِيِّ تَبَعًا لِغَيْرِهِ فِي تَعْلِيلِ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمُقَصِّرَ يُبْقِي عَلَى نَفْسِهِ الشَّعْرَ الَّذِي هُوَ زِينَةٌ وَالْحَاجُّ مَأْمُورٌ بِتَرْكِ الزِّينَةِ بَلْ هُوَ أَشْعَثُ أَغْبَرُ فَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْحَلْقَ إِنَّمَا يَقَعُ بَعْدَ انْقِضَاءِ زَمَنِ الْأَمْرِ بِالتَّقَشُّفِ فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهُ عَقِبَهُ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا النِّسَاءَ فِي الْحَجِّ خَاصَّةً وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ الْمُحَلِّقِينَ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ حَلْقِ جَمِيعِ الرَّأْسِ لِأَنَّهُ الَّذِي تَقْتَضِيهِ الصِّيغَةُ.

     وَقَالَ  بِوُجُوبِ حَلْقِ جَمِيعِهِ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَاسْتَحَبَّهُ الْكُوفِيُّونَ وَالشَّافِعِيُّ وَيُجْزِئُ الْبَعْضُ عِنْدَهُمْ وَاخْتَلَفُوا فِيهِ فَعَنِ الْحَنَفِيَّةِ الرُّبُعُ إِلَّا أَبَا يُوسُفَ فَقَالَ النِّصْفُ.

     وَقَالَ  الشَّافِعِيُّ أَقَلُّ مَا يَجِبُ حَلْقُ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ وَفِي وَجْهٍ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ شَعْرَةٌ وَاحِدَةٌ وَالتَّقْصِيرُ كَالْحَلْقِ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يُقَصِّرَ مِنْ جَمِيعِ شَعْرِ رَأْسِهِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَنْقُصَ عَنْ قَدْرِ الْأُنْمُلَةِ وَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى دُونَهَا أَجْزَأَ هَذَا لِلشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ مُرَتَّبٌ عِنْدَ غَيْرِهِمْ عَلَى الْحَلْقِ وَهَذَا كُلُّهُ فِي حَقِّ الرِّجَالِ.

.
وَأَمَّا النِّسَاءُ فَالْمَشْرُوعُ فِي حَقِّهِنَّ التَّقْصِيرُ بِالْإِجْمَاعِ وَفِيهِ حَدِيثٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَلَفْظُهُ لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ حَلْقٌ وَإِنَّمَا عَلَى النِّسَاءِ التَّقْصِيرُ وَلِلتِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ نَهَى أَنْ تَحْلِقَ الْمَرْأَةُ رَأْسَهَا.

     وَقَالَ  جُمْهُورُ الشَّافِعِيَّةِ لَوْ حَلَقَتْ أَجْزَأَهَا وَيُكْرَهُ.

     وَقَالَ  الْقَاضِيَانِ أَبُو الطَّيِّبِ وَحُسَيْنٌ لَا يَجُوزُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا مَشْرُوعِيَّةُ الدُّعَاءِ لِمَنْ فَعَلَ مَا شُرِعَ لَهُ وَتَكْرَارُ الدُّعَاءِ لِمَنْ فَعَلَ الرَّاجِحَ مِنَ الْأَمْرَيْنِ الْمُخَيَّرِ فِيهِمَا وَالتَّنْبِيهُ بِالتَّكْرَارِ عَلَى الرُّجْحَانِ وَطَلَبِ الدُّعَاءِ لِمَنْ فَعَلَ الْجَائِزَ وَإِن كَانَ مرجوحا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :1654 ... غــ : 1728 ]
- حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ "قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ.
قَالُوا وَلِلْمُقَصِّرِينَ، قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ، قَالُوا وَلِلْمُقَصِّرِينَ، قَالَهَا ثَلاَثًا قَالَ: وَلِلْمُقَصِّرِينَ".

وبه قال: ( حدّثنا عياش بن الوليد) بالمثناة التحتية المشدّدة والشين المعجمة الرقام ووقع في رواية ابن السكن عباس بالموحدة والمهملة قال أبو عليّ الجياني: والأوّل أرجح بل هو الصواب قال: ( حدّثنا عمارة بن القعقاع) بتخفيف الميم بعد ضم العين ابن القعقاع بقافين مفتوحتين بينهما عين مهملة ساكنة وبعد الألف مهملة أخرى ابن شبرمة ( عن أبي زرعة) هرم أو عبد الله أو عبد الرحمن بن عمرو البجلي ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) في حجة الوداع.
قال في الفتح: أو في الحديبية، وصحح النووي الأوّل، والثاني ابن عبد البر، وجزم به إمام الحرمين في النهاية، وجوّز النووي وقوعه في الموضعين.
قال في الفتح: ولم يقع في شيء من الطرق التصريح بسماع أي هريرة -رضي الله عنه- لذلك من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولو وقع لقطعنا بأنه كان في حجة الوداع لأنه شهدها ولم يشهد الحديبية.

( اللهم اغفر للمحلقين) قال في حديث ابن عمر: ارحم، وقال هنا: اغفر، فيحتمل أن يكون بعض الرواة رواه بالمعنى أو قالهما جميعًا ( قالوا) : أي الصحابة يا رسول الله ضم إليهم المقصرين وقل اللهم اغفر للمحلقين ( وللمقصرين، قال) : ( اللهم اغفر للمحلقين) ( قالوا وللمقصرين، قال) : ( اللهم اغفر للمحلقين) ( قالوا: وللمقصرين قالها ثلاثًا) أي قال: اغفر للمحلقين ثلاث مرات، وفي الرابعة: ( قال) : ( وللمقصرين) وفيه تفضيل الحلق للرجال على التقصير الذي هو أخذ أطراف الشعر لقوله تعالى: { مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح: 27] إذ العرب تبدأ بالأهم والأفضل نعم إن اعتمر قبل الحج في وقت لو حلق فيه جاء يوم النحر ولم يسودّ رأسه من الشعر فالتقصير له أفضل كذا نقله الأسنوي عن نص الشافعي في الإملاء قال: وقد تعرض النووي في شرح مسلم للمسألة، لكنه أطلق أنه يستحب للمتمتع أن يقصر في العمرة ويحلق في الحج ليقع الحلق في أكمل العبادتين.

قال الزركشي: ويؤخذ مما قاله الشافعي أن مثله يأتي فيما لو قدّم الحج على العمرة قال: وإنما لم يؤمر في ذلك بحلق بعض رأسه في الحج ويحلق بعضه في العمرة لأنه يكره القزع.
نعم، لو خلق له رأسان فحلق أحدهما في العمرة والآخر في الحج لم يكره لانتفاء القزع ويكون ذلك مستثنى من كلام الشافعي، وأما المرأة فالتقصير لها أفضل لحديث أبي داود بإسناد حسن: ليس على النساء حلق إنما عليهن التقصير فيكره لها الحلق لنهيها عن التشبه بالرجال.
وفي الحديث من الفوائد: أن التقصير مجزئ عن الحلق وإن لبد رأسه ولا عبرة بكون التلبيد لا يفعله إلا العازم على الحلق غالبًا لكن لو

نذر الحلق وجب عليه لأنه في حقه قربة بخلاف المرأة والخنثى ولم يجزه عنه القص ونحوه مما لا يسمى حلقًا كالنتف والإحراق إذ الحلق استئصال الشعر بالموسى، وإذا استأصله بما لا يسمى حلقًا هل يبقى الحلق في ذمته حتى يتعلق بالشعر المستخلف تداركًا لما التزمه أولاً لأن النسك إنما هو إزالة شعر اشتمل عليه الإحرام المتجه الثاني لكن يلزمه لفوات الوصف دم.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :1654 ... غــ :1728 ]
- حدَّثنا عَيَّاشُ بنُ الوَلِيدِ قَالَ حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ فُضَيْلٍ قَالَ حدَّثنا عُمَارَةُ بنُ القَعْقَاعِ عَنْ أبِي زرْعَةَ عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ قالُوا ولِلْمُقَصِّرِينَ قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِر لِلْمُحَلِّقِينَ قالُوا ولِلْمُقَصِّرِينَ قالَهَا ثَلَاثًا قَالَ ولِلْمُقَصِّرِينَ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: عَيَّاش، بتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالشين الْمُعْجَمَة: هُوَ الرقام، وَوَقع فِي رِوَايَة ابْن السكن عَبَّاس، بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَالسِّين الْمُهْملَة،.

     وَقَالَ  أَبُو عَليّ الجياني، وَالْأول أرجح.
الثَّانِي: مُحَمَّد بن الفضيل، بِضَم الْفَاء مصغر الْفضل بن غَزوَان أَبُو عبد الرَّحْمَن الضَّبِّيّ.
الثَّالِث: عمَارَة، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْمِيم: ابْن الْقَعْقَاع، بِفَتْح الْقَاف الأولى وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة: ابْن شبْرمَة.
الرَّابِع: أَبُو زرْعَة بن عَمْرو بن جرير بن عبد الله البَجلِيّ، قيل: اسْمه هرم، وَقيل: عبد الله، وَقيل: عبد الرَّحْمَن، وَقيل: جرير.
الْخَامِس: أَبُو هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين.
وَفِيه: القَوْل مكررا.
وَفِيه: أَن شَيْخه بَصرِي وَبَقِيَّة الروَاة كوفيون.
وَفِيه: أَن رِوَايَة مُحَمَّد بن فُضَيْل عَن عمَارَة من أَفْرَاده، وَرِوَايَة عمَارَة عَن أبي زرْعَة من أَفْرَاده، وتابع أَبَا زرْعَة عَلَيْهِ عبد الرَّحْمَن بن يَعْقُوب.

أخرجه مُسلم بعد أَن أخرج حَدِيث أبي زرْعَة عَن أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (أللهم إغفر للمحلقين) إِلَى آخِره نَحْو رِوَايَة البُخَارِيّ، قَالَ: وحَدثني أُميَّة بن بسطَام حَدثنَا يزِيد بن زُرَيْع حَدثنَا روح عَن الْعَلَاء عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَعْنى حَدِيث أبي زرْعَة عَن أبي هُرَيْرَة، وَأَبُو الْعَلَاء هُوَ عبد الرَّحْمَن بن يَعْقُوب الْمَذْكُور وَهُوَ من أَفْرَاد مُسلم.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (إغفر للمحلقين) ، وَقد مر فِي حَدِيث ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: (إرحم المحلقين) ، قَالَ الدَّاودِيّ: يحْتَمل أَن يكون بعض الناقلين رَوَاهُ على الْمَعْنى أَو إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وهمٌ، أَو قالهما صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَمِيعًا.
قَوْله: (قَالَهَا ثَلَاثًا) أَي: قَالَ: إغفر للمحلقين، ثَلَاث مَرَّات، وَفِي الرَّابِعَة قَالَ: (للمقصرين، وَفِي حَدِيث ابْن عمر الَّذِي مضى آنِفا قَالَ: للمقصرين، بعد الثَّانِيَة، وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: رحم الله المحلقين مرّة أَو مرَّتَيْنِ، ثمَّ قَالَ: والمقصرين، وَفِي حَدِيث ابْن عَبَّاس أخرجه ابْن مَاجَه، (قيل: يَا رَسُول الله! لم ظَاهَرت المحلقين ثَلَاثًا والمقصرين وَاحِدَة؟) وَقد ذَكرْنَاهُ من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق، وَابْن مَاجَه أخرجه من طَرِيقه، وَفِي حَدِيث أم الْحصين أخرجه مُسلم وَالنَّسَائِيّ: (دَعَا للمحلقين ثَلَاثًا وللمقصرين مرّة) .
وَفِي حَدِيث أبي سعيد أخرجه ابْن أبي شيبَة: (رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول بِيَدِهِ: يرحم الله المحلقين، فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله، والمقصرين؟ قَالَ فِي الثَّالِثَة: والمقصرين) .
وَفِي حَدِيث أبي مَرْيَم، أخرجه أَحْمد فِي (مُسْنده) أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: (أللهم اغْفِر للمحلقين أللهم إغفر للمحلقين، قَالَ: يَقُول رجل من الْقَوْم: والمقصرين؟ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الثَّالِثَة أَو الرَّابِعَة، والمقصرين.
قَالَ وَأَنا يَوْمئِذٍ محلوق الرَّأْس، فَمَا يسرني بحلق رَأْسِي حمر النعم) .
وَفِي حَدِيث حبشِي بن جُنَادَة، رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (أللهم اغْفِر للمحلقين قَالُوا: يَا رَسُول الله، والمقصرين؟ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِر للمقصرين) .
وَفِي حَدِيث جَابر بن عبد الله أخرجه أَبُو قُرَّة يَقُول: حلق رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَوْم الْحُدَيْبِيَة، فحلق نَاس كثير من أَصْحَابه حِين رَأَوْهُ حلق،.

     وَقَالَ  آخَرُونَ: وَالله مَا طفنا بِالْبَيْتِ فقصروا، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (يرحم الله المحلقين،.

     وَقَالَ  فِي الرَّابِعَة: والمقصرين) .
وَفِي حَدِيث قَارب أخرجه ابْن مَنْدَه فِي الصَّحَابَة من طَرِيق ابْن عُيَيْنَة عَن إِبْرَاهِيم بن ميسرَة عَن وهب بن عبد الله بن قَارب عَن أَبِيه عَن جده أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (يرحم الله المحلقين) ،.

     وَقَالَ  أَبُو عمر: ولاأحفظ هَذَا الحَدِيث من غير رِوَايَة ابْن عُيَيْنَة وَغير الْحميدِي، والْحميدِي يَقُول: قارت أَو مارب، وَغير الْحميدِي يَقُول: قَارب من غير شكّ، وَهُوَ الصَّوَاب وَهُوَ مَشْهُور مَعْرُوف من وُجُوه ثَقِيف.
انْتهى.
وقارب هُوَ: ابْن عبد الله بن الْأسود بن مَسْعُود الثَّقَفِيّ، وَيُقَال لَهُ أَيْضا: قَارب بن الْأسود، ينْسب إِلَى جده، وَأم الْحصين الْمَذْكُورَة لَا يعرف اسْمهَا، وَهِي صحابية، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، شهِدت حجَّة الْوَدَاع، وَهِي من أحمس ثمَّ من بجيلة، وَأَبُو مَرْيَم اسْمه مَالك بن ربيعَة السَّلُولي صَحَابِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، سكن الْبَصْرَة وَهُوَ وَالِد يزِيد بن أبي مَرْيَم، وَحبشِي بن جُنَادَة سلولي أَيْضا صَحَابِيّ سكن الْكُوفَة.