1226 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، قَالَ : قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ ، أَنَّ أَبَا مُرَّةَ ، مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ ، تَقُولُ : ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ ، فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ ، وَفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ بِثَوْبٍ ، قَالَتْ : فَسَلَّمْتُ ، فَقَالَ : مَنْ هَذِهِ ؟ قُلْتُ : أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ ، قَالَ : مَرْحَبًا بِأُمِّ هَانِئٍ ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ ، قَامَ فَصَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ مُلْتَحِفًا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ، فَلَمَّا انْصَرَفَ ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ زَعَمَ ابْنُ أُمِّي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَاتِلٌ رَجُلًا أَجَرْتُهُ ، فُلَانُ ابْنُ هُبَيْرَةَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ قَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ : وَذَلِكَ ضُحًى |
1226 حدثنا يحيى بن يحيى ، قال : قرأت على مالك ، عن أبي النضر ، أن أبا مرة ، مولى أم هانئ بنت أبي طالب ، أخبره أنه سمع أم هانئ بنت أبي طالب ، تقول : ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح ، فوجدته يغتسل ، وفاطمة ابنته تستره بثوب ، قالت : فسلمت ، فقال : من هذه ؟ قلت : أم هانئ بنت أبي طالب ، قال : مرحبا بأم هانئ ، فلما فرغ من غسله ، قام فصلى ثماني ركعات ملتحفا في ثوب واحد ، فلما انصرف ، قلت : يا رسول الله زعم ابن أمي علي بن أبي طالب أنه قاتل رجلا أجرته ، فلان ابن هبيرة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ قالت أم هانئ : وذلك ضحى |
شرح الحديث من شرح النووى على مسلم
[ سـ :1226 ... بـ :336]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ أَبِي النَّضْرِ أَنَّ أَبَا مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ تَقُولُ ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ وَفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ بِثَوْبٍ قَالَتْ فَسَلَّمْتُ فَقَالَ مَنْ هَذِهِ قُلْتُ أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ قَالَ مَرْحَبًا بِأُمِّ هَانِئٍ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ قَامَ فَصَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ مُلْتَحِفًا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ زَعَمَ ابْنُ أُمِّي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَاتِلٌ رَجُلًا أَجَرْتُهُ فُلَانُ ابْنُ هُبَيْرَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ قَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ وَذَلِكَ ضُحًى
قَوْلُهُ : ( إِنَّ أَبَا مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ ) .
وَفِي رِوَايَةٍ : ( مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ) .
قَالَ الْعُلَمَاءُ : هُوَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ حَقِيقَةً ، وَيُضَافُ إِلَى عَقِيلٍ مَجَازًا لِلُزُومِهِ إِيَّاهُ وَانْتِمَائِهِ إِلَيْهِ لِكَوْنِهِ مَوْلَى أُخْتِهِ .
قَوْلُهَا : ( سَلَّمْتُ ) فِيهِ : سَلَامُ الْمَرْأَةِ الَّتِي لَيْسَتْ بِمَحْرَمٍ عَلَى الرَّجُلِ بِحَضْرَةِ مَحَارِمِهِ .
قَوْلُهَا : ( فَقَالَ : مَنْ هَذِهِ؟ قُلْتُ : أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ ) فِيهِ : أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَكُنِّيَ الْإِنْسَانُ نَفْسَهُ عَلَى سَبِيلِ التَّعْرِيفِ إِذَا اشْتَهَرَ بِالْكُنْيَةِ .
وَفِيهِ : أَنَّهُ إِذَا اسْتَأْذَنَ يَقُولُ الْمُسْتَأْذِنُ عَلَيْهِ : مَنْ هَذَا؟ فَيَقُولُ الْمُسْتَأْذِنُ : فُلَانٌ بِاسْمِهِ الَّذِي يَعْرِفُهُ بِهِ الْمُخَاطَبُ .
قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( مَرْحَبًا بِأُمِّ هَانِئٍ ) فِيهِ : اسْتِحْبَابُ قَوْلُ الْإِنْسَانِ لِزَائِرِهِ وَالْوَارِدِ عَلَيْهِ : مَرْحَبًا وَنَحْوَهُ مِنْ أَلْفَاظِ الْإِكْرَامِ وَالْمُلَاطَفَةِ ، وَمَعْنَى مَرْحَبًا : صَادَفْتَ رَحْبًا أَيْ سَعَةً .
وَسَبَقَ بَسْطُ الْكَلَامِ فِيهِ فِي حَدِيثِ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ .
وَفِيهِ : أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالْكَلَامِ فِي حَالِ الِاغْتِسَالِ وَالْوُضُوءِ وَلَا بِالسَّلَامِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْبَائِلِ .
وَفِيهِ : جَوَازُ الِاغْتِسَالِ بِحَضْرَةِ امْرَأَةٍ مِنْ مَحَارِمِهِ إِذَا كَانَ مَسْتُورَ الْعَوْرَةِ عَنْهَا ، وَجَوَازُ تَسْتِيرِهَا إِيَّاهُ بِثَوْبٍ وَنَحْوِهِ .
قَوْلُهُ : ( فَصَلَّى ثَمَانِ رَكَعَاتٍ مُلْتَحِفًا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ) فِيهِ : جَوَازُ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ ، وَالِالْتِحَافِ بِهِ مُخَالِفًا بَيْنَ طَرَفَيْهِ ، كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ .
قَوْلُهَا : ( فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، زَعَمَ ابْنُ أُمِّي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَاتِلٌ رَجُلًا أَجَرْتُهُ فُلَانُ بْنُ هُبَيْرَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ ) فِي هَذِهِ الْقِطْعَةِ فَوَائِدُ مِنْهَا : أَنَّ مَنْ قَصَدَ إِنْسَانًا لِحَاجَةٍ وَمَطْلُوبٍ فَوَجَدَهُ مُشْتَغِلًا بِطَهَارَةٍ وَنَحْوِهَا لَمْ يَقْطَعْهَا عَلَيْهِ حَتَّى يَفْرُغَ ، ثُمَّ يَسْأَلَ حَاجَتَهُ إِلَّا أَنْ يَخَافَ فَوْتَهَا .
وَقَوْلُهَا : ( زَعَمَ ) مَعْنَاهُ هُنَا ذَكَرَ أَمْرًا لَا أَعْتَقِدُ مُوَافَقَتَهُ فِيهِ ، وَإِنَّمَا قَالَتْ : ابْنُ أُمِّي مَعَ أَنَّهُ ابْنُ أُمِّهَا وَأَبِيهَا ؛ لِتَأْكِيدِ الْحُرْمَةِ وَالْقَرَابَةِ وَالْمُشَارَكَةِ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ وَكَثْرَةِ مُلَازَمَةِ الْأُمِّ ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ هَارُونَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ( يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي ) وَاسْتَدَلَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى صِحَّةِ أَمَانِ الْمَرْأَةِ .
قَالُوا : وَتَقْدِيرُ الْحَدِيثِ حُكْمُ الشَّرْعِ صِحَّةُ جَوَازِ مَنْ أَجَرْتِ .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَا حُجَّةَ فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَمِلٌ لِهَذَا وَمُحْتَمِلٌ لِابْتِدَاءِ الْأَمَانِ ، وَمِثْلُ هَذَا الْخِلَافِ اخْتِلَافُهُمْ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ ) .
هَلْ مَعْنَاهُ أَنَّ هَذَا حُكْمُ الشَّرْعِ فِي جَمِيعِ الْحُرُوبِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ؟ أَمْ هُوَ إِبَاحَةٌ رَآهَا الْإِمَامُ فِي تِلْكَ الْمَرَّةِ بِعَيْنِهَا؟ فَإِذَا رَآهَا الْإِمَامُ الْيَوْمَ عَمِلَ بِهَا وَإِلَّا فَلَا؟ وَبِالْأَوَّلِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَآخَرُونَ ، وَبِالثَّانِي أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ .
وَيُحْتَجُّ لِلْأَكْثَرِينَ بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا الْأَمَانَ ، وَلَا بَيَّنَ فَسَادَهُ ، وَلَوْ كَانَ فَاسِدًا لَبَيَّنَهُ لِئَلَّا يُغْتَرَّ بِهِ .
وَقَوْلُهَا : ( فُلَانُ بْنُ هُبَيْرَةَ ) .
وَجَاءَ فِي غَيْرِ مُسْلِمٍ ( فَرَّ إِلَيَّ رَجُلَانِ مِنْ أَحْمَايَ ) .
وَرُوِّينَا فِي كِتَابِ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ أَنَّ فُلَانَ بْنَ هُبَيْرَةَ هُوَ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيُّ .
وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ .
وَفِي تَارِيخِ مَكَّةَ لِلْأَزْرَقِيِّ أَنَّهَا أَجَارَتْ رَجُلَيْنِ : أَحَدُهُمَا : عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، وَالثَّانِي : الْحَارِثُ بْنُ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، وَهُمَا مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْأَزْرَقِيُّ يُوَضِّحُ الِاسْمَيْنِ ، وَيَجْمَعُ بَيْنَ الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ .
قَوْلُهَا : ( وَذَلِكَ ضُحًى ) اسْتَدَلَّ بِهِ أَصْحَابُنَا وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى اسْتِحْبَابِ جَعْلِ الضُّحَى ثَمَانِ رَكَعَاتٍ ، وَتَوَقَّفَ فِيهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَمَنَعُوا دَلَالَتَهُ ، قَالُوا : لِأَنَّهَا إِنَّمَا أَخْبَرَتْ عَنْ وَقْتِ صَلَاتِهِ ، لَا عَنْ نِيَّتِهَا ، فَلَعَلَّهَا كَانَتْ صَلَاةَ شُكْرِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْفَتْحِ ، وَهَذَا الَّذِي قَالُوهُ فَاسِدٌ ، بَلِ الصَّوَابُ صِحَّةُ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ ، فَقَدْ ثَبَتَ عَنْ أمِّ هَانِئٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْفَتْحِ صَلَّى سُبْحَةَ الضُّحَى ثَمَانِ رَكَعَاتٍ يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ .
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ بِهَذَا اللَّفْظِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ .