هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
629 حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ ، يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : صَلاَةُ الرَّجُلِ فِي الجَمَاعَةِ تُضَعَّفُ عَلَى صَلاَتِهِ فِي بَيْتِهِ ، وَفِي سُوقِهِ ، خَمْسًا وَعِشْرِينَ ضِعْفًا ، وَذَلِكَ أَنَّهُ : إِذَا تَوَضَّأَ ، فَأَحْسَنَ الوُضُوءَ ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى المَسْجِدِ ، لاَ يُخْرِجُهُ إِلَّا الصَّلاَةُ ، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً ، إِلَّا رُفِعَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ ، وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ ، فَإِذَا صَلَّى ، لَمْ تَزَلِ المَلاَئِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ ، مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ ، وَلاَ يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلاَةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلاَةَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
629 حدثنا موسى بن إسماعيل ، قال : حدثنا عبد الواحد ، قال : حدثنا الأعمش ، قال : سمعت أبا صالح ، يقول : سمعت أبا هريرة ، يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صلاة الرجل في الجماعة تضعف على صلاته في بيته ، وفي سوقه ، خمسا وعشرين ضعفا ، وذلك أنه : إذا توضأ ، فأحسن الوضوء ، ثم خرج إلى المسجد ، لا يخرجه إلا الصلاة ، لم يخط خطوة ، إلا رفعت له بها درجة ، وحط عنه بها خطيئة ، فإذا صلى ، لم تزل الملائكة تصلي عليه ، ما دام في مصلاه : اللهم صل عليه ، اللهم ارحمه ، ولا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن أبي هُرَيْرَةَ ، يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : صَلاَةُ الرَّجُلِ فِي الجَمَاعَةِ تُضَعَّفُ عَلَى صَلاَتِهِ فِي بَيْتِهِ ، وَفِي سُوقِهِ ، خَمْسًا وَعِشْرِينَ ضِعْفًا ، وَذَلِكَ أَنَّهُ : إِذَا تَوَضَّأَ ، فَأَحْسَنَ الوُضُوءَ ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى المَسْجِدِ ، لاَ يُخْرِجُهُ إِلَّا الصَّلاَةُ ، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً ، إِلَّا رُفِعَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ ، وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ ، فَإِذَا صَلَّى ، لَمْ تَزَلِ المَلاَئِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ ، مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ ، وَلاَ يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلاَةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلاَةَ .

Narrated Abu Huraira:

Allah's Messenger (ﷺ) said, The reward of the prayer offered by a person in congregation is twenty five times greater than that of the prayer offered in one's house or in the market (alone). And this is because if he performs ablution and does it perfectly and then proceeds to the mosque with the sole intention of praying, then for every step he takes towards the mosque, he is upgraded one degree in reward and his one sin is taken off (crossed out) from his accounts (of deeds). When he offers his prayer, the angels keep on asking Allah's Blessings and Allah's forgiveness for him as long as he is (staying) at his Musalla. They say, 'O Allah! Bestow Your blessings upon him, be Merciful and kind to him.' And one is regarded in prayer as long as one is waiting for the prayer.

":"ہم سے موسیٰ بن اسماعیل نے بیان کیا ، انھوں نے کہا کہ ہم سے عبدالواحد نے بیان کیا ، انھوں نے کہا کہ ہم سے اعمش نے بیان کیا ، انھوں نے کہا کہ میں نے ابوصالح سے سنا ، انھوں نے کہا کہ میں نے حضرت ابوہریرہ رضی اللہ عنہ سے سنا کہنبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ آدمی کی جماعت کے ساتھ نماز گھر میں یا بازار میں پڑھنے سے پچیس درجہ زیادہ بہتر ہے ۔ وجہ یہ ہے کہ جب ایک شخص وضو کرتا ہے اور اس کے تمام آداب کو ملحوظ رکھ کر اچھی طرح وضو کرتا ہے پھر مسجد کا راستہ پکڑتا ہے اور سوا نماز کے اور کوئی دوسرا ارادہ اس کا نہیں ہوتا ، تو ہر قدم پر اس کا ایک درجہ بڑھتا ہے اور ایک گناہ معاف کیا جاتا ہے اور جب نماز سے فارغ ہو جاتا ہے تو فرشتے اس وقت تک اس کے لیے برابر دعائیں کرتے رہتے ہیں جب تک وہ اپنے مصلے پر بیٹھا رہے ۔ کہتے ہیں «اللهم صل عليه ،‏‏‏‏ اللهم ارحمه‏» اے اللہ ! اس پر اپنی رحمتیں نازل فرما ۔ اے اللہ ! اس پر رحم کر اور جب تک تم نماز کا انتظار کرتے رہو گویا تم نماز ہی میں مشغول ہو ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [647] .

     قَوْلُهُ  فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي الْجَمَاعَةِ فِي رِوَايَةِ الْحَمَوِيِّ وَالْكُشْمِيهَنِيِّ فِي جَمَاعَةٍ بِالتَّنْكِيرِ .

     قَوْلُهُ  خَمْسَةً وَعِشْرِينَ ضِعْفًا كَذَا فِي الرِّوَايَاتِ الَّتِي وَقَفْنَا عَلَيْهَا وَحَكَى الْكِرْمَانِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ فِيهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً بِتَأْوِيلِ الضِّعْفِ بِالدَّرَجَةِ أَوِ الصَّلَاةِ .

     قَوْلُهُ  فِي بَيْتِهِ وَفِي سُوقِهِ مُقْتَضَاهُ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ جَمَاعَةً تَزِيدُ عَلَى الصَّلَاةِ فِي الْبَيْتِ وَفِي السُّوقِ جَمَاعَةً وفرادى قَالَه بن دَقِيقِ الْعِيدِ قَالَ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِمُقَابِلِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ الصَّلَاةُ فِي غَيْرِهِ مُنْفَرِدًا لَكِنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فِي أَنَّ مَنْ لَمْ يَحْضُرِ الْجَمَاعَةَ فِي الْمَسْجِدِ صَلَّى مُنْفَرِدًا قَالَ وَبِهَذَا يَرْتَفِعُ الْإِشْكَالُ عَمَّنِ اسْتَشْكَلَ تَسْوِيَةَ الصَّلَاةِ فِي الْبَيْتِ وَالسُّوقِ انْتَهَى وَلَا يَلْزَمُ مِنْ حَمْلِ الْحَدِيثِ عَلَى ظَاهِرِهِ التَّسْوِيَةُ الْمَذْكُورَةُ إِذْ لَا يَلْزَمُ مِنِ اسْتِوَائِهِمَا فِي الْمَفْضُولِيَّةِ عَنِ الْمَسْجِدِ أَنْ لَا يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَفْضَلَ مِنَ الْآخَرِ وَكَذَا لَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ كَوْنَ الصَّلَاةِ جَمَاعَةً فِي الْبَيْتِ أَوِ السُّوقِ لَا فَضْلَ فِيهَا عَلَى الصَّلَاةِ مُنْفَرِدًا بَلِ الظَّاهِرُ أَنَّ التَّضْعِيفَ الْمَذْكُورَ مُخْتَصٌّ بِالْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَالصَّلَاةُ فِي الْبَيْتِ مُطْلَقًا أَوْلَى مِنْهَا فِي السُّوقِ لِمَا وَرَدَ مِنْ كَوْنِ الْأَسْوَاقِ مَوْضِعَ الشَّيَاطِينِ وَالصَّلَاةُ جَمَاعَةٌ فِي الْبَيْتِ وَفِي السُّوقِ أَوْلَى مِنَ الِانْفِرَادِ وَقَدْ جَاءَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ قَصْرُ التَّضْعِيفِ إِلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ عَلَى التَّجْمِيعِ وَفِي الْمَسْجِدِ الْعَامِّ مَعَ تَقْرِيرِ الْفَضْلِ فِي غَيْرِهِ وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ أَوْسٍ الْمَعَافِرِيِّ أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَرَأَيْتَ مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ صَلَّى فِي بَيْتِهِ قَالَ حَسَنٌ جَمِيلٌ قَالَ فَإِنْ صَلَّى فِي مَسْجِدِ عَشِيرَتِهِ قَالَ خَمْسَ عَشْرَةَ صَلَاةً قَالَ فَإِنْ مَشَى إِلَى مَسْجِدِ جَمَاعَةٍ فَصَلَّى فِيهِ قَالَ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ انْتَهَى وَأَخْرَجَ حُمَيْدُ بْنُ زَنْجَوَيْهِ فِي كِتَابِ التَّرْغِيبِ نَحْوَهُ مِنْ حَدِيثِ وَاثِلَةَ وَخُصَّ الْخَمْسُ وَالْعِشْرُونَ بِمَسْجِدِ الْقَبَائِلِ قَالَ وَصَلَاتُهُ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي يُجْمَعُ فِيهِ أَيِ الْجُمُعَةُ بِخَمْسِمِائَةٍ وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ .

     قَوْلُهُ  وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا تَوَضَّأَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْأُمُورَ الْمَذْكُورَةَ عِلَّةٌ لِلتَّضْعِيفِ الْمَذْكُورِ إِذِ التَّقْدِيرُ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ التَّضْعِيفُ الْمَذْكُورُ سَبَبُهُ كَيْتُ وَكَيْتُ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَمَا رُتِّبَ عَلَى مَوْضُوعَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ لَا يُوجَدُ بِوُجُودِ بَعْضِهَا إِلَّا إِذَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى إِلْغَاءِ مَا لَيْسَ مُعْتَبَرًا أَوْ لَيْسَ مَقْصُودًا لِذَاتِهِ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ الَّتِي فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَعْقُولَةُ الْمَعْنَى فَالْأَخْذُ بِهَامُتَوَجَّهٌ وَالرِّوَايَاتُ الْمُطْلَقَةُ لَا تُنَافِيهَا بَلْ يُحْمَلُ مُطْلَقُهَا عَلَى هَذِهِ الْمُقَيَّدَةِ وَالَّذِينَ قَالُوا بِوُجُوبِ الْجَمَاعَةِ عَلَى الْكِفَايَةِ ذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ إِلَى أَنَّ الْحَرَجَ لَا يَسْقُطُ بِإِقَامَةِ الْجَمَاعَةِ فِي الْبُيُوتِ وَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ فِي فَرْضِ الْعَيْنِ وَوَجَّهُوهُ بِأَنَّ أَصْلَ الْمَشْرُوعِيَّةِ إِنَّمَا كَانَ فِي جَمَاعَةِ الْمَسَاجِدِ وَهُوَ وَصْفٌ مُعْتَبَرٌ لَا يَنْبَغِي إِلْغَاؤُهُ فَيَخْتَصُّ بِهِ الْمَسْجِدُ وَيَلْحَقُ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ إِظْهَارُ الشِّعَارِ .

     قَوْلُهُ  لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا الصَّلَاةُ أَيْ قَصْدُ الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ وَاللَّامُ فِيهَا لِلْعَهْدِ لِمَا بَيَّنَّاهُ .

     قَوْلُهُ  لَمْ يَخْطُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ الطَّاءِ وَقَولُهُ خُطْوَةً ضَبَطْنَاهُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَيَجُوزُ الْفَتْحُ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْخُطْوَةُ بِالضَّمِّ مَا بَيْنَ الْقَدَمَيْنِ وَبِالْفَتْحِ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ وَجَزَمَ الْيَعْمُرِيُّ أَنَّهَا هُنَا بِالْفَتْحِ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ إِنَّهَا فِي رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ بِالضَّمِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  فَإِذَا صلى قَالَ بن أَبِي جَمْرَةَ أَيْ صَلَّى صَلَاةً تَامَّةً لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْمُسِيءِ صَلَاتَهُ ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ .

     قَوْلُهُ  فِي مُصَلَّاهُ أَيْ فِي الْمَكَانِ الَّذِي أَوْقَعَ فِيهِ الصَّلَاةَ مِنَ الْمَسْجِدِ وَكَأَنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ وَإِلَّا فَلَوْ قَامَ إِلَى بُقْعَةٍ أُخْرَى مِنَ الْمَسْجِدِ مُسْتَمِرًّا عَلَى نِيَّةِ انْتِظَارِ الصَّلَاةِ كَانَ كَذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ أَيْ قَائِلِينَ ذَلِكَ زَاد بن مَاجَهْ اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ وَفِي الطَّرِيقِ الْمَاضِيَةِ فِي بَابِ مَسْجِدِ السُّوقِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِهَا مِنَ الْأَعْمَالِ لِمَا ذُكِرَ مِنْ صَلَاةِ الْمَلَائِكَةِ عَلَيْهِ وَدُعَائِهِمْ لَهُ بِالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ وَالتَّوْبَةِ وَعَلَى تَفْضِيلِ صَالِحِي النَّاسِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ لِأَنَّهُمْ يَكُونُونَ فِي تَحْصِيلِ الدَّرَجَاتِ بِعِبَادَتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ مَشْغُولُونَ بِالِاسْتِغْفَارِ وَالدُّعَاءِ لَهُمْ وَاسْتُدِلَّ بِأَحَادِيثِ الْبَابِ عَلَى أَنَّ الْجَمَاعَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ قَوْلَهُ عَلَى صَلَاتِهِ وَحْدَهُ يَقْتَضِي صِحَّةَ صَلَاتِهِ مُنْفَرِدًا لِاقْتِضَاءِ صِيغَةِ أَفْعَلَ الِاشْتِرَاكَ فِي أَصْلِ التَّفَاضُلِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي وُجُودَ فَضِيلَةٍ فِي صَلَاةِ الْمُنْفَرِدِ وَمَا لَا يَصِحُّ لَا فَضِيلَةَ فِيهِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَا يُقَالُ إِنَّ لَفْظَةَ أَفْعَلَ قَدْ تَرِدُ لِإِثْبَاتِ صِفَةِ الْفَضْلِ فِي إِحْدَى الْجِهَتَيْنِ كَقَوْلِه تَعَالَى وَأحسن مَقِيلًا لِأَنَّا نَقُولُ إِنَّمَا يَقَعُ ذَلِكَ عَلَى قِلَّةٍ حَيْثُ تَرِدُ صِيغَةُ أَفْعَلَ مُطْلَقَةً غَيْرَ مُقَيَّدَةٍ بِعَدَدٍ مُعَيَّنٍ فَإِذَا قُلْنَا هَذَا الْعَدَدُ أَزْيَدَ مِنْ هَذَا بِكَذَا فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ أَصْلِ الْعَدَدِ وَلَا يُقَالُ يُحْمَلُ الْمُنْفَرِدُ عَلَى الْمَعْذُورِ لِأَنَّ قَوْلَهُ صَلَاةُ الْفَذِّ صِيغَةُ عُمُومٍ فَيَشْمَلُ مَنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا بِعُذْرٍ وَبِغَيْرِ عُذْرٍ فَحَمْلُهُ عَلَى الْمَعْذُورِ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ وَأَيْضًا فَفَضْلُ الْجَمَاعَةِ حَاصِلٌ لِلْمَعْذُورِ لِمَا سَيَأْتِي فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى مَرْفُوعًا إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مَا كَانَ يَعْمَلُ صَحِيحًا مُقِيمًا وَأَشَارَ بن عَبْدِ الْبَرِّ إِلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ حَمَلَهُ عَلَى صَلَاةِ النَّافِلَةِ ثُمَّ رَدَّهُ بِحَدِيثِ أَفْضَلُ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ وَاسْتَدَلَّ بِهَا عَلَى تَسَاوِي الْجَمَاعَاتِ فِي الْفَضْلِ سَوَاءٌ كَثُرَتِ الْجَمَاعَةُ أَمْ قَلَّتْ لِأَنَّ الْحَدِيثَ دَلَّ عَلَى فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى الْمُنْفَرِدِ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ فَيَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ جَمَاعَةٍ كَذَا قَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَقواهُ بِمَا روى بن أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ إِذَا صَلَّى الرَّجُلُ مَعَ الرَّجُلِ فَهُمَا جَمَاعَةٌ لَهُمُ التَّضْعِيفُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ انْتَهَى وَهُوَ مُسَلَّمٌ فِي أَصْلِ الْحُصُولِ لَكِنَّهُ لَا يَنْفِي مَزِيدَ الْفَضْلِ لِمَا كَانَ أَكْثَرَ لَا سِيَّمَا مَعَ وُجُودِ النَّصِّ الْمُصَرِّحِ بِهِ وَهُوَ مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ بن خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مَرْفُوعًا صَلَاةُ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ وَحْدَهُ وَصَلَاتُهُ مَعَ الرَّجُلَيْنِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ مَعَ الرَّجُلِ وَمَا كَثُرَ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ وَلَهُ شَاهِدٌ قَوِيٌّ فِي الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ قَبَاثِ بْنِ أَشْيَمَ وَهُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَبَعْدَ الْأَلِفِ مُثَلَّثَةٌ وَأَبُوهُ بِالْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ بِوَزْنِ أَحْمَرَ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ أَنَّ مَنْ قَالَ بِالتَّفَاوُتِ اسْتَحَبَّ إِعَادَةَ الْجَمَاعَةِ مُطْلَقًا لِتَحْصِيلِ الْأَكْثَرِيَّةِ وَلَمْ يَسْتَحِبَّ ذَلِكَ الْآخَرُونَ وَمِنْهُمْ مَنْ فَصَّلَ فَقَالَ تُعَادُ مَعَ الْأَعْلَمِ أَوِ الْأَوْرَعِ أَوْ فِي الْبُقْعَةِ الْفَاضِلَةِ وَوَافَقَ مَالِكٌ عَلَى الْأَخِيرِ لَكِنْ قَصَرَهُ عَلَى الْمَسَاجِدالثَّلَاثَةِ وَالْمَشْهُورُ عَنْهُ بِالْمَسْجِدَيْنِ الْمَكِّيِّ وَالْمَدَنِيِّ وَكَمَا أَنَّ الْجَمَاعَةَ تَتَفَاوَتُ فِي الْفَضْلِ بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا ذُكِرَ كَذَلِكَ يَفُوقُ بَعْضُهَا بَعْضًا وَلِذَلِكَ عَقَّبَ الْمُصَنِّفُ التَّرْجَمَةَ الْمُطْلَقَةَ فِي فَضْلِ الْجَمَاعَةِ بِالتَّرْجَمَةِ الْمُقَيَّدَةِ بِصَلَاةِ الْفَجْرِ وَاسْتَدَلَّ بِهَا عَلَى أَنَّ أَقَلَّ الْجَمَاعَةِ إِمَامٌ وَمَأْمُومٌ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي بَابٍ مُفْرَدٍ قَرِيبًا إِن شَاءَ الله تَعَالَى ( قَولُهُ بَابُ فَضْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ فِي جَمَاعَةٍ) هَذِهِ التَّرْجَمَةُ أَخَصُّ مِنَ الَّتِي قَبْلَهَا وَمُنَاسَبَةُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ لَهَا مِنْ قَوْلِهِ وَتَجْتَمِعُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى مَزِيَّةٍ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ عَلَى غَيرهَا وَزعم بن بَطَّالٍ أَنَّ فِي قَوْلِهِ وَتَجْتَمِعُ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الدَّرَجَتَيْنِ الزَّائِدَتَيْنِ عَلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ تُؤْخَذُ من ذَلِك وَلِهَذَا عقبه بِرِوَايَة بن عُمَرَ الَّتِي فِيهَا بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الِاجْتِمَاعِ الْمَذْكُورِ فِي بَابِ فَضْلِ صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنَ الْمَوَاقِيتِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [647] حَدَّثَنَا موسى بْن إسماعيل: نا عَبْد الواحد، قَالَ: ثنا الأعمش، قَالَ: سَمِعْت أبا صالح يَقُول: سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( صلاة الرَّجُلُ فِي الجماعة تضعيف عَلَى صلاته فِي بيته وفي سوقه خمسة وعشرين ضعفاً، وذلك أَنَّهُ إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثُمَّ خرج إلىالمسجد لا يخرجه إلا الصلاة، لَمْ يخط خطوة إلا رفعت لَهُ بِهَا درجة وحط عَنْهُ بِهَا خطيئة، فإذا صلى لَمْ تزل الملائكة تصلي عَلِيهِ مَا دام فِي مصلاة: اللهم صل عَلِيهِ، اللهم ارحمه، ولا يزال أحدكم فِي صلاةٍ مَا انتظر الصلاة) ) .
فِي حَدِيْث ابن عُمَر: أن صلاة الجماعة تفضل عَلَى صلاة الفذ بسبعٍ وعشرين درجةً، وفي حَدِيْث أَبِي سَعِيد: أنها عَلَيْهَا بخمس وعشرين.
وقد جمع بعض النَّاس بينهما، فَقَالَ: أريد فِي حَدِيْث ابن عُمَر ذكر صلاة الفذ وصلاة الجماعة، وما بَيْنَهُمَا من الفضل، وَهُوَ خمس وعشرون، فصار ذَلِكَ سبعاً وعشرين، وفي حَدِيْث أَبِي سَعِيد ذكر قدر الفضل بَيْنَهُمَا فَقَطْ، وَهُوَ خمس وعشرون.
وهذا بعيد، فإن حَدِيْث ابن عُمَر ذكر فِيهِ قدر التفاضل بَيْن الصلاتين - أيضاً -، كما ذكر فِي حَدِيْث أَبِي سَعِيد.
وقد خرجه مُسْلِم من رِوَايَة عُبَيْدِ الله بْن عُمَر، عَن نَافِع، عَن ابن عُمَر، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: ( ( صلاة الرَّجُلُ فِي الجماعة تزيد عَلَى صلاته وحده سبعاً وعشرين درجة) ) .
وأما حَدِيْث أَبِي هُرَيْرَةَ ففيه تضعّف صلاة الجماعة عَلَى الصلاة فِي البيت والسوق خمسة وعشرين ضعفاً، والمراد بِهِ - أيضاً -: قدر التفاضل بَيْنَهُمَا.
وسيأتي حَدِيْث أَبِي هُرَيْرَةَ بلفظ آخر، خرجه البخاري فِي الباب الَّذِي يأتي بعد هَذَا، وَهُوَ: ( ( تفضل صلاة الجميع صلاة أحدكم وحده بخمسة وعشرين جزءاً) ) .
والمراد بهذه الأجزاء والأضعاف والدرج معنى واحد - واللهُ أعلم -، وَهُوَ: أن صلاة الفذ لها ثواب مقدر معلوم عِنْدَ الله، تزيد صلاة الجماعة عَلَى ثواب صلاة الفذ خمسة وعشرين أو سبعة وعشرين.
وقد جَاءَ التصريح بهذا فِي حَدِيْث خرجه مُسْلِم من رِوَايَة سلمان الأغر، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( صلاة الجماعة تعدل خمساً وعشرين من صلاة الفذ) ) .
وخرج - أيضاً - من وجه آخر، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: ( ( صلاة مَعَ الإمام أفضل من خمس وعشرين صلاة يصليها وحده) ) .
وفي ( ( المسند) ) عَن ابن عُمَر - موفوعاً -: ( ( كلها مثل صلاته) ) .
وقد اختلف النَّاس فِي الجمع بَيْن حَدِيْث ابن عُمَر فِي ذكر السبع وعشرين وبين حَدِيْث أَبِي سَعِيد وأبي هُرَيْرَةَ فِي ذكر خمس وعشرين.
فَقَالَتْ طائفةٌ: ذكر النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي كل وقت مَا أعلمه الله وأوحاه إليهمن الفضل، فبلغه كما أوحي إليه، وكان قَدْ أوحى إِلَيْهِ أن صلاة الجماعة تفضل عَلَى صلاة الفذ بخمس وعشرين، والعدد لا مفهوم لَهُ عِنْدَ كثير من العلماء، ثُمَّ أوحى إِلَيْهِ زيادة عَلَى ذَلِكَ، كما أخبر: ( ( أن من مات لَهُ ثَلاَثَة من الولد لَمْ تمسه النار) ) .
ثُمَّ سئل عَن الاثنين، فَقَالَ: ( ( واثنان) ) ثُمَّ سئل عَن الواحد، فَقَالَ: ( ( والواحد) ) ، وكما أخبر ( ( أن صيام ثَلاَثَة أيام من كل شهر يعدل صيام الدهر) ) ، ثُمَّ أخبر عَبْد الله ابن عَمْرِو بْن العاص أَنَّهُ إن صام يوماً من الشهر أو يومين مِنْهُ فله أجر مَا بقي مِنْهُ، ونطق الكتاب بأن الحسنة بعشر أمثالها، ثُمَّ جاءت السنة بأن الحسنة تضاعف إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة، ودل القرآن عَلِيهِ - أيضاً.
وقالت طائفة: صلاة الجماعة يتفاوت ثوابها في نفسها، ثم اختلفوا: فمنهم من قالَ: يتفاوت ثوابها بإكمال الصلاة فِي نفسها، وإقامة حقوقها وخشوعها، ورجحه أبو موسى المديني.
ولكن صلاة الفذ يتفاوت ثوابها - أيضاً - على حسب ذَلِكَ.
ومنهم من قَالَ: يتفاوت ثوابها بذلك، وربما يقترن بصلاة الجماعة من المشي إلى المسجد وبعده وكثرة الجماعة فِيهِ، وكونه عتيقاً، وكون المشي عَلَى طهارةٍ، والتبكير إلى المساجد، والمسابقة إلى الصف الأول عَن يمين الإمام أو وراءه، وإدراك تكبيرة الإحرام مَعَ الإمام، والتأمين مَعَهُ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، وغير ذَلِكَ.
وهذا قَوْلِ أَبِي بَكْر الأثرموغيره، وَهُوَ الأظهر.
ويدل عَلِيهِ: أَنَّهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذكر فِي حَدِيْث أَبِي هُرَيْرَةَ تعليل المضاعفة، فَقَالَ: ( ( وذلك أَنَّهُ إذ توضأ فأحسن الوضوء، ثُمَّ خرج إلى المسجد، لا يخرجه إلا الصلاة، لَمْ يخط خطوةً إلا رفعت لَهُ بِهَا درجة، وحط عَنْهُ بِهَا خطيئة، فإذا صلى لَمْ تزَلَ الملائكة تصلي عَلِيهِ مَا دام فِي مصلاة: اللهم صل عَلِيهِ، اللهم ارحمه، ولا يزال أحدكم فِي صلاة مَا انتظر الصلاة) ) .
وعلى هَذَا؛ فَقَدْ تضاعف الصلاة فِي جماعة أكثر من ذَلِكَ.
إما بحسب شرف الزمان، كشهر رمضان وعشر ذي الحجة ويوم الجمعة.
وقد قَالَ ابن عُمَر: افضل الصلوات عِنْدَ الله صلاة الصبح يوم الجمعة.
وروي عَنْهُ مرفوعاً، والموقوف هُوَ الصحيح -: قاله الدارقطني.
وخرجه البزار بإسناد ضَعِيف، عَن أَبِي عبيدة بْن الجراح مرفوعاً، وزاد فِيهِ: ( ( ولا أحسب من شهدها منكم إلا مغفوراً لَهُ) ) .
أو شرف المكان، كالمسجد الحرام ومسجد المدينة والمسجد الأقصى، كما صح عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: ( ( صلاة فِي مسجدي هَذَا خير من ألف صلاة فيما سواه من المساجد، إلا المسجد الحرام) ) .
وخرج ابن ماجه من رِوَايَة أَبِي الخَطَّاب الدمشقي، عَن رزيق الألهاني، عَن أَنَس، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: ( ( صلاة الرَّجُلُ فِي بيته بصلاة، وصلاته فِي مسجد القبائل بخمس وعشرين صلاة، وصلاته فِي المسجد الَّذِي يجمع فِيهِ بخمسمائة صلاة، وصلاته فِي المسجد الأقصى بخمسين ألف صلاة، وصلاته فِي مسجدي بخمسين ألف صلاة، وصلاته فِي المسجد الحرام بمائة ألف صلاة) ) .
وقد سبق الكلام عَلَى إسناده فِي ( ( بَاب: الصلاة فِي مسجد السوق) ) .
والله أعلم.
وقد روي عَن ابن عَبَّاس من طريقين فيهما ضعف، أن مضاعفة الخمس وعشرين درجة لأقل الجماعة - وهي اثنان، وفي رِوَايَة عَنْهُ: ثَلاَثَة -، وما زاد عَلَى ذَلِكَ إلى عشرة آلاف كَانَ لكل واحد من الدرجات بعدد من صلى معهم.
وروي بإسناد فِيهِ نظر، عَن كعب، أَنَّهُ قَالَ لعمر بْن الخَطَّاب: إنه إذا صلى اثنان كَانَتْ صلاتهما بخمس وعشرين، وإذا كانوا ثلاثة فصلاتهم بخمسة وسبعين، وكانت ثلاثمائة، فإذا كانوا خمسة خمسة الثلاثمئة، فكانت ألفاً وخمسمائة، فإذا كانوا ستة سدست ألفاً وخمسمائة، فكانت تسعة آلاف، فإذا كانوا مائة فلو اجتمع الكتاب والحساب مَا أحصوا ماله من التضعيف.
ثُمَّ قَالَ لعمر: لَوْ لَمْ يكن مِمَّا أنزل الله عَلَى مُحَمَّد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - { لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3] ثَلاَثَة وثمانين سَنَة لكنت مصدقاً.
فَقَالَ عُمَر: صدقت.
خرجه أبو موسى المديني فِي ( ( كِتَاب الوظائف) ) بإسناده.
وخرج فِيهِ أحاديث أخر مرفوعة وموقوفة فِي هَذَا المعنى.
وروى - أيضاً - بإسناد جيد، عَن كعب، قَالَ: أجد فِي التوراة أن صلاة الجماعة تضاعف بعدد الرجال درجة، إن كانوا مائة فمائة، وإن كانوا ألفاً فألف درجة.
وخرج الطبراني وغيره من رِوَايَة عَبْد الرحمن بْن زياد، عَن قباث بْن أشيم، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: ( ( صلاة الرجلين يؤم أحدهما صاحبه أزكى عِنْدَ الله من صلاة أربعة تترى، وصلاة أربعة يؤمهم أحدهم أزكى عِنْدَ الله من صلاة ثمانية تترى، وصلاة ثمانية يؤم أحدهم أزكى عِنْدَ الله من صلاة مائة تترى) ) .
وخرجه البزار - أيضاً - بمعناه.
وفي حَدِيْث أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي خرجه البخاري: ( ( صلاة الرَّجُلِ فِي الجماعة تضعيف) ) ، وَهُوَ يدل عَلَى أن صلاة المرأة لا تضعف فِي الجماعة؛ فإن صلاتها فِي بيتها خير لها وأفضل.
وروى بقية، عَن أَبِي عَبْد السلام، عَن نَافِع، عَن ابن عُمَر - مرفوعاً -: ( ( صلاة المرأة وحدها تفضل عَلَى صلاتها فِي الجمع خمساً وعشرين درجة) ) .
خرجه أبو نعيم فِي ( ( تاريخ أصبهان) ) .
وَهُوَ غريب جداً، وروايات بقية عَن مشايخه المجهولين لا يعبأ بِهَا.
وقد احتج كثير من الفقهاء بأن صلاة الجماعة غير واجبة بهذه الأحاديث الَّتِيْ فيها ذكر تفضيل صلاة الجماعة عَلَى صلاة الفذ، وقالوا: هِيَ تدل عَلَى أن صلاة الفذ صحيحة مثاب عَلَيْهَا.
قالوا: وليس المراد بذلك صلاة الفذ إذا كَانَ لَهُ عذر فِي ترك الجماعة؛ لأن المعذور يكتب لَهُ ثواب عمله كله، فعلم أن المراد بِهِ غير المعذور.
وهذا استدلال لا يصح، وإنما استطالوا بِهِ عَلَى داود وأصحابه القائلين بأن صلاة الفذ لغير عذر باطلة، فأما من قَالَ: إنها صحيحه، وأنه آثم بترك حضور الجماعة، فإنه لا يبطل قوله بهذا، بل هُوَ قائل بالأحاديث كلها، جامع بينها، غير راد لشيء مِنْهَا.
ثُمَّ قولهم: الحَدِيْث محمول عَلَى غير المعذور، قَدْ يمنع.
وقولهم: إن المعذور يكتب لَهُ مَا كَانَ يعمل.
جوابه: أن كتابة مَا كَانَ يعمل لسبب آخر، وَهُوَ عمله المتقدم الَّذِي قطعه عَنْهُ عذره، فأما صلاة الفذ فِي نفسها فلا يزيد تضعيفها عَلَى ضعف واحد من صلاة الجماعة، سواء كَانَ معذوراً أو غير معذور، ولهذا لَوْ كَانَ المصلي فذاً لَهُ عذر، ولم يكن لَهُ عادة بالصلاة فِي حال عدم العذرجماعة، لَمْ يكتب لَهُ سوى صلاةٍ واحدةٍ.
فإن قيل: يلزم من القول بوجوب الجماعة أن تكون شرطاً للصلاة، وأنْ لا تصح بدونها، كما قلتم فِي واجبات الصلاة كالتسبيح فِي الركوع والسجود، وأنه تبطل بتركه عمداً؛ لكونه واجباً، ولأن القاعدة: أن ارتكاب النهي فِي العبادة إذا كَانَ لمعنى مختص بِهَا أَنَّهُ يبطلها، مثل الإخلال بالطهارة والاستقبال، فكذلك الجماعة.
قيل: قَدْ اعترف طائفة من أصحابنا بأن القياس يقتضي كون الجماعة شرطاً، لما ذكر، لكن الإمام أحمد أخذ بالنصوص كلها، وهي دالة عَلَى وجوب الجمع، وعلى أنها ليست شرطاً، فعلم بذلك أَنَّهُ لا يرى أن كل ارتكاب نهي فِي العبادة يكون مبطلاً لها، وسواء كَانَ لمعنى مختص بِهَا كالجماعة، أو لمعنى غير مختص.
ولهذا؛ تبطل الصلاة بكشف العورة، وَهُوَ لمعنى غير مختص بالصلاة، وفي بطلانها فِي المكان المغضوب والثوب المغضوب والحرير عَنْهُ روايتان، وقد يجب فِي العبادات مَا لا تبطل بتركه، كواجبات الحج.
وما دلت عَلِيهِ الأحاديث من القول بوجوب الجماعة فِي الصلوات المكتوبات، وأنها تصحّ بدونها دليل واضح عَلَى بطلان قَوْلِ عَن قَالَ: إن النهي يقتضي الفساد بكل حال، أو أن ذَلِكَ يختص بالعبادات، أو أَنَّهُ يختص بما إذا كَانَ النهي لمعنى يختص بالعبادة؛ فإن هَذَا كله غير مطرد.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
31 - بَابُ فَضْلِ صَلاةِ الفَجْرِ فِي جَمَاعَةِ فِيهِ ثَلاَثَة أحاديث: الأول:

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [ قــ :629 ... غــ :647] .

     قَوْلُهُ  فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي الْجَمَاعَةِ فِي رِوَايَةِ الْحَمَوِيِّ وَالْكُشْمِيهَنِيِّ فِي جَمَاعَةٍ بِالتَّنْكِيرِ .

     قَوْلُهُ  خَمْسَةً وَعِشْرِينَ ضِعْفًا كَذَا فِي الرِّوَايَاتِ الَّتِي وَقَفْنَا عَلَيْهَا وَحَكَى الْكِرْمَانِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ فِيهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً بِتَأْوِيلِ الضِّعْفِ بِالدَّرَجَةِ أَوِ الصَّلَاةِ .

     قَوْلُهُ  فِي بَيْتِهِ وَفِي سُوقِهِ مُقْتَضَاهُ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ جَمَاعَةً تَزِيدُ عَلَى الصَّلَاةِ فِي الْبَيْتِ وَفِي السُّوقِ جَمَاعَةً وفرادى قَالَه بن دَقِيقِ الْعِيدِ قَالَ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِمُقَابِلِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ الصَّلَاةُ فِي غَيْرِهِ مُنْفَرِدًا لَكِنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فِي أَنَّ مَنْ لَمْ يَحْضُرِ الْجَمَاعَةَ فِي الْمَسْجِدِ صَلَّى مُنْفَرِدًا قَالَ وَبِهَذَا يَرْتَفِعُ الْإِشْكَالُ عَمَّنِ اسْتَشْكَلَ تَسْوِيَةَ الصَّلَاةِ فِي الْبَيْتِ وَالسُّوقِ انْتَهَى وَلَا يَلْزَمُ مِنْ حَمْلِ الْحَدِيثِ عَلَى ظَاهِرِهِ التَّسْوِيَةُ الْمَذْكُورَةُ إِذْ لَا يَلْزَمُ مِنِ اسْتِوَائِهِمَا فِي الْمَفْضُولِيَّةِ عَنِ الْمَسْجِدِ أَنْ لَا يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَفْضَلَ مِنَ الْآخَرِ وَكَذَا لَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ كَوْنَ الصَّلَاةِ جَمَاعَةً فِي الْبَيْتِ أَوِ السُّوقِ لَا فَضْلَ فِيهَا عَلَى الصَّلَاةِ مُنْفَرِدًا بَلِ الظَّاهِرُ أَنَّ التَّضْعِيفَ الْمَذْكُورَ مُخْتَصٌّ بِالْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَالصَّلَاةُ فِي الْبَيْتِ مُطْلَقًا أَوْلَى مِنْهَا فِي السُّوقِ لِمَا وَرَدَ مِنْ كَوْنِ الْأَسْوَاقِ مَوْضِعَ الشَّيَاطِينِ وَالصَّلَاةُ جَمَاعَةٌ فِي الْبَيْتِ وَفِي السُّوقِ أَوْلَى مِنَ الِانْفِرَادِ وَقَدْ جَاءَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ قَصْرُ التَّضْعِيفِ إِلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ عَلَى التَّجْمِيعِ وَفِي الْمَسْجِدِ الْعَامِّ مَعَ تَقْرِيرِ الْفَضْلِ فِي غَيْرِهِ وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ أَوْسٍ الْمَعَافِرِيِّ أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَرَأَيْتَ مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ صَلَّى فِي بَيْتِهِ قَالَ حَسَنٌ جَمِيلٌ قَالَ فَإِنْ صَلَّى فِي مَسْجِدِ عَشِيرَتِهِ قَالَ خَمْسَ عَشْرَةَ صَلَاةً قَالَ فَإِنْ مَشَى إِلَى مَسْجِدِ جَمَاعَةٍ فَصَلَّى فِيهِ قَالَ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ انْتَهَى وَأَخْرَجَ حُمَيْدُ بْنُ زَنْجَوَيْهِ فِي كِتَابِ التَّرْغِيبِ نَحْوَهُ مِنْ حَدِيثِ وَاثِلَةَ وَخُصَّ الْخَمْسُ وَالْعِشْرُونَ بِمَسْجِدِ الْقَبَائِلِ قَالَ وَصَلَاتُهُ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي يُجْمَعُ فِيهِ أَيِ الْجُمُعَةُ بِخَمْسِمِائَةٍ وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ .

     قَوْلُهُ  وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا تَوَضَّأَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْأُمُورَ الْمَذْكُورَةَ عِلَّةٌ لِلتَّضْعِيفِ الْمَذْكُورِ إِذِ التَّقْدِيرُ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ التَّضْعِيفُ الْمَذْكُورُ سَبَبُهُ كَيْتُ وَكَيْتُ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَمَا رُتِّبَ عَلَى مَوْضُوعَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ لَا يُوجَدُ بِوُجُودِ بَعْضِهَا إِلَّا إِذَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى إِلْغَاءِ مَا لَيْسَ مُعْتَبَرًا أَوْ لَيْسَ مَقْصُودًا لِذَاتِهِ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ الَّتِي فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَعْقُولَةُ الْمَعْنَى فَالْأَخْذُ بِهَا مُتَوَجَّهٌ وَالرِّوَايَاتُ الْمُطْلَقَةُ لَا تُنَافِيهَا بَلْ يُحْمَلُ مُطْلَقُهَا عَلَى هَذِهِ الْمُقَيَّدَةِ وَالَّذِينَ قَالُوا بِوُجُوبِ الْجَمَاعَةِ عَلَى الْكِفَايَةِ ذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ إِلَى أَنَّ الْحَرَجَ لَا يَسْقُطُ بِإِقَامَةِ الْجَمَاعَةِ فِي الْبُيُوتِ وَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ فِي فَرْضِ الْعَيْنِ وَوَجَّهُوهُ بِأَنَّ أَصْلَ الْمَشْرُوعِيَّةِ إِنَّمَا كَانَ فِي جَمَاعَةِ الْمَسَاجِدِ وَهُوَ وَصْفٌ مُعْتَبَرٌ لَا يَنْبَغِي إِلْغَاؤُهُ فَيَخْتَصُّ بِهِ الْمَسْجِدُ وَيَلْحَقُ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ إِظْهَارُ الشِّعَارِ .

     قَوْلُهُ  لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا الصَّلَاةُ أَيْ قَصْدُ الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ وَاللَّامُ فِيهَا لِلْعَهْدِ لِمَا بَيَّنَّاهُ .

     قَوْلُهُ  لَمْ يَخْطُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ الطَّاءِ وَقَولُهُ خُطْوَةً ضَبَطْنَاهُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَيَجُوزُ الْفَتْحُ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْخُطْوَةُ بِالضَّمِّ مَا بَيْنَ الْقَدَمَيْنِ وَبِالْفَتْحِ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ وَجَزَمَ الْيَعْمُرِيُّ أَنَّهَا هُنَا بِالْفَتْحِ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ إِنَّهَا فِي رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ بِالضَّمِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  فَإِذَا صلى قَالَ بن أَبِي جَمْرَةَ أَيْ صَلَّى صَلَاةً تَامَّةً لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْمُسِيءِ صَلَاتَهُ ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ .

     قَوْلُهُ  فِي مُصَلَّاهُ أَيْ فِي الْمَكَانِ الَّذِي أَوْقَعَ فِيهِ الصَّلَاةَ مِنَ الْمَسْجِدِ وَكَأَنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ وَإِلَّا فَلَوْ قَامَ إِلَى بُقْعَةٍ أُخْرَى مِنَ الْمَسْجِدِ مُسْتَمِرًّا عَلَى نِيَّةِ انْتِظَارِ الصَّلَاةِ كَانَ كَذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ أَيْ قَائِلِينَ ذَلِكَ زَاد بن مَاجَهْ اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ وَفِي الطَّرِيقِ الْمَاضِيَةِ فِي بَابِ مَسْجِدِ السُّوقِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِهَا مِنَ الْأَعْمَالِ لِمَا ذُكِرَ مِنْ صَلَاةِ الْمَلَائِكَةِ عَلَيْهِ وَدُعَائِهِمْ لَهُ بِالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ وَالتَّوْبَةِ وَعَلَى تَفْضِيلِ صَالِحِي النَّاسِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ لِأَنَّهُمْ يَكُونُونَ فِي تَحْصِيلِ الدَّرَجَاتِ بِعِبَادَتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ مَشْغُولُونَ بِالِاسْتِغْفَارِ وَالدُّعَاءِ لَهُمْ وَاسْتُدِلَّ بِأَحَادِيثِ الْبَابِ عَلَى أَنَّ الْجَمَاعَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ قَوْلَهُ عَلَى صَلَاتِهِ وَحْدَهُ يَقْتَضِي صِحَّةَ صَلَاتِهِ مُنْفَرِدًا لِاقْتِضَاءِ صِيغَةِ أَفْعَلَ الِاشْتِرَاكَ فِي أَصْلِ التَّفَاضُلِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي وُجُودَ فَضِيلَةٍ فِي صَلَاةِ الْمُنْفَرِدِ وَمَا لَا يَصِحُّ لَا فَضِيلَةَ فِيهِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَا يُقَالُ إِنَّ لَفْظَةَ أَفْعَلَ قَدْ تَرِدُ لِإِثْبَاتِ صِفَةِ الْفَضْلِ فِي إِحْدَى الْجِهَتَيْنِ كَقَوْلِه تَعَالَى وَأحسن مَقِيلًا لِأَنَّا نَقُولُ إِنَّمَا يَقَعُ ذَلِكَ عَلَى قِلَّةٍ حَيْثُ تَرِدُ صِيغَةُ أَفْعَلَ مُطْلَقَةً غَيْرَ مُقَيَّدَةٍ بِعَدَدٍ مُعَيَّنٍ فَإِذَا قُلْنَا هَذَا الْعَدَدُ أَزْيَدَ مِنْ هَذَا بِكَذَا فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ أَصْلِ الْعَدَدِ وَلَا يُقَالُ يُحْمَلُ الْمُنْفَرِدُ عَلَى الْمَعْذُورِ لِأَنَّ قَوْلَهُ صَلَاةُ الْفَذِّ صِيغَةُ عُمُومٍ فَيَشْمَلُ مَنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا بِعُذْرٍ وَبِغَيْرِ عُذْرٍ فَحَمْلُهُ عَلَى الْمَعْذُورِ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ وَأَيْضًا فَفَضْلُ الْجَمَاعَةِ حَاصِلٌ لِلْمَعْذُورِ لِمَا سَيَأْتِي فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى مَرْفُوعًا إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مَا كَانَ يَعْمَلُ صَحِيحًا مُقِيمًا وَأَشَارَ بن عَبْدِ الْبَرِّ إِلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ حَمَلَهُ عَلَى صَلَاةِ النَّافِلَةِ ثُمَّ رَدَّهُ بِحَدِيثِ أَفْضَلُ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ وَاسْتَدَلَّ بِهَا عَلَى تَسَاوِي الْجَمَاعَاتِ فِي الْفَضْلِ سَوَاءٌ كَثُرَتِ الْجَمَاعَةُ أَمْ قَلَّتْ لِأَنَّ الْحَدِيثَ دَلَّ عَلَى فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى الْمُنْفَرِدِ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ فَيَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ جَمَاعَةٍ كَذَا قَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَقواهُ بِمَا روى بن أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ إِذَا صَلَّى الرَّجُلُ مَعَ الرَّجُلِ فَهُمَا جَمَاعَةٌ لَهُمُ التَّضْعِيفُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ انْتَهَى وَهُوَ مُسَلَّمٌ فِي أَصْلِ الْحُصُولِ لَكِنَّهُ لَا يَنْفِي مَزِيدَ الْفَضْلِ لِمَا كَانَ أَكْثَرَ لَا سِيَّمَا مَعَ وُجُودِ النَّصِّ الْمُصَرِّحِ بِهِ وَهُوَ مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ بن خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مَرْفُوعًا صَلَاةُ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ وَحْدَهُ وَصَلَاتُهُ مَعَ الرَّجُلَيْنِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ مَعَ الرَّجُلِ وَمَا كَثُرَ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ وَلَهُ شَاهِدٌ قَوِيٌّ فِي الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ قَبَاثِ بْنِ أَشْيَمَ وَهُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَبَعْدَ الْأَلِفِ مُثَلَّثَةٌ وَأَبُوهُ بِالْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ بِوَزْنِ أَحْمَرَ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ أَنَّ مَنْ قَالَ بِالتَّفَاوُتِ اسْتَحَبَّ إِعَادَةَ الْجَمَاعَةِ مُطْلَقًا لِتَحْصِيلِ الْأَكْثَرِيَّةِ وَلَمْ يَسْتَحِبَّ ذَلِكَ الْآخَرُونَ وَمِنْهُمْ مَنْ فَصَّلَ فَقَالَ تُعَادُ مَعَ الْأَعْلَمِ أَوِ الْأَوْرَعِ أَوْ فِي الْبُقْعَةِ الْفَاضِلَةِ وَوَافَقَ مَالِكٌ عَلَى الْأَخِيرِ لَكِنْ قَصَرَهُ عَلَى الْمَسَاجِد الثَّلَاثَةِ وَالْمَشْهُورُ عَنْهُ بِالْمَسْجِدَيْنِ الْمَكِّيِّ وَالْمَدَنِيِّ وَكَمَا أَنَّ الْجَمَاعَةَ تَتَفَاوَتُ فِي الْفَضْلِ بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا ذُكِرَ كَذَلِكَ يَفُوقُ بَعْضُهَا بَعْضًا وَلِذَلِكَ عَقَّبَ الْمُصَنِّفُ التَّرْجَمَةَ الْمُطْلَقَةَ فِي فَضْلِ الْجَمَاعَةِ بِالتَّرْجَمَةِ الْمُقَيَّدَةِ بِصَلَاةِ الْفَجْرِ وَاسْتَدَلَّ بِهَا عَلَى أَنَّ أَقَلَّ الْجَمَاعَةِ إِمَامٌ وَمَأْمُومٌ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي بَابٍ مُفْرَدٍ قَرِيبًا إِن شَاءَ الله تَعَالَى

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :629 ... غــ :647 ]
- حَدَّثَنَا موسى بْن إسماعيل: نا عَبْد الواحد، قَالَ: ثنا الأعمش، قَالَ: سَمِعْت أبا صالح يَقُول: سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( صلاة الرَّجُلُ فِي الجماعة تضعيف عَلَى صلاته فِي بيته وفي سوقه خمسة وعشرين ضعفاً، وذلك أَنَّهُ إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثُمَّ خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة، لَمْ يخط خطوة إلا رفعت لَهُ بِهَا درجة وحط عَنْهُ بِهَا خطيئة، فإذا صلى لَمْ تزل الملائكة تصلي عَلِيهِ مَا دام فِي مصلاة: اللهم صل عَلِيهِ، اللهم ارحمه، ولا يزال أحدكم فِي صلاةٍ مَا انتظر الصلاة) ) .

فِي حَدِيْث ابن عُمَر: أن صلاة الجماعة تفضل عَلَى صلاة الفذ بسبعٍ وعشرين درجةً، وفي حَدِيْث أَبِي سَعِيد: أنها عَلَيْهَا بخمس وعشرين.

وقد جمع بعض النَّاس بينهما، فَقَالَ: أريد فِي حَدِيْث ابن عُمَر ذكر صلاة الفذ وصلاة الجماعة، وما بَيْنَهُمَا من الفضل، وَهُوَ خمس وعشرون، فصار ذَلِكَ سبعاً وعشرين، وفي حَدِيْث أَبِي سَعِيد ذكر قدر الفضل بَيْنَهُمَا فَقَطْ، وَهُوَ خمس وعشرون.

وهذا بعيد، فإن حَدِيْث ابن عُمَر ذكر فِيهِ قدر التفاضل بَيْن الصلاتين - أيضاً -، كما ذكر فِي حَدِيْث أَبِي سَعِيد.

وقد خرجه مُسْلِم من رِوَايَة عُبَيْدِ الله بْن عُمَر، عَن نَافِع، عَن ابن عُمَر، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: ( ( صلاة الرَّجُلُ فِي الجماعة تزيد عَلَى صلاته وحده سبعاً وعشرين درجة) ) .
وأما حَدِيْث أَبِي هُرَيْرَةَ ففيه تضعّف صلاة الجماعة عَلَى الصلاة فِي البيت والسوق خمسة وعشرين ضعفاً، والمراد بِهِ - أيضاً -: قدر التفاضل بَيْنَهُمَا.

وسيأتي حَدِيْث أَبِي هُرَيْرَةَ بلفظ آخر، خرجه البخاري فِي الباب الَّذِي يأتي بعد هَذَا، وَهُوَ: ( ( تفضل صلاة الجميع صلاة أحدكم وحده بخمسة وعشرين جزءاً) ) .

والمراد بهذه الأجزاء والأضعاف والدرج معنى واحد - واللهُ أعلم -، وَهُوَ: أن صلاة الفذ لها ثواب مقدر معلوم عِنْدَ الله، تزيد صلاة الجماعة عَلَى ثواب صلاة الفذ خمسة وعشرين أو سبعة وعشرين.

وقد جَاءَ التصريح بهذا فِي حَدِيْث خرجه مُسْلِم من رِوَايَة سلمان الأغر، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( صلاة الجماعة تعدل خمساً وعشرين من صلاة الفذ) ) .

وخرج - أيضاً - من وجه آخر، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ:
( ( صلاة مَعَ الإمام أفضل من خمس وعشرين صلاة يصليها وحده) ) .

وفي ( ( المسند) ) عَن ابن عُمَر - موفوعاً -: ( ( كلها مثل صلاته) ) .

وقد اختلف النَّاس فِي الجمع بَيْن حَدِيْث ابن عُمَر فِي ذكر السبع وعشرين وبين حَدِيْث أَبِي سَعِيد وأبي هُرَيْرَةَ فِي ذكر خمس وعشرين.

فَقَالَتْ طائفةٌ: ذكر النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي كل وقت مَا أعلمه الله وأوحاه إليه من الفضل، فبلغه كما أوحي إليه، وكان قَدْ أوحى إِلَيْهِ أن صلاة الجماعة تفضل عَلَى صلاة الفذ بخمس وعشرين، والعدد لا مفهوم لَهُ عِنْدَ كثير من العلماء، ثُمَّ أوحى إِلَيْهِ زيادة عَلَى ذَلِكَ، كما أخبر: ( ( أن من مات لَهُ ثَلاَثَة من الولد لَمْ تمسه النار) ) .
ثُمَّ سئل عَن الاثنين، فَقَالَ: ( ( واثنان) ) ثُمَّ سئل عَن الواحد، فَقَالَ: ( ( والواحد) ) ، وكما أخبر ( ( أن صيام ثَلاَثَة أيام من كل شهر يعدل صيام الدهر) ) ، ثُمَّ أخبر عَبْد الله ابن عَمْرِو بْن العاص أَنَّهُ إن صام يوماً من الشهر أو يومين مِنْهُ فله أجر مَا بقي مِنْهُ، ونطق الكتاب بأن الحسنة بعشر أمثالها، ثُمَّ جاءت السنة بأن الحسنة تضاعف إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة، ودل القرآن عَلِيهِ - أيضاً.

وقالت طائفة: صلاة الجماعة يتفاوت ثوابها في نفسها، ثم اختلفوا: فمنهم من قالَ: يتفاوت ثوابها بإكمال الصلاة فِي نفسها، وإقامة حقوقها وخشوعها، ورجحه أبو موسى المديني.

ولكن صلاة الفذ يتفاوت ثوابها - أيضاً - على حسب ذَلِكَ.

ومنهم من قَالَ: يتفاوت ثوابها بذلك، وربما يقترن بصلاة الجماعة من المشي إلى المسجد وبعده وكثرة الجماعة فِيهِ، وكونه عتيقاً، وكون المشي عَلَى طهارةٍ، والتبكير إلى المساجد، والمسابقة إلى الصف الأول عَن يمين الإمام أو وراءه، وإدراك تكبيرة الإحرام مَعَ الإمام، والتأمين مَعَهُ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، وغير ذَلِكَ.

وهذا قَوْلِ أَبِي بَكْر الأثرم وغيره، وَهُوَ الأظهر.

ويدل عَلِيهِ: أَنَّهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذكر فِي حَدِيْث أَبِي هُرَيْرَةَ تعليل المضاعفة، فَقَالَ:
( ( وذلك أَنَّهُ إذ توضأ فأحسن الوضوء، ثُمَّ خرج إلى المسجد، لا يخرجه إلا الصلاة، لَمْ يخط خطوةً إلا رفعت لَهُ بِهَا درجة، وحط عَنْهُ بِهَا خطيئة، فإذا صلى لَمْ تزَلَ الملائكة تصلي عَلِيهِ مَا دام فِي مصلاة: اللهم صل عَلِيهِ، اللهم ارحمه، ولا يزال أحدكم فِي صلاة مَا انتظر الصلاة) ) .

وعلى هَذَا؛ فَقَدْ تضاعف الصلاة فِي جماعة أكثر من ذَلِكَ.

إما بحسب شرف الزمان، كشهر رمضان وعشر ذي الحجة ويوم الجمعة.

وقد قَالَ ابن عُمَر: افضل الصلوات عِنْدَ الله صلاة الصبح يوم الجمعة.

وروي عَنْهُ مرفوعاً، والموقوف هُوَ الصحيح -: قاله الدارقطني.

وخرجه البزار بإسناد ضَعِيف، عَن أَبِي عبيدة بْن الجراح مرفوعاً، وزاد فِيهِ:
( ( ولا أحسب من شهدها منكم إلا مغفوراً لَهُ) ) .

أو شرف المكان، كالمسجد الحرام ومسجد المدينة والمسجد الأقصى، كما صح عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: ( ( صلاة فِي مسجدي هَذَا خير من ألف صلاة فيما سواه من المساجد، إلا المسجد الحرام) ) .
وخرج ابن ماجه من رِوَايَة أَبِي الخَطَّاب الدمشقي، عَن رزيق الألهاني، عَن أَنَس، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: ( ( صلاة الرَّجُلُ فِي بيته بصلاة، وصلاته فِي مسجد القبائل بخمس وعشرين صلاة، وصلاته فِي المسجد الَّذِي يجمع فِيهِ بخمسمائة صلاة، وصلاته فِي المسجد الأقصى بخمسين ألف صلاة، وصلاته فِي مسجدي بخمسين ألف صلاة، وصلاته فِي المسجد الحرام بمائة ألف صلاة) ) .

وقد سبق الكلام عَلَى إسناده فِي ( ( بَاب: الصلاة فِي مسجد السوق) ) .
والله أعلم.

وقد روي عَن ابن عَبَّاس من طريقين فيهما ضعف، أن مضاعفة الخمس وعشرين درجة لأقل الجماعة - وهي اثنان، وفي رِوَايَة عَنْهُ: ثَلاَثَة -، وما زاد عَلَى ذَلِكَ إلى عشرة آلاف كَانَ لكل واحد من الدرجات بعدد من صلى معهم.

وروي بإسناد فِيهِ نظر، عَن كعب، أَنَّهُ قَالَ لعمر بْن الخَطَّاب: إنه إذا صلى اثنان كَانَتْ صلاتهما بخمس وعشرين، وإذا كانوا ثلاثة فصلاتهم بخمسة وسبعين، وكانت ثلاثمائة، فإذا كانوا خمسة خمسة الثلاثمئة، فكانت ألفاً وخمسمائة، فإذا كانوا ستة سدست ألفاً وخمسمائة، فكانت تسعة آلاف، فإذا كانوا مائة فلو اجتمع الكتاب والحساب مَا أحصوا ماله من التضعيف.
ثُمَّ قَالَ لعمر: لَوْ لَمْ يكن مِمَّا أنزل الله عَلَى مُحَمَّد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - { لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3] ثَلاَثَة وثمانين سَنَة لكنت مصدقاً.
فَقَالَ عُمَر: صدقت.

خرجه أبو موسى المديني فِي ( ( كِتَاب الوظائف) ) بإسناده.

وخرج فِيهِ أحاديث أخر مرفوعة وموقوفة فِي هَذَا المعنى.

وروى - أيضاً - بإسناد جيد، عَن كعب، قَالَ: أجد فِي التوراة أن صلاة الجماعة تضاعف بعدد الرجال درجة، إن كانوا مائة فمائة، وإن كانوا ألفاً فألف درجة.

وخرج الطبراني وغيره من رِوَايَة عَبْد الرحمن بْن زياد، عَن قباث بْن أشيم، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: ( ( صلاة الرجلين يؤم أحدهما صاحبه أزكى عِنْدَ الله من صلاة أربعة تترى، وصلاة أربعة يؤمهم أحدهم أزكى عِنْدَ الله من صلاة ثمانية تترى، وصلاة ثمانية يؤم أحدهم أزكى عِنْدَ الله من صلاة مائة تترى) ) .

وخرجه البزار - أيضاً - بمعناه.

وفي حَدِيْث أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي خرجه البخاري: ( ( صلاة الرَّجُلِ فِي الجماعة تضعيف) ) ، وَهُوَ يدل عَلَى أن صلاة المرأة لا تضعف فِي الجماعة؛ فإن صلاتها فِي بيتها خير لها وأفضل.
وروى بقية، عَن أَبِي عَبْد السلام، عَن نَافِع، عَن ابن عُمَر - مرفوعاً -:
( ( صلاة المرأة وحدها تفضل عَلَى صلاتها فِي الجمع خمساً وعشرين درجة) ) .

خرجه أبو نعيم فِي ( ( تاريخ أصبهان) ) .

وَهُوَ غريب جداً، وروايات بقية عَن مشايخه المجهولين لا يعبأ بِهَا.

وقد احتج كثير من الفقهاء بأن صلاة الجماعة غير واجبة بهذه الأحاديث الَّتِيْ فيها ذكر تفضيل صلاة الجماعة عَلَى صلاة الفذ، وقالوا: هِيَ تدل عَلَى أن صلاة الفذ صحيحة مثاب عَلَيْهَا.
قالوا: وليس المراد بذلك صلاة الفذ إذا كَانَ لَهُ عذر فِي ترك الجماعة؛ لأن المعذور يكتب لَهُ ثواب عمله كله، فعلم أن المراد بِهِ غير المعذور.

وهذا استدلال لا يصح، وإنما استطالوا بِهِ عَلَى داود وأصحابه القائلين بأن صلاة الفذ لغير عذر باطلة، فأما من قَالَ: إنها صحيحه، وأنه آثم بترك حضور الجماعة، فإنه لا يبطل قوله بهذا، بل هُوَ قائل بالأحاديث كلها، جامع بينها، غير راد لشيء مِنْهَا.

ثُمَّ قولهم: الحَدِيْث محمول عَلَى غير المعذور، قَدْ يمنع.

وقولهم: إن المعذور يكتب لَهُ مَا كَانَ يعمل.

جوابه: أن كتابة مَا كَانَ يعمل لسبب آخر، وَهُوَ عمله المتقدم الَّذِي قطعه عَنْهُ عذره، فأما صلاة الفذ فِي نفسها فلا يزيد تضعيفها عَلَى ضعف واحد من صلاة الجماعة، سواء كَانَ معذوراً أو غير معذور، ولهذا لَوْ كَانَ المصلي فذاً لَهُ عذر، ولم يكن لَهُ عادة بالصلاة فِي حال عدم العذر جماعة، لَمْ يكتب لَهُ سوى صلاةٍ واحدةٍ.

فإن قيل: يلزم من القول بوجوب الجماعة أن تكون شرطاً للصلاة، وأنْ لا تصح بدونها، كما قلتم فِي واجبات الصلاة كالتسبيح فِي الركوع والسجود، وأنه تبطل بتركه عمداً؛ لكونه واجباً، ولأن القاعدة: أن ارتكاب النهي فِي العبادة إذا كَانَ لمعنى مختص بِهَا أَنَّهُ يبطلها، مثل الإخلال بالطهارة والاستقبال، فكذلك الجماعة.

قيل: قَدْ اعترف طائفة من أصحابنا بأن القياس يقتضي كون الجماعة شرطاً، لما ذكر، لكن الإمام أحمد أخذ بالنصوص كلها، وهي دالة عَلَى وجوب الجمع، وعلى أنها ليست شرطاً، فعلم بذلك أَنَّهُ لا يرى أن كل ارتكاب نهي فِي العبادة يكون مبطلاً لها، وسواء كَانَ لمعنى مختص بِهَا كالجماعة، أو لمعنى غير مختص.

ولهذا؛ تبطل الصلاة بكشف العورة، وَهُوَ لمعنى غير مختص بالصلاة، وفي بطلانها فِي المكان المغضوب والثوب المغضوب والحرير عَنْهُ روايتان، وقد يجب فِي العبادات مَا لا تبطل بتركه، كواجبات الحج.

وما دلت عَلِيهِ الأحاديث من القول بوجوب الجماعة فِي الصلوات المكتوبات، وأنها تصحّ بدونها دليل واضح عَلَى بطلان قَوْلِ عَن قَالَ: إن النهي يقتضي الفساد بكل حال، أو أن ذَلِكَ يختص بالعبادات، أو أَنَّهُ يختص بما إذا كَانَ النهي لمعنى يختص
بالعبادة؛ فإن هَذَا كله غير مطرد.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :629 ... غــ : 647 ]
- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «صَلاَةُ الرَّجُلِ فِي الْجَمَاعَةِ تُضَعَّفُ عَلَى صَلاَتِهِ فِي بَيْتِهِ وَفِي سُوقِهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ ضِعْفًا، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ لاَ يُخْرِجُهُ إِلاَّ الصَّلاَةُ، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلاَّ رُفِعَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ.
فَإِذَا صَلَّى لَمْ تَزَلِ الْمَلاَئِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ مَا دَامَ فِي مُصَلاَّهُ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ.
وَلاَ يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلاَةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلاَةَ».

وبه قال: ( حدّثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي ( قال: حدّثنا عبد الواحد) بن زياد العبدى ( قال: حدّثنا) ولابن عساكر أخبرنا ( الأعمش) سليمان بن مهران ( قال: سمعت أبا صالح) ذكوان حال كونه ( يقول: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( صلاة الرجل في الجماعة) وللحموي والكشميهني في جماعة ( تضعف) بضم الفوقية وتشديد العين أي تزاد ( على صلاته في بيته وفي سوقه) منفردًا ( خمسًا وعشرين ضعفًا) وفي لفظ للبخاري بخمس وعشرين جزءًا.

ووجه حذف التاء من خمسًا بتأويل الضعف بالدرجة أو بالصلاة، وتوضيحه أن ضعفًا مميز مذكر فتجب التاء، فأول بما ذكر.
وقَوّى البرماوي كالكرماني بأن التزام التاء حيث ذكر المميز وإلاّ فيستوي حذفها وإثباتها، أي: وهو هنا غير مذكور، فجاز الأمران.
ولأبوي ذر والوقت: خمسة وعشرين ضعفًا لإثبات التاء.

ومذهب الشافعي كما في المجموع أنه: من صلّى في عشرة فله سبع وعشرون درجة، ومن صلّى مع اثنين كذلك، لكن صلاة الأول أكمل وهو مذهب المالكية.

لكن قال ابن حبيب منهم: تفضل صلاة الجماعة الجماعة بالكثرة وفضيلة الإمام اهـ.

وروى الإمام أحمد، وأصحاب السُّنن، وصحّحه ابن خزيمة وغيره، من حديث أُبيّ بن كعب مرفوعًا: صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كثر فهو أحب إلى الله تعالى.
واستدلّ بالحديث على سنية الجماعة لأنه أثبت صلاة الفذ، وسماها صلاة، وهل التضعيف المذكور مختص بالجماعة في المسجد؟ قال في الفتح: جاء عن بعض ْالصحابة قصر التضعيف إلى خمس وعشرين على التجميع في المسجد العام، مع تقرير الفضل في غيره.

وروى سعيد بن منصور بإسناد حسن عن أوس المعافري أنه قال لعبد الله بن عمرو بن العاصي: أرأيت من توضأ فأحسن الوضوء ثم صلّى في بيته؟ قال: حسن جميل.
قال: فإن صلّى في

مسجد عشيرته؟ قال: خمس عشرة صلاة.
قال: فإن مشى إلى مسجد جماعة فصلّى فيه؟ قال: خمس وعشرون.

( وذلك) التضعيف المذكور سببه ( أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج) من منزله ( إلى المسجد لا يخرجه إلاّ الصلاة) أي إلا قصد الصلاة المكتوبة في جماعة ( لم يخط خطوة) بفتح المثناة التحتية وضم الطاء في الأول وفتح الخاء في الثاني.
قال الجوهري: بالضم ما بين القدمين، وبالفتح المرة الواحدة ( إلا رفعت له بها) بالخطوة ( درجة، وحط عنه بها خطيئة) بضم راء رفعت وحاء حط مبنيين للمفعول، ودرجة وخطيئة رفعًا نائبين عن الفاعل ( فإذا صلّى) صلاة تامة ( لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه) الذي أوقع فيه الصلاة من المسجد، وكذا لو قام إلى موضع آخر من المسجد مع دوام نيّة انتظاره للصلاة، فالأول خرج مخرج الغالب، وقد مرّ مبحث ذلك في باب: من جلس في المسجد ينتطر الصلاة ( اللهمَّ صلّي عليه، اللهم ارحمه) أي لم تزل الملائكة تصلي عليه حال كونهم قائلين: يا الله ارحمه.
وزاد ابن ماجة اللهم تب عليه.
واستنبط منه أفضلية الصلاة على سائر العبادات، وصالحي البشر على الملائكة، كما لا يخفى ( ولا يزال أحدكم في) ثواب ( صلاة ما انتظر الصلاة) .

ورواة هذا الحديث ما بين كوفي وبصري ومدني، وفيه رواية تابعي عن تابعي، والتحديث والسماع والقول.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :629 ... غــ :647 ]
- حدَّثنا مُوسَى بنُ إسْمَاعِيلَ قَالَ حدَّثنا عَبْدُ الواحِدِ قَالَ حدَّثنا الأعْمَشُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا صالِحٍ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يقولُ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلاَةُ الرَّجُلِ فِي الجَماعَةِ تُضَعِّفُ عَلَى صَلاَتِهِ فِي بَيْتِهِ وَفِي سُوقِهِ خَمْسا وعِشْرِينَ ضَعْفا وذَلِكَ أنَّهُ إذَا تَوَضَّأ فأحْسَنَ الوُضُوءَ ثُمَّ خَرَجَ إلَى المَسْجِدِ لاَ يُخْرِجُهُ إلاَّ الصَّلاَةُ لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إلاَّ رُفِعَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةَ وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ فإذَا صَلَّى لَمْ تَزَلِ المَلاَئِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ مَا دامَ فِي مُصَلاَّهُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ وَلاَ يَزَالُ أحَدُكُمْ فِي صَلاَةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلاَةَ.


هَذَا الحَدِيث عَن أبي مَسْعُود، مضى فِي بابُُ الصَّلَاة فِي مَسْجِد السُّوق، غير أَن هُنَاكَ أخرجه: عَن مُسَدّد عَن أبي مُعَاوِيَة عَن الْأَعْمَش إِلَى آخِره، وَهَهُنَا: عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل الْمنْقري التَّبُوذَكِي عَن عبد الْوَاحِد بن زِيَاد الْعَبْدي عَن سُلَيْمَان الْأَعْمَش عَن أبي صَالح ذكْوَان، وَاللَّفْظ: هُنَاكَ: ( صَلَاة الْجمع تزيد على صلَاته فِي بَيته وَصلَاته فِي سوقه خمْسا وَعشْرين دَرَجَة، فَإِن أحدكُم إِذا تَوَضَّأ فَأحْسن وأتى الْمَسْجِد لَا يُرِيد إِلَّا الصَّلَاة لم يخط خطْوَة إلاَّ رَفعه الله بهَا دَرَجَة، أَو حط عَنهُ بهَا خَطِيئَة حَتَّى دخل الْمَسْجِد، وَإِذا دخل الْمَسْجِد كَانَ فِي صَلَاة مَا كَانَت الصَّلَاة تحبسه، وَتصلي الْمَلَائِكَة عَلَيْهِ مَا دَامَ فِي مَجْلِسه الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ؛ اللَّهُمَّ ارحمه مَا لم يؤذ يحدث فِيهِ) .
وَقد ذكرنَا هُنَاكَ من أخرجه غَيره، وَمَعْنَاهُ وَمَا يُسْتَفَاد مِنْهُ مستقصىً، وَذكرنَا أَيْضا اخْتِلَاف الرِّوَايَات فِيهِ، والتوفيق بَينهَا، فَلَا يحْتَاج إِلَى الْإِعَادَة إلاَّ فِي بعض الْمَوَاضِع، كَمَا نذكرهُ الأن.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه: السماع فِي موضِعين.
وَفِيه: القَوْل فِي سِتَّة مَوَاضِع، وَقَوله: يَقُول: فِي الْمَوْضِعَيْنِ فِي مَحل النصب على الْحَال.
وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين بَصرِي وكوفي ومدني.
وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( فِي الْجَمَاعَة) وَفِي رِوَايَة الْحَمَوِيّ والكشميهني: ( فِي جمَاعَة) ، بِدُونِ الْألف وَاللَّام.
قَوْله: ( تضعف) أَي: تزداد، والتضعيف أَن يُزَاد على أصل الشَّيْء فَيجْعَل بمثلين أَو أَكثر، والضعف بِالْكَسْرِ الْمثل قَوْله: ( خَمْسَة وَعشْرين ضعفا) ، كَذَا فِي أَكثر الرِّوَايَات، ويروى ( خمْسا وَعشْرين) ، ووجهها أَن يؤول الضعْف بالدرجة أَو بِالصَّلَاةِ، تَوْضِيحه أَن: ضعفا، مُمَيّز مُذَكّر فَتجب التَّاء فَقيل بالتأويل الْمَذْكُور، وَالْأَحْسَن أَن يَقُول: إِن وجوب التَّاء فِيمَا إِذا كَانَ الْمُمَيز مَذْكُورا، وَإِذا لم يكن مَذْكُورا يَسْتَوِي فِيهِ التَّاء وَعدمهَا، وَهَهُنَا مُمَيّز الْخمس غير مَذْكُور فَجَاز الْأَمْرَانِ فَإِن قلت: يَقْتَضِي قَوْله: ( فِي بَيته وَفِي سوقه) أَن الصَّلَاة فِي الْمَسْجِد جمَاعَة تزيد على الصَّلَاة فِي الْبَيْت، وَفِي السُّوق، سَوَاء كَانَت جمَاعَة أَو فُرَادَى، وَلَيْسَ كَذَلِك.
قلت: هَذَا خَارج مخرج الْغَالِب، لِأَن من لم يحضر الْجَمَاعَة فِي الْمَسْجِد يُصَلِّي مُنْفَردا فِي بَيته أَو سوقه، وَأما الَّذِي يُصَلِّي فِي بَيته جمَاعَة فَلهُ الْفضل فِيهَا على صلَاته مُنْفَردا بِلَا نزاع.
قَوْله: ( وَذَلِكَ) ، إِشَارَة إِلَى التَّضْعِيف الَّذِي يدل عَلَيْهِ قَوْله: ( تضعف) : يَعْنِي: التَّضْعِيف الْمَذْكُور سَببه أَنه إِذا تَوَضَّأ ... إِلَى آخِره.
قَوْله: ( لَا يُخرجهُ) من الْإِخْرَاج.
قَوْله: ( إلاَّ الصَّلَاة) أَي: قصد الصَّلَاة فِي جمَاعَة.
قَوْله: ( لم يخط) ، بِفَتْح الْيَاء وَضم الطَّاء.
قَوْله: ( خطْوَة) ، يجوز فِيهِ ضم الْخَاء وَفتحهَا، وَجزم الْيَعْمرِي بِأَنَّهَا هَهُنَا بِالْفَتْح..
     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: إِنَّهَا فِي رِوَايَات مُسلم بِالضَّمِّ..
     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: الخطوة، بِالضَّمِّ: مَا بَين الْقَدَمَيْنِ.
وبالفتح: الْمرة الْوَاحِدَة.
قَوْله: ( فَإِذا صلى) المُرَاد بِهِ: فَإِذا صلى الصَّلَاة التَّامَّة ليستحق هَذِه الْفَضَائِل.
قَوْله: ( مُصَلَّاهُ) ، بِضَم الْمِيم: الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ.
وَهَذَا خرج مخرج الْغَالِب، وإلاَّ فَلَو قَامَ فِي بقْعَة أُخْرَى من الْمَسْجِد مستمرا على نِيَّة انْتِظَار الصَّلَاة كَانَ كَذَلِك.
قَوْله: ( اللَّهُمَّ ارحمه) ، أَي: لم تزل الْمَلَائِكَة يصلونَ عَلَيْهِ حَال كَونهم قائلين: يَا الله إرحمه.
وَزَاد ابْن مَاجَه: ( اللَّهُمَّ تب عَلَيْهِ) .

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ من ذَلِك: الدّلَالَة على أَفضَلِيَّة الصَّلَاة على غَيرهَا من الْأَعْمَال، لِأَن فِيهَا صَلَاة الْمَلَائِكَة على فاعلها ودعاءهم لَهُ بِالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَة وَالتَّوْبَة.
وَمِنْه: الدّلَالَة على تَفْضِيل صالحي النَّاس على الْمَلَائِكَة لأَنهم يكونُونَ فِي تَحْصِيل الدَّرَجَات بعبادتهم، وَالْمَلَائِكَة يشتغلون بالاستغفار وَالدُّعَاء لَهُم.
كَذَا قيل قلت: هَذَا لَيْسَ على إِطْلَاقه، فَإِن خَواص بني آدم، وهم الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام، أفضل من الْمَلَائِكَة، وعوامهم أفضل من عوام الْمَلَائِكَة، وخواص الْمَلَائِكَة أفضل من عوام بني آدم.
وَفِيه: الدّلَالَة على أَن الْجَمَاعَة لَيست شرطا لصِحَّة الصَّلَاة، لِأَن قَوْله على صلَاته وَحده، يدل على صِحَة صلَاته مُنْفَردا لاقْتِضَاء صِيغَة: أفعل التَّفْضِيل، الِاشْتِرَاك فِي أصل التَّفَاضُل، فَذَلِك يَقْتَضِي وجود الْفَضِيلَة فِي صَلَاة الْمُنْفَرد، لِأَن مَا لَا يَصح من الصَّلَاة لَا فَضِيلَة فِيهِ.
وَفِيه: رد على دَاوُد وَمن تبعه فِي اشتراطهم الْجَمَاعَة فِي صِحَة الصَّلَاة.