هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
525 حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ ، فَصَلَّى الظُّهْرَ ، فَقَامَ عَلَى المِنْبَرِ ، فَذَكَرَ السَّاعَةَ ، فَذَكَرَ أَنَّ فِيهَا أُمُورًا عِظَامًا ، ثُمَّ قَالَ : مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ شَيْءٍ فَلْيَسْأَلْ ، فَلاَ تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَخْبَرْتُكُمْ ، مَا دُمْتُ فِي مَقَامِي هَذَا فَأَكْثَرَ النَّاسُ فِي البُكَاءِ ، وَأَكْثَرَ أَنْ يَقُولَ : سَلُونِي ، فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ السَّهْمِيُّ ، فَقَالَ : مَنْ أَبِي ؟ قَالَ : أَبُوكَ حُذَافَةُ ثُمَّ أَكْثَرَ أَنْ يَقُولَ : سَلُونِي فَبَرَكَ عُمَرُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ ، فَقَالَ : رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا ، وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا ، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا ، فَسَكَتَ ، ثُمَّ قَالَ : عُرِضَتْ عَلَيَّ الجَنَّةُ وَالنَّارُ آنِفًا فِي عُرْضِ هَذَا الحَائِطِ ، فَلَمْ أَرَ كَالخَيْرِ وَالشَّرِّ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
525 حدثنا أبو اليمان ، قال : أخبرنا شعيب ، عن الزهري ، قال : أخبرني أنس بن مالك ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج حين زاغت الشمس ، فصلى الظهر ، فقام على المنبر ، فذكر الساعة ، فذكر أن فيها أمورا عظاما ، ثم قال : من أحب أن يسأل عن شيء فليسأل ، فلا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم ، ما دمت في مقامي هذا فأكثر الناس في البكاء ، وأكثر أن يقول : سلوني ، فقام عبد الله بن حذافة السهمي ، فقال : من أبي ؟ قال : أبوك حذافة ثم أكثر أن يقول : سلوني فبرك عمر على ركبتيه ، فقال : رضينا بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد نبيا ، فسكت ، ثم قال : عرضت علي الجنة والنار آنفا في عرض هذا الحائط ، فلم أر كالخير والشر
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ ، فَصَلَّى الظُّهْرَ ، فَقَامَ عَلَى المِنْبَرِ ، فَذَكَرَ السَّاعَةَ ، فَذَكَرَ أَنَّ فِيهَا أُمُورًا عِظَامًا ، ثُمَّ قَالَ : مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ شَيْءٍ فَلْيَسْأَلْ ، فَلاَ تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَخْبَرْتُكُمْ ، مَا دُمْتُ فِي مَقَامِي هَذَا فَأَكْثَرَ النَّاسُ فِي البُكَاءِ ، وَأَكْثَرَ أَنْ يَقُولَ : سَلُونِي ، فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ السَّهْمِيُّ ، فَقَالَ : مَنْ أَبِي ؟ قَالَ : أَبُوكَ حُذَافَةُ ثُمَّ أَكْثَرَ أَنْ يَقُولَ : سَلُونِي فَبَرَكَ عُمَرُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ ، فَقَالَ : رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا ، وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا ، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا ، فَسَكَتَ ، ثُمَّ قَالَ : عُرِضَتْ عَلَيَّ الجَنَّةُ وَالنَّارُ آنِفًا فِي عُرْضِ هَذَا الحَائِطِ ، فَلَمْ أَرَ كَالخَيْرِ وَالشَّرِّ .

Narrated Anas bin Malik:

Allah's Messenger (ﷺ) came out as the sun declined at midday and offered the Zuhr prayer. He then stood on the pulpit and spoke about the Hour (Day of Judgment) and said that in it there would be tremendous things. He then said, Whoever likes to ask me about anything he can do so and I shall reply as long as I am at this place of mine. Most of the people wept and the Prophet (ﷺ) said repeatedly, Ask me. `Abdullah bin Hudhafa As-Sahmi stood up and said, Who is my father? The Prophet (ﷺ) said, Your father is Hudhafa. The Prophet (ﷺ) repeatedly said, Ask me. Then `Umar knelt before him and said, We are pleased with Allah as our Lord, Islam as our religion, and Muhammad as our Prophet. The Prophet then became quiet and said, Paradise and Hell-fire were displayed in front of me on this wall just now and I have never seen a better thing (than the former) and a worse thing (than the latter).

":"ہم سے ابوالیمان حکم بن نافع نے بیان کیا ، کہا ہم سے شعیب نے زہری کی روایت سے بیان کیا ، انھوں نے کہا کہ مجھے انس بن مالک رضی اللہ عنہ نے خبر دی کہجب سورج ڈھلا تو نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم حجرہ سے باہر تشریف لائے اور ظہر کی نماز پڑھی ۔ پھر منبر پر تشریف لائے ۔ اور قیامت کا ذکر فرمایا ۔ اور آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ قیامت میں بڑے عظیم امور پیش آئیں گے ۔ پھر آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ اگر کسی کو کچھ پوچھنا ہو تو پوچھ لے ۔ کیونکہ جب تک میں اس جگہ پر ہوں تم مجھ سے جو بھی پوچھو گے ۔ میں اس کا جواب ضرور دوں گا ۔ لوگ بہت زیادہ رونے لگے ۔ آپ صلی اللہ علیہ وسلم برابر فرماتے جاتے تھے کہ جو کچھ پوچھنا ہو پوچھو ۔ عبداللہ بن حذافہ سہمی کھڑے ہوئے اور دریافت کیا کہ حضور صلی اللہ علیہ وسلم میرے باپ کون ہیں ؟ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ تمہارے باپ حذافہ تھے ۔ آپ صلی اللہ علیہ وسلم اب بھی برابر فرما رہے تھے کہ پوچھو کیا پوچھتے ہو ۔ اتنے میں عمر رضی اللہ عنہ ادب سے گھٹنوں کے بل بیٹھ گئے اور انھوں نے فرمایا کہ ہم اللہ تعالیٰ کے مالک ہونے ، اسلام کے دین ہونے اور محمد ( صلی اللہ علیہ وسلم ) کے نبی ہونے سے راضی اور خوش ہیں ۔ ( پس اس گستاخی سے ہم باز آتے ہیں کہ آپ صلی اللہ علیہ وسلم سے جا اور بے جا سوالات کریں ) اس پر آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم خاموش ہو گئے ۔ پھر آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ ابھی ابھی میرے سامنے جنت اور جہنم اس دیوار کے کونے میں پیش کی گئی تھی ۔ پس میں نے نہ ایسی کوئی عمدہ چیز دیکھی ( جیسی جنت تھی ) اور نہ کوئی ایسی بری چیز دیکھی ( جیسی دوزخ تھی ) ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [540] .

     قَوْلُهُ  خَرَجَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ فَصَلَّى الظُّهْرَ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ زَوَالَ الشَّمْسِ أَوَّلُ وَقْتِ الظُّهْرِ إِذْ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ صَلَّى قَبْلَهُ وَهَذَا هُوَ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ وَكَانَ فِيهِ خِلَافٌ قَدِيمٌ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ جَوَّزَ صَلَاةَ الظُّهْرِ قَبْلَ الزَّوَالِ وَعَنْ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ مِثْلَهُ فِي الْجُمُعَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ .

     قَوْلُهُ  فِي عُرْضِ هَذَا الْحَائِطِ بِضَمِّ الْعَيْنِ أَيْ جَانِبِهِ أَوْ وَسَطِهِ .

     قَوْلُهُ  فَلَمْ أَرَ كَالْخَيْرِ وَالشَّرِّ أَيِ الْمَرْئِيِّ فِي ذَلِكَ الْمَقَامِرِوَايَةٍ أَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ الَّتِي هَمَّ بِتَحْرِيقِهِمْ لِلتَّخَلُّفِ عَنْهَا هِيَ الْعِشَاءُ وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهَا الْجُمُعَةُ وَفِي رِوَايَةٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنِ الصَّلَاةِ مُطْلَقًا وَكُلُّهُ صَحِيحٌ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا الْحَبْوُ حَبْوُ الصَّبِيِّ الصَّغِيرِ عَلَى يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ مَعْنَاهُ لَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا مِنَ الْفَضْلِ وَالْخَيْرِ ثُمَّ لَمْ يَسْتَطِيعُوا الْإِتْيَانَ إِلَيْهِمَا إِلَّا حَبْوًا لَحَبَوْا إِلَيْهِمَا وَلَمْ يُفَوِّتُوا جَمَاعَتَهُمَا فِي الْمَسْجِدِ فَفِيهِ الْحَثُّ الْبَلِيغُ عَلَى حُضُورِهِمَا .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامُ ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا يُصَلِّي بِالنَّاسِ فِيهِ أَنَّ الْإِمَامَ إِذَا عَرَضَ لَهُ شُغْلٌ يَسْتَخْلِفُ مَنْ يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَإِنَّمَا هَمَّ بِإِتْيَانِهِمْ بَعْدَ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ بِذَلِكَ الْوَقْتِ يَتَحَقَّقُ مُخَالَفَتُهُمْ وَتَخَلُّفُهُمْ فَيَتَوَجَّهُ اللَّوْمُ عَلَيْهِمْ وَفِيهِ جَوَازُ الِانْصِرَافِ بَعْدَ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ لِعُذْرٍ .

     قَوْلُهُ  جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ هُوَ بِضَمِّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِرِوَايَةٍ أَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ الَّتِي هَمَّ بِتَحْرِيقِهِمْ لِلتَّخَلُّفِ عَنْهَا هِيَ الْعِشَاءُ وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهَا الْجُمُعَةُ وَفِي رِوَايَةٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنِ الصَّلَاةِ مُطْلَقًا وَكُلُّهُ صَحِيحٌ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا الْحَبْوُ حَبْوُ الصَّبِيِّ الصَّغِيرِ عَلَى يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ مَعْنَاهُ لَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا مِنَ الْفَضْلِ وَالْخَيْرِ ثُمَّ لَمْ يَسْتَطِيعُوا الْإِتْيَانَ إِلَيْهِمَا إِلَّا حَبْوًا لَحَبَوْا إِلَيْهِمَا وَلَمْ يُفَوِّتُوا جَمَاعَتَهُمَا فِي الْمَسْجِدِ فَفِيهِ الْحَثُّ الْبَلِيغُ عَلَى حُضُورِهِمَا .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامُ ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا يُصَلِّي بِالنَّاسِ فِيهِ أَنَّ الْإِمَامَ إِذَا عَرَضَ لَهُ شُغْلٌ يَسْتَخْلِفُ مَنْ يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَإِنَّمَا هَمَّ بِإِتْيَانِهِمْ بَعْدَ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ بِذَلِكَ الْوَقْتِ يَتَحَقَّقُ مُخَالَفَتُهُمْ وَتَخَلُّفُهُمْ فَيَتَوَجَّهُ اللَّوْمُ عَلَيْهِمْ وَفِيهِ جَوَازُ الِانْصِرَافِ بَعْدَ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ لِعُذْرٍ .

     قَوْلُهُ  جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ هُوَ بِضَمِّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِرِوَايَةٍ أَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ الَّتِي هَمَّ بِتَحْرِيقِهِمْ لِلتَّخَلُّفِ عَنْهَا هِيَ الْعِشَاءُ وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهَا الْجُمُعَةُ وَفِي رِوَايَةٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنِ الصَّلَاةِ مُطْلَقًا وَكُلُّهُ صَحِيحٌ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا الْحَبْوُ حَبْوُ الصَّبِيِّ الصَّغِيرِ عَلَى يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ مَعْنَاهُ لَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا مِنَ الْفَضْلِ وَالْخَيْرِ ثُمَّ لَمْ يَسْتَطِيعُوا الْإِتْيَانَ إِلَيْهِمَا إِلَّا حَبْوًا لَحَبَوْا إِلَيْهِمَا وَلَمْ يُفَوِّتُوا جَمَاعَتَهُمَا فِي الْمَسْجِدِ فَفِيهِ الْحَثُّ الْبَلِيغُ عَلَى حُضُورِهِمَا .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامُ ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا يُصَلِّي بِالنَّاسِ فِيهِ أَنَّ الْإِمَامَ إِذَا عَرَضَ لَهُ شُغْلٌ يَسْتَخْلِفُ مَنْ يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَإِنَّمَا هَمَّ بِإِتْيَانِهِمْ بَعْدَ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ بِذَلِكَ الْوَقْتِ يَتَحَقَّقُ مُخَالَفَتُهُمْ وَتَخَلُّفُهُمْ فَيَتَوَجَّهُ اللَّوْمُ عَلَيْهِمْ وَفِيهِ جَوَازُ الِانْصِرَافِ بَعْدَ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ لِعُذْرٍ .

     قَوْلُهُ  جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ هُوَ بِضَمِّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِرِوَايَةٍ أَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ الَّتِي هَمَّ بِتَحْرِيقِهِمْ لِلتَّخَلُّفِ عَنْهَا هِيَ الْعِشَاءُ وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهَا الْجُمُعَةُ وَفِي رِوَايَةٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنِ الصَّلَاةِ مُطْلَقًا وَكُلُّهُ صَحِيحٌ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا الْحَبْوُ حَبْوُ الصَّبِيِّ الصَّغِيرِ عَلَى يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ مَعْنَاهُ لَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا مِنَ الْفَضْلِ وَالْخَيْرِ ثُمَّ لَمْ يَسْتَطِيعُوا الْإِتْيَانَ إِلَيْهِمَا إِلَّا حَبْوًا لَحَبَوْا إِلَيْهِمَا وَلَمْ يُفَوِّتُوا جَمَاعَتَهُمَا فِي الْمَسْجِدِ فَفِيهِ الْحَثُّ الْبَلِيغُ عَلَى حُضُورِهِمَا .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامُ ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا يُصَلِّي بِالنَّاسِ فِيهِ أَنَّ الْإِمَامَ إِذَا عَرَضَ لَهُ شُغْلٌ يَسْتَخْلِفُ مَنْ يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَإِنَّمَا هَمَّ بِإِتْيَانِهِمْ بَعْدَ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ بِذَلِكَ الْوَقْتِ يَتَحَقَّقُ مُخَالَفَتُهُمْ وَتَخَلُّفُهُمْ فَيَتَوَجَّهُ اللَّوْمُ عَلَيْهِمْ وَفِيهِ جَوَازُ الِانْصِرَافِ بَعْدَ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ لِعُذْرٍ .

     قَوْلُهُ  جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ هُوَ بِضَمِّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [540] حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ فَصَلَّى الظُّهْرَ، فَقَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَذَكَرَ السَّاعَةَ، فَذَكَرَ أَنَّ فِيهَا أُمُورًا عِظَامًا ثُمَّ قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ شَىْءٍ فَلْيَسْأَلْ، فَلاَ تَسْأَلُونِي عَنْ شَىْءٍ إِلاَّ أَخْبَرْتُكُمْ مَا دُمْتُ فِي مَقَامِي هَذَا».
فَأَكْثَرَ النَّاسُ فِي الْبُكَاءِ، وَأَكْثَرَ أَنْ يَقُولَ: «سَلُونِي».
فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ السَّهْمِيُّ فَقَالَ: مَنْ أَبِي؟ قَالَ: «أَبُوكَ حُذَافَةُ».
ثُمَّ أَكْثَرَ أَنْ يَقُولَ: «سَلُونِي».
فَبَرَكَ عُمَرُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ: رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا.
فَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ: «عُرِضَتْ عَلَىَّ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ آنِفًا فِي عُرْضِ هَذَا الْحَائِطِ، فَلَمْ أَرَ كَالْخَيْرِ وَالشَّرِّ».
وبالسند قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع (قال: أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة بالمهملة والزاي (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (قال: أخبرني) بالإفراد وللأصيلي بالجمع (أنس بن مالك) رضي الله عنه (أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: خرج حين زاغت الشمس) أي مالت وللترمذي زالت أي عن أعلى درجات ارتفاعها.
قال أبو طالب في القوت والزوال ثلاثة: زوال لا يعلمه إلا الله تعالى، وزوال تعلمه الملائكة المقربون، وزوال يعلمه الناس.
قال: وجاء في الحديث أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
سأل جبريل صلوات الله وسلامه عليه هل زالت الشمس؟ قال: لا نعم.
قال: ما معنى لا نعم؟ قال: يا رسول الله قطعت الشمس من فلكها بين قولي لا نعم مسيرة خمسمائة عام، أن الزوال الذي يعرفه الناس يعرف بمعرفة أقل الظل وطريقه بأن تنصب قائمًا معتدلاً في أرض معتدلة وتنظر إلى ظله في جهة المغرب وظله فيها أطول ما يكون غدوة وتعرف منتهاه، ثم كلما ارتفعت نقص الظل حتى تنتهي إلى أعلى درجات ارتفاعها فتقف وقفة الظل لا يزيد ولا ينقص وذلك وقت نصف النهار ووقت الاستواء، ثم تميل إلى أول درجات انحطاطها في الغروب فذلك هو الزوال وأوّل وقت الظهر (فصلّى الظهر،) في أول وقتها، ولم ينقل أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلّى قبل الزوال، وعليه استقرّ الإجماع وهذا لا يعارض حديث الإبراد لأنه ثبت بالقول وذاك بالفعل والقول فيرجح عليه.
وقال البيضاوي: الإبراد تأخير الظهر أدنى تأخير بحيث لا يخرج عن حد التهجير فإن الهاجرة تطلق على الوقت إلى أن يقرب العصر (فقام) بعد فراغه من الصلاة (على المنبر) لما بلغه أن قومًا من المنافقين يسألون منه ويعجزونه عن بعض ما يسألونه (فذكر الساعة فذكر أن فيها أمورًا عظامًا، ثم قال:) عليه الصلاة والسلام: (من أحب أن يسأل عن شيء فليسأل،) أي فليسألني عنه (فلا) وللأصيلي لا (تسألوني عن شيء) بحذف نون الوقاية (إلاّ أخبرتكم) به (ما دمت في مقامي هذا.
) بفتح ميم مقامي، واسم الإشارة ساقط عند أبي ذر والأصيلي وأبي الوقت وابن عساكر، واستعمل الماضي في قوله أخبرتكم موضع المستقبل إشارة إلى أنه كالواقع لتحقّقه، (فأكثر الناس في البكاء،) خوفًا من نزول العذاب العامّ المعهود في الأمم السالفة عند ردّهم على أنبيائهم بسبب تغيظه عليه الصلاة والسلام من مقالة المنافقين السابقة آنفًا، أو سبب بكائهم ما سمعوه من أهوال يوم القيامة والأمور العظام والبكاء بالمد مد الصوت في البكاء وبالقصر الدموع وخروجها، (وأكثر) عليه الصلاة والسلام (أن يقول: سلوني) ولأبي ذر والأصيلي سلوا أي أكثر القول بقوله: سلوني (فقام عبد الله بن حذافة السهمي) بضم الحاء المهملة وفتح الذال المعجمة والسهمي بفتح السين المهملة وسكون الهاء المهاجري (فقال:) يا رسول الله (من أبي؟ قال) عليه الصلاة والسلام: (أبوك حذافة)وكان يدعى لغير أبيه (ثم كثر) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (أن يقول: (سلوني) (فبرك عمر) بن الخطاب رضي الله عنه (على ركبتيه) بالتثنية (فقال) ولابن عساكر قال: (رضينا بالله ربّا وبالإسلام دينًا وبمحمدٍ) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (نبيًّا.
فسكت.
) عليه الصلاة والسلام (ثم قال) (عرضت) بضم العين وكسر الراء (عليّ الجنة والنار آنفًا) بمد الهمزة والنصب على الظرفية لتضمنه معنى الظرف أي في أوّل وقت يقرب مني وهو الآن "في عُرض هذا الحائط بضم العين المهملة وسكون الراء أي جانبه وناحيته وعرضهما أما بأن تكونا رفعنا إليه، أو زوى له ما بينهما أو مثلاً له، وتأتي مباحثه إن شاء الله تعالى.
(فلم أر) أي لم أبصر (كالخير) الذي في الجنة (والشر) الذي في النار أو ما أبصرت شيئًا كالطاعة والمعصية في سبب دخول الجنة والنار.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [540] حدثنا أبو اليمان: أبنا شعيب، عن الزهري، قال: أخبرني أنس بن مالك، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خرج حين زاغت الشمس، فصلى الظهر، فقام على المنبر، فذكر الساعة؛ فذكر أن فيها أموراً عظاماً، ثم قال: " من أحب أن يسأل عن شيء فليسأل، فلا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم ما دمت في مقامي " فأكثر الناس في البكاء، وأكثر أن يقول: " سلوا "، فقام عبد الله بن حذاقة السهمي، فقال: من أبي؟ قال: " أبوك حذافة "، ثم أكثر أن يقول: " سلوني " فبرك عمر على ركبتيه، فقال: رضينا بالله ربا، وبالاسلام دينا، وبمحمد نبيا.
فسكت.
ثم قال: " عرضت علي الجنة والنار آنفا في عرض هذا الحائط، فلم أر كالخير والشر ".
زيغ الشمس: ميلها، وهو عبارة عن زوالها.
والحديث يدل على أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلى الظهر في ذلك اليوم حين زالت الشمس من غير مهلة، لكن هل كانت تلك عادته في صلاة الظهر، أمعجلها ذلك اليوم لأمر حدث حتى يخبرهم به، ولذلك خطبهم وذكر الساعة؟ هذا محتمل، والثاني أظهر، فإنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يؤخر صلاة الظهر في شدة الحر، كما تقدم، وأمافي غير ذلك فكان يعجلها، لكن هل كانت عادته أن يدخل في صلاة الظهر حين تزول الشمس في غير وقت شدة الحر دائما؟ هذا فيه نظر، بل الأظهر خلافه.
وقد روي عنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنه كان يصلي إذا زالت الشمس أربع ركعات، ويقول: " إنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء، ويستجاب الدعاء " خرجه الترمذي وغيره.
وقد كان يصلي قبل الظهر ركعتين، وروي عنه أنه كان يصلي أربعا.
وهذا كله يدل على أنه لم يكن يحرم الصلاة عقيب الزوال من غير مهلة بينهما.
وقد ذكرنا في الباب الماضي حديث ابن مسعود في صلاة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الشتاء خمسة أقدام إلى سبعة – يعني: قدر الظل.
وقد روي عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنه أمر بلالاً أن يجعل بين أذانه وإقامته قدر ما يفرغ الآكل من أكله، والشارب من شربه، والمعتصر إذا دخل لقضاء حاجته.
خرجه الترمذي من حديث جابر، وقال: إسناده مجهول.
وخرجه عبد الله ابن الإمام أحمد من حديث أبي بن كعب.
وخرجه الدارقطني وغيره من حديث علي.
وروي – أيضا – من حديث أبي هريرة وسلمان.
وأسانيده كلها ضعيفة.
والصحيح عند أصحابنا: أنه يستحب أن تكون الصلاة بعد مضي قدر الطهارة وغيرها من شرائط الصلاة، وكذلك هو الصحيح عند أصحاب الشافعي، وقالوا: لا يضر الشغل الخفيف كأكل لقم وكلام قصير، ولا يكلف خلاف العادة.
ولهم وجه آخر: أنه لا يحصل فضيلة أول الوقت حتى يقدم ذلك كله قبل الوقت حتى تنطبق الصلاة على أول الوقت.
قال بعضهم: وهذا غلط صريح مخالف للسنة المستفيضة، وقد جعله مالك قول الخوارج وأهل الاهواء.
وللشافعية وجه آخر: لا تفوت فضيلة أو نصف الوقت، ولا يستحب عندهم أن ينتظر بها مصير الفيء مثل الشراك.
وحكى الساجي، عن الشافعي، أنه يستحب ذلك، وحكى عن غيره أنه لا يجوز فعلها قبل ذلك؛ فإن جبريل عليه السلام صلى بالنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أول يوم الظهر والفيء مثل الشراك.
وهذا ليس بشيء، وهو مخالف للإجماع، وقد حمل حديث جبريل على أن الشمس يومئذ زالت على قدر الشراك من الفيء.
ونقل ابن القاسم، عن مالك، أنه كان يستحب لمساجد الجماعات أن يؤخروا صلاة الظهر بعد الزوال حين يكون الفيء ذراعاً، صيفا وشتاءً،عملا بما رواه في " الموطإ " عن نافع، أن عمر كتب إلى عماله بذلك.
وقال سفيان الثوري: كان يستحب أن يمهل المؤذن بين أذانه وإقامته في الصيف مقدار أربعين آية، وفي الشتاء على النصف منها، ويمهل في العصر أربعين آية، وفي الشتاء على النصف منها، وفي المغرب إذا وجبت الشمس أذن، ثم قعد قعدة، ثم قام وأقام الصلاة.
قال: ويمهل في العشاء الآخرة قدر ستين آية.
وفي الفجر إذا طلع الفجر أذن، ثم صلى ركعتين، ثم سبح الله وذكره.
وهذا يدل على استجابة الإبراد بالعصر في الصيف.
وحكي مثله عن أشهب من المالكية.
وقد استحب كثير من السلف المشي إلى المساجد قبل الأذان، وكان الإمام أحمد يفعله في صلاة الفجر، والاثار في فضل المبادرة بالخروج إلى المساجد كثيرة.
وبقية الحديث، قد سبق الكلام عليه، بعضه في " كتاب العلم "، وبعضه في " الصلاة على التنور والنار ".
وعرض الحائط – يضم العين -: جانبه.
الحديث الثاني: قال:

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( .

     قَوْلُهُ  بَابٌ)

بِالتَّنْوِينِ وَقْتُ الظُّهْرِ أَيِ ابْتِدَاؤُهُ عِنْدَ الزَّوَالِ أَيْ زَوَالِ الشَّمْسِ وَهُوَ مَيْلُهَا إِلَى جِهَةِ الْمَغْرِبِ وَأَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ زَعَمَ مِنَ الْكُوفِيِّينَ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَجِبُ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ كَمَا سَيَأْتِي وَنقل بن بَطَّالٍ أَنَّ الْفُقَهَاءَ بِأَسْرِهِمْ عَلَى خِلَافِ مَا نُقِلَ عَنِ الْكَرْخِيِّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ تَقَعُ نَفْلًا انْتَهَى وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ تَضْعِيفُ هَذَا الْقَوْلِ وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ أَنَّ أَوَّلَ الظُّهْرِ إِذَا صَارَ الْفَيْءُ قَدْرَ الشِّرَاكِ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  جَابِرٌ هُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ وَصَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ بِلَفْظِ كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ بِالْهَاجِرَةِ وَالْهَاجِرَةُ اشْتِدَادُ الْحَرِّ فِي نِصْفِ النَّهَارِ قِيلَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ مِنَ الْهَجْرِ وَهُوَ التَّرْكُ لِأَنَّ النَّاسَ يتركون التَّصَرُّف حِينَئِذٍ لشدَّة الْحر ويقيلون وَحَدِيث أَنَسٍ تَقَدَّمَ فِي الْعِلْمِ فِي بَابِ مَنْ بَرَكَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ لَكِنْ بِاخْتِصَارٍ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى فَوَائِدِهِ مُسْتَوْعَبًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِ الِاعْتِصَامِ .

     قَوْلُهُ  زَاغَتْ أَيْ مَالَتْ وَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِلَفْظِ زَالَتْ وَالْغَرَضُ مِنْهُ هُنَا صَدْرُ الْحَدِيثِ وَهُوَ

[ قــ :525 ... غــ :540] .

     قَوْلُهُ  خَرَجَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ فَصَلَّى الظُّهْرَ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ زَوَالَ الشَّمْسِ أَوَّلُ وَقْتِ الظُّهْرِ إِذْ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ صَلَّى قَبْلَهُ وَهَذَا هُوَ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ وَكَانَ فِيهِ خِلَافٌ قَدِيمٌ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ جَوَّزَ صَلَاةَ الظُّهْرِ قَبْلَ الزَّوَالِ وَعَنْ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ مِثْلَهُ فِي الْجُمُعَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ .

     قَوْلُهُ  فِي عُرْضِ هَذَا الْحَائِطِ بِضَمِّ الْعَيْنِ أَيْ جَانِبِهِ أَوْ وَسَطِهِ .

     قَوْلُهُ  فَلَمْ أَرَ كَالْخَيْرِ وَالشَّرِّ أَيِ الْمَرْئِيِّ فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب
وقت الظهر عند الزوال
وقال جابر: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي الظهر بالهاجرة.

حديث جابر هذا خرجه في " باب وقت المغرب "، ويأتي في موضعه - إن شاء الله.

وقد سبق الحديث أبي جحيفة في صلاة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الظهر بالبطحاء بالهاجرة.

وقد ذكرنا - أيضا - حديث جابر بن سمرة، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يصلي الظهر إذا دحضت الشمس.

وخرج الإمام أحمد وأبو داود من حديث زيد بن ثابت، قال: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي الظهر بالهاجرة، ولم يكن ( يصلي) صلاة أشد على أصحاب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - منها، فنزلت: { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} ( البقرة: 238) .

وخرج الإمام أحمد والنسائي نحوه من حديث أسامة بن زيد، أن رسول الله كان يصلي الظهر بالهجير، ولا يكون وراءه إلا الصف والصفان، والناس في قائلتهم وتجارتهم، فأنزل الله: { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} .
والحديثان إسنادهما واحد، مختلف فيه، وفيه نظر.

خرج البخاري في هذا الباب ثلاثة أحاديث:
الحديث الأول:
قال:
[ قــ :525 ... غــ :540 ]
- حدثنا أبو اليمان: أبنا شعيب، عن الزهري، قال: أخبرني أنس بن مالك، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خرج حين زاغت الشمس، فصلى الظهر، فقام على المنبر، فذكر الساعة؛ فذكر أن فيها أموراً عظاماً، ثم قال: " من أحب أن يسأل عن شيء فليسأل، فلا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم ما دمت في مقامي " فأكثر الناس في البكاء، وأكثر أن يقول: " سلوا "، فقام عبد الله بن حذاقة السهمي، فقال: من أبي؟ قال: " أبوك
حذافة "، ثم أكثر أن يقول: " سلوني " فبرك عمر على ركبتيه، فقال: رضينا بالله ربا، وبالاسلام دينا، وبمحمد نبيا.
فسكت.
ثم قال: " عرضت علي الجنة والنار آنفا في عرض هذا الحائط، فلم أر كالخير والشر ".

زيغ الشمس: ميلها، وهو عبارة عن زوالها.

والحديث يدل على أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلى الظهر في ذلك اليوم حين زالت الشمس من غير مهلة، لكن هل كانت تلك عادته في صلاة الظهر، أم عجلها ذلك اليوم لأمر حدث حتى يخبرهم به، ولذلك خطبهم وذكر الساعة؟
هذا محتمل، والثاني أظهر، فإنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يؤخر صلاة الظهر في شدة الحر، كما تقدم، وأمافي غير ذلك فكان يعجلها، لكن هل كانت عادته أن يدخل في صلاة الظهر حين تزول الشمس في غير وقت شدة الحر دائما؟ هذا فيه نظر، بل الأظهر خلافه.

وقد روي عنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنه كان يصلي إذا زالت الشمس أربع ركعات، ويقول:
" إنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء، ويستجاب الدعاء " خرجه الترمذي وغيره.

وقد كان يصلي قبل الظهر ركعتين، وروي عنه أنه كان يصلي أربعا.

وهذا كله يدل على أنه لم يكن يحرم الصلاة عقيب الزوال من غير مهلة بينهما.

وقد ذكرنا في الباب الماضي حديث ابن مسعود في صلاة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الشتاء خمسة أقدام إلى سبعة – يعني: قدر الظل.

وقد روي عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنه أمر بلالاً أن يجعل بين أذانه وإقامته قدر ما يفرغ الآكل من أكله، والشارب من شربه، والمعتصر إذا دخل لقضاء حاجته.

خرجه الترمذي من حديث جابر، وقال: إسناده مجهول.

وخرجه عبد الله ابن الإمام أحمد من حديث أبي بن كعب.

وخرجه الدارقطني وغيره من حديث علي.
وروي – أيضا – من حديث أبي هريرة وسلمان.

وأسانيده كلها ضعيفة.

والصحيح عند أصحابنا: أنه يستحب أن تكون الصلاة بعد مضي قدر الطهارة وغيرها من شرائط الصلاة، وكذلك هو الصحيح عند أصحاب الشافعي، وقالوا: لا يضر الشغل الخفيف كأكل لقم وكلام قصير، ولا يكلف خلاف العادة.

ولهم وجه آخر: أنه لا يحصل فضيلة أول الوقت حتى يقدم ذلك كله قبل الوقت حتى تنطبق الصلاة على أول الوقت.

قال بعضهم: وهذا غلط صريح مخالف للسنة المستفيضة، وقد جعله مالك قول الخوارج وأهل الاهواء.

وللشافعية وجه آخر: لا تفوت فضيلة أو نصف الوقت، ولا يستحب عندهم أن ينتظر بها مصير الفيء مثل الشراك.

وحكى الساجي، عن الشافعي، أنه يستحب ذلك، وحكى عن غيره أنه لا يجوز فعلها قبل ذلك؛ فإن جبريل عليه السلام صلى بالنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أول يوم الظهر والفيء مثل الشراك.

وهذا ليس بشيء، وهو مخالف للإجماع، وقد حمل حديث جبريل على أن الشمس يومئذ زالت على قدر الشراك من الفيء.

ونقل ابن القاسم، عن مالك، أنه كان يستحب لمساجد الجماعات أن يؤخروا صلاة الظهر بعد الزوال حين يكون الفيء ذراعاً، صيفا وشتاءً، عملا بما رواه في " الموطإ " عن نافع، أن عمر كتب إلى عماله بذلك.

وقال سفيان الثوري: كان يستحب أن يمهل المؤذن بين أذانه وإقامته في الصيف مقدار أربعين آية، وفي الشتاء على النصف منها، ويمهل في العصر أربعين آية، وفي الشتاء على النصف منها، وفي المغرب إذا وجبت الشمس أذن، ثم قعد قعدة، ثم قام وأقام الصلاة.
قال: ويمهل في العشاء الآخرة قدر ستين آية.
وفي الفجر إذا طلع الفجر أذن، ثم صلى ركعتين، ثم سبح الله وذكره.

وهذا يدل على استجابة الإبراد بالعصر في الصيف.

وحكي مثله عن أشهب من المالكية.

وقد استحب كثير من السلف المشي إلى المساجد قبل الأذان، وكان الإمام أحمد يفعله في صلاة الفجر، والاثار في فضل المبادرة بالخروج إلى المساجد كثيرة.

وبقية الحديث، قد سبق الكلام عليه، بعضه في " كتاب العلم "، وبعضه في " الصلاة على التنور والنار ".

وعرض الحائط – يضم العين -: جانبه.


قال:

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب وَقْتِ الظُّهْرِ عِنْدَ الزَّوَالِ
وَقَالَ جَابِرٌ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي بِالْهَاجِرَة
هذا (باب) بالتنوين (وقت الظهر) ولغير أبي ذر باب وقت الظهر بالإضافة أي ابتداؤه (عند الزوال) وهو ميل الشمس إلى جهة المغرب، (وقال جابر:) هو ابن عبد الله مما هو طرف حديث موصول عند المؤلّف في باب وقت المغرب (كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: يصلّي) الظهر (بالهاجرة.
) وهي وقت اشتداد الحر في نصف النهار.


[ قــ :525 ... غــ : 540 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ فَصَلَّى الظُّهْرَ، فَقَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَذَكَرَ السَّاعَةَ، فَذَكَرَ أَنَّ فِيهَا أُمُورًا عِظَامًا ثُمَّ قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ شَىْءٍ فَلْيَسْأَلْ، فَلاَ تَسْأَلُونِي عَنْ شَىْءٍ إِلاَّ أَخْبَرْتُكُمْ مَا دُمْتُ فِي مَقَامِي هَذَا».
فَأَكْثَرَ النَّاسُ فِي الْبُكَاءِ، وَأَكْثَرَ أَنْ يَقُولَ: «سَلُونِي».
فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ السَّهْمِيُّ فَقَالَ: مَنْ أَبِي؟ قَالَ: «أَبُوكَ حُذَافَةُ».
ثُمَّ أَكْثَرَ أَنْ يَقُولَ: «سَلُونِي».
فَبَرَكَ عُمَرُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ: رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا.
فَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ: «عُرِضَتْ عَلَىَّ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ آنِفًا فِي عُرْضِ هَذَا الْحَائِطِ، فَلَمْ أَرَ كَالْخَيْرِ وَالشَّرِّ».


وبالسند قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع (قال: أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة بالمهملة والزاي (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (قال: أخبرني) بالإفراد وللأصيلي بالجمع (أنس بن مالك) رضي الله عنه (أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: خرج حين زاغت الشمس) أي مالت وللترمذي زالت أي عن أعلى درجات ارتفاعها.
قال أبو طالب في القوت والزوال ثلاثة: زوال لا يعلمه إلا الله تعالى، وزوال تعلمه الملائكة المقربون، وزوال يعلمه الناس.
قال: وجاء في الحديث أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
سأل جبريل صلوات الله وسلامه عليه هل زالت الشمس؟ قال: لا نعم.
قال: ما معنى لا نعم؟ قال: يا رسول الله قطعت الشمس من فلكها بين قولي لا نعم مسيرة خمسمائة عام، أن الزوال الذي يعرفه الناس يعرف بمعرفة أقل الظل وطريقه بأن تنصب قائمًا معتدلاً في أرض معتدلة وتنظر إلى ظله في جهة المغرب وظله فيها أطول ما يكون غدوة وتعرف منتهاه، ثم كلما ارتفعت نقص الظل حتى تنتهي إلى أعلى درجات ارتفاعها فتقف وقفة الظل لا يزيد ولا ينقص وذلك وقت نصف النهار
ووقت الاستواء، ثم تميل إلى أول درجات انحطاطها في الغروب فذلك هو الزوال وأوّل وقت الظهر (فصلّى الظهر،) في أول وقتها، ولم ينقل أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلّى قبل الزوال، وعليه استقرّ الإجماع وهذا لا يعارض حديث الإبراد لأنه ثبت بالقول وذاك بالفعل والقول فيرجح عليه.
وقال البيضاوي: الإبراد تأخير الظهر أدنى تأخير بحيث لا يخرج عن حد التهجير فإن الهاجرة تطلق على الوقت إلى أن يقرب العصر (فقام) بعد فراغه من الصلاة (على المنبر) لما بلغه أن قومًا من المنافقين يسألون منه ويعجزونه عن بعض ما يسألونه (فذكر الساعة فذكر أن فيها أمورًا عظامًا، ثم قال:) عليه الصلاة والسلام:
(من أحب أن يسأل عن شيء فليسأل،) أي فليسألني عنه (فلا) وللأصيلي لا (تسألوني عن شيء) بحذف نون الوقاية (إلاّ أخبرتكم) به (ما دمت في مقامي هذا.
) بفتح ميم مقامي، واسم الإشارة ساقط عند أبي ذر والأصيلي وأبي الوقت وابن عساكر، واستعمل الماضي في قوله أخبرتكم موضع المستقبل إشارة إلى أنه كالواقع لتحقّقه، (فأكثر الناس في البكاء،) خوفًا من نزول العذاب العامّ المعهود في الأمم السالفة عند ردّهم على أنبيائهم بسبب تغيظه عليه الصلاة والسلام من مقالة المنافقين السابقة آنفًا، أو سبب بكائهم ما سمعوه من أهوال يوم القيامة والأمور العظام والبكاء بالمد مد الصوت في البكاء وبالقصر الدموع وخروجها، (وأكثر) عليه الصلاة والسلام (أن يقول: سلوني) ولأبي ذر والأصيلي سلوا أي أكثر القول بقوله: سلوني (فقام عبد الله بن حذافة السهمي) بضم الحاء المهملة وفتح الذال المعجمة والسهمي بفتح السين المهملة وسكون الهاء المهاجري (فقال:) يا رسول الله (من أبي؟ قال) عليه الصلاة والسلام: (أبوك حذافة) وكان يدعى لغير أبيه (ثم كثر) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (أن يقول: (سلوني) (فبرك عمر) بن الخطاب رضي الله عنه (على ركبتيه) بالتثنية (فقال) ولابن عساكر قال: (رضينا بالله ربّا وبالإسلام دينًا وبمحمدٍ) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (نبيًّا.
فسكت.
) عليه الصلاة والسلام (ثم قال) (عرضت) بضم العين وكسر الراء (عليّ الجنة والنار آنفًا) بمد الهمزة والنصب على الظرفية لتضمنه

معنى الظرف أي في أوّل وقت يقرب مني وهو الآن "في عُرض هذا الحائط بضم العين المهملة وسكون الراء أي جانبه وناحيته وعرضهما أما بأن تكونا رفعنا إليه، أو زوى له ما بينهما أو مثلاً له، وتأتي مباحثه إن شاء الله تعالى.
(فلم أر) أي لم أبصر (كالخير) الذي في الجنة (والشر) الذي في النار أو ما أبصرت شيئًا كالطاعة والمعصية في سبب دخول الجنة والنار.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابٌُ وَقْتُ الظهْرِ عِنْدَ الزَّوَال)

أَي: هَذَا بابُُ، وَيجوز فِي: بابُُ، التَّنْوِين على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف، كَمَا قدرناه.
وَيجوز أَن يكون بِالْإِضَافَة وَالتَّقْدِير: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ أَن وَقت الظّهْر، أَي: ابتداؤه عِنْد زَوَال الشَّمْس عَن كبد السَّمَاء وميلها إِلَى جِهَة الْمغرب.

وَقَالَ جابرٌ كانَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي بِالْهَاجِرَةِ
هَذَا التَّعْلِيق طرف من حَدِيث جَابر ذكره البُخَارِيّ مَوْصُولا فِي بابُُ وَقت الْمغرب، رَوَاهُ عَن مُحَمَّد بن بشار، وَفِيه: ( فسألنا جَابر بن عبد الله فَقَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي الظّهْر بالهاجرة) والهاجرة: نصف النَّهَار عِنْد اشتداد الْحر، وَلَا يُعَارض هَذَا حَدِيث الْإِبْرَاد لِأَنَّهُ ثَبت بِالْفِعْلِ، وَحَدِيث الْإِبْرَاد بِالْفِعْلِ، وَالْقَوْل، فيرجح على ذَلِك.
وَقيل: إِنَّه مَنْسُوخ بِحَدِيث الْإِبْرَاد لِأَنَّهُ مُتَأَخّر عَنهُ..
     وَقَالَ  الْبَيْضَاوِيّ: الْإِبْرَاد تَأْخِير الظّهْر أدنى تَأْخِير بِحَيْثُ يَقع الظل، وَلَا يخرج بذلك عَن حد التهجير، فَإِن الهاجرة تطلق على الْوَقْت إِلَى أَن يقرب الْعَصْر.
قلت: بِأَدْنَى التَّأْخِير لَا يحصل الْإِبْرَاد، وَلم يقل أحد: إِن الهاجرة تمتد إِلَى قرب الْعَصْر.



[ قــ :525 ... غــ :540]
- حدَّثنا أبُو اليَمَانِ قَالَ أخبرنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبرنِي أنَسُ بنُ مَالِكٍ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَرَجَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ فَصَلَّى الظُّهْرَ فَقَامَ عَلَى المنْبَرِ فَذَكَرَ السَّاعَةَ فَذَكَرَ أنَّ فِيهَا أُمُورا عِظَاما ثُمَّ قَالَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْأَلَ عنْ شَيْءٍ فَلْيَسْأَلْ فَلاَ تَسْأَلُونِي عنْ شَيْءٍ إلاَّ أخْبَرْتُكُمْ مَا دُمْتُ فِي مَقَامِي هَذَا فأَكْثَرَ النَّاسُ فِي البُكَاءِ وأكْثَرَ أنْ يَقُولَ سَلُونِي فَقَامَ عَبْدُ الله بنُ حُذَافَةَ السَّهْمِيُّ فَقَالَ مَنْ أبي قَالَ أبُوكَ حَذافةُ ثُمَّ أكْثَرَ أنْ يَقُولَ سَلُونِي فَبَرَكَ عُمَرُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فقالَ رَضِينَا بِالله رَبّا وبِالإسْلاَمِ دِينا وبِمُحَمَّدٍ نَبِيَّا فَسَكَتَ ثُمَّ قالَ عُرِضَتْ عَلَيَّ الجَنَّةُ والنَّارُ آنِفا فِي عُرْضِ هَذَا الحَائِطِ فَلَمْ أرَ كَالْخَيْرِ والشَّرِّ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( خرج حِين زاغت الشَّمْس فصلى الظّهْر) ، وَهَذَا الْإِسْنَاد بِعَيْنِه مضى فِي كتاب الْعلم فِي بابُُ من برك على رُكْبَتَيْهِ عِنْد الإِمَام أَو الْمُحدث، وَمتْن الحَدِيث أَيْضا مُخْتَصرا، وَالزِّيَادَة هُنَا من قَوْله: ( خرج حِين زاغت الشَّمْس) إِلَى قَوْله: ( فَقَامَ عبد الله بن حذافة) وَكَذَا قَوْله: ( ثمَّ قَالَ عرضت) إِلَى آخِره.
قَوْله: ( حِين زاغت) أَي: حِين مَالَتْ، وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ بِلَفْظ زَالَت، وَهَذَا يَقْتَضِي أَن زَوَال الشَّمْس أول وَقت الظّهْر، إِذا لم ينْقل عَنهُ أَنه صلى قبله، وَهَذَا هُوَ الَّذِي اسْتَقر عَلَيْهِ الْإِجْمَاع..
     وَقَالَ  ابْن الْمُنْذر: أجمع الْعلمَاء على أَن وَقت الظّهْر زَوَال الشَّمْس، وَذكر ابْن بطال عَن الْكَرْخِي عَن أبي حنيفَة: أَن الصَّلَاة فِي أول الْوَقْت تقع نفلا، قَالَ: وَالْفُقَهَاء بأسرهم على خلاف قَوْله.
قلت: ذكر أَصْحَابنَا أَن هَذَا قَول ضَعِيف نقل عَن بعض أَصْحَابنَا، وَلَيْسَ مَنْقُولًا عَن أبي حنيفَة أَن الصَّلَاة فِي أول الْوَقْت تقع نفلا، وَالصَّحِيح عندنَا أَن الصَّلَاة تجب بِأول الْوَقْت وجوبا موسعا.
وَذكر القَاضِي عبد الْوَهَّاب فِي الْكتاب ( الفاخر) ، فِيمَا ذكره ابْن بطال وَغَيره عَن بعض النَّاس: يجوز أَن يفتح الظّهْر قبل الزَّوَال،.

     وَقَالَ  شمس الْأَئِمَّة فِي ( الْمَبْسُوط) : لَا خلاف أَن أول وَقت الظّهْر يدْخل بِزَوَال الشَّمْس إلاَّ شَيْء نقل عَن بعض النَّاس أَنه يدْخل إِذا صَار الْفَيْء بِقدر الشرَاك، وَصَلَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين زاغت الشَّمْس دَلِيل على أَن ذَلِك من وَقتهَا.
قَوْله: ( فليسأل) أَي: فليسألني عَنهُ.
قَوْله: ( فَلَا تَسْأَلُونِي) ، بِلَفْظ النَّفْي، وَحذف نون الْوِقَايَة مِنْهُ جَائِز.
قَوْله: ( إلاَّ أَخْبَرتكُم) أَي: إلاَّ أخْبركُم، فَاسْتعْمل الْمَاضِي مَوضِع الْمُسْتَقْبل إِشَارَة إِلَى تحَققه، وَأَنه كالواقع..
     وَقَالَ  الْمُهلب: إِنَّمَا خطب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بعد الصَّلَاة،.

     وَقَالَ  هُوَ: سلوني، لِأَنَّهُ بلغه أَن قوما من الْمُنَافِقين يسْأَلُون مِنْهُ ويعجزونه عَن بعض مَا يسألونه، فتغيظ.

     وَقَالَ : لَا تَسْأَلُونِي عَن شَيْء إلاَّ أَخْبَرتكُم بِهِ.
قَوْله: ( فَأكْثر النَّاس فِي الْبكاء) إِنَّمَا كَانَ بكاؤهم خوفًا من نزُول عَذَاب لغضبه، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كَمَا كَانَ ينزل على الْأُمَم عِنْد ردهم على أَنْبِيَائهمْ، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام، والبكاء يمد وَيقصر، إِذا مددت أردْت الصَّوْت الَّذِي يكون مَعَ الْبكاء، وَإِذا قصرت أردْت الدُّمُوع وخروجها.
قَوْله: ( وَأكْثر أَن يَقُول) كلمة: أَن، مَصْدَرِيَّة تَقْدِيره: وَأكْثر النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، القَوْل بقوله: سلوني، وَأَصله: اسألوني، فنقلت حَرَكَة الْهمزَة إِلَى السِّين، فحذفت واستغني عَن همزَة الْوَصْل، فَقيل: سلوني، على وزن: فلوني.
قَوْله: ( فَقَامَ عبد الله بن حذافة) ، قَالَ الْوَاقِدِيّ: إِن عبد الله بن حذافة كَانَ يطعن فِي نسبه، فَأَرَادَ أَن يبين لَهُ ذَلِك، فَقَالَت أمه: أما خشيت أَن أكون قارفت بعض مَا كَانَ يصنع فِي الْجَاهِلِيَّة، أَكنت فاضحي عِنْد رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ فَقَالَ: وَالله لَو ألحقني بِعَبْد للحقت بِهِ.
قَوْله: ( آنِفا) ، أَي: فِي أول وَقت يقرب مني، وَمَعْنَاهُ هُنَا: الْآن، وانتصابه على الظَّرْفِيَّة لِأَنَّهُ يتَضَمَّن معنى الظّرْف.
قَوْله: ( فِي عرض هَذَا الْحَائِط) ، بِضَم الْعين الْمُهْملَة، يُقَال: عرض الشَّيْء، بِالضَّمِّ: ناحيته من أَي وَجه جِئْته.
قَوْله: ( فَلم أر كالخير) أَي: مَا أَبْصرت قطّ مثل هَذَا الْخَيْر الَّذِي هُوَ الْجنَّة، وَهَذَا الشَّرّ الَّذِي هُوَ النَّار.
أَو: مَا أَبْصرت شَيْئا مثل الطَّاعَة وَالْمَعْصِيَة فِي سَبَب دُخُول الْجنَّة وَالنَّار.