هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2646 حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : أَصَابَ عُمَرُ بِخَيْبَرَ أَرْضًا ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : أَصَبْتُ أَرْضًا لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ أَنْفَسَ مِنْهُ ، فَكَيْفَ تَأْمُرُنِي بِهِ ؟ قَالَ : إِنْ شِئْتَ حَبَّسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا ، فَتَصَدَّقَ عُمَرُ أَنَّهُ لاَ يُبَاعُ أَصْلُهَا وَلاَ يُوهَبُ وَلاَ يُورَثُ فِي الفُقَرَاءِ ، وَالقُرْبَى وَالرِّقَابِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالضَّيْفِ وَابْنِ السَّبِيلِ ، لاَ جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ ، أَوْ يُطْعِمَ صَدِيقًا غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2646 حدثنا مسدد ، حدثنا يزيد بن زريع ، حدثنا ابن عون ، عن نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال : أصاب عمر بخيبر أرضا ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : أصبت أرضا لم أصب مالا قط أنفس منه ، فكيف تأمرني به ؟ قال : إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها ، فتصدق عمر أنه لا يباع أصلها ولا يوهب ولا يورث في الفقراء ، والقربى والرقاب وفي سبيل الله والضيف وابن السبيل ، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف ، أو يطعم صديقا غير متمول فيه
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Ibn `Umar:

When `Umar got a piece of land in Khaibar, he came to the Prophet (ﷺ) saying, I have got a piece of land, better than which I have never got. So what do you advise me regarding it? The Prophet (ﷺ) said, If you wish you can keep it as an endowment to be used for charitable purposes. So, `Umar gave the land in charity (i.e. as an endowments on the condition that the land would neither be sold nor given as a present, nor bequeathed, (and its yield) would be used for the poor, the kinsmen, the emancipation of slaves, Jihad, and for guests and travelers; and its administrator could eat in a reasonable just manner, and he also could feed his friends without intending to be wealthy by its means.

D'après Nâfi', ibn 'Umar (radiallahanho) dit: «'Umar eut une terre à Khaybar. Il vint alors dire au Prophère  : Je viens d'avoir à Khaybar une terre, et je n'ai jamais eu un bien aussi précieux. Que me recommandestu de faire d'elle? — Si tu veux, répondit le Prophète  , tu peux garder son fonds et faire aumône [de ce qu'elle contient]. «En effet, 'Umar fait aumône de cette terre en posant la condition qu'elle ne serait ni vendue, ni offerte, ni héritée, qu'elle serait pour le pauvre, les proches, l'affranchissement des esclaves, pour la cause d'Allah, pour l'hôte et le voyageur, et que son administrateur pourrait en manger d'une manière modérée ou en donner à manger à un ami sans toutefois considérer la chose comme une propriété personnelle.»

":"ہم سے مسدد بن مسرہد نے بیان کیا ‘ کہا ہم سے یزید بن زریع نے بیان کیا ‘ کہا ہم سے عبداللہ بن عون رضی اللہ عنہ نے بیان کیاان سے نافع نے اور ان سے عبداللہ عمر رضی اللہ عنہما نے بیان کیا ،عمر رضی اللہ عنہ کو خیبر میں ایک زمین ملی ( جس کا نام ثمغ تھا ) تو آپ نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم کی خدمت میں حاضر ہوئے اور عرض کیا کہ مجھے ایک زمین ملی ہے اور اس سے عمدہ مال مجھے کبھی نہیں ملا تھا ‘ آپ اس کے بارے میں مجھے کیا مشورہ دیتے ہیں ؟ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ اگر چاہے تو اصل جائیداد اپنے قبضے میں روک رکھ اور اس کے منافع کو خیرات کر دے ۔ چنانچہ عمر رضی اللہ عنہ نے اسے اس شرط کے ساتھ صدقہ ( وقف ) کیا کہ اصل زمین نہ بیچی جائے ، نہ ہبہ کی جائے اور نہ وراثت میں کسی کو ملے اور فقراء ، رشتہ دار ، غلام آزاد کرانے ‘ اللہ کے راستے ( کے مجاہدوں ) مہمانوں اور مسافروں کے لئے ( وقف ہے ) جو شخص بھی اس کا متولی ہو اگر دستور کے مطابق اس میں سے کھائے یا اپنے کسی دوست کو کھلائے تو کوئی مضائقہ نہیں بشرطیکہ مال جمع کرنے کا ارادہ نہ ہو ۔

D'après Nâfi', ibn 'Umar (radiallahanho) dit: «'Umar eut une terre à Khaybar. Il vint alors dire au Prophère  : Je viens d'avoir à Khaybar une terre, et je n'ai jamais eu un bien aussi précieux. Que me recommandestu de faire d'elle? — Si tu veux, répondit le Prophète  , tu peux garder son fonds et faire aumône [de ce qu'elle contient]. «En effet, 'Umar fait aumône de cette terre en posant la condition qu'elle ne serait ni vendue, ni offerte, ni héritée, qu'elle serait pour le pauvre, les proches, l'affranchissement des esclaves, pour la cause d'Allah, pour l'hôte et le voyageur, et que son administrateur pourrait en manger d'une manière modérée ou en donner à manger à un ami sans toutefois considérer la chose comme une propriété personnelle.»

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [2772] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ كَذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ مُسَدَّدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ وَبِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ وَيَحْيَى الْقَطَّانِ ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ عبد الله بن عون وَقد زعم بن عبد الْبر أَن بن عَوْنٍ تَفَرَّدَ بِهِ عَنْ نَافِعٍ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ فَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ رِوَايَةِ صَخْرِ بْنِ جُوَيْرِيَةَ عَنْ نَافِعٍ كَمَا تَقَدَّمَ قَبْلَ أَبْوَابٍ وَأَخْرَجَهُ مُخْتَصَرًا وَأَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيُّ مُطَوَّلًا مِنْ رِوَايَةِ أَيُّوبَ وَأَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْأَكْبَرِ الْمُصَغَّرِ وَأَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْأَصْغَرِ الْمُكَبَّرِ كُلُّهُمْ عَنْ نَافِعٍ وَسَأَذْكُرُ مَا فِي رِوَايَتِهِمْ مِنَ الْفَوَائِدِ مُفَصَّلًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  عَنْ نَافِعٍ فِي رِوَايَةِ الْأَنْصَارِيِّ عَن بن عون الْمَاضِيَة فِي آخر الشُّرُوط عَن بن عَوْنٍ أَنْبَأَنِي نَافِعٌ وَالْإِنْبَاءُ بِمَعْنَى الْإِخْبَارِ عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ جَزْمًا وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ مِنْ وَجه آخر عَن بن عَوْنٍ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ وَالْأَنْصَارِيُّ الْمَذْكُورُ أَحَدُ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ أَخْرَجَ عَنْهُ عِدَّةَ أَحَادِيثَ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ مِنْهَا حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ فِي أَنْصِبَةِ الزَّكَاةِ وَأَخْرَجَ عَنْهُ فِي مَوَاضِعَ بِوَاسِطَةٍ وَكَانَ الْأَنْصَارِيُّ الْمَذْكُورُ قَاضِيَ الْبَصْرَةِ وَقَدْ تَمَذْهَبَ لِلْكُوفِيِّينَ فِي الْأَوْقَافِ وَصَنَّفَ فِي الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ جُزْءا مُفردا قَوْله عَن بن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ أَصَابَ عُمَرُ كَذَا لِأَكْثَرِ الرُّوَاةِ عَنْ نَافِعٍ ثُمَّ عَنِ بن عون جَعَلُوهُ فِي مُسْند بن عُمَرَ لَكِنْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بن عمر كِلَاهُمَا عَن نَافِع عَن بن عُمَرَ عَنْ عُمَرَ جَعَلَهُ مِنْ مُسْنَدِ عُمَرَ وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ .

     قَوْلُهُ  بِخَيْبَرَ أَرْضًا تَقَدَّمَ فِي رِوَايَةِ صَخْرِ بْنِ جُوَيْرِيَةَ أَنَّ اسْمَهَا ثَمْغٌ وَكَذَا لِأَحْمَدَ مِنْ رِوَايَةِ أَيُّوبَ أَنَّ عُمَرَ أَصَابَ أَرْضًا مِنْ يَهُودِ بَنِي حَارِثَةَ يُقَالُ لَهَا ثَمْغٌ وَنَحْوُهُ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ سَالِمٍ الْمَذْكُورَةِ وَكَذَا لِلدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ طَرِيقِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَلِلطَّحَاوِيِّ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَرَوَى عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَنَّ عُمَرَ رَأَى فِي الْمَنَامِ ثَلَاثَ لَيَالٍ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِثَمْغٍ وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ جَاءَ عُمَرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أصبت مَا لَا لم أصب مَا لَا مِثْلَهُ قَطُّ كَانَ لِي مِائَةُ رَأْسٍ فَاشْتَرَيْتُ بِهَا مِائَةَ سَهْمٍ مِنْ خَيْبَرَ مِنْ أَهْلِهَا فَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ ثَمْغٌ مِنْ جُمْلَةِ أَرَاضِي خَيْبَرَ وَأَنَّ مِقْدَارَهَا كَانَ مِقْدَارَ مِائَةِ سَهْمٍ مِنَ السِّهَامِ الَّتِي قَسَمَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ مَنْ شَهِدَ خَيْبَرَ وَهَذِهِ الْمِائَةُ السَّهْمُ غَيْرُ الْمِائَةِ السَّهْمِ الَّتِي كَانَتْ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِخَيْبَرَ الَّتِي حَصَّلَهَا مِنْ جُزْئِهِ مِنَ الْغَنِيمَةِ وَغَيْرِهِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي صِفَةِ كِتَابِ وَقْفِ عُمَرَ مِنْ عِنْدِ أَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ وَذَكَرَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ قِصَّةَ عُمَرَ هَذِهِ كَانَتْ فِي سَنَةِ سَبْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ .

     قَوْلُهُ  أَنْفَسَ مِنْهُ أَيْ أَجْوَدَ وَالنَّفِيسُ الْجَيِّدُ الْمُغْتَبَطُ بِهِ يُقَالُ نَفُسَ بِفَتْحِ النُّونِ وَضَمِّ الْفَاءِ نَفَاسَةً.

     وَقَالَ  الدَّاوُدِيُّ سُمِّيَ نَفِيسًا لِأَنَّهُ يَأْخُذُ بِالنَّفْسِ وَفِي رِوَايَةِ صَخْرِ بن جوَيْرِية أَنِّي اسْتَفَدْت مَا لَا وَهُوَ عِنْدِي نَفِيسٌ فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي مُرْسَلِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ أَنَّهُ رَأَى فِي الْمَنَامِ الْأَمْرَ بِذَلِكَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِلدَّارَقُطْنِيِّ إِسْنَادُهَا ضَعِيفٌ أَنَّ عُمَرَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِمَالِي وَلَمْ يَثْبُتْ هَذَا وَإِنَّمَا كَانَ صَدَقَةَ تَطَوُّعٍ كَمَا سَأُوَضِّحُهُ مِنْ حِكَايَةِ لَفْظِ كِتَابِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  فَكَيْفَ تَأْمُرُنِي بِهِ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ عُمَرَ اسْتَشَارَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَنْ يَتَصَدَّقَ .

     قَوْلُهُ  إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بهَاأَيْ بِمَنْفَعَتِهَا وَبَيَّنَ ذَلِكَ مَا فِي رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ احْبِسْ أَصْلَهَا وَسَبِّلْ ثَمَرَتَهَا وَفِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ تَصَدَّقْ بِثَمَرِهِ وَحَبِّسْ أَصْلَهُ .

     قَوْلُهُ  فَتَصَدَّقَ عُمَرُ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ أَصْلُهَا وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ زَادَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَلَا تبْتَاع زَادَ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ حَبِيسٌ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ كَذَا لِأَكْثَرِ الرُّوَاةِ عَنْ نَافِعٍ وَلَمْ يخْتَلف فِيهِ عَن بن عَوْنٍ إِلَّا مَا وَقَعَ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ مِنْ طَرِيق سعيد بن سُفْيَان الجحدري عَن بن عَوْنٍ فَذَكَرَهُ بِلَفْظِ صَخْرِ بْنِ جُوَيْرِيَةَ الْآتِي وَالْجَحْدَرِيُّ إِنَّمَا رَوَاهُ عَنْ صَخْرٍ لَا عَنِ بن عَوْنٍ قَالَ السُّبْكِيُّ اغْتَبَطْتُ بِمَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ نَافِعٍ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ تَصَدَّقْ بِثَمَرِهِ وَحَبِّسْ أَصْلَهُ لَا يُبَاعُ وَلَا يُورَثُ وَهَذَا ظَاهِرُهُ أَنَّ الشَّرْطَ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الرِّوَايَاتِ فَإِنَّ الشَّرْطَ فِيهَا ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ عُمَرَ.

.

قُلْتُ قَدْ تَقَدَّمَ قَبْلَ خَمْسَةِ أَبْوَابٍ مِنْ طَرِيقِ صَخْرِ بْنِ جُوَيْرِيَةَ عَنْ نَافِعٍ بِلَفْظِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَصَدَّقْ بِأَصْلِهِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ وَلَكِنْ يُنْفَقُ ثَمَرُهُ وَهِيَ أَتَمُّ الرِّوَايَاتِ وَأَصْرَحُهَا فِي الْمَقْصُودِ فَعَزْوُهَا إِلَى الْبُخَارِيِّ أَوْلَى وَقَدْ عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْمُزَارَعَةِ بِلَفْظِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ تَصَدَّقْ بِأَصْلِهِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَكِنْ لِيُنْفَقْ ثَمَرُهُ فَتَصَدَّقَ بِهِ وَحَكَيْتُ هُنَاكَ أَنَّ الدَّاوُدِيَّ الشَّارِحَ أَنْكَرَ هَذَا اللَّفْظَ وَلَمْ يَظْهَرْ لِي إِذْ ذَاكَ سَبَبُ إِنْكَارِهِ ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّهُ بِسَبَبِ التَّصْرِيحِ بِرَفْعِ الشَّرْطِ إِلَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّهُ وَلَوْ كَانَ الشَّرْطُ مِنْ قَوْلِ عُمَرَ فَمَا فَعَلَهُ إِلَّا لِمَا فَهِمَهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ قَالَ لَهُ احْبِسْ أَصْلَهَا وَسَبِّلْ ثَمَرَتَهَا وَقَولُهُ تَصَدَّقْ صِيغَةُ أَمْرٍ وَقَولُهُ فَتَصَدَّقَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ الْمَاضِي .

     قَوْلُهُ  فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَفِي الرِّقَابِ وَالْمَسَاكِينِ وَالضَّيْفِ وبن السَّبِيل جَمِيعُ هَؤُلَاءِ الْأَصْنَافِ إِلَّا الضَّيْفَ هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي آيَةِ الزَّكَاةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُمْ فِي كتاب الزَّكَاة وَقَوله وَلِذِي الْقُرْبَى يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي مَنْ ذُكِرَ فِي الْخَمْسِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُمْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِمْ قُرْبَى الْوَاقِفِ وَبِهَذَا الثَّانِي جَزَمَ الْقُرْطُبِيُّ وَالضَّيْفُ مَعْرُوفٌ وَهُوَ مَنْ نَزَلَ بِقَوْمٍ يُرِيدُ الْقِرَى وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهِ فِي الْهِبَةِ .

     قَوْلُهُ  أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِيهِ قَبْلَ أَبْوَابٍ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ جَرَتِ الْعَادَةُ بِأَنَّ الْعَامِلَ يَأْكُلُ مِنْ ثَمَرَةِ الْوَقْفِ حَتَّى لَوِ اشْتَرَطَ الْوَاقِفُ أَنَّ الْعَامِلَ لَا يَأْكُلُ مِنْهُ يُسْتَقْبَحُ ذَلِكَ مِنْهُ وَالْمُرَادُ بِالْمَعْرُوفِ الْقَدْرُ الَّذِي جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ وَقِيلَ الْقَدْرُ الَّذِي يَدْفَعُ بِهِ الشَّهْوَةَ وَقِيلَ الْمُرَادُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ بِقَدْرِ عَمَلِهِ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى .

     قَوْلُهُ  أَوْ يُطْعِمَ فِي رِوَايَةِ صَخْرٍ أَوْ يُؤْكِلَ بِإِسْكَانِ الْوَاوِ وَهِيَ بِمَعْنَى يُطْعِمُ .

     قَوْلُهُ  غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهِ وَفِي رِوَايَةِ الْأَنْصَارِيِّ الْمَاضِيَةِ فِي آخِرِ الشُّرُوطِ غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ بِهِ وَالْمَعْنَى غَيْرُ متخذ مِنْهَا مَا لَا أَيْ مِلْكًا وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَتَمَلَّكُ شَيْئًا من رقابها ومالا مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ وَزَادَ الْأَنْصَارِيُّ وَسُلَيْمٌ قَالَ فَحدثت بِهِ بن سِيرِين فَقَالَ غير متأثل مَا لَا وَالْقَائِل فَحدثت بِهِ هُوَ بن عَوْنٍ رَاوِيهِ عَنْ نَافِعٍ بَيَّنَ ذَلِكَ الدَّارَقُطْنِيُّ من طَرِيق أبي أُسَامَة عَن بن عَوْنٍ قَالَ ذَكَرْتُ حَدِيثَ نَافِعٍ لِابْنِ سِيرِينَ فَذكره زَاد سليم قَالَ بن عَوْنٍ وَأَنْبَأَنِي مَنْ قَرَأَ هَذَا الْكِتَابَ أَنَّ فِيهِ غير متأثل مَا لَا وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ من طَرِيق بن علية عَن بن عَوْنٍ حَدَّثَنِي رَجُلٌ أَنَّهُ قَرَأَهَا فِي قِطْعَةِ أَدِيم أَحْمَر قَالَ بن علية وَأَنا قرأتها عِنْد بن عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ كَذَلِكَ وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ صِفَةَ كِتَابِ وَقْفِ عُمَرَ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ نَسَخَهَا لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَذَكَرَهُ وَفِيهِ غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ وَالْمُتَأَثِّلُ بِمُثَنَّاةٍ ثُمَّ مُثَلَّثَةٍ مُشَدَّدَةٍ بَيْنَهُمَا هَمْزَةٌ هُوَ الْمُتَّخِذُ وَالتَّأَثُّلُ اتِّخَاذُ أَصْلِالْمَالِ حَتَّى كَأَنَّهُ عِنْدَهُ قَدِيمٌ وَأَثَلَةُ كُلِّ شَيْءٍ أَصْلُهُ قَالَ الشَّاعِرُ وَقَدْ يُدْرِكُ الْمَجْدَ الْمُؤَثَّلَ أَمْثَالِي وَاشْتِرَاطُ نَفْيِ التَّأَثُّلِ يُقَوِّي مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَنْ قَالَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ يَأْكُلُ بِالْمَعْرُوفِ حَقِيقَةُ الْأَكْلِ لَا الْأَخْذِ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ بِقَدْرِ الْعِمَالَةِ قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ وَزَادَ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ حَمَّادٌ وَزَعَمَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُهْدِي إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ مِنْ صَدَقَةِ عُمَرَ وَكَذَا رَوَاهُ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عُمَرَ وَزَادَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ عَنْ يَزِيدَ بن هَارُون عَن بن عَوْنٍ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَأَوْصَى بِهَا عُمَرُ إِلَى حَفْصَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ ثُمَّ إِلَى الْأَكَابِرِ مِنْ آلِ عُمَرَ وَنَحْوُهُ فِي رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ وَفِي رِوَايَةِ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عِنْدَ أَحْمَدَ يَلِيهِ ذَوُو الرَّأْيِ مِنْ آلِ عُمَرَ فَكَأَنَّهُ كَانَ أَوَّلًا شَرَطَ أَنَّ النَّظَرَ فِيهِ لِذَوِي الرَّأْيِ مِنْ أَهْلِهِ ثُمَّ عَيَّنَ عِنْدَ وَصِيَّتِهِ لِحَفْصَةَ وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ عَنْ أَبِي غَسَّانَ الْمَدَنِيِّ قَالَ هَذِهِ نُسْخَةُ صَدَقَةِ عُمَرَ أَخَذْتُهَا مِنْ كِتَابِهِ الَّذِي عِنْدَ آلِ عُمَرَ فَنَسَخْتُهَا حَرْفًا حَرْفًا هَذَا مَا كَتَبَ عَبْدُ اللَّهِ عُمَرُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي ثَمْغٍ أَنَّهُ إِلَى حَفْصَةَ مَا عَاشَتْ تُنْفِقُ ثَمَرَهُ حَيْثُ أَرَاهَا اللَّهُ فَإِنْ تُوُفِّيَتْ فَإِلَى ذَوِي الرَّأْيِ مِنْ أَهْلِهَا.

.

قُلْتُ فَذَكَرَ الشَّرْطَ كُلَّهُ نَحْوَ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ ثُمَّ قَالَ وَالْمِائَةُ وَسْقٍ الَّذِي أَطْعَمَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهَا مَعَ ثَمْغٍ عَلَى سَنَنِهِ الَّذِي أَمَرْتُ بِهِ وَإِنْ شَاءَ وَلِيُّ ثَمْغٍ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ ثَمَرِهِ رَقِيقًا يَعْمَلُونَ فِيهِ فَعَلَ وَكَتَبَ مُعَيْقِيبٌ وَشَهِدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْأَرْقَمِ وَكَذَا أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ فِي رِوَايَتِهِ نَحْوَ هَذَا وَذَكَرَا جَمِيعًا كِتَابًا آخَرَ نَحْوَ هَذَا الْكِتَابِ وَفِيهِ مِنَ الزِّيَادَةِ وَصِرْمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ وَالْعَبْدُ الَّذِي فِيهِ صَدَقَةٌ كَذَلِكَ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ عُمَرَ إِنَّمَا كَتَبَ كِتَابَ وَقْفِهِ فِي خِلَافَتِهِ لِأَنَّ مُعَيْقِيبًا كَانَ كَاتِبَهُ فِي زَمَنِ خِلَافَتِهِ وَقَدْ وَصَفَهُ فِيهِ بِأَنَّهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ وَقَفَهُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّفْظِ وَتَوَلَّى هُوَ النَّظَرَ عَلَيْهِ إِلَى أَنْ حَضَرَتْهُ الْوَصِيَّةُ فَكَتَبَ حِينَئِذٍ الْكِتَابَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَخَّرَ وَقْفِيَّتَهُ وَلَمْ يَقَعْ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ إِلَّا اسْتِشَارَتُهُ فِي كَيْفِيَّتِهِ وَقَدْ رَوَى الطَّحَاوِيُّ وبن عبد الْبر من طَرِيق مَالك عَن بن شِهَابٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ لَوْلَا أَنِّي ذَكَرْتُ صَدَقَتِي لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَرَدَدْتُهَا فَهَذَا يُشْعِرُ بِالِاحْتِمَالِ الثَّانِي وَأَنَّهُ لَمْ يُنَجِّزِ الْوَقْفَ إِلَّا عِنْدَ وَصِيَّتِهِ وَاسْتَدَلَّ الطَّحَاوِيُّ بِقَوْلِ عُمَرَ هَذَا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ فِي أَنَّ إِيقَافَ الْأَرْضِ لَا يَمْنَعُ مِنَ الرُّجُوعِ فِيهَا وَأَنَّ الَّذِي مَنَعَ عُمَرَ مِنَ الرُّجُوعِ كَوْنَهُ ذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَرِهَ أَنْ يُفَارِقَهُ عَلَى أَمْرٍ ثُمَّ يُخَالِفَهُ إِلَى غَيْرِهِ وَلَا حُجَّةَ فِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ وَجْهَيْن أَحدهمَا أَنه مُنْقَطع لِأَن بن شِهَابٍ لَمْ يُدْرِكْ عُمَرَ ثَانِيهِمَا أَنَّهُ يَحْتَمِلُ مَا قَدَّمْتُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عُمَرُ كَانَ يَرَى بِصِحَّةِ الْوَقْفِ وَلُزُومِهِ إِلَّا إِنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ الرُّجُوعَ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ وَقَدْ رَوَى الطَّحَاوِيُّ عَنْ عَلِيٍّ مِثْلَ ذَلِكَ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِمَنْ قَالَ بِأَنَّ الْوَقْفَ غَيْرُ لَازِمٍ مَعَ إِمْكَانِ هَذَا الِاحْتِمَالِ وَإِنْ ثَبَتَ هَذَا الِاحْتِمَالُ كَانَ حُجَّةً لِمَنْ قَالَ بِصِحَّةِ تَعْلِيقِ الْوَقْف وَهُوَ عِنْد الْمَالِكِيَّة وَبِه قَالَ بن سُرَيْجٍ.

     وَقَالَ  تَعُودُ مَنَافِعُهُ بَعْدَ الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ إِلَيْهِ ثُمَّ إِلَى وَرَثَتِهِ فَلَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ مَآلًا صَحَّ اتِّفَاقًا كَمَا لَوْ قَالَ وَقَفْتُهُ عَلَى زَيْدٍ سَنَةً ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَحَدِيثُ عُمَرَ هَذَا أَصْلٌ فِي مَشْرُوعِيَّةِ الْوَقْفِ قَالَ أَحْمد حَدثنَا حَمَّاد هُوَ بن خَالِدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ هُوَ الْعُمَرِيُّ عَنْ نَافِع عَن بن عُمَرَ قَالَ أَوَّلُ صَدَقَةٍ أَيْ مَوْقُوفَةٍ كَانَتْ فِي الْإِسْلَامِ صَدَقَةُ عُمَرَ وَرَوَى عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ قَالَ سَأَلْنَا عَنْ أَوَّلِ حَبْسٍ فِي الْإِسْلَامِ فَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ صَدَقَةُ عُمَرَ.

     وَقَالَ  الْأَنْصَارُ صَدَقَةُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي إِسْنَادِهِ الْوَاقِدِيُّ وَفِي مَغَازِي الْوَاقِدِيِّ أَنَّ أَوَّلَ صَدَقَةٍ مَوْقُوفَةٍ كَانَتْ فِي الْإِسْلَامِ أَرَاضِي مُخَيْرِيقٍ بِالْمُعْجَمَةِ مُصَغَّرٌ الَّتِي أَوْصَى بِهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَقَفَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ التِّرْمِذِيُّ لَا نَعْلَمُ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَالْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ خِلَافًا فِي جَوَازِ وَقْفِ الْأَرَضِينَ وَجَاءَ عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ أَنْكَرَ الْحَبْسَ وَمِنْهُمْ مَنْ تَأَوَّلَهُ.

     وَقَالَ  أَبُو حنيفَةلَا يَلْزَمُ وَخَالَفَهُ جَمِيعُ أَصْحَابِهِ إِلَّا زُفَرَ بْنَ الْهُذَيْلِ فَحَكَى الطَّحَاوِيُّ عَنْ عِيسَى بْنِ أَبَانَ قَالَ كَانَ أَبُو يُوسُفَ يُجِيزُ بَيْعَ الْوَقْفِ فَبَلَغَهُ حَدِيثُ عُمَرَ هَذَا فَقَالَ مَنْ سمع هَذَا من بن عون فحدثه بِهِ بن عُلَيَّةَ فَقَالَ هَذَا لَا يَسَعُ أَحَدًا خِلَافُهُ وَلَوْ بَلَغَ أَبَا حَنِيفَةَ لَقَالَ بِهِ فَرَجَعَ عَنْ بَيْعِ الْوَقْفِ حَتَّى صَارَ كَأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَحَدٍ اه وَمَعَ حِكَايَةِ الطَّحَاوِيِّ هَذَا فَقَدِ انْتَصَرَ كَعَادَتِهِ فَقَالَ .

     قَوْلُهُ  فِي قِصَّةِ عُمَرَ حَبِّسِ الْأَصْلَ وَسَبِّلِ الثَّمَرَةَ لَا يَسْتَلْزِمُ التَّأْبِيدَ بَلْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ مُدَّةَ اخْتِيَارِهِ لِذَلِكَ اه وَلَا يَخْفَى ضَعْفُ هَذَا التَّأْوِيلِ وَلَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَقَفْتُ وَحَبَسْتُ إِلَّا التَّأْبِيدُ حَتَّى يُصَرِّحَ بِالشَّرْطِ عِنْدَ مَنْ يَذْهَبُ إِلَيْهِ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي فِيهَا حَبِيسٌ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ رَدُّ الْوَقْفِ مُخَالِفٌ لِلْإِجْمَاعِ فَلَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ وَأَحْسَنُ مَا يُعْتَذَرُ بِهِ عَمَّن رده مَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ فَإِنَّهُ أَعْلَمُ بِأَبِي حَنِيفَةَ مِنْ غَيْرِهِ وَأَشَارَ الشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّ الْوَقْفَ مِنْ خَصَائِصِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ أَيْ وَقْفَ الْأَرَاضِي وَالْعَقَارِ قَالَ وَلَا نَعْرِفُ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَحَقِيقَةُ الْوَقْفِ شَرْعًا وُرُودُ صِيغَةٍ تَقْطَعُ تَصَرُّفَ الْوَاقِفِ فِي رَقَبَةِ الْمَوْقُوفِ الَّذِي يَدُومُ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَتُثْبِتُ صَرْفَ مَنْفَعَتِهِ فِي جِهَةِ خَيْرٍ وَفِي حَدِيثِ الْبَابِ مِنَ الْفَوَائِدِ جَوَازُ ذِكْرِ الْوَلَدِ أَبَاهُ بِاسْمِهِ الْمُجَرَّدِ مِنْ غَيْرِ كُنْيَةٍ وَلَا لَقَبٍ وَفِيهِ جَوَازُ إِسْنَادِ الْوَصِيَّةِ وَالنَّظَرِ عَلَى الْوَقْفِ لِلْمَرْأَةِ وَتَقْدِيمِهَا عَلَى مَنْ هُوَ مِنْ أَقْرَانِهَا مِنَ الرِّجَالِ وَفِيهِ إِسْنَادُ النَّظَرِ إِلَى مَنْ لَمْ يُسَمَّ إِذَا وُصِفَ بِصِفَةٍ مُعَيَّنَةٍ تُمَيِّزُهُ وَأَنَّ الْوَاقِفَ يَلِي النَّظَرَ عَلَى وَقْفِهِ إِذَا لَمْ يُسْنِدْهُ لِغَيْرِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ لَمْ يَزَلِ الْعَدَدُ الْكَثِيرُ مِنَ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ يَلُونَ أَوْقَافَهُمْ نَقَلَ ذَلِكَ الْأُلُوفُ عَنِ الْأُلُوفِ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَفِيهِ اسْتِشَارَةُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ وَالْفَضْلِ فِي طُرُقِ الْخَيْرِ سَوَاءٌ كَانَتْ دِينِيَّةً أَوْ دُنْيَوِيَّةً وَأَنَّ الْمُشِيرَ يُشِيرُ بِأَحْسَنَ مَا يَظْهَرُ لَهُ فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ وَفِيهِ فَضِيلَةٌ ظَاهِرَةٌ لِعُمَرَ لِرَغْبَتِهِ فِي امْتِثَالِ قَوْلِهِ تَعَالَى لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَفِيهِ فَضْلُ الصَّدَقَةِ الْجَارِيَةِ وَصِحَّةُ شُرُوطِ الْوَاقِفِ وَاتِّبَاعُهُ فِيهَا وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْمَصْرِفِ لَفْظًا وَفِيهِ أَنَّ الْوَقْفَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِيمَا لَهُ أَصْلٌ يَدُومُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فَلَا يَصِحُّ وَقْفُ مَا لَا يَدُومُ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَالطَّعَامِ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي الْوَقْفِ لَفْظُ الصَّدَقَةِ سَوَاءٌ قَالَ تَصَدَّقْتُ بِكَذَا أَوْ جَعَلْتُهُ صَدَقَةً حَتَّى يُضِيفَ إِلَيْهَا شَيْئًا آخَرَ لِتَرَدُّدِ الصَّدَقَةِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ تَمْلِيكَ الرَّقَبَةِ أَوْ وَقَفَ الْمَنْفَعَةِ فَإِذَا أَضَافَ إِلَيْهَا مَا يُمَيِّزُ أَحَدَ الْمُحْتَمَلَيْنِ صَحَّ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ وَقَفْتُ أَوْ حَبَسْتُ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ عَلَى الرَّاجِحِ وَقِيلَ الصَّرِيحُ الْوَقْفُ خَاصَّةً وَفِيهِ نَظَرٌ لِثُبُوتِ التَّحْبِيسِ فِي قِصَّةِ عُمَرَ هَذِهِ نَعَمْ لَوْ قَالَ تَصَدَّقْتُ بِكَذَا عَلَى كَذَا وَذَكَرَ جِهَةً عَامَّةً صَحَّ وَتَمَسَّكَ مَنْ أجَاز الِاكْتِفَاء بقوله تَصَدَّقت بِكَذَا بِمَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ مِنْ قَوْلِهِ فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ وَلَا حُجَّةَ فِي ذَلِكَ لِمَا قَدَّمْتُهُ مِنْ أَنَّهُ أَضَافَ إِلَيْهَا لَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ وَيَحْتَمِلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ .

     قَوْلُهُ  فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ رَاجِعًا إِلَى الثَّمَرَةِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ فَتَصَدَّقَ بِثَمَرَتِهَا فَلَيْسَ فِيهِ مُتَعَلَّقٌ لِمَنْ أَثْبَتَ الْوَقْفَ بِلَفْظِ الصَّدَقَةِ مُجَرَّدًا وَبِهَذَا الِاحْتِمَالِ الثَّانِي جَزَمَ الْقُرْطُبِيُّ وَفِيهِ جَوَازُ الْوَقْفِ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ لِأَنَّ ذَوِي الْقُرْبَى وَالضَّيْفَ لَمْ يُقَيَّدْ بِالْحَاجَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَفِيهِ أَنَّ لِلْوَاقِفِ أَنْ يَشْتَرِطَ لِنَفْسِهِ جُزْءًا مِنْ رِيعِ الْمَوْقُوفِ لِأَنَّ عُمَرَ شَرَطَ لِمَنْ وَلِيَ وَقْفَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ وَلَمْ يَسْتَثْنِ إِنْ كَانَ هُوَ النَّاظِرَ أَوْ غَيْرُهُ فَدَلَّ عَنْ صِحَّةِ الشَّرْطِ وَإِذَا جَازَ فِي الْمُبْهَمِ الَّذِي تُعَيِّنُهُ الْعَادَةُ كَانَ فِيمَا يُعَيِّنُهُ هُوَ أَجْوَزَ وَيُسْتَنْبَطُ مِنْهُ صِحَّةُ الْوَقْفِ على النَّفس وَهُوَ قَول بن أَبِي لَيْلَى وَأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَدَ فِي الْأَرْجَحِ عَنهُ.

     وَقَالَ  بِهِ من الْمَالِكِيَّة بن شَعْبَانَ وَجُمْهُورُهُمْ عَلَى الْمَنْعِ إِلَّا إِذَا اسْتَثْنَى لِنَفْسِهِ شَيْئًا يَسِيرًا بِحَيْثُ لَا يُتَّهَمُ أَنَّهُ قصد حرمَان ورثته وَمن الشَّافِعِيَّة بن سُرَيْجٍ وَطَائِفَةٌ وَصَنَّفَ فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ شَيْخُ الْبُخَارِيِّجُزْءًا ضَخْمًا وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِقِصَّةِ عُمَرَ هَذِهِ وَبِقِصَّةِ رَاكِبِ الْبَدَنَةِ وَبِحَدِيثِ أَنَسٍ فِي أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْتَقَ صَفِيَّةَ وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ أَنَّهُ أَخْرَجَهَا عَنْ مِلْكِهِ بِالْعِتْقِ وَرَدَّهَا إِلَيْهِ بِالشَّرْطِ وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ فِي النِّكَاحِ وَبِقِصَّةِ عُثْمَانَ الْآتِيَةِ بَعْدَ أَبْوَابٍ وَاحْتَجَّ الْمَانِعُونَ بِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ سَبِّلِ الثَّمَرَةَ وَتَسْبِيلُ الثَّمَرَةِ تَمْلِيكُهَا لِلْغَيْرِ وَالْإِنْسَانُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ تَمْلِيكِ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ امْتِنَاعَ ذَلِكَ غَيْرُ مُسْتَحِيلٍ وَمَنْعُهُ تَمْلِيكَهُ لِنَفْسِهِ إِنَّمَا هُوَ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ وَالْفَائِدَةُ فِي الْوَقْفِ حَاصِلَةٌ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ إِيَّاهُ مِلْكًا غَيْرُ اسْتِحْقَاقِهِ إِيَّاهُ وَقْفًا وَلَا سِيَّمَا إِذَا ذكر لَهُ مَا لَا آخَرَ فَإِنَّهُ حُكْمٌ آخَرُ يُسْتَفَادُ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْفِ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِأَنَّ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ الْبَابِ أَنَّ عُمَرَ اشْتَرَطَ لِنَاظِرِ وَقْفِهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ بِقَدْرِ عِمَالَتِهِ وَلِذَلِكَ مَنَعَهُ أَن يتَّخذ لنَفسِهِ مِنْهُ مَا لَا فَلَوْ كَانَ يُؤْخَذُ مِنْهُ صِحَّةُ الْوَقْفِ عَلَى النَّفْسِ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ الِاتِّخَاذِ وَكَأَنَّهُ اشْتَرَطَ لِنَفْسِهِ أَمْرًا لَوْ سَكَتَ عَنْهُ لَكَانَ يَسْتَحِقُّهُ لِقِيَامِهِ وَهَذَا عَلَى أَرْجَحِ قَوْلَيِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْوَاقِفَ إِذَا لَمْ يَشْتَرِطْ لِلنَّاظِرِ قَدْرَ عَمَلِهِ جَازَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِقَدْرِ عَمَلِهِ وَلَوِ اشْتَرَطَ الْوَاقِفُ لِنَفْسِهِ النَّظَرَ وَاشْتَرَطَ أُجْرَةً فَفِي صِحَّةِ هَذَا الشَّرْطِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ خِلَافٌ كَالْهَاشِمِيِّ إِذَا عَمِلَ فِي الزَّكَاةِ هَلْ يَأْخُذُ مِنْ سَهْمِ الْعَامِلِينَ وَالرَّاجِحُ الْجَوَازُ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ عُثْمَانَ الْآتِي بَعْدُ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ الْوَقْفِ عَلَى الْوَارِثِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ فَإِنْ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ رُدَّ وَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ لَزِمَ وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ لِأَنَّ عُمَرَ جَعَلَ النَّظَرَ بَعْدَهُ لِحَفْصَةَ وَهِيَ مِمَّنْ يَرِثُهُ وَجَعَلَ لِمَنْ وَلِيَ وَقْفَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ وَقْفَ عُمَرَ صَدَرَ مِنْهُ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي أَوْصَى بِهِ إِنَّمَا هُوَ شَرْطُ النَّظَرِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْوَاقِفَ إِذَا شَرَطَ لِلنَّاظِرِ شَيْئًا أَخَذَهُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ لَهُ لَمْ يَجُزْ إِلَّا إِنْ دَخَلَ فِي صِفَةِ أَهْلِ الْوَقْفِ كَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فَإِنْ كَانَ عَلَى مُعَيَّنِينَ وَرَضُوا بِذَلِكَ جَازَ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ تَعْلِيقَ الْوَقْفِ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ قَوْلَهُ حَبِّسِ الأَصْل يُنَاقض تأقيته وَعَن مَالك وبن سُرَيْجٍ يَصِحُّ وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ لَا تُبَاعُ عَلَى أَنَّ الْوَقْفَ لَا يُنَاقَلُ بِهِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ شَرْطَ الْوَاقِفِ أَنَّهُ إِذَا تَعَطَّلَتْ مَنَافِعُهُ بِيعَ وَصُرِفَ ثَمَنُهُ فِي غَيْرِهِ وَيُوقَفُ فِي مَا سُمِّيَ فِي الْأَوَّلِ وَكَذَا إِنْ شَرَطَ الْبَيْعَ إِذَا رَأَى الْحَظَّ فِي نَقْلِهِ إِلَى مَوْضِعٍ آخَرَ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى وَقْفِ الْمُشَاعِ لِأَنَّ الْمِائَةَ سَهْمٍ الَّتِي كَانَتْ لِعُمَرَ بِخَيْبَرَ لَمْ تَكُنْ مُنْقَسِمَةً وَفِيهِ أَنَّهُ لَا سِرَايَةَ فِي الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّ الْوَقْفَ سَرَى مِنْ حِصَّةِ عُمَرَ إِلَى غَيْرِهَا مِنْ بَاقِي الْأَرْضِ وَحَكَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَنْ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ حَكَمَ فِيهِ بِالسِّرَايَةِ وَهُوَ شَاذٌّ مُنْكَرٌ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ خَيْبَرَ فُتِحَتْ عَنْوَةً وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ فِي كِتَابِ الْمَغَازِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ( قَولُهُ بَابُ وَقْفِ الْأَرْضِ لِلْمَسْجِدِ) لَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ فِي مَشْرُوعِيَّةِ ذَلِكَ لَا مَنْ أَنْكَرَ الْوَقْفَ وَلَا مَنْ نَفَاهُ إِلَّا أَنَّ فِي الْجُزْء الْمشَاع احْتِمَالا لبَعض الشَّافِعِيَّة قَالَ بن الرّفْعَة يظْهر أَن وقف الْمُشَاعَ فِيمَا لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ لَا يَصحوَجزم بن الصَّلَاحِ بِالصِّحَّةِ حَتَّى يَحْرُمَ عَلَى الْجُنُبِ الْمُكْثُ فِيهِ وَنُوزِعَ فِي ذَلِكَ قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ لَعَلَّ الْبُخَارِيَّ أَرَادَ الرَّدَّ عَلَى مَنْ خَصَّ جَوَازَ الْوَقْفِ بِالْمَسْجِدِ وَكَأَنَّهُ قَالَ قَدْ نفذ وقف الأَرْض الْمَذْكُورَة قبل أَنْ تَكُونَ مَسْجِدًا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ صِحَّةَ الْوَقْفِ لَا تَخْتَصُّ بِالْمَسْجِدِ وَوَجْهُ أَخْذِهِ مِنْ حَدِيثِ الْبَابِ أَنَّ الَّذِينَ قَالُوا لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهَا إِلَّا إِلَى اللَّهِ كَأَنَّهُمْ تَصَدَّقُوا بِالْأَرْضِ الْمَذْكُورَةِ فَتَمَّ انْعِقَادُ الْوَقْفِ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ وَقَفَ أَرْضًا عَلَى أَنْ يَبْنِيَهَا مَسْجِدًا انْعَقَدَ الْوَقْفُ قَبْلَ الْبِنَاءِ.

.

قُلْتُ وَلَا يَخْفَى تَكَلُّفُهُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ الْوَقْفِ كَيْفَ يُكْتَبُ)
ذَكَرَ فِيهِ حَدِيث بن عُمَرَ فِي قِصَّةِ وَقْفِ عُمَرَ وَقَدْ تَرْجَمَ لَهُ فِي آخِرِ الشُّرُوطِ فِي الْوَقْفِ وَتَرْجَمَ لَهُ بَعْدَ هَذَا الْوَقْفُ عَلَى الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ وَبَعْدَ بَابَيْنِ نَفَقَةُ قَيِّمِ الْوَقْفِ وَمِنْ قَبْلُ بِأَبْوَابٍ مَا لِلْوَصِيِّ أَنْ يَعْمَلَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ هَذَا جَمِيعُ الْمَوَاضِعِ الَّتِي أَوْرَدَهُ فِيهَا مَوْصُولًا طَوَّلَهُ فِي بَعْضِهَا وَاسْتَدَلَّ مِنْهُ بِأَطْرَافٍ تَعْلِيقًا فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا فِي الْمُزَارَعَةِ وَفِي بَابِ هَلْ يَنْتَفِعُ الْوَاقِفُ بِوَقْفِهِ وَفِي بَابِ إِذَا وَقَفَ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى غَيْرِهِ

[ قــ :2646 ... غــ :2772] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ كَذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ مُسَدَّدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ وَبِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ وَيَحْيَى الْقَطَّانِ ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ عبد الله بن عون وَقد زعم بن عبد الْبر أَن بن عَوْنٍ تَفَرَّدَ بِهِ عَنْ نَافِعٍ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ فَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ رِوَايَةِ صَخْرِ بْنِ جُوَيْرِيَةَ عَنْ نَافِعٍ كَمَا تَقَدَّمَ قَبْلَ أَبْوَابٍ وَأَخْرَجَهُ مُخْتَصَرًا وَأَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيُّ مُطَوَّلًا مِنْ رِوَايَةِ أَيُّوبَ وَأَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْأَكْبَرِ الْمُصَغَّرِ وَأَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْأَصْغَرِ الْمُكَبَّرِ كُلُّهُمْ عَنْ نَافِعٍ وَسَأَذْكُرُ مَا فِي رِوَايَتِهِمْ مِنَ الْفَوَائِدِ مُفَصَّلًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  عَنْ نَافِعٍ فِي رِوَايَةِ الْأَنْصَارِيِّ عَن بن عون الْمَاضِيَة فِي آخر الشُّرُوط عَن بن عَوْنٍ أَنْبَأَنِي نَافِعٌ وَالْإِنْبَاءُ بِمَعْنَى الْإِخْبَارِ عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ جَزْمًا وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ مِنْ وَجه آخر عَن بن عَوْنٍ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ وَالْأَنْصَارِيُّ الْمَذْكُورُ أَحَدُ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ أَخْرَجَ عَنْهُ عِدَّةَ أَحَادِيثَ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ مِنْهَا حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ فِي أَنْصِبَةِ الزَّكَاةِ وَأَخْرَجَ عَنْهُ فِي مَوَاضِعَ بِوَاسِطَةٍ وَكَانَ الْأَنْصَارِيُّ الْمَذْكُورُ قَاضِيَ الْبَصْرَةِ وَقَدْ تَمَذْهَبَ لِلْكُوفِيِّينَ فِي الْأَوْقَافِ وَصَنَّفَ فِي الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ جُزْءا مُفردا قَوْله عَن بن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ أَصَابَ عُمَرُ كَذَا لِأَكْثَرِ الرُّوَاةِ عَنْ نَافِعٍ ثُمَّ عَنِ بن عون جَعَلُوهُ فِي مُسْند بن عُمَرَ لَكِنْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بن عمر كِلَاهُمَا عَن نَافِع عَن بن عُمَرَ عَنْ عُمَرَ جَعَلَهُ مِنْ مُسْنَدِ عُمَرَ وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ .

     قَوْلُهُ  بِخَيْبَرَ أَرْضًا تَقَدَّمَ فِي رِوَايَةِ صَخْرِ بْنِ جُوَيْرِيَةَ أَنَّ اسْمَهَا ثَمْغٌ وَكَذَا لِأَحْمَدَ مِنْ رِوَايَةِ أَيُّوبَ أَنَّ عُمَرَ أَصَابَ أَرْضًا مِنْ يَهُودِ بَنِي حَارِثَةَ يُقَالُ لَهَا ثَمْغٌ وَنَحْوُهُ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ سَالِمٍ الْمَذْكُورَةِ وَكَذَا لِلدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ طَرِيقِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَلِلطَّحَاوِيِّ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَرَوَى عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَنَّ عُمَرَ رَأَى فِي الْمَنَامِ ثَلَاثَ لَيَالٍ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِثَمْغٍ وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ جَاءَ عُمَرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أصبت مَا لَا لم أصب مَا لَا مِثْلَهُ قَطُّ كَانَ لِي مِائَةُ رَأْسٍ فَاشْتَرَيْتُ بِهَا مِائَةَ سَهْمٍ مِنْ خَيْبَرَ مِنْ أَهْلِهَا فَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ ثَمْغٌ مِنْ جُمْلَةِ أَرَاضِي خَيْبَرَ وَأَنَّ مِقْدَارَهَا كَانَ مِقْدَارَ مِائَةِ سَهْمٍ مِنَ السِّهَامِ الَّتِي قَسَمَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ مَنْ شَهِدَ خَيْبَرَ وَهَذِهِ الْمِائَةُ السَّهْمُ غَيْرُ الْمِائَةِ السَّهْمِ الَّتِي كَانَتْ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِخَيْبَرَ الَّتِي حَصَّلَهَا مِنْ جُزْئِهِ مِنَ الْغَنِيمَةِ وَغَيْرِهِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي صِفَةِ كِتَابِ وَقْفِ عُمَرَ مِنْ عِنْدِ أَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ وَذَكَرَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ قِصَّةَ عُمَرَ هَذِهِ كَانَتْ فِي سَنَةِ سَبْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ .

     قَوْلُهُ  أَنْفَسَ مِنْهُ أَيْ أَجْوَدَ وَالنَّفِيسُ الْجَيِّدُ الْمُغْتَبَطُ بِهِ يُقَالُ نَفُسَ بِفَتْحِ النُّونِ وَضَمِّ الْفَاءِ نَفَاسَةً.

     وَقَالَ  الدَّاوُدِيُّ سُمِّيَ نَفِيسًا لِأَنَّهُ يَأْخُذُ بِالنَّفْسِ وَفِي رِوَايَةِ صَخْرِ بن جوَيْرِية أَنِّي اسْتَفَدْت مَا لَا وَهُوَ عِنْدِي نَفِيسٌ فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي مُرْسَلِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ أَنَّهُ رَأَى فِي الْمَنَامِ الْأَمْرَ بِذَلِكَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِلدَّارَقُطْنِيِّ إِسْنَادُهَا ضَعِيفٌ أَنَّ عُمَرَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِمَالِي وَلَمْ يَثْبُتْ هَذَا وَإِنَّمَا كَانَ صَدَقَةَ تَطَوُّعٍ كَمَا سَأُوَضِّحُهُ مِنْ حِكَايَةِ لَفْظِ كِتَابِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  فَكَيْفَ تَأْمُرُنِي بِهِ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ عُمَرَ اسْتَشَارَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَنْ يَتَصَدَّقَ .

     قَوْلُهُ  إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بهَا أَيْ بِمَنْفَعَتِهَا وَبَيَّنَ ذَلِكَ مَا فِي رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ احْبِسْ أَصْلَهَا وَسَبِّلْ ثَمَرَتَهَا وَفِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ تَصَدَّقْ بِثَمَرِهِ وَحَبِّسْ أَصْلَهُ .

     قَوْلُهُ  فَتَصَدَّقَ عُمَرُ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ أَصْلُهَا وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ زَادَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَلَا تبْتَاع زَادَ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ حَبِيسٌ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ كَذَا لِأَكْثَرِ الرُّوَاةِ عَنْ نَافِعٍ وَلَمْ يخْتَلف فِيهِ عَن بن عَوْنٍ إِلَّا مَا وَقَعَ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ مِنْ طَرِيق سعيد بن سُفْيَان الجحدري عَن بن عَوْنٍ فَذَكَرَهُ بِلَفْظِ صَخْرِ بْنِ جُوَيْرِيَةَ الْآتِي وَالْجَحْدَرِيُّ إِنَّمَا رَوَاهُ عَنْ صَخْرٍ لَا عَنِ بن عَوْنٍ قَالَ السُّبْكِيُّ اغْتَبَطْتُ بِمَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ نَافِعٍ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ تَصَدَّقْ بِثَمَرِهِ وَحَبِّسْ أَصْلَهُ لَا يُبَاعُ وَلَا يُورَثُ وَهَذَا ظَاهِرُهُ أَنَّ الشَّرْطَ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الرِّوَايَاتِ فَإِنَّ الشَّرْطَ فِيهَا ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ عُمَرَ.

.

قُلْتُ قَدْ تَقَدَّمَ قَبْلَ خَمْسَةِ أَبْوَابٍ مِنْ طَرِيقِ صَخْرِ بْنِ جُوَيْرِيَةَ عَنْ نَافِعٍ بِلَفْظِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَصَدَّقْ بِأَصْلِهِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ وَلَكِنْ يُنْفَقُ ثَمَرُهُ وَهِيَ أَتَمُّ الرِّوَايَاتِ وَأَصْرَحُهَا فِي الْمَقْصُودِ فَعَزْوُهَا إِلَى الْبُخَارِيِّ أَوْلَى وَقَدْ عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْمُزَارَعَةِ بِلَفْظِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ تَصَدَّقْ بِأَصْلِهِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَكِنْ لِيُنْفَقْ ثَمَرُهُ فَتَصَدَّقَ بِهِ وَحَكَيْتُ هُنَاكَ أَنَّ الدَّاوُدِيَّ الشَّارِحَ أَنْكَرَ هَذَا اللَّفْظَ وَلَمْ يَظْهَرْ لِي إِذْ ذَاكَ سَبَبُ إِنْكَارِهِ ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّهُ بِسَبَبِ التَّصْرِيحِ بِرَفْعِ الشَّرْطِ إِلَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّهُ وَلَوْ كَانَ الشَّرْطُ مِنْ قَوْلِ عُمَرَ فَمَا فَعَلَهُ إِلَّا لِمَا فَهِمَهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ قَالَ لَهُ احْبِسْ أَصْلَهَا وَسَبِّلْ ثَمَرَتَهَا وَقَولُهُ تَصَدَّقْ صِيغَةُ أَمْرٍ وَقَولُهُ فَتَصَدَّقَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ الْمَاضِي .

     قَوْلُهُ  فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَفِي الرِّقَابِ وَالْمَسَاكِينِ وَالضَّيْفِ وبن السَّبِيل جَمِيعُ هَؤُلَاءِ الْأَصْنَافِ إِلَّا الضَّيْفَ هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي آيَةِ الزَّكَاةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُمْ فِي كتاب الزَّكَاة وَقَوله وَلِذِي الْقُرْبَى يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي مَنْ ذُكِرَ فِي الْخَمْسِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُمْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِمْ قُرْبَى الْوَاقِفِ وَبِهَذَا الثَّانِي جَزَمَ الْقُرْطُبِيُّ وَالضَّيْفُ مَعْرُوفٌ وَهُوَ مَنْ نَزَلَ بِقَوْمٍ يُرِيدُ الْقِرَى وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهِ فِي الْهِبَةِ .

     قَوْلُهُ  أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِيهِ قَبْلَ أَبْوَابٍ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ جَرَتِ الْعَادَةُ بِأَنَّ الْعَامِلَ يَأْكُلُ مِنْ ثَمَرَةِ الْوَقْفِ حَتَّى لَوِ اشْتَرَطَ الْوَاقِفُ أَنَّ الْعَامِلَ لَا يَأْكُلُ مِنْهُ يُسْتَقْبَحُ ذَلِكَ مِنْهُ وَالْمُرَادُ بِالْمَعْرُوفِ الْقَدْرُ الَّذِي جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ وَقِيلَ الْقَدْرُ الَّذِي يَدْفَعُ بِهِ الشَّهْوَةَ وَقِيلَ الْمُرَادُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ بِقَدْرِ عَمَلِهِ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى .

     قَوْلُهُ  أَوْ يُطْعِمَ فِي رِوَايَةِ صَخْرٍ أَوْ يُؤْكِلَ بِإِسْكَانِ الْوَاوِ وَهِيَ بِمَعْنَى يُطْعِمُ .

     قَوْلُهُ  غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهِ وَفِي رِوَايَةِ الْأَنْصَارِيِّ الْمَاضِيَةِ فِي آخِرِ الشُّرُوطِ غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ بِهِ وَالْمَعْنَى غَيْرُ متخذ مِنْهَا مَا لَا أَيْ مِلْكًا وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَتَمَلَّكُ شَيْئًا من رقابها ومالا مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ وَزَادَ الْأَنْصَارِيُّ وَسُلَيْمٌ قَالَ فَحدثت بِهِ بن سِيرِين فَقَالَ غير متأثل مَا لَا وَالْقَائِل فَحدثت بِهِ هُوَ بن عَوْنٍ رَاوِيهِ عَنْ نَافِعٍ بَيَّنَ ذَلِكَ الدَّارَقُطْنِيُّ من طَرِيق أبي أُسَامَة عَن بن عَوْنٍ قَالَ ذَكَرْتُ حَدِيثَ نَافِعٍ لِابْنِ سِيرِينَ فَذكره زَاد سليم قَالَ بن عَوْنٍ وَأَنْبَأَنِي مَنْ قَرَأَ هَذَا الْكِتَابَ أَنَّ فِيهِ غير متأثل مَا لَا وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ من طَرِيق بن علية عَن بن عَوْنٍ حَدَّثَنِي رَجُلٌ أَنَّهُ قَرَأَهَا فِي قِطْعَةِ أَدِيم أَحْمَر قَالَ بن علية وَأَنا قرأتها عِنْد بن عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ كَذَلِكَ وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ صِفَةَ كِتَابِ وَقْفِ عُمَرَ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ نَسَخَهَا لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَذَكَرَهُ وَفِيهِ غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ وَالْمُتَأَثِّلُ بِمُثَنَّاةٍ ثُمَّ مُثَلَّثَةٍ مُشَدَّدَةٍ بَيْنَهُمَا هَمْزَةٌ هُوَ الْمُتَّخِذُ وَالتَّأَثُّلُ اتِّخَاذُ أَصْلِ الْمَالِ حَتَّى كَأَنَّهُ عِنْدَهُ قَدِيمٌ وَأَثَلَةُ كُلِّ شَيْءٍ أَصْلُهُ قَالَ الشَّاعِرُ وَقَدْ يُدْرِكُ الْمَجْدَ الْمُؤَثَّلَ أَمْثَالِي وَاشْتِرَاطُ نَفْيِ التَّأَثُّلِ يُقَوِّي مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَنْ قَالَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ يَأْكُلُ بِالْمَعْرُوفِ حَقِيقَةُ الْأَكْلِ لَا الْأَخْذِ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ بِقَدْرِ الْعِمَالَةِ قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ وَزَادَ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ حَمَّادٌ وَزَعَمَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُهْدِي إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ مِنْ صَدَقَةِ عُمَرَ وَكَذَا رَوَاهُ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عُمَرَ وَزَادَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ عَنْ يَزِيدَ بن هَارُون عَن بن عَوْنٍ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَأَوْصَى بِهَا عُمَرُ إِلَى حَفْصَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ ثُمَّ إِلَى الْأَكَابِرِ مِنْ آلِ عُمَرَ وَنَحْوُهُ فِي رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ وَفِي رِوَايَةِ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عِنْدَ أَحْمَدَ يَلِيهِ ذَوُو الرَّأْيِ مِنْ آلِ عُمَرَ فَكَأَنَّهُ كَانَ أَوَّلًا شَرَطَ أَنَّ النَّظَرَ فِيهِ لِذَوِي الرَّأْيِ مِنْ أَهْلِهِ ثُمَّ عَيَّنَ عِنْدَ وَصِيَّتِهِ لِحَفْصَةَ وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ عَنْ أَبِي غَسَّانَ الْمَدَنِيِّ قَالَ هَذِهِ نُسْخَةُ صَدَقَةِ عُمَرَ أَخَذْتُهَا مِنْ كِتَابِهِ الَّذِي عِنْدَ آلِ عُمَرَ فَنَسَخْتُهَا حَرْفًا حَرْفًا هَذَا مَا كَتَبَ عَبْدُ اللَّهِ عُمَرُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي ثَمْغٍ أَنَّهُ إِلَى حَفْصَةَ مَا عَاشَتْ تُنْفِقُ ثَمَرَهُ حَيْثُ أَرَاهَا اللَّهُ فَإِنْ تُوُفِّيَتْ فَإِلَى ذَوِي الرَّأْيِ مِنْ أَهْلِهَا.

.

قُلْتُ فَذَكَرَ الشَّرْطَ كُلَّهُ نَحْوَ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ ثُمَّ قَالَ وَالْمِائَةُ وَسْقٍ الَّذِي أَطْعَمَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهَا مَعَ ثَمْغٍ عَلَى سَنَنِهِ الَّذِي أَمَرْتُ بِهِ وَإِنْ شَاءَ وَلِيُّ ثَمْغٍ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ ثَمَرِهِ رَقِيقًا يَعْمَلُونَ فِيهِ فَعَلَ وَكَتَبَ مُعَيْقِيبٌ وَشَهِدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْأَرْقَمِ وَكَذَا أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ فِي رِوَايَتِهِ نَحْوَ هَذَا وَذَكَرَا جَمِيعًا كِتَابًا آخَرَ نَحْوَ هَذَا الْكِتَابِ وَفِيهِ مِنَ الزِّيَادَةِ وَصِرْمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ وَالْعَبْدُ الَّذِي فِيهِ صَدَقَةٌ كَذَلِكَ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ عُمَرَ إِنَّمَا كَتَبَ كِتَابَ وَقْفِهِ فِي خِلَافَتِهِ لِأَنَّ مُعَيْقِيبًا كَانَ كَاتِبَهُ فِي زَمَنِ خِلَافَتِهِ وَقَدْ وَصَفَهُ فِيهِ بِأَنَّهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ وَقَفَهُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّفْظِ وَتَوَلَّى هُوَ النَّظَرَ عَلَيْهِ إِلَى أَنْ حَضَرَتْهُ الْوَصِيَّةُ فَكَتَبَ حِينَئِذٍ الْكِتَابَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَخَّرَ وَقْفِيَّتَهُ وَلَمْ يَقَعْ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ إِلَّا اسْتِشَارَتُهُ فِي كَيْفِيَّتِهِ وَقَدْ رَوَى الطَّحَاوِيُّ وبن عبد الْبر من طَرِيق مَالك عَن بن شِهَابٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ لَوْلَا أَنِّي ذَكَرْتُ صَدَقَتِي لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَرَدَدْتُهَا فَهَذَا يُشْعِرُ بِالِاحْتِمَالِ الثَّانِي وَأَنَّهُ لَمْ يُنَجِّزِ الْوَقْفَ إِلَّا عِنْدَ وَصِيَّتِهِ وَاسْتَدَلَّ الطَّحَاوِيُّ بِقَوْلِ عُمَرَ هَذَا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ فِي أَنَّ إِيقَافَ الْأَرْضِ لَا يَمْنَعُ مِنَ الرُّجُوعِ فِيهَا وَأَنَّ الَّذِي مَنَعَ عُمَرَ مِنَ الرُّجُوعِ كَوْنَهُ ذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَرِهَ أَنْ يُفَارِقَهُ عَلَى أَمْرٍ ثُمَّ يُخَالِفَهُ إِلَى غَيْرِهِ وَلَا حُجَّةَ فِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ وَجْهَيْن أَحدهمَا أَنه مُنْقَطع لِأَن بن شِهَابٍ لَمْ يُدْرِكْ عُمَرَ ثَانِيهِمَا أَنَّهُ يَحْتَمِلُ مَا قَدَّمْتُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عُمَرُ كَانَ يَرَى بِصِحَّةِ الْوَقْفِ وَلُزُومِهِ إِلَّا إِنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ الرُّجُوعَ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ وَقَدْ رَوَى الطَّحَاوِيُّ عَنْ عَلِيٍّ مِثْلَ ذَلِكَ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِمَنْ قَالَ بِأَنَّ الْوَقْفَ غَيْرُ لَازِمٍ مَعَ إِمْكَانِ هَذَا الِاحْتِمَالِ وَإِنْ ثَبَتَ هَذَا الِاحْتِمَالُ كَانَ حُجَّةً لِمَنْ قَالَ بِصِحَّةِ تَعْلِيقِ الْوَقْف وَهُوَ عِنْد الْمَالِكِيَّة وَبِه قَالَ بن سُرَيْجٍ.

     وَقَالَ  تَعُودُ مَنَافِعُهُ بَعْدَ الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ إِلَيْهِ ثُمَّ إِلَى وَرَثَتِهِ فَلَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ مَآلًا صَحَّ اتِّفَاقًا كَمَا لَوْ قَالَ وَقَفْتُهُ عَلَى زَيْدٍ سَنَةً ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَحَدِيثُ عُمَرَ هَذَا أَصْلٌ فِي مَشْرُوعِيَّةِ الْوَقْفِ قَالَ أَحْمد حَدثنَا حَمَّاد هُوَ بن خَالِدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ هُوَ الْعُمَرِيُّ عَنْ نَافِع عَن بن عُمَرَ قَالَ أَوَّلُ صَدَقَةٍ أَيْ مَوْقُوفَةٍ كَانَتْ فِي الْإِسْلَامِ صَدَقَةُ عُمَرَ وَرَوَى عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ قَالَ سَأَلْنَا عَنْ أَوَّلِ حَبْسٍ فِي الْإِسْلَامِ فَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ صَدَقَةُ عُمَرَ.

     وَقَالَ  الْأَنْصَارُ صَدَقَةُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي إِسْنَادِهِ الْوَاقِدِيُّ وَفِي مَغَازِي الْوَاقِدِيِّ أَنَّ أَوَّلَ صَدَقَةٍ مَوْقُوفَةٍ كَانَتْ فِي الْإِسْلَامِ أَرَاضِي مُخَيْرِيقٍ بِالْمُعْجَمَةِ مُصَغَّرٌ الَّتِي أَوْصَى بِهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَقَفَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ التِّرْمِذِيُّ لَا نَعْلَمُ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَالْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ خِلَافًا فِي جَوَازِ وَقْفِ الْأَرَضِينَ وَجَاءَ عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ أَنْكَرَ الْحَبْسَ وَمِنْهُمْ مَنْ تَأَوَّلَهُ.

     وَقَالَ  أَبُو حنيفَة لَا يَلْزَمُ وَخَالَفَهُ جَمِيعُ أَصْحَابِهِ إِلَّا زُفَرَ بْنَ الْهُذَيْلِ فَحَكَى الطَّحَاوِيُّ عَنْ عِيسَى بْنِ أَبَانَ قَالَ كَانَ أَبُو يُوسُفَ يُجِيزُ بَيْعَ الْوَقْفِ فَبَلَغَهُ حَدِيثُ عُمَرَ هَذَا فَقَالَ مَنْ سمع هَذَا من بن عون فحدثه بِهِ بن عُلَيَّةَ فَقَالَ هَذَا لَا يَسَعُ أَحَدًا خِلَافُهُ وَلَوْ بَلَغَ أَبَا حَنِيفَةَ لَقَالَ بِهِ فَرَجَعَ عَنْ بَيْعِ الْوَقْفِ حَتَّى صَارَ كَأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَحَدٍ اه وَمَعَ حِكَايَةِ الطَّحَاوِيِّ هَذَا فَقَدِ انْتَصَرَ كَعَادَتِهِ فَقَالَ .

     قَوْلُهُ  فِي قِصَّةِ عُمَرَ حَبِّسِ الْأَصْلَ وَسَبِّلِ الثَّمَرَةَ لَا يَسْتَلْزِمُ التَّأْبِيدَ بَلْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ مُدَّةَ اخْتِيَارِهِ لِذَلِكَ اه وَلَا يَخْفَى ضَعْفُ هَذَا التَّأْوِيلِ وَلَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَقَفْتُ وَحَبَسْتُ إِلَّا التَّأْبِيدُ حَتَّى يُصَرِّحَ بِالشَّرْطِ عِنْدَ مَنْ يَذْهَبُ إِلَيْهِ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي فِيهَا حَبِيسٌ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ رَدُّ الْوَقْفِ مُخَالِفٌ لِلْإِجْمَاعِ فَلَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ وَأَحْسَنُ مَا يُعْتَذَرُ بِهِ عَمَّن رده مَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ فَإِنَّهُ أَعْلَمُ بِأَبِي حَنِيفَةَ مِنْ غَيْرِهِ وَأَشَارَ الشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّ الْوَقْفَ مِنْ خَصَائِصِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ أَيْ وَقْفَ الْأَرَاضِي وَالْعَقَارِ قَالَ وَلَا نَعْرِفُ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَحَقِيقَةُ الْوَقْفِ شَرْعًا وُرُودُ صِيغَةٍ تَقْطَعُ تَصَرُّفَ الْوَاقِفِ فِي رَقَبَةِ الْمَوْقُوفِ الَّذِي يَدُومُ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَتُثْبِتُ صَرْفَ مَنْفَعَتِهِ فِي جِهَةِ خَيْرٍ وَفِي حَدِيثِ الْبَابِ مِنَ الْفَوَائِدِ جَوَازُ ذِكْرِ الْوَلَدِ أَبَاهُ بِاسْمِهِ الْمُجَرَّدِ مِنْ غَيْرِ كُنْيَةٍ وَلَا لَقَبٍ وَفِيهِ جَوَازُ إِسْنَادِ الْوَصِيَّةِ وَالنَّظَرِ عَلَى الْوَقْفِ لِلْمَرْأَةِ وَتَقْدِيمِهَا عَلَى مَنْ هُوَ مِنْ أَقْرَانِهَا مِنَ الرِّجَالِ وَفِيهِ إِسْنَادُ النَّظَرِ إِلَى مَنْ لَمْ يُسَمَّ إِذَا وُصِفَ بِصِفَةٍ مُعَيَّنَةٍ تُمَيِّزُهُ وَأَنَّ الْوَاقِفَ يَلِي النَّظَرَ عَلَى وَقْفِهِ إِذَا لَمْ يُسْنِدْهُ لِغَيْرِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ لَمْ يَزَلِ الْعَدَدُ الْكَثِيرُ مِنَ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ يَلُونَ أَوْقَافَهُمْ نَقَلَ ذَلِكَ الْأُلُوفُ عَنِ الْأُلُوفِ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَفِيهِ اسْتِشَارَةُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ وَالْفَضْلِ فِي طُرُقِ الْخَيْرِ سَوَاءٌ كَانَتْ دِينِيَّةً أَوْ دُنْيَوِيَّةً وَأَنَّ الْمُشِيرَ يُشِيرُ بِأَحْسَنَ مَا يَظْهَرُ لَهُ فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ وَفِيهِ فَضِيلَةٌ ظَاهِرَةٌ لِعُمَرَ لِرَغْبَتِهِ فِي امْتِثَالِ قَوْلِهِ تَعَالَى لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَفِيهِ فَضْلُ الصَّدَقَةِ الْجَارِيَةِ وَصِحَّةُ شُرُوطِ الْوَاقِفِ وَاتِّبَاعُهُ فِيهَا وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْمَصْرِفِ لَفْظًا وَفِيهِ أَنَّ الْوَقْفَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِيمَا لَهُ أَصْلٌ يَدُومُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فَلَا يَصِحُّ وَقْفُ مَا لَا يَدُومُ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَالطَّعَامِ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي الْوَقْفِ لَفْظُ الصَّدَقَةِ سَوَاءٌ قَالَ تَصَدَّقْتُ بِكَذَا أَوْ جَعَلْتُهُ صَدَقَةً حَتَّى يُضِيفَ إِلَيْهَا شَيْئًا آخَرَ لِتَرَدُّدِ الصَّدَقَةِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ تَمْلِيكَ الرَّقَبَةِ أَوْ وَقَفَ الْمَنْفَعَةِ فَإِذَا أَضَافَ إِلَيْهَا مَا يُمَيِّزُ أَحَدَ الْمُحْتَمَلَيْنِ صَحَّ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ وَقَفْتُ أَوْ حَبَسْتُ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ عَلَى الرَّاجِحِ وَقِيلَ الصَّرِيحُ الْوَقْفُ خَاصَّةً وَفِيهِ نَظَرٌ لِثُبُوتِ التَّحْبِيسِ فِي قِصَّةِ عُمَرَ هَذِهِ نَعَمْ لَوْ قَالَ تَصَدَّقْتُ بِكَذَا عَلَى كَذَا وَذَكَرَ جِهَةً عَامَّةً صَحَّ وَتَمَسَّكَ مَنْ أجَاز الِاكْتِفَاء بقوله تَصَدَّقت بِكَذَا بِمَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ مِنْ قَوْلِهِ فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ وَلَا حُجَّةَ فِي ذَلِكَ لِمَا قَدَّمْتُهُ مِنْ أَنَّهُ أَضَافَ إِلَيْهَا لَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ وَيَحْتَمِلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ .

     قَوْلُهُ  فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ رَاجِعًا إِلَى الثَّمَرَةِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ فَتَصَدَّقَ بِثَمَرَتِهَا فَلَيْسَ فِيهِ مُتَعَلَّقٌ لِمَنْ أَثْبَتَ الْوَقْفَ بِلَفْظِ الصَّدَقَةِ مُجَرَّدًا وَبِهَذَا الِاحْتِمَالِ الثَّانِي جَزَمَ الْقُرْطُبِيُّ وَفِيهِ جَوَازُ الْوَقْفِ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ لِأَنَّ ذَوِي الْقُرْبَى وَالضَّيْفَ لَمْ يُقَيَّدْ بِالْحَاجَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَفِيهِ أَنَّ لِلْوَاقِفِ أَنْ يَشْتَرِطَ لِنَفْسِهِ جُزْءًا مِنْ رِيعِ الْمَوْقُوفِ لِأَنَّ عُمَرَ شَرَطَ لِمَنْ وَلِيَ وَقْفَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ وَلَمْ يَسْتَثْنِ إِنْ كَانَ هُوَ النَّاظِرَ أَوْ غَيْرُهُ فَدَلَّ عَنْ صِحَّةِ الشَّرْطِ وَإِذَا جَازَ فِي الْمُبْهَمِ الَّذِي تُعَيِّنُهُ الْعَادَةُ كَانَ فِيمَا يُعَيِّنُهُ هُوَ أَجْوَزَ وَيُسْتَنْبَطُ مِنْهُ صِحَّةُ الْوَقْفِ على النَّفس وَهُوَ قَول بن أَبِي لَيْلَى وَأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَدَ فِي الْأَرْجَحِ عَنهُ.

     وَقَالَ  بِهِ من الْمَالِكِيَّة بن شَعْبَانَ وَجُمْهُورُهُمْ عَلَى الْمَنْعِ إِلَّا إِذَا اسْتَثْنَى لِنَفْسِهِ شَيْئًا يَسِيرًا بِحَيْثُ لَا يُتَّهَمُ أَنَّهُ قصد حرمَان ورثته وَمن الشَّافِعِيَّة بن سُرَيْجٍ وَطَائِفَةٌ وَصَنَّفَ فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ جُزْءًا ضَخْمًا وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِقِصَّةِ عُمَرَ هَذِهِ وَبِقِصَّةِ رَاكِبِ الْبَدَنَةِ وَبِحَدِيثِ أَنَسٍ فِي أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْتَقَ صَفِيَّةَ وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ أَنَّهُ أَخْرَجَهَا عَنْ مِلْكِهِ بِالْعِتْقِ وَرَدَّهَا إِلَيْهِ بِالشَّرْطِ وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ فِي النِّكَاحِ وَبِقِصَّةِ عُثْمَانَ الْآتِيَةِ بَعْدَ أَبْوَابٍ وَاحْتَجَّ الْمَانِعُونَ بِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ سَبِّلِ الثَّمَرَةَ وَتَسْبِيلُ الثَّمَرَةِ تَمْلِيكُهَا لِلْغَيْرِ وَالْإِنْسَانُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ تَمْلِيكِ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ امْتِنَاعَ ذَلِكَ غَيْرُ مُسْتَحِيلٍ وَمَنْعُهُ تَمْلِيكَهُ لِنَفْسِهِ إِنَّمَا هُوَ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ وَالْفَائِدَةُ فِي الْوَقْفِ حَاصِلَةٌ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ إِيَّاهُ مِلْكًا غَيْرُ اسْتِحْقَاقِهِ إِيَّاهُ وَقْفًا وَلَا سِيَّمَا إِذَا ذكر لَهُ مَا لَا آخَرَ فَإِنَّهُ حُكْمٌ آخَرُ يُسْتَفَادُ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْفِ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِأَنَّ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ الْبَابِ أَنَّ عُمَرَ اشْتَرَطَ لِنَاظِرِ وَقْفِهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ بِقَدْرِ عِمَالَتِهِ وَلِذَلِكَ مَنَعَهُ أَن يتَّخذ لنَفسِهِ مِنْهُ مَا لَا فَلَوْ كَانَ يُؤْخَذُ مِنْهُ صِحَّةُ الْوَقْفِ عَلَى النَّفْسِ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ الِاتِّخَاذِ وَكَأَنَّهُ اشْتَرَطَ لِنَفْسِهِ أَمْرًا لَوْ سَكَتَ عَنْهُ لَكَانَ يَسْتَحِقُّهُ لِقِيَامِهِ وَهَذَا عَلَى أَرْجَحِ قَوْلَيِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْوَاقِفَ إِذَا لَمْ يَشْتَرِطْ لِلنَّاظِرِ قَدْرَ عَمَلِهِ جَازَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِقَدْرِ عَمَلِهِ وَلَوِ اشْتَرَطَ الْوَاقِفُ لِنَفْسِهِ النَّظَرَ وَاشْتَرَطَ أُجْرَةً فَفِي صِحَّةِ هَذَا الشَّرْطِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ خِلَافٌ كَالْهَاشِمِيِّ إِذَا عَمِلَ فِي الزَّكَاةِ هَلْ يَأْخُذُ مِنْ سَهْمِ الْعَامِلِينَ وَالرَّاجِحُ الْجَوَازُ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ عُثْمَانَ الْآتِي بَعْدُ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ الْوَقْفِ عَلَى الْوَارِثِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ فَإِنْ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ رُدَّ وَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ لَزِمَ وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ لِأَنَّ عُمَرَ جَعَلَ النَّظَرَ بَعْدَهُ لِحَفْصَةَ وَهِيَ مِمَّنْ يَرِثُهُ وَجَعَلَ لِمَنْ وَلِيَ وَقْفَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ وَقْفَ عُمَرَ صَدَرَ مِنْهُ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي أَوْصَى بِهِ إِنَّمَا هُوَ شَرْطُ النَّظَرِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْوَاقِفَ إِذَا شَرَطَ لِلنَّاظِرِ شَيْئًا أَخَذَهُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ لَهُ لَمْ يَجُزْ إِلَّا إِنْ دَخَلَ فِي صِفَةِ أَهْلِ الْوَقْفِ كَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فَإِنْ كَانَ عَلَى مُعَيَّنِينَ وَرَضُوا بِذَلِكَ جَازَ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ تَعْلِيقَ الْوَقْفِ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ قَوْلَهُ حَبِّسِ الأَصْل يُنَاقض تأقيته وَعَن مَالك وبن سُرَيْجٍ يَصِحُّ وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ لَا تُبَاعُ عَلَى أَنَّ الْوَقْفَ لَا يُنَاقَلُ بِهِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ شَرْطَ الْوَاقِفِ أَنَّهُ إِذَا تَعَطَّلَتْ مَنَافِعُهُ بِيعَ وَصُرِفَ ثَمَنُهُ فِي غَيْرِهِ وَيُوقَفُ فِي مَا سُمِّيَ فِي الْأَوَّلِ وَكَذَا إِنْ شَرَطَ الْبَيْعَ إِذَا رَأَى الْحَظَّ فِي نَقْلِهِ إِلَى مَوْضِعٍ آخَرَ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى وَقْفِ الْمُشَاعِ لِأَنَّ الْمِائَةَ سَهْمٍ الَّتِي كَانَتْ لِعُمَرَ بِخَيْبَرَ لَمْ تَكُنْ مُنْقَسِمَةً وَفِيهِ أَنَّهُ لَا سِرَايَةَ فِي الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّ الْوَقْفَ سَرَى مِنْ حِصَّةِ عُمَرَ إِلَى غَيْرِهَا مِنْ بَاقِي الْأَرْضِ وَحَكَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَنْ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ حَكَمَ فِيهِ بِالسِّرَايَةِ وَهُوَ شَاذٌّ مُنْكَرٌ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ خَيْبَرَ فُتِحَتْ عَنْوَةً وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ فِي كِتَابِ الْمَغَازِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب الْوَقْفِ كَيْفَ يُكْتَبُ؟
( باب الوقف كيف يكتب) ؟ ولأبي ذر: الوقف وكيف بالواو وباب بغير تنوين مضاف لتاليه كذا في الفرع وأصله.


[ قــ :2646 ... غــ : 2772 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: "أَصَابَ عُمَرُ بِخَيْبَرَ أَرْضًا، فَأَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: أَصَبْتُ أَرْضًا لَمْ أُصِبْ مَالاً قَطُّ أَنْفَسَ مِنْهُ، فَكَيْفَ تَأْمُرُنِي بِهِ؟ قَالَ: إِنْ شِئْتَ حَبَّسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا.
فَتَصَدَّقَ عُمَرُ أَنَّهُ لاَ يُبَاعُ أَصْلُهَا وَلاَ يُوهَبُ وَلاَ يُورَثُ فِي الْفُقَرَاءِ وَالْقُرْبَى وَالرِّقَابِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالضَّيْفِ وَابْنِ السَّبِيلِ، لاَ جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ أَوْ يُطْعِمَ صَدِيقًا غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهِ".

وبه قال: ( حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد ( قال: حدّثنا يزيد بن زريع) من الزيادة وزريع بتقديم الزاي على الراء مصغرًا وزاد أبو داود بشر بن المفضل ويحيى بن القطان قال الثلاثة: ( حدّثنا ابن عون) عبد الله ( عن نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما-) أنه ( قال: أصاب عمر بخيبر أرضًا) وعند أحمد من رواية أيوب أن عمر أصاب أرضًا من يهود بني حارثة يقال لها ثمغ ( فأتى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال) : إني ( أصبت أرضًا لم أصب مالاً قطّ أنفس) أي أجود ( منه) قال الداودي: سمي نفيسًا لأنه يأخذ بالنفس، وعند النسائي أنه قال للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان لي مائة رأس فاشتريت بها مائة سهم من خيبر من أهلها.
قال الحافظ ابن حجر: فيحتمل أن تكون ثمغ من جملة أراضي خيبر وأن مقدارها كان
مائة سهم من السهام التي قسمها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بين من شهد خيبر وهذه المائة سهم غير المائة سهم التي كانت لعمر بخيبر التي حصلها من جزئه من الغنيمة وغيرها، وكانت قصة عمر هذه فيما ذكره ابن شبة بإسناد ضعيف عن محمد بن كعب سنة سبع من الهجرة، وقال البكري في المعجم "ثمغ" موضع تلقاء المدينة كان فيه مال لعمر بن الخطاب فخرج إليه يومًا ففاتته صلاة العصر فقال: شغلتني ثمغ عن الصلاة أشهدكم أنها صدقة ( فكيف تأمرني) أن أفعل ( به) ؟ من أفعال البر والتقرب إلى الله تعالى ( قال) عليه الصلاة والسلام:
( إن شئت حبست أصلها) بتشديد الموحدة للمبالغة ولهذا كان صريحًا في الوقف، لاقتضائه بحسب الغلبة استعمالاً الحبس على الدوام وحقيقة الوقف تحبيس مال يمكنه الانتفاع به مع بقاء عينه يقطع تصرف الواقف وغيره في رقبته ليصرف ريعه في جهة خير تقربًا إلى الله تعالى ( وتصدقت بها) .

أي بالأرض المحبسة فهو صريح بنفسه أو إذا قيد بقرينة أو الضمير راجع إلى الثمرة والغلة وحينئذٍ فالصدقة على بابها لا على معنى التحبيس لكنه يكون على حذف مضاف أي وتصدقت بثمرتها وبريعها أو بغلتها وبه جزم القرطبي ( فتصدق عمر) أي بها ( أنه لا يباع أصلها ولا يوهب ولا يورث) زاد الدارقطني من طريق عبيد الله بن عمر عن نافع حبيس ما دامت السماوات والأرض، وظاهره أن الشرط من كلام عمر، لكن سبق في باب قول الله تعالى: { وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح} [النساء: 6] وما للوصي أن يعمل في مال اليتيم من طريق صخر بن جويرية عن نافع فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "تصدق بأصله لا يباع ولا يورث ولكن ينفق ثمره" فتصدق به عمر أي كما أمره -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( في الفقراء) الذين لا مال لهم ولا كسب يقع موقعًا من حاجتهم ( والقربى) أي الأقارب، والمراد قربى الواقف لأنه الأحق بصدقة قريبه، ويحتمل على بعد أن يراد قربى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كما في الغنيمة ( والرقاب) أي في عتقها بأن يشتري من غلتها رقابًا فيعتقون ( وفي سبيل الله) أي في الجهاد وهو أعم من الغزاة ومن شراء آلات الحرب وغير ذلك ( والضيف) وهو من نزل بقوم يريد القرى ( وابن السبيل) المسافر أو مريد السفر وأطلق عليه ابن السبيل لشدة ملازمته للسبيل وهي الطريق ولو بالقصد ( لا جناح) لا إثم ( على من وليها أن يأكل منها بالمعروف) أي بالأمر الذي يتعارفه الناس بينهم ولا ينسبون فاعله لإفراط فيه ولا تفريط ( أو يطعم) وفي رواية صخر المذكورة أو يؤكل ( صديقًا) له حال كونه ( غير متمؤل فيه) .
أي غير متخذ منها وإلاّ أي ملكًا، والمراد أنه لا يتملك شيئًا من رقابها.
وزاد الترمذي من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن علية عن ابن عون حدّثني به رجل أنه قرأها في قطعة أديم أحمر غير متأثل مالاً.
قال ابن علية: وأنا قرأتها عند ابن عبيد الله بن عمر فكان فيه غير متأثل مالاً.

ومطابقة الحديث للترجمة في قوله: إن شئت حبست أصلها إلخ إذ فيه شروط تكتب كلها في كتاب الوقف.

وقد كتب عمر -رضي الله عنه- كتاب وقفه هذا بخط معيقيب كما رواه أبو داود من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري بلفظ قال: نسخها لي عبد الحميد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب بسم الله الرحمن الرحيم؛ هذا ما كتب عبد الله عمر بن الخطاب في ثمغ فقصّ من خبره نحو حديث نافع فقال: غير متأثل مالاً فما عفى عنه من ثمره فهو للسائل والمحروم وساق القصة قال: فإن شاء ولي ثمغ اشترى من ثمره رقيقًا لعمله.

وكتب معيقيب وشهد عبد الله بن الأرقم بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصى به عبد الله عمر أمير المؤمنين إن حدث به حدث أن ثمغًا وصرمة ابن الأكوع والعبد الذي فيه والمائة سهم الذي بخيبر ورقيقه الذي فيه والمائة التي أطعمه محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالوادي تليه حفصة ما عاشت ثم يليه ذو الرأي من أهلها أن لا يباع ولا يشترى ينفقه حيث رأى من السائل والمحروم وذي القربى ولا حرج على من وليه إن أكل أو آكل أو اشترى رقيقًا منه وآكل الثانية بالمدّ أي أطعم ووصفه بأمير المؤمنين يشعر بأنه كتبه في زمن خلافته، وقد كان معيقيب كاتبه إذ ذاك.

وحديث الباب يقتضي أن الوقف كان في زمنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيكون وقفه حينئذٍ باللفظ وكتب بعد، وقد قال الشافعي فيما قرأته في كتاب المعرفة للبيهقي: ولم يحبس أهل الجاهلية فيما علمته دارًا ولا أرضًا تبررًا بحبسها وإنما حبس أهل الإسلام اهـ.

وعند أحمد عن نافع عن ابن عمر عن عمر قال: أول صدقة كانت أي موقوفة في الإسلام صدقة عمر.

تنبيه:
أكثر الرواة عن نافع ثم عن ابن عون جعلوا هذا الحديث من مسند ابن عمر كما ساقه المؤلّف، وأخرجه مسلم والنسائي من رواية سفيان الثوري من مسند عمر والمشهور الأول قاله في الفتح، وقد سبق في باب الشروط في الوقف، وفي باب قول الله تعالى: { وابتلوا اليتامى} وبعضه في باب إذا وقف شيئًا فلم يدفعه إلى غيره.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ الوَقْفِ كَيْفَ يُكْتَبُ)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ الْوَقْف كَيفَ يكْتب، فعلى هَذَا التَّقْدِير الْوَقْف مَرْفُوع بِالِابْتِدَاءِ مَقْطُوع عَمَّا قبله، وَخَبره قَوْله: كَيفَ يكْتب، وَيجوز بِإِضَافَة لفظ الْبابُُ إِلَيْهِ، فَحِينَئِذٍ يكون لفظ الْوَقْف مجروراً بِالْإِضَافَة.



[ قــ :2646 ... غــ :2772 ]
- حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حدَّثنا يَزِيدُ بنُ زُرَيْعٍ قَالَ حدَّثنا ابنُ عَوْنٍ عنُ نافِعٍ عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ أصابَ عُمَرَ بِخَيْبَرَ أرْضاً فَأتى النبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أصَبْتُ أرْضاً لَمْ أُصِبْ مَالا قَطُّ أنْفَسَ مِنْهُ فَكَيْفَ تأمُرُنِي بِهِ قَالَ إنْ شِئْتَ حبَّسْتَ أصْلَهَا وتَصَدَّقْتَ بِهَا فتَصَدَّقَ عُمَرُ أنَّهُ لاَ يُباعُ أصْلُها ولاَ يُوهَبُ ولاَ يُورَثُ فِي الفُقَرَاءِ والْقُرْبَى والرِّقَابِ وفِي سَبِيلِ الله والضَّيْفِ وابنِ السَّبِيلِ لاَ جُنَاحَ على منْ ولِيهَا أنْ يأكُلَ مِنْها بالمَعْرُوفِ أوْ يُطْعِمَ صَدِيقاً غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فيهِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: ( إِن شِئْت حبست أَصْلهَا) إِلَى آخر الحَدِيث، وَيُؤْخَذ من هَذِه الْأَلْفَاظ شُرُوط، وَهِي تكْتب كلهَا فِي كتاب الْوَقْف، وَقد كتب عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، كتاب وَقفه، كتبه معيقيب، وَكَانَ كَاتبه، وَشهد عبد الله بن الأرقم، وَكَانَ هَذَا فِي زمن خِلَافَته، لِأَن معيقيباً كَانَ يكْتب لَهُ فِي خِلَافَته، وَقد وَصفه بأمير الْمُؤمنِينَ، وَكَانَ وَقفه فِي أَيَّام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على مَا يشْهد لَهُ حَدِيث الْبابُُ، وَقد روى أَبُو دَاوُد: حَدثنَا سُلَيْمَان بن دَاوُد الْمهرِي قَالَ: أخبرنَا ابْن وهب قَالَ: أَخْبرنِي اللَّيْث عَن يحيى بن سعيد عَن صَدَقَة عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: نسخهَا لي عبد الحميد بن عبد الله بن عمر بن الْخطاب: ( بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم) هَذَا مَا كتب عبد الله بن عمر فِي ثمغ، فَقص من خَبره نَحْو حَدِيث نَافِع قَالَ: غير متأثل مَالا، فَمَا عفى عَنهُ من ثمره فَهُوَ للسَّائِل والمحروم، وسَاق الْقِصَّة، قَالَ: فَإِن شَاءَ: ولي ثمغ اشْترِي من ثمره رَقِيقا يعمله، وَكتب معيقيب: وَشهد عبد الله بن الأرقم.

وَابْن عون فِي السَّنَد هُوَ عبد الله ابْن عون، وَقد تقدم فِي آخر الشُّرُوط: عَن ابْن عون أنبأني نَافِع، والإنباء بِمَعْنى الْإِخْبَار عِنْد الْمُتَقَدِّمين، جزما، وَوَقع عِنْد الطَّحَاوِيّ من وَجه آخر: عَن ابْن عون أَخْبرنِي نَافِع.
قَوْله: ( عَن ابْن عمر قَالَ: أصَاب عمر) ، كَذَا لأكْثر الروَاة عَن نَافِع، ثمَّ عَن ابْن عون جَعَلُوهُ من مُسْند ابْن عمر.
لَكِن أخرجه مُسلم وَالنَّسَائِيّ من رِوَايَة سُفْيَان الثَّوْريّ وَالنَّسَائِيّ من رِوَايَة أبي إِسْحَاق الْفَزارِيّ، كِلَاهُمَا عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن عمر، جَعَلُوهُ من مُسْند عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَالْمَشْهُور الأول.

والْحَدِيث مضى فِي: بابُُ الشُّرُوط فِي الْوَقْف فِي آخر كتاب الشُّرُوط، وَمضى أَيْضا فِي: بابُُ قَول الله تَعَالَى: { وابتلوا الْيَتَامَى} ( النِّسَاء: 6) .
وَمضى قِطْعَة مِنْهُ فِي: بابُُ إِذا وقف شَيْئا فَلم يَدْفَعهُ إِلَى غَيره، وَمضى الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى.

قَوْله: ( أصَاب عمر بِخَيْبَر أَرضًا) هِيَ الَّتِي تدعى ( ثمغ) ، وَقد مر بَيَانه.
قَوْله: ( وَتصدق بهَا عمر) أَي: تصدق بغلَّتها، وَفِي رِوَايَة الدَّارَقُطْنِيّ بعد قَوْله: وَلَا يُورث، من طَرِيق عبيد الله بن عمر عَن نَافِع: ( حبيس مَا دَامَت السَّمَوَات وَالْأَرْض) ، وَهَذَا يدل على أَن التَّأْبِيد شَرط.
قَوْله: ( أَو يطعم) ، وَقد مر فِي الرِّوَايَة الْمَاضِيَة: أَن يُوكل بِضَم الْيَاء.

وَمِمَّا يُسْتَفَاد مِنْهُ: مَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ من طَرِيق مَالك عَن ابْن شهَاب، قَالَ: قَالَ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: ( لَوْلَا أَنِّي ذكرت، صدقني لرَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لرددتها) .
وَاسْتدلَّ بِهِ لأبي حنيفَة وَزفر فِي أَن إيقاف الأَرْض لَا يمْنَع من الرُّجُوع فِيهَا، وَأَن الَّذِي منع عمر من الرُّجُوع كَونه ذكره للنَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فكره أَن يُفَارِقهُ على أَمر ثمَّ يُخَالِفهُ إِلَى غَيره..
     وَقَالَ  بَعضهم: لَا حجَّة فِيمَا ذكره من وَجْهَيْن.
أَحدهمَا: أَنه مُنْقَطع لِأَن ابْن شهَاب لم يدْرك عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
ثَانِيهمَا: أَنه يحْتَمل أَن يكون عمر كَانَ يرى بِصِحَّة الْوَقْف ولزومه، إلاَّ أَن شَرط الْوَاقِف الرُّجُوع فَلهُ أَن يرجع، انْتهى.
قلت: الْجَواب عَن الأول: أَن الْمُنْقَطع فِي مثل رِوَايَة الزُّهْرِيّ لَا يضر، لِأَن الِانْقِطَاع إِنَّمَا يمْنَع لنُقْصَان فِي الرَّاوِي بِفَوَات شَرط من شَرَائِطه الْمَذْكُورَة فِي موضعهَا، وَالزهْرِيّ إِمَام جليل الْقدر لَا يتهم فِي رِوَايَته، وَقد روى عَنهُ مثل الإِمَام مَالك، فِي هَذِه، وَلَوْلَا اعْتِمَاده عَلَيْهِ لما رَوَاهُ عَنهُ.
وَعَن الثَّانِي: بِأَن الِاحْتِمَال الناشيء عَن غير دَلِيل لَا يُعمل بِهِ، وَلَا يلْتَفت إِلَيْهِ.