هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
346 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ ، قَالَتْ : فَرَضَ اللَّهُ الصَّلاَةَ حِينَ فَرَضَهَا ، رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ ، فِي الحَضَرِ وَالسَّفَرِ ، فَأُقِرَّتْ صَلاَةُ السَّفَرِ ، وَزِيدَ فِي صَلاَةِ الحَضَرِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
346 حدثنا عبد الله بن يوسف ، قال : أخبرنا مالك ، عن صالح بن كيسان ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة أم المؤمنين ، قالت : فرض الله الصلاة حين فرضها ، ركعتين ركعتين ، في الحضر والسفر ، فأقرت صلاة السفر ، وزيد في صلاة الحضر
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ ، قَالَتْ : فَرَضَ اللَّهُ الصَّلاَةَ حِينَ فَرَضَهَا ، رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ ، فِي الحَضَرِ وَالسَّفَرِ ، فَأُقِرَّتْ صَلاَةُ السَّفَرِ ، وَزِيدَ فِي صَلاَةِ الحَضَرِ .

Narrated `Aisha:

the mother of believers: Allah enjoined the prayer when He enjoined it, it was two rak`at only (in every prayer) both when in residence or on journey. Then the prayers offered on journey remained the same, but (the rak`at of) the prayers for non-travelers were increased.

0350 Aicha, la mère des Croyants, dit : « En prescrivant la prière, Dieu fixa le nombre de raka à deux pour chaque prière, tant pour le résident que pour le voyageur. Il garda ensuite la prière du voyageur comme telle et augmenta le nombre de raka de la prière du résident. »  

0350 Aicha, la mère des Croyants, dit : « En prescrivant la prière, Dieu fixa le nombre de raka à deux pour chaque prière, tant pour le résident que pour le voyageur. Il garda ensuite la prière du voyageur comme telle et augmenta le nombre de raka de la prière du résident. »  

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [350] .

     قَوْلُهُ  عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ حِينَ فَرَضَهَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ كَرَّرَتْ لَفْظَ رَكْعَتَيْنِ لِتُفِيدَ عُمُومَ التَّثْنِيَةِ لكل صَلَاة زَاد بن إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ إِلَّا الْمَغْرِبَ فَإِنَّهَا كَانَتْ ثَلَاثًا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِهِ وَلِلْمُصَنِّفِ فِي كِتَابِ الْهِجْرَةِ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ هَاجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفُرِضَتْ أَرْبَعًا فَعَيَّنَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي قَوْلِهِ هُنَا وَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ وَقَعَتْ بِالْمَدِينَةِ وَقَدْ أَخَذَ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ الْحَنَفِيَّةُ وَبَنَوْا عَلَيْهِ أَنَّ الْقَصْرَ فِي السَّفَرِ عَزِيمَةٌ لَا رُخْصَةٌ وَاحْتَجَّ مُخَالِفُوهُمْ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ لِأَنَّ نَفْيَ الْجُنَاحِ لَا يَدُلُّ عَلَى الْعَزِيمَةِ وَالْقَصْرُ إِنَّمَا يَكُونُ مِنْ شَيْءٍ أَطْوَلَ مِنْهُ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ رُخْصَةٌ أَيْضًا .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ وَأَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ الْبَابِ بِأَنَّهُ مِنْ قَوْلِ عَائِشَةَ غَيْرُ مَرْفُوعٍ وَبِأَنَّهَا لَمْ تَشْهَدْ زَمَانَ فَرْضِ الصَّلَاةِ قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ وَفِي هَذَا الْجَوَابِ نَظَرٌ أَمَّا أَوَّلًا فَهُوَ مِمَّا لَا مَجَالَ لِلرَّأْيِ فِيهِ فَلَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ.

.
وَأَمَّا ثَانِيًا فَعَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِ أَنَّهَا لَمْ تُدْرِكِ الْقِصَّةَ يَكُونُ مُرْسَلُ صَحَابِيٍّ وَهُوَ حُجَّةٌ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ أَخَذَتْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ عَنْ صَحَابِيٍّ آخَرَ أَدْرَكَ ذَلِكَ.

.
وَأَمَّا قَوْلُ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ لَوْ كَانَ ثَابِتًا لَنُقِلَ مُتَوَاتِرًا فَفِيهِ أَيْضًا نَظَرٌ لِأَنَّ التَّوَاتُرَ فِي مِثْلِ هَذَا غَيْرُ لَازِمٍ وَقَالُوا أَيْضًا يُعَارِضُ حَدِيثَ عَائِشَةَ هَذَا حَدِيث بن عَبَّاسٍ فُرِضَتِ الصَّلَاةُ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ يُمْكِنُ الْجمع بَين حَدِيث عَائِشَة وبن عَبَّاسٍ كَمَا سَيَأْتِي فَلَا تَعَارُضَ وَأَلْزَمُوا الْحَنَفِيَّةَ عَلَى قَاعِدَتِهِمْ فِيمَا إِذَا عَارَضَ رَأْيُ الصَّحَابِيِّ رِوَايَتَهُ بِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ الْعِبْرَةُ بِمَا رَأَى لَا بِمَا رَوَى وَخَالَفُوا ذَلِكَ هُنَا فَقَدْ ثَبَتَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تُتِمُّ فِي السَّفَرِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمَرْوِيَّ عَنْهَا غَيْرُ ثَابِتٍ وَالْجَوَابُ عَنْهُمْ أَنَّ عُرْوَةَ الرَّاوِيَ عَنْهَا قَدْ قَالَ لَمَّا سُئِلَ عَنْ إِتْمَامِهَا فِي السَّفَرِ إِنَّهَا تَأَوَّلَتْ كَمَا تَأَوَّلَ عُثْمَانُ فَعَلَى هَذَا لَا تَعَارُضَ بَيْنَ رِوَايَتِهَا وَبَيْنَ رَأْيِهَا فَرِوَايَتُهَا صَحِيحَةٌ وَرَأْيُهَا مَبْنِيُّ عَلَى مَا تَأَوَّلَتْ وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي وَبِهِ تَجْتَمِعُ الْأَدِلَّةُ السَّابِقَةُ أَنَّ الصَّلَوَاتَ فُرِضَتْ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ إِلَّا الْمَغْرِبَ ثُمَّ زِيدَتْ بَعْدَ الْهِجْرَةِ عَقِبَ الْهِجْرَة إِلَّا الصُّبْح كَمَا روى بن خُزَيْمَة وبن حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ فُرِضَتْ صَلَاةُ الْحَضَرَ وَالسَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَاطْمَأَنَّ زِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ رَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ وَتُرِكَتْ صَلَاةُ الْفَجْرِ لِطُولِ الْقِرَاءَةِ وَصَلَاةُ الْمَغْرِبِ لِأَنَّهَا وِتْرُ النَّهَارِ اه ثُمَّ بَعْدَ أَنْ اسْتَقَرَّ فَرْضُ الرُّبَاعِيَّةِ خُفِّفَ مِنْهَا فِي السَّفَرِ عِنْدَ نُزُولِ الْآيَةِ السَّابِقَةِ وَهِيَ .

     قَوْلُهُ تَعَالَى فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاة وَيُؤَيّد ذَلِك مَا ذكره بن الْأَثِيرِ فِي شَرْحِ الْمُسْنَدِ أَنَّ قَصْرَ الصَّلَاةِ كَانَ فِي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِمَّا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ أَنَّ نُزُولَ آيَةِ الْخَوْفِ كَانَ فِيهَا وَقِيلَ كَانَ قَصْرُ الصَّلَاةِ فِي رَبِيعٍ الْآخِرِ مِنَ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ ذَكَرَهُ الدُّولَابِيُّ وَأَوْرَدَهُ السُّهَيْلِيُّ بِلَفْظِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِعَامٍ أَوْ نَحْوِهِ وَقِيلَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا فَعَلَى هَذَا الْمُرَادُ بِقَوْلِ عَائِشَةَ فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ أَيْ بِاعْتِبَارِ مَا آلَ إِلَيْهِ الْأَمْرُ مِنَ التَّخْفِيفِ لَا أَنَّهَا اسْتَمَرَّتْ مُنْذُ فُرِضَتْ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْقَصْرَ عَزِيمَةٌ وَأما مَا وَقع فِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ وَالْخَوْفُ رَكْعَةٌ فَالْبَحْثُ فِيهِ يَجِيءُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ فَائِدَةٌ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَبْلَ الْإِسْرَاءِ صَلَاةٌ مَفْرُوضَةٌ إِلَّا مَا كَانَ وَقَعَ الْأَمْرُ بِهِ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ وَذَهَبَ الْحَرْبِيُّ إِلَى أَنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ مَفْرُوضَةً رَكْعَتَيْنِ بِالْغَدَاةِ وَرَكْعَتَيْنِ بِالْعَشِيِّ وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ كَانَتْ مَفْرُوضَةً ثُمَّ نُسِخَتْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فَاقْرَءُوا مَا تيَسّر مِنْهُ فَصَارَ الْفَرْضُ قِيَامَ بَعْضِ اللَّيْلِ ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَاسْتَنْكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ ذَلِكَ.

     وَقَالَ  الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْله تَعَالَى فاقرءوا مَا تيَسّر مِنْهُ إِنَّمَا نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِيهَا وَآخَرُونَ يُقَاتلُون فِي سَبِيل الله وَالْقِتَالُ إِنَّمَا وَقَعَ بِالْمَدِينَةِ لَا بِمَكَّةَ وَالْإِسْرَاءُ كَانَ بِمَكَّةَ قَبْلَ ذَلِكَ اه وَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ غَيْرُ وَاضِحٍ لِأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى عَلِمَ أَن سَيكون ظَاهِرٌ فِي الِاسْتِقْبَالِ فَكَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى امْتَنَّ عَلَيْهِمْ بِتَعْجِيلِ التَّخْفِيفِ قَبْلَ وُجُودِ الْمَشَقَّةِ الَّتِي علم أَنَّهَا ستقع لَهُم وَالله أعلم ( قَولُهُ بَابُ وُجُوبِ الصَّلَاةِ فِي الثِّيَابِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) يُشِيرُ بِذَلِكَ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيث بن عَبَّاسٍ قَالَ كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانَةً الحَدِيث وَفِيه فَنزلت خُذُوا زينتكم وَوَقَعَ فِي تَفْسِيرِ طَاوُسٍ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى خُذُوا زينتكم قَالَ الثِّيَابُ وَصَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَنَحْوُهُ عَنْ مُجَاهِدٍ وَنقل بن حَزْمٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ .

     قَوْلُهُ  وَمَنْ صَلَّى مُلْتَحِفًا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ هَكَذَا ثَبَتَ لِلْمُسْتَمْلِي وَحْدَهُ هُنَا وَسَيَأْتِي قَرِيبًا فِي بَابٍ مُفْرَدٍ وَعَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ هُنَا فَلَهُ تَعَلُّقٌ بِحَدِيثِ سَلَمَةَ الْمُعَلَّقِ بَعْدَهُ كَمَا سَيَظْهَرُ مِنْ سِيَاقِهِ .

     قَوْلُهُ  وَيُذْكَرُ عَنْ سَلَمَةَ قَدْ بَيَّنَ السَّبَبَ فِي تَرْكِ جَزْمِهِ بِهِ بِقَوْلِهِ وَفِي إِسْنَادِهِ نَظَرٌ وَقَدْ وَصَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَارِيخه وَأَبُو دَاوُد وبن خُزَيْمَة وبن حِبَّانَ وَاللَّفْظُ لَهُ مِنْ طَرِيقِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ مُوسَى بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ.

.

قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي رَجُلٌ أَتَصَيَّدُ أَفَأُصَلِّي فِي الْقَمِيصِ الْوَاحِدِ قَالَ نَعَمْ زُرَّهُ وَلَوْ بِشَوْكَةٍ وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُوسَى بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَلَمَةَ زَادَ فِي الْإِسْنَادِ رَجُلًا وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ مَالِكِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عَطَّافِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ فَصَرَّحَ بِالتَّحْدِيثِ بَيْنَ مُوسَى وَسَلَمَةَ فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ رِوَايَةُ أَبِي أُوَيْسٍ مِنَ الْمَزِيدِ فِي مُتَّصِلِ الْأَسَانِيدِ أَوْيَكُونَ التَّصْرِيحُ فِي رِوَايَةِ عَطَّافٍ وَهْمًا فَهَذَا وَجْهُ النَّظَرِ فِي إِسْنَادِهِ.

.
وَأَمَّا مَنْ صَحَّحَهُ فَاعْتَمَدَ رِوَايَةَ الدَّرَاوَرْدِيِّ وَجَعَلَ رِوَايَةَ عَطَّافٍ شَاهِدَةً لِاتِّصَالِهَا وَطَرِيقُ عَطَّافٍ أَخْرَجَهَا أَيْضًا أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَأما قَول بن الْقطَّان إِن مُوسَى هُوَ بن مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ الْمُضَعَّفُ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَأَبِي حَاتِمٍ وَأَبِي دَاوُدَ وَأَنَّهُ نُسِبَ هُنَا إِلَى جَدِّهِ فَلَيْسَ بِمُسْتَقِيمٍ لِأَنَّهُ نُسِبَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ مَخْزُومِيًّا وَهُوَ غَيْرُ التَّيْمِيِّ بِلَا تَرَدُّدٍ نَعَمْ وَقَعَ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فَيُحْتَمَلُ عَلَى بُعْدٍ أَنْ يَكُونَا جَمِيعًا رَوَيَا الْحَدِيثَ وَحَمَلَهُ عَنْهُمَا الدَّرَاوَرْدِيُّ وَإِلَّا فَذِكْرُ مُحَمَّدٍ فِيهِ شَاذٌّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  يَزُرُّهُ بِضَمِّ الزَّايِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ أَيْ يَشُدُّ إِزَارَهُ وَيَجْمَعُ بَيْنَ طَرَفَيْهِ لِئَلَّا تَبْدُوَ عَوْرَتُهُ وَلَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ إِلَّا بِأَنْ يَغْرِزَ فِي طَرَفَيْهِ شَوْكَةً يَسْتَمْسِكُ بِهَا وَذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ حَدِيثَ سَلَمَةَ هَذَا إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِأَخْذِ الزِّينَةِ فِي الْآيَةِ السَّابِقَةِ لُبْسُ الثِّيَابِ لَا تَحْسِينُهَا .

     قَوْلُهُ  وَمَنْ صَلَّى فِي الثَّوْبِ يُشِيرُ إِلَى مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَصَححهُ بن خُزَيْمَة وبن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ أَنَّهُ سَأَلَ أُخْتَهُ أُمَّ حَبِيبَةَ هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي الثَّوْبِ الَّذِي يُجَامِعُ فِيهِ قَالَتْ نَعَمْ إِذَا لَمْ يَرَ فِيهِ أَذًى وَهَذَا مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي تَضَمَّنَتْهَا تَرَاجِمُ هَذَا الْكِتَابِ بِغَيْرِ صِيغَةِ رِوَايَةٍ حَتَّى وَلَا التَّعْلِيقِ .

     قَوْلُهُ  مَا لَمْ يَرَ فِيهِ أَذًى سَقَطَ لَفْظُ فِيهِ مِنْ رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَالْحَمَوِيِّ .

     قَوْلُهُ  وَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي بَعْثِ عَلِيٍّ فِي حَجَّةِ أَبِي بَكْرٍ بِذَلِكَ وَقَدْ وَصَلَهُ بَعْدَ قَلِيلٍ لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ التَّصْرِيحُ بِالْأَمْرِ وَرَوَى أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ نَفْسَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُ لايحج بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ الْحَدِيثَ وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ لِلْبَابِ أَنَّ الطَّوَافَ إِذَا مُنِعَ فِيهِ التَّعَرِّي فَالصَّلَاةُ أَوْلَى إِذْ يُشْتَرَطُ فِيهَا مَا يُشْتَرَطُ فِي الطَّوَافِ وَزِيَادَةٌ وَقَدْ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَعَنْ بَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الذَّاكِرِ وَالنَّاسِي وَمِنْهُمْ مَنْ أَطْلَقَ كَوْنَهُ سُنَّةً لَا يُبْطِلُ تَرْكُهَا الصَّلَاةَ وَاحْتُجَّ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ شَرْطًا فِي الصَّلَاةِ لَاخْتَصَّ بِهَا وَلَافْتَقَرَ إِلَى النِّيَّةِ وَلَكَانَ الْعَاجِزُ الْعُرْيَانُ يَنْتَقِلُ إِلَى بَدَلٍ كَالْعَاجِزِ عَنِ الْقِيَامِ يَنْتَقِلُ إِلَى الْقُعُودِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ النَّقْضُ بِالْإِيمَانِ فَهُوَ شَرْطٌ فِي الصَّلَاةِ وَلَا يَخْتَصُّ بِهَا وَعَنِ الثَّانِي بِاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ فَإِنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ لِلنِّيَّةِ وَعَنِ الثَّالِثِ عَلَى مَا فِيهِ بِالْعَاجِزِ عَنِ الْقِرَاءَةِ ثُمَّ عَنِ التَّسْبِيحِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي سَاكِتًا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [350] حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: فَرَضَ اللَّهُ الصَّلاَةَ حِينَ فَرَضَهَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، فَأُقِرَّتْ صَلاَةُ السَّفَرِ، وَزِيدَ فِي صَلاَةِ الْحَضَرِ.
[الحديث طرفاه في 1090، 3935] .
وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي ( قال: أخبرنا مالك) هو ابن أنس إمام الأئمة ( عن صالح بن كيسان) بفتح الكاف ( عن عروة بن الزبير) بن العوّام ( عن عائشة أُم المؤمنين) رضي الله عنها ( قالت) : ( فرض الله) أي قدّر الله ( الصلاة) الرباعية ( حين فرضها) حال كونها ( ركعتين ركعتين) بالتكرير لإفادة عموم التثنية لكل صلاة ( في الحضر والسفر) زاد ابن إسحاق قال: حدّثني صالح بن كيسان بهذا الإسناد إلاّ المغرب فإنها ثلاث أخرجه أحمد، ( فأقرّت صلاة السفر) ركعتين ركعتين ( وزيد في صلاة الحضر) لمّا قدِمَ عليه الصلاة والسلام المدينة ركعتان ركعتان، وتركت صلاة الصبح لطول القراءة فيها وصلاة المغرب لأنها وتر النهار رواه ابنا خزيمة وحبّان والبيهقي، وقد تمسك بظاهره الحنفية على أن القصر في السفر عزيمة لا رخصة، فلا يجوز الإتمام إذ ظاهر قولها أقرّت يقتضيه.
وأُجيب: بأنه على سبيل الاجتهاد، وهو أيضًا معارض بحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عند مسلم: فرضت الصلاة في الحضر أربعًا وفي السفر ركعتين.
وفيه نظر يأتي إن شاء الله تعالى في أبواب القصر، وبأن عائشة أتمّت في السفر، والعبرة عندهم برأي الصحابي لا بمرويه أن تؤول الزيادة في قولها: وزيد في صلاة الحضر في عدد الصلوات حتى بلغت خمسًا لا في عدد الركعات، ويكون قولها: فرضت الصلاة ركعتين أي قبل الإسراء فإنها كانت قبل الإسراء صلاة قبل المغرب وصلاة قبل طلوع الشمس، ويشهد له قوله تعالى: { وسبّح بحمد ربك بالعشي والإبكار} [غافر: 40] ودليلنا كمالك وأحمد قوله تعالى: { فليس عليكم جُناح أن تقصروا من الصلاة} [النساء: 101] لأن نفي الجناح لا يدلّ على العزيمة، والقصر يُنبئ عن تمام سابق.
وقوله عليه الصلاة والسلام: ( صدقة تصدّق الله بها عليكم) .
رواه مسلم.
فالمفروض الأربع إلاّ أنه رخص بأداء ركعتين.
وقال الحنفيةالمفروض ركعتان فقط، وفائدة الخلاف تظهر فيما إذا أتمّ المسافر يكون الشفع الثاني عندنا فرضًا وعندهم نفلاً.
لنا إن الوقت سبب للأربع والسفر سبب للقصر فيختار أيهما شاء، ولهم قول ابن عباس رضي الله عنهما: إن الله فرض عليكم على لسان نبيّه عليه الصلاة والسلام والصلاة ( للمقيم أربعة وللمسافر ركعتين) ويأتي مزيد لذلك إن شاء الله تعالى في محله في باب التقصير.
ورواة هذا الحديث ما بين مصري ومدني، وفيه التحديث والإخبار والعنعنة، وهو من مراسيل عائشة وهو حجّة.
2 - باب وُجُوبِ الصَّلاَةِ فِي الثِّيَابِ، وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: { خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} وَمَنْ صَلَّى مُلْتَحِفًا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَيُذْكَرُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «يَزُرُّهُ وَلَوْ بِشَوْكَةٍ».
فِي إِسْنَادِهِ نَظَرٌ، وَمَنْ صَلَّى فِي الثَّوْبِ الَّذِي يُجَامِعُ فِيهِ مَا لَمْ يَرَ أَذًى، وَأَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ لاَ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ.
( باب وجوب الصلاة في الثياب) بالجمع على حدّ قولهم: فلان يركب الخيول ويلبس البرود، والمراد ستر العورة، وهو عند الحنفية والشافعية كعامّة الفقهاء وأهل الحديث شرط في صحة الصلاة.
نعم الحنفية لا يشترطون الستر عن نفسه، فلو كان محلول الجيب فنظر إلى عورته لا تفسد صلاته، وقال بهرام من المالكية: اختلف هل ستر العورة شرط في الصلاة أم لا؟ فعند ابن عطاء الله: أنه شرط فيها ومن واجباتها مع العلم والقدرة على المعروف من الذهب، وفي القبس المشهور: أنه ليس من شروطها وقال التونسي: هو فرض في نفسه لا من فروضها، وقال إسماعيل وابن بكير والشيخ أبو بكر: هو من سُننها، وفي تهذيب الطالب والمقدمات وتبصرة ابن محرز: اختلف هل ذلك فرض أو سُنة اهـ.
( و) بيان معنى ( قول الله تعالى) وللأصيلي وابن عساكر عزّ وجلّ { خذوا زينتكم} أي ثيابكم لمواراة عوراتكم { عند كل مسجد} [الأعراف: 31] لطواف أو صلاة، وفيه دليل على وجوب ستر العورة في الصلاة، ففي الأوّل إطلاق اسم الحال على المحل، وفي الثاني إطلاق اسم المحل على الحال بوجود الاتصال الذاتي بين الحال والمحل، وهذا لأن أخذ الزينة نفسها وهي عرض محُال فأُريد محلها وهو الثوب مجازًا، لا يقال سبب نزولها أنهم كانوا يطوفون عُراة، ويقولون لا نعبد الله في ثياب أذنبنا فيها فنزلت، لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وهذا عامّ لأنه قال: { عند كل مسجد} ولم يقل المسجد الحرام فيؤخذ بعمومه ( ومَن صلّى ملتحفًا في ثوب واحد) كذا ثبت للمستملي وحده قوله، ومَن صلّى إلخ ساقط عند الأربعة من طريق الحموي والكشميهني.
( ويذكر) بضم أوّله وفتح ثالثه ( عن سلمة بن الأكوع أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: يزرّه) بالمثناة التحتية المفتوحة وتشديد الراء المضمومة أي بأن يجمع بين طرفيه كي لا ترى عورته، وللأصيلي تزره بالمثناة الفوقية، وفي رواية يزرّ بحذف الضمير، ( ولو) لم يكن ذلك إلاّ بأن يزره ( يشوكه) ويستمسك بها فليفعل، وهذا وصله المؤلّف في تاريخه وأبو داود وابنا خزيمة وحبّان من طريق الدراوردي عن موسى بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي ربيعة عن سلمة بن الأكوع قلت: يا رسول الله إني رجل أتصيد أفأصلّي في القميص الواحد؟ قال: ( نعم زرّه ولو بشوكة) هذا لفظ ابن حبّان.
ورواه المؤلف عن إسماعيل بن أبي أُويس عن أبيه عن موسى بن إبراهيم عن أبيه عن سلمة فزاد في الإسناد رجلاً، ورواه أيضًا عن مالك بن إسماعيل عن عطاف بن خالد قال: حدّثنا موسى بن إبراهيم قال: حدّثنا سلمة فصرّح بالتحديث عن موسى وسلمة، فاحتمل أن تكون رواية ابن أبي أُويس من المزيد في متصل الأسانيد، أو كان التصريح في رواية عطاف وهما فهذا وجه قول المؤلّف ( في) وللأربعة وفي ( إسناده نظر) أو هو من جهة أن موسى هو ابن محمد التيمي المطعون فيه كما قاله ابن القطّان، وتبعه البرماوي وغيره، لكن ردّه الحافظ ابن حجر بأنه نسب في رواية البخاري وغيره مخزوميًا وهو غير التيمي بلا تردّد.
نعم وقع عند الطحاوي موسى بن محمد بن إبراهيم، فإن كان محفوظًا فيحتمل على بُعد أن يكونا جميعًا رويا الحديث، وحمله عنهما الدراوردي وإلاّ فذكر محمد فيه شاذّ اهـ.
من الفتح.
وحينئذ فمَن صلىّ في ثوب واسع الجيب وهو القدر الذي يدخل فيه الرأس ترى عورته من جيبه في ركوع أو سجود فليزره أو يشدّ وسطه، ( ومن) أي وباب من ( صلّى في الثوب الذي يجامع فيه) امرأته أو أمته ( ما لم يرَ فيه أذًى) أي نجاسة وللمستملي والحموي ما لم يرَ أذًى بإسقاط فيه، ( وأمر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) فيما رواه أبو هريرة في بعث عليّ فيحجة أبي بكر مما وصله المؤلف قريبًا لكن بغير تصريح بالأمر ( أن لا يطوف بالبيت) الحرام ( عريان) وإذا منع التعرّي في الطواف فالصلاة أولى إذ يشترط فيها ما يشترط فيه وزيادة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [350] حدثنا عبد الله بن يوسف: أنا مالك، عن صالح بن كيسان، عن عروة ابن الزبير، عن عائشة، قالت: فرض الله الصلاة حين فرضها ركعتين ركعتين في الحضر والسفر، فأقرت صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر.
تريد عائشة - رضي الله عنها -: أن الله تعالى لما فرض على رسوله الصلوات الخمس ليلة الإسراء، ثم نزل إلى الأرض وصلى به جبريل - عليه السلام - عند البيت، لم تكن صلاته حينئذ إلا ركعتين ركعتين في الحضر والسفر، ثم أقرت صلاة السفر على تلك الحال، وزيد في صلاة الحضر ركعتين ركعتين، ومرادها: الصلاة الرباعية خاصة.
ويدل عليه: ما خرجه البخاري في ((الهجرة)) من حديث معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: فرضت الصلاة ركعتين، ثم هاجر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ففرضت أربعاً، وتركت صلاة السفر على الأول.
كذا خرجه من رواية يزيد بن زريع، عن معمر، وقال: تابعه عبد الرزاق، عن معمر.
وخرجه البيهقي من روايةعبد الرزاق عن معمر، ولفظه: ((فرضت الصلاة على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمكة ركعتين ركعتين، فلما خرج إلى المدينة فرضت أربعاً، وأقرت صلاة السفر ركعتين)) .
وقال: هذا التقييد تفرد به معمر عن الزهري، وسائر الثقات أطلقوه - يعني: لم يذكروا الأربع.
انتهى.
وفي تقييدها الزيادة بالأربع دليل على أنه إنما زيد في الحضر الرباعية خاصة.
وقد ورد ذلك صريحا عنها في رواية أخرى خرجها الإمام أحمد من طريق ابن إسحاق، قال: حدثني صالح بن كيسان، عن عروة، عن عائشة، قالت: كان أول ما افترض على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الصلاة ركعتان ركعتان، إلا المغرب فإنها كانت ثلاثا، ثم أتم الله الظهر والعصر والعشاء الآخرة أربعاً في الحضر، فأقر الصلاة على فرضها الأول في السفر.
وخرج الإمام أحمد - أيضا - عن عبد الوهاب بن عطاء، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن عائشة، قالت: فرضت الصلاة ركعتين ركعتين، إلا المغرب فرضت ثلاثا؛ لأنها وتر.
قَالَتْ: وكان رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا سافر صلى الصلاة الأولى إلا المغرب، وإذا أقام زاد مع كل ركعتين ركعتين إلا المغرب؛ فإنها وتر، والصبح؛ لأنه يطول فيها القراءة.
وفي رواية أخرى له بهذا الإسناد:كان أول ما افترض على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ركعتان ركعتان، إلا المغرب؛ فإنها كانت ثلاثا، ثم أتم الله الظهر والعصر والعشاء الآخرة أربعا في الحضر، فأقر الصلاة على فرضها الأول في السفر.
وخرجه ابن خزيمة في ((صحيحه)) من طريق محبوب بن الحسن، عن داود، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة ولفظه: فرض صلاة السفر والحضر ركعتين ركعتين، فلما أقام رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالمدينة زيد في صلاة الحضر، وتركت صلاة الفجر، لطول القراءة، وصلاة المغرب؛ لأنها وتر النهار.
وخرجه البيهقي من وجه أخر عن داود كذلك.
وهذه الرواية إسنادها متصل، وهي تدل على أن إتمام الظهر والعصر والعشاء أربعاً تأخرالى ما بعد الهجرة إلى المدينة.
وكذلك روى أبو داود الطيالسي: ثنا حبيب بن يزيد الانماطي: ثنا عمرو ابن هرم، عن جابر بن زيد، قال: قالت عائشة: كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي بمكة ركعتين - تعني: الفرائض -، فلما قدم إلى المدينة وفرضت عليهالصلاة أربعاً وثلاثا صلى وترك الركعتين اللتين كان يصليهما بمكة تماما للسفر.
وخرج الطبراني هذا المعنى - أيضا - بإسناد ضعيف عن سلمان الفارسي - رضي الله عنه -.
وخرج الإسماعيلي في ((مسند عمر)) من رواية إسماعيل بن عياش، عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم وأرطاة بن المنذر، عن حكيم بن عمير، أن عمر بن الخطاب كتب إلى أمراء الأجناد: أما بعد، فإنما كانت الصلاة أول الإسلام ركعتين، فقال الناس: إنا قد امرنا أن نسبح أدبار السجود ونصلي بعد كل صلاة ركعتين، فلما رأى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تطوعهم صلاها أربعاً، وأمرهُ الله بذلك، فكان يسلم بين كل ركعتين، فخشينا أن ينصرف الصبي والجاهل يرى أنه قد أتم الصلاة، فرأيت أن يخفي الإمام التسليمة الأولى ويعلن بالثانية، فافعلوا ذلك.
هذا إسناد ضَعِيف منقطع، ومتن منكر.
وقد عارض هذا كله: ما روي أن جبريل أم النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عند البيت أول ما فرضت الصلاة، وصلى به أربعاً.
فخرج الدارقطني من طريق جرير بن حازم، عن قتادة عن أنس، أن جبريل أتى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -بمكة حين زالت الشمس، فأمره أن يؤذن للناس بالصلاة حين فرضت عليهم، فقام جبريل أمام النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقام الناس خلف رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قال: فصلى أربع ركعات لا يجهر فيها بقراءة، يأتم الناس برسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ويأتم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بجبريل عليه السلام، ثم أمهل حتى إذا دخل وقت العصر صلى بهم أربع ركعات لا يجهر فيها بالقراءة، يأتم المسلمون برسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ويأتم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بجبريل، ثم أمهل حتى إذا وجبت الشمس صلى بهم ثلاث ركعات، يجهر في ركعتين بالقراءة ولا يجهر في الثالثة، ثم أمهله حتى إذا ذهب ثلث الليل صلى بهم أربع ركعات، يجهر في الأوليين ولا يجهر الأُخريين بالقراءة، ثم أمهل حتى إذا طلع الفجر صلى بهم ركعتين يجهر فيهما بالقراءة.
ثم خرجه من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بنحوه مرسلاً.
وهذا المرسل اصح، وروايات جرير بن حازم عن قتادة خاصة فيها منكرات كثيرة، لا يتابع عليها، ذكر ذلك أئمة الحفاظ: منهم أحمد وابن معين وغيروهما.
ومراسيل الحسن.
فيها ضعف عند الاكثرين، وفيه نكارة في متنه فيذكر التاذين للصلاة؛ والأذان لَمْ يكن بمكة، إنما شرع بالمدينة.
خرجه البيهقي من طريق شيبان، عَن قتادة، قَالَ: حدّث الْحَسَن – فذكره مرسلا، وذكر أنه نودي لهم:: ((الصلاة جامعة)) .
وخرجه أبو داود ((في مراسيله)) من رواية سعيد عن قتادة عن الحسن.
وروى البيهقي باسنادة من حديث يحيى بن سعيد، عن أبي بكر بن محمد، عن أبي مسعود، قال: أتى جبريل النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: قم فصل؛ وذلك دلوك الشمس، فقام فصلى الظهر أربعاً - وذكر عدد الصلوات كلها تامة في اليومين.
ثم قال: أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم لم يسمعه من أبي مسعود الأنصاري، إنما هو بلاغ بلغه.
وقد نقل إسحاق بن منصور، عن إسحاق بن راهويه، قال: كل صلاة صلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمكة كانت ركعتين ركعتين، إلا المغرب ثلاثا، ثم هاجر إلى المدينة، ثم ضم إلى كل ركعتين ركعتين، إلا الفجر والمغرب، تركهما على حالهما.
قال: وصلى جبريل بالنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمكة عند المقام مرتين.
وممن قال: أن الصلوات الخمس فرضت ركعتين ركعتين: الشعبي، والحسن في رواية، وابن إسحاق.
وقالت طائفة: فرضت الصلاة اول ما فرضت أربعاً، إلا المغرب والصبح، كذلك قال نافع بن جبير بن مطعم، والحسن في رواية، وابن جريج، وهو اختيار إبراهيم الحربي، ورجحه ابن عبد البر، وتمسكوا بما لا حجة لهم فيه، ولا يعارض حديث عائشة.
وفي حديث عائشة فوائد كثيرة تتعلق بقصر الصلاة في السفر، تذكر في أبواب قصر المسافر - أن شاء الله تعالى.
2 - باب وجوب الصلاة في الثياب وقول الله - عز وجل - { خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف:31] ومن صلى ملتحفا في ثوب واحد ويذكر عن سلمة بن الأكوع، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ((يزره ولو بشوكة)) .
وفي إسناده نظر.
ومن صلى في الثوب الذي يجامع فيه إذا لم ير فيه أذى وأمر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن لا يطوف بالبيت عريان.
أما قوله تعالى: { خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} فإنها نزلت بسبب طواف المشركين بالبيت عراة، وقد صح هذا عن ابن عباس، واجمع عليه المفسرون من السلف بعده.
وقد ذكر الله هذه الآية عقب ذكره قصة ادم عليه السلام، وما جرى له ولزوجه مع الشيطان حتى أخرجهما من الجنة، ونزع عنهما لباسهما حتى بدت عوراتهما، فقال الله تعالى: { يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ} [الأعراف:27] .
ثم قال: { وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} [الأعراف:28] .
والمراد بالفاحشة هنا: نزع ثيابهم عند الطواف بالبيت، وطوافهم عراة كما كان عادة أهل الجاهلية.
ثم قال بعد ذلك: { يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} .
والمراد بذلك: أن يستروا عوراتهم عند المساجد، فدخل في ذلك الطواف والصلاة والاعتكاف وغير ذلك.
وقال طائفة من العلماء: أن الآية تدل على اخذ الزينة عند المساجد، وذلك قدر زائد على ستر العورة، وإن كان ستر العورة داخلا فيه وهو سبب نزول الآيات، فإن كشف العورة فاحشة من الفواحش، وسترها من الزينة، ولكنه يشمل مع ذلك لبس ما يتجمل به ويتزين به عند مناجاة الله وذكره ودعائه والطواف ببيته؛ ولهذا قَالَ تعالى عقب ذَلِكَ: { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الأعراف:32] .
وروى موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ((إذا صلى أحدكم فليلبس ثوبيه، فإن الله أحق من تزين له)) .
خرجه الطبراني وغيره.
وقد روى جماعة هذا الحديث عن ابن عمر، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أو عن عمر - بالشك في ذلك.
خرجه البزاز وغيره.
وخرجه أبو داود.
كذلك بالشك، ولم يذكرفيه ((فإن الله أحق من تزين له)) .
وروي ذكر التزين من قول ابن عمر، فروي عن أيوب، عن نافع، قال: رآني ابن عمر أصلي في ثوب واحد، قال: الم أكسك ثوبين؟ قلت: نعم، قال: فلو أرسلتك في حاجة كنت تذهب هكذا؟ : قلت: لا.
قال: فالله أحق أن تزين له.
أخرجه الحاكم وغيره.
والمحفوظ في هذا الحديث رواية من رواه بالشك في رفعه -: قاله الدارقطني.
وممن أمر بالصلاة في ثوبين: عمر، وابن مسعود، وقال ابن مسعود: إذ وسع الله فهو أزكى.
واستدل من قال: أن المأمور به من الزينة أكثر من ستر العورة التي يجب سترها عن الأبصار بأن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى أن يصلي الرجل في ثوب واحد ليس على عاتقه منه شيء، وبان من صلى عاريا خاليا لا تصح صلاته، وبان المرآة الحرة لا تصح صلاتها بدون خمار، مع أنه يباح لها وضع خمارها عند محارمها، فدل على أن الواجب في الصلاة أمر زائد على ستر العورة التي يجب سترها عن النظر.
وأما الصلاة في ثوب واحد ملتحفا به، ففيه عدة أحاديث عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ وقد خرج البخاري بعضها، وستأتي في موضعها - أن شاء الله.
وأما حديث سلمة بن الأكوع الذي علقه البخاري، وقال: في إسناده نظر؛ فهو من رواية موسى بن إبراهيم، عن سلمة بن الأكوع، قال: قلت: يا رسول الله؛ إني رجل أصيد، أفأصلي في القميص الواحد؟ قَالَ: ((نَعَمْ، زره ولو بشوكة)) .
خرجه الإمام أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن حبان فِي ((صحيحه)) ، والحاكم وصححه.
واستدل به طائفة من فقهاء أهل الحديث على كراهة الصلاة في قميص محلول الإزار، منهم: إسحاق بن راهويه، وسليمان بن داود الهاشمي، والجوزجاني وغيرهم.
وقال الإمام أحمد فيمن صلى في قميص ليس عليه غيره: يزره ويشده.
وقال - أيضا -: ينبغي أن يزره.
وقد روى هذا الحديث عن موسى بن إبراهيم: الدراوردي - ومن طريقه خرجه أبو داود - وعطاف بن خالد - ومن طريقه خرجه الإمام أحمد والنسائي.
وموسى هذا، زعم ابن القطان أنه موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، وذكر ذلك عن البرقاني، وأنه نقله عن أبي داود، فلزم من ذلك أمران يضعفان إسناده: أحدهما ضعف موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي؛ فإنه متفق عليه.
والثاني: انقطاعه؛ فإن موسى هذا لم يرو عن سلمة، إنما يروي عن أبيه، عن سلمة.
وذكر أنالطحاوي رواه عن ابن أبي داود، عن ابن أبي قتيلة، عن الدراوردي، عن موسى بن محمد بن إبراهيم، عن أبيه، عن سلمة.
قال: فحديث أبي داود علي هذا منقطع.
هذا مضمون ما ذكره ابن القطان، وزعم أن هذا هو النظر الذي أشار إليه البخاري بقوله: في إسناده نظر.
والصحيح: أن موسى هذا هو موسى بن إبراهيم بن عبد الرحمان بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي، نص على ذلك علي بن المديني -: نقله عنه القاضي إسماعيل في كتاب ((أحكام القرآن)) ، وكذا نقله المفضل الغلابي في ((تاريخه)) عن مصعب الزبيري، وكذا ذكره أبو بكر الخلال في كتاب ((العلل)) ، وصرح به - أيضا - من المتأخرين عبد الحق الإشبيلي وغيره، ولذلك خرج هذا الحديث ابن حبان في ((صحيحه)) ؛ فإنه لا يخرج فيه لموسى بن محمد بن إبراهيم التيمي شيئا؛ للاتفاق على ضعفه.
وقد فرق بين الرجلين يحيى بن معين - أيضا -، ففي ((تاريخ الغلابي)) عن يحيى بن معين: موسى بن محمد بن إبراهيم التيمييضعف، جاء بأحاديث منكرات.
ثم بعد ذلك بقليل، قال: موسى بن إبراهيم المديني، يروي عن سلمة بن الأكوع، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الصلاة في القميص الواحد: ((زره ولو بشوكة)) - ثبت.
وفي ((تاريخ مضر بن محمد)) ، عن ابن معين نحو هذا الكلام - أيضا -، إلا أنه قال في الذي روى حديث الصلاة في القميص: ليس به بأس، ولم يقل: ثبت.
وكذلك أبو حاتم الرازي، صرح بالفرق بين الرجلين.
قال ابن أبي حاتم في ((كتابه)) : موسى بن إبراهيم بن عبد الرحمان بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي، روى عن سلمة بن الأكوع، وعن أبيه عن أنس، روى عنه عطاف بن خالد، وعبد الرحمان بن أبي الموالي، وعبد العزيز ابن محمد، سمعت أبي يقول ذلك، وسمعته يقول: موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي خلاف هذا، ذاك شيخ ضعيف الحديث.
انتهى.
وتضعيفه التيمي دون هذا يدل على أن هذا ليس بضعيف.
وكذا فرق بينهما علي بن ألمديني، فيما نقله عنه أبو جعفر بن أبيشيبة في ((سؤالاته له)) ، وقال في التيمي: ضعيف، ضعيف، وقال في الذي يروي عن سلمة: كان صالحا وسطا.
وكذلك فرق بينهما ابن حبان، وذكر موسى بن إبراهيم هذا في ((ثقاته)) .
وكذلك صرح بنسبه أبو حاتم الرازي، فيما نقله عنه ابنه في كلامه على ((أوهام تاريخ البخاري)) .
وقد ورد التصريح بنسبة موسى هذا في روايات متعددة: فروى الشافعي: أنا عطاف بن خالد والدراوردي، عن موسى بن إبراهيم بن عبد الرحمان بن عبد الله بن أبي ربيعة، عن سلمة بن الاكوع، قال: قلت يا رسول الله، أنا نكون في الصيد، فيصلي احدنا في القميص الواحد؟ قال: ((نعم، وليزره، ولو لم يجد إلا أن يخله بشوكة)) .
وروى الإمام أحمد في ((المسند: ثنا هاشم بن القاسم: ثنا عطاف، عن موسى بن أبي ربيعة، قال: سمعت بن الاكوع - فذكر الحديث.
ورواه الاثرم في ((سننه)) : ثنا هشام بن بهرام: ثنا عطاف، عن موسى بن إبراهيم بن عبد الرحمان بن أبي بيعة المخزومي، أن سلمة بن الاكوع كان إذا قدم المدينة نزل على ابنه إبراهيم في داره، قال: فسمعتةيقول: قلت: يا رسول الله، أني أكون في الصيد، وليس علي إلاّ قميص واحد، أفأصلي فيه؟ قال ((نعم، وزره وان لم تجد إلا شوكه)) .
وكذلك رواه علي بن المديني، عن الدراوردي: أخبرني موسى بن عبد الرحمان، أنه سمع سلمة بن الاكوع - فذكره.
ففي هذه الروايات التصريح بنسبته وبسماعه من سلمة.
وأما رواية ابن أبي قتيله، عن الدراوردي فلا يلتفت إليها؛ فإن الشافعي وعلي بن المديني وقتيبة بن سعيد وغيرهم رووه عن الدراوردي على صواب، ولم يكن ابن أبي قتيلة من أهل الحديث، بل كان يعيبهم ويطعن عليهم، وقد ذكر عند الإمام أحمد أنه قال: أهل الحديث قوم سوء! فقال أحمد: زنديق! زنديق! زنديق! .
وقد روه أبو أويس، عن موسى بن إبراهيم، عن أبيه، عن سلمة - أيضا.
ذكره البخاري في ((تاريخه)) عن إسماعيل بن أبي أويس، عن أبيه - قال البيهقي: والأول أصح.
يعني: رواية من لم يذكر في اسنادة: ((عن أبيه)) .
وذكر البخاري في ((تاريخه)) : موسى بن إبراهيم بن عبد الله بن أبي ربيعة، سمع سلمة بن الأكوع، روى عنه عطاف بن خالد.
وروى عبد الرحمان بن أبي الموالي، عن موسى بن إبراهيم بن أبيربيعة عن أبيه، عن أنس، أنه رأى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلى في ثوب واحد ملتحفاُ فيه.
وهذا الحديث خرجه الإمام أحمد، عن أبي عامر العقدي، عن ابن أبي الموالي.
فهذا هو النظر الذي أشار البخاري إلى إسناده في ((صحيحه)) ، وهو الاختلاف فِي إسناد الحَدِيْث على موسى بن إبراهيم.
وفي كونه علة مؤثرة نظر؛ فإن لفظ الحديثين مختلف جدا، فهما حديثان مختلفان إسناداً ومتنا.
نعم؛ لرواية ابن أبي الموالي، عن موسى، عن أبيه، عن أنس علة مؤثرة، وهي أن عبد الله بن عكرمة رواه عن إبراهيم بن عبد الرحمان بن عبد الله بن أبي ربيعة - وهو: والد موسى -، عن جابر، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقد خرج حديثه الإمام أحمد.
ولعل هذة الرواية أشبه؛ فإن متن هذا الحديث معروف عن جابر بن عبد الله، لا عن أنس.
لكن نقل ابن أبي حاتم، عن أبيه في كلام جاء على ((أوهام تاريخ البخاري)) : أن رواية موسى عن أبيه عن أنس، ورواية إبراهيم والد موسى عن جابر من غير رواية ابنه موسى.
وهذا يدل على أن الإسنادين محفوظان.
وأما حديث الصلاة في القميص وزره بالشوكة، فلا يعرف إلا بهذا الإسناد عن سلمة، فلا يعلل بحديث غيره.
والله أعلم.
وأما قوله: ((من صلى في الثوب الذي يجامع فية إذا لم ير فيه أذى)) ، فهذا فيه غير حديث، لكنها ليست على شرطه:فروى يزيد بن أبي حبيب، عن سويد بن قيس، عن معاوية بن حديج، عن معاوية بن أبي سفيان، أنه سال أخته أم حبيبة زوج النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هل كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي في الثوب الذي يجامعها فيه؟ قالت: نعم، إذا لم ير فيه أذى.
خرجه الإمام أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
وخرج الإمام أحمد من رواية ضمرة بن حبيب، أن محمد بن أبي سفيان الثقفي حدثه، أنه سمع أم حبيبة تقول: رأيت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي، وعلي وعليه ثوب واحد، فيه كان ما كان.
وروى الأوزاعي، عن يعيش بن الوليد، عن معاوية بن أبي سفيان، قال: دخلت على أم حبيبة ورسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي في ثوب واحد، فقلت: إلا أراه يصلي كما أرى؟ قالتا: نعم، وهو الثوب الذي كان فيه ما كان.
خرجه أبو يعلى الموصلي.
ويعيش ثقة، إلا أني لا أظنه أدرك معاوية.
وخرج الإمام أحمد وابن ماجه من حديث عبد الملك بن عمير، عن جابر بن سمرة قال: سال رجل النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أصلي في الثوب الذي آتي فيه أهلي؟ قالَ: ((نعم، إلا أن ترى شيئا فتغسله)) .
وقال أبو حاتم الرازي والدارقطني: الصواب وقفه على جابر بن سمرة.
وقال عبد الله ابن الإمام أحمد: هذا الحديث لا يرفع عن جابر بن سمرة.
يشير إلى أن من رفعه فقد وهم.
وخرج ابن ماجه من رواية الحسن بن يحيى ألخشني: ثنا زيد بن واقد، عن بسر بن عبيد الله، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي الدر داء، قال: خرج علينا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ورأسه يقطر ماء، فصلى بنا في ثوب واحد متوشحا به، قد خالف بين طرفيه، فلما انصرف قال له عمر بن الخطاب: يا رسول الله، تصلي بنا في ثوب واحد؟ قَالَ: ((نعم، اصلي فيه، وفيه)) - أي: قد جامعت فيه.
والخشني هذا، قال ابن معين فيه: ليس بشيء.
وأما أمر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن لا يطوف بالبيت عريان؛ فهو حديث صحيح، وقد خرجه البخاري في موضع أخر من حديث أبي هريرة، وسيأتيقريبا - أن شاء الله.
وهو من أحسن ما يستدل به على النهي عن الصلاة عريانا؛ لأن الطواف يشبه بالصلاة، فالمشبه به أولى.
وقد روي عن ابن عباس - مرفوعا، وموقوفا -: ((الطواف بالبيت صلاة)) .
خرج البخاري في هذا الباب حديث أم عطية: فقال:

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [ قــ :346 ... غــ :350] .

     قَوْلُهُ  عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ حِينَ فَرَضَهَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ كَرَّرَتْ لَفْظَ رَكْعَتَيْنِ لِتُفِيدَ عُمُومَ التَّثْنِيَةِ لكل صَلَاة زَاد بن إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ إِلَّا الْمَغْرِبَ فَإِنَّهَا كَانَتْ ثَلَاثًا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِهِ وَلِلْمُصَنِّفِ فِي كِتَابِ الْهِجْرَةِ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ هَاجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفُرِضَتْ أَرْبَعًا فَعَيَّنَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي قَوْلِهِ هُنَا وَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ وَقَعَتْ بِالْمَدِينَةِ وَقَدْ أَخَذَ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ الْحَنَفِيَّةُ وَبَنَوْا عَلَيْهِ أَنَّ الْقَصْرَ فِي السَّفَرِ عَزِيمَةٌ لَا رُخْصَةٌ وَاحْتَجَّ مُخَالِفُوهُمْ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ لِأَنَّ نَفْيَ الْجُنَاحِ لَا يَدُلُّ عَلَى الْعَزِيمَةِ وَالْقَصْرُ إِنَّمَا يَكُونُ مِنْ شَيْءٍ أَطْوَلَ مِنْهُ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ رُخْصَةٌ أَيْضًا .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ وَأَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ الْبَابِ بِأَنَّهُ مِنْ قَوْلِ عَائِشَةَ غَيْرُ مَرْفُوعٍ وَبِأَنَّهَا لَمْ تَشْهَدْ زَمَانَ فَرْضِ الصَّلَاةِ قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ وَفِي هَذَا الْجَوَابِ نَظَرٌ أَمَّا أَوَّلًا فَهُوَ مِمَّا لَا مَجَالَ لِلرَّأْيِ فِيهِ فَلَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ.

.
وَأَمَّا ثَانِيًا فَعَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِ أَنَّهَا لَمْ تُدْرِكِ الْقِصَّةَ يَكُونُ مُرْسَلُ صَحَابِيٍّ وَهُوَ حُجَّةٌ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ أَخَذَتْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ عَنْ صَحَابِيٍّ آخَرَ أَدْرَكَ ذَلِكَ.

.
وَأَمَّا قَوْلُ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ لَوْ كَانَ ثَابِتًا لَنُقِلَ مُتَوَاتِرًا فَفِيهِ أَيْضًا نَظَرٌ لِأَنَّ التَّوَاتُرَ فِي مِثْلِ هَذَا غَيْرُ لَازِمٍ وَقَالُوا أَيْضًا يُعَارِضُ حَدِيثَ عَائِشَةَ هَذَا حَدِيث بن عَبَّاسٍ فُرِضَتِ الصَّلَاةُ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ يُمْكِنُ الْجمع بَين حَدِيث عَائِشَة وبن عَبَّاسٍ كَمَا سَيَأْتِي فَلَا تَعَارُضَ وَأَلْزَمُوا الْحَنَفِيَّةَ عَلَى قَاعِدَتِهِمْ فِيمَا إِذَا عَارَضَ رَأْيُ الصَّحَابِيِّ رِوَايَتَهُ بِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ الْعِبْرَةُ بِمَا رَأَى لَا بِمَا رَوَى وَخَالَفُوا ذَلِكَ هُنَا فَقَدْ ثَبَتَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تُتِمُّ فِي السَّفَرِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمَرْوِيَّ عَنْهَا غَيْرُ ثَابِتٍ وَالْجَوَابُ عَنْهُمْ أَنَّ عُرْوَةَ الرَّاوِيَ عَنْهَا قَدْ قَالَ لَمَّا سُئِلَ عَنْ إِتْمَامِهَا فِي السَّفَرِ إِنَّهَا تَأَوَّلَتْ كَمَا تَأَوَّلَ عُثْمَانُ فَعَلَى هَذَا لَا تَعَارُضَ بَيْنَ رِوَايَتِهَا وَبَيْنَ رَأْيِهَا فَرِوَايَتُهَا صَحِيحَةٌ وَرَأْيُهَا مَبْنِيُّ عَلَى مَا تَأَوَّلَتْ وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي وَبِهِ تَجْتَمِعُ الْأَدِلَّةُ السَّابِقَةُ أَنَّ الصَّلَوَاتَ فُرِضَتْ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ إِلَّا الْمَغْرِبَ ثُمَّ زِيدَتْ بَعْدَ الْهِجْرَةِ عَقِبَ الْهِجْرَة إِلَّا الصُّبْح كَمَا روى بن خُزَيْمَة وبن حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ فُرِضَتْ صَلَاةُ الْحَضَرَ وَالسَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَاطْمَأَنَّ زِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ رَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ وَتُرِكَتْ صَلَاةُ الْفَجْرِ لِطُولِ الْقِرَاءَةِ وَصَلَاةُ الْمَغْرِبِ لِأَنَّهَا وِتْرُ النَّهَارِ اه ثُمَّ بَعْدَ أَنْ اسْتَقَرَّ فَرْضُ الرُّبَاعِيَّةِ خُفِّفَ مِنْهَا فِي السَّفَرِ عِنْدَ نُزُولِ الْآيَةِ السَّابِقَةِ وَهِيَ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاة وَيُؤَيّد ذَلِك مَا ذكره بن الْأَثِيرِ فِي شَرْحِ الْمُسْنَدِ أَنَّ قَصْرَ الصَّلَاةِ كَانَ فِي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِمَّا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ أَنَّ نُزُولَ آيَةِ الْخَوْفِ كَانَ فِيهَا وَقِيلَ كَانَ قَصْرُ الصَّلَاةِ فِي رَبِيعٍ الْآخِرِ مِنَ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ ذَكَرَهُ الدُّولَابِيُّ وَأَوْرَدَهُ السُّهَيْلِيُّ بِلَفْظِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِعَامٍ أَوْ نَحْوِهِ وَقِيلَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا فَعَلَى هَذَا الْمُرَادُ بِقَوْلِ عَائِشَةَ فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ أَيْ بِاعْتِبَارِ مَا آلَ إِلَيْهِ الْأَمْرُ مِنَ التَّخْفِيفِ لَا أَنَّهَا اسْتَمَرَّتْ مُنْذُ فُرِضَتْ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْقَصْرَ عَزِيمَةٌ وَأما مَا وَقع فِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ وَالْخَوْفُ رَكْعَةٌ فَالْبَحْثُ فِيهِ يَجِيءُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ فَائِدَةٌ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَبْلَ الْإِسْرَاءِ صَلَاةٌ مَفْرُوضَةٌ إِلَّا مَا كَانَ وَقَعَ الْأَمْرُ بِهِ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ وَذَهَبَ الْحَرْبِيُّ إِلَى أَنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ مَفْرُوضَةً رَكْعَتَيْنِ بِالْغَدَاةِ وَرَكْعَتَيْنِ بِالْعَشِيِّ وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ كَانَتْ مَفْرُوضَةً ثُمَّ نُسِخَتْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فَاقْرَءُوا مَا تيَسّر مِنْهُ فَصَارَ الْفَرْضُ قِيَامَ بَعْضِ اللَّيْلِ ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَاسْتَنْكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ ذَلِكَ.

     وَقَالَ  الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْله تَعَالَى فاقرءوا مَا تيَسّر مِنْهُ إِنَّمَا نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِيهَا وَآخَرُونَ يُقَاتلُون فِي سَبِيل الله وَالْقِتَالُ إِنَّمَا وَقَعَ بِالْمَدِينَةِ لَا بِمَكَّةَ وَالْإِسْرَاءُ كَانَ بِمَكَّةَ قَبْلَ ذَلِكَ اه وَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ غَيْرُ وَاضِحٍ لِأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى عَلِمَ أَن سَيكون ظَاهِرٌ فِي الِاسْتِقْبَالِ فَكَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى امْتَنَّ عَلَيْهِمْ بِتَعْجِيلِ التَّخْفِيفِ قَبْلَ وُجُودِ الْمَشَقَّةِ الَّتِي علم أَنَّهَا ستقع لَهُم وَالله أعلم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :346 ... غــ :350 ]
- حدثنا عبد الله بن يوسف: أنا مالك، عن صالح بن كيسان، عن عروة ابن الزبير، عن عائشة، قالت: فرض الله الصلاة حين فرضها ركعتين ركعتين في الحضر والسفر، فأقرت صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر.

تريد عائشة - رضي الله عنها -: أن الله تعالى لما فرض على رسوله الصلوات الخمس ليلة الإسراء، ثم نزل إلى الأرض وصلى به جبريل - عليه السلام - عند البيت، لم تكن صلاته حينئذ إلا ركعتين ركعتين في الحضر والسفر، ثم أقرت صلاة السفر على تلك الحال، وزيد في صلاة الحضر ركعتين ركعتين، ومرادها: الصلاة الرباعية خاصة.

ويدل عليه: ما خرجه البخاري في ( ( الهجرة) ) من حديث معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: فرضت الصلاة ركعتين، ثم هاجر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ففرضت أربعاً، وتركت صلاة السفر على الأول.

كذا خرجه من رواية يزيد بن زريع، عن معمر، وقال: تابعه عبد الرزاق، عن معمر.

وخرجه البيهقي من رواية عبد الرزاق عن معمر، ولفظه: ( ( فرضت الصلاة على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمكة ركعتين ركعتين، فلما خرج إلى المدينة فرضت أربعاً، وأقرت صلاة السفر ركعتين) ) .

وقال: هذا التقييد تفرد به معمر عن الزهري، وسائر الثقات أطلقوه - يعني: لم يذكروا الأربع.
انتهى.

وفي تقييدها الزيادة بالأربع دليل على أنه إنما زيد في الحضر الرباعية خاصة.

وقد ورد ذلك صريحا عنها في رواية أخرى خرجها الإمام أحمد من طريق ابن إسحاق، قال: حدثني صالح بن كيسان، عن عروة، عن عائشة، قالت: كان أول ما افترض على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الصلاة ركعتان ركعتان، إلا المغرب فإنها كانت ثلاثا، ثم أتم الله الظهر والعصر والعشاء الآخرة أربعاً في الحضر، فأقر الصلاة على فرضها الأول في السفر.

وخرج الإمام أحمد - أيضا - عن عبد الوهاب بن عطاء، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن عائشة، قالت: فرضت الصلاة ركعتين ركعتين، إلا المغرب فرضت ثلاثا؛ لأنها وتر.
قَالَتْ: وكان رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا سافر صلى الصلاة الأولى إلا
المغرب، وإذا أقام زاد مع كل ركعتين ركعتين إلا المغرب؛ فإنها وتر، والصبح؛ لأنه يطول فيها القراءة.

وفي رواية أخرى له بهذا الإسناد: كان أول ما افترض على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ركعتان ركعتان، إلا المغرب؛ فإنها كانت ثلاثا، ثم أتم الله الظهر والعصر والعشاء الآخرة أربعا في الحضر، فأقر الصلاة على فرضها الأول في السفر.

وخرجه ابن خزيمة في ( ( صحيحه) ) من طريق محبوب بن الحسن، عن داود، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة ولفظه: فرض صلاة السفر والحضر ركعتين ركعتين، فلما أقام رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالمدينة زيد في صلاة الحضر، وتركت صلاة الفجر، لطول القراءة، وصلاة المغرب؛ لأنها وتر النهار.

وخرجه البيهقي من وجه أخر عن داود كذلك.

وهذه الرواية إسنادها متصل، وهي تدل على أن إتمام الظهر والعصر والعشاء أربعاً تأخرالى ما بعد الهجرة إلى المدينة.

وكذلك روى أبو داود الطيالسي: ثنا حبيب بن يزيد الانماطي: ثنا عمرو ابن هرم، عن جابر بن زيد، قال: قالت عائشة: كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي بمكة ركعتين - تعني: الفرائض -، فلما قدم إلى المدينة وفرضت عليه الصلاة أربعاً وثلاثا صلى وترك الركعتين اللتين كان يصليهما بمكة تماما للسفر.

وخرج الطبراني هذا المعنى - أيضا - بإسناد ضعيف عن سلمان الفارسي - رضي الله عنه -.

وخرج الإسماعيلي في ( ( مسند عمر) ) من رواية إسماعيل بن عياش، عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم وأرطاة بن المنذر، عن حكيم بن عمير، أن عمر بن الخطاب كتب إلى أمراء الأجناد: أما بعد، فإنما كانت الصلاة أول الإسلام ركعتين، فقال الناس: إنا قد امرنا أن نسبح أدبار السجود ونصلي بعد كل صلاة ركعتين، فلما رأى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تطوعهم صلاها أربعاً، وأمرهُ الله بذلك، فكان يسلم بين كل ركعتين، فخشينا أن ينصرف الصبي والجاهل يرى أنه قد أتم الصلاة، فرأيت أن يخفي الإمام التسليمة الأولى ويعلن بالثانية، فافعلوا ذلك.

هذا إسناد ضَعِيف منقطع، ومتن منكر.

وقد عارض هذا كله: ما روي أن جبريل أم النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عند البيت أول ما فرضت الصلاة، وصلى به أربعاً.

فخرج الدارقطني من طريق جرير بن حازم، عن قتادة عن أنس، أن جبريل أتى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمكة حين زالت الشمس، فأمره أن يؤذن للناس بالصلاة حين فرضت عليهم، فقام جبريل أمام النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقام الناس خلف رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قال: فصلى أربع ركعات لا يجهر فيها بقراءة، يأتم الناس برسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ويأتم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بجبريل عليه السلام، ثم أمهل حتى إذا دخل وقت العصر صلى بهم أربع ركعات لا يجهر فيها بالقراءة، يأتم المسلمون برسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ويأتم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بجبريل، ثم أمهل حتى إذا وجبت الشمس صلى بهم ثلاث ركعات، يجهر في ركعتين بالقراءة ولا يجهر في الثالثة، ثم أمهله حتى إذا ذهب ثلث الليل صلى بهم أربع ركعات، يجهر في الأوليين ولا يجهر الأُخريين بالقراءة، ثم أمهل حتى إذا طلع الفجر صلى بهم ركعتين يجهر فيهما بالقراءة.

ثم خرجه من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بنحوه مرسلاً.

وهذا المرسل اصح، وروايات جرير بن حازم عن قتادة خاصة فيها منكرات كثيرة، لا يتابع عليها، ذكر ذلك أئمة الحفاظ: منهم أحمد وابن معين وغيروهما.
ومراسيل الحسن.
فيها ضعف عند الاكثرين، وفيه نكارة في متنه في ذكر التاذين
للصلاة؛ والأذان لَمْ يكن بمكة، إنما شرع بالمدينة.

خرجه البيهقي من طريق شيبان، عَن قتادة، قَالَ: حدّث الْحَسَن – فذكره مرسلا، وذكر أنه نودي لهم:: ( ( الصلاة جامعة) ) .

وخرجه أبو داود ( ( في مراسيله) ) من رواية سعيد عن قتادة عن الحسن.

وروى البيهقي باسنادة من حديث يحيى بن سعيد، عن أبي بكر بن محمد، عن أبي مسعود، قال: أتى جبريل النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: قم فصل؛ وذلك دلوك الشمس، فقام فصلى الظهر أربعاً - وذكر عدد الصلوات كلها تامة في اليومين.

ثم قال: أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم لم يسمعه من أبي مسعود
الأنصاري، إنما هو بلاغ بلغه.

وقد نقل إسحاق بن منصور، عن إسحاق بن راهويه، قال: كل صلاة صلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمكة كانت ركعتين ركعتين، إلا المغرب ثلاثا، ثم هاجر إلى المدينة، ثم ضم إلى كل ركعتين ركعتين، إلا الفجر والمغرب، تركهما على حالهما.
قال: وصلى جبريل بالنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمكة عند المقام مرتين.

وممن قال: أن الصلوات الخمس فرضت ركعتين ركعتين: الشعبي، والحسن في رواية، وابن إسحاق.
وقالت طائفة: فرضت الصلاة اول ما فرضت أربعاً، إلا المغرب والصبح، كذلك قال نافع بن جبير بن مطعم، والحسن في رواية، وابن جريج، وهو اختيار إبراهيم الحربي، ورجحه ابن عبد البر، وتمسكوا بما لا حجة لهم فيه، ولا يعارض حديث عائشة.

وفي حديث عائشة فوائد كثيرة تتعلق بقصر الصلاة في السفر، تذكر في أبواب قصر المسافر - أن شاء الله تعالى.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :346 ... غــ : 350 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: فَرَضَ اللَّهُ الصَّلاَةَ حِينَ فَرَضَهَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، فَأُقِرَّتْ صَلاَةُ السَّفَرِ، وَزِيدَ فِي صَلاَةِ الْحَضَرِ.
[الحديث 350 - طرفاه في 1090، 3935] .

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي ( قال: أخبرنا مالك) هو ابن أنس إمام الأئمة ( عن صالح بن كيسان) بفتح الكاف ( عن عروة بن الزبير) بن العوّام ( عن عائشة أُم المؤمنين) رضي الله عنها ( قالت) :
( فرض الله) أي قدّر الله ( الصلاة) الرباعية ( حين فرضها) حال كونها ( ركعتين ركعتين) بالتكرير لإفادة عموم التثنية لكل صلاة ( في الحضر والسفر) زاد ابن إسحاق قال: حدّثني صالح بن كيسان بهذا الإسناد إلاّ المغرب فإنها ثلاث أخرجه أحمد، ( فأقرّت صلاة السفر) ركعتين ركعتين ( وزيد في صلاة الحضر) لمّا قدِمَ عليه الصلاة والسلام المدينة ركعتان ركعتان، وتركت صلاة الصبح لطول القراءة فيها وصلاة المغرب لأنها وتر النهار رواه ابنا خزيمة وحبّان والبيهقي، وقد تمسك بظاهره الحنفية على أن القصر في السفر عزيمة لا رخصة، فلا يجوز الإتمام إذ ظاهر قولها أقرّت يقتضيه.

وأُجيب: بأنه على سبيل الاجتهاد، وهو أيضًا معارض بحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عند مسلم: فرضت الصلاة في الحضر أربعًا وفي السفر ركعتين.
وفيه نظر يأتي إن شاء الله تعالى في أبواب القصر، وبأن عائشة أتمّت في السفر، والعبرة عندهم برأي الصحابي لا بمرويه أن تؤول الزيادة في قولها: وزيد في صلاة الحضر في عدد الصلوات حتى بلغت خمسًا لا في عدد الركعات، ويكون قولها: فرضت الصلاة ركعتين أي قبل الإسراء فإنها كانت قبل الإسراء صلاة قبل المغرب وصلاة قبل طلوع الشمس، ويشهد له قوله تعالى: { وسبّح بحمد ربك بالعشي والإبكار} [غافر: 40] ودليلنا كمالك وأحمد قوله تعالى: { فليس عليكم جُناح أن تقصروا من الصلاة} [النساء: 101] لأن نفي الجناح لا يدلّ على العزيمة، والقصر يُنبئ عن تمام سابق.
وقوله عليه

الصلاة والسلام: ( صدقة تصدّق الله بها عليكم) .
رواه مسلم.
فالمفروض الأربع إلاّ أنه رخص بأداء ركعتين.

وقال الحنفية المفروض ركعتان فقط، وفائدة الخلاف تظهر فيما إذا أتمّ المسافر يكون الشفع الثاني عندنا فرضًا وعندهم نفلاً.


لنا إن الوقت سبب للأربع والسفر سبب للقصر فيختار أيهما شاء، ولهم قول ابن عباس رضي الله عنهما: إن الله فرض عليكم على لسان نبيّه عليه الصلاة والسلام والصلاة ( للمقيم أربعة وللمسافر ركعتين) ويأتي مزيد لذلك إن شاء الله تعالى في محله في باب التقصير.
ورواة هذا الحديث ما بين مصري ومدني، وفيه التحديث والإخبار والعنعنة، وهو من مراسيل عائشة وهو حجّة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :346 ... غــ :350]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بنُ يُوسُفَ قَالَ أخبْرنا مالِكٌ عَنْ صَالِحِ بنِ كَيْسَانَ عَنْ عُرْوَةَ بن الزُّبَيْرِ عَنْ عائِشَةَ أمِّ المُؤْمِنينَ قالَتْ فَرَضَ اللَّهُ الصَّلاَةَ حِينَ فَرَضَهَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فِي الحَضَرِ والسَّفَر فأُقِرَّتْ صَلاَةُ السَّفَرِ وَزِيدَ فِي صَلاَةِ الحَضَرِ.
( الحَدِيث 053 طرفاه فِي: 0901، 5393) .


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة كلهم قد ذكرُوا، وَعبد ابْن يُوسُف التنيسِي، وَمَالك بن أنس.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وَاحِد، وَكَذَلِكَ الْإِخْبَار فِي مَوضِع وَاحِد.
وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين مصري ومدني، وَهَذَا من مَرَاسِيل عَائِشَة لِأَنَّهَا لم تدْرك الْقِصَّة، وَيحْتَمل أَن تكون أخذت ذَلِك من النَّبِي أَو من صَحَابِيّ آخر، وعَلى كل حَال فَهُوَ حجَّة لِأَن هَذَا مِمَّا لَا مجَال للرأي فِيهِ.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْهِجْرَة عَن مُسَدّد عَن يزِيد بن زُرَيْع عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: ( فرضت الصَّلَاة رَكْعَتَيْنِ ثمَّ هَاجر النَّبِي فَفرضت أَرْبعا) .
وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن يحيى بن يحيى، وَأَبُو دَاوُد فِيهِ عَن القعْنبِي، وَالنَّسَائِيّ فِيهِ عَن قُتَيْبَة، أربعتهم عَن مَالك عَن صَالح بن كيسَان بِهِ.

ذكر مَعْنَاهُ وَمَا يستنبط مِنْهُ.
قَوْله: ( فرض ا) أَي: قدر ا، وَالْفَرْض فِي اللُّغَة التَّقْدِير، هَكَذَا فسره أَبُو عمر.
قَوْلهَا: ( الصَّلَاة) أَي: الصَّلَاة الرّبَاعِيّة، وَذَلِكَ لِأَن الثَّلَاثَة وتر صَلَاة النَّهَار، وَأَشَارَ إِلَى ذَلِك فِي رِوَايَة أَحْمد من حَدِيث ابْن إِسْحَاق قَالَ: حَدثنِي صَالح بن كيسَان عَن عُرْوَة: إِلَى آخِره، وَفِيه: ( إلاَّ الْمغرب فَإِنَّهَا كَانَت ثَلَاثًا) : وَذكر الدَّاودِيّ أَن الصَّلَوَات زيدت فِيهَا رَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ، وزيدت فِي الْمغرب رَكْعَة.
وَفِي سنَن الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث دَاوُد بن أبي هِنْد عَن عَامر عَن مَسْرُوق عَن عَائِشَة قَالَت: ( إِن أول مَا فرضت الصَّلَاة رَكْعَتَيْنِ، فَلَمَّا قدم النَّبِي الْمَدِينَة وَاطْمَأَنَّ زَاد رَكْعَتَيْنِ، غير الْمغرب، لِأَنَّهَا وتر صَلَاة الْغَدَاة.
قَالَ: وَكَانَ إِذا سَافر صلى الصَّلَاة الأولى)
.
قَوْلهَا: ( رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ) بالتكرار ليُفِيد عُمُوم التَّثْنِيَة لكل صَلَاة، لِأَن قَاعِدَة كَلَام الْعَرَب أَن تكْرَار الِاسْم المُرَاد تَقْسِيم الشَّيْء عَلَيْهِ، ولولاه لَكَانَ فِيهِ إِيهَام أَن الْفَرِيضَة فِي السّفر والحضر مَا كَانَت إلاَّ فَرد رَكْعَتَيْنِ فَقَط.
وانتصب: ( رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ) على الحالية، والتكرار فِي الْحَقِيقَة عبارَة عَن كلمة وَاحِدَة نَحْو: مثنى، ونظيرها قَوْلك: هَذَا مزاي، قَائِم مقَام الحلو والحامض.
قَوْلهَا: ( وَزيد فِي صَلَاة الْحَضَر) ، يَعْنِي: زيدت فِيهَا حَتَّى تكملت خمْسا، فَتكون الزِّيَادَة فِي عدد الصَّلَوَات، وَيكون قَوْلهَا: فرضت الصَّلَاة رَكْعَتَيْنِ، أَي: قبل الْإِسْرَاء، لِأَن الصَّلَاة قبل الْإِسْرَاء كَانَت صَلَاة قبل غرُوب الشَّمْس، وَصَلَاة قبل طُلُوعهَا.
وَيشْهد لَهُ قَوْله تَعَالَى: { وَسبح بالْعَشي والأبكار} ( آل عمرَان: 14) قَالَه أَبُو إِسْحَاق الْحَرْبِيّ وَيحيى بن سَلام،.

     وَقَالَ  بَعضهم: يجوز أَن يكون معنى: ( فرضت الصَّلَاة) ، أَي لَيْلَة الْإِسْرَاء حِين فرضت الصَّلَاة الْخمس فرضت رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ زيد فِي صَلَاة الْحَضَر بعد ذَلِك، فَتكون الزِّيَادَة فِي عدد الرَّكْعَات، وَهَذَا هُوَ الْمَرْوِيّ عَن بعض رُوَاة هَذَا الحَدِيث عَن عَائِشَة، وَمِمَّنْ رَوَاهُ هَكَذَا الْحسن وَالشعْبِيّ أَن الزِّيَادَة فِي الْحَضَر كَانَت بعد الْهِجْرَة بعام، أَو نَحوه.
وَقد ذكر البُخَارِيّ من رِوَايَة معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة، قَالَت: ( فرضت الصَّلَاة) الحَدِيث، وَقد ذَكرْنَاهُ عَن قريب،.

     وَقَالَ  بَعضهم؛ فرضت الصَّلَاة رَكْعَتَيْنِ، يَعْنِي: إِن اخْتَار الْمُسَافِر أَن يكون فَرْضه رَكْعَتَيْنِ فَلهُ ذَلِك، وَإِن اخْتَار أَن يكون أَرْبعا فَلهُ ذَلِك.
وَقيل: يحْتَمل أَن تُرِيدُ بقولِهَا: فرضت الصَّلَاة، أَي: قدرت، ثمَّ تركت صَلَاة السّفر على هيئتها فِي الْمِقْدَار لَا فِي الْإِيجَاب.

وَالْفَرْض فِي اللُّغَة: التَّقْدِير،.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: يَعْنِي فرضت الصَّلَاة رَكْعَتَيْنِ لمن أَرَادَ الِاقْتِصَار عَلَيْهِمَا، فزيد فِي صَلَاة الْحَضَر رَكْعَتَانِ على سَبِيل التحتيم، وأقرت صَلَاة السّفر على جَوَاز الِاقْتِصَار، وَاحْتج أَصْحَابنَا بِهَذَا الحَدِيث، أَعنِي: قَول عَائِشَة، رَضِي اتعالى عَنْهَا، المكذور فِي هَذَا الْبابُُ، على أَن الْقصر فِي السّفر عَزِيمَة لَا رخصَة، وَبِمَا رَوَاهُ مُسلم أَيْضا عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: ( فرض االصلاة على لِسَان نَبِيكُم فِي الْحَضَر أَربع رَكْعَات، وَفِي السّفر رَكْعَتَيْنِ، وَفِي الْخَوْف رَكْعَة) .
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي ( مُعْجَمه) بِلَفْظ: ( افْترض رَسُول ا، رَكْعَتَيْنِ فِي السّفر كَمَا افْترض فِي الْحَضَر أَرْبعا) .
وَبِمَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى عَن عمر رَضِي اتعالى عَنهُ، قَالَ: ( صَلَاة السّفر رَكْعَتَانِ، وَصَلَاة الْأَضْحَى رَكْعَتَانِ، وَصَلَاة الْفطر رَكْعَتَانِ، وَصَلَاة الْجُمُعَة رَكْعَتَانِ، تَمام غير قصر على لِسَان نَبِيكُم مُحَمَّد) .
وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَلم يقدحه بِشَيْء.
فَإِن قلت: قَالَ النَّسَائِيّ: فِيهِ انْقِطَاع لِأَن ابْن أبي ليلى لم يسمعهُ من عمر.
قلت: حكم مُسلم فِي مُقَدّمَة كِتَابه بِسَمَاع ابْن أبي ليلى من عمر، وَصرح فِي بعض طرقه فَقَالَ: عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، قَالَ: سَمِعت عمر بن الْخطاب.
فَذكره وَيُؤَيّد ذَلِك مَا أخرجه أَبُو يعلى الْموصِلِي فِي مُسْنده: عَن الْحُسَيْن بن وَاقد عَن الْأَعْمَش.
عَن حبيب بن أبي ثَابت أَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى حَدثهُ، قَالَ: خرجت مَعَ عمر بن الْخطاب.
فَذكره.

وَقَالَ الشَّافِعِي وَمَالك وَأحمد: الْقصر رخصَة.
وَاحْتَجُّوا بِحَدِيث أخرجه أَبُو دادو بِإِسْنَادِهِ عَن يعلى بن أُميَّة قَالَ: قلت: لعمر بن الْخطاب: عجبت من اقْتِصَار النَّاس الصَّلَاة الْيَوْم، وَإِنَّمَا قَالَ اتعالى: { إِن خِفْتُمْ أَن يَفْتِنكُم الَّذين كفرُوا} ( النِّسَاء: 101) فقد ذهب ذَلِك الْيَوْم.
فَقَالَ: عجبت مِمَّا عجبت مِنْهُ، فَذكرت ذَلِك للنَّبِي فَقَالَ: ( صَدَقَة تصدق ابها عَلَيْكُم فاقبلوا صدقته) .
وَأخرجه مُسلم أَيْضا وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَابْن حبَان.
وَبِمَا أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ عَن عمر بن سعيد عَن عَطاء بن أبي رَبَاح عَن عَائِشَة رَضِي اعنها أَن النَّبِي: ( كَانَ يقصر فِي الصَّلَاة وَيتم وَيفْطر ويصوم) ..
     وَقَالَ  الدَّارَقُطْنِيّ: إِسْنَاده صَحِيح، وَقد رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ عَن طَلْحَة بن عَمْرو ودلهم بن صَالح والمغيرة بن زِيَاد، وثلاثتهم ضعفاء عَن عَطاء عَن عَائِشَة.
قَالَ: وَالصَّحِيح عَن عَائِشَة مَوْقُوف.

وَالْجَوَاب عَن الحَدِيث الأول أَنه حجَّة لنا لِأَنَّهُ أَمر بِالْقبُولِ، فَلَا يبْقى خِيَار الرَّد شرعا، إِذْ الْأَمر للْوُجُوب.
فَإِن قلت: الْمُتَصَدّق عَلَيْهِ يكون مُخْتَارًا فِي قبُول الصَّدَقَة كَمَا فِي الْمُتَصَدّق عَلَيْهِ من الْعباد.
قلت: معنى قَوْله: ( تصدق ابها عَلَيْكُم) حكم عَلَيْكُم، لِأَن التَّصَدُّق من افيما لَا يحْتَمل التَّمْلِيك يكون عبارَة عَن الْإِسْقَاط كالعفو من ا.
وَالْجَوَاب عَن الحَدِيث الثَّانِي: أَنه معَارض بِحَدِيث آخر أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم عَن حَفْص بن عَاصِم عَن ابْن عمر قَالَ: ( صَحِبت رَسُول الله فِي السّفر فَلم يزدْ على رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبضه ا، وصحبت أَبَا بكر فَلم يزدْ على رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبضه اتعالى، وصحبت عُثْمَان فَلم يزدْ على رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبضه اتعالى) ، وَقد قَالَ اتعالى: { لقد كَانَ لكم فِي رَسُول اأسوة حَسَنَة} ( الْأَحْزَاب: 12) وَإِلَيْهِ ذهب عُلَمَاء أَكثر السّلف وفقهاء الْأَمْصَار، أَي: إِلَى أَن الْقصر وَاجِب، وَهُوَ قَول عمر وَعلي وَابْن عمر وَجَابِر وَابْن عَبَّاس، رُوِيَ ذَلِك عَن عمر بن عبد الْعَزِيز وَالْحسن وَقَتَادَة.

     وَقَالَ  حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان: يُعِيد من صلى فِي السّفر أَرْبعا.
وَعَن مَالك: يُعِيد مَا دَامَ فِي الْوَقْت..
     وَقَالَ  أَحْمد: السّنة رَكْعَتَانِ..
     وَقَالَ  مرّة أُخْرَى: أَنا أحب الْعَافِيَة من هَذِه الْمَسْأَلَة..
     وَقَالَ  الْخطابِيّ: وَالْأولَى أَن يقصر الْمُسَافِر الصَّلَاة لأَنهم أَجمعُوا على جَوَازهَا إِذا قصر، وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا أتم، وَالْإِجْمَاع مقدم على الِاخْتِلَاف، وَسقط بِهَذَا كُله مَا قَالَه بَعضهم: وَيدل على أَنه أَي الْقصر رخصَة أَيْضا قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: ( صَدَقَة تصدق ابها عَلَيْكُم) ..
     وَقَالَ  أَيْضا؛ احْتج مخالفهم أَي: مُخَالف الْحَنَفِيَّة بقوله تَعَالَى: { فَلَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تقصرُوا من الصَّلَاة} ( النِّسَاء: 101) .
لِأَن الْقصر إِنَّمَا يكون من شَيْء أطول مِنْهُ.

قلت: الْجَواب عَنهُ أَن المُرَاد من الْقصر الْمَذْكُور فِيهَا هُوَ الْقصر فِي الْأَوْصَاف من ترك الْقيام إِلَى الْقعُود، أَو ترك الرُّكُوع وَالسُّجُود إِلَى الْإِيمَاء لخوف الْعَدو بِدَلِيل أَنه علق ذَلِك بالخوف، إِذْ قصر الأَصْل غير مُتَعَلق بالخوف بِالْإِجْمَاع، بل مُتَعَلق بِالسَّفرِ، وَعِنْدنَا قصر الْأَوْصَاف مُبَاح لَا وَاجِب، مَعَ أَن رفع الْجنَاح فِي النَّص لدفع توهم النُّقْصَان فِي صلَاتهم بِسَبَب دوامهم على الْإِتْمَام فِي الْحَضَر، وَذَلِكَ مَظَنَّة توهم النُّقْصَان، فَرفع ذَلِك عَنْهُم..
     وَقَالَ  هَذَا الْقَائِل أَيْضا، والزموا الْحَنَفِيَّة على قاعدتهم فِيمَا إِذا عَارض رَأْي الصَّحَابِيّ رِوَايَته، فَالْعِبْرَة بِمَا رُوِيَ بِأَنَّهُ ثَبت عَن عَائِشَة أَنَّهَا كَانَت تتمّ فِي السّفر.
قلت: قَاعِدَة الْحَنَفِيَّة على أَصْلهَا، وَلَا يلْزم من إتْمَام عَائِشَة فِي السّفر النَّقْض على الْقَاعِدَة، لِأَن عَائِشَة كَانَت ترى الْقصر جَائِزا والإتمام جَائِزا، فَأخذت بِأحد الجائزين، وَإِنَّمَا يرد على قاعدتنا مَا ذكره أَن لَو كَانَت عَائِشَة تمنع الْإِتْمَام، وَكَذَلِكَ الْجَواب فِي إتْمَام عُثْمَان رَضِي اتعالى عَنهُ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي ذكره الْمُحَقِّقُونَ فِي تأويلهما.
وَقيل: لِأَن عُثْمَان إِمَام الْمُؤمنِينَ وَعَائِشَة أمّهم فكأنهما كَانَا فِي منازلهما، وأبطل بِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، كَانَ أولى بذلك مِنْهُمَا.
وَقيل: لِأَن عُثْمَان تأهل بِمَكَّة وأبطل بِأَنَّهُ سَافر بأزواجه وَقصر، وَقيل: فعل ذَلِك من أجل الْأَعْرَاب الَّذين حَضَرُوا مَعَه لِئَلَّا يظنون أَن فرض الصَّلَاة رَكْعَتَانِ أبدا سفرا وحضراً، وأبطل بِأَن هَذَا الْمَعْنى إِنَّمَا كَانَ مَوْجُودا فِي زمن النَّبِي، بل اشْتهر أَمر الصَّلَاة فِي زمن عُثْمَان أَكثر مِمَّا كَانَ، وَقيل: لِأَن عُثْمَان نوى الْإِقَامَة بِمَكَّة بعد الْحَج، وأبطل بِأَن الْإِقَامَة بِمَكَّة حرَام على المُهَاجر فَوق ثَلَاث، وَقيل: كَانَ لعُثْمَان أَرض بمنى، وأبطل بِأَن ذَلِك لَا يَقْتَضِي الْإِتْمَام وَالْإِقَامَة.