1160 حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ يَعْنِي ابْنَ زُرَيْعٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ ، قَالَ : مَرِضْتُ مَرَضًا ، فَجَاءَ ابْنُ عُمَرَ يَعُودُنِي ، قَالَ : وَسَأَلْتُهُ عَنِ السُّبْحَةِ فِي السَّفَرِ ، فَقَالَ : صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّفَرِ ، فَمَا رَأَيْتُهُ يُسَبِّحُ ، وَلَوْ كُنْتُ مُسَبِّحًا لَأَتْمَمْتُ ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } |
1160 حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا يزيد يعني ابن زريع ، عن عمر بن محمد ، عن حفص بن عاصم ، قال : مرضت مرضا ، فجاء ابن عمر يعودني ، قال : وسألته عن السبحة في السفر ، فقال : صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر ، فما رأيته يسبح ، ولو كنت مسبحا لأتممت ، وقد قال الله تعالى : { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة } |
شرح الحديث من شرح النووى على مسلم
[ سـ :1160 ... بـ :689]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ يَعْنِي ابْنَ زُرَيْعٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ قَالَ مَرِضْتُ مَرَضًا فَجَاءَ ابْنُ عُمَرَ يَعُودُنِي قَالَ وَسَأَلْتُهُ عَنْ السُّبْحَةِ فِي السَّفَرِ فَقَالَ صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّفَرِ فَمَا رَأَيْتُهُ يُسَبِّحُ وَلَوْ كُنْتُ مُسَبِّحًا لَأَتْمَمْتُ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ
وَقَوْلُهُ : ( وَلَوْ كُنْتُ مُسَبِّحًا لَأَتْمَمْتُ ) مَعْنَاهُ : لَوِ اخْتَرْتُ التَّنَفُّلَ لَكَانَ إِتْمَامُ فَرِيضَتِي أَرْبَعًا أَحَبُّ إِلَيَّ ، وَلَكِنِّي لَا أَرَى وَاحِدًا مِنْهُمَا ، بَلِ السُّنَّةُ الْقَصْرُ وَتَرْكُ التَّنَفُّلِ ، وَمُرَادُهُ النَّافِلَةُ الرَّاتِبَةُ مَعَ الْفَرَائِضِ كَسُنَّةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْمَكْتُوبَاتِ .
وَأَمَّا النَّوَافِلُ الْمُطْلَقَةُ فَقَدْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهَا فِي السَّفَرِ ، وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُهَا ، كَمَا ثَبَتَ فِي مَوَاضِعَ مِنَ الصَّحِيحِ عَنْهُ .
وَقَدِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى اسْتِحْبَابِ النَّوَافِلِ الْمُطْلَقَةِ فِي السَّفَرِ ، وَاخْتَلَفُوا فِي اسْتِحْبَابِ النَّوَافِلِ الرَّاتِبَةِ فَكَرِهَهَا ابْنُ عُمَرَ وَآخَرُونَ ، وَاسْتَحَبَّهَا الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَالْجُمْهُورُ ، وَدَلِيلُهُ الْأَحَادِيثُ الْمُطْلَقَةُ فِي نَدْبِ الرَّوَاتِبِ ، وَحَدِيثُ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الضُّحَى يَوْمَ الْفَتْحِ بِمَكَّةَ ، وَرَكْعَتَيِ الصُّبْحِ حِينَ نَامُوا حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ ، وَأَحَادِيثُ أُخَرَ صَحِيحَةٌ ذَكَرَهَا أَصْحَابُ السُّنَنِ ، وَالْقِيَاسِ عَلَى النَّوَافِلِ الْمُطْلَقَةِ ، وَلَعَلَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي الرَّوَاتِبَ فِي رَحْلِهِ ، وَلَا يَرَاهُ ابْنُ عُمَرَ ؛ فَإِنَّ النَّافِلَةَ فِي الْبَيْتِ أَفْضَلُ ، أَوْ لَعَلَّهُ تَرَكَهَا فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ تَنْبِيهًا عَلَى جَوَازِ تَرْكِهَا .
وَأَمَّا مَا يَحْتَجُّ بِهِ الْقَائِلُونَ بِتَرْكِهَا مِنْ أَنَّهَا لَوْ شُرِعَتْ لَكَانَ إِتْمَامُ الْفَرِيضَةِ أَوْلَى ، فَجَوَابُهُ أَنَّ الْفَرِيضَةَ مُتَحَتِّمَةٌ فَلَوْ شُرِعَتْ تَامَّةً لَتَحَتَّمَ إِتْمَامُهَا .
وَأَمَّا النَّافِلَةُ فَهِيَ إِلَى خِيَرَةِ الْمُكَلَّفِ فَالرِّفْقُ أَنْ تَكُونَ مَشْرُوعَةً ، وَيَتَخَيَّرُ إِنْ شَاءَ فَعَلَهَا وَحَصَلَ ثَوَابُهَا ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ .