6855 حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ ، عَنِ الأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَوْلاَ الهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الأَنْصَارِ ، وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا وَسَلَكَتِ الأَنْصَارُ وَادِيًا - أَوْ شِعْبًا - لَسَلَكْتُ وَادِيَ الأَنْصَارِ ، - أَوْ شِعْبَ الأَنْصَارِ - |
Narrated Abu Huraira:
Allah's Messenger (ﷺ) said, But for the emigration, I would have been one of the Ansar: and if the people took their way in a valley (or a mountain pass), I would take the Ansar's valley or the mountain pass.
":"ہم سے ابو الیمان نے بیان کیا ‘ انہوں نے کہا ہم کو شعیب نے خبر دی ‘ انہوں نے کہا ہم سے ابوالزناد نے بیان کیا ‘ ان سے اعرج نے بیان کیا اور ان سے حضرت ابوہریرہ رضی اللہ عنہ نے بیان کیا کہرسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا اگر ہجرت ( کی فضیلت ) نہ ہوتی تو میں انصار کا ایک فرد بننا ( پسند کرتا ) اور اگر دوسرے لوگ کسی وادی میں چلیں اور انصار ایک وادی یا گھاٹی میں چلیں تو میں انصار کی وادی یا گھاٹی میں چلوں گا ۔
شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث
[7244] قَوْلِهِ لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا أَوْ شِعْبًا لَسَلَكْتُ وَادِيَ الْأَنْصَارِ أَوْ شِعْبَهُمْ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَوْصُولًا فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ أَيْضًا بَعْدَ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْمُشَارِ إِلَيْهِ مَعَ الْكَلَامِ عَلَيْهِ وَتَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي مَنَاقِبِ الْأَنْصَارِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ قَالَ السُّبْكِيُّ الْكَبِيرُ مَقْصُودُ الْبُخَارِيِّ بِالتَّرْجَمَةِ وَأَحَادِيثِهَا أَنَّ النُّطْقَ بِلَوْ لَا يُكْرَهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ فِي شَيْءٍ مَخْصُوصٍ يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ مِنَ اللَّوْ فَأَشَارَ إِلَى التَّبْعِيضِ وَوُرُودُهَا فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَلِذَا قَالَ الطَّحَاوِيُّ بَعْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ وَإِيَّاكَ وَاللَّوْ دَلَّ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ أَنْ يَقُولَ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْب وَقَولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ وَقَولُهُ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ وَرَجُلٌ يَقُولُ لَوْ أَنَّ اللَّهَ آتَانِي مِثْلَ مَا آتَى فُلَانًا لَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا عَمِلَ عَلَى أَنَّ لَوْ لَيْسَتْ مَكْرُوهَةً فِي كُلِّ الْأَشْيَاءِ وَدَلَّ .
قَوْلُهُ تَعَالَى عَنِ الْمُنَافِقِينَ لَو كَانَ لنا من الْأَمر شَيْء وَرَدَّهُ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ عَلَى مَا يُبَاحُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ وَوَجَدْنَا الْعَرَبَ تَذُمُّ اللَّوْ وَتُحَذِّرُ مِنْهُ فَتَقُولُ احْذَرِ اللَّوْ وَإِيَّاكَ وَلَوْ يُرِيدُونَ قَوْلَهُ لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ هَذَا خَيْرٌ لَعَمِلْتُهُ وَفِي حَدِيثِ سَلْمَانَ الْإِيمَانُ بِالْقَدَرِ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ أَصَابَكَ لَوْ فَعَلْتُ كَذَا أَيْ لَكَانَ كَذَا قَالَ السُّبْكِيُّ وَقَدْ تَأَمَّلْتُ اقْتِرَانَ قَوْلِهِ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ بِقَوْلِهِ وَإِيَّاكَ وَاللَّوْ فَوَجَدْتُ الْإِشَارَةَ إِلَى مَحَلِّ لَوِ الْمَذْمُومَةِ وَهِيَ نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا فِي الْحَالِ مَا دَامَ فِعْلُ الْخَيْرِ مُمْكِنًا فَلَا يُتْرَكُ لِأَجْلِ فَقْدِ شَيْءٍ آخَرَ فَلَا تَقُولُ لَوْ أَنَّ كَذَا كَانَ مَوْجُودًا لَفَعَلْتُ كَذَا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى فِعْلِهِ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ ذَاكَ بَلْ يَفْعَلُ الْخَيْرَ وَيَحْرِصُ عَلَى عَدَمِ فَوَاتِهِ وَالثَّانِي مَنْ فَاتَهُ أَمْرٌ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا فَلَا يَشْغَلْ نَفْسَهُ بِالتَّلَهُّفِ عَلَيْهِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمَقَادِيرِ وَتَعْجِيلِ تَحَسُّرٍ لَا يُغْنِي شَيْئًا وَيَشْتَغِلُ بِهِ عَنِ اسْتِدْرَاكِ مَا لَعَلَّه يجدي فالذم رَاجع فِيمَا يؤل فِي الْحَال إِلَى التَّفْرِيط وَفِيمَا يؤل فِي الْمَاضِي إِلَى الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْقَدْرِ وَهُوَ أَقْبَحُ مِنَ الْأَوَّلِ فَإِنِ انْضَمَّ إِلَيْهِ الْكَذِبُ فَهُوَ أَقْبَحُ مِثْلَ قَوْلِ الْمُنَافِقِينَ لَوِ اسْتَطَعْنَا لخرجنا مَعكُمْ وَقَوْلهمْ لَو نعلم قتالا لَا تبعناكم وَكَذَا قَوْلهم لَو أطاعونا مَا قتلوا ثُمَّ قَالَ وَكُلُّ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ لَوِ الَّتِي مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى كَقَوْلِهِ تَعَالَى قل لَو كُنْتُم فِي بُيُوتكُمْ وَلَو كُنْتُم فِي بروج مشيدة وَنَحْوِهِمَا فَهُوَ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ تَعَالَى عَالِمٌ بِهِ.
.
وَأَمَّا الَّتِي لِلرَّبْطِ فَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهَا وَلَا الْمَصْدَرِيَّةُ إِلَّا إِنْ كَانَ مُتَعَلَّقُهَا مَذْمُومًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ من بعد ايمانكم كفَّارًا لِأَنَّ الَّذِي وَدُّوهُ وَقَعَ خِلَافُهُ انْتَهَى مُلَخَّصًا( قَولُهُ بَابُ مَا جَاءَ فِي إِجَازَةِ خَبَرِ الْوَاحِدِ)
هَكَذَا عِنْدَ الْجَمِيعِ بِلَفْظِ بَابُ إِلَّا فِي نُسْخَةِ الصَّغَانِيِّ فَوَقَعَ فِيهَا كِتَابُ أَخْبَارِ الْآحَادِ ثُمَّ قَالَ بَابُ مَا جَاءَ إِلَى آخِرِهَا فَاقْتَضَى أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ كِتَابِ الْأَحْكَامِ وَهُوَ وَاضِحٌ وَبِهِ يَظْهَرُ أَنَّ الْأَوْلَى فِي التَّمَنِّي أَنْ يُقَالَ بَابُ لَا كِتَابُ أَوْ يُؤَخَّرُ عَنْ هَذَا الْبَابِ وَقَدْ سَقَطَتِ الْبَسْمَلَةُ لِأَبِي ذَرٍّ وَالْقَابِسِيِّ وَالْجُرْجَانِيِّ وَثَبَتَتْ هُنَا قَبْلَ الْبَابِ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ وَالْأَصِيلِيِّ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ أَبْوَابِ الِاعْتِصَامِ فَإِنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مُتَعَلَّقَاتِهِ فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ بَيَّضَ الْكِتَابَ قَدَّمَهُ عَلَيْهِ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ قَبْلَ الْبَسْمَلَةِ كِتَابُ خَبَرِ الْوَاحِدِ وَلَيْسَ بِعُمْدَةٍ وَالْمُرَادُ بِالْإِجَازَةِ جَوَازُ الْعَمَلِ بِهِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ حجَّة وبالواحد هُنَا حَقِيقَةُ الْوَحْدَةِ.
.
وَأَمَّا فِي اصْطِلَاحِ الْأُصُولِيِّينَ فَالْمُرَادُ بِهِ مَا لَمْ يَتَوَاتَرْ وَقَصْدُ التَّرْجَمَةِ الرَّدُّ بِهِ عَلَى مَنْ يَقُولُ إِنَّ الْخَبَرَ لَا يُحْتَجُّ بِهِ إِلَّا إِذَا رَوَاهُ أَكْثَرُ مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ حَتَّى يَصِيرَ كَالشَّهَادَةِ وَيَلْزَمُ مِنْهُ الرَّدُّ عَلَى مَنْ شَرَطَ أَرْبَعَةً أَوْ أَكْثَرَ فَقَدْ نَقَلَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيُّ أَنَّ بَعْضَهُمُ اشْتَرَطَ فِي قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ أَنْ يَرْوِيَهُ ثَلَاثَةٌ عَنْ ثَلَاثَةٍ إِلَى مُنْتَهَاهُ وَاشْتَرَطَ بَعْضُهُمْ أَرْبَعَةٌ عَنْ أَرْبَعَةٍ وَبَعْضُهُمْ خَمْسَةٌ عَنْ خَمْسَةٍ وَبَعْضُهُمْ سَبْعَةٌ عَنْ سَبْعَةٍ انْتَهَى وَكَأَنَّ كُلَّ قَائِلٍ مِنْهُمْ يَرَى أَنَّ الْعَدَدَ الْمَذْكُورَ يُفِيدُ التَّوَاتُرَ أَوْ يَرَى تَقْسِيمَ الْخَبَرِ إِلَى مُتَوَاتِرٍ وَآحَادٍ وَمُتَوَسِّطٍ بَيْنَهُمْ وَفَاتَ الْأُسْتَاذَ ذِكْرُ مَنِ اشْتَرَطَ اثْنَيْنِ عَنِ اثْنَيْنِ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنْ بَعْضِ الْمُعْتَزِلَةِ وَنَقَلَهُ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْجُبَّائِيِّوَنُسِبَ إِلَى الْحَاكِمِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَأَنَّهُ ادَّعَى أَنَّهُ شَرْطُ الشَّيْخَيْنِ وَلَكِنَّهُ غَلَطٌ عَلَى الْحَاكِمِ كَمَا أَوْضَحْتُهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى عُلُومِ الْحَدِيثِ وَقَولُهُ الصَّدُوقُ قَيْدٌ لَا بُدَّ مِنْهُ وَإِلَّا فَمُقَابِلُهُ وَهُوَ الْكَذُوبُ لَا يُحْتَجُّ بِهِ اتِّفَاقًا.
.
وَأَمَّا مَنْ لَمْ يُعْرَفْ حَالُهُ فَثَالِثُهَا يَجُوزُ إِنِ اعْتَضَدَ وَقَولُهُ وَالْفَرَائِضِ بَعْدَ قَوْلِهِ فِي الْأَذَانِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَأَفْرَدَ الثَّلَاثَةَ بِالذِّكْرِ لِلِاهْتِمَامِ بِهَا قَالَ الْكِرْمَانِيُّ لِيُعْلَمَ إِنَّمَا هُوَ فِي الْعَمَلِيَّاتِ لَا فِي الِاعْتِقَادِيَّاتِ وَالْمُرَادُ بِقَبُولِ خَبَرِهِ فِي الْأَذَانِ أَنَّهُ إِذَا كَانَ مُؤْتَمَنًا فَأَذَّنَ تَضَمَّنَ دُخُولَ الْوَقْتِ فَجَازَتْ صَلَاةُ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَفِي الصَّلَاةِ الْإِعْلَامُ بِجِهَةِ الْقِبْلَةِ وَفِي الصَّوْمِ الْإِعْلَامُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ أَوْ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَقَولُهُ وَالْأَحْكَامِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَالْفَرَائِضِ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى عَامٍّ أَخَصُّ مِنْهُ لِأَنَّ الْفَرَائِضَ فَرْدٌ مِنَ الْأَحْكَامِ .
قَوْلُهُ وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى فَلَوْلَا نَفَرَ من كل فرقة مِنْهُم طَائِفَة الْآيَةَ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ سِيَاقُ الْآيَةِ إِلَى قَوْلِهِ يَحْذَرُونَ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فِي رِوَايَةٍ غَيْرِهَا الْآيَةَ وَهَذَا مَصِيرٌ مِنْهُ إِلَى أَنَّ لَفْظَ طَائِفَةٍ يَتَنَاوَلُ الْوَاحِدَ فَمَا فَوْقَهُ وَلَا يَخْتَصُّ بِعَدَدٍ مُعَيَّنٍ وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنِ بن عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ كَالنَّخَعِيِّ وَمُجَاهِدٍ نَقَلَهُ الثَّعْلَبِيُّ وَغَيْرُهُ وَعَن عَطاء وَعِكْرِمَة وبن زيد أَرْبَعَة وَعَن بن عَبَّاسٍ أَيْضًا مِنْ أَرْبَعَةٍ إِلَى أَرْبَعِينَ وَعَنِ الزُّهْرِيِّ ثَلَاثَةٌ وَعَنِ الْحَسَنِ عَشَرَةٌ وَعَنْ مَالِكٍ أقل الطَّائِفَة أَرْبَعَة كَذَا أطلق بن التِّينِ وَمَالِكٌ إِنَّمَا قَالَهُ فِيمَنْ يَحْضُرُ رَجْمَ الزَّانِي وَعَنْ رَبِيعَةَ خَمْسَةٌ.
وَقَالَ الرَّاغِبُ لَفْظُ طَائِفَةٍ يُرَادُ بِهَا الْجَمْعُ وَالْوَاحِدُ طَائِفٌ وَيُرَادُ بِهَا الْوَاحِدُ فَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ كَرَاوِيَةٍ وَعَلَامَةٍ وَيَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْجَمْعُ وَأُطْلِقَ عَلَى الْوَاحِدِ.
وَقَالَ عَطَاءٌ الطَّائِفَةُ اثْنَانِ فَصَاعِدًا وَقَوَّاهُ أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجُ بِأَنَّ لَفْظَ طَائِفَةٍ يُشْعِرُ بِالْجَمَاعَةِ وَأَقَلُّهَا اثْنَانِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الطَّائِفَةَ فِي اللُّغَةِ الْقِطْعَةُ مِنَ الشَّيْءِ فَلَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْعَدَدُ وَقَرَّرَ بَعْضُهُمْ الِاسْتِدْلَالَ بِالْآيَةِ الْأُولَى عَلَى وَجْهٍ آخَرَ فَقَالَ لَمَّا قَالَ فَلَوْلَا نَفَرَ من كل فرقة وَكَانَ أَقَلُّ الْفِرْقَةِ ثَلَاثَةً وَقَدْ عَلَّقَ النَّفَرَ بِطَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَأَقَلُّ مَنْ يَنْفِرُ وَاحِدٌ وَيَبْقَى اثْنَانِ وَبِالْعَكْسِ .
قَوْلُهُ وَيُسَمَّى الرَّجُلُ طَائِفَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى وان طَائِفَتَانِ من الْمُؤمنِينَ اقْتَتَلُوا فَلَوِ اقْتَتَلَ رَجُلَانِ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ الرَّجُلَانِ دَخَلَا فِي مَعْنَى الْآيَةِ وَهَذَا الِاسْتِدْلَالُ سَبَقَهُ إِلَى الْحُجَّةِ بِهِ الشَّافِعِيُّ وَقَبْلَهُ مُجَاهِدٌ وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ قَوْلَهُ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤمنِينَ لِكَوْنِ سِيَاقِهِ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ لِأَنَّا لَمْ نَقُلْ إِنَّ الطَّائِفَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا وَاحِدًا .
قَوْلُهُ وَقَولُهُ إِنْ جَاءَكُمْ فَاسق بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهَا يُؤْخَذُ مِنْ مَفْهُومَيِ الشَّرْطِ وَالصِّفَةِ فَإِنَّهُمَا يَقْتَضِيَانِ قَبُولَ خَبَرِ الْوَاحِدِ وَهَذَا الدَّلِيلُ يُورَدُ لِلتَّقَوِّي لَا لِلِاسْتِقْلَالِ لِأَنَّ الْمُخَالِفَ قَدْ لَا يَقُولُ بِالْمَفَاهِيمِ وَاحْتَجَّ الْأَئِمَّةُ أَيْضًا بِآيَاتٍ أُخْرَى وَبِالْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْبَابِ وَاحْتَجَّ مَنْ مَنَعَ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُفِيدُ إِلَّا الظَّنَّ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَجْمُوعَهَا يُفِيدُ الْقَطْعَ كَالتَّوَاتُرِ الْمَعْنَوِيِّ وَقَدْ شَاعَ فَاشِيًا عَمَلُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَاقْتَضَى الِاتِّفَاقُ مِنْهُمْ عَلَى الْقَبُولِ وَلَا يُقَالُ لَعَلَّهُمْ عَمِلُوا بِغَيْرِهَا أَوْ عَمِلُوا بِهَا لَكِنَّهَا أَخْبَارٌ مَخْصُوصَةٌ بِشَيْءٍ مَخْصُوصٍ لِأَنَّا نَقُولُ الْعِلْمُ حَاصِلٌ مِنْ سِيَاقِهَا بِأَنَّهُمْ إِنَّمَا عَمِلُوا بِهَا لِظُهُورِهَا لَا لِخُصُوصِهَا .
قَوْلُهُ وَكَيْفَ بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَرَاءَهُ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ فَإِنْ سَهَا أَحَدٌ مِنْهُمْ رُدَّ إِلَى السُّنَّةِ سَيَأْتِي فِي أَوَاخِرِ الْكَلَامِ عَلَى خَبَرِ الْوَاحِدِ بَابِ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْعَثُ مِنَ الْأُمَرَاءِ وَالرُّسُلِ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ فَزَادَ فِيهِ بُعِثَ الرُّسُلُ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ تَعَدُّدُ الْجِهَاتِ الْمَبْعُوثِ إِلَيْهَا بِتَعَدُّدِ الْمَبْعُوثِينَ وَحَمَلَهُ الْكِرْمَانِيُّ عَلَى ظَاهِرِهِ فَقَالَ فَائِدَةُ بَعْثِ الْآخِرِ بَعْدَ الْأَوَّلِ لِيَرُدَّهُ إِلَى الْحَقِّ عِنْدَ سَهْوِهِ وَلَا يَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ خَبَرَ وَاحِدٍ وَهُوَ اسْتِدْلَالٌ قَوِيٌّ لِثُبُوتِ خَبَرِ الْوَاحِدِ مِنْ فِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ لَوْ لَمْ يَكْفِ قَبُولُهُ مَا كَانَ فِي إِرْسَالِهِ مَعْنًى وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِالشَّافِعِيُّ أَيْضًا كَمَا سَأَذْكُرُهُ وَأَيَّدَهُ بِحَدِيثِ لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَبِحَدِيثِ نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنِّي حَدِيثًا فَأَدَّاهُ وَهُوَ فِي السُّنَنِ وَاعْتَرَضَ بَعْضُ الْمُخَالِفِينَ بِأَنَّ إِرْسَالَهُمْ إِنَّمَا كَانَ لِقَبْضِ الزَّكَاةِ وَالْفُتْيَا وَنَحْوِ ذَلِكَ وَهِيَ مُكَابَرَةٌ فَإِنَّ الْعِلْمَ حَاصِلٌ بِإِرْسَالِ الْأُمَرَاءِ لِأَعَمَّ مِنْ قَبْضِ الزَّكَاةِ وَإِبْلَاغِ الْأَحْكَامِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَشْتَهِرْ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا تَأْمِيرُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَأَمْرُهُ لَهُ وَقَولُهُ لَهُ إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ إِلَخْ وَالْأَخْبَارُ طَافِحَةٌ بِأَنَّ أَهْلَ كُلِّ بَلَدٍ مِنْهُمْ كَانُوا يَتَحَاكَمُونَ إِلَى الَّذِي أُمِّرَ عَلَيْهِمْ وَيَقْبَلُونَ خَبَرَهُ وَيَعْتَمِدُونَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ الْتِفَاتٍ إِلَى قَرِينَةٍ وَفِي أَحَادِيثِ هَذَا الْبَابِ كَثِيرٌ مِنْ ذَلِكَ وَاحْتَجَّ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ مَعَ أَنَّهُ كَانَ رَسُولًا إِلَى النَّاسِ كَافَّةً وَيَجِبُ عَلَيْهِ تَبْلِيغُهُمْ فَلَوْ كَانَ خَبَرُ الْوَاحِدِ غَيْرَ مَقْبُولٍ لَتَعَذَّرَ إِبْلَاغُ الشَّرِيعَةِ إِلَى الْكُلِّ ضَرُورَةً لِتَعَذُّرِ خِطَابِ جَمِيعِ النَّاسِ شِفَاهًا وَكَذَا تَعَذُّرُ إِرْسَالِ عَدَدِ التَّوَاتُرِ إِلَيْهِمْ وَهُوَ مَسْلَكٌ جَيِّدٌ يَنْضَمُّ إِلَى مَا احْتَجَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ ثُمَّ الْبُخَارِيُّ وَاحْتَجَّ مَنْ رَدَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ بِتَوَقُّفِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَبُولِ خَبَرِ ذِي الْيَدَيْنِ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّهُ عَارَضَ عِلْمَهُ وَكُلُّ خَبَرٍ وَاحِدٍ إِذَا عَارَضَ الْعِلْمَ لَمْ يُقْبَلْ وَبِتَوَقُّفِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فِي حَدِيثَيِ الْمُغِيرَةِ فِي الْجَدَّةِ وَفِي مِيرَاثِ الْجَنِينِ حَتَّى شَهِدَ بِهِمَا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَبِتَوَقُّفِ عُمَرَ فِي خَبَرِ أَبِي مُوسَى فِي الاسْتِئْذَان حَتَّى شهد لَهُ أَبُو سعيد وبتوقف عَائِشَة فِي خبر بن عُمَرَ فِي تَعْذِيبِ الْمَيِّتِ بِبُكَاءِ الْحَيِّ وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا وَقَعَ مِنْهُمْ إِمَّا عِنْدَ الِارْتِيَابِ كَمَا فِي قِصَّةِ أَبِي مُوسَى فَإِنَّهُ أَوْرَدَ الْخَبَرَ عِنْدَ إِنْكَارِ عُمَرَ عَلَيْهِ رُجُوعَهُ بَعْدَ الثَّلَاثِ وَتَوَعُّدِهُ فَأَرَادَ عُمَرُ الِاسْتِثْبَاتَ خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ دَفَعَ بِذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ وَقَدْ أَوْضَحْتُ ذَلِكَ بِدَلَائِلِهِ فِي كِتَابِ الِاسْتِئْذَانِ.
.
وَأَمَّا عِنْدَ مُعَارَضَةِ الدَّلِيلِ الْقَطْعِيِّ كَمَا فِي إِنْكَارِ عَائِشَةَ حَيْثُ اسْتَدَلَّتْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَهَذَا كُلُّهُ إِنَّمَا يَصِحُّ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِهِ مَنْ يَقُولُ لَا بُدَّ مِنَ اثْنَيْنِ عَنِ اثْنَيْنِ وَإِلَّا فَمَنْ يَشْتَرِطُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَجَمِيعُ مَا ذُكِرَ قَبْلَ عَائِشَةَ حُجَّةٌ عَلَيْهِ لأَنهم قبلو االخبر مِنَ اثْنَيْنِ فَقَطْ وَلَا يَصِلُ ذَلِكَ إِلَى التَّوَاتُرِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ وُجُودِ الْقَرِينَةِ إِذْ لَوْ كَانَتْ مَوْجُودَةً مَا احْتِيجَ إِلَى الثَّانِي وَقَدْ قَبِلَ أَبُو بَكْرٍ خَبَرَ عَائِشَةَ فِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاتَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَقَبِلَ عُمَرُ خَبَرَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فِي أَنَّ دِيَةَ الْأَصَابِعِ سَوَاءٌ وَقَبِلَ خَبَرَ الضَّحَّاك بن سُفْيَان فِي تَوْرِيث الْمَرْأَة من دِيَةِ زَوْجِهَا وَقَبِلَ خَبَرَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي أَمْرِ الطَّاعُونِ وَفِي أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنَ الْمَجُوسِ وَقَبِلَ خَبَرَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَقَبِلَ عُثْمَانُ خَبَرَ الْفُرَيْعَةِ بِنْتِ سِنَانٍ أُخْتِ أَبِي سَعِيدٍ فِي إِقَامَة الْمُعْتَمدَة عَنِ الْوَفَاةِ فِي بَيْتِهَا إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَمِنْ حَيْثُ النَّظَرُ أَنَّ الرَّسُولَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بُعِثَ لِتَبْلِيغِ الْأَحْكَامِ وَصِدْقُ خَبَرِ الْوَاحِدِ مُمْكِنٌ فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ احْتِيَاطًا وَأَنَّ إِصَابَةَ الظَّنِّ بِخَبَرِ الصَّدُوقِ غَالِبَةٌ وَوُقُوعُ الْخَطَأِ فِيهِ نَادِرٌ فَلَا تُتْرَكُ الْمَصْلَحَةُ الْغَالِبَةُ خَشْيَةَ الْمَفْسَدَةِ النَّادِرَةِ وَأَنَّ مَبْنَى الْأَحْكَامِ عَلَى الْعَمَلِ بِالشَّهَادَةِ وَهِيَ لَا تُفِيدُ الْقَطْعَ بِمُجَرَّدِهَا وَقَدْ رَدَّ بَعْضُ مَنْ قَبِلَ خَبَرَ الْوَاحِدِ مَا كَانَ مِنْهُ زَائِدًا عَلَى الْقُرْآنِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُمْ قَبِلُوهُ فِي وُجُوبِ غَسْلِ الْمَرْفِقِ فِي الْوُضُوءِ وَهُوَ زَائِدٌ وَحُصُولُ عُمُومِهِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ كَنِصَابِ السَّرِقَةِ وَرَدَّهُ بَعْضُهُمْ بِمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى وَفَسَّرُوا ذَلِكَ بِمَا يَتَكَرَّرُ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُمْ عَمِلُوا بِهِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ كَإِيجَابِ الْوُضُوءِ بِالْقَهْقَهَةِ فِي الصَّلَاةِ وَبِالْقَيْءِ وَالرُّعَافِ وَكُلُّ هَذَا مَبْسُوطٌ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ اكْتَفَيْتُ هُنَا بِالْإِشَارَةِ إِلَيْهِ وَجُمْلَةُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفِ هُنَا اثْنَانِ وَعِشْرُونَ حَدِيثًا الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ حَدِيثُ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ بِمُهْمَلَةٍ ومثلثة مصغر بن حشيش بِمُهْملَة ومعجمتين وزن عَظِيم وَيُقَال بن أَشْيَمَ بِمُعْجَمَةٍ وَزْنُ أَحْمَرَ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ لَيْثِ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ حِجَازِيٍّ سَكَنَ الْبَصْرَةَ وَمَاتَ بِهَا( قَولُهُ بَابُ مَا جَاءَ فِي إِجَازَةِ خَبَرِ الْوَاحِدِ)
هَكَذَا عِنْدَ الْجَمِيعِ بِلَفْظِ بَابُ إِلَّا فِي نُسْخَةِ الصَّغَانِيِّ فَوَقَعَ فِيهَا كِتَابُ أَخْبَارِ الْآحَادِ ثُمَّ قَالَ بَابُ مَا جَاءَ إِلَى آخِرِهَا فَاقْتَضَى أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ كِتَابِ الْأَحْكَامِ وَهُوَ وَاضِحٌ وَبِهِ يَظْهَرُ أَنَّ الْأَوْلَى فِي التَّمَنِّي أَنْ يُقَالَ بَابُ لَا كِتَابُ أَوْ يُؤَخَّرُ عَنْ هَذَا الْبَابِ وَقَدْ سَقَطَتِ الْبَسْمَلَةُ لِأَبِي ذَرٍّ وَالْقَابِسِيِّ وَالْجُرْجَانِيِّ وَثَبَتَتْ هُنَا قَبْلَ الْبَابِ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ وَالْأَصِيلِيِّ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ أَبْوَابِ الِاعْتِصَامِ فَإِنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مُتَعَلَّقَاتِهِ فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ بَيَّضَ الْكِتَابَ قَدَّمَهُ عَلَيْهِ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ قَبْلَ الْبَسْمَلَةِ كِتَابُ خَبَرِ الْوَاحِدِ وَلَيْسَ بِعُمْدَةٍ وَالْمُرَادُ بِالْإِجَازَةِ جَوَازُ الْعَمَلِ بِهِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ حجَّة وبالواحد هُنَا حَقِيقَةُ الْوَحْدَةِ.
.
وَأَمَّا فِي اصْطِلَاحِ الْأُصُولِيِّينَ فَالْمُرَادُ بِهِ مَا لَمْ يَتَوَاتَرْ وَقَصْدُ التَّرْجَمَةِ الرَّدُّ بِهِ عَلَى مَنْ يَقُولُ إِنَّ الْخَبَرَ لَا يُحْتَجُّ بِهِ إِلَّا إِذَا رَوَاهُ أَكْثَرُ مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ حَتَّى يَصِيرَ كَالشَّهَادَةِ وَيَلْزَمُ مِنْهُ الرَّدُّ عَلَى مَنْ شَرَطَ أَرْبَعَةً أَوْ أَكْثَرَ فَقَدْ نَقَلَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيُّ أَنَّ بَعْضَهُمُ اشْتَرَطَ فِي قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ أَنْ يَرْوِيَهُ ثَلَاثَةٌ عَنْ ثَلَاثَةٍ إِلَى مُنْتَهَاهُ وَاشْتَرَطَ بَعْضُهُمْ أَرْبَعَةٌ عَنْ أَرْبَعَةٍ وَبَعْضُهُمْ خَمْسَةٌ عَنْ خَمْسَةٍ وَبَعْضُهُمْ سَبْعَةٌ عَنْ سَبْعَةٍ انْتَهَى وَكَأَنَّ كُلَّ قَائِلٍ مِنْهُمْ يَرَى أَنَّ الْعَدَدَ الْمَذْكُورَ يُفِيدُ التَّوَاتُرَ أَوْ يَرَى تَقْسِيمَ الْخَبَرِ إِلَى مُتَوَاتِرٍ وَآحَادٍ وَمُتَوَسِّطٍ بَيْنَهُمْ وَفَاتَ الْأُسْتَاذَ ذِكْرُ مَنِ اشْتَرَطَ اثْنَيْنِ عَنِ اثْنَيْنِ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنْ بَعْضِ الْمُعْتَزِلَةِ وَنَقَلَهُ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْجُبَّائِيِّوَنُسِبَ إِلَى الْحَاكِمِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَأَنَّهُ ادَّعَى أَنَّهُ شَرْطُ الشَّيْخَيْنِ وَلَكِنَّهُ غَلَطٌ عَلَى الْحَاكِمِ كَمَا أَوْضَحْتُهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى عُلُومِ الْحَدِيثِ وَقَولُهُ الصَّدُوقُ قَيْدٌ لَا بُدَّ مِنْهُ وَإِلَّا فَمُقَابِلُهُ وَهُوَ الْكَذُوبُ لَا يُحْتَجُّ بِهِ اتِّفَاقًا.
.
وَأَمَّا مَنْ لَمْ يُعْرَفْ حَالُهُ فَثَالِثُهَا يَجُوزُ إِنِ اعْتَضَدَ وَقَولُهُ وَالْفَرَائِضِ بَعْدَ قَوْلِهِ فِي الْأَذَانِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَأَفْرَدَ الثَّلَاثَةَ بِالذِّكْرِ لِلِاهْتِمَامِ بِهَا قَالَ الْكِرْمَانِيُّ لِيُعْلَمَ إِنَّمَا هُوَ فِي الْعَمَلِيَّاتِ لَا فِي الِاعْتِقَادِيَّاتِ وَالْمُرَادُ بِقَبُولِ خَبَرِهِ فِي الْأَذَانِ أَنَّهُ إِذَا كَانَ مُؤْتَمَنًا فَأَذَّنَ تَضَمَّنَ دُخُولَ الْوَقْتِ فَجَازَتْ صَلَاةُ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَفِي الصَّلَاةِ الْإِعْلَامُ بِجِهَةِ الْقِبْلَةِ وَفِي الصَّوْمِ الْإِعْلَامُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ أَوْ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَقَولُهُ وَالْأَحْكَامِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَالْفَرَائِضِ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى عَامٍّ أَخَصُّ مِنْهُ لِأَنَّ الْفَرَائِضَ فَرْدٌ مِنَ الْأَحْكَامِ .
قَوْلُهُ وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى فَلَوْلَا نَفَرَ من كل فرقة مِنْهُم طَائِفَة الْآيَةَ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ سِيَاقُ الْآيَةِ إِلَى قَوْلِهِ يَحْذَرُونَ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فِي رِوَايَةٍ غَيْرِهَا الْآيَةَ وَهَذَا مَصِيرٌ مِنْهُ إِلَى أَنَّ لَفْظَ طَائِفَةٍ يَتَنَاوَلُ الْوَاحِدَ فَمَا فَوْقَهُ وَلَا يَخْتَصُّ بِعَدَدٍ مُعَيَّنٍ وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنِ بن عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ كَالنَّخَعِيِّ وَمُجَاهِدٍ نَقَلَهُ الثَّعْلَبِيُّ وَغَيْرُهُ وَعَن عَطاء وَعِكْرِمَة وبن زيد أَرْبَعَة وَعَن بن عَبَّاسٍ أَيْضًا مِنْ أَرْبَعَةٍ إِلَى أَرْبَعِينَ وَعَنِ الزُّهْرِيِّ ثَلَاثَةٌ وَعَنِ الْحَسَنِ عَشَرَةٌ وَعَنْ مَالِكٍ أقل الطَّائِفَة أَرْبَعَة كَذَا أطلق بن التِّينِ وَمَالِكٌ إِنَّمَا قَالَهُ فِيمَنْ يَحْضُرُ رَجْمَ الزَّانِي وَعَنْ رَبِيعَةَ خَمْسَةٌ.
وَقَالَ الرَّاغِبُ لَفْظُ طَائِفَةٍ يُرَادُ بِهَا الْجَمْعُ وَالْوَاحِدُ طَائِفٌ وَيُرَادُ بِهَا الْوَاحِدُ فَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ كَرَاوِيَةٍ وَعَلَامَةٍ وَيَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْجَمْعُ وَأُطْلِقَ عَلَى الْوَاحِدِ.
وَقَالَ عَطَاءٌ الطَّائِفَةُ اثْنَانِ فَصَاعِدًا وَقَوَّاهُ أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجُ بِأَنَّ لَفْظَ طَائِفَةٍ يُشْعِرُ بِالْجَمَاعَةِ وَأَقَلُّهَا اثْنَانِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الطَّائِفَةَ فِي اللُّغَةِ الْقِطْعَةُ مِنَ الشَّيْءِ فَلَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْعَدَدُ وَقَرَّرَ بَعْضُهُمْ الِاسْتِدْلَالَ بِالْآيَةِ الْأُولَى عَلَى وَجْهٍ آخَرَ فَقَالَ لَمَّا قَالَ فَلَوْلَا نَفَرَ من كل فرقة وَكَانَ أَقَلُّ الْفِرْقَةِ ثَلَاثَةً وَقَدْ عَلَّقَ النَّفَرَ بِطَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَأَقَلُّ مَنْ يَنْفِرُ وَاحِدٌ وَيَبْقَى اثْنَانِ وَبِالْعَكْسِ .
قَوْلُهُ وَيُسَمَّى الرَّجُلُ طَائِفَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى وان طَائِفَتَانِ من الْمُؤمنِينَ اقْتَتَلُوا فَلَوِ اقْتَتَلَ رَجُلَانِ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ الرَّجُلَانِ دَخَلَا فِي مَعْنَى الْآيَةِ وَهَذَا الِاسْتِدْلَالُ سَبَقَهُ إِلَى الْحُجَّةِ بِهِ الشَّافِعِيُّ وَقَبْلَهُ مُجَاهِدٌ وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ قَوْلَهُ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤمنِينَ لِكَوْنِ سِيَاقِهِ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ لِأَنَّا لَمْ نَقُلْ إِنَّ الطَّائِفَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا وَاحِدًا .
قَوْلُهُ وَقَولُهُ إِنْ جَاءَكُمْ فَاسق بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهَا يُؤْخَذُ مِنْ مَفْهُومَيِ الشَّرْطِ وَالصِّفَةِ فَإِنَّهُمَا يَقْتَضِيَانِ قَبُولَ خَبَرِ الْوَاحِدِ وَهَذَا الدَّلِيلُ يُورَدُ لِلتَّقَوِّي لَا لِلِاسْتِقْلَالِ لِأَنَّ الْمُخَالِفَ قَدْ لَا يَقُولُ بِالْمَفَاهِيمِ وَاحْتَجَّ الْأَئِمَّةُ أَيْضًا بِآيَاتٍ أُخْرَى وَبِالْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْبَابِ وَاحْتَجَّ مَنْ مَنَعَ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُفِيدُ إِلَّا الظَّنَّ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَجْمُوعَهَا يُفِيدُ الْقَطْعَ كَالتَّوَاتُرِ الْمَعْنَوِيِّ وَقَدْ شَاعَ فَاشِيًا عَمَلُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَاقْتَضَى الِاتِّفَاقُ مِنْهُمْ عَلَى الْقَبُولِ وَلَا يُقَالُ لَعَلَّهُمْ عَمِلُوا بِغَيْرِهَا أَوْ عَمِلُوا بِهَا لَكِنَّهَا أَخْبَارٌ مَخْصُوصَةٌ بِشَيْءٍ مَخْصُوصٍ لِأَنَّا نَقُولُ الْعِلْمُ حَاصِلٌ مِنْ سِيَاقِهَا بِأَنَّهُمْ إِنَّمَا عَمِلُوا بِهَا لِظُهُورِهَا لَا لِخُصُوصِهَا .
قَوْلُهُ وَكَيْفَ بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَرَاءَهُ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ فَإِنْ سَهَا أَحَدٌ مِنْهُمْ رُدَّ إِلَى السُّنَّةِ سَيَأْتِي فِي أَوَاخِرِ الْكَلَامِ عَلَى خَبَرِ الْوَاحِدِ بَابِ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْعَثُ مِنَ الْأُمَرَاءِ وَالرُّسُلِ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ فَزَادَ فِيهِ بُعِثَ الرُّسُلُ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ تَعَدُّدُ الْجِهَاتِ الْمَبْعُوثِ إِلَيْهَا بِتَعَدُّدِ الْمَبْعُوثِينَ وَحَمَلَهُ الْكِرْمَانِيُّ عَلَى ظَاهِرِهِ فَقَالَ فَائِدَةُ بَعْثِ الْآخِرِ بَعْدَ الْأَوَّلِ لِيَرُدَّهُ إِلَى الْحَقِّ عِنْدَ سَهْوِهِ وَلَا يَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ خَبَرَ وَاحِدٍ وَهُوَ اسْتِدْلَالٌ قَوِيٌّ لِثُبُوتِ خَبَرِ الْوَاحِدِ مِنْ فِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ لَوْ لَمْ يَكْفِ قَبُولُهُ مَا كَانَ فِي إِرْسَالِهِ مَعْنًى وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِالشَّافِعِيُّ أَيْضًا كَمَا سَأَذْكُرُهُ وَأَيَّدَهُ بِحَدِيثِ لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَبِحَدِيثِ نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنِّي حَدِيثًا فَأَدَّاهُ وَهُوَ فِي السُّنَنِ وَاعْتَرَضَ بَعْضُ الْمُخَالِفِينَ بِأَنَّ إِرْسَالَهُمْ إِنَّمَا كَانَ لِقَبْضِ الزَّكَاةِ وَالْفُتْيَا وَنَحْوِ ذَلِكَ وَهِيَ مُكَابَرَةٌ فَإِنَّ الْعِلْمَ حَاصِلٌ بِإِرْسَالِ الْأُمَرَاءِ لِأَعَمَّ مِنْ قَبْضِ الزَّكَاةِ وَإِبْلَاغِ الْأَحْكَامِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَشْتَهِرْ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا تَأْمِيرُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَأَمْرُهُ لَهُ وَقَولُهُ لَهُ إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ إِلَخْ وَالْأَخْبَارُ طَافِحَةٌ بِأَنَّ أَهْلَ كُلِّ بَلَدٍ مِنْهُمْ كَانُوا يَتَحَاكَمُونَ إِلَى الَّذِي أُمِّرَ عَلَيْهِمْ وَيَقْبَلُونَ خَبَرَهُ وَيَعْتَمِدُونَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ الْتِفَاتٍ إِلَى قَرِينَةٍ وَفِي أَحَادِيثِ هَذَا الْبَابِ كَثِيرٌ مِنْ ذَلِكَ وَاحْتَجَّ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ مَعَ أَنَّهُ كَانَ رَسُولًا إِلَى النَّاسِ كَافَّةً وَيَجِبُ عَلَيْهِ تَبْلِيغُهُمْ فَلَوْ كَانَ خَبَرُ الْوَاحِدِ غَيْرَ مَقْبُولٍ لَتَعَذَّرَ إِبْلَاغُ الشَّرِيعَةِ إِلَى الْكُلِّ ضَرُورَةً لِتَعَذُّرِ خِطَابِ جَمِيعِ النَّاسِ شِفَاهًا وَكَذَا تَعَذُّرُ إِرْسَالِ عَدَدِ التَّوَاتُرِ إِلَيْهِمْ وَهُوَ مَسْلَكٌ جَيِّدٌ يَنْضَمُّ إِلَى مَا احْتَجَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ ثُمَّ الْبُخَارِيُّ وَاحْتَجَّ مَنْ رَدَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ بِتَوَقُّفِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَبُولِ خَبَرِ ذِي الْيَدَيْنِ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّهُ عَارَضَ عِلْمَهُ وَكُلُّ خَبَرٍ وَاحِدٍ إِذَا عَارَضَ الْعِلْمَ لَمْ يُقْبَلْ وَبِتَوَقُّفِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فِي حَدِيثَيِ الْمُغِيرَةِ فِي الْجَدَّةِ وَفِي مِيرَاثِ الْجَنِينِ حَتَّى شَهِدَ بِهِمَا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَبِتَوَقُّفِ عُمَرَ فِي خَبَرِ أَبِي مُوسَى فِي الاسْتِئْذَان حَتَّى شهد لَهُ أَبُو سعيد وبتوقف عَائِشَة فِي خبر بن عُمَرَ فِي تَعْذِيبِ الْمَيِّتِ بِبُكَاءِ الْحَيِّ وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا وَقَعَ مِنْهُمْ إِمَّا عِنْدَ الِارْتِيَابِ كَمَا فِي قِصَّةِ أَبِي مُوسَى فَإِنَّهُ أَوْرَدَ الْخَبَرَ عِنْدَ إِنْكَارِ عُمَرَ عَلَيْهِ رُجُوعَهُ بَعْدَ الثَّلَاثِ وَتَوَعُّدِهُ فَأَرَادَ عُمَرُ الِاسْتِثْبَاتَ خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ دَفَعَ بِذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ وَقَدْ أَوْضَحْتُ ذَلِكَ بِدَلَائِلِهِ فِي كِتَابِ الِاسْتِئْذَانِ.
.
وَأَمَّا عِنْدَ مُعَارَضَةِ الدَّلِيلِ الْقَطْعِيِّ كَمَا فِي إِنْكَارِ عَائِشَةَ حَيْثُ اسْتَدَلَّتْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَهَذَا كُلُّهُ إِنَّمَا يَصِحُّ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِهِ مَنْ يَقُولُ لَا بُدَّ مِنَ اثْنَيْنِ عَنِ اثْنَيْنِ وَإِلَّا فَمَنْ يَشْتَرِطُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَجَمِيعُ مَا ذُكِرَ قَبْلَ عَائِشَةَ حُجَّةٌ عَلَيْهِ لأَنهم قبلو االخبر مِنَ اثْنَيْنِ فَقَطْ وَلَا يَصِلُ ذَلِكَ إِلَى التَّوَاتُرِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ وُجُودِ الْقَرِينَةِ إِذْ لَوْ كَانَتْ مَوْجُودَةً مَا احْتِيجَ إِلَى الثَّانِي وَقَدْ قَبِلَ أَبُو بَكْرٍ خَبَرَ عَائِشَةَ فِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاتَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَقَبِلَ عُمَرُ خَبَرَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فِي أَنَّ دِيَةَ الْأَصَابِعِ سَوَاءٌ وَقَبِلَ خَبَرَ الضَّحَّاك بن سُفْيَان فِي تَوْرِيث الْمَرْأَة من دِيَةِ زَوْجِهَا وَقَبِلَ خَبَرَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي أَمْرِ الطَّاعُونِ وَفِي أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنَ الْمَجُوسِ وَقَبِلَ خَبَرَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَقَبِلَ عُثْمَانُ خَبَرَ الْفُرَيْعَةِ بِنْتِ سِنَانٍ أُخْتِ أَبِي سَعِيدٍ فِي إِقَامَة الْمُعْتَمدَة عَنِ الْوَفَاةِ فِي بَيْتِهَا إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَمِنْ حَيْثُ النَّظَرُ أَنَّ الرَّسُولَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بُعِثَ لِتَبْلِيغِ الْأَحْكَامِ وَصِدْقُ خَبَرِ الْوَاحِدِ مُمْكِنٌ فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ احْتِيَاطًا وَأَنَّ إِصَابَةَ الظَّنِّ بِخَبَرِ الصَّدُوقِ غَالِبَةٌ وَوُقُوعُ الْخَطَأِ فِيهِ نَادِرٌ فَلَا تُتْرَكُ الْمَصْلَحَةُ الْغَالِبَةُ خَشْيَةَ الْمَفْسَدَةِ النَّادِرَةِ وَأَنَّ مَبْنَى الْأَحْكَامِ عَلَى الْعَمَلِ بِالشَّهَادَةِ وَهِيَ لَا تُفِيدُ الْقَطْعَ بِمُجَرَّدِهَا وَقَدْ رَدَّ بَعْضُ مَنْ قَبِلَ خَبَرَ الْوَاحِدِ مَا كَانَ مِنْهُ زَائِدًا عَلَى الْقُرْآنِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُمْ قَبِلُوهُ فِي وُجُوبِ غَسْلِ الْمَرْفِقِ فِي الْوُضُوءِ وَهُوَ زَائِدٌ وَحُصُولُ عُمُومِهِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ كَنِصَابِ السَّرِقَةِ وَرَدَّهُ بَعْضُهُمْ بِمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى وَفَسَّرُوا ذَلِكَ بِمَا يَتَكَرَّرُ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُمْ عَمِلُوا بِهِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ كَإِيجَابِ الْوُضُوءِ بِالْقَهْقَهَةِ فِي الصَّلَاةِ وَبِالْقَيْءِ وَالرُّعَافِ وَكُلُّ هَذَا مَبْسُوطٌ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ اكْتَفَيْتُ هُنَا بِالْإِشَارَةِ إِلَيْهِ وَجُمْلَةُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفِ هُنَا اثْنَانِ وَعِشْرُونَ حَدِيثًا الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ حَدِيثُ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ بِمُهْمَلَةٍ ومثلثة مصغر بن حشيش بِمُهْملَة ومعجمتين وزن عَظِيم وَيُقَال بن أَشْيَمَ بِمُعْجَمَةٍ وَزْنُ أَحْمَرَ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ لَيْثِ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ حِجَازِيٍّ سَكَنَ الْبَصْرَةَ وَمَاتَ بِهَا
[ قــ
:6855 ... غــ
:7244] قَوْلِهِ لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا أَوْ شِعْبًا لَسَلَكْتُ وَادِيَ الْأَنْصَارِ أَوْ شِعْبَهُمْ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَوْصُولًا فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ أَيْضًا بَعْدَ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْمُشَارِ إِلَيْهِ مَعَ الْكَلَامِ عَلَيْهِ وَتَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي مَنَاقِبِ الْأَنْصَارِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ قَالَ السُّبْكِيُّ الْكَبِيرُ مَقْصُودُ الْبُخَارِيِّ بِالتَّرْجَمَةِ وَأَحَادِيثِهَا أَنَّ النُّطْقَ بِلَوْ لَا يُكْرَهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ فِي شَيْءٍ مَخْصُوصٍ يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ مِنَ اللَّوْ فَأَشَارَ إِلَى التَّبْعِيضِ وَوُرُودُهَا فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَلِذَا قَالَ الطَّحَاوِيُّ بَعْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ وَإِيَّاكَ وَاللَّوْ دَلَّ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ أَنْ يَقُولَ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْب وَقَولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ وَقَولُهُ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ وَرَجُلٌ يَقُولُ لَوْ أَنَّ اللَّهَ آتَانِي مِثْلَ مَا آتَى فُلَانًا لَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا عَمِلَ عَلَى أَنَّ لَوْ لَيْسَتْ مَكْرُوهَةً فِي كُلِّ الْأَشْيَاءِ وَدَلَّ .
قَوْلُهُ تَعَالَى عَنِ الْمُنَافِقِينَ لَو كَانَ لنا من الْأَمر شَيْء وَرَدَّهُ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ عَلَى مَا يُبَاحُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ وَوَجَدْنَا الْعَرَبَ تَذُمُّ اللَّوْ وَتُحَذِّرُ مِنْهُ فَتَقُولُ احْذَرِ اللَّوْ وَإِيَّاكَ وَلَوْ يُرِيدُونَ قَوْلَهُ لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ هَذَا خَيْرٌ لَعَمِلْتُهُ وَفِي حَدِيثِ سَلْمَانَ الْإِيمَانُ بِالْقَدَرِ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ أَصَابَكَ لَوْ فَعَلْتُ كَذَا أَيْ لَكَانَ كَذَا قَالَ السُّبْكِيُّ وَقَدْ تَأَمَّلْتُ اقْتِرَانَ قَوْلِهِ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ بِقَوْلِهِ وَإِيَّاكَ وَاللَّوْ فَوَجَدْتُ الْإِشَارَةَ إِلَى مَحَلِّ لَوِ الْمَذْمُومَةِ وَهِيَ نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا فِي الْحَالِ مَا دَامَ فِعْلُ الْخَيْرِ مُمْكِنًا فَلَا يُتْرَكُ لِأَجْلِ فَقْدِ شَيْءٍ آخَرَ فَلَا تَقُولُ لَوْ أَنَّ كَذَا كَانَ مَوْجُودًا لَفَعَلْتُ كَذَا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى فِعْلِهِ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ ذَاكَ بَلْ يَفْعَلُ الْخَيْرَ وَيَحْرِصُ عَلَى عَدَمِ فَوَاتِهِ وَالثَّانِي مَنْ فَاتَهُ أَمْرٌ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا فَلَا يَشْغَلْ نَفْسَهُ بِالتَّلَهُّفِ عَلَيْهِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمَقَادِيرِ وَتَعْجِيلِ تَحَسُّرٍ لَا يُغْنِي شَيْئًا وَيَشْتَغِلُ بِهِ عَنِ اسْتِدْرَاكِ مَا لَعَلَّه يجدي فالذم رَاجع فِيمَا يؤل فِي الْحَال إِلَى التَّفْرِيط وَفِيمَا يؤل فِي الْمَاضِي إِلَى الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْقَدْرِ وَهُوَ أَقْبَحُ مِنَ الْأَوَّلِ فَإِنِ انْضَمَّ إِلَيْهِ الْكَذِبُ فَهُوَ أَقْبَحُ مِثْلَ قَوْلِ الْمُنَافِقِينَ لَوِ اسْتَطَعْنَا لخرجنا مَعكُمْ وَقَوْلهمْ لَو نعلم قتالا لَا تبعناكم وَكَذَا قَوْلهم لَو أطاعونا مَا قتلوا ثُمَّ قَالَ وَكُلُّ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ لَوِ الَّتِي مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى كَقَوْلِهِ تَعَالَى قل لَو كُنْتُم فِي بُيُوتكُمْ وَلَو كُنْتُم فِي بروج مشيدة وَنَحْوِهِمَا فَهُوَ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ تَعَالَى عَالِمٌ بِهِ.
.
وَأَمَّا الَّتِي لِلرَّبْطِ فَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهَا وَلَا الْمَصْدَرِيَّةُ إِلَّا إِنْ كَانَ مُتَعَلَّقُهَا مَذْمُومًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ من بعد ايمانكم كفَّارًا لِأَنَّ الَّذِي وَدُّوهُ وَقَعَ خِلَافُهُ انْتَهَى مُلَخَّصًا
[ قــ
:6855 ... غــ
: 7244 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَوْلاَ الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الأَنْصَارِ، وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا وَسَلَكَتِ الأَنْصَارُ وَادِيًا أَوْ شِعْبًا، لَسَلَكْتُ وَادِىَ الأَنْصَارِ أَوْ شِعْبَ الأَنْصَارِ».
وبه قال: ( حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: ( أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة قال: ( حدّثنا أبو الزناد) عبد الله بن ذكوان ( عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز ( عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- أنه ( قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( لولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار) قال البغوي في شرح السُّنّة فيما نقله عنه في شرح المشكاة: ليس المراد منه الانتقال عن النسب الولادي لأنه حرام مع أن نسبه أفضل الأنساب وأكرمها، وإنه أراد النسب البلادي ومعناه لولا الهجرة من الدين ونسبتها دينية لا يسعني تركها لأنها عبادة مأمور بها لانتسبت إلى داركم قيل أراد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بهذا الكلام إكرام الأنصار والتعريض بأن لا فضيلة أعلى من النصرة بعد الهجرة وبيان أنهم بلغوا من الكرامة مبلغًا لولا أنه-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من المهاجرين السابقين الذين خرجوا من ديارهم وقطعوا عن أقاربهم وأحبابهم وحرموا أوطانهم وأموالهم.
( ولو سلك الناس واديًا وسلكت الأنصار واديًا أو شِعبًا) بكسر الشين طريقًا في الجبل ( لسلكت وادي
الأنصار أو شعب الأنصار) قيل: أراد حسن موافقته إياهم وترجيحهم في ذلك على غيرهم لما شاهد منهم من حسن الوفاء بالعهد والجوار وما أراد بذلك وجوب متابعته إياهم فإن متابعته حق على كل مؤمن لأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هو المتبوع المطاع لا التابع المطيع.
[ قــ
:6855 ... غــ
:7244 ]
- حدّثنا أبُو اليَمانِ، أخبرنَا شُعيْبٌ، حدّثنا أبُو الزِّنادِ، عنِ الأعْرَجِ، عنْ أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَوْلا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرأً مِنَ الأنْصارِ، ولَوْ سَلَكَ النَّاسُ وادِياً وسَلَكَتِ الأنْصارُ وادِياً أَو شِعْباً لَسَلَكْتُ وادِيَ الأنْصارِ أوْ شِعْبَ الأنْصارِ.
انْظُر الحَدِيث 3779
وَجه مطابقته للتَّرْجَمَة مَا ذَكرْنَاهُ فِيمَا مضى.
وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع، وَشُعَيْب بن أبي حَمْزَة، وَأَبُو الزِّنَاد بالزاي وَالنُّون عبد الله بن ذكْوَان، والأعرج عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز.
وَمضى الحَدِيث فِي مَنَاقِب الْأَنْصَار.
قَوْله: لَوْلَا الْهِجْرَة قَالَ محيي السّنة: لَيْسَ المُرَاد مِنْهُ الِانْتِقَال عَن النّسَب الولادي لِأَنَّهُ حرَام مَعَ أَن نسبه أفضل الْأَنْسَاب، وَإِنَّمَا أَرَادَ النّسَب البلادي أَي: لَوْلَا أَن الْهِجْرَة أَمر ديني وَعبادَة مَأْمُور بهَا لانتسبت إِلَى داركم، وَالْغَرَض مِنْهُ التَّعْرِيض بِأَن لَا فَضِيلَة أَعلَى من النُّصْرَة بعد الْهِجْرَة، وَبَيَان أَنهم بلغُوا من الْكَرَامَة مبلغا، لَوْلَا أَنه من الْمُهَاجِرين لعد نَفسه من الْأَنْصَار.
قَوْله: شعبًا بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة: الطَّرِيق فِي الْجَبَل وَمَا انفرج بَين الجبلين، وَالْأَنْصَار هم الصَّحَابَة المدنيون الَّذين آووا ونصروا أَي: أتابعهم فِي طرائقهم ومقاصدهم فِي الْخيرَات والفضائل.