هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
827 حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ سُلَيْمَانَ ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنِ الأَسْوَدِ ، قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : لاَ يَجْعَلْ أَحَدُكُمْ لِلشَّيْطَانِ شَيْئًا مِنْ صَلاَتِهِ يَرَى أَنَّ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ لاَ يَنْصَرِفَ إِلَّا عَنْ يَمِينِهِ لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرًا يَنْصَرِفُ عَنْ يَسَارِهِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
827 حدثنا أبو الوليد ، قال : حدثنا شعبة ، عن سليمان ، عن عمارة بن عمير ، عن الأسود ، قال : قال عبد الله : لا يجعل أحدكم للشيطان شيئا من صلاته يرى أن حقا عليه أن لا ينصرف إلا عن يمينه لقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا ينصرف عن يساره
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن عَبْدُ اللَّهِ : لاَ يَجْعَلْ أَحَدُكُمْ لِلشَّيْطَانِ شَيْئًا مِنْ صَلاَتِهِ يَرَى أَنَّ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ لاَ يَنْصَرِفَ إِلَّا عَنْ يَمِينِهِ لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرًا يَنْصَرِفُ عَنْ يَسَارِهِ .

Narrated `Abdullah:

You should not give away a part of your prayer to Satan by thinking that it is necessary to depart (after finishing the prayer) from one's right side only; I have seen the Prophet (ﷺ) often leave from the left side.

":"ہم سے ابو الولید نے بیان کیا ، انہوں نے کہا کہ ہم سے شعبہ نے بیان کیا ، انہوں نے سلیمان سے بیان کیا ، ان سے عمارہ بن عمیر نے ، ان سے اسود بن یزید نے بیان کیا کہ عبداللہ بن مسعود رضی اللہ عنہ نے فرمایا کہکوئی شخص اپنی نماز میں سے کچھ بھی شیطان کا حصہ نہ لگائے اس طرح کہ داہنی طرف ہی لوٹنا اپنے لیے ضروری قرار دے لے ۔ میں نے نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم کو اکثر بائیں طرف سے لوٹتے دیکھا ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [852] .

     قَوْلُهُ  عَنْ سُلَيْمَانَ هُوَ الْأَعْمَشُ .

     قَوْلُهُ  عَنْ عُمَارَةَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ سَمِعْتُ عُمَارَةَ بْنَ عُمَيْرٍ وَفِي الْإِسْنَادِ ثَلَاثَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ كُوفِيُّونَ فِي نسق آخِرهم الْأسود وَهُوَ بن يَزِيدَ النَّخَعِيُّ .

     قَوْلُهُ  لَا يَجْعَلْ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ لَا يَجْعَلَنَّ بِزِيَادَةِ نُونِ التَّأْكِيدِ .

     قَوْلُهُ  شَيْئًا مِنْ صَلَاتِهِ فِي رِوَايَةِ وَكِيعٍ وَغَيْرِهِ عَنِ الْأَعْمَشِ عِنْدَ مُسْلِمٍ جُزْءًا مِنْ صَلَاتِهِ .

     قَوْلُهُ  يَرَى بِفَتْحِ أَوَّلِهِ أَيْ يَعْتَقِدُ وَيَجُوزُ الضَّمُّ أَيْ يُظَنُّ وَقَولُهُ أَنَّ حَقًّا عَلَيْهِ هُوَ بَيَانٌ لِلْجَعْلِ فِي قَوْلِهِ لَا يَجْعَلْ .

     قَوْلُهُ  أَنْ لَا يَنْصَرِفَ أَيْ يَرَى أَنَّ عَدَمَ الِانْصِرَافِ حَقٌّ عَلَيْهِ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْقَلْبِ قَالَهُ الْكِرْمَانِيُّ فِي الْجَوَابِ عَنِ ابْتِدَائِهِ بِالنَّكِرَةِ قَالَ أَوْ لِأَنَّ النَّكِرَةَ الْمَخْصُوصَةَ كَالْمَعْرُوفَةِ .

     قَوْلُهُ  كَثِيرًا يَنْصَرِفُ عَنْ يَسَارِهِ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ أَكْثَرُ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْصَرِفُ عَنْ شِمَالِهِ فَأَمَّا رِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ فَلَا تُعَارِضُ حَدِيثَ أَنَسٍ الَّذِي أَشَرْتُ إِلَيْهِ عِنْدَ مُسْلِمٍ.

.
وَأَمَّا رِوَايَةُ مُسْلِمٍ فَظَاهِرَةُ التَّعَارُضِ لِأَنَّهُ عَبَّرَ فِي كُلِّ مِنْهُمَا بِصِيغَةِ أَفْعَلَ قَالَ النَّوَوِيُّ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُ تَارَةً هَذَا وَتَارَةً هَذَا فَأَخْبَرَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَا اعْتقد أَنه الْأَكْثَر وَإِنَّمَا كره بن مَسْعُودٍ أَنْ يُعْتَقَدَ وُجُوبُ الِانْصِرَافِ عَنِ الْيَمِينِ.

.

قُلْتُ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْأَثَرِ الْمَذْكُورِ أَوَّلًا عَنْ أَنَسٍ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا بِوَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَن يحمل حَدِيث بن مَسْعُودٍ عَلَى حَالَةِ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ لِأَنَّ حُجْرَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ مِنْ جِهَةِ يَسَارِهِ وَيُحْمَلَ حَدِيثُ أَنَسٍ عَلَى مَا سِوَى ذَلِكَ كَحَالِ السَّفَرِ ثُمَّ إِذَا تعَارض اعْتِقَاد بن مَسْعُود وَأنس رجح بن مَسْعُودٍ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ وَأَسَنُّ وَأَجَلُّ وَأَكْثَرُ مُلَازَمَةً لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَقْرَبُ إِلَى مَوْقِفِهِ فِي الصَّلَاةِ مِنْ أَنَسٍ وَبَانَ فِي إِسْنَادِ حَدِيثِ أَنَسٍ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ وَهُوَ السُّدِّيُّ وَبِأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِخِلَافِ حَدِيثِ أَنَسٍ فى الْأَمريْنِ وَبِأَن رِوَايَة بن مَسْعُودٍ تُوَافِقُ ظَاهِرَ الْحَالِ لِأَنَّ حُجْرَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ عَلَى جِهَةِ يَسَارِهِ كَمَا تَقَدَّمَ ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّهُ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بِوَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ مَنْ قَالَ كَانَ أَكْثَرُ انْصِرَافِهِ عَنْ يَسَارِهِ نَظَرَ إِلَى هَيْئَتِهِ فِي حَالِ الصَّلَاةِ وَمَنْ قَالَ كَانَ أَكْثَرُ انْصِرَافِهِ عَنْ يَمِينِهِ نَظَرَ إِلَى هَيْئَتِهِ فِي حَالَةِ اسْتِقْبَالِهِ الْقَوْمَ بَعْدَ سَلَامِهِ مِنَ الصَّلَاةِ فَعَلَى هَذَا لَا يَخْتَصُّ الِانْصِرَافُ بِجِهَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْعُلَمَاءُ يُسْتَحَبُّ الِانْصِرَافُ إِلَى جِهَةِ حَاجَتِهِ لَكِنْ قَالُوا إِذَا اسْتَوَتِ الْجِهَتَانِ فِي حَقِّهِ فَالْيَمِينُ أَفْضَلُ لِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ الْمُصَرِّحَةِ بِفَضْلِ التَّيَامُنِ كَحَدِيثِ عَائِشَة الْمُتَقَدّم فِي كتاب الطَّهَارَة قَالَ بن الْمُنِير فِيهِ أَن المندوبات قد تقلب مَكْرُوهَاتٍ إِذَا رُفِعَتْ عَنْ رُتْبَتِهَا لِأَنَّ التَّيَامُنَ مُسْتَحَبٌّ فِي كُلِّ شَيْءٍ أَيْ مِنْ أُمُورِ الْعِبَادَة لَكِن لما خشِي بن مَسْعُودٍ أَنْ يَعْتَقِدُوا وُجُوبَهُ أَشَارَ إِلَى كَرَاهَتِهِ وَالله أعلم( قَولُهُ بَابُ مَا جَاءَ فِي الثُّومِ) هَذِهِ التَّرْجَمَةُ وَالَّتِي بَعْدَهَا مِنْ أَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ.

.
وَأَمَّا التَّرَاجِمُ الَّتِي قَبْلَهَا فَكُلُّهَا مِنْ صِفَةِ الصَّلَاةِ لَكِنْ مُنَاسَبَةُ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ وَمَا بَعْدَهَا لِذَلِكَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ بَنَى صِفَةَ الصَّلَاةِ عَلَى الصَّلَاةِ فِي الْجَمَاعَةِ وَلِهَذَا لَمْ يُفْرِدْ مَا بَعْدَ كِتَابِ الْأَذَانِ بِكِتَابٍ لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ أَحْكَامَ الْإِقَامَةِ ثُمَّ الْإِمَامَةِ ثُمَّ الصُّفُوفِ ثُمَّ الْجَمَاعَةِ ثُمَّ صِفَةَ الصَّلَاةِ فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ مُرْتَبِطًا بَعْضُهُ بِبَعْضٍ وَاقْتَضَى فَضْلَ حُضُورِ الْجَمَاعَةِ بِطَرِيقِ الْعُمُومِ نَاسَبَ أَنْ يُورِدَ فِيهِ مَنْ قَامَ بِهِ عَارِضٌ كَأَكْلِ الثُّومِ وَمَنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَالصِّبْيَانِ وَمَنْ تُنْدَبُ لَهُ فِي حَالَةٍ دُونَ حَالَةٍ كَالنِّسَاءِ فَذَكَرَ هَذِهِ التَّرَاجِمَ فَخَتَمَ بِهَا صِفَةَ الصَّلَاةِ .

     قَوْلُهُ  الثُّومِ بِضَمِّ الثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ وَالنِّيءِ بِكَسْرِ النُّونِ وَبَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ ثُمَّ هَمْزَةٌ وَقَدْ تُدْغَمُ وَتَقْيِيدُهُ بِالنِّيءِ حَمْلٌ مِنْهُ لِلْأَحَادِيثِ الْمُطْلَقَةِ فِي الثُّومِ عَلَى غَيْرِ النَّضِيجِ مِنْهُ وَقَولُهُ فِي التَّرْجَمَةِ وَالْكُرَّاثِ لَمْ يَقَعْ ذِكْرُهُ فِي أَحَادِيثِ الْبَابِ الَّتِي ذَكَرَهَا لَكِنَّهُ أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ جَابِرٍ كَمَا سَأَذْكُرُهُ وَهَذَا أَوْلَى مِنْبِإِنْكَارِهِ وَالزَّجْرِ عَنْهُ لِأَنَّهُ مُهَيِّجٌ لِلْحُزْنِ وَرَافِعٌ لِلصَّبْرِ وَفِيهِ مُخَالَفَةُ التَّسْلِيمِ لِلْقَضَاءِ وَالْإِذْعَانِ لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى قَوْلُهَا فَمَا وَفَتْ مِنَّا امْرَأَةٌ إِلَّا خَمْسٌ قَالَ الْقَاضِي مَعْنَاهُ لَمْ يَفِ مِمَّنْ بَايَعَ مَعَ أُمِّ عَطِيَّةَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي بَايَعَتْ فِيهِ مِنَ النِّسْوَةِ إِلَّا خَمْسٌ لَا أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكِ النِّيَاحَةَ مِنَ الْمُسْلِمَاتِ غَيْرُ خَمْسٍ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ حِينَ نُهِينَ عَنِ النِّيَاحَةِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا آلَ فُلَانٍ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى التَّرْخِيصِ لِأُمِّ عَطِيَّةَ فِي آلِ فُلَانٍ خَاصَّةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَا تَحِلُّ النِّيَاحَةُ لِغَيْرِهَا وَلَا لَهَا فِي غَيْرِ آلِ فُلَانٍ كَمَا هُوَ صَرِيحٌ فِي الْحَدِيثِ وَلِلشَّارِعِ أَنْ يَخُصَّ مِنَ الْعُمُومِ مَا شَاءَ فَهَذَا صَوَابُ الْحُكْمِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَاسْتَشْكَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ هَذَا الْحَدِيثَ وَقَالُوا فِيهِ أَقْوَالًا عَجِيبَةً وَمَقْصُودِي التَّحْذِيرُ مِنَ الِاغْتِرَارِ بِهَا حَتَّى إِنَّ بَعْضَ الْمَالِكِيَّةِ قَالَ النِّيَاحَةُ لَيْسَتْ بِحَرَامٍ بِهَذَا الْحَدِيِثِ وَقِصَّةُ نِسَاءِ جَعْفَرٍ قَالَ وَإِنَّمَا الْمُحَرَّمُ مَا كَانَ مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ أَفْعَالِ الْجَاهِلِيَّةِ كَشَقِّ الْجُيُوبِ وَخَمْشِ الْخُدُودِ وَدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ وَالصَّوَابُ مَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا وَأَنَّ النِّيَاحَةَ حَرَامٌ مُطْلَقًا وَهُوَ مَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً وَلَيْسَ فِيمَا قَالَهُ هَذَا الْقَائِلُ دليل صحيح لما ذكره والله أعلمبِإِنْكَارِهِ وَالزَّجْرِ عَنْهُ لِأَنَّهُ مُهَيِّجٌ لِلْحُزْنِ وَرَافِعٌ لِلصَّبْرِ وَفِيهِ مُخَالَفَةُ التَّسْلِيمِ لِلْقَضَاءِ وَالْإِذْعَانِ لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى قَوْلُهَا فَمَا وَفَتْ مِنَّا امْرَأَةٌ إِلَّا خَمْسٌ قَالَ الْقَاضِي مَعْنَاهُ لَمْ يَفِ مِمَّنْ بَايَعَ مَعَ أُمِّ عَطِيَّةَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي بَايَعَتْ فِيهِ مِنَ النِّسْوَةِ إِلَّا خَمْسٌ لَا أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكِ النِّيَاحَةَ مِنَ الْمُسْلِمَاتِ غَيْرُ خَمْسٍ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ حِينَ نُهِينَ عَنِ النِّيَاحَةِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا آلَ فُلَانٍ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى التَّرْخِيصِ لِأُمِّ عَطِيَّةَ فِي آلِ فُلَانٍ خَاصَّةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَا تَحِلُّ النِّيَاحَةُ لِغَيْرِهَا وَلَا لَهَا فِي غَيْرِ آلِ فُلَانٍ كَمَا هُوَ صَرِيحٌ فِي الْحَدِيثِ وَلِلشَّارِعِ أَنْ يَخُصَّ مِنَ الْعُمُومِ مَا شَاءَ فَهَذَا صَوَابُ الْحُكْمِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَاسْتَشْكَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ هَذَا الْحَدِيثَ وَقَالُوا فِيهِ أَقْوَالًا عَجِيبَةً وَمَقْصُودِي التَّحْذِيرُ مِنَ الِاغْتِرَارِ بِهَا حَتَّى إِنَّ بَعْضَ الْمَالِكِيَّةِ قَالَ النِّيَاحَةُ لَيْسَتْ بِحَرَامٍ بِهَذَا الْحَدِيِثِ وَقِصَّةُ نِسَاءِ جَعْفَرٍ قَالَ وَإِنَّمَا الْمُحَرَّمُ مَا كَانَ مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ أَفْعَالِ الْجَاهِلِيَّةِ كَشَقِّ الْجُيُوبِ وَخَمْشِ الْخُدُودِ وَدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ وَالصَّوَابُ مَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا وَأَنَّ النِّيَاحَةَ حَرَامٌ مُطْلَقًا وَهُوَ مَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً وَلَيْسَ فِيمَا قَالَهُ هَذَا الْقَائِلُ دليل صحيح لما ذكره والله أعلمبِإِنْكَارِهِ وَالزَّجْرِ عَنْهُ لِأَنَّهُ مُهَيِّجٌ لِلْحُزْنِ وَرَافِعٌ لِلصَّبْرِ وَفِيهِ مُخَالَفَةُ التَّسْلِيمِ لِلْقَضَاءِ وَالْإِذْعَانِ لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى قَوْلُهَا فَمَا وَفَتْ مِنَّا امْرَأَةٌ إِلَّا خَمْسٌ قَالَ الْقَاضِي مَعْنَاهُ لَمْ يَفِ مِمَّنْ بَايَعَ مَعَ أُمِّ عَطِيَّةَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي بَايَعَتْ فِيهِ مِنَ النِّسْوَةِ إِلَّا خَمْسٌ لَا أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكِ النِّيَاحَةَ مِنَ الْمُسْلِمَاتِ غَيْرُ خَمْسٍ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ حِينَ نُهِينَ عَنِ النِّيَاحَةِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا آلَ فُلَانٍ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى التَّرْخِيصِ لِأُمِّ عَطِيَّةَ فِي آلِ فُلَانٍ خَاصَّةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَا تَحِلُّ النِّيَاحَةُ لِغَيْرِهَا وَلَا لَهَا فِي غَيْرِ آلِ فُلَانٍ كَمَا هُوَ صَرِيحٌ فِي الْحَدِيثِ وَلِلشَّارِعِ أَنْ يَخُصَّ مِنَ الْعُمُومِ مَا شَاءَ فَهَذَا صَوَابُ الْحُكْمِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَاسْتَشْكَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ هَذَا الْحَدِيثَ وَقَالُوا فِيهِ أَقْوَالًا عَجِيبَةً وَمَقْصُودِي التَّحْذِيرُ مِنَ الِاغْتِرَارِ بِهَا حَتَّى إِنَّ بَعْضَ الْمَالِكِيَّةِ قَالَ النِّيَاحَةُ لَيْسَتْ بِحَرَامٍ بِهَذَا الْحَدِيِثِ وَقِصَّةُ نِسَاءِ جَعْفَرٍ قَالَ وَإِنَّمَا الْمُحَرَّمُ مَا كَانَ مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ أَفْعَالِ الْجَاهِلِيَّةِ كَشَقِّ الْجُيُوبِ وَخَمْشِ الْخُدُودِ وَدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ وَالصَّوَابُ مَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا وَأَنَّ النِّيَاحَةَ حَرَامٌ مُطْلَقًا وَهُوَ مَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً وَلَيْسَ فِيمَا قَالَهُ هَذَا الْقَائِلُ دليل صحيح لما ذكره والله أعلمقَوْلِ بَعْضِهِمْ إِنَّهُ قَاسَهُ عَلَى الْبَصَلِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ اسْتَنْبَطَ الْكُرَّاثَ مِنْ عُمُومِ الْخَضِرَاتِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهَا دُخُولًا أَوْلَوِيًّا لِأَنَّ رَائِحَتَهُ أَشَدُّ .

     قَوْلُهُ  وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ بِكَسْرِ اللَّامِ وَقَولُهُ مِنَ الْجُوعِ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ أَرَ التَّقْيِيدَ بِالْجُوعِ وَغَيْرِهِ صَرِيحًا لَكِنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الصَّحَابِيِّ فِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ جَابِرٍ وَغَيْرِهِ فَعِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ الْبَصَلِ وَالْكُرَّاثِ فَغَلَبَتْنَا الْحَاجَةُ الْحَدِيثَ وَلَهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ لَمْ نَعُدْ أَنْ فُتِحَتْ خَيْبَرُ فَوَقَعْنَا فِي هَذِه البقلة وَالنَّاس جِيَاع الحَدِيث.

     وَقَالَ  بن الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ أَلْحَقَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْمَجْذُومَ وَغَيْرَهُ بِآكِلِ الثُّومِ فِي الْمَنْعِ مِنَ الْمَسْجِدِ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ آكِلَ الثُّومِ أَدْخَلَ عَلَى نَفْسِهِ بِاخْتِيَارِهِ هَذَا الْمَانِعَ وَالْمَجْذُومُ عِلَّتُهُ سَمَاوِيَّةٌ قَالَ لَكِنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جُوعٍ أَوْ غَيْرِهِ يَدُلُّ عَلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا انْتَهَى وَكَأَنَّهُ رَأَى قَوْلَ الْبُخَارِيِّ فِي التَّرْجَمَةِ وَقَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَخْ فَظَنَّهُ لَفْظَ حَدِيثٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مِنْ تَفَقُّهِ الْبُخَارِيِّ وَتَجْوِيزِهِ لِذِكْرِ الحَدِيث بِالْمَعْنَى قَوْله من أكل قَالَ بن بَطَّالٍ هَذَا يَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ أَكْلِ الثُّومِ لِأَنَّ قَوْلَهُ مَنْ أَكَلَ لَفْظُ إِبَاحَةٍ.

.
وَتَعَقَّبَهُ بن الْمُنِيرِ بِأَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ إِنَّمَا تُعْطِي الْوُجُودَ لَا الْحُكْمَ أَيْ مَنْ وُجِدَ مِنْهُ الْأَكْلُ وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِ مُبَاحًا أَوْ غَيْرَ مُبَاحٍ وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الَّذِي أَشَرْتُ إِلَيْهِ عِنْدَ مُسْلِمٍ الدَّلَالَةُ عَلَى عَدَمِ تَحْرِيمِهِ كَمَا سَيَأْتِي

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [852] حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنِ الأَسْوَدِ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: "لاَ يَجْعَلْ أَحَدُكُمْ لِلشَّيْطَانِ شَيْئًا مِنْ صَلاَتِهِ يَرَى أَنَّ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ لاَ يَنْصَرِفَ إِلاَّ عَنْ يَمِينِهِ، لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَثِيرًا يَنْصَرِفُ عَنْ يَسَارِهِ".
وبه قال: ( حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك ( قال: حدّثنا) ولأبي ذر: أخبرنا ( شعبة) بن الحجاج، ( عن سليمان) بن مهران الأعمش ( عن عمارة بن عمير) بضم العين فيهما، ( عن الأسود) بن يزيد النخعي ( قال: قال عبد الله) بن مسعود، رضي الله عنه: ( لا يجعل) وللكشميهني: لا يجعلن، بنون التوكيد، ( أحدكم للشيطان شيئًا) ولمسلم: جزءًا ( من صلاته يرى) بفتح أوّله، أي: يعتقد، ويجوز الضم أي: يظن ( أن حقًّا عليه أن لا ينصرف إلاّ عن يمينه) بيان لما قبله، وهو الجعل أو استئناف بياني.
كأنه قيل: كيف يجعل للشيطان شيئًا من صلاته؟ فقال: يرى أن حقًّا عليه إلى آخره.
وقوله: أن لا ينصرف، في موضع رفع خبر أن، واستشكل بأنه معرفة، إذ تقديره عدم الانصراف، فكيف يكون اسمها نكرة وهو معرفة؟ وأجيب: بأن النكرة المخصوصة كالمعرفة، أو من باب القلب، أي: يرى أن عدم الانصراف حق عليه.
قاله البرماوي تبعًا للكرماني.
وتعقبه العيني فقال: هذا تعسف، والظاهر أن المعنى: يرى واجبًا عليه عدم الانصراف إلا عن يمينه والله ( لقد رأيت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كثيرًا) حال كونه ( ينصرف عن يساره) .
واستنبط ابن المنير منه: أن المندوب ربما انقلب مكروهًا إذا خيف على الناس أن يرفعوه عن رتبته، لأن التيامن مستحب.
لكن لما خشي ابن مسعود أن يعتقد وجوبه، أشار إلى كراهته.
قال أبو عبيدة لن انصرف عن يساره: هذا أصاب السُّنّة، يريد والله أعلم، حيث لم يلزم التيامن على أنه سُنّة مؤكدة أو واجب، وإلا فما يظن أن التياسر سُنّة حتى يكون التيامن بدعة، إنما البدعة في رفع التيامن عن رتبته.
قاله في المصابيح.
ورواة هذا الحديث ما بين كوفي وواسطي وبصري، وفيه التحديث والإخبار والعنعنة، وثلاثة من التابعين، وأخرجه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجة: في الصلاة.
والله أعلم.
160 - باب مَا جَاءَ فِي الثُّومِ النَّىِّء وَالْبَصَلِ وَالْكُرَّاثِ وَقَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ أَكَلَ الثُّومَ أَوِ الْبَصَلَ مِنَ الْجُوعِ أَوْ غَيْرِهِ فَلاَ يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا».
( باب ما جاء في) أكل ( الثوم النيء) بنون مكسورة فمثناة تحتية فهمزة ممدودة، وقد تدغم، وهو مجرور، صفة لسابقه المضموم المثلثة، أي غير النضيج ( و) ما جاء في أكل ( البصل والكراث) بضم الكاف وتشديد الراء آخره مثلثة.
( وقول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بجرّ لام القول عطفًا على المجرور السابق، ومقول قوله عليه الصلاة والسلام ( من أكل الثوم أو البصل) أي: النيء ( من الجوع، أو غيره) كالأكل للتشهّي، والتأدّم بالخبز ( فلا يقربن مسجدنا) بنون التأكيد المشددة.
وليس هذا لفظ حديث، بل هو من تفقه المصنف، وتجويزه لذكر الحديث بالمعنى.
والتقييد: بالجوع أو غيره، مأخوذ من كلام الصحابي في بعض طرق حديث جابر، المروي في مسلم، ولفظه: نهى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن أكل البصل والكراث، فغلبتنا الحاجة، فأكلنا منه ...
الحديث.
والحاجة تشمل الجوع وغيره.
وأصرح منه ما في حديث أبي سعيد: ثم بعد أن فتحت خيبر فوقعنا في هذه البقلة والناس جياع ...
الحديث.
853 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ: مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ -يَعْنِي الثُّومَ- فَلاَ يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا".
[الحديث 853 - أطرافه في: 4215، 4217، 4218، 5521، 5522] .
وبالسند إلى البخاري رحمه الله قال: ( حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد ( قال: حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان ( عن عبيد الله) بضم العين، ابن عمر العمري ( قال: حدّثني) بالإفراد ( نافع) مولى ابن عمر ( عن ابن عمر) بن الخطاب ( رضي الله عنهما، أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال، في غزوة خيبر) سنة سبع من الهجرة: ( من أكل من هذه الشجرة) ( يعني الثوم) يحتمل أن يكون القائل: يعني، هو عبيد الله العمري، كما قاله الحافظ ابن حجر رحمه الله ( فلا يقربن مسجدنا) بنون التأكيد المشددة أي: المكان الذي أعدّه ليصلّي فيه مدة إقامته بخيبر، أو المراد بالمسجد: الجنس، والإضافة إلى المسلمينويدل له رواية أحمد عن يحيى القطان فيه بلفظ: فلا يقربن المساجد: وحكم رحبة المسجد حكمه لأنها منه، ولذا كان عليه الصلاة والسلام إذا وجد ريحها في المسجد أمر بإخراج مَن وجدت منه إلى البقيع، كما ثبت في مسلم عن عمر رضي الله عنه، ويلحق بالثوم كل ذي ريح كريه.
وألحق بعضهم به من بفيه بخر، أو لجرحه رائحة، وكالمجذوم والأبرص، وأصحاب الصنائع الكريهة: كالسماك، وتاجر الكتان، والغزل.
وعورض بأن آكل الثوم أدخل على نفسه باختياره هذا المانع، بخلاف: الأبخر والمجذوم، فكيف يلحق المضطر بالمختار.
اهـ.
وزاد مسلم من رواية ابن نمير عن عبيد الله: حتى ذهب ريحها.
وسمى الثوم بالشجرة، والشجرة ما كان على ساق له وما لا ساق له يسمى نجمًا.
كما أن اسم كلٍّ منهما قد يطلق على الآخر، ونطق أفصح الفصحاء من أقوى الدلائل.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ الِانْفِتَالِ وَالِانْصِرَافِ عَنِ الْيَمِينِ وَالشِّمَالِ)
قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ جَمَعَ فِي التَّرْجَمَةِ بَيْنَ الِانْفِتَالِ وَالِانْصِرَافِ لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْحُكْمِ بَيْنَ الْمَاكِثِ فِي مُصَلَّاهُ إِذَا انْفَتَلَ لِاسْتِقْبَالِ الْمَأْمُومِينَ وَبَيْنَ الْمُتَوَجِّهِ لِحَاجَتِهِ إِذَا انْصَرَفَ إِلَيْهَا .

     قَوْلُهُ  وَكَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ إِلَخْ وَصَلَهُ مُسَدَّدٌ فِي مُسْنَدِهِ الْكَبِيرِ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ كَانَ أَنَسٌ فَذَكَرَهُ.

     وَقَالَ  فِيهِ وَيَعِيبُ عَلَى مَنْ يَتَوَخَّى ذَلِكَ أَنْ لَا يَنْفَتِلَ إِلَّا عَنْ يَمِينِهِ وَيَقُولُ يَدُورُ كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ وَقَولُهُ يَتَوَخَّى بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ مُشَدَّدَةٍ أَيْ يَقْصِدُ وَقَولُهُ أَوْ يَعْمِدُ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي.

.

قُلْتُ وَظَاهِرُ هَذَا الْأَثَرِ عَنْ أَنَسٍ يُخَالِفُ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّدِّيِّ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسًا كَيْفَ أَنْصَرِفُ إِذَا صَلَّيْتُ عَنْ يَمِينِي أَوْ عَنْ يَسَارِي قَالَ أَمَّا أَنَا فَأَكْثَرُ مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْصَرِفُ عَنْ يَمِينِهِ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ أَنَسًا عَابَ مَنْ يَعْتَقِدُ تَحَتُّمَ ذَلِكَ وَوُجُوبَهُ.

.
وَأَمَّا إِذَا اسْتَوَى الْأَمْرَانِ فَجِهَةُ الْيَمِينِ أَوْلَى

[ قــ :827 ... غــ :852] .

     قَوْلُهُ  عَنْ سُلَيْمَانَ هُوَ الْأَعْمَشُ .

     قَوْلُهُ  عَنْ عُمَارَةَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ سَمِعْتُ عُمَارَةَ بْنَ عُمَيْرٍ وَفِي الْإِسْنَادِ ثَلَاثَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ كُوفِيُّونَ فِي نسق آخِرهم الْأسود وَهُوَ بن يَزِيدَ النَّخَعِيُّ .

     قَوْلُهُ  لَا يَجْعَلْ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ لَا يَجْعَلَنَّ بِزِيَادَةِ نُونِ التَّأْكِيدِ .

     قَوْلُهُ  شَيْئًا مِنْ صَلَاتِهِ فِي رِوَايَةِ وَكِيعٍ وَغَيْرِهِ عَنِ الْأَعْمَشِ عِنْدَ مُسْلِمٍ جُزْءًا مِنْ صَلَاتِهِ .

     قَوْلُهُ  يَرَى بِفَتْحِ أَوَّلِهِ أَيْ يَعْتَقِدُ وَيَجُوزُ الضَّمُّ أَيْ يُظَنُّ وَقَولُهُ أَنَّ حَقًّا عَلَيْهِ هُوَ بَيَانٌ لِلْجَعْلِ فِي قَوْلِهِ لَا يَجْعَلْ .

     قَوْلُهُ  أَنْ لَا يَنْصَرِفَ أَيْ يَرَى أَنَّ عَدَمَ الِانْصِرَافِ حَقٌّ عَلَيْهِ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْقَلْبِ قَالَهُ الْكِرْمَانِيُّ فِي الْجَوَابِ عَنِ ابْتِدَائِهِ بِالنَّكِرَةِ قَالَ أَوْ لِأَنَّ النَّكِرَةَ الْمَخْصُوصَةَ كَالْمَعْرُوفَةِ .

     قَوْلُهُ  كَثِيرًا يَنْصَرِفُ عَنْ يَسَارِهِ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ أَكْثَرُ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْصَرِفُ عَنْ شِمَالِهِ فَأَمَّا رِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ فَلَا تُعَارِضُ حَدِيثَ أَنَسٍ الَّذِي أَشَرْتُ إِلَيْهِ عِنْدَ مُسْلِمٍ.

.
وَأَمَّا رِوَايَةُ مُسْلِمٍ فَظَاهِرَةُ التَّعَارُضِ لِأَنَّهُ عَبَّرَ فِي كُلِّ مِنْهُمَا بِصِيغَةِ أَفْعَلَ قَالَ النَّوَوِيُّ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُ تَارَةً هَذَا وَتَارَةً هَذَا فَأَخْبَرَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَا اعْتقد أَنه الْأَكْثَر وَإِنَّمَا كره بن مَسْعُودٍ أَنْ يُعْتَقَدَ وُجُوبُ الِانْصِرَافِ عَنِ الْيَمِينِ.

.

قُلْتُ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْأَثَرِ الْمَذْكُورِ أَوَّلًا عَنْ أَنَسٍ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا بِوَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَن يحمل حَدِيث بن مَسْعُودٍ عَلَى حَالَةِ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ لِأَنَّ حُجْرَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ مِنْ جِهَةِ يَسَارِهِ وَيُحْمَلَ حَدِيثُ أَنَسٍ عَلَى مَا سِوَى ذَلِكَ كَحَالِ السَّفَرِ ثُمَّ إِذَا تعَارض اعْتِقَاد بن مَسْعُود وَأنس رجح بن مَسْعُودٍ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ وَأَسَنُّ وَأَجَلُّ وَأَكْثَرُ مُلَازَمَةً لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَقْرَبُ إِلَى مَوْقِفِهِ فِي الصَّلَاةِ مِنْ أَنَسٍ وَبَانَ فِي إِسْنَادِ حَدِيثِ أَنَسٍ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ وَهُوَ السُّدِّيُّ وَبِأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِخِلَافِ حَدِيثِ أَنَسٍ فى الْأَمريْنِ وَبِأَن رِوَايَة بن مَسْعُودٍ تُوَافِقُ ظَاهِرَ الْحَالِ لِأَنَّ حُجْرَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ عَلَى جِهَةِ يَسَارِهِ كَمَا تَقَدَّمَ ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّهُ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بِوَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ مَنْ قَالَ كَانَ أَكْثَرُ انْصِرَافِهِ عَنْ يَسَارِهِ نَظَرَ إِلَى هَيْئَتِهِ فِي حَالِ الصَّلَاةِ وَمَنْ قَالَ كَانَ أَكْثَرُ انْصِرَافِهِ عَنْ يَمِينِهِ نَظَرَ إِلَى هَيْئَتِهِ فِي حَالَةِ اسْتِقْبَالِهِ الْقَوْمَ بَعْدَ سَلَامِهِ مِنَ الصَّلَاةِ فَعَلَى هَذَا لَا يَخْتَصُّ الِانْصِرَافُ بِجِهَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْعُلَمَاءُ يُسْتَحَبُّ الِانْصِرَافُ إِلَى جِهَةِ حَاجَتِهِ لَكِنْ قَالُوا إِذَا اسْتَوَتِ الْجِهَتَانِ فِي حَقِّهِ فَالْيَمِينُ أَفْضَلُ لِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ الْمُصَرِّحَةِ بِفَضْلِ التَّيَامُنِ كَحَدِيثِ عَائِشَة الْمُتَقَدّم فِي كتاب الطَّهَارَة قَالَ بن الْمُنِير فِيهِ أَن المندوبات قد تقلب مَكْرُوهَاتٍ إِذَا رُفِعَتْ عَنْ رُتْبَتِهَا لِأَنَّ التَّيَامُنَ مُسْتَحَبٌّ فِي كُلِّ شَيْءٍ أَيْ مِنْ أُمُورِ الْعِبَادَة لَكِن لما خشِي بن مَسْعُودٍ أَنْ يَعْتَقِدُوا وُجُوبَهُ أَشَارَ إِلَى كَرَاهَتِهِ وَالله أعلم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب الاِنْفِتَالِ وَالاِنْصِرَافِ عَنِ الْيَمِينِ وَالشِّمَالِ
وَكَانَ أَنَسٌ يَنْفَتِلُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ، وَيَعِيبُ عَلَى مَنْ يَتَوَخَّى -أَوْ مَنْ يَعْمِدُ- الاِنْفِتَالَ عَنْ يَمِينِهِ.

( باب الانفتال) لاستقبال المأمومين ( والانصراف) لحاجته ( عن اليمين والشمال) أي عن يمين المصلي وعن شماله، فالألف واللام عوض عن المضاف إليه.

( وكان أنس) ولأبي ذر: أنس بن مالك، مما وصله مسدد في مسنده الكبير، من طريق سعيد عن قتادة، قال: كان أنس ( ينفتل) أي ينصرف ( عن يمينه وعن يساره، ويعيب على من يتوخى) بالخاء المعجمة المشددة، أي يقصد ويتحرى ( -أو من يعمد- الانفتال عن يمينه) بفتح المثناة التحتية وسكون العين وكسر الميم، شك من الراوي.
وفي رواية أبي ذر: أو من تعمد، بفتح المثناة الفوقية

والعين والميم المشدّدة، ولابن عساكر والأصيلي: أو يعمد، بفتح المثناة التحتية وسكون العين وكسر الميم مع إسقاط: من.

فإن قلت: هذا يخالف ما في مسلم من طريق إسماعيل بن عبد الرحمن السدي، قال: أنسًا كيف أنصرف إذا صليت، عن يميني أو عن يساري؟
قال: أمّا أنا، فأكثر ما رأيت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ينصرف عن يمينه.

أجيب بأن أنسًا إنما عاب من يعتقد تحتّم ذلك ووجوبه، وأما إذا استوى الأمران، فجهة اليمين أولى، لأنه عليه الصلاة والسلام: كان أكثر انصرافه لجهة اليمين، كما سيأتي في الحديث الآتي، إن شاء الله تعالى، ويجب التيامن في شأنه كله.


[ قــ :827 ... غــ : 852 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنِ الأَسْوَدِ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: "لاَ يَجْعَلْ أَحَدُكُمْ لِلشَّيْطَانِ شَيْئًا مِنْ صَلاَتِهِ يَرَى أَنَّ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ لاَ يَنْصَرِفَ إِلاَّ عَنْ يَمِينِهِ، لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَثِيرًا يَنْصَرِفُ عَنْ يَسَارِهِ".

وبه قال: ( حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك ( قال: حدّثنا) ولأبي ذر: أخبرنا ( شعبة) بن الحجاج، ( عن سليمان) بن مهران الأعمش ( عن عمارة بن عمير) بضم العين فيهما، ( عن الأسود) بن يزيد النخعي ( قال: قال عبد الله) بن مسعود، رضي الله عنه: ( لا يجعل) وللكشميهني: لا يجعلن، بنون التوكيد، ( أحدكم للشيطان شيئًا) ولمسلم: جزءًا ( من صلاته يرى) بفتح أوّله، أي: يعتقد، ويجوز الضم أي: يظن ( أن حقًّا عليه أن لا ينصرف إلاّ عن يمينه) بيان لما قبله، وهو الجعل أو استئناف بياني.
كأنه قيل: كيف يجعل للشيطان شيئًا من صلاته؟ فقال: يرى أن حقًّا عليه إلى آخره.

وقوله: أن لا ينصرف، في موضع رفع خبر أن، واستشكل بأنه معرفة، إذ تقديره عدم الانصراف، فكيف يكون اسمها نكرة وهو معرفة؟
وأجيب: بأن النكرة المخصوصة كالمعرفة، أو من باب القلب، أي: يرى أن عدم الانصراف حق عليه.
قاله البرماوي تبعًا للكرماني.

وتعقبه العيني فقال: هذا تعسف، والظاهر أن المعنى: يرى واجبًا عليه عدم الانصراف إلا عن يمينه والله ( لقد رأيت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كثيرًا) حال كونه ( ينصرف عن يساره) .

واستنبط ابن المنير منه: أن المندوب ربما انقلب مكروهًا إذا خيف على الناس أن يرفعوه عن رتبته، لأن التيامن مستحب.
لكن لما خشي ابن مسعود أن يعتقد وجوبه، أشار إلى كراهته.


قال أبو عبيدة لن انصرف عن يساره: هذا أصاب السُّنّة، يريد والله أعلم، حيث لم يلزم التيامن على أنه سُنّة مؤكدة أو واجب، وإلا فما يظن أن التياسر سُنّة حتى يكون التيامن بدعة، إنما البدعة في رفع التيامن عن رتبته.
قاله في المصابيح.

ورواة هذا الحديث ما بين كوفي وواسطي وبصري، وفيه التحديث والإخبار والعنعنة، وثلاثة من التابعين، وأخرجه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجة: في الصلاة.
والله أعلم.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ الإنْفِتَالِ وِالإنْصِرَافِ عنِ اليَمِينِ والشِّمَالِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم الانفتال فِي آخر الصَّلَاة، وَهُوَ أَنه إِذا فرغ من الصَّلَاة يَنْفَتِل عَن يمينة إِن شَاءَ أَو عَن شِمَاله، وَلَا يتَقَيَّد بِوَاحِد مِنْهُمَا، كَمَا دلّ عَلَيْهِ أثر أنس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، يُقَال: فتلت الرجل عَن وَجهه فَانْفَتَلَ أَي: صرفته فَانْصَرف، فَقَالَ الْجَوْهَرِي: هُوَ قلب: لفت،.

     وَقَالَ : صرفت الرجل عني فَانْصَرف، وَالَّذِي يفهم من الِاسْتِعْمَال أَن الِانْصِرَاف أَعم من الانفتال، لِأَن فِي الانفتال لَا بُد من لفتة بِخِلَاف الِانْصِرَاف، فَإِنَّهُ يكون بلفتة وبغيرها، وَالْألف وَاللَّام فِي: الْيَمين وَالشمَال، عوض عَن الْمُضَاف إِلَيْهِ، أَي: عَن يَمِين الْمُصَلِّي وَعَن شِمَاله.

وكَانَ أنَسٌ يَنْفَتِلُ عنْ يَمِينِهِ وعنْ يَسَارِهِ وَيَعِيبُ عَلَى مَنْ يَتَوَخَّى أوْ مَنْ يَعْمَدُ الانْفِتَالَ عنْ يَمِينِهِ
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَهُوَ تَعْلِيق وَصله مُسَدّد فِي ( مُسْنده الْكَبِير) من طَرِيق سعيد عَن قَتَادَة قَالَ: ( كَانَ أنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَذكره) ..
     وَقَالَ  فِيهِ: ( ويعيب على من يتوخى ذَلِك أَن لَا يَنْفَتِل إلاّ عَن يَمِينه، وَيَقُول: يَدُور كَمَا يَدُور الْحمار) .
وَيدل عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ ابْن مَاجَه بِسَنَد صَحِيح: عَن عمر بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده: ( رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَنْفَتِل عَن يَمِينه وَعَن يسَاره فِي الصَّلَاة) .
وَكَذَلِكَ مَا رَوَاهُ ابْن حبَان فِي ( صَحِيحه) من حَدِيث قبيصَة بن هلب عَن أَبِيه قَالَ: ( أما رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَ ينْصَرف عَن جانبيه جَمِيعًا) .
وَأخرجه أَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه وَالتِّرْمِذِيّ.

     وَقَالَ : صَحَّ الْأَمْرَانِ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلَفظ أبي دَاوُد: حَدثنَا أَبُو الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ حَدثنَا شُعْبَة عَن سماك بن حَرْب عَن قبيصَة بن هلب، رجل من طي، عَن أَبِيه أَنه صلى مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَ ينْصَرف مَعَ شقيه، يَعْنِي مَعَ جَانِبي، يَعْنِي تَارَة عَن يَمِينه وَتارَة عَن شِمَاله.
وَلَفظ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة حَدثنَا أَبُو الْأَحْوَص عَن سماك بن حَرْب عَن قبيصَة بن هلب عَن أَبِيه قَالَ: ( كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يؤمنا فَيَنْصَرِف على جانبيه على يَمِينه وشماله) .

     وَقَالَ : حَدِيث حسن وَعَلِيهِ الْعَمَل عِنْد أهل الْعلم أَنه ينْصَرف على أَي جانبيه شَاءَ إِن شَاءَ عَن يَمِينه وَإِن شَاءَ عَن يسَاره.
ويروى عَن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه قَالَ: إِن كَانَت حَاجته عَن يَمِينه أَخذ عَن يَمِينه، وَإِن كَانَت حَاجته عَن يسَاره أَخذ عَن يسَاره.
وهلب، بِضَم الْهَاء وَسُكُون اللَّام، وَقيل: الصَّوَاب فِيهِ فتح الْهَاء وَكسر اللَّام، وَذكر بَعضهم فِيهِ: ضم الْهَاء وَفتحهَا وَكسرهَا، واسْمه: يزِيد بن عدي بن قنافة، وَيُقَال: يزِيد بن عَليّ بن قنافة، وَفد على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ أَقرع، فَمسح رَأسه فنبت شعره فَسُمي: هلبا فَإِن قلت: روى مُسلم عَن أنس من طَرِيق إِسْمَاعِيل بن عبد الرَّحْمَن السّديّ، قَالَ: ( سَأَلت أنسا: كَيفَ انْصَرف إِذا صليت؟ أعن يَمِيني أَو عَن يساري؟ قَالَ: أما أَنا فَأكْثر مَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينْصَرف عَن يَمِينه) .
فَهَذَا ظَاهره يُخَالف أثر أنس الْمَذْكُور.
قلت: لَا نسلم ذَلِك، لِأَنَّهُ لَا يدل على منع الِانْصِرَاف عَن الشمَال أَيْضا.
غَايَة مَا فِي الْبابُُ أَنه يدل على أَن أَكثر انْصِرَافه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ عَن يَمِينه، وعيب أنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، كَانَ على من يتوخى ذَلِك، أَي: يقْصد ويتحرى ذَلِك، فَكَأَنَّهُ يرى تحتمه ووجوبه.
وَأما إِذا لم يتوخ ذَلِك فيستوي فِيهِ الْأَمْرَانِ، وَلَكِن جِهَة الْيَمين تكون أولى.
قَوْله: ( يتوخى) ، بتَشْديد الْخَاء الْمُعْجَمَة.
قَوْله: ( أَو يعمد) ، شكّ من الرَّاوِي.



[ قــ :827 ... غــ :852 ]
- حدَّثنا أبُو الوَلِيدِ قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ عنْ سُلَيْمَانَ عنْ عُمَارَةَ بنِ عُمَيْرٍ عنِ الأسْوَدِ قَالَ قَالَ عَبْدُ الله لاَ يَجْعَلَنَّ أحَدُكُمْ لِلشَّيْطَانِ شَيْئا منْ صَلاَتِهِ يَرَى أنَّ حَقّا عَلَيْهِ أنْ لاَ يَنْصَرِفَ إلاّ عَنْ يَمِينِهِ لَقَدْ رَأيْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كثِيرا يَنْصَرِفُ عَنْ يَسَارِهِ ( الحَدِيث رقم ( 853) فِي صفحة 147) .


مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ أَنه يدل على جَوَاز الِانْصِرَاف عقيب السَّلَام من الصَّلَاة من الْجَانِبَيْنِ، أما من جَانب الْيَسَار فصريح فِي ذَلِك، وَأما من جَانب الْيَمين فبقوله: ( لَا يجعلن أحدكُم.
.
)
إِلَى آخِره.

ذكر رِجَاله: وهم سِتَّة: أَبُو الْوَلِيد هِشَام ابْن عبد الْملك، وَشعْبَة بن الْحجَّاج، وَسليمَان الْأَعْمَش، وَعمارَة، بِضَم الْعين وَتَخْفِيف الْمِيم: ابْن عُمَيْر، مصغر عَمْرو، وَالْأسود بن يزِيد النَّخعِيّ، وَعبد الله بن مَسْعُود.

ذكر لطائف إِسْنَاده: وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع.
والإخبار كَذَلِك فِي مَوضِع.
وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه: القَوْل فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عَن عمَارَة وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، عَن شُعْبَة عَن الْأَعْمَش سَمِعت عمَارَة بن عُمَيْر.
وَفِيه: ثَلَاثَة من التَّابِعين وهم: سُلَيْمَان وَعمارَة وَالْأسود كلهم كوفيون، وَشعْبَة واسطي، وَأَبُو الْوَلِيد شيخ البُخَارِيّ بَصرِي.

ذكر من أخرجه غَيره: أخرجه مُسلم عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَعَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَعَن عَليّ بن خشرم، وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الصَّلَاة أَيْضا عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم عَن شُعْبَة.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن عَمْرو بن عَليّ.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن عَليّ بن مُحَمَّد عَن وَكِيع وَعَن أبي بكر بن خَلاد.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( لَا يجعلن) ، بنُون التَّأْكِيد فِي رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: ( لَا يَجْعَل) ، بِدُونِ النُّون.
قَوْله: ( شَيْئا من صلَاته) ، وَفِي رِوَايَة مُسلم: ( جُزْءا من صلَاته) .
قَوْله: ( يرى) بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف بِمَعْنى: يعْتَقد أَو يرى، بِضَم الْيَاء بِمَعْنى: يظنّ، وَوجه ارتباط هَذِه الْجُمْلَة بِمَا قبلهَا هُوَ إِمَّا أَن يكون بَيَانا للجعل، أَو يكون استئنافا تَقْدِيره: كَيفَ يَجْعَل للشَّيْطَان من صلَاته؟ فَقَالَ: يرى أَن حَقًا عَلَيْهِ إِلَى آخِره.
قَوْله: ( حَقًا) مَنْصُوب لِأَنَّهُ اسْم، أَن، قَوْله: ( أَن لَا ينْصَرف) فِي مَحل الرّفْع على أَنه خبر: أَن، وَالْمعْنَى: يرى أَن وَاجِبا عَلَيْهِ عدم الِانْصِرَاف إلاّ عَن يَمِينه والكرماني تكلّف هَهُنَا فَقَالَ: أَن لَا ينْصَرف، معرفَة إِذْ تَقْدِيره: عدم الِانْصِرَاف، فَكيف وَقع خَبرا لِأَن واسْمه نكرَة؟ ثمَّ أجَاب بِأَن النكرَة الْمَخْصُوصَة كالمعرفة، أَو أَنه من بابُُ الْقلب، أَي: يرى أَن عدم الِانْصِرَاف حق عَلَيْهِ انْتهى.
قلت: هَذَا تعسف، وَظَاهر الْإِعْرَاب هُوَ الَّذِي ذكرته..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: وَفِي بعض الرِّوَايَات: أَن، بِغَيْر التَّشْدِيد فَهِيَ إِمَّا مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة، وَحقا، مفعول مُطلق.
وَفعله مَحْذُوف أَي: قد حق حَقًا.
وَأَن لَا ينْصَرف، فَاعل الْفِعْل الْمُقدر.
وَإِمَّا مَصْدَرِيَّة.
قلت: لم تصح رِوَايَة التَّخْفِيف حَتَّى يُوَجه بِهَذَا التَّوْجِيه.
قَوْله: ( كثيرا ينْصَرف عَن يسَاره) انتصاب كثير على أَنه صفة لصدر رَأَيْت محذوفا.
وَقَوله: ( ينْصَرف) جملَة حَالية وَفِي رِوَايَة مُسلم: ( أَكثر مَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينْصَرف عَن شِمَاله) .
فَإِن قلت: روى مُسلم عَن أنس أَنه قَالَ: ( أما أَنا فَأكْثر مَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينْصَرف عَن يَمِينه) ، وَبَينهمَا تعَارض، لِأَن كلا مِنْهُمَا قد عبر بِصِيغَة أفعل.
قلت: قَالَ النَّوَوِيّ: يجمع بَينهمَا بِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يفعل تَارَة هَذَا وَتارَة هَذَا، فَأخْبر كل مِنْهُمَا بِمَا اعْتقد أَنه الْأَكْثَر، وَإِنَّمَا كره ابْن مَسْعُود أَن يعْتَقد وجوب الِانْصِرَاف عَن الْيَمين، وَقد مر الْكَلَام فِي حكم هَذَا الْبابُُ عَن قريب مستقصًى.