هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
232 حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ مَيْمُونَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : سُئِلَ عَنْ فَأْرَةٍ سَقَطَتْ فِي سَمْنٍ ، فَقَالَ : أَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا فَاطْرَحُوهُ ، وَكُلُوا سَمْنَكُمْ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
232 حدثنا إسماعيل ، قال : حدثني مالك ، عن ابن شهاب الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس ، عن ميمونة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : سئل عن فأرة سقطت في سمن ، فقال : ألقوها وما حولها فاطرحوه ، وكلوا سمنكم
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عَنْ مَيْمُونَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : سُئِلَ عَنْ فَأْرَةٍ سَقَطَتْ فِي سَمْنٍ ، فَقَالَ : أَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا فَاطْرَحُوهُ ، وَكُلُوا سَمْنَكُمْ .

Narrated Maimuna:

Allah's Messenger (ﷺ) was asked regarding ghee (cooking butter) in which a mouse had fallen. He said, Take out the mouse and throw away the ghee around it and use the rest.

0235 Maymûna dit : On interrogea une fois le Messager de Dieu sur une souris tombé dans du beurre fondu (autre traduction : dans de la graisse). « Jetez-la » répondit-il, « Mettez à côté la quantité qui l’entourait directement et mangez votre beurre ! (autre traduction : votre graisse) »  

":"ہم سے اسماعیل نے بیان کیا ، انھوں نے کہا مجھ کو مالک نے ابن شہاب کے واسطے سے روایت کی ، وہ عبیداللہ بن عبداللہ بن عتبہ بن مسعود سے ، وہ حضرت عبداللہ بن عباس رضی اللہ عنہما سے وہ ام المؤمنین حضرت میمونہ رضی اللہ عنہا سے روایت کرتے ہیں کہرسول کریم صلی اللہ علیہ وسلم سے چوہے کے بارہ میں پوچھا گیا جو گھی میں گر گیا تھا ۔ فرمایا اس کو نکال دو اور اس کے آس پاس ( کے گھی ) کو نکال پھینکو اور اپنا ( باقی ) گھی استعمال کرو ۔

0235 Maymûna dit : On interrogea une fois le Messager de Dieu sur une souris tombé dans du beurre fondu (autre traduction : dans de la graisse). « Jetez-la » répondit-il, « Mettez à côté la quantité qui l’entourait directement et mangez votre beurre ! (autre traduction : votre graisse) »  

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [235] .

     قَوْلُهُ  حَدثنَا إِسْمَاعِيل هُوَ بن أَبِي أُوَيْسٍ .

     قَوْلُهُ  عَنْ مَيْمُونَةَ هِيَ بِنْتُ الْحَارِث خَالَة بن عَبَّاسٍ .

     قَوْلُهُ  سُئِلَ عَنْ فَأْرَةٍ بِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ وَالسَّائِلُ عَنْ ذَلِكَ هِيَ مَيْمُونَةُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى الْقَطَّانِ وَجُوَيْرِيَةَ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ مَيْمُونَةَ اسْتَفْتَتْ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ .

     قَوْلُهُ  سَقَطَتْ فِي سَمْنٍ زَادَ النَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيِّ عَنْ مَالِكٍ فِي سَمْنٍ جَامِدٍ وَزَادَ الْمُصَنِّفُ فِي الذَّبَائِح من رِوَايَة بن عُيَيْنَة عَن بن شِهَابٍ فَمَاتَتْ .

     قَوْلُهُ  وَمَا حَوْلَهَا أَيْ مِنَ السّمن

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [235] حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُئِلَ عَنْ فَأْرَةٍ سَقَطَتْ فِي سَمْنٍ، فَقَالَ: «أَلْقُوهَا، وَمَا حَوْلَهَا فَاطْرَحُوهُ، وَكُلُوا سَمْنَكُمْ».
[الحديث أطرافه في: 236، 5538، 5539، 5540] .
وبالسند إلى المؤلف قال: ( حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس ( قال حدّثني) بالإفراد ( مالك) هو ابن أنس إمام دار الهجرة ( عن ابن شهاب) زاد الأصيلي الزهري ( عن عبيد الله) بضم العين ( ابن عبد الله) زاد ابن عساكر ابن عتبة بن مسعود ( عن ابن عباس) رضي الله عنهما ( عن ميمونة) أم المؤمنين رضي الله عنها: ( أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سئل) بضم السين مبنيًّا للمفعول، ويحتمل أن يكون السائل ميمونة ( عن فأرة) بهمزة ساكنة ( سقطت في سمن) أي جامد كما عند عبد الرحمن بن مهدي وأبي داود الطيالسي والنسائي فماتت كما عند المؤلف في الذبائح ( فقال) عليه الصلاة والسلام: ( ألقوها) أي ارموا الفأرة ( وما حولها) من السمن ( فاطرحوه) الجميع ( وكلوا سمنكم) الباقي ويقاس عليه نحو العسل والدبس الجامدين وسقط للأربعة قوله: فاطرحوه وخرج بالجامد الذائب فإنه ينجس كله بملاقاة النجاسة ويتعذر تطهيره ويحرم أكله ولا يصح بيعه.
نعم يجوز الاستصباح به والانتفاع به في غير الأكل والبيع، وهذا مذهب الشافعية والمالكية لقوله في الرواية الأخرى فإن كان مائعًا فاستصبحوا به، وحرم الحنفية أكله فقط لقوله: انتفعوا به، والبيع من باب الانتفاع ومنع الحنابلة من الانتفاع به مطلقًا لقوله في حديث عبد الرزاق وإن كان مائعًا فلا تقربوه.
ورواة هذا الحديث الستة مدنيون وفيه التحديث بالجمع والإفراد والعنعنة والقول، ورواية صحابي عن صحابية، وأخرجه المؤلف أيضًا في الذبائح وهو من إفراده عن مسلم، وأخرجه أبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح والنسائي.
236 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْنٌ قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُئِلَ عَنْ فَأْرَةٍ سَقَطَتْ فِي سَمْنٍ فَقَالَ: «خُذُوهَا وَمَا حَوْلَهَا فَاطْرَحُوهُ».
قَالَ مَعْنٌ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ مَا لاَ أُحْصِيهِ يَقُولُ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ.
وبه قال: ( حدّثنا علي بن عبد الله) المديني ( قال: حدّثنا معن) بفتح الميم وسكون العين آخره نون ابن عيسى أبو يحيى القزاز بالقاف والزايين المعجمتين أولاهما مشددة نسبة لشراء القز المدني، المتوفى سنة ثمان وتسعين ومائة ( قال: حدّثنا مالك) الإمام ( عن ابن شهاب) الزهري ( عن عبيد الله) بالتصغير ( ابن عبد الله بن عتبة) بضم العين وسكون المثناة الفوقية ( ابن مسعود عن ابن عباس) رضي الله عنهما ( عن ميمونة) رضي الله عنها: ( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سئل) يحتمل أن السائل هي ميمونة كما يدل عليه رواية يحيى القطان وجويرية عن مالك في هذا الحديث عند الدارقطني ( عن فأرة) بالهمزة الساكنة ( سقطت في سمن فقال) عليه الصلاة والسلام: ( خذوها) أي الفأرة ( وما حولها) من السمن ( فاطرحوه) أي المأخوذ وهو الفأرة وما حولها أي وكلوا الباقي كما صرح به في الرواية السابقة فهو من إطلاق اللازم وإرادة الملزوم وفيه أنه ينجس، وإن لم يتغير بخلاف الماء، والمراد بطرحه أن لا يأكلوه أما الاستصباح فلا بأس به كما مرَّ.
وفي هذا الحديث التحديث والعنعنة.
( قال معن) القزاز فيما قاله علِي بن المديني بإسناده السابق ( حدّثنا مالك ما لا أحصيه) بضم الهمزة أي ما لا أضبطه ( يقول عن ابن عباس عن ميمونة) أي فهو من مسانيد ميمونة برواية ابن عباس كما في الموطأ من رواية يحيى بن يحيى وهو الصحيح، وقال الذهلي في الزهريات: إنه أشهر وليس هو من مسانيد ابن عباس، وإن رواه القعنبي وغيره في الموطأ وأسقط أشهب ابن عباس وأسقطه وميمونة يحيى بن بكير وأبو مصعب، ولهذا الاختلاف على مالك فيإسناده ذكر المؤلف معنا هذا بعد إسناده وسياق حديثه بنزول بالنسبة للإسناد السابق مع موافقته له في السياق.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [235] حدّثناإسْمَاعِيلُ قَالَ حَدثنِي مَالِكٌ عنِ ابنِ شِهاب عنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ عَن ابْن عَبَّاسَ عنْ مَيْمُونَةَ أَنَّ رَسولَ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَلَ عنْ قَارَةٍ سَقَطَتْ فِي سَمْنٍ فَقالَ أَلْقُوهًّ وَمَا حَوْلَهَا فَاطْرَحُوهُ وَكُلُوا سَمْنَكُمْ.. مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة بَيَان رِجَاله وهم سِتَّة إِسْمَاعِيل هُوَ ابْن أويس تقدم فِي بَاب تفاضل أهل الْإِيمَان، وَعبيد الله هُوَ سبط عتبَة بن مَسْعُود وَهُوَ فِي قصَّة هِرقل، وَمَالك هُوَ ابْن أنس، وَابْن شهَاب هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ، ومَيْمُونَة أم الْمُؤمنِينَ بنت الْحَارِث، خَالَة ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، تقدّمت فِي بَاب السمر بِالْعلمِ بَيَان لطائف إِسْنَاده مِنْهَا أَن فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع وبصيغة الْإِفْرَاد، وَفِيه العنعنة فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع.
وَفِيه: أَن رُوَاته مدنيون وَفِيه: القَوْل فِي مَوضِع وَاحِد.
وَفِيه: رِوَايَة الصَّحَابِيّ عَن الصحابية.
بَيَان ذكر تعدده مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الذَّبَائِح عَن عبد الْعَزِيز بن عبد الله عَن مَالك بِهِ، وَعَن الْحميدِي عَن سُفْيَان عَن الزُّهْرِيّ بِهِ، وَهُوَ من أَفْرَاده عَن مُسلم، وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْأَطْعِمَة عَن مُسَدّد عَن سُفْيَان بِهِ، وَعَن أَحْمد بن صَالح وَالْحسن بن عَليّ، كِلَاهُمَا عَن عبد الرَّزَّاق عَن عبد الرَّحْمَن بن بزدويه عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَعْنَاهُ.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن سعيد بن عبد الرَّحْمَن وَأبي عُثْمَانالسفن وَلَا يمس ذَلِك وَلَكِن يُؤْخَذ بعوده فَقلت: يدهن بِهِ غير السفن؟ قَالَ لَا أعلم قلت وَابْن يدهن بِهِ من السفن قَالَ: ظُهُورهَا وَلَا يدهن بطونها.
قلت: فَلَا بُد أَن يمس! قَالَ: يغسل يَدَيْهِ من مَسّه.
وَقد رُوِيَ عَن جَابر الْمَنْع من الدّهن بِهِ وَعَن سَحْنُون.
أَن مَوتهَا فِي الزَّيْت الْكثير غير ضار، وَلَيْسَ الزَّيْت كَالْمَاءِ وَعَن عبد الْملك.
إِذا وَقعت فَأْرَة أَو دجَاجَة فِي زَيْت أَو بِئْر فَإِن لم يتَغَيَّر طعمه وَلَا رِيحه أزيل ذَلِك مِنْهُ وَلم يَتَنَجَّس، وَإِن مَاتَت فِيهِ تنجس وَإِن كثر وَوَقع فِي كَلَام ابْن الْعَرَبِيّ: أَن الْفَأْرَة عِنْد مَالك طَاهِرَة خلافًا لأبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ، وَلَا نعلم عندنَا حخلافاً فِي طَهَارَتهَا فِي حَال حَيَاتهَا.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ مَا يَقَعُ مِنَ النَّجَاسَاتِ فِي السَّمْنِ وَالْمَاءِ)
أَيْ هَلْ يُنَجِّسُهُمَا أَمْ لَا أَوْ لَا يَنْجُسُ الْمَاءُ إِلَّا إِذَا تَغَيَّرَ دُونَ غَيْرِهِ وَهَذَا الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ مَجْمُوعِ مَا أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ مِنْ أَثَرٍ وَحَدِيث قَوْله.

     وَقَالَ  الزُّهْرِيّ وَصله بن وَهْبٍ فِي جَامِعِهِ عَنْ يُونُسَ عَنْهُ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مَعْنَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَمْرٍو وَهُوَ الْأَوْزَاعِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ .

     قَوْلُهُ  لَا بَأْسَ بِالْمَاءِ أَيْ لَا حَرَجَ فِي اسْتِعْمَالِهِ فِي كُلِّ حَالَةٍ فَهُوَ مَحْكُومٌ بِطَهَارَتِهِ مَا لَمْ يُغَيِّرْهُ طَعْمٌ أَيْ مِنْ شَيْءٍ نَجِسٍ أَوْ رِيحٍ مِنْهُ أَوْ لَوْنٍ وَلَفْظُ يُونُسَ عَنْهُ كُلُّ مَا فِيهِ قُوَّةٌ عَمَّا يُصِيبُهُ مِنَ الْأَذَى حَتَّى لَا يُغَيِّرَ ذَلِكَ طَعْمَهُ وَلَا رِيحَهُ وَلَا لَوْنَهُ فَهُوَ طَاهِرٌ وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ إِلَّا بِالْقُوَّةِ الْمَانِعَةِ لِلْمُلَاقِي أَنْ يُغَيِّرَ أَحَدٌ أَوْصَافَهُ فَالْعِبْرَةُ عِنْدَهُ بِالتَّغَيُّرِ وَعَدَمِهِ وَمَذْهَبُ الزُّهْرِيِّ هَذَا صَارَ إِلَيْهِ طَوَائِفُ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَقَدْ تَعَقَّبَهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الطَّهُورِ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ بَالَ فِي إِبْرِيقٍ وَلَمْ يُغَيِّرْ لِلْمَاءِ وَصْفًا أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّطَهُّرُ بِهِ وَهُوَ مُسْتَبْشَعٌ وَلِهَذَا نَصَرَ قَوْلَ التَّفْرِيقِ بِالْقُلَّتَيْنِ وَإِنَّمَا لَمْ يُخَرِّجْهُ الْبُخَارِيُّ لِاخْتِلَافٍ وَقَعَ فِي إِسْنَادِهِ لَكِنَّ رُوَاتَهُ ثِقَاتٌ وَصَحَّحَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ إِلَّا أَنَّ مِقْدَارَ الْقُلَّتَيْنِ لَمْ يَتَّفِقْ عَلَيْهِ وَاعْتَبَرَهُ الشَّافِعِيُّ بِخَمْسِ قِرَبٍ مِنْ قِرَبِ الْحجاز احْتِيَاطًا وخصص بِهِ حَدِيث بن عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ وَهُوَ حَدِيث صَحِيح رَوَاهُ الْأَرْبَعَة وبن خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُمْ وَسَيَأْتِي مَزِيدٌ لِلْقَوْلِ فِي هَذَا فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ وَقَوْلُ الزُّهْرِيِّ هَذَا وَرَدَ فِيهِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يُثْبِتُ أَهْلُ الْحَدِيثِ مِثْلَهُ لَكِنْ لَا أَعْلَمُ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا يَعْنِي فِي تَنْجِيسِ الْمَاءِ إِذَا تَغَيَّرَ أَحَدُ أَوْصَافِهِ بِالنَّجَاسَةِ وَالْحَدِيثُ الْمُشَارُ إِلَيْهِ أخرجه بن مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَفِيهِ اضْطِرَابٌ أَيْضًا .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  حَمَّادٌ هُوَ بن أَبِي سُلَيْمَانَ الْفَقِيهُ الْكُوفِيُّ .

     قَوْلُهُ  لَا بَأْسَ بِرِيشِ الْمَيْتَةِ أَيْ لَيْسَ نَجِسًا وَلَا يَنْجُسُ المَاء بملاقاته سَوَاء كَانَ ريش مَأْكُول أوغيره وَأَثَرُهُ هَذَا وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْهُ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  الزُّهْرِيُّ فِي عِظَامِ الْمَوْتَى نَحْوِ الْفِيلِ وَغَيْرِهِ أَيْ مِمَّا لَا يُؤْكَلُ أَدْرَكْتُ نَاسًا أَيْ كَثِيرًا وَالتَّنْوِينُ لِلتَّكْثِيرِ .

     قَوْلُهُ  وَيَدَّهِنُونَ بِتَشْدِيدِ الدَّالِ مِنْ بَابِ الِافْتِعَالِ وَيَجُوزُ ضَمُّ أَوَّلِهِ وَإِسْكَانُ الدَّالِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ بِطَهَارَتِهِ وَسَنَذْكُرُ الْخِلَافَ فِيهِ قَرِيبا قَوْله.

     وَقَالَ  بن سِيرِينَ وَإِبْرَاهِيمُ لَمْ يَذْكُرِ السَّرْخَسِيُّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِوَايَتِهِ وَلَا أَكْثَرُ الرُّوَاةِ عَنِ الْفَرَبْرِيِّ وَأَثَرُ بن سِيرِينَ وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِلَفْظِ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بِالتِّجَارَةِ فِي الْعَاجِ بَأْسًا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَرَاهُ طَاهِرًا لِأَنَّهُ لَا يُجِيزُ بَيْعَ النَّجِسِ وَلَا الْمُتَنَجِّسِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ بِدَلِيلِ قِصَّتِهِ الْمَشْهُورَةِ فِي الزَّيْت والعاج هُوَ نَاب الْفِيل قَالَ بن سِيدَهْ لَا يُسَمَّى غَيْرُهُ عَاجًا.

     وَقَالَ  الْقَزَّازُ أَنْكَرَ الْخَلِيلُ أَنْ يُسَمَّى غَيْرُ نَابِ الْفِيلِ عاجا.

     وَقَالَ  بن فَارِسٍ وَالْجَوْهَرِيُّ الْعَاجُ عَظْمُ الْفِيلِ فَلَمْ يُخَصِّصَاهُ بِالنَّابِ.

     وَقَالَ  الْخَطَّابِيُّ تَبَعًا لِابْنِ قُتَيْبَةَ الْعَاجُ الذَّبْلُ وَهُوَ ظَهْرُ السُّلَحْفَاءِ الْبَحْرِيَّةِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَفِي الصِّحَاحِ الْمِسْكُ السِّوَارُ مِنْ عَاجٍ أَوْ ذَبْلٍ فَغَايَرَ بَيْنَهُمَا لَكِنْ قَالَ الْقَالِي الْعَرَبُ تُسَمِّي كُلَّ عَظْمٍ عَاجًا فَإِنْ ثَبَتَ هَذَا فَلَا حُجَّةَ فِي الْأَثَرِ الْمَذْكُورِ عَلَى طَهَارَةِ عَظْمِ الْفِيلِ لَكِنَّ إِيرَادَ الْبُخَارِيِّ لَهُ عَقِبَ أَثَرِ الزُّهْرِيِّ فِي عَظْمِ الْفِيلِ يَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ مَا قَالَ الْخَلِيلُ وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي عَظْمِ الْفِيلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَظْمَ هَلْ تُحِلُّهُ الْحَيَاةُ أَمْ لَا فَذَهَبَ إِلَى الْأَوَّلِ الشَّافِعِيُّ وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي انشأها أول مرّة فَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْعَظْمَ تُحِلُّهُ الْحَيَاةُ وَذَهَبَ إِلَى الثَّانِي أَبُو حَنِيفَةَ.

     وَقَالَ  بِطَهَارَةِ الْعِظَامِ مُطْلَقًا.

     وَقَالَ  مَالِكٌ هُوَ طَاهِرٌ إِنْ ذُكِّيَ بِنَاءً عَلَى قَوْلِهِ إِنَّ غَيْرَ الْمَأْكُولِ يَطْهُرُ بِالتَّذْكِيَةِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ

[ قــ :232 ... غــ :235] .

     قَوْلُهُ  حَدثنَا إِسْمَاعِيل هُوَ بن أَبِي أُوَيْسٍ .

     قَوْلُهُ  عَنْ مَيْمُونَةَ هِيَ بِنْتُ الْحَارِث خَالَة بن عَبَّاسٍ .

     قَوْلُهُ  سُئِلَ عَنْ فَأْرَةٍ بِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ وَالسَّائِلُ عَنْ ذَلِكَ هِيَ مَيْمُونَةُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى الْقَطَّانِ وَجُوَيْرِيَةَ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ مَيْمُونَةَ اسْتَفْتَتْ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ .

     قَوْلُهُ  سَقَطَتْ فِي سَمْنٍ زَادَ النَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيِّ عَنْ مَالِكٍ فِي سَمْنٍ جَامِدٍ وَزَادَ الْمُصَنِّفُ فِي الذَّبَائِح من رِوَايَة بن عُيَيْنَة عَن بن شِهَابٍ فَمَاتَتْ .

     قَوْلُهُ  وَمَا حَوْلَهَا أَيْ مِنَ السّمن

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب مَا يَقَعُ مِنَ النَّجَاسَاتِ فِي السَّمْنِ وَالْمَاءِ
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: لاَ بَأْسَ بِالْمَاءِ مَا لَمْ يُغَيِّرْهُ طَعْمٌ أَوْ رِيحٌ أَوْ لَوْنٌ..
     وَقَالَ  حَمَّادٌ: لاَ بَأْسَ بِرِيشِ الْمَيْتَةِ..
     وَقَالَ  الزُّهْرِيُّ فِي عِظَامِ الْمَوْتَى -نَحْوَ الْفِيلِ وَغَيْرِهِ- أَدْرَكْتُ نَاسًا مِنْ سَلَفِ الْعُلَمَاءِ

يَمْتَشِطُونَ بِهَا وَيَدَّهِنُونَ فِيهَا لاَ يَرَوْنَ بِهِ بَأْسًا..
     وَقَالَ  ابْنُ سِيرِينَ وَإِبْرَاهِيمُ: وَلاَ بَأْسَ بِتِجَارَةِ الْعَاجِ.

( باب) حكم ( ما يقع من النجاسات) أي وقوع النجاسات ( في السمن والماء.
وقال الزهري)
محمد بن مسلم بن شهاب مما وصله ابن وهب في جامعه عن يونس عنه ( لا بأس بالماء) أي لا حرج في استعماله في كل حالة فهو محكوم بطهارته ( ما لم يغيره) بكسر الياء فعل ومفعول والفاعل قوله ( طعم) أي من شيء نجس، ( أو ريح أو لون) منه.

فإن قلت: كيف ساغ جعل أحد الأوصاف الثلاثة مغيرًا على صيغة الفاعل، والمغير إنما هو الشيء النجس المخالط للماء.
أجيب: بأن المغير في الحقيقة هو الماء، ولكن تغييره لما كان لم يعلم إلا من جهة أحد أوصافه الثلاثة صار هو المغير فهو من باب ذكر السبب وإرادة المسبب، ومقتضى قول الزهري أنه لا فرق بين القليل والكثير، وإليه ذهب جماعة من العلماء، وتعقبه أبو عبيد في كتاب الطهور له بأنه يلزم منه أن من بال في إبريق ولم يغير للماء وصفًا أنه يجوز له التطهير به وهو مستبشع، ومذهب الشافعي وأحمد التفريق بالقلّتين فما كان دونهما تنجس بملاقاة النجاسة، وإن لم يظهر فيه تغير لمفهوم حديث القلّتين إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث صححه ابن حبان وغيره، وفي رواية لأبي داود وغيره بإسناد صحيح فإنه لا ينجس، وهو المراد بقوله لم يحمل الخبث أي يدفع النجس ولا يقبله وهو مخصص لمنطوق حديث الماء لا ينجسه شيء، وإنما لم يخرج المؤلف حديث القلتين للاختلاف الواقع في إسناده، لكن رواته ثقات وصححه جماعة من الأئمة إلا أن مقدار القلتين من الحديث لم يثبت، وحينئذ فيكون مجملاً، لكن الظاهر أن الشارع وإنما ترك تحديدهما توسعًا وإلا فليس بخاف أنه عليه الصلاة والسلام ما خاطب أصحابه إلا بما يفهمون، وحينئذ فينتفي الإجمال لكن لعدم التحديد وقع بين السلف في مقدارهما خلف، واعتبره الشافعي بخمس قرب من قرب الحجاز احتياطًا، وقالت الحنفية: إذا اختلطت النجاسة بالماء تنجس إلا أن يكون كثيرًا وهو الذي إذا حرك أحد جانبيه لم يتحرك الآخر، وقال المالكية: ليس للماء الذي تحلّه النجاسة قدر معلوم، ولكنه متى تغير أحد أوصافه الثلاثة تنجس قليلاً كان أو كثيرًا فلو تغير الماء كثيرًا بحيث يسلبه الاسم بطاهر يستغنى عنه ضرّ وإلا فلا.

( وقال حماد) بتشديد الميم ابن أبي سليمان شيخ أبي حنيفة مما وصله عبد الرزاق في مصنفه ( لا بأس) أي لا حرج ( بريش الميتة) من مأكول وغيره إذا لاقى الماء لأنه لا يغيره أو أنه طاهر مطلقًا وهو مذهب الحنفية والمالكية، وقال الشافعية: نجس.
( وقال الزهري) محمد بن مسلم ( في عظام الموتى نحو الفيل وغيره) مما لم يؤكل ( أدركت ناسًا) كثيرين ( من سلف العلماء يمتشطون بها) أي بعظام الموتى بأن يصنعوا منها مشطًا ويستعملوها ( ويدهنون) بتشديد الدال ( فيها) أي في عظام الموتى بأن يصفعوا منها آنية يجعلون فيها الدهن ( لا يرون به بأسًا) أي حرجًا فلو كان عندهم نجسًا ما استعملوه امتشاطًا وادّهانًا، وحينئذ فإذا وقع عظم الفيل في الماء لا ينجسه بناء على عدم القول بنجاسته، وهو مذهب أبي حنيفة لأنه لا تحله الحياة عنده، ومذهب الشافعي أنه نجس لأنه تحلّه الحياة

قال تعالى: { قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّة} [يس: 78، 79] .
وعند مالك أنه يطهر إذا ذكي كغيره مما لم يؤكل إذا ذكي فإنه يطهر.
( وقال) محمد ( بن سيرين وإبراهيم) النخعي ( لا بأس بتجارة العاج) ناب الفيل أو عظمه مطلقًا، وأسقط السرخسي ذكر إبراهيم النخعي كأكثر الرواة عن الفربري، ثم إن أثر ابن سيرين هذا وصله عبد الرزاق بلفظ: أنه كان لا يرى بالتجارة في العاج بأسًا، وهو يدل على أنه كان يراه طاهرًا، لأنه كان لا يجيز بيع النجس ولا المتنجس الذي لا يمكن تطهيره كما يدل له قصته المشهورة في الزيت، وإيراد المؤلف لهذا كله يدل على أن عنده أن الماء قليلاً كان أو كثيرًا لا ينجس إلا بالتغير كما هو مذهب مالك.


[ قــ :232 ... غــ : 235 ]
- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُئِلَ عَنْ فَأْرَةٍ سَقَطَتْ فِي سَمْنٍ، فَقَالَ: «أَلْقُوهَا، وَمَا حَوْلَهَا فَاطْرَحُوهُ، وَكُلُوا سَمْنَكُمْ».
[الحديث 235 - أطرافه في: 236، 5538، 5539، 5540] .

وبالسند إلى المؤلف قال: ( حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس ( قال حدّثني) بالإفراد ( مالك) هو ابن أنس إمام دار الهجرة ( عن ابن شهاب) زاد الأصيلي الزهري ( عن عبيد الله) بضم العين ( ابن عبد الله) زاد ابن عساكر ابن عتبة بن مسعود ( عن ابن عباس) رضي الله عنهما ( عن ميمونة) أم المؤمنين رضي الله عنها:
( أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سئل) بضم السين مبنيًّا للمفعول، ويحتمل أن يكون السائل ميمونة ( عن فأرة) بهمزة ساكنة ( سقطت في سمن) أي جامد كما عند عبد الرحمن بن مهدي وأبي داود الطيالسي والنسائي فماتت كما عند المؤلف في الذبائح ( فقال) عليه الصلاة والسلام: ( ألقوها) أي ارموا الفأرة ( وما حولها) من السمن ( فاطرحوه) الجميع ( وكلوا سمنكم) الباقي ويقاس عليه نحو العسل والدبس الجامدين وسقط للأربعة قوله: فاطرحوه وخرج بالجامد الذائب فإنه ينجس كله بملاقاة النجاسة ويتعذر تطهيره ويحرم أكله ولا يصح بيعه.
نعم يجوز الاستصباح به والانتفاع به في غير الأكل والبيع، وهذا مذهب الشافعية والمالكية لقوله في الرواية الأخرى فإن كان مائعًا فاستصبحوا به، وحرم الحنفية أكله فقط لقوله: انتفعوا به، والبيع من باب الانتفاع ومنع الحنابلة من الانتفاع به مطلقًا لقوله في حديث عبد الرزاق وإن كان مائعًا فلا تقربوه.

ورواة هذا الحديث الستة مدنيون وفيه التحديث بالجمع والإفراد والعنعنة والقول، ورواية صحابي عن صحابية، وأخرجه المؤلف أيضًا في الذبائح وهو من إفراده عن مسلم، وأخرجه أبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح والنسائي.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ مَا يَقَعُ مِنَ النَّجَاسات فِي السِّمْنِ والمَاءِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم وُقُوع النَّجَاسَة فِي السّمن وَالْمَاء، فكلمة: مَا، مَصْدَرِيَّة وَكلمَة: من بَيَانِيَّة..
     وَقَالَ  بَعضهم: بابُُ مَا يَقع ... الخ.
أَي: هَل ينجسهما أم لَا؟ أَو: لَا ينجس المَاء إلاَّ إِذا تغير دون غَيره.
قلت: لَا حَاجَة إِلَى هَذَا التَّفْسِير، فَكَأَنَّهُ لما خَفِي عَلَيْهِ الْمَعْنى الَّذِي ذَكرْنَاهُ قدر مَا قدره.

فان قلت: مَا وَجه الْمُنَاسبَة بَين هَذَا الْبابُُ وَالْبابُُ الَّذِي قبله؟ قلت: من حَيْثُ إِن فِي هَذَا الْبابُُ السَّابِق ذكر بَوْل مَا يُؤْكَل لَحْمه، وَالْبَوْل فِي نَفسه نجس، وَكَذَلِكَ فِي هَذَا الْبابُُ ذكر الْفَأْرَة الَّتِي هِيَ نجس، وَذكر الدَّم كَذَلِك وَالْإِشَارَة إِلَى أحكامهما على مَا جَاءَ من السّلف وَمن الحَدِيث.

وَقَالَ الزُّهْري لاَ بأْسَ بالمَاءِ مَا لَمْ يُغَيِّرْهُ طَعْمٌ أوْ رِيحٌ أوْلَوْنٌ

الزُّهْرِيّ هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الْفَقِيه الْمدنِي، نزيل الشَّام، ثمَّ الْكَلَام فِيهِ على أَنْوَاع.
الأول: أَن هَذَا تَعْلِيق من البُخَارِيّ، وَلكنه مَوْصُول عَن عبد الله بن وهب فِي مُسْند: حَدثنَا يُونُس عَن ابْن شهار أَنه قَالَ: كل مَا فضل مِمَّا يُصِيبهُ من الْأَذَى حَتَّى لَا يُغير ذَلِك طعمه وَلَا لَونه وَلَا رِيحه، فَلَا بَأْس أَن يتَوَضَّأ بِهِ.
وَورد فِي هَذَا الْمَعْنى حَدِيث عَن أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( إِن المَاء لَا يُنجسهُ شَيْء إلاَّ مَا غلب على رِيحه وطعمه ولونه) .
روايه ابْن مَاجَه: حَدثنَا مَحْمُود ابْن خَالِد وَالْعَبَّاس بن الْوَلِيد الدمشقيان قَالَ: حَدثنَا مَرْوَان بن مُحَمَّد حَدثنَا رشدين، أخبرنَا مُعَاوِيَة بن صَالح عَن رَاشد ابْن سعد عَن أبي أُمَامَة، رَضِي الله عَنهُ،.

     وَقَالَ  الدراقطني: إِنَّمَا يَصح هَذَا من قَول رَاشد بن سعد وَلم يرفعهُ غير رشدين.
قلت: وَفِيه نظر، لِأَن أَبَا أَحْمد بن عدي رَوَاهُ فِي ( الْكَامِل) من طَرِيق أَحْمد بن عمر عَن حَفْص بن عمر حَدثنَا ثَوْر بن يزِيد عَن رَاشد بن سعد عَن أبي أُمَامَة فرفعه..
     وَقَالَ : لم يروه عَن ثَوْر إلاَّ حَفْص.
قلت: وَفِيه نظر أَيْضا، لِأَن الْبَيْهَقِيّ رَوَاهُ من حَدِيث ابي الْوَلِيد عَن الساماني عَن عَطِيَّة بن بَقِيَّة بن الْوَلِيد عَن أَبِيه عَن ثَوْر،.

     وَقَالَ  الْبَيْهَقِيّ: والْحَدِيث غير قوي إلاَّ أَنا لَا نعلم فِي نَجَاسَة المَاء إِذا تغير بِالنَّجَاسَةِ خلافًا.

النَّوْع الثَّانِي فِي مَعْنَاهُ: قَوْله: ( لَا بَأْس) أَي: لَا حرج فِي اسْتِعْمَال مَاء مُطلقًا مَا لم يُغَيِّرهُ طعم أَو ريح أَو لون.
وَقَوله: ( لم يُغَيِّرهُ) ، جملَة من الْفِعْل وَالْمَفْعُول.
وَقَوله: ( طعم) بِالرَّفْع فَاعله، وَحَاصِل الْمَعْنى: كل مَاء طَاهِر فِي نَفسه وَلَا يَتَنَجَّس بِإِصَابَة الْأَذَى، أَي: النَّجَاسَة إلاَّ إِذا تغير أحد الْأَشْيَاء الثَّلَاثَة مِنْهُ، وَهِي: الطّعْم وَالرِّيح واللون.
فان قلت: الطّعْم أَو الرّيح أَو اللَّوْن هُوَ المغير، بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف الْمُشَدّدَة، لَا المغير على صِيغَة الْفَاعِل، والمغير، بِالْكَسْرِ هُوَ الشَّيْء النَّجس الَّذِي يخالطه، فَكيف يَجْعَل الطّعْم أَو الرّيح أَو اللَّوْن مغيراً على صِيغَة الْفَاعِل على مَا وَقع فِي رِوَايَة البُخَارِيّ، وَأما الَّذِي فِي عبارَة عبد الله بن وهب فَهُوَ على الأَصْل.
قلت: المغير فِي الْحَقِيقَة هُوَ المَاء، وَلَكِن تَغْيِيره لما كَانَ لم يعلم إلاَّ من جِهَة الطّعْم أَو الرّيح أَو اللَّوْن فَكَأَنَّهُ صَار هُوَ المغير، وَهُوَ من قبيل ذكر السَّبَب، وَإِرَادَة الْمُسَبّب..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: لَا بَأْس، أَي لَا يَتَنَجَّس المَاء بوصول النَّجس إِلَيْهِ قَلِيلا أَو كثيرا، بل لَا بُد من تغير أحد الْأَوْصَاف الثَّلَاثَة فِي تنجسه، وَالْمرَاد من لفظ: مَا لم يُغَيِّرهُ طعمه، مَا لم يتَغَيَّر طعمه.
فَنَقُول: لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يُرَاد بالطعم، الْمَذْكُور فِي لفظ الزُّهْرِيّ، طعم المَاء أَو طعم الشَّيْء المنجس، فعلى الأول مَعْنَاهُ: مَا لم يُغير المَاء عَن حَاله الَّتِي خلق عَلَيْهَا طعمه، وتغيره طعمه لَا بُد أَن يكون بِشَيْء نجس، إِذا الْبَحْث فِيهِ.
وعَلى الثَّانِي مَعْنَاهُ: مَا لم يُغير المَاء طعم النَّجس، وَيلْزم مِنْهُ تغير طعم المَاء، إِذْ لَا شكّ أَن الطّعْم هُوَ المغير للطعم، واللون للون، وَالرِّيح للريح، إِذْ الْغَالِب أَن الشَّيْء يُؤثر فِي الملاقي بِالنِّسْبَةِ، وَجعل الشَّيْء متصفاً بِوَصْف نَفسه، وَلِهَذَا يُقَال: لَا يسخن إلاَّ الْحَار، وَلَا يبرد إلاَّ الْبَارِد، فَكَأَنَّهُ قَالَ: مَا لم يُغير طعم المَاء طعم الملاقي النَّجس، أَو لَا بَأْس، مَعْنَاهُ: لَا يَزُول طهوريته مَا لم يُغَيِّرهُ طعم من الطعوم الطاهرة اَوْ النَّجِسَة.
نعم، إِن كَانَ المغير طعماً نجسا يُنجسهُ، وَإِن كَانَ طَاهِرا يزِيل طهوريته لَا طَهَارَته، فَفِي الْجُمْلَة فِي اللَّفْظ تعقيد.
انْتهى.
قلت: تَفْسِيره هَكَذَا هُوَ عين التعقيد لِأَنَّهُ فسر قَوْله: ( لَا بَأْس) بمعنيين: أَحدهمَا بقوله: ( أَي لَا يَتَنَجَّس) إِلَى آخِره، وَالْآخر بقوله: ( لَا يَزُول طهوريته) .
وكلا المغنيين لَا يساعدهما اللَّفْظ، بل هُوَ خَارج عَنهُ.
وَقَوله: ( المغير للطعم هُوَ الطّعْم) غير سديد، لَان المغير للطعم، وَهُوَ الشَّيْء الملاقي لَهُ، وَكَذَلِكَ اللَّوْن وَالرِّيح، وَكَذَلِكَ قَوْله: ( المُرَاد من لفظ مَا لم يُغَيِّرهُ طعمه مَا لم يتَغَيَّر طعمه) غير موجه، لِأَنَّهُ تَفْسِير للْفِعْل الْمُتَعَدِّي بِالْفِعْلِ اللَّازِم، من غير وَجه، وَكَذَلِكَ ترديده بقوله: لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يُرَاد بالطعم الْمَذْكُور ... إِلَى آخِره، غير موجه لِأَن الضَّمِير الْمَنْصُوب فِي: لم يُغَيِّرهُ، يرجع إِلَى المَاء، فَيكون الْمَعْنى على هَذَا: لَا بَأْس بِالْمَاءِ مَا لم يُغَيِّرهُ طعم المَاء، وَطعم المَاء ذاتي، فَكيف يُغير ذَات المَاء؟ وَإِنَّمَا بِغَيْرِهِ طعم الشَّيْء الملاقي، وَالْفرق بَين الطعمين ظَاهر.

النَّوْع الثَّالِث فِي استنباط الحكم مِنْهُ استنبط مِنْهُ: أَن مَذْهَب الزُّهْرِيّ فِي المَاء الَّذِي يخالطه شَيْء نجس الِاعْتِبَار بتغيره بذلك من غير فرق بَين الْقَلِيل وَالْكثير، وَهُوَ مَذْهَب جمَاعَة من الْعلمَاء، وشنع أَبُو عبيد فِي ( كتاب الطّهُور) على من ذهب إِلَى هَذَا بِأَنَّهُ يلْزم مِنْهُ أَن: من بَال فِي إبريق وَلم يُغير للْمَاء وَصفا إِنَّه يجوز لَهُ التطهر بِهِ، هُوَ مستشنع.
قَالَ بَعضهم: وَلِهَذَا نصر قَول التَّفْرِيق بالقلتين.
قلت: كَيفَ ينصر هَذَا بِحَدِيث الْقلَّتَيْنِ، وَقد قَالَ ابْن الْعَرَبِيّ مَدَاره على علته، أَو مُضْطَرب فِي الرِّوَايَة، أَو مَوْقُوف، وحسبك أَن الشَّافِعِي رِوَايَة عَن الْوَلِيد بن كثير وَهُوَ إباضي.
وَاخْتلفت رِوَايَته فَقيل: قُلَّتَيْنِ، وَقيل: قُلَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا.
وَرُوِيَ أَرْبَعُونَ قلَّة، وَرُوِيَ أَرْبَعُونَ فرقا، ووقف على أبي هُرَيْرَة وَعبيد الله بن عمر،.

     وَقَالَ  الْيَعْمرِي: حكم ابْن مَنْدَه بِصِحَّتِهِ على شَرط مُسلم من جِهَة الروَاة، وَلكنه أعرض عَن جِهَة الرِّوَايَة بِكَثْرَة الِاخْتِلَاف فِيهَا وَالِاضْطِرَاب، وَلَعَلَّ مُسلما تَركه لذَلِك.
قلت: وَكَذَلِكَ لم يُخرجهُ البُخَارِيّ لاخْتِلَاف وَقع فِي إِسْنَاده..
     وَقَالَ  أَبُو عمر فِي ( التَّمْهِيد) : مَا ذهب إِلَى الشَّافِعِي من حَدِيث الْقلَّتَيْنِ مَذْهَب ضَعِيف من جِهَة النّظر، غير ثَابت فِي الْأَثر، لِأَنَّهُ قد تكلم فِيهِ جمَاعَة من أهل الْعلم بِالنَّقْلِ..
     وَقَالَ  الدبوسي فِي كتاب ( الْأَسْرَار) : هُوَ خبر ضَعِيف، وَمِنْهُم من لم يقبله، لِأَن الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ لم يعملوا بِهِ..
     وَقَالَ  ابْن بطال: وَمذهب الزُّهْرِيّ هُوَ قَول الْحسن وَالنَّخَعِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ، وَمذهب أهل الْمَدِينَة، وَهِي رِوَايَة أبي مُصعب عَن مَالك، وروى عَنهُ ابْن الْقَاسِم أَن قَلِيل المَاء ينجس بِقَلِيل النَّجَاسَة، وَإِن لم يظْهر فِيهِ.
وَهُوَ قَول الشَّافِعِي، وَرُوِيَ هَذَا الْمَعْنى عَن عبد الله بن عَبَّاس وَابْن مَسْعُود وَسَعِيد بن الْمسيب على اخْتِلَاف عَنهُ، وَسَعِيد بن جُبَير، وَهُوَ قَول اللَّيْث وَابْن صَالح بن حَيّ وَدَاوُد بن عَليّ وَمن تبعه، وَهُوَ مَذْهَب أهل الْبَصْرَة.
وَقد قَالَ بعض أَصْحَابنَا: هُوَ الصَّحِيح فِي النّظر، وثابت بالأثر من ذَلِك صب المَاء على بَوْل الْأَعرَابِي.

وَحَدِيث بِئْر بضَاعَة، وَحَدِيث ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا؛ المَاء لَا يُنجسهُ شَيْء، وَمذهب أَصْحَابنَا المَاء إِمَّا جارٍ أَو راكد، قَلِيل أَو كثير؛ فالجاري إِذا وَقعت فِيهِ النَّجَاسَة وَكَانَت غير مرئية كالبول وَالْخمر وَنَحْوهمَا فَإِنَّهُ لَا ينجس مَا لم يتَغَيَّر لَونه أَو طعمه أَو رِيحه، وَإِن كَانَت مرئية كالجيفة وَنَحْوهَا فَإِنَّهُ لَا ينجس.
فَإِن كَانَ يجْرِي عَلَيْهَا جَمِيع المَاء لَا يجوز التَّوَضُّؤ بِهِ من أَسْفَلهَا، وان كَانَ يجْرِي أَكْثَرهَا عَلَيْهَا فَكَذَلِك اعْتِبَارا للْغَالِب، وَإِن كَانَ أَقَله يجْرِي عَلَيْهَا يجوز التَّوَضُّؤ بِهِ من اسفلها، وَإِن كَانَ يجْرِي عَلَيْهَا النّصْف دون النّصْف فَالْقِيَاس جَوَاز التَّوَضُّؤ.
وَفِي الِاسْتِحْسَان لَا يجوز احْتِيَاطًا.
والراكد اخْتلفُوا فِيهِ: فَقَالَت الظَّاهِرِيَّة: لَا ينجس أصلا..
     وَقَالَ ت عَامَّة الْعلمَاء: إِن كَانَ المَاء قَلِيلا ينجس، وَإِن كثيرا لَا ينجس، لكِنهمْ اخْتلفُوا فِي الْحَد الْفَاصِل بَينهمَا؛ فعندنا بالخلوص، فَإِن كَانَ يخلص بعضه إِلَى بعض فَهُوَ قَلِيل، وَإِلَّا فَهُوَ كثير.
وَاخْتلف اصحابنا فِي تَفْسِير الخلوص بعد أَن اتَّفقُوا أَنه يعْتَبر الخلوص، بِالتَّحْرِيكِ، وَهُوَ: أَن يكون بِحَال لَو حرك طرف مِنْهُ يَتَحَرَّك الطّرف الآخر، فَهُوَ مِمَّا يخلص، وإلاَّ فَهُوَ مِمَّا لَا يخلص.
وَاخْتلفُوا فِي جِهَة التحريك، فَعَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة: أَنه يعْتَبر التحريك بالاغتسال من غير عنف، وَعَن مُحَمَّد أَنه يعْتَبر بِالْوضُوءِ، وَرُوِيَ أَنه بِالْيَدِ من غير اغتسال وَلَا وضوء، وَأما اعتبارهم فِي تَفْسِير الخلوص: فَعَن أبي حَفْص الْكَبِير أَنه أعتبره بالصبغ، وَعَن أبي نصر مُحَمَّد بن سَلام أَنه اعْتَبرهُ بالتكدير، وَعَن أبي سُلَيْمَان الْجوزجَاني أَنه اعْتَبرهُ بالمساحة.
فَقَالَ: إِن كَانَ عشرا فِي عشر فَهُوَ مِمَّا لَا يخلص، وَإِن كَانَ دونه فَهُوَ مِمَّا يخلص.
وَعَن ابْن الْمُبَارك أَنه اعْتَبرهُ بِالْعشرَةِ أَولا، ثمَّ بِخَمْسَة عشر، وَإِلَيْهِ ذهب أَبُو مُطِيع الْبَلْخِي، فَقَالَ: إِن كَانَ خَمْسَة عشر فِي خَمْسَة عشر أَرْجُو أَن يجوز، وَإِن كَانَ عشْرين فِي عشْرين لَا أجد فِي قلبِي شَيْئا.
وَعَن مُحَمَّد أَنه قدره بمسجده، وَكَانَ ثمانياً فِي ثمانٍ، وَبِه أَخذ مُحَمَّد بن سَلمَة.
وَقيل: كَانَ مَسْجده عشرا فِي عشرٍ.
وَقيل: كَانَ، دَاخله ثمانياً فِي ثمانٍ، وخارجه عشرا فِي عشرٍ.
وَعَن الْكَرْخِي: لَا عِبْرَة للتقدير، وَإِنَّمَا الْمُعْتَبر هُوَ التَّحَرِّي، فَلَو كَانَ أَكثر رَأْيه أَن النَّجَاسَة خلصت إِلَى الْموضع الَّذِي يتَوَضَّأ مِنْهُ لَا يجوز، وَإِن كَانَ أَكثر رَأْيه أَنَّهَا لم تصل إِلَيْهِ يجوز.
وَقد استقصينا الْكَلَام فِيهِ فِي ( شرحنا لمعاني الْآثَار) للطحاوي، رَحمَه الله تَعَالَى.

وقالَ حَمَّادٌ: لاَ بَأْسَ بِرِيشِ المَيْتَةِ
حَمَّاد: على وزن فعال بِالتَّشْدِيدِ، هُوَ الإِمَام ابْن أبي سُلَيْمَان، شيخ الإِمَام ابي حنيفَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، تقدم فِي بابُُ قِرَاءَة الْقُرْآن بعد الْحَدث.
قَوْله: ( لَا بَأْس) أَي: لَا حرج ( بريش الْميتَة) يَعْنِي: لَيْسَ بِنَجس، وَلَا ينجس المَاء الَّذِي وَقع فِيهِ، سَوَاء كَانَ ريش الْمَأْكُول لَحْمه أَو غَيره؛ وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه: حَدثنَا معمر عَن حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان أَنه قَالَ: لَا بَأْس بصوف الْميتَة، وَلَكِن يغسل، وَلَا بَأْس بريش الْميتَة، وَهَذَا مَذْهَب أبي حنيفَة أَيْضا وَأَصْحَابه.

وقالَ الزُّهْرِيُّ فِي عظامِ المَوْتَى نَحْوِ الفِيلِ وغَيْرِهِ أَدْرَكْتُ نَاسا مِنْ سَلَفِ العُلمَاءِ يَمْتَشِطونَ بهَا ويَدَّهِنونَ فِيها لَا يَرَوْنَ بِهِ بَاساً
الزُّهْرِيّ هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم.
قَوْله: ( وَغَيره) أَي: غير الْفِيل مِمَّا لَا يُؤْكَل..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: قَوْله: ( غَيره) يحْتَمل أَن يُرِيد بِهِ مَا هُوَ من جنسه من الَّذِي لَا تُؤثر الذَّكَاة فِيهِ، أَي: مَا لَا يُؤْكَل لَحْمه، وَأَن يُرِيد أَعم من ذَلِك.
قلت: هَذَا الَّذِي ذكره يمشي على مَذْهَب الشَّافِعِي، وَعِنْدنَا جَمِيع أَجزَاء الْميتَة الَّتِي لَا دم فِيهَا: كالقرن وَالسّن والظلف والحافر والخف والوبر وَالصُّوف طَاهِر، وَفِي العصب رِوَايَتَانِ، وَذهب عمر بن عبد الْعَزِيز وَالْحسن الْبَصْرِيّ وَمَالك وَأحمد وَإِسْحَاق والمزني وَابْن الْمُنْذر: إِلَى أَن الشّعْر وَالصُّوف والوبر والريش طَاهِرَة لَا تنجس بِالْمَوْتِ، كمذهبنا، والعظم والقرن والظلف وَالسّن نَجِسَة..
     وَقَالَ  الشَّافِعِي: الْكل نجس إلاَّ الشّعْر، فَإِن فِيهِ خلافًا ضَعِيفا.
وَفِي الْعظم أَضْعَف مِنْهُ.
وَأما الْفِيل فَفِيهِ خلاف بَين أَصْحَابنَا، فَعِنْدَ مُحَمَّد هُوَ نجس الْعين حَتَّى لَا يجوز بيع عظمه وَلَا يطهر جلده بالدباغ وَلَا بالذكاة، وَعند أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف هُوَ كَسَائِر السباغ، فَيجوز الِانْتِفَاع بعظمه وَجلده بالدباغ.
قَوْله: ( أدْركْت نَاسا) التَّنْوِين فِيهِ للتكثير أَي نَاسا كثيرين.
قَوْله: ( يمتشطون بهَا) أَي: بعظام الْمَوْتَى، يَعْنِي يجْعَلُونَ مِنْهَا مشطاً ويستعملونه، فَهَذَا يدل على طَهَارَته، وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة أَيْضا.
قَوْله: ( ويدَّهنون فِيهَا) اي: فِي عِظَام الْمَوْتَى، يَعْنِي: يجْعَلُونَ مِنْهَا مَا يحط فِيهِ الدّهن وَنَحْوه، وأصل: يدهنون: يتدهنون، لِأَنَّهُ من بابُُ الافتعال، فقلبت التَّاء دَالا وادغمت الدَّال فِي الدَّال؛.

     وَقَالَ  بَعضهم: يجوز ضم أَوله وَإِسْكَان الدَّال.
قلت: فعلى هَذَا يكون من بابُُ الادهان، فَلَا يُنَاسب مَا قبله إلاَّ إِذا جَاءَت فِيهِ رِوَايَة بذلك، وَذَلِكَ لِأَن مَعْنَاهُ بِالتَّشْدِيدِ هم يدهنون أنفسهم، وَإِذا كَانَ من بابُُ الإفعال يكون الْمَعْنى: هم يدهنون غَيرهم، فَلَا منع من ذَلِك إلاَّ أَنه مَوْقُوف على الرِّوَايَة.
وَنقل بعض الشُّرَّاح عَن السفاقسي فِيهِ ثَلَاثَة أوجه: إثنان مِنْهَا مَا ذكرناهما الْآن، وَالْوَجْه الثَّالِث: هُوَ بتَشْديد الدَّال وَتَشْديد الْهَاء، أَيْضا.
قلت: لَا منع من ذَلِك من حَيْثُ قَاعِدَة التصريف، وَلَكِن رِعَايَة السماع أولى مَعَ رِعَايَة الْمُنَاسبَة بَين الْمَعْطُوف والمعطوف عَلَيْهِ.
قَوْله: ( لَا يرَوْنَ بِهِ بَأْسا) أَي حرجاً، فَلَو كَانَ نجسا لما استعملوه امتشاطاً وادهاناً، وَعلم مِنْهُ أَنه إِذا وَقع مِنْهُ شَيْء فِي المَاء لَا يُفْسِدهُ..
     وَقَالَ  ابْن بطال: ريش الْميتَة وَعظم الفيلة وَنَحْوهَا طَاهِر عِنْد ابي حنيفَة، كَأَنَّهُ تعلق بِحَدِيث ابْن عَبَّاس الْمَوْقُوف: إِنَّمَا حرم من الْميتَة مَا يُؤْكَل مِنْهَا وَهُوَ اللَّحْم، فَأَما الْجلد وَالسّن والعظم وَالشعر وَالصُّوف فَهُوَ حَلَال.
قَالَ يحيى بن معِين: تفرد بِهِ أَبُو بكر الْهُذلِيّ عَن الزُّهْرِيّ، وَهُوَ لَيْسَ بِشَيْء..
     وَقَالَ  الْبَيْهَقِيّ: وَقد روى عبد الْجَبَّار بن مُسلم وَهُوَ ضَعِيف عَن الزُّهْرِيّ شَيْئا فِي مَعْنَاهُ، وَحَدِيث أم سَلمَة مَرْفُوعا: ( لَا بَأْس بمسك الْميتَة إِذا دبغ، وَلَا بشعرها إِذا غسل بِالْمَاءِ) .
إِنَّمَا رَوَاهُ يُوسُف بن أبي السّفر، وَهُوَ مَتْرُوك..
     وَقَالَ  ابْن بطال: عظم الفيلة وَنَحْوه نجس عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ، كِلَاهُمَا احتجا بِمَا روى الشَّافِعِي عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر أَنه كَانَ يكره أَن يدهن فِي مدهن من عِظَام الْفِيل، وَفِي ( المُصَنّف) : وَكَرِهَهُ عمر ابْن عبد الْعَزِيز وَعَطَاء وطاووس،.

     وَقَالَ  ابْن الْمَوَّاز: نهىَ مَالك عَن الِانْتِفَاع بِعظم الْميتَة والفيل، وَلم يُطلق تَحْرِيمهَا لِأَن عُرْوَة وَابْن شهَاب وَرَبِيعَة
أَجَازُوا الامتساط بهَا..
     وَقَالَ  ابْن حبيب: أجَاز اللَّيْث وَابْن الْمَاجشون وَابْن وهب ومطرف.
وَأصبغ الامتشاط بهَا والادهان فِيهَا..
     وَقَالَ  مَالك إِذا زكى الْفِيل فَعَظمهُ طَاهِر وَالشَّافِعِيّ يَقُول الذَّكَاة لَا تعْمل فِي السبَاع.

     وَقَالَ  اللَّيْث وَابْن وهب أَن غلى الْعظم فِي مَاء سخن وطبخ جَازَ الإدهان مِنْهُ والامتشاط قلت حَدِيث ابْن عَبَّاس الَّذِي تعلق بِهِ أَبُو حنيفَة أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ.

     وَقَالَ  أَبُو بكر الْهُذلِيّ ضَعِيف وَذكر فِي الإِمَام أَن غير الْهُذلِيّ أَيْضا رَوَاهُ وَحَدِيث أم سَلمَة أَيْضا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ.

     وَقَالَ  يُوسُف بن أبي السّفر مَتْرُوك قُلْنَا لَا يُؤثر فِيهِ مَا قَالَ إِلَّا بعد بَيَان جِهَته وَالْجرْح الْمُبْهم غير مَقْبُول عِنْد الحذاق من الْأُصُولِيِّينَ وَهُوَ كَانَ كَاتب الْأَوْزَاعِيّ.

وقالَ ابْنُ سِيِرِينَ وإبْرَاهيمُ لَا بَأْسَ بِتِجارَةِ العَاجِ

ابْن سِيرِين هُوَ مُحَمَّد، تقدم فِي بابُُ اتِّبَاع الْجَنَائِز من الْإِيمَان، وَإِبْرَاهِيم هُوَ النَّخعِيّ تقدم فِي بابُُ ظلم دون ظلم فِي كتاب الْإِيمَان.

أما التَّعْلِيق عَن ابْن سِيرِين فَذكره عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه عَن الثَّوْريّ عَن همامَ عَن ابْن سِيرِين أَنه كَانَ لَا يرى التِّجَارَة بالعاج بَأْسا وَأما التَّعْلِيق عَن إِبْرَاهِيم فَلم يذكرهُ السَّرخسِيّ فِي رِوَايَته، وَلَا أَكثر الروَاة عَن الفريري، فالعاج، بتَخْفِيف الْجِيم، جمع عاجة.
قَالَ الْجَوْهَرِي: العاج عظم الْفِيل وَكَذَا قَالَ فِي الْكتاب.
ثمَّ قَالَ: والعاج أَيْضا الذبل وَهُوَ ظهر السلحفاة والبحرية يتَّخذ مِنْهُ السوار والخاتم وَغَيرهمَا قَالَ جرير:
( ترى العيس الحولى جَريا بكرعها ... لَهَا مسكا من غير عاج وَلَا ذبل)

فَهَذَا يدل على أَن العاج غيرالذبل وَفِي ( الْمُحكم) والعاج أَنْيَاب الفيلة، وَلَا يُسمى غير الناب عاجاً وَقد أنكر الْخَلِيل أَن يُسمى عاجاً سوى أَنْيَاب الفيلة، وَذكر غَيره أَن الذبل يُسمى عاجاً وَكَذَا قَالَه الْخطابِيّ، وأنكروا عَلَيْهِ والذبل، بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة قَالَ الْأَزْهَرِي الذبل، الْقُرُون، فَإِذا كَانَ من عاج فَهُوَ مسك وعاج ووقف، إِذا كَانَ من ذبل فَهُوَ مسك لَا غير وَفِي ( الْعبابُ) الذبل ظهر السلحفاة البحرية، كَمَا ذكرنَا الْآن.

     وَقَالَ : بَعضهم، قَالَ القالي: الْعَرَب تسمي كل عظم عاجاً، فَإِن ثَبت هَذَا فَلَا حجَّة فِي الْأَثر الْمَذْكُور على طَهَارَة عظم الْفِيل.
قلت مَعَ وجود النَّقْل عَن الْخَلِيل لَا يعْتَبر بِنَقْل القالي مَعَ مَا ذكرنَا من الدَّلِيل على طَهَارَة عظم الْميتَة مُطلقًا.



[ قــ :232 ... غــ :235 ]
- حدّثناإسْمَاعِيلُ قَالَ حَدثنِي مَالِكٌ عنِ ابنِ شِهاب عنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ عَن ابْن عَبَّاسَ عنْ مَيْمُونَةَ أَنَّ رَسولَ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَلَ عنْ قَارَةٍ سَقَطَتْ فِي سَمْنٍ فَقالَ أَلْقُوهًّ وَمَا حَوْلَهَا فَاطْرَحُوهُ وَكُلُوا سَمْنَكُمْ..
مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة بَيَان رِجَاله وهم سِتَّة إِسْمَاعِيل هُوَ ابْن أويس تقدم فِي بابُُ تفاضل أهل الْإِيمَان، وَعبيد الله هُوَ سبط عتبَة بن مَسْعُود وَهُوَ فِي قصَّة هِرقل، وَمَالك هُوَ ابْن أنس، وَابْن شهَاب هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ، ومَيْمُونَة أم الْمُؤمنِينَ بنت الْحَارِث، خَالَة ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، تقدّمت فِي بابُُ السمر بِالْعلمِ بَيَان لطائف إِسْنَاده مِنْهَا أَن فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع وبصيغة الْإِفْرَاد، وَفِيه العنعنة فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع.
وَفِيه: أَن رُوَاته مدنيون وَفِيه: القَوْل فِي مَوضِع وَاحِد.
وَفِيه: رِوَايَة الصَّحَابِيّ عَن الصحابية.

بَيَان ذكر تعدده مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الذَّبَائِح عَن عبد الْعَزِيز بن عبد الله عَن مَالك بِهِ، وَعَن الْحميدِي عَن سُفْيَان عَن الزُّهْرِيّ بِهِ، وَهُوَ من أَفْرَاده عَن مُسلم، وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْأَطْعِمَة عَن مُسَدّد عَن سُفْيَان بِهِ، وَعَن أَحْمد بن صَالح وَالْحسن بن عَليّ، كِلَاهُمَا عَن عبد الرَّزَّاق عَن عبد الرَّحْمَن بن بزدويه عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَعْنَاهُ.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن سعيد بن عبد الرَّحْمَن وَأبي عُثْمَان وَهُوَ الْحُسَيْن بن حَدِيث، كِلَاهُمَا عَن سُفْيَان بِهِ،.

     وَقَالَ : حسن صَحِيح.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الذَّبَائِح عَن قُتَيْبَة عَن سُفْيَان بِهِ وَعَن يَعْقُوب ين إِبْرَاهِيم وَمُحَمّد بن يحيى بن عبد لله النيسايوري، كِلَاهُمَا عَن عبد الرَّحْمَن بن مهْدي عَن مَالك بِهِ، وَعَن خشيش بن أَصْرَم عَن عبد الرَّزَّاق عَن عبد الرَّحْمَن بن بزدويه أَن معمراً ذكر عَن الزُّهْرِيّ بِهِ.

ذكر لغاته وَمَعْنَاهُ قَوْله: ( فَأْرَة) بِهَمْزَة سَاكِنة وَجَمعهَا فأر بِالْهَمْز أَيْضا قَوْله: ( سَقَطت فِي سمن) وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ أَيْضا فِي الذَّبَائِح من رِوَايَة ابْن عُيَيْنَة عَن ابْن شهَاب ( فَمَاتَتْ) ، وَزَاد النَّسَائِيّ من رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن مهْدي عَن مَالك، ( فِي سمن جامد) قَوْله: ( وألقوها) أَي.
الْفَأْرَة أَي: أرموها وَمَا حولهَا أَي: وَمَا حول الْفَأْرَة من السّمن، وَيعلم من هَذِه الرِّوَايَة أَن السّمن كَانَ جَامِدا كَمَا صرح بِهِ فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى، لِأَن الْمَائِع لَا حوله لَهُ إِذْ الْكل حوله.

بَيَان ذكر استنباط الحكم يستنبط مِنْهُ أَن السّمن الجامد أذا وَقعت فِيهِ فَأْرَة أَو نَحْوهَا تطرح الْفَأْرَة وَيُؤْخَذ مَا حولهَا من السّمن ويرمى بِهِ، وَلَكِن إِذا تحقق أَن شَيْئا مِنْهَا لم يصل إِلَى شَيْء خَارج عَمَّا حولهَا وَالْبَاقِي يُؤْكَل، وَيُقَاس على هَذَا نَحْو الْعَسَل والدبس إِذا كَانَ جَامِدا، وَأما الْمَائِع فقد اخْتلفُوا فِيهِ، فَذهب الْجُمْهُور إِلَى أَنه ينجس كُله، قَلِيلا كَانَ أَو كثيرا.
وَقد شَذَّ قوم فَجعلُوا الْمَائِع كُله كَالْمَاءِ، وَلَا يعْتَبر ذَلِك، وسلك دواد بن عَليّ فِي ذَلِك مسلكهم إلاَّ فِي السّمن الجامد والذائب.
فَإِنَّهُ تبع ظَاهر هَذَا الحَدِيث، وَخَالف مَعْنَاهُ فِي الْعَسَل والخل وَسَائِر الْمَائِعَات، فَجَعلهَا كلهَا فِي لُحُوق النَّجَاسَة إِيَّاهَا بِمَا ظهر فِيهَا، فشذ أَيْضا ويزمه أَن لَا يتَعَدَّى الْفَأْرَة كَمَا لَا يتَعَدَّى السّمن.
قَالَ أَبُو عَمْرو: وَاخْتلف الْعلمَاء فِي الاستصباح بِهِ بعد إِجْمَاعهم على نَجَاسَته، فَقَالَت طَائِفَة من الْعلمَاء لَا يستصبح بِهِ وَلَا ينْتَفع بِشَيْء مِنْهُ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِك، الْحسن بن صَالح وَأحمد بن حَنْبَل محتجين بالرواية الْمَذْكُورَة، وَإِن كَانَ مَائِعا فَلَا تقربوه، وبعموم النَّهْي عَن الْميتَة فِي الْكتاب الْعَزِيز..
     وَقَالَ  الْآخرُونَ: يجوز الاستصباح بِهِ وَالِانْتِفَاع فِي كل شَيْء الْأكل وَالْبيع وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ وأصحابهما وَالثَّوْري، وَأما الْأكل فمجمع على تَحْرِيمه إلاَّ الشذوذ الَّذِي ذَكرْنَاهُ، وَأما الاستصباح فَروِيَ عَن عَليّ وَابْن عمر أَنَّهُمَا أجازا ذَلِك، وَمن حجتهم فِي تَحْرِيم بَيْعه قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( لعن الله الْيَهُود.
حرمت عَلَيْهِم الشحوم فَبَاعُوهَا وأكلوا ثمنهَا أَن الله إِذا حرم أكل شَيْء حرم ثمنه)
.

     وَقَالَ  آخَرُونَ: ينْتَفع بِهِ وَيجوز بَيْعه وَلَا يُؤْكَل، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِك: أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَاللَّيْث بن سعد، وَقد رُوِيَ عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَالقَاسِم وَسَالم محتجين بالرواية الْأُخْرَى، وَإِن كَانَ مَائِعا فاستصبحوا بِهِ وانتفعوا وَالْبيع من بابُُ الِانْتِفَاع وَأما قَوْله فِي حَدِيث عبد الرَّزَّاق وَإِن كَانَ مَائِعا فَلَا تقربوه، فَيحْتَمل أَن يُرَاد بِهِ الْأكل، وَقد أجْرى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم التَّحْرِيم فِي شحوم الْميتَة من كل وَجه وَمنع الِانْتِفَاع بهَا، وَقد أَبَاحَ فِي السّمن يَقع فِيهِ الْميتَة، الِانْتِفَاع بِهِ، فَدلَّ على جَوَاز وُجُوه الِانْتِفَاع بِشَيْء مِنْهَا غير الْأكل، وَمن جِهَة النّظر أَن شحوم الْميتَة مُحرمَة الْعين والذات، وَأما الزَّيْت، وَنَحْوه يَقع فِيهِ الْميتَة فَإِنَّمَا ينجس بالمحاورة وَمَا ينجس بالمحاورة فبيعه جَائِز، كَالثَّوْبِ تصيبه النَّجَاسَة من الدَّم وَغَيره، وَأما قَوْله: إِن الله تَعَالَى ( إِذا حرم أكل شَيْء حرم ثمنه) ، فَإِنَّمَا خرج على لُحُوم الْميتَة الَّتِي حرم أكلهَا وَلم يبح الِانْتِفَاع بِشَيْء مِنْهَا، وَكَذَلِكَ الْخمر، وَأَجَازَ عبد الله بن نَافِع غسل الزَّيْت وَشبهه تقع فِيهِ الْميتَة، وَرُوِيَ عَن مَالك أَيْضا وَصفته، أَن يعمد إِلَى ثَلَاث أواني أَو أَكثر فَيجْعَل الزَّيْت النَّجس فِي وَاحِدَة مِنْهَا حَتَّى يكون نصفهَا أَو نَحوه، ثمَّ يصب عَلَيْهِ المَاء حَتَّى يمتلىء، ثمَّ يُؤْخَذ الزَّيْت من عَلَاء المَاء، ثمَّ يَجْعَل فِي آخر وَيعْمل بِهِ كَذَلِك، ثمَّ فِي آخر، وَهُوَ قَول لَيْسَ لقائله سلف، وَلَا تسكن إِلَيْهِ النَّفس قلت: هَذَا مِمَّا لَا ينعصر بالعصر، وَفِيه خلاف بَين أبي يُوسُف وَمُحَمّد، فَقَالَ أَبُو يُوسُف: يطهر مَا لَا ينعصر بالعصر بِغسْلِهِ ثَلَاثًا وتجفيفه فِي كل مرّة، وَذَلِكَ كالحنطة والخزفة الجديدة والحصير والسكين المموه بِالْمَاءِ النَّجس وَاللَّحم المغلي بِالْمَاءِ النَّجس فالطريق فِيهِ أَن تغسل الْحِنْطَة ثَلَاثًا وتجفف فِي كل مرّة، وَكَذَلِكَ الْحَصِير، وَيغسل الخزف حَتَّى لَا يبْقى لَهُ بعد ذَلِك طعم وَلَا لون وَلَا رَائِحَة، ويموه السكين بِالْمَاءِ الطَّاهِر ثَلَاث مَرَّات، ويطبخ اللَّحْم ثَلَاث مَرَّات، ويجفف فِي كل مرّة ويبرد من الطَّبْخ، وَأما الْعَسَل وَاللَّبن وَنَحْوهمَا إِذا مَاتَ فِيهَا الْفَأْرَة أَو نَحْوهَا يَجْعَل فِي الْإِنَاء وَيصب فِيهِ المَاء ويطبخ حَتَّى يعود إِلَى مَا كَانَ، وَهَكَذَا يفعل ثَلَاثًا.

     وَقَالَ  مُحَمَّد مَا لَا ينعصر بالعصر إِذا تنجس لَا يطهر أبدا، وَقد رُوِيَ عَن عَطاء قَوْله: تفرد بِهِ روى عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جريح عَنهُ، قَالَ: ذكرُوا أَنه يدهن بِهِ السفن وَلَا يمس ذَلِك وَلَكِن يُؤْخَذ بعوده فَقلت: يدهن بِهِ غير السفن؟ قَالَ لَا أعلم قلت وَابْن يدهن بِهِ من السفن قَالَ: ظُهُورهَا وَلَا يدهن بطونها.
قلت: فَلَا بُد أَن يمس! قَالَ: يغسل يَدَيْهِ من مَسّه.
وَقد رُوِيَ عَن جَابر الْمَنْع من الدّهن بِهِ وَعَن سَحْنُون.
أَن مَوتهَا فِي الزَّيْت الْكثير غير ضار، وَلَيْسَ الزَّيْت كَالْمَاءِ وَعَن عبد الْملك.
إِذا وَقعت فَأْرَة أَو دجَاجَة فِي زَيْت أَو بِئْر فَإِن لم يتَغَيَّر طعمه وَلَا رِيحه أزيل ذَلِك مِنْهُ وَلم يَتَنَجَّس، وَإِن مَاتَت فِيهِ تنجس وَإِن كثر وَوَقع فِي كَلَام ابْن الْعَرَبِيّ: أَن الْفَأْرَة عِنْد مَالك طَاهِرَة خلافًا لأبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ، وَلَا نعلم عندنَا حخلافاً فِي طَهَارَتهَا فِي حَال حَيَاتهَا.