بَابُ الْمُسْتَحَاضَةِ كَيْفَ تَتَطَهَّرُ لِلصَّلَاةِ



: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

384 فَذَكَرُوا مَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حدثنا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ : حدثنا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ : حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ مُسْتَحَاضَةٌ تَسْأَلُهُ , فَلَمْ يُفْتِهَا , وَقَالَ لَهَا : سَلِي غَيْرِي . قَالَ : فَأَتَتِ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَسَأَلَتْهُ , فَقَالَ لَهَا : لَا تُصَلِّي مَا رَأَيْتُ الدَّمَ , فَرَجَعَتْ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَخْبَرَتْهُ , فَقَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ : إِنْ كَادَ لَيُكَفِّرُكَ . قَالَ : ثُمَّ سَأَلْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ : تِلْكَ رِكْزَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ , أَوْ قُرْحَةٌ فِي الرَّحِمِ , اغْتَسِلِي عِنْدَ كُلِّ صَلَاتَيْنِ مَرَّةً , وَصَلِّ . قَالَ : فَلَقِيتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعْدُ , فَسَأَلْتُهُ , فَقَالَ : مَا أَجِدُ لَكَ إِلَّا مَا قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

385 حَدَّثَنَا ابْنُ خُزَيْمَةَ ، قَالَ : حدثنا حَجَّاجٌ ، قَالَ : حدثنا حَمَّادٌ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، قَالَ : قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : إِنَّ أَرْضَنَا أَرْضٌ بَارِدَةٌ . قَالَ : تُؤَخِّرُ الظُّهْرَ , وَتُعَجِّلُ الْعَصْرَ , وَتَغْتَسِلُ لَهُمَا غُسْلًا وَاحِدًا , وَتُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ , وَتُعَجِّلُ الْعِشَاءَ , وَتَغْتَسِلُ لَهُمَا غُسْلًا , وَتَغْتَسِلُ لِلْفَجْرِ غُسْلًا فَذَهَبَ هَؤُلَاءِ إِلَى هَذِهِ الْآثَارِ وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ , فَقَالُوا : تَدَعُ الْمُسْتَحَاضَةُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا , ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَتُصَلِّي

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

386 وَذَهَبُوا فِي ذَلِكَ إِلَى مَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ يُونُسَ السُّوسِيُّ قَالَ : حدثنا يَحْيَى بْنُ عِيسَى قَالَ : حدثنا الْأَعْمَشُ , عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ , عَنْ عُرْوَةَ , عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ; إِنِّي أُسْتَحَاضُ فَلَا يَنْقَطِعُ عَنِّي الدَّمُ , فَأَمَرَهَا أَنْ تَدَعَ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا ثُمَّ تَغْتَسِلَ وَتَتَوَضَّأَ لِكُلِّ صَلَاةٍ , وَتُصَلِّيَ وَإِنْ قَطَرَ الدَّمُ عَلَى الْحَصِيرِ قَطْرًا

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

387 حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ ، قَالَ : حدثنا أَبُو حَنِيفَةَ ، رَحِمَهُ اللَّهُ ح وَحَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ : حدثنا أَبُو نُعَيْمٍ ، قَالَ : حدثنا أَبُو حَنِيفَةَ ، رَحِمَهُ اللَّهُ , عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ ، أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : إِنِّي أَحِيضُ الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِحَيْضٍ وَإِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ مِنْ دَمِكَ ; فَإِذَا أَقْبَلَ الْحَيْضُ فَدَعِي الصَّلَاةَ وَإِذَا أَدْبَرَ فَاغْتَسِلِي لِطُهْرِكِ ; ثُمَّ تَوَضَّئِي عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

388 حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ ، قَالَ : حدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، قَالَ : قَرَأْتُ عَلَى شَرِيكٍ عَنْ أَبِي الْيَقِظَانِ ، ح وَحَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ : حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ ، قَالَ : أنا شَرِيكٌ ، عَنْ أَبِي الْيَقِظَانِ ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : الْمُسْتَحَاضَةُ تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ حَيْضِهَا ; ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَتَصُومُ وَتُصَلِّي قَالُوا : وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِثْلُ ذَلِكَ فَذَكَرُوا مَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ : حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ : أنا شَرِيكٌ , عَنْ أَبِي الْيَقِظَانِ , عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِثْلَهُ يَعْنِي مِثْلَ حَدِيثِهِ عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي الْفَصْلِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا . قَالَ : فِيمَا رَوَيْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ . فَعَارَضَهُمْ مُعَارِضٌ فَقَالَ : أَمَّا حَدِيثُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الَّذِي رَوَاهُ عَنْ هِشَامٍ ; عَنْ عُرْوَةَ فَخَطَأٌ . وَذَلِكَ أَنَّ الْحُفَّاظَ ; عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ رَوَوْهُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

389 فَذَكَرُوا مَا حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : أنا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي عَمْرٌو ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَمَالِكٌ ، وَاللَّيْثُ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُمْ عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : أَنَّ فَاطِمَةَ ابْنَةَ أَبِي حُبَيْشٍ جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ تُسْتَحَاضُ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي وَاللَّهِ مَا أَطْهَرُ أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ أَبَدًا ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ ; وَلَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ ; فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَاتْرُكِي الصَّلَاةَ , وَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا , فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ ثُمَّ صَلِّي حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ قَالَ : حدثنا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ : حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ , عَنْ أَبِيهِ وَهِشَامٍ , كِلَيْهِمَا عَنْ عُرْوَةَ , عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مِثْلَهُ فَهَكَذَا رَوَى الْحُفَّاظُ , هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ , لَا كَمَا رَوَاهُ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى . فَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ , أَنَّ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ , قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ , عَنْ هِشَامٍ , فَزَادَ فِيهِ حَرْفًا يَدُلُّ عَلَى مُوَافَقَتِهِ لِأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، قَالَ : حدثنا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ ، قَالَ : حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ حَدِيثِ يُونُسَ , عَنِ ابْنِ وَهْبٍ , وَحَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ , غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ : فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا , فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ , وَتَوَضَّئِي وَصَلِّي فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهَا بِالْوُضُوءِ مَعَ أَمْرِهِ إِيَّاهَا بِالْغُسْلِ , فَذَلِكَ الْوُضُوءُ , هُوَ الْوُضُوءُ لِكُلِّ صَلَاةٍ , فَهَذَا مَعْنَى حَدِيثِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَيْسَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عِنْدَكُمْ , فِي هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ , بِدُونِ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ وَعَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ . فَقَدْ ثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا صِحَّةُ الرِّوَايَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ أَنَّهَا تَتَوَضَّأُ فِي حَالِ اسْتِحَاضَتِهَا لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ . إِلَّا أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ فِي هَذَا الْبَابِ . فَأَرَدْنَا أَنْ نَنْظُرَ فِي ذَلِكَ , لِنَعْلَمَ مَا الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُعْمَلَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ ؟ فَكَانَ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا رَوَيْنَاهُ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ , أَنَّهُ أَمَرَ أُمَّ حَبِيبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِنْتَ جَحْشٍ بِالْغُسْلِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ فَقَدْ ثَبَتَ نَسْخُ ذَلِكَ , بِمَا قَدْ رَوَيْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ هَذَا الْبَابِ , فِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي دَاوُدَ عَنِ الْوَهْبِيِّ , فِي أَمْرِ سَهْلَةَ بِنْتِ سُهَيْلٍ , فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَمَرَهَا بِالْغُسْلِ لِكُلِّ صَلَاةٍ . فَلَمَّا أَجْهَدَهَا ذَلِكَ أَمَرَهَا أَنْ تَجْمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِغُسْلٍ , وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْغِشَاءِ , بِغُسْلٍ , وَتَغْتَسِلُ لِلصُّبْحِ غُسْلًا فَكَانَ مَا أَمَرَهَا بِهِ مِنْ ذَلِكَ , نَاسِخًا لَمَا كَانَ أَمَرَهَا بِهِ قَبْلَ ذَلِكَ , مِنَ الْغُسْلِ لِكُلِّ صَلَاةٍ . فَأَرَدْنَا أَنْ نَنْظُرَ فِيمَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ , كَيْفَ مَعْنَاهُ ؟ فَإِذَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ , قَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِيهِ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ الَّتِي اسْتُحِيضَتْ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاخْتَلَفَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي ذَلِكَ . فَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْهُ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهَا بِذَلِكَ , وَأَنْ تَدَعَ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا . وَرَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَيْضًا , عَنْ أَبِيهِ , وَلَمْ يَذْكُرْ زَيْنَبَ , إِلَّا أَنَّهُ وَافَقَ الثَّوْرِيَّ فِي مَعْنَى مَتْنِ الْحَدِيثِ , فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى الْجَمْعِ بَيْنَ كُلِّ صَلَاتَيْنِ بِغُسْلٍ فِي أَيَّامِ الِاسْتِحَاضَةِ خَاصَّةً . فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ أَيَّامَ الْحَيْضِ , كَانَ مَوْضِعُهَا مَعْرُوفًا . ثُمَّ جَاءَ شُعْبَةُ , فَرَوَاهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَمَا رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ , وَابْنُ عُيَيْنَةَ , غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ أَيَّامَ الْأَقْرَاءِ وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ . فَلَمَّا رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ كَمَا ذَكَرْنَا , فَاخْتَلَفُوا فِيهِ , كَشَفْنَاهُ , لِنَعْلَمَ مِنْ أَيْنَ جَاءَ الِاخْتِلَافُ , فَكَانَ ذِكْرُ أَيَّامِ الْأَقْرَاءِ فِي حَدِيثِ الْقَاسِمِ عَنْ زَيْنَبَ , وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِهِ , عَنْ عَائِشَةَ , فَوَجَبَ أَنْ يَجْعَلَ رِوَايَتَهُ عَنْ زَيْنَبَ , غَيْرَ رِوَايَتِهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَكَانَ حَدِيثُ زَيْنَبَ الَّذِي فِيهِ ذِكْرُ الْأَقْرَاءِ , حَدِيثًا مُنْقَطِعًا لَا يُثْبِتُهُ أَهْلُ الْخَبَرِ لِأَنَّهُمْ لَا يَحْتَجُّونَ بِالْمُنْقَطِعِ وَإِنَّمَا جَاءَ انْقِطَاعُهُ , لِأَنَّ زَيْنَبَ لَمْ يُدْرِكْهَا الْقَاسِمُ وَلَمْ يُولَدْ فِي زَمَنِهَا , لِأَنَّهَا تُوُفِّيَتْ فِي عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , وَهِيَ أَوَّلُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَاةً بَعْدَهُ . وَكَانَ حَدِيثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا هُوَ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْأَقْرَاءِ , إِنَّمَا فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ الْمُسْتَحَاضَةَ أَنْ تَجْمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِغُسْلٍ , عَلَى مَا فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ , وَلَمْ يُبَيِّنْ أَيُّ مُسْتَحَاضَةٍ هِيَ ؟ فَقَدْ وَجَدْنَا اسْتِحَاضَةً قَدْ تَكُونُ عَلَى مَعَانِي مُخْتَلِفَةٍ . فَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ مُسْتَحَاضَةٌ , قَدِ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ , وَأَيَّامُ حَيْضِهَا مَعْرُوفَةٌ لَهَا . فَسَبِيلُهَا أَنْ تَدَعَ الصَّلَاةَ أَيَّامَ حَيْضِهَا , ثُمَّ تَغْتَسِلَ وَتَتَوَضَّأَ بَعْدَ ذَلِكَ . وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ مُسْتَحَاضَةٌ , لِأَنَّ دَمَهَا قَدِ اسْتَمَرَّ بِهَا , فَلَا يَنْقَطِعُ عَنْهَا , وَأَيَّامُ حَيْضِهَا قَدْ خَفِيَتْ عَلَيْهَا . فَسَبِيلُهَا أَنْ تَغْتَسِلَ لِكُلِّ صَلَاةٍ , لِأَنَّهَا لَا يَأْتِي عَلَيْهَا وَقْتٌ إِلَّا احْتَمَلَ أَنْ تَكُونَ فِيهِ حَائِضًا أَوْ طَاهِرًا مِنْ حَيْضٍ أَوْ مُسْتَحَاضَةً , فَيُحْتَاطُ لَهَا فَتُؤْمَرُ بِالْغُسْلِ . وَمِنْهَا أَنْ تَكُونَ مُسْتَحَاضَةٌ , قَدْ خَفِيَتْ عَلَيْهَا أَيَّامَ حَيْضِهَا , وَدَمُهَا غَيْرُ مُسْتَمِرٍّ بِهَا , يَنْقَطِعُ سَاعَةً , وَيَعُودُ بَعْدَ ذَلِكَ هَكَذَا هِيَ فِي أَيَّامِهَا كُلِّهَا . فَتَكُونُ قَدْ أَحَاطَ عِلْمُهَا أَنَّهَا فِي وَقْتِ انْقِطَاعِ دَمِهَا , إِذَا اغْتَسَلَتْ حِينَئِذٍ , غَيْرُ طَاهِرٍ مِنْ حَيْضٍ , طُهْرًا يُوجِبُ عَلَيْهَا غُسْلًا . فَلَهَا أَنْ تُصَلِّيَ فِي حَالِهَا تِلْكَ مَا أَرَادَتْ مِنَ الصَّلَوَاتِ بِذَلِكَ الْغُسْلِ إِنْ أَمْكَنَهَا ذَلِكَ . فَلَمَّا وَجَدْنَا الْمَرْأَةَ قَدْ تَكُونُ مُسْتَحَاضَةً بِكُلِّ وَجْهٍ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ , الَّتِي مَعَانِيهَا مُخْتَلِفَةٌ , وَأَحْكَامُهَا مُخْتَلِفَةٌ , وَاسْمُ الْمُسْتَحَاضَةِ يَجْمَعُهَا وَلَمْ نَجِدْ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ذَلِكَ , بَيَانُ اسْتِحَاضَةِ تِلْكَ الْمَرْأَةِ الَّتِي أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا بِمَا ذَكَرْنَا , أَيُّ مُسْتَحَاضَةٍ هِيَ ؟ لَمْ يَجُزْ لَنَا أَنْ نَحْمِلَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهٍ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ , دُونَ غَيْرِهِ , إِلَّا بِدَلِيلٍ يَدُلُّنَا عَلَى ذَلِكَ . فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ هَلْ نَجِدُ فِيهِ دَلِيلًا ؟ فَإِذَا

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

390 بَكْرُ بْنُ إِدْرِيسَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حدثنا آدَمُ قَالَ : حدثنا شُعْبَةُ قَالَ : حدثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ وَالْمُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ وَبَيَانٌ , قَالُوا : سَمِعْنَا عَامِرَ الشَّعْبِيِّ يُحَدِّثُ عَنْ قُمَيْرٍ , امْرَأَةَ مَسْرُوقٍ , عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ : تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ حَيْضِهَا , ثُمَّ تَغْتَسِلُ غُسْلًا وَاحِدًا , وَتَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ ، وَعَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ ، قَالَا : حدثنا أَبُو نُعَيْمٍ ، قَالَا : حدثنا سُفْيَانُ ، عَنْ فِرَاسٍ ، وَبَيَانٌ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ فَلَمَّا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مَا ذَكَرْنَا مِنْ قَوْلِهَا الَّذِي أَفْتَتْ بِهِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ حُكْمِ الْمُسْتَحَاضَةِ أَنَّهَا تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ , وَمَا ذَكَرْنَا أَنَّهَا تَجْمَعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِغُسْلٍ , وَمَا ذَكَرْنَا أَنَّهَا تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ , وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ كُلُّهُ عَنْهَا ثَبَتَ بِجَوَابِهَا ذَلِكَ , أَنَّ ذَلِكَ الْحُكْمَ هُوَ النَّاسِخُ لِلْحُكْمَيْنِ الْآخَرَيْنِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا عَلَيْهَا أَنْ تَدَعَ النَّاسِخَ , وَتُفْتِيَ بِالْمَنْسُوخِ , وَلَوْلَا ذَلِكَ , لَسَقَطَتْ رِوَايَتُهَا . فَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّ هَذَا هُوَ النَّاسِخُ لِمَا ذَكَرْنَا , وَجَبَ الْقَوْلُ بِهِ , وَلَمْ يَجُزْ خِلَافُهَا . هَذَا وَجْهٌ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعَانِي هَذِهِ الْآثَارِ عَلَيْهِ . وَقَدْ يَجُوزُ فِي هَذَا وَجْهٌ آخَرُ , يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فَاطِمَةَ ابْنَةِ أَبِي حُبَيْشٍ لَا يُخَالِفُ مَا رُوِيَ عَنْهُ , فِي أَمْرِ سَهْلَةَ ابْنَةِ سُهَيْلٍ لِأَنَّ فَاطِمَةَ ابْنَةَ أَبِي حُبَيْشٍ , كَانَتْ أَيَّامُهَا مَعْرُوفَةً , وَسَهْلَةَ كَانَتْ أَيَّامُهَا مَجْهُولَةً إِلَّا أَنَّ دَمَهَا يَنْقَطِعُ فِي أَوْقَاتٍ , وَيَعُودُ فِي أَوْقَاتٍ وَهِيَ قَدْ أَحَاطَ عِلْمُهَا أَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ مِنَ الْحَيْضِ بَعْدَ غُسْلِهَا إِلَى أَنْ صَلَّتِ الصَّلَاتَيْنِ جَمِيعًا . فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَإِنَّا نَقُولُ بِالْحَدِيثَيْنِ جَمِيعًا , فَنَجْعَلُ حُكْمَ حَدِيثِ فَاطِمَةَ عَلَى مَا صَرَفْنَاهُ إِلَيْهِ , وَنَجْعَلُ حُكْمَ حَدِيثِ سَهْلَةَ , عَلَى مَا صَرَفْنَاهُ أَيْضًا إِلَيْهِ . وَأَمَّا حَدِيثُ أُمِّ حَبِيبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا , فَقَدْ رُوِيَ مُخْتَلِفًا . فَبَعْضُهُمْ يَذْكُرُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهَا بِالْغُسْلِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ , وَلَمْ يَذْكُرْ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَمَرَهَا بِذَلِكَ , لِيَكُونَ ذَلِكَ الْمَاءُ عِلَاجًا لَهَا , لِأَنَّهَا تُقَلِّصُ الدَّمَ فِي الرَّحِمِ , فَلَا يَسِيلُ . وَبَعْضُهُمْ يَرْوِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهَا أَنْ تَدَعَ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا , ثُمَّ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ . فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ الْعِلَاجَ . وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ مَا ذَكَرْنَا فِي الْفَصْلِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا , لِأَنَّ دَمَهَا سَائِلٌ دَائِمُ السَّيَلَانِ , فَلَيْسَتْ صَلَاةٌ إِلَّا يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ عِنْدَهَا طَاهِرًا مِنْ حَيْضٍ لَيْسَ لَهَا أَنْ تُصَلِّيهَا إِلَّا بَعْدَ الِاغْتِسَالِ , فَأَمَرَهَا بِالْغُسْلِ لِذَلِكَ . فَإِنْ كَانَ هَذَا هُوَ مَعْنَى حَدِيثِهَا , فَإِنَّا كَذَلِكَ نَقُولُ أَيْضًا فِيمَنِ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ , وَلَمْ تَعْرِفْ أَيَّامَهَا . فَلَمَّا احْتَمَلَتْ هَذِهِ الْآثَارُ مَا ذَكَرْنَا وَرَوَيْنَا عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مِنْ قَوْلِهَا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا وَصَفْنَا ثَبَتَ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ حُكْمُ الْمُسْتَحَاضَةِ , الَّتِي لَا تَعْرِفُ أَيَّامَهَا , وَثَبَتَ أَنَّ مَا خَالَفَ ذَلِكَ , مِمَّا رُوِيَ عَنْهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مُسْتَحَاضَةٍ , اسْتِحَاضَتُهَا , غَيْرُ اسْتِحَاضَةِ هَذِهِ , أَوْ فِي مُسْتَحَاضَةٍ , اسْتِحَاضَتُهَا مِثْلُ اسْتِحَاضَةِ هَذِهِ . إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ ، عَلَى أَيِّ الْمَعَانِي كَانَ ، فَمَا رُوِيَ فِي أَمْرِ فَاطِمَةَ ابْنَةِ أَبِي حُبَيْشٍ , أَوْلَى لِأَنَّ مَعَهُ الِاخْتِيَارَ مِنْ عَائِشَةَ لَهُ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ عَلِمَتْ مَا خَالَفَهُ , وَمَا وَافَقَهُ مِنْ قَوْلِهِ . وَكَذَلِكَ أَيْضًا مَا رَوَيْنَاهُ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ أَنَّهَا تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَمَا رَوَيْنَاهُ عَنْهُ أَنَّهَا تَجْمَعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِغُسْلٍ وَمَا رَوَيْنَاهُ عَنْهُ أَنَّهَا تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا , ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ إِنَّمَا اخْتَلَفَتْ أَقْوَالُهُ فِي ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الِاسْتِحَاضَةِ الَّتِي أَفْتَى فِيهَا بِذَلِكَ . وَأَمَّا مَا رَوَوْا عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي اغْتِسَالِهَا لِكُلِّ صَلَاةٍ , فَوَجْهُ ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنَّهَا كَانَتْ تَتَعَالَجُ بِهِ . فَهَذَا حُكْمُ هَذَا الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ الْآثَارِ , وَهِيَ الَّتِي يُحْتَجُّ بِهَا فِيهِ . ثُمَّ اخْتَلَفَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّهَا تَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ . فَقَالَ بَعْضُهُمْ : تَتَوَضَّأُ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَزُفَرَ , وَأَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ تَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ , وَلَا يَعْرِفُونَ ذِكْرَ الْوَقْتِ فِي ذَلِكَ . فَأَرَدْنَا نَحْنُ أَنْ نَسْتَخْرِجَ مِنَ الْقَوْلَيْنِ , قَوْلًا صَحِيحًا . فَرَأَيْنَاهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهَا إِذَا تَوَضَّأَتْ فِي وَقْتِ صَلَاةٍ , فَلَمْ تُصَلِّ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ , فَأَرَادَتْ أَنْ تُصَلِّيَ بِذَلِكَ الْوُضُوءِ ، أَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ لَهَا حَتَّى تَتَوَضَّأَ وُضُوءًا جَدِيدًا . وَرَأَيْنَاهَا لَوْ تَوَضَّأَتْ فِي وَقْتِ صَلَاةٍ فَصَلَّتْ , ثُمَّ أَرَادَتْ أَنْ تَتَطَوَّعَ بِذَلِكَ الْوُضُوءِ كَانَ ذَلِكَ لَهَا مَا دَامَتْ فِي الْوَقْتِ . فَدَلَّ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ الَّذِي يَنْقُضُ تَطَهُّرَهَا هُوَ خُرُوجُ الْوَقْتِ , وَأَنَّ وُضُوءَهَا يُوجِبُهُ الْوَقْتُ لَا الصَّلَاةُ , وَقَدْ رَأَيْنَاهَا لَوْ فَاتَتْهَا صَلَوَاتٌ , فَأَرَادَتْ أَنْ تَقْضِيَهُنَّ كَانَ لَهَا أَنْ تَجْمَعَهُنَّ فِي وَقْتِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ . فَلَوْ كَانَ الْوُضُوءُ يَجِبُ عَلَيْهَا لِكُلِّ صَلَاةٍ , لَكَانَ يَجِبُ أَنْ تَتَوَضَّأَ لِكُلِّ صَلَاةٍ مِنَ الصَّلَوَاتِ الْفَائِتَاتِ . فَلَمَّا كَانَتْ تُصَلِّيهِنَّ جَمِيعًا بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ , ثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الْوُضُوءَ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهَا , هُوَ لِغَيْرِ الصَّلَاةِ , وَهُوَ الْوَقْتُ . وَحُجَّةٌ أُخْرَى , أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا الطَّهَارَاتِ تَنْتَقِضُ بِأَحْدَاثٍ , مِنْهَا الْغَائِطُ , وَالْبَوْلُ . وَطِهَارَاتٍ تَنْتَقِضُ بِخُرُوجِ أَوْقَاتٍ , وَهِيَ الطَّهَارَةُ بِالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ , يَنْقُضُهَا خُرُوجُ وَقْتِ الْمُسَافِرِ وَخُرُوجُ وَقْتِ الْمُقِيمِ . وَهَذِهِ الطَّهَارَاتُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا , لَمْ نَجِدْ فِيمَا يَنْقُضُهَا صَلَاةً , إِنَّمَا يَنْقُضُهَا حَدَثٌ , أَوْ خُرُوجُ وَقْتٍ . وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ طَهَارَةَ الْمُسْتَحَاضَةِ , طَهَارَةٌ يَنْقُضُهَا الْحَدَثُ وَغَيْرُ الْحَدَثِ . فَقَالَ قَوْمٌ : هَذَا الَّذِي هُوَ غَيْرُ الْحَدَثِ , هُوَ خُرُوجُ الْوَقْتِ . وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ فَرَاغٌ مِنْ صَلَاةٍ , وَلَمْ نَجِدِ الْفَرَاغَ مِنَ الصَّلَاةِ حَدَثًا فِي شَيْءٍ غَيْرَ ذَلِكَ , وَقَدْ وَجَدْنَا خُرُوجَ الْوَقْتِ حَدَثًا فِي غَيْرِهِ . فَأَوْلَى الْأَشْيَاءِ أَنْ نَرْجِعَ فِي هَذَا الْحَدَثِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ , فَنَجْعَلَهُ كَالْحَدَثِ الَّذِي قَدْ أُجْمِعَ عَلَيْهِ وَوُجِدَ لَهُ أَصْلٌ وَلَا نَجْعَلَهُ كَمَا لَمْ يُجْمَعْ عَلَيْهِ , وَلَمْ نَجِدْ لَهُ أَصْلًا . فَثَبَتَ بِذَلِكَ قَوْلُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهَا تَتَوَضَّأُ لِكُلِّ وَقْتِ صَلَاةٍ , وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَأَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ , رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،