هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
825 حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ ، عَنْ هِنْدٍ بِنْتِ الحَارِثِ ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا سَلَّمَ يَمْكُثُ فِي مَكَانِهِ يَسِيرًا قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : فَنُرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِكَيْ يَنْفُذَ مَنْ يَنْصَرِفُ مِنَ النِّسَاءِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ : أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ : أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ كَتَبَ إِلَيْهِ ، قَالَ : حَدَّثَتْنِي هِنْدُ بِنْتُ الحَارِثِ الفِرَاسِيَّةُ ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَتْ مِنْ صَوَاحِبَاتِهَا - قَالَتْ : كَانَ يُسَلِّمُ ، فَيَنْصَرِفُ النِّسَاءُ ، فَيَدْخُلْنَ بُيُوتَهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَنْصَرِفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ : عَنْ يُونُسَ ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ ، أَخْبَرَتْنِي هِنْدُ الفِرَاسِيَّةُ ، وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ : أَخْبَرَنَا يُونُسُ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، حَدَّثَتْنِي هِنْدُ الفِرَاسِيَّةُ ، وَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ : أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ : أَنَّ هِنْدَ بِنْتَ الحَارِثِ القُرَشِيَّةَ أَخْبَرَتْهُ - وَكَانَتْ تَحْتَ مَعْبَدِ بْنِ المِقْدَادِ ، وَهُوَ حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ ، وَكَانَتْ تَدْخُلُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ ، حَدَّثَتْنِي هِنْدُ القُرَشِيَّةُ ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي عَتِيقٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ هِنْدٍ الفِرَاسِيَّةِ ، وَقَالَ اللَّيْثُ ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَهُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ امْرَأَةٍ ( نحتاج مراجعة قول الحافظ على النسخة المطبوعة من التغليق )> مِنْ قُرَيْشٍ ، حَدَّثَتْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  وكانت من صواحباتها قالت : كان يسلم ، فينصرف النساء ، فيدخلن بيوتهن من قبل أن ينصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال ابن وهب : عن يونس ، عن ابن شهاب ، أخبرتني هند الفراسية ، وقال عثمان بن عمر : أخبرنا يونس ، عن الزهري ، حدثتني هند الفراسية ، وقال الزبيدي : أخبرني الزهري : أن هند بنت الحارث القرشية أخبرته وكانت تحت معبد بن المقداد ، وهو حليف بني زهرة ، وكانت تدخل على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وقال شعيب عن الزهري ، حدثتني هند القرشية ، وقال ابن أبي عتيق عن الزهري ، عن هند الفراسية ، وقال الليث ، حدثني يحيى بن سعيد ، حدثه عن ابن شهاب ، عن امرأة ( نحتاج مراجعة قول الحافظ على النسخة المطبوعة من التغليق )> من قريش ، حدثته عن النبي صلى الله عليه وسلم
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن أُمِّ سَلَمَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا سَلَّمَ يَمْكُثُ فِي مَكَانِهِ يَسِيرًا قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : فَنُرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِكَيْ يَنْفُذَ مَنْ يَنْصَرِفُ مِنَ النِّسَاءِ.

":"ہم سے ابوالولیدہشام بن عبدالملک نے بیان کیا ، انہوں نے کہا کہ ہم سے ابراہیم بن سعد نے بیان کیا انہوں نے کہا کہ ہم سے زہری نے ہند بنت حارث سے بیان کیا ان سے ام المؤمنین حضرت ام سلمہ رضی اللہ عنہا نے بیان کیا کہنبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم جب سلام پھیرتے تو کچھ دیر اپنی جگہ پر بیٹھے رہتے ۔ ابن شہاب نے کہا اللہ بہتر جانے ہم تو یہ سمجھتے ہیں کہ یہ آپ اس لیے کرتے تھے تاکہ عورتیں پہلے چلی جائیں ۔ اور ابوسعید بن ابی مریم نے کہا کہ ہمیں نافع بن یزید نے خبر دی انہوں نے کہا کہ مجھ سے جعفر بن ربیعہ نے بیان کیا کہ ابن شہاب زہری نے انہیں لکھ بھیجا کہ مجھ سے ہند بنت حارث فراسیہ نے بیان کیا اور ان سے نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم کی پاک بیوی ام سلمہ رضی اللہ عنہا نے ( ہندان کی صحبت میں رہتی تھیں ) انہوں نے فرمایا کہجب نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم سلام پھیرتے تو عورتیں لوٹ کر جانے لگتیں اور نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم کے اٹھنے سے پہلے اپنے گھروں میں داخل ہو چکی ہوتیں ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [849] .

     قَوْلُهُ  عَنْ هِنْدِ بِنْتِ الْحَارِثِ هِيَ تَابِعِيَّةٌ وَلَا أَعْرِفُ عَنْهَا رَاوِيًا غَيْرَ الزُّهْرِيِّ وَهِيَ مِنْ أَفْرَادِ الْبُخَارِيِّ عَنْ مُسْلِمٍ وَسَيَأْتِي الْخِلَافُ فِي نسبتها قَوْله قَالَ بن شهَاب هُوَ الزُّهْرِيّ وَهُوَ مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَقَولُهُ فَنُرَى بِضَمِّ النُّونِ أَيْ نُظَنُّ .

     قَوْلُهُ  مِنَ النِّسَاءِ زَادَ فِي بَابِ التَّسْلِيمِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُنَّ مَنِ انْصَرَفَ مِنَ الْقَوْمِ أَيِ الرِّجَالِ وَهُوَ لَفْظُهُ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ قَزَعَةَ الْآتِيَةِ بعد أَبْوَاب قَوْله.

     وَقَالَ  بن أَبِي مَرْيَمَ رَوَيْنَاهُ مَوْصُولًا فِي الزُّهْرِيَّاتِ لِمُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ فَذَكَرَهُ .

     قَوْلُهُ  مِنْ صَوَاحِبَاتِهَا جَمْعُ صَاحِبَةٍ وَهِيَ لُغَةٌ وَالْمَشْهُورُ صَوَاحِبُ كَضَوَارِبَ وَضَارِبَةٍ وَقِيلَ هُوَ جَمْعُ صَوَاحِبَ وَهُوَ جَمْعُ صَاحِبَةٍ .

     قَوْلُهُ  كَانَ يُسَلِّمُ أَيِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَفَادَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ الْإِشَارَةَ إِلَى أَقَلِّ مِقْدَارٍ كَانَ يَمْكُثُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم قَوْله.

     وَقَالَ  بن وَهْبٍ إِلَخْ وَصَلَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْهُ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَلَفْظُهُ أَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ إِذَا سَلَّمْنَ قُمْنَ وَثَبَتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْ صَلَّى مِنَ الرِّجَالِ مَا شَاءَ اللَّهُ فَإِذَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ الرِّجَالُ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ سَيَأْتِي مَوْصُولًا بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ مِنْ طَرِيقِهِ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  الزُّبَيْدِيُّ وَصَلَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ عَنْهُ بِتَمَامِهِ وَفِيهِ أَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ يَشْهَدْنَ الصَّلَاةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ فَانْصَرَفْنَ إِلَى بُيُوتِهِنَّ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ الرِّجَالُ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  شُعَيْبٌ هُوَ بن أبي حَمْزَة وبن أَبِي عَتِيقٍ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَرِوَايَتُهُمَا مَوْصُولَةٌ فِي الزُّهْرِيَّاتِ أَيْضًا وَمُرَادُ الْبُخَارِيِّ بَيَانُ الِاخْتِلَافِ فِي نَسَبِ هِنْدٍ وَأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ الْفِرَاسِيَّةُ نِسْبَةً إِلَى بَنِي فِرَاسٍ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ آخِرُهُ مُهْمَلَةٌ وَهُمْ بَطْنٌ مِنْ كِنَانَةَ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ الْقُرَشِيَّةُ فَمَنْ قَالَ مِنْ أَهْلِ النَّسَبِ إِنَّ كِنَانَةَ جِمَاعُ قُرَيْشٍ فَلَا مُغَايَرَةَ بَيْنَ النِّسْبَتَيْنِ وَمَنْ قَالَ إِنَّ جِمَاعَ قُرَيْشٍ فِهْرُ بْنُ مَالِكٍ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ اجْتِمَاعُ النِّسْبَتَيْنِ لِهِنْدٍ عَلَى أَنَّ إِحْدَاهُمَا بِالْأَصَالَةِ وَالْأُخْرَى بِالْمُخَالَفَةِ وَأَشَارَ الْبُخَارِيُّ بِرِوَايَةِ اللَّيْثِ الْأَخِيرَةِ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ قَوْلَ مَنْ قَالَ الْقُرَشِيَّةَ تَصْحِيفٌ مِنَ الْفِرَاسِيَّةِ لِقَوْلِهِ فِيهِ عَنِ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ أَنَّ امْرَأَةً وَقَولُهُ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ مَوْصُول لِأَنَّهَا تَابِعِيَّةٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَكَأَنَّ التَّقْصِيرَ فِيهِ مِنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَهُوَ الْأَنْصَارِيُّ وَرِوَايَتُهُ عَن بن شِهَابٍ مِنْ رِوَايَةِ الْأَقْرَانِ وَفِي الْحَدِيثِ مُرَاعَاةُ الْإِمَامِ أَحْوَالَ الْمَأْمُومِينَ وَالِاحْتِيَاطُ فِي اجْتِنَابِ مَا قَدْ يُفْضِي إِلَى الْمَحْذُورِ وَفِيهِ اجْتِنَابُ مَوَاضِعِ التُّهَمِ وَكَرَاهَةُ مُخَالَطَةِ الرِّجَالِ لِلنِّسَاءِ فِي الطُّرُقَاتِ فَضْلًا عَنْ الْبُيُوتِ وَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ أَنَّ الْمَأْمُومِينَ إِذَا كَانُوا رِجَالًا فَقَطْ أَنْ لَا يسْتَحبّ هَذَا الْمكْث وَعَلِيهِ حمل بن قُدَامَةَ حَدِيثَ عَائِشَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا سَلَّمَ لَمْ يَقْعُدْ إِلَّا مِقْدَارَ مَا يَقُولُ اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَفِيهِ أَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ يَحْضُرْنَ الْجَمَاعَةَ فِي الْمَسْجِد وستأتى الْمَسْأَلَة قَرِيبا( قَولُهُ بَابُ مَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ فَذَكَرَ حَاجَةً فَتَخَطَّاهُمْ) الْغَرَضُ مِنْ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ بَيَانُ أَنَّ الْمُكْثَ الْمَذْكُورَ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ مَحِلُّهُ مَا إِذَا لَمْ يَعْرِضْ مَا يَحْتَاجُ مَعَهُ إِلَى الْقِيَامِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [849] حدثنا أبو الوليد: ثنا إبراهيم بن سعد: ثنا الزهري، عن هند بنت الحارث، عن أم سلمة، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان إذا سلممكث في مكانه يسيراً.
قال ابن شهاب: فنرى –والله أعلم – لكي ينفذ من ينصرف من النساء.
850 - وقال ابن أبي مريم: أنا نافع بن يزيد: حدثني جعفر بن ربيعة، أن ابن شهاب كتب إليه، قال: حدثتني هند ابنت الحارث الفراسية، عن أن سلمة زوج النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكانت من صواحباتها -، قالت: كان يسلم، فينصرف النساء فيدخلن في بيوتهن من قبل أن ينصرف رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
ثم ذكر رواياتٍ أخر عن الزهري، حاصلها يرجع إلى قولين في نسبة هند بنت الحارث: منهم من قال: ( ( الفراسية) ) .
ومنهم من قال: ( ( القرشية) ) .
وقيل: انها فراسيةٌ بالنسب، قرشية بالحلف، كانت تحت معبد بن المقداد بن الأسود.
وفي الحديث: دليل على أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يمكث في المسجد بعد تسليمه من الصلاة يسيراً، وإنما كان يمكث بعد إقباله على الناس بوجهه، لا يمكث مستقبلاً للقبلة، وبهذا يجمع بين هذا الحديث والأحاديث المذكورة في الباب الماضي.
ويدل على أنه كان يجلس قبل انصرافه يسيراً: ما خَّرجه مسلمٌ من حديث البراء بن عازبٍ، قال: رمقت الصلاة مع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فوجدت قيامه، فركعته، فاعتداله بعد ركوعه، فسجدته، فجلسته بين السجدتين، فسجدته، فجلسته ما بين التسليم والانصراف قريباً من السواء.
فهذا الحديث: صريحٌ في أنه كان يجلس بعد تسليمه قريباً من قدر ركوعه أو سجوده أو جلوسه بين السجدتين، ثم ينصرف بعد ذلك.
وخرّج مسلمٌ –أيضاً –من حديث عائشة، قالت: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا سلم لم يقعد إلا مقدار ما يقول: ( ( اللهم، أنت السلام، ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والاكرام) ) .
وقد سأل أبو داود الإمام أحمد عن تفسير حديث عائشة، وهل المعنى: أنه يجلس في مقعده حتى ينحرف؟ قال: لا أدري.
فتوقف: هل المراد جلوسه مستقبل القبلة يسيراً؟ قال: وقال أبو يحيى الناقد: صليت خلف أبي عبد الله –يعني: أحمد -، فكان إذا سلم من الصلاة لبث هنيةً، ثم ينحرف.
قال: فظننته يقول ما روي عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
فحكى القاضي في كراهة جلوس الإمام مستقبل القبلة بعد سلامه يسيراً روايتين عن أحمد.
والمنصوص عن أحمد في تكبير أيام التشريق: أنالإمام يكبر مستقبل القبلة قبل أن ينحرف، وحكاه عن النخعي.
قال أبو بكر عبد العزيز بن جعفرٍ: والعمل على ذلك.
وهذا يدل على أنه يستحب اليسير للإمام قبل انحرافه.
ومن المتأخرين من أصحابنا من قال: إنما يكبر الإمام بعد استقباله للناس، واستدلوا فيه بحديثٍ مرفوعٍ، لا يصح إسناده.
والمنقول عن السلف يدل على أن الإمام ينحرف عقب سلامه، ثم يجلس إن شاء.
روى عبد الرزاق في ( ( كتابه) ) عن معمرٍ، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعودٍ، قال: إذا سلم الإمام فليقم ولينحرف عن مجلسه.
قلت: يجزئه ينحرف عن مجلسه ويستقبل القبلة؟ قال: الانحراف يغرب أو يشرق، عن غير واحدٍ.
وكان المسئول معمراً.
والله أعلم.
وروى –أيضاً - بإسناده، عن مجاهدٍ، قال: ليس من السنة أن يقعد حتى يقوم، ثم يقعد بعد إن شاء.
وعن سعيد بن جبيرٍ، أنه كان يفعله.
وعن عطاءٍ، قال: قد كان يجلس الإمام بعد ما يسلم –وأقول أنا: التسليم: الانصراف - قدرما ينتعل نعليه.
وعن عبيدة، أنه قال لما سمع مصعباً يكبر ويهلل بعد صلاته مستقبل القبلة: ماله، قاتله الله، نعار بالبدع.
ويستثنى من ذلك: الجلوس بعد الفجر، فإنه لو جلس الإمام بعد استقباله الناس إلى أن تطلع الشمس كان حسناً.
ففي ( ( صحيح مسلم) ) عن جابر بن سمرة، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان لا يقوم من مصلاه الذي يصلي فيه الصبح أو الغداة حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت قام.
وروى وكيعٌ بإسناده، عن النخعي، أنه كان إذا سلم قام، إلا الفجر والعصر.
فقيل له في ذلك؟ فقالَ: ليس بعدهما صلاة.
قالَ أحمد –في الإمام إذا صلى يقوم الفجر أو العصر -: أعجب إلي أن ينحرف، ولا يقوم من موضعه.
وكان أحمد إذا صلى بالناس الصبح جلس حتى تطلع الشمس.
فأما جلوسه بعد الظهر، فقال أحمد: لا يعجبني.
قال القاضي أبو يعلى: ظاهر كلامه: أنه يستحب بعد الصلاة التي لا يتطوع بعدها، ولا يستحب بعد غيرها.
قال: وروى الخلالُ بإسناده، عن عابدٍ الطائيَّ، قال: كانوا يكر هونَ جلوسَ الإمام في مصلاهُ بعد صلاةٍ يصلي بعدها، فإذا كانت صلاةٌ لا يصلى بعدها فإن شاءَ قامَ، وإن شاءَ جلسَ.
وحكي عن أصحاب الشافعيَّ: أن المستحب للإمامِ أن يقومَ ولا يجلسَ في كل الصلواتِ.
وقد نصَّ الشافعيَّ في ( ( المختصر) ) على أنه يستحبَُ للإمامِ أن يقومَ عقبَ سلامهِ إذا لم سكن خلفهَ نساءٌ.
فأما المأموم فلا يكره له الجلوسُ بعدَ الصلا ة في مكانه، يذكرُ اللهَ، حصوصاً بعد الصبحِ والعصرِ، ولا نعلمُ في ذلك خلافاً.
وقد صحَ الحديثُ في أن الملائكةَ تصليَّ على العبدِ ما دامَ في مصلاه، ما لم يحدثُ، وقد سبق ذكرهُ، ووردت أحاديثُ في الجلوسِ بعد الصبحِ والعصرِ، وكان السلفُ الصالحُ يحافظونَ عليه.
ومتى أطال الإمامُ الجلوس في مصلاهُ، فإن للمأمومِ ان ينصرفَ ويتركه، وسواءٌ كان جلوسهُ مكروهاً أو غير مكروهٍ.
قال ابنُ مسعودٍ: إذا فرغَ الإمامُ ولم يقم ولم ينحرفُ، وكانت لك حاجةٌ فاذهب ودعه، فقد تمتَّ صلاتك.
خرجه عبد الرزاقِ.
وذكر بإسناده عن عطاء، قال: كلامهُ بمنزلةِ قيامه، فإن تكلم فليقم المأمومُ إن شاءَ.
وإن لم يطل الإمام الجلوس، فالسنة أن لا يقوم المأموم حتى يقوم الإمام، كذا قال الزهري والحسن وقتادة وغيرهم.
وقال الزهري: إنما جعل الإمام ليؤتم به.
يشير إلى أن مشروعية الاقتداء به لا تنقطع إلا بانصرافه.
وفي ( ( صحيح مسلمٍ) ) عن أنس، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( ( أيها الناس، إني إمامكم، فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ولا بالقيام ولا بالانصراف) ) .
وحديث أم سلمة المخرج في هذا الباب يدل عليه، فإن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يجلس يسيراً حتى ينصرف النساء، فلا يختلط بهن الرجال، وهذا يدل على أن الرجال كانوا يجلسون معه، فلا ينصرفون إلا مع انصرافه.
وقد روي ذلك صريحاً في هذا الحديث: خَّرجه البخاري فيما بعد من رواية يونس، عن ابن شهاب، ولفظه: إن النساء كن إذا سلمن من الصلاة قمن وثبت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومن معه من الرجال ما شاء الله، فإذا قام رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قام الرجال.
وفي هذا الحديث: دليل على أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يكن يدعو بعد فراغ صلاته دعاء عاما للمأمومين، فإنه لو كان كذلك لاشترك في حضوره الرجال والنساء، كما أمر بشهود النساء العيدين حتى الحيض، وقال: ( ( يشهدن الخير ودعوة المسلمين) ) ، فلو كان عقبٌ الصلاة دعاء عام لشهده النساء مع الرجال –أيضاً.
وقال الشافعي في ( ( الأم) ) : فإن قام الإمام قبل ذلك، أو جلس أطول من ذلك، فلا شيء عليه.
قال: وللمأموم أن ينصرف إذا قضى الإمام السلام قبل قيام الإمام، وتأخيره حتى ينصرف بعد انصراف الإمام أو معه أحب إلي.
وظاهر كلام كثير من السلف: كراهة ذلك، كما تقدم.
وفي ( ( تهذيب المدونة) ) للمالكية، ولا يقيم الإمام في مصلاه إذا سلم، إلا أن يكون في سفرٍ أو فنائه، وإن شاء تنحى وأقام.
* * * 158 -باب من صلى بالناس فذكر حاجة فتخطاهم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ مُكْثِ الْإِمَامِ فِي مُصَلَّاهُ بَعْدَ السَّلَامِ)
أَيْ وَبَعْدَ اسْتِقْبَالِ الْقَوْمِ فَيُلَائِمُ مَا تَقَدَّمَ ثُمَّ إِنَّ الْمُكْثَ لَا يَتَقَيَّدُ بِحَالٍ مِنْ ذِكْرٍ أَوْ دُعَاءٍ أَوْ تَعْلِيمٍ أَوْ صَلَاةِ نَافِلَةٍ وَلِهَذَا ذَكَرَ فِي الْبَابِ مَسْأَلَةَ تَطَوُّعِ الْإِمَامِ فِي مَكَانِهِ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  لَنَا آدَمُ إِلَخْ هُوَ مَوْصُولٌ وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِقَوْلِهِ قَالَ لَنَا لِكَوْنِهِ مَوْقُوفًا مُغَايَرَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ الموفوع هَذَا الَّذِي عَرَفْتُهُ بِالِاسْتِقْرَاءِ مِنْ صَنِيعِهِ وَقِيلَ إِنَّهُ لَا يَقُولُ ذَلِكَ إِلَّا فِيمَا حَمَلَهُ مُذَاكَرَةً وَهُوَ مُحْتَمَلٌ لَكِنَّهُ لَيْسَ بِمُطَّرِدٍ لِأَنِّي وَجَدْتُ كَثِيرًا مِمَّا قَالَ فِيهِ قَالَ لَنَا فِي الصَّحِيحِ قَدْ أَخْرَجَهُ فِي تَصَانِيفَ أُخْرَى بِصِيغَة حَدثنَا وَقد روى بن أبي شيبَة أثر بن عُمَرَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِع قَالَ كَانَ بن عُمَرَ يُصَلِّي سُبْحَتَهُ مَكَانَهُ .

     قَوْلُهُ  وَفَعَلَهُ الْقَاسِمُ أَي بن مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَقَدْ وَصَلَهُ بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ مُعْتَمِرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ رَأَيْتُ الْقَاسِمَ وَسَالِمًا يُصَلِّيَانِ الْفَرِيضَةَ ثُمَّ يَتَطَوَّعَانِ فِي مَكَانِهِمَا .

     قَوْلُهُ  وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفْعُهُ أَيْ قَالَ فِيهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

     قَوْلُهُ  لَا يَتَطَوَّعُ الْإِمَامُ فِي مَكَانِهِ ذَكَرَهُ بِالْمَعْنَى وَلَفْظُهُ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ أَوْ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ فِي الصَّلَاةِ وَلِابْنِ مَاجَهْ إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ زَادَ أَبُو دَاوُدَ يَعْنِي فِي السُّبْحَةِ وَلِلْبَيْهَقِيِّ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَتَطَوَّعَ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ فَلْيَتَقَدَّمْ الْحَدِيثُ .

     قَوْلُهُ  وَلَمْ يَصِحَّ هُوَ كَلَامُ الْبُخَارِيِّ وَذَلِكَ لِضَعْفِ إِسْنَادِهِ وَاضْطِرَابُهُ تَفَرَّدَ بِهِ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ وَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ الِاخْتِلَافَ فِيهِ فِي تَارِيخِهِ.

     وَقَالَ  لَمْ يَثْبُتْ هَذَا الْحَدِيثُ وَفِي الْبَابِ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ مَرْفُوعًا أَيْضًا بِلَفْظِ لَا يُصَلِّي الْإِمَامُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ حَتَّى يَتَحَوَّلَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَإِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ وَرَوَى بن أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ مِنَ السُّنَّةِ أَنْ لَا يَتَطَوَّعَ الْإِمَامُ حَتَّى يتَحَوَّل من مَكَانَهُ وَحكى بن قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ.

     وَقَالَ  لَا أَعْرِفُهُ عَنْ غَيْرِ عَلِيٍّ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَا الْمُغِيرَةِ وَكَانَ الْمَعْنَى فِي كَرَاهَةِ ذَلِكَ خَشْيَةَ الْتِبَاسِ النَّافِلَةِ بِالْفَرِيضَةِ وَفِي مُسْلِمٍ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ مُعَاوِيَةَ الْجُمُعَةَ فَتَنَفَّلَ بَعْدَهَا فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ إِذَا صَلَّيْتَ الْجُمُعَةَ فَلَا تَصِلْهَا بِصَلَاةٍ حَتَّى تَتَكَلَّمَ أَوْ تَخْرُجَ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَنَا بِذَلِكَ فَفِي هَذَا إِرْشَادٌ إِلَى طَرِيقِ الْأَمْنِ مِنَ الِالْتِبَاسِ وَعَلَيْهِ تُحْمَلُ الْأَحَادِيثُ الْمَذْكُورَةُ وَيُؤْخَذُ مِنْ مَجْمُوعِ الْأَدِلَّةِ أَنَّ لِلْإِمَامِ أَحْوَالًا لِأَنَّ الصَّلَاةَ إِمَّا أَنْ تَكُونَ مِمَّا يتَطَوَّع بعْدهَا أَولا يُتَطَوَّعُ الْأَوَّلُ اخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ يَتَشَاغَلُ قَبْلَ التَّطَوُّعِ بِالذِّكْرِ الْمَأْثُورِ ثُمَّ يَتَطَوَّعُ وَهَذَا الَّذِي عَلَيْهِ عَمَلُ الْأَكْثَرِ وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ يَبْدَأُ بِالتَّطَوُّعِ وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ حَدِيثُ مُعَاوِيَةَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَا يَتَعَيَّنُ الْفَصْلُ بَيْنَ الْفَرِيضَةِ وَالنَّافِلَةِ بِالذِّكْرِ بَلْ إِذَا تَنَحَّى مِنْ مَكَانِهِ كَفَى فَإِنْ قِيلَ لَمْ يَثْبُتِ الْحَدِيثُ فِي التَّنَحِّي قُلْنَا قَدْ ثَبَتَ فِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ أَوْ تَخْرُجَ وَيَتَرَجَّحُ تَقْدِيمُ الذِّكْرِ الْمَأْثُورِ بِتَقْيِيدِهِ فِي الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ بِدُبُرِ الصَّلَاةِ وَزَعَمَ بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ أَنَّ الْمُرَادَ بِدُبُرِ الصَّلَاةِ مَا قَبْلَ السَّلَامِ وَتُعُقِّبَ بِحَدِيثِ ذَهَبَ أَهْلَ الدُّثُورِ فَإِنَّ فِيهِ تُسَبِّحُونَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ وَهُوَ بَعْدَ السَّلَامِ جَزْمًا فَكَذَلِكَ مَا شَابَهَهُ.

.
وَأَمَّا الصَّلَاةُ الَّتِي لَا يُتَطَوَّعُ بَعْدَهَا فَيَتَشَاغَلُ الْإِمَامُ وَمَنْ مَعَهُ بِالذِّكْرِ الْمَأْثُورِ وَلَا يَتَعَيَّنُ لَهُ مَكَانٌ بَلْ إِنْ شَاءُوا انْصَرَفُوا وَذَكَرُوا وَإِنْ شَاءُوا مَكَثُوا وَذَكَرُوا وَعَلَى الثَّانِي إِنْ كَانَ لِلْإِمَامِ عَادَةٌ أَنْ يعلمهُمْ أَوْ يَعِظَهُمْ فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُقْبِلَ عَلَيْهِمْ بِوَجْهِهِ جَمِيعًا وَإِنْ كَانَ لَا يَزِيدُ عَلَى الذِّكْرِ الْمَأْثُورِ فَهَلْ يُقْبِلُ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا أَوْ يَنْفَتِلُ فَيَجْعَلُ يَمِينَهُ مِنْ قِبَلِ الْمَأْمُومِينَ وَيَسَارَهُ مِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ وَيَدْعُو الثَّانِي هُوَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ أَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ وَيَحْتَمِلُ إِنْ قَصُرَ زَمَنُ ذَلِكَ أَنْ يَسْتَمِرَّ مُسْتَقْبِلًا لِلْقِبْلَةِ مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا أَلْيَقُ بِالدُّعَاءِ وَيُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى مَا لَوْ طَالَ الذِّكْرُ وَالدُّعَاءُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[ قــ :825 ... غــ :849] .

     قَوْلُهُ  عَنْ هِنْدِ بِنْتِ الْحَارِثِ هِيَ تَابِعِيَّةٌ وَلَا أَعْرِفُ عَنْهَا رَاوِيًا غَيْرَ الزُّهْرِيِّ وَهِيَ مِنْ أَفْرَادِ الْبُخَارِيِّ عَنْ مُسْلِمٍ وَسَيَأْتِي الْخِلَافُ فِي نسبتها قَوْله قَالَ بن شهَاب هُوَ الزُّهْرِيّ وَهُوَ مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَقَولُهُ فَنُرَى بِضَمِّ النُّونِ أَيْ نُظَنُّ .

     قَوْلُهُ  مِنَ النِّسَاءِ زَادَ فِي بَابِ التَّسْلِيمِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُنَّ مَنِ انْصَرَفَ مِنَ الْقَوْمِ أَيِ الرِّجَالِ وَهُوَ لَفْظُهُ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ قَزَعَةَ الْآتِيَةِ بعد أَبْوَاب قَوْله.

     وَقَالَ  بن أَبِي مَرْيَمَ رَوَيْنَاهُ مَوْصُولًا فِي الزُّهْرِيَّاتِ لِمُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ فَذَكَرَهُ .

     قَوْلُهُ  مِنْ صَوَاحِبَاتِهَا جَمْعُ صَاحِبَةٍ وَهِيَ لُغَةٌ وَالْمَشْهُورُ صَوَاحِبُ كَضَوَارِبَ وَضَارِبَةٍ وَقِيلَ هُوَ جَمْعُ صَوَاحِبَ وَهُوَ جَمْعُ صَاحِبَةٍ .

     قَوْلُهُ  كَانَ يُسَلِّمُ أَيِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَفَادَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ الْإِشَارَةَ إِلَى أَقَلِّ مِقْدَارٍ كَانَ يَمْكُثُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم قَوْله.

     وَقَالَ  بن وَهْبٍ إِلَخْ وَصَلَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْهُ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَلَفْظُهُ أَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ إِذَا سَلَّمْنَ قُمْنَ وَثَبَتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْ صَلَّى مِنَ الرِّجَالِ مَا شَاءَ اللَّهُ فَإِذَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ الرِّجَالُ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ سَيَأْتِي مَوْصُولًا بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ مِنْ طَرِيقِهِ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  الزُّبَيْدِيُّ وَصَلَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ عَنْهُ بِتَمَامِهِ وَفِيهِ أَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ يَشْهَدْنَ الصَّلَاةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ فَانْصَرَفْنَ إِلَى بُيُوتِهِنَّ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ الرِّجَالُ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  شُعَيْبٌ هُوَ بن أبي حَمْزَة وبن أَبِي عَتِيقٍ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَرِوَايَتُهُمَا مَوْصُولَةٌ فِي الزُّهْرِيَّاتِ أَيْضًا وَمُرَادُ الْبُخَارِيِّ بَيَانُ الِاخْتِلَافِ فِي نَسَبِ هِنْدٍ وَأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ الْفِرَاسِيَّةُ نِسْبَةً إِلَى بَنِي فِرَاسٍ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ آخِرُهُ مُهْمَلَةٌ وَهُمْ بَطْنٌ مِنْ كِنَانَةَ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ الْقُرَشِيَّةُ فَمَنْ قَالَ مِنْ أَهْلِ النَّسَبِ إِنَّ كِنَانَةَ جِمَاعُ قُرَيْشٍ فَلَا مُغَايَرَةَ بَيْنَ النِّسْبَتَيْنِ وَمَنْ قَالَ إِنَّ جِمَاعَ قُرَيْشٍ فِهْرُ بْنُ مَالِكٍ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ اجْتِمَاعُ النِّسْبَتَيْنِ لِهِنْدٍ عَلَى أَنَّ إِحْدَاهُمَا بِالْأَصَالَةِ وَالْأُخْرَى بِالْمُخَالَفَةِ وَأَشَارَ الْبُخَارِيُّ بِرِوَايَةِ اللَّيْثِ الْأَخِيرَةِ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ قَوْلَ مَنْ قَالَ الْقُرَشِيَّةَ تَصْحِيفٌ مِنَ الْفِرَاسِيَّةِ لِقَوْلِهِ فِيهِ عَنِ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ أَنَّ امْرَأَةً وَقَولُهُ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ مَوْصُول لِأَنَّهَا تَابِعِيَّةٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَكَأَنَّ التَّقْصِيرَ فِيهِ مِنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَهُوَ الْأَنْصَارِيُّ وَرِوَايَتُهُ عَن بن شِهَابٍ مِنْ رِوَايَةِ الْأَقْرَانِ وَفِي الْحَدِيثِ مُرَاعَاةُ الْإِمَامِ أَحْوَالَ الْمَأْمُومِينَ وَالِاحْتِيَاطُ فِي اجْتِنَابِ مَا قَدْ يُفْضِي إِلَى الْمَحْذُورِ وَفِيهِ اجْتِنَابُ مَوَاضِعِ التُّهَمِ وَكَرَاهَةُ مُخَالَطَةِ الرِّجَالِ لِلنِّسَاءِ فِي الطُّرُقَاتِ فَضْلًا عَنْ الْبُيُوتِ وَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ أَنَّ الْمَأْمُومِينَ إِذَا كَانُوا رِجَالًا فَقَطْ أَنْ لَا يسْتَحبّ هَذَا الْمكْث وَعَلِيهِ حمل بن قُدَامَةَ حَدِيثَ عَائِشَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا سَلَّمَ لَمْ يَقْعُدْ إِلَّا مِقْدَارَ مَا يَقُولُ اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَفِيهِ أَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ يَحْضُرْنَ الْجَمَاعَةَ فِي الْمَسْجِد وستأتى الْمَسْأَلَة قَرِيبا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :825 ... غــ :849 ]
- حدثنا أبو الوليد: ثنا إبراهيم بن سعد: ثنا الزهري، عن هند بنت الحارث، عن أم سلمة، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان إذا سلم مكث في مكانه يسيراً.

قال ابن شهاب: فنرى –والله أعلم – لكي ينفذ من ينصرف من النساء.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :825 ... غــ :850 ]
- وقال ابن أبي مريم: أنا نافع بن يزيد: حدثني جعفر بن ربيعة، أن ابن شهاب كتب إليه، قال: حدثتني هند ابنت الحارث الفراسية، عن أن سلمة زوج النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكانت من صواحباتها -، قالت: كان يسلم، فينصرف النساء فيدخلن في بيوتهن من قبل أن ينصرف رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

ثم ذكر رواياتٍ أخر عن الزهري، حاصلها يرجع إلى قولين في نسبة هند بنت الحارث:
منهم من قال: ( ( الفراسية) ) .

ومنهم من قال: ( ( القرشية) ) .

وقيل: انها فراسيةٌ بالنسب، قرشية بالحلف، كانت تحت معبد بن المقداد بن الأسود.

وفي الحديث: دليل على أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يمكث في المسجد بعد تسليمه من الصلاة يسيراً، وإنما كان يمكث بعد إقباله على الناس بوجهه، لا يمكث مستقبلاً للقبلة، وبهذا يجمع بين هذا الحديث والأحاديث المذكورة في الباب الماضي.
ويدل على أنه كان يجلس قبل انصرافه يسيراً: ما خَّرجه مسلمٌ من حديث البراء بن عازبٍ، قال: رمقت الصلاة مع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فوجدت قيامه، فركعته، فاعتداله بعد ركوعه، فسجدته، فجلسته بين السجدتين، فسجدته، فجلسته ما بين التسليم والانصراف قريباً من السواء.

فهذا الحديث: صريحٌ في أنه كان يجلس بعد تسليمه قريباً من قدر ركوعه أو سجوده أو جلوسه بين السجدتين، ثم ينصرف بعد ذلك.

وخرّج مسلمٌ –أيضاً –من حديث عائشة، قالت: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا سلم لم يقعد إلا مقدار ما يقول: ( ( اللهم، أنت السلام، ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والاكرام) ) .

وقد سأل أبو داود الإمام أحمد عن تفسير حديث عائشة، وهل المعنى: أنه يجلس في مقعده حتى ينحرف؟ قال: لا أدري.

فتوقف: هل المراد جلوسه مستقبل القبلة يسيراً؟
قال: وقال أبو يحيى الناقد: صليت خلف أبي عبد الله –يعني: أحمد -، فكان إذا سلم من الصلاة لبث هنيةً، ثم ينحرف.
قال: فظننته يقول ما روي عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

فحكى القاضي في كراهة جلوس الإمام مستقبل القبلة بعد سلامه يسيراً روايتين عن أحمد.

والمنصوص عن أحمد في تكبير أيام التشريق: أن الإمام يكبر مستقبل القبلة قبل أن ينحرف، وحكاه عن النخعي.

قال أبو بكر عبد العزيز بن جعفرٍ: والعمل على ذلك.

وهذا يدل على أنه يستحب اليسير للإمام قبل انحرافه.

ومن المتأخرين من أصحابنا من قال: إنما يكبر الإمام بعد استقباله للناس، واستدلوا فيه بحديثٍ مرفوعٍ، لا يصح إسناده.

والمنقول عن السلف يدل على أن الإمام ينحرف عقب سلامه، ثم يجلس إن شاء.

روى عبد الرزاق في ( ( كتابه) ) عن معمرٍ، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعودٍ، قال: إذا سلم الإمام فليقم ولينحرف عن مجلسه.
قلت: يجزئه ينحرف عن مجلسه ويستقبل القبلة؟ قال: الانحراف يغرب أو يشرق، عن غير واحدٍ.

وكان المسئول معمراً.
والله أعلم.

وروى –أيضاً - بإسناده، عن مجاهدٍ، قال: ليس من السنة أن يقعد حتى يقوم، ثم يقعد بعد إن شاء.

وعن سعيد بن جبيرٍ، أنه كان يفعله.

وعن عطاءٍ، قال: قد كان يجلس الإمام بعد ما يسلم –وأقول أنا: التسليم: الانصراف - قدر ما ينتعل نعليه.

وعن عبيدة، أنه قال لما سمع مصعباً يكبر ويهلل بعد صلاته مستقبل القبلة: ماله، قاتله الله، نعار بالبدع.

ويستثنى من ذلك: الجلوس بعد الفجر، فإنه لو جلس الإمام بعد استقباله الناس إلى أن تطلع الشمس كان حسناً.

ففي ( ( صحيح مسلم) ) عن جابر بن سمرة، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان لا يقوم من مصلاه الذي يصلي فيه الصبح أو الغداة حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت قام.

وروى وكيعٌ بإسناده، عن النخعي، أنه كان إذا سلم قام، إلا الفجر والعصر.
فقيل له في ذلك؟ فقالَ: ليس بعدهما صلاة.

قالَ أحمد –في الإمام إذا صلى يقوم الفجر أو العصر -: أعجب إلي أن ينحرف، ولا يقوم من موضعه.

وكان أحمد إذا صلى بالناس الصبح جلس حتى تطلع الشمس.

فأما جلوسه بعد الظهر، فقال أحمد: لا يعجبني.

قال القاضي أبو يعلى: ظاهر كلامه: أنه يستحب بعد الصلاة التي لا يتطوع بعدها، ولا يستحب بعد غيرها.

قال: وروى الخلالُ بإسناده، عن عابدٍ الطائيَّ، قال: كانوا يكر هونَ جلوسَ الإمام في مصلاهُ بعد صلاةٍ يصلي بعدها، فإذا كانت صلاةٌ لا يصلى بعدها فإن شاءَ قامَ، وإن شاءَ جلسَ.
وحكي عن أصحاب الشافعيَّ: أن المستحب للإمامِ أن يقومَ ولا يجلسَ في كل الصلواتِ.

وقد نصَّ الشافعيَّ في ( ( المختصر) ) على أنه يستحبَُ للإمامِ أن يقومَ عقبَ سلامهِ إذا لم سكن خلفهَ نساءٌ.

فأما المأموم فلا يكره له الجلوسُ بعدَ الصلا ة في مكانه، يذكرُ اللهَ، حصوصاً بعد الصبحِ والعصرِ، ولا نعلمُ في ذلك خلافاً.

وقد صحَ الحديثُ في أن الملائكةَ تصليَّ على العبدِ ما دامَ في مصلاه، ما لم يحدثُ، وقد سبق ذكرهُ، ووردت أحاديثُ في الجلوسِ بعد الصبحِ والعصرِ، وكان السلفُ الصالحُ يحافظونَ عليه.

ومتى أطال الإمامُ الجلوس في مصلاهُ، فإن للمأمومِ ان ينصرفَ ويتركه، وسواءٌ كان جلوسهُ مكروهاً أو غير مكروهٍ.

قال ابنُ مسعودٍ: إذا فرغَ الإمامُ ولم يقم ولم ينحرفُ، وكانت لك حاجةٌ فاذهب ودعه، فقد تمتَّ صلاتك.
خرجه عبد الرزاقِ.

وذكر بإسناده عن عطاء، قال: كلامهُ بمنزلةِ قيامه، فإن تكلم فليقم المأمومُ إن شاءَ.

وإن لم يطل الإمام الجلوس، فالسنة أن لا يقوم المأموم حتى يقوم الإمام، كذا قال الزهري والحسن وقتادة وغيرهم.

وقال الزهري: إنما جعل الإمام ليؤتم به.

يشير إلى أن مشروعية الاقتداء به لا تنقطع إلا بانصرافه.

وفي ( ( صحيح مسلمٍ) ) عن أنس، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( ( أيها الناس، إني إمامكم، فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ولا بالقيام ولا بالانصراف) ) .

وحديث أم سلمة المخرج في هذا الباب يدل عليه، فإن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يجلس يسيراً حتى ينصرف النساء، فلا يختلط بهن الرجال، وهذا يدل على أن الرجال كانوا يجلسون معه، فلا ينصرفون إلا مع انصرافه.

وقد روي ذلك صريحاً في هذا الحديث:
خَّرجه البخاري فيما بعد من رواية يونس، عن ابن شهاب، ولفظه: إن النساء كن إذا سلمن من الصلاة قمن وثبت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومن معه من الرجال ما شاء الله، فإذا قام رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قام الرجال.
وفي هذا الحديث: دليل على أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يكن يدعو بعد فراغ صلاته دعاء عاما للمأمومين، فإنه لو كان كذلك لاشترك في حضوره الرجال والنساء، كما أمر بشهود النساء العيدين حتى الحيض، وقال: ( ( يشهدن الخير ودعوة المسلمين) ) ، فلو كان عقبٌ الصلاة دعاء عام لشهده النساء مع الرجال –أيضاً.

وقال الشافعي في ( ( الأم) ) : فإن قام الإمام قبل ذلك، أو جلس أطول من ذلك، فلا شيء عليه.
قال: وللمأموم أن ينصرف إذا قضى الإمام السلام قبل قيام الإمام، وتأخيره حتى ينصرف بعد انصراف الإمام أو معه أحب إلي.

وظاهر كلام كثير من السلف: كراهة ذلك، كما تقدم.

وفي ( ( تهذيب المدونة) ) للمالكية، ولا يقيم الإمام في مصلاه إذا سلم، إلا أن يكون في سفرٍ أو فنائه، وإن شاء تنحى وأقام.

* * *

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :825 ... غــ : 849 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ هِنْدٍ بِنْتِ الْحَارِثِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا سَلَّمَ يَمْكُثُ فِي مَكَانِهِ يَسِيرًا.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَنُرَى -وَاللَّهُ أَعْلَمُ- لِكَىْ يَنْفُذَ مَنْ يَنْصَرِفُ مِنَ النِّسَاءِ".

وبه قال: ( حدّثنا أبو الوليد) أي هشام بن عبد الملك كما في رواية أبوي الوقت وذر ( قال: حدّثنا إبراهيم بن سعد) بسكون العين ( قال: حدّثنا) ابن شهاب ( الزهري عن هند بنت الحرث) بالمثلثة، التابعية، بالصرف وعدمه في هند لكون علم أنثى على ثلاثة أحرف، ساكن في الوسط ليس أعجميًّا، ولا منقولاً من مذكر لمؤنث، لكن المنع أولى، ( عن أم سلمة) رضي الله عنها، ( أن النبي كان إذا سلم) من الصلاة ( يمكث في مكانه) الذي صلّى فيه ( يسيرًا) .

( قال ابن شهاب) الزهري بالإسناد المذكور: ( فنرى) بضم النون أي فنظن ( والله أعلم) أن مكثه عليه الصلاة والسلام في مكانه كان ( لكي ينفذ) بفتح أوّله وضم ثالثه والذال معجمة، أي: يخرج ( من ينصرف من النساء) قبل أن يدركهن من ينصرف من الرجال، ومقتضى هذا أن المأمومين إذا كانوا رجالاً فقط أنه لا يستحب هذا المكث.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :825 ... غــ : 850 ]
- وَقَالَ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ كَتَبَ إِلَيْهِ قَالَ: حَدَّثَتْنِي هِنْدُ بِنْتُ الْحَارِثِ الْفِرَاسِيَّةُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-وَكَانَتْ مِنْ صَوَاحِبَاتِهَا- قَالَتْ: "كَانَ يُسَلِّمُ فَيَنْصَرِفُ النِّسَاءُ فَيَدْخُلْنَ بُيُوتَهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَنْصَرِفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-"..
     وَقَالَ  ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَتْنِي هِنْدُ الْفِرَاسِيَّةُ..
     وَقَالَ  عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَتْنِي هِنْدُ الْفِرَاسِيَّةُ..
     وَقَالَ  الزُّبَيْدِيُّ أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ أَنَّ هِنْدَ بِنْتَ الْحَارِثِ الْقُرَشِيَّةَ أَخْبَرَتْهُ -وَكَانَتْ تَحْتَ مَعْبَدِ بْنِ الْمِقْدَادِ وَهْوَ حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ- وَكَانَتْ تَدْخُلُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-..
     وَقَالَ  شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَتْنِي هِنْدُ الْقُرَشِيَّةُ..
     وَقَالَ  ابْنُ أَبِي عَتِيقٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ هِنْدٍ الْفِرَاسِيَّةِ..
     وَقَالَ  اللَّيْثُ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ حَدَّثَتْهُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".


( وقال ابن أبي مريم) مما وصله في الزهريات: ( أخبرنا نافع بن يزيد، قال: أخبرني) بالإفراد ولأبوي ذر والوقت والأصيلي: حدّثني ( جعفر بن ربيعة، أن ابن شهاب) الزهري ( كتب إليه، قال: حدّثتني هند بنت) ولأبوي ذر والوقت ابنة ( الحرث الفراسية) بكسر الفاء وتخفيف الراء وكسر السين المهملة وتشديد المثناة التحتية، نسبة إلى بني فراس، بطن من كنانة ( عن أم سلمة زوج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وكانت من صواحباتها) هو من جمع الجمع المكسر جمع سلامة وهو مسموع في هذه اللفظة ( قالت: كان) النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( يسلم، فينصرف النساء فيدخلن بيوتهن من قبل أن ينصرف رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) .
أفادت هذه الرواية الإشارة إلى أقل مقدار كان يمكثه عليه الصلاة والسلام.

( وقال ابن وهب) عبد الله، مما وصله النسائي عن محمد بن سلمة عنه ( عن يونس) بن يزيد ( عن ابن شهاب) الزهري: ( أخبرتني هند الفراسية) وفي رواية: القرشية، بالقاف والشين المعجمة من غير ألف.

( وقال عثمان بن عمر) مما سيأتي موصولاً، إن شاء الله تعالى بعد أربعة أبواب.
( أخبرنا يونس) بن يزيد ( عن) ابن شهاب ( الزهري، حدّثتني هند الفراسية) ولأبوي ذر والوقت، والأصيلي، وابن عساكر: القرشية، بالقاف والشين المعجمة.

( وقال) محمد بن الوليد ( الزبيدي) بضم الزاي وفتح الموحدة، مما وصله الطبراني في مسند الشاميين، من طريق عبد الله بن سالم، عنه: ( أخبرني) بالإفراد: ابن شهاب ( الزهري أن هند بنت الحرث) ولأبوي ذر والوقت والأصيلي: أن هندًا ( القرشية) بالقاف والشين المعجمة من غير ألف، نسبة لقريش، ومراد المؤلّف بذلك التنبيه على أنه اختلف في نسبة هند، ولا مغايرة بين النسبتين، لأن كنانة جماع قرشي ( أخبرته وكانت تحت معبد ابن المقداد) بفتح الميم وسكون العين وفتح الموحدة في الأوّل، وكسر الميم في الثاني، ابن الأسود الكندي المدني الصحابي ( وهو) أي معبد ( حليف بني زهرة) بحاء مهملة مفتوحة ( وكانت) هند ( تدخل على أزواج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ورضي عنهن.

( وقال شعيب) هو ابن حمزة، مما وصله في الزهريات ( عن الزهري) أنه قال: ( حدّثتني هند القرشية) بالقاف والشين المعجمة.

( وقال ابن أبي عتيق) بفتح العين، هو محمد بن عبد الله بن أبي عتيق، مما وصله في الزهريات أيضًا ( عن الزهري، عن هند الفراسية) بالفاء والسين المهملة.

( وقال الليث) بن سعد ( حدّثني) بالإفراد ( يحيى بن سعيد) بكسر العين، الأنصاري، أنه ( حدّثه عن ابن شهاب) ولأبوي ذر والوقت، والأصيلي، وابن عساكر: حدّثه ابن شهاب، ( عن امرأة) ، وللكشميهني: أن امرأة ( من قريش) هي هند بنت الحرث المذكورة ( حدّثته عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وهذا غير موصول لأن هندًا تابعية.


وفي قوله: امرأة من قريش، الرد على من زعم أن قوله: القرشية بالقاف والشين المعجمة، تصحيف من الفراسية بالفاء والسين المهملة.

قال في الفتح: واستنبط من مجموع الأدلة أن للإمام أحوالاً، لأن الصلاة إما أن تكون مما يتنفل بعدها أو لا.
فإن كان الأوّل، فاختلف: هل يتشاغل قبل التنفل بالذكر المأثور ثم يتنفل؟ وبذلك أخذ الأكثرون لحديث معاوية.
وعند الحنفية: يكره له المكث قاعدًا يشتغل بالدعاء، والصلاة على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، والتسبيح قبل أن يصلّي السُّنّة.
لأن القيام إلى السُّنّة بعد أداء الفريضة أفضل من الدعاء والتسبيح والصلاة، ولأن الصلاة مشتقة من المواصلة، وبكثرة الصلاة يصل العبد إلى مقصوده هـ.
من المحيط.

وأما الصلاة التي لا يتنفل بعدها: كالعصر، فيتشاغل الإمام ومن معه بالذكر المأثور، ولا يتعين له مكان، بل إن شاؤوا انصرفوا وذكروا، وإن شاؤوا مكثوا وذكروا.

وعلى الثاني: إن كان للإمام عادة أن يعلمهم أو يعظهم فيستحب أن يقبل عليهم جميعًا، وإن كان لا يزيد على الذكر المأثور، فهل يقبل عليهم جميعًا أو ينتقل فيجعل يمينه من قبل المأمومين ويساره من قبل القبلة ويدعو؟ جزم بالثاني أكثر الشافعية.

ويحتمل أنه إن قصر زمن ذلك يستمر مستقبلاً للقبلة من أجل أنها أليق بالدعاء.
ويحمل الأوّل على ما لو أطال الذكر والدعاء.
اهـ.
والله الموفق.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :825 ... غــ :849 ]
- حدَّثنا أبوُ الوَلِيدِ قَالَ حدَّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ سَعْدٍ قَالَ حدَّثنا الزُّهْرِيُّ عنْ هِنْدٍ بِنْتَ الحارثِ عنْ أمِّ سلَمَةَ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كانَ إذَا سَلَّمَ يَمْكُثُ فِي مكَانِهِ يَسِيرا.
قالَ ابنُ شُهَابٍ فَنُرَى وَالله أعْلَمُ لِكَيْ يَنْفُذَ مَنْ يَنْصَرِفُ مِنَ النِّسَاءِ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَهِي فِي قَوْله: ( كَانَ إِذا سلم يمْكث فِي مَكَانَهُ يَسِيرا) .

ذكر رِجَاله: وهم قد ذكرُوا غير مرّة، وَالزهْرِيّ هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ، وَهِنْد بنت الْحَارِث، بالثاء الْمُثَلَّثَة: تقدّمت فِي: بابُُ التَّسْلِيم، وَقَبله فِي: بابُُ الْعلم والعظة بِاللَّيْلِ.
والْحَدِيث أَيْضا مضى فِي: بابُُ التَّسْلِيم.
قَوْله: ( قَالَ ابْن شهَاب) ، هُوَ الزُّهْرِيّ، وَهُوَ مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور، قَوْله: ( فنرى) ، بِضَم النُّون أَي: نظن أَن مكثه، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَكَانَهُ كَانَ لأجل أَن ينْفد النِّسَاء المنصرفات من الصَّلَاة إِلَى مساكنهن.


هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :825 ... غــ :850 ]
- وَقَالَ ابنُ أبِي مَرْيَمَ أخبرنَا نافِعُ بنُ يَزِيد قَالَ أَخْبرنِي جَعْفَرُ بنُ رَبِيعَةَ أنَّ شهَابٍ كتَبَ إلَيْهِ.
قَالَ حدَّثَتْنِي هِنْدُ بِنْتُ الحَارِثِ الفِرَاسِيَّةُ عنْ أمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وكانَتْ منْ صَوَاحِبَاتهَا قالَتْ كانَ يُسلِّمُ فَيَنْصَرِفُ النِّسَاءُ فَيَدْخُلْنَ بُيُوتَهُنَّ قَبْلَ أنْ منْ يَنْصَرِفَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
.


هَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور، وَهُوَ مُعَلّق وَصله مُحَمَّد بن يحيى الذهلي فِي ( الزهريات) .
قَالَ: حَدثنَا سعيد بن أبي مَرْيَم فَذكره إِلَى آخِره.
قَوْله: ( الفراسية) ، بِكَسْر الْفَاء وَتَخْفِيف الرَّاء وَكسر السِّين الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف: نِسْبَة إِلَى بني فراس، وهم بطن من كنَانَة، وفراس هُوَ ابْن غنم بن ثَعْلَبَة بن مَالك بن كنَانَة.
قَالَ ابْن دُرَيْد: فراس مُشْتَقّ من الْفرس، وَهُوَ دق الْعُنُق، وَهَذَا كَمَا رَأَيْت ذكرهَا البُخَارِيّ فِي الطَّرِيق الأول الْمَوْصُول بِلَا نِسْبَة حَيْثُ قَالَ: عَن هِنْد بنت الْحَارِث عَن أم سَلمَة، وَهنا الَّذِي هُوَ الطَّرِيق الثَّانِي الْمُعَلق ذكرهَا بنسبتها إِلَى بني فراس، وَذكرهَا فِي الطَّرِيق الثَّالِث: عَن ابْن وهب عَن يُونُس عَن ابْن شهَاب، كَذَلِك: الفراسية، وَذكرهَا فِي الطَّرِيق الرَّابِع: عَن عُثْمَان بن عمر عَن يُونُس عَن الزُّهْرِيّ: القرشية فِي بعض الرِّوَايَات، وَفِي أُخْرَى الفراسية، وَذكرهَا فِي الطَّرِيق الْخَامِس: عَن الزبيدِيّ عَن الزُّهْرِيّ: الفراسية، وَفِي بَعْضهَا: القرشية مَعَ زِيَادَة ذكر فِي وصفهَا على مَا يَأْتِي.
وَذكرهَا فِي الطَّرِيق السَّادِس: عَن شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ: القرشية.
وَقد ذكرهَا الفراسية فِي الطَّرِيق السَّابِع: عَن ابْن أبي عَتيق عَن الزُّهْرِيّ.
وَذكرهَا فِي الطَّرِيق الثَّامِن: عَن اللَّيْث عَن يحيى بن سعيد عَن ابْن شهَاب عَن امْرَأَة من قُرَيْش، وَأَشَارَ البُخَارِيّ بِهَذَا إِلَى بَيَان الِاخْتِلَاف فِي نِسْبَة هِنْد بنت الْحَارِث الْمَذْكُورَة، وَالْحَاصِل أَن مِنْهُم من قَالَ: الفراسية، وَمِنْهُم من قَالَ: القرشية، والتوفيق بَينهمَا من حَيْثُ قَالَ: إِن كنَانَة جماع قُرَيْش فَلَا مُغَايرَة بَين النسبتين، وَمن قَالَ: إِن جماع قُرَيْش فهر بن مَالك فَيحمل على أَن اجْتِمَاع النسبتين لهِنْد يكون إِحْدَاهمَا بطرِيق الْأَصَالَة، وَالْأُخْرَى بطرِيق المحالفة،.

     وَقَالَ  الدَّاودِيّ: وَلَيْسَ هَذَا الِاخْتِلَاف بمانع من أَن تكون: فراسية من بني فراس، ثمَّ من بني فَارس، ثمَّ من بني قُرَيْش، فنسبت مرّة إِلَى أَب من آبائها، وَمرَّة إِلَى أَب آخر، وَمرَّة إِلَى غَيره من آبائها، كَمَا يُقَال فِي جَابر بن عبد الله السّلمِيّ والأنصاري، وَسعد بن سَاعِدَة السَّاعِدِيّ والأنصاري، وَاعْترض ابْن التِّين على قَول الدَّاودِيّ ثمَّ من بني فَارس،.

     وَقَالَ : مَا علمت لَهُ وَجها لِأَن فَارس أعجمي، وفراس وقريش عرب، وَلَيْسَ فِي البُخَارِيّ ذكر فَارس، ثمَّ ذكر عَن أبي عمر أَنه قَالَ: جعلت قرشية لما حالفها زَوجهَا.
قَوْله: ( من صواحباتها) الصواحبات جمع: صَوَاحِب، وَهُوَ جمع الْجمع، وَلَيْسَ بِجمع: صَاحِبَة، كَمَا قَالَ بَعضهم.
قَوْله: ( كَانَ يسلم) أَي: النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

وَقَالَ ابنُ وَهْبٍ عنْ يُونُسَ عَنِ ابنِ شِهَابٍ أخْبَرَتْنِي هِنْدُ الفِرَاسِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيق وَصله النَّسَائِيّ عَن مُحَمَّد بن سَلمَة عَن عبد الله بن وهب عَن يُونُس بن يزِيد ... إِلَى آخِره، وَلَفظه: ( أَن النِّسَاء كن إِذا سلمن قمن، وَثَبت رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَمن صلى من الرِّجَال مَا شَاءَ الله، فَإِذا قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَامَ الرِّجَال) .

وَقَالَ عُثْمَانُ بنُ عُمَرَ أخبرنَا يُونُسُ عنِ الزُّهْرِيِّ حدَّثَتْنِي هِنْدُ الفِرَاسِيَّةُ
هَذَا التَّعْلِيق وَصله البُخَارِيّ فِي: بابُُ خُرُوج النِّسَاء إِلَى الْمَسَاجِد بِاللَّيْلِ والغلس، وَهُوَ الْبابُُ الْخَامِس بعد هَذَا الْبابُُ، رَوَاهُ عَن عبد الله بن مُحَمَّد عَن عُثْمَان بن عمر عَن يُونُس عَن الزُّهْرِيّ إِلَى آخِره، فَفِي رِوَايَة ابْن وهب عَن يُونُس عَن ابْن شهَاب: أَخْبَرتنِي، وَفِي رِوَايَة عُثْمَان: عَن يُونُس عَن الزُّهْرِيّ: حَدَّثتنِي، وَقد ذكرنَا الْفرق بَين اللَّفْظَيْنِ مستقصًى فِي أَوَائِل الْكتاب.

وَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ أَخْبرنِي الزُّهْرِيُّ أنَّ هِنْدَ بِنْتَ الحَارِثِ القُرَشِيَّةَ أخبَرَتْهُ وكانَتْ تَحْتَ معْبَد بنِ المِقْدَادِ وَهْوَ حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ وكانَتْ تَدْخُلُ عَلَى أزْوَاجِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

الزبيدِيّ، بِضَم الزَّاي وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف: نِسْبَة إِلَى زبيد، وَهُوَ: مُنَبّه بن صَعب، وَهُوَ: زبيد الْأَكْبَر، وَإِلَيْهِ ترجع قبائل زبيد.
وَمن وَلَده مُنَبّه بن ربيعَة وَهُوَ زبيد الْأَصْغَر مِنْهُم: مُحَمَّد بن الْوَلِيد الزبيدِيّ هَذَا وَهُوَ صَاحب الزُّهْرِيّ.
وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله الطَّبَرَانِيّ فِي ( مُسْند الشاميين) من طَرِيق عبد الله بن سَالم عَنهُ.
وَفِيه: ( أَن النِّسَاء كن يشهدن الصَّلَاة مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا سلم قَامَ النِّسَاء فانصرفن إِلَى بُيُوتهنَّ قبل أَن يقوم الرِّجَال) .
قَوْله: ( معبد بن الْمِقْدَاد) معبد، بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَفِي آخِره دَال مُهْملَة.
والمقداد، بِكَسْر الْمِيم: ابْن الْأسود الصَّحَابِيّ.
قَوْله: ( وَهُوَ حَلِيف) أَي: معبد هُوَ حَلِيف لبني زهرَة، وَكَانَ الْمِقْدَاد حليفا لكندة.

وَقَالَ شُعَيْبٌ عنِ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَتْنِي هِنْدُ القُرَشِيَّةُ
شُعَيْب هُوَ ابْن أبي حَمْزَة، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله مُحَمَّد بن يحي فِي ( الزهريات) .

وَقَالَ ابنُ عَتِيقٍ عنِ الزُّهْرِيِّ عنْ هِنْدَ الفِرَاسِيَّةِ
عَتيق، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة: هُوَ مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي عتيقة، وَهَذَا التَّعْلِيق أَيْضا مَوْصُول فِي ( الزهريات) ، وَهَهُنَا يروي الزُّهْرِيّ بالعنعنة.

وَقَالَ اللَّيْثُ حدَّثني يَحْيَى بنُ سَعِيدٍ حَدَّثَهُ عنِ ابنِ شِهَابٍ عنِ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ حَدَّثَتْهُ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
هَذَا غير مَوْصُول لِأَن هِنْد بنت الْحَارِث تابعية، وَلَيْسَت بصحابية، وَفِيه: رِوَايَة يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن ابْن شهَاب من رِوَايَة الأقران.
قَوْله: ( عَن امْرَأَة) هِيَ، هِنْد بنت الْحَارِث، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: ( أَن امْرَأَة من قُرَيْش) .