هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
460 حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الجُعَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ ، قَالَ : كُنْتُ قَائِمًا فِي المَسْجِدِ ( الحجارة الصغيرة ) ونحوها> فَحَصَبَنِي رَجُلٌ ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ ، فَقَالَ : اذْهَبْ فَأْتِنِي بِهَذَيْنِ ، فَجِئْتُهُ بِهِمَا ، قَالَ : مَنْ أَنْتُمَا - أَوْ مِنْ أَيْنَ أَنْتُمَا ؟ - قَالاَ : مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ ، قَالَ : لَوْ كُنْتُمَا مِنْ أَهْلِ البَلَدِ لَأَوْجَعْتُكُمَا ، تَرْفَعَانِ أَصْوَاتَكُمَا فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  أو من أين أنتما ؟ قالا : من أهل الطائف ، قال : لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما ، ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ ، قَالَ : كُنْتُ قَائِمًا فِي المَسْجِدِ فَحَصَبَنِي رَجُلٌ ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ ، فَقَالَ : اذْهَبْ فَأْتِنِي بِهَذَيْنِ ، فَجِئْتُهُ بِهِمَا ، قَالَ : مَنْ أَنْتُمَا - أَوْ مِنْ أَيْنَ أَنْتُمَا ؟ - قَالاَ : مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ ، قَالَ : لَوْ كُنْتُمَا مِنْ أَهْلِ البَلَدِ لَأَوْجَعْتُكُمَا ، تَرْفَعَانِ أَصْوَاتَكُمَا فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

Narrated Al-Sa'ib bin Yazid:

I was standing in the mosque and somebody threw a gravel at me. I looked and found that he was `Umar bin Al-Khattab. He said to me, Fetch those two men to me. When I did, he said to them, Who are you? (Or) where do you come from? They replied, We are from Ta'if. `Umar said, Were you from this city (Medina) I would have punished you for raising your voices in the mosque of Allah's Messenger (ﷺ).

0470 As-Saib ben Yazid dit : Je me tenais debout dans la mosquée quand un homme jeta sur moi des cailloux. Je me tournai et je trouvai que c’était Umar ben al-Khatab qui me dit : « Va et emmène-moi ces deux-là ! » En effet, je lui emmenai les deux hommes. « Qui (ou : De quel pays) êtes-vous ? », leur demanda-t-il « Nous sommes de Ta’if. » « Si vous étiez des habitants de la ville, je vous aurais fortement frappés, comment osez-vous élever vos voix dans la mosquée du Messager de Dieu ? »

":"ہم سے علی بن عبداللہ بن جعفر نے بیان کیا ، انھوں نے کہا کہ ہم سے یحییٰ بن سعید قطان نے بیان کیا ، انھوں نے کہا کہ ہم سے جعید بن عبدالرحمٰن نے بیان کیا ، انھوں نے کہا مجھ سے یزید بن خصیفہ نے بیان کیا ، انھوں نے سائب بن یزید سے بیان کیا ، انھوں نے بیان کیا کہمیں مسجدنبوی میں کھڑا ہوا تھا ، کسی نے میری طرف کنکری پھینکی ۔ میں نے جو نظر اٹھائی تو دیکھا کہ حضرت عمر بن خطاب رضی اللہ عنہ سامنے ہیں ۔ آپ نے فرمایا کہ یہ سامنے جو دو شخص ہیں انہیں میرے پاس بلا کر لاؤ ۔ میں بلا لایا ۔ آپ نے پوچھا کہ تمہارا تعلق کس قبیلہ سے ہے یا یہ فرمایا کہ تم کہاں رہتے ہو ؟ انھوں نے بتایا کہ ہم طائف کے رہنے والے ہیں ۔ آپ نے فرمایا کہ اگر تم مدینہ کے ہوتے تو میں تمہیں سزا دئیے بغیر نہ چھوڑتا ۔ رسول کریم صلی اللہ علیہ وسلم کی مسجد میں آواز اونچی کرتے ہو ؟

0470 As-Saib ben Yazid dit : Je me tenais debout dans la mosquée quand un homme jeta sur moi des cailloux. Je me tournai et je trouvai que c’était Umar ben al-Khatab qui me dit : « Va et emmène-moi ces deux-là ! » En effet, je lui emmenai les deux hommes. « Qui (ou : De quel pays) êtes-vous ? », leur demanda-t-il « Nous sommes de Ta’if. » « Si vous étiez des habitants de la ville, je vous aurais fortement frappés, comment osez-vous élever vos voix dans la mosquée du Messager de Dieu ? »

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [470] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا الْجُعَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ الْجَعْدُ بْنُ أَوْسٍ وَهُوَ هُوَ فَإِنَّ اسْمه الْجَعْد وَقد يصغر وَهُوَ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَوْسٍ فَقَدْ يُنْسَبُ إِلَى جَدِّهِ .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ خَصِيفَةَ هُوَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَصِيفَةَ نُسِبَ إِلَى جَدِّهِ وَرَوَى حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ الْجُعَيْدِ عَنِ السَّائِبِ بِلَا وَاسِطَةٍ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ والْجُعَيْدُ صَحَّ سَمَاعُهُ مِنَ السَّائِبِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الطَّهَارَةِ فَلَيْسَ هَذَا الِاخْتِلَافُ قَادِحًا وَعِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ لَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ نَافِعٍ قَالَ كَانَ عُمَرُ يَقُولُ لَا تُكْثِرُوا اللَّغَطَ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلَيْنِ قَدِ ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا فَقَالَ إِنَّ مَسْجِدَنَا هَذَا لَا يُرْفَعُ فِيهِ الصَّوْتُ الْحَدِيثَ وَفِيهِ انْقِطَاعٌ لِأَنَّ نَافِعًا لَمْ يُدْرِكْ ذَلِكَ الزَّمَانَ .

     قَوْلُهُ  كُنْتُ قَائِمًا فِي الْمَسْجِدِ كَذَا فِي الْأُصُولِ بِالْقَافِ وَفِي رِوَايَةٍ نَائِمًا بِالنُّونِ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ حَاتِمٍ عَنِ الْجُعَيْدِ بِلَفْظِ كُنْتُ مُضْطَجِعًا .

     قَوْلُهُ  فَحَصَبَنِي أَيْ رَمَانِي بِالْحَصْبَاءِ .

     قَوْلُهُ  فَإِذَا عُمَرُ الْخَبَرُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ قَائِمٌ أَوْ نَحْوُهُ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَةِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ لَكِنَّ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَنَّهُمَا ثَقَفِيَّانِ .

     قَوْلُهُ  لَوْ كُنْتُمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ تَقَدَّمَ نَهْيُهُ عَنْ ذَلِكَ وَفِيهِ الْمَعْذِرَةُ لِأَهْلِ الْجَهْلِ بِالْحُكْمِ إِذَا كَانَ مِمَّا يَخْفَى مِثْلُهُ .

     قَوْلُهُ  لَأَوْجَعْتُكُمَا زَادَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ جَلْدًا وَمِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ يَتَبَيَّنُ كَوْنُ هَذَا الْحَدِيثِ لَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ لِأَنَّ عُمَرَ لَا يَتَوَعَّدُهُمَا بِالْجَلْدِ إِلَّا عَلَى مُخَالَفَةِ أَمْرٍ تَوْقِيفِيٍّ .

     قَوْلُهُ  تَرْفَعَانِ هُوَ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَأَنَّهُمَا قَالَا لَهُ لِمَ تُوجِعُنَا قَالَ لِأَنَّكُمَا تَرْفَعَانِ وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ بِرَفْعِكُمَا أَصْوَاتَكُمَا وَهُوَ يُؤَيِّدُ مَا قَدَّرْنَاهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَوْجِيهُ جَمْعِ أَصْوَاتِكُمَا فِي حَدِيثِ يُعَذَّبَانِ فِي قُبُورِهِمَا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [470] حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْجُعَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: كُنْتُ قَائِمًا فِي الْمَسْجِدِ فَحَصَبَنِي رَجُلٌ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ: اذْهَبْ فَأْتِنِي بِهَذَيْنِ.
فَجِئْتُهُ بِهِمَا.
قَالَ: مَنْ أَنْتُمَا -أَوْ مِنْ أَيْنَ أَنْتُمَا-؟ قَالاَ: مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ.
قَالَ لَوْ كُنْتُمَا مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ لأَوْجَعْتُكُمَا، تَرْفَعَانِ أَصْوَاتَكُمَا فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وبه قال: (حدّثنا عليّ بن عبد الله) المديني (قال: حدّثنا يحيى بن سعيد) القطان (قال: حدّثنا الجعيد) بضم الجيم وفتح العين المهملة وسكون المثناة التحتية آخره دال مهملة مصغرًا ويقال له الجعد (بن عبد الرحمن) بن أوس (قال: حدّثني) بالإفراد (يزيد بن خصيفة) بخاء معجمة مضمومة وصاد مهملة مفتوحة وبالفاء نسبة لجدّه واسم أبيه عبد الله (عن السائب بن يزيد) بالسين المهملة الكندي الصحابي، وهو عمّ يزيد بن خصيفة (قال): (كنت قائمًا) بالقاف وفي نسخة نائمًا بالنون، ويؤيده رواية حاتم عند الإسماعيلي عن الجعيد بلفظ: كنت مضطجعًا (في المسجد فحصبني) أي رماني بالحصباء (رجل فنظرت) إليه (فإذا عمر بن الخطاب) رضي الله عنه حاضر أو واقف، (فقال) أي عمر للسائب: (اذهب فائتني بهذين) الشخصين وكانا ثقفيين كما في رواية عبد الرزاق (فجئته بهما.
قال) أي عمر رضي الله عنه، ولأبوي ذر والوقت فقال: (من) ولأبي الوقت وابن عساكر ممن (أنتما أو من أين أنتما؟ قالا: من أهل الطائف.
قال) عمر رضي الله عنه: (لو كنتما من أهل البلد) أي المدينة (لأوجعتكما) جلدًا (ترفعان) جواب عن سؤال مقدّر كأنهما قالا: لم توجعنا؟ قال: لأنكما ترفعان (أصواتكما في مسجد رسول الله) وللأصيلي في مسجد النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) عبّر بأصواتكما بالجمع دون صوتيكما بالتثنية لأن المضاف المثنى معنى إذا كان جزء ما أضيف إليه، فالأصح أن يذكر بالجمع كقوله تعالى: { فقد صغت قلوبكما} [التحريم: 4) وإن لم يكن جزأه فالأكثر مجيئه بلفظ التثنية نحو: سلّ الزيدان سيفيهما فإن من اللبس جاز جعل المضاف بلفظ الجمع كقوله عليه الصلاة والسلام (يعذبان في قبورهما) وإنما قال عمر رضي الله عنه لهما: من أين أنتما ليعلم أنهما إن كانا من أهل البلد وعلما أن رفع الصوت باللغط في المسجد غير جائز زجرهما وأدّبهما، فلما أخبراه أنهما من غير أهل البلد عذرهما بالجهل.
ورواة هذا الحديث ما بين مديني ومدني وبصري، وفيه التحديث والعنعنة والقول.
471 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا لَهُ عَلَيْهِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْمَسْجِدِ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ فِي بَيْتِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرَتِهِ وَنَادَى: يَا كَعْبُ بْنَ مَالِكٍ، يَا كَعْبُ.
قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ ضَعِ الشَّطْرَ مِنْ دَيْنِكَ.
قَالَ كَعْبٌ: قَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: قُمْ فَاقْضِهِ.
وبه قال: (حدّثنا أحمد) غير منسوب نعم في رواية أبي عليّ بن شبويه عن الفربري، حدّثنا أحمد بن صالح وبه جزم ابن السكن وهو مصري (قال: حدّثنا) ولأبي الوقت وابن عساكر أخبرنا (ابن وهب) عبد الله المصري (قال: أخبرني) بالإفراد (يونس بن يزيد) الأيلي (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري قال: (حدّثني) بالإفراد (عبد الله بن كعب بن مالك) أن أباه (كعب بن مالك) الأنصاري السلمي المدني الشاعر (أخبره) (أنه تقاضى) أي طالب (ابن أبي حدرد) بالحاء المهملة المفتوحة والدالين المهملتين الساكنة أولاهما بينهما راء عبد الله بن سلامة (دينًا) أي بدين (له عليه) ولأبوي ذر والوقت كان له عليه (في عهد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في المسجد فارتفعت أصواتهما حتى سمعها) أي أصواتهما، وللأصيلي حتى سمعهما أي كعبًا وابن أبي حدرد (رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو في بيته) جملة حالية اسمية ولم ينكر عليهما رفع أصواتهما في المسجد، لأن ذلك لطلب حق ولا بد فيه من رفع الصوت كما لا يخفى.
وقال مالك: لا يرفع الصوت في المسجد بعلم ولا بغيره، وأجازه أبو حنيفة رحمه الله، (فخرج إليهما رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-حتى كشف سجف حجرته) بكسر السين المهملة وسكون الجيم وبالفاء أي ستر بيته.
(ونادى: يا كعب بن مالك) الأوّل مضموم منادى مفرد، والثاني منصوب منادى مضاف، ولأبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر: ونادى كعب بن مالك (قال) وللأصيلي فقال كعب: (لبيك يا رسول الله فأشار بيده) الكريمة المباركة (أن ضع الشطر من دينك، قال كعب: قد فعلت) ذلك (يا رسول الله، قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) مخاطبًا لابن أبي حدرد وآمرًا له: (قم فاقضه) دينه.
84 - باب الْحِلَقِ وَالْجُلُوسِ فِي الْمَسْجِدِ (باب) جواز (الحلق) للعلم وقراءة القرآن والذكر وغيرها وهي بكسر الحاء المهملة وفتح اللام ولابن عساكر الحلق بفتحهما (و) جواز (الجلوس في المسجد).

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [470] ثنا علي بن المديني: ثنا يحيى بن سعيد القطان: ثنا الجعيد بن عبد الرحمن: ثنا يزيد بن خصيفة، عن السائب بن يزيد، قال: كنت قائما في المسجد، فحصبني رجل، فنظرت فإذا عمر بن الخطاب، فقال: اذهب فأتني بهذين.
قال: فجئته بهما، فقال: من أنتما - ومن أين أنتما؟ - قالا: من أهل الطائف.
قال: لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما، ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -! إنما فرق عمر بين أهل المدينة وغيرها في هذا؛ لأن أهل المدينة لا يخفى عليهم حرمة مسجد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتعظيمه، بخلاف من لم يكن من أهلها؛ فإنه قد يخفى عليه مثل هذا القدر من احترام المسجد، فعفى عنه بجهله.
ولعل البخاري يرى هذا القبيل من المسند - أعني: إذا أخبر الصحابي عن شهرة أمر وتقريره، وأنه مما لا يخفى على أهل مدينة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأنذلك يكون كرفعه.
ويشبه هذا: ما قال الفقهاء: أن من ارتكب حدا كالزنا ونحوه ممن نشأ في بادية بعيدة عن الإسلام، وادعى الجهل بتحريمه، فإنه لا يقام عليه ويعذر بذلك، بخلاف من نشأ ببلاد الإسلام.
وفيه: أن التنبيه في المسجد بالحصب بالحصى جائز، وقد كان ابن عمر إذا رأى من يصلي ولا يرفع يديه حصبه بالحصى.
وكذلك إذا رأى من يتكلم والإمام يخطب.
وفي هذه الرواية: ((كنت قائما في المسجد)) ، كذا هو في كثير من نسخ ((صحيح البخاري)) ، وقد خرجه البيهقي في سننه، وقرأته بخطه من رواية أبي خليفة، عن علي بن المديني، وفيه: ((كنت نائما)) بالنون.
وقد خرجه الإسماعيلي في مسند عمر من طرق، وعنده: أنه قال: كنت مضطجعا وهذه صريحة في النوم، ولم ينكر عليه عمر نومه في المسجد.
وخرجه الإسماعيلي - أيضا - من رواية حاتم - هو: ابن إسماعيل -، عن الجعيد، عن السائب - لم يذكر بينهما: ((يزيد بن خصيفة)) .
وأشار إلى ترجيح هذه الرواية على رواية القطان وفي قوله نظر.
والجعيد - ويقال: الجعد - بن عبد الرحمن بن أوس، وينسب تارة إلى جده.
وقد وقع في بعضروايات هذا الحديث تسميه: ((الجعد)) ، وفي بعضها تسميته: ((الجعد بن أوس)) ، وهو رجل واحد، فلا يتوهمن غير ذلك.
وقد روي هذا عن عمر من وجه آخر: خرجه الإسماعيلي في مسند عمر من طريق عبدة، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، أن رجلا من ثقيف أخبره، أن عمر بن الخطاب سمع ضحك رجل في المسجد، فأرسل إليه، فدعاه، فقال: ممن أنت؟ فقال: أنا رجل من أهل الطائف، فقال: أما إنك لو كنت من أهل البلد لنكلت بك، أن مسجدنا هذا لا يرفع فيه صوت.
وقد روي في حديث واثلة المرفوع: ((جنبوا مساجدكم خصوماتكم ورفع أصواتكم)) .
خرجه ابن ماجه بإسناد ضعيف جدا.
وروي عن ابن مسعود، أنه كان يكره أن ترفع الأصوات في المسجد.
وقد سبق.
ورفع الأصوات في المسجد على وجهين: أحدهما: أن يكون بذكر الله وقراءة القرآن والمواعظ وتعليم العلم وتعليمه، فما كان من ذلك لحاجة عموم أهل المسجد إليه، مثل الأذان والإقامةوقراءة الإمام في الصلوات التي يجهر فيها بالقراءة، فهذا كله حسن مأمور به.
وقد كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا خطب علا صوته واشتد غضبه كأنه منذر جيش، يقول: ((صبحكم ومساكم)) ، وكان إذا قرأ في الصلاة بالناس تسمع قراءته خارج المسجد، وكان بلال يؤذن بين يديه ويقيم في يوم الجمعة في المسجد.
وقد كره بعض علماء المالكية في مسجد المدينة خاصة لمن بعد النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يزيد في رفع صوته في الخطب والمواعظ على حاجة إسماع الحاضرين، تأدبا مع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لأنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حاضر يسمع ذلك، فيلزم التأدب معه، كما لو كان حيا.
وما لا حاجة إلى الجهر فيه، فإن كان فيه أذى لغيره ممن يشتغل بالطاعات كمن يصلي لنفسه ويجهر بقراءته، حتى يغلط من يقرأ إلى جانبه أن يصلي، فإنه منهي عنه.
وقد خرج النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليلة على أصحابه وهم يصلون في المسجد ويجهرون بالقراءة، فقال: ((كلكم يناجي ربه، فلا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن.
وفي رواية: ((فلا يؤذ بعضكم بعضا، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة.
خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي من حديث أبي سعيد.
وكذلك رفع الصوت بالعلم زائدا على الحاجة مكروه عند أكثر العلماء، وقد سبق ذكره مستوفى في أوائل ((كتاب: العلم))في باب رفع الصوت بالعلم.
الوجه الثاني: رفع الصوت بالاختصام ونحوه من أمور الدنيا، فهذا هو الذي نهى عنه عمر وغيره من الصحابة.
ويشبه: إنشاد الضالة في المسجد، وفي صحيح مسلم، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كراهته والزجر عنه، من رواية أبي هريرة وبريدة.
وأشد منه كراهة: رفع الصوت بالخصام بالباطل في أمور الدين؛ فإن الله ذم الجدال في الله بغير علم، والجدال بالباطل، فإذا وقع ذلك في المسجد ورفعت الأصوات به تضاعف قبحه وتحريمه.
وقد كره مالك رفع الصوت في المسجد بالعلم وغيره.
ورخص أبو حنيفة ومحمد بن مسلمة من أصحاب مالك في رفع الصوت في المسجد بالعلم والخصومة وغير ذلك مما يحتاج إليه الناس؛ لأنه مجمعهم ولا بد لهم منه.
وهذا مبني على جواز القضاء في المساجد.
وقد سبق ذكره.
الحديث الثاني: قال البخاري:

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ دُخُولِ الْمُشْرِكِ الْمَسْجِدَ)
هَذِهِ التَّرْجَمَةُ تَرُدُّ عَلَى الْإِسْمَاعِيلِيِّ حَيْثُ تَرْجَمَ بِهَا فِيمَا مَضَى بَدَلَ تَرْجَمَةِ الِاغْتِسَالِ إِذَا أَسْلَمَ وَقَدْ يُقَالُ إِنَّ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى تَرْجَمَةِ الْأَسِيرِ يُرْبَطُ فِي الْمَسْجِدِ تَكْرَارًا لِأَنَّ رَبْطَهُ فِيهِ يَسْتَلْزِمُ إِدْخَالَهُ لَكِنْ يُجَابُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ هَذَا أَعَمُّ مِنْ ذَاكَ وَقَدِ اخْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ الْحَدِيثَ مُقْتَصِرًا عَلَى الْمَقْصُودِ مِنْهُ وَسَيَأْتِي تَامًّا فِي الْمُغَازِي وَفِي دُخُولِ الْمُشْرِكِ الْمَسْجِدَ مَذَاهِبُ فَعَنِ الْحَنَفِيَّةِ الْجَوَازُ مُطْلَقًا وَعَنِ الْمَالِكِيَّةِ وَالْمُزَنِيِّ الْمَنْعُ مُطْلَقًا وَعَنِ الشَّافِعِيَّةِ التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَغَيْرِهِ لِلْآيَةِ وَقِيلَ يُؤْذَنُ لِلْكِتَابِيِّ خَاصَّةً وَحَدِيثُ الْبَابِ يَرُدُّ عَلَيْهِ فَإِنَّ ثُمَامَة لَيْسَ من أهل الْكتاب قَولُهُ بَابُ رَفْعِ الصَّوْتِ فِي الْمَسْجِدِ أَشَارَ بِالتَّرْجَمَةِ إِلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ فَقَدْ كَرِهَهُ مَالِكٌ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ فِي الْعِلْمِ أَمْ فِي غَيْرِهِ وَفَرَّقَ غَيْرُهُ بَيْنَ مَا يَتَعَلَّقُ بِغَرَضٍ دِينِيٍّ أَوْ نَفْعٍ دُنْيَوِيٍّ وَبَيْنَ مَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَسَاقَ الْبُخَارِيُّ فِي الْبَابِ حَدِيثَ عُمَرَ الدَّالَّ عَلَى الْمَنْعِ وَحَدِيثَ كَعْبٍ الدَّالَّ عَلَى عَدَمِهِ إِشَارَةً مِنْهُ إِلَى أَنَّ الْمَنْعَ فِيمَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ وَعَدَمِهِ فِيمَا تُلْجِئُ الضَّرُورَةُ إِلَيْهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِيهِ فِي بَابِ التَّقَاضِي وَوَرَدَتْ أَحَادِيثُ فِي النَّهْيِ عَنْ رَفْعِ الصَّوْتِ فِي الْمَسَاجِدِ لَكِنَّهَا ضَعِيفَة أخرج بن مَاجَهْ بَعْضَهَا فَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ إِلَيْهَا

[ قــ :460 ... غــ :470] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا الْجُعَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ الْجَعْدُ بْنُ أَوْسٍ وَهُوَ هُوَ فَإِنَّ اسْمه الْجَعْد وَقد يصغر وَهُوَ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَوْسٍ فَقَدْ يُنْسَبُ إِلَى جَدِّهِ .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ خَصِيفَةَ هُوَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَصِيفَةَ نُسِبَ إِلَى جَدِّهِ وَرَوَى حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ الْجُعَيْدِ عَنِ السَّائِبِ بِلَا وَاسِطَةٍ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ والْجُعَيْدُ صَحَّ سَمَاعُهُ مِنَ السَّائِبِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الطَّهَارَةِ فَلَيْسَ هَذَا الِاخْتِلَافُ قَادِحًا وَعِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ لَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ نَافِعٍ قَالَ كَانَ عُمَرُ يَقُولُ لَا تُكْثِرُوا اللَّغَطَ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلَيْنِ قَدِ ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا فَقَالَ إِنَّ مَسْجِدَنَا هَذَا لَا يُرْفَعُ فِيهِ الصَّوْتُ الْحَدِيثَ وَفِيهِ انْقِطَاعٌ لِأَنَّ نَافِعًا لَمْ يُدْرِكْ ذَلِكَ الزَّمَانَ .

     قَوْلُهُ  كُنْتُ قَائِمًا فِي الْمَسْجِدِ كَذَا فِي الْأُصُولِ بِالْقَافِ وَفِي رِوَايَةٍ نَائِمًا بِالنُّونِ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ حَاتِمٍ عَنِ الْجُعَيْدِ بِلَفْظِ كُنْتُ مُضْطَجِعًا .

     قَوْلُهُ  فَحَصَبَنِي أَيْ رَمَانِي بِالْحَصْبَاءِ .

     قَوْلُهُ  فَإِذَا عُمَرُ الْخَبَرُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ قَائِمٌ أَوْ نَحْوُهُ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَةِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ لَكِنَّ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَنَّهُمَا ثَقَفِيَّانِ .

     قَوْلُهُ  لَوْ كُنْتُمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ تَقَدَّمَ نَهْيُهُ عَنْ ذَلِكَ وَفِيهِ الْمَعْذِرَةُ لِأَهْلِ الْجَهْلِ بِالْحُكْمِ إِذَا كَانَ مِمَّا يَخْفَى مِثْلُهُ .

     قَوْلُهُ  لَأَوْجَعْتُكُمَا زَادَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ جَلْدًا وَمِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ يَتَبَيَّنُ كَوْنُ هَذَا الْحَدِيثِ لَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ لِأَنَّ عُمَرَ لَا يَتَوَعَّدُهُمَا بِالْجَلْدِ إِلَّا عَلَى مُخَالَفَةِ أَمْرٍ تَوْقِيفِيٍّ .

     قَوْلُهُ  تَرْفَعَانِ هُوَ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَأَنَّهُمَا قَالَا لَهُ لِمَ تُوجِعُنَا قَالَ لِأَنَّكُمَا تَرْفَعَانِ وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ بِرَفْعِكُمَا أَصْوَاتَكُمَا وَهُوَ يُؤَيِّدُ مَا قَدَّرْنَاهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَوْجِيهُ جَمْعِ أَصْوَاتِكُمَا فِي حَدِيثِ يُعَذَّبَانِ فِي قُبُورِهِمَا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب
رفع الصوت في المسجد
خرج فيه حديثين:
الحديث الأول: موقوف:
[ قــ :460 ... غــ :470 ]
- ثنا علي بن المديني: ثنا يحيى بن سعيد القطان: ثنا الجعيد بن
عبد الرحمن: ثنا يزيد بن خصيفة، عن السائب بن يزيد، قال: كنت قائما في المسجد، فحصبني رجل، فنظرت فإذا عمر بن الخطاب، فقال: اذهب فأتني بهذين.
قال: فجئته بهما، فقال: من أنتما - ومن أين أنتما؟ - قالا: من أهل الطائف.
قال: لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما، ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -!
إنما فرق عمر بين أهل المدينة وغيرها في هذا؛ لأن أهل المدينة لا يخفى عليهم حرمة مسجد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتعظيمه، بخلاف من لم يكن من أهلها؛ فإنه قد يخفى عليه مثل هذا القدر من احترام المسجد، فعفى عنه بجهله.

ولعل البخاري يرى هذا القبيل من المسند - أعني: إذا أخبر الصحابي عن شهرة أمر وتقريره، وأنه مما لا يخفى على أهل مدينة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأن ذلك يكون كرفعه.

ويشبه هذا: ما قال الفقهاء: أن من ارتكب حدا كالزنا ونحوه ممن نشأ في بادية بعيدة عن الإسلام، وادعى الجهل بتحريمه، فإنه لا يقام عليه ويعذر بذلك، بخلاف من نشأ ببلاد الإسلام.

وفيه: أن التنبيه في المسجد بالحصب بالحصى جائز، وقد كان ابن عمر إذا رأى من يصلي ولا يرفع يديه حصبه بالحصى.
وكذلك إذا رأى من يتكلم والإمام يخطب.

وفي هذه الرواية: ((كنت قائما في المسجد)) ، كذا هو في كثير من نسخ
((صحيح البخاري)) ، وقد خرجه البيهقي في سننه، وقرأته بخطه من رواية أبي خليفة، عن علي بن المديني، وفيه: ((كنت نائما)) بالنون.

وقد خرجه الإسماعيلي في مسند عمر من طرق، وعنده: أنه قال: كنت مضطجعا وهذه صريحة في النوم، ولم ينكر عليه عمر نومه في المسجد.

وخرجه الإسماعيلي - أيضا - من رواية حاتم - هو: ابن إسماعيل -، عن الجعيد، عن السائب - لم يذكر بينهما: ((يزيد بن خصيفة)) .

وأشار إلى ترجيح هذه الرواية على رواية القطان وفي قوله نظر.

والجعيد - ويقال: الجعد - بن عبد الرحمن بن أوس، وينسب تارة إلى جده.
وقد وقع في بعض روايات هذا الحديث تسميه: ((الجعد)) ، وفي بعضها تسميته: ((الجعد بن أوس)) ، وهو رجل واحد، فلا يتوهمن غير ذلك.

وقد روي هذا عن عمر من وجه آخر:
خرجه الإسماعيلي في مسند عمر من طريق عبدة، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، أن رجلا من ثقيف أخبره، أن عمر بن الخطاب سمع ضحك رجل في المسجد، فأرسل إليه، فدعاه، فقال: ممن أنت؟ فقال: أنا رجل من أهل الطائف، فقال: أما إنك لو كنت من أهل البلد لنكلت بك، أن مسجدنا هذا لا يرفع فيه صوت.

وقد روي في حديث واثلة المرفوع: ((جنبوا مساجدكم خصوماتكم ورفع أصواتكم)) .

خرجه ابن ماجه بإسناد ضعيف جدا.

وروي عن ابن مسعود، أنه كان يكره أن ترفع الأصوات في المسجد.
وقد سبق.

ورفع الأصوات في المسجد على وجهين:
أحدهما: أن يكون بذكر الله وقراءة القرآن والمواعظ وتعليم العلم وتعليمه، فما كان من ذلك لحاجة عموم أهل المسجد إليه، مثل الأذان والإقامة وقراءة الإمام في الصلوات التي يجهر فيها بالقراءة، فهذا كله حسن مأمور به.

وقد كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا خطب علا صوته واشتد غضبه كأنه منذر جيش، يقول: ((صبحكم ومساكم)) ، وكان إذا قرأ في الصلاة بالناس تسمع قراءته خارج المسجد، وكان بلال يؤذن بين يديه ويقيم في يوم الجمعة في المسجد.

وقد كره بعض علماء المالكية في مسجد المدينة خاصة لمن بعد النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يزيد في رفع صوته في الخطب والمواعظ على حاجة إسماع الحاضرين، تأدبا مع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لأنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حاضر يسمع ذلك، فيلزم التأدب معه، كما لو كان حيا.

وما لا حاجة إلى الجهر فيه، فإن كان فيه أذى لغيره ممن يشتغل بالطاعات كمن يصلي لنفسه ويجهر بقراءته، حتى يغلط من يقرأ إلى جانبه أن يصلي، فإنه منهي عنه.

وقد خرج النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليلة على أصحابه وهم يصلون في المسجد ويجهرون بالقراءة، فقال: ((كلكم يناجي ربه، فلا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن.

وفي رواية: ((فلا يؤذ بعضكم بعضا، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة.

خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي من حديث أبي سعيد.

وكذلك رفع الصوت بالعلم زائدا على الحاجة مكروه عند أكثر العلماء، وقد سبق ذكره مستوفى في أوائل ((كتاب: العلم)) في باب رفع الصوت بالعلم.

الوجه الثاني: رفع الصوت بالاختصام ونحوه من أمور الدنيا، فهذا هو الذي نهى عنه عمر وغيره من الصحابة.

ويشبه: إنشاد الضالة في المسجد، وفي صحيح مسلم، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كراهته والزجر عنه، من رواية أبي هريرة وبريدة.

وأشد منه كراهة: رفع الصوت بالخصام بالباطل في أمور الدين؛ فإن الله ذم الجدال في الله بغير علم، والجدال بالباطل، فإذا وقع ذلك في المسجد ورفعت الأصوات به تضاعف قبحه وتحريمه.

وقد كره مالك رفع الصوت في المسجد بالعلم وغيره.

ورخص أبو حنيفة ومحمد بن مسلمة من أصحاب مالك في رفع الصوت في المسجد بالعلم والخصومة وغير ذلك مما يحتاج إليه الناس؛ لأنه مجمعهم ولا بد لهم منه.

وهذا مبني على جواز القضاء في المساجد.
وقد سبق ذكره.


قال البخاري:

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب رَفْعِ الصَّوْتِ فِي الْمَسَاجِدِ
(باب) حكم (رفع الصوت في المساجد) هل هو ممنوع أم لا؟ ولأبي ذر في المسجد بالإفراد.


[ قــ :460 ... غــ : 470 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْجُعَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: كُنْتُ قَائِمًا فِي الْمَسْجِدِ فَحَصَبَنِي رَجُلٌ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ: اذْهَبْ فَأْتِنِي بِهَذَيْنِ.
فَجِئْتُهُ بِهِمَا.
قَالَ: مَنْ أَنْتُمَا -أَوْ مِنْ أَيْنَ أَنْتُمَا-؟ قَالاَ: مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ.
قَالَ لَوْ كُنْتُمَا مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ لأَوْجَعْتُكُمَا، تَرْفَعَانِ أَصْوَاتَكُمَا فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وبه قال: (حدّثنا عليّ بن عبد الله) المديني (قال: حدّثنا يحيى بن سعيد) القطان (قال: حدّثنا الجعيد) بضم الجيم وفتح العين المهملة وسكون المثناة التحتية آخره دال مهملة مصغرًا ويقال له

الجعد (بن عبد الرحمن) بن أوس (قال: حدّثني) بالإفراد (يزيد بن خصيفة) بخاء معجمة مضمومة وصاد مهملة مفتوحة وبالفاء نسبة لجدّه واسم أبيه عبد الله (عن السائب بن يزيد) بالسين المهملة الكندي الصحابي، وهو عمّ يزيد بن خصيفة (قال):
(كنت قائمًا) بالقاف وفي نسخة نائمًا بالنون، ويؤيده رواية حاتم عند الإسماعيلي عن الجعيد بلفظ: كنت مضطجعًا (في المسجد فحصبني) أي رماني بالحصباء (رجل فنظرت) إليه (فإذا عمر بن الخطاب) رضي الله عنه حاضر أو واقف، (فقال) أي عمر للسائب: (اذهب فائتني بهذين) الشخصين وكانا ثقفيين كما في رواية عبد الرزاق (فجئته بهما.
قال) أي عمر رضي الله عنه، ولأبوي ذر والوقت فقال: (من) ولأبي الوقت وابن عساكر ممن (أنتما أو من أين أنتما؟ قالا: من أهل الطائف.

قال) عمر رضي الله عنه: (لو كنتما من أهل البلد) أي المدينة (لأوجعتكما) جلدًا (ترفعان) جواب عن سؤال مقدّر كأنهما قالا: لم توجعنا؟ قال: لأنكما ترفعان (أصواتكما في مسجد رسول الله) وللأصيلي في مسجد النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) عبّر بأصواتكما بالجمع دون صوتيكما بالتثنية لأن المضاف المثنى معنى إذا كان جزء ما أضيف إليه، فالأصح أن يذكر بالجمع كقوله تعالى: { فقد صغت قلوبكما} [التحريم: 4) وإن لم يكن جزأه فالأكثر مجيئه بلفظ التثنية نحو: سلّ الزيدان سيفيهما فإن من اللبس جاز جعل المضاف بلفظ الجمع كقوله عليه الصلاة والسلام (يعذبان في قبورهما) وإنما قال عمر رضي الله عنه لهما: من أين أنتما ليعلم أنهما إن كانا من أهل البلد وعلما أن رفع الصوت باللغط في المسجد غير جائز زجرهما وأدّبهما، فلما أخبراه أنهما من غير أهل البلد عذرهما بالجهل.

ورواة هذا الحديث ما بين مديني ومدني وبصري، وفيه التحديث والعنعنة والقول.


هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُ رَفْعِ الصَّوْتِ فِي المَسَاجِدِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم رفع الصَّوْت فِي الْمَسَاجِد، وَلَكِن هَذَا أَعم من أَن يكون مَمْنُوعًا، أَو غير مَمْنُوع، فَذكره الْحَدِيثين فِيهِ إِشَارَة إِلَى بَيَان تَفْصِيل فِيهِ مَعَ الْخلاف، فَالْحَدِيث الأول يدل على الْمَنْع، والْحَدِيث الثَّانِي يدل على عَدمه، وَقد ذكرنَا الْخلاف فِيهِ فِيمَا تقدم، وَهُوَ بَاب التقاضي والملازمة فِي الْمَسْجِد.

[ قــ :460 ... غــ :470]
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدثنَا يَحْيَى بنُ سَعِيدٍ قَالَ حدّثنا الجُعَيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حدّثني يَزِيدُ بنُ خُصَيْفَةَ عنِ السَّائِبِ بنِ يَزِيدَ قَالَ كنْتُ قائِماً فِي المَسْجِدِ فَحَصَبَنِي رَجلٌ فَنَظَرْتُ فإِذا عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ فَقَالَ اذْهبْ فَأتِني بِهَذَيْنِ فَجِئْتُهُ بِهِما قَالَ مَن أنْتُما أوْ مِنْ أيْنَ أنْتُما قَالَا منْ أهْلِ الطَّائِفِ قَالَ لَوْ كُنْتُما مِنْ أهْلِ البَلَدِ لأوْجَعْتُكُما تَرْفَعَانِ أصْوَاتَكُمَا فِي مَسْجِدِ رسولِ اللَّهِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي أحد احتماليها، وَهُوَ: الْمَنْع.

ذكر رِجَاله.
وهم خَمْسَة.
الأول: عَليّ بن الْمَدِينِيّ، وَقد تكَرر ذكره.
الثَّانِي: يحيى الْقطَّان، كَذَلِك.
الثَّالِث: الجعيد، بِضَم الْجِيم وَفتح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره دَال مُهْملَة، وَيُقَال لَهُ: جعيد، أَيْضا بِدُونِ الْألف وَاللَّام، وَيُقَال لَهُ: الْجَعْد، بِدُونِ التصغير، وَهُوَ اسْمه الْأَصْلِيّ، وَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: الْجَعْد بن عبد الرَّحْمَن بن أَوْس، وَهُوَ ثِقَة روى لَهُ مُسلم حَدِيثا وَاحِدًا عَن السَّائِب.
الرَّابِع: يزِيد، بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَكسر الزَّاي: أَبُو خصيفَة، بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفتح الصَّاد الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالفاء: ابْن أخي السَّائِب الْمَذْكُور فِيهِ، وخصيفة جده، وَأَبوهُ عبد ابْن خصيفَة، وَقد نسب إِلَى جده.
الْخَامِس: السَّائِب، بِالسِّين الْمُهْملَة: ابْن يزِيد من الزِّيَادَة ابْن أُخْت النمر الْكِنْدِيّ الصَّحَابِيّ، وَقد تقدم فِي بابُُ اسْتِعْمَال فضل وضوء النَّاس، وروى ثمَّة الجعيد عَن السَّائِب بِدُونِ وَاسِطَة، وَهَهُنَا روى عَنهُ بِوَاسِطَة، يزِيد، وروى حَاتِم بن إِسْمَاعِيل هَذَا الحَدِيث عَن الجعيد عَن السَّائِب بِلَا وَاسِطَة، أخرجه الْإِسْمَاعِيلِيّ، وَصَحَّ سَماع الْجَعْد عَن الساب كَمَا ذَكرْنَاهُ الْآن، فَلَا يكون هَذَا الِاخْتِلَاف قادحاً، وروى عبد الرَّزَّاق هَذَا من طَرِيق أُخْرَى عَن نَافِع قَالَ: ( كَانَ عمر رَضِي اتعالى عَنهُ، يَقُول: لَا تكثروا للغط.
فَقَالَ: إِن مَسْجِدنَا هَذَا لَا يرفع فِيهِ الصَّوْت)
.
الحَدِيث، وَهَذَا فِيهِ انْقِطَاع لِأَن نَافِعًا لم يدْرك هَذَا الزَّمَان.

ذكر لطائف إِسْنَاده.
فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع، وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع وَاحِد.
وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد.
وَفِيه: القَوْل.
وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين مديني ومدني وبصري.
وَفِيه: رِوَايَة الرَّاوِي عَن خَاله كَمَا ذكرنَا.

ذكر مَعْنَاهُ وَإِعْرَابه قَوْله: ( كنت قَائِما) ، وَقع فِي الْأُصُول بِالْقَافِ، ويروى: ( نَائِما) ، بالنُّون وَيُؤَيّد هَذِه الرِّوَايَة مَا ذكره الْإِسْمَاعِيلِيّ عَن أبي يعلى حدّثنا مُحَمَّد بن عباد حدّثنا حَاتِم بن إِسْمَاعِيل عَن الجعيد عَن السَّائِب، قَالَ: ( كنت مُضْطَجعا فحصبني إِنْسَان) .
قَوْله: ( فحصبني) ، من: حصبت الرجل أحصبه، بِالْكَسْرِ: رميته بالحصباء.
قَوْله: ( إِذا هُوَ عمر بن الْخطاب) كلمة؛ إِذا، للمفاجأة وَهُوَ: مُبْتَدأ وَعمر: خَبره، ويروى: فَإِذا عمر بن الْخطاب، فعلى هَذَا: عمر، مُبْتَدأ وَخَبره مَحْذُوف تَقْدِيره؛ فَإِذا عمر حَاضر، أَو: وَاقِف.
قَوْله: ( فَقَالَ: اذْهَبْ) ، أَي: فَقَالَ عمر للسائب: إذهب.
قَوْله: ( فَاتَنِي بِهَذَيْنِ) ، يَعْنِي: بِهَذَيْنِ الشخصين وَكَانَا ثقفيين، كَذَا فِي رِوَايَة عبد الرَّزَّاق.
قَوْله: ( لأوجعتكما) ، وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: ( لأوجعتكما جلدا) .
قَوْله: ( ترفعان) ، خطاب لهذين الْإِثْنَيْنِ، وَهِي جملَة استئنافية، وَهِي فِي الْحَقِيقَة جَوَاب عَن سُؤال مُقَدّر، كَأَنَّهُمَا قَالَا: لم توجعن؟ قَالَ: لأنكما ترفعان أصواتكما فِي مَسْجِد رَسُول ا.
فَإِن قلت: مَا وَجه الْجمع فِي أصواتكما، مَعَ أَن الْمَوْجُود صوتان لَهما؟ قلت: الْمُضَاف الْمثنى معنى، إِذا كَانَ جُزْء مَا أضيف إِلَيْهِ، الْأَفْصَح أَن يذكر بِالْجمعِ: كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: { فقد صغت قُلُوبكُمَا} ( التَّحْرِيم: 4) وَيجوز إِفْرَاده نَحْو: أكلت رَأس شَاتين، والتثنية مَعَ أصالتها قَليلَة الِاسْتِعْمَال، وَإِن لم يكن جزءه فالأكثر مَجِيئه بِلَفْظ التَّثْنِيَة، نَحْو: سلَّ الزيدان سيفيهما، وَإِن أَمن اللّبْس جَازَ جلّ الْمُضَاف بِلَفْظ الْجمع، كَمَا فِي قَوْله: ( يعذبان فِي قبورهما) وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: ( برفعكما أصواتكما) ، أَي: بِسَبَب رفعكما أصواتكما.

وَمِمَّا يُسْتَفَاد مِنْهُ.
مَا قَالَه ابْن بطال: قَالَ بَعضهم: أما إِنْكَار عمر فلأنهما رفعا أصواتهما فِيمَا لَا يحتاجان إِلَيْهِ من اللَّغط الَّذِي لَا يجوز فِي الْمَسْجِد، وَإِنَّمَا سَأَلَهُمَا من أَيْن أَنْتُمَا ليعلم أَنَّهُمَا إِن كَانَا من أهل الْبَلَد وعلما أَن رفع الصَّوْت فِي الْمَسْجِد باللغط فِيهِ غير جَائِز زجرهما وأدبهما، فَلَمَّا أخبراه أَنَّهُمَا من غير الْبَلَد عُذْرهمَا بِالْجَهْلِ.
وَفِيه: مَا يدل على جَوَاز قبُول اعتذار أهل الْجَهْل بالحلم إِذا كَانَ فِي شَيْء يخفى مثله.
وَفِيه: جَوَاز تَأْدِيب الإِمَام من يرفع صَوته فِي الْمَسْجِد باللغط وَنَحْو ذَلِك،.

     وَقَالَ  بَعضهم: هَذَا الحَدِيث لَهُ حكم الرّفْع لِأَن عمر لَا يتوعد الرجلَيْن الْمَذْكُورين بِالْجلدِ إلاَّ على مُخَالفَة أَمر توفيقي.
قلت: لَا نسلم ذَلِك لِأَنَّهُ يجوز أَن يكون ذَلِك بِاجْتِهَادِهِ ورأيه.