هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
368 حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ ، أَنَّ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : لَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الفَجْرَ ، فَيَشْهَدُ مَعَهُ نِسَاءٌ مِنَ المُؤْمِنَاتِ مُتَلَفِّعَاتٍ فِي مُرُوطِهِنَّ ، ثُمَّ يَرْجِعْنَ إِلَى بُيُوتِهِنَّ مَا يَعْرِفُهُنَّ أَحَدٌ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
368 حدثنا أبو اليمان ، قال : أخبرنا شعيب ، عن الزهري ، قال : أخبرني عروة ، أن عائشة ، قالت : لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الفجر ، فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات في مروطهن ، ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن عَائِشَةَ ، قَالَتْ : لَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الفَجْرَ ، فَيَشْهَدُ مَعَهُ نِسَاءٌ مِنَ المُؤْمِنَاتِ مُتَلَفِّعَاتٍ فِي مُرُوطِهِنَّ ، ثُمَّ يَرْجِعْنَ إِلَى بُيُوتِهِنَّ مَا يَعْرِفُهُنَّ أَحَدٌ .

Narrated `Aisha:

Allah's Messenger (ﷺ) used to offer the Fajr prayer and some believing women covered with their veiling sheets used to attend the Fajr prayer with him and then they would return to their homes unrecognized .

0372 Urwa rapporte que Aicha dit : « Le Messager de Dieu faisait la prière du fajr au moment où quelques croyantes assistaient avec lui, tout en ayant leur corps et leurs t^tes voilés. Et elles retournaient à leurs maisons sans qu’elles ne fussent connues par quiconque. »  

":"ہم سے ابوالیمان نے بیان کیا ، انھوں نے کہا کہ ہم کو شعیب نے زہری سے خبر دی ، کہا کہ مجھے عروہ بن زبیر نے خبر دی کہ حضرت عائشہ رضی اللہ عنہا نے فرمایا کہنبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم فجر کی نماز پڑھتے اور آپ صلی اللہ علیہ وسلم کے ساتھ نماز میں کئی مسلمان عورتیں اپنی چادریں اوڑھے ہوئے شریک نماز ہوتیں ۔ پھر اپنے گھروں کو واپس چلی جاتی تھیں ۔ اس وقت انہیں کوئی پہچان نہیں سکتا تھا ۔

0372 Urwa rapporte que Aicha dit : « Le Messager de Dieu faisait la prière du fajr au moment où quelques croyantes assistaient avec lui, tout en ayant leur corps et leurs t^tes voilés. Et elles retournaient à leurs maisons sans qu’elles ne fussent connues par quiconque. »  

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [372] .

     قَوْلُهُ  أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ لَقَدْ اللَّامُ فِي لَقَدْ جَوَابُ قَسَمٍ مَحْذُوفٍ .

     قَوْلُهُ  مُتَلَفِّعَاتٍ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ التَّلَفُّعُ أَنْ تَشْتَمِلَ بِالثَّوْبِ حَتَّى تُجَلِّلَ بِهِ جَسَدَكِ وَفِي شَرْحِ الْمُوَطَّأِ لِابْنِ حَبِيبٍ التَّلَفُّعُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِتَغْطِيَةِ الرَّأْسِ وَالتَّلَفُّفُ يَكُونُ بِتَغْطِيَةِ الرَّأْسِ وَكَشْفِهِ والمروط جَمْعُ مِرْطٍ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ كِسَاءٌ مِنْ خَزٍّ أَوْ صُوفٍ أَوْ غَيْرِهِ وَعَنِ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ مَا يُقْتَضَى أَنَّهُ خَاصٌّ بِلُبْسِ النِّسَاءِ وَقَدِ اعْتَرَضَ عَلَى اسْتِدْلَالِ الْمُصَنِّفِ بِهِ عَلَى جَوَازِ صَلَاةِ الْمَرْأَةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ بِأَنَّ الِالْتِفَاعَ الْمَذْكُورَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فَوْقَ ثِيَابٍ أُخْرَى وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّهُ تَمَسَّكَ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزِّيَادَةِ عَلَى مَا ذَكَرَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِشَيْءٍ إِلَّا أَنَّ اخْتِيَارَهُ يُؤْخَذُ فِي الْعَادَةِ مِنَ الْآثَارِ الَّتِي يُودِعُهَا فِي التَّرْجَمَةِ .

     قَوْلُهُ  مَا يَعْرِفُهُنَّ أَحَدٌ زَادَ فِي الْمَوَاقِيتِ مِنَ الْغَلَسِ وَهُوَ يُعَيِّنُ أَحَدَ الِاحْتِمَالَيْنِ هَلْ عَدَمُ الْمَعْرِفَةِ بِهِنَّ لِبَقَاءِ الظُّلْمَةِ أَوْ لِمُبَالَغَتِهِنَّ فِي التَّغْطِيَةِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ مَبَاحِثِهِ فِي الْمَوَاقِيتِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى( قَولُهُ بَابُ إِذَا صَلَّى فِي ثَوْبٍ لَهُ أَعْلَامٌ وَنَظَرَ إِلَى عَلَمِهَا) قَالَ الْكِرْمَانِيُّ فِي رِوَايَةٍ وَنَظَرَ إِلَى عَلَمِهِ وَالتَّأْنِيثُ فِي عَلَمِهَا بِاعْتِبَارِ الْخَمِيصَةِ .

     قَوْلُهُ 

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [372] حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ لَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي الْفَجْرَ فَيَشْهَدُ مَعَهُ نِسَاءٌ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ مُتَلَفِّعَاتٍ فِي مُرُوطِهِنَّ، ثُمَّ يَرْجِعْنَ إِلَى بُيُوتِهِنَّ مَا يَعْرِفُهُنَّ أَحَدٌ.
[الحديث أطرافه في: 578، 867، 872] .
وبالسند قال: ( حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع ( قال: أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة ( عن) ابن شهاب ( الزهري: قال: أخبرني) بالإفراد ( عروة) بن الزبير ( أن عائشة) رضي الله عنها ( قالت) : والله ( لقد كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصلّي الفجر فيشهد) أي فيحضر ( معه) وفي رواية فشهد أي فحضر معه ( نساء) جمع امرأة لا واحد له من لفظه ( من المؤمنات) حال كونهنّ ( متلفعات) بعين مهملة بعد الفاء المشدّدة أي مغطيات الرؤوس والأجساد ( في مروطهنّ) جمع مرط بكسر أوّله كساء من خزّ أو صوف أو غيره، أو هي الملحفة أو الإزار أو الثوب الأخضر، وللأصيلي متلفعات بالرفع صفة للنساء، وله في غير الفرع متلفّفات بفاءين.
قال ابن حبيب: التلفع أي بالعين لا يكون إلاّ بتغطية الرأس والتلفّف بتغطية الرأس وكشفه، ( ثم يرجعن) من المسجد ( إلى بيوتهنّ ما يعرفهنّ أحد) أي من الغلس كما عند المؤلّف في المواقيت، وقد اعترض على المؤلّف في استدلاله بهذا الحديث على جواز صلاة المرأة في الثوب الواحد بأن الالتفاع المذكور يحتمل أن يكون فوق ثياب أخرى.
وأجيب: بأنه تمسك بأن الأصل عدم الزيادة على ما أشار إليه على أنه لم يصرّح بشيء إلاّ أن اختياره يؤخذ في العادة من الآثار التي يوردها في الترجمة قاله في الفتح، ورواة هذا الحديث ما بين حمصي ومدني، وفيه التحديث والعنعنة والإخبار ورواية تابعي عن تابعي عن صحابية، وأخرجه المؤلّف في الصلاة، وكذا مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة.
14 - باب إِذَا صَلَّى فِي ثَوْبٍ لَهُ أَعْلاَمٌ، وَنَظَرَ إِلَى عَلَمِهَا هذا ( باب) بالتنوين ( إذا صلّى) الشخص ( في ثوب) أي وهو لابس ثوبًا ( له أعلام ونظر إلى علمها) أنّث بالنظر إلى الخميصة الآتية إن شاء الله تعالى.
373 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى فِي خَمِيصَةٍ لَهَا أَعْلاَمٌ فَنَظَرَ إِلَى أَعْلاَمِهَا نَظْرَةً، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: اذْهَبُوا بِخَمِيصَتِي هَذِهِ إِلَى أَبِي جَهْمٍ وَائْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّةِ أَبِي جَهْمٍ.
فَإِنَّهَا أَلْهَتْنِي آنِفًا عَنْ صَلاَتِي».
وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «كُنْتُ أَنْظُرُ إِلَى عَلَمِهَا وَأَنَا فِي الصَّلاَةِ فَأَخَافُ أَنْ تَفْتِنَنِي».
[الحديث 373 - طرفاه في: 752، 5817] .
وبه قال: ( حدّثنا أحمد بن يونس) نسبه لجدّه لشهرته به وأبوه عبد الله ( قال: حدّثنا إبراهيم بن سعد) بسكون العين ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ( قال: حدّثنا ابن شهاب) الزهري ولابن عساكر عن ابن شهاب ( عن عروة) بن الزبير بن العوّام ( عن عائشة) رضي الله عنها.
( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلّى في خميصة) بفتح الحاء المعجمة وكسر الميم وبالصاد المهملة كساء أسود مربع ( لها أعلام) جملة وقعت صفة لخميصة ( فنظر) عليه الصلاة والسلام ( إلى أعلامها نظرة فلما انصرف) من صلاته ( قال: اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم) بفتح الجيم وسكون الهاء عامر بن حذيفة العدوي القرشي المدني أسلم يوم الفتح، وتوفي في آخر خلافة معاوية، ( وائتوني بأنبجانية أبي جهم) بفتح الهمزة وسكون النون وكسر الموحدة وتخفيف الجيم وبعدالنون ياء نسبة مشدّدة كساء غليظ لا علم له، ويجوز كسر الهمزة وسكون النون وفتح الموحدة وتخفيف المثناة.
قال ابن قرقول: نسبة إلى منبج بفتح الميم وكسر الموحدة موضع بالشام، وقيل نسبة إلى موضع يقال له أنبجان.
وفي هذه قال ثعلب: يقال كساء أنبجاني وهذا هو الأقرب إلى الصواب في لفظ الحديث اهـ.
( فإنها) أي الخميصة ( ألهتني) من لهى بالكسر لا من لها لهوًا إذا لعب أي شغلتني ( آنفًا) أي قريبًا ( عن صلاتي) وعند مالك في الموطأ.
فإني نظرت إلى علمها في الصلاة فكاد يفتنني، وفي التعليق الآتي إن شاء الله تعالى قريبًا فأخاف أن يفتنني فيحمل قوله: ألهتني على قوله كاد فيكون الإطلاق للمبالغة في القرب لا لتحقّق وقوع الإلهاء، ولا يقال أن المعنى شغلتني عن كمال الحضور في صلاتي لأنّا نقول قوله في التعليق الآتي فأخاف أن يفتتي يدلّ على نفي وقوع ذلك، وقد يقال أن له عليه الصلاة والسلام حالتين حالة بشرية وحالة يختصّ بها خارجة عن ذلك، فبالنظر إلى الحالة البشرية قال: ألهتني، وبالنظر إلى الحالة الثانية لم يجزم به، بل قال: أخاف ولا يلزم من ذلك الوقوع ونزع الخميصة ليستنّ به في ترك كل شاغل، وليس المراد أن أبا جهم يصلّي في الخميصة لأنه عليه الصلاة والسلام لم يكن ليبعث إلى غيره به، يكرهه لنفسه فهو كإهداء الحلّة لعمر رضي الله عنه مع تحريم لباسها عليه لينتفع بها ببيع أو غيره.
واستنبط من الحديث الحثّ على حضور القلب في الصلاة وترك ما يؤدّي إلى شغله، وقد شهد القرآن بالفلاح للمصلّين الخاشعين والفلاح أجمع اسم لسعادة الآخرة وبانتفاء الخشوع ينتفي الفلاح فالمصلّي يناجي ربّه فعظّم في نفسك قدر مناجاته وانظر مَن تناجي وكيف تناجي وبماذا تناجي فاعلم واعمل تسلم.
ورواة هذا الحديث ما بين كوفي ومدنيين، وفيه رواية تابعي عن تابعي عن صحابية والتحديث والعنعنة.
( وقال هشام بن عروة) بن الزبير ( عن أبيه) عروة ( عن عائشة) رضي الله عنها مما رواه مسلم وغيره بالمعنى.
قالت: ( قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: كنت أنظر إلى علمها) أي الخميصة ( وأنا في الصلاة) جملة حالية ( فأخاف أن تفتنني) بفتح المثناة الفوقية وكسر الثانية وبالنونين من باب ضرب يضرب وفي رواية يفتنني بفتح المثناة التحتية في أوّله بدل الفوقية.
15 - باب إِنْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ مُصَلَّبٍ أَوْ تَصَاوِيرَ هَلْ تَفْسُدُ صَلاَتُهُ؟ وَمَا يُنْهَى عَنْ ذَلِكَ هذا ( باب) بالتنوين ( إن صلّى) الشخص حال كونه ( في ثوب مصلب) بفتح اللام المشدّدة أي فيه صلبان منقوشة أو منسوجة ( أو) في ثوب ذي ( تصاوير هل تفسد صلاته) أم لا ( وما ينهى عن ذلك) ولابن عساكر في نسخة، وأبي الوقت والأصيلي وما ينهى عنه بالضمير، ولأبي ذر وما ينهى من ذلك بدل عن.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [372] من حديث: الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: لقد كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي الفجر، فيشهد معه نساء من المؤمنات، متلفعات في مروطهن، ثم يرجعن إلى بيوتهن، ما يعرفهن احد.
قال الخطابي ( ( التلفع بالثوب) ) : الاشتمال به، ولفعه الشيب: شمله، و ( ( المروط) ) : الأردية الواسعة، واحدها: مرط.
وقال عبيد: المروط: الأكسية تكون من صوف، وتكون من خز، يؤتزر بها.
وقال هشام، عن الحسن: كانت لأزوج النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أكسية تسمى المروط، غير واسعة - والله - ولا لينة.
والمراد بهذا الحديث: أن النساء كن إذا شهدن صلاة الفجر في المسجد غطين رؤوسهن، وثيابهن فوق دروعهن وخمرهن، وهذا نظير أمر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لهن إذا شهدن العيدين بالجلباب، كما تقدم.
وقد روي عن ابن عمر وابن سيرين ونافع: أن المرأة تصلي في أربعة أثواب -: حكاه ابن المنذر.
وقال ابن عبد البر: قال مجاهد: لا تصلي المرأة في اقل من أربعة أثواب.
قال: وهذا لم يقله غيره فيما علمت.
قال: والأربعة الأثواب: الخمار، والدروع، والملحفة، والإزار.
انتهى.
ولعل هذا إذا صلين مع الرجال في المساجد ونحوها، فأما في بيوتهن فيكفيهن دون ذلك.
والله أعلم.
وبقية فوائد هذا الحديث تأتي في موضع أخر - إن شاء الله تعالى.
14 - باب إذا صلى في ثوب له أعلام، ونظر إلى علمها

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( .

     قَوْلُهُ  بَابٌ)

بِالتَّنْوِينِ فِي كَمْ بِحَذْفِ الْمُمَيَّزِ أَيْ كَمْ ثَوْبًا تُصَلِّي الْمَرْأَةُ مِنَ الثِّيَابِ قَالَ بن الْمُنْذِرِ بَعْدَ أَنْ حَكَى عَنِ الْجُمْهُورِ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تُصَلِّيَ فِي دِرْعٍ وَخِمَارٍ الْمُرَادُ بِذَلِكَ تَغْطِيَةُ بَدَنِهَا وَرَأْسِهَا فَلَوْ كَانَ الثَّوْبُ وَاسِعًا فَغَطَّتْ رَأْسَهَا بِفَضْلِهِ جَازَ قَالَ وَمَا رَوَيْنَاهُ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ تصلي فِي درع وخمار وَإِزَار وَعَن بن سِيرِينَ مِثْلُهُ وَزَادَ وَمِلْحَفَةٌ فَإِنِّي أَظُنُّهُ مَحْمُولًا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  عِكْرِمَةُ يَعْنِي مَوْلَى بن عَبَّاسٍ .

     قَوْلُهُ  جَازَ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ لَأَجَزْتُهُ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الزَّايِ وَأَثَرُهُ هَذَا وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَلَفْظُهُ لَوْ أَخَذَتِ الْمَرْأَةُ ثَوْبًا فَتَقَنَّعَتْ بِهِ حَتَّى لَا يُرَى مِنْ شَعْرِهَا شَيْءٌ أَجْزَأَ عَنْهَا

[ قــ :368 ... غــ :372] .

     قَوْلُهُ  أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ لَقَدْ اللَّامُ فِي لَقَدْ جَوَابُ قَسَمٍ مَحْذُوفٍ .

     قَوْلُهُ  مُتَلَفِّعَاتٍ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ التَّلَفُّعُ أَنْ تَشْتَمِلَ بِالثَّوْبِ حَتَّى تُجَلِّلَ بِهِ جَسَدَكِ وَفِي شَرْحِ الْمُوَطَّأِ لِابْنِ حَبِيبٍ التَّلَفُّعُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِتَغْطِيَةِ الرَّأْسِ وَالتَّلَفُّفُ يَكُونُ بِتَغْطِيَةِ الرَّأْسِ وَكَشْفِهِ والمروط جَمْعُ مِرْطٍ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ كِسَاءٌ مِنْ خَزٍّ أَوْ صُوفٍ أَوْ غَيْرِهِ وَعَنِ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ مَا يُقْتَضَى أَنَّهُ خَاصٌّ بِلُبْسِ النِّسَاءِ وَقَدِ اعْتَرَضَ عَلَى اسْتِدْلَالِ الْمُصَنِّفِ بِهِ عَلَى جَوَازِ صَلَاةِ الْمَرْأَةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ بِأَنَّ الِالْتِفَاعَ الْمَذْكُورَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فَوْقَ ثِيَابٍ أُخْرَى وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّهُ تَمَسَّكَ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزِّيَادَةِ عَلَى مَا ذَكَرَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِشَيْءٍ إِلَّا أَنَّ اخْتِيَارَهُ يُؤْخَذُ فِي الْعَادَةِ مِنَ الْآثَارِ الَّتِي يُودِعُهَا فِي التَّرْجَمَةِ .

     قَوْلُهُ  مَا يَعْرِفُهُنَّ أَحَدٌ زَادَ فِي الْمَوَاقِيتِ مِنَ الْغَلَسِ وَهُوَ يُعَيِّنُ أَحَدَ الِاحْتِمَالَيْنِ هَلْ عَدَمُ الْمَعْرِفَةِ بِهِنَّ لِبَقَاءِ الظُّلْمَةِ أَوْ لِمُبَالَغَتِهِنَّ فِي التَّغْطِيَةِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ مَبَاحِثِهِ فِي الْمَوَاقِيتِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب
في كم تصلي المرأة من الثياب
وقال عكرمة: لو وارت جسدها في ثوب جاز.

يريد عكرمة: أن الواجب عليها في الصلاة ستر جميع جسدها، فلو وارته كله بثوب واحد جاز، ومراده بجسدها: بدنها ورأسها، فلهذا قال كثير من الصحابة، ومن بعدهم: تصلي المرأة في درع وخمار ـ إشارة منهم: إلى أنه يجب عليها ستر رأسها وجسدها.

فإن سترت جسدها بثوب ورأسها بثوب جاز، ولم تكره صلاتها، وهو أدنى الكمال في لباسها، وإن التحفت بثوب واحد خمرت به رأسها وجسدها صحت
صلاتها، لكنه خلاف الأولى.

قال رباح بن أبي معروف: كان عطاء لا يرى أن تصلي المرأة في الثوب الواحد، إلا من ضرورة.

وروى عمر بن ذر، عن عطاء في المرأة لا يكون له إلا الثوب الواحد، قال: تتزر به.

ومعنى: ( ( تتزر به) ) : تلتحف به، وتشتمل على رأسها وبدنها.

قال سفيان الثوري: أن صلت في ملحفة واسعة تغطي جميع بدنها أجزأها.

قال: وأكره أن تصلي في درع واحد، فإن صلت كذلك فقد أساءت، وتجزئها صلاتها.

وقال إسحاق: أن صلت في ملحفة واحدة غطت كل شئ من بدنها جازت صلاتها.

والأفضل أن تصلي المرأة في ثلاث أثواب عند جمهور العلماء.

قال حرب الكرماني: ثنا إسحاق - هو: ابن راهويه -: ثنا المعتمر - هو: ابن سليمان -، قال: سمعت أبي يحدث عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، عن عمر بن الخطاب، قال: تصلي المرأة في ثلاثة أثواب إذا قدرت: درع، وخمار، وإزار.

حدثنا إسحاق: ثنا عبد الله بن نمير، عن عبد الله، عن نافع، عن ابن عمر، قال: تصلي المرأة في الدرع والخمار والملحفة.

فأما ( ( الدرع) ) : فهو ما تلبسه على بدنها.

قال أبو طالب: قيل لأحمد: الدرع القميص؟ قال: يشبه القميص، لكنه سابغ يغطي رجليها.

وأما ( ( الخمار) ) : فهو ما تختمر به رأسها.

وقد سبق حديث: ( ( لا تقبل صلاة حائض إلا بخمار) ) .

وأما ( ( الإزار) ) : فاختلف تفسيره:
فقالت طائفة: هو مثل إزار الرجل الذي يأتزر به في وسطه، وهذا قول إسحاق -: نقله عنه حرب، وهو ظاهر كلام أحمد - أيضا.
وقال إسحاق: أن تسرولت بدل الإزار جاز، وأن لم تتزر بل التحفت بملحفة فوق درعها بدل الإزار جاز.

وروي الفضل بن دكين في ( ( كتاب الصلاة) ) : ثنا أبو هلال، عن محمد بن سيرين، قال: كانوا يستحبون أن تصلي المرأة في درع وخمار وحقو.

وقال ابن عبد البر: روي عن عبيدة، أن المرأة تصلي في الدرع والخمار
والحقو، رواة ابن سيرين عنه، وقال به، وقال: الأنصار تسمى الإزار: الحقو.

وروى مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أن امرأة استفتت عائشة، فقالت: أن المنطق يشق علي، أفأصلي في درع وخمار؟ قَالَتْ: نَعَمْ، إذا كَانَ الدرع سابغا.

قال: والمنطق هنا: الحقو، وهو الإزار والسراويل.

والقول الثاني: أن المراد بالإزار: الجلباب، وهو الملحفة السابغة التي يغطي بها الرأس والثياب، وهذا قول الشافعي وأصحابنا، وقد سبق عن ابن عمر ما يدل عليه.

وقال النخعي: تصلي المرأة في الدرع والملحفة السابغة، تقنع بها رأسها.
وخرج أبو داود من حديث عبد الرحمان بن عبد الله بن دينار، عن محمد ابن زيد بن قنفذ، عن أمه، عن أم سلمة، أنها سالت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أتصلي المرأة في درع وخمار ليس عليها إزار؟ قال: ( ( إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها) ) .

وخرجه - أيضا - من طريق مالك، عن محمد بن زيد، عن أمه، عن أم سلمة - موقوفا -، وذكر جماعة تابعوا مالكا على وقفه.

وذكر الدارقطني أن وقفه هو الصواب.

خرج البخاري في هذا الباب:
[ قــ :368 ... غــ :372 ]
- من حديث: الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: لقد كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي الفجر، فيشهد معه نساء من المؤمنات، متلفعات في مروطهن، ثم يرجعن إلى بيوتهن، ما يعرفهن احد.
قال الخطابي ( ( التلفع بالثوب) ) : الاشتمال به، ولفعه الشيب: شمله، و ( ( المروط) ) : الأردية الواسعة، واحدها: مرط.

وقال عبيد: المروط: الأكسية تكون من صوف، وتكون من خز، يؤتزر بها.

وقال هشام، عن الحسن: كانت لأزوج النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أكسية تسمى المروط، غير واسعة - والله - ولا لينة.

والمراد بهذا الحديث: أن النساء كن إذا شهدن صلاة الفجر في المسجد غطين رؤوسهن، وثيابهن فوق دروعهن وخمرهن، وهذا نظير أمر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لهن إذا شهدن العيدين بالجلباب، كما تقدم.

وقد روي عن ابن عمر وابن سيرين ونافع: أن المرأة تصلي في أربعة أثواب -: حكاه ابن المنذر.

وقال ابن عبد البر: قال مجاهد: لا تصلي المرأة في اقل من أربعة أثواب.

قال: وهذا لم يقله غيره فيما علمت.

قال: والأربعة الأثواب: الخمار، والدروع، والملحفة، والإزار.
انتهى.

ولعل هذا إذا صلين مع الرجال في المساجد ونحوها، فأما في بيوتهن فيكفيهن دون ذلك.
والله أعلم.

وبقية فوائد هذا الحديث تأتي في موضع أخر - إن شاء الله تعالى.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب فِي كَمْ تُصَلِّي الْمَرْأَةُ فِي الثِّيَابِ
وَقَالَ عِكْرِمَةُ: لَوْ وَارَتْ جَسَدَهَا فِي ثَوْبٍ لأَجَزْتُهُ.

هذا ( باب) بالتنوين ( في كم) ثوبًا ( تصلي المرأة من الثياب) ولغير الأربعة في الثياب وكم لها صدر الكلام فلا يقدح تأخرها عن في الجارّة لأن الجار والمجرور ككلمة واحدة.
( وقال عكرمة) مولى ابن عباس مما وصله عبد الرزاق عنه بمعناه ( لو وارت) أي سترت المرأة ( جسدها في ثوب) واحد ( لأجزته) كذا للكشميهني بفتح لام التأكيد والجيم وسكون الزاي، ولأبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر جاز.


[ قــ :368 ... غــ : 372 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ لَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي الْفَجْرَ فَيَشْهَدُ مَعَهُ نِسَاءٌ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ مُتَلَفِّعَاتٍ فِي مُرُوطِهِنَّ، ثُمَّ يَرْجِعْنَ إِلَى بُيُوتِهِنَّ مَا يَعْرِفُهُنَّ أَحَدٌ.
[الحديث 372 - أطرافه في: 578، 867، 872] .


وبالسند قال: ( حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع ( قال: أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة ( عن) ابن شهاب ( الزهري: قال: أخبرني) بالإفراد ( عروة) بن الزبير ( أن عائشة) رضي الله عنها ( قالت) :

والله ( لقد كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصلّي الفجر فيشهد) أي فيحضر ( معه) وفي رواية فشهد أي
فحضر معه ( نساء) جمع امرأة لا واحد له من لفظه ( من المؤمنات) حال كونهنّ ( متلفعات) بعين مهملة بعد الفاء المشدّدة أي مغطيات الرؤوس والأجساد ( في مروطهنّ) جمع مرط بكسر أوّله كساء من خزّ أو صوف أو غيره، أو هي الملحفة أو الإزار أو الثوب الأخضر، وللأصيلي متلفعات بالرفع صفة للنساء، وله في غير الفرع متلفّفات بفاءين.
قال ابن حبيب: التلفع أي بالعين لا يكون إلاّ بتغطية الرأس والتلفّف بتغطية الرأس وكشفه، ( ثم يرجعن) من المسجد ( إلى بيوتهنّ ما يعرفهنّ أحد) أي من الغلس كما عند المؤلّف في المواقيت، وقد اعترض على المؤلّف في استدلاله بهذا الحديث على جواز صلاة المرأة في الثوب الواحد بأن الالتفاع المذكور يحتمل أن يكون فوق ثياب أخرى.

وأجيب: بأنه تمسك بأن الأصل عدم الزيادة على ما أشار إليه على أنه لم يصرّح بشيء إلاّ أن اختياره يؤخذ في العادة من الآثار التي يوردها في الترجمة قاله في الفتح، ورواة هذا الحديث ما بين حمصي ومدني، وفيه التحديث والعنعنة والإخبار ورواية تابعي عن تابعي عن صحابية، وأخرجه المؤلّف في الصلاة، وكذا مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  (بابٌُ فِي كَمْ تصَلِّي المَرْأةُ مِنَ الثِّيابِ)

بابُُ منون خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي: هَذَا بابُُ، وَلَفظ: كم، لَهَا الصدارة سَوَاء كَانَت استفهامية أَو خبرية، وَلم تبطل صدارتها هَهُنَا لِأَن الْجَار وَالْمَجْرُور فِي حكم كلمة وَاحِدَة، ومميز: كم، مَحْذُوف تَقْدِيره: كم ثوبا.
وقالَ عِكْرَمَةُ لَوْ وَارَتْ جَسَدَها فِي ثَوْبٍ لأَجَزْتُهُ.

عِكْرِمَة: هَذَا هُوَ مولى ابْن عَبَّاس، أحد فُقَهَاء مَكَّة، هَذَا التَّعْلِيق وَصله عبد الرَّزَّاق وَلَفظه: (لَو أخذت الْمَرْأَة ثوبا فَتَقَنَّعت بِهِ حَتَّى لَا يرى من جَسدهَا شَيْء أَجْزَأَ عَنْهَا) ، وروى ابْن أبي شيبَة حدّثنا أَبُو أُسَامَة عَن الْجريرِي عَن عِكْرِمَة، قَالَ: (تصلي الْمَرْأَة فِي درع وخمار خصيف) ، وحدّثنا أبان بن صمعة عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: (لَا بَأْس بِالصَّلَاةِ فِي الْقَمِيص الْوَاحِد إِذا كَانَ صفيقاً) وَذكر عَن مَيْمُونَة أَنَّهَا صلت فِي درع وخمار، وَمن طَرِيق أُخْرَى صَحِيحَة أَنَّهَا صلت فِي درع وَاحِد فضلا، وَقد وضعت بعض كمها على رَأسهَا، وَمن طَرِيق مَكْحُول عَن عَائِشَة، وَعلي: تصلي فِي درع سابغ وخمار، وَكَذَا رُوِيَ عَن أم سَلمَة من طَرِيق أم مُحَمَّد بن زيد بن مهَاجر بن قنفذ، وَمن حَدِيث لَيْث عَن مُجَاهِد: لَا تصلي الْمَرْأَة فِي أقل من أَرْبَعَة أَثوَاب، وَعَن الحكم: فِي درع وخمار وَعَن حَمَّاد درع وَمِلْحَفَة تغطي رَأسهَا.
قَوْله: (لَو وارت) أَي: سترت وغطت جَازَ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: (لأجزأته) ، بِفَتْح لَام التَّأْكِيد وَسُكُون الْجِيم من الْإِجْزَاء.



[ قــ :368 ... غــ :372]
- حَدَّثَنَا أبُو الْيَمَان قالَ أخبرنَا شُعَيْبٌ عَن الزُّهْرِيِّ قالَ أخْبرنِي عُرْوَةُ أنَّ عائِشَةَ قالَتْ لَقَدْ كانَ رسولُ اللَّهِ يُصَلِّي الفجْرَ فَيشْهَدُ مَعَهُ نِساءٌ مِنَ المُؤْمِناتِ مُتَلَفِّعاتٍ فِي مُرُوطِهِنَّ ثمَّ يَرْجِعْنَ إِلَى بُيُوتِهِنَّ مَا يَعْرِفُهُنَّ أحَدٌ..
وَجه مُطَابقَة هَذَا الحَدِيث للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (متلفعات فِي مُرُوطهنَّ) لِأَن الْمُسْتَفَاد مِنْهُ صلاتهن فِي مروط، والمرط ثوب وَاحِد كَمَا سنفسره عَن قريب.

ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: أَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع، وَشُعَيْب بن أبي حَمْزَة، وَالزهْرِيّ بن مُحَمَّد بن مُسلم، وَعُرْوَة بن الزبير وَعَائِشَة رَضِي اعنها، وَالْكل تقدمُوا.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين.
وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد والإخبار بِصِيغَة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع وَاحِد.
وَفِيه: القَوْل.
وَفِيه: ان رُوَاته مَا بَين حمصي ومدني.
وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ عَن الصحابية.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الصَّلَاة عَن عبد ابْن يُوسُف والقعنبي، وَأخرجه مُسلم فِيهِ عَن نصر بن عَليّ وَإِسْحَاق بن مُوسَى، كِلَاهُمَا عَن معن بن عِيسَى، ثَلَاثَتهمْ عَن مَالك عَن يحيى بن سعيد عَن عمْرَة بِهِ.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن القعْنبِي بِهِ.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن قُتَيْبَة عَن مَالك بِهِ، وَعَن إِسْحَاق بن مُوسَى بِهِ.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن قُتَيْبَة بِهِ.
وَأخرجه ابْن ماجة من حَدِيث عُرْوَة.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (لقد كَانَ) اللَّام فِيهِ جَوَاب قسم مَحْذُوف.
قَوْله: (تشهد) أَي: تحضر، وَالنِّسَاء من الْجمع الَّذِي لَا وَاحِد لَهُ من لَفظه، وَهُوَ جمع امْرَأَة.
قَوْله: (ملتفعات) نصب على الْحَال من النِّسَاء من التلفع، بِالْفَاءِ وَالْعين الْمُهْملَة، أَي: ملتحفات، وَرُوِيَ بِالْفَاءِ المكررة بدل الْعين، وَالْأَكْثَر على خِلَافه.
قَالَ الْأَصْمَعِي: التلفع بِالثَّوْبِ أَن يشْتَمل بِهِ حَتَّى يُجَلل بِهِ جسده، وَهُوَ اشْتِمَال الصماء عِنْد الْعَرَب، لِأَنَّهُ لم يرفع جانباً مِنْهُ فَيكون فِيهِ فُرْجَة، وَهُوَ عِنْد الْفُقَهَاء مثل الاضطباع، إلاَّ أَنه فِي ثوب وَاحِد وَعَن يَعْقُوب: اللفاع: الثَّوْب تلتفع بِهِ الْمَرْأَة أَي: تلتحف بِهِ فيغيبها، وَعَن كرَاع وَهُوَ الملفع أَيْضا، وَعَن ابْن دُرَيْد: اللفاع الملحفة أَو الكساء،.

     وَقَالَ  أَبُو عمر: وَهُوَ الكساء، وَعَن صَاحب (الْعين) : تلفع بِثَوْبِهِ إِذا اضطبع بِهِ، وتلفع الرجل بالشيب كَأَنَّهُ غطى سَواد رَأسه ولحيته.
وَفِي (شرح الْمُوَطَّأ) : التلفع أَن يلقِي الثَّوْب على رَأسه ثمَّ يلتف بِهِ، لَا يكون الالتفاع إلاَّ بتغطية الرَّأْس، وَقد أَخطَأ من قَالَ الالتفاع مثل الاشتمال.
وَأما التلفف فَيكون مَعَ تَغْطِيَة الرَّأْس وكشفه، وَفِي (الْمُحكم) الملفعة مَا يلفع بِهِ من رِدَاء أَو لِحَاف أَو قناع.
وَفِي (المغيث) : وَقيل: اللفاع النطع، وَقيل: الكساء الغليظ، وَفِي (الصِّحَاح) لفع رَأسه تلفيعاً أَي: غطاه.

قَوْله: (فِي مُرُوطهنَّ) المروط جمع مرط بِكَسْر الْمِيم، قَالَ الْقَزاز: المرط ملحفة يتزر بهَا.
وَالْجمع أمراط ومروط، وَقيل: يكون المرط كسَاء من خَز أَو صوف أَو كتَّان وَفِي (الصِّحَاح) : المرط بِالْكَسْرِ.
وَفِي (الْمُحكم) وَقيل: هُوَ الثَّوْب الْأَخْضَر.
وَفِي (مجمع الغرائب) أكسية من شعر أسود وَعَن الْخَلِيل، هِيَ أكسية معلمة..
     وَقَالَ  ابْن الْأَعرَابِي: هُوَ الْإِزَار،.

     وَقَالَ  النَّضر بن شُمَيْل: لَا يكون المرط إلاَّ درعاً، وَهُوَ من خَز أَخْضَر، وَلَا يُسمى المرط إِلَّا أَخْضَر، وَلَا يلْبسهُ النِّسَاء..
     وَقَالَ  عبد الْملك فِي (شرح الْمُوَطَّأ) : هُوَ كسَاء صوف رَقِيق خَفِيف مربع، كن النِّسَاء فِي ذَلِك الزَّمَان يتزرن بِهِ ويلتفعن.
قَوْله: (مَا يعرفهن أحد) وَفِي (سنَن ابْن مَاجَه) : يَعْنِي من الْغَلَس، وَعند مُسلم: (مَا يعرفن من الْغَلَس.
ثمَّ عدم معرفتهن يحْتَمل أَن يكون لبَقَاء ظلمَة من اللَّيْل، أَو لتغطيهن بالمروط غَايَة التغطي، وَقيل: معنى مَا يعرفهن أحد، يَعْنِي مَا يعرف أعيانهن، وَهَذَا بعيد، وَالْأَوْجه فِيهِ أَن يُقَال: مَا يعرفهن أحد، أَي: أنساء هن أم رجال؟ وَإِنَّمَا يظْهر للرائي الأشباح خَاصَّة.

ذكر مَا يستنبط مِنْهُ من الْأَحْكَام مِنْهَا: هُوَ الَّذِي ترْجم لَهُ، وَهُوَ أَن الْمَرْأَة إِذا صلت فِي ثوب وَاحِد بالالتفاع جَازَت صلَاتهَا، لِأَنَّهُ اسْتدلَّ بِهِ على ذَلِك.
فَإِن قلت: لم لَا يجوز أَن يكون التفاعهن فِي مُرُوطهنَّ فَوق ثِيَاب أُخْرَى، فَلَا يتم لَهُ الِاسْتِدْلَال بِهِ.
قلت: الحَدِيث سَاكِت عَن هَذَا بِحَسب الظَّاهِر، وَلَكِن الأَصْل عدم الزِّيَادَة، واختياره يُؤْخَذ فِي عَادَته من الْآثَار الَّتِي يترجم بهَا، وَهَذَا الْبابُُ مُخْتَلف فِيهِ.
قَالَ ابْن بطال: اخْتلفُوا فِي عدد مَا تصلي فِيهِ الْمَرْأَة من الثِّيَاب، فَقَالَ مَالك وَأَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ: تصلي فِي درع وخمار،.

     وَقَالَ  عَطاء: فِي ثَلَاثَة درع وَإِزَار وخمار..
     وَقَالَ  ابْن سِيرِين.
فِي أَرْبَعَة، الثَّلَاثَة الْمَذْكُورَة، وَمِلْحَفَة..
     وَقَالَ  ابْن الْمُنْذر: عَلَيْهَا أَن تستر جَمِيع بدنهَا إلاَّ وَجههَا وكفيها، سَوَاء سترته بِثَوْب وَاحِد أَو أَكثر، وَلَا أَحسب مَا رُوِيَ من الْمُتَقَدِّمين من الْأَمر: بِثَلَاثَة أَو أَرْبَعَة، إلاَّ من طَرِيق الِاسْتِحْبابُُ.
وَزعم أَبُو بكر بن عبد الرَّحْمَن أَن كل شَيْء من الْمَرْأَة عَورَة حَتَّى ظفرها، وَهِي رِوَايَة عَن أَحْمد..
     وَقَالَ  مَالك وَالشَّافِعِيّ: قدم الْمَرْأَة عَورَة، فَإِن صلت وقدمها مكشوفة أعادت فِي الْوَقْت عِنْد مَالك، وَكَذَلِكَ إِذا صلت وشعرها مَكْشُوف.
وَعند الشَّافِعِي تعيد أبدا..
     وَقَالَ  أَبُو حنيفَة وَالثَّوْري: قدم الْمَرْأَة لَيست بِعَوْرَة فَإِن صلت وقدمها مكشوفة صحت صلَاتهَا.
وَلَكِن فِيهِ رِوَايَتَانِ عَن أبي حنيفَة.

وَمِنْهَا: أَنه احْتج بِهِ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق أَن الْأَفْضَل فِي صَلَاة الصُّبْح التغليس، وَلنَا أَحَادِيث كَثِيرَة فِي هَذَا الْبابُُ رويت عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة مِنْهُم: رَافع بن خديج، روى أَبُو دَاوُد من حَدِيث مَحْمُود بن لبيد عَنهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول ا: (أَصْبحُوا بالصبح فَإِنَّهُ أعظم لأجركم أَو أعظم لِلْأجرِ) وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ أَيْضا..
     وَقَالَ : حَدِيث حسن صَحِيح، وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْن ماجة أَيْضا.
قَوْله: (أَصْبحُوا بالصبح) أَي: نوروا بِهِ، ويروى: (أَصْبحُوا بِالْفَجْرِ) ، وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه، وَلَفظه: (أسفروا بِصَلَاة الصُّبْح فَإِنَّهُ أعظم لِلْأجرِ) .
وَفِي لفظ لَهُ: (فَكلما أَصْبَحْتُم بالصبح فَإِنَّهُ أعظم لأجركم) .
وَفِي لفظ للطبراني: (فَكلما أسفرتم بِالْفَجْرِ فَإِنَّهُ أعظم لِلْأجرِ) .
وَمِنْهُم: مَحْمُود بن لبيد، روى حَدِيثه أَحْمد فِي مُسْنده.
نَحْو رِوَايَة أبي دَاوُد، وَلم يذكر فِيهِ رَافع بن خديج، ومحمود بن لبيد صَحَابِيّ مَشْهُور.
كَذَا قيل: قلت: قَالَ الْمزي: مَحْمُود بن لبيد بن عصمَة بن رَافع بن امرىء الْقَيْس الأوسي، ثمَّ الأشْهَلِي.
ولد على عهد رَسُول ا، وَفِي صحبته خلاف.
انْتهى.
قلت: ذكره مُسلم فِي التَّابِعين فِي الطَّبَقَة الثَّانِيَة، وَذكر ابْن أبي حَاتِم أَن البُخَارِيّ قَالَ: لَهُ صُحْبَة.
قَالَ:.

     وَقَالَ  أبي: لَا يعرف لَهُ صُحْبَة..
     وَقَالَ  أَبُو عمر: قَول البُخَارِيّ أولى، فعلى هَذَا يحْتَمل أَنه سمع هَذَا الحَدِيث من رَافع أَولا، فَرَوَاهُ عَنهُ ثمَّ سَمعه من النَّبِي فَرَوَاهُ عَنهُ، إلاَّ أَن فِي طَرِيق أَحْمد عبد الرَّحْمَن بن زيد بن أسلم، وَفِيه ضعف.
وَمِنْهُم: بِلَال، روى حَدِيثه الْبَزَّار فِي مُسْنده نَحْو حَدِيث رَافع، وَفِيه: أَيُّوب بن يسَار،.

     وَقَالَ  الْبَزَّار: فِيهِ ضعف.
وَمِنْهُم: أنس، روى حَدِيثه الْبَزَّار أَيْضا عَنهُ مَرْفُوعا.
وَلَفظه: (أسفروا بِصَلَاة الصُّبْح فَإِنَّهُ أعظم لِلْأجرِ) .
وَمِنْهُم: قَتَادَة ابْن النُّعْمَان، روى حَدِيثه الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه من حَدِيث عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة بن النُّعْمَان عَن أَبِيه عَن جده مَرْفُوعا نَحوه، وَرَوَاهُ الْبَزَّار أَيْضا.
وَمِنْهُم: ابْن مَسْعُود، روى حَدِيثه الطَّبَرَانِيّ أَيْضا عَنهُ مَرْفُوعا نَحوه.
وَمِنْهُم: أَبُو هُرَيْرَة، روى حَدِيثه ابْن حبَان عَنهُ مَرْفُوعا.
وَمِنْهُم: رجال من الْأَنْصَار، أخرج حَدِيثهمْ النَّسَائِيّ من حَدِيث مَحْمُود بن لبيد عَن رجال من قومه من الْأَنْصَار، أَن النَّبِي قَالَ: (أسفروا بالصبح فَإِنَّهُ أعظم لِلْأجرِ) .
وَمِنْهُم: أَبُو هُرَيْرَة وَابْن عَبَّاس رَضِي اعنهما، أخرج حَدِيثهمَا الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث حَفْص بن سُلَيْمَان عَن ابْن عَبَّاس وَأبي هُرَيْرَة: (لَا تزَال أمتِي على الْفطْرَة مَا أسفروا بِالْفَجْرِ) .
وَمِنْهُم: أَبُو الدَّرْدَاء أخرجه أَبُو إِسْحَاق وَإِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عبيد من حَدِيث أبي الزَّاهِرِيَّة عَن أبي الدَّرْدَاء عَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام، قَالَ: (أسفروا بِالْفَجْرِ تفقهوا) .
وَمِنْهُم: حَوَّاء الْأَنْصَارِيَّة، أخرج حَدِيثهَا الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث ابْن بجيد الْحَارِثِيّ عَن جدته الْأَنْصَارِيَّة، وَكَانَت من المبايعات، قَالَت: سَمِعت رَسُول الله يَقُول: (أسفروا بِالْفَجْرِ فَإِنَّهُ أعظم لِلْأجرِ) ، وَابْن بجيد، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الْجِيم بعْدهَا يَاء آخر الْحُرُوف سَاكِنة: ذكره ابْن حبَان فِي الثِّقَات، وجدته حَوَّاء بنت زيد بن السكن أُخْت أَسمَاء بنت زيد بن السكن.

فَإِن قلت: كَانَ يَنْبَغِي أَن يكون الْإِسْفَار وَاجِبا لمقْتَضى الْأَوَامِر فِيهِ قلت: الْأَمر إِنَّمَا يدل على الْوُجُوب إِذا كَانَ مُطلقًا مُجَردا عَن الْقَرَائِن الصارفة إِلَى غَيره، وَهَذِه الْأَوَامِر لَيست كَذَلِك فَلَا تدل إلاَّ على الِاسْتِحْبابُُ.
فَإِن قلت: قد يؤول الِاسْتِحْبابُُ فِي هَذِه الْأَحَادِيث بِظُهُور الْفجْر، وَقد قَالَ التِّرْمِذِيّ:.

     وَقَالَ  الشَّافِعِي وَأحمد وَإِسْحَاق: معنى الْإِسْفَار أَن يصبح الْفجْر، وَلَا يشك فِيهِ، وَلم يرَوا أَن الْإِسْفَار تَأْخِير الصَّلَاة.
قلت: هَذَا التَّأْوِيل غير صَحِيح، فَإِن الْغَلَس الَّذِي يَقُولُونَ بِهِ هُوَ اخْتِلَاط ظلام اللَّيْل بِنور النَّهَار، كَمَا ذكره أهل اللُّغَة، وَقبل ظُهُور الْفجْر لَا تصح صَلَاة الصُّبْح، فَثَبت أَن المُرَاد بالإسفار إِنَّمَا هُوَ التَّنْوِير، وَهُوَ التَّأْخِير عَن الْغَلَس وَزَوَال الظلمَة، وَأَيْضًا فَقَوله: (أعظم لِلْأجرِ) يقْضِي حُصُول الْأجر فِي الصَّلَاة بالغلس، فَلَو كَانَ الْإِسْفَار هُوَ وضوح الْفجْر وظهوره لم يكن فِي وَقت الْغَلَس أجر، لِخُرُوجِهِ عَن الْوَقْت، وَأَيْضًا يبطل تأويلهم ذَلِك مَا رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ فِي مسانيدهم، وَالطَّبَرَانِيّ فِي (مُعْجَمه) من حَدِيث رَافع بن خديج، قَالَ: قَالَ رَسُول الله لِبلَال: (يَا بِلَال نوّر صَلَاة الصُّبْح حَتَّى يبصر الْقَوْم مواقع نبلهم من الْإِسْفَار) .
وَحَدِيث آخر يبطل تأويلهم رَوَاهُ الإِمَام أَبُو مُحَمَّد الْقَاسِم بن ثَابت السَّرقسْطِي فِي كِتَابه (غَرِيب الحَدِيث) : حدّثنا مُوسَى بن هَارُون، حدّثنا مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى حدّثنا الْمُعْتَمِر سَمِعت بَيَانا أخبرنَا سعيد، قَالَ: سَمِعت أنسا يَقُول: (كَانَ رَسُول الله يُصَلِّي الصُّبْح حِين يفسح الْبَصَر) .
انْتهى.
يُقَال: فسح الْبَصَر وَانْفَسَحَ إِذا رأى الشَّيْء عَن بعد، يَعْنِي بِهِ إسفار الصُّبْح.
فَإِن قلت: قد قيل: إِن الْأَمر بالإسفار إِنَّمَا جَاءَ فِي اللَّيَالِي المقمرة، لِأَن الصُّبْح لَا يستبين فِيهَا جدا فَأَمرهمْ بِزِيَادَة التبين استظهاراً بِالْيَقِينِ فِي الصَّلَاة.
قلت: هَذَا تَخْصِيص بِلَا مُخَصص، وَهُوَ بَاطِل، وَيَردهُ أَيْضا مَا أخرجه ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ: مَا اجْتمع أَصْحَاب مُحَمَّد على شَيْء مَا اجْتَمعُوا على التَّنْوِير بِالْفَجْرِ، وَأخرجه الطَّحَاوِيّ فِي (شرح الْآثَار) بِسَنَد صَحِيح، ثمَّ قَالَ: وَلَا يَصح أَن يجتمعوا على خلاف مَا كَانَ رَسُول ا.
فَإِن قلت: قد قَالَ ابْن حزم: خبر الْأَمر بالإسفار صَحِيح، إلاَّ أَنه لَا حجَّة لكم فِيهِ إِذا أضيف إِلَى الثَّابِت من فعله فِي التغليس، حَتَّى إِنَّه لينصرف وَالنِّسَاء لَا يعرفن.
قلت: الثَّابِت من فعله فِي التغليس لَا يدل على الْأَفْضَلِيَّة، لِأَنَّهُ يجوز أَن يكون غَيره أفضل مِنْهُ، وَإِنَّمَا فعل ذَلِك للتوسعة على أمته، بِخِلَاف الْخَبَر الَّذِي فِيهِ الْأَمر، لِأَن قَوْله: (أعظم لِلْأجرِ) أفعل التَّفْضِيل، فَيَقْتَضِي أَجْرَيْنِ: أَحدهمَا أكمل من الآخر، لِأَن صِيغَة: أفعل، تَقْتَضِي الْمُشَاركَة فِي الأَصْل مَعَ رُجْحَان أحد الطَّرفَيْنِ، فحينئذٍ يَقْتَضِي هَذَا الْكَلَام حُصُول الْأجر فِي الصَّلَاة بالغلس، وَلَكِن حُصُوله فِي الْإِسْفَار أعظم وأكمل مِنْهُ، فَلَو كَانَ الْإِسْفَار لأجل تقصي طُلُوع الْفجْر لم يكن فِي وَقت الْغَلَس أجر لِخُرُوجِهِ عَن الْوَقْت.

فَإِن قلت: روى أَبُو دَاوُد من حَدِيث ابْن مَسْعُود: (أَنه صلى الصُّبْح بِغَلَس، ثمَّ صلى مرّة أُخْرَى فأسفر بهَا ثمَّ كَانَت صلَاته بعد ذَلِك بالغلس حَتَّى مَاتَ، لم يعد إِلَى أَن يسفر) .
وَرَوَاهُ ابْن حبَان أَيْضا فِي (صَحِيحه) ، كِلَاهُمَا من حَدِيث أُسَامَة بن زيد اللَّيْثِيّ.
قلت: يرد هَذَا مَا أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن زيد عَن ابْن مَسْعُود، قَالَ: (مَا رَأَيْت رَسُول ا، صلى صَلَاة لغير وَقتهَا إِلَّا بِجمع، فَإِنَّهُ يجمع بَين الْمغرب وَالْعشَاء بِجمع، وَصلى صَلَاة الصُّبْح من الْغَد قبل وَقتهَا) .
انْتهى.
قَالَت الْعلمَاء: يَعْنِي: وَقتهَا الْمُعْتَاد فِي كل يَوْم، لَا أَنه صلاهَا قبل الْفجْر، وَإِنَّمَا غلس بهَا جدا، ويوضحه رِوَايَة البُخَارِيّ: (وَالْفَجْر حِين بزغ) ، وَهَذَا دَلِيل على أَنه كَانَ يسفر بِالْفَجْرِ دَائِما، وَقل مَا صلاهَا بِغَلَس، وَبِه اسْتدلَّ الشَّيْخ فِي (الإِمَام) لِأَصْحَابِنَا.
على أَن أُسَامَة بن زيد قد تكلم فِيهِ، فَقَالَ أَحْمد: لَيْسَ بِشَيْء،.

     وَقَالَ  أَبُو حَاتِم: يكْتب حَدِيثه وَلَا يحْتَج بِهِ،.

     وَقَالَ  النَّسَائِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ: لَيْسَ بِالْقَوِيّ.

فَإِن قلت: قد قَالَ الْبَيْهَقِيّ، رجح الشَّافِعِي حَدِيث عَائِشَة بِأَنَّهُ أشبه بِكِتَاب اتعالى، لِأَن اتعالى، يَقُول: { حَافظُوا على الصَّلَوَات} (الْبَقَرَة: 832) فَإِذا دخل الْوَقْت فَأولى الْمُصَلِّين بالمحافظة الْمُقدم للصَّلَاة، وَإِن رَسُول الله لَا يَأْمر بِأَن يُصَلِّي صَلَاة فِي وَقت يُصليهَا هُوَ فِي غَيره، وَهَذَا أشبه بسنن رَسُول ا.
قلت: المُرَاد من الْمُحَافظَة هُوَ المداومة على إِقَامَة الصَّلَوَات فِي أَوْقَاتهَا، وَلَيْسَ فِيهَا دَلِيل على أَن أول الْوَقْت أفضل، بل الْآيَة دَلِيل لنا.
لِأَن الَّذِي يسفر بِالْفَجْرِ يترقب الْإِسْفَار فِي أول الْوَقْت، فَيكون هُوَ المحافظ المداوم على الصَّلَاة، وَلِأَنَّهُ رُبمَا تقع صلَاته فِي التغليس قبل الْفجْر، فَلَا يكون محافظاً للصَّلَاة فِي وَقتهَا.
فَإِن قلت: جَاءَ فِي الحَدِيث: (أول الْوَقْت رضوَان اوآخره عَفْو ا) ، وَهُوَ لَا يُؤثر على رضوَان اشيئاً، وَالْعَفو لَا يكون عَن تَقْصِير.
قلت: المُرَاد من الْعَفو الْفضل كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: { ويسألونك مَاذَا يُنْفقُونَ قل الْعَفو} (الْبَقَرَة: 912) أَي: الْفضل، فَكَانَ معنى الحَدِيث، وَا أعلم، أَن من أدّى الصَّلَاة فِي أول الْوَقْت، فقد نَالَ رضوَان ا، وَأمن من سخطه وعذابه لامتثال أمره، وأدائه مَا وَجب عَلَيْهِ، وَمن أدّى فِي آخر الْوَقْت فقد نَالَ فضل ا، ونيل فضل الا يكون بِدُونِ الرضْوَان، فَكَانَت هَذِه الدرجَة أفضل من تِلْكَ.
فَإِن قلت: جَاءَ فِي الحَدِيث: (وَسُئِلَ: أَي الْأَعْمَال أفضل؟ فَقَالَ: الصَّلَاة فِي أول وَقتهَا) .
وَهُوَ لَا يدع مَوضِع الْفضل وَلَا يَأْمر النَّاس إلاَّ بِهِ.

قلت: ذكر الأول للحث والتحضيض والتأكيد على إِقَامَة الصَّلَوَات فِي أَوْقَاتهَا، وإلاَّ فَالَّذِي يُؤَدِّي فِي ثَانِي الْوَقْت أَو فِي ثَالِثَة أَو رَابِعَة كَالَّذي يُؤَدِّيهَا فِي أَوله لَا أَن الْجُزْء الأول لَهُ مزية على الْجُزْء الثَّانِي أَو الثَّالِث أَو الرَّابِع، فحاصل الْمَعْنى: الصَّلَاة فِي وَقتهَا أفضل الْأَعْمَال، ثمَّ يتَمَيَّز الْجُزْء الثَّانِي فِي صَلَاة الصُّبْح عَن الْجُزْء الأول بِالْأَمر الَّذِي فِيهِ الْإِسْفَار الَّذِي يَقْتَضِي التَّأْخِير عَن الْجُزْء الأول.
فَإِن قلت: قَالَ الْبَيْهَقِيّ: قَالَ الشَّافِعِي فِي حَدِيث رَافع: لَهُ وَجه لَا يُوَافق حَدِيث عَائِشَة وَلَا يُخَالِفهُ، وَذَلِكَ أَن رَسُول الله لما حض النَّاس على تَقْدِيم الصَّلَاة، وَأخْبر بِالْفَضْلِ فِيهِ، احْتمل أَن يكون من الراغبين من يقدمهَا قبل الْفجْر الآخر، فَقَالَ: أسفروا بِالْفَجْرِ حَتَّى يتَبَيَّن الْفجْر الآخر، مُعْتَرضًا، فَأَرَادَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فِيمَا يرى الْخُرُوج من الشَّك حَتَّى يُصَلِّي الْمُصَلِّي بعد تبين الْفجْر، فَأَمرهمْ بالإسفار أَي: بالتبيين.
قلت: يرد هَذَا التَّأْوِيل ويبطله مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ عَن رَافع، قَالَ: قَالَ رَسُول الله لِبلَال: (يَا بِلَال نوِّر صَلَاة الصُّبْح حَتَّى تبصر الْقَوْم مَوَاضِع نبلهم من الْإِسْفَار) .
وَقد مر هَذَا عَن قريب.
فَإِن قلت: قَالَ ابْن حَازِم فِي كتاب (النَّاسِخ والمنسوخ) : قد اخْتلف أهل الْعلم فِي الْإِسْفَار بِصَلَاة الصُّبْح والتغليس بهَا، فَرَأى بَعضهم الْإِسْفَار هُوَ الْأَفْضَل، وَذهب إِلَى قَوْله: (أَصْبحُوا بالصبح) ، وَرَوَاهُ محكماً، وَزعم الطَّحَاوِيّ أَن حَدِيث الْإِسْفَار نَاسخ لحَدِيث التغليس، وَأَنَّهُمْ كَانُوا يدْخلُونَ مغلسين وَيخرجُونَ مسفرين، وَلَيْسَ الْأَمر كَمَا ذهب إِلَيْهِ، لِأَن حَدِيث التغليس ثَابت، وَأَن النَّبِي داوم عَلَيْهِ حَتَّى فَارق الدُّنْيَا.

قلت: يرد هَذَا مَا روينَاهُ من حَدِيث ابْن مَسْعُود الَّذِي أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم، وَقد ذَكرْنَاهُ عَن قريب، وَذكرنَا أَن فِيهِ دَلِيلا على أَنه، كَانَ يسفر بِالْفَجْرِ دَائِما، وَالْأَمر مثل مَا ذكره الطَّحَاوِيّ وَلَيْسَ مثل مَا ذكره ابْن حَازِم، بَيَان ذَلِك أَن اتِّفَاق الصَّحَابَة رَضِي اتعالى عَنْهُم، بعد النَّبِي، على الْإِسْفَار بالصبح، على مَا ذكره الطَّحَاوِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ أَنه قَالَ: (مَا اجْتمع أَصْحَاب مُحَمَّد على شَيْء مَا اجْتَمعُوا على التَّنْوِير) دَلِيل وَاضح على نسخ حَدِيث التغليس، لِأَن إِبْرَاهِيم أخبر أَنهم كَانُوا اجْتَمعُوا على ذَلِك، فَلَا يجوز عندنَا، وَا أعلم، اجْتِمَاعهم على خلاف مَا قد فعله النَّبِي، إلاَّ بعد نسخ ذَلِك وَثُبُوت خِلَافه، وَالْعجب من بعض شرَّاح البُخَارِيّ أَنه يَقُول: وَوهم الطَّحَاوِيّ حَيْثُ ادّعى أَن حَدِيث: (أسفروا.
.
) نَاسخ لحَدِيث التغليس، وَلَيْسَ الواهم إلاَّ هُوَ، وَلَو كَانَ عِنْده إِدْرَاك مدارك الْمعَانِي لما اجترأ على مثل هَذَا الْكَلَام.

وَمِنْهَا: أَن فِيهِ دلَالَة على خُرُوج النِّسَاء، وَهُوَ جَائِز بِشَرْط أَمن الْفِتْنَة عَلَيْهِنَّ أَو بِهن، وَكَرِهَهُ بَعضهم للشواب، وَعند أبي حنيفَة تخرج الْعَجَائِز لغير الظّهْر وَالْعصر، وَعِنْدَهُمَا: يخْرجن للْجَمِيع، وَالْيَوْم يكره للْجَمِيع، للعجائز والشواب، لظُهُور الْفساد وَعُمُوم الْفِتْنَة.
وَا أعلم.