هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
772 حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدٌ المَقْبُرِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ المَسْجِدَ ، فَدَخَلَ رَجُلٌ ، فَصَلَّى ، ثُمَّ جَاءَ ، فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ السَّلاَمَ ، فَقَالَ : ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ ، فَصَلَّى ، ثُمَّ جَاءَ ، فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ارْجِعْ فَصَلِّ ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ ثَلاَثًا ، فَقَالَ : وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ ، فَمَا أُحْسِنُ غَيْرَهُ ، فَعَلِّمْنِي ، قَالَ : إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاَةِ ، فَكَبِّرْ ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا ، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا ، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا ، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاَتِكَ كُلِّهَا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
772 حدثنا مسدد ، قال : أخبرني يحيى بن سعيد ، عن عبيد الله ، قال : حدثنا سعيد المقبري ، عن أبيه ، عن أبي هريرة : أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المسجد ، فدخل رجل ، فصلى ، ثم جاء ، فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فرد النبي صلى الله عليه وسلم عليه السلام ، فقال : ارجع فصل فإنك لم تصل ، فصلى ، ثم جاء ، فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ارجع فصل ، فإنك لم تصل ثلاثا ، فقال : والذي بعثك بالحق ، فما أحسن غيره ، فعلمني ، قال : إذا قمت إلى الصلاة ، فكبر ، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ، ثم اركع حتى تطمئن راكعا ، ثم ارفع حتى تعتدل قائما ، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ المَسْجِدَ ، فَدَخَلَ رَجُلٌ ، فَصَلَّى ، ثُمَّ جَاءَ ، فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ السَّلاَمَ ، فَقَالَ : ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ ، فَصَلَّى ، ثُمَّ جَاءَ ، فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ارْجِعْ فَصَلِّ ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ ثَلاَثًا ، فَقَالَ : وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ ، فَمَا أُحْسِنُ غَيْرَهُ ، فَعَلِّمْنِي ، قَالَ : إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاَةِ ، فَكَبِّرْ ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا ، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا ، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا ، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاَتِكَ كُلِّهَا .

Narrated Abu Huraira:

Once the Prophet (ﷺ) entered the mosque, a man came in, offered the prayer and greeted the Prophet. The Prophet returned his greeting and said to him, Go back and pray again for you have not prayed. The man offered the prayer again, came back and greeted the Prophet. He said to him thrice, Go back and pray again for you have not prayed. The man said, By Him Who has sent you with the truth! I do not know a better way of praying. Kindly teach Me how to pray. He said, When you stand for the prayer, say Takbir and then recite from the Qur'an what you know and then bow with calmness till you feel at ease, then rise from bowing till you stand straight. Afterwards prostrate calmly till you feel at ease and then raise (your head) and sit with Calmness till you feel at ease and then prostrate with calmness till you feel at ease in prostration and do the same in the whole of your prayer.

":"ہم سے مسدد بن مسرہد نے بیان کیا ، کہا کہ ہم سے یحییٰ بن سعید قطان نے عبیداللہ عمری سے بیان کیا ، انہوں نے کہا کہ مجھ سے سعید بن ابی سعید مقبری نے اپنے والد سے بیان کیا ، انہوں نے ابوہریرہ رضی اللہ عنہ سے کہنبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم مسجد میں تشریف لے گئے ۔ اتنے میں ایک شخص آیا اور نماز پڑھنے لگا ۔ نماز کے بعد اس نے آ کر نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم کو سلام کیا ۔ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے سلام کا جواب دے کر فرمایا کہ واپس جا کر دوبارہ نماز پڑھ ، کیونکہ تو نے نماز نہیں پڑھی ۔ چنانچہ اس نے دوبارہ نماز پڑھی اور واپس آ کر پھر آپ صلی اللہ علیہ وسلم کو سلام کیا ، آپ نے اس مرتبہ بھی یہی فرمایا کہ دوبارہ جا کر نماز پڑھ ، کیونکہ تو نے نماز نہیں پڑھی ۔ تین بار اسی طرح ہوا ۔ آخر اس شخص نے کہا کہ اس ذات کی قسم ! جس نے آپ کو مبعوث کیا ۔ میں تو اس سے اچھی نماز نہیں پڑھ سکتا ۔ اس لیے آپ مجھے سکھلائیے ۔ آپ نے فرمایا جب تو نماز کے لیے کھڑا ہو تو ( پہلے ) تکبیر کہہ پھر قرآن مجید سے جو کچھ تجھ سے ہو سکے پڑھ ، اس کے بعد رکوع کر اور پوری طرح رکوع میں چلا جا ۔ پھر سر اٹھا اور پوری طرح کھڑا ہو جا ۔ پھر جب تو سجدہ کرے تو پوری طرح سجدہ میں چلا جا ۔ پھر ( سجدہ سے ) سر اٹھا کر اچھی طرح بیٹھ جا ۔ دوبارہ بھی اسی طرح سجدہ کر ۔ یہی طریقہ نماز کے تمام ( رکعتوں میں ) اختیار کر ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [793] قَوْله عَن عبيد الله هُوَ بن عُمَرَ الْعُمَرِيُّ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِيهِ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ خَالَفَ يَحْيَى الْقَطَّانُ أَصْحَابَ عُبَيْدِ اللَّهِ كُلَّهُمْ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا عَنْ أَبِيهِ وَيَحْيَى حَافِظٌ قَالَ فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ عُبَيْدُ اللَّهِ حَدَّثَ بِهِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ.

     وَقَالَ  الْبَزَّارُ لَمْ يُتَابَعْ يَحْيَى عَلَيْهِ وَرَجَّحَ التِّرْمِذِيُّ رِوَايَةَ يَحْيَى.

.

قُلْتُ لِكُلٍّ مِنَ الرِّوَايَتَيْنِ وَجْهٌ مُرَجَّحٌ أَمَّا رِوَايَةُ يَحْيَى فَلِلزِّيَادَةِ مِنَ الْحَافِظِ.

.
وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى فَلِلْكَثْرَةِ وَلِأَنَّ سَعِيدًا لَمْ يُوصَفْ بِالتَّدْلِيسِ وَقَدْ ثَبَتَ سَمَاعُهُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمِنْ ثَمَّ أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ الطَّرِيقَيْنِ فَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ طَرِيقَ يَحْيَى هُنَا وَفِي بَابِ وُجُوبِ الْقِرَاءَةِ وَأَخْرَجَ فِي الِاسْتِئْذَانِ طَرِيقَ عُبَيْدِ اللَّهِ بن نمير وَفِي الْإِيمَان وَالنُّذُور طَرِيق أبي أُسَامَةَ كِلَاهُمَا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ لَيْسَ فِيهِ عَنْ أَبِيهِ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ الثَّلَاثَةِ وَلِلْحَدِيثِ طَرِيقٌ أُخْرَى مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْرَجَهَا أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو وَمُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ وَدَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ كُلِّهِمْ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَلَّادِ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمِّهِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ فَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُسَمِّ رِفَاعَةَ قَالَ عَنْ عَمٍّ لَهُ بَدْرِيٍّ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَقُلْ عَنْ أَبِيهِ وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ رِفَاعَةَ لَكِنْ لَمْ يَقُلِ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِيهِ وَفِيهِ اخْتِلَافٌ آخَرُ نَذْكُرُهُ قَرِيبًا .

     قَوْلُهُ  فَدخل رجل فِي رِوَايَة بن نُمَيْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ وَنَحْنُ حَوْلَهُ وَهَذَا الرَّجُلُ هُوَ خَلَّادُ بْنُ رَافِعٍ جَدُّ على بن يحيى رَاوِي الْخَبَر بَينه بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ الْعَوَّامِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى عَنْ رِفَاعَةَ أَنَّ خَلَّادًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَرَوَى أَبُو مُوسَى فى الذيل من جِهَة بن عُيَيْنَة عَن بن عَجْلَانَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَلَّادٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ اه وَفِيهِ أَمْرَانِ زِيَادَةُ عَبْدِ اللَّهِ فِي نَسَبِ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى وَجَعْلُ الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَةِ خَلَّادٍ جَدِّ عَلِيٍّ فَأَما الأول فَوَهم من الرَّاوِي عَن بن عُيَيْنَة وَأما الثَّانِي فَمن بن عُيَيْنَةَ لِأَنَّ سَعِيدَ بْنَ مَنْصُورٍ قَدْ رَوَاهُ عَنْهُ كَذَلِكَ لَكِنْ بِإِسْقَاطِ عَبْدِ اللَّهِ وَالْمَحْفُوظُ أَنَّهُ مِنْ حَدِيثِ رِفَاعَةَ كَذَلِكَ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَن يحيى بن سعيد الْقطَّان وبن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْأَحْمَرِ كِلَاهُمَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ.

.
وَأَمَّا مَا وَقَعَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ إِذْجَاءَ رَجُلٌ كَالْبَدْوِيِّ فَصَلَّى فَأَخَفَّ صَلَاتَهُ فَهَذَا لَا يَمْنَعُ تَفْسِيرَهُ بِخَلَّادٍ لِأَنَّ رِفَاعَةَ شَبَّهَهُ بِالْبَدْوِيِّ لِكَوْنِهِ أَخَفَّ الصَّلَاةَ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  فَصَلَّى زَادَ النَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ رَكْعَتَيْنِ وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّهُ صَلَّى نَفْلًا وَالْأَقْرَبُ أَنَّهَا تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ وَفِي الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمُقُهُ فِي صَلَاتِهِ زَادَ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ وَلَا نَدْرِي مَا يعيب مِنْهَا وَعند بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي خَالِدٍ يَرْمُقُهُ وَنَحْنُ لَا نَشْعُرُ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى حَالِهِمْ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى وَهُوَ مُخْتَصَرٌ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ كَأَنَّهُ قَالَ وَلَا نَشْعُرُ بِمَا يَعِيبُ مِنْهَا .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ فَجَاءَ فَسَلَّمَ وَهِيَ أَوْلَى لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ صَلَاتِهِ وَمَجِيئِهِ تَرَاخٍ .

     قَوْلُهُ  فَرَدَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ مُسلم وَكَذَا فِي رِوَايَة بن نُمَيْرٍ فِي الِاسْتِئْذَانِ فَقَالَ وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَفِي هَذَا تعقب على بن الْمُنِيرِ حَيْثُ قَالَ فِيهِ إِنَّ الْمَوْعِظَةَ فِي وَقْتِ الْحَاجَةِ أَهَمُّ مِنْ رَدِّ السَّلَامِ وَلِأَنَّهُ لَعَلَّهُ لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ تَأْدِيبًا عَلَى جَهْلِهِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ التَّأْدِيبُ بِالْهَجْرِ وَتَرْكِ السَّلَامِ اه وَالَّذِي وَقَفْنَا عَلَيْهِ مِنْ نُسَخِ الصَّحِيحَيْنِ ثُبُوتُ الرَّدِّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَغَيْرِهِ إِلَّا الَّذِي فِي الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ وَقَدْ سَاقَ الْحَدِيثَ صَاحِبُ الْعُمْدَةِ بِلَفْظِ الْبَابِ إِلَّا أَنَّهُ حَذَفَ مِنْهُ فَرَدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَعَلَّ بن الْمُنِيرِ اعْتَمَدَ عَلَى النُّسْخَةِ الَّتِي اعْتَمَدَ عَلَيْهَا صَاحب الْعُمْدَة قَوْله ارْجع فِي رِوَايَة بن عَجْلَانَ فَقَالَ أَعِدْ صَلَاتَكَ .

     قَوْلُهُ  فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ قَالَ عِيَاضٌ فِيهِ أَنَّ أَفْعَالَ الْجَاهِلِ فِي الْعِبَادَةِ عَلَى غَيْرِ عِلْمٍ لَا تُجْزِئُ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّفْيِ نَفْيُ الْإِجْزَاءِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَمَنْ حَمَلَهُ عَلَى نَفْيِ الْكَمَالِ تَمَسَّكَ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْمُرْهُ بَعْدَ التَّعْلِيمِ بِالْإِعَادَةِ فَدَلَّ عَلَى إِجْزَائِهَا وَإِلَّا لَزِمَ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ كَذَا قَالَهُ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَهُوَ الْمُهَلَّبُ وَمَنْ تَبِعَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَهُ فِي الْمَرَّةِ الْأَخِيرَةِ بِالْإِعَادَةِ فَسَأَلَهُ التَّعْلِيمَ فَعَلَّمَهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَهُ أَعِدْ صَلَاتَكَ عَلَى هَذِه الْكَيْفِيَّة أَشَارَ إِلَى ذَلِك بن الْمُنِيرِ وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ الْكَلَامِ عَلَى الْحَدِيثِ مَزِيدُ بَحْثٍ فِي ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  ثَلَاثًا فِي رِوَايَة بن نُمَيْرٍ فَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ أَوْ فِي الَّتِي بَعْدَهَا وَفِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ فَقَالَ فِي الثَّانِيَةِ أَوِ الثَّالِثَةِ وَتَتَرَجَّحُ الْأُولَى لِعَدَمِ وُقُوعِ الشَّكِّ فِيهَا وَلِكَوْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مِنْ عَادَتَهِ اسْتِعْمَالُ الثَّلَاثِ فِي تَعْلِيمِهِ غَالِبًا .

     قَوْلُهُ  فَعَلِّمْنِي فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ عَلِيٍّ فَقَالَ الرَّجُلُ فَأَرِنِي وَعَلِّمْنِي فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أُصِيبُ وَأُخْطِئُ فَقَالَ أَجَلْ .

     قَوْلُهُ  إِذَا قُمْت إِلَى الصَّلَاة فَكبر فِي رِوَايَة بن نُمَيْرٍ إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَأَسْبِغِ الْوُضُوءَ ثُمَّ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ فَكَبِّرْ وَفِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ عَلِيٍّ فَتَوَضَّأْ كَمَا أَمَرَكَ اللَّهُ ثُمَّ تَشَهَّدْ وَأَقِمْ وَفِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ إِنَّهَا لَمْ تَتِمَّ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ حَتَّى يُسْبِغَ الْوُضُوءَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ فَيَغْسِلُ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَيَمْسَحُ رَأْسَهُ وَرِجْلَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ثُمَّ يُكَبِّرُ اللَّهَ وَيَحْمَدُهُ وَيُمَجِّدُهُ وَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَيُثْنِي عَلَيْهِ بَدَلَ وَيُمَجِّدُهُ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ لَمْ تَخْتَلِفِ الرِّوَايَاتُ فِي هَذَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

.
وَأَمَّا رِفَاعَةُ فَفِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ الْمَذْكُورَةِ وَيَقْرَأُ مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ وَفِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ عَلِيٍّ فَإِنْ كَانَ مَعَكَ قُرْآنٌ فَاقْرَأْ وَإِلَّا فَاحْمَدِ اللَّهَ وَكَبِّرْهُ وَهَلِّلْهُ وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ ثُمَّ اقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ أَوْ بِمَا شَاءَ اللَّهُ وَلِأَحْمَدَ وبن حِبَّانَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ ثُمَّ اقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ ثُمَّ اقْرَأْ بِمَا شِئْتَ تَرْجَمَ لَهُ بن حِبَّانَ بِبَابِ فَرْضِ الْمُصَلِّي قِرَاءَةَ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ هَذِهِ الْقَرِيبَةِ فَإِذَا رَكَعْتَ فَاجْعَلْ رَاحَتَيْكَ عَلَى رُكْبَتَيْكَ وَامْدُدْ ظَهْركَ وَتَمَكَّنْ لِرُكُوعِكَ وَفِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ثُمَّ يُكَبِّرُ فَيَرْكَعُ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ وَيَسْتَرْخِي قَوْله حَتَّى تعتدل قَائِما فِي رِوَايَة بن نمير عِنْد بن ماجة حَتَّى تطمئِن قَائِما أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُ وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ إِسْنَادَهُبِعَيْنِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَكِنْ لَمْ يَسُقْ لَفْظَهُ فَهُوَ عَلَى شَرْطِهِ وَكَذَا أَخْرَجَهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ وَهُوَ فِي مُسْتَخْرَجِ أَبِي نُعَيْمٍ مِنْ طَرِيقِهِ وَكَذَا أَخْرَجَهُ السَّرَّاجُ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى أَحَدِ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ فَثَبَتَ ذِكْرُ الطُّمَأْنِينَةِ فِي الِاعْتِدَالِ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَمثله فِي حَدِيث رِفَاعَة عِنْد أَحْمد وبن حِبَّانَ وَفِي لَفْظٍ لِأَحْمَدَ فَأَقِمْ صُلْبَكَ حَتَّى تَرْجِعَ الْعِظَامُ إِلَى مَفَاصِلِهَا وَعُرِفَ بِهَذَا أَنَّ قَوْلَ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ فِي الْقَلْبِ مِنْ إِيجَابِهَا أَيِ الطُّمَأْنِينَةَ فِي الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ شَيْءٌ لِأَنَّهَا لَمْ تُذْكَرْ فِي حَدِيثِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى هَذِهِ الطُّرُقِ الصَّحِيحَةِ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ اسْجُدْ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ثُمَّ يُكَبِّرُ فَيَسْجُدُ حَتَّى يُمَكِّنَ وَجْهَهُ أَوْ جَبْهَتَهُ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مفصاله وَتَسْتَرْخِيَ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ ارْفَعْ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ الْمَذْكُورَةِ ثُمَّ يُكَبِّرُ فَيَرْكَعُ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا عَلَى مَقْعَدَتَهِ وَيُقِيمَ صُلْبَهُ وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو فَإِذَا رَفَعْتَ رَأْسَكَ فَاجْلِسْ عَلَى فَخِذِكَ الْيُسْرَى وَفِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ فَإِذَا جَلَسْتَ فِي وَسَطِ الصَّلَاةِ فَاطْمَئِنَّ جَالِسًا ثُمَّ افْتَرِشْ فَخِذَكَ الْيُسْرَى ثُمَّ تَشَهَّدْ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو ثُمَّ اصْنَعْ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَة وَسجْدَة تَنْبِيه وَقع فِي رِوَايَة بن نُمَيْرٍ فِي الِاسْتِئْذَانِ بَعْدَ ذِكْرِ السُّجُودِ الثَّانِي ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ هَذَا يَدُلُّ عَلَى إِيجَابِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ وَأَشَارَ الْبُخَارِيُّ إِلَى أَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ وَهْمٌ فَإِنَّهُ عَقَّبَهُ بِأَنْ قَالَ قَالَ أَبُو أُسَامَةَ فِي الْأَخِيرِ حَتَّى تَسْتَوِيَ قَائِمًا وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ إِنْ كَانَ مَحْفُوظًا عَلَى الْجُلُوسِ لِلتَّشَهُّدِ وَيُقَوِّيهِ رِوَايَةُ إِسْحَاقَ الْمَذْكُورَةُ قَرِيبًا وَكَلَامُ الْبُخَارِيِّ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ أَبَا أُسَامَة خَالف بن نُمَيْرٍ لَكِنْ رَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِي أُسَامَة كَمَا قَالَ بن نُمَيْرٍ بِلَفْظِ ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثُمَّ اقْعُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ قَاعِدًا ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثُمَّ اقْعُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ قَاعِدًا ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ.

     وَقَالَ  كَذَا قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ وَالصَّحِيحُ رِوَايَة عبيد الله بن سعيد أَبِي قُدَامَةَ وَيُوسُفَ بْنِ مُوسَى عَنْ أَبِي أُسَامَةَ بِلَفْظِ ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَسْتَوِيَ قَائِمًا ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى كَذَلِكَ وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى وُجُوبِ الطُّمَأْنِينَةِ فِي أَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ وَاشْتُهِرَ عَنِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الطُّمَأْنِينَةَ سُنَّةٌ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ مُصَنِّفِيهِمْ لَكِنَّ كَلَامَ الطَّحَاوِيِّ كَالصَّرِيحِ فِي الْوُجُوبِ عِنْدَهُمْ فَإِنَّهُ تَرْجَمَ مِقْدَارَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ الَّذِي أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ ثَلَاثًا فِي الرُّكُوعِ وَذَلِكَ أَدْنَاهُ قَالَ فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ هَذَا مِقْدَارُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لَا يُجْزِئُ أَدْنَى مِنْهُ قَالَ وَخَالَفَهُمْ آخَرُونَ فَقَالُوا إِذَا اسْتَوَى رَاكِعًا وَاطْمَأَنَّ سَاجِدًا أَجْزَأَ ثُمَّ قَالَ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ تَكَرَّرَ مِنَ الْفُقَهَاءِ الِاسْتِدْلَالُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى وُجُوبِ مَا ذُكِرَ فِيهِ وَعَلَى عَدَمِ وُجُوبِ مَا لَمْ يُذْكَرْ أَمَّا الْوُجُوبُ فَلِتَعَلُّقِ الْأَمْرِ بِهِ.

.
وَأَمَّا عَدَمُهُ فَلَيْسَ لِمُجَرَّدِ كَوْنِ الْأَصْلِ عَدَمُ الْوُجُوبِ بَلْ لِكَوْنِ الْمَوْضِعِ مَوْضِعَ تَعْلِيمٍ وَبَيَانٍ لِلْجَاهِلِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي انْحِصَارَ الْوَاجِبَاتِ فِيمَا ذُكِرَ وَيَتَقَوَّى ذَلِكَ بِكَوْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ مَا تَعَلَّقَتْ بِهِ الْإِسَاءَةُ مِنْ هَذَا الْمُصَلِّي وَمَا لَمْ تَتَعَلَّقْ بِهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُقْصِرِ الْمَقْصُودَ عَلَى مَا وَقَعَتْ بِهِ الْإِسَاءَةُ قَالَ فَكُلُّ مَوْضِعٍ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِهِ وَكَانَ مَذْكُورًا فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَلَنَا أَنْ نَتَمَسَّكَ بِهِ فِي وُجُوبِهِ وَبِالْعَكْسِ لَكِنْ يَحْتَاجُ أَوَّلًا إِلَى جَمْعِ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ وَإِحْصَاءِ الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ وَالْأَخْذِ بِالزَّائِدِ فَالزَّائِدِ ثُمَّ إِنْ عَارَضَ الْوُجُوبَ أَوْ عَدَمَهُ دَلِيلٌ أَقْوَى مِنْهُ عُمِلَ بِهِ وَإِنْ جَاءَتْ صِيغَةُ الْأَمْرِ فِي حَدِيثٍ آخَرَ بِشَيْءٍ لَمْ يُذْكَرْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قُدِّمَتْ.

.

قُلْتُ قَدِ امْتَثَلْتُ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ وَجَمَعْتُ طُرُقَهُ الْقَوِيَّةَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرِفَاعَةوَقَدْ أَمْلَيْتُ الزِّيَادَاتِ الَّتِي اشْتَمَلَتْ عَلَيْهَا فَمِمَّا لم يذكر فِيهِ صَرِيحًا مِنَ الْوَاجِبَاتِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا النِّيَّةُ وَالْقُعُودُ الْأَخِيرُ وَمِنَ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ التَّشَهُّدُ الْأَخِيرُ وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ وَالسَّلَامُ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مَعْلُومًا عِنْدَ الرَّجُلِ اه وَهَذَا يَحْتَاجُ إِلَى تَكْمِلَةٍ وَهُوَ ثُبُوتُ الدَّلِيلِ عَلَى إِيجَابِ مَا ذُكِرَ كَمَا تَقَدَّمَ وَفِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ نَظَرٌ قَالَ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِقَامَةَ وَالتَّعَوُّذَ وَدُعَاءَ الِافْتِتَاحِ وَرَفْعَ الْيَدَيْنِ فِي الْإِحْرَامِ وَغَيْرِهِ وَوَضْعَ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى وَتَكْبِيرَاتِ الِانْتِقَالَاتِ وَتَسْبِيحَاتِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَهَيْئَاتِ الْجُلُوسِ وَوَضْعَ الْيَدِ عَلَى الْفَخِذِ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ فِي الْحَدِيثِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ اه وَهُوَ فِي مَعْرِضِ الْمَنْعِ لِثُبُوتِ بَعْضِ مَا ذُكِرَ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فَيَحْتَاجُ مَنْ لَمْ يَقُلْ بِوُجُوبِهِ إِلَى دَلِيلٍ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى تَعَيُّنِ لَفْظِ التَّكْبِيرِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يُجْزِئُ بِكُلِّ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى التَّعْظِيمِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي أَوَّلِ صفة الصَّلَاة قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَيَتَأَيَّدُ ذَلِكَ بِأَنَّ الْعِبَادَاتِ مَحَلُّ التَّعَبُّدَاتِ وَلِأَنَّ رُتَبَ هَذِهِ الْأَذْكَارِ مُخْتَلِفَةٌ فَقَدْ لَا يَتَأَدَّى بِرُتْبَةٍ مِنْهَا مَا يُقْصَدُ بِرُتْبَةٍ أُخْرَى وَنَظِيرُهُ الرُّكُوعُ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ بِهِ التَّعْظِيمُ بِالْخُضُوعِ فَلَوْ أَبْدَلَهُ بِالسُّجُودِ لَمْ يُجْزِئْ مَعَ أَنَّهُ غَايَةُ الْخُضُوعِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ قِرَاءَة الْفَاتِحَة لَا تتَعَيَّن قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إِذَا تَيَسَّرَ فِيهِ غَيْرُ الْفَاتِحَةِ فَقَرَأَهُ يَكُونُ مُمْتَثِلًا فَيَخْرُجُ عَنِ الْعُهْدَةِ قَالَ وَالَّذِينَ عَيَّنُوهَا أَجَابُوا بِأَنَّ الدَّلِيلَ عَلَى تَعَيُّنِهَا تَقْيِيدٌ لِلْمُطْلَقِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ مُتَعَقَّبٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُطْلَقٍ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بَلْ هُوَ مُقَيَّدٌ بِقَيْدِ التَّيْسِيرِ الَّذِي يَقْتَضِي التَّخْيِيرَ وَإِنَّمَا يَكُونُ مُطْلَقًا لَوْ قَالَ اقْرَأْ قُرْآنًا ثُمَّ قَالَ اقْرَأْ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ هُوَ بَيَانٌ لِلْمُجْمَلِ وَهُوَ مُتَعَقَّبٌ أَيْضًا لِأَنَّ الْمُجْمَلَ مَا لَمْ تَتَّضِحْ دَلَالَتُهُ وَقَولُهُ مَا تَيَسَّرَ مُتَّضِحٌ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي التَّخْيِيرِ قَالَ وَإِنَّمَا يَقْرَبُ ذَلِكَ إِنْ جُعِلَتْ مَا مَوْصُولَةً وَأُرِيدَ بِهَا شَيْءٌ مُعَيَّنٌ وَهُوَ الْفَاتِحَةُ لِكَثْرَةِ حِفْظِ الْمُسْلِمِينَ لَهَا فَهِيَ الْمُتَيَسِّرَةُ وَقِيلَ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ عَرَفَ مِنْ حَالِ الرَّجُلِ أَنَّهُ لَا يَحْفَظُ الْفَاتِحَةَ وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ كَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ قِرَاءَةَ مَا تَيَسَّرَ وَقِيلَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِالدَّلِيلِ عَلَى تَعْيِينِ الْفَاتِحَةِ وَلَا يَخْفَى ضَعْفُهُمَا لَكِنَّهُ مُحْتَمَلٌ وَمَعَ الِاحْتِمَالِ لَا يُتْرَكُ الصَّرِيحُ وَهُوَ .

     قَوْلُهُ  لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ لَا يُقْرَأُ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَقِيلَ إِنَّ قَوْلَهُ مَا تَيَسَّرَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا زَادَ عَلَى الْفَاتِحَةِ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ دَلِيلِ إِيجَابِ الْفَاتِحَةِ وَيُؤَيِّدُهُ الرِّوَايَةُ الَّتِي تقدّمت لِأَحْمَد وبن حِبَّانَ حَيْثُ قَالَ فِيهَا اقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ ثُمَّ اقْرَأْ بِمَا شِئْتَ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى وُجُوبِ الطُّمَأْنِينَةِ فِي الْأَرْكَانِ وَاعْتَذَرَ بَعْضُ مَنْ لَمْ يَقُلْ بِهِ بِأَنَّهُ زِيَادَةٌ عَلَى النَّصِّ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ فِي الْقُرْآنِ مُطْلَقُ السُّجُودِ فَيَصْدُقُ بِغَيْرِ طُمَأْنِينَةٍ فَالطُّمَأْنِينَةُ زِيَادَةٌ وَالزِّيَادَةُ عَلَى الْمُتَوَاتِرِ بِالْآحَادِ لَا تُعْتَبَرُ وَعُورِضَ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ زِيَادَةً لَكِنْ بَيَانٌ لِلْمُرَادِ بِالسُّجُودِ وَأَنَّهُ خَالَفَ السُّجُودَ اللُّغَوِيَّ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ وَضْعِ الْجَبْهَةِ فَبَيَّنَتِ السُّنَّةُ أَنَّ السُّجُودَ الشَّرْعِيَّ مَا كَانَ بِالطُّمَأْنِينَةِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ تَأْكِيدًا لِوُجُوبِ السُّجُودِ وَكَانَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ مَعَهُ يُصَلُّونَ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِغَيْرِ طُمَأْنِينَةٍ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ وُجُوبُ الْإِعَادَةِ عَلَى مَنْ أَخَلَّ بِشَيْءٍ مِنْ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ وَفِيهِ أَنَّ الشُّرُوعَ فِي النَّافِلَةِ مُلْزِمٌ لَكِنْ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الصَّلَاةُ كَانَتْ فَرِيضَةً فَيَقِفُ الِاسْتِدْلَالُ وَفِيهِ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ وَحُسْنُ التَّعْلِيمِ بِغَيْرِ تَعْنِيفٍ وَإِيضَاحُ الْمَسْأَلَةِ وَتَخْلِيصُ الْمَقَاصِدِ وَطَلَبُ الْمُتَعَلِّمِ مِنَ الْعَالِمِ أَنْ يُعَلِّمَهُ وَفِيهِ تَكْرَارُ السَّلَامِ وَرَدُّهُ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الْمَوْضِعِ إِذَا وَقَعَتْ صُورَةُ انْفِصَالٍ وَفِيهِ أَنَّ الْقِيَامَ فِي الصَّلَاةِ لَيْسَ مَقْصُودًا لِذَاتِهِ وَإِنَّمَا يُقْصَدُ لِلْقِرَاءَةِ فِيهِ وَفِيهِ جُلُوسُ الْإِمَامِ فِي الْمَسْجِدِ وَجُلُوسُ أَصْحَابِهِ مَعَهُ وَفِيهِ التَّسْلِيمُ لِلْعَالِمِ وَالِانْقِيَادُ لَهُ وَالِاعْتِرَافُ بِالتَّقْصِيرِ وَالتَّصْرِيحُ بِحُكْمِ الْبَشَرِيَّةِ فِي جَوَازِ الْخَطَأوَفِيهِ أَنَّ فَرَائِضَ الْوُضُوءِ مَقْصُورَةٌ عَلَى مَا وَرَدَ بِهِ الْقُرْآنُ لَا مَا زَادَتْهُ السُّنَّةُ فَيُنْدَبُ وَفِيهِ حُسْنُ خُلُقِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلُطْفُ مُعَاشَرَتِهِ وَفِيهِ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ فِي الْمَجْلِسِ لِلْمَصْلَحَةِ وَقَدِ اسْتُشْكِلَ تَقْرِيرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ عَلَى صَلَاتِهِ وَهِيَ فَاسِدَةٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ أَخَلَّ بِبَعْضِ الْوَاجِبَاتِ وَأَجَابَ الْمَازِرِيُّ بِأَنَّهُ أَرَادَ اسْتِدْرَاجَهُ بِفِعْلِ مَا يَجْهَلُهُ مَرَّاتٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ فَعَلَهُ نَاسِيًا أَوْ غَافِلًا فَيَتَذَكَّرُهُ فَيَفْعَلُهُ مِنْ غَيْرِ تَعْلِيمٍ وَلَيْسَ ذَلِك من بَاب التَّقْرِير على الْخَطَأِ بَلْ مِنْ بَابِ تَحَقُّقِ الْخَطَأِ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ نَحْوَهُ قَالَ وَإِنَّمَا لَمْ يُعَلِّمْهُ أَوَّلًا لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي تَعْرِيفِهِ وَتَعْرِيفِ غَيْرِهِ بِصِفَةِ الصَّلَاة المجزئة.

     وَقَالَ  بن الْجَوْزِيّ يحْتَمل أَن يكون ترديده لتفخم الْأَمْرِ وَتَعْظِيمِهِ عَلَيْهِ وَرَأَى أَنَّ الْوَقْتَ لَمْ يفته فَرَأى إيقاظ الفطنة للمتروك.

     وَقَالَ  بن دَقِيقِ الْعِيدِ لَيْسَ التَّقْرِيرُ بِدَلِيلٍ عَلَى الْجَوَازِ مُطْلَقًا بَلْ لَا بُدَّ مِنِ انْتِفَاءِ الْمَوَانِعِ وَلَا شَكَّ أَنَّ فِي زِيَادَةِ قَبُولِ الْمُتَعَلِّمِ لِمَا يُلْقَى إِلَيْهِ بَعْدَ تَكْرَارِ فِعْلِهِ وَاسْتِجْمَاعِ نَفْسِهِ وَتَوَجُّهِ سُؤَالِهِ مَصْلَحَةً مَانِعَةً مِنْ وُجُوبِ الْمُبَادَرَةِ إِلَى التَّعْلِيمِ لَا سِيَّمَا مَعَ عَدَمِ خَوْفِ الْفَوَاتِ إِمَّا بِنَاءً عَلَى ظَاهِرِ الْحَالِ أَو بوحى خَاص.

     وَقَالَ  النوربشتى إِنَّمَا سَكَتَ عَنْ تَعْلِيمِهِ أَوَّلًا لِأَنَّهُ لَمَّا رَجَعَ لَمْ يَسْتَكْشِفِ الْحَالَ مِنْ مَوْرِدِ الْوَحْيِ وَكَأَنَّهُ اغْتَرَّ بِمَا عِنْدَهُ مِنَ الْعِلْمِ فَسَكَتَ عَنْ تَعْلِيمِهِ زَجْرًا لَهُ وَتَأْدِيبًا وَإِرْشَادًا إِلَى اسْتِكْشَافِ مَا اسْتَبْهَمَ عَلَيْهِ فَلَمَّا طَلَبَ كَشْفَ الْحَالِ مِنْ مَوْرِدِهِ أُرْشِدَ إِلَيْهِ انْتَهَى لَكِنْ فِيهِ مُنَاقَشَةٌ لِأَنَّهُ إِنْ تَمَّ لَهُ فِي الصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ لَمْ يَتِمَّ لَهُ فِي الْأُولَى لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدَأَهُ لَمَّا جَاءَ أَوَّلَ مَرَّةٍ بِقَوْلِهِ ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ فَالسُّؤَالُ وَارِدٌ عَلَى تَقْرِيرِهِ لَهُ عَلَى الصَّلَاةِ الْأُولَى كَيْفَ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ فِي أَثْنَائِهَا لَكِنَّ الْجَوَابَ يَصْلُحُ بَيَانًا لِلْحِكْمَةِ فِي تَأْخِيرِ الْبَيَانِ بَعْدَ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِيهِ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ أَجَازَ الْقِرَاءَةَ بِالْفَارِسِيَّةِ لِكَوْنِ مَا لَيْسَ بِلِسَانِ الْعَرَبِ لَا يُسَمَّى قُرْآنًا قَالَهُ عِيَاضٌ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ وَفِيهِ وُجُوبُ الْقِرَاءَةِ فِي الرَّكَعَاتِ كُلِّهَا وَأَنَّ الْمُفْتِيَ إِذَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ وَكَانَ هُنَاكَ شَيْءٌ آخَرُ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ السَّائِلُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَذْكُرَهُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْهُ عَنْهُ وَيَكُونُ من بَاب النَّصِيحَة لامن الْكَلَامِ فِيمَا لَا مَعْنَى لَهُ وَمَوْضِعُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ كَوْنُهُ قَالَ عَلِّمْنِي أَيِ الصَّلَاةَ فَعَلَّمَهُ الصَّلَاة ومقدماتها ( قَولُهُ بَابُ الدُّعَاءِ فِي الرُّكُوعِ) تَرْجَمَ بَعْدَ هَذَا بِأَبْوَابِ التَّسْبِيحِ وَالدُّعَاءِ فِي السُّجُودِ وَسَاقَ فِيهِ حَدِيثَ الْبَابِ فَقِيلَ الْحِكْمَةُ فِي تَخْصِيصِ الرُّكُوعِ بِالدُّعَاءِ دُونَ التَّسْبِيحِ مَعَ أَنَّ الْحَدِيثَ وَاحِدٌ أَنَّهُ قَصَدَ الْإِشَارَةَ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ كَرِهَ الدُّعَاءَ فِي الرُّكُوعِ كَمَالِكٍ.

.
وَأَمَّا التَّسْبِيحُ فَلَا خِلَافَ فِيهِ فَاهْتَمَّ هُنَا بِذِكْرِ الدُّعَاءِ لِذَلِكَ وَحُجَّةُ الْمُخَالِفِ الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْرَجَهُ مُسلم من رِوَايَة بن عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا وَفِيهِ فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ.

.
وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ لَكِنَّهُ لَا مَفْهُومَ لَهُ فَلَا يَمْتَنِعُ الدُّعَاءُ فِي الرُّكُوعِ كَمَا لَا يَمْتَنِعُ التَّعْظِيمُ فِي السُّجُودِ وَظَاهِرُ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ هَذَا الذِّكْرَ كُلَّهُ فِي الرُّكُوعِ وَكَذَا فِي السُّجُودِ وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ فِي الْبَابِالْمَذْكُور إِن شَاءَ الله تَعَالَى ( قَولُهُ بَابُ مَا يَقُولُ الْإِمَامُ وَمَنْ خَلْفَهُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ) وَقَعَ فِي شرح بن بَطَّالٍ هُنَا بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَمَا يَقُولُ الْإِمَامُ وَمَنْ خَلْفَهُ إِلَخْ.

.
وَتَعَقَّبَهُ بِأَنْ قَالَ لَمْ يُدْخِلْ فِيهِ حَدِيثًا لِجَوَازِ الْقِرَاءَة وَلَا منعهَا.

     وَقَالَ  بن رَشِيدٍ هَذِهِ الزِّيَادَةُ لَمْ تَقَعْ فِيمَا رَوَيْنَاهُ مِنْ نُسَخِ الْبُخَارِيِّ انْتَهَى وَكَذَلِكَ أَقُولُ وَقَدْ تبع بن الْمُنِير بن بَطَّالٍ ثُمَّ اعْتَذَرَ عَنِ الْبُخَارِيِّ بِأَنْ قَالَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ وَضَعَهَا لِلْأَمْرَيْنِ فَذَكَرَ أَحَدَهُمَا وَأَخْلَى لِلْآخَرِ بَيَاضًا لِيَذْكُرْ فِيهِ مَا يُنَاسِبُهُ ثُمَّ عَرَضَ لَهُ مَانِعٌ فَبَقِيَتِ التَّرْجَمَةُ بِلَا حَدِيث.

     وَقَالَ  بن رشيد يحْتَمل أَن يكون ترْجم بِالْحَدِيثِ مُشِيرًا إِلَيْهِ وَلَمْ يُخَرِّجْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى شَرْطِهِ لِأَنَّ فِي إِسْنَادِهِ اضْطِرَابًا وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسلم من حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثٍ وَفِي آخِرِهِ أَلَا وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا ثُمَّ تَعَقَّبَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِأَنَّ ظَاهِرَ التَّرْجَمَةِ الْجَوَازُ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ الْمَنْعُ قَالَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى التَّرْجَمَةِ بَابُ حُكْمِ الْقِرَاءَةِ وَهُوَ أَعَمُّ مِنَ الْجَوَازِ أَوِ الْمَنْعِ وَقَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي ذَلِكَ جَوَازًا وَمَنْعًا فَلَعَلَّهُ كَانَ يَرَى الْجَوَازَ لِأَنَّ حَدِيثَ النَّهْيِ لَمْ يَصح عِنْده انْتهى مُلَخصا وَمَال الزين بن الْمُنِيرِ إِلَى هَذَا الْأَخِيرِ لَكِنْ حَمَلَهُ عَلَى وَجْهٍ أَخَصَّ مِنْهُ فَقَالَ لَعَلَّهُ أَرَادَ أَنَّ الْحَمْدَ فِي الصَّلَاةِ لَا حَجْرَ فِيهِ وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ مِنْ مَطَالِبِهَا ظَهَرَ تَسْوِيغُ ذَلِكَ فِي الرُّكُوعِ وَغَيْرِهِ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ آيَاتُ الْحَمْدِ كَمُفْتَتَحِ الْأَنْعَامِ وَغَيْرِهَا فَإِنْ قِيلَ لَيْسَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ ذِكْرُ مَا يَقُوله الْمَأْمُوم أجَاب بن رَشِيدٍ بِأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى التَّذْكِيرِ بِالْمُقَدِّمَاتِ لِتَكُونَ الْأَحَادِيثُ عِنْدَ الِاسْتِنْبَاطِ نُصْبَ عَيْنَيِ الْمُسْتَنْبِطِ فَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ وَحَدِيثُ صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي قَالَ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَاسَ الْمَأْمُومَ عَلَى الْإِمَامِ لَكِنْ فِيهِ ضَعْفٌ.

.

قُلْتُ وَقَدْ وَرَدَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِلَفْظِ كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ قَالَ مَنْ وَرَاءَهُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَلَكِنْ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ الْمَحْفُوظُ فِي هَذَا فَلْيَقُلْ مَنْ وَرَاءَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَسَنَذْكُرُ الِاخْتِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [793] حدثنا مسدد: نا يحيى بن سعيد، عن عبيد الله: حدثني سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دخل المسجد، فدخل رجل فصلى، ثم جاء فسلم على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فرد عليه النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: ( ( ارجع فصل فإنك لم تصل) ) ، فصلى ثم جاء، فسلم على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: ( ( ارجع فصل فأنك لم تصل) ) – ثلاثاً -، فقال: والذي يعثك بالحق ما أحسن غيره، فعلمني.
قال: ( ( إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم أقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً، ثم اسجد حتى تطمئنساجداً، ثم ارفع حتى تطئمن جالساً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها) ) .
استدل بعضهم بهذا الحديث على أن من دخل المسجد وفيه قوم جلوس، فإنه يبدأ فيصلي تحية المسجد، ثم يسلم على من فيه، فيبدأ بتحية المسجد قبل تحية الناس.
وفي هذا نظر، وهذه واقعة عين، فيحتمل أنه لما دخل المسجد صلى في مؤخره قريباً من الباب، وكان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في صدر المسجد، فلم يكن قد مر عليهم قبل صلاته، أو أنه لما دخل المسجد مشى إلى قريبٍ من قبلة المسجد، بالبعد من الجالسين في المسجد، فصلى فيه، ثم أنصرف إلى الناس.
يدل على ذلك: أنه روي في هذا الحديث: أن رجلاً دخل المسجد، فصلى، ورسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ناحية المسجد، فجاء فسلم – وذكر الحديث -.
خرَّجه ابن ماجه.
فأما من دخل المسجد فمر على قوم فيه، فإنه يسلم عليهم ثم يصلى.
وفيه: دليل على أن من قام عن قوم لحاجته، ثم عاد إليهم، فأنه يسلم عليهم وإن لم يكن قد غاب عنهم.
وفيه: دليل على أن من أساء في الصلاة فإنه يؤمر بإحسان صلاته مجملاً، حتى يتبين أنه جاهلٌ، فيعلم ما جهله.
وفيه: دليل على أن من أساء في صلاة تطوعٍ فأنه يؤمرُ باعادتها.
وهذا مما يتعلق به من يقول بلزوم النوافل بالشروع، ووجوب إعادتهاإذا أفسدها.
ومن خالف في ذلك حمل الامر بالاعادة على الاستحباب، وأن الأمر بالإعادة كان تغليظاً على هذا المسيء في صلاته؛ لأن ذلك أزجرُ له عن الإساءة، وأقرب إلى عدم عوده إليها.
وقد ذكرنا –فيما تقدم – الاستدلال بهذا الحديث على وجوب التكبير والقراءة.
والمقصود منه في هذا الباب: وجوب إتمام الركوع والطمأنينة فيه؛ فإن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمره أن يركع حتى يطمئن راكعاً.
وقد أشار البخاري إلى أنه أنما أمر بالإعادة؛ لأنه لم يتم الركوع، وليس في سياق هذا الحديث مايدل على ذلك.
ولكن؛ روي في حديث رفاعة بن رافع: أن الداخل إلى المسجد صلى وأخفُ صلاته.
خرَّجه الترمذي وغيره.
وخَّرجه النسائي، وعنده: فجعل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يرمق صلاته، ولا يدري ما يعيب منها.
وقد قيل: أن المذكور في حديث رفاعة غير المذكور في أبي هريرة؛ لأن في حديث رفاعة تعليم النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعض مستحبات الصلاة؛ كالاستفتاح وغيره، بخلاف حديث أبي هريرة؛ فإنه ليس فيه غير تعليم فرائض الصلاة.
وأكثر أهل العلم على أن إتمام الركوع بالطمأنينة فرض، لا تصح الصلاة بدون ذلك.
قال الترمذي: العمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومن بعدهم؛ يرون أن يقيم الرجل صلبه في الركوع والسجود.
وقال الشافعي وأحمد وإسحاق: من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود فصلاته فاسدة؛ لحديث النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود) ) .
وهذا الحديث الذي أشار إليه، خرَّجه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن حبان في ( ( صحيحه) ) من حديث أبي مسعود الأنصاري، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وقال الترمذي: حسن صحيح.
ولفظ أبي داود: ( ( لا تجزئ صلاة الرجل حتى يقيم ظهره في الركوع والسجود) ) .
وإقامة الظهر في الركوع والسجود: هو سكونه من حركته.
وقدر الطمأنينة المفروضه: أدنى سكونٍ بين حركتي الخفض والرفع عند أصحاب الشافعي، وأحد الوجهين لأصحابنا.
والثاني لأصحابنا: أنها مقدرة بقدر تسبيحة واحدة.
وذهب أبو حنيفة إلى أن الطمانينة ليست فرضاً في ركوع ولا غيره، لظاهر قوله: { ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج:77] .
وللجمهور: أن الأمر بالركوع والسجود مطلقٌ، وقد فسره النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وبيَنه بفعله وأمره، فرجع إلى بيانه في ذلك كما رجع إلى بيانه في عدد السجود وعدد الركعات، ونحو ذلك.
*** 123 -باب الدعاء في الركوع

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي لَا يتم رُكُوعه بِالْإِعَادَةِ)
قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ هَذِهِ مِنَ التَّرَاجِمِ الْخَفِيَّةِ وَذَلِكَ أَنَّ الْخَبَرَ لَمْ يَقَعْ فِيهِ بَيَانُ مَا نَقَصَهُ الْمُصَلِّي الْمَذْكُورُ لَكِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَالَ لَهُ ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا إِلَى آخِرِ مَا ذَكَرَ لَهُ مِنَ الْأَرْكَانِ اقْتَضَى ذَلِكَ تَسَاوِيَهَا فِي الْحُكْمِ لِتَنَاوُلِ الْأَمْرِ كُلَّ فَرْدٍ مِنْهَا فَكُلُّ مَنْ لَمْ يُتِمَّ رُكُوعَهُ أَوْ سُجُودَهُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا ذُكِرَ مَأْمُورٌ بِالْإِعَادَةِ.

.

قُلْتُ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافع عِنْد بن أَبِي شَيْبَةَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ دَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى صَلَاةً خَفِيفَةً لَمْ يُتِمَّ رُكُوعَهَا وَلَا سُجُودَهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ بِالتَّرْجَمَةِ إِلَى ذَلِك

[ قــ :772 ... غــ :793] قَوْله عَن عبيد الله هُوَ بن عُمَرَ الْعُمَرِيُّ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِيهِ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ خَالَفَ يَحْيَى الْقَطَّانُ أَصْحَابَ عُبَيْدِ اللَّهِ كُلَّهُمْ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا عَنْ أَبِيهِ وَيَحْيَى حَافِظٌ قَالَ فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ عُبَيْدُ اللَّهِ حَدَّثَ بِهِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ.

     وَقَالَ  الْبَزَّارُ لَمْ يُتَابَعْ يَحْيَى عَلَيْهِ وَرَجَّحَ التِّرْمِذِيُّ رِوَايَةَ يَحْيَى.

.

قُلْتُ لِكُلٍّ مِنَ الرِّوَايَتَيْنِ وَجْهٌ مُرَجَّحٌ أَمَّا رِوَايَةُ يَحْيَى فَلِلزِّيَادَةِ مِنَ الْحَافِظِ.

.
وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى فَلِلْكَثْرَةِ وَلِأَنَّ سَعِيدًا لَمْ يُوصَفْ بِالتَّدْلِيسِ وَقَدْ ثَبَتَ سَمَاعُهُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمِنْ ثَمَّ أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ الطَّرِيقَيْنِ فَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ طَرِيقَ يَحْيَى هُنَا وَفِي بَابِ وُجُوبِ الْقِرَاءَةِ وَأَخْرَجَ فِي الِاسْتِئْذَانِ طَرِيقَ عُبَيْدِ اللَّهِ بن نمير وَفِي الْإِيمَان وَالنُّذُور طَرِيق أبي أُسَامَةَ كِلَاهُمَا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ لَيْسَ فِيهِ عَنْ أَبِيهِ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ الثَّلَاثَةِ وَلِلْحَدِيثِ طَرِيقٌ أُخْرَى مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْرَجَهَا أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو وَمُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ وَدَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ كُلِّهِمْ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَلَّادِ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمِّهِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ فَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُسَمِّ رِفَاعَةَ قَالَ عَنْ عَمٍّ لَهُ بَدْرِيٍّ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَقُلْ عَنْ أَبِيهِ وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ رِفَاعَةَ لَكِنْ لَمْ يَقُلِ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِيهِ وَفِيهِ اخْتِلَافٌ آخَرُ نَذْكُرُهُ قَرِيبًا .

     قَوْلُهُ  فَدخل رجل فِي رِوَايَة بن نُمَيْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ وَنَحْنُ حَوْلَهُ وَهَذَا الرَّجُلُ هُوَ خَلَّادُ بْنُ رَافِعٍ جَدُّ على بن يحيى رَاوِي الْخَبَر بَينه بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ الْعَوَّامِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى عَنْ رِفَاعَةَ أَنَّ خَلَّادًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَرَوَى أَبُو مُوسَى فى الذيل من جِهَة بن عُيَيْنَة عَن بن عَجْلَانَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَلَّادٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ اه وَفِيهِ أَمْرَانِ زِيَادَةُ عَبْدِ اللَّهِ فِي نَسَبِ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى وَجَعْلُ الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَةِ خَلَّادٍ جَدِّ عَلِيٍّ فَأَما الأول فَوَهم من الرَّاوِي عَن بن عُيَيْنَة وَأما الثَّانِي فَمن بن عُيَيْنَةَ لِأَنَّ سَعِيدَ بْنَ مَنْصُورٍ قَدْ رَوَاهُ عَنْهُ كَذَلِكَ لَكِنْ بِإِسْقَاطِ عَبْدِ اللَّهِ وَالْمَحْفُوظُ أَنَّهُ مِنْ حَدِيثِ رِفَاعَةَ كَذَلِكَ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَن يحيى بن سعيد الْقطَّان وبن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْأَحْمَرِ كِلَاهُمَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ.

.
وَأَمَّا مَا وَقَعَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ كَالْبَدْوِيِّ فَصَلَّى فَأَخَفَّ صَلَاتَهُ فَهَذَا لَا يَمْنَعُ تَفْسِيرَهُ بِخَلَّادٍ لِأَنَّ رِفَاعَةَ شَبَّهَهُ بِالْبَدْوِيِّ لِكَوْنِهِ أَخَفَّ الصَّلَاةَ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  فَصَلَّى زَادَ النَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ رَكْعَتَيْنِ وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّهُ صَلَّى نَفْلًا وَالْأَقْرَبُ أَنَّهَا تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ وَفِي الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمُقُهُ فِي صَلَاتِهِ زَادَ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ وَلَا نَدْرِي مَا يعيب مِنْهَا وَعند بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي خَالِدٍ يَرْمُقُهُ وَنَحْنُ لَا نَشْعُرُ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى حَالِهِمْ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى وَهُوَ مُخْتَصَرٌ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ كَأَنَّهُ قَالَ وَلَا نَشْعُرُ بِمَا يَعِيبُ مِنْهَا .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ فَجَاءَ فَسَلَّمَ وَهِيَ أَوْلَى لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ صَلَاتِهِ وَمَجِيئِهِ تَرَاخٍ .

     قَوْلُهُ  فَرَدَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ مُسلم وَكَذَا فِي رِوَايَة بن نُمَيْرٍ فِي الِاسْتِئْذَانِ فَقَالَ وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَفِي هَذَا تعقب على بن الْمُنِيرِ حَيْثُ قَالَ فِيهِ إِنَّ الْمَوْعِظَةَ فِي وَقْتِ الْحَاجَةِ أَهَمُّ مِنْ رَدِّ السَّلَامِ وَلِأَنَّهُ لَعَلَّهُ لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ تَأْدِيبًا عَلَى جَهْلِهِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ التَّأْدِيبُ بِالْهَجْرِ وَتَرْكِ السَّلَامِ اه وَالَّذِي وَقَفْنَا عَلَيْهِ مِنْ نُسَخِ الصَّحِيحَيْنِ ثُبُوتُ الرَّدِّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَغَيْرِهِ إِلَّا الَّذِي فِي الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ وَقَدْ سَاقَ الْحَدِيثَ صَاحِبُ الْعُمْدَةِ بِلَفْظِ الْبَابِ إِلَّا أَنَّهُ حَذَفَ مِنْهُ فَرَدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَعَلَّ بن الْمُنِيرِ اعْتَمَدَ عَلَى النُّسْخَةِ الَّتِي اعْتَمَدَ عَلَيْهَا صَاحب الْعُمْدَة قَوْله ارْجع فِي رِوَايَة بن عَجْلَانَ فَقَالَ أَعِدْ صَلَاتَكَ .

     قَوْلُهُ  فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ قَالَ عِيَاضٌ فِيهِ أَنَّ أَفْعَالَ الْجَاهِلِ فِي الْعِبَادَةِ عَلَى غَيْرِ عِلْمٍ لَا تُجْزِئُ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّفْيِ نَفْيُ الْإِجْزَاءِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَمَنْ حَمَلَهُ عَلَى نَفْيِ الْكَمَالِ تَمَسَّكَ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْمُرْهُ بَعْدَ التَّعْلِيمِ بِالْإِعَادَةِ فَدَلَّ عَلَى إِجْزَائِهَا وَإِلَّا لَزِمَ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ كَذَا قَالَهُ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَهُوَ الْمُهَلَّبُ وَمَنْ تَبِعَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَهُ فِي الْمَرَّةِ الْأَخِيرَةِ بِالْإِعَادَةِ فَسَأَلَهُ التَّعْلِيمَ فَعَلَّمَهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَهُ أَعِدْ صَلَاتَكَ عَلَى هَذِه الْكَيْفِيَّة أَشَارَ إِلَى ذَلِك بن الْمُنِيرِ وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ الْكَلَامِ عَلَى الْحَدِيثِ مَزِيدُ بَحْثٍ فِي ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  ثَلَاثًا فِي رِوَايَة بن نُمَيْرٍ فَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ أَوْ فِي الَّتِي بَعْدَهَا وَفِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ فَقَالَ فِي الثَّانِيَةِ أَوِ الثَّالِثَةِ وَتَتَرَجَّحُ الْأُولَى لِعَدَمِ وُقُوعِ الشَّكِّ فِيهَا وَلِكَوْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مِنْ عَادَتَهِ اسْتِعْمَالُ الثَّلَاثِ فِي تَعْلِيمِهِ غَالِبًا .

     قَوْلُهُ  فَعَلِّمْنِي فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ عَلِيٍّ فَقَالَ الرَّجُلُ فَأَرِنِي وَعَلِّمْنِي فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أُصِيبُ وَأُخْطِئُ فَقَالَ أَجَلْ .

     قَوْلُهُ  إِذَا قُمْت إِلَى الصَّلَاة فَكبر فِي رِوَايَة بن نُمَيْرٍ إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَأَسْبِغِ الْوُضُوءَ ثُمَّ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ فَكَبِّرْ وَفِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ عَلِيٍّ فَتَوَضَّأْ كَمَا أَمَرَكَ اللَّهُ ثُمَّ تَشَهَّدْ وَأَقِمْ وَفِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ إِنَّهَا لَمْ تَتِمَّ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ حَتَّى يُسْبِغَ الْوُضُوءَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ فَيَغْسِلُ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَيَمْسَحُ رَأْسَهُ وَرِجْلَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ثُمَّ يُكَبِّرُ اللَّهَ وَيَحْمَدُهُ وَيُمَجِّدُهُ وَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَيُثْنِي عَلَيْهِ بَدَلَ وَيُمَجِّدُهُ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ لَمْ تَخْتَلِفِ الرِّوَايَاتُ فِي هَذَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

.
وَأَمَّا رِفَاعَةُ فَفِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ الْمَذْكُورَةِ وَيَقْرَأُ مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ وَفِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ عَلِيٍّ فَإِنْ كَانَ مَعَكَ قُرْآنٌ فَاقْرَأْ وَإِلَّا فَاحْمَدِ اللَّهَ وَكَبِّرْهُ وَهَلِّلْهُ وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ ثُمَّ اقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ أَوْ بِمَا شَاءَ اللَّهُ وَلِأَحْمَدَ وبن حِبَّانَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ ثُمَّ اقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ ثُمَّ اقْرَأْ بِمَا شِئْتَ تَرْجَمَ لَهُ بن حِبَّانَ بِبَابِ فَرْضِ الْمُصَلِّي قِرَاءَةَ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ هَذِهِ الْقَرِيبَةِ فَإِذَا رَكَعْتَ فَاجْعَلْ رَاحَتَيْكَ عَلَى رُكْبَتَيْكَ وَامْدُدْ ظَهْركَ وَتَمَكَّنْ لِرُكُوعِكَ وَفِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ثُمَّ يُكَبِّرُ فَيَرْكَعُ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ وَيَسْتَرْخِي قَوْله حَتَّى تعتدل قَائِما فِي رِوَايَة بن نمير عِنْد بن ماجة حَتَّى تطمئِن قَائِما أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُ وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ إِسْنَادَهُ بِعَيْنِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَكِنْ لَمْ يَسُقْ لَفْظَهُ فَهُوَ عَلَى شَرْطِهِ وَكَذَا أَخْرَجَهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ وَهُوَ فِي مُسْتَخْرَجِ أَبِي نُعَيْمٍ مِنْ طَرِيقِهِ وَكَذَا أَخْرَجَهُ السَّرَّاجُ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى أَحَدِ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ فَثَبَتَ ذِكْرُ الطُّمَأْنِينَةِ فِي الِاعْتِدَالِ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَمثله فِي حَدِيث رِفَاعَة عِنْد أَحْمد وبن حِبَّانَ وَفِي لَفْظٍ لِأَحْمَدَ فَأَقِمْ صُلْبَكَ حَتَّى تَرْجِعَ الْعِظَامُ إِلَى مَفَاصِلِهَا وَعُرِفَ بِهَذَا أَنَّ قَوْلَ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ فِي الْقَلْبِ مِنْ إِيجَابِهَا أَيِ الطُّمَأْنِينَةَ فِي الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ شَيْءٌ لِأَنَّهَا لَمْ تُذْكَرْ فِي حَدِيثِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى هَذِهِ الطُّرُقِ الصَّحِيحَةِ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ اسْجُدْ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ثُمَّ يُكَبِّرُ فَيَسْجُدُ حَتَّى يُمَكِّنَ وَجْهَهُ أَوْ جَبْهَتَهُ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مفصاله وَتَسْتَرْخِيَ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ ارْفَعْ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ الْمَذْكُورَةِ ثُمَّ يُكَبِّرُ فَيَرْكَعُ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا عَلَى مَقْعَدَتَهِ وَيُقِيمَ صُلْبَهُ وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو فَإِذَا رَفَعْتَ رَأْسَكَ فَاجْلِسْ عَلَى فَخِذِكَ الْيُسْرَى وَفِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ فَإِذَا جَلَسْتَ فِي وَسَطِ الصَّلَاةِ فَاطْمَئِنَّ جَالِسًا ثُمَّ افْتَرِشْ فَخِذَكَ الْيُسْرَى ثُمَّ تَشَهَّدْ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو ثُمَّ اصْنَعْ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَة وَسجْدَة تَنْبِيه وَقع فِي رِوَايَة بن نُمَيْرٍ فِي الِاسْتِئْذَانِ بَعْدَ ذِكْرِ السُّجُودِ الثَّانِي ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ هَذَا يَدُلُّ عَلَى إِيجَابِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ وَأَشَارَ الْبُخَارِيُّ إِلَى أَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ وَهْمٌ فَإِنَّهُ عَقَّبَهُ بِأَنْ قَالَ قَالَ أَبُو أُسَامَةَ فِي الْأَخِيرِ حَتَّى تَسْتَوِيَ قَائِمًا وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ إِنْ كَانَ مَحْفُوظًا عَلَى الْجُلُوسِ لِلتَّشَهُّدِ وَيُقَوِّيهِ رِوَايَةُ إِسْحَاقَ الْمَذْكُورَةُ قَرِيبًا وَكَلَامُ الْبُخَارِيِّ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ أَبَا أُسَامَة خَالف بن نُمَيْرٍ لَكِنْ رَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِي أُسَامَة كَمَا قَالَ بن نُمَيْرٍ بِلَفْظِ ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثُمَّ اقْعُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ قَاعِدًا ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثُمَّ اقْعُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ قَاعِدًا ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ.

     وَقَالَ  كَذَا قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ وَالصَّحِيحُ رِوَايَة عبيد الله بن سعيد أَبِي قُدَامَةَ وَيُوسُفَ بْنِ مُوسَى عَنْ أَبِي أُسَامَةَ بِلَفْظِ ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَسْتَوِيَ قَائِمًا ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى كَذَلِكَ وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى وُجُوبِ الطُّمَأْنِينَةِ فِي أَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ وَاشْتُهِرَ عَنِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الطُّمَأْنِينَةَ سُنَّةٌ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ مُصَنِّفِيهِمْ لَكِنَّ كَلَامَ الطَّحَاوِيِّ كَالصَّرِيحِ فِي الْوُجُوبِ عِنْدَهُمْ فَإِنَّهُ تَرْجَمَ مِقْدَارَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ الَّذِي أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ ثَلَاثًا فِي الرُّكُوعِ وَذَلِكَ أَدْنَاهُ قَالَ فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ هَذَا مِقْدَارُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لَا يُجْزِئُ أَدْنَى مِنْهُ قَالَ وَخَالَفَهُمْ آخَرُونَ فَقَالُوا إِذَا اسْتَوَى رَاكِعًا وَاطْمَأَنَّ سَاجِدًا أَجْزَأَ ثُمَّ قَالَ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ تَكَرَّرَ مِنَ الْفُقَهَاءِ الِاسْتِدْلَالُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى وُجُوبِ مَا ذُكِرَ فِيهِ وَعَلَى عَدَمِ وُجُوبِ مَا لَمْ يُذْكَرْ أَمَّا الْوُجُوبُ فَلِتَعَلُّقِ الْأَمْرِ بِهِ.

.
وَأَمَّا عَدَمُهُ فَلَيْسَ لِمُجَرَّدِ كَوْنِ الْأَصْلِ عَدَمُ الْوُجُوبِ بَلْ لِكَوْنِ الْمَوْضِعِ مَوْضِعَ تَعْلِيمٍ وَبَيَانٍ لِلْجَاهِلِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي انْحِصَارَ الْوَاجِبَاتِ فِيمَا ذُكِرَ وَيَتَقَوَّى ذَلِكَ بِكَوْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ مَا تَعَلَّقَتْ بِهِ الْإِسَاءَةُ مِنْ هَذَا الْمُصَلِّي وَمَا لَمْ تَتَعَلَّقْ بِهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُقْصِرِ الْمَقْصُودَ عَلَى مَا وَقَعَتْ بِهِ الْإِسَاءَةُ قَالَ فَكُلُّ مَوْضِعٍ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِهِ وَكَانَ مَذْكُورًا فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَلَنَا أَنْ نَتَمَسَّكَ بِهِ فِي وُجُوبِهِ وَبِالْعَكْسِ لَكِنْ يَحْتَاجُ أَوَّلًا إِلَى جَمْعِ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ وَإِحْصَاءِ الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ وَالْأَخْذِ بِالزَّائِدِ فَالزَّائِدِ ثُمَّ إِنْ عَارَضَ الْوُجُوبَ أَوْ عَدَمَهُ دَلِيلٌ أَقْوَى مِنْهُ عُمِلَ بِهِ وَإِنْ جَاءَتْ صِيغَةُ الْأَمْرِ فِي حَدِيثٍ آخَرَ بِشَيْءٍ لَمْ يُذْكَرْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قُدِّمَتْ.

.

قُلْتُ قَدِ امْتَثَلْتُ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ وَجَمَعْتُ طُرُقَهُ الْقَوِيَّةَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرِفَاعَة وَقَدْ أَمْلَيْتُ الزِّيَادَاتِ الَّتِي اشْتَمَلَتْ عَلَيْهَا فَمِمَّا لم يذكر فِيهِ صَرِيحًا مِنَ الْوَاجِبَاتِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا النِّيَّةُ وَالْقُعُودُ الْأَخِيرُ وَمِنَ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ التَّشَهُّدُ الْأَخِيرُ وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ وَالسَّلَامُ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مَعْلُومًا عِنْدَ الرَّجُلِ اه وَهَذَا يَحْتَاجُ إِلَى تَكْمِلَةٍ وَهُوَ ثُبُوتُ الدَّلِيلِ عَلَى إِيجَابِ مَا ذُكِرَ كَمَا تَقَدَّمَ وَفِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ نَظَرٌ قَالَ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِقَامَةَ وَالتَّعَوُّذَ وَدُعَاءَ الِافْتِتَاحِ وَرَفْعَ الْيَدَيْنِ فِي الْإِحْرَامِ وَغَيْرِهِ وَوَضْعَ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى وَتَكْبِيرَاتِ الِانْتِقَالَاتِ وَتَسْبِيحَاتِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَهَيْئَاتِ الْجُلُوسِ وَوَضْعَ الْيَدِ عَلَى الْفَخِذِ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ فِي الْحَدِيثِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ اه وَهُوَ فِي مَعْرِضِ الْمَنْعِ لِثُبُوتِ بَعْضِ مَا ذُكِرَ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فَيَحْتَاجُ مَنْ لَمْ يَقُلْ بِوُجُوبِهِ إِلَى دَلِيلٍ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى تَعَيُّنِ لَفْظِ التَّكْبِيرِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يُجْزِئُ بِكُلِّ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى التَّعْظِيمِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي أَوَّلِ صفة الصَّلَاة قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَيَتَأَيَّدُ ذَلِكَ بِأَنَّ الْعِبَادَاتِ مَحَلُّ التَّعَبُّدَاتِ وَلِأَنَّ رُتَبَ هَذِهِ الْأَذْكَارِ مُخْتَلِفَةٌ فَقَدْ لَا يَتَأَدَّى بِرُتْبَةٍ مِنْهَا مَا يُقْصَدُ بِرُتْبَةٍ أُخْرَى وَنَظِيرُهُ الرُّكُوعُ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ بِهِ التَّعْظِيمُ بِالْخُضُوعِ فَلَوْ أَبْدَلَهُ بِالسُّجُودِ لَمْ يُجْزِئْ مَعَ أَنَّهُ غَايَةُ الْخُضُوعِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ قِرَاءَة الْفَاتِحَة لَا تتَعَيَّن قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إِذَا تَيَسَّرَ فِيهِ غَيْرُ الْفَاتِحَةِ فَقَرَأَهُ يَكُونُ مُمْتَثِلًا فَيَخْرُجُ عَنِ الْعُهْدَةِ قَالَ وَالَّذِينَ عَيَّنُوهَا أَجَابُوا بِأَنَّ الدَّلِيلَ عَلَى تَعَيُّنِهَا تَقْيِيدٌ لِلْمُطْلَقِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ مُتَعَقَّبٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُطْلَقٍ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بَلْ هُوَ مُقَيَّدٌ بِقَيْدِ التَّيْسِيرِ الَّذِي يَقْتَضِي التَّخْيِيرَ وَإِنَّمَا يَكُونُ مُطْلَقًا لَوْ قَالَ اقْرَأْ قُرْآنًا ثُمَّ قَالَ اقْرَأْ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ هُوَ بَيَانٌ لِلْمُجْمَلِ وَهُوَ مُتَعَقَّبٌ أَيْضًا لِأَنَّ الْمُجْمَلَ مَا لَمْ تَتَّضِحْ دَلَالَتُهُ وَقَولُهُ مَا تَيَسَّرَ مُتَّضِحٌ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي التَّخْيِيرِ قَالَ وَإِنَّمَا يَقْرَبُ ذَلِكَ إِنْ جُعِلَتْ مَا مَوْصُولَةً وَأُرِيدَ بِهَا شَيْءٌ مُعَيَّنٌ وَهُوَ الْفَاتِحَةُ لِكَثْرَةِ حِفْظِ الْمُسْلِمِينَ لَهَا فَهِيَ الْمُتَيَسِّرَةُ وَقِيلَ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ عَرَفَ مِنْ حَالِ الرَّجُلِ أَنَّهُ لَا يَحْفَظُ الْفَاتِحَةَ وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ كَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ قِرَاءَةَ مَا تَيَسَّرَ وَقِيلَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِالدَّلِيلِ عَلَى تَعْيِينِ الْفَاتِحَةِ وَلَا يَخْفَى ضَعْفُهُمَا لَكِنَّهُ مُحْتَمَلٌ وَمَعَ الِاحْتِمَالِ لَا يُتْرَكُ الصَّرِيحُ وَهُوَ .

     قَوْلُهُ  لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ لَا يُقْرَأُ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَقِيلَ إِنَّ قَوْلَهُ مَا تَيَسَّرَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا زَادَ عَلَى الْفَاتِحَةِ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ دَلِيلِ إِيجَابِ الْفَاتِحَةِ وَيُؤَيِّدُهُ الرِّوَايَةُ الَّتِي تقدّمت لِأَحْمَد وبن حِبَّانَ حَيْثُ قَالَ فِيهَا اقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ ثُمَّ اقْرَأْ بِمَا شِئْتَ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى وُجُوبِ الطُّمَأْنِينَةِ فِي الْأَرْكَانِ وَاعْتَذَرَ بَعْضُ مَنْ لَمْ يَقُلْ بِهِ بِأَنَّهُ زِيَادَةٌ عَلَى النَّصِّ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ فِي الْقُرْآنِ مُطْلَقُ السُّجُودِ فَيَصْدُقُ بِغَيْرِ طُمَأْنِينَةٍ فَالطُّمَأْنِينَةُ زِيَادَةٌ وَالزِّيَادَةُ عَلَى الْمُتَوَاتِرِ بِالْآحَادِ لَا تُعْتَبَرُ وَعُورِضَ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ زِيَادَةً لَكِنْ بَيَانٌ لِلْمُرَادِ بِالسُّجُودِ وَأَنَّهُ خَالَفَ السُّجُودَ اللُّغَوِيَّ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ وَضْعِ الْجَبْهَةِ فَبَيَّنَتِ السُّنَّةُ أَنَّ السُّجُودَ الشَّرْعِيَّ مَا كَانَ بِالطُّمَأْنِينَةِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ تَأْكِيدًا لِوُجُوبِ السُّجُودِ وَكَانَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ مَعَهُ يُصَلُّونَ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِغَيْرِ طُمَأْنِينَةٍ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ وُجُوبُ الْإِعَادَةِ عَلَى مَنْ أَخَلَّ بِشَيْءٍ مِنْ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ وَفِيهِ أَنَّ الشُّرُوعَ فِي النَّافِلَةِ مُلْزِمٌ لَكِنْ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الصَّلَاةُ كَانَتْ فَرِيضَةً فَيَقِفُ الِاسْتِدْلَالُ وَفِيهِ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ وَحُسْنُ التَّعْلِيمِ بِغَيْرِ تَعْنِيفٍ وَإِيضَاحُ الْمَسْأَلَةِ وَتَخْلِيصُ الْمَقَاصِدِ وَطَلَبُ الْمُتَعَلِّمِ مِنَ الْعَالِمِ أَنْ يُعَلِّمَهُ وَفِيهِ تَكْرَارُ السَّلَامِ وَرَدُّهُ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الْمَوْضِعِ إِذَا وَقَعَتْ صُورَةُ انْفِصَالٍ وَفِيهِ أَنَّ الْقِيَامَ فِي الصَّلَاةِ لَيْسَ مَقْصُودًا لِذَاتِهِ وَإِنَّمَا يُقْصَدُ لِلْقِرَاءَةِ فِيهِ وَفِيهِ جُلُوسُ الْإِمَامِ فِي الْمَسْجِدِ وَجُلُوسُ أَصْحَابِهِ مَعَهُ وَفِيهِ التَّسْلِيمُ لِلْعَالِمِ وَالِانْقِيَادُ لَهُ وَالِاعْتِرَافُ بِالتَّقْصِيرِ وَالتَّصْرِيحُ بِحُكْمِ الْبَشَرِيَّةِ فِي جَوَازِ الْخَطَأ وَفِيهِ أَنَّ فَرَائِضَ الْوُضُوءِ مَقْصُورَةٌ عَلَى مَا وَرَدَ بِهِ الْقُرْآنُ لَا مَا زَادَتْهُ السُّنَّةُ فَيُنْدَبُ وَفِيهِ حُسْنُ خُلُقِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلُطْفُ مُعَاشَرَتِهِ وَفِيهِ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ فِي الْمَجْلِسِ لِلْمَصْلَحَةِ وَقَدِ اسْتُشْكِلَ تَقْرِيرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ عَلَى صَلَاتِهِ وَهِيَ فَاسِدَةٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ أَخَلَّ بِبَعْضِ الْوَاجِبَاتِ وَأَجَابَ الْمَازِرِيُّ بِأَنَّهُ أَرَادَ اسْتِدْرَاجَهُ بِفِعْلِ مَا يَجْهَلُهُ مَرَّاتٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ فَعَلَهُ نَاسِيًا أَوْ غَافِلًا فَيَتَذَكَّرُهُ فَيَفْعَلُهُ مِنْ غَيْرِ تَعْلِيمٍ وَلَيْسَ ذَلِك من بَاب التَّقْرِير على الْخَطَأِ بَلْ مِنْ بَابِ تَحَقُّقِ الْخَطَأِ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ نَحْوَهُ قَالَ وَإِنَّمَا لَمْ يُعَلِّمْهُ أَوَّلًا لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي تَعْرِيفِهِ وَتَعْرِيفِ غَيْرِهِ بِصِفَةِ الصَّلَاة المجزئة.

     وَقَالَ  بن الْجَوْزِيّ يحْتَمل أَن يكون ترديده لتفخم الْأَمْرِ وَتَعْظِيمِهِ عَلَيْهِ وَرَأَى أَنَّ الْوَقْتَ لَمْ يفته فَرَأى إيقاظ الفطنة للمتروك.

     وَقَالَ  بن دَقِيقِ الْعِيدِ لَيْسَ التَّقْرِيرُ بِدَلِيلٍ عَلَى الْجَوَازِ مُطْلَقًا بَلْ لَا بُدَّ مِنِ انْتِفَاءِ الْمَوَانِعِ وَلَا شَكَّ أَنَّ فِي زِيَادَةِ قَبُولِ الْمُتَعَلِّمِ لِمَا يُلْقَى إِلَيْهِ بَعْدَ تَكْرَارِ فِعْلِهِ وَاسْتِجْمَاعِ نَفْسِهِ وَتَوَجُّهِ سُؤَالِهِ مَصْلَحَةً مَانِعَةً مِنْ وُجُوبِ الْمُبَادَرَةِ إِلَى التَّعْلِيمِ لَا سِيَّمَا مَعَ عَدَمِ خَوْفِ الْفَوَاتِ إِمَّا بِنَاءً عَلَى ظَاهِرِ الْحَالِ أَو بوحى خَاص.

     وَقَالَ  النوربشتى إِنَّمَا سَكَتَ عَنْ تَعْلِيمِهِ أَوَّلًا لِأَنَّهُ لَمَّا رَجَعَ لَمْ يَسْتَكْشِفِ الْحَالَ مِنْ مَوْرِدِ الْوَحْيِ وَكَأَنَّهُ اغْتَرَّ بِمَا عِنْدَهُ مِنَ الْعِلْمِ فَسَكَتَ عَنْ تَعْلِيمِهِ زَجْرًا لَهُ وَتَأْدِيبًا وَإِرْشَادًا إِلَى اسْتِكْشَافِ مَا اسْتَبْهَمَ عَلَيْهِ فَلَمَّا طَلَبَ كَشْفَ الْحَالِ مِنْ مَوْرِدِهِ أُرْشِدَ إِلَيْهِ انْتَهَى لَكِنْ فِيهِ مُنَاقَشَةٌ لِأَنَّهُ إِنْ تَمَّ لَهُ فِي الصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ لَمْ يَتِمَّ لَهُ فِي الْأُولَى لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدَأَهُ لَمَّا جَاءَ أَوَّلَ مَرَّةٍ بِقَوْلِهِ ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ فَالسُّؤَالُ وَارِدٌ عَلَى تَقْرِيرِهِ لَهُ عَلَى الصَّلَاةِ الْأُولَى كَيْفَ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ فِي أَثْنَائِهَا لَكِنَّ الْجَوَابَ يَصْلُحُ بَيَانًا لِلْحِكْمَةِ فِي تَأْخِيرِ الْبَيَانِ بَعْدَ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِيهِ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ أَجَازَ الْقِرَاءَةَ بِالْفَارِسِيَّةِ لِكَوْنِ مَا لَيْسَ بِلِسَانِ الْعَرَبِ لَا يُسَمَّى قُرْآنًا قَالَهُ عِيَاضٌ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ وَفِيهِ وُجُوبُ الْقِرَاءَةِ فِي الرَّكَعَاتِ كُلِّهَا وَأَنَّ الْمُفْتِيَ إِذَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ وَكَانَ هُنَاكَ شَيْءٌ آخَرُ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ السَّائِلُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَذْكُرَهُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْهُ عَنْهُ وَيَكُونُ من بَاب النَّصِيحَة لامن الْكَلَامِ فِيمَا لَا مَعْنَى لَهُ وَمَوْضِعُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ كَوْنُهُ قَالَ عَلِّمْنِي أَيِ الصَّلَاةَ فَعَلَّمَهُ الصَّلَاة ومقدماتها

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب
أمر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الذي لا يتم ركوعه بالإعادة
[ قــ :772 ... غــ :793 ]
- حدثنا مسدد: نا يحيى بن سعيد، عن عبيد الله: حدثني سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دخل المسجد، فدخل رجل فصلى، ثم جاء فسلم على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فرد عليه النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: ( ( ارجع فصل فإنك لم تصل) ) ، فصلى ثم جاء، فسلم على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: ( ( ارجع فصل فأنك لم تصل) ) – ثلاثاً -، فقال: والذي يعثك بالحق ما أحسن غيره، فعلمني.
قال: ( ( إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم أقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تطئمن جالساً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها) ) .

استدل بعضهم بهذا الحديث على أن من دخل المسجد وفيه قوم جلوس، فإنه يبدأ فيصلي تحية المسجد، ثم يسلم على من فيه، فيبدأ بتحية المسجد قبل تحية الناس.
وفي هذا نظر، وهذه واقعة عين، فيحتمل أنه لما دخل المسجد صلى في مؤخره قريباً من الباب، وكان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في صدر المسجد، فلم يكن قد مر عليهم قبل صلاته، أو أنه لما دخل المسجد مشى إلى قريبٍ من قبلة المسجد، بالبعد من الجالسين في المسجد، فصلى فيه، ثم أنصرف إلى الناس.

يدل على ذلك: أنه روي في هذا الحديث: أن رجلاً دخل المسجد، فصلى، ورسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ناحية المسجد، فجاء فسلم – وذكر الحديث -.

خرَّجه ابن ماجه.

فأما من دخل المسجد فمر على قوم فيه، فإنه يسلم عليهم ثم يصلى.

وفيه: دليل على أن من قام عن قوم لحاجته، ثم عاد إليهم، فأنه يسلم عليهم وإن لم يكن قد غاب عنهم.

وفيه: دليل على أن من أساء في الصلاة فإنه يؤمر بإحسان صلاته مجملاً، حتى يتبين أنه جاهلٌ، فيعلم ما جهله.

وفيه: دليل على أن من أساء في صلاة تطوعٍ فأنه يؤمرُ باعادتها.

وهذا مما يتعلق به من يقول بلزوم النوافل بالشروع، ووجوب إعادتها إذا
أفسدها.

ومن خالف في ذلك حمل الامر بالاعادة على الاستحباب، وأن الأمر بالإعادة كان تغليظاً على هذا المسيء في صلاته؛ لأن ذلك أزجرُ له عن الإساءة، وأقرب إلى عدم عوده إليها.

وقد ذكرنا –فيما تقدم – الاستدلال بهذا الحديث على وجوب التكبير والقراءة.

والمقصود منه في هذا الباب: وجوب إتمام الركوع والطمأنينة فيه؛ فإن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمره أن يركع حتى يطمئن راكعاً.

وقد أشار البخاري إلى أنه أنما أمر بالإعادة؛ لأنه لم يتم الركوع، وليس في سياق هذا الحديث مايدل على ذلك.

ولكن؛ روي في حديث رفاعة بن رافع: أن الداخل إلى المسجد صلى وأخفُ صلاته.

خرَّجه الترمذي وغيره.

وخَّرجه النسائي، وعنده: فجعل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يرمق صلاته، ولا يدري ما يعيب منها.

وقد قيل: أن المذكور في حديث رفاعة غير المذكور في أبي هريرة؛ لأن في حديث رفاعة تعليم النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعض مستحبات الصلاة؛ كالاستفتاح وغيره، بخلاف حديث أبي هريرة؛ فإنه ليس فيه غير تعليم فرائض الصلاة.
وأكثر أهل العلم على أن إتمام الركوع بالطمأنينة فرض، لا تصح الصلاة بدون ذلك.

قال الترمذي: العمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومن
بعدهم؛ يرون أن يقيم الرجل صلبه في الركوع والسجود.

وقال الشافعي وأحمد وإسحاق: من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود فصلاته فاسدة؛ لحديث النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود) ) .

وهذا الحديث الذي أشار إليه، خرَّجه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن حبان في ( ( صحيحه) ) من حديث أبي مسعود الأنصاري، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وقال الترمذي: حسن صحيح.

ولفظ أبي داود: ( ( لا تجزئ صلاة الرجل حتى يقيم ظهره في الركوع
والسجود)
)
.

وإقامة الظهر في الركوع والسجود: هو سكونه من حركته.
وقدر الطمأنينة المفروضه: أدنى سكونٍ بين حركتي الخفض والرفع عند أصحاب الشافعي، وأحد الوجهين لأصحابنا.

والثاني لأصحابنا: أنها مقدرة بقدر تسبيحة واحدة.

وذهب أبو حنيفة إلى أن الطمانينة ليست فرضاً في ركوع ولا غيره، لظاهر قوله: { ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج:77] .

وللجمهور: أن الأمر بالركوع والسجود مطلقٌ، وقد فسره النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وبيَنه بفعله وأمره، فرجع إلى بيانه في ذلك كما رجع إلى بيانه في عدد السجود وعدد الركعات، ونحو ذلك.

***

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب أَمْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الَّذِي لاَ يُتِمُّ رُكُوعَهُ بِالإِعَادَةِ
( باب: أمر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الذي لا يتم ركوعه بالإعادة) للصلاة، وفي نسخة باب بالتنوين أمر بفتحات.


[ قــ :772 ... غــ : 793 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَرَدَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَيْهِ السَّلاَمَ فَقَالَ: ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ، فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ ( ثَلاَثًا) فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ فَمَا أُحْسِنُ غَيْرَهُ فَعَلِّمْنِي.
قَالَ: إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاَةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاَتِكَ كُلِّهَا».


وبه قال: ( حدّثنا مسدد) أي ابن مسرهد ( قال: أخبرني) بالإفراد، ولأبوي ذر والوقت الأصيلي وابن عساكر: حدّثنا ( يحيى بن سعيد) القطان ( عن عبيد الله) بضم العين، ابن عمر العمري ( قال: حدّثنا) وللأربعة: حدّثني ( سعيد المقبري، عن أبيه) كيسان الليثي الخندعي، ويحيى كما قال الدارقطني: حافظ عمدة، لا تقدح مخالفته جميع أصحاب عبيد الله في حديثه هذا، حيث رووه كلهم عنه، عن سعيد، من غير ذكر أبيه، وحينئذ فالحديث صحيح لا علة فيه، ولا يغتر بذكر الدارقطني له في الاستدراكات، ( عن أبي هريرة) ، رضي الله عنه، وللكشميهني: أن أبا هريرة قال: ( إن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دخل المسجد) ولأبي ذر عن المستملي والحموي، عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: دخل المسجد ( فدخل) بالفاء، ولأبي ذر: ودخل ( رجل) هو خلاد بن رافع الزرقي، جدّ علي بن يحيى بن عبد الله بن خالد، ( فصلّى) ركعتين، كما للنسائي، وهل كانتا نفلاً أو فرضًا؟ الظاهر الأول والأقرب أنهما ركعتا تحية المسجد، ( ثم جاء فسلم على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فردّ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عليه السلام فقال) له:
وعليك السلام، ( ارجع فصل، فإنك لم تصل) نفي للصحة لأنها أقرب لنفي الحقيقة من نفي الكمال، فهي أولى المجازين، وأيضًا فلما تعذرت الحقيقة وهي نفي الذات، وجب صرف النفي إلى سائر صفاتها، ( فصلّى، ثم جاء فسلم على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) في رواية أبي أسامة: فجاء فسلم، وهي أولى، لأنه لم يكن بين صلاته ومجيئه تراخٍ ( فقال) له عليه الصلاة والسلام بعد قوله: وعليك السلام ( ارجع فصل فإنك لم تصل -ثلاثًا-) أي: ثلاث مرات، قال البرماوي: وهو متعلق بصلى وقال، وسلم وجاء، فهو من تنازع أربعة أفعال، وإنما لم يعلمه أوّلاً لأن التعليم بعد تكرار الخطأ أثبت من التعليم ابتداء، وقيل تأديبًا له، إذ لم يسأل، واكتفى بعلم نفسه، ولذا لما سأل وقال: لا أحسن، علمه.
وليس فيه تأخير البيان، لأنه كان في الوقت سعة إن كانت صلاة فرض.

( فقال: والذي بعثك بالحق، فما) ولأبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر: ما ( أحسن غيره، فعلمني.
قال)
عليه الصلاة والسلام، ولأبي الوقت فقال: ( إذا قمت إلى الصلاة فكبّر) تكبيرة الإحرام ( ثم اقرأ ما) وللأصيلي: بما ( تيسر معك من القرآن) ، أي الفاتحة، لأنها ميسرة لكل أحد، وعند أبي داود ثم اقر بأم القرآن، أو بما شاء الله، ولأحمد وابن حبان: ثمّ اقرأ بأم القرآن، ثمّ اقرأ بما شئت، ( ثم اركع حتى تطمئن) حال كونك ( راكعًا.
ثم ارفع حتى تعتدل)
حال كونك ( قائمًا) في رواية ابن نمير عند ابن ماجة، بإسناد على شرط الشيخين: حتى تطمئن قائمًا.
فالظاهر أن إمام الحرمين لم يقف على هذه الرواية، حيث قال: وفي إيجاب الطمأنينة في الرفع من الركوع شيء، لأنها لم تذكر في حديث: المسيء صلاته.
( ثم اسجد حتى تطمئن) حال كونك ( ساجدًا، ثم ارفع حتى تطمئن) حال كونك ( جالسًا ثم اسجد حتى تطمئن) حال كونك ( ساجدًا، ثم الفعل ذلك) المذكور من كل واحد من التكبير للإحرام، وقراءة الفاتحة، والركوع، والسجود، والجلوس ( في) كل ركعة واحدة من ( صلاتك كلها) فرضًا ونفلاً.

ولم يذكر له بقية الواجبات في الصلاة لكونه كان معلومًا عنده.


فإن قلت: من أين تؤخذ المطابقة بين الترجمة والحديث فإنه لم يقع فيه بيان ما نقصه المصلّى المذكور؟.

أجيب: بأنه ورد في حديث رفاعة بن رافع، عند ابن أبي شيبة، في هذه القصة: دخل رجل فصلّى صلاة خفيفة لم يتم ركوعها ولا سجودها، فالظاهر أن المؤلّف أشار بالترجمة إلى ذلك، وأجاب ابن المنير بأنه عليه الصلاة والسلام، لما قال له: اركع حتى تطمئن راكعًا إلى آخر ما ذكر له من الأركان، اقتضى ذلك تساويها في الحكم لتناول الأمر كل فرد منها، فكل من لم يتم ركوعه أو سجوده، أو غير ذلك مما ذكر مأمور بالإعادة.
اهـ.

وهذا الحديث قد سبق في باب: وجوب القراءة للإمام والمأموم.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  (بابُُ أمْرِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذِي لاَ يُتِمُّ رُكُوعَهُ بالإعادَةِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للْمُصَلِّي الَّذِي لم يتم رُكُوعه بِإِعَادَة الصَّلَاة


[ قــ :772 ... غــ :793 ]
- حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ أَخْبرنِي يَحْيَى بنُ سَعِيدٍ عنْ عُبَيْدِ الله قَالَ حدَّثنا سَعِيدٌ المَقْبَرِيُّ عنُ أبِيِهِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَخَلَ المَسْجِدَ فدَخَلَ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلى النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرَدَّ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهِ السَّلاَمَ فَقَالَ ارْجِعْ فصَلِّ فَإنَّكَ لَمْ تُصَلِّ فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقالَ ارْجَعْ فَصَلِّ فإنَّكَ لَمْ تُصَلِّ ثَلاثا فقالَ والَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ فَمَا أُحْسِنُ غَيْرَهُ فَعَلِّمْنِي قالَ إذَا قُمْتَ إلَى الصَّلاَةِ فَكَبِّرْ ثُمَّ اقْرَأْ مَا تيَسَّرَ معَكَ مِنَ القُرآنِ ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ راكِعا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قائِما ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ ساجِدا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جالِسا ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ ساجِدا ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاَتِكَ كُلِّهَا.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لذَلِك الرجل بقوله: إرجع فصل فَإنَّك لم تصل) أَمر بِالْإِعَادَةِ لكَونه لم يتم الرُّكُوع وَالسُّجُود.
فَإِن قلت: لَيْسَ فِي الحَدِيث بَيَان مَا نَقصه الرجل من الرُّكُوع وَلَا من السُّجُود؟ قلت: الرُّكُوع وَالسُّجُود من أعظم أَرْكَان الصَّلَاة من حَيْثُ إِن الصَّلَاة لَا تكون صَلَاة إلاّ بهما، فَالظَّاهِر أَن الرجل لم يتم رُكُوعه وَلَا سُجُوده، فَلذَلِك أمره بِالْإِعَادَةِ، يدل عَلَيْهِ حَدِيث رِفَاعَة بن رَافع فِي هَذِه الْقِصَّة، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ، وَلَفظ التِّرْمِذِيّ: (عَن رِفَاعَة بن رَافع أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بَيْنَمَا هُوَ جَالس فِي الْمَسْجِد يَوْمًا قَالَ رِفَاعَة: وَنحن مَعَه، إِذْ جَاءَهُ رجل كالبدوي، فصلى فأخف صلَاته ثمَّ انْصَرف) الحَدِيث، فَالظَّاهِر أَن مُعظم إخفافه كَانَ فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود بِحَيْثُ إِنَّه لم يتمهما، وَصرح بذلك ابْن أبي شيبَة فِي رِوَايَته هَذَا الحَدِيث، وَلَفظه: (دخل رجل فصلى صَلَاة خَفِيفَة لم يتم ركوعها وَلَا سجودها) ، الحَدِيث، فعلى هَذَا طابق الحَدِيث التَّرْجَمَة من هَذِه الْحَيْثِيَّة، وَهَذَا الْمِقْدَار كَاف فِي ذَلِك.

ذكر رِجَاله: وهم سِتَّة قد ذكرُوا غير مرّة، وَعبيد الله هُوَ ابْن عمر الْعمريّ.
وَقد أخرج البُخَارِيّ من هَذَا الحَدِيث فِيمَا مضى فِي: بابُُ وجوب الْقِرَاءَة للْإِمَام والمأمومين، عَن مُحَمَّد بن بشار عَن يحيى عَن عبيد الله عَن سعيد بن أبي سعيد عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة إِلَى آخِره نَحوه، وَأَبوهُ أَبُو سعيد واسْمه كيسَان، وَقد تكلمنا هُنَاكَ على جَمِيع مَا يتَعَلَّق بِهِ من الْأَشْيَاء.