هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
452 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا اللَّيْثُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ ، قَالَ : بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ : ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي المَسْجِدِ ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ ، فَانْطَلَقَ إِلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنَ المَسْجِدِ ، فَاغْتَسَلَ ، ثُمَّ دَخَلَ المَسْجِدَ ، فَقَالَ : أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
452 حدثنا عبد الله بن يوسف ، قال : حدثنا الليث ، قال : حدثنا سعيد بن أبي سعيد ، سمع أبا هريرة ، قال : بعث النبي صلى الله عليه وسلم خيلا قبل نجد ، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له : ثمامة بن أثال ، فربطوه بسارية من سواري المسجد ، فخرج إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أطلقوا ثمامة ، فانطلق إلى نخل قريب من المسجد ، فاغتسل ، ثم دخل المسجد ، فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن أبي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ : ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي المَسْجِدِ ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ ، فَانْطَلَقَ إِلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنَ المَسْجِدِ ، فَاغْتَسَلَ ، ثُمَّ دَخَلَ المَسْجِدَ ، فَقَالَ : أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ .

Narrated Abu Huraira:

The Prophet (ﷺ) sent some horsemen to Najd and they brought a man called Thumama bin Uthal from Bani Hanifa. They fastened him to one of the pillars of the mosque. The Prophet (ﷺ) came and ordered them to release him. He went to a (garden of) date-palms near the mosque, took a bath and entered the, mosque again and said, None has the right to be worshipped but Allah an Muhammad is His Apostle (i.e. he embraced Islam).

0462 Saib ben Abu Said rapporte avoir entendu Abu Hurayra dire : Une fois le prophète envoya des cavaliers à Nejd. Ils revinrent avec un prisonnier des béni Hanifa appelé Thumama ben Uthal. On l’attacha à l’une des colonnes de la mosquée puis arriva le Prophète qui dit : « Libérez Thumama ! » Libéré, ce Thumama se dirigea vers une palmeraie qui se trouvait près de Médine, fit des ablutions majeures puis revints à la mosquée où il dit : « Je témoigne qu’il n’y a de dieu que Dieu et que Muhammad est le Messager de Dieu. »

":"ہم سے عبداللہ بن یوسف نے بیان کیا ، انھوں نے کہا ہم سے لیث بن سعد نے بیان کیا ، انھوں نے کہا مجھ سے سعید بن ابی سعید مقبری نے ، انھوں نے حضرت ابوہریرہ رضی اللہ عنہ سے سنا کہرسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے کچھ سوار نجد کی طرف بھیجے ( جو تعداد میں تیس تھے ) یہ لوگ بنو حنیفہ کے ایک شخص کو جس کا نام ثمامہ بن اثال تھا پکڑ کر لائے ۔ انھوں نے اسے مسجد کے ایک ستون میں باندھ دیا ۔ پھر رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم تشریف لائے ۔ اور ( تیسرے روز ثمامہ کی نیک طبیعت دیکھ کر ) آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ ثمامہ کو چھوڑ دو ۔ ( رہائی کے بعد ) وہ مسجدنبوی سے قریب ایک کھجور کے باغ تک گئے ۔ اور وہاں غسل کیا ۔ پھر مسجد میں داخل ہوئے اور کہا «أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله‏» میں گواہی دیتا ہوں کہ اللہ کے سوا کوئی معبود نہیں اور یہ کہ محمد اللہ کے سچے رسول ہیں ۔

0462 Saib ben Abu Said rapporte avoir entendu Abu Hurayra dire : Une fois le prophète envoya des cavaliers à Nejd. Ils revinrent avec un prisonnier des béni Hanifa appelé Thumama ben Uthal. On l’attacha à l’une des colonnes de la mosquée puis arriva le Prophète qui dit : « Libérez Thumama ! » Libéré, ce Thumama se dirigea vers une palmeraie qui se trouvait près de Médine, fit des ablutions majeures puis revints à la mosquée où il dit : « Je témoigne qu’il n’y a de dieu que Dieu et que Muhammad est le Messager de Dieu. »

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [462] .

     قَوْلُهُ  خَيْلًا أَيْ فُرْسَانًا وَالْأَصْلُ أَنَّهُمْ كَانُوا رِجَالًا عَلَى خَيْلٍ وَثُمَامَةُ بِمُثَلَّثَةٍ مَضْمُومَةٍ وَأُثَالٍ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ بَعْدَهَا مُثَلَّثَةٌ خَفِيفَةٌ .

     قَوْلُهُ  إِلَى نَخْلٍ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَفِي النُّسْخَةِ الْمَقْرُوءَةِ عَلَى أَبِي الْوَقْتِ بِالْجِيمِ وَصَوَّبَهَا بَعْضُهُمْ.

     وَقَالَ  وَالنَّجْلُ الْمَاءُ الْقَلِيلُ النَّابِعُ وَقِيلَ الْجَارِي.

.

قُلْتُ وَيُؤَيّد الرِّوَايَة الأولى أَن لفظ بن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَانْطَلَقَ إِلَى حَائِط أبي طَلْحَة وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ فَوَائِدِ هَذَا الْحَدِيثِ حَيْثُ أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ تَامًّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ( قَولُهُ بَابُ الْخَيْمَةِ فِي الْمَسْجِدِ) أَيْ جَوَازِ ذَلِكَ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [462] حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: "بَعَثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَيْلاً قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ، فَانْطَلَقَ إِلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنَ الْمَسْجِدِ فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ.
[الحديث أطرافه في: 469، 2422، 2423، 4372] .
وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي ( قال: حدّثنا الليث) بن سعد المصري ( قال: حدّثنا) بالجمع وللأربعة حدّثني ( سعيد بن أبي سعيد) بكسر العين فيهما المقبري ( أنه سمع أبا هريرة) رضي الله عنه ولأبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر حدّثني بالإفراد أبو هريرة ( قال) : ( بعث النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لعشر ليال خلون من المحرم سنة ست إلى القرطاء نفر من بني أبي بكر بن كلاب ( خيلاً) فرسانًا ثلاثين ( قبل) بكسر القاف وفتح الموحدة أي جهة ( نجد) بفتح النون وسكون الجيم ( فجاءت برجل من بني حنيفة) بفتح الحاء المهملة ( يقال له ثمامة بن أثال) بضم أول الاسمين والثاء المثلثة فيهما وهي مخففة كالميم ( فربطوه) بأمر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كما صرّح به ابن إسحاق في مغازيه.
( بسارية من سواري المسجد) وحينئذ فيكون حديث ثمامة من جنس حديث العفريت فهناك هم بربطه، وإنما امتنع لأمر أجنبي وهنا أمر به، ( فخرج إليه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: أطلقوا ثمامة) منّا عليه أو تالفًا، أو لما علم من إيمان قلبه وأنه سيظهره أو أنه مرّ عليه فأسلمكما رواه ابنا خزيمة وحبّان من حديث أبي هريرة وهمزة أطلقوا همزة قطع فأطلقوه، ( فانطلق) وفي رواية فذهب ( إلى نخل قريب من المسجد) بالخاء المعجمة في نخل في أكثر الروايات، وفي النسخة المقروءة عن أبي الوقت إلى نجل بالجيم، وصوّبه بعضهم وهو الماء القليل النابع، وقال ابن دريد: هو الماء الجاري، ( فاغتسل ثم دخل المسجد فقال: أشهد أن لا إله إلاّ الله وأن محمدًا رسول الله) وفيه مشروعية اغتسال الكافر إذا أسلم وأوجبه الإمام أحمد.
ورواة هذا الحديث الأربعة ما بين مصري بالميم ومدني، وفيه التحديث بالجمع والإفراد والسّماع والقول، وأخرجه المؤلّف في الصلاة والمغازي، ومسلم في المغازي، وأبو داود في الجهاد، والنسائي في الطهارة ببعضه وببعضه في الصلاة.
77 - باب الْخَيْمَةِ فِي الْمَسْجِدِ لِلْمَرْضَى وَغَيْرِهِمْ ( باب) جواز نصب ( الخيمة في المسجد للمرضى وغيرهم) .

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [462] ثنا عبد الله بن يوسف: ثنا الليث: حدثني سعيد بن أبي سعيد، أنه سمع أبا هريرة قال: بعث النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خيلا قبل نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة، يقال له: ثمامة بن أثال، فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: ( ( أطلقوا ثمامة) ) ، فان طلق إلى نخل قريب من المسجد، فاغتسل، ثم دخل المسجد، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.
دل هذان الحديثان: على ربط الأسير إلى سارية من سواري المسجد؛ فإن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يكن في زمانه سجن يسجن فيه الأسارى، ولهذا لما ندم أبو لبابة على ما قال لبني قريظة ربط نفسه بسارية من سواري المسجد.
وفي بعض نسخ ( ( كتاب البخاري) ) في هذا الباب زيادة: وكان شريح يأمر بالغريم أن يحبس إلى سارية المسجد.
وروي ذلك عن علي - أيضا -: قال يعقوب بن شيبة: ثنا عبيد بن يعيش: ثنا صيفي بن ربعي الأنصاري، عن أبيه: حدثني مشيخة الحي، أن عليا استعمل رجلا على عمل، فأتاه، فسأله عن المال، فلم يرفع إليه ما أراد.
قال: فشده على أسطوانة من أساطين المسجد، فقال: أد مال الله.
وربط الأسير، أن كان من الكفار فربطه من مصالح الدين، وقد أمر الله تعالى به بقوله: { حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد:4] .
وإن كان من المسلمين على دين له أو حق ليخرج منه فهو من مصالح المسلمين المحتاج إليها، لحفظ أموالهم واستيفاء حقوقهم، وهو من جنس القضاء في المسجد، وأمر الخصوم بإنصاف بعضهم لبعض، والخروج من الحقوق اللازمة لبعضهم بعضا، وقد سبق أن القضاء في المسجد جائز.
وهم النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بربط الشيطان هو من عقوبات العصاة المتمردين المتعرضين لإفساد الدين، وليس من جنس إقامة الحدود بالضرب والقطع حتى تصان عنه المساجد، إنما هو حبس مجرد، فهو كحبس الأسارى من الكفار.
وبقية فوائد الحديثين تذكر في مواضع أخر - إن شاء الله تعالى.
77 - باب الخيمة في المسجد للمرضى وغيرهم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ الِاغْتِسَالِ إِذَا أَسْلَمَ وَرَبْطِ الْأَسِيرَ أَيْضًا فِي الْمَسْجِدِ)
هَكَذَا فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ وَسَقَطَ لِلْأَصِيلِيِّ وَكَرِيمَةَ قَوْلِهِ وَرَبْطِ الْأَسِيرَ إِلَخْ وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ بَابٌ بِلَا تَرْجَمَةٍ وَكَأَنَّهُ فَصْلٌ مِنَ الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بَيَّضَ لِلتَّرْجَمَةِ فَسَدَّ بَعْضُهُمُ الْبَيَاضَ بِمَا ظَهَرَ لَهُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْإِسْمَاعِيلِيَّ تَرْجَمَ عَلَيْهِ بَابُ دُخُولِ الْمُشْرِكِ الْمَسْجِدَ وَأَيْضًا فَالْبُخَارِيُّ لَمْ تَجْرِ عَادَتُهُ بِإِعَادَةِ لَفَظِ التَّرْجَمَةِ عَقِبَ الْأُخْرَى والاغتسال إِذا أسلم لاتعلق لَهُ بِأَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ إِلَّا عَلَى بُعْدٍ وَهُوَ أَنْ يُقَالَ الْكَافِرُ جُنُبٌ غَالِبًا وَالْجُنُبُ مَمْنُوعٌ مِنَ الْمَسْجِدِ إِلَّا لِضَرُورَةٍ فَلَمَّا أَسْلَمَ لَمْ تَبْقَ ضَرُورَةٌ لِلُبْثِهِ فِي الْمَسْجِدِ جُنُبًا فَاغْتَسَلَ لتسوغ لَهُ الْإِقَامَة فِي الْمَسْجِد وَادّعى بن الْمُنِيرِ أَنَّ تَرْجَمَةَ هَذَا الْبَابِ ذِكْرُ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فِي الْمَسْجِدِ قَالَ وَمُطَابَقَتُهَا لِقِصَّةِ ثُمَامَةَ أَنَّ مَنْ تَخَيَّلَ مَنْعَ ذَلِكَ أَخَذَهُ مِنْ عُمُومِ قَوْلِهِ إِنَّمَا بُنِيَتِ الْمَسَاجِدُ لِذِكْرِ اللَّهِ فَأَرَادَ الْبُخَارِيُّ أَنَّ هَذَا الْعُمُومَ مَخْصُوصٌ بِأَشْيَاءَ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْهَا رَبْطُ الْأَسِيرِ فِي الْمَسْجِدِ فَإِذَا جَازَ ذَلِكَ لِلْمَصْلَحَةِ فَكَذَلِكَ يَجُوزُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ لِلْمَصْلَحَةِ فِي الْمَسْجِدِ.

.

قُلْتُ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنَ التَّكَلُّفِ وَلَيْسَ مَا ذَكَرَهُ مِنَ التَّرْجَمَةِ مَعَ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنْ نُسَخِ الْبُخَارِيِّ هُنَا وَإِنَّمَا تَقَدَّمَتْ قَبْلَ خَمْسَةِ أَبْوَابٍ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ بَرِيرَةَ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ قِيلَ إِيرَادُ قِصَّةِ ثُمَامَةَ فِي التَّرْجَمَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ وَهِيَ بَابُ الْأَسِيرِ يُرْبَطُ فِي الْمَسْجِدِ أَلْيَقُ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْبُخَارِيَّ آثَرَ الِاسْتِدْلَالَ بِقِصَّةِ الْعِفْرِيتِ عَلَى قِصَّةِ ثُمَامَةَ لِأَنَّ الَّذِي هَمَّ بِرَبْطِ الْعِفْرِيتِ هُوَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي تَوَلَّى رَبْطَ ثُمَامَةَ غَيْرُهُ وَحَيْثُ رَآهُ مَرْبُوطًا قَالَ أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ قَالَ فَهُوَ بِأَنْ يَكُونَ إِنْكَارًا لِرَبْطِهِ أَوْلَى مِنْ أَنْ يَكُونَ تَقْرِيرًا انْتَهَى وَكَأَنَّهُ لَمْ يُنْظَرْ سِيَاقُ هَذَا الْحَدِيثِ تَامًّا لَا فِي الْبُخَارِيِّ وَلَا فِي غَيْرِهِ فقد أخرجه البُخَارِيّ فِي أَو اخر الْمَغَازِي مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِعَيْنِهِ مُطَوَّلًا وَفِيهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى ثُمَامَةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَهُوَ مَرْبُوطٌ فِي الْمَسْجِدِ وَإِنَّمَا أَمَرَ بِإِطْلَاقِهِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَكَذَا أخرجه مُسلم وَغَيره وَصرح بن إِسْحَاقَ فِي الْمُغَازِي مِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الَّذِي أَمرهم بربطه فَبَطل مَا تخيله بن الْمُنِير وَإِنِّي لَا تعجب مِنْهُ كَيْفَ جَوَّزَ أَنَّ الصَّحَابَةَ يَفْعَلُونَ فِي الْمَسْجِدِ أَمْرًا لَا يَرْضَاهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ كَلَامٌ فَاسِدٌ مَبْنِيٌّ عَلَى فَاسِدٍ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى التَّوْفِيقِ .

     قَوْلُهُ  وَكَانَ شُرَيْحٌ يَأْمُرُ الْغَرِيمَ أَنْ يُحْبَسَ قَالَ بن مَالِكٍ فِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ الْأَصْلُ يَأْمُرُ بِالْغَرِيمِ وَأَنْ يُحْبَسَ بَدَلَ اشْتِمَالٍ ثُمَّ حُذِفَتِ الْبَاءَ ثَانِيهُمَا أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ أَنْ يُحْبَسَ أَيْ يَنْحَبِسُ فَجَعَلَ الْمُطَاوِعَ مَوْضِعَ الْمُطَاوِعِ لِاسْتِلْزَامِهِ إِيَّاهُ انْتَهَى وَالتَّعْلِيقُ الْمَذْكُورُ فِي رِوَايَةِ الْحَمَوِيِّ دُونَ رُفْقَتِهِ وَقَدْ وَصَلَهُ مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوب عَن بن سِيرِينَ قَالَ كَانَ شُرَيْحٌ إِذَا قَضَى عَلَى رَجُلٍ بِحَقٍّ أَمَرَ بِحَبْسِهِ فِي الْمَسْجِدِ إِلَى أَنْ يَقُومَ بِمَا عَلَيْهِ فَإِنْ أَعْطَى الْحَقَ وَإِلَّا أَمَرَ بِهِ إِلَى السِّجْنِ

[ قــ :452 ... غــ :462] .

     قَوْلُهُ  خَيْلًا أَيْ فُرْسَانًا وَالْأَصْلُ أَنَّهُمْ كَانُوا رِجَالًا عَلَى خَيْلٍ وَثُمَامَةُ بِمُثَلَّثَةٍ مَضْمُومَةٍ وَأُثَالٍ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ بَعْدَهَا مُثَلَّثَةٌ خَفِيفَةٌ .

     قَوْلُهُ  إِلَى نَخْلٍ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَفِي النُّسْخَةِ الْمَقْرُوءَةِ عَلَى أَبِي الْوَقْتِ بِالْجِيمِ وَصَوَّبَهَا بَعْضُهُمْ.

     وَقَالَ  وَالنَّجْلُ الْمَاءُ الْقَلِيلُ النَّابِعُ وَقِيلَ الْجَارِي.

.

قُلْتُ وَيُؤَيّد الرِّوَايَة الأولى أَن لفظ بن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَانْطَلَقَ إِلَى حَائِط أبي طَلْحَة وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ فَوَائِدِ هَذَا الْحَدِيثِ حَيْثُ أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ تَامًّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :452 ... غــ :462 ]
- ثنا عبد الله بن يوسف: ثنا الليث: حدثني سعيد بن أبي سعيد، أنه سمع أبا هريرة قال: بعث النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خيلا قبل نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة، يقال له: ثمامة بن أثال، فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: ( ( أطلقوا ثمامة) ) ، فان طلق إلى نخل قريب من المسجد، فاغتسل، ثم دخل المسجد، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.

دل هذان الحديثان: على ربط الأسير إلى سارية من سواري المسجد؛ فإن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يكن في زمانه سجن يسجن فيه الأسارى، ولهذا لما ندم أبو لبابة على ما قال لبني قريظة ربط نفسه بسارية من سواري المسجد.

وفي بعض نسخ ( ( كتاب البخاري) ) في هذا الباب زيادة:
وكان شريح يأمر بالغريم أن يحبس إلى سارية المسجد.

وروي ذلك عن علي - أيضا -:
قال يعقوب بن شيبة: ثنا عبيد بن يعيش: ثنا صيفي بن ربعي الأنصاري، عن أبيه: حدثني مشيخة الحي، أن عليا استعمل رجلا على عمل، فأتاه، فسأله عن المال، فلم يرفع إليه ما أراد.
قال: فشده على أسطوانة من أساطين المسجد، فقال: أد مال الله.
وربط الأسير، أن كان من الكفار فربطه من مصالح الدين، وقد أمر الله تعالى به بقوله: { حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد:4] .

وإن كان من المسلمين على دين له أو حق ليخرج منه فهو من مصالح المسلمين المحتاج إليها، لحفظ أموالهم واستيفاء حقوقهم، وهو من جنس القضاء في المسجد، وأمر الخصوم بإنصاف بعضهم لبعض، والخروج من الحقوق اللازمة لبعضهم بعضا، وقد سبق أن القضاء في المسجد جائز.

وهم النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بربط الشيطان هو من عقوبات العصاة المتمردين المتعرضين لإفساد الدين، وليس من جنس إقامة الحدود بالضرب والقطع حتى تصان عنه المساجد، إنما هو حبس مجرد، فهو كحبس الأسارى من الكفار.

وبقية فوائد الحديثين تذكر في مواضع أخر - إن شاء الله تعالى.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب الاِغْتِسَالِ إِذَا أَسْلَمَ، وَرَبْطِ الأَسِيرِ أَيْضًا فِي الْمَسْجِدِ
وَكَانَ شُرَيْحٌ يَأْمُرُ الْغَرِيمَ أَنْ يُحْبَسَ إِلَى سَارِيَةِ الْمَسْجِدِ.


( باب) بيان ( الاغتسال) للكافر ( إذا أسلم و) بيان ( ربط الأسير أيضًا في المسجد) ولأي ذر في نسخة ويربط الأسير أيضًا.
( وكان شريح) بالمعجمة أوله والمهملة آخره مصغرًا ابن الحرث الكندي النخعي أدرك زمنه عليه الصلاة والسلام لكنه لم يلقه، وكان قاضيًا بالكوفة لعمر، ومن بعده ستّين سنة، وتوفي قبل الثمانين أو بعدها ( يأمر الغريم) أي بالغريم كما في أمرتك الخير أن تأتيه ( أن يحبس) بضم أوله وفتح الموحدة أو يأمر الغريم أن يحبس نفسه ( إلى سارية المسجد) وتمامه فيما وصله معمر عن أيوب عن ابن سيرين عنه: إلى أن يقوم بما عليه فإن أعطى الحق وإلاّ أمر به إلى السجن، لكن هذه الجملة من قوله: وربط الأسير إلى آخر قوله إلى سارية المسجد ساقطة في رواية الأصيلي وابن عساكر، وزاد في الفتح وكريمة وضبب عليها في رواية أبوي ذر والوقت كما نبّه عليه في الفرع وأصله: ووقع عند بعضهم سقوط الترجمة أصلاً والاقتصار على باب فقط وصوّب نظرًا إلى أن حديث الباب من جنس حديث سابقه وفصل بينهما لمغايرة ما.


[ قــ :452 ... غــ : 462 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: "بَعَثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَيْلاً قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ، فَانْطَلَقَ إِلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنَ الْمَسْجِدِ فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ.
[الحديث 462 - أطرافه في: 469، 2422، 2423، 4372] .

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي ( قال: حدّثنا الليث) بن سعد المصري ( قال: حدّثنا) بالجمع وللأربعة حدّثني ( سعيد بن أبي سعيد) بكسر العين فيهما المقبري ( أنه سمع أبا هريرة) رضي الله عنه ولأبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر حدّثني بالإفراد أبو هريرة ( قال) :
( بعث النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لعشر ليال خلون من المحرم سنة ست إلى القرطاء نفر من بني أبي بكر بن كلاب ( خيلاً) فرسانًا ثلاثين ( قبل) بكسر القاف وفتح الموحدة أي جهة ( نجد) بفتح النون وسكون

الجيم ( فجاءت برجل من بني حنيفة) بفتح الحاء المهملة ( يقال له ثمامة بن أثال) بضم أول الاسمين والثاء المثلثة فيهما وهي مخففة كالميم ( فربطوه) بأمر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كما صرّح به ابن إسحاق في مغازيه.

( بسارية من سواري المسجد) وحينئذ فيكون حديث ثمامة من جنس حديث العفريت فهناك هم بربطه، وإنما امتنع لأمر أجنبي وهنا أمر به، ( فخرج إليه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: أطلقوا ثمامة) منّا عليه أو تالفًا، أو لما علم من إيمان قلبه وأنه سيظهره أو أنه مرّ عليه فأسلم كما رواه ابنا خزيمة وحبّان من حديث أبي هريرة وهمزة أطلقوا همزة قطع فأطلقوه، ( فانطلق) وفي رواية فذهب ( إلى نخل قريب من المسجد) بالخاء المعجمة في نخل في أكثر الروايات، وفي النسخة المقروءة عن أبي الوقت إلى نجل بالجيم، وصوّبه بعضهم وهو الماء القليل النابع، وقال ابن دريد: هو الماء الجاري، ( فاغتسل ثم دخل المسجد فقال: أشهد أن لا إله إلاّ الله وأن محمدًا رسول الله) وفيه مشروعية اغتسال الكافر إذا أسلم وأوجبه الإمام أحمد.

ورواة هذا الحديث الأربعة ما بين مصري بالميم ومدني، وفيه التحديث بالجمع والإفراد والسّماع والقول، وأخرجه المؤلّف في الصلاة والمغازي، ومسلم في المغازي، وأبو داود في الجهاد، والنسائي في الطهارة ببعضه وببعضه في الصلاة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ الإِغْتِسَالِ إِذَا أسْلَمَ وَرَبْطِ الأَسِيرِ أَيْضاً فِي المَسْجِدِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم اغتسال الْكَافِر إِذا أسلم، وَبَيَان ربط الْأَسير فِي الْمَسْجِد، وَهَذِه التَّرْجَمَة وَقعت هَكَذَا فِي أَكثر الرِّوَايَات وَلَيْسَ فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ وكريمة قَوْله: ( وربط الْأَسير أَيْضا فِي الْمَسْجِد) ، وَوَقع عِنْد الْبَعْض لفظ: بابُُ، بِلَا تَرْجَمَة وَالصَّوَاب هُنَا النُّسْخَة الَّتِي فِيهَا ذكر الْبابُُ مُفردا بِلَا تَرْجَمَة لِأَن حَدِيث هَذَا الْبابُُ من جنس حَدِيث الْبابُُ الَّذِي قبله، وَلَكِن لما كَانَت بَينهمَا مُغَايرَة مَا فصل بَينهمَا بِلَفْظ: بابُُ، مُفردا، وَأما قَول ابْن الْمُنِير: وَذكر هَذَا الحَدِيث فِي بابُُ الْأَسير أَو الْغَرِيم يرْبط فِي الْمَسْجِد أوقع وأنص على الْمَقْصُود، لِأَن ثُمَامَة كَانَ أَسِيرًا فَربط فِي الْمَسْجِد، وَلكنه لم يذكرهُ هُنَاكَ، لِأَنَّهُ، لم يربطه.
وَلم يَأْمر بربطه، فَقَوْل صادر من غير تَأمل، لِأَن ابْن إِسْحَاق صرح فِي مغازيه أَن النَّبِي، وَهُوَ الَّذِي أَمرهم بربطه، فَإِذا كَانَ كَذَلِك كَانَ حَدِيث ثُمَامَة من جنس حَدِيث العفريت، وَلَكِن لما كَانَ بَينهمَا مُغَايرَة مَا، وَهُوَ أَن النَّبِي، هم بربط العفريت بِنَفسِهِ، وَلكنه لم يربطه لمَانع ذَكرْنَاهُ، وَهَهُنَا ربطه غَيره، فَلذَلِك فصل البُخَارِيّ بَينهمَا بِلَفْظ: بابُُ، مُفردا، وَهُوَ أصوب من النسختين المذكورتين، لِأَن فِي نُسْخَة الْجُمْهُور ذكر الِاغْتِسَال إِذا أسلم، وَلَيْسَ فِي حَدِيث الْبابُُ ذكر لذَلِك وَلَا إِشَارَة إِلَيْهِ، وَفِي نُسْخَة الْأصيلِيّ ربط الْأَسير غير مَذْكُور، وَحَدِيث الْبابُُ يُصَرح بذلك، وَأبْعد من الْكل النُّسْخَة الَّتِي ذكرهَا ابْن الْمُنِير وَهِي: بابُُ ذكر الشِّرَاء وَالْبيع، وَفِيه أَبُو هُرَيْرَة: ( بعث رَسُول الله خيلاً) الحَدِيث، ثمَّ قَالَ: وَجه مُطَابقَة حَدِيث ثُمَامَة للْبيع وَالشِّرَاء فِي الْمَسْجِد أَن الَّذِي تخيل الْمَنْع مُطلقًا، إِنَّمَا أَخذه من ظَاهر أَن هَذِه الْمَسَاجِد إِنَّمَا بنيت للصَّلَاة وَلذكر ا، فَبين البُخَارِيّ تَخْصِيص هَذَا الْعُمُوم بِإِجَازَة فعل غير الصَّلَاة فِي الْمَسْجِد، وَهُوَ ربط ثُمَامَة، لِأَنَّهُ مَقْصُود صَحِيح، فَالْبيع كَذَلِك، انْتهى، وَلَا يخفى مَا فِيهِ من التَّكَلُّف والتعسف..
     وَقَالَ  صَاحب ( التَّلْوِيح) ، بعد أَن نقل هَذَا الْكَلَام مُنْكرا عَلَيْهِ ومستبعداً وُقُوعه مِنْهُ:
وَذَاكَ لعمري قَول من لم يمارس كتاب الصَّحِيح الْمُنْتَقى فِي الْمدَارِس وَلم ير مَا قد قَالَه فِي الْوُفُود من سِيَاق حَدِيث وَاضح متجانس
وَكَانَ الشَّيْخ قطب الدّين الْحلَبِي تبع ابْن الْمُنِير فِي ذَلِك، وَأنكر عَلَيْهِ تِلْمِيذه صَاحب ( التَّوْضِيح) وَهُوَ مَحل الْإِنْكَار، لِأَن التَّرْجَمَة الَّتِي ذكرهَا لَيْسَ فِي شَيْء من نسخ البُخَارِيّ.

وَكَانَ شُرَيْحٌ يَأمُرُ الغَرِيمَ أنْ يُحْبَسَ إِلَى سارِيَةِ المَسْجِدِ.

مُطَابقَة هَذَا الْأَثر للجزء الثَّانِي من التَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَهَذَا تَعْلِيق من البُخَارِيّ، وَقد وَصله معمر عَن أَيُّوب عَن ابْن سِيرِين قَالَ: ( كَانَ شُرَيْح إِذا قضى على رجل بِحَق أَمر بحبسه فِي الْمَسْجِد إِلَى أَن يقوم بِمَا عَلَيْهِ، فَإِن أعْطى الْحق وإلاَّ أَمر بِهِ فِي السجْن) ، وَشُرَيْح، بِضَم الشين الْمُعْجَمَة وَفتح الرَّاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره حاء مُهْملَة: ابْن الْحَارِث الْكِنْدِيّ، كَانَ من أَوْلَاد الْفرس الَّذين كَانُوا بِالْيمن، وَكَانَ فِي زمن النَّبِي وَلم يلقه، قضى بِالْكُوفَةِ من قبل عمر، رَضِي اتعالى عَنهُ، وَمن بعده سِتِّينَ سنة، مَاتَ سنة ثَمَانِينَ.

     وَقَالَ  ابْن مَالك فِي إِعْرَاب هَذَا وَجْهَان: أَحدهمَا: أَن يكون الأَصْل بالغريم، وَأَن يحبس بدل اشْتِمَال، ثمَّ حذفت الْبَاء كَمَا فِي قَوْله:
أَمرتك الْخَيْر
وَالثَّانِي: أَن يُرِيد، كَأَن يَأْمُرهُ أَن ينحبس فَجعل المطاوع مَوضِع المطاوع لاستلزامه إِيَّاه.
انْتهى.
قلت: هَذَا تكلّف، وَحذف الْبَاء فِي الشّعْر للضَّرُورَة وَلَا ضَرُورَة هَهُنَا، وَهَذَا التَّرْكِيب ظَاهر فَلَا يحْتَاج إِلَى مثل هَذَا الْإِعْرَاب، وَلَا شكّ أَن الْمَأْمُور، هُوَ الْغَرِيم، أَمر بِأَن يحبس نَفسه فِي الْمَسْجِد فَإِن قضى مَا عَلَيْهِ ذهب فِي حَاله وإلاَّ أَمر بِهِ فِي السجْن، وَأَن يحبس أَصله بِأَن يحبس وَيحبس، على صِيغَة الْمَجْهُول، يَعْنِي: أمره أَن يحبس نَفسه فِي الْمَسْجِد أَولا.
وَعند المطل يحبس فِي السجْن.



[ قــ :459 ... غــ :469]
- حَدَّثَنَا عبْدُ اللَّهِ بنُ يُوسُفَ قَالَ حدّثنا اللَّيْثُ قَالَ حدّثنا سَعِيدُ بنُ أبي سَعِيدٍ أنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ بَعَثَ النبيُّ خَيْلاً قِبَلَ نَجْدٍ فَجَاءَتْ بِرَجلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بنُ أُثالٍ فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي المَسْجِدِ فَخَرَجَ إِلَيْهِ النبيُّ فقالُ: أطْلِقُوا ثمَامَةَ فانْطَلَقَ إِلَي نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنَ المَسْجِدِ فاغْتَسَلَ ثُمَّ دَخَلَ المَسْجِدَ فَقَالَ أشْهَدُ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّداً رسولُ اللَّهِ.
( الحَدِيث 264 أَطْرَافه فِي: 964، 2242، 3242، 2734) .


مُطَابقَة هَذَا الحَدِيث للجزء الثَّانِي من التَّرْجَمَة ظَاهِرَة، كَمَا فِي الْأَثر الْمَذْكُور.

ذكر رِجَاله وهم أَرْبَعَة: الأول: عبد ابْن يُوسُف التنيسِي.
الثَّانِي: اللَّيْث بن سعد.
الثَّالِث: سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري، وَالْكل تقدمُوا.
الرَّابِع: أَبُو هُرَيْرَة.

ذكر لطائف إِسْنَاده.
فِيهِ: التحديث فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع فِي موضِعين بِصِيغَة الْجمع وَفِي مَوضِع بِصِيغَة الْإِفْرَاد.
وَفِيه: السماع وَالْقَوْل.
وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين بَصرِي ومدني.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره.
أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْأَشْخَاص عَن قُتَيْبَة، وَعنهُ أَيْضا فِي الصَّلَاة.
وَأخرجه أَيْضا افي الصَّلَاة والأشخاص والمغازي عَن عبد ابْن يُوسُف.
وَأخرجه مُسلم فِي الْمَغَازِي عَن قتية.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْجِهَاد، وَعَن عِيسَى بن حَمَّاد وقتيبة.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الطَّهَارَة عَن قُتَيْبَة بِبَعْضِه، وببعضه فِي الصَّلَاة.

ذكر مَعْنَاهُ قَوْله: ( خيلاً) الْخَيل الفرسان، قَالَه الْجَوْهَرِي وَالْخَيْل أَيْضا: الْخُيُول..
     وَقَالَ  بَعضهم أَي: رجَالًا على خيل.
قلت: هَذَا تفيسر من عِنْده وَهُوَ غير صَحِيح، بل المُرَاد هَهُنَا من الْخَيل هم الفرسان.
وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: { واجلب عَلَيْهِم بخيلك ورجلك} ( الْإِسْرَاء: 46) أَي: بفرسانك ورجالتك، والخيالة: أَصْحَاب الْخُيُول..
     وَقَالَ  ابْن إِسْحَاق؛ السّريَّة الَّتِي أخذت ثُمَامَة كَانَ أميرها مُحَمَّد بن مسلمة، أرْسلهُ، فِي ثَلَاثِينَ رَاكِبًا إِلَى القرطاء من بني أبي بكر بن كلاب بِنَاحِيَة ضَرْبَة بالبكرات لعشر لَيَال خلون من الْمحرم سنة سِتّ، وَعند ابْن سعد: على رَأس تِسْعَة وَخمسين شهرا من الْهِجْرَة، وَكَانَت غيبته بهَا تسع عشرَة لَيْلَة وَقدم لليلة بقيت من الْمحرم.
قَوْله: القرطاء، بِضَم الْقَاف وَفتح الرَّاء والطاء الْمُهْملَة: وهم نفر من بني أبي بكر بن كلاب، وَكَانُوا ينزلون البكرات بِنَاحِيَة ضرية، وَبَين ضرية وَالْمَدينَة سبع لَيَال، وضرية، بِفَتْح الضَّاد الْمُعْجَمَة وَكسر الرَّاء وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف: وَهِي أَرض كَثِيرَة العشب، وإليها ينْسب الْحمى، وضربة: فِي الأَصْل بنت ربيعَة بن نذار بن مد بن عدنان، وَسمي الْموضع الْمَذْكُور باسمها، و: البكرات، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة فِي الأَصْل: جمع بكرَة، وَهِي مَاء بِنَاحِيَة ضرية.
قَوْله: ( قبل نجد) ، بِكَسْر الْقَاف وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة: وَهُوَ الْجِهَة، ونجد، بِفَتْح النُّون وَسُكُون الْجِيم: وَهُوَ فِي جَزِيرَة الْعَرَب.
قَالَ الْمَدَائِنِي: جَزِيرَة الْعَرَب خَمْسَة أَقسَام: تهَامَة ونجد وحجاز وعروض ويمن.
أما تهَامَة فَهِيَ النَّاحِيَة الجنوبية من الْحجاز، وَأما نجد فَهِيَ النَّاحِيَة الَّتِي بَين الْحجاز وَالْعراق، وَأما الْحجاز فَهُوَ جبل سد من الْيمن حَتَّى يتَّصل بِالشَّام وَفِيه الْمَدِينَة وعمان، وَأما الْعرُوض فَهِيَ الْيَمَامَة إِلَى الْبَحْرين..
     وَقَالَ  الْوَاقِدِيّ: الْحجاز من الْمَدِينَة إِلَى تَبُوك وَمن الْمَدِينَة إِلَى طَرِيق الْكُوفَة وَمن وَرَاء ذَلِك إِلَى أَن يشارف أَرض الْبَصْرَة فَهُوَ نجد، وَمَا بَين الْعرَاق وَبَين وجرة وَعمرَة الطَّائِف، نجد، وَمَا كَانَ وَرَاء وجرة إِلَى الْبَحْر فَهُوَ تهَامَة، وَمَا كَانَ بَين تهَامَة ونجد فَهُوَ حجاز، سمي حجازاً لِأَنَّهُ يحجز بَينهمَا.
قَوْله: ( ثُمَامَة) ، بِضَم الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَتَخْفِيف الْمِيم وَبعد الْألف مِيم أُخْرَى مَفْتُوحَة، وأثال، بِضَم الْهمزَة وَتَخْفِيف الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَبعد الْألف لَام.

قَوْله: ( فَانْطَلق إِلَى نجل) أَي: فأطلقوه فَانْطَلق إِلَى نجل، ونجل: بِفَتْح النُّون وَسُكُون الْجِيم وَفِي آخِره لَام؛ وَهُوَ المَاء النابع من الأَرْض..
     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: استنجل الْموضع أَي كثر بِهِ النجل، وَهُوَ المَاء يظْهر من الأَرْض، وَهَكَذَا وَقع فِي النُّسْخَة المقروءة على أبي الْوَقْت، وَكَذَا زعم ابْن دُرَيْد، وَفِي أَكثر الرِّوَايَات: إِلَى، نخل، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة، وَكَذَا فِي رِوَايَة مُسلم، وَيُؤَيّد هَذَا مَا رَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة فِي ( صَحِيحه) من حَدِيث أبي هُرَيْرَة: ( أَن ثُمَامَة أسر وَكَانَ النَّبِي يَغْدُو إِلَيْهِ فَيَقُول: مَا عنْدك يَا ثُمَامَة؟ فَيَقُول: إِن تقتل تقتل ذَا دم، وَإِن تمنَّ تمنَّ على شَاكر، وَإِن ترد المَال نعطك مِنْهُ مَا شِئْت، وَكَانَ أَصْحَاب النَّبِي يحبونَ الْفِدَاء وَيَقُولُونَ: مَا نصْنَع بقتل هَذَا؟ فَمر عَلَيْهِ النَّبِي يَوْمًا فَأسلم فَحله وَبعث بِهِ إِلَى حَائِط أبي طَلْحَة، فَأمره أَن يغْتَسل فاغتسل وَصلى رَكْعَتَيْنِ، فَقَالَ: لقد حسن إِسْلَام أخيكم) .
وَبِهَذَا اللَّفْظ أخرجه أَيْضا ابْن حبَان فِي ( صَحِيحه) : وَأخرجه الْبَزَّار أَيْضا بِهَذِهِ الطَّرِيق وَفِيه ( فَأمره النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، أَن يغْتَسل بِمَاء وَسدر) ، وَفِي بعض الرِّوَايَات: ( أَن ثُمَامَة ذهب إِلَى المصانع فَغسل ثِيَابه واغتسل) ، وَفِي ( تَارِيخ البرقي) : فَأمره أَن يقوم بَين أبي بكر وَعمر فيعلمانه.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ من الْفَوَائِد.
الأولى: جَوَاز دُخُول الْكَافِر الْمَسْجِد.
قَالَ ابْن التِّين: وَعَن مُجَاهِد وَابْن محيريز جَوَاز دُخُول أهل الْكتاب فِيهِ،.

     وَقَالَ  عمر بن عبد الْعَزِيز وَقَتَادَة وَمَالك والمزني: لَا يجوز..
     وَقَالَ  أَبُو حنيفَة؛ يجوز للكتابي دون غَيره، وَاحْتج بِمَا رَوَاهُ أَحْمد فِي ( مُسْنده) بِسَنَد جيد: عَن جَابر رَضِي اتعالى عَنهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول ا: ( لَا يدْخل مَسْجِدنَا هَذَا بعد عامنا هَذَا مُشْرك إِلاَّ أهل الْعَهْد وخدمهم) وَاحْتج مَالك بقوله تَعَالَى: { إِنَّمَا الْمُشْركُونَ نجس فَلَا يقربُوا الْمَسْجِد الْحَرَام} ( التَّوْبَة: 82) وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: { فِي بيُوت أذن اأن ترفع وَيذكر فِيهَا اسْمه} ( النُّور: 63) وَدخُول الْكفَّار فِيهَا مُنَاقض لرفعها، وَبِقَوْلِهِ: ( إِن هَذِه الْمَسَاجِد لَا يصلح فِيهَا شَيْء من الْبَوْل والقذر) .
وَالْكَافِر لَا يَخْلُو عَن ذَلِك، وَبِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَام: ( لَا أحل الْمَسْجِد لحائض وَلَا جنب) وَالْكَافِر جنب.
وَمذهب الشَّافِعِي أَنه: يجوز بِإِذن الْمُسلم، سَوَاء كَانَ الْكَافِر كتابياً أَو غَيره، وَاسْتثنى الشَّافِعِي من ذَلِك مَسْجِد مَكَّة وَحرمه، وحجته حَدِيث ثُمَامَة، وَبِأَن ذَات الْمُشرك لَيست بنجسة.

الثَّانِيَة: فِيهِ أسر الْكَافِر وَجَوَاز إِطْلَاقه، وَللْإِمَام فِي حق الْأَسير الْعَاقِل الْقَتْل أَو الاسترقاق أَو الْإِطْلَاق منَّاً عَلَيْهِ، أَو الْفِدَاء.
قَالَ الْكرْمَانِي: يحْتَمل أَنه أطلق ثُمَامَة لما علم أَنه آمن بِقَلْبِه وسيظهره بِكَلِمَة الشَّهَادَة..
     وَقَالَ  ابْن الْجَوْزِيّ: لم يسلم تَحت الْأسر لعزة نَفسه، وَكَأن رَسُول الله أحس بذلك مِنْهُ، فَقَالَ: أَطْلقُوهُ، فَلَمَّا أطلق أسلم قلت: يرد هَذَا حَدِيث أبي هُرَيْرَة الَّذِي رَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان الَّذِي ذَكرْنَاهُ الْآن، وَفِيه: ( فَمر يَوْمًا فَأسلم فَحله) .
فَهَذَا يُصَرح بِأَن إِسْلَامه كَانَ قبل إِطْلَاقه، فيعذر الْكرْمَانِي فِي هَذَا.
لِأَنَّهُ قَالَ بِالِاحْتِمَالِ وَلم يقف على حَدِيث أبي هُرَيْرَة، وَأما ابْن الْجَوْزِيّ فَكيف غفل عَن ذَلِك مَعَ كَثْرَة اطِّلَاعه فِي الحَدِيث؟
الثَّالِث: فِيهِ جَوَاز ربط الْأَسير فِي الْمَسْجِد..
     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: يُمكن أَن يُقَال: ربطه بِالْمَسْجِدِ لينْظر حسن صَلَاة الْمُسلمين واجتماعهم عَلَيْهَا فيأنس لذَلِك.
قلت: يُوضح هَذَا مَا رَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة فِي ( صَحِيحه) : عَن عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ: أَن وَفد ثَقِيف لما قدمُوا أنزلهم النَّبِي الْمَسْجِد ليَكُون أرق لقُلُوبِهِمْ.
وَقَالَ جُبَير بن مطعم، فِيمَا ذكره أَحْمد، رَحمَه ا: دخلت الْمَسْجِد وَالنَّبِيّ يُصَلِّي الْمغرب، فَقَرَأَ بِالطورِ، فَكَأَنَّمَا صدع قلبِي حِين سَمِعت الْقُرْآن، وَقيل؛ يُمكن أَن يكون ربطه بالسمجد لِأَنَّهُ لم يكن لَهُم مَوضِع يرْبط فِيهِ إلاَّ الْمَسْجِد.

الرَّابِعَة: فِيهِ اغتسال الْكَافِر إِذا أسلم وَذهب الشَّافِعِي إِلَى وُجُوبه على الْكَافِر إِذا أسلم إِن كَانَت عَلَيْهِ جَنَابَة فِي الشّرك، سَوَاء اغْتسل مِنْهَا فِي الشّرك أَو لَا،.

     وَقَالَ  بعض أَصْحَابه: إِن كَانَ اغْتسل مِنْهَا أَجزَأَهُ.
وإلاَّ وَجب،.

     وَقَالَ  بعض أَصْحَابه وَبَعض الْمَالِكِيَّة: لَا غسل عَلَيْهِ وَيسْقط حكم الْجَنَابَة بِالْإِسْلَامِ، كَمَا تسْقط الذُّنُوب.
وضعفوا هَذَا بِالْوضُوءِ، وَأَنه يلْزم بِالْإِجْمَاع.
هَذَا إِذا كَانَ أجنب فِي الْكفْر، أما إِذا لم يجنب أصلا، ثمَّ أسلم، فالغسل مُسْتَحبّ.
وَكَذَا قَالَه مَالك..
     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: وَهَذَا الحَدِيث يدل على أَن غسل الْكَافِر كَانَ مَشْرُوعا عِنْدهم مَعْرُوفا، وَهَذَا ظَاهر الْبطلَان..
     وَقَالَ  أَيْضا: وَالْمَشْهُور من قَول مَالك أَنه إِنَّمَا يغْتَسل لكَونه جنبا.
قَالَ: وَمن أَصْحَابنَا من قَالَ: إِنَّه يغْتَسل للنظافة، واستحبه ابْن الْقَاسِم، ولمالك قَول: إِنَّه لَا يعرف الْغسْل، رَوَاهُ عَنهُ ابْن وهب وَابْن أبي أويس.

وَقَالَ ابْن بطال: أوجب الإِمَام أَحْمد الْغسْل عَليّ من أسلم..
     وَقَالَ  الشَّافِعِي: أحب أَن يغْتَسل فَإِن لم يكن جنبا أَجزَأَهُ أَن يتَوَضَّأ..
     وَقَالَ  مَالك: إِذا أسلم النَّصْرَانِي فَعَلَيهِ الْغسْل، لأَنهم لَا يتطهرون.
فَقيل: مَعْنَاهُ لَا يتطهرون من النَّجَاسَة فِي أبدانهم، لِأَنَّهُ يَسْتَحِيل عَلَيْهِم التطهر من الْجَنَابَة، وَإِن نووها لعدم الشَّرْع،.

     وَقَالَ : وَلَيْسَ فِي الحَدِيث أَن النَّبِي، أمره بالاغتسال، وَلذَلِك قَالَ مَالك: لم يبلغنَا أَنه، أَمر أحدا أسلم بِالْغسْلِ.
قلت: قد مر فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة الَّذِي أخرجه ابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالْبَزَّار، وَفِيه: فَأمره أَن يغْتَسل.
وَفِي ( تَارِيخ نيسابور) للحام: من حَدِيث عبد ابْن مُحَمَّد بن عقيل: عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: لما أسلمت أَمرنِي النَّبِي بالاغتسال.
وَفِي ( الْحِلْية) : لأبي نعيم عَن وَاثِلَة، قَالَ: ( لما أسلمت قَالَ لي النَّبِي: غتسل بِمَاء وَسدر، واحلق عَنْك شعر الْكفْر) .
وَفِي كتاب الْقُرْطُبِيّ: روى عبد الرَّحِيم بن عبيد ابْن عمر عَن أَبِيه عَن نَافِع، عَن ابْن عمر: ( أَن رَسُول الله أَمر رجلا أسلم أَن يغْتَسل) .
وروى مُسلم ابْن سَالم عَن أبي الْمُغيرَة عَن الْبَراء بن عَازِب.
( أَن النَّبِي أَمر رجلا أسلم أَن يغْتَسل بِمَاء وَسدر) .

الْخَامِسَة: أَخذ ابْن الْمُنْذر من هَذَا الحَدِيث جَوَاز دُخُول الْجنب الْمُسلم الْمَسْجِد، وَأَنه أولى من الْمُشرك لِأَنَّهُ لَيْسَ بِنَجس، بِخِلَاف الْمُشرك.
[/ِاآ