هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
6830 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : قِيلَ لِعُمَرَ أَلاَ تَسْتَخْلِفُ ؟ قَالَ : إِنْ أَسْتَخْلِفْ فَقَدِ اسْتَخْلَفَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي أَبُو بَكْرٍ ، وَإِنْ أَتْرُكْ فَقَدْ تَرَكَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي ، رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَثْنَوْا عَلَيْهِ فَقَالَ : رَاغِبٌ رَاهِبٌ ، وَدِدْتُ أَنِّي نَجَوْتُ مِنْهَا كَفَافًا ، لاَ لِي وَلاَ عَلَيَّ ، لاَ أَتَحَمَّلُهَا حَيًّا وَلاَ مَيِّتًا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
6830 حدثنا محمد بن يوسف ، أخبرنا سفيان ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، قال : قيل لعمر ألا تستخلف ؟ قال : إن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني أبو بكر ، وإن أترك فقد ترك من هو خير مني ، رسول الله صلى الله عليه وسلم فأثنوا عليه فقال : راغب راهب ، وددت أني نجوت منها كفافا ، لا لي ولا علي ، لا أتحملها حيا ولا ميتا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated `Abdullah bin `Umar:

It was said to `Umar, Will you appoint your successor? `Umar said, If I appoint a Caliph (as my successor) it is true that somebody who was better than I (i.e., Abu Bakr) did so, and if I leave the matter undecided, it is true that somebody who was better than I (i.e., Allah's Messenger (ﷺ)) did so. On this, the people praised him. `Umar said, People are of two kinds: Either one who is keen to take over the Caliphate or one who is afraid of assuming such a responsibility. I wish I could be free from its responsibility in that I would receive neither reward nor retribution I won't bear the burden of the caliphate in my death as I do in my life.

":"ہم سے محمد بن یوسف فریابی نے بیان کیا ‘ کہا ہم کو سفیان ثوری نے خبر دی ‘ انہیں ہشام بن عروہ نے ‘ انہیں ان کے والد نے اور ان سے عبداللہ بن عمر رضی اللہ عنہما نے بیان کیا کہحضرت عمر رضی اللہ عنہ جب زخمی ہوئے تو ان سے کہا گیا کہ آپ اپنا خلیفہ منتخب کرتا ہوں ( تو اس کی بھی مثال ہے کہ ) اس شخص نے اپنا خلیفہ منتخب کیا تھا جو مجھ سے بہتر تھے یعنی ابوبکر رضی اللہ عنہ اور اگر میں اسے مسلمانوں کی رائے پر چھوڑ تا ہوں تو ( اس کی بھی مثال موجود ہے کہ ) اس بزرگ نے ( خلیفہ کا انتخاب مسلمانوں کے لیے ) چھوڑ دیا تھا جو مجھ سے بہتر تھے یعنی رسول کریم صلی اللہ علیہ وسلم ۔ پھر لوگوں نے آپ کی تعریف کی ‘پھر انہوں نے کہا کہ کوئی تو دل سے میری تعریف کرتا ہے کوئی ڈر کر ۔ اب میں تو یہی غنیمت سمجھتا ہوں کہ خلافت کی ذمہ داریوں میں اللہ کے ہاں برابر برابر ہی چھوٹ جاؤں ‘ نہ مجھے کچھ ثواب ملے اور نہ کوئی عذاب میں نے خلافت کا بوجھ اپنی زندگی بھر اٹھایا ۔ اب مرنے پر میں اس بار کو نہیں اٹھاؤں گا ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [7218] .

     قَوْلُهُ  سُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الرَّاوِي عَنْهُ هُوَ الْفِرْيَابِيُّ .

     قَوْلُهُ  قِيلَ لِعُمَرَ أَلَا تَسْتَخْلِفُ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ بن عُمَرَ حَضَرْتُ أَبِي حِينَ أُصِيبَ قَالُوا اسْتَخْلِفْ وَأَوْرَدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَنَّ قَائِلَ ذَلِكَ هُوَ بن عُمَرَ رَاوِي الْحَدِيثِ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِأَنَّ حَفْصَةَ قَالَتْ لَهُ أَعَلِمْتَ أَنَّ أَبَاكَ غَيْرُ مُسْتَخْلِفٍ قَالَ فَحَلَفْتُ أَنْ أُكَلِّمَهُ فِي ذَلِكَ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ وَأَنَّهُ قَالَ لَهُ لَوْ كَانَ لَكَ رَاعِي غَنَمٍ ثُمَّ جَاءَكَ وَتَرَكَهَا لَرَأَيْتَ أَنْ قَدْ ضَيَّعَ فَرِعَايَةُ النَّاسِ أَشَدُّ وَفِيهِ قَوْلُ عُمَرَ فِي جَوَابِ ذَلِكَ إِنَّ اللَّهَ يَحْفَظُ دِينَهُ .

     قَوْلُهُ  إِنْ أَسْتَخْلِفْ إِلَخْ فِي رِوَايَةِ سَالِمٍ إِنْ لَا أَسْتَخْلِفْ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْتَخْلِفْ وَإِنْ أَسْتَخْلِفْ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ قَدِ اسْتَخْلَفَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ ذِكْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ فَعَلِمْتُ أَنَّهُ لَمْ يَعْدِلْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحدا وَأَنه غير مستخلف وَأخرج بن سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَأَظنهُ بن عُمَيْرٍ قَالَ قَالَ أُنَاسٌ لِعُمَرَ أَلَا تَعْهَدُ قَالَ أَيُّ ذَلِكَ آخُذُ فَقَدْ تَبَيَّنَ لِي أَنَّ الْفِعْلَ وَالتَّرْكَ وَهُوَ مُشْكِلٌ وَيُزِيلُهُ أَنَّ دَلِيلَ التَّرْكِ مِنْ فِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاضِحٌ وَدَلِيلُ الْفِعْلِ يُؤْخَذُ مِنْ عَزْمِهِ الَّذِي حَكَتْهُ عَائِشَةُ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ وَهُوَ لَا يَعْزِمُ إِلَّا عَلَى جَائِزٍ فَكَأَنَّ عُمَرَ قَالَ إِنْ أَسْتَخْلِفْ فَقَدْ عَزَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الِاسْتِخْلَافِ فَدَلَّ عَلَى جَوَازِهِ وَإِنْ أَتْرُكْ فَقَدْ تَرَكَ فَدَلَّ عَلَى جَوَازِهِ وَفَهِمَ أَبُو بَكْرٍ مِنْ عَزْمِهِ الْجَوَازَ فَاسْتَعْملهُ وَاتفقَ النَّاس على قبُوله قَالَه بن الْمُنِيرِ.

.

قُلْتُ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ عُمَرَ رَجَحَ عِنْدَهُ التَّرْكُ لِأَنَّهُ الَّذِي وَقَعَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخِلَافِ الْعَزْمِ وَهُوَ يُشْبِهُ عَزْمَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى التَّمَتُّعِ فِي الْحَجِّ وَفِعْلَهُ الْإِفْرَادَ فَرُجِّحَ الْإِفْرَادُ .

     قَوْلُهُ  فَأَثْنوا عَلَيْهِ فَقَالَ رَاغِب وراهب قَالَ بن بَطَّالٍ يَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الَّذِينَ أَثْنَوْا عَلَيْهِ إِمَّا رَاغِبٌ فِي حُسْنِ رَأْيِي فِيهِ وَتَقَرُّبِي لَهُ وَإِمَّا رَاهِبٌ مِنْ إِظْهَارِ مَا يُضْمِرُهُ مِنْ كَرَاهَتِهِ أَوِ الْمَعْنَى رَاغِبٌ فِيمَا عِنْدِي وَرَاهِبٌ مِنِّي أَوِ الْمُرَادُ النَّاسُ رَاغِبٌ فِي الْخِلَافَةِ وَرَاهِبٌ مِنْهَا فَإِنْ وَلَّيْتُ الرَّاغِبَ فِيهَا خَشِيتَ أَنْ لَا يُعَانَ عَلَيْهَا وَإِنْ وَلَّيْتُ الرَّاهِبَ مِنْهَا خَشِيتُ أَنْ لَا يَقُومَ بِهَا وَذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ تَوْجِيهًا آخَرَ إِنَّهُمَا وَصْفَانِ لِعُمَرَ أَيْ رَاغِبٌ فِيمَا عِنْدَ اللَّهِ رَاهِبٌ مِنْ عِقَابِهِ فَلَا أُعَوِّلُ عَلَى ثَنَائِكُمْ وَذَلِكَ يَشْغَلُنِي عَنِ الْعِنَايَةِ بِالِاسْتِخْلَافِ عَلَيْكُمْ .

     قَوْلُهُ  وَدِدْتُ أَنِّي نَجَوْتُ مِنْهَا أَيْ مِنَ الْخِلَافَةِ كَفَافًا بِفَتْحِ الْكَافِ وَتَخْفِيفِ الْفَاءِ أَيْ مَكْفُوفًا عَنِّي شَرُّهَا وَخَيْرُهَا وَقَدْ فَسَّرَهُ فِي الْحَدِيثِ بِقَوْلِهِ لَا لِي وَلَا عَلَيَّ وَقَدْ تَقَدَّمَ نَحْوُ هَذَا مِنْ قَوْلِ عُمَرَ فِي مَنَاقِبِهِ فِي مُرَاجَعَتِهِ لِأَبِي مُوسَى فِيمَا عَمِلُوهُ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ لَوَدِدْتُ لَوْ أَنَّ حَظِّي مِنْهَا الْكَفَافُ .

     قَوْلُهُ  لَا أَتَحَمَّلُهَا حَيًّا وَمَيِّتًا فِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ أَتَحَمَّلُ أَمْرَكُمْ حَيًّا وَمَيِّتًا وَهُوَ اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ حُذِفَتْ مِنْهُ أَدَاتُهُ وَقَدْ بَيَّنَ عُذْرَهُ فِي ذَلِكَ لَكِنَّهُ لَمَّا أَثَّرَ فِيهِ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ حَيْثُ مَثَّلَ لَهُ أَمْرَ النَّاسِ بِالْغَنَمِ مَعَ الرَّاعِي خَصَّ الْأَمْرَ بِالسِّتَّةِ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَخْتَارُوا مِنْهُمْ وَاحِدًا وَإِنَّمَا خَصَّ السِّتَّةَ لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَمْرَانِ كَوْنُهُ مَعْدُودًا فِي أَهْلِ بَدْرٍ وَمَاتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَنْهُ رَاضٍ وَقَدْ صَرَّحَ بِالثَّانِي الْحَدِيثُ الْمَاضِي فِي مَنَاقِبِ عُثْمَانَ.

.
وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَأخْرجهُ بن سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ عُمَرَ قَالَ هَذَا الْأَمْرَ فِي أَهْلِ بَدْرٍ مَا بَقِيَ مِنْهُمْ أَحَدٌ ثُمَّ فِي أَهْلِ أُحُدٍ ثُمَّ فِي كَذَا وَلَيْسَ فِيهَا لِطَلِيقٍ وَلَا لِمُسْلِمَةِ الْفَتْحِ شَيْءٌ وَهَذَا مَصِيرٌ مِنْهُ إِلَى اعْتِبَارِ تَقْدِيمِ الْأَفْضَلِ فِي الْخِلَافَةِ قَالَ بن بَطَّالٍ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ عُمَرَ سَلَكَ فِي هَذَا الْأَمْرِ مَسْلَكًا مُتَوَسِّطًا خَشْيَةَ الْفِتْنَةِ فَرَأَى أَنَّ الِاسْتِخْلَافَ أَضْبَطُ لِأَمْرِ الْمُسْلِمِينَ فَجَعَلَ الْأَمْرَ مَعْقُودًا مَوْقُوفًا عَلَى السِّتَّةِ لِئَلَّا يَتْرُكَ الِاقْتِدَاءَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ فَأَخَذَ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَرَفًا وَهُوَ تَرْكُ التَّعْيِينِ وَمِنْ فِعْلِ أَبِي بَكْرٍ طَرَفًا وَهُوَ الْعَقْدُ لِأَحَدِ السِّتَّةِ وَإِنْ لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ انْتَهَى مُلَخَّصًا قَالَ وَفِي هَذِهِ الْقِصَّةِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ عَقْدِ الْخِلَافَةِ مِنَ الْإِمَامِ الْمُتَوَلِّي لِغَيْرِهِ بَعْدَهُ وَأَنَّ أَمْرَهُ فِي ذَلِكَ جَائِزٌ عَلَى عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ لِإِطْبَاقِ الصَّحَابَةِ وَمَنْ مَعَهُمْ عَلَى الْعَمَلِ بِمَا عَهِدَهُ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ وَكَذَا لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي قَبُولِ عَهْدِ عُمَرَ إِلَى السِّتَّةِ قَالَ وَهُوَ شَبِيهٌ بِإِيصَاءِ الرَّجُلِ عَلَى وَلَدِهِ لِكَوْنِ نَظَرِهِ فِيمَا يَصْلُحُ أَتَمَّ مِنْ غَيْرِهِ فَكَذَلِكَ الامام انْتهىأَنَّ حَفْصَةَ قَالَتْ لَهُ أَعَلِمْتَ أَنَّ أَبَاكَ غَيْرُ مُسْتَخْلِفٍ قَالَ فَحَلَفْتُ أَنْ أُكَلِّمَهُ فِي ذَلِكَ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ وَأَنَّهُ قَالَ لَهُ لَوْ كَانَ لَكَ رَاعِي غَنَمٍ ثُمَّ جَاءَكَ وَتَرَكَهَا لَرَأَيْتَ أَنْ قَدْ ضَيَّعَ فَرِعَايَةُ النَّاسِ أَشَدُّ وَفِيهِ قَوْلُ عُمَرَ فِي جَوَابِ ذَلِكَ إِنَّ اللَّهَ يَحْفَظُ دِينَهُ .

     قَوْلُهُ  إِنْ أَسْتَخْلِفْ إِلَخْ فِي رِوَايَةِ سَالِمٍ إِنْ لَا أَسْتَخْلِفْ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْتَخْلِفْ وَإِنْ أَسْتَخْلِفْ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ قَدِ اسْتَخْلَفَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ ذِكْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ فَعَلِمْتُ أَنَّهُ لَمْ يَعْدِلْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحدا وَأَنه غير مستخلف وَأخرج بن سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَأَظنهُ بن عُمَيْرٍ قَالَ قَالَ أُنَاسٌ لِعُمَرَ أَلَا تَعْهَدُ قَالَ أَيُّ ذَلِكَ آخُذُ فَقَدْ تَبَيَّنَ لِي أَنَّ الْفِعْلَ وَالتَّرْكَ وَهُوَ مُشْكِلٌ وَيُزِيلُهُ أَنَّ دَلِيلَ التَّرْكِ مِنْ فِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاضِحٌ وَدَلِيلُ الْفِعْلِ يُؤْخَذُ مِنْ عَزْمِهِ الَّذِي حَكَتْهُ عَائِشَةُ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ وَهُوَ لَا يَعْزِمُ إِلَّا عَلَى جَائِزٍ فَكَأَنَّ عُمَرَ قَالَ إِنْ أَسْتَخْلِفْ فَقَدْ عَزَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الِاسْتِخْلَافِ فَدَلَّ عَلَى جَوَازِهِ وَإِنْ أَتْرُكْ فَقَدْ تَرَكَ فَدَلَّ عَلَى جَوَازِهِ وَفَهِمَ أَبُو بَكْرٍ مِنْ عَزْمِهِ الْجَوَازَ فَاسْتَعْملهُ وَاتفقَ النَّاس على قبُوله قَالَه بن الْمُنِيرِ.

.

قُلْتُ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ عُمَرَ رَجَحَ عِنْدَهُ التَّرْكُ لِأَنَّهُ الَّذِي وَقَعَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخِلَافِ الْعَزْمِ وَهُوَ يُشْبِهُ عَزْمَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى التَّمَتُّعِ فِي الْحَجِّ وَفِعْلَهُ الْإِفْرَادَ فَرُجِّحَ الْإِفْرَادُ .

     قَوْلُهُ  فَأَثْنوا عَلَيْهِ فَقَالَ رَاغِب وراهب قَالَ بن بَطَّالٍ يَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الَّذِينَ أَثْنَوْا عَلَيْهِ إِمَّا رَاغِبٌ فِي حُسْنِ رَأْيِي فِيهِ وَتَقَرُّبِي لَهُ وَإِمَّا رَاهِبٌ مِنْ إِظْهَارِ مَا يُضْمِرُهُ مِنْ كَرَاهَتِهِ أَوِ الْمَعْنَى رَاغِبٌ فِيمَا عِنْدِي وَرَاهِبٌ مِنِّي أَوِ الْمُرَادُ النَّاسُ رَاغِبٌ فِي الْخِلَافَةِ وَرَاهِبٌ مِنْهَا فَإِنْ وَلَّيْتُ الرَّاغِبَ فِيهَا خَشِيتَ أَنْ لَا يُعَانَ عَلَيْهَا وَإِنْ وَلَّيْتُ الرَّاهِبَ مِنْهَا خَشِيتُ أَنْ لَا يَقُومَ بِهَا وَذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ تَوْجِيهًا آخَرَ إِنَّهُمَا وَصْفَانِ لِعُمَرَ أَيْ رَاغِبٌ فِيمَا عِنْدَ اللَّهِ رَاهِبٌ مِنْ عِقَابِهِ فَلَا أُعَوِّلُ عَلَى ثَنَائِكُمْ وَذَلِكَ يَشْغَلُنِي عَنِ الْعِنَايَةِ بِالِاسْتِخْلَافِ عَلَيْكُمْ .

     قَوْلُهُ  وَدِدْتُ أَنِّي نَجَوْتُ مِنْهَا أَيْ مِنَ الْخِلَافَةِ كَفَافًا بِفَتْحِ الْكَافِ وَتَخْفِيفِ الْفَاءِ أَيْ مَكْفُوفًا عَنِّي شَرُّهَا وَخَيْرُهَا وَقَدْ فَسَّرَهُ فِي الْحَدِيثِ بِقَوْلِهِ لَا لِي وَلَا عَلَيَّ وَقَدْ تَقَدَّمَ نَحْوُ هَذَا مِنْ قَوْلِ عُمَرَ فِي مَنَاقِبِهِ فِي مُرَاجَعَتِهِ لِأَبِي مُوسَى فِيمَا عَمِلُوهُ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ لَوَدِدْتُ لَوْ أَنَّ حَظِّي مِنْهَا الْكَفَافُ .

     قَوْلُهُ  لَا أَتَحَمَّلُهَا حَيًّا وَمَيِّتًا فِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ أَتَحَمَّلُ أَمْرَكُمْ حَيًّا وَمَيِّتًا وَهُوَ اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ حُذِفَتْ مِنْهُ أَدَاتُهُ وَقَدْ بَيَّنَ عُذْرَهُ فِي ذَلِكَ لَكِنَّهُ لَمَّا أَثَّرَ فِيهِ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ حَيْثُ مَثَّلَ لَهُ أَمْرَ النَّاسِ بِالْغَنَمِ مَعَ الرَّاعِي خَصَّ الْأَمْرَ بِالسِّتَّةِ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَخْتَارُوا مِنْهُمْ وَاحِدًا وَإِنَّمَا خَصَّ السِّتَّةَ لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَمْرَانِ كَوْنُهُ مَعْدُودًا فِي أَهْلِ بَدْرٍ وَمَاتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَنْهُ رَاضٍ وَقَدْ صَرَّحَ بِالثَّانِي الْحَدِيثُ الْمَاضِي فِي مَنَاقِبِ عُثْمَانَ.

.
وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَأخْرجهُ بن سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ عُمَرَ قَالَ هَذَا الْأَمْرَ فِي أَهْلِ بَدْرٍ مَا بَقِيَ مِنْهُمْ أَحَدٌ ثُمَّ فِي أَهْلِ أُحُدٍ ثُمَّ فِي كَذَا وَلَيْسَ فِيهَا لِطَلِيقٍ وَلَا لِمُسْلِمَةِ الْفَتْحِ شَيْءٌ وَهَذَا مَصِيرٌ مِنْهُ إِلَى اعْتِبَارِ تَقْدِيمِ الْأَفْضَلِ فِي الْخِلَافَةِ قَالَ بن بَطَّالٍ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ عُمَرَ سَلَكَ فِي هَذَا الْأَمْرِ مَسْلَكًا مُتَوَسِّطًا خَشْيَةَ الْفِتْنَةِ فَرَأَى أَنَّ الِاسْتِخْلَافَ أَضْبَطُ لِأَمْرِ الْمُسْلِمِينَ فَجَعَلَ الْأَمْرَ مَعْقُودًا مَوْقُوفًا عَلَى السِّتَّةِ لِئَلَّا يَتْرُكَ الِاقْتِدَاءَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ فَأَخَذَ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَرَفًا وَهُوَ تَرْكُ التَّعْيِينِ وَمِنْ فِعْلِ أَبِي بَكْرٍ طَرَفًا وَهُوَ الْعَقْدُ لِأَحَدِ السِّتَّةِ وَإِنْ لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ انْتَهَى مُلَخَّصًا قَالَ وَفِي هَذِهِ الْقِصَّةِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ عَقْدِ الْخِلَافَةِ مِنَ الْإِمَامِ الْمُتَوَلِّي لِغَيْرِهِ بَعْدَهُ وَأَنَّ أَمْرَهُ فِي ذَلِكَ جَائِزٌ عَلَى عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ لِإِطْبَاقِ الصَّحَابَةِ وَمَنْ مَعَهُمْ عَلَى الْعَمَلِ بِمَا عَهِدَهُ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ وَكَذَا لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي قَبُولِ عَهْدِ عُمَرَ إِلَى السِّتَّةِ قَالَ وَهُوَ شَبِيهٌ بِإِيصَاءِ الرَّجُلِ عَلَى وَلَدِهِ لِكَوْنِ نَظَرِهِ فِيمَا يَصْلُحُ أَتَمَّ مِنْ غَيْرِهِ فَكَذَلِكَ الامام انْتهى( قَولُهُ بَابُ الِاسْتِخْلَافِ) أَيْ تَعْيِينُ الْخَلِيفَةِ عِنْدَ مَوْتِهِ خَلِيفَةً بَعْدَهُ أَوْ يُعَيِّنُ جَمَاعَةً لِيَتَخَيَّرُوا مِنْهُمْ وَاحِدًا ذَكَرَ فِيهِ خَمْسَةَ أَحَادِيثَ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [ قــ :6830 ... غــ :7218] .

     قَوْلُهُ  سُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الرَّاوِي عَنْهُ هُوَ الْفِرْيَابِيُّ .

     قَوْلُهُ  قِيلَ لِعُمَرَ أَلَا تَسْتَخْلِفُ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ بن عُمَرَ حَضَرْتُ أَبِي حِينَ أُصِيبَ قَالُوا اسْتَخْلِفْ وَأَوْرَدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَنَّ قَائِلَ ذَلِكَ هُوَ بن عُمَرَ رَاوِي الْحَدِيثِ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ حَفْصَةَ قَالَتْ لَهُ أَعَلِمْتَ أَنَّ أَبَاكَ غَيْرُ مُسْتَخْلِفٍ قَالَ فَحَلَفْتُ أَنْ أُكَلِّمَهُ فِي ذَلِكَ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ وَأَنَّهُ قَالَ لَهُ لَوْ كَانَ لَكَ رَاعِي غَنَمٍ ثُمَّ جَاءَكَ وَتَرَكَهَا لَرَأَيْتَ أَنْ قَدْ ضَيَّعَ فَرِعَايَةُ النَّاسِ أَشَدُّ وَفِيهِ قَوْلُ عُمَرَ فِي جَوَابِ ذَلِكَ إِنَّ اللَّهَ يَحْفَظُ دِينَهُ .

     قَوْلُهُ  إِنْ أَسْتَخْلِفْ إِلَخْ فِي رِوَايَةِ سَالِمٍ إِنْ لَا أَسْتَخْلِفْ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْتَخْلِفْ وَإِنْ أَسْتَخْلِفْ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ قَدِ اسْتَخْلَفَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ ذِكْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ فَعَلِمْتُ أَنَّهُ لَمْ يَعْدِلْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحدا وَأَنه غير مستخلف وَأخرج بن سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَأَظنهُ بن عُمَيْرٍ قَالَ قَالَ أُنَاسٌ لِعُمَرَ أَلَا تَعْهَدُ قَالَ أَيُّ ذَلِكَ آخُذُ فَقَدْ تَبَيَّنَ لِي أَنَّ الْفِعْلَ وَالتَّرْكَ وَهُوَ مُشْكِلٌ وَيُزِيلُهُ أَنَّ دَلِيلَ التَّرْكِ مِنْ فِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاضِحٌ وَدَلِيلُ الْفِعْلِ يُؤْخَذُ مِنْ عَزْمِهِ الَّذِي حَكَتْهُ عَائِشَةُ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ وَهُوَ لَا يَعْزِمُ إِلَّا عَلَى جَائِزٍ فَكَأَنَّ عُمَرَ قَالَ إِنْ أَسْتَخْلِفْ فَقَدْ عَزَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الِاسْتِخْلَافِ فَدَلَّ عَلَى جَوَازِهِ وَإِنْ أَتْرُكْ فَقَدْ تَرَكَ فَدَلَّ عَلَى جَوَازِهِ وَفَهِمَ أَبُو بَكْرٍ مِنْ عَزْمِهِ الْجَوَازَ فَاسْتَعْملهُ وَاتفقَ النَّاس على قبُوله قَالَه بن الْمُنِيرِ.

.

قُلْتُ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ عُمَرَ رَجَحَ عِنْدَهُ التَّرْكُ لِأَنَّهُ الَّذِي وَقَعَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخِلَافِ الْعَزْمِ وَهُوَ يُشْبِهُ عَزْمَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى التَّمَتُّعِ فِي الْحَجِّ وَفِعْلَهُ الْإِفْرَادَ فَرُجِّحَ الْإِفْرَادُ .

     قَوْلُهُ  فَأَثْنوا عَلَيْهِ فَقَالَ رَاغِب وراهب قَالَ بن بَطَّالٍ يَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الَّذِينَ أَثْنَوْا عَلَيْهِ إِمَّا رَاغِبٌ فِي حُسْنِ رَأْيِي فِيهِ وَتَقَرُّبِي لَهُ وَإِمَّا رَاهِبٌ مِنْ إِظْهَارِ مَا يُضْمِرُهُ مِنْ كَرَاهَتِهِ أَوِ الْمَعْنَى رَاغِبٌ فِيمَا عِنْدِي وَرَاهِبٌ مِنِّي أَوِ الْمُرَادُ النَّاسُ رَاغِبٌ فِي الْخِلَافَةِ وَرَاهِبٌ مِنْهَا فَإِنْ وَلَّيْتُ الرَّاغِبَ فِيهَا خَشِيتَ أَنْ لَا يُعَانَ عَلَيْهَا وَإِنْ وَلَّيْتُ الرَّاهِبَ مِنْهَا خَشِيتُ أَنْ لَا يَقُومَ بِهَا وَذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ تَوْجِيهًا آخَرَ إِنَّهُمَا وَصْفَانِ لِعُمَرَ أَيْ رَاغِبٌ فِيمَا عِنْدَ اللَّهِ رَاهِبٌ مِنْ عِقَابِهِ فَلَا أُعَوِّلُ عَلَى ثَنَائِكُمْ وَذَلِكَ يَشْغَلُنِي عَنِ الْعِنَايَةِ بِالِاسْتِخْلَافِ عَلَيْكُمْ .

     قَوْلُهُ  وَدِدْتُ أَنِّي نَجَوْتُ مِنْهَا أَيْ مِنَ الْخِلَافَةِ كَفَافًا بِفَتْحِ الْكَافِ وَتَخْفِيفِ الْفَاءِ أَيْ مَكْفُوفًا عَنِّي شَرُّهَا وَخَيْرُهَا وَقَدْ فَسَّرَهُ فِي الْحَدِيثِ بِقَوْلِهِ لَا لِي وَلَا عَلَيَّ وَقَدْ تَقَدَّمَ نَحْوُ هَذَا مِنْ قَوْلِ عُمَرَ فِي مَنَاقِبِهِ فِي مُرَاجَعَتِهِ لِأَبِي مُوسَى فِيمَا عَمِلُوهُ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ لَوَدِدْتُ لَوْ أَنَّ حَظِّي مِنْهَا الْكَفَافُ .

     قَوْلُهُ  لَا أَتَحَمَّلُهَا حَيًّا وَمَيِّتًا فِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ أَتَحَمَّلُ أَمْرَكُمْ حَيًّا وَمَيِّتًا وَهُوَ اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ حُذِفَتْ مِنْهُ أَدَاتُهُ وَقَدْ بَيَّنَ عُذْرَهُ فِي ذَلِكَ لَكِنَّهُ لَمَّا أَثَّرَ فِيهِ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ حَيْثُ مَثَّلَ لَهُ أَمْرَ النَّاسِ بِالْغَنَمِ مَعَ الرَّاعِي خَصَّ الْأَمْرَ بِالسِّتَّةِ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَخْتَارُوا مِنْهُمْ وَاحِدًا وَإِنَّمَا خَصَّ السِّتَّةَ لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَمْرَانِ كَوْنُهُ مَعْدُودًا فِي أَهْلِ بَدْرٍ وَمَاتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَنْهُ رَاضٍ وَقَدْ صَرَّحَ بِالثَّانِي الْحَدِيثُ الْمَاضِي فِي مَنَاقِبِ عُثْمَانَ.

.
وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَأخْرجهُ بن سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ عُمَرَ قَالَ هَذَا الْأَمْرَ فِي أَهْلِ بَدْرٍ مَا بَقِيَ مِنْهُمْ أَحَدٌ ثُمَّ فِي أَهْلِ أُحُدٍ ثُمَّ فِي كَذَا وَلَيْسَ فِيهَا لِطَلِيقٍ وَلَا لِمُسْلِمَةِ الْفَتْحِ شَيْءٌ وَهَذَا مَصِيرٌ مِنْهُ إِلَى اعْتِبَارِ تَقْدِيمِ الْأَفْضَلِ فِي الْخِلَافَةِ قَالَ بن بَطَّالٍ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ عُمَرَ سَلَكَ فِي هَذَا الْأَمْرِ مَسْلَكًا مُتَوَسِّطًا خَشْيَةَ الْفِتْنَةِ فَرَأَى أَنَّ الِاسْتِخْلَافَ أَضْبَطُ لِأَمْرِ الْمُسْلِمِينَ فَجَعَلَ الْأَمْرَ مَعْقُودًا مَوْقُوفًا عَلَى السِّتَّةِ لِئَلَّا يَتْرُكَ الِاقْتِدَاءَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ فَأَخَذَ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَرَفًا وَهُوَ تَرْكُ التَّعْيِينِ وَمِنْ فِعْلِ أَبِي بَكْرٍ طَرَفًا وَهُوَ الْعَقْدُ لِأَحَدِ السِّتَّةِ وَإِنْ لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ انْتَهَى مُلَخَّصًا قَالَ وَفِي هَذِهِ الْقِصَّةِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ عَقْدِ الْخِلَافَةِ مِنَ الْإِمَامِ الْمُتَوَلِّي لِغَيْرِهِ بَعْدَهُ وَأَنَّ أَمْرَهُ فِي ذَلِكَ جَائِزٌ عَلَى عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ لِإِطْبَاقِ الصَّحَابَةِ وَمَنْ مَعَهُمْ عَلَى الْعَمَلِ بِمَا عَهِدَهُ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ وَكَذَا لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي قَبُولِ عَهْدِ عُمَرَ إِلَى السِّتَّةِ قَالَ وَهُوَ شَبِيهٌ بِإِيصَاءِ الرَّجُلِ عَلَى وَلَدِهِ لِكَوْنِ نَظَرِهِ فِيمَا يَصْلُحُ أَتَمَّ مِنْ غَيْرِهِ فَكَذَلِكَ الامام انْتهى وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ جَزَمَ كَالطَّبَرِيِّ وَقَبْلَهُ بكر بن أُخْت عبد الْوَاحِد وَبعده بن حَزْمٍ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَخْلَفَ أَبَا بَكْرٍ قَالَ وَوَجْهُهُ جَزْمُ عُمَرَ بِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَخْلِفْ لَكِنْ تَمَسَّكَ مَنْ خَالَفَهُ بِإِطْبَاقِ النَّاسِ عَلَى تَسْمِيَةِ أَبِي بَكْرٍ خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ وَاحْتَجَّ الطَّبَرِيُّ أَيْضًا بِمَا أَخْرَجَهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ رَأَيْتُ عُمَرَ يُجْلِسُ النَّاسَ وَيَقُولُ اسْمَعُوا لِخَلِيفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

.

قُلْتُ وَنَظِيرُهُ مَا فِي الْحَدِيثِ الْخَامِسِ مِنْ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى يَرَى اللَّهُ خَلِيفَةَ نَبِيِّهِ وَرُدَّ بِأَنَّ الصِّيغَةَ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مِنْ مَفْعُولٍ وَمِنْ فَاعِلٍ فَلَا حُجَّةَ فِيهَا وَيَتَرَجَّحُ كَوْنُهَا مِنْ فَاعِلٍ جَزْمُ عُمَرَ بِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَخْلِفْ وموافقة بن عُمَرَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ فَعَلَى هَذَا فَمَعْنَى خَلِيفَةِ رَسُولِ اللَّهِ الَّذِي خَلَفَهُ فَقَامَ بِالْأَمْرِ بَعْدَهُ فَسُمِّيَ خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ لِذَلِكَ وَأَنَّ عُمَرَ أَطْلَقَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ بِمَا تَضَمَّنَهُ حَدِيثُ الْبَابِ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَدِلَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا تَصْرِيحٌ لَكِنَّ مَجْمُوعَهَا يُؤْخَذُ مِنْهُ ذَلِكَ فَلَيْسَ فِي ذَلِكَ خلاف لما روى بن عُمَرَ عَنْ عُمَرَ وَكَذَا فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ مِنَ الرَّاوَنْدِيَّةِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَصَّ عَلَى الْعَبَّاسِ وَعَلَى قَوْلِ الرَّوَافِضِ كُلِّهَا أَنَّهُ نَصَّ عَلَى عَلِيٍّ وَوَجْهُ الرَّدِّ عَلَيْهِمْ إِطْبَاقُ الصَّحَابَةِ عَلَى مُتَابَعَةِ أَبِي بَكْرٍ ثُمَّ عَلَى طَاعَتِهِ فِي مُبَايَعَةِ عُمَرَ ثُمَّ عَلَى الْعَمَلِ بِعَهْدِ عُمَرَ فِي الشُّورَى وَلَمْ يَدَّعِ الْعَبَّاسُ وَلَا عَلِيٌّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهِدَ لَهُ بِالْخِلَافَةِ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ أَجْمَعُوا عَلَى انْعِقَادِ الْخِلَافَةِ بِالِاسْتِخْلَافِ وَعَلَى انْعِقَادِهَا بِعَقْدِ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ لِإِنْسَانٍ حَيْثُ لَا يَكُونُ هُنَاكَ اسْتِخْلَافٌ غَيْرَهُ وَعَلَى جَوَازِ جَعْلِ الْخَلِيفَةِ الْأَمْرَ شُورَى بَيْنَ عَدَدٍ مَحْصُورٍ أَوْ غَيْرِهِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ نَصْبُ خَلِيفَةً وَعَلَى أَنَّ وُجُوبَهُ بِالشَّرْعِ لَا بِالْعَقْلِ وَخَالَفَ بَعْضُهُمْ كَالْأَصَمِّ وَبَعْضِ الْخَوَارِجِ فَقَالُوا يَجِبُ نَصْبُ الْخَلِيفَةِ وَخَالَفَ بَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ فَقَالُوا يَجِبُ بِالْعَقْلِ لَا بِالشَّرْعِ وَهُمَا بَاطِلَانِ أَمَّا الْأَصَمُّ فَاحْتَجَّ بِبَقَاءِ الصَّحَابَةِ بِلَا خَلِيفَةٍ مُدَّةَ التَّشَاوُرِ أَيَّامَ السَّقِيفَةِ وَأَيَّامَ الشُّورَى بَعْدَ مَوْتِ عُمَرَ وَلَا حُجَّةَ لَهُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُطْبِقُوا عَلَى التَّرْكِ بَلْ كَانُوا سَاعِينَ فِي نَصْبِ الْخَلِيفَةِ آخِذِينَ فِي النَّظَرِ فِيمَنْ يَسْتَحِقُّ عَقْدَهَا لَهُ وَيَكْفِي فِي الرَّدِّ عَلَى الْأَصَمِّ أَنَّهُ مَحْجُوجٌ بِإِجْمَاعِ مَنْ قَبْلَهُ.

.
وَأَمَّا الْقَوْلُ الْآخَرُ فَفَسَادُهُ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْعَقْلَ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي الْإِيجَابِ وَالتَّحْرِيمِ وَلَا التَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ وَإِنَّمَا يَقَعُ ذَلِكَ بِحَسَبِ الْعَادَةِ انْتَهَى وَفِي قَوْلِ الْمَذْكُورِ مُدَّةَ التَّشَاوُرِ أَيَّامَ السَّقِيفَةِ خَدْشٌ يَظْهَرُ مِنَ الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَهُ وَأَنَّهُمْ بَايَعُوا أَبَا بَكْرٍ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ لِتَصْرِيحِهِ فِيهِ بِأَنَّ عُمَرَ خَطَبَ الْغَدَ مِنْ يَوْمِ تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ فَقُومُوا فَبَايِعُوهُ وَكَانَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ قَدْ بَايَعُوهُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ فَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْوَفَاةِ النَّبَوِيَّةِ وَعَقْدِ الْخِلَافَةِ لِأَبِي بَكْرٍ إِلَّا دُونَ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ إِيضَاحُ ذَلِكَ فِي مَنَاقِبِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْحَدِيثُ الثَّالِث قَوْله هِشَام هُوَ بن يُوسُف الصَّنْعَانِيّ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :6830 ... غــ : 7218 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ: قِيلَ لِعُمَرَ أَلاَ تَسْتَخْلِفُ؟ قَالَ: إِنْ أَسْتَخْلِفْ فَقَدِ اسْتَخْلَفَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّى أَبُو بَكْرٍ، وَإِنْ أَتْرُكْ فَقَدْ تَرَكَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَأَثْنَوْا عَلَيْهِ فَقَالَ: رَاغِبٌ رَاهِبٌ وَدِدْتُ أَنِّى نَجَوْتُ مِنْهَا كَفَافًا لاَ لِى وَلاَ عَلَىَّ لاَ أَتَحَمَّلُهَا حَيًّا وَمَيِّتًا.

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن يوسف) الفريابي قال: ( أخبرنا سفيان) الثوري ( عن هشام بن عروة عن أبيه) عروة بن الزبير ( عن عبد الله بن عمر) بن الخطاب -رضي الله عنهما- أنه ( قال: قيل لعمر) لما أصيب ( ألا) بالتخفيف ( تستخلف) ؟ خليفة بعدك على الناس ( قال: إن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني أبو بكر) أي حيث استخلفه ( وإن أترك) أي الاستخلاف ( فقد ترك) التصريح بالتعيين فيه ( من هو خير مني رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) فأخذ عمر -رضي الله عنه- وسطًا من الأمرين فلم يترك التعيين بمرة ولا فعله منصوصًا فيه على الشخص المستخلف وجعل الأمر في ذلك شورى بين من قطع لهم بالجنة وأبقى النظر للمسلمين في تعيين من اتفق عليه رأي الجماعة الذين جعلت الشورى فيهم ( فأثنوا) أي الحاضرون من الصحابة ( عليه) على عمر خيرًا ( فقال) عمر ( راغب) في حسن رأي فيه ( وراهب) بإثبات الواو وسقطت من اليونينية أي راهب من إظهار ما يضمره من كراهيته، أو المعنى راغب فيما عندي وراهب مني، أو المراد الناس راغب في الخلافة وراهب منها فإن وليت الراغب فيها خشيت أن لا يُعان عليها، وإن وليت الراهب منها خشيت أن لا يقوم بها.
وقال عياض: هما وصفان لعمر أي راغب فيما عند الله وراهب من عقابه فلا أعول على ثنائكم وذلك يشغلني عن العناية بالاستخلاف عليكم ( وددت أني نجوت منها) أي من الخلافة ( كفافًا) بفتح الكاف وتخفيف الفاء ( لا لى) خيرها ( ولا عليّ) شرها ( لا أتحملها) أي الخلافة ( حيًّا وميتًا) ولأبي ذر ولا ميتًا فلا أعين لها شخصًا بعينه فأتحملها في حال الحياة والممات.

وفي الحديث جواز عقد الخلافة من الإمام المتولي لغيره بعده وإن أمره في ذلك جائز على عامة المسلمين لإطباق الصحابة ومن بعدهم معهم على العمل بما عهده أبو بكر لعمر، وكذا لم يختلفوا في قبول عهد عمر إلى الستة وهو شبيه بإيصاء الرجل على ولده ليكون نظره فيما يصلح أتم من غيره فكذلك الإمام، وقال النووي وغيره أجمعوا على انعقاد الخلافة بالاستخلاف وعلى انعقادها بأهل الحل والعقد لإنسان حيث لا يكون هناك استخلاف غيره وعلى جواز جعل الخليفة الأمر شورى بين عدد مخصوص أو غيره.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :6830 ... غــ :7218 ]
- حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ يُوسُفُ، أخبرنَا سُفْيانُ، عنْ هِشامِ بنِ عُرْوَةَ، عنْ أبِيهِ عنْ عَبْدِ الله بنِ عُمَرَ، رَضِي الله عَنْهُمَا، قَالَ: قِيلَ لِعُمَرَ: ألاَ تَسْتَخْلِف؟ قَالَ: إنْ اسْتَخْلِفْ فَقَدِ اسْتَخْلَفَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي أبُو بَكْرٍ، وإنْ أتْرُكْ فَقَدْ تَرَكَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي رسولُ الله فأثْنَوْا عَلَيْهِ فَقَالَ راغِبٌ وراهِبٌ ودِدتُ أنِّي نَجَوْتُ مِنْها كَفافاً لَا لِي وَلَا عَليَّ لَا أتَحَمَّلُها حَيّاً وَلَا مَيِّتاً.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَمُحَمّد بن يُوسُف هُوَ الْفرْيَابِيّ، وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ، وَهِشَام بن عُرْوَة يروي عَن أَبِيه عُرْوَة بن الزبير عَن ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا.

قَوْله: أَلا تسْتَخْلف أَلا، كلمة تَنْبِيه وتحضيض أَي: أَلا تجْعَل خَليفَة بعْدك؟ وَفِي مُسلم عَن ابْن عمر: حضرت أبي حِين أُصِيب، قَالُوا: اسْتخْلف.
قَوْله: فقد ترك أَي: التَّصْرِيح بالشخص الْمعِين، وَعقد الْأَمر لَهُ.
قَوْله: فَأَثْنوا عَلَيْهِ أَي: أثنت الصَّحَابَة الْحَاضِرُونَ على عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
قَوْله: فَقَالَ أَي: عمر رَاغِب وراهب أَي: رَاغِب فِي الثَّنَاء فِي حسن رَأْيِي، رَاهِب من إِظْهَار مَا بِنَفسِهِ من الْكَرَاهَة.
وَقيل: رَاغِب فِي الْخلَافَة رَاهِب مِنْهَا.
فَإِن وليت الرَّاغِب خشيت أَن لَا يعان عَلَيْهَا، وَإِن وليت الراهب خشيت أَن لَا يقوم بهَا، وَلِهَذَا توَسط حَاله بَين الْحَالَتَيْنِ جعلهَا لأحد من الطَّائِفَة السِّتَّة وَلم يَجْعَلهَا لوَاحِد معِين مِنْهُم..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: وَيحْتَمل أَن يُرَاد أَنِّي رَاغِب فِيمَا عِنْد الله رَاهِب من عَذَابه، وَلَا أعول على نياتكم.
وَفِيه: دَلِيل على أَن الْخلَافَة تحصل بِنَصّ الإِمَام السَّابِق.
قَوْله: كفافاً أَي: يكف عني وأكف عَنْهَا، أَي: رَأْسا بِرَأْس لَا لي وَلَا عَليّ.
قَوْله: لَا أتحملها أَي: الْخلَافَة حَيا وَلَا مَيتا أَي: فَلَا أجمع فِي تحملهَا بَينهمَا فَلَا أعين شخصا بِعَيْنِه..
     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: وَغَيره أَجمعُوا على انْعِقَاد الْخلَافَة بالاستخلاف، وعَلى انْعِقَادهَا بِعقد أهل الْحل وَالْعقد لإِنْسَان حَيْثُ لَا يكون هُنَاكَ اسْتِخْلَاف غَيره، وعَلى جَوَاز جعل الْخَلِيفَة الْأَمر شُورَى بَين عدد مَحْصُور أَو غَيره، وَأَجْمعُوا على أَنه يجب نصب خَليفَة، وعَلى أَن وُجُوبه بِالشَّرْعِ لَا بِالْعقلِ،.

     وَقَالَ  الْأَصَم وَبَعض الْخَوَارِج: لَا يجب نصب الْخَلِيفَة،.

     وَقَالَ  بعض الْمُعْتَزلَة: يجب بِالْعقلِ لَا بِالشَّرْعِ.


حدّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ مُوسَى، أخبرنَا هِشامٌ، عنْ مَعْمَرٍ، عنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبرنِي أنَسُ بن مالِكٍ، رَضِي الله عَنهُ، أنَّهُ سَمِعَ خُطْبةَ عُمَرَ الأخِيرَةَ حِينَ جَلَسَ عَلى المِنْبَرِ، وذالِكَ الغَدَ مِنْ يَوْمِ تُوُفِّيَ النبيُّ فَتَشَهَّدَ وأبُو بَكْرٍ صامِتٌ لَا يَتكَلَّمُ، قَالَ: كنْتُ أرْجُو أنْ يَعِيشَ رسولُ الله حتَّى يَدْبُرَنا يُرِيدُ بِذَلِكَ أنْ يَكُونَ آخِرَهُمْ فإنْ يَكُ مُحَمَّدٌ قَدْ ماتَ فإنَّ الله تَعَالَى قَدْ جَعَلَ بَيْنَ أظْهُرِكُمْ نُوراً تَهْتَدُونَ بِهِ، بِمَا هَداى الله مُحَمَّداً وإنَّ أَبَا بَكْرٍ صاحِبُ رسولِ الله ثانِي اثْنَيْنِ، فإنَّهُ أوْلَى المُسْلِمِينَ بِأمُوُرِكُمْ فَقُومُوا فَبايِعُوهُ، وكانَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ قَدْ بايَعُوهُ قَبْلَ ذالِكَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي ساعِدَةَ، وكانَتْ بَيْعةُ العامَّةِ عَلى المِنْبَرِ.

قَالَ الزُّهْرِيُّ عنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ: سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ لأبي بَكْرٍ يَوْمَئِذٍ: اصْعَدِ المَنْبَرَ فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حتَّى صَعِدَ المِنْبَرَ فبايَعَهُ النَّاسُ عامَّةً.

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: فَإِنَّهُ أولى الْمُسلمين بأموركم
وَإِبْرَاهِيم بن مُوسَى بن يزِيد الْفراء أَبُو إِسْحَاق الرَّازِيّ يعرف بالصغير وَهُوَ شيخ مُسلم أَيْضا، وَهِشَام هُوَ ابْن يُوسُف وَمعمر هُوَ ابْن رَاشد.

قَوْله: الْأَخِيرَة مَنْصُوب على أَنه صفة الْخطْبَة وَأما الْخطْبَة الأولى فَهِيَ الَّتِي خطب بهَا يَوْم الْوَفَاة،.

     وَقَالَ : إِن مُحَمَّدًا لم يمت وَإنَّهُ سيرجع، وَهِي كالاعتذار من الأولى.
قَوْله: وَذَلِكَ الْغَد مَنْصُوب على الظَّرْفِيَّة أَي: إِتْيَانه بِالْخطْبَةِ فِي الْغَد من يَوْم توفّي النَّبِي قَوْله: وَأَبُو بكر الْوَاو فِيهِ للْحَال.
قَوْله: صَامت أَي: سَاكِت.
قَوْله: كنت أَرْجُو أَي: قَالَ عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
قَوْله: حَتَّى يدبرنا بِضَم الْيَاء الْمُوَحدَة أَي: يَمُوت بَعدنَا ويخلفنا يُقَال: دبرني فلَان خلفني، وَقد فسره فِي الحَدِيث بقوله: يُرِيد بذلك أَن يكون آخِرهم وَوَقع فِي رِوَايَة عقيل: وَلَكِن رَجَوْت أَن يعِيش رَسُول الله حَتَّى يدبر أمرنَا، بتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة من التَّدْبِير.
قَوْله: فَإِن يَك مُحَمَّد من كَلَام عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
قَوْله: نورا أَي: قُرْآنًا، وَوَقع بَيَانه فِي رِوَايَة معمر عَن الزُّهْرِيّ فِي أَوَائِل الِاعْتِصَام بِلَفْظ: وَهَذَا الْكتاب الَّذِي هدى الله بِهِ رَسُوله فَخُذُوا بِهِ تهتدوا فَإِنَّمَا يهدي الله مُحَمَّدًا بِهِ.
قَوْله: صَاحب رَسُول الله قَالَ ابْن التِّين: قدم الصُّحْبَة لشرفها، وَلما كَانَ غَيره قد شَاركهُ فِيهَا عطف عَلَيْهِ مَا انْفَرد بِهِ أَبُو بكر وَهُوَ كَونه ثَانِي اثْنَيْنِ وَهُوَ أعظم فضائله الَّتِي اسْتحق بهَا أَن يكون خَليفَة من بعد النَّبِي وَلذَلِك قَالَ: فَإِنَّهُ أولى النَّاس بأموركم قَوْله: فَقومُوا من كَلَام عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَيْضا يُخَاطب بِهِ الْحَاضِرين من الصَّحَابَة.
قَوْله: فِي سَقِيفَة بني سَاعِدَة السَّقِيفَة الساباط والطاق كَانَت مَكَان اجْتِمَاعهم للحكومات، وَبَنُو سَاعِدَة بن كَعْب بن الْخَزْرَج.
قَالَ ابْن دُرَيْد: سَاعِدَة، اسْم من أَسمَاء الْأسد.
قَوْله: وَكَانَت بيعَة الْعَامَّة على الْمِنْبَر أَي: فِي الْيَوْم الْمَذْكُور.

قَوْله: قَالَ الزُّهْرِيّ عَن أنس مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور.
قَوْله: صعد الْمِنْبَر وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: حَتَّى أصعده.
قَوْله: فَبَايعهُ النَّاس عَامَّة أَرَادَ أَن الْبيعَة الثَّانِيَة كَانَت أَعم وَأشهر من الْبيعَة الَّتِي وَقعت فِي سَقِيفَة بني سَاعِدَة.