هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  1503 وعنْ أبي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الرَّحْمن بنِ أَبي بكرٍ الصِّدِّيقِ رضي اللَّه عنْهُما أنَّ أصْحاب الصُّفَّةِ كانُوا أُنَاساً فُقَرَاءَ وأنَّ النَّبيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ مرَّةً"منْ كانَ عِنْدَهُ طَعامُ اثنَينِ، فَلْيذْهَبْ بِثَالث، ومَنْ كَانَ عِنْدهُ طعامُ أرْبَعَةٍ، فَلْيَذْهَبْ بخَامِسٍ وبِسَادِسٍ"أوْ كَما قَالَ، وأنَّ أبَا بَكْرٍ رضي اللَّه عَنْهُ جاءَ بثَلاثَةٍ، وَانْطَلَقَ النبيّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم بِعَشرَةٍ، وَأنَّ أبَا بَكْرٍ تَعَشَّى عِنْد النبيّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، ثُّمَّ لَبِثَ حَتَّى صلَّى العِشَاءَ، ثُمَّ رَجَعَ، فَجَاءَ بَعْدَ مَا مَضَى مِنَ اللَّيلِ مَا شاءَ اللَّه. قَالَتْ له امْرَأَتُهُ: ما حبسَكَ عَنْ أضْيافِكَ؟ قَالَ: أوَ ما عَشَّيتِهمْ؟ قَالَتْ: أبوْا حَتَّى تَجِيءَ وَقدْ عرَضُوا عَلَيْهِم قَال: فَذَهَبْتُ أنَا، فَاختبأْتُ، فَقَالَ: يَا غُنْثَرُ، فجدَّعَ وَسَبَّ وَقَالَ: كُلُوا لاَ هَنِيئاً، واللَّه لا أَطْعمُهُ أبَداًِ، قَالَ: وايمُ اللَّهِ مَا كُنَّا نَأْخذُ منْ لُقْمةٍ إلاَّ ربا مِنْ أَسْفَلِهَا أكْثَرُ مِنْهَا حتَّى شَبِعُوا، وصَارَتْ أكثَرَ مِمَّا كَانَتْ قَبْلَ ذلكَ، فَنَظَرَ إلَيْهَا أبُو بكْرٍ فَقَال لامْرَأَتِهِ: يَا أُخْتَ بني فِرَاسٍ مَا هَذا؟ قَالَتْ: لا وَقُرّةِ عَيني لهي الآنَ أَكثَرُ مِنْهَا قَبْلَ ذَلكَ بِثَلاثِ مرَّاتٍ، فَأَكَل مِنْهَا أبُو بكْرٍ وَقَال: إنَّمَا كَانَ ذلكَ مِنَ الشَّيطَانِ، يَعني يَمينَهُ، ثُمَّ أَكَلَ مِنهَا لٍقمةً، ثُمَّ حَمَلَهَا إِلَى النَّبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فَأَصْبَحَت عِنْدَهُ. وكانَ بَيْننَا وبَيْنَ قَومٍ عهْدٌ، فَمَضَى الأجَلُ، فَتَفَرَّقنَا اثْنَيْ عشَرَ رَجُلاً، مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُم أُنَاسٌ، اللَّه أعْلَم كَمْ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ فَأَكَلُوا مِنْهَا أَجْمَعُونَ.br/>وَفِي روايَة: فَحَلَفَ أبُو بَكْرٍ لا يَطْعمُه، فَحَلَفَتِ المرأَةُ لا تَطْعِمَه، فَحَلَفَ الضِّيفُ أوِ الأَضْيَافُ أنْ لاَ يَطعَمَه، أوْ يطعَمُوه حَتَّى يَطعَمه، فَقَالَ أبُو بَكْرٍ: هذِهِ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَدَعا بالطَّعامِ فَأَكَلَ وَأَكَلُوا، فَجَعَلُوا لا يَرْفَعُونَ لُقْمَةً إلاَّ ربَتْ مِنْ أَسْفَلِهَا أَكْثَرَ مِنْهَا، فَقَال: يَا أُخْتَ بَني فِرَاس، مَا هَذا؟ فَقالَتْ: وَقُرَّةِ عَيْني إنهَا الآنَ لأَكْثَرُ مِنْهَا قَبْلَ أنْ نَأْكُلَ، فَأَكَلُوا، وبَعَثَ بهَا إِلَى النَّبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فذَكَرَ أَنَّه أَكَلَ مِنهَا.br/>وَفِي روايةٍ: إنَّ أبَا بَكْرٍ قَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ: دُونَكَ أَضْيافَكَ، فَإنِّي مُنْطَلِقٌ إِلَى النَّبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، فَافْرُغْ مِنْ قِراهُم قَبْلَ أنْ أجِيءَ، فَانْطَلَقَ عبْدُ الرَّحمَن، فَأَتَاهم بمَا عِنْدهُ. فَقَال: اطْعَمُوا، فقَالُوا: أيْنَ رَبُّ مَنزِلَنَا؟ قَالَ: اطْعَمُوا، قَالُوا: مَا نَحْنُ بآكِلِين حتَى يَجِيىء ربُ مَنْزِلَنا، قَال: اقْبَلُوا عَنَّا قِرَاكُم، فإنَّه إنْ جَاءَ ولَمْ تَطْعَمُوا لَنَلقَيَنَّ مِنْهُ، فَأَبَوْا، فَعَرَفْتُ أنَّه يَجِد عَلَيَّ، فَلَمَّا جاءَ تَنَحَّيْتُ عَنْهُ، فَقالَ: ماصنعتم؟ فأَخْبَروهُ، فقالَ يَا عَبْدَ الرَّحمَنِ فَسَكَتُّ ثم قال: يا عبد الرحمن. فَسَكَتُّ، فَقَالَ: يَا غُنثَرُ أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ إنْ كُنْتَ تَسمَعُ صَوتِي لَمَا جِئْتَ، فَخَرَجتُ، فَقُلْتُ: سلْ أَضْيَافكَ، فَقَالُوا: صَدقَ، أتَانَا بِهِ. فَقَالَ: إنَّمَا انْتَظَرْتُموني وَاللَّه لا أَطعَمُه اللَّيْلَةَ، فَقالَ الآخَرون: وَاللَّهِ لا نَطعَمُه حَتَّى تَطعمه، فَقَالَ: وَيْلَكُم مَالَكُمْ لا تَقْبَلُونَ عنَّا قِرَاكُم؟ هَاتِ طَعَامَكَ، فَجاءَ بِهِ، فَوَضَعَ يَدَه، فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ، الأولَى مِنَ الشَّيطَانِ فَأَكَلَ وَأَكَلُوا. متفقٌ عَلَيْهِ. قَوْله:"غُنْثَر"بغينٍ معجمةٍ مضمومةٍ، ثُمَّ نونٍ ساكِنةٍ، ثُمَّ ثاءٍ مثلثةٍ وَهُوَ: الغَبيُّ الجَاهٍلُ، وقولُهُ:"فجدَّع"أَيْ شَتَمه وَالجَدْع: القَطع. قولُه:"يجِدُ عليَّ"هُوَ بكسرِ الجيمِ، أيْ: يَغْضَبُ.br/>
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  1503 وعن أبي محمد عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما أن أصحاب الصفة كانوا أناسا فقراء وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال مرة"من كان عنده طعام اثنين، فليذهب بثالث، ومن كان عنده طعام أربعة، فليذهب بخامس وبسادس"أو كما قال، وأن أبا بكر رضي الله عنه جاء بثلاثة، وانطلق النبي صلى الله عليه وسلم بعشرة، وأن أبا بكر تعشى عند النبي صلى الله عليه وسلم، ثم لبث حتى صلى العشاء، ثم رجع، فجاء بعد ما مضى من الليل ما شاء الله. قالت له امرأته: ما حبسك عن أضيافك؟ قال: أو ما عشيتهم؟ قالت: أبوا حتى تجيء وقد عرضوا عليهم قال: فذهبت أنا، فاختبأت، فقال: يا غنثر، فجدع وسب وقال: كلوا لا هنيئا، والله لا أطعمه أبدا، قال: وايم الله ما كنا نأخذ من لقمة إلا ربا من أسفلها أكثر منها حتى شبعوا، وصارت أكثر مما كانت قبل ذلك، فنظر إليها أبو بكر فقال لامرأته: يا أخت بني فراس ما هذا؟ قالت: لا وقرة عيني لهي الآن أكثر منها قبل ذلك بثلاث مرات، فأكل منها أبو بكر وقال: إنما كان ذلك من الشيطان، يعني يمينه، ثم أكل منها لقمة، ثم حملها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأصبحت عنده. وكان بيننا وبين قوم عهد، فمضى الأجل، فتفرقنا اثني عشر رجلا، مع كل رجل منهم أناس، الله أعلم كم مع كل رجل فأكلوا منها أجمعون.br/>وفي رواية: فحلف أبو بكر لا يطعمه، فحلفت المرأة لا تطعمه، فحلف الضيف أو الأضياف أن لا يطعمه، أو يطعموه حتى يطعمه، فقال أبو بكر: هذه من الشيطان، فدعا بالطعام فأكل وأكلوا، فجعلوا لا يرفعون لقمة إلا ربت من أسفلها أكثر منها، فقال: يا أخت بني فراس، ما هذا؟ فقالت: وقرة عيني إنها الآن لأكثر منها قبل أن نأكل، فأكلوا، وبعث بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر أنه أكل منها.br/>وفي رواية: إن أبا بكر قال لعبد الرحمن: دونك أضيافك، فإني منطلق إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فافرغ من قراهم قبل أن أجيء، فانطلق عبد الرحمن، فأتاهم بما عنده. فقال: اطعموا، فقالوا: أين رب منزلنا؟ قال: اطعموا، قالوا: ما نحن بآكلين حتى يجيىء رب منزلنا، قال: اقبلوا عنا قراكم، فإنه إن جاء ولم تطعموا لنلقين منه، فأبوا، فعرفت أنه يجد علي، فلما جاء تنحيت عنه، فقال: ماصنعتم؟ فأخبروه، فقال يا عبد الرحمن فسكت ثم قال: يا عبد الرحمن. فسكت، فقال: يا غنثر أقسمت عليك إن كنت تسمع صوتي لما جئت، فخرجت، فقلت: سل أضيافك، فقالوا: صدق، أتانا به. فقال: إنما انتظرتموني والله لا أطعمه الليلة، فقال الآخرون: والله لا نطعمه حتى تطعمه، فقال: ويلكم مالكم لا تقبلون عنا قراكم؟ هات طعامك، فجاء به، فوضع يده، فقال: بسم الله، الأولى من الشيطان فأكل وأكلوا. متفق عليه. قوله:"غنثر"بغين معجمة مضمومة، ثم نون ساكنة، ثم ثاء مثلثة وهو: الغبي الجاهل، وقوله:"فجدع"أي شتمه والجدع: القطع. قوله:"يجد علي"هو بكسر الجيم، أي: يغضب.br/>
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Hadith 1503 - Bab 253 (Superiority of Auliya' and their Marvels)
Chapter 17 (The Book of Du'a (Supplications))

'Abdur-Rahman bin Abu Bakr (May Allah be pleased with them) reported: The Companions of As-Suffah were poor people. The Prophet (Peace be upon him) said, "Whoever has food enough for two people, should take a third one (from among them), and whoever has food enough for four persons, should take a fifth or sixth (or said something similar)." Abu Bakr (May Allah be pleased with him) took three people with him while Messenger of Allah (Peace be upon him) took ten. Abu Bakr (May Allah be pleased with him) took his supper with the Prophet (Peace be upon him) and stayed there till he offered the 'Isha' prayers. After a part of the night had passed, he returned to his house. His wife said to him: "What has detained you from your guests?" He said: "Have you not served supper to them?" She said: "They refused to take supper until you come." [Abdur-Rahman (Abu Bakr's son) or the servants] presented the meal to them but they refused to eat. I (the narrator) hid myself out of fear. Abu Bakr (May Allah be pleased with him) (my father) rebuked me. Then he said to them: "Please eat. By Allah! I will never eat the meal." 'Abdur-Rahman added: Whenever we took a morsel of the meal, the meal grew from underneath more than that morsel we had till everybody ate to his satisfaction; yet the remaining food was more than what was in the beginning. On seeing this, Abu Bakr (May Allah be pleased with him) called his wife and said: "O sister of Banu Firas! What is this?" She said: "O pleasure of my eyes! The food has increased thrice in quantity." Then Abu Bakr (May Allah be pleased with him) started eating. He said: "My oath not to take the meal was because of Satan." He took a morsel handful from it and carried the rest to the Prophet (Peace be upon him). That food remained with him. In those days there was a treaty between us and the pagans and when the period of that treaty elapsed, he (Peace be upon him) divided us into twelve groups and every group was headed by a man. Allah knows how many men were under the command of each leader. Anyhow, all of them ate of that meal.

[Al-Bukhari and Muslim].

There are some more narrations in both Al-Bukhari and Muslim with very minor differences in wordings and in details.

1、众信士的领袖欧麦尔·本·汉塔卜的传述:他说:我听安拉的使者(愿主慈悯他) 说:一切善功唯凭举意,每个人将得到自己所举意的。凡为安拉和使者而迁徙者,则他 的迁徙只是为了安拉和使者;凡为得到今世的享受或为某一个女人而迁徙者,则他的迁

شرح الحديث من دليل الفالحـــين

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    ( وعن أبي محمد عبد الرحمن ابن أبي بكر الصديق) عبد الله، لقب به لمبادرته بتصديق النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الإِسراء ( رضي الله عنهما) الأولى عنهم، لأن محمداً ولد عبد الرحمن كان صحابياً أيضاً كما صرح به المصنف نفسه في التهذيب، فقال: قال العلماء: لا يعرف أربعة ذكور مسلمين متوالدين بعضهم من بعض أدركوا النبي - صلى الله عليه وسلم - وصحبوه إلا أبو قحافة، وأبو بكر وابنه عبد الرحمن وابنه محمد بن عبد الرحمن أبو عتيق، وعبد الرحمن شقيق عائشة أمه أم رومان بضم الراء على المشهور.
وحكى ابن عبد البر ضمها وفتحها، وشهد عبد الرحمن بدراً وأحداً مع الكفار وأسلم في هدنة الحديبية وحسن إسلامه وكان اسمه عبد الكعبة، وقيل: عبد العزى فسماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الرحمن، وكان شجاعاً حسن الرأي، وشهد اليمامة مع خالد فقتل سبعة من الكفار، وهو قاتل محكم اليمامة ابن طفيل رماه بسهم في نحره فقتله، وكان محكم في ثلمة الحصن، فلما قتله دخل المسلمون.
قال الزبير بن بكار: كان عبد الرحمن أسن ولد أبي بكر.
روي له عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثمانية أحاديث اتفقا على ثلاثة منها.
توفي بالحشى جبل بينه وبين مكة ستة أميال، وقيل: عشرة أميال، ثم حمل على الرقاب إلى مكة سنة ثلاث، وقيل: خمس، وقيل: ست وخمسين.
والصحيح الأول، وكانت وفاته فجأة، ولما أتي بالبيعة ليزيد بن معاوية بعثوا إليه بمائة ألف درهم ليستعطفوه فردها، وقال: لا أبيع ديني بدنياي رضي الله عنه.
اهـ ملخصاً من التهذيب ( أن أصحاب الصفة) الظلة التي جعلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مؤخر مسجده لما بناه يأوي إليها من لا أهل له، ولا صاحب من المحتاجين، إذا نزل المدينة، وتقدمت عدتهم في باب فضل الزهد في الدنيا ( كانوا أناساً فقراء وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال مرة) أي: فيها ( من كان عنده طعام اثنين فليذهب بثالث) أي: فإن طعامه كافيهم وقع عند مسلم بثلاث.
قال عياض: وهو غلط، والصواب ما عند البخاري، ووجه المصنف رواية مسلم بأنها على تقدير مضاف، أي: بتمام ثلاث، وهو الثالث فتتفق الروايتان ( ومن كان عنده طعام أربعة فليذهب بخامس بسادس) بحذف الواو أي: وبسادس أو بحذف أو التي للشك في أنه قال: فليذهب بخامس، أو قال: فليذهب بسادس، ويؤيد الثاني قوله: ( أو كما قال) فإنه ظاهر في الشك وجاء كما تقدم في باب الإِيثار من حديث جابر مرفوعاً: وطعام الأربعة يكفي الثمانية.
وقال الحافظ في الفتح أي: ليذهب بخامس إن لم يكن عنده ما يقتضي أكثر من ذلك، وإلا فيذهب مع الخامس بسادس إن كان عنده أكثر من ذلك، قال: والحكمة في كونه يزيد واحداً فقط أن عيشهم يومئذ لم يكن متسعاً فمن عنده مثلاً ثلاثة أنفس لا يضيق عليه أن يطعم الرابع من قوتهم، وكذا الأربعة وما فوقها بخلاف ما لو زيد بالإِضعاف بعدد العيال، فإن ذلك يحصل الاكتفاء به عند إتساع الحال ( وإن أبا بكر) وفي نسخة: الصديق، وليست عند البخاري وكذا قوله ( رضي الله عنه) وأتى به المصنف تنبيهاً على أن الإِتيان بمثله مطلوب لا يعد زيادة في المروي ( جاء بثلاثة) أي: منهم ( وانطلق النبي - صلى الله عليه وسلم - بعشرة) منهم ( وإن أبا بكر رضي الله عنه تعشى عند النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم لبث) أي: قام عند النبي - صلى الله عليه وسلم - بعده لأمر اقتضى المكث ( حتى صلى العشاء) أي: معه - صلى الله عليه وسلم - ( ثم رجع) إلى منزله بعد أن كان جاء أولاً إليه بالأضياف كما يدل عليه صريح قوله السابق، وإن أبا بكر جاء بثلاثة ثم عاد لمنزله - صلى الله عليه وسلم -، وتعشى عنده، وصلى معه، ويدل له الرواية الآتية بعد ( فجاء بعد ما مضى من الليل) بيان لما في قوله ( ما شاء الله) .
وفيه إيماء إلى مزيد تأخره عند النبي - صلى الله عليه وسلم - وإبطائه ( قالت له امرأته ما حبسك عن أضيافك؟ قال: أو ما عشيتهم) بكسر الفوقية، وفي بعض النسخ بزيادة تحتية بعدها لإشباع كسر الفوقية، قال: والواو عاطفة على مقدر بعد الهمزة ( قالت: أبوا) أي: امتنعوا ( حتى تجيء وقد عرضوا) بصيغة الفاعل، والضمير يرجع إلى الخدم أو الأهل، ووقع في رواية للبخاري قد عرضنا عليهم فامتنعوا ( عليهم) أي: الأضياف ( قال) أي: عبد الرحمن ( فذهبت أنا فاختبأت) أي: خوفاً من خصام أبيه له، وتغيظه عليه ( فقال: يا غنثر) سيؤتى ضبطه ومعناه ( فجدع) بتشديد الدال المهملة أي: دعا بالجدع، وهو القطع من الأذن والأنف، أو الشفة، وقيل: المراد به السب والأول أصح ( وسب) أي: شتم وحذف المعمول للعلم به، ظن أن عبد الرحمن قصر في حق الأضياف فلما علم الحال أدبهم بقوله: ( وقال: كلوا لا هنيئاً) أي: لا أكلتم هنيئاً وهو دعاء عليهم.
وقيل: أي: خير لم تهنئوا به أو لا بصحة.
وقيل: إنما خاطب بهذا أهله لا الأضياف ( والله لا أطعمه) بفتح العين أي: لا أذوقه ( أبداً قال) أي: عبد الرحمن ( وأيم الله) همزته همزة وصل عند الجمهور.
وقيل: يجوز القطع وهو مبتدأ وخبره محذوف، أي: قسمي وأصله أيمن وأصل الهمزة فيه القطع، ولكنها لكثرة الاستعمال خففت فوصلت، وفيها لغات أيمن مثلث الميم، ومن مختصرة منه مثلثة الميم، وأيم كذلك ويم كذلك، قال ابن مالك: وليس الميم بدلاً من الواو ولا أصلها من خلافاً لمن زعمه ولا أيمن جمع يمين خلافاً للكوفيين ( ما كنا نأخذ من لقمة إلا ربا) بالموحدة أي: زاد ( من أسفلها) أي: الموضع الذي أخذت منه ( أكثر منها) بالرفع فاعل ربا ( حتى شبعوا وصارت أكثر) بالمثلثة ( مما كانت قبل ذلك) أي: قبل أكلهم ( فنظر إليها) أي: القصعة ( أبو بكر فقال لامرأته) أم رومان ( يا أخت بني فراس) بكسر الفاء وتخفيف الراء آخره مهملة من كنانة.
قيل: التقدير يا من هي من بني فراس، والعرب تطلق على من كان متبعاً لقبيلة أنه أخوهم.
وفيه نظر لأن أم رومان من ذرية الحارث بن غنم، وهو ابن مالك بن أوس بن غنم.
قال في الفتح: فلعله نسبها إلى بني فراس بكونهم أشهر من بني الحارث ويقع في النسب كثيراً الانتساب إلى أخي جدهم.
والمعنى يا أخت القوم المنتسبين إلى بني فراس، ولا شك أن الحارث أخو فراس، فأولاد كل منهما إخوة للآخرين بكونهم في درجتهم.
وحكى عياض أنه قيل في أم رومان أنها من بني فراس بن غنم لا من بني الحارث، وعليه فلا حاجة إلى هذا التأويل، ولم أر في كتاب ابن سعد لها نسبا إلى بني حارث، ساق لها نسبين مختلفين ( ما هذا) الاستفهام للتعجب ( قالت لا) زائدة أو نافية على تقدير لا شيء غير ما أقول ( وقرة) بجرها على القسم ( عيني) يعبر بها على المسرة ورؤية ما يحبه الإِنسان ويوافقه، يقال ذلك لأن عينه قرت عن التلفت إلى الغير بحصول غرضها فلا تستبشر لشيء آخر، فكأنه مأخوذ من القرآن، وأقسمت بذلك لما وقع عندها من السرور وبالكرامة التي حصلت لهم ببركة الصديق رضي الله عنه.
وزعم الداودي أنها أرادت بقرة عينها النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأقسمت به.
قال الحافظ: وفيه بعد قال الشيخ زكريا: ولعله كان قبل النهي عن الحلف بغير الله تعالى ( لهي) أي: القصعة أو البقية ( الآن أكثر منها قبل ذلك بثلاث مرات) أكثر بالمثلثة للأكثر ولبعضهم بالموحدة ( فأكل منها أبو بكر وقال: إنما كان ذلك من الشيطان يعني) بالمشار إليه بذلك ( يمينه ثم أكل منها لقمة) لحديث الصحيح: "إني لا أحلف يميناً، فأرى غيرها خيراً منها إلا كفرت عن يميني، وفعلت الذي هو خير" ولقصد إرغام الشيطان فيما زينه له من اليمين أن لا يأكل منه، وفائدة قوله: ثم أكل مع قوله فيما سبق فأكل، وليس إلا أكل واحد لدفع الإِيهام وأنه إنما أكل لقمة واحدة لما ذكر من تكفير يمينه، أو أن مراده لا أطعمه منكم، أو في هذه الساعة أو عند الغضب، ولكن هذه الثلاثة الأخيرة مبنية على جواز تخصيص العموم في اليمين، والاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب الوارد عليه ( ثم حملها) أي: الجفنة ( إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأصبحت) أي: الجفنة على حالها ( عنده) وإنما لم يأكلوا منها في الليل لكون ذلك وقع بعد مدة طويلة ( وكان بيننا وبين قوم عهد فمضى الأجل) الذي هو عدواً إليه ( فتفرقنا اثني عشر رجلاً) فيه الفاء فصيحة أي: جاءوا إلى المدينة ففرقنا من التفريق أي: ميزنا وجعل كل رجل من اثنتي عشر فرقة.
وفي بعض الروايات: فعرفنا بالمهملة وشد الراء أي: جعلناهم عرفاء.
قال الكرماني والبرماوي: وفي بعضها فقرينا من الفري وهي الضيافة قال الحافظ في الفتح: على ذلك، وأفاد أن روايات مسلم اختلفت فيه هل قال: فرقنا أو قال عرفنا؟ وأن رواية الإِسماعيلي وعرفنا بالعين وجهاً واحداً، وسمي المعرف عريفاً لأنه يعرف الإِمام أحوال العسكر.
وبما ذكرت من اختلاف ألفاظ الروايات يعلم أن زيادة التاء في قوله فتعرفنا من قلم الناسخ خصوصاً.
وهذا اللفظ كله لمسلم واثني عشر بالنصب عند مسلم حال، وعند البخاري بالألف.
قال ابن مالك: هو على لغة من من يلزم المثنى الألف في الأحوال كلها، ومنه ( إن هذان لساحران) ( رجلاًَ مع كل رجل منهم أناس الله أعلم كم مع كل رجل) جملة معترضة أي: أناس الله يعلم عددهم ومميزكم محذوف أي: كم رجل ( فأكلوا منها أجمعون) أي: كل ذلك الجيش من تلك الجفنة، والذي وقع فيها في بيت أبي بكر ظهور أول البركة فيها، وأما انتهاؤها إليه أن كفت الجيش، فما كان الأبعد أن صارت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - على ظاهر الخبر ( وفي رواية) هي للبخاري في باب الأدب في صحيحه ( فخلف أبو بكر) لما أخبر بإباء أضيافه عن الأكل حتى يحضر وأكل معهم ( لا يطعمه) بفتح المثناة التحتية والمهملة الثانية ( فحلفت المرأة) أي: زوجته ( لا تطعمه فحلف الضيف) المراد به الجيش لأنهم كانوا ثلاثة واسم الضيف يقع على الواحد وما فوقه، وقال الكرماني: أو هو مصدر يتناول المثنى والمجموع.
قال في الفتح: وليس بواضح ( أو) شك من الراوي ( الضيفان ألا يطعمه) أفرد باعتبار لفظ الضيف ( أو يطعموه) ظاهر السياق أنه مع الأضياف، ولو جاء مع لفظ الضيف، لكان مستقيماً ويكون الجمع بالنظر للمعنى ( حتى يطعمه فقال أبو بكر: هذه) أي: اليمين أو الحالة من الغضب الناشىء عنها اليمين ( من الشيطان) أي: من وسواسه ( فدعا بالطعام فأكل وأكلوا) أتي بالواو إيماء إلى أنهم لم يؤخروا أكلهم عن أكله ( فجعلوا لا يرفعون) أي: من القصة ( لقمة إلا ربت من أسفلها أكثر) بالمثلثة بالنصب مفعول ربا ( منها فقال: يا أخت بني فراس ما هذا؟ فقالت: وقرة عيني إنها الآن) أي: بعد الأكل منها ( أكثر منها قبل أن نأكل) يعني أهل هذا البيت والضيف ( فأكلوا) .
قال الحافظ في الفتح: الصواب ما في هذا الرواية وذلك لأن تلك تقتضي أن سبب أكل أبي بكر من الطعام ما رآه من البركة، وهذه تقتضي أن سببه لجاج الأضياف، وحلفهم أن لا يطعموا حتى يأكل، ويمكن رد تلك إلى هذه بأن يجعل قوله في الرواية السابقة "فأكل منها أبو بكر" معطوفاً على أطعمه لا على القصعة، التي دلت على بركة الطعام، وغايته أن حلف الأضياف أن لا يطعموه لم يذكر فيها.
ويحتمل الجمع بينهما بأن يكون أبو بكر أكل لأجل تحليل يمينهم، ثم لما رأى البركة الظاهرة عاد فأكل منها؛ لتحصل له.
وقال كالمعتذر عن يمينة التي حلف: إنما ذلك من الشيطان.
والحاصل أن الله أكرم أبا بكر فأزال ما حصل له من الحزن فأعاده سروراً وانقلب الشيطان مدحوراً، واستعمل الصديق مكارم الأخلاق فحنث نفسه زيادة في إكرام ضيفانه، ليحصل مقصوده من أكله ولكونه أكثر قدرة منهم على الكفارة.
ووقع في رواية عند مسلم فقال: "أبو بكر: يا رسول الله بروا وحنثت فقال: بل أنت أبرهم وخيرهم" قال الحافظ: ولم يبلغني كفارته، ولعل سبب عدم تكفيره ما تقدم من احتمال أنه أضمر وقتاً معيناً، أو صفة مخصوصة أي: الآن أو معكم، أو عند الغضب، أو بناء على أن اليمين هل يقبل التقليد بما في النفس أولا؟ اهـ ملخصاً.
( وبعث بها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر) أي: عبد الرحمن ( أنه) أي: النبي - صلى الله عليه وسلم - ( أكل منها وفي رواية) هي للبخاري في أبواب الأدب من صحيحه قبيل الباب المذكور فيه اللفظ قبله ( أن أبا بكر قال لعبد الرحمن) أي: ابنه وقد جاء الصديق بضيفه ( دونك) أي: خذ ( أضيافك) وتوجه للقيام بهم ( فإني منطلق إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فافرغ من قراهم) أن ضيافتهم بالطعام والإِكرام ( قبل أن أجيء) أي: أرجع من عنده - صلى الله عليه وسلم - ( فانطلق عبد الرحمن فأتاهم) بالقصر أي جاءهم ( بما عنده) من قراهم ( فقال اطعموا) بوصل الهمزة وفتح العين ( فقالوا: أين رب) أي: صاحب ( منزلنا) أي: الذي أنزلنا ضيوفاً، سكت عن الجواب اختصاراً وكأنه، والله أعلم قال: إنه غائب فأبوا الأكل ( قال: اطعموا) أعاده توكيداً في الطلب ( قالوا: ما نحن بآكلين) أكدوا باسمية الجملة وزيادة الباء في الخبر ( حتى يجيء رب منزلنا) ( قال اقبلوا عنا) وفي نسخة عني ( قرأكم) أي: ما هيىء لضيافتكم فتناولوه، وإنما كرر عبد الرحمن ذلك؛ خشية أن يجيء أبوه قبل قضائهم أمرهم فيوهم أنه من تقصيره فيغتاظ عليه كما قال.
( فإنه) أي: أبا بكر والشأن ( إن جاء ولم تطعموا لنلقين) أي شيئاً عظيماً وذلك لما جبل عليه من مكارم الأخلاق، ومنه إكرام الضيف، فيتوهم إذا لم يتم أمرهم أن ذلك من القصور في الإِكرام.
وجملة لنلقين جواب للقسم المقدر واستغني بجوابه عن جواب الشرط بعده ( فأبوا فعرفت أنه يجد) يأتي ضبطه ومعناه ( على) لما ذكر ( فلما جاء تنحيت عنه) هو بمعنى قوله في الرواية قبل: فاختبأت، وذلك خوف خصامه وتغيظه عليه ( فقال) مخاطباً لزوجه وأهله ( ما صنعتم) أي: بالضيف ( فأخبروه) ( فقال: يا عبد الرحمن فسكت) بضمير المتكلم خشية مما يقع في أول سورة الغضب وحدته ( ثم قال: يا عبد الرحمن فسكت فقال: يا غنثر أقسمت عليك) أي: بالله تعالى الذي لا يقسم بغيره فاكتفى بدلالة عليك عن الذكر ( إن كنت تسمع صوتي لما جئت) جواب قسم المكتفي لتقدمه عن جواب الشرط ( فخرجت فقلت: سل أضيافك) أي: هل وقع مني تقصير فالأمر عليه أم هم أبوا فلا لوم علي وقوله ( فقالوا صدق) أي: فيما أومأ إليه كلامه من إتيانه بالقري وإبائنا منه ( أتانا به) جملة مفسرة للمصدق المقدر ( فقال: إنما انتظرتموني والله لا أطعمه الليلة فقال الآخرون) بفتح الخاء أي: الأضياف ( والله لا نطعمه حتى تطعمه) الأول بالنون والثاني ْبالفوقية المفتوحتين ( فقال) لم أر في الشر كالليلة كذا في البخاري وسقط من الشيخ ( ويلكم) كلمة تقال على سبيل الدعاء على المدعو عليه ( ما لكم لا تقبلون عنا قراكم) وفي البخاري ما أنتم لا تقبلون بضمير جماعة الذكور بدل ضمير لجمع المجرور باللام، وزيادة همزة قبل لا خطاباً لولده أو غيره ( هات طعامك) بفتح الكاف أي: قدم ضبط في نسخة البخاري بكسر الكاف ويدفعه أن الأنسب حينئذ هاتي بياء المخاطبة وقوله ( فجاء به فوضع) أي أبو بكر ( يده فقال بسم الله) أي: آكل ( الأولى) أي: الحالة التي نشأ عنها اليمين من سورة الغضب ( من الشيطان) عليه أي: وسواسه ( فأكل وأكلوا.
متفق عليه)
أي: أصل القصة وإلا فقد علمت أن الروايتين الأخيرتين للبخاري.
قال الحافظ: وفي الحديث ما يقع من لطف الله بأوليائه، وذلك أن خاطر أبي بكر تشوش، وكذا ولده وأهله وضيفه، بسبب امتناعهم من الأكل وتكدر خاطر أبي بكر من ذلك حتى احتاج إلى ما تقدم من الحرج، بالحلف والحنث ولغير ذلك، فتدارك الله ذلك ورفعه بالكرامة، التي أبداها فانقلب ذلك الكدر صفاء، والتكدر سروراً ( قوله: غنثر بغين معجمة مضمومة ثم نون ساكنة ثم ثاء مثلثة) سكت عن ضبطها، والمشهور فيها الفتح، وحكي ضمها.
وحكي القاضي عياض عن بعض شيوخه فتح أوله وثالثه.
وحكى الخطابي مثل اسم الشاعر بفتح العين المهملة والتاء الفوقية وسكون النون بينهما ( وهو الغبي) بفتح العين المعجمة وكسر الموحدة ( الجاهل) وقيل: السفيه، وقيل: اللئيم، وقيل: هي الذباب وسمي به لصوته فشبهه به تحقيراً وتصعيراً له، وقيل: مأخوذ من الغين ، والنون زائدة أي: الذباب الأزرق وشبهه به لما ذكر ( وقوله فجدع) تقدم ضبطه وأنه بالدال المهملة ( أي شتمه) ودعا عليه بالجدع.
قال الحافظ: وقيل: المراد السب، والأول أصح ( والجدع القطع) أي: من الأذن أو الأنف أو الشفة ( وقوله: يجد عليّ هو بكسر الجيم أي يغضب) ومصدره موجدة.