بَابُ ذِكْرِ الْإِيمَانِ بِأَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى ، وَأَنَّ كَلَامَهُ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ فَقَدْ كَفَرَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ : اعْلَمُوا رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ أَنَّ قَوْلَ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ لَمْ يُزِغْ قُلُوبَهُمْ عَنِ الْحَقِّ ، وُوُفِّقُوا لِلرَّشَادِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ ؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ ، وَعِلْمُ اللَّهِ لَا يَكُونُ مَخْلُوقًا ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ ، وَقَوْلُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَقَوْلُ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ لَا يُنْكِرُ هَذَا إِلَّا جَهْمِيٌّ خَبِيثٌ ، وَالْجَهْمِيُّ فَعِنْدَ الْعُلَمَاءِ كَافِرٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ، وَقَالَ تَعَالَى : وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَقَالَ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ ، فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَهُوَ الْقُرْآنُ ، وَقَالَ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ : وَمِثْلُ هَذَا فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ وَقَالَ تَعَالَى : فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ وَقَالَ تَعَالَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ : لَمْ يَزَلِ اللَّهُ عَالِمًا مُتَكَلِّمًا سَمِيعًا بَصِيرًا بِصِفَاتِهِ قَبْلَ خَلْقِ الْأَشْيَاءِ ، مَنْ قَالَ غَيْرَ هَذَا كَفَرَ وَسَنَذْكُرُ مِنَ السُّنَنِ وَالْآثَارِ وَقَوْلِ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ لَا يُسْتَوْحَشُ مِنْ ذِكْرِهِمْ مَا إِذَا سَمِعَهَا مَنْ لَهُ عِلْمٌ وَعَقْلٌ ، زَادَهُ عِلْمًا وَفَهْمًا ، وَإِذَا سَمِعَهَا مَنْ فِي قَلْبِهِ زَيْغٌ ، فَإِنْ أَرَادَ اللَّهُ هِدَايَتَهُ إِلَى طَرِيقِ الْحَقِّ رَجَعَ عَنْ مَذْهَبِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ فَالْبَلَاءُ عَلَيْهِ أَعْظَمُ
161 أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْبُخَارِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الْعُمَرِيُّ قَالَ : سَمِعْتُ إِسْمَاعِيلَ بْنَ أَبِي أُوَيْسٍ يَقُولُ : سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ ، يَقُولُ : الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ , وَكَلَامُ اللَّهِ مِنَ اللَّهِ ، وَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ شَيْءٌ مَخْلُوقٌ |
162 حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ السَّقَطِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّارُ قَالَ : حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ قَالَ : كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَقُولُ : الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ ، وَيَسْتَفْظِعُ قَوْلَ مَنْ يَقُولُ : الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ , قَالَ مَالِكٌ : يُوجَعُ ضَرْبًا ، وَيُحْبَسُ حَتَّى يَمُوتَ |
163 حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ : سَأَلْتَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ فَقُلْتُ : مَا تَقُولُ فِيمَنْ يَقُولُ : الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ ؟ فَقَالَ : لَوْ أَنِّي عَلَى سُلْطَانٍ لَقُمْتُ عَلَى الْجِسْرِ ، فَكَانَ لَا يَمُرُّ بِي رَجُلٌ إِلَّا سَأَلْتُهُ ، فَإِذَا قَالَ : الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ ، ضَرَبْتُ عُنُقَهُ ، وَأَلْقَيْتُهُ فِي الْمَاءِ |
164 وَحَدَّثَنَا ابْنُ مَخْلَدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ قَالَ : قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ : لَوْ كَانَ لِيَ الْأَمْرُ لَقُمْتُ عَلَى الْجِسْرِ ، فَلَا يَمُرُّ بِي أَحَدٌ يَقُولُ : الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ ، إِلَّا ضَرَبْتُ عُنُقَهُ ، وَأَلْقَيْتُهُ فِي الْمَاءِ |
165 حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَ : قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ : وَذَكَرَ الْجَهْمِيَّةَ قَالَ : هُمْ وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ زَنَادِقَةٌ ، عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ |
166 حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ : حَدَّثَنَا حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَسَأَلَهُ يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ عَمَّنْ قَالَ : الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ ؟ فَقَالَ : مَنْ زَعَمَ أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ وَأَسْمَاءَهُ مَخْلُوقَةٌ فَقَدْ كَفَرَ ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : { فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ } أَفَلَيْسَ هُوَ الْقُرْآنُ ؟ فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ وَأَسْمَاءَهُ وَصِفَاتَهُ مَخْلُوقَةٌ فَهُوَ كَافِرٌ لَا يُشَكُّ فِي ذَلِكَ ، إِذَا أَعْتَقَدَ ذَلِكَ ، وَكَانَ رَأْيُهُ وَمَذْهَبُهُ وَكَانَ دِينًا يَتَدَيَّنُ بِهِ ، كَانَ عِنْدَنَا كَافِرٌ |
167 أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ أَيْضًا قَالَ : حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نُصَيْرٍ أَبُو عُثْمَانَ الْوَاسِطِيُّ فِي مَجْلِسِ خَلَفِ الْبَزَّارِ قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ : مَا يَقُولُ هَذِهِ الدُّوَيْبَةُ ؟ يَعْنِي بِشْرًا الْمِرِّيسِيُّ قَالُوا : يَا أَبَا مُحَمَّدٍ يَزْعُمُ أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ فَقَالَ : كَذَبَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ } فَالْخَلْقُ : خَلْقُ اللَّهِ ، وَالْأَمْرُ : الْقُرْآنُ |
168 أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ قَالَ : نا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَغَوِيُّ وَحَدَّثَنَا ابْنُ عَمِّ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ : سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ : وَسُئِلَ عَمَّنْ قَالَ : الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ ؟ فَقَالَ : كَافِرٌ |
169 قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ : أنا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ الْوَاسِطِيُّ قَالَ : سَمِعْتُ وَكِيعًا يَقُولُ : مَنْ قَالَ : الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ |
170 حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الْعَسْكَرِيُّ الْفَقِيهُ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ الطَّبَّاعِ قَالَ : سَمِعْتُ رَجُلًا سَأَلَ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ ، فَقَالَ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، أُصَلِّي خَلْفَ مَنْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ ؟ قَالَ : لَا ، قَالَ : فَأُصَلِّي خَلْفَ مَنْ يَقُولُ : الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ ؟ قَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ أَنْهَاكَ عَنْ مُسْلِمٍ ، وَتَسْأَلُنِي عَنْ كَافِرٍ ؟ |