هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
104 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ أَتَى عَائِشَةَ ، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ لَهَا : لَقَدْ شَقَّ عَلَيَّ اخْتِلَافُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَمْرٍ ، إِنِّي لَأُعْظِمُ أَنْ أَسْتَقْبِلَكِ بِهِ . فَقَالَتْ مَا هُوَ ؟ مَا كُنْتَ سَائِلًا عَنْهُ أُمَّكَ ، فَسَلْنِي عَنْهُ . فَقَالَ : الرَّجُلُ يُصِيبُ أَهْلَهُ ثُمَّ يُكْسِلُ وَلَا يُنْزِلُ ؟ فَقَالَتْ : إِذَا جَاوَزَ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ . فَقَالَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ لَا أَسْأَلُ عَنْ هَذَا أَحَدًا ، بَعْدَكِ أَبَدًا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
104 وحدثني عن مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب أن أبا موسى الأشعري أتى عائشة ، زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال لها : لقد شق علي اختلاف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في أمر ، إني لأعظم أن أستقبلك به . فقالت ما هو ؟ ما كنت سائلا عنه أمك ، فسلني عنه . فقال : الرجل يصيب أهله ثم يكسل ولا ينزل ؟ فقالت : إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل . فقال أبو موسى الأشعري لا أسأل عن هذا أحدا ، بعدك أبدا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شرح الحديث من شرح الزرقاني

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، وَعُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، وَعَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانُوا يَقُولُونَ: إِذَا مَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ.


( مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَعَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا يَقُولُونَ: إِذَا مَسَّ الْخِتَانُ) أي موضع القطع من الذكر ( الْخِتَانَ) أي موضعه من فرج الأنثى وهو مشاكلة لأنه إنما يسمى خفاضًا لغة كقوله صلى الله عليه وسلم اخفضي ( فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ) وإن لم ينزل، والمراد بالمس والالتقاء في خبر إذا التقى المجاوزة كرواية الترمذي بلفظ: إذا جاوز، وليس المراد حقيقة المس لأنه لا يتصور عند غيبة الحشفة فلو وقع مس بلا إيلاج لم يجب الغسل بالإجماع.
وصدر الإمام بهذا الخبر إشارة لدفع ما رواه زيد بن خالد الجهني أنه سأل عثمان إذا جامع الرجل فلم يمن؟ قال عثمان: يتوضأ كما يتوضأ للصلاة ويغسل ذكره سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال زيد: فسألت عن ذلك عليًا والزبير وطلحة وأبي بن كعب فأمروه بذلك رواه الشيخان واللفظ للبخاري وللإسماعيلي فقالوا بمثل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الإمام أحمد: حديث معلول لأنه ثبت عن هؤلاء الخمسة الفتوى بخلاف هذا الحديث، وقال علي بن المديني: إنه شاذ.

قال ابن عبد البر: ومحال أن يسمعوا من النبي صلى الله عليه وسلم إسقاط الغسل من التقاء الختانين ثم يفتوا بإيجابه.
وأجاب الحافظ وغيره: بأن الحديث ثابت من جهة اتصال إسناده وحفظ رواته وليس هو فردًا ولا يقدح فيه إفتاؤهم بخلافه لأنه ثبت عندهم ناسخه فذهبوا إليه فكم من حديث منسوخ وهو صحيح من حيث الصناعة الحديثية.

وقد ذهب الجمهور إلى نسخه بحديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل.
رواه الشيخان وأبو داود والنسائي وابن ماجه: وبحديث عائشة نحوه مرفوعًا في مسلم وغيره، وروى أحمد والشافعي والنسائي وابن ماجه والترمذي وقال حديث حسن صحيح وابن حبان وصححه عن عائشة مرفوعًا: إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل، وبما رواه أحمد وأبو داود وغيرهما عن سهل بن سعد حدثني أبي بن كعب أن الفتيا التي كانوا يقولون الماء من الماء رخصة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص بها في أوّل الإسلام ثم أمر بالاغتسال بعد.
صححه ابن خزيمة وابن حبان وغيرهما.

قال الحافظ: على أن حديث الغسل وإن لم ينزل أرجح لأنه بالمنطوق من حديث الماء من الماء لأنه بالمفهوم أو بالمنطوق أيضًا لكن ذاك أصرح منه.

وروى ابن أبي شيبة وغيره عن ابن عباس أنه حمل حديث الماء من الماء على صورة مخصوصة وهي ما يقع في المنام من رؤية الجماع وهو تأويل يجمع بين الحديثين من غير تعارض اهـ.

ونحوه قول ابن عبد البر: حديث الماء من الماء لا حجة فيه لأنه لا يدفع أن يكون الماء من التقاء الختانين ولا خلاف أن الماء من الماء.
وقال ابن عباس: إنما الماء من الماء في الاحتلام يريد لأنه لا يجب في الاحتلام على من رأى أنه يجامع ولم ينزل غسل وهذا لا خلاف فيه اهـ.

وفيه عندي وقفة ففي مسلم عن أبي سعيد خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين إلى قبا حتى إذا كنا في بني سالم وقف صلى الله عليه وسلم على باب عتبان فصرخ به فخرج يجر إزاره فقال صلى الله عليه وسلم: أعجلنا الرجل فقال عتبان يا رسول الله أرأيت الرجل يعجل عن امرأته ولم يمن ماذا عليه؟ فقال صلى الله عليه وسلم: إنما الماء من الماء ومعلوم أن صورة السبب قطعية الدخول، وقد أتى الحديث بأداة الحصر جوابًا عن سؤال من أولج ولم يمن فلا يصح قولهما إنه لا يدفع كونه من التقاء الختانين وهو أيضًا متأكد لحمله على رؤيا المنام فالصواب أنه منسوخ، ولذا عقب مسلم هذا الحديث بما رواه عن العلاء بن الشخير قال: كان صلى الله عليه وسلم ينسخ حديثه بعضه بعضًا كما ينسخ القرآن بعضه بعضًا والله أعلم.

( مَالِكٍ عَنْ أَبِي النَّضْرِ) بالنون والضاد المعجمة سالم بن أبي أمية ( مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ) بضم العين ( عَنْ أَبِي سَلَمَةَ) إسماعيل أو عبد الله أو اسمه كنيته ( بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ؟ فَقَالَتْ) تلاطفه أو تعاتبه ( هَلْ تَدْرِي مَا مَثَلُكَ يَا أَبَا سَلَمَةَ) فكأنه قال لا قالت مثلك ( مَثَلُ الْفَرُّوجِ) قال المجد: كتنور ويضم كسبوح فرخ الدجاج ( يَسْمَعُ الدِّيَكَةَ) بزنة عنبة جمع ديك ويجمع أيضًا على ديوك ذكر الدجاج ( تَصْرُخُ) بضم الراء تصيح ( فَيَصْرُخُ مَعَهَا) .

قال ابن عبد البر: عاتبته بهذا الكلام لأنه قلد فيه من لا علم له به لأنها كانت أعلم به لمكانها من النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كان أبو سلمة لا يغتسل من التقاء الختانين لروايته عن أبي سعيد حديث الماء من الماء فلذلك نفرته عنه.
وقال الباجي: يحتمل أنه كان في زمن الصبا قبل البلوغ يسأل عن مسائل الجماع وهو لا يعرفه إلا بالسماع كالفروج يصرخ لسماع الديكة وإن لم يبلغ حد الصراخ، ويحتمل أنه لم يبلغ مبلغ الكلام في العلم لكنه يسمع الرجال يتكلمون فيه فيتكلم معهم.

( إِذَا جَاوَزَ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ) .
وهذا رواه الإمام أحمد والترمذي من وجه آخر عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ، وأخرجه الطبراني في الكبير عن أبي أمامة وعن رافع بن خديج والشيرازي في الألقاب عن معاذ بن جبل كلهم مرفوعًا به.

( مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ) بن قيس الأنصاري ولقيس صحبة ( عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ) ابن حزن التابعي الكبير ولأبيه وجده صحبة ( أَنَّ أَبَا مُوسَى) عبد الله بن قيس ( الْأَشْعَرِيَّ) الصحابي المشهور ( أَتَى عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهَا: لَقَدْ شَقَّ) صعب ( عَلَيَّ اخْتِلَافُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَمْرٍ إِنِّي لَأُعْظِمُ) أفخم وأكبر ( أَنْ أَسْتَقْبِلَكِ) أواجهك ( بِهِ) لكونه مما يستحيى من ذكره للنساء ( فَقَالَتْ مَا هُوَ؟) فإنه لا حياء في الدين ثم آنسته بقولها ( مَا كُنْتَ سَائِلًا عَنْهُ أُمَّكَ فَسَلْنِي عَنْهُ) زادت في مسلم فإنما أنا أمك ( فَقَالَ:) أبو موسى ( الرَّجُلُ يُصِيبُ أَهْلَهُ) يجامع حليلته ( ثُمَّ يُكْسِلُ وَلَا يُنْزِلُ) بضم الياء وكسر السين من أكسل أو بفتح الياء والسين من كسل من باب فرح يفرح.

قال ابن الأثير: أكسل الرجل إذا جامع ثم أدركه فتور فلم ينزل ومعناه صار ذا كسل، وفي كتاب العين كسل الفحل إذا فتر عن الضراب، وفي القاموس: الكسل التثاقل عن الشيء والفتور فيه كسل كفرح إلى أن قال وأكسله الأمر.

( فَقَالَتْ: إِذَا جَاوَزَ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ) قال ابن عبد البر: هذا وإن لم ترفعه ظاهرًا يدخل في المرفوع بالمعنى والنظر لأنه محال أن ترى عائشة نفسها في رأيها حجة على الصحابة المختلفين فيه ومحال أن يسلم أبو موسى لها قولها من رأيها، وقد خالفها صحابة برأيهم وكل واحد ليس بحجة على صاحبه في الرأي فلم يبق إلا أن أبا موسى علم أن ما احتجت به كان من النبي صلى الله عليه وسلم.

( فَقَالَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ: لَا أَسْأَلُ عَنْ هَذَا أَحَدًا بَعْدَكِ أَبَدًا) وتقدم أنه ورد عنها مرفوعًا بهذا اللفظ في الترمذي وأحمد، وأخرج مسلم عن أبي موسى قال: اختلف في ذلك رهط من المهاجرين والأنصار فقال الأنصار: لا يجب الغسل إلا من الماء، وقال المهاجرون: بل إذا خالط فقد وجب الغسل.
قال أبو موسى: فأنا أشفيكم في ذلك فقمت فاستأذنت على عائشة فأذن لي فقلت لها: يا أماه أو يا أم المؤمنين إني أسألك عن شيء وإني استحييتك.
فقالت: لا تستح أن تسأل عما كنت سائلاً عنه أمك التي ولدتك فإنما أنا أمك.
قلت: ما يوجب الغسل؟ قالت: على الخبير سقطت.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا جلس بين شعبها الأربع ومس الختان الختان فقد وجب الغسل.

وأخرج أيضًا من رواية أم كلثوم عن عائشة أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجامع أهله ثم يكسل هل عليهما الغسل وعائشة جالسة فقال صلى الله عليه وسلم: إني لأفعل ذلك أنا وهذه ثم نغتسل.

( مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ) الحميري المدني ( مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ) صدوق روى له مسلم والنسائي ( أَنَّ مَحْمُودَ بْنَ لَبِيدٍ) بفتح اللام وكسر الموحدة ابن عقبة بن رافع ( الْأَنْصَارِيَّ) الأوسي الأشهلي أبا نعيم المدني صحابي صغير وجل روايته عن الصحابة مات سنة ست وتسعين وقيل سنة سبع وله تسع وتسعون سنة.

( سَأَلَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ) أحد كتاب الوحي ( عَنِ الرَّجُلِ يُصِيبُ أَهْلَهُ ثُمَّ يُكْسِلُ وَلَا يُنْزِلُ فَقَالَ زَيْدٌ يَغْتَسِلُ فَقَالَ لَهُ مَحْمُودٌ إِنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ كَانَ لَا يَرَى الْغُسْلَ فَقَالَ لَهُ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ إِنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ نَزَعَ) بنون وزاي كف وأقلع ورجع ( عَنْ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ) .
وفي رجوعه دليل على أنه صح عنده أنه منسوخ ولولا ذلك لما رجع عنه.

قال ابن عبد البر: ومر أن أبيًا روى الأمر بالاغتسال عن المصطفى، وروى ابن أبي شيبة والطبراني بإسناد حسن عن رفاعة بن رافع قال: كنت عند عمر فقيل له إن زيد بن ثابت يفتي الناس في المسجد بأنه لا غسل على من يجامع ولم ينزل فقال عمر: علي به فأتي به فقال: يا عدو نفسه أو بلغ من أمرك أن تفتي برأيك؟ قال: ما فعلت يا أمير المؤمنين وإنما حدثني عمومتي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: أي عمومتك؟ قال: أبي بن كعب وأبو أيوب ورفاعة فالتفت عمر إلي وقال: ما تقول؟ قلت: كنا نفعله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فجمع عمر الناس فاتفقوا على أن الماء لا يكون إلا من الماء إلا علي ومعاذ فقالا: إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل.
فقال عمر: قد اختلفتم وأنتم أهل بدر فقال علي لعمر: سل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل إلى حفصة فقالت لا أعلم، فأرسل إلى عائشة فقالت: إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل فتحطم عمر أي تغيظ وقال: لا أوتي بأحد فعله ولم يغتسل إلا أنهكته عقوبة، فلعل إفتاء زيد لمحمود بن لبيد بقوله يغتسل كان بعد هذه القصة إلا أنه يشكل عليها ما صح عن أبي بن كعب أن الماء من الماء رخصة كان رخص بها النبي صلى الله عليه وسلم أول الإسلام، ثم أمر بالاغتسال كما مر إلا أن يقال لم يكن حاضرًا مع الناس الذين جمعهم عمر أو كان حاضرًا وخشي على زيد لأنه سمع منه الرخصة ولم يسمع منه النسخ، فأراد أبي أن يشتهر النسخ لعلمه بأن عمر يبحث عن ذلك ويستثبته، والله أعلم.

( مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: إِذَا جَاوَزَ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ) .
ومرّ أن أربعًا من الصحابة رووه عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ، وذكر الشافعي أن كلام العرب يقتضي أن الجنابة تطلق حقيقة على الجماع وإن لم ينزل فإن كل من خوطب بأن فلانًا أجنب من فلانة عقل أنه أصابها وإن لم ينزل قال: ولا خلاف أن الزنا الذي يجب له الحد هو الجماع وإن لم ينزل.

وقال الطحاوي: أجمع المهاجرون والخلفاء الأربع على أن ما أوجب الجلد والرجم أوجب الغسل وعليه عامة الصحابة والتابعين وجمهور فقهاء الأمصار.
وقال ابن العربي: إيجاب الغسل أطبق عليه الصحابة ومن بعدهم إلا داود ولا عبرة بخلافه، وتعقب بقول الخطابي قال بنفيه جماعة من الصحابة فسمى بعضهم قال ومن التابعين الأعمش اهـ.

وثبت ذلك عن أبي سلمة بن عبد الرحمن في سنن أبي داود بإسناد صحيح، وعن هشام بن عروة، ورواه عبد الرزاق بإسناد صحيح، وروي أيضًا عن عطاء لا تطيب نفسي إذا لم أنزل حتى أغتسل من أجل اختلاف الناس لآخذ بالعروة الوثقى.

قال الشافعي: حديث الماء من الماء ثابت لكنه منسوخ وخالفنا بعض الحجازيين فقالوا لا يجب حتى ينزل اهـ.
فعرف بهذا أن الخلاف كان مشهورًا بين التابعين ومن بعدهم لكن الجمهور على إيجاب الغسل وهو الصواب، والله أعلم.